66-مجلة-الدفاع / Journal of Defense n°66 / Journal de Défense n°66

Page 1

‫جوان ‪2018‬‬

‫اجليش الوطني‬ ‫يحتفل بالذكرى‬ ‫‪ 62‬النبعاثه‬ ‫احملاكم العسكرية في أملانيا‬ ‫املنتخب العسكري التونسي للتايكواندو بطل العرب‬ ‫من أبطال املقاومة املسلحة التونسية الشهيد محمد ال ّدغباجي‬



‫الفـهرس‬ ‫الدفاع‬ ‫‪vvv‬‬ ‫العقيد عادل محجوب‬

‫مساعد رئيس التحرير‬

‫الرائد محمد زكري‬

‫املالزم حمدي املسعدي‬

‫ّ‬ ‫مدقق اللغة‬ ‫الوكيل عبد اهلل املشاقي‬

‫الوكيل أماني فريخة‬

‫‪vvv‬‬ ‫تقنيون في اإلعالمية‬ ‫العريف أول ربيع احلباشي‬ ‫العريف أول مرمي بنور‬ ‫العريف هيفاء الرازقي‬ ‫مصور اجمللة‬ ‫الوكيل أول خليفة بن فضلية‬ ‫الطباعة و التوزيع و الكتابة‬ ‫الوكيل طارق الصخراوي‬ ‫العريف خالد النفزي‬

‫‪vvv‬‬

‫املطبعة‪SIMPACT :‬‬

‫تهنئة مبناسبة عيد اجليش ‪........................................................................ 62‬‬ ‫كلمة الدفاع ‪......................................................................................................‬‬ ‫أخبار الدفاع ‪.......................................................................................................‬‬ ‫الذكرى الثانية والستني النبعاث اجليش الوطني ‪..........................................‬‬ ‫الفيلق ‪ 61‬هندسة مبنزل جميل‪« :‬الدائسون على املوت» ‪.............................‬‬ ‫الفوج ‪ 81‬نقل‪ :‬قدرات استثنائية لقواتنا العسكرية وعزمية من حديد ‪.....‬‬ ‫تراجع عدد احلركات اجلوية اجملهولة‪..................................................................‬‬ ‫القاعدة البحرية الرئيسية بقليبية‪ :‬سد منيع ضد التهديدات البحرية ‪..‬‬ ‫املتحف العسكري الوطني مبنوبة ‪ :‬رحلة التاريخ العسكري ‪......................‬‬ ‫قصيد أحبك يا جيش ‪.......................................................................................‬‬ ‫اجليش الوطني واحلرب على اإلرهاب ‪................................................................‬‬ ‫اجليش يحمي مناطق اإلنتاج ‪...........................................................................‬‬ ‫الدغباجي ‪..........‬‬ ‫من أبطال املقاومة املسلحة التونسية الشهيد محمد ّ‬ ‫اخلرجة البحرية التطبيقية «صيف ‪................................................... »2017‬‬ ‫املؤمتر الدولي اخلامس للمجموعة اإلقليمية العربية للطب العسكري ‪...‬‬ ‫درس تونس السادس حول منهجيات وحترير املقاالت الطبية ‪.......................‬‬ ‫املؤمتر األول لإلطار شبه الطبي للمستشفى العسكري بتونس ‪...............‬‬ ‫أوقفوا العنف ضد املرأة ‪....................................................................................‬‬ ‫احلماية القانونية ألفراد حفظ السالم‪ :‬اجلزء ال ّثاني ‪......................................‬‬ ‫احملاكم العسكرية في أملانيا ‪...........................................................................‬‬ ‫قيادة االستعالمات ‪...........................................................................................‬‬ ‫ثكنات مدينة تونس خالل العهد العثماني ‪...................................................‬‬ ‫الزحف الهاللي على افريقية ‪..........................................................................‬‬ ‫معركة جوتالند البحرية‪ :‬اإلستراتيجيا والتكتيك ‪......................................‬‬ ‫الدور النهائي لكأس تونس العسكري لكرة القدم بني املدارس ‪..................‬‬ ‫سباق نصف املارطون العسكري ‪....................................................................‬‬ ‫شراكة واعدة بني الرياضة العسكرية وبني اإلعالم الرياضي العربي ‪..........‬‬ ‫املنتخب العسكري التونسي للتايكواندو بطل العرب ‪................................‬‬ ‫جيش البحر يضفي أجواء متميزة على جزيرة قرقنة ‪...................................‬‬

‫‪66‬‬

‫ان ما يرد باملقاالت املنشورة ال يعبر عن‬ ‫موقف وزارة الدفاع الوطني‪ ،‬بل هي‬ ‫ملزمة الصحابها‬

‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪57‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪67‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪85‬‬ ‫‪93‬‬ ‫‪94‬‬ ‫‪95‬‬ ‫‪103‬‬ ‫‪116‬‬


‫تهنئة‬ ‫مبناسبة االحتفال بالذكرى الثانية والستني‬ ‫النبعاث اجليش الوطني تتقدم‬ ‫أسرة‬

‫ّ‬ ‫« مجلة الدفاع »‬ ‫إلى إطارات وأعوان وزارة الدفاع الوطني‬ ‫عسكريني ومدنيني‬ ‫بأحر التهاني وأطيب التمنيات‬


‫كلمة الدفاع‬

‫حتتفل تونس بكل فخر واعتزاز يوم ‪ 24‬جوان ‪ 2018‬بالذكرى ‪ 62‬النبعاث اجليش الوطني الّذي ظل‬ ‫عالمة بارزة في تاريخ تونس املعاصر واحلديث حيث كان دوما منتصرا للوطن وذائدا عنه ومحافظا‬ ‫على سيادة البالد وصائنا للنظام اجلمهوري ومتفاعال مع الدولة املدنية الدميقراطية وملتزما‬ ‫باحلياد ومساهما في مواصلة تأمني االنتقال الدميقراطي ومكافحة اإلرهاب‪.‬‬ ‫وأمام بروز التهديدات غير التقليدية واخملاطر التي أصبحت ته ّدد بالدنا واملنطقة عموما‪ ،‬مت وضع‬ ‫ترتيبة دفاعية على احلدود اجلنوبية الشرقية لتأمني احلدود‪ ،‬وذلك بإجناز ساتر ترابي بني رأس جدير‬ ‫وبرج اخلضراء على طول ‪ 250‬كلم‪ .‬وتدعمت هذه الترتيبة مبراكز مراقبة للسيطرة على املنطقة‬ ‫ومنع تسلل اإلرهابيني واحلد من التهريب باإلضافة إلى تركيز منظومة مراقبة إلكترونية متنقلة‬ ‫بني لرزط وبرج اخلضراء انطلق العمل بها في بداية السنة اجلارية وأخرى قارة ستكون جاهزة في‬ ‫موفى السنة القادمة‪ .‬كما مت إحداث منطقة عازلة ومنطقة عمليات عسكرية‪.‬‬ ‫تولت الوزارة اقتناء جتهيزات‬ ‫ولتعزيز القدرات العملياتية للجيش الوطني جملابهة اإلرهاب‪ّ ،‬‬ ‫عسكرية متالئمة مع التهديدات غير التقليدية ‪ .‬كما مت تركيز هياكل عملياتية من خالل مواصلة‬ ‫تعزيز هياكل تكوين القوات اخلاصة للتدخل وإحداث كتائب تدخل باأللوية للتصدي للعمليات‬ ‫اإلرهابية‪ ،‬ومركز اإلمتياز في مجال نزع األلغام والتعامل مع األجسام املشبوهة ودعم وكالة‬ ‫اإلستخبارات واالمن للدفاع باملوارد البشرية اخملتصة واالجهزة التقنية اخلصوصية ‪.‬‬ ‫ويشهد جيش الطيران بدوره دعما خاصا لقدراته اللوجستية والعملياتية‪ .‬ومتثلت باألساس‬ ‫في اقتناء مروحيات نقل جوي تكتيكي ومتقدم ومروحيات مختصة في مجال االستطالع والدعم‬ ‫الناري القريب والبعيد وجتهيزات أخرى متطورة في مجال االستطالع واالستعالم واملراقبة اجلوية‪.‬‬ ‫وباستكمال التدريبات الالزمة‪ ،‬ستمكن هذه املروحيات من بناء قدرات عملياتية إضافية على‬ ‫مستوى تنفيذ مهام االستطالع اجلوي والدعم الناري بالليل والنهار‪ ،‬إضافة إلى مهام خفر‬ ‫التنقالت البرية ومرافقة حتركاتهم في مناطق العمليات‪.‬‬ ‫ولتطوير القدرات العملياتية جليش البحر‪ ،‬بهدف حماية الشريط الساحلي ومراقبة مياهنا‬ ‫اإلقليمية‪ ،‬والتصدي للهجرة غير الشرعية مت تركيز منظومة مراقبة إلكترونية ساحلية انطالقا‬ ‫من احلدود التونسية الليبية إلى احلدود التونسية اجلزائرية وتدعيم جيش البحر بزوارق سريعة‬ ‫وخافرتني جديدتني «أوتيك» و»كركوان»كما مت اقتناء أربع خافرات أعالي البحار اثنتني منهما‬ ‫مجهزتني مبهبط للطائرات العمودية وقد تسلمتهما البحرية الوطنية في اآلونة األخيرة‪.‬‬ ‫إن اجليش الوطني سيبقى مدرسة للتضحية والفداء واإلنضباط والوالء للوطن دون سواه‬ ‫ويحق لكل التونسيني والتونسيات أن يفتخروا به باعتباره صمام أمان أمام التهديدات الداخلية‬ ‫واخلارجية واخملاطر مهما كانت طبيعتها ومأتاها‬ ‫وزير الدفاع الوطني‬ ‫عبد الكرمي الزبيدي‬


‫أخبار الدفاع‬ ‫كان للسيد عبد الكرمي الزبيدي وزير الدفاع الوطني عدد من اللقاءات مع ممثلي البعثات‬ ‫الدبلوماسية املقيمني بتونس‪ ،‬إضافة إلى مسؤولني سامني من االحتاد األوروبي وحلف شمال‬ ‫األطلسي متحورت حول مزيد دعم التعاون بني تونس والدول الشقيقة والصديقة‪ .‬كما كانت‬ ‫مناسبة للتباحث حول القضايا ذات االهتمام املشترك واملتعلقة أساسا بالتحديات األمنية‬ ‫باملنطقة وتعزيز التعاون في مجال التكوين والتدريب واالستعالم مبا يساهم في تطوير‬ ‫القدرات العملياتية للقوات املسلحة التونسية ملقاومة االرهاب واجلرمية املنظمة والتهريب‬ ‫والتصدي للهجرة غير الشرعية‬

‫بعض لقاءات وزير الدفاع الوطني‬

‫الدفاع‬ ‫‪6‬‬

‫مع سفير ايطاليا بتونس ‪Lorenzo fanara‬‬

‫مع سفير جمهورية لبنان بتونس السيد طوني فرجنية‪.‬‬

‫مع سفير الواليات املتحدة األمريكية بتونس‬ ‫‪Daniel H.Rubinstein‬‬

‫مع سفيرة بريطانيا العظمى بتونس السيدة‬ ‫‪Louise De Sousa‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫أخبار الدفاع‬

‫مع سفير دولة الكويت بتونس‬ ‫السيد أحمد الظفيري‬

‫مع سفير تركيا بتونس‬ ‫السيد عمر فاروق دوغان‪.‬‬

‫األمني العام املساعد للتخطيط وسياسة ال ّدفاع باألركان‬ ‫الدولية حللف الشمال األطلسي جوناثان باريش‬ ‫ّ‬

‫األمني العام التنفيذي ملنظمة معاهدة‬ ‫احلظر الشامل للتجارب النووية‬

‫مع سفير صربيا بتونس السيد‬ ‫‪Nicola Luke‬‬

‫مع رئيس بعثة االحتاد األوروبي بتونس السيد‬ ‫‪Patrice bergamine‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪7‬‬


‫أخبار الدفاع‬

‫ّ‬ ‫التفقد‬ ‫الزيارات الميدانية وزيارات‬

‫أ ّدى السيد عبد الكرمي الزبيدي وزير الدفاع الوطني زيارات ميدانية إلى عدد من الوحدات واإلدارات واملصالح‬ ‫العسكرية‪ّ ،‬‬ ‫اطلع خاللها على سير العمل وظروف عيش العسكريني بها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد خاللها حرص املؤسسة العسكرية على مزيد االهتمام باجلانب املعنوي لكافة العسكريني ومزيد‬ ‫اإلحاطة بعائالت الشهداء من العسكريني الذين استشهدوا فداء للوطن وباجلرحى الذين أصيبوا أثناء القيام‬ ‫بواجبهم ‪.‬‬ ‫كما ّ‬ ‫تفقد مدى جاهز ّية التشكيالت العسكرية في مجابهة آفة اإلرهاب خاصة أمام ما تشهده املنطقة‬ ‫من عدم استقرار‪ ،‬داعيا العسكريني إلى مزيد البذل والعطاء ومالزمة اليقظة‬

‫ّ‬ ‫أداها وزير الدفاع الوطني‬ ‫عينة من الزيارات الميدانية وزيارات‬ ‫التفقد التي ّ‬ ‫ّ‬

‫اإلدارة العامة للهندسة العسكرية‬

‫فيلق القوات اخلاصة‬

‫الفوج ‪ 13‬مشاة ميكانيكية بجندوبة‬

‫الدفاع‬ ‫‪8‬‬

‫القاعدة اجلوية بقابس‬

‫مركز االختبارات الطبية للمالحة اجلوية‬

‫العدد ‪66‬‬

‫القاعدة البحرية بصفاقس‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫أخبار الدفاع‬

‫وزير الدفاع الوطني يزور معرض دبي للطيران‬ ‫حضر السيد عبد الكرمي الزبيدي وزير الدفاع الوطني‪ ،‬مرفوقا بوفد عسكري رفيع املستوى‪،‬‬ ‫افتتاح فعاليات معرض دبي للطيران ّ‬ ‫الذي انتظم من ‪ 12‬إلى ‪ 16‬نوفمبر ‪ 2017‬مبطار آل مكتوم‬ ‫ال ّدولي بدبي‪ ،‬وذلك بدعوة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة‬ ‫ورئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ووزير الدفاع بدولة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬ويق ّدم املعرض أحدث‬ ‫التطورات احلاصلة في مجاالت الصناعات العسكرية اجلوية‪.‬‬ ‫وبهذه املناسبة كان لوزير الدفاع الوطني لقاء مع‬ ‫وزير الدولة لشؤون الدفاع بدولة اإلمارات العربية‬ ‫املتحدة السيد أحمد البواردي‪ ،‬متّ التطرق خالله‬ ‫إلى ضرورة دعم التعاون العسكري في مجاالت‬ ‫التكوين والتدريب وتبادل املعلومات مبا يع ّزز القدرات‬ ‫العملياتية للقوات املسلحة في البلدين‪ ،‬والتأكيد‬ ‫على تفعيل االتفاقيات التي متّت بلورتها سنة ‪2011‬‬ ‫خدمة للمصالح املشتركة في اجملال العسكري‪.‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪9‬‬


‫وشدد وزير الدفاع الوطني على أهمية تنويع‬ ‫ّ‬ ‫شركاء تونس في مجال التعاون الدولي العسكري‬ ‫معربا عن أمله في أن تكون دولة اإلمارات العربية‬ ‫مقدمة الشركاء باعتبار العالقات العريقة‬ ‫املتحدة في ّ‬ ‫واألخوية التي تربط بني البلدين‪ .‬مؤكدا حرص تونس‬ ‫صمام أمان في‬ ‫على أن تبقى املؤسسة العسكرية ّ‬ ‫ّ‬ ‫التحديات األمنية التي تعيشها البالد‪.‬‬ ‫ظل‬ ‫ّ‬ ‫وكان لوزير الدفاع الوطني لقاء مع الفريق ال ّركن‬

‫الدفاع‬ ‫‪10‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫حمد محمد ثاني الرميثي رئيس أركان القوات‬ ‫املسلحة اإلماراتية متّ خالله التأكيد على تطوير‬ ‫التعاون العسكري بني اجليشني اإلماراتي والتّونسي‪.‬‬ ‫كما كانت له لقاءات مع رؤساء وفود بعض البلدان‬ ‫الصديقة والشقيقة متّ خاللها التط ّرق إلى بعض‬ ‫املسائل ذات االهتمام املشترك في قطاع الدفاع‬ ‫واألمن‪ .‬كما كانت له لقاءات مع مم ّثلي الشركات‬ ‫املتقدمة للطائرات‬ ‫اخملتصة في الصيانة‬ ‫ّ‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫أخبار الدفاع‬

‫وزير الدفاع الوطني يؤدي زيارة عمل إلى تركيا‬ ‫أدى السيد عبد الكرمي الزبيدي وزير الدفاع الوطني زيارة عمل إلى تركيا مرفوقا بوفد عسكري رفيع‬ ‫املستوى وذلك من ‪ 24‬إلى ‪ 28‬أفريل ‪ 2018‬بدعوة من نظيره التركي السيد ‪.CANIKILI Nurettin‬‬ ‫ومتحور اللقاء الذي جمع الطرفني مبقر وزارة الدفاع‬ ‫التركية حول السبل الكفيلة مبزيد تطوير التعاون‬ ‫العسكري وتوسيع مجاالته‪ .‬حيث أكد اجلانب التركي‬ ‫استعداده لتقدمي املساعدة في كل ما يتعلق باجلوانب‬ ‫اللوجستية والفنية حسب حاجيات املؤسسة‬ ‫العسكرية التونسية‪.‬‬ ‫كما مت عقد جلسة عمل موسعة مت التأكيد‬ ‫خاللها على مزيد تطوير التعاون العسكري في‬ ‫مجاالت التكوين والتدريب وتبادل اخلبرات واالتفاق‬ ‫على بعث جلنة مشتركة خاصة رفعية املستوى‪،‬‬ ‫تتولى إستكشاف فرص التعاون في مجال التّصنيع كما إلتقى السيد عبد الكرمي الزبيدي وزير الدفاع‬ ‫العسكري حيث أبدى اجلانب التركي في هذا السياق الوطني في خامتة زيارته بكاتب الدولة لصناعات‬ ‫موافقته على تقدمي املساعدة التقنية وتبادل اخلبرة الدفاع الدكتور ‪.Ismail Demir‬‬ ‫في هذا اجملال‪.‬‬ ‫وزار وزير الدفاع الوطني أهم املؤسسات التركية‬ ‫اخملتصة في تصنيع وتركيب معدات الدفاع فكانت‬ ‫له لقاءات مع القائمني عليها مت خاللها التطرق إلى‬ ‫فرص التعاون على غرار إمكانية إرساء شراكة لتركيز‬ ‫وحدات إنتاج مختصة في صناعات الدفاع بتونس‪.‬‬

‫ومتحور اللقاء حول فرص التعاون في مجال صناعات‬ ‫الدفاع والسبل الكفيلة بتجسيمها على أرض الواقع‬ ‫ما يفتح آفاقا جديدة للتعاون العسكري بني البلدين‬ ‫على قاعدة الثقة املتبادلة‪.‬‬ ‫وأكد باملناسبة الرغبة الشديدة التي حتد البلدين‬ ‫إلرساء شراكة في اجملال بحكم ثراء املوارد البشرية‬ ‫التونسية والتركية في مجال البحث العلمي‪ ،‬مشيدا‬ ‫بالقيمة التكنولوجية للمعدات العسكرية التركية‬ ‫التي مت اقتناؤها خالل السنوات األخيرة‬ ‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪11‬‬


‫أخبار الدفاع‬

‫وزير الدفاع الوطني يفتتح أشغال اإلجتماع السابع‬ ‫العامين للبلدان األعضاء «‪ 5‬زائد ‪ 5‬دفاع»‬ ‫للمتفقدين‬ ‫ّ‬ ‫افتتح السيد عبد الكرمي الزبيدي وزير الدفاع الوطني اإلجتماع السابع للمتفقدين‬ ‫العامني للبلدان األعضاء في مبادرة ‪ 5‬زائد ‪ 5‬دفاع الذي احتضنته تونس يومي ‪ 19‬و‪20‬‬ ‫سبتمبر ‪ 2017‬حتت محور‬

‫«دور التفقديات العا ّمة في مجال بناء النزاهة داخل القوات املسلحة»‪.‬‬

‫وأبرز السيد الوزير أ ّن هذا اإلجتماع يندرج في‬ ‫إطار حرص البلدان األعضاء ملبادرة «‪ 5‬زائد ‪ 5‬دفاع»‬ ‫على تنويع أنشطتها في مجاالت التكوين والتدريب‬ ‫واملراقبة واالستشراف مبا يساهم في تطوير قدراتها‬ ‫حفاظا على أمن املتوسط واستقراره ومواجهة‬ ‫اخملاطر والتهديدات احملتملة‪ ،‬مشيرا إلى أ ّن املؤسسة‬ ‫العسكرية التونسية شديدة احلرص على ضمان‬ ‫حسن التسيير والتصرف السليم واألداء في كل ما‬ ‫يتع ّلق بأنشطتها أو اعتماداتها السنوية املوضوعة‬ ‫على ذمتها وفق أحدث املناهج ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أكد السيد الوزير أ ّن وزارة الدفاع تعمل على مزيد‬ ‫التفاعل مع التحوالت احلاصلة في قطاع الدفاع من‬

‫الدفاع‬ ‫‪12‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫باب الرقابة واحلوكمة الرشيدة وبناء النزاهة وكذلك‬ ‫اإلنفتاح على اجملتمع املدني واملنظمات الدولية‬ ‫وغير احلكومية واملراكز الوطنية والدولية املهتمة‬ ‫بتنمية قطاع الدفاع وترشيده على غرار مركز جنيف‬ ‫ومنظمة‬ ‫الدميقراطية على الق ّوات املس ّلحة‬ ‫للمراقبة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشفاف ّية الدول ّية‪.‬‬ ‫بي في هذا اجملال‪ ،‬أ ّن وزارة الدفاع الوطني‬ ‫كما ّ‬ ‫بصدد إحداث ّ‬ ‫خطة موفق عسكري على غرار ما هو‬ ‫موجود بقطاع الوظيفة العمومية مع احملافظة على‬ ‫اخلصوصيات اجلوهرية للقوات املسلحة ومتطلبات‬ ‫احلياة العسكرية وما تقتضيه من انضباط وحياد‬ ‫وذلك لتعزيز قنوات االتصال وحماية حقوق اإلدارة‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫أخبار الدفاع‬ ‫حد السواء وتأسيس احلكم‬ ‫والعسكري على ّ‬ ‫الرشيد وإشاعة قيمه في الوسط العسكري‪.‬‬ ‫وأبرز وزير الدفاع أ ّن املؤسسة العسكرية تولي‬ ‫أهمية كبرى ملوضوع النزاهة مبزيد ترسيخها‬ ‫وتكريسها لتحقيق جملة من األهداف واملتمثلة في‪:‬‬ ‫ دعم القدرات العملياتية للمؤسسة العسكرية‬‫وضمان جاهزيتها‪.‬‬ ‫ مزيد ترسيخ العقيدة العسكرية‪.‬‬‫ مزيد االستجابة حلاجيات اجملتمع من أمن واستقرار‬‫وفق مقتضيات السياسة الدفاعية وخطط العمل‪.‬‬ ‫ دعم اجلانب املعنوي ألفراد املؤسسة العسكرية‪.‬‬‫ اختيار واقتناء أنسب املعدات والوسائل املتالئمة مع‬‫اخملاطر والتهديدات‪.‬‬ ‫‪ -‬العمل على أن تكون إصالحات قطاع الدفاع منوذجا‬

‫لإلصالح املؤسساتي ورمزا لهيبة الدولة‪.‬‬ ‫ حتسني صنع القرار السياسي في قطاع الدفاع‪.‬‬‫ مزيد تعزيز شرعية املؤسسة العسكرية‬‫ومصداقيتها ودعم مكانتها في اجملتمع وفي املنظمات‬ ‫والهيآت الدولية ذات الصلة‪.‬‬ ‫بي وزير الدفاع الوطني أ ّن هذا‬ ‫وفي خامتة كلمته‪ّ ،‬‬ ‫اإلجتماع سيتيح الفرصة لتبادل وجهات النظر‬ ‫والتجارب حول بناء النزاهة في القوات املسلحة‬ ‫للبلدان األعضاء في مبادرة «‪ 5‬زائد ‪ 5‬دفاع» وبلورة‬ ‫بعض املسائل ذات االهتمام املشترك في اجملال وأ ّن‬ ‫األخذ بالتّوصيات ا ّلتي أق ّرها هذا االجتماع من شأنها‬ ‫أن تساهم في تذكية النزاهة وإشاعة ثقافتها تطويرا‬ ‫للقدرات العملياتيـة للقــوات املسلحــة لبلـــدان‬ ‫املبادرة‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪13‬‬


‫أخبار الدفاع‬

‫وزير الدفاع الوطني في افتتاح الدورة ‪35‬‬ ‫لمعهد الدفاع الوطني‬ ‫أكد السيد عبد الكرمي الزبيدي وزير الدفاع الوطني لدى افتتاحه الدورة ‪ 35‬ملعهد الدفاع الوطني يوم ‪07‬‬ ‫نوفمبر ‪ 2017‬أن اختيار موضوع الدورة حول «إرساء استراتيجية وطنية للتصنيع العسكري»‪ ،‬يستجيب‬ ‫ّ‬ ‫سيمكن من تعبئة كافة اإلمكانيات البشرية واملادية واملعرفية‬ ‫خلصائص املرحلة التي مت ّر بها البالد‪ ،‬مبا‬ ‫والتكنولوجية «إلجناح االنتقال االقتصادي وإعطاء دفع جديد لالقتصاد الوطني»‪.‬‬

‫حيث كشف عن وجود مشاريع لصناعة خافرات‬ ‫وجرارات بحرية قيد اإلجناز بكفاءات عسكرية ومدنية‬ ‫تونسية‪ ،‬في إطار الشراكة بني املؤسسة العسكرية‬ ‫والقطاع اخلاص‪.‬‬ ‫وأبرز أن اخلافرة اجلديدة التي هي في طور التصنيع‪،‬‬ ‫ستكون أسرع وأكبر حجما من اخلافرة البحرية‬ ‫«استقالل»‪ ،‬التي صنّعت سنة ‪ ،2015‬مستعرضا‬

‫الدفاع‬ ‫‪14‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جملة من النجاحات التي حققتها الوزارة‪ ،‬في سياق‬ ‫اخلدمات العسكرية ذات القيمة املضافة‪( ،‬على غرار‬ ‫ّ‬ ‫حققه مركز رسم اخلرائط واإلستشعار عن بعد‬ ‫ما‬ ‫للمعدات الدارجة والوقود)‪.‬‬ ‫واإلدارة العامة‬ ‫ّ‬ ‫وأوضح أن بعض العوامل جتعل من التصنيع‬ ‫ملحا في الوقت الراهن‪ ،‬من أبرزها‬ ‫العسكري أمرا‬ ‫ّ‬ ‫تطوير القدرات العملياتية بحكم املرحلة الدقيقة‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫أخبار الدفاع‬ ‫والتحديات األمنية املتعلقة‬ ‫التي تعيشها البالد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واإلتار‬ ‫املنظمة‬ ‫بتنامي اإلرهاب والتهريب واجلرمية‬ ‫بالبشر والهجرة غير النظامية‪ ،‬باإلضافة إلى ضرورة‬ ‫تخفيض نفقات الدفاع‪ ،‬السيما في ّ‬ ‫ظل تق ّلبات‬ ‫مدخرات البالد من‬ ‫سوق الصرف والنزيف احلاصل في ّ‬ ‫العملة الصعبة‪.‬‬ ‫وأضاف السيد عبد الكرمي الزبيدي أن «إرساء‬ ‫ّ‬ ‫ستمكن من‬ ‫استراتيجية التصنيع العسكري»‬ ‫حتقيق عدد من األهداف‪ ،‬أهمها تقليص نفقات الدفاع‬ ‫ودفع عجلة التنمية وإحداث فرص شغل جديدة ودعم‬ ‫البحث العلمي والتطوير التكنولوجي‪ ،‬مشيرا في‬ ‫هذا السياق إلى أن وزارة الدفاع متتلك جتربة سابقة‬

‫في التصنيع العسكري بعد صناعة القطعة البحرية‬ ‫«استقالل»‪ ،‬ما مكن من الضغط على الكلفة‪ ،‬إذ‬ ‫بلغت كلفة القطعة البحرية اجلديدة‪ 5،5 ،‬مليون‬ ‫دينار‪ ،‬فيما يتراوح سعرها في اخلارج بني ‪ 6‬و‪ 9‬مليون‬ ‫يورو (بني ‪ 18‬و‪ 27‬مليون دينار)‪.‬‬ ‫سيتضمن‬ ‫وجتدر اإلشارة إلى أ ّن برنامج الدورة‬ ‫ّ‬ ‫ورشات عمل مؤطرة ومحاضرات خاصة مبوضوع الدورة‬ ‫ومجموعة من الزيارات امليدانية لبعض املنشآت‬ ‫العسكرية واألمنية واملؤسسات الصناعية‪ ،‬فضال‬ ‫عن برمجة رحلة دراسية للواليات املتحدة األمريكية‪،‬‬ ‫بدعوة من مركز الدراسات اإلستراتيجية للشرق‬ ‫األدنى وجنوب آسيا‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪15‬‬


‫أخبار الدفاع‬

‫وزير الدفاع الوطني يشرف على االحتفال بالذكرى‬ ‫‪ 51‬النبعاث األكاديمية العسكرية‬ ‫أكد السيد عبد الكرمي الزبيدى وزير الدفاع الوطني يوم السبت ‪ 23‬ديسمبر ‪ 2017‬في حفل انتظم‬ ‫مبناسبة الذكرى الواحدة واخلمسني إلنبعاث األكادميية العسكرية‪ ،‬أن الوزارة انخرطت في مراجعة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املسلحة من جهة‪ ،‬وإلى‬ ‫تطلعات القوات‬ ‫املنظومة التكوينية بإعداد برامج تكوين تستجيب إلى‬ ‫ضوابط التكوين للحصول على شهائد جامعية معترف بها على املستويني الوطني والدولي من جهة‬ ‫أخرى‪ ،‬لتمكني ضباط املستقبل من بلوغ مستوى عسكري وعلمي متميز عند تخرّجهم من األكادميية‬ ‫العسكرية‪.‬‬

‫كما ص ّرح أنّه سيتم العمل على مزيد تكثيف‬ ‫ميداني التكوين والبحث مع األكادمييات‬ ‫التعاون في‬ ‫ّ‬ ‫العسكرية املماثلة في البلدان الشقيقة والصديقة‪،‬‬ ‫على غرار املدرسة العسكرية اجلزائرية متعددة‬ ‫التقنيات‪ ،‬واملدرسة امللكية العسكرية البلجيكية‪،‬‬ ‫واملدرسة الوطنية للتقنيات املتقدمة الفرنسية‪،‬‬ ‫واملدرسة اخلاصة العسكرية الفرنسية (‪.)Saint-Cyr‬‬ ‫وشدد وزير الدفاع الوطني على حسن توظيف‬ ‫ّ‬

‫الدفاع‬ ‫‪16‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫يتم رصدها في مجال العناية‬ ‫االعتمادات التي‬ ‫ّ‬ ‫مبنشآت جيش البر ملواصلة برنامج تهيئة األكادميية‬ ‫العسكرية في أفضل اآلجال ومبا ميكن من خلق مناخ‬ ‫ثمن الدعم املادي‬ ‫ومحيط مناسبني لتطويرها‪ .‬كما ّ‬ ‫(‪ 30‬مليون دينار) الذي وفره اجلانب األملاني لتشييد‬ ‫مبنى جديد للتعليم العالي العسكري في إطار‬ ‫مشروع توسعة األكادميية العسكرية‪.‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫أخبار الدفاع‬

‫وأشاد بالدور الهام لألكادميية العسكرية على مدى‬ ‫عقود في تكوين القيادات والضباط الذين عملوا في‬ ‫املؤسسات العسكرية واألمنية والديوانية والسجون‬ ‫واإلصالح للذ ّود عن الوطن وحمايته من التهديدات‬ ‫بالتصدي‬ ‫واخملاطر واحملافظة على أمن تونس وسيادتها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املنظمة والتهريب‪.‬‬ ‫لإلرهاب واجلرمية‬ ‫وأكد باملناسبة‪ ،‬ضرورة تعبئة كل إمكانيات الوزارة‬

‫البشرية واملا ّدية على غرار مركز البحوث العسكرية‪،‬‬ ‫ووحدات البحث ومركز التطبيقات في مجال الطيران‪،‬‬ ‫واستثمار فرص التعاون الدولي في اجملاالت العسكرية‪،‬‬ ‫قصد ترشيدها وتوظيفها في خدمة األكادميية‬ ‫العسكرية في إطار رؤية مستقبلية متد ّرجة تنطلق‬ ‫من االبتكار والتجديد التكنولوجي نحو التصنيع‬ ‫العسكري‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪17‬‬


‫أخبار الدفاع‬

‫انعقاد الدورة ‪ 32‬للجنة العسكرية‬ ‫األمريكية‬ ‫المشتركة التونسية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بي السيد عبد الكرمي الزبيدي وزير الدفاع الوطني‪ ،‬يوم اخلميس ‪ 03‬ماي ‪ 2018‬في افتتاح‬ ‫أشغال الدورة ‪ 32‬للجنة العسكرية املشتركة التونسية ‪ -‬األمريكية‪ ،‬أن تونس «تعول بشكل‬ ‫أساسي على إمكانياتها وقدراتها الذاتية ملواجهة التحديات احملتملة ولكنها تعول أيضا‬ ‫على دعم ومساندة الدول الصديقة ومن ضمنها الواليات املتحدة األمريكية»‪.‬‬ ‫وأضاف وزير الدفاع الوطني في كلمة افتتح بها‬ ‫أشغال الدورة التي حضرها نائب وزير الدفاع األمريكي‬ ‫املكلف بالشؤون اإلفريقية‪ ،‬آالن باترسون‪ ،‬وسفير‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية بتونس‪ ،‬دانييل روبنستني‬ ‫ومسؤولون عسكريون من البلدين أ ّن واشنطن‬ ‫«ستظل الشريك االستراتيجي لتونس وستواصل دون‬ ‫شك املساهمة في إجناح جتربة االنتقال الدميقراطي‬ ‫واالستقرار السياسي في تونس في منطقة تتواصل‬ ‫فيها الصراعات مبختلف أشكالها»‪.‬‬ ‫وأكد أن تونس تسعى لالرتقاء إلى مرتبة أعلى ضمن‬ ‫قائمة أولويات اإلدارة األمريكية لبناء تعاون جوهري‬ ‫جلي‪ ،‬على املدى القصير واملتوسط‬ ‫ودعم عسكري‬ ‫ّ‬ ‫وطويل املدى‪.‬‬ ‫من جهة أخرى ذكر وزير الدفاع الوطني أن القوات‬ ‫العسكرية التونسية تأمل أن يتعهد اجلانب األمريكي‬ ‫بشكل أكبر في مجالي نقل التكنولوجيا واملعرفة‬ ‫وفي قطاع احلصول على املعلومات ومعاجلتها‬ ‫واملراقبة واالستطالع‪.‬‬ ‫وحدد وزير الدفاع الوطني أولويات التعاون‬ ‫العسكري التونسي األمريكي املعتمدة في اخملطط‬ ‫املشترك املوقع بني البلدين كأساس للعمل في ست‬ ‫( ‪ )06‬نقاط من ضمنها حتسني القدرات في مجال‬ ‫مكافحة اإلرهاب وتأمني احلدود البرية والبحرية‬ ‫واجلوية واندماج القوات العسكرية اجلوية مع جيش‬ ‫البر خالل العمليات املشتركة واملساهمة في تطوير‬ ‫قدرات القوات العسكرية التونسية‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪18‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫أخبار الدفاع‬ ‫من جهته أكد نائب وزير الدفاع األمريكي املكلف‬ ‫بالشؤون اإلفريقية ‪،‬آالن باترسون‪ ،‬في كلمة ألقاها في‬ ‫افتتاح أشغال اللجنة أن بالده ستبقى ملتزمة بتعزيز‬ ‫قدرات القوات العسكرية التونسية لكي تتمكن من‬ ‫تأمني حدودها الوطنية ومواجهة التّهديدات القائمة‬ ‫وهزمية املنظمات املتطرفة العنيفة‪ .‬وأضاف املسؤول‬ ‫األمريكي أن بالده ترى أنه من خالل مواجهة هذه‬ ‫التحديات ستتمكن تونس من االستمرار في توفير‬ ‫بيئة آمنة ومضمونة تسمح باقتصاد مستقر ومزدهر‬ ‫ومواصلة توطيد دميقراطيتها‪ ،‬حسب تعبيره‪.‬‬ ‫واعتبر نائب وزير الدفاع األمريكي أن اللجنة‬ ‫العسكرية املشتركة بني البلدين متثل جانب هام من‬ ‫جوانب تعاون واشنطن مع تونس‪ .‬معتبرا أن بالده تولي‬ ‫في التزاماتها اإلقليمية أهمية قصوى لثالث مفاهيم‬ ‫وهي التنمية والدبلوماسية والدفاع‪.‬‬ ‫وعلى هامش افتتاح هذه الدورة أفاد عبد الكرمي‬

‫الزبيدي وزير الدفاع الوطني ‪،‬أن اللجنة ستسعى إلى‬ ‫ضبط برنامج للتعاون بني البلدين لسنة ‪ 2018‬والتي‬ ‫من املنتظر أن يبلغ عددها أكثر من ‪ 210‬نشاط تهم‬ ‫مجاالت من ضمنها مقاومة اإلرهاب والتصدي للجرمية‬ ‫املنظمة وغير الشرعية وحماية احلدود ‪ ،‬مشيرا إلى أن‬ ‫تبادل املعلومات بني البلدين والذي مت الشروع فيه منذ‬ ‫سنتني في إطار مكافحة اإلرهاب والتصدي له «ميثل‬ ‫جانبا أساسيا من القدرات العملياتية للمؤسسة‬ ‫العسكرية التونسية» مشيرا إلى أن التجهيزات‬ ‫واملعدات العسكرية التي تقتنيها تونس عبر متويالت‬ ‫توفرها لها الواليات املتحدة األمريكية «تتماشى مع‬ ‫احلاجيات احلالية للمؤسسة العسكرية»‪.‬‬ ‫ولإلشارة فان أشغال الدورة السابقة للجنة‬ ‫العسكرية املشتركة التونسية األمريكية قد عقدت‬ ‫في العاصمة األمريكية واشنطن في شهر ماي ‪2017‬‬ ‫وانتهت بالتوقيع على بيان ختامي للجنة‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪19‬‬


‫الذكرى ‪ 62‬النبعاث الجيش الوطني‬ ‫مبناسبة االحتفال بالذكرى ‪ 62‬النبعاث اجليش الوطني‪ ،‬نظمت وزارة الدفاع الوطني كعادتها زيارات ميدانية‬ ‫لفائدة صحفيني من مختلف وسائل اإلعالم الوطنية لعدد من املنشات العسكرية وذلك للتعرف أكثر على‬ ‫تعددت األعمال الصحفية‬ ‫املهام العملياتية لوحداتنا العسكرية املرابطة في كل شبر من ارض الوطن‪ ،‬وقد ّ‬ ‫وتنوعت‪ ،‬وتنشر «أسرة الدفاع» ع ّينة من هذه األعمال الصادرة مبختلف وسائل اإلعالم حول املوضوع ‪:‬‬ ‫ الفيلق ‪ 61‬هندسة منزل جميل‪« :‬الدائسون على املوت»‬‫ فوج ‪ 81‬نقل‪ :‬قدرات استثنائية لقواتنا العسكرية وعزمية من حديد‬‫ القاعدة البحر ّية الرئيسية بقليبية‪ :‬سد منيع ضد التهديدات اإلرهابية‬‫ تراجع عدد احلركات اجلوية اجملهولة من ‪ 720‬عملية سنة ‪ 1989‬إلى ‪ 19‬عملية في ‪2016‬‬‫‪ -‬املتحف العسكري الوطني مبنوبة رحلة التاريخ العسكري التونسي‬

‫الدفاع‬ ‫‪20‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫الفيلق ‪ 61‬هندسة بمنزل جميل‪:‬‬ ‫« ال ّدائسون على الموت »‬

‫أمل الهذيلي ‪ /‬موزاييك أف أم ‪ 03 /‬ماي ‪2018‬‬

‫تخيل للحظات أنك تسير حذرا في أحد املسالك‬ ‫الوعرة‪ ،‬ودست حجرا صغيرا وحال جتاوزه بثواني‬ ‫ووطأت قدم رفيقك الذي وراءك املكان نفسه‪ ،‬انفجرت‬ ‫ساقه وتناثرت أشالء‪ ..‬أو تخيل أنك منبطح بشكل‬ ‫كامل على بطنك‪ ،‬وجهك إلى أدمي األرض‪ ،‬وأنت‬ ‫تداعب بأناملك ببطء شديد رمال جافا بحثا عن لغم‬ ‫غير تقليدي الصنع التقطت أجهزة كشف األلغام‬ ‫مكانه‪ .‬وعليك أن تالمس حبات التراب التي تغطيه‬ ‫بكل لطف العالم الذي متلكه‪ ..‬حتى ال ينفجر في‬ ‫وجهك‪ .‬تخ ّيل أنك تنقل خطاك حذرا وتدرس موطئ‬ ‫قدمك في كل خطوة‪ ،‬فيالمس رأسك خيطا رفيعا‬ ‫يربط بني أغصان األشجار املتشابكة‪ ،‬وتكون تلك‬ ‫نهايتك ونهاية من معك‪.‬‬ ‫هذا ليس خياال وال فلما هوليوديا‪ ،‬بل هو اليومي‬ ‫املعاش للفيلق ‪ 61‬هندسة املتمركز بالثكنة‬ ‫العسكرية مبنزل جميل من والية بنزرت‪.‬‬ ‫زرنا مجموعة من الصحفيني أمس األربعاء الثكنة‪،‬‬ ‫في يوم عاصف وممطر‪ ،‬ولم تثن عوامل الطقس‬ ‫الضباط واملشرفني من إمتام البرنامج الكامل للزيارة‪.‬‬ ‫استقبلنا العقيد فتحي عمار‪ ،‬آمر الفيلق ‪ 61‬هندسة‬ ‫مبنزل جميل‪ ،‬الذي قدم لنا املكان واختصاص أفراده‪،‬‬ ‫وأعلمنا بإحداث مركز االمتياز في مجال نزع األلغام‬ ‫والتعامل مع األجسام املشبوهة منذ ‪ ،2015‬والذي‬ ‫ّ‬ ‫مكن إحداثه من توجيه وتكوين وتدريب أفراد الفيلق‬ ‫‪ 61‬هندسة‪ ،‬وبإنشائه أُنقذت أرواح كثيرة وجتنبنا‬ ‫خسائر في صفوف القوات املسلحة الوطنية‪.‬‬ ‫وقد متت بفضل املركز‪ ،‬وضمن املهام املنجزة من‬ ‫قبل هذا الفيلق‪ ،‬إزالة وحتطيم األلغام املزروعة‬ ‫باجلنوب التونسي وتطهير مساحة ‪ 40‬هكتارا‪ .‬كما‬ ‫سهل تخصص الفيلق ودربة أفراده وتدربهم املتواصل‬ ‫ّ‬ ‫على امليدان‪ ،‬من كشف األلغام غير التقليدية ويدوية‬ ‫الصنع التي يزرعها اإلرهابيون في اجلبال واملرتفعات‬

‫مبختلف أنواعها‪ ،‬بعد أن كان األمر صعبا نظرا إلى‬ ‫تركيبتها املعقدة وطرق ساكني اجلحور اخملتلفة في‬ ‫زرعها وتفخيخ مسالك اجلبال بها‪ .‬ولم تخل الزيارة‬ ‫من عرض لعملية بيضاء تدخلت فيها وحدات الفيلق‬ ‫إلنقاذ مصاب متّ الهجوم عليه مبادة كيميائية في‬ ‫مباراة كرة قدم‪ ،‬ومت التعامل مع املصاب وتطهيره من‬ ‫املواد العالقة به‪ ،‬إضافة إلى تطهير سيارة اإلسعاف‬ ‫التي نقلته‪ ،‬من طرف مدربني على ذلك‪ ،‬وفي خيمة‬ ‫خصصت لهذه العمليات‪« ،‬من صنع تونسي»‪.‬‬ ‫كما مت خالل مترين ميداني التعامل مع جسم‬ ‫مشبوه وضعه إرهابيون في أحد املناطق احلساسة‪،‬‬ ‫واستعمل «روبوت» متطور لالستطالع ونقل جسم‬ ‫املشبوه للتمكن من كشف محتوياته‪ .‬كما مت‬ ‫الكشف والتقصي عن ألغام أرضية‪ ،‬في محاكاة‬ ‫ملا يحدث في جبل الشعانبي‪ ،‬والتعامل مع املواد‬ ‫املتفجرة عبر آالت كشف املتفجرات واأللغام‪.‬‬ ‫وإضافة إلى األلغام واملتفجرات‪ ،‬يعمل الفيلق ‪61‬‬ ‫هندسة في مجال كشف وإزالة التلوث والتعامل‬ ‫مع الهجوم الكيميائي‪ .‬كما يتولى الفيلق‪ ،‬في إطار‬ ‫املهام العامة‪(،‬جندة املواطنني عند الكوارث الطبيعية‬ ‫إضافة إلى املساهمة في عمليات حفظ النظام‬ ‫واملشاركة في مهام حفظ السالم)‪.‬‬ ‫كما يقوم الفيلق ‪ 61‬هندسة‪ ،‬بالتكوين في مجاالت‬ ‫الهندسة لفائدة الضباط وضباط الصف واجلنود عبر‬ ‫متكينهم املستمر من املعارف واملهارات العسكرية‪.‬‬ ‫ليس هذا فحسب‪ ،‬إذ يتولى الفيلق أيضا في إطار‬ ‫اتفاقية بني وزارة الدفاع الوطني ووزارة التجهيز‪ ،‬بناء‬ ‫اجلسور وصيانتها‪ ،‬إضافة إلى املساهمة في بناء‬ ‫الساتر الترابي واخلندق باجلنوب التونسي‪ .‬فمركز‬ ‫التدريب امليداني في مجالي التجسير والعبور مختص‬ ‫في صيانة اجلسور املوجودة في كامل تراب اجلمهورية‬ ‫أو إقامة جسور جديدة عند احلاجة‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪21‬‬


‫الفوج ‪ 81‬نقل‪:‬‬

‫قدرات استثنائية لقواتنا العسكرية‬ ‫وعزيمة من حديد‬ ‫منال احلرزي ‪ /‬الصباح ‪ 02 /‬ماي ‪2018‬‬

‫يقاتلون بشراسة وكأنهم فعال في معركة‬ ‫حقيقية‪ ،‬لديهم مهارات وقدرات استثنائية في دحر‬ ‫العدو وطرحه أرضا ونزع سالحه‪ ،‬ميتلكون مهارات‬ ‫قتالية ودفاعية تكشف عن مدى جاهزيتهم وقوتهم‬ ‫وسيطرتهم على الوضع‪ ،‬ونحن نتابع «حركاتهم‬ ‫الهوائية» وسرعتهم في التحرك والقبض على‬ ‫العدو‪ -‬التي تعززها إرادة صلبة وعزمية من حديد لدحر‬ ‫كافة أشكال اخملاطر املمكنة –خلنا للحظة بأنهم‬ ‫فعال في ساحة القتال‪..‬فالعرض القتالي للفوج «‪81‬‬ ‫نقل» للجيش الوطني‪ ،‬الذي قدمته قواتنا العسكرية‬ ‫عكس مهارات عالية في فنون القتال والدفاع عن‬ ‫النفس جتاه عدو سواء كان حامال لسالح أبيض أو ناري‬ ‫وكان فعال منوذجا في القوة والتحدي واإلرادة فضال عن‬ ‫العزمية واإلرادة احلديدية في استبعاد كافة أشكال‬ ‫اخملاطر‪.‬‬ ‫هذا التمرين الذي واكبته الصباح والذي يندرج في‬ ‫إطار الزيارة امليدانية التي نظمتها ظهر األربعاء املاضي‬ ‫وزارة الدفاع الوطني إلى الفوج «‪ 81‬نقل» للجيش‬ ‫الوطني مبجاز الباب جعلنا ندرك بأن التهديدات‬ ‫واخملاطر التي قد حتدق بالبالد ال ميكن مطلقا أن تسجل‬ ‫حضورها في ظل القدرات واإلمكانيات العالية عالوة‬ ‫على العزمية الصلبة التي حتظى بها قواتنا العسكرية‪.‬‬ ‫فهذه الفنون واملهارات القتالية في الدفاع عن‬ ‫حرمة الوطن والذود عنه من أي خطر قد يتربص به‪،‬‬ ‫تّوجت الحقا بتمرين َ‬ ‫عكس هو أيضا قدرات استثنائية‬ ‫لقواتنا العسكرية حيث متثل التمرين في كيفية‬

‫الدفاع‬ ‫‪22‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫التعامل مع كمني إرهابي استهدف شاحنة عسكرية‬ ‫للسطو على شحنتها من خالل زرع لغم‪ .‬في طريقها‬ ‫و تخلل التمرين تبادال إلطالق النار مع عناصر إرهابية‬ ‫قبل التمكن من إيقافهم وتسليمهم لشرطة املرور‬ ‫العسكرية ليستشف من التمرين سالف الذكر‬ ‫جاهزية وسرعة فائقة في التدخل مبا يجعلك تطمئن‬ ‫على أمن البالد والعباد‪.‬‬ ‫عندما نقول فوج النقل يقفز إلى الذهن صورا أو‬ ‫حتفظ الذاكرة مشاهد على غرار مشهد الناقالت‬ ‫العسكرية التي يستعملها جنودنا في مختلف‬ ‫تدخالتهم لكن ال ميكن إدراك أهمية هذا الفوج ودوره‬ ‫املفصلي إال من خالل التحول إليه مباشرة ومعاينة‬ ‫جسامة ودقة مهامه‪.‬‬ ‫«جيش ال ميلك فوجا للنقل هو جيش مشلول‬ ‫وجيش ال ميلك وحدات مرور هو جيش رؤيته محدودة»‬ ‫بهذه العبارة اُستهل عرض الفيديو الذي تضمن‬ ‫تعريفا دقيقا للفوج واملهام املوكولة له حيث تضم‬ ‫الثكنة العسكرية مبجاز الباب وحدات سالح النقل‬ ‫التي تشكل أداة تنفيذ اإلمداد والنقل وتنظيم‬ ‫التحركات في كامل منطقة العمليات‪ .‬ويشمل‬ ‫سالح النقل وحدات عملياتية وأخرى تكوينية وهي‬ ‫كما ذكرها العقيد عبد احلميد شويخ آمر الفوج «‪81‬‬ ‫نقل» تتكون من‪( :‬الفوج «‪ 81‬نقل»‪ ،‬وسرايا النقل‬ ‫املتوسط العضوية ألفواج اإلسناد باأللوية» ومركز‬ ‫تدريب النقل ومركز تعليم السياقة)‪.‬‬ ‫وتتمثل مهام سالح النقل في تنفيذ املهام‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫القتالية في إطار الدفاع عن حرمة الوطن طبقا‬ ‫ملعطيات االستخدام العملياتي لوحدات جيش البر‬ ‫وسالح النقل عالوة على تنفيذ املهام ذات الطابع‬ ‫العام على غرار املساهمة في حفظ النظام و جندة‬ ‫املواطنني عند الكوارث وفي مقاومة احلرائق‪ ..‬ومن بني‬ ‫املهام األخرى التي يضطلع بها سالح النقل إيصال‬ ‫اإلمدادات للوحدات املقاتلة والقواعد اللوجستية‬ ‫وحتقيق االحتياطات الضرورية للمراحل املوالية‬ ‫للمعركة‪ ،‬وتنظيم املرور وإرشاد الوحدات والقوافل‬ ‫فضال عن مراقبة املسالك والطرقات واجلسور واملعابر‬ ‫عالوة على إرشاد القيادة بصفة مستمرة عن حالة‬ ‫وإمكانيات شبكة املرور‪..‬‬ ‫«الفوج ‪ 81‬نقل» الذي ميتد على خمس معتمديات‬ ‫تابعة لثالث واليات باجة‪( :‬معتمديتي مجاز الباب‬ ‫وقبالط)‪ .‬زغوان‪( :‬معتمديتي بئر مشارقة والفحص)‪.‬‬ ‫سليانة‪( :‬معتمدية بوعرادة) تولى القيام بجملة‬ ‫من اإلجنازات واألعمال على غرار نقل صابة احلبوب‬ ‫ونقل االختبارات الوطنية إلى جانب نقل صناديق‬ ‫االقتراع وتأمني االنتخابات وجندة ونقل املواطنني في‬ ‫الفيضانات‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلق مبجال مقاومة اإلرهاب فقد متكن‬ ‫الفوج «‪ 81‬نقل» في ‪ 17‬أكتوبر ‪ 2013‬من القضاء‬ ‫على ‪ 9‬إرهابيني والقبض على آخر خالل تنفيذ عملية‬

‫عسكرية مبنطقة جبل التلة بقبالط (منطقة دوار‬ ‫إسماعيل) كما أمكن له في جانفي ‪ 2015‬بعد‬ ‫متشيط جبال معتمدية الفحص‪ ،‬من إلقاء القبض‬ ‫على قاتل عون األمن الشهيد محمد على الشرعي‪..‬‬ ‫من جانب آخر وفيما يهم مركز تدريب النقل فهو‬ ‫من املؤسسات التكوينية التابعة جليش البر واملكلفة‬ ‫بالتكوين في االختصاص لفائدة العسكريني املباشرين‬ ‫بجميع أصنافهم ومستوياتهم في مجاالت النقل‬ ‫واملرور والسياقة من خالل تلقني جملة من املعارف‬ ‫واملهارات العسكرية املتعلقة بهذه اجملاالت وتنظيم‬ ‫تربصات السياقة واإلشراف على امتحانات السياقة‬ ‫بكافة مراكز تعليم السياقة‪ ،‬وإسناد رخص السياقة‬ ‫للعسكريني التابعني لوزارة الدفاع الوطني‪.‬‬ ‫هناك في مقر الفوج «‪ 81‬نقل» للجيش الوطني‬ ‫مبجاز الباب أبرز ما نستشفه من خالل جملة التمارين‬ ‫التي واكبناها هو أن االنضباط سيد املشهد فضال‬ ‫عن اجلاهزية العالية في ظل دقة وجسامة املهام‬ ‫املوكولة اليه‪.‬‬ ‫جتدر اإلشارة إلى أن الزيارة امليدانية خصصت في‬ ‫جانبها األول إلى املركز العسكري للتكوين املهني‬ ‫بباجة الذي ساهم في تكوين ‪ 1069‬متربصا منذ‬ ‫تأسيسه سنة ‪ 2005‬وفقا ملا أدلى به العقيد عادل‬ ‫الوسالتي امر املركز‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪23‬‬


‫تراجع عدد الحركات الجوّية المجهولة‬ ‫من ‪ 720‬عملّية سنة ‪1989‬‬ ‫إلى ‪ 19‬عملّية في ‪2016‬‬

‫عايدة الهيشري‬ ‫وكالة تونس إفريقيا لألنباء ‪ 3‬ماي ‪2018‬‬

‫يعود التق ّلص التدريجي لعدد االختراقات للمجال اجلوي الوطني‪ ،‬إلى أهمية الدفاع اجلوي في فرض سيادة‬ ‫الدولة التونسية‪ ،‬وفق ما أكده العميد طارق العكرمي‪ ،‬رئيس مكتب التدريب والعمليات صلب جيش الطيران‬ ‫التابع للقاعدة اجلوية باخلروبة من والية بنزرت‪.‬‬ ‫حيث أوضح السيد العميد في عرض لتقدمي مهام جيش الطيران مبناسبة زيارة ميدانية نظمتها وزارة الدفاع‬ ‫الوطني‪ ،‬لفائدة ممثلي وسائل اإلعالم الوطنية‪ ،‬إلى كل من القاعدة العسكرية باخلروبة والثكنة العسكرية‬ ‫مبنزل جميل من والية بنزرت‪ ،‬أن عدد احلركات اجلوية اجملهولة تراجع من ‪ 720‬عملية سنة ‪ 1989‬إلى ‪ 19‬عملية‬ ‫سنة ‪ ،2016‬فيما مت تنفيذ عملية اعتراض وحيدة في ‪ 2016‬مقابل ‪ 213‬عملية في ‪.1989‬‬ ‫وبني أن جل الطائرات لم تخترق اجملال اجلوي التونسي‪ ،‬بل خالفت أو لم متتثل للقوانني الدولية التي تقتضي‬ ‫اإلعالم مبختلف األنشطة املزمع تنفيذها من أجل توفير سالمة الطيران داخل منطقة إرشاد الطيران املتاخمة‬ ‫للمجال التونسي‪ ،‬مؤكدا على جاهزية جيش الطيران للمهمات املنوطة بعهدته‪ ،‬وذلك بالتعويل على املوارد‬ ‫البشرية التي يتم تدريبها وتكوينها في أعلى املستويات‪ ،‬وعلى الوسائل اجلوية سواء القدمية أو حتى احلديثة‬ ‫منها‪.‬‬ ‫وتتمثل أبرز مهام جيش الطيران‪ ،‬في الدفاع اجلوي عن حرمة مجال تونس والدعم اجلوي للقوات البرية‬ ‫والبحرية (االستطالع اجلوي‪ ،‬الدعم الناري والنقل اجلوي)‪ ،‬ومراقبة احلركة اجلوية وكشف ومتييز األهداف واإلنذار‬ ‫واعتراض الطائرات اجملهولة وتوجيه أو تدمير الطائرات املعادية‪ .‬ويغطي اجملال اجلوي التونسي احلدود البرية‬ ‫والبحرية واملياه اإلقليمية (‪ 12‬ميال بحريا) ويخضع املرور عبره إلى ترخيص مسبق‪.‬‬ ‫وتتولى القاعدة اجلوية اإلشراف على النشاط العملياتي للقاعدة واإلسناد العملياتي والتقني والعام‬ ‫للوحدات اجلوية املتمركزة أو املنتشرة‪ ،‬وتوفير احلماية واألمن لألفراد والعتاد واملنشآت التابعة للقاعدة والتدريب‬ ‫العسكري لألفراد التابعني لها واملشاركة في املهام ذات الطابع العام‪.‬‬ ‫أما مهام الوحدة اجلوية‪ ،‬فتتمثل في التكوين والتدريب املستمر لألفراد واحملافظة على جاهزية املوارد البشرية‬ ‫والوسائل اجلوية واستغاللها في كنف سالمة الطيران وتنظيم وإسناد النشاط اجلوي وصيانة الطائرات‬ ‫وتوابعها‪.‬‬ ‫واختتمت هذه الزيارة بعرض عملية إنزال « بيضاء » لقوات خاصة أثناء مداهمة عنصر إرهابي متحصن‬ ‫مبحل وإلقاء القبض عليه‪ ،‬وإجالء عسكري أصيب خالل العملية عن طريق طائرة « بالك هوك »‪ ،‬التي اقتناها‬ ‫جيش الطيران في ‪ 2017‬وتتميز بإمكانية التدخل بالليل والنهار وفي مختلف الظروف اجلوية‪ ،‬مما ساهم في‬ ‫احلد من حتركات العناصر اإلرهابية في اجلبال‪ ،‬وفق ما أكده العميد طارق العكرمي‬

‫الدفاع‬ ‫‪24‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫البحرية الرئيسية بقليبية‪:‬‬ ‫القاعدة‬ ‫ّ‬

‫البحرية‬ ‫ضد التهديدات‬ ‫سد منيع ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫يسرى الشيخــــاوي‬ ‫حقائق اون الين ‪ 19 /‬أفريل ‪2018‬‬

‫سفينة تخوض عباب البحر في قليبية تاركة وراءها برج املدينة‪ ،‬ال متضي سوى دقائق معدودات‬ ‫حتى يلتحق بها زورقان سريعان بعد االشتباه فيها‪.‬‬ ‫يقترب الزورق األول ويحوم حول السفينة‪ ،‬وفي األثناء يُجري عناصر طالئع البحرية اتصاالت مع‬ ‫قائد السفينة لالستعالم بشأنها‪ .‬يبتعد الزورق األول فاسحا اجملال أمام الثاني الذي أخذ يقترب‬ ‫أكثر فأكثر من السفينة وصعد عناصر الطالئع على متنها إلجراء عملية التفتيش‪ .‬قائد السفينة‬ ‫ال ميتثل إلى إجراء التفتيش فتضطر وحدات الطالئع إلى مداهمة السفينة واقتحامها وإيقاف‬ ‫طاقمها‪.‬‬ ‫هذه األحداث ليست مشاهد من فيلم بل هي مترين لطالئع البحرية بالقاعدة البحريّة الرئيسية‬ ‫ّ‬ ‫التدخل السريع خالل زيارة‬ ‫بقليبية تابعناه من داخل ج ّوالة حتمل رقم « ‪ » 105‬تستعمل في‬ ‫ميدانية أجرتها وزارة الدفاع إلى القاعدة البحريّة العسكرية بقليبية‪.‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪25‬‬


‫مراحل ّ‬ ‫تدخل طالئع البحرية في حال االشتباه على حركة املالحة البحرية بها وهي متمركزة في‬ ‫املنطقة البحرية الوسطى بني راس الطيب وخط‬ ‫في إحدى السفن‬ ‫طالئع البحرية هم خريجو مشاة البحرية يتلقون العرض الذي مير من الشابة (رأس كبوديا)‪ ،‬وتضم هذه‬ ‫فيما بعد تكوينا خاصا ويتدخلون في العمليات املنطقة املياه الداخلية واجلرف القاري واملياه اإلقليمية‬ ‫واملنطقة االقتصادية اخلالصة في صورة بعثها‪ ،‬وفق‬

‫اخلاصة والسريعة‪.‬‬

‫وبوجود زورقني سريعني للقيام بعملية تفتيش ما أفاد به آمر القاعدة البحرية الرئيسية بقليبية وآمر‬ ‫يتقدم الفريق األول إلعالم قائدها باألمر وفي املنطقة البحرية الوسطى وآمر قطاع حفظ النظام‬ ‫السفينة‬ ‫ّ‬

‫حال لم يتعاون معه طاقم السفينة يتدخّ ل الفريق مبعتمدية منزل متيم وقليبية وحمام االغزاز والهوارية‪.‬‬ ‫الثاني لدعم زمالئه ومداهمة السفينة‪ ،‬وفق ما أفاد وهذه القاعدة ّ‬ ‫متكن من مراقبة األنشطة البحرية‬ ‫به حقائق أون الين آمر مدرسة مشاة البحرية العقيد من قاعة العمليات كما متثل قوة إسناد لعمليات‬ ‫التدخل البحري واإلسناد ال ّلوجستي‪ ،‬ومن مهامها‬ ‫منير شربيب‪.‬‬ ‫وعن اإلجراءات املتبعة في حال ثبوت وجود أسلحة أيضا التنسيق مع وحدات احلرس الوطني والديوانة‬ ‫أو سلع مهربة‪ ،‬أوضح العقيد شربيب أنه يتم حتويل وحفظ النظام إذ تتدخل ملساعدة قوات األمن‬

‫وجهة السفينة ثم حترير محضر في الغرض واتخاذ الداخلي والدوريات األمنية في املناطق الوعرة أو في‬ ‫حالة الفيضانات ومساعدة السكان إضافة إلى إزالة‬ ‫اإلجراءات القانونية الالزمة‪.‬‬

‫تهديدات متع ّددة في البحر‬ ‫تتميز القاعدة البحر ّية‬ ‫ّ‬ ‫تطل‬ ‫استراتيجي هام إذ‬

‫الدفاع‬ ‫‪26‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫األلغام البحرية والنجدة واإلنقاذ‪.‬‬

‫شدد آمر القاعدة البحرية الرئيسية بقليبية‬ ‫وقد ّ‬

‫تعدد مخاطر البحر مبا فيها التهديدات اإلرهابية‬ ‫الرئيسية بقليبية مبوقع على ّ‬ ‫ّ‬ ‫املنظمة‪ ،‬مشيرا إلى‬ ‫على قناة صقلية وتشرف والتهريب وجتارة السالح واجلرمية‬ ‫جوان ‪2018‬‬


‫أن املنطقة تضم منشآت سياحية واقتصادية هامة التدخل ضمن الطابع العام وحفظ النظام‪.‬‬ ‫وتتم ّثل األنشطة امليدانية ملشاة البحرية في‬ ‫وجب حمايتها‪.‬‬ ‫التدخل جوا عن طريق الهبوط السريع بواسطة‬

‫األنشطة امليدانية ملشاة البحرية‬

‫احلبال والرمي التطبيقي والرمي العملياتي وتفتيش‬

‫مدرسة مشاة البحرية التي تكون طالئع البحرية واقتحام البنايات إضافة إلى التدخل بالبحر واالنزال‬

‫أُنشئت سنة ‪ 2012‬وهي متمركزة في القاعدة اجلوي في املناطق الغابية واالنزال البحري‪.‬‬ ‫البحرية الرئيسية بقليبية ومن مهامها أيضا تكوين‬

‫وفي السنة الدراسية ‪ 2018 /2017‬كونت املدرسة‬

‫الضباط وضباط الصف ورجال اجليش في اختصاص ‪ 237‬تلميذا‪ ،‬اختصاص مشاة بحرية‪ ،‬و‪ 191‬تلميذا‬ ‫مشاة البحرية حسب حاجيات جيش البحر وحسب ضمن عملية التجنيد االستثنائي‪ ،‬فيما كونت ‪351‬‬ ‫حاجيات املصالح املشتركة الثانية‪ ،‬وهي جتري أيضا تلميذا ضمن عملية التجنيد االستثنائي في التكوين‬ ‫تربصات تخص التدخل بالبحر والقنص واألسلحة البحري و‪ 100‬تلميذ ضابط صف مستجد انتداب‬ ‫وتفتيش وحدة عائمة وأوكلت لها أيضا مهمة خارجي في التكوين العسكري األساسي‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪27‬‬


‫رحلة التــــاريخ العسكـــري التونســـــي‬

‫المتحف العسكري الوطني بمنوبة‬ ‫« قصر الوردة »‬

‫جيهان بن عزيزة ‪ /‬الصحافة اليوم ‪ 25 /‬أفريل ‪2018‬‬ ‫على بعد ‪ 3‬كلم من قصر‬ ‫باردو ينتصب املتحف العسكري‬ ‫الوطني مبنوبة أو ما يطلق عليه‬ ‫اسم «قصر الوردة» ملا كان يحيط‬ ‫به من فضاءات للغابات واجلنان‬ ‫واألزهار حني بناه حمودة باشا‬ ‫احلسيني في أواخر القرن ‪ 18‬بغية‬ ‫االصطياف إلى أن حتوّل بداية ‪1984‬‬ ‫إلى متحف عسكري حتت إشراف‬

‫الدفاع‬ ‫‪28‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫إدارة التراث واإلعالم والثقافة بوزارة‬ ‫الدفاع الوطني بعد عملية ترميم‬ ‫استمرت سبع سنوات ليكون قبلة‬ ‫للزوار‪ ،‬الباحثني عن تاريخ تونس‬ ‫ّ‬ ‫وجل احلقبات التاريخية‬ ‫العسكري‬ ‫احلربية التي مرت بهذا البلد‪ ،‬طيلة‬ ‫أيام األسبوع ما عدا أيام االثنني‬ ‫واألعياد الدينية‪ ٠‬فاملتحف ّ‬ ‫يلخص‬ ‫التاريخ العسكري التونسي منذ‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫أقدم العصور تخليدا لشهداء‬ ‫الوطن عبر العصور وصوال إلى‬ ‫أحداث الثورة التي لم تأخذ حيّزا‬ ‫مكانيا في القصر كغيرها من‬ ‫احملطات التاريخية العسكرية نظرا‬ ‫لضغط املساحة اجلملية للمتحف‬ ‫التي ال ميكن أن تتسع إلى الزخم‬ ‫التاريخي العسكري ‪.‬‬


‫ويعتبر املتحف من أهم‬ ‫الفضاءات املعمارية التي وقعت‬ ‫احملافظة عليها وهو عبارة عن‬ ‫حتفة معمارية فريدة من نوعها‬ ‫في العصر احلديث أين اضطلع‬ ‫قصر الوردة خالل تاريخه الطويل‬ ‫بوظائف متعددة فقد استعمل‬ ‫كمقر للراحة والنزهة واالصطياف‬ ‫في مرحلة أولى في عهد محمد‬ ‫باي وحسني باي ثم في مرحلة‬ ‫ثانية كمقر إلقامة الشخصيات‬ ‫البارزة الوافدة على اإليالة مثل‬

‫أميرال األسطول الفرنسي سنة‬ ‫‪. 1802‬‬ ‫وأنت تلج باحة القصر بالفضاء‬ ‫اخلارجي بالهواء الطلق تعترضك‬ ‫بوابة الدخول التي يتواجد بها‬ ‫عناصر من اجليش الوطني الساهرين‬ ‫على أمن املكان‪ ،‬مساحات شاسعة‬ ‫من احلديقة اخلارجية زرعت ورودا‬ ‫زاهية األلوان توزعت على جنباتها‬ ‫عدد من املدرعات احلربية واملعدات‬ ‫الدارجة التي استعملت في حروب‬ ‫مختلفة ومنها احلربني العامليتني‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫جتد عليها كل التفاصيل متى‬ ‫اقتربت منها فمنها القادم من‬ ‫تركيا وفرنسا واآلخر من انقلترا‬ ‫وايطاليا واسبانيا‪.‬‬ ‫ما إن تصعد املدرج حتى جتد‬ ‫«الدريبة» وهي قبة فرضتها‬ ‫الهندسة املعمارية للقصور التي‬ ‫بنيت في القرن الثامن عشر وهي‬ ‫عبارة عن مزيج من تأثيرات الزخرفة‬ ‫التركية واإليطالية‪.‬‬ ‫ومن الدريبة تتوزع الفضاءات‬ ‫الرئيسية للقصر ومنها يقع‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪29‬‬


‫الدخول إلى الغرف احمليطة‪ ،‬أولى آالف واعتمد على طريقة االنتداب‬ ‫القاعات تعود بالزائر إلى التاريخ على عني املكان بعقد حتالفات مع‬ ‫العسكري املنير الذي أضاءه القبائل الفرنسية ‪.‬‬ ‫القائد العسكري «حنبعل» في‬ ‫إطار الصراع بني روما وقرطاج أين الفتوحات اإلسالمية‬ ‫قام مبلحمة من االنتصارات أبرزها في القاعة اجملاورة وهي قاعة‬ ‫معركة «ترازميان» ومعركة «كان» الفترة الوسيطة جند توثيقا‬ ‫وتعود أسباب اختيار توثيق هاتني بالصور واخملطوطات للفتوحات‬ ‫املعركتني وفق ما شرحه املقدم العربية اإلسالمية األولى بافريقية‬ ‫سمير الشامي محافظ املتحف من خالل قدوم أولى اجليوش‬ ‫العسكري الوطني للوفد اإلعالمي اإلسالمية (القرن السابع ميالدي)‬ ‫أثناء زيارة ميدانية للمتحف وتأسيس القيروان عاصمة اإلسالم‬ ‫باعتبارهما تبينان عبقرية البطل بإفريقية على يد عقبة ابن نافع‬ ‫القرطاجني في القدرة على والتوسع نحو املناطق الغربية‬ ‫التنظيم واألخذ بزمام األمور أو ما وبقية جنوب أوروبا انطالقا من‬ ‫يعبر عنه بإستراتيجية الشؤون تونس وصوال إلى الصراع العثماني‬ ‫العليا للحرب باستعمال عامل اإلسباني في املتوسط خالل القرن‬ ‫املباغتة وحسن توظيف اجليوش في السادس عشر ‪.‬‬ ‫ساحة احلرب وهي من االنتصارات تتواصل رحلة البحث في عمق‬ ‫التي تد ّرس اليوم في األكادمييات التاريخ العسكري الذي ميز تونس‬ ‫العسكرية في مختلف أنحاء على اختالف احلقبات احلربية التي‬ ‫عاشتها في باحة قاعة الفترة‬ ‫العالم ‪.‬‬ ‫انقض العثمانية واملرادية مبا احتوته من‬ ‫ففي امللحمة األولى‬ ‫ّ‬ ‫جيش حنبعل على القوات رايات صغيرة ومناذج مصغرة من‬ ‫الرومانية وقتل منها ‪ 15‬الف رجل املراكب مثل «الشبك» واألسلحة‬ ‫ألقى بهم في البحيرة بعد رحلة اخملتلفة واألزياء العسكرية‬ ‫سير دامت خمسة أشهر خرج من والنشاط البحري لإلمبراطورية‬ ‫املنطقة االسبانية نحو ايطاليا العثمانية في املتوسط ثم دخول‬ ‫بنحو ‪ 50‬الف جندي من املشاة البالد التونسية حتت رايتها لتصبح‬ ‫ولم يصل إال بـ ‪ 20‬ألفا ومبا يقارب إيالة عثمانية ‪.‬‬ ‫‪ 9‬آالف من الفرسان بقي منهم ‪ 6‬فعملية التوثيق ملراحل التاريخ‬

‫الدفاع‬ ‫‪30‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العسكري باملتحف والذي امتد‬ ‫على أكثر من ثالثة آالف سنة‬ ‫شملت مجموعات أثرية ثمينة‬ ‫تناهز الـ ‪ 23‬ألف قطعة متمثلة‬ ‫في أسلحة بيضاء وأخرى نارية‬ ‫ولوحات زيتية ومناذج من السفن‬ ‫احلربية تنتمي إلى كل احلقب‬ ‫التاريخية العسكرية مت توزيعها‬ ‫على مختلف قاعات العرض‬ ‫طبقا لتسلسل مختلف املراحل‬ ‫التاريخية ‪.‬‬ ‫مرحلة التحول اجلذري في‬ ‫التاريخ العسكري الوطني بدأت‬ ‫بوصول أحمد باي إلى سدة احلكم‬ ‫في الفترة احلسينية بني ‪1855-‬‬ ‫‪ 1837‬أين قام ببعث جيش نظامي‬ ‫تونسي حلما ودما يتركب من ‪35‬‬ ‫سخرت له كل الطاقات‬ ‫ألف رجل ّ‬ ‫البشرية واملادية وبعث املدرسة‬ ‫احلربية ومنها بدأت تتشكل النخبة‬ ‫التونسية للحركة الوطنية ‪.‬‬

‫املقاومة املسلحة‬

‫املرحلة األولى للمقاومة التي‬ ‫بدأت في سنة ‪ 1881‬بعد تسرب‬ ‫االستعمار الفرنسي من القطر‬ ‫اجلزائري نحو التراب التونسي‬ ‫اتّسمت بالعفوية وبعمليات قطع‬ ‫لالتصاالت والسكك احلديدية‪،‬‬ ‫مقابل جيوش فرنسية متدربة‬ ‫ومسلحة بالعتاد العسكري لذلك‬


‫جند في قاعة الفترة املعاصرة صورا‬ ‫توثق لضراوة ووحشية ودموية‬ ‫املواجهات بني املقاومني واجليش‬ ‫الفرنسي في كل من صفاقس‬ ‫وقابس ثم عرفت املقاومة نشأة‬ ‫جديدة في أواخر القرن التاسع‬ ‫عشر مع حركة الشباب التونسي‬ ‫واحلركة النقابية لتتطور بني‬ ‫سنوات ‪ 1952‬و‪ 1954‬إلى مقاومة‬ ‫مسلحة وأولى نواة جيش التحرير‬ ‫الوطني وبروز شخصيات وطنية‬ ‫احتمت باجلبال من إشكل إلى‬ ‫مطماطة تناهز ‪ 3‬آالف مسلح من‬

‫أشهرهم مصباح اجلربوع وساسي‬ ‫األسود والدغباجي دونت أسماؤهم‬ ‫وصورهم على جدران املتحف‬ ‫لتخلد تاريخ حافل باملواجهات‬ ‫واالنتصارات التي طمست‬ ‫ولألسف وقع تقزميها وتغييبها‪.‬‬ ‫ومنذ استقالل البالد في‬ ‫‪ 20‬مارس ‪ 1956‬بادرت حكومة‬ ‫االستقالل بتركيز مؤسسات‬ ‫الدولة ومن أهمها اجليش الوطني‬ ‫الذي قام بأول استعراض له في ‪24‬‬ ‫جوان ‪ 1956‬شاركت فيه مختلف‬ ‫اجليوش‪ .‬وفي غرفة خاصة باملتحف‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫وقع االحتفاظ بالعلم الوطني الذي‬ ‫ائتمن عليه اجملاهد األكبر الزعيم‬ ‫احلبيب بورقيبة قائد النواة األولى‬ ‫للقوات املسلحة ليكون أمانة في‬ ‫يده ‪.‬‬ ‫تنتهي بنا رحلة اخلوض في‬ ‫التاريخ العسكري الوطني إلى‬ ‫فضاء مخصص لدور اجليش الوطني‬ ‫في حماية الوطن واملواطنني خالل‬ ‫ثورة ‪ 2011‬ع ّلقت على جدرانه صور‬ ‫جتسد تأمني القوات‬ ‫فوتوغرافية‬ ‫ّ‬ ‫املسلحة للنقاط واملؤسسات‬ ‫احليوية والذود عن الوطن‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪31‬‬


‫أحـ َبك يــا جـيـــش‬

‫الرائد طبيب بكير عشاش‬

‫سئلت عن العســـاكر ذات يـــــــــــوم‬ ‫أنــا اجلـند َي من شـعبي قريــــــــــب‬ ‫أنــا املرفــوع رأســه في ثبـــــــــــات‬ ‫املرصـع في جبـينـــــــــــي‬ ‫أنــا العـزم‬ ‫َ‬ ‫والســرايــــــــــا‬ ‫أنــا جنــد الكتـائــب‬ ‫ّ‬ ‫ستـــلقانــي بــفوج إن حــللـــــــت‬ ‫َ‬ ‫كــل أسلــحتـــــــــي وزادي‬ ‫حمـــلت‬ ‫أنــا فــَن القـــيــادة فــي قــتــــــــال‬ ‫صــــــــــف‬ ‫أنــا الضبــَاط أو ضبــَاط َ‬ ‫أنــا القــَ َوات إن كــانت مشــــــــــاة‬ ‫والســـــــالم‬ ‫أنــا حـــفــظ الــنَظــام‬ ‫ّ‬ ‫أنــا صبــر اجلمـــال واملهــــــــــــاري‬

‫فكــان جوابـــي هذا القصيــــــــــــد‬ ‫أنـــا رمز الـــ َدفاع‪ ،‬أنا َ‬ ‫الشـهيــــــــــد‬ ‫عن القســم املــــف َدى ال أحيــــــــــد‬ ‫أنــا احلـــزم الــمر ّوع واحلديــــــــــــد‬ ‫وفعــلي دائمــا جـــ َدا مــفيـــــــد‬ ‫وقـــاعدة‪ ،‬إذا اكتـــمل الـــعديـــــــــد‬ ‫ألحمــي نصــرا‪ ،‬حققه اجلـــــــــــــدود‬ ‫عقدت العزم‪ ،‬فاصطفت جـهــــــــــود‬ ‫رجال الــجيش‪ ،‬يتبعهم جــنـــــــــــود‬ ‫والصـــمــــــــــــود‬ ‫أنا رمي املـــدافع‬ ‫َ‬ ‫وصــوالت َطــالئعنـا األســــــــــود‬ ‫لــــدوريـــاتي تشتــاق الــحـــــــــدود‬ ‫وغــابــات يغطـــيها اجلـــليـــد‬ ‫و حتطيــم مقاومــــــــة تــــــســــود‬ ‫على اإلرهاب‪ ،‬حتى ال يـعـــــــــــــــــود‬ ‫ألمـــن تــــونس‪ ،‬عنـــه تــــــــــــذود‬ ‫وتعرفني الــــزوارق والســـــــــــــدود‬ ‫وتغرينـــي املالحــة والصعــــــــــــود‬ ‫و فــي اإلنــقاذ لي رأي سديـــــــــــــد‬ ‫عن اإلخـــالء جـــ َوا ال أعــــــــــــــود‬ ‫احملصن واجملــــيـــــــــــــد‬ ‫أنا الوطن‬ ‫َ‬ ‫أنا زيـــت الســـواحل واجلريـــــــــــــد‬ ‫حــــب احليـــاة‪ ،‬فال قــيــــــــــــود‬ ‫إلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫«الشــهيـــــــــد»‬ ‫فخطــَوا فوق نعشي‬

‫وتعرفني البــراري والصحــــــــــــــاري‬ ‫أنــا التمشــيط واإلنــزال جــــــــــــ ّوا‬ ‫ببــن قــردان قــد حـققت نـصــــــرا‬ ‫أنــا ســير البواخــر‪ ،‬خــافـــــــرات‬ ‫أنــا الغواص‪ ،‬تــحت املاء أحيـــــــــا‬ ‫أنــا الطيــار فــي جــ ّو فسيــــــح‬ ‫أنــا طــب الــكوارث والـحـــــــــروب‬ ‫أنــا اإلسنــاد واإلسعــاف بــــــــــــرَا‬ ‫أنــا النَجــم الــمرفرف في هــــــــــالل‬ ‫أنــا الليمون والفرنــان عطـــــــــــرا‬ ‫أعــيش شامخــا‪ ،‬كالنخـــل أرنــــــــو‬ ‫وص َيــتي قــبل مــوتي في قــتــــــــال‬ ‫ولــ َفونــي بأعـــــالم بـــــــــــــالدي وأن يعـلو جنـــازتي النَــشيـــــــــد‬ ‫فنادى الشعب فخرا و إعتــــــــــــــزازا «أحــ َبك أيَـــها اجلـــيش العتيـــــــــد‬ ‫لــقـد قررت أن حتيـــا وأحيــــــــــــــا لتحيـــا تونـــس الوطن السعيــــــــد»‬

‫الدفاع‬ ‫‪32‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫اجليشالوطين‪...‬‬ ‫واحلربعلىاإلرهاب‬

‫العميد بالبحرية عثمان الكوكي‬

‫إن املتأمل في تاريخ الشعوب واألمم وتتالي احلضارات يق ّر بدور القوات املسلحة في قيام أو اندثار هذه‬ ‫الشعوب واألمم حيث كانت الفاعل الفيصل في ذلك‪ .‬كما أن العصر احلديث يشهد بأن القوة العسكرية‬ ‫ّ‬ ‫والضامن حلرمة ترابها‪ .‬وعلى غرار بقية اجليوش‪ ،‬أثبت اجليش التونسي‬ ‫هي احمل ّدد الستقرار الدول وأمنها‬ ‫منذ نشأته أنه الس ّد املنيع ض ّد كل التهديدات الداخلية منها واخلارجية وذلك رغم ما شهده من تهميش‬ ‫لفترة طويلة‪.‬‬ ‫غير أنه وفي الوقت احلاضر ونتيجة لظهور التهديد اإلرهابي‪ ،‬وجب مزيد االعتناء بالقوات املسلحة من‬ ‫حيث الع ّدة والعتاد وذلك باعتماد سياسة استشرافية في مجال الدفاع‪ ،‬واعتماد مقاربة شاملة في‬ ‫ّ‬ ‫باحلل األمني والعسكري الذي يبقى منقوصا في ظل غياب إجراءات‬ ‫احلرب على اإلرهاب وعدم االكتفاء‬ ‫موازية وضرورية ّ‬ ‫متكن من مجابه هذا التهديد بالنجاعة املطلوبة‪.‬‬ ‫حد هذا التاريخ يحظى‬ ‫فمنذ سنة ‪ 1956‬وإلى ّ‬ ‫اجليش الوطني بثقة واحترام وتقدير اجلميع سواء‬ ‫على املستوي الداخلي أو اخلارجي وذلك نتيجة جناح‬ ‫املؤسسة العسكرية في القيام مبهامها في كنف‬ ‫االنضباط والنزاهة والوالء للوطن وال شيء غير‬ ‫الوطن ونكران الذات والعطاء دون حساب‪ .‬وقد جتلى‬ ‫ذلك من خالل مختلف املهام التي ُكلف بها منذ‬ ‫نشأته‪ ،‬كاملهام األممية ومهام التنمية ومراقبة احلدود‬ ‫واملشاركة في عمليات حفظ النظام وكذلك املهام‬ ‫العملياتية‪.‬‬ ‫لقد قام اجليش الوطني بهذه املهام بكل اقتدار‬ ‫ومهنية وحاز على ثقة اجلميع وذلك رغم ما شهده من‬ ‫تهميش طيلة فترة طويلة بسبب عدم الثقة وهاجس‬ ‫اخلوف من املؤسسة العسكرية وفقدان الدولة لرؤية‬ ‫واضحة ونظرة استشراف ّية ملسألة الدفاع الوطني‪.‬‬ ‫وكنتيجة لذلك اتسمت وضعية اجليش الوطني‬ ‫بضعف التجهيز ونقص املوارد البشرية وتر ّدي ظروف‬ ‫العمل والعيش بالوحدات وضعف اإلحاطة باملعنويات‬ ‫واخلدمات االجتماعية للعسكريني‪.‬‬ ‫وسادت فكرة أن اجليش الوطني مؤسسة مستهلكة‬

‫ملوارد الدولة وميكن االستغناء عن خدماتها‪ .‬وبقيت‬ ‫القوات املسلحة التونسية األصغر حجما من حيث‬ ‫التسليح واألفراد باعتبار عددها مقارنة مبثيالتها في‬ ‫العالم‪.‬‬ ‫املؤسسة العسكرية منغلقة على‬ ‫كما بقيت‬ ‫ّ‬ ‫نفسها وال تظهر إال من خالل التدخل جملابهة الكوارث‬ ‫الطبيعية وغيرها من املهام الثانوية التي كادت أن‬ ‫حتجب املهمة األساسية النبيلة التي مت إحداثها من‬ ‫أجلها وهي الدفاع عن حرمة الوطن وحماية حدوده‪.‬‬ ‫وبالرغم من كل هذه التحديات ّ‬ ‫متكن اجليش الوطني‬ ‫التعهد باقتدار‬ ‫بفضل إطاراته وجميع منتسبيه من‬ ‫ّ‬ ‫ومت ّيز بجميع املهام الرئيسية منها والثانوية التي‬ ‫ك ّلف بها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولعل من أهم أسباب هذا النجاح هي استثمار‬ ‫ّ‬ ‫والتفطن‬ ‫املؤسسة العسكرية في العنصر البشري‬ ‫ّ‬ ‫إلى أهميته صلبها فعملت على ترسيخ روح‬ ‫االنضباط لديه ونكران الذات وتطوير أساليب التدريب‬ ‫والتكوين ومواكبة التطورات في اجملال العسكري‪.‬‬ ‫لقد اتضح على مدار التاريخ أن القوات املسلحة‬ ‫صمام األمان والدرع الواقي ضد كل‬ ‫في كل بلد هي ّ‬ ‫التهديدات واملطامع سواء الداخلية أو اخلارجية‪.‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪33‬‬


‫ﻳﯾﺒﻘﻰ ﺍاﻟﺠﻴﯿﺶ ﺍاﻟﻮﻁطﻨﻲ ﻣﻦ ﺃأﻫﮬﮪھﻢ ﺩدﻋﺎﺋﻢ ﺣﻤﺎﻳﯾﺔ ﻣﺆ ّﺳﺴﺎﺕت ﺍاﻟﺪﻭوﻟﺔ‪ .‬‬

‫وقد أثبت الوضع في بالدنا أن القوات املسلحة‬ ‫سدا منيعا وحجر الزاوية في الدفاع عن حرمة‬ ‫تبقى ّ‬ ‫الوطن وصونه ضد كل التهديدات‪ ،‬ولعل أحداث‬ ‫‪ 1978‬وأحداث الثورة سنة ‪ 2011‬وتصاعد التهديدات‬ ‫اإلرهابية‪ ،‬خير مثال على ذلك‪ ،‬حيث كان اجليش‬ ‫الوطني من أهم الركائز إن لم نقل الركيزة الوحيدة‬ ‫التي بفضلها أمكن احملافظة على مؤسسات الدولة‬ ‫ومكتسباتها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولعل ذلك يج ّرني للجزم بوجوب العمل على‬ ‫العدة والعديد‬ ‫االعتناء بالقوات املسلحة من حيث‬ ‫ّ‬ ‫بصفة متواصلة لتكون جاهزة وعمليات ّية في جميع‬ ‫األوقات وعدم ربطها بظهور األزمات‪.‬‬ ‫إالّ أنه وبتغ ّير التهديدات وتنامي ظاهرة اإلرهاب‬ ‫خالل السنوات األخيرة وتفاقمها بعد الثورة‪ ،‬برزت‬ ‫إلى العيان نقاط ضعف على أكثر من مستوى وجب‬ ‫التعامل معها حتى تصبح املؤسسة العسكرية‬ ‫التحديات‪.‬‬ ‫مواكبة ومالئمة لهذه‬ ‫ّ‬ ‫وفعال فقد مت خالل السنوات األخيرة تخصيص مزيد‬ ‫من املوارد املالية لتمويل وتسليح القوات املسلحة‬ ‫مبعدات وجتهيزات تتالءم مع هذه النوعية من احلروب‬ ‫غير التقليدية كما مت تدريب وتكوين األفراد باالستعانة‬ ‫بالدول الصديقة والشقيقة وخاصة منها التي لها‬ ‫جتارب في مجال مقاومة اإلرهاب حتى تصبح قادرة‬ ‫على مجابهة هذه التهديدات‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪34‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫ّ‬ ‫املعقدة‬ ‫وخاصيته‬ ‫إن بروز التهديد اإلرهابي ببالدنا‬ ‫ّ‬ ‫وصعوبة التعامل معه‪ ،‬جعل القوات املسلحة من‬ ‫املؤسسات التي جتابه هذا التهديد إلى جانب‬ ‫أهم‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسة األمنية‪ .‬ورغم النجاحات التي مت حتقيقها‬ ‫على جميع املستويات للتخفيف من خطر هذا‬ ‫التهديد‪ ،‬ونظرا لألوضاع الداخلية وكذلك اإلقليمية‬ ‫ّ‬ ‫يشكل أحد‬ ‫والعاملية‪ ،‬سيظل التهديد اإلرهابي‬ ‫التحديات واخملاطر على بالدنا لفترة زمنية غير قصيرة‪.‬‬ ‫لقد اتضح أن التعامل مع ظاهرة اإلرهاب من‬ ‫منظور أمني وعسكري فحسب قد ال يكون كافيا‬ ‫للقضاء عليه‪ ،‬لذا وجب تظافر كل اجلهود ومرافقة‬ ‫اجملهود العسكري واألمني في مكافحة اإلرهاب‬ ‫بإجراءات موازية حيث أن هذه املقاربة التي تعتمد‬ ‫ّ‬ ‫احلل األمني ميكن أن تطيل هذه احلرب في ظل غياب‬ ‫سياسة تتظافر فيها جهود جميع مؤسسات الدولة‪.‬‬ ‫إن العمليات اإلرهابية لها تأثيرها العميق والسلبي‬ ‫ّ‬ ‫ولعل‬ ‫على األوضاع االقتصادية واالجتماعية بالبالد‬ ‫العمليات اإلرهابية االنفرادية التي شهدتها بالدنا‬ ‫خالل سنة ‪ 2015‬أبلغ مثال على ذلك‪ ،‬لذلك فإن‬ ‫املقاربة الشاملة للتصدي لهذا التهديد من شأنه أن‬ ‫يجنب بالدنا ش ّر هذه العمليات‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى وجب التأكيد على أن التهديد‬ ‫اإلرهابي ببالدنا لم ينته وأنه ال يزال ميثل خطرا على‬ ‫األمن واالستقرار‪ .‬إن االنشغال في الوقت الراهن أكثر‬ ‫فأكثر بالتحديات االقتصادية واالجتماعية واملسائل‬ ‫السياسية التي تشغل حيزا هاما من تفكير املواطن‪،‬‬ ‫ال يجب أن يلهينا عن جدية وخطورة التهديد اإلرهابي‪،‬‬ ‫إذ أنه دون أمن ال ميكن حتقيق أي استقرار أو تقدم أو‬ ‫ازدهار اقتصادي أو اجتماعي‪.‬‬ ‫إن اإلشارة إلى هذا املعطى مر ّده اخلشية من اعتماد‬ ‫املؤسستني‬ ‫توجه مع مرور الوقت‪ ،‬يرتكز على مجهود‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العسكرية واألمنية فحسب في مجابهة هذا‬ ‫التهديد‪ ،‬باعتباره غير كاف ومنقوص لدحر هذا اخلطر‪،‬‬ ‫علما وأن اجليش الوطني من واجبه وصلب مهامه‬ ‫حماية املكتسبات الوطنية واحملافظة عليها ويعت ّز‬ ‫ويفخر بذلك‪.‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫إذا فإن من أهم ما وجب اعتماده في الغرض لدعم‬ ‫وتعزيز مجهود القوات املسلحة والقوات األمنية في‬ ‫مجابهة التهديد اإلرهابي ما يلي ‪:‬‬ ‫املؤسسة العسكرية واعتماد نظرة‬ ‫• مواصلة دعم‬ ‫ّ‬ ‫استشرافية في االعتناء بالقوات املسلحة من حيث‬ ‫العتاد والعديد وعدم اعتماد مقاربة مناسبت ّية كما‬ ‫كان يعتمد في السابق‪ ،‬إذ أن املؤسسة العسكرية‬ ‫ضد أي تهديد داخلي أو‬ ‫صمام األمان األساسي ّ‬ ‫هي ّ‬ ‫خارجي‪ ،‬ودونها سوف تتأثر سلبا بقية أجهزة الدولة‪.‬‬ ‫ووجب في هذا اجملال مواصلة اجلهد في مجال التصنيع‬ ‫العسكري احمل ّلي الذي سيكون من أهم الركائز‬ ‫ّ‬ ‫التمشي من‬ ‫لتدعيم قدرات اجليش الوطني ملا لهذا‬ ‫إيجابيات على أكثر من صعيد‪.‬‬ ‫• اعتبار التهديد اإلرهابي تهديدا وجوديا وخطيرا‬ ‫ميكن أن يق ّوض أركان الدولة‪ ،‬ووجب التعامل معه‬ ‫يهدد استقرار وأمن البالد بالنظر‬ ‫باعتباره ال يزال‬ ‫ّ‬ ‫لألوضاع الداخلية واإلقليمية والدولية السائدة‪.‬‬ ‫• انخراط جميع مكونات الدولة ذات الصلة في‬ ‫املؤسستني‬ ‫احلرب على اإلرهاب وعدم التعويل على‬ ‫ّ‬ ‫العسكرية واألمنية فحسب‪.‬‬ ‫• مزيد االعتناء بجرحى العمليات اإلرهابية واعتبار‬ ‫الشهداء أبطاال والتعريف بهم وذلك بتسمية بعض‬ ‫املؤسسات كاملدارس واألنهج وغيرها من املنشآت‬ ‫ّ‬ ‫بأسمائهم‪ .‬وهذا من شأنه أن يكون حافزا لغيرهم‬ ‫للذود عن الوطن دون حساب‪.‬‬ ‫•مزيد انخراط وزارة التربية في هذا اجملهود لتذكية‬ ‫احلس الوطني لدى الناشئة وحماية الوطن وإشاعة‬ ‫قيم التطوع والتضامن والتضحية‪ ،‬وميكن أن تسهم‬ ‫وزارة الدفاع الوطني في هذا اجملهود‪.‬‬ ‫• االعتناء باجلانب اإلستخباراتي في احلرب على‬ ‫اإلرهاب ملا له من أهمية قصوى في مثل هذه احلروب‬ ‫غير التقليدية‪ ،‬وذلك بتوفير اإلمكانيات املادية‬ ‫املؤسستني العسكرية واألمنية‬ ‫والبشرية لكل من‬ ‫ّ‬ ‫مع التأكيد على إفراد اجلانب السيبرني األهمية‬ ‫الالزمة ملا أصبح يلعبه من دور كبير لدى اجملموعات‬ ‫اإلرهابية خاصة بعد هزميتها بالعراق وسوريا‪.‬‬ ‫• العمل على جتفيف منابع متويل اجملموعات‬ ‫اإلرهابية‪ ،‬وذلك على أكثر من نطاق مبا فيها مراقبة‬

‫عمل بعض اجلمعيات حتى ال حتيد عن مهامها‬ ‫األساسية وتصبح املم ّول الرئيسي لإلرهاب‪.‬‬ ‫• العمل على إعطاء اجلانب الثقافي بأبعاده اخملتلفة‪،‬‬ ‫الرياضية منها والتربوية والكشفية وغيرها‪،...‬‬ ‫األهمية الالزمة ومزيد االستثمار فيه ملا لذلك من‬ ‫تأثير إيجابي في صقل مواهب الشباب وإبعادهم عن‬ ‫خطر التط ّرف والدمغجة والتجنيد التي تعتمدها‬ ‫اجملموعات اإلرهابية‪.‬‬ ‫ما ميكن التأكيد عليه في اخلتام أن اجليش الوطني‬ ‫يبقى من أهم الركائز التي حتافظ على استقرار وأمن‬ ‫البالد وقد جت ّلى ذلك في أكثر من مناسبة‪ ،‬إذا وجب‬ ‫التعامل معه من هذا املنظور وعدم اعتماد نظرة‬ ‫ض ّيقة ال تأخذ في احلسبان إال األزمات احلينية‪ .‬وقد‬ ‫أثبتت األحداث وتاريخ الشعوب والدول أنه دون ق ّوة‬ ‫رادعة (‪ )dissuasive‬تر ّد األعداء عن مقاصدهم‪ ،‬تكثر‬ ‫األطماع سواء من الداخل أو من اخلارج ما يجعل حرمة‬ ‫مهددة‪.‬‬ ‫ودميومة الدولة‬ ‫ّ‬ ‫إن اعتماد مقاربة استشرافية في مجال الدفاع‬ ‫تأخذ بعني االعتبار هذا املعطى الهام‪ ،‬سيكون أحسن‬ ‫ضامن لترهيب األعداء‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى وجب العمل على إرفاق اجملهود‬ ‫العسكري واألمني بإجراءات موازية على أكثر من‬ ‫صعيد إلجناح احلرب على اإلرهاب ملا لهذه اآلفة من‬ ‫ّ‬ ‫التخفي واملقاومة وخطورتها في اإلضرار‬ ‫قدرة على‬ ‫ومؤسساتها كلما أتيحت لها‬ ‫مبق ّومات الدولة‬ ‫ّ‬ ‫الفرصة‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫ﺍاﻟﺤﺮﺏب ﻋﻠﻰ ﺍاﻹﺭرﻫﮬﮪھﺎﺏب ﻳﯾﻤﻜﻦ ﺃأﻥن ﺗﻄﻮﻝل ﻓﻲ ﻅظﻞ ﻏﻴﯿﺎﺏب ‪ ‬‬ ‫ﺇإﺟﺮﺍاءﺍاﺕت ﻣﺮﺍاﻓﻘﺔ ﻟﻤﺠﻬﮭﻮﺩد ﺍاﻟﻘﻮﺍاﺕت ﺍاﻟﻌﺴﻜﺮﻳﯾﺔ ﻭوﺍاﻷﻣﻨﻴﯿﺔ‪.‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪35‬‬


‫اجليش يحمي مناطق اإلنتاج‬

‫صاحب قرار رئيس اجلمهورية القائد األعلى للقوات‬ ‫َ‬ ‫املس ّلحة السيد باجي قايد السبسى املتمثل في‬ ‫تكليف اجليش بحماية مناطق اإلنتاج في البالد‬ ‫عديد التساؤالت والتعاليق حول مدى دستورية هذا‬ ‫القرار‪ .‬وما جاء به من مهام جديدة تضاف إلى الدور‬ ‫املعهود للمؤسسة العسكرية واملتمثل في الدفاع‬ ‫عن سالمة حدود الوطن من أي عدوان خارجي أو أي‬ ‫تهديد محتّمل‪.‬‬ ‫ويهدف قرار رئيس اجلمهورية بتولي اجليش حماية‬ ‫مواقع اإلنتاج إلى إنقاذ دورة االقتصاد التونسي خاصة‬ ‫أمام املؤشرات السلبية التي عرفها وما اجن ّر عنها من‬ ‫تراجع فادح في إنتاج الثروات الطبيعية في اجلنوب‬ ‫التونسي‪ .‬إضافة إلى التراجع في التصنيف االئتماني‬

‫املالزم أول حميدة بن أحمد‬

‫لتونس إلى مستوى بي ‪ ،1‬وتسجيل خسائر مادية في‬ ‫عائدات الشركات البترولية قدرت ب‪ 400‬مليون دينار‬ ‫بسبب اعتصام «الكامور» وما رافقه من مظاهرات‬ ‫مطالبة بالتشغيل والتنمية والتوزيع العادل للثروات‬ ‫الطبيعية‪.‬‬ ‫وطبقا للقرار الرئاسي املعلن فان تدخّ ل اجليش‬ ‫الوطني سيكون في ‪ 3‬واليات وهي تطاوين وقبلي‬ ‫وتعد هذه الواليات منبع احلقول البترولية‬ ‫وقابس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأيضا مق ّر الشركات األجنبية املنتصبة في تونس‪.‬‬ ‫فوالية تطاوين مثال تو ّفر حوالي ‪ % 40‬من إنتاج النفط‬ ‫وحوالي ‪ 20‬باملائة من إنتاج الغاز أما والية قبلي تنتج‬ ‫‪ 7‬باملائة من إنتاج النفط والغاز الطبيعي في حني‬ ‫اجملمع الكيميائي املتمركز بقابس ميثل الهيكل‬ ‫أن ّ‬

‫املتخصصة لصالحية أو أهلية‬ ‫‪ - 1‬التصنيف االئتماني ويكيبيديا و»يقصد بالتصنيف االئتماني في علم االقتصاد تقدير بعض الوكاالت التجارية‬ ‫ّ‬ ‫وقدرتها املالية على تسديد ِه‪ ،‬وهي تأخذ في حسابها السجالت اخلاصة بالدولة وتص ّرفها‬ ‫دولة ما للحصول على قروض ومدى ائتمانها على القرض ّ‬ ‫وسلوكها في املاضي بالنسبة إلى قيامها بتسديد ديونها»‪.‬‬ ‫‪ *1‬الدولة العسكرية وخصالها السبع» شريف محمد جابر‪.‬‬ ‫‪ 2‬الفصل األول من الدستور التونسي اجلديد‬

‫الدفاع‬ ‫‪36‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫العمومي املسؤول عن حتويل الفسفاط وتصديره ‪.‬‬ ‫وصف الرافضون لهذا القرار‪ ،‬مبحاولة رئيس‬ ‫اجلمهورية «عسكرة الدولة» ويقصد بعسكرة الدولة‬ ‫أو الدولة العسكرية غياب التداول على السلطة ‪،‬‬ ‫فال مجال الختيار الشعب احل ّر لقيادته السياسية‬ ‫عبر آليات االنتخاب‪ ،‬وال يق ّرر الشعب مصيره بإرادته‪،‬‬ ‫بل تُصادر هذه اإلرادة ويتم توجيه القرار السياسي‬ ‫بنا ًء على إرادة القادة العسكريني املمسكني بزمام‬ ‫السلطة‪ ،‬فتكون السلطة ملن ميلك القوة‪ ،‬وهم عاد ًة‬ ‫اجلنراالت الذين ميلكون السالح‪ ،‬والذي ميلك هذه القوة‬ ‫يحدد طبيعة القرار السياسي‪ ،‬بل‬ ‫«املاد ّية» هو الذي ّ‬ ‫*‪1‬‬ ‫االقتصادي واالجتماعي كذلك ‪ .‬ومن هذا املنطلق‬ ‫يتبي أن مفهوم الدولة العسكرية الذي انبنت عليه‬ ‫ّ‬ ‫تع ّلة الرافضني للقرار غير مقنعة وال صلة لها ال‬ ‫بالواقع احمللي وال بالتشريع التونسي‪ .‬فالفصل األول‬ ‫حدد مفهوم وطبيعة الدولة التونسية‬ ‫من الدستور ّ‬ ‫ونص على عدم تعديل هذا الفصل «فتونس دولة‬ ‫بل ّ‬ ‫ح ّرة‪ ،‬مستق ّلة‪ ،‬ذات سيادة‪ ،‬اإلسالم دينها‪ ،‬والعربية‬ ‫لغتها‪ ،‬واجلمهورية نظامها ‪ .2‬وتناسى الرافضون‬ ‫لقرار رئيس اجلمهورية بل ضربوا بعرض احلائط كل‬ ‫القوانني التي تخ ّول للمؤسسة العسكرية إمكانية‬ ‫عدة مجاالت‪ ،‬متجاهلني‬ ‫دعم املؤسسات املدنية في ّ‬ ‫الدور الذي لعبه اجليش الوطني في إحياء «مشروع‬ ‫تنمية رجيم معتوق» في اجلنوب التونسي‪ .‬والذي‬ ‫ح ّول الصحراء القاحلة إلى واحات خضراء‪ ،‬وذلك‬ ‫بشهادة كل من زار هذه املنطقة‪ .‬وهو ما أشاد به عضو‬ ‫مجلس الشيوخ األمريكي ‪ DELACTO‬أثناء زيارة أ ّداها‬ ‫إلى واحة رجيم معتوق‪ ،‬حيث ص ّرح «في حني تتسابق‬ ‫اجليوش في مختلف أنحاء العالم إلى التس ّلح وحتلم‬ ‫بتحقيق انتصارات على أعداء حقيقيني أو خياليني‬ ‫ّ‬ ‫يحقق اجليش التونسي انتصارات ساحقة على‬ ‫الصحراء»‪.‬‬ ‫‪ -1‬الدولة العسكرية وخصالها السبع شريف‬ ‫محمد جابر‪.‬‬ ‫‪ -2‬الفصل األول من الدستور التونسي اجلديد‬ ‫ولم تقتصر اآلراء الرافضة لهذا القرار بوصفه‬ ‫«محاولة لعسكرة الدولة» فحسب‪ -،‬بل تط ّورت‬

‫املواقف وطالب أصحابها بسحبه معتبرينه قانون‬ ‫مسا من مدنية الدولة التي‬ ‫طوارئ‪ ،‬وتنفيذه مي ّثل ّ‬ ‫وقع التنصيص عليها في الفصل األول من الدستور‬ ‫التونسي اجلديد‪.‬‬ ‫في حني أن القرار القاضي بحماية مناطق إنتاج‬ ‫الثروات الطبيعية الذي أعلنه رئيس اجلمهورية بعد‬ ‫مداوالت اجتماع مجلس األمن القومي‪ ،‬ينبني على‬ ‫أكثر من سند تشريعي (الفصل‪ 80‬والفصل ‪ 18‬من‬ ‫الدستور اجلديد)‪ .‬عالوة على أن القرار الرئاسي املعلن‬ ‫لم يستند فقط إلى النصوص التشريعية املذكورة‬ ‫تدعم بنص قانوني مت ّثل في األمر الرئاسي عدد ‪90‬‬ ‫بل ّ‬ ‫لسنة ‪ 2017‬املؤرخ في ‪ 3‬جويلية والذي ّ‬ ‫ينظم طرق‬ ‫تدخّ ل اجليش واملناطق املعنية باحلماية‪.‬‬ ‫وجاء القرار املتع ّلق بتكليف اجليش بحماية‬ ‫مناطق اإلنتاج في البالد واملعلن عنه في خطاب‬ ‫موجه إلى الشعب التونسي يوم ‪ 17‬ماي ‪ 2017‬في‬ ‫ّ‬ ‫إطار ممارسة رئيس اجلمهورية القائد األعلى للقوات‬ ‫املسلحة لصالحياته‪ .‬فوفق الدستور ميكن لرئيس‬ ‫الدولة أن يعلن عن إجراءات استثنائية حلماية البالد‬ ‫وضمان استقرارها‪ .‬ويذكر أن مناطق اإلنتاج في‬ ‫اجلنوب شهدت في تلك الفترة ّ‬ ‫تعطال كبيرا بسبب‬ ‫االحتجاجات والتظاهرات اليومية وهو ما دعا رئيس‬ ‫اجلمهورية إلى اتخاذ هذا القرار‪ .‬وبالرجوع إلى الدستور‬ ‫التونسي الصادر سنة ‪ 2014‬وحتديدا في الفصل عدد‬ ‫‪ 80‬الذي ينص أنه «ميكن للرئيس وهو القائد األعلى‬ ‫مهدد لكيان‬ ‫للقوات املس ّلحة في حالة خطر داهم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتعذر معه السير‬ ‫الوطن أو أمن البالد أو استقاللها‪،‬‬ ‫العادي لدواليب الدولة‪ ،‬أن يتّخذ التدابير التي حتتّمها‬ ‫تلك احلالة االستثنائية‪ ،‬وذلك بعد استشارة رئيس‬ ‫احلكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعالم رئيس‬ ‫احملكمة الدستورية‪ ،‬ويُعلِ ُن عن التدابير في بيان إلى‬ ‫الشعب» ‪.1‬‬ ‫كما نالحظ أن املش ّرع التونسي في الفصل ‪ 18‬من‬ ‫نص صراحة‬ ‫الباب األول «املبادئ العامة من الدستور» ّ‬ ‫على دعم اجليش للسلطات املدنية «اجليش الوطني‬ ‫جيش جمهوري وهو قوة عسكرية مس ّلحة قائمة‬ ‫ّ‬ ‫ومنظمة هيكليا طبق القانون‪،‬‬ ‫على االنضباط‪ ،‬مؤ ّلفة‬

‫الدستور التونسي‪.‬‬ ‫‪ - 1‬الفصل ‪ 80‬من ّ‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪37‬‬


‫ويضطلع بواجب الدفاع عن الوطن واستقالله ووحدة‬ ‫ترابه‪ ،‬وهو ملزم باحلياد التام‪ .‬ويدعم اجليش الوطني‬ ‫‪.2‬‬ ‫السلطات املدنية وفق ما يضبطه القانون»‬ ‫وبناء على الفصلني الدستوريني ( الفصل ‪80‬‬ ‫والفصل‪ )18‬صدر األمر الرئاسي عدد‪ 90‬املتع ّلق بإعالن‬ ‫مواقع اإلنتاج واملنشآت احلساسة واحليوية مناطق‬ ‫محجرة بتاريخ ‪ 03‬جويلية ‪ 2017‬ويتكون‬ ‫عسكرية‬ ‫ّ‬ ‫هذا النص القانوني من عشرة (‪ )10‬فصول شملت‬ ‫مختلف تفاصيل القرار (من حتديد للمناطق املعنية‬ ‫باحلماية إلى طرق تدخل التشكيالت العسكرية‬ ‫لتأمني مواقع االنتاج‪)...‬‬ ‫وأشار الفصل الثاني من األمر الرئاسي إلى أنه‬ ‫«تضبط مواقع اإلنتاج واملنشآت احلساسة واحليوية‬ ‫محجرة‪ ،‬وإحداثياتها بقرار‬ ‫املعلنة مناطق عسكرية‬ ‫ّ‬ ‫من وزير الدفاع الوطني والوزير املعني‪ ،‬بعد أخذ رأي‬ ‫‪3‬‬ ‫مجلس األمن القومي‪».‬‬ ‫وعلى ضوء الفصل الثاني من األمر الرئاسي عدد ‪90‬‬ ‫لسنة ‪ 2017‬متّ ضبط قائمة مواقع اإلنتاج واملنشآت‬ ‫محجرة‬ ‫احلساسة واحليوية املعلنة مناطق عسكرية‬ ‫ّ‬ ‫وحتديد إحداثياتها‪ ،‬وذلك بصدور قرار وزير الدفاع‬ ‫الوطني ووزير الطاقة واملناجم والطاقات املتجددة‬

‫‪4‬‬

‫مؤ ّرخ في ‪ 27‬نوفمبر ‪ 2017‬في الرائد الرسمي‪،‬‬ ‫وتشمل القائمة عشرة (‪ )10‬مواقع إنتاج متمركزة‬ ‫بثالث واليات هي قابس وقبلي وتطاوين وتخضع هذه‬ ‫القائمة إلى التحيني كلما اقتضى األمر ذلك‪.‬‬ ‫حدد‬ ‫وإلى جانب ضبط قائمة مواقع اإلنتاج ّ‬ ‫الفصل الثالث من األمر الرئاسي طرق تدخّ ل اجليش‬ ‫حلماية مناطق اإلنتاج معتمدا في ذلك على التد ّرج‬ ‫في استعمال القوة‪ ،‬معتبرا أن كل شخص يتواجد‬ ‫احملجرة مطالب باالمتثال‬ ‫مبحيط املناطق العسكرية ّ‬ ‫إلى أوامر التوقف والتفتيش الصادرة عن التشكيلة‬ ‫العسكرية املكلفة بحماية مواقع اإلنتاج‪.‬‬ ‫كما ش ّرع الفصل اخلامس من األمر عدد ‪90‬‬ ‫للتشكيالت العسكرية العاملة باملكان‪ ،‬التعامل‬ ‫يتعمد إيقاف عمليات اإلنتاج مع‬ ‫بصرامة مع كل من‬ ‫ّ‬ ‫التعدي‬ ‫احترام حق االحتجاج السلمي والشرعي دون‬ ‫ّ‬ ‫على املنشآت احليوية أو املساهمة في إيقاف عملية‬ ‫اإلنتاج‪.‬‬ ‫وحسب ما ينص عليه الفصل اخلامس «يخ ّول‬ ‫للتشكيالت العسكرية املك ّلفة بحماية املناطق‬ ‫احملجرة وتأمينها اللجوء الستعمال كل‬ ‫العسكرية‬ ‫ّ‬ ‫لصد كل اعتداء أو هجوم يستهدف‬ ‫الوسائل املتاحة‪،‬‬ ‫ّ‬

‫‪ - 2‬الفصل ‪ 18‬من الدستور التونسي‬ ‫محجرة بتاريخ ‪03‬‬ ‫‪ - 3‬الرائد الرسمي‪ :‬نص األمر الرئاسي عدد‪ 90‬املتع ّلق بإعالن مواقع اإلنتاج واملنشآت احلساسة واحليوية مناطق عسكرية‬ ‫ّ‬ ‫جويلية‪.2017‬‬ ‫‪ - 4‬الرائد الرسمي‪ :‬نص قرار وزير الدفاع الوطني ووزير الطاقة املناجم والطاقات املتجددة مؤ ّرخ في ‪ 27‬نوفمبر ‪2017‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪38‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫األفراد أو املنشأة مبا في ذلك مقاومة أعمال التخريب‬ ‫ومحاولة الدخول بالقوة» ‪.1‬‬ ‫وبالتالي فالنظام العسكري أو عسكرة الدولة‬ ‫مفهوم ال يتماشى‪ .‬كما أن التخوف من تقلص احلريات‬ ‫أو اضمحاللها بسبب هذا القرار أمر يثير االستغراب‬ ‫لعدة أسباب أهمها أن اجليش التونسي الذي سيتولى‬ ‫حماية مناطق اإلنتاج ال يقوم باملهمة املوكلة له‬ ‫دون االحتكام إلى القانون وقد عرفت املؤسسة‬ ‫العسكرية بانضباطها واحترامها للقوانني و ما الدور‬ ‫الذي لعبه اجليش التونسي إبان ثورة ‪ 14‬جانفي ‪2011‬‬ ‫إال خير دليل على هذا القول فقد ساهم في مختلف‬ ‫محطات االنتقال الدميقراطي بكل حيادية‪.‬‬ ‫ومن هذا املنطلق‪ ،‬لم تعد تقتصر مهمة األمن‬ ‫تعدت ذلك‬ ‫القومي على األمور العسكرية فقط‪ ،‬بل ّ‬ ‫تهدد‬ ‫احملدقة التي‬ ‫لتشمل مواجهة كل األخطار‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وجود الدولة واستقرار اجملتمع في مختلف اجملاالت‬ ‫سواء االقتصادية أو االجتماعية أو غيرها‪ .‬واستوعبت‬ ‫معظم الدول هذه النظرية وأصبحت قواتها املسلحة‬ ‫تساهم بشكل مباشر في دعم منوال التنمية‬ ‫الشاملة بطرق مختلفة‪ .‬فسالح املهندسني مثال‬ ‫في اجليش األمريكي يشارك في األنشطة االقتصادية‬ ‫‪ ،‬خاصة املنشآت الكبيرة‪ ،‬سواء داخل الدولة أو‬ ‫خارجها‪ ,‬مثل املواني واملطارات العسكرية واملدنية‬ ‫ويوفر عائدا هاما يستخدم لصالح القوات املس ّلحة‬ ‫‪2‬‬ ‫ولفائدة الدولة‪.‬‬ ‫عما‬ ‫وفي هذا السياق‪ ،‬فإن تونس ليست مبعزل ّ‬ ‫يستجد في كل اجملاالت واملرحلة احلساسة التي‬ ‫ّ‬ ‫مت ّر بها املنطقة تستوجب االعتماد على كل أجهزة‬ ‫الدولة مبا في ذلك القوات املس ّلحة للمشاركة في‬ ‫دعم التنمية‪ .‬فهذه الفترة من تاريخ تونس تتط ّلب‬

‫حتمل املسؤولية واتخاذ‬ ‫من مختلف األطراف‬ ‫ّ‬ ‫قرارات حاسمة وجريئة تُ َف ّعل عبر إصدار القوانني‬ ‫كضمانة تشريعية لتفادي االتهامات واالنتقادات‬ ‫مبختلف أنواعها‪ .‬ومبا أن االقتصاد ركيزة أساسية‬ ‫لضمان استمرارية الدولة وحتقيق النمو واالستقرار‬ ‫االجتماعي فإن القرار الذي اتخذه رئيس اجلمهورية‬ ‫القائد األعلى للقوات املسلحة واملتعلق بإعالن‬ ‫مواقع اإلنتاج واملنشآت احلساسة واحليوية مناطق‬ ‫محجرة يبعث برسائل طمأنة للمستثمر‬ ‫عسكرية‬ ‫ّ‬ ‫التونسي واألجنبي‪ .‬ويعمل على استعادة الثقة في‬ ‫املناخ االقتصادي التونسي‪ ،‬كما أن اتخاذ هذا القرار‬ ‫هو رسالة جدية لكل من تخ ّول له نفسه العبث‬ ‫باملنشآت احليوية وتعطيل مرافق اإلنتاج‬

‫قائمة مواقع اإلنتاج واملنشآت احلساسة‬ ‫ّ‬ ‫محجرة‬ ‫واحليوية املعلنة مناطق عسكرية‬ ‫‪ -1‬صمام العزل ببو احلبال‬ ‫‪ - 2‬مركز املعاجلة بام الشياه‬ ‫‪ - 3‬صمام العزل بالعرقوب‬ ‫‪ - 4‬مركز املعاجلة بالفرانيق‬ ‫‪ - 5‬صمام العزل بالقلعة‬ ‫‪ - 6‬مركز معاجلة وتخزين النفط بباقل‬ ‫‪ - 7‬مركز معاجلة وتخزين النفط بالطرفة‬ ‫‪ - 8‬صمام العزل بالنقطة الكيلومترية ‪631‬‬ ‫‪ - 9‬صمام العزل بالنقطة الكيلومترية ‪597‬‬ ‫‪ - 10‬موقع محطة الضخ بالكامور‬

‫‪ - 1‬الفصل اخلامس من األمر الرئاسي عدد‪.90‬‬ ‫‪ - 2‬الدور االقتصادي للجيوش ‪-‬الدميقرا طية‪2014/02/23 -‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪39‬‬


‫شخصيات في الذاكرة‬ ‫تعلم أسرة مجلة «الدفاع» قرّائها األع ّزاء‪ ،‬أنه بداية من هذا العدد‪ ،‬يضاف ركن قار جديد للمجلة‬ ‫حتت عنوان «شخصيات في الذاكرة» يُعنى بالتعريف باألبطال الذين أجنبتهم هذه األرض الطيبة عبر‬ ‫تاريخها املمتد على ‪ 3000‬سنة وساهموا بشكل أو بآخر في نحت الهوية التونسية وفي بناء هذا الوطن‬ ‫وإشعاعه واستقالله‪ ،‬غايتهم الوحيدة ع ّزة تونس ومناعتها‪.‬‬ ‫وجتدر اإلشارة إلى أن ما سيتضمنه هذا الركن من شخصيات تاريخية تونسية‪ ،‬مدنية أو عسكرية‪،‬‬ ‫نساء أو رجاال‪ ،‬سوف لن يعتمد على مقاييس معينة وال على تدرّج زمني أو فترة تاريخية بعينها ولكن‬ ‫فقط على أساس وحيد يجمع بينهم وهو النضال من أجل تونس وخدمتها وإعالء شأنها بني األمم‪.‬‬ ‫إن الغرض من هذا الركن هو االعتراف باجلميل لهذه النخبة النيّرة من أبناء تونس وتخليدا لذكراهم‬ ‫ومحاولة لتحسيس األجيال الصاعدة بأن ما وصلته تونس اليوم هو نتاج ما قامت به األجيال السابقة‪،‬‬ ‫األبي على م ّر العصور وفي بناء دولته املعاصرة واستكمال‬ ‫كل من موقعه في بلورة هذا الشعب التونسي‬ ‫ّ‬ ‫سيادتها الوطنية لتنعم تونس باحلرية واألمان‪.‬‬

‫من أبطال المقاومة المسلحة التونسية‬ ‫الدغباجي‬ ‫الشهيد محمد ّ‬

‫املق ّدم عبدالعزيز بوڤ ّزي‬

‫الشهيد محمد الدغباجي هو شخصية نضالية ّ‬ ‫خلدها الشعر الشعبي في قصيدة مشهورة غ ّناها‬ ‫الف ّنان الشعبي املرحوم ‘’إسماعيل ّ‬ ‫احلطاب’’ وتداولتها األلسن جيال بعد جيل فحفظها الكبار والصغار‬ ‫ّ‬ ‫يڤصوا في اجلرّة» فما هو مضمون هذه األغنية؟ وما قصة هذا البطل؟ وماذا فعل‬ ‫تعرف بـ «جو خمسة‬ ‫حتى يتغنى به الشعراء؟‬ ‫قبل اإلجابة عن كل هذه األسئلة وغيرها نو ّد أن يطلع القارئ الكرمي على هذه القصيدة ليجد تعريفا‬ ‫ثمة سنع ّرج على‬ ‫لهذه الشخصية التاريخية‪ ،‬ثم سنقوم باستعراض أهم الوقائع التي شارك فيها ومن ّ‬ ‫قدمها هذا الرجل من أجل حترير تونس من جور االستعمار وبطشه‪.‬‬ ‫التضحيات التي ّ‬

‫الدفاع‬ ‫‪40‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫تقول القصيدة‪:‬‬ ‫يڤصــــوا في الــــــــــج ّرة‬ ‫جو خمسة ّ‬

‫ومـــــلك الـــــــموت يراجـــــــــــي‬

‫وحلڤوا مـــولى العركــــه املــــــــــ ّره‬

‫الدغباجـــــــــــــي‬ ‫املشهــــــــــور ّ‬

‫يڤصــــوا في اجلـــــــ ّرة‬ ‫جو خــــمسة ّ‬

‫ومـــــلك الـــــــموت معـــــــــاهم‬

‫رامــــيهــم شــــيطان بشـــــــــ ّره‬

‫عــــــل تبــــــــزيع دماهــــــــــــم‬

‫فرحـــوا يــــحسابوهـــا غــــــــــ ّره‬

‫يتبـــــــــــاشروا مبلقاهـــــــــــــم‬

‫وقــــت إن شبح العيـــــــــن تعــــ ّرى‬

‫ّ‬ ‫تكــــــــوا اخليـــــل ڤداهـــــــــــم‬

‫والدغباجـــــــي فيده حـــــــــــــ ّره‬ ‫ّ‬

‫يسربيلهــم فـــــــي عشـــــــــاهم‬

‫سرجاهـــــــــــــــــا خرجت عل بــ ّرا‬

‫فـــي امللهــــــــاد اخذاهـــــــــــــم‬

‫ذ ّوقهـــــــــم كيســـــــــان املــــ ّره‬

‫مـــــــــوش من القهواجـــــــــــــي‬

‫اخلمسة درجحهم في مـــــــــــــــ ّره‬

‫ال مـــــــــن ر ّوح نـــــــــــــــــــاجي‬

‫فزعـــــــــوا خمســـــه برباعيهـــم‬

‫تيجيبــــــــــــــوا الفالڤــــــــــــه‬

‫ينجيهــــم‬ ‫مخزن مطماطــــــــــــه ّ‬

‫لثرنهـــــــــــــم بنداڤــــــــــــــه‬

‫الكيالنــــــي يتح ّلف فيهـــــــــــــم‬

‫بحاللــــه وطالڤـــــــــــــــــــــــه‬

‫الدالـــــــة الفالڤــــــــــــه منحيهم‬ ‫ّ‬

‫فــــــي واســــــــــع رڤراڤــــــــــه‬

‫حسبــــــــــــوا يلقوا ّ‬ ‫الشايط ليهـم‬

‫مدوهـــــــــــا يــــــــــــــا رفاڤــه‬ ‫ّ‬

‫ضربوا اخلــــمســــه وح ّبوا ايديهــــم‬

‫ز ّفــــــــــــــــوا ّ‬ ‫زف تالڤــــــــــــى‬

‫كذب الوسعه يقصر بيهــــــــــــــــم‬

‫زي هديـــــــــــر الناڤـــــــــــــــــه‬

‫ت ّوان يتالڤــــــــــــــوا يقسيهـــــــم‬

‫بوسربــــــــــــه شلهاڤـــــــــــــه‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪41‬‬


‫ال ّدغباجي‪ :‬األصل والنشأة ضمن األفراد املشاركني مع اجليش اجلهة وتزايد عزمهم في مشاركة‬ ‫الفرنسي الذين أُرسلوا إلى مراكز أشقائهم الليبيني في نضالهم مع‬ ‫واالنضمام للمقاومة‬ ‫الدغباجي احلدود الليبية كتعزيزات خاصة وصول املنشورات التي كانت ترسلها‬ ‫ولد محمد بن صالح ّ‬

‫سنة ‪ 1885‬بوادي الزيتون ـ ‪ 30‬كلم عقب انتصاب االستعمار اإليطالي اإلمبراطورية العثمانية وأملانيا في‬ ‫من بلدة احلامةـ ‪ ،‬وهو ينتمي إلى بليبيا‪.‬‬ ‫فريق اخلرجة ـ إحدى بطون قبيلة‬

‫إطار الدعاية للحرب العاملية األولى‬

‫تسبب هذا االنتشار العسكري ( ‪ 1914‬ـ ‪ )1918‬بهدف خلق جبهة‬

‫بني زيد‪ .‬جنّد قسرا في اجليش الفرنسي اإليطالي في توقف جتارة داخلية ضد فرنسا‪.‬‬ ‫االستعماري الفرنسي سنة ‪ ،1907‬القوافل الصحراوية بني تونس وليبيا‪،‬‬

‫في هذا اإلطار اندلعت ثورة‬

‫وقضى فيه ثالث سنوات‪ ،‬ثم في فتضررت منه خاصة قبائل اجلنوب اجلنوب الشرقي ‪ 1‬وشملت مناطق‬

‫سنة ‪ 1913‬اضط ّر حتت وطأة الشرقي التونسي التي أصبحت شاسعة امتدت من الذهيبة إلى‬ ‫شظف العيش وقساوة احلياة أن في حالة من البؤس والفقر جعلها تطاوين ‪ 2‬رفض خاللها الدغباجي‬ ‫يتطوع في العمل العسكري لتأمني تفكر في الثأر ممن كان وراء ذلك‪ ،‬كما توجيه سالحه نحو بني وطنه وف ّر‬ ‫لقمة العيش له ولعائلته‪ ،‬فكان من قويت املقاومة لدى األهالي بهذه من اجلندية والتحق باملقاومة‪.‬‬

‫‪ 1‬ملزيد اإلطالع عن هذه الثورة‪ ،‬انظر كتاب‪ ،‬منصر (عدنان) والصغير (عميرة عل ّية) املقاومة املسلحة في تونس‪،‬‬ ‫اجلزء األول‪ ،1881 – 1939 ،‬منشورات املعهد العالي لتاريخ تونس املعاصر‪ ،‬سلسلة وثائق ونصوص من تاريخ تونس املعاصر عدد ‪ ،2‬تونس ‪.1997‬‬ ‫‪ 2‬ليسير (فتحي)‪ ،‬جنع ورغمة حتت اإلدارة العسكرية‪ ،1939 – 1881 ،‬أطروحة لنيل شهادة التعمق في البحث‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‬ ‫بتونس‪ ،‬ماي ‪( 1919‬مرقونة)‬

‫الدفاع‬ ‫‪42‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫الوقائع التي شارك فيها إلى‪ 09‬أكتوبر ‪ )1915‬و«معركة شكل أعمال فردية أو مجموعات‬

‫ال ّدغباجي‬

‫نكريف» (‪ 09‬أكتوبر ‪ )1915‬التي قليلة العدد وسريعة احلركة‬

‫جتدر اإلشارة إلى أن الدغباجي إستشهد فيها شيوخ أوالد دباب إستهدفت‬ ‫التحق‬

‫باملقاومة‬

‫الليبية (احلاج سعيد بن عبد اللطيف في‬

‫حتت قيادة خليفه بن عسكر وشقيقه)‪.‬‬ ‫النالوتي وأصبح أحد أعضاده‬

‫أعمال‬

‫الفرنسي‬

‫اجليش‬

‫اشتهر‬

‫بطولية‬

‫فيها خاصة محمد الدغباجي‬

‫على إثر هذه املعارك‪ ،‬عزمت والبشير بن سديرة‬

‫‪3‬‬

‫ومن‬

‫أهمها‪:‬‬ ‫عد ة وقائع ضد فرنسا على القضاء على الثورة‬ ‫ّ‬ ‫وقاتل معه في ّ‬ ‫االستعمار اإليطالي حينا وضد فأحدثت من أجل ذلك «اللواء‬ ‫‪ -‬معركة «جبل بوهدمة»‬

‫االستعمار الفرنسي حينا آخر‪ ،‬الصحراوي لتونس» لضرب أوكار‬

‫وتعد ثورة اجلنوب الشرقي املقاومة واستعملت الطائرات سنة ‪1919‬‬ ‫هذا‬ ‫ّ‬ ‫ معركة «خنقة عيشة»‬‫أو كما عرفت أيضا بثورة بكثافة ضد مواقع الثوار‬ ‫«املرازيڨ» إحدى احملطات الهامة وقراهم‪ ،‬بل عمدت إلى إطالق في الطريق الرابطة بني قابس‬ ‫في النضال املشترك التونسي الرصاص على األسرى حتى جتبر وقفصة في نفس السنة‬ ‫‪ -‬معركة «الزلوزة» يوم ‪1‬‬

‫ـ الليبي خالل احلرب العاملية الثوار على االستسالم وهكذا مت‬

‫األولى‪ ،‬فقد انضمت املقاومة قمع االنتفاضة ولم يفلح الثوار جانفي ‪ 1920‬التي قتل فيها‬ ‫الليبية بقيادة خليفة بن عسكر في صائفة ‪ 1916‬في اقتحام الدغباجي أربعة أعوان من‬ ‫إلى ثوار اجلنوب الشرقي في حتصينات العدو نظرا للتفاوت الديوانة الفرنسية والتي حوكم‬ ‫واقعة «ظهرة النصف» بالقرب في ميزان القوى من ناحية من أجلها الحقا‪.‬‬ ‫ معركة «املغذية» يوم ‪06‬‬‫من الذهيبة والتي دارت يوم ‪ 15‬وطابع االرجتال وعدم التنظيم‬ ‫سبتمبر ‪ 1915‬وهي على ما يبدو احملكم في صفوف الث ّو ار من أفريل ‪ 1920‬التي أُجبر خاللها‬ ‫الواقعة األولى التي شارك فيها ناحية أخرى واِنتهاء ذلك بتخ ّلي الدغباجي على االستسالم غير‬ ‫الدغباجي بعد فراره من اجليش حليفهم األساسي خليفة بن أنه متكن من الفرار مبساعدة‬ ‫عسكر عنهم في جوان ‪.1916‬‬

‫الفرنسي‪،‬‬ ‫كما‬

‫شارك‬

‫الحقا‬

‫في‬

‫أهالي بني زيد اجملندين في اجليش‬

‫إثر القضاء على ثورة اجلنوب الفرنسي الذين أبوا أن يسلموا‬

‫معركة «أم الصويغ» (من ‪ 02‬تواصلت املقاومة املسلحة في ابنهم للمستعمر‪.‬‬ ‫‪ 3‬البشير بن سديرة‪ ،‬ولد سنة ‪ 1892‬في منطقة السند التحق باجلندية في بداية احلرب العاملية األولى وبعد جوالي الشهرين ف ّر بسالحه واستقر‬ ‫الدغباجي واكتسب شهرة كبيرة قتل غدرا سنة ‪1919‬‬ ‫في اجلبال اجملاورة لڤفصة‪ .‬تصادق مع محمد ّ‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪43‬‬


‫معركة «مجاز اجللبانية ‪( »4‬بني ألهله ولوم على الدولة التونسية ماي ‪ 1921‬ليال حكم فيها حضوريا‬‫خداش) يوم ‪ 12‬أفريل ‪ 1920‬التي وعلى عامل أعراض نفسه لعدم على ‪ 12‬مقاوما وغيابيا على ‪12‬‬

‫اشتبك فيها محمد الدغباجي مع تدخلهما إليقاف نزيف الهلع آخرين ومن بينهم الدغباجي‬ ‫وقد تراوحت األحكام بني اإلعدام‬ ‫‪ 10‬أعوان من اخملازنية الذين يعملون والتعذيب املسلط على أهله‪.‬‬ ‫لصالح احلكومة الفرنسية في‬

‫هذا املكتوب املؤرخ في رمضان رميا بالرصاص واألشغال الشاقة‬

‫مكان قريب من ملتقى الطرقات ‪ 1338‬املوافق لــــ ‪ 14‬جوان ‪ 1920‬املؤبدة والسجن ملدة ‪ 5‬سنوات‬ ‫الصحراوية بني بني خداش دوز أحاله العامل إلى الوزير األكبر وشملت هذه األحكام املقاومون‬ ‫ڤرماسة وقتل خاللها ‪ 5‬من اخملازنية محمد الطيب اجللولي وإلى اآلتي ذكرهم‪:‬‬ ‫وهي املعركة التي خ ّلدها الشعر املراقب املدني بڤابس الذي أحاله‬ ‫الشعبي في قصيدة «جو خمسة بدوره إلى اإلقامة العامة واإلدارة‬ ‫يقصو في اجل ّرة»‬

‫األسر واحملاكمة‬

‫* غيابيا باإلعدام على كل من‪:‬‬

‫‪ -‬عمر بن صالح بن عون – محمد‬

‫العسكرية ومتّ على إثره صدور بن صالح الدغباجي – مهذب بن‬

‫‪5‬‬

‫العلي باعتبار كل من محمد عبد اهلل بن سليمان‬ ‫اإلذن‬ ‫ّ‬

‫– بلقاسم بن اللطيف بن عمر‬

‫على إثر واقعة «املغذية» عزمت بن صالح الدغباجي ومصباح بن‬ ‫فرنسا على إلقاء القبض على احلاج عمر الغيلوفي وبلڤاسم مصباح بن احلاج عمر املعروف‬ ‫محمد الدغباجي وذلك بتسليط بن اللطيف اجلماعي ومبروك بن ببربيش‬ ‫– مبروك بن مفتاح بن مبروك‬ ‫جهازها العسكري على أبناء مفتاح دروية من العصاة الفا ّرين‬ ‫قبيلته بني زيد حيث أوقفت العديد ملغادرتهم تراب اإليالة التونسية دروية – مصباح بن علي بن احلاج‬ ‫منهم ومارست عليهم شتى دون ترخيص وجلوئهم إلى غرب نسوري‬ ‫– عمار احلمادي – إبراهيم بن‬ ‫أنواع القمع والتعذيب إلجباره على طرابلس ومنحهم مهلة بشهرين‬

‫فوجه الدغباجي من منفاه قبل افتكاك أمالكهم وبيعها عيسى عوادج‪.‬‬ ‫العودة‪ّ ،‬‬ ‫‪6‬‬ ‫* ‪ 20‬سنة أشغال شاقة مع النفي‬ ‫اإلرادي كتابا إلى عامل األعراض باملزاد العلني‬ ‫وقتئذ محمد بن اخلوجة اعترف‬

‫رغم كل هذه الضغوطات‪ ،‬غيابيا على كل من‪:‬‬

‫الدغباجي تسليم نفسه الفالح بن علي احلبيب مع احلط‬ ‫فيه بفراره ومبكان تواجده «بتراب رفض ّ‬ ‫العزيزية»‪ ،‬كما ذكر فيه أن سبب وبقي غرب طرابلس‪ ،‬فما كان من من الرتبة العسكرية‪.‬‬

‫فراره هو القمع الذي مارسته عليه السلطات الفرنسية إال أن نظمت ‪ -‬فرحات بن ضو بن خليفة الهامل‪.‬‬ ‫السلط الفرنسية وفيه أيضا تبرئة له ولرفاقه محاكمة بتاريخ ‪ - 02‬محمد بن فرج‪.‬‬ ‫‪ 4‬الصوفي (عمار) بني خداش وجيرانها عبر احلركات النضالية (من احلركة التمردية إلى املقاومة اليوسفية) ط‪ 1.‬تونس ‪2001‬‬ ‫‪ 5‬األرشيف الوطني التونسي‪ :‬السلسلة التاريخية ‪ E‬صندوق ‪ 550‬ملف ‪2‬‬ ‫‪ 6‬الرائد الرسمي عدد ‪ 3‬بتاريخ ‪1921-01-08‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪44‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫* احلكم حضوريا باإلعدام على ‪ -‬محمد بن علي بن عبد القادر حكم اإلعدام فيه رميا بالرصاص‬ ‫كل من ‪:‬‬

‫الغيلوفي‬

‫ بلقاسم بن حمادي بن عمر (مع * ‪ 10‬سنوات أشغال شاقة على‪:‬‬‫احلط من الرتبة العسكرية)‬

‫‪ -‬مبروك بن إبراهيم‬

‫ إبراهيم بن حفيظ بن احلاج ضو * ‪ 10‬سنوات أشغال عامة على‪:‬‬‫(مع احلط من الرتبة العسكرية)‬

‫‪ -‬عبد اهلل بن معتوق درزيوي‬

‫بالساحة العمومية باحلامة يوم‬ ‫ّ‬ ‫‪ 01‬مارس ‪.1924‬‬ ‫وأثناء تنفيذ احلكم‪ ،‬برهن‬ ‫البطل الشهيد عن شجاعة نادرة‬ ‫حيث طلب الشهيد أن يرى والدته‬

‫ عامر بن احلاج سالم بن احلاج *‪ 05‬سنوات سجن على‪:‬‬‫التي ق ّبلها بحرارة ورفض وضع‬ ‫ علي بن بلقاسم بن حسني غطاء على عينيه ‪ 7‬كتحد ّ‬‫جللديه‬ ‫عمارة‬ ‫‪ -‬محمد بن عمار بن عمران الشعري (من أجل الفرار)‬

‫ورسالة لشرعية قضيته‪.‬‬

‫إيقاف الدغباجي وتنفيذ‬ ‫اجلمايعي‬ ‫ حسن بن عبد الرحمان بن أحمد احلكم‬‫يسجل في دفتر احلالة املدنية‬ ‫استشهد‬

‫اجلمايعي‬

‫الدغباجي‬

‫ولم‬

‫سنة ‪ 1922‬قبضت السلطات للوفيات‪ ،‬إذ جند وثيقة باألرشيف‬

‫* احلكم باألشغال الشاقة املؤبدة اإليطالية على الدغباجي وسلمته الوطني التونسي مؤرخة يوم‬ ‫حُ ضوريا على كل من‪:‬‬

‫إلى السلطات الفرنسية أين وصل ‪ 6‬ديسمبر ‪ 1966‬هي عبارة عن‬

‫ عمار بن عمر بن صالح باألدرة (مع إلى ڤابس يوم ‪ 06‬جويلية ‪ 1922‬مراسلة إدارية من كاتب الدولة‬‫احلط من الرتبة العسكرية)‬

‫وأسند له رقم ‪ 6525‬ثم نقل إلى للرئاسة إلى كاتب الدولة للداخلية‬

‫ جمعة بن بلقاسم بن جمعة (مع تونس يوم ‪ 10‬جويلية ‪ 1922‬وفي يطلب فيها تاريخ وفاة الدغباجي‬‫احلط من الرتبة العسكرية)‬

‫‪ 05‬سبتمبر ‪ 1923‬طلب اجمللس فكانت اإلجابة أنه لم يسجل‬

‫‪ -‬محمد كركب بن عل ّية‬

‫احلربي البطاقة عدد ‪ 2‬للدغباجي بدفاتر احلالة املدنية للوفيات‬

‫* ‪ 20‬سنة أشغال شاقة على‪:‬‬

‫وبقى سجينا إلى حني تنفيذ‬

‫املراجع‪:‬‬ ‫ منصر (عدنان) والصغير (عميرة علية) املقاومة املسلحة في تونس‪ ،‬اجلزء األول (‪ ،)1881-1939‬منشورات‬‫املعهد العالي لتاريخ تونس املعاصر‪ ،‬سلسلة وثائق ونصوص من تاريخ تونس املعاصر عدد ‪ ، 02‬تونس ‪1997‬‬ ‫ السوفي (عمار) بني خداش وجيرانها عبر احلركات النضالية (من احلركة التمردية إلى املقاومة البوسفية)‬‫ط‪ 1.‬تونس ‪2001‬‬ ‫ جريدة ‪ le petit matin‬بتاريخ ‪ 01‬مارس ‪1924‬‬‫ األرشيف الوطني التونسي = السلسلة التاريخية ‪ E‬صندوق ‪ 550‬ملف ‪2‬‬‫ الرائد الرسمي عدد ‪ 3‬بتاريخ ‪1921-01-08‬‬‫‪ 7‬جريد ‪ le petit matin‬بتاريخ ‪ 01‬مارس ‪1924‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪45‬‬


‫اخلرجة البحرية التطبيقية « صيف ‪» 2017‬‬ ‫التلميذ ضابط فهمي الفرجاني‬ ‫التلميذ ضابط عالء الدين الهيص‬ ‫التلميذ ضابط غيث الكوكي‬ ‫يسمى باخلرجة البحرية على منت باخرة‬ ‫تنظم األكادمية البحرية سنويا تربصا تطبيقيا‬ ‫ّ‬ ‫البحوث والتكوين «خير الدين» وذلك في إطار دعم التكوين النظري باألكادميية البحرية مبنزل‬ ‫بورقيبة‪ ،‬وفي شهر جويلية سنة ‪ 2017‬تابع تالمذة السنة الثانية دراسات هندسية بحرية‬ ‫وطنية «دورة العقيد حميدة الفرشيشي» دروسا تطبيقية بالبحر األبيض املتوسط دامت‬ ‫‪ 26‬يوما تخ ّللتها زيارتني إلى مدينة «‪ »split‬بكرواتيا ومدينة « ‪ »Carthagène‬باسبانيا‪.‬‬ ‫وقدرت املسافة التي قطعتها باخرة «خير الدين» خالل فترة التكوين ب ‘‘ ‪ ’’ 3200‬ميال‬ ‫بحريا‪.‬‬

‫انطلقت الباخـــــــــرة‬ ‫«خير الدين» من القاعدة‬ ‫البحرية الرئيسية ببنزرت‬ ‫يوم ‪ 06‬جويلية ‪ 2017‬بطاقم‬ ‫يتك ّون من ‪ 114‬شخصا من‬ ‫بينهم تالمذة ضباط وضباط‬ ‫مؤطرين‪ .‬وقد شارك في هذه‬ ‫اخلرجة البحرية ‪ 06‬تالمذة‬

‫الدفاع‬ ‫‪46‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫ضباط تابعني لبحريات دول‬ ‫شقيقة وصديقة على غرار‬ ‫اجلزائر ‪،‬تركيا‪ ،‬إيطاليا‪ ،‬أملانيا‬ ‫واململكة البريطانية‪.‬‬ ‫مت ّيزت الرحلة بأجــــواء‬ ‫ج ّيدة بفضل مـــــا أظهره‬ ‫طاقم الباخرة من حرفيــــة‬ ‫َّ‬ ‫مكنا من إجناح‬ ‫وانضباط‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫برنامج التدريس والتكوين‬ ‫شمل كافة‬ ‫التطبيقي الذي ِ‬ ‫اجملاالت املُبرمجة وساهم‬ ‫في إثراء الزاد املَعرفي جلميع‬ ‫التالمذة الضباط التونس ِّيني‬ ‫واألجانب‪.‬‬


‫ومتكن املتربصون خالل‬ ‫فترة التكوين من اجناز جملة‬ ‫من التمارين التطبيقية في‬ ‫مجاالت السالمة البحرية‬ ‫(مقاومة احلرائق على اختالف‬ ‫أنواعها و ُمقاومة تس ُّرب‬ ‫املياه وعمليات اإلجالء بزوارق‬ ‫النجدة) ومجاالت املالحة‬ ‫خاصة منها إبحار‬ ‫واملُداورة‬ ‫ّ‬ ‫وإرساء السفينة وإدارة‬ ‫عمليات القتال البحري‬ ‫وآليات التص ّرف في السفينة‬ ‫عند حصول أعطاب طارئة‬ ‫وعمليات إنقاذ الغرقى‪.‬‬ ‫هذا‪ ،‬إضافة إلى التداول‬ ‫املُستمر لكافة التالمذة‬ ‫الض ّباط على النوبات بالبحر‬ ‫بهدف تدعيم وتطبيق‬ ‫املعارف النظرية التي‬ ‫درسوها باألكادميية البحرية‬ ‫ّ‬ ‫كل حسب اختصاصه‪ ،‬وقد‬ ‫أبدى التالمذة إستعدادا‬ ‫ج ّيدا للتع ّلم في ظروف‬ ‫العمل الشا ّقة بالبحر عبر‬ ‫التداول على العمل على‬ ‫مدار الساعة وتأمني نوبات‬ ‫متتد إلى ‪ 04‬ساعات‪ .‬هذا‬ ‫ّ‬ ‫وتدرب التالمذة اختصاص‬ ‫«قيادة سفن وأنظمة بحرية»‬ ‫على قيادة الباخرة واملالحة‬ ‫الساحلية واملالحة التقديرية‬ ‫واملالحة الفلكية التي تُ ّكن‬ ‫من حتديد موقع السفينة‬ ‫عن طريق النّجوم والكواكب‬ ‫بعد التع ّرف عليها‪ ،‬فيما‬

‫سهر ذوي اإلختصاص «طاقة‬ ‫ِ‬ ‫وتقنيات بحرية» على ُحسن‬ ‫سير آالت الطاقة والدفع‬ ‫ومختلف جتهيزات الباخرة‬ ‫والتدخل بنجاعة ك ّلما دعت‬ ‫احلاجة إلى ذلك‪.‬‬ ‫قبل اإلنطالق في النوبات‬ ‫الليلية‪ ،‬يُختتم النشاط‬ ‫النهاري للتالمذة بتقدميهم‬ ‫لعروض تلخـــص النشاط‬ ‫اليومي املُنجز على منت‬ ‫الباخرة وال ِع َبر املُستخلصة‬ ‫من األخطاء املُرتكبة حتى ال‬ ‫يتم تكرارها‪ ،‬إضافة إلى تقدمي‬ ‫عروض باللغة اإلنقليزية‬ ‫تهم‬ ‫عامة‬ ‫حول مواضيع‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫اجلوانب التاريخية واجلغرافية‬ ‫املتعلقة بالبلدان التي زارها‬ ‫املتربصون خالل هذه اخلرجة‬ ‫البحرية‪ ،‬وهو ما ساهم في‬ ‫تثقيف التالمذة وانفتاحهم‬ ‫على دول محيط البحر‬ ‫املتوسط إضافة إلى‬ ‫األبيض‬ ‫ّ‬ ‫اكتسابهم تقنيات ُ‬ ‫املاطبة‬ ‫وحسن استعمال وسائل‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫‪ ‬‬

‫العرض باإلعالمية‪.‬‬ ‫لم يقتصر دور الباخرة‬ ‫«خير الدين» على تكوين‬ ‫التالمذة ض ّباط فقط بل‬ ‫لعبت دورا ديبلوماسيا يُعرف‬ ‫إستراتيجيا «بالديبلوماسية‬ ‫البحرية»‪ ،‬وذلك عندما أرست‬ ‫الباخرة يوم ‪ 12‬جويلية‬ ‫بالقاعدة البحرية العسكرية‬ ‫«‪ »LUKA LORA‬مبدينة‬ ‫«‪ »SPLIT‬الكرواتية‪ ،‬أين متّ‬ ‫لقاء بني العميد بالبحرية‬ ‫آمر األكادميية البحرية‪ ،‬وقائد‬ ‫البحرية الكرواتية أمير اللواء‬ ‫«‪STIPANVC‬‬

‫‪»Predrag‬‬

‫الذي ع ّبر عن رغبته‬ ‫في مزيد دفع التعاون‬ ‫مع البحرية التونسية‪.‬‬ ‫من جانب آخر‪ ،‬أبدت‬ ‫السلطات املدنية (الوالي‬ ‫ورئيسة البلدية) خالل‬ ‫استقبالهما آلمر األكادميية‬ ‫وآمر الباخرة اهتماما‬ ‫كبيرا بهذه الزيارة وعبرا‬ ‫عن رغبتهما في مزيد‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪47‬‬


‫تعزيز التعاون بني البلديْن‬ ‫خاصة في مجال التصنيع‬ ‫ّ‬ ‫العسكري‪ .‬ولقيت هذه‬ ‫الزيارة اهتماما من طرف‬ ‫وسائل اإلعالم الكرواتية‬ ‫متثلت في بث تقرير صحفي‬ ‫خالل النشرة املسائية‬ ‫اإلخبارية إلحدى القنوات‬ ‫التلفزية كما اهتمت املواقع‬ ‫اإلكترونية بتغطية احلدث‪.‬‬ ‫ومن بني األنشطة املُنجزة‬ ‫خالل هذه الزيارة التي‬ ‫تواصلت على مدى ‪ 04‬أ ّيام‪،‬‬ ‫زيارة التالمذة الض ّباط ملركز‬ ‫التكوين البحري الكرواتي‬ ‫أين متّ التع ّرف على تاريخ‬ ‫البحرية الكرواتية‪ ،‬وعلى‬ ‫واملعدات‬ ‫مختلف الوحدات‬ ‫ّ‬ ‫التي تعتمدها‪ ،‬وفي املقابل‪،‬‬ ‫متّ خالل مختلف الزيارات‬ ‫واللقاءات املُنجزة التعريف‬ ‫بخصوصيات البالد التونسية‬ ‫و خاصة في مجال البحرية‪.‬‬ ‫وصباح يوم ‪ 17‬جويلية‬ ‫‪ ،2017‬انطلقت الباخرة في‬ ‫رحلتها البحرية نحو مدينة‬ ‫اإلسبانية‪،‬‬ ‫«قرطاجنّة»‬ ‫التي شملت العبور عبر‬ ‫«مسينا» جنوب‬ ‫مضيقي‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ايطاليا و«‪ »Bonifaccio‬بني‬ ‫جزيرتي «سردينيا» اإليطالية‬ ‫ْ‬ ‫الفرنسية‬ ‫و«كورسيكا»‬ ‫ممّا َّ‬ ‫مكن تالمذة األكادميية‬ ‫البحرية من التم ّرس على‬ ‫املالحة باملياه الض ّيقة التي‬

‫الدفاع‬ ‫‪48‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫تتطلب احلذر الشديد خلطورة‬ ‫املالحة فيها وكثافة مرور‬ ‫السفن مبختلف أنواعها‪.‬‬ ‫كما تضمن برنامج‬ ‫الرحلة التي تواصلت ‪ 08‬أيام‬ ‫غرب البحر األبيض املتوسط‬ ‫من البحر «األدرياتيكي»‬ ‫وصوال إلى بحر «الباليار»‬ ‫عدة متارين‬ ‫شرق إسبانيا ّ‬ ‫ّ‬ ‫مكنت من‬ ‫تطبيقية‬ ‫دعم قدرات التالمذة على‬ ‫التص ّرف بحكمة ورصانة في‬ ‫وضعيات حرجة أخرى على‬ ‫غرار عمليات إخالء طاقم‬ ‫السفينة التي تتطلب‬ ‫إجراءات خصوصية كالقفز‬ ‫في املاء بصفة جماعية‬ ‫وبطريقة سليمة من‬ ‫مستويات مرتفعة لإللتحاق‬ ‫سباحة مبركب النجدة‪.‬‬ ‫وقدم التالمذة الض ّباط‬ ‫ّ‬ ‫عرضا شامال حول تاريخ‬ ‫البالد مبناسبة ذكرى عيد‬ ‫اجلمهورية التونسية ونبذة‬ ‫عن جيش البحر واألكادميية‪.‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫واُخ ُتـ ِتم هذا العرض بأداء‬ ‫النشيد الوطني التونسي‪.‬‬ ‫صباح يوم ‪ 24‬جويلية‬ ‫أرست الباخرة «خير الدين»‬ ‫مبيناء «قرطاجنّة» أين‬ ‫حظي الوفد التونسي‬ ‫بحفاوة كبيرة من طرف‬ ‫السلط العسكرية واملدنية‬ ‫اإلسبانية‪ .‬وبهذه املناسبة‬ ‫متّ تنظيم حفل استقبال‬ ‫على شرف الوفد حيث كانت‬ ‫فرصة للتالمذة للتع ّرف على‬ ‫أسستها‬ ‫هذه املدينة التي ّ‬ ‫قرطاج سنة ‪ 225‬ق‪.‬م‪ .‬على يد‬ ‫صدربعل زمن احلروب البونية‬ ‫بني قرطاج وروما وذلك في‬ ‫التوسع القرطاجي‬ ‫إطار‬ ‫ّ‬ ‫غرب حوض البحر األبيض‬ ‫املتوسط في تلك الفترة‪.‬‬ ‫كما قام التالمذة ض ّباط‬ ‫بزيارة متحف التاريخ البحري‬ ‫اإلسباني‪ ،‬أين متّ التع ّرف على‬ ‫مختلف السفن التي توالت‬ ‫على احلضارة اإلسبانية‪،‬‬ ‫وكذلك زيارة املتحف األثري‬

‫‪ ‬‬


‫للتراث املغمور باملياه الذي‬ ‫يحتوي على منوذج ألقدم‬ ‫سفينة فينيقية عبرت‬ ‫حوالي‬ ‫املتوسط يبلغ طولها‬ ‫ْ‬ ‫‪ 08‬أمتار وقد وقع رفعها من‬ ‫البحر قبالة املدينة‪ .‬كما‬ ‫متّ خالل هذه الزيارة إهداء‬ ‫األكادميية البحرية صورة‬ ‫مجسمة للقصر الضخم‬ ‫ّ‬ ‫الذي ش ّيده «صدربعل» فوق‬ ‫إحدى هضاب املدينة والذي‬ ‫يتم ّيز بشكله ثالثي األضالع‬ ‫الفريد من نوعه في العالم‪.‬‬ ‫كما أن مدينة قرطاجنّة‬ ‫حتي سنويا خالل شهر‬ ‫سبتمبر مهرجان «قرطاج‬

‫أهم‬ ‫وروما»‪ ،‬الذي يُعتبر من ّ‬ ‫التظاهرات الثقافية‪ ،‬حيث‬ ‫يتم خالله جتسيم أهم‬ ‫ّ‬ ‫أحداث احلرب البونية الثانية‬ ‫بني قرطاج وروما على غرار‬ ‫إستعراض عسكري يجوب‬ ‫مختلف شوارع املدينة‬ ‫وي ّثل الق ّوات القرطاجنّية‬ ‫ُ‬ ‫املُتّجهة نحو روما وتشخيص‬ ‫حفل زفاف األميرة اإليبيرية‬ ‫«هيمليس» بالقائد «حنبعل»‬ ‫الذي تز ّوجها ملزيد فرض‬ ‫اإلستقرار باملنطقة والتف ّرغ‬ ‫ضد روما‪.‬‬ ‫حلربه ّ‬ ‫وغادرت الباخرة «خيرالدين»‬ ‫ميناء «قرطاجنّة» يوم ‪28‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫‪ ‬‬

‫جويلية في اجتاه البالد‬ ‫التونسية أين أرست يوم‬ ‫‪ 31‬من نفس الشهر مبيناء‬ ‫القاعدة البحرية ببنزرت‪،‬‬ ‫وتخ ّلل ذلك إجتياز اختبارات‬ ‫شفاهية وتطبيقية لتقييم‬ ‫املستوى التكويني للتالمذة‬ ‫بعد هذه اخلرجة البحرية‪.‬‬ ‫وجتدر اإلشارة في اخلتام إلى أ ّن‬ ‫باخرة البحوث والتكوين «خير‬ ‫الدين» مت ّثل الفضاء األمثل‬ ‫للتكوين التطبيقي بالبحر‬ ‫لفائدة التالمذة الض ّباط نظرا‬ ‫ملا تتميز به من مواصفات‬ ‫تساعد على تقدمي دروس‬ ‫تطبيقية في ظروف مالئمة‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪49‬‬


‫املؤمتر الدولي اخلامس للمجموعة‬ ‫اإلقليميّة العربية ّ‬ ‫للطب العسكري‬

‫تكريس لرؤية جديدة تثمّ ن دور التعاون الدولي‬ ‫في مجال ّ‬ ‫الطب العسكري‬ ‫املالزم أول سارة بن الشاذلي‬ ‫«إن االكتشافات واالجنازات العظيمة حتتاج إلى تعاون الكثير من األيادي»‪ ¹‬مقولة ّ‬ ‫جتسدت في كل‬ ‫فقرات برنامج املؤمترين العربي واملغاربي في دورتهما اخلامسة للطب العسكري في تونس من ‪ 03‬إلى ‪05‬‬ ‫ماي ‪ .2018‬دورة ّ‬ ‫سلطت الضوء على حجم التعاون والتفاعل املشترك بني مختلف ال ّدول األعضاء باجمللس‬ ‫للطب العسكري‪ ²‬وبني مختلف ال ّدول الشقيقة والصديقة في مجال ّ‬ ‫ال ّدولي ّ‬ ‫الطب العسكري من أجل‬ ‫النهوض مبستوى اإلغاثة ّ‬ ‫ّ‬ ‫خاصة في مناطق العمليات العسكريّة إضافة إلى مجابهة الكوارث‪.‬‬ ‫الطبية‬

‫ّ‬ ‫للطب العسكري حتت إشراف سيادة رئيس اجلمهور ّية‬ ‫احتضنت تونس هذا احلدث الهام إميانا منها‬ ‫الص ّحة إضافة‬ ‫برسالته النبيلة‬ ‫وأهمية مثل هذه األنشطة العلم ّية وبحضور الس ّيد عماد احلمامي وزير ّ‬ ‫ّ‬ ‫الد ّولي ّ‬ ‫للطب العسكري و‬ ‫في النّهوض مبستوى الطب العسكري‬ ‫خاصة وأنّه إلى األمني العام للمجلس ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصح ّية حوالي ‪ 450‬مشارك من أط ّباء وأط ّباء أسنان وصيادلة‬ ‫مي ّثل اليوم جزء أساس ّيا من املنظومة ّ‬

‫الوطن ّية هكذا افتتح الس ّيد عبد الكرمي ال ّزبيدي وزير وأط ّباء بياطرة وإطار شبه ط ّبي من عسكريني‬ ‫الدفاع الوطني فعال ّيات املؤمتر العربي واملؤمتر املغاربي ومدنيني من تونس ومن ‪ 18‬دولة شقيقة وصديقة‬ ‫ّ‬ ‫‪ - ¹‬ألكسندر غراهام بيل»‬ ‫‪http://www.cimm-icmm.org - ²‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪50‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫ ‬

‫اجمللس العسكري للطب الدولي‪،‬‬ ‫ﺗﺗﻛون ﻣن أﻛﺛر ﻣن ﻣﺎﺋﺔ‬ ‫ھﻲ‬ ‫هو ﻣﻧظﻣﺔ دوﻟﯾﺔ وﺣﻛوﻣﯾﺔ ّ‬ ‫ﺗﺄﺳﺳت " ‪" ICMM‬ﺳﻧﺔ ‪ 1921‬ﻣن ﻗﺑل‬ ‫دوﻟﺔ‪ّ .‬‬ ‫ﺑﻠﺟﯾﻛﺎ‪،‬اﻟﺑرازﯾل‪،‬إﺳﺑﺎﻧﯾﺎ‪ ،‬اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ وﻓرﻧﺳﺎ‬ ‫وﺑرﯾطﺎﻧﯾﺎ وإﯾطﺎﻟﯾﺎ وﺳوﯾﺳرا‪ .‬وھﻲ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻛﯾﺎن دوﻟﻲ‬ ‫ﻣﺗﺧﺻص ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺋل اﻟطﺑﯾﺔ اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﯾﮭدف إﻟﻰ ﺗﻌزﯾز‬ ‫اﻟﺗﻌﺎون ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺧدﻣﺎت اﻟﺻﺣﯾﺔ ﻟﻠﻘوات اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ ﻓﻲ‬ ‫ﺟﻣﯾﻊ أﻧﺣﺎء اﻟﻌﺎﻟم‪.‬‬ ‫ ‬

‫ّ‬ ‫مؤكدا أ ّن التكوين‬ ‫وهي اجلزائر‪ ،‬املغرب‪ ،‬موريتانيا‪ ،‬األردن‪ ،‬اإلمارات العربية ورعايتهم الصح ّية والنفس ّية‪،‬‬ ‫املتحدة‪ ،‬قطر ‪،‬فلسطني‪ ،‬اململكة العربية السعودية ‪ ،‬الطبي والبحث العلمي هما حجر ال ّزاوية في تطوير‬ ‫لبنان‪ ،‬السودان‪ ،‬تركيا‪ ،‬أملانيا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬بلجيكا‪ ،‬الكنغو‪ ،‬املنظومة الصح ّية العسكر ّية باعتبار مساهمتهما‬ ‫في تطوير املعارف والقدرات العلم ّية لإلطارات الطب ّية‬

‫سريالنكا وروسيا البيضاء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد الس ّيد عبد الكرمي ال ّزبيدي في ذات السياق والشبه الطب ّية العسكر ّية‪.‬‬ ‫أ ّن تونس تولي أهم ّية بالغة للنهوض مبجال ّ‬ ‫حصة عمل و‪ 4‬ندوات شملت ‪83‬‬ ‫الطب وقد متّ إدراج ‪ّ 20‬‬

‫العسكري وحترص على تعزيز عالقات التعاون وتبادل محاضرة و‪ 10‬ورشات تطبيق ّية و‪ 36‬مداخلة حرة‬ ‫األشقاء من البلدان العربية‪ ،‬من أجل إرساء و‪ 258‬مع ّلقة بحث ّية في مجاالت ّ‬ ‫ّ‬ ‫وطب األسنان‬ ‫الطب‬ ‫اخلبرات مع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والطب البيطري وعلوم التّمريض‪ ،‬وذلك‬ ‫والصيدلة‬ ‫منظومة صح ّية عسكر ّية ذات جودة وأكثر جناعة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الدفاع الوطني أن أهم ّية هذا احلدث لضمان محتوى علمي متنوع للمؤمترين إضافة إلى‬ ‫وأشار وزير ّ‬ ‫تبرز من خالل احملاور املدرجة ضمن البرنامج العلمي تخصيص حيز زمني هام لعدد من املواضيع التي‬ ‫الطب العسكري كالتّدخل ّ‬ ‫يختص بها ّ‬ ‫الط ّبي إثر‬ ‫املعتمد‪ ،‬خاصة وأنه يشمل جملة من احملاور‬ ‫ّ‬ ‫األساس ّية تتن ّزل ضمن اختصاصات ّ‬ ‫الطب العسكري إصابات النسف‪ ،‬وإدارة األزمات اإلنسان ّية‪ ،‬وحتديد‬

‫وتندرج ضمن التكوين اإلضافي بعد التكوين العادي‬

‫هو ّيات الضحايا‪ ،‬واالضطرابات النفس ّية بعد‬ ‫الصدمة‪ ،‬باإلضافة إلى حصص في مجاالت ّ‬ ‫الطب‬ ‫ّ‬ ‫وطب ّ‬ ‫الوقائي واجلماعي بالوسط العسكري‪ّ ،‬‬ ‫الطيران‬ ‫واالختبارات ّ‬ ‫ّ‬ ‫للملحني‪.‬‬ ‫الطبية‬

‫ويشمل كذلك كل عمليات اإلغاثة للمتض ّررين‬

‫وس ّلط البرنامج العلمي الضوء على أحدث‬

‫الصحي عند حدوث‬ ‫ومن بينها باخلصوص التدخّ ل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصحي‬ ‫والذي يشمل اإلسناد‬ ‫الكوارث واألزمات‬ ‫ّ‬ ‫بعد انتشار اجليوش في موقع العمل ّيات العسكر ّية‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪51‬‬


‫التطو ّرات العلم ّية والطب ّية والتّقنيات اجلديدة في‬ ‫مجال استبدال الصمام األورطي دون جراحة‪ .‬كما‬ ‫متّت برمجة ورشات تكوين ّية في مجاالت التّدريس‬ ‫عن طريق احملاكاة الطب ّية التي تعتبر ّ‬ ‫الطريقة‬ ‫البيداغوج ّية العصرية في التّكوين امليداني للفرق‬ ‫الطب ّية وحتسني املردود اجلماعي للتّدخّ ل الط ّبي‬

‫امليداني‪ ،‬إضافة إلى تنظيم معرض مت خالله التد ّرب‬ ‫على استغالل جتهيزات ومعدات الوقاية الشخص ّية‬

‫ضد اخملاطر البيولوج ّية‪.‬‬ ‫يجسم‬ ‫وشمل برنامج املؤمترين مترينا ميدانيا‬ ‫ّ‬ ‫صحي إثر هجوم إرهابي مت خالله‬ ‫تنفيذ عمل ّية إسناد ّ‬ ‫الصحي العمل ّياتي مبختلف‬ ‫تفعيل منظومة اإلسناد‬ ‫ّ‬ ‫مستوياتها مع نشر مركز إسعاف وفصيل فرز ميداني‬ ‫صحي باملروح ّية‪.‬‬ ‫وتنفيذ عملية إخالء ّ‬ ‫ّ‬ ‫وأكد الس ّيد عبد الكرمي الزبيدي من جهة أخرى‬ ‫أ ّن وزارة الد ّفاع الوطني سعت إلى تطوير مدارسها‬ ‫الصح ّية العسكر ّية وإعادة تنظيمها لتصبح منذ‬ ‫سنة ‪ 2017‬مدارس جامع ّية معترف بها على الصعيد‬

‫الدفاع‬ ‫‪52‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫والدولي ولها مجالس علم ّية قادرة على‬ ‫الوطني‬ ‫ّ‬ ‫إحداث وحدات ومخابر البحث العلمي بالتّعاون مع‬ ‫وزارة التّعليم العالي والبحث العلمي من جهة ومركز‬ ‫الدفاع الوطني‬ ‫البحوث العسكر ّية التابع لوزارة ّ‬ ‫ّوجهات اجلديدة واملتع ّلقة‬ ‫من جهة أخرى طبقا للت ّ‬ ‫بالتّركيز على اخلصوص ّيات العسكر ّية ودعم وتطوير‬ ‫القدرات الفردية للمقاتل ضمن مواضيع البحوث‪.‬‬ ‫لطب امليدان باالعتماد على‬ ‫كما متّ بعث مركز تدريب‬ ‫ّ‬ ‫احملاكاة‪ ،‬لتطوير التكوين في مجاالت اإلنعاش الط ّبي‬ ‫وطب الكوارث يُخ َو ُل له تسليم شهائد‬ ‫على امليدان‬ ‫ّ‬ ‫علم ّية معترف بها فضال عن إدراج تقنيات التّدريس‬ ‫احلديثة وفقا ملتطلبات املرحلة التي تعيشها بالدنا‬ ‫منذ فترة‪.‬‬ ‫الدولي فقد عملت تونس على‬ ‫الصعيد ّ‬ ‫ّ‬ ‫أما على ّ‬ ‫الدولي للطب‬ ‫مزيد تطوير عالقات التعاون مع اجمللس ّ‬ ‫العسكري وتعزيز أطر ّ‬ ‫الشراكة اإلستراتيج ّية مع‬ ‫الهياكل ّ‬ ‫عدة دول صديقة‬ ‫الطب ّية العسكر ّية في ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصحة‬ ‫منظمة‬ ‫وشقيقة فضال عن تعاونها مع‬ ‫ّ‬ ‫مختصة في إطار شراكة مع وكالة‬ ‫العامل ّية ومعاهد‬ ‫ّ‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫الدولي األملان ّية‪.‬‬ ‫التّعاون ّ‬ ‫ولإلشارة فقد متّت برمجة حفل لرفع العلم وراية‬ ‫الدولي ّ‬ ‫للطب العسكري مبقر اإلدارة العامة‬ ‫اجمللس ّ‬ ‫للصحة العسكر ّية يوم األربعاء ‪ 2‬ماي ‪ 2018‬بإشراف‬ ‫ّ‬ ‫وزير الدفاع الوطني واألمني العام للمجلس الدولي‬ ‫وبحضور بعض رؤساء الوفود العرب ّية واملغارب ّية‬ ‫الدفاع الوطني‪.‬‬ ‫املشاركة وإطارات وزارة ّ‬ ‫ّ‬ ‫للطب‬ ‫كما عقدت اجلمع ّية اإلقليم ّية العرب ّية‬ ‫ّ‬ ‫للطب‬ ‫العسكري واجلمع ّية اجلهو ّية املغارب ّية‬ ‫العسكري اجتماعات يوم السبت ‪ 5‬ماي ‪2018‬‬ ‫الصحة العسكر ّية للدول األعضاء‬ ‫بحضور مديري‬ ‫ّ‬ ‫املنظمات الدول ّية ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشريكة للمجلس‬ ‫ومم ّثلي بعض‬ ‫ّ‬ ‫الصحة‬ ‫منظمة‬ ‫الد ّولي واملوجودة بتونس على غرار‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للصحة احليوان ّية‬ ‫واملنظمة العامل ّية‬ ‫العامل ّية‬ ‫ّ‬ ‫صصت هذه‬ ‫للصليب األحمر‪ ،‬وخُ ّ‬ ‫وال ّلجنة الدول ّية ّ‬ ‫االجتماعات للتّباحث بخصوص بعض املواضيع ذات‬ ‫االهتمام املشترك التّي من شأنها تطوير التّعاون في‬ ‫مجاالت البحث الط ّبي والتّكوين املهني املستمر‬ ‫وخاصة منها تنظيم التّدخّ ل الط ّبي أثناء األزمات‬ ‫ّ‬

‫الصحي للجيوش خالل احلاالت‬ ‫والكوارث واإلسناد‬ ‫ّ‬ ‫االستثنائ ّية والنّزاعات العسكر ّية‪ ،‬وتنسيق التّكوين‬ ‫املستمر وتبادل اخلبرات في مجال التّقن ّيات الطب ّية‬ ‫املؤسسات‬ ‫احلديثة والتّدريبات امليدان ّية املشتركة بني‬ ‫ّ‬ ‫العسكر ّية واملدن ّية‪.‬‬ ‫ويشار إلى أنّه قد متّ إعتماد املؤمتر من قبل الهيئة‬ ‫الصحي ومتّ منح هذه‬ ‫الوطن ّية لالعتماد في اجملال‬ ‫ّ‬ ‫التّظاهرة العلم ّية ‪ 22.5‬نقطة تكوين مهني مستم ّر‪.‬‬ ‫إنضمت منذ سنة ‪ 1959‬إلى‬ ‫ويذكر أ ّن تونس قد‬ ‫ّ‬ ‫الدولي ّ‬ ‫للطب العسكري إميانا منها برسالته‬ ‫اجمللس ّ‬ ‫املرسخة للقيم النبيلة واملبادئ السامية‬ ‫التّاريخ ّية‬ ‫ّ‬ ‫التي نشأت وتر ّبت عليها اجليوش كما شاركت في‬ ‫جميع امللتقيات الط ّبية العسكر ّية‪ ،‬اإلقليم ّية‬ ‫لعدة أنشطة علم ّية دول ّية‪ .‬وكانت‬ ‫واحتضانها سنو ّيا ّ‬ ‫تونس من ضمن األعضاء النّاشطني حيث سبق أن‬ ‫ّ‬ ‫نظمت عديد التّظاهرات العلم ّية الدول ّية برعاية‬ ‫أهمها املؤمتر املغاربي األ ّول ّ‬ ‫للطب‬ ‫هذا اجمللس من ّ‬ ‫ّ‬ ‫للطب‬ ‫العسكري سنة ‪ 2003‬واملؤمتر العاملي ‪37‬‬ ‫العسكري سنة ‪2007‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪53‬‬


‫للصحة العسكرية‬ ‫درس تونس السادس‬ ‫ّ‬ ‫الطبية‬ ‫حول منهجيات وتحرير المقاالت‬ ‫ّ‬ ‫حوار صحفي مع‪:‬‬ ‫مدير الدرس السّيد العميد طبيب ماهر الباجي‬

‫املالزم أول محرز الزين‬

‫ّ‬ ‫الصحة للجيوش درس تونس السادس للصحة‬ ‫انتظم باملدرسة التطبيقية ملصالح‬ ‫العسكرية حول منهجيات وحترير املقاالت الطبية خالل الفترة من ‪ 02‬إلى ‪ 06‬أفريل ‪،2018‬‬ ‫وذلك برعاية اجمللس الدولي للطب العسكري وبالتعاون مع كلية الطب بتونس‪.‬‬ ‫حضر هذا الدرس ّ‬ ‫ثلة من اإلطارات الطبيّة العسكرية واملدنية من تونس ومن دول شقيقة‬ ‫وصديقة‪ ،‬كما انتظم في دورتني متوازيتني باللغتني الفرنسية واالجنليزية‪ ،‬هذا وقد فاق عدد‬ ‫املشاركني في هذا امللتقى العلمي ‪ 65‬مشاركا‪.‬‬ ‫وملزيد تسليط الضوء على درس تونس السادس حول منهجيات وحترير املقاالت الطبية‪،‬‬ ‫كان لنا حوار صحفي مع مدير الدرس العميد طبيب ماهر الباجي‪ ،‬وهو أستاذ جامعي‬ ‫مختص في الطب الباطني‪ ،‬ورئيس القسم الباطني باملستشفى العسكري ببنزرت‪.‬‬ ‫ّ‬

‫الدفاع‬ ‫‪54‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫في البداية سيّدي العميد ما املقصود مبنهجيات‬ ‫وحترير املقاالت الطبية؟‬ ‫ميكن تعريف منهجيات وحترير املقاالت الطبية‬ ‫بطريقة العمل أو ّ‬ ‫اخملطط الذي يجب إتباعه للقيام‬ ‫بدراسة علمية صحيحة‪ ،‬حيث جند عدة طرق في‬ ‫هذا الشأن تختلف حسب املواضيع واألفكار التي‬ ‫سيقع تناولها ودراستها‪ ،‬وتخص هذه املواضيع‬ ‫األمراض واملشاكل والظواهر الصحية التي تستدعي‬ ‫دراسة وبحث في شأنها‪ ،‬ويجب هنا أن نف ّرق بني‬ ‫البحوث واملقاالت الطبية‪ ،‬حيث أن املقاالت الطبية‬ ‫هي جملة النتائج واحللول التي مت التوصل إليها في‬ ‫البحوث‪ ،‬نأخذ على سبيل املثال بحث حول مجموعة‬ ‫من مرضى السكري يتم تصنيفهم حسب العمر‬ ‫والنشاط والوضع االجتماعي ونحاول الوصول إلى‬ ‫إحصائيات وأرقام باالعتماد على مس ّببات هذا املرض‬ ‫وطرق العالج والنتائج التي مت التوصل إليها مؤخرا‪،‬‬ ‫ويتم إدراج النتائج واحللول اجلديدة في مقال طبي مع‬ ‫ذكر املراحل والطرق التي مت إتباعها للوصول إلى ذلك‪.‬‬ ‫هل يعني ذلك أن هناك مراحل وقواعد يجب‬ ‫احترامها في كتابة وحترير املقاالت الطبية؟‬ ‫للقيام بدراسة طبية معينة في صلب املؤسسة‬ ‫بد من استشارة الهيئة الطبية املتواجدة‬ ‫العسكرية ال ّ‬ ‫باملستشفى العسكري األصلي للتعليم بتونس لتأذن‬ ‫للباحث بالقيام بدراسته‪ ،‬ويكون ذلك بعد الرجوع‬ ‫إلى الفئة التي سيتم اعتمادها في البحث أخذا‬ ‫بعني االعتبار اخلصوصية الفردية واألسرار البشرية‬ ‫بد للباحث‬ ‫الواجب احترامها‪ ،‬إثر موافقة الهيئة ال ّ‬ ‫وملمني متام‬ ‫أو جملموعة الباحثني أن يكونوا مختصني‬ ‫ّ‬ ‫اإلملام بتلك الظواهر أو األمراض أو املشاكل الصحية‬ ‫التي سيتم اخلوض فيها‪ ،‬ثم فيما بعد تبدأ عملية‬ ‫جمع املعلومات والدراسات القدمية وذلك باالعتماد‬ ‫على مراجع ومصادر صحيحة ومتعارف عليها دوليا‪،‬‬

‫وهنا أشير إلى أنه في الغالب يتم تشكيل مجموعة‬ ‫من الدارسني في مختلف االختصاصات الطبية‬ ‫ويقسمون األعمال‬ ‫وذلك ملزيد التعاون وتبادل اخلبرات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويؤطرهم في ذلك أحد‬ ‫واألنشطة فيما بينهم‬ ‫الكفاءات املشهود بخبرتها لالستفادة منها ومن‬ ‫توجيهاتها للوصول إلى أجنع النتائج واإلحصائيات‬ ‫الدقيقة التي ميكن أن تفيد الباحث في اجملال الطبي‪.‬‬ ‫باالستناد إلى تلك النتائج يتم املرور إلى مرحلة‬ ‫بعدة‬ ‫الكتابة والتحرير والتي بدورها تستوجب التق ّيد ّ‬ ‫مراحل وقواعد هامة ومسترسلة‪ ،‬حيث جند عنوان‬ ‫املقال الذي يجب أن يحتوي على كلمات مفاتيح‬ ‫ثم مقدمة لطرح اإلشكال أو الظاهرة التي سيتم‬ ‫دراستها وكذلك عرض املنهجية وطريقة العمل‬ ‫املتبعة في البحث‪ ،‬وصوال إلى جوهر املقال بعرض‬ ‫النتائج واحللول واإلحصائيات ملناقشتها وتفسيرها‬ ‫ومقارنتها بالنتائج القدمية‪ ،‬وينتهي املقال بخامتة‬ ‫تلخص الدراسة وتفتح آفاقا أوسع ملزيد‬ ‫مقتضبة ّ‬ ‫ّ‬ ‫احلث على البحث والدراسة في الظاهرة مع إدراج‬ ‫بد هنا من‬ ‫املراجع واملصادر التي مت اعتمادها‪ .‬وال ّ‬ ‫اإلشارة إلى أن املقال الطبي يختلف في شكله‬ ‫ومضمونه وطريقة حتريره عن بقية املقاالت األخرى‪.‬‬ ‫بعد حترير املقاالت الطبية‪ ،‬كيف وأين يتم‬ ‫نشرها؟‬ ‫تعتبر عملية نشر املقاالت الطبية من أصعب‬ ‫املراحل في هذا اجملال‪ ،‬حيث أصبح ذلك مكلفا وهي‬ ‫عملية جتارية بحتة‪ ،‬نظرا الرتفاع عدد اجملالت الطبية‬ ‫وتوجهاتها‪ ،‬كما تشترط في‬ ‫وتن ّوع اختصاصاتها‬ ‫ّ‬ ‫نشر املقاالت العديد من الشروط‪ ،‬منها املا ّدية ومنها‬ ‫املتعلقة بطريقة حترير املقاالت‪ ،‬معتمدة في ذلك‬ ‫على خبراء في اجملال حتال إليهم املقاالت الطبية‬ ‫والبت في إمكانية نشرها من عدمه وفقا‬ ‫إلصالحها‬ ‫ّ‬ ‫للشروط املعروضة من قبل اجمل ّلة‪ .‬ولإلشارة هنا توجد‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪55‬‬


‫في تونس مجالت طبية معترف بها دوليا مثل مجلة‬ ‫«‪ »La Tunisie Médicale‬التي تصدر شهريا‬ ‫وهي موجودة ضمن قائمة اجملالت التابعة‬ ‫للمؤسسة األمريكية« «�‪New Med Publi‬‬ ‫‪ »shing‬وذات رواجا كبيرا في تونس واخلارج‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى بعض األعداد األخرى مثل مجلة «األمراض‬ ‫السارية» ومجلة «أمراض الغدد والسكري» وغيرها‪.‬‬ ‫هل هناك استفادة من التطوّر احلاصل في مجال‬‫اإلعالمية والبرمجيات احلديثة واستغاللها للقيام‬

‫أشهر اجملالت الطبية املتداولة عامليا واألكثر رواجا‪.‬‬ ‫ بالنسبة إلى املراجع واملصادر املعتمدة في‬‫الدراسات الطبية‪ ،‬هل هناك اختالف في نوعيتها‬ ‫ومصداقيتها؟‬ ‫نعم هناك مراجع معروفة عامليا يجب اعتمادها‬ ‫في البحوث الطبية‪ ،‬نذكر منها تلك املؤلفات‬ ‫املوجودة باملكتبة األمريكية« «�‪New Med Publi‬‬ ‫‪ »shing‬وحتتوي على أهم املراجع القدمية واحلديثة‬ ‫وتوجد بها كذلك أشهر اجملالت الطبية العاملية‪،‬‬

‫بالبحوث والدراسات الطبية؟‬ ‫طبعا بال شك نستفيد كثيرا من التط ّور في مجال‬ ‫اإلعالمية وتطبيق البرمجيات احلديثة وبالتحديد في‬ ‫عمليات البحث واإلحصاء‪ ،‬كذلك يتم االستعانة‬ ‫بشبكة االنترنت للدخول إلى العديد من املواقع‬ ‫الطبي لالستفادة‬ ‫االلكترونية املعروفة في اجملال‬ ‫ّ‬ ‫منها باإلضافة إلى تسهيل عملية التع ّرف على‬

‫ّ‬ ‫وجل الباحثني يلتجئون إلى هذه املؤسسة‬ ‫العلمية لالطالع على مراجعها ومصادرها املوثوق‬ ‫بها وإلضفاء أكثر مصداقية على دراساتهم‪.‬‬ ‫كيف تتم عملية تنظيم هذه ال ّدروس الطبيّة‬‫وما هي األطراف الداعمة لها وخملتلف امللتقيات‬ ‫الطبية؟‬ ‫تعود فكرة عقد درس منهجيات وحترير املقاالت‬

‫الدفاع‬ ‫‪56‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫اكتشفت أن العديد‬ ‫الطب ّية إلى عام ‪ ،2013‬حيث‬ ‫ُ‬ ‫من األط ّباء العسكر ّيني في تونس لهم معلومات‬ ‫وبحوث طب ّية هامة لم يتم االستفادة منها‪ ،‬لذلك‬ ‫سعيت إلى تأسيس هذا الدرس لعرض مثل تلك‬ ‫البحوث ومناقشتها‪ ،‬وانعقد أول درس في منهجيات‬ ‫خصص‬ ‫وحترير املقاالت الطب ّية في أفريل ‪2013‬‬ ‫ّ‬ ‫فقط ألط ّباء الوحدات‪ ،‬وتط ّورت الفكرة ليشمل‬ ‫الدرس أط ّباء الوحدات‪ ،‬اإلطارات الشبه طب ّية‪،‬‬ ‫املتربصني واخملتصني في اجملال‪ .‬وحتى يصبح هذا‬ ‫الطب‬ ‫الدرس دول ّيا ومعترفا به عامل ّيا أشركنا كل ّية‬ ‫ّ‬ ‫بتونس إلضفاء صبغة جامع ّية على الدرس‪ ،‬وهو‬ ‫ما جعل اجمللس الدولي ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتكفل‬ ‫للطب العسكري‬ ‫به ويساعدنا على تشجيع الدارسني والباحثني‬ ‫على املشاركة فيه‪ ،‬كما أصبح موقعه االلكتروني‬ ‫سهل لنا عملية‬ ‫مرجعا أساسيا في البحوث كما ّ‬ ‫التواصل مع احملاضرين واخلبراء الدوليني املعروفني‬ ‫لدعم الدروس الطبية واملشاركة مبحاضراتهم‪.‬‬

‫وقد مت في هذا الصدد إقحام اللغة االجنليزية‬ ‫في درس تونس حول منهجيات وحترير املقاالت‬ ‫الطبية منذ أفريل ‪ ،2016‬وأصبح الدرس ينتظم‬ ‫في دورتني متوازيتني باللغة الفرنسية واالجنليزية‪،‬‬ ‫وذلك ألن معظم املراجع واجملالت الطبية تعتمد‬ ‫أساسا اللغة االجنليزية في حترير املقاالت الطبية‪.‬‬ ‫ما هي أهم احللول والبرامج الواجب‬‫ّ‬ ‫توفرها للنهوض مبثل هذا الدرس العلمي؟‬ ‫إن الهدف الرئيسي من عقد هذا الدرس هو‬ ‫تشجيع األطباء والباحثني على حترير املقاالت الطبية‬ ‫ومناقشة البحوث العلمية واالستفادة من اخلبرات‬ ‫املشاركة سواء كانوا عسكريني أو مدنيني‪ ،‬كما تعتبر‬ ‫عملية التواصل بني الباحثني املشاركني في فترة ما‬ ‫بد من متابعة‬ ‫بعد انعقاد الدرس هي األهم‪ ،‬حيث ال ّ‬ ‫البحوث والدراسات إلى حني استكمالها وحترير‬ ‫املقاالت الطب ّية‪ ،‬باإلضافة إلى مساهمة ذلك في‬ ‫توجيه املبتدئني واملتربصني إلى طرق البحث الناجعة‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪57‬‬


‫لنشر مقاالتهم ودراساتهم في أحسن الظروف‪ .‬كما‬ ‫الدوليني املعروفني في‬ ‫أولينا اهتماما كبيرا باحملاضرين ّ‬ ‫مجال حترير املقاالت الطب ّية وذلك بالتعاون مع اجمللس‬ ‫الدولي ّ‬ ‫للطب العسكري أو كذلك من خالل دول عربية‬ ‫صديقة قادرة على توفير محاضرين ّ‬ ‫أكفاء في اجملال‪،‬‬ ‫ومن الضروري هنا أن نشكر كل احملاضرين الذين وجدنا‬ ‫منهم جتاوبا كبيرا في تلبية الدعوة واملشاركة في‬ ‫الدروس الطبية ومساندتهم لنا من خالل التشجيعات‬ ‫واملساهمة في التعريف باملستوى الطبي الرفيع‬ ‫الذي تتميز به بالدنا عسكريا ومدنيا‪ ،‬وهذا احلضور‬ ‫الدولي الهام للخبراء واحملاضرين وكذلك ارتفاع‬ ‫عدد املشاركني هو خير دليل على جناح هذه الدروس‬ ‫وقيمتها العلمية ودورها في تطوير املنظومة الطبية‪.‬‬ ‫ باإلضافة إلى هذه الدروس القيّمة‪ ،‬هل هناك‬‫دورات تكوينية أخرى أو تربّصات لفائدة املتكوّنني‬ ‫حتت إشراف اإلدارة العامة للصحة العسكرية؟‬ ‫لقد متكنا من تطوير هذا الدرس لكي يصبح‬ ‫في املستقبل درسا مرجعيا برعاية اجمللس الدولي‬ ‫للطب العسكري من خالل دعوة دول مجموعتي‬ ‫العمل اإلقليمية العربية واإلفريقية للطب‬ ‫العسكري الحتضان دروس جهوية مماثلة‪ ،‬مبعنى آخر‬ ‫ميكن لتونس عقد دروس في هذا الشأن في عدة‬ ‫مناطق من العالم ويبقى بذلك درس تونس درسا‬ ‫مرجعيا‪ ،‬وهو ما سيساهم في حتسني مستوى‬ ‫اإلطارات والكفاءات وتبادل اخلبرات بني الدول في‬ ‫اجملال الطبي العسكري وتطوير التعاون فيما بينها‪.‬‬ ‫كما تعمل اإلدارة العامة للصحة العسكرية‬ ‫على تكثيف الدورات التكوينية والتربصات داخل‬ ‫تونس وخارجها لفائدة جميع اإلطارات واملتكونني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املنظمات‬ ‫ هل جتدون جتاوبا وتعاونا من قبل‬‫الطبية العاملية ومن الدول املتق ّدمة في عقد مثل‬ ‫هذه الدروس واملؤمترات الطبية؟‬ ‫حتتل تونس املراتب األولى عامل ّيا في مجال ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطب‬

‫الدفاع‬ ‫‪58‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫العسكري‪ ،‬وجميع دول العالم تشهد بذلك وتبدي‬ ‫احتراما كبيرا للمستوى الرفيع الذي بلغته الصحة‬ ‫العسكرية‪ ،‬وهو ما جعل تلك الدول تتجاوب معنا‬ ‫وتساندنا وباخلصوص الدول األوروبية مثل أملانيا وفرنسا‬ ‫واجنلترا وحتى الدول العربية مثل األردن والسعودية‬ ‫التي متتلك منظومة طبية عسكرية متط ّورة باإلضافة‬ ‫ّ‬ ‫املنظمات الصحية العاملية مثل منظمة‬ ‫إلى اغلب‬ ‫الصحة العاملية واجمللس الدولي للطب العسكري‪.‬‬ ‫ ما هي العراقيل أو الصعوبات التي تعترضكم‬‫في عقد هذه الدروس واملؤمترات الطبية في تونس؟‬ ‫تبقى مشكلة اللوجستيك واإلسناد من أهم‬ ‫الصعوبات‪ ،‬حيث أن مثل هذه الدروس وامللتقيات‬ ‫تتطلب إمكانيات مادية هامة‪ ،‬وهو ما جعلنا نسعى‬ ‫إلى التوفيق بني املداخيل واملصاريف باعتبار قيمة‬ ‫تتعدى‬ ‫املشاركة في هذه الدروس بالرغم من أنها ال‬ ‫ّ‬ ‫‪ 150‬دينارا للمشارك‪ ،‬هذا باإلضافة إلى ضرورة‬ ‫تو ّفر عناصر بشرية قا ّرة مختصة في تنظيم هذه‬ ‫احملددة واالتصال باملشاركني‬ ‫املناسبات في مواعيدها ّ‬ ‫الدعوات واستقبال الضيوف‪،‬‬ ‫واحملاضرين وإرسال ّ‬ ‫وهذا ال ميكن حتقيقه إال ببعث مصلحة أو جلنة قا ّرة‬ ‫ومتف ّرغة صلب اإلدارة العامة للصحة العسكرية‬ ‫تكون مهمتها األساسية تنظيم الدروس ومتابعتها‪.‬‬ ‫ سيدي العميد هل لديك كلمة تريد أن نختم‬‫بها هذا احلديث؟‬ ‫نشكر اهتمامكم بهذا املوضوع‪ ،‬ألن الدروس‬ ‫الطبية هي هامة بالتأكيد خاصة في مجال الطب‬ ‫تعدد هذه امللتقيات ساهم‬ ‫العسكري‪ ،‬كما أن‬ ‫ّ‬ ‫في جعل تونس رائدة في مجال الطب العسكري‬ ‫باملقارنة مع العديد من الدول العربية واإلفريقية‬ ‫وحتى األوروبية‪ ،‬وأصبحت بالدنا ذات قيمة ثابتة‬ ‫في هذا اجملال مبا تزخر به من كفاءات طبية لتحتل‬ ‫املراتب األولى في مجال تكوين اإلطارات الطب ّية‬ ‫وإقامة الدروس الصحية على غرار سويسرا وفرنسا‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫المؤتمر األول لإلطار شبه الطبي‬ ‫للمستشفى العسكري األصلي للتعليم‬ ‫بتونس‬ ‫املالزم أول حميدة بن أحمد‬ ‫ّ‬ ‫نظمت وزارة الدفاع الوطني يوم ‪ 27‬أكتوبر ‪ 2017‬املؤمتر األول لإلطار شبه الطبي للمستشفى العسكري‬ ‫األصلي للتعليم‪ ،‬ويهدف هذا املؤمتر إلى النهوض باملستوى العلمي لإلطار شبه الطبي باعتباره‬ ‫محورا رئيسا في املنظومة الصحية إضافة إلى العمل على تطوير واقع سياسات اجلودة باملستشفى‬ ‫العسكري مبا يتالءم ومتطلبات الفترة احلالية املتميّزة بالتهديدات غير التقليديّة ما يستوجب ايالء‬ ‫أهمية قصوى للنهوض باخلدمات الطبية‪.‬وقد شارك في هذا املؤمتر ‪ 300‬إطار شبه طبي ‪ 200‬إطار شبه‬ ‫طبي من املستشفى العسكري و‪ 100‬اطار شبه طبي مدني‪.‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪59‬‬


‫وأمام الدور الهام الذي يلعبه اإلطار شبه الطبي‬ ‫الصحية‪ ،‬عمل املستشفى العسكري‬ ‫في املنظومة‬ ‫ّ‬ ‫األصلي للتّعليم بتونس على إجناح فعال ّيات املؤمتر‬ ‫األول لإلطار الشبه ط ّبي‪ .‬ومي ّثل هذا األخير نتاج عمل‬ ‫ال ّلجنة العلم ّية للتّطوير املهني املستم ّر لإلطار‬ ‫شبه الط ّبي العسكري واملدني العامل باملستشفى‬ ‫العسكري األصلي للتعليم بتونس في كافة‬ ‫اختصاصاته‪.‬‬ ‫املقدم طبيب فايدة العجيلي رئيسة جلنة‬ ‫وأشارت‬ ‫ّ‬ ‫التطوير املهني املستمر لإلطار شبه الطبي إلى أ ّن‬ ‫هذه ال ّلجنة بُعثت في ‪ 16‬جويلية ‪ 2016‬بإذن من وزير‬ ‫الدفاع الوطني وتتكون من ‪ 9‬أعضاء (أط ّباء وصيادلة‬ ‫ّ‬ ‫وإطارات شبه ّ‬ ‫الطبية)‪ .‬وانقسمت أعمالها بني‬ ‫التّكوين والتّقييم ّ‬ ‫ومتكنت خالل ‪ 33‬أسبوع من تكوين‬ ‫‪ 500‬إطار شبه ط ّبي تابع للمستشفى العسكري‪،‬‬ ‫ويقدر العدد اجلملي لإلطارات شبه الطب ّية العاملة‬ ‫ّ‬ ‫باملستشفى العسكري األصلي للتّعليم بتونس‬ ‫بحوالي ‪ 1000‬إطارا‪ ،‬وستسعى ال ّلجنة إلى تكوين‬ ‫ّ‬ ‫املتبقي في املرحلة القادمة‪.‬‬ ‫العدد‬

‫املق ّدم طبيب فايدة العجيلي‬ ‫رئيسة جلنة التطوير املهني املستمر لإلطار شبه‬ ‫الطبي‬

‫الدفاع‬ ‫‪60‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫أكدت رئيسة ال ّلجنة أن املؤمتر األول لإلطار شبه‬ ‫كما ّ‬ ‫الطبي للمستشفى العسكري األصلي للتعليم‬ ‫سيتواصل انعقاده بصفة دائمة وسيكون بادرة على‬ ‫غرار ما هو معمول به في الد ّول األوروب ّية‬ ‫املؤسسة العسكر ّية باإلطار شبه‬ ‫إ ّن اهتمام‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالدور‬ ‫الطبي‪ ،‬له عدة أبعاد تتم ّثل‬ ‫خاصة في وعيها ّ‬ ‫ّ‬ ‫خاصة في عالقته باملريض‬ ‫الهام الذي يلعبه املم ّرض ّ‬ ‫واملبن ّية أساسا على تقدمي املساعدة املعنو ّية‬ ‫والنفس ّية لضمان االستقرارالنفسي للمريض‪ .‬وإلجناز‬ ‫البد أن تتم ّيز شخص ّية‬ ‫هذه‬ ‫املهمة على أحسن وجه ّ‬ ‫ّ‬ ‫أهمها التح ّلي‬ ‫املم ّرض بجملة من اخلصال واملزايا ّ‬ ‫بأخالق عال ّية وحسن معاملة املريض وحفظ س ّره‬ ‫واملتابعة الدور ّية ّ‬ ‫يستجد في مجال التّمريض‬ ‫لكل ما‬ ‫ّ‬ ‫إلى جانب التّفاني في أداء الواجب املهني وغيرها من‬ ‫الصفات األخرى ‪.‬وعالوة على تأسيس عالقة متم ّيزة‬ ‫ّ‬ ‫مع املريض فإ ّن إرساء عالقة ثقة متبادلة بني املم ّرض‬ ‫ّ‬ ‫والطبيب له انعكاس إيجابي على مختلف األطراف‬ ‫املتداخلة في املنظومة الصح ّية‪.‬‬ ‫وإن تعد ّدت املفاهيم حول مهنة اإلطار شبه الطبي‬ ‫احتدت في اعتبارها مهنة ترتكز على جملة‬ ‫إال أنّها ّ‬ ‫من القيم النبيلة واملبادئ اإلنسانية‪ ،‬وتُع ّرف جمعية‬ ‫الصحة الدولية التمريض بأنه ‪« :‬علما وفنّا يهتّم‬ ‫ّ‬ ‫تقدم‬ ‫بالفرد‬ ‫ككل ‪ -‬جسما وعقال وروحا ‪ -‬ويعمل على ّ‬ ‫وحفظ الفرد روح ّيا وعقل ّيا وجسمان ّيا ومساعدته‬ ‫على ّ‬ ‫وميتد اإلهتمام بالفرد املريض إلى أسرته‬ ‫الشفاء‬ ‫ّ‬ ‫ومجتمعه ويشتمل ذلك على العناية ببيئته وتقدمي‬ ‫الص ّحي عن طريق اإلرشادات مثال»‪.‬‬ ‫التّثقيف ّ‬ ‫الصحة العسكرية‬ ‫وإن القائمني على منظومة‬ ‫ّ‬ ‫في تونس يعملون على إجناح مختلف األنشطة‬ ‫ّ‬ ‫املنظمة في تونس أو املشاركة‬ ‫الطب ّية العسكر ّية‬ ‫فيها املؤسسات الطبية العسكر ّية إميانا منها بأن‬ ‫نتائج التّظاهرات الط ّبية وتوصيات املؤمترات العلم ّية‬ ‫تساهم بصفة مباشرة في النهوض بالقطاع‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫أوقفوا العنف ضد المرأة‬

‫املالزم أوّل سارة بن الشاذلي‬

‫تعتبر ظاهرة العنف املس ّلط على املرأة والفتيات‬ ‫من ّ‬ ‫الظواهر التي تنخر متاسك اجملتمع واستقراره‬ ‫تقدم الشعوب ومبادئ املساواة‬ ‫وتق ّوض كل أساس ّيات ّ‬ ‫بني اجلنسني التي تكفلها عديد القوانني وبروتوكوالت‬ ‫حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫تسجل كسائر دوَل العالم‬ ‫وقد سارعت تونس التي‬ ‫ّ‬ ‫ارتفاع نسبة العنف املس ّلط على املرأة حوالي‬ ‫" ‪ %47.6‬من النّساء في تونس تعرضن ألحد أنواع‬ ‫ّ‬ ‫األقل م ّرة واحدة طيلة حياتهن"‪ ²‬إلى‬ ‫العنف على‬ ‫سن قوانني وتشريعات تكفل حرمة النّساء والفتيات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للعيش في بيئة جت ّرم كل أشكال العنف املسلط‬ ‫عليهن‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولعل من أبرز هذه القوانني‪ ،‬القانون األساسي عدد‬ ‫‪ 58‬املؤرخ في ‪ 11‬أوت ‪ 2017‬املتعلق بالقضاء على‬ ‫العنف ضد املرأة والذي مبقتضاه سعت وزارة شؤون‬ ‫ّ‬ ‫والطفولة بالتّعاون مع ُج ّل األطراف‬ ‫املرأة واألسرة‬ ‫ّعهد بالنساء‬ ‫املتداخلة إلى ب ّلورة إتفاق ّية مشتركة للت ّ‬ ‫ضحايا العنف وهي عبارة عن رؤية استشرافية تهدف‬ ‫تعد على‬ ‫أساسا إلى خلق مناخ ينأى باملرأة عن كل ّ‬ ‫يهدد سالمتها البدن ّية‬ ‫كرامتها اإلنسان ّية وكل ما ّ‬ ‫والنفس ّية ويج ّرم كل أنواع االعتداء عليها وعلى‬ ‫حقوقها‪.‬‬ ‫الدفاع الوطني من أولى الوزارات‬ ‫وتعتبر وزارة ّ‬ ‫التي بادرت بالعمل بأحكام الفصل ‪ 46‬من الدستور‬ ‫التّونسي والقانون األساسي عدد ‪ 58‬بتاريخ ‪ 11‬أوت‬ ‫‪ 2017‬املتع ّلق بالقضاء على كل أشكال العنف‬ ‫والتمييز ضد املرأة‪ ،‬إذ قامت الوزارة بتوفير ّ‬ ‫خط أخضر‬ ‫للتّبليغ عن التّح ّرش اجلنسي بكل من التفقد ّية‬ ‫العامة للق ّوات املس ّلحة ووكالة اإلستخبارات واألمن‬ ‫ّ‬ ‫للدفاع إلجراء التحر ّيات واألبحاث ال ّالزمة حول كل‬ ‫ّ‬ ‫حالة تبليغ عن حت ّرش جنسي وذلك في إطار اإلجراءات‬ ‫الكفيلة بالتّو ّقي من التح ّرش اجلنسي بالوسط‬ ‫العسكري‪.‬‬ ‫التّفقد ّية العامة للق ّوات املس ّلحة ‪80101259 :‬‬‫للدفاع‪80101258 :‬‬ ‫وكالة االستخبارات واألمن ّ‬‫‪ 1‬منظمة األمم املتحدة « تعريف العنف ضد املرأة»‪.‬‬ ‫‪ 2‬املسح امليداني أجنزه الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري‪.‬‬ ‫‪/http://www.un.org/ar/aboutun/structure/unwomen 3‬‬

‫«أي‬ ‫تع ّرف األمم املتحدة العنف املمارس ضد املرأة بأنّه ّ‬ ‫فعل عنيف تدفع إليه عصبية اجلنس ويترتب عليه‪،‬‬ ‫أذى أو معاناة للمرأة‪ ،‬سواء من الناحية اجلسمانية‬ ‫أو اجلنسية أو النفسية‪ ،‬مبا في ذلك التهديد بأفعال‬ ‫من هذا القبيل أو القسر أو احلرمان التعسفي من‬ ‫‪1‬‬ ‫احلرية‪ ،‬سواء حدث ذلك في احلياة العامة و اخلاصة‪».‬‬ ‫الصلة إلى‬ ‫كما سعت عديد الوزارات األخرى ذات ّ‬ ‫خلق مناخ تشاركي لتجسيم « املشروع النّموذجي‬ ‫ّعهد‬ ‫املشترك حول وضع آل ّيات متعددة القطاعات للت ّ‬ ‫بالنّساء ضحايا العنف » والذي يهدف أساسا إلى‬ ‫تكوين مجتمع متكامل تتو ّفر فيه كل مق ّومات‬ ‫التّنمية البشر ّية التي هي رهينة توفير وسائل حمائية‬ ‫فعالة وبيئة احتضان مالئمة للنّساء والفتيات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ولعل من أبرز هذه القطاعات وزارة‬ ‫ضحايا العنف‪،‬‬ ‫املرأة واألسرة والطفولة ووزارة الداخل ّية ووزارة العدل‬ ‫والصحة والشؤون االجتماعية والديوان الوطني‬ ‫ّ‬ ‫لألسرة والعمران البشري ومك ّونات اجملتمع املدني‬ ‫بدعم من مختلف ّ‬ ‫منظمات التّعاون الدولي على غرار‬ ‫«هيئة األمم املتحدة للمساواة بني اجلنسني»‪.³‬‬ ‫ويحرص هذا املشروع التشاركي إلى إيجاد آليات‬ ‫مؤسساتية مشتركة ومندمجة للت ّ‬ ‫ّكفل بالنّساء‬ ‫ّ‬ ‫والفتيات ضحايا العنف‪ ،‬تعمل وفق قواعد محد ّدة‬ ‫مسبقا وتضمن املتابعة والتوجيه واإلرشاد ال ّالزمني‬ ‫مع احلرص على ضمان جناعة التدخّ ل الصحي واألمني‬ ‫والقضائي واالجتماعي في الوقت املالئم وفق ما‬ ‫تفرضه التزامات املتدخلني في عالقتهم بالفئة‬ ‫املستهدفة‪.‬‬ ‫هيئة األمم املتحدة للمرأة‪ ،‬هي هيئة ّ‬ ‫منظمة األمم املتحدة‬ ‫املعنية باملساواة بني اجلنسني ومتكني املرأة‪ .‬أنشئت‬ ‫لغرض التعجيل في تلبية احتياجاتهن على الصعيد‬ ‫العاملي‪ .‬وقد أنشئت األمم املتحدة للمرأة‪ ،‬مبوجب قرار‬ ‫اجلمعية العامة (‪ )A/RES/64/289‬في جويلية ‪.2010‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪61‬‬


‫وتتضمن اإلتفاقية جملة من املبادئ وااللتزامات‬ ‫ّ‬ ‫تعهد ناجحة‬ ‫املهن ّية واملال ّية واإلدار ّية لتأمني عملية ّ‬ ‫بالنّساء ضحايا العنف في مختلف مراحلها وقد‬ ‫التقصي واإلصغاء‬ ‫حددت ‪ 9‬مجاالت للتّدخّ ل وهي‬ ‫ّ‬ ‫والتّشخيص والتّقييم وتقدمي اخملاطر والت ّ​ّدخل‬ ‫واإلرشاد والتّوجيه واملتابعة والتوثيق‪.‬‬ ‫وتعد هذه االتفاقية تتويجا وتعزيزا لباقي التّدابير‬ ‫واإلجراءات الوطن ّية املبرمجة منذ سنة ‪2008‬‬ ‫ضد النّساء‪ ،‬بهدف رصد مختلف‬ ‫ملناهضة العنف ّ‬ ‫أشكال العنف املمارس عليهن وطن ّيا وجهو ّيا‪ ،‬وجمع‬ ‫املعطيات الضرور ّية لتعميق فهم هذه اآلفة وضمان‬ ‫حسن التّوجيه واملعاجلة‪.‬‬ ‫وتعمل كل هذه األطراف على تنفيذ اإلستراتيجية‬ ‫الوطنية ملقاومة العنف ضد املرأة بأبعادها الثالث‬ ‫وهم البعد الوقائي‪ ،‬من خالل «حتسيس الرأي العام‬ ‫باالنعكاسات السلبية ملمارسة العنف ضد املرأة‬ ‫املتجسد في‬ ‫على األسرة واجملتمع» والبعد الردعي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫السالمة البدن ّية واملعنو ّية‬ ‫«منظومة جزائ ّية تكفل ّ‬ ‫للمرأة» والبعد االجتماعي‪ ،‬من خالل «إعادة التّأهيل‬ ‫االجتماعي للمرأة بتوفير احلماية اإلجتماع ّية‬ ‫والصحية والنفسية لها»‪.‬‬ ‫كما يوفر مركز الرعاية النفسية املوجه للنساء‬ ‫ضحايا العنف الرعاية الشاملة من خالل اجللسات‬ ‫التشاورية الطبية والصحية واإلرشاد النفسي إضافة‬ ‫إلى تقدمي املشورة القانون ّية مبا يكفل حقوقها على‬ ‫اعتبار املساواة بني اجلنسني واملشورة االجتماعية‬ ‫لضمان حسن تأطيرها اجتماعيا‪.‬‬ ‫هذا باإلضافة إلى إحداث رقم أخضر مجاني جديد‬ ‫«‪ »1899‬لإلشعار عن كل حاالت العنف ضد املرأة‬ ‫ويقدم‬ ‫يعمل‪ ،‬على مدار الساعة وكامل أ ّيام األسبوع‬ ‫ّ‬ ‫استشارات مختلفة نفس ّية واجتماع ّية وقانون ّية‬ ‫تتعلق بوضعية املرأة املعنّفة في كنف السر ّية مبا‬ ‫يضمن حماية املعطيات الشخص ّية واحترام احلقوق‬ ‫اإلنسانية للمرأة املتّصلة‪ ،‬كما يو ّفر هذا الرقم خدمات‬ ‫اإلصغاء واإلرشاد والتّوجيه للنّساء ضحايا العنف‪.‬‬ ‫وتتعهد مختلف القطاعات بالنّساء املعنّفات عبر‬ ‫ّ‬ ‫اعتماد مجموعة من آل ّيات العمل املشتركة التي‬ ‫ّ‬ ‫متكن من اإلملام بوضع ّية املرأة من خالل مجموعة‬

‫الدفاع‬ ‫‪62‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫من املعلومات األ ّول ّية التي ميكن تداولها بني مختلف‬ ‫األطراف املتدخّ لة وتتم ّثل هذه الوثائق في‪:‬‬ ‫رسالة توجيه‪.‬‬‫تقصي العنف‪.‬‬ ‫استمارة ّ‬‫بطاقة تقييم اخملاطر التي حتدد درجة سالمة‬‫املعنّفة‪.‬‬ ‫توجيهات لضمان سالمة املرأة‪.‬‬‫بطاقة أرقام وعناوين مفيدة‪.‬‬‫الداخل ّية وفي إطار التق ّيد‬ ‫ومتّ على مستوى وزارة ّ‬ ‫بتعليمات القانون األساسي عدد ‪ 58‬بتاريخ ‪11‬‬ ‫أوت ‪ 2017‬إحداث الفرقة املركزية للبحث في جرائم‬ ‫العنف ضد املرأة والطفل واختصاص هذه الفرقة‬ ‫أساسا هو البحث في مالبسات االعتداء على املرأة أو‬ ‫الفتاة أو ّ‬ ‫الطفل وحترير محاضر حتوي ّ‬ ‫كل الوثائق التي‬ ‫تثبت جرمية االعتداء‪.‬‬ ‫وعلى ال ّرغم من تعاضد جهود مختلف األطراف‬ ‫املتداخلة في إطار هذه التّجربة التشاركية‬ ‫النّموذج ّية إليجاد رؤية استشرافية تقي وحتمي املرأة‬ ‫والتعدي على كرامتها‪،‬‬ ‫ضدها‬ ‫من كل أنواع التمييز ّ‬ ‫ّ‬ ‫تبقى ّ‬ ‫جل هذه اجلهود ضمن خانة املأمول إلى أن تتبدد‬ ‫ال ّرؤية التّقليد ّية للمرأة التي هي قاعدة معاناتها‬ ‫والتي مبعاجلتها نستطيع كمجتمع واحد مناهضة‬ ‫كل أشكال االنحياز واالنتصار للرجل‪.‬‬ ‫وتبقى كل هذه اجلهود رهينة إرادة حقيق ّية حتسم‬ ‫ّ‬ ‫لتتحقق في النهاية معادلة أ ّن «املرأة ركيزة‬ ‫هذا امللف‬ ‫ّ‬ ‫ومستقل يحيى بكرامة‬ ‫من ركائز اجملتمع‪ ،‬كائن ح ّر‬ ‫تتفعل به ّ‬ ‫جل التّشريعات‬ ‫صلب مجتمع متماسك‬ ‫ّ‬ ‫والقوانني والبروتوكوالت التي حتمي املرأة وتكون خير‬ ‫نصير لكرامتها اإلنسانية»‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫السالم‬ ‫الحماية القانونية ألفراد حفظ ّ‬

‫اجلزء الثاني‬

‫الرائد قاضي أنيس املشرقي‬ ‫مي ّثل زجر االعتداءات على أفراد‬ ‫حفظ السالم احللقة الثان ّية‬ ‫األساسية في توفير حماية فعل ّية‬ ‫لتلك الق ّوات‪ ،‬ذلك أ ّن النّصوص‬ ‫القانون ّية املك ّرسة للحماية تبقى‬ ‫ُفعل‬ ‫غير ذات فاعل ّية ترجى إن لم ت ّ‬ ‫ويتم مبوجبها‬ ‫على أرض الواقع‬ ‫ّ‬ ‫معاقبة املعتدين على أفراد حفظ‬ ‫السالم وتسليط عقوبات رادعة‬ ‫ّ‬ ‫لهم ولغيرهم‪ .‬وفي هذا اإلطار‪،‬‬ ‫تتعهد احملاكم الوطن ّية‬ ‫ميكن أن‬ ‫ّ‬ ‫بتت ّبع وزجر مرتكبي تلك اإلعتداءات‬ ‫تتعهد‬ ‫(فقرة أولى) كما ميكن أن‬ ‫ّ‬ ‫بها احملاكم اجلنائ ّية الدول ّية‬ ‫(فقرة ثانية) مبا يك ّرس س ّياسة‬ ‫عدم إفالت املعتدين من العقاب‪.‬‬

‫تعهد احملاكم‬ ‫فقرة أولى‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الوطنية بزجــــر اإلعتداءات‬ ‫علـــى أفراد حـفـظ السالم‪:‬‬ ‫تعهد احملاكم الوطن ّية‬ ‫إ ّن‬ ‫ّ‬ ‫بزجر االعتداءات على أفراد حفظ‬ ‫مبني على مبدأ احملاكمة‬ ‫السالم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أو التسليم( (�‪aut didare aut ju‬‬ ‫‪ )dicare‬الذي أضحى حجر الزاوية‬ ‫في الصكوك العامل ّية ملكافحة‬ ‫مختلف أشكال اجلرمية‪ .‬وقد أق ّرته‬ ‫املا ّدة ‪ 1 13‬من اتّفاق ّية سالمة‬

‫موظفي األمم املتحدة واألفراد‬ ‫املرتبطني بها التي فرضت أن «تتّخذ‬ ‫املدعى‬ ‫الدولة الطرف التي يكون ّ‬ ‫ّ‬ ‫ارتكابه اجلرمية موجودا في إقليمها‬ ‫التدابير املناسبة‪ ،‬مبوجب قانونها‬ ‫الوطني‪ ،‬لتأمني حضوره لغرض‬ ‫محاكمته أو تسليمه‪ ،‬عندما‬ ‫تب ّرر الظروف ذلك»‪ .‬ويعتبر واجب‬ ‫بالدرجة األولى‬ ‫احملاكمة محموال‬ ‫ّ‬ ‫الدولة ّ‬ ‫الطرف التي يكون‬ ‫على ّ‬ ‫املدعى ارتكابه اجلرمية موجودا في‬ ‫ّ‬ ‫إقليمها‪ ،‬وذلك طبق املا ّدة الرابعة‬ ‫عشر من اتفاق ّية سالمة ّ‬ ‫موظفي‬ ‫األمم املتحدة واألفراد املرتبطني بها‬ ‫الدولة‬ ‫التي اقتضت أنّه « على ّ‬ ‫ّ‬ ‫املدعى ارتكابه‬ ‫الطرف التي يكون ّ‬ ‫اجلرمية موجودا في إقليمها‪ ،‬في‬ ‫حالة عدم تسليمها إ ّياه‪ ،‬أن تعمد‪،‬‬ ‫أي تأخير‬ ‫دون استثناء كان ودون ّ‬ ‫ال داعي له‪ ،‬إلى عرض القض ّية‬ ‫اخملتصة بقصد‬ ‫على سلطاتها‬ ‫ّ‬ ‫احملاكمة‪ ،‬عن طريق دعوى ترفع‬ ‫الدولة وتتّخذ‬ ‫وفقا لقانون تلك ّ‬ ‫تلك السلطات قرارها كما لو كان‬ ‫األمر يتعلق بجرمية عادية ذات طابع‬ ‫الدولة»‪.‬‬ ‫خطير مبوجب قانون تلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطرف التي يكون‬ ‫والدولة‬ ‫ّ‬

‫املدعى ارتكابه اجلرمية موجودا‬ ‫ّ‬ ‫في إقليمها هي في غالب‬ ‫‪ ‬‬ ‫األحيان الدولة التي يضطلع على‬ ‫السالم‪،‬‬ ‫إقليمها بعمل ّية حلفظ ّ‬ ‫وذلك إعماال للمبدأ العا ّم املتع ّلق‬ ‫النص اجلزائي الذي‬ ‫بإقليم ّية‬ ‫ّ‬ ‫الدولة التي يرتكب‬ ‫يقضي بأولو ّية ّ‬ ‫اجلرم على أراضيها في احملاكمة‪،‬‬ ‫الدولة على‬ ‫غير أنّه إن عجزت تلك ّ‬ ‫تقدمي املعتدي للمحاكمة بسبب‬ ‫عدم قدرة نظامها القضائي على‬ ‫ذلك أو مغادرة الفاعل إلقليمها أو‬ ‫غير ذلك من األسباب‪ ،‬فإ ّن واجب‬ ‫احملاكمة يحمل على دول أخرى‬ ‫حرصا على عدم إفالت املعتدين‬ ‫من العقاب‪ ،‬وميكن أن تقوم بذلك‬ ‫ّ‬ ‫كل دولة طرف في اإلتفاقية‬ ‫يوجد املظنون فيه على أراضيها‬ ‫الدولة املشاركة بالقوات‬ ‫أو‬ ‫ّ‬ ‫(‪)Troops Contributing Country‬‬ ‫والتي تض ّرر العسكريون التابعني‬ ‫لها من االعتداء‪ ،‬وذلك بناء‬ ‫على مبدأ الشخص ّية السلب ّية‬ ‫حماية للتّونسي من اجلرائم‬ ‫التي ميكن أن تستهدفه باخلارج‪.‬‬ ‫في هذا اإلطار‪ّ ،‬‬ ‫مكن الفصل ‪307‬‬ ‫مك ّرر من مج ّلة اإلجراءات اجلزائ ّية‬

‫‪ - 1‬مستشار مبحكمة االستئناف العسكرية‪ ،‬ملحق مبكتب الدراسات والتشريع بوكالة الدولة العامة إلدارة القضاء العسكري‪.‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪63‬‬


‫احملاكم التونس ّية من ممارسة واليتها‬ ‫القضائ ّية على ّ‬ ‫كل من يعتدي‬ ‫تونسي خارج تراب اجلمهورية‬ ‫على‬ ‫ّ‬ ‫(‪،)extra territorial jurisdiction‬‬ ‫العسكريي املشاركني‬ ‫مبا في ذلك‬ ‫ّ‬ ‫النص‬ ‫السالم‪ .‬وهو‬ ‫ّ‬ ‫في مها ّم حفظ ّ‬ ‫العا ّم الذي ينطبق على مثل هذه‬ ‫خاص مبجلة‬ ‫نص‬ ‫ّ‬ ‫احلاالت في غ ّياب ّ‬ ‫املرافعات والعقوبات العسكر ّية‬ ‫مينح والية قضائ ّية للمحاكم‬ ‫السلم‬ ‫العسكر ّية التونس ّية زمن ّ‬ ‫على جرائم مرتكبة خارج اإلقليم‬ ‫الوطني ‪ .2‬وينص الفصل ‪307‬‬ ‫مك ّرر املذكور على أ ّن « ّ‬ ‫كل من‬ ‫ارتكب خارج التّراب التّونسي‪ ،‬سواء‬ ‫بوصفه فاعال أصل ّيا أو شريكا جناية‬ ‫أو جنحة‪ ،‬ميكن تت ّب ُع ُه ومحاكمته‬ ‫من قبل احملاكم التونسية إذا‬ ‫كان املتض ّرر تونسي اجلنسية»‪.‬‬ ‫وال يجري التّتبع إالّ بطلب من‬ ‫النيابة العموم ّية بناء على شكاية‬ ‫وال يجوز إجراء التّتبع إذا أثبت املتهم‬ ‫أنّه حكم عليه نهائ ّيا باخلارج‪ ،‬وفي‬ ‫صورة احلكم عليه بالعقاب‪ ،‬أنّه‬ ‫قضى العقاب احملكوم به‪ ،‬أو سقط‬ ‫ّ‬ ‫مبرور الزمن‪ ،‬أو شمله العفـــــو»‪.‬‬ ‫وال ميكن للمحاكم التونسية أن‬ ‫تتعهد باالعتداءات املرتكبة على‬ ‫ّ‬ ‫العسكريني التونسيني املشاركني‬ ‫السالم وزجر‬ ‫مهمة حلفظ‬ ‫في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ضدهم بصفتهم‬ ‫األفعال املرتكبة ّ‬

‫تلك ـ وال فقط كمواطنني‬ ‫تونسيني ـ إالّ إذا متّ إدراج اجلرائم‬ ‫املنصوص عليها باملا ّدة التاسعة‬ ‫من إتفاق ّية سالمة موظفي األمم‬ ‫املتحدة واألفراد املرتبطني بها‬ ‫صلب القانون اجلزائي التونسي‪،‬‬ ‫وذلك أل ّن الفصل ‪ 307‬مك ّرر‬ ‫املذكور يشترط أن يك ّيف الفعل‬ ‫املرتكب كجناية أو جنحة حتى‬ ‫تتعهد به احملاكم التونسية‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬ ‫ميكن أن يحصل التكييف القانوني‬ ‫إالّ إذا متّ إدراج أحكام اإلتفاق ّية‬ ‫صلب التّشريع اجلزائي التّونسي‪.‬‬ ‫ويكون من املنطقي إدراج اجلرائم‬ ‫املنصوص عليها باملادة التاسعة‬ ‫من اإلتفاق ّية صلب مجلة املرافعات‬ ‫والعقوبات العسكر ّية باعتبارها‬ ‫من اجلرائم اخلاضعة لوالية احملاكم‬ ‫العسكر ّية نظرا لوقوعها على‬ ‫عسكريي أثناء اخلدمة ‪ ،3‬وباعتبار‬ ‫ّ‬ ‫تتعهد باجلرائم‬ ‫أ ّن هذه احملاكم‬ ‫ّ‬ ‫ضد مصلحة اجليش‬ ‫املرتكبة‬ ‫ّ‬ ‫ضد‬ ‫وبجرائم احلقّ العا ّم املرتكبة ّ‬ ‫العسكريني أثناء مباشرتهم‬ ‫للخدمة أو مبناسبتها حسب‬ ‫الفقرتيــن الثالثة والسابعة من‬ ‫الفصل اخلامس من مجلة املرافعات‬ ‫العسكريـــــة‪.‬‬ ‫والعقوبات‬ ‫ّ‬ ‫هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة‬ ‫أخرى تشترط الفقرة الثانية‬ ‫يتقدم‬ ‫من الفصل ‪ 307‬مك ّرر أن‬ ‫ّ‬

‫املتض ّرر بشكوى في الغرض إلى‬ ‫الن ّيابة العموم ّية حتّى ميكنها‬ ‫الدعوى العموم ّية‪ ،‬وهو شرط‬ ‫إثارة ّ‬ ‫الدعوى‬ ‫أساسي يق ّيد حتريك‬ ‫ّ‬ ‫العمومية‪ ،‬إذ قد ال يكون للمتض ّرر‬ ‫رغبة في تت ّبع املعتدي أمام قضائه‬ ‫الوطني كما قد حتول بينه وبني‬ ‫ذلك عدد من العوائق املاد ّية‬ ‫كعدم وجود متثيل ّية ديبلوماس ّية‬ ‫لتونس بذلك البلد أو إصابته‬ ‫بأضرار جسيمة نتيجة االعتداء‬ ‫التقدم بشكوى‪ ،‬ولذلك‬ ‫متنعه من‬ ‫ّ‬ ‫يكون من األجدى عند إقرار والية‬ ‫قضائ ّية للمحاكم العسكر ّية‬ ‫على جرائم داخلة في اختصاصها‬ ‫السلم باخلارج عدم‬ ‫ومرتكبة زمن ّ‬ ‫ربط حتريك الدعوى العموم ّية‬ ‫بوجود شكوى من املتض ّرر‬ ‫العسكري ألن ذلك قد يشكل‬ ‫عائقا دون تت ّبع اجلاني في اإلبان‪.‬‬ ‫واجلدير ّ‬ ‫بالذكر أ ّن اتّفاقية األمم‬ ‫ّ‬ ‫موظفي‬ ‫املتّحدة بشأن سالمة‬ ‫األمم املتّحدة واألفراد املرتبطني بها‬ ‫سهلت مقتضيات تسليم اجملرمني‬ ‫ّ‬ ‫نصت عليها‬ ‫في اجلرائم التي ّ‬ ‫واعتبرت في ما ّدتها العاشرة أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫«كل جرمية من اجلرائم املب ّينة في‬ ‫املا ّدة التاسعة ال تكون مدرجة‬ ‫ضمن اجلرائم التي تستوجب‬ ‫تسليم اجملرمني في أ ّية معاهدة‬ ‫الدول األطراف‪،‬‬ ‫تسليم قائمة بني ّ‬

‫‪ 2‬للمحاكم العسكرية التونسية والية قضائية على اجلرائم الداخلة في اختصاصها واملرتكبة خارج اإلقليم الوطني زمن احلرب أو في األحوال‬ ‫االستثنائية فقط‪ ،‬وذلك في أراضي العد ّو احملتلة وجميع املناطق التي تعني في األمر الصادر بتشكيلها حسب الفصل الرابع من مجلة املرافعات‬ ‫والعقوبات العسكرية‪.‬‬ ‫معي معلوم أو بتنفيذ أمر صادر من آمر‪.‬‬ ‫‪ 3‬تع ّرف مجلة املرافعات والعقوبات العسكرية في فصلها ‪ 57‬اخلدمة بأنّها قيام املأمور بواجب عسكري ّ‬

‫الدفاع‬ ‫‪64‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫الصفة‬ ‫تعتبر مدرجة بهذه‬ ‫ّ‬ ‫ضمنها‪ ».‬كما اعتبرت أنّه عند‬ ‫عدم وجود اتفاق ّية تسليم بني‬ ‫الدولتني‪ ،‬فإن اتفاق ّية األمم املتحدة‬ ‫ّ‬ ‫بشأن سالمة ّ‬ ‫موظفي األمم املتحدة‬ ‫السند‬ ‫واألفراد املرتبطني بها تعتبر ّ‬ ‫القانوني للتّسليم فيما يتع ّلق‬ ‫بتلك اجلرائم‪ ،‬علما أ ّن عدم تسليم‬ ‫اجملرم املطلوب للقضاء التّونسي‬ ‫حملاكمته‪ ،‬ألي سبب كان‪ ،‬ال يحول دون‬ ‫تت ّبعه ومحاكمته غياب ّيا باعتبار أ ّن‬ ‫القانون التّونسي ال مينع احملاكمة‬ ‫الغياب ّية على عكس ما هو ّ‬ ‫الشأن‬ ‫مثال في احملكمة اجلنائ ّية الدول ّية‬ ‫نص نظامها األساسي في‬ ‫والتي ّ‬ ‫ما ّدته ‪ 63‬على ضرورة أن يكون‬ ‫املتّهم حاضرا في أثناء احملاكمة‪.‬‬

‫تعهد احملاكم‬ ‫فقرة ثانية‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الدوليـــة‪:‬‬ ‫اجلنائيــــة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدولي‬ ‫نظرا لتنامي الوعي‬ ‫ّ‬ ‫بضرورة توفير حماية قانون ّية كاف ّية‬ ‫السالم كي‬ ‫ّ‬ ‫وفعالة ألفراد حفظ ّ‬ ‫باملهمة املنوطة بعهدتهم‬ ‫يقوموا‬ ‫ّ‬ ‫على الوجه التا ّم‪ ،‬تط ّور تعامل‬ ‫وخاصة احملاكم‬ ‫الدولي‬ ‫اجملتمع ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدول ّية مع اإلعتداءات‬ ‫اجلنائ ّية ّ‬ ‫التي تستهدف أفراد حفظ‬ ‫السالم‪ ،‬وذلك انطالقا من قناعة‬ ‫ّ‬ ‫بالدور احملوري الذي يقوم‬ ‫راسخة ّ‬ ‫السلم‬ ‫السالم في نشر ّ‬ ‫به حفظة ّ‬ ‫جتدد النّزاع‬ ‫بالعالم واحليلولة دون ّ‬

‫من جهة ولعدم جناعة االكتفاء‬ ‫بالشجب واالستنكار للجرائم‬ ‫التي تطالهم من جهة أخرى‪.‬‬ ‫لذلك فإ ّن مساءلة وردع املعتدين‬ ‫يعد ّ‬ ‫احلل‬ ‫السالم ّ‬ ‫على أفراد حفظ ّ‬ ‫للتصدي لتلك اإلعتداءات‬ ‫األجنع‬ ‫ّ‬ ‫‪4‬‬ ‫واحليلولة دون تك ّررها مستقبال ‪.‬‬ ‫وفي هذا اإلطار نظرت احملاكم‬ ‫الدول ّية في عدد من‬ ‫اجلنائ ّية ّ‬ ‫القضايا ذات العالقة باعتداءات‬ ‫السالم‬ ‫طالت أفرادا من حفظ‬ ‫ّ‬ ‫والتي أضحت متثل سوابق قضائ ّية‬ ‫هامة في اجملال‪ .‬فقد أدانت احملكمة‬ ‫ّ‬ ‫الدول ّية ليوغسالفيا السابقة‬ ‫ّ‬ ‫في القض ّية االبتدائ ّية عدد‬ ‫ّ‬ ‫كل من املتّهمني‬ ‫‪IT-95-5-I 5‬‬ ‫رادوفان كاراديتش ‪Radovan‬‬ ‫‪ Karadzic‬وراتكو مالديتش‬ ‫‪ Ratko Mladic‬وهما قائدين من‬ ‫قادة صرب البوسنة‪ ،‬بارتكاب‬ ‫انتهاك جسيم لقوانني وأعراف‬ ‫احلرب من خالل اتّخاذ أفراد حلفظ‬ ‫السالم كرهائن ومعاملتهم‬ ‫معاملة مهينة وال إنسان ّية‬ ‫باستعمالهم دروعا بشر ّية‪.‬‬ ‫وقد متثلت وقائع القض ّية في‬ ‫احتجاز عسكر ّيني من صرب‬ ‫البوسنة حتت إشراف وإمرة رادوفان‬ ‫كاراديتش و راتكو مالديتش‪،‬‬ ‫السالم‬ ‫‪ 284‬فردا من أفراد حفظ ّ‬ ‫الدول ّية بني ‪ 26‬ماي ‪ 1995‬و‪ 2‬جوان‬ ‫ّ‬

‫‪ ،1995‬وذلك في عدد من املناطق‬ ‫بالبوسنة واتخذوهم كرهائن‬ ‫قصد الضغط على منظمة‬ ‫حلف شمال األطلسي ملنعها‬ ‫شن مزيد من الغارات اجل ّوية‬ ‫من ّ‬ ‫على اإلقليم‪ ،‬كما عمد احملتجزون‬ ‫إلى استخدام بعض الرهائن من‬ ‫جنس ّيات مختلفة كدروع بشرية‪،‬‬ ‫حيث متّ تقييدهم وتكبيل أياديهم‬ ‫إلى عدد من األهداف اجلوية‬ ‫احملتملة حلملة القصف التي‬ ‫يشنها حلف شمال األطلسي‪ ،‬مبا‬ ‫ّ‬ ‫ومحطة‬ ‫في ذلك مخابئ الذخيرة‬ ‫رادار ومركز اتّصاالت قصد جعل‬ ‫تلك املنشآت أكثر أمانا‪ .‬وبعد‬ ‫مفاوضات مط ّولة مع قادة صرب‬ ‫البوسنة‪ ،‬متّ إطالق سراح أفراد‬ ‫السالم على ثالث مراحل بني‬ ‫حفظ ّ‬ ‫‪ 3‬جوان ‪ 1995‬والتاسع عشر منه‪.‬‬ ‫خاص‬ ‫نص جترميي‬ ‫ّ‬ ‫ونظرا لغياب ّ‬ ‫السالم‬ ‫باالعتداءات على أفراد حفظ ّ‬ ‫صلب النظام األساسي حملكمة‬ ‫السابقة‪ ،‬فقد سحبت‬ ‫يوغسالفيا ّ‬ ‫احلمايةالعامة املمنوحة‬ ‫احملكمة‬ ‫ّ‬ ‫للمدنيي على تلك القوات‪ ،‬مبا‬ ‫ّ‬ ‫يتفق مع أحكام اتفاق ّية جنيف‬ ‫ال ّرابعة بشأن حماية األشخاص‬ ‫املدنيني زمن احلرب‪ ،‬واعتبرتهم‬ ‫مدنيني محميني وجبت معاملتهم‬ ‫وفق أحكام االتفاق ّية املذكورة وما‬ ‫يقتضيه القانون الدولي اإلنساني‪.‬‬

‫‪ 4‬صدرت في اجملال عديد القرارات عن الهيئات األممية مثل مجلس األمن ومجلس حقوق اإلنسان التي تشجب وتستنكر اإلعتداءات التي تطال‬ ‫الدولي‪.‬‬ ‫قوات حفظ السالم‪ ،‬من ذلك القرارات عدد ‪ 1313 ،1206 ،1173 ،1180 ،1157 ،1099 ،1031 ،1009 ،1004‬التي صدرت عن مجلس األمن ّ‬ ‫‪ 5‬ورد مبؤلف القانون الدولي اإلنساني العرفي السابق اإلشارة إليه‪ ،‬ص‪.102 .‬‬ ‫القضية متوفرة على املوقع اإللكتروني‪http://www.icty.org/x/cases/mladic/ind/en/kar-ii950724e.pdf :‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪65‬‬


‫كما أ ّن احملكمة اجلنائية الدولية‬ ‫لرواندا وعلى إثر احتجاز عشرة‬ ‫السالم‬ ‫جنود بلجيكيني من حفظة ّ‬ ‫ملهمة األمم املتحدة بهذا‬ ‫التابعني‬ ‫ّ‬ ‫البلد (‪ )UNAMIR‬بتاريخ ‪ 7‬أفريل‬ ‫‪ 1994‬وقتلهم مبدينة كيغالي‬ ‫(‪ )kigali‬خالل احلرب األهلية‬ ‫التي شهدتها رواندا سنة‬ ‫‪ 1994‬وخ ّلفت مجازر مر ّوعة راح‬ ‫ضح ّيتها قرابة املليون شخص‪،‬‬ ‫أدانت في ‪ 18‬ديسمبر ‪2008‬‬ ‫في القضية ‪ 6‬االبتدائية عــدد‬ ‫العقيــد‬ ‫‪ICTR-98-41-T‬‬ ‫‪ Théoneste Bagosora‬رئيس‬ ‫ديــــــوان وزير الدفــــــاع من‬ ‫أجل قتل جنود حفظ السالم‪.‬‬ ‫واعتبارا لكون النظام األساسي‬ ‫للمحكمة اجلنائية الدولية لرواندا‬ ‫خاصة‬ ‫ينص على جرمية حرب‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السالم‪،‬‬ ‫باالعتداء على جنود حفظ ّ‬ ‫فقد متّت إدانة العقيد ‪Théoneste‬‬ ‫‪ Bagosora‬وذلك باعتباره قائدا‬ ‫مسؤوال على عمليات القتل‬ ‫التي بلغت درجة جرمية القتل‬ ‫ضد اإلنسانية وجرمية‬ ‫كجرمية‬ ‫ّ‬ ‫احلرب املتمثلة في االعتداء على‬ ‫احلياة كانتهاك جسيم للمادة‬ ‫الثالثة املشتركة التفاقيات‬ ‫جنيف والبروتوكول اإلضافي‬ ‫الثاني امللحق بتلك االتفاقيات‪.‬‬ ‫وقد ّ‬ ‫أكدت احملكمة أ ّن جنود‬

‫حفظ السالم كانوا جزءا من‬ ‫مهمة محايدة وكانوا غير‬ ‫ّ‬ ‫مسلحني عندما قتلوا‪ ،‬ولهذا ال‬ ‫ميكن اعتبارهم مقاتلني وأضافت‬ ‫احملكمة أ ّن اإلمكانية التي كانت‬ ‫متاحة جلنود حفظ السالم‬ ‫أسلحة‬ ‫على‬ ‫للحصول‬ ‫قصد الدفاع عن أنفسهم‬ ‫أثناء الهجوم عليهم لن يغير‬ ‫النتيجة التي توصلت إليها‪.‬‬ ‫وتبني وقائع القضيتني املذكورتني‬ ‫إحدى أنواع اخملاطر والتهديدات‬ ‫التي تطال أفراد حفظ السالم‬ ‫في أرواحهم وسالمتهم اجلسدية‬ ‫والتي ازدادت خطورتها وتن ّوعت‬ ‫أشكالها في السنوات األخيرة‬ ‫باالستهداف املباشر لتلك الق ّوات‬ ‫باألسلحة املميتة فضال عن‬ ‫اإلعتداءات التي تطال عتادهم‬ ‫ضمنت‬ ‫وأجهزتهم‪ .‬ولذلك‬ ‫ّ‬ ‫األنظمة األساسية للمحاكم‬ ‫الدولية الالحقة حملكمة يوغسالفيا‬ ‫ّ‬ ‫السابقة اإلعتدات على أفراد حفظ‬ ‫السالم بأنظمتها األساسية‬ ‫ّ‬ ‫السالم‬ ‫ونصت على حفظة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بصفتهم تلك وال كمدنيني‪ ،‬نظرا‬ ‫الدولي‪.‬‬ ‫لوضعهم املم ّيز في القانون ّ‬ ‫في هذا اإلطار‪ ،‬اعتبر نظام روما‬ ‫األساسي للمحكمة اجلنائية‬ ‫الدولية املؤ ّرخ في ‪ 17‬جويلية ‪1998‬‬ ‫ّ‬ ‫انضمت إليه اجلمهورية‬ ‫والذي‬ ‫ّ‬

‫التونسية مبقتضى املرسوم عدد ‪4‬‬ ‫لسنة ‪ 2011‬املؤرخ ‪ 7‬في ‪ 19‬فيفري‬ ‫‪ 2011‬وصادقت على ذلك باألمر‬ ‫عدد ‪ 549‬لسنة ‪ 2011‬املؤرخ في‬ ‫‪ 14‬ماي ‪ 8 2011‬أ ّن اإلعتداءات‬ ‫السالم‬ ‫املوجهة ّ‬ ‫ضد أفراد حفظ ّ‬ ‫ّ‬ ‫األمم ّية جرائم حرب تخضع لوالية‬ ‫نصت‬ ‫احملكمة اجلنائية الدولية‪ ،‬إذ ّ‬ ‫املا ّدة الثامنة املتع ّلقة بجرائم‬ ‫احلرب في فقرتها (‪( )2‬بـ) (‪ )3‬على‬ ‫تعد جرمية حرب على معنى‬ ‫أنّه ّ‬ ‫شن‬ ‫هذا النظام األساسي‬ ‫«تعمد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ضد ّ‬ ‫موظفني مستخدمني‬ ‫هجمات ّ‬ ‫أو منشآت أو موا ّد أو وحدات أو‬ ‫مهمة‬ ‫مركبات مستخدمة في‬ ‫ّ‬ ‫املساعدة اإلنسانية أو حفظ‬ ‫السالم عمال مبيثاق األمم املتّحدة ما‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يستحقون احلماية التي تو ّفر‬ ‫داموا‬ ‫للمدنيني أو للمواقع مبوجب القانون‬ ‫الدولي للنّزاعات املس ّلحة»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واعتبرت كذلك املا ّدة الثامنة في‬ ‫الفقرة (ب) نقطة (‪ )7‬جرمية حرب‬ ‫«إساءة استعمال علم الهدنة أو‬ ‫علم العد ّو أو شارته العسكرية‬ ‫وز ّيه العسكري أو علم األمم املتحدة‬ ‫أو شاراتها وأزيائها العسكرية»‪.‬‬ ‫ورغم أ ّن تكييف اإلعتداءات‬ ‫السالم‬ ‫املوجهة ّ‬ ‫ضد أفراد حفظ ّ‬ ‫ّ‬ ‫تعسف على‬ ‫كجرائم حرب فيه‬ ‫ّ‬ ‫حد‬ ‫تعريف جرمية احلرب في‬ ‫ّ‬ ‫ذاتها‪ ،‬باعتبار أ ّن هذه األخيرة‬

‫‪ 6‬القضية متوفرة على املوقع اإللكتروني‪:‬‬ ‫‪http://www.unictr.org/Portals/0/Case/French/BAGOSORA_Th%C3%A9oneste_96-7/jugement/081218.pdf‬‬

‫‪ 7‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 12‬املؤرخ في ‪ 22‬فيفري ‪ ،2011‬ص‪.185.‬‬ ‫‪ 8‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 36‬املؤرخ في ‪ 20‬ماي ‪ ،2011‬ص‪.724 .‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪66‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫ّ‬ ‫كل انتهاك جسيم‬ ‫تشمل‬ ‫لقوانني وأعراف احلرب يرتكب أثناء‬ ‫الدولية وغير‬ ‫النزاعات املسلحة ّ‬ ‫الدولية واحلال أ ّن هذه الق ّوات ال‬ ‫ّ‬ ‫يأذن بنشرها دائما في وضعيات‬ ‫النزاع املسلح‪ ،‬بل قد يتم نشرها‬ ‫جتدده أو‬ ‫عند انتهاء النزاع ملنع ّ‬ ‫على إثر توقيع هدنة بني األطراف‬ ‫املتنازعة‪ ،‬فإن في ذلك التكييف‬ ‫خاصة لتلك الق ّوات باعتبار‬ ‫حماية ّ‬ ‫أ ّن جرائم احلرب ال يسري عليها‬ ‫التقادم وال يسقط فيها حقّ التّتبع‬ ‫مبرور ال ّزمن عمال بأحكام املا ّدة ‪29‬‬ ‫من النظام األساسي للمحكمة‬ ‫نص على‬ ‫اجلنائية الدولية الذي ّ‬ ‫أنّه «ال تسقط اجلرائم التي تدخل‬ ‫في اختصاص احملكمة بالتقادم أ ّيا‬ ‫كانت أحكامه» وكذلك اتفاقية‬ ‫عدم تقادم جرائم احلرب واجلرائم‬ ‫ضد اإلنسانية املعتمدة بنيويورك‬ ‫ّ‬ ‫في ‪ 26‬نوفمبر ‪ 1968‬والتي صادقت‬ ‫عليها اجلمهورية التونسية‬ ‫مبقتضى القانون عدد ‪ 11‬لسنة‬ ‫‪ 1972‬املؤرخ في ‪ 10‬مارس ‪.1972 9‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬فإ ّن تكييف‬ ‫السالم‬ ‫اإلعتداءات على أفراد حفظ ّ‬ ‫بأنها جرائم حرب يضمن عدم إفالت‬ ‫املعتدين من احملاكمة أل ّن املبدأ‬ ‫األساسي الذي تقوم عليه احملكمة‬ ‫اجلنائية الدولية هو مبدأ التكامل‬ ‫بينها وبني القضاء الوطني‪ ،‬إذ‬ ‫ينعقد االختصاص األصلي في‬ ‫ضد أفراد حفظ‬ ‫جرمية ّ‬ ‫شن هجمات ّ‬

‫السالم لفائدة القضاء الوطني‬ ‫ّ‬ ‫للدولة‪ ،‬وإذا كان نظامها القضائي‬ ‫ّ‬ ‫غير راغب في احملاكمة أو أجرى‬ ‫محاكمة صورية بغرض حماية‬ ‫الشخص املعني من املسؤولية‬ ‫اجلنائية‪ ،‬أو كانت السلطات غير‬ ‫قادرة على مباشرة اختصاصها‬ ‫بسبب انهيار النظام القضائي‬ ‫الوطني عندئذ ينعقد االختصاص‬ ‫للمحكمة اجلنائية الدولية‪.‬‬ ‫وقد أثر النظام األساسي‬ ‫للمحكمة اجلنائية الدولية إيجابا‬ ‫في صياغة النظام األساسي‬ ‫اخلاصة لسيراليوني‬ ‫للمحكمة‬ ‫ّ‬ ‫الذي متّ اعتماده من خالل اتفاقية‬ ‫موقعة بني حكومة سيراليوني‬ ‫واألمم املتحدة بتاريخ ‪ 16‬جانفي‬ ‫‪ ،2002‬وذلك فيما يتعلق بتجرمي‬ ‫االعتداءات التي تطال أفراد‬ ‫السالم‪ ،‬إذ اعتمدت املا ّدة‬ ‫حفظ ّ‬ ‫ال ّرابعة (ب) منه نفس الصياغة‬ ‫التي اعتمدتها املا ّدة الثامنة (‪)2‬‬ ‫(ب) (‪ )3‬من النظام األساسي‬ ‫للمحكمة اجلنائية الدولية‪،‬‬ ‫واعتبرت االنتهاكات التي تطال‬ ‫أفراد حفظ السالم من االنتهاكات‬ ‫الدولي اإلنساني‪.‬‬ ‫اخلطيرة للقانون ّ‬ ‫وال متارس احملكمة اختصاصها‬ ‫على هذه االنتهاكات إالّ إذا ارتكبت‬ ‫احملدد‬ ‫بعد عام ‪ 1996‬وهو التاريخ ّ‬ ‫لبداية سريان نظام احملكمة‪ .‬وجدير‬ ‫بالذكر أنّه خالل النزاع املسلح‬ ‫بسيراليوني سنة ‪ 2000‬كان جنود‬

‫ملهمة األمم‬ ‫حفظ السالم التابعني‬ ‫ّ‬ ‫املتحدة بهذا البلـد (‪)UNAMSIL‬‬ ‫هدفا لعديد الهجمات حيث احتجز‬ ‫بعضهم من قبل ث ّوار اجلبهة‬ ‫املوحدة‪ ،‬في حني متّ إطالق‬ ‫الثورية‬ ‫ّ‬ ‫النار على البعض اآلخر ممّا تسبب‬ ‫في جرح وقتل عدد منهم‪ .‬وقد بلغ‬ ‫العدد اجلملي ألفراد حفظ السالم‬ ‫الذين متّ استهدافهم أكثر من‬ ‫‪ 150‬فردا‪ .‬وفي هذا اإلطار أصدرت‬ ‫احملكمة اخلاصة بسيراليوني في‬ ‫املوحدة‬ ‫قضية اجلبهة الثورية‬ ‫ّ‬ ‫حكمها في مارس ‪ 2009‬وأدانت‬ ‫املتهمني الثالثة في القضية من‬ ‫أجل جرمية احلرب املتمثلة في‬ ‫استهداف جنود حفظ السالم‬ ‫وجرمية احلرب املتمثلة في قتل أفراد‬ ‫مهمة األمم املتحدة بسيراليوني ‪. 10‬‬ ‫يستخلص ممّا سبق بيانه أ ّن‬ ‫الدولي من خالل‬ ‫النظام القانوني ّ‬ ‫آلياته التعاقدية (املعاهدات)‬ ‫والقضائية (احملاكم) يتجه نحو‬ ‫إقرار حماية دولية فعلية ومباشرة‬ ‫السالم من خالل‬ ‫ألفراد حفظ‬ ‫ّ‬ ‫جترمي اإلعتداءات التي تطالهم في‬ ‫حرمتهم اجلسدية وأماكن عملهم‬ ‫وعتادهم وضمان عدم إفالت‬ ‫تدعم هذا‬ ‫املعتدين من العقاب‪ ،‬وقد ّ‬ ‫الدولي‬ ‫املنحى من خالل إقرار اجملتمع ّ‬ ‫للبروتوكول االختياري لالتفاقية‬ ‫املتعلقة بسالمة موظفي األمم‬ ‫املتحدة واألفراد املرتبطني بها‬ ‫الذي اعتمدته اجلمعية العامة‬

‫‪ 9‬الرائد ال ّرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 11‬املؤرخ في ‪ 10-14‬مارس ‪ ،1972‬ص‪.347 .‬‬ ‫‪ 10‬القضية متوفرة على املوقع اإللكتروني‪http://www.rscsl.org/Documents/Decisions/RUF/1251/SCSL-0415-T-1251.pdf :‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪67‬‬


‫لألمم املتحدة بتاريخ ‪ 8‬ديسمبر‬ ‫‪ .2005‬وقد وافقت اجلمهورية‬ ‫التونسية على االنضمام إليه‬ ‫بالقانون عدد ‪ 57‬لسنة ‪2007‬‬ ‫املؤرخ في ‪ 31‬أكتوبر ‪ 11 2007‬ومتت‬ ‫املصادقة عليه باألمر عدد ‪4122‬‬ ‫املؤرخ في ‪ 18‬ديسمير ‪2007 12‬‬ ‫كما أ ّن تط ّور طريقة تعامل‬ ‫الدولية مع‬ ‫احملاكم اجلنائية‬ ‫ّ‬ ‫اإلعتداءات املسلطة على أفراد‬ ‫السالم من اعتبارها مج ّرد‬ ‫حفظ ّ‬ ‫اعتداءات على مدنيني‪ ،‬مثلما أق ّرت‬ ‫الدولية ليوغسالفيا‬ ‫ذلك احملكمة ّ‬ ‫السابقة في إحدى قضاياها إلى‬ ‫التنصيص صراحة على اإلعتداءات‬ ‫املسلطة على هؤالء األفراد‬ ‫بصفتهم تلك ضمن أنظمتها‬ ‫األساسية واعتبارها جرائم‬ ‫خطيرة وانتهاكات لقوانني وأعراف‬ ‫احلرب‪ ،‬على غرار النظام األساسي‬ ‫اخلاصة بسيراليوني‬ ‫للمحكمة‬ ‫ّ‬ ‫والنظام األساسي للمحكمة‬ ‫الدولية‪ ،‬من شأنه أن‬ ‫اجلنائية ّ‬ ‫يضمن حماية أجنع حلفظة السالم‪.‬‬ ‫الدولي أن‬ ‫وال ميكن للمجهود ّ‬ ‫يك ّلل بالنجاح إن لم يعاضده في‬ ‫ذلك النظام القانوني الوطني‬ ‫باعتباره صاحب االختصاص‬ ‫األصلي لزجر اإلعتداءات التي تطال‬

‫أفراد حفظ السالم‪ .‬لذلك واعتبارا‬ ‫لكون اجلمهورية التونسية من‬ ‫الدول التي عادة ما تشارك في‬ ‫ّ‬ ‫السالم األممية سواء‬ ‫مها ّم حفظ ّ‬ ‫كان ذلك في القا ّرة اإلفريقية‬ ‫أو خارجها‪ ،‬فإنّه من الضروري‬ ‫تنقيح الكتاب الثاني من مجلة‬ ‫املرافعات والعقوبات العسكرية‬ ‫لتجرمي االعتداءات التي قد تطال‬ ‫عسكريني تونسيني مشاركني‬ ‫السالم‪ ،‬في‬ ‫في مها ّم حفظ‬ ‫ّ‬ ‫إطار مراجعة شاملة لهذه اجمللة‬ ‫تخ ّلصها من شوائب املاضي‬ ‫وحتي أحكامها احتراما اللتزامات‬ ‫ّ‬ ‫الدولية من خالل املصادقة‬ ‫بالدنا ّ‬ ‫على النظام األساسي للمحكمة‬ ‫اجلنائية الدولية ‪ 13‬واالتفاقية‬ ‫املتعلقة بسالمة موظفي‬ ‫األمم املتحدة واألفراد املرتبطني‬ ‫بها وبروتوكولها االختياري‪.‬‬ ‫كما أنّه من الضروري تنقيح‬ ‫الكتاب األ ّول من مجلة املرافعات‬ ‫والعقوبات العسكرية قصد تدارك‬ ‫بعض النقائص اإلجرائية وخاصة‬ ‫فيما يتعلق بإدراج فصل باجمللة‬ ‫مينح والية قضائية للمحاكم‬ ‫العسكرية على اجلرائم الداخلة‬ ‫في اختصاصها واملرتكبة خارج‬ ‫اإلقليم الوطني زمن السلم‪،‬‬

‫مع عدم تقييد حتريك الدعوى‬ ‫بتقدم املتض ّرر بشكوى‬ ‫العمومية‬ ‫ّ‬ ‫في الغرض‪ ،‬وذلك حتى ينعقد‬ ‫لها االختصاص بصفة صريحة‬ ‫عند االعتداء على عسكري‬ ‫تونسي مشارك في مهمة حلفظ‬ ‫السالم‪ ،‬خاصة وقد دعت منظمة‬ ‫الدول األعضاء إلى‬ ‫األمم املتحدة ّ‬ ‫معاجلة الفجوة في نطاق واليتها‬ ‫القضائية وتوسيع نطاق تنفيذ‬ ‫قوانينها اجلنائية كي تنطبق على‬ ‫جرائم ارتكبت في دولة مضيفة ‪.14‬‬ ‫وفي مستوى ثان‪ ،‬يجب نشر‬ ‫محتوى االتفاقية املتعلقة بسالمة‬ ‫موظفي األمم املتحدة واألفراد‬ ‫املرتبطني بها للتعريف بأحكامها‬ ‫لدى القوات املسلحة التونسية‬ ‫وخاصة لدى العسكريني املرشحني‬ ‫ّ‬ ‫السالم‬ ‫للمشاركة في مهام حفظ ّ‬ ‫وتالمذة األكادمييات واملدارس‬ ‫العسكرية‪ ،‬تطبيقا للما ّدة ‪19‬‬ ‫نصت على أ ّن‬ ‫من االتفاقية التي ّ‬ ‫تتعهد بنشر هذه‬ ‫الدول األطراف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫االتفاقية على أوسع نطاق ممكن‪،‬‬ ‫تتعهد‪ ،‬على وجه اخلصوص‪،‬‬ ‫كما‬ ‫ّ‬ ‫بتضمني برامج التعليم العسكري‬ ‫لديها دراسة تلك االتفاقية‬ ‫الصلة‬ ‫فضال عن األحكام ذات‬ ‫ّ‬ ‫من القانون الدولي اإلنساني‬

‫‪ 11‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 89‬املؤرخ في ‪ 6‬نوفمبر ‪ ،2007‬ص‪.3933 .‬‬ ‫‪ 12‬الرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد ‪ 103‬املؤرخ في ‪ 25‬ديسمبر ‪ ،2007‬ص‪.4492 .‬‬ ‫‪13 Mechergui Anis, l’adaptation du droit tunisien au statut de la Cour Pénale Internationale, Infos Juridiques, n° 156/157- Mai 2013, p.28-31‬‬ ‫العامة حول املساءلة اجلنائية ملوظفي األمم املتحدة وخبرائها املوفدين في بعثات‬ ‫‪ 14‬مذكرة من األمني العام إلى الدورة الثانية والستني للجمعية‬ ‫ّ‬ ‫بتاريخ ‪ 11‬سبتمبر ‪.2007‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪68‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫احملاكـم العسكرية‬ ‫في أملانيا‬ ‫املالزم أول قاضي العربي‬ ‫الشابي‬

‫أدرجت احملاكم العسكرية في أملانيا الدميقراطية‬ ‫سابقا ضمن «اجلهاز القضائي العادي» منذ‬ ‫‪ .1968‬في حني أدرجت في أملانيا االحتادية سابقا‬ ‫في«اجلهاز القضائي العادي» في سنة ‪.1990‬‬ ‫وال توجد زمن السلم محاكم جنائية عسكرية إذ ال‬ ‫والية قضائية جنائية عسكرية و ال قضاء عسكري وال‬ ‫محاكم عسكرية وال جلان عسكرية في أملانيا احلديثة‪.‬‬ ‫وفي حال ارتكب عسكريون جرائم عاديـة‬ ‫أو عسكرية فإن احملاكم العادية أي محاكم‬ ‫القضاء العدلي هي التي تنظر فيها‪.‬‬ ‫وميكن للدولة إقامة محاكم عسكرية مبوجب املادة‬ ‫التاسعة من القانون األساسي للسلطة القضائية‬ ‫األملانية لكن نفس املادة تنص على أن احملاكم العسكرية‬ ‫والتي لها نفس وضع احملاكم االحتادية ال ميكنها أن‬ ‫متارس الوالية اجلنائية إال على أفراد القوات املسلحة‬ ‫الذين مت إرسالهم إلى اخلارج أو الذين هم على منت‬ ‫السفن احلربية أو في حالة دفاع‪ .‬وفي مثل هذه الظروف‬ ‫تتبع احملاكم العسكرية سلطة وزارة العدل االحتادية ‪.‬‬ ‫ويجب أن يستوفي رؤساء احملاكم والدوائر القضائية‬ ‫الذين يترأسون هذه احملاكم الشروط العادية‬ ‫ليكونوا قادرين على تو ّلي منصب قاض وتشتغل‬ ‫محكمة العدل االحتادية كمحكمة عسكرية عليا‪.‬‬ ‫وبالتالي فإن القيـد املفـروض مبوجب القانـون‬ ‫األساسي للسلطة القضائية األملانية يجعل‬

‫القانون اجلنائي العسكري يطبق على كل من األفراد‬ ‫العسكريني واجملندين وبشكل محدود على املدنيني‬ ‫في حال ارتكابهم لبعض اجلرائم‪ .‬األمر الذي يعني‬ ‫أن اجلرائم الواردة في القانون اجلنائي العسكري‬ ‫تدخل ضمن اختصاص احملاكم العادية في زمن‬ ‫السلم‪ .‬وتخضع لإلجراءات اجلنائية العادية ما دام‬ ‫ليس هناك ما ينص على وجود احملاكم العسكرية‪.‬‬ ‫واتّسمت اإلمبراطورية األملانية خالل القرنني ‪ 18‬و‪19‬‬ ‫بالطابع العسكري للدولة‪ .‬وكثيرا ما يتم االستشهاد‬ ‫بتعليق ميرابو ويلنوون بأن بروسيا لم تكن دولة لها‬ ‫جيش ولكن جيشا له دولة‪ .‬وبوصول اإلمبراطور‬ ‫فريدريك فيلهلم الرابع إلى السلطة‪ ،‬أصبح اجلمع‬ ‫بني السلطة امللكية والعسكرية احملور الذي يدور‬ ‫حوله نظام الدولة البروسية وأدرج قانون اإلجراءات‬ ‫اجلنائية العسكرية البروسي لعام ‪ 1845‬في القوات‬ ‫املسلحة األملانية اإلحتادية الشمالية سنة ‪،1867‬‬ ‫وأدرج في ‪ 1871‬في القوات اإلمبريالية حتت‬ ‫إسم القانــــون اإلمبراطوري العسكــــري‪.‬‬ ‫وقد منح هذا القانــــون سلطـــــات‬ ‫واسعة لقادة القوات املسلحة واجلـيش وإفراطه‬ ‫في الوالية املمنوحة للمحاكم العسكرية‪،‬‬ ‫وعدم الفصل بني احملاكم العسكرية والنيابة‬ ‫لإلجراءات‪.‬‬ ‫التعسفي‬ ‫والطابع‬ ‫العامة‬ ‫وفي عام ‪ 1862‬انتقد هذا القانون من طرف املؤمتر‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪69‬‬


‫الشعبي العام للحقوقيني األملان الذي دعا إلى احلد‬ ‫من إختصاصات احملاكم العسكرية‪ ،‬خاصة في ما‬ ‫واشتدت النقاشات‬ ‫يتعلق باجلرائم اجلنائية العادية‬ ‫ّ‬ ‫في نهاية القرن ‪ 19‬حول التشريع اجلنائي العسكري‬ ‫وتعددت محاوالت اصالحه‪ .‬وفي أعقاب احلرب العاملية‬ ‫األولى وهزمية أملانيا‪ ،‬مت حل اجليش الذي ألغى دستورها‬ ‫سنة ‪ 1919‬الوالية القضائية اجلنائية العسكرية‬ ‫في زمن السلم‪ .‬وسمح بها في وقت احلرب‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ 1920‬صدر قانون يجيز للمحاكم‬ ‫العسكرية محاكمة اجلرائم التي ترتكب‬ ‫على منت السفن احلربية في وقت السلم‪.‬‬ ‫إن نظام العدالة العسكرية الذي شكلته‬ ‫احلكومة النازية معقد ومتنوع يتأثر بجنسية املتهم‬ ‫واملتضرر‪ ،‬وطبيعة اجلرمية‪ ،‬واملكان الذي ارتكبت فيه‬ ‫اجلرمية هل هي أراض أملانية أم أرض محتلة؟ وهذه‬ ‫األراضي احملتلة هل هي في الشرق أو في الغرب؟‬ ‫يخضع جميع املواطنني األملان للمحاكم األملانية في‬ ‫كل القضايا اجلنائية وينبغي تطبيق القانون األملاني‪.‬‬ ‫ومن املفارقات أن السلطات القضائية‬ ‫احمللية لألراضي احملتلة واصلت ممارسة واليتها‬ ‫القضائية‪ .‬بيد أنها لم متلك الوالية القضائية‬ ‫على املسائل املتعلقة مبصالح الدولة األملانية‬ ‫واجلرائم اخلطيرة التي ترتكب ضد الدولة األملانية‬ ‫أو اللجنة الوطنية للحزب اإلشتراكي أواملنظمات‬ ‫التابعة لها‪ ،‬بغض النظر عن جنسية املتهم‬ ‫و في جميع احلاالت تخضع أحكام احملاكم احمللية‬ ‫لألراضي احملتلة للمراجعة من جانب احملاكم األملانية‬ ‫ومع ذلك فإنه نادرا ما كانت الوالية القضائية لألراضي‬ ‫احملتلة ال تخضع الختصاص احملاكم العسكرية األملانية‪.‬‬ ‫إن اختصاص احملاكم العسكرية األملانية كان‬ ‫يتوقف على عوامل أخرى مثل مدى املقاومة املوجودة‬ ‫داخل األراضي احملتلة ففي النرويج تأسست منذ‬ ‫الوهلة األولى محكمة أملانية عادية بينما في فرنسا‬

‫الدفاع‬ ‫‪70‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫وبلجيكا كانت تهيمن احملاكم األملانية العسكرية‬ ‫ومنحت سلطات قانونية خاصة للقادة العسكريني‬ ‫وبالرغم من ذلك فإن هناك «سمة مميزة جلهاز العدالة‬ ‫األملاني في األراضي احملتلة‪ ،‬يتمثل في استخدام ما‬ ‫يسمى بـ «حالة الطوارئ املدنية» لنقل مسؤولية‬ ‫محاكمة الكثير من اجلرائم من احملاكم األملانية العادية‬ ‫إلى احملاكم األملانية العسكرية أواحملاكم اخلاصة‬ ‫« تعادل احملاكم العسكرية» وتتألف من ضباط وشرطة‬ ‫وتنعقد بإجراءات صورية‪ ،‬ليس فيها حق اإلستئناف‬ ‫وليس للمتهم حق التمثيل‪ ،‬كما أنشئت محاكمة‬ ‫خاصة ومحاكم اجليش اخلاصة واحملاكم العسكرية‬ ‫للشرطة للتصدي لبعض اجلرائم ذات الصلة بأشكال‬ ‫مقاومة االحتالل النازي وقد أنشئت في بعض البلدان‬ ‫الشرقية كال النوعني من احملاكم املدنية واخلاصة‬ ‫دون اللجوء إلى تطبيق «حالة الطوارئ املدنية»‪.‬‬ ‫إن النظام الذي استخدم لتفعيل القضاء العسكري‬ ‫واحملاكم العسكرية في الرايخ الثالث معقد‪ .‬باعتباره‬ ‫لم يشمل احملاكم العسكرية التقليدية التي‬ ‫يستخدمها اجليش والتي أنشئت مبوجب القانون‬ ‫اجلنائي العسكري األملاني بل أحدثت في املقابل‬ ‫مجموعة واسعة من احملاكم العسكرية و اخلاصة ‪:‬‬ ‫محاكم اجليش اخلاصة ومحاكم الشرطة التي‬ ‫أنشئت مبوجب مراسيم‪ .‬وكان لهذه احملاكم والية‬ ‫قضائية واسعة‪ ،‬مبا في ذلك جرائم مثل سرقة‬ ‫احملاصيل ونشر املعلومات «املعادية» للرايخ الثالث‪،‬‬ ‫وحتريض اآلخرين على اإلضراب‪ ،‬وعقد إجتماعات غير‬ ‫قانونية مبا أن النازيني احتلوا املزيد واملزيد من األراضي‪.‬‬ ‫ومع اشتعال الصراع في العالم‪ ،‬انتشرت هذه احملاكم‬ ‫وتوسعت واليتها القضائية على كل أنواع اجلرائم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وقد أثر تقسيم أملانيا إلى دولتني‪:‬‬ ‫جمهورية أملانيا االحتادية وجمهورية أملانيا‬ ‫الدميقراطية على املسائل املتعلقة بالوالية‬ ‫القضائية اجلنائية العسكرية ففي أملانيا االحتادية‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫مت إدخال تغييرات هامة على الوالية القضائية‬ ‫اجلنائية العسكرية بعد احلرب العاملية الثانية‪.‬‬ ‫وفي بداية سنة ‪ 1956‬جاءت سلسلة من‬ ‫اإلصالحات القانونية التي توجت باعتماد القانون‬ ‫اجلنائي العسكري لعام ‪ 1957‬ليحل محل القانون‬ ‫اجلنائي العسكري لعام ‪ 1871‬وبدوره كان قانون‬ ‫‪ 1957‬موضوع تعديالت متتالية وفي عام ‪1974‬‬ ‫اعتمد القانون اجلنائي العسكري اجلديد الذي ما‬ ‫يزال ساريا حتى اآلن مع بعض التغييرات الطفيفة‪.‬‬ ‫أما في جمهورية أملانيا الدميقراطية فقد عوض‬ ‫القانون اجلنائي العسكري لعام ‪ 1957‬قانون العقوبات‬ ‫العام ‪ 1968‬الذي يعتبر أن اجلرائم العسكرية تدخل‬ ‫ضمن قائمة اجلرائم التي يعاقب عليها القانون وجرى‬ ‫تعديله في سنوات ‪ 1974‬و‪ 1977‬و‪ 1979‬وكما هو‬ ‫احلال في معظم البلدان االشتراكية أدرجت احملاكم‬ ‫العسكرية األملانية ضمن «اجلهاز القضائي العادي»‬ ‫حتى يتقاسم القضاة العسكريون واملدنيون من‬ ‫حيث االختصاص املوضوعي واإلجراءات التشريع‬ ‫نفسه ويخضعوا لسلطة محكمة عليا واحدة‬ ‫وفي ‪ 03‬أكتوبر ‪ ، 1990‬دخلت معاهدة توحيد‬ ‫جمهورية أملانيا الدميقراطية وجمهورية أملانيا‬ ‫االحتادية حيز التنفيذ‪ .‬ومبوجب املادة ‪ 3‬من املعاهدة‬ ‫أصبح دستور جمهورية أملانيا االحتادية مطبقا‬ ‫في كامل أراضي جمهورية أملانيا الدميقراطية‬ ‫السابقة إال فيما يتعلق ببعض املسائل املالية‪.‬‬ ‫وهو ما ينتهي بنا إلى القول بأن الوالية القضائية‬ ‫اجلنائية العسكرية في أملانيا مرت باملراحل التالية ‪:‬‬ ‫ بوصول اإلمبراطور فريدريك فيلهلم الرابع‬‫إلى السلطة أصبح اجلمع بني السلطة امللكية‬ ‫والعسكرية احملور الذي يدور حوله نظام الدولة البروسية‬ ‫وأدرج قانون االجراءات اجلنائية العسكرية البروسي‬ ‫لعام ‪ 1845‬في القوات املسلحة األملانية االحتادية‬ ‫الشمالية سنة ‪ ،1867‬وأدرج في ‪ 1871‬في القوات‬

‫االمبريالية حتت اسم القانون االمبراطوري العسكري‪.‬‬ ‫ وفي أعقاب احلرب العاملية األولى وهزمية أملانيا‪،‬‬‫مت حل اجليش االمبراطوري‪ ،‬وظهرت جمهورية فاميار‪.‬‬ ‫حيث ألغى دستور جمهورية فاميار سنة ‪ 1919‬الوالية‬ ‫القضائية اجلنائية العسكرية في زمن السلم‪.‬‬ ‫وسمح بها في وقت احلرب‪ .‬وفي عام ‪ ،1920‬صدر قانون‬ ‫يجيز للمحاكم العسكرية محاكمة اجلرائم التي‬ ‫ترتكب على منت السفن احلربية في وقت السلم‪.‬‬ ‫أ ّثر تقسيم أملانيا إلى دولتني على املسائل املتعلقة‬ ‫بالوالية القضائية اجلنائية العسكرية نتيجة‬ ‫«تفكيك املنظمات العسكرية املفروضة مبوجب‬ ‫معاهدات السالم» بعد احلرب العاملية الثانية وإلى‬ ‫أن مت تعديله سنة ‪ 1956‬و منع الدستور األملاني‬ ‫وجود القوات املسلحة وهو ما يعني التخلي عن‬ ‫الوالية القضائية اجلنائية العسكرية في زمن‬ ‫السلم وشهدت سنة ‪1956‬بداية سلسلة من‬ ‫اإلصالحات القانونية التي توجت باعتماد القانون‬ ‫اجلنائي العسكري لعام ‪ 1957‬ليحل محل القانون‬ ‫اجلنائي العسكري لعام ‪ 1871‬وبدوره كان قانون‬ ‫عام ‪ 1957‬موضوع تعديالت متتالية وفي عام ‪1974‬‬ ‫اعتمد القانون اجلنائي العسكري اجلديد الذي ما‬ ‫يزال ساري املفعول حتى اآلن مع بعض التغييرات‬ ‫الطفيفة أما في جمهورية أملانيا الدميقراطية فقد‬ ‫عوض القانون اجلنائي العسكري لعام ‪ 1957‬قانون‬ ‫العقوبات الصادر عام ‪ 1968‬وفي ‪ 03‬أكتوبر ‪،1990‬‬ ‫دخلت معاهدة توحيد أملانيا ومنعت الوالية‬ ‫القضائية اجلنائية العسكرية في زمن السلم إذ‬ ‫تنتظم احملاكم العسكرية مبوجب املادة التاسعة‬ ‫من القانون األساسي للسلطة القضائية األملانية‬ ‫الذي ميكن الدولة من إقامة محاكم عسكرية‬ ‫متارس الوالية اجلنائية فقط على أفراد القوات‬ ‫املسلحة الذين مت إرسالهم إلى اخلارج أو الذين‬ ‫هم على منت السفن احلربية أو في حالة دفاع‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪71‬‬


‫قيادة االستعالمات‬

‫العقيد جالل الدين الشلي‬

‫ظهر في صائفة ‪ 2016‬بفرنسا منوذج « على اتصال» (‪ ،) Au contact‬وبرزت القيادات األربعة‬ ‫ّ‬ ‫املتخصصة‪ ،‬نذكر منها قيادة االستعالمات التي جتمع قدرات البحث لبناء هياكل تسمّ ى‬ ‫«متع ّددة اللواقط» تستجيب بشكل أكثر فاعلية للتهديدات ومتأقلمة في آن واحد مع‬ ‫إقحام الق ّوات في الظروف احلالية‪.‬‬ ‫إن قيادة االستعالمات (‪ )COM RENS‬تك َون مستقبال‬ ‫السلطة العضوية لوحدات االستعالمات وتفرز تأثيرا‬ ‫على القوات البرية‪ .‬تتعهد السلطة العضوية لهذه‬ ‫القوات بالتكوين والتحضير العملياتي‪ ،‬دون نسيان‬ ‫التعهد بكامل سلسلة االستعالمات التابعة للقوات‬ ‫العملياتية البرية كخاليا االستعالمات الراجعة‬ ‫لفصائل أركان األلوية أو حضائر قيادة األفواج‪.‬‬ ‫تضمن قيادة االستعالمات التنسيق واالستخدام‬ ‫السليم لهذه املهارات في العمليات وتسهر على‬ ‫تطوير قدرات البحث واالستغالل والتأثير حتى‬ ‫تتك َيف مع التهديدات واخملاطر الناشئة‪ .‬كما‬ ‫توضع‪ ،‬في مجال البحث‪ ،‬قيادة االستعالمات على‬ ‫ذمة مختلف مسارح العمليات «متعددة اللواقط»‬ ‫(‪ )multicapteurs‬تتآزر فيما بينها حول منظومة‬ ‫التقاط متنوعة ومتكاملة أمام املفاعيل املشتركة‪.‬‬ ‫بالتعاون مع إدارة االستعالمات العسكرية(‪،)DRM‬‬ ‫وهو جهاز استعالمات خملتلف اجليوش وتنتج قيادة‬ ‫االستعالمات إنتاج استعالمات تلبي حاجيات القوات‬ ‫البرية عند عملية التحضير وعند إقحام تشكيالتها‬ ‫في العمليات‪ .‬كما متدها بتقدير عام وشامل حلالة‬ ‫الوسط اجلو‪ -‬بري وهو عمل ضروري يساعدها على‬ ‫ممارسة القيادة وتسيير احلوار بني مختلف اجليوش‪.‬‬ ‫وتعتبر قيادة االستعالمات‪ ،‬على رأس السلسلة‬

‫الدفاع‬ ‫‪72‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫القيادية لوظيفة االستعالمات ألركان جيش البر‪،‬‬ ‫الضامنة النسجام استخدام الوظيفة االستعالماتية‬ ‫وتقترح املنهج التوجيهي في اجملال‪ .‬كما مت َثل قيادة‬ ‫االستعالمات رأس السلسلة القيادية جليش البر في‬ ‫مجال اجلغرافيا واألرصاد اجلوية حيث تقدم املشورة‬ ‫ألركان جيش البر وقيادة القوات البرية (‪ )CFT‬في‬ ‫مجال االستخدام األمثل لهذه القدرات اخملتصة‪ .‬‬ ‫كما متد اختباراتها إلى القيادات اخملتصة‬ ‫وتدعمها عند حتضير وتسيير العمليات حتت‬ ‫إشراف مساعد رئيس العمليات اجلو‪ -‬برية (‪SC‬‬ ‫‪ )OAT‬جليش البر‪ ،‬اضافة إلى ربط الصلة مع‬ ‫الفاعلني خملتلف اجليوش في مجال االستعالمات‬ ‫(من ضمنهم ممثل إدارة االستعالمات العسكرية)‬ ‫وآمر العمليات اخلاصة أو الضابط املكلف بالدفاع‬ ‫اإللكتروني فيما يخص التسيير العادي لألنشطة‪.‬‬ ‫تكون قيادة االستعالمات رائدة في مجال تخصصها‬ ‫«االستعالمات» وتشمل مسؤولياتها أساسا األفراد‬ ‫ذوي اختصاص «استعالمات» املوظفني خارج برنامج‬ ‫امليزانية العملياتية ‪ 1‬جليش البر (‪ )BOP Terre‬على غرار‬ ‫إدارة االستعالمات العسكرية‪ ،‬وكذلك وحدات قيادة‬ ‫القوات اخلاصة التابعة جليش البر مثل‪.)13°RDP( 3‬‬ ‫من حيث التنظيم تكون قيادة االستعالمات‬ ‫على مستوى غير مركز وواصف لوحداته الرئيسية‪.‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫وتقوم قيادة االستعالمات بتقدمي املشورة إلدارة‬ ‫املوارد البشرية التابعة جليش البر بصفتها خبير في‬ ‫استخدام املوارد البشرية لفائدة االستعالمات‪ .‬تكون‬ ‫قيادة االستعالمات على رأس السلسلة القيادية‬ ‫في مجال االستشارة مع حتوزها مبكانة مرموقة لدى‬ ‫قيادة القوات البرية عند اختيار املسؤولني في اجملال‪.‬‬ ‫فعند التحضير للعملية‪ ،‬يتمثل البحث «متعددة‬ ‫اللواقط» في إدراج لواقط ذات مصادر متنوعة‪4‬‬ ‫في نفس عملية البحث من أجل مضاعفة‬ ‫املردود من خالل تكامل هذه املصادر‪ .‬وبالتالي‬ ‫يتم تشغيل وأقلمة هياكل البحث «متعددة‬ ‫اللواقط» مع كل قيادة معنية باألمر على حده‪.‬‬ ‫ميكن « للفيف بحث متعدد اللواقط» (‪)SGRM‬‬ ‫التدخل في منطقة مسؤولية الفيلق التكتيكي‬ ‫خملتلف األسلحة (‪ )GTIA‬من أجل حتضير عمليته‬ ‫وذلك قبل عشرة أيام من انتشار هذا األخير‪.‬‬ ‫وتتمثل املهمة املسندة «للفيف بحث متعدد‬ ‫اللواقط» في وصف منطقة العمل لفائدة الفيلق‬ ‫التكتيكي خملتلف األسلحة قبل الشروع في تنفيذ‬ ‫العملية ويكون اللفيف منتشرا منذ يومني‪ .‬إذ تقوم‬ ‫إحدى دوريات الدعم اإللكتروني‪ 5‬بالتقاط االتصاالت‪.‬‬ ‫وبعد الترجمة واالستماع يخرج اللفيف باستنتاج‬ ‫عن وجود عناصر مناوئة باملنطقة‪ .‬بالتوازي تقوم‬ ‫إحدى مفارز االستقبال بإجراء محادثة خاصة على‬ ‫ضوء معلومات من مصادر محلية تؤكد تواجد عدو‬ ‫محتمل‪ .‬يتم نشر هذه املعلومة ذات االهتمام احليني‬ ‫على أعلى مستوى قيادي مبسرح العمليات‪ .‬وبالتالي‬ ‫يكون هدف القوة في هذه احلالة كشف وشل العدو‪.‬‬ ‫وعلى ضوء املعلومات ذات االهتمام احليني‪،‬‬ ‫يتم نشر محطات مدرعة للدعم اإللكتروني‬ ‫على املرتفعات‪ .‬إن عملية تثليث الرمايات‬ ‫القونيومترية‪ 6‬يجعل من املمكن حتديد موقع العدو‪.‬‬ ‫فيتم برمجة طلعات طائرة بدون طيار في‬ ‫نفس الليلة للتأكد من االستعالمات‪ .‬في األثناء‬ ‫تقوم الطائرة بدون طيار مبسح مجموعة املنازل‪،‬‬ ‫أين يتم رصد املكاملات‪ ،‬وترسل صور جغرافية‬ ‫في احلني حول اجملموعة املسلحة‪ .‬على إثرها‬

‫يتم قراءة واستغالل الصور من اخملتصني‪ .‬ترسل‬ ‫إحداثيات تواجد العدو إلى مفرزة بحث األشخاص‪.‬‬ ‫أثناء الليل‪ ،‬تتسرب دورية البحث في العمق‬ ‫بكتمان على املرتفعات وتبدأ مبراقبة نوعية‬ ‫للهدف‪ .‬متكن عملية الرصد واملشاهدة من التعرف‬ ‫على مجموعة تقوم باحلراسة تتكون من أربعة‬ ‫أشخاص مسلحني ومجهزين مبعدات اإلشارة‪.‬‬ ‫فترسل املعلومات التي مت جمعها إلى محللي‬ ‫«لفيف بحث متعدد اللواقط» (‪ .)SGRM‬لتقوم‬ ‫منظومة املساعدة على االستغالل(‪)SAER‬‬ ‫بعملية تقاطع املعلومات بالرجوع إلى قاعدتها‬ ‫البيانية من صور‪ ،‬ترددات‪ ،‬وثائق‪ ،‬وشبكات‪...‬‬ ‫ثم ترسل املعاجلة األولية لهذه املعلومات إلى‬ ‫املكتب الثاني للقوة(‪ )J2‬حيث يتمكن اخملتصون من‬ ‫التعرف على شخصني من ضمن األربعة ويتأكد أنهما‬ ‫ينتميان إلى مجموعة إرهابية مسلحة‪ .‬ويتضح‬ ‫أن قائد هذه اجملموعة محل تتبع من طرف القوة‪.‬‬ ‫في األثناء يتمكن محللو الصور واخلرائط‬ ‫من استكمال خرائط املنطقة من أجل حتضير‬ ‫عمليات الفيلق التكتيكي خملتلف األسلحة‪.‬‬ ‫وتبعا لالستعالمات املرسلة من طرف «لفيف‬ ‫بحث متعدد اللواقط»(‪ )SGRM‬واملستغلة من طرف‬ ‫املكتب الثاني للقوة‪ ،‬يقرر مركز العمليات للقوة‬ ‫التخطيط لعملية قتالية قصد شل اجملموعة‬ ‫املناوئة والقبض على قائدها‪ .‬لذلك املطلوب‬ ‫من اللفيف تقدمي دعم استعالماتي في اجملال‪.‬‬ ‫ويتم إنتاج منوذج ثالثي األبعاد من قبل مفرزة‬ ‫اجلغرافيا يعززها مترجمون في الصور‪ .‬ويتم‬ ‫استغالل جميع املعلومات املعروفة ‪ :‬مقطع‬ ‫للبناءات‪ ،‬املداخل احملتملة‪ ،‬جتزئة الغرف‪...‬‬ ‫في األثناء‪ ،‬يتم تركيز عربة خفيفة تابعة ملفرزة‬ ‫الدعم اإللكتروني تكون مجهزة بجهاز تشويش ذات‬ ‫قوة عالية‪ .‬وهو باستطاعته إجنار تشويش عند الطلب‪.‬‬ ‫ليتم بعد ذلك دعم العملية بطائرة بدون طيار‬ ‫مع استمرارية دائمة على الشبكة‪ .‬أخيرا تبقى دورية‬ ‫البحث على دوام أعمال الرصد واملشاهدة‪ ،‬وذلك‬ ‫قبالة الهدف‪ .‬وبالتالي تضمن الدورية مراقبة قارة‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪73‬‬


‫للعدو‪ ،‬وفي احملصلة تقوم بالتوجيه النهائي للقوة‪.‬‬ ‫وفي الصباح‪ .‬يأمر آمر مركز العمليات بالقيام‬ ‫مبقطع تشويش قصد منع العدو من حتقيق أي إتصال‪.‬‬ ‫لتضع السرية التابعة للفيلق التكتيكي‬ ‫خملتلف األسلحة مجموعة حراس املنزل املشبوه‬ ‫خارج حالة األذى وتقوم باقتحام املنزل‪ .‬ينتج عن‬ ‫ذلك شل خمسة مناوئني‪ ،‬يقتل ثالثة منهم‬ ‫ومن بينهم قائد اجملموعة اإلرهابية املسلحة‪.‬‬ ‫يتم التعرف على األشخاص املقبوض عليهم‬ ‫ويتم تصنيفهم حسب املصلحة التي يقدمونها‪.‬‬ ‫ويقع إخضاعهم لالستجواب من قبل فريق‬ ‫مختص بأمر من قيادة القوة(‪.)COMANFOR‬‬ ‫يتم إثر ذلك حجز املعدات اإلعالمية التابعة‬ ‫للعدو من مختصني‪ 7‬الذين يقومون باستغالل‬ ‫احملتوى الذي يقع إدراجه بقاعدة البيانات‪.‬‬ ‫أثناء هذه العملية‪ ،‬يتم نشر قدرات البحث‬ ‫بطريقة تكميلية‪ .‬أين كانت مناورتهم منسقة‬ ‫وعرضت وصف للمنطقة قبل بداية العمليات‪،‬‬ ‫وبعدها يتم دعم آمر مختلف األسلحة‪ ،‬وأخيرا‬ ‫يساهم اجلميع في بلورة املناورة القادمة‬

‫استعمال هوائي ( ‪ )HE100‬والقط (‪)PR100‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪74‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫إستعالمات يتم جمعها خالل تفتيشات بأفعانستان‬

‫القط إلكتروني يتم نشره خالل التمرين‬

‫جوان ‪2018‬‬


)SDTI(‫قذف منظومة طائرات دون طيار تكتيكية ووسيطة‬

:‫املراجــــــع‬ * TIM (Terre information magazine) n°273 Avril 2016( dossier : le commandement du renseignement «COM RENS») Cne Simonnot-virbel, Cne Maiornikoff. - DRM: la direction de renseignement militaire - CFT : le commandement des forces terrestres - SC OAT: le sous-chef opérations aéroterrestres - SGRM: Sous-groupement de recherche multi-capteurs - GTIA: Groupement tactique interarmes - SAER: Le système d’aide à l’exploitation - J2: Bureau renseignement de la force - SDTI: Système de drone tactique intermédiaire 1- Renseignement, systèmes d’information et de communication, logistique et Maintenance des forces 2- Hors budget opérationnel de programme Terre, c’est à dire des unités ne relevant pas de l’armée de Terre 3- 13° Régiment des Dragons Parachutistes 4- Recherche humaine, appui électronique, recherche par imagerie et appui géographique 5- La patrouille d’appui électronique assure la protection des forces au contact, recueille les éléments techniques, détecte et localise les émetteurs, intercepte les émissions. 6- La triangulation des tirs goniométriques 7- Exploitation de site sensible

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ 75

66 ‫العدد‬

2018 ‫جوان‬


‫ثكنات مدينة تونس خالل‬ ‫العهد العثماني‬

‫املقدم مختار الفرحاني‬

‫بدأت العناية باجليش التونسي منذ التحاق البالد التونسية بالدولة العثمانية سنة ‪ 1574‬وأصبحت‬ ‫إيالة تابعة للباب العالي إثر حملة سنان باشا على تونس وانتصاره على اجليوش اإلسبانية‪ ،‬ومن أهم‬ ‫اإلصالحات العسكرية التي أحدثها سنان باشا هي تخصيصه ‪ 4‬آالف مقاتال من عسكر االنكشارية‬ ‫بحاضرة تونس ّ‬ ‫قسمهم إلى أربعني قسما يضم كل قسم مائة انكشاري حتت إمرة أمير يلقب بـ«داي»‪،‬‬ ‫وأسندت مهمة استخالص اجلباية إلى أمير لواء يلقب بــ «الباي» وهو حتت أنظار الداي أو مأمور له‪ ،‬أما‬ ‫الشؤون البحرية فقد ُعهد بها إلى «قبودان رايس» وكل هؤالء املسؤولني يجتمعون في ديوان واحد لتدارس‬ ‫أوضاع الوالية وتسيير شؤونها وفصل قضايا العسكر جريا على الترتيب العثماني‪ ،‬وقد عرفت املؤسسة‬ ‫العسكرية أوج تطورها مع الباي «حمودة باشا» (‪ )1814-1782‬واملشير أحمد باشا باي (‪ )1855-1837‬ومن هذا‬ ‫املنطلق سوف نقسم املقال إلى قسمني‪:‬‬ ‫القسم األول‪ ،‬سوف نخصصه للحديث عن‬ ‫اإلصالحات العسكرية في عهد حمودة باشا احلسيني‬ ‫من خالل احلديث عن الثكنات التي أمر بإنشائها‪ ،‬أما‬ ‫القسم الثاني‪ ،‬سنبرز فيه أهم اإلصالحات العسكرية‬ ‫في عهد املشير أحمد باشا باي‪.‬‬ ‫‪ - 1‬إلصالحات العسكرية في عهد حمودة باشا‬ ‫احلسيني‬ ‫كان حمودة باشا منذ صغره شغوفا باحلياة‬ ‫العسكرية‪ ،‬وكبر معه ذلك احلب‪ ،‬ومن مظاهر اهتمامه‬ ‫باجليش أنه قد أنفق مبالغ ضخمة لتقوية اجليش‬ ‫وتدعيم إمكانياته احلربية مما ك ّلف ميزانية اإليالة‬ ‫أمواال باهضة‪ ،‬ومن أهم اإلصالحات العسكرية التي‬ ‫قام بها حمودة باشا هي بناء الثكنات أو ما يسمى‬ ‫«بالقشل» وهي في مجملها خمس ثكنات أنشأها‬ ‫داخل مدينة تونس وخصصها لسكنى العسكر‬ ‫وخاصة لالنكشاريني‪:‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪76‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫• قشلة الزنايدية أو قشلة سيدي املرجاني‬ ‫• قشلة العطارين‬ ‫• قشلة البشامقية‬ ‫• قشلة سوق الوزر أو قشلة سيدي صابر‬ ‫• قشلة سيدي عامر‬ ‫قشلة الزنايدية أو قشلة سيدي املرجاني‪:‬‬ ‫يسمى في‬ ‫تقع بنهج جامع الزيتونة الذي كان‬ ‫ّ‬ ‫العهد االستعماري بنهج الكنيسة وقد بدأت‬ ‫األشغال بها سنة (‪1221‬هـ ‪1806 -‬م)‪ ،‬حسب التاريخ‬ ‫املكتوب على النقيشة‪ ،‬املوجودة أعلى مدخل الثكنة‪،‬‬ ‫التي تعتبر من أُولى الثكنات التي بناها حمودة باشا‬ ‫احلسيني‪.‬‬ ‫تأخذ هذه القشلة شكل املستطيل ولها مدخل‬ ‫وحيد من الناحية اجلنوبية على نهج جامع الزيتونة‪،‬‬ ‫وحتتوي على سقيفة وبهو وطابق سفلي وطابق علوي‬ ‫ومسجد وخزان ماء‪ ،‬وفي السطح توجد أربعة أبراج‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫مراقبة في زوايا املعلم خصصت للحراسة واملراقبة‪.‬‬ ‫ويبلغ عدد الغرف بها ‪ 53‬غرفة‪ 25 ،‬منها في الطابق‬ ‫السفلي و‪ 28‬في الطابق العلوي‪ ،‬خصصت هذه الغرف‬ ‫لسكنى العساكر وخاصة االنكشاريني وقد شهدت‬ ‫هذه القشلة عدة استعماالت منذ إنشائها إلى يومنا‬ ‫هذا فبعدما كانت ثكنة تأوي العسكريني أصبحت‬ ‫سنة ‪ 1875‬مقر املعهد الصادقي نسبة إلى «محمد‬ ‫الصادق باي»‪ ،‬وقد متّ إحداث هذا املعهد بواسطة‬ ‫األمر العلي املؤرخ في ‪ 13‬جانفي ‪ ،1875‬وذلك لتكوين‬ ‫اإلطارات املشرفة على مختلف دواليب الدولة وفي‬ ‫سنة ‪ 1897‬وبعد انتقال املعهد الصادقي إلى مقره‬ ‫احلالي بالقصبة أصبح امل ْعلم مقرا جلمعية األوقاف ثم‬ ‫أُحلق أخيرا مبصالح وزارة الثقافة ليكون جزءا تابعا لدار‬ ‫الكتب الوطنية قسم الدوريات‪ ،‬وبعد انتقال املكتبة‬ ‫الوطنية إلى مقرها احلالي أُحلق بالوكالة الوطنية‬ ‫للمحافظة على التراث وهو شاغرا اآلن‪ .‬توجد أعلى‬ ‫املدخل الرئيسي للقشلة لوحة رخامية مستطيلة‬ ‫تبت باخلط النسخي التركي‪ ،‬حتتوي‬ ‫بها نقيشة ُك ْ‬ ‫على ‪ 18‬سطرا فيها وصف لهذا امل َ ْعلم وتاريخ إنشائه‬ ‫وتعلوها لوحة رخامية نصف دائرية توجد بها نقيشة‬ ‫بخط الثلث باللغة العثمانية وعلى جانبيها نقيشة‬ ‫باخلط النسخي باللغة العربية‪.‬‬ ‫قشلة العطارين ‪ :‬تقع هذه القشلة بنهج العطارين‬ ‫تتوسط أسواق املدينة قرب جامع الزيتونة ويعود‬ ‫تاريخ بنائها إلى سنة (‪1229‬ه ‪1813 -‬م) حسب ما‬ ‫تبينه النقيشة التي تعلو مدخل املعلم‪ ،‬وتتكون‬ ‫هذه الثكنة من طابق سفلي‪ ،‬وطابق أرضي‪ ،‬وطابق‬ ‫علوي‪ ،‬وهي على شكل مستطيل له مدخل وحيد‬ ‫من جهة نهج سوق العطارين وتعلو الباب نقيشة‬

‫‪ 15‬بيت شعري وعلى جانبيها نقيشتان كتبتا باخلط‬ ‫النسخي العربي وحتتوي كل نقيشة على ‪ 3‬أسطر‬ ‫وهي باألساس ابتهاالت دينية‪ ،‬تتكون هذه القشلة‬ ‫من العناصر التالية ‪ :‬سقيفة وصحن وأربعة أروقة‬ ‫و‪ 3‬طوابق‪ ،‬سفلي وأرضي وعلوي وبئر يتوسط الصحن‪،‬‬ ‫ويبلغ عدد الغرف ‪ 33‬غرفة خصصت كلها لسكنى‬ ‫االنكشاريني وتوجد على كل مدخل غرفة‪ ،‬لوحات‬ ‫رخامية حتمل أسماء العسكريني املنتمني للغرفة‬ ‫ويتراوح عددهم بني ‪ 3‬و ‪ 5‬أسماء‪.‬‬ ‫كغيرها من املعالم األثرية شهدت هذه القشلة‬ ‫عدة حتوالت وذلك حسب احلقبة الزمنية التي مرت بها‬ ‫فبعد أن كانت قشلة في العهد العثماني أصبحت‬ ‫فيما بعد مكتبة عمومية وتوجد بها نقيشة يعود‬ ‫تاريخها إلى سنة ‪ 1924‬تشير إلى مؤسس هذه‬ ‫املكتبة وهو الطبيب « شارل نيكول» إلى جانب صورة‬ ‫له ثم حتولت فيما بعد إلى مدرسة للغة واآلداب‬ ‫العربية ثم دار الكتب الوطنية ومازالت إلى يومنا هذا‬ ‫تابعة للمكتبة الوطنية‪.‬‬ ‫قشلة البشامقية‪ :‬تقع هذه الثكنة بالقرب من دار‬ ‫الباي بنهج سوق السكابني تفتح من الناحية الغربية‬ ‫رخامية أبعادها (‪120‬صم* ‪80‬صم) حتتوي على على ساحة القصبة‪ ،‬ومن الناحية الشرقية حيث‬ ‫قصيدة شعرية كتبت باخلط النسخي العثماني بها املدخل الرئيسي والنقيشة على سوق الدزيرية‪ ،‬يعود‬ ‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪77‬‬


‫نقيشة قشلة العطارين‬

‫صحن قشلة العطارين‬

‫نقيشة قشلة العطارين‬

‫الدفاع‬ ‫‪78‬‬

‫أسماء العسكريني أعلى مداخل الغرف‬ ‫العدد ‪66‬‬

‫تاريخ بناء هذه القشلة إلـى سنـة (‪1230‬ه ‪1814 -‬م)‬ ‫شكلها مستطيل وحتتوي كسابقاتها من الثكنات‬ ‫األثرية على طابق سفلي وطابق أرضي وطابق علوي‬ ‫إلى جانب احتوائها على جناحني واحد من اجلهة‬ ‫الغربية واالَخر من اجلهة اجلنوبية‪.‬‬ ‫يقع املدخل الرئيسي للقشلة من اجلهة الشرقية‬ ‫حيث تعلو الباب لوحة رخامية توجد بها نقيشة‬ ‫كتبت باخلط النسخي التركي وحتتوي على ‪ 21‬سطرا‬ ‫وهي عبارة عن قصيدة شعرية فيها متجيد للسلطان‬ ‫العثماني وللجيش التركي‪ ،‬وأعلى هذه النقيشة‬ ‫هناك لوحة رخامية أخرى تأخذ شكل نصف دائرة‬ ‫حتمل نقيشة لنص ديني‪.‬‬ ‫حتتوي هذه القشلة على ‪ 43‬غرفة خصصت‬ ‫لسكنى العساكر األتراك آنذاك ويوجد فوق باب كل‬ ‫غرفة عدة نقائش ألسماء العسكريني القاطنني‬ ‫بالغرفة تترواح بني ‪ 3‬و‪ 5‬أسماء‪.‬‬ ‫وكغيره من املعالم األخرى شهد هذا املعلم‬ ‫عدة تغييرات حسب الفترات الزمنية اخملتلفة‪ ،‬فقد‬ ‫أُنشأت هذه القشلة بأمر من حمودة باشا احلسيني‬ ‫سنة ( ‪1230‬ه ‪1814 -‬م ) وتواصلت مهمتها إلى حدود‬ ‫سنة ( ‪1296‬ه ‪1880 -‬م) حيث مت إحداث املستشفى‬ ‫الصادقي الذي أمر ببنائه محمد الصادق باي (‪1859‬‬ ‫ ‪ )1882‬بسبب كثرة األوبئة في اإليالة آنذاك مثل‬‫مرض الطاعون‪ ،‬وقد صدر أمر علي بتاريخ ‪ 14‬من شهر‬ ‫محرم (‪1296‬ه ‪1880 -‬م) لتحويل قشلة البشامقية‬ ‫العلي‬ ‫إلى ماريستان (مستشفى) يحتوي هذا األمر‬ ‫ّ‬ ‫على ‪ 41‬فصال ُت ِّددُ مهام املستشفى وأقسامه‬ ‫واإلطار الطبي واملرضى وعدد األس ّرة‪ .....‬وفي ما يلي‬ ‫بعض فصول األمر العلي‬ ‫الفصل األول‪ :‬يصبح احملل الضخم التابع للدولة‬ ‫الكائن بالبشامقية ماريستان (مستشفى)‪.‬‬ ‫جوان ‪2018‬‬


‫بهو أو صحن قشلة البشماقية‬

‫أرواق الطابق السفلي‬ ‫بقشلة البشامقية واألقبيةاملتقاطعة‬

‫الفصل الثاني‪ :‬يحتوي املاريستان املذكور على‬ ‫‪ 100‬فراش‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬يخصص من ‪ 100‬فراش ‪ 18‬فراش‬ ‫للنساء‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬قسم النساء يكون في مكان مستقل‬ ‫منفرد عن الرجال ومدخله خارج عن احملل االخر‪.‬‬ ‫الفصل السابع عشر‪ :‬يكون للماريستان (املستشفى)‬ ‫عي‪ ،‬وطباخ ومساعده وإحدى‬ ‫طبيب مباشر و معه ُم ِّ‬

‫ويعود تاريخ إنشائها إلى سنة (‪1229‬هـ ‪1813 -‬م)‬ ‫حسب ما تبينه النقيشة املوجودة على املدخل‬ ‫الرئيسي للثكنة وميكن الدخول إليها من الناحية‬ ‫الشمالية املطلة على ساحة سيدي علي عزوز من‬ ‫خالل مدخل رئيسي تعلوه لوحة رخامية أبعادها‬ ‫(‪120‬صم * ‪80‬صم) حتتوي على نقيشة متكونة‬ ‫من ‪ 13‬سطرا كتبت باخلط النسخي التركي وهي‬ ‫عبارة عن قصيدة متجد السلطان التركي واجليوش‬

‫عشر خادما وناظر وحارس للباب وامرأة لتنظيف‬ ‫الثياب‪.‬‬ ‫الفصل الثامن والثالثون‪ :‬يجب أن يكون باملاريستان‬ ‫حمام بخاري وأحواض للماء الساخن والبارد وأدواش‪.....‬‬ ‫ويبدو أن هذا املستشفى الذي أمر بإنشائه محمد‬ ‫الصادق باي بثكنة البشامقية أنشئ لتعويض‬ ‫ماريستان (مستشفى العزافني) الذي أمر ببنائه‬ ‫حمودة باشا املرادي (‪ 1631‬م ‪1666 -‬م)‪ ،‬وفي عهد محمد‬ ‫الصادق باي أُطلق عليه إسم املستشفى الصادقي‬ ‫وفي بداية االستقالل أُطلق عليه إسم مستشفى‬ ‫عزيزة عثمانة نظرا لقربه من مقام املصلحة «عزيزة‬ ‫عثمانة» بزاوية سيدي بن عروس‪.‬‬ ‫قشلة سيدي عامر‪ :‬تقع هذه القشلة قرب سوق‬ ‫البالط وحتتل احلائط اجلنوبي لساحة سيدي علي عزوز‬

‫العثمانية وتعلو هذه النقيشة لوحة رخامية على‬ ‫شكل نصف دائرة حتتوي على نقيشة كتبت باخلط‬ ‫النسخي العربي وهي عبارة عن نص ديني‪.‬‬ ‫حتتوي هذه القشلة على سقيفة وصحن وطابق‬ ‫أرضي وطابق سفلي ويوجد بها ‪ 28‬غرفة لسكنى‬ ‫العساكر‪ .‬ونظرا ألن هذا املعلم أصبح على ملك أحد‬ ‫اخلواص فقد أدْخلت عليه عدة تغييرات (هدم جميع‬ ‫الغرف‪ ،‬إزالة بعض األعمدة والتيجان‪ ،‬إزالة اللوحات‬ ‫الرخامية التي حتتوي على أسماء العسكريني‪)....‬‬ ‫وككل املعالم األثرية األخرى شهدت هذه القشلة‬ ‫عدة حتوالت وتطورات أفرزتها احلقب التاريخية املتتالية‬ ‫حسب ما ذكرته املصادر واملراجع التاريخية فبعدما‬ ‫كانت من أكبر الثكنات في عهد حمودة باشا تأوي‬ ‫أكثر من ‪ 1000‬انكشاريا أصبحت مع إصالحات املشير‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪79‬‬


‫املدخل الرئيسي لقشلة سيدي عامر‬

‫الواجهة الشمالية لقشلة سيدي عامر‬

‫أحمد باشا باي (‪ )1855 - 1837‬دارا للسكة تضرب بها‬ ‫العملة ففي سنة ‪1263‬هـ ‪1874 -‬م أمر املشير أحمد‬ ‫باشا باي أن يضرب قطعا نقدية من الفضة وبطبع‬ ‫أوراق نقدية ْ‬ ‫وأطلق على هذه القشلة اسم «دار املال»‬

‫فهناك من يقول أن هذا املعلم اندثر وحلت محله‬ ‫املدرسة املسيحية للبنات وهي املكتبة األسقفية‬ ‫حاليا وهناك من يقول أن املعلم اندثر وحلت محله‬ ‫حديقة عمومية ثم املعهد الرشيدي حاليا وهذان‬

‫وفي سنة ‪ 1882‬وبعد انتقال دار السكة إلى باردو‬ ‫أصبحت هذه القشلة تابعة للمستشفى املسيحي‬ ‫«سان لويس» وقد ساهم مساهمة كبيرة في التصدي‬ ‫ملرضى الكوليرا والطاعون‪ ،‬ثم بعد ذلك حتولت هذه‬ ‫القشلة إلى مقر للجمعية اخليرية الفرنسية‪ ،‬ثم في‬ ‫بداية االستقالل أصبحت مدرسة ابتدائية‪ ،‬ثم بعد‬ ‫ذلك استحوذ عليها أحد اخلواص الذي أدخل عليها‬ ‫عدة حتويرات «تشوهات» وفقدت طابعها األصلي‪.‬‬ ‫قشلة سوق الوزر أو قشلة سيدي صابر ‪ :‬وتقع هذه‬ ‫القشلة بنهج سيدي صابر وهي من جملة القشل‬ ‫اخلمسة التي أمر حمودة باشا ببنائها ولم نتمكن من‬ ‫حتديد تاريخ بنائها بالضبط وذلك الندثار املعلم وغياب‬ ‫كل ما من شأنه أن يدلنا على ذلك خاصة النقيشة‬ ‫التي توجد فوق املعلم‪ ،‬وكل ما ميكن ذكره هو أن حمودة‬ ‫باشا أوكل بناءها إلى احلاج أحمد القسنطيني وكيل‬ ‫جامع الزيتونة حسبما ذكره أحمد بن أبي الضياف‬ ‫في كتابه «االحتاف»‪.‬‬

‫املعلمان يوجدان في نفس النهج‪.‬‬ ‫ولكن مبزيد البحث والتدقيق متكنتا من معرفة‬ ‫الفرضية الصحيحة وذلك باالعتماد على وثائق‬ ‫األرشيف والرأي األقرب للحقيقة هو أن القشلة‬ ‫كانت مكان املعهد الرشيدي اآلن وهو ما تؤكده إحدى‬ ‫الوثائق التي تؤرخ للمدرسة املسيحية للبنات التي‬ ‫نشئت سنة ‪ 1840‬وفي وصف هذه املدرسة تقول‬ ‫أُ ِ‬ ‫الوثيقة «‪ ...‬حتد هذه الدار من الناحية اجلنوبية قشلة‬ ‫سوق الوزر و التي أصبحت اآلن مصنعا لصبابط‬ ‫العسكر‪».....‬‬ ‫كغيرها من املعالم األخرى شهدت هذه القشلة‬ ‫عدة حتوالت فبعدما كانت ثكنة «قشلة» أصبحت‬ ‫سنة (‪1266‬هـ ‪1849 -‬م) مستشفى وفي سنة‬ ‫(‪1273‬هـ ‪1857 -‬م) أصبحت مصنعا ألحذية اجلنود‬ ‫ثم وفي سنة ‪ 1867‬م رجعت من جديد ماريستان‬ ‫ُركت واندثرت وحلت محلها‬ ‫(مستشفى) إلى أن ت ْ‬ ‫حديقة ثم مدرسة ابتدائية ثم في سنة ‪2005‬‬

‫إن هذا املعلم اندثر متاما ولم يبق منه أي أثر وهو أصبحت تابعة للمعهد الرشيدي للموسيقى‪.‬‬ ‫بصفة عامة فإن هذه القشل التي بنيت في‬ ‫ما جعل الدارسني والباحثني يختلفون حول تاريخه‪،‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪80‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫عهد حمودة باشا احلسيني بنيت كلها داخل سور‬ ‫املدينة وفي شكل دائري وقريبة من بعضها البعض‬ ‫وهو ما جعلها تشترك في نفس العناصر إذ جندها‬ ‫كلها مستطيلة الشكل وذات مدخل رئيسي يفتح‬ ‫على سقيفة تؤدي بدورها إلى صحن حتيط به أربعة‬ ‫أروقة وفي كل رواق جند عدة غرف ‪،‬كذلك يوجد بكل‬ ‫القشل طابق أرضي وطابق علوي وفي بعض األحيان‬ ‫طابق علوي آخر كما يوجد بها أيضا بئر وسط‬ ‫الصحن وعلى أعلى األبواب جند لوحات رخامية حتتوي‬ ‫أسماء العسكريني‪ .‬وفي بعض األحيان جند مسجدا‬ ‫في بعض القشل مثل قشلة الزنايدية والبشامقية‬ ‫إلى جانب اشتراكها في العناصر املكونة لها على‬ ‫غرار الشكل الهندسي والبناء‪ ٠‬استعمل في بناء‬ ‫هذه القشل العديد من أنواع مواد البناء منها ما وقع‬ ‫صنعه محليا والبعض وقع استيراده والبعض اآلخر‬ ‫وقع إعادة استعماله بعد إزالته من معالم أخرى‪.‬‬ ‫فقد اُستعملت «حجارة الكذال» في محيط األبواب‬ ‫والنوافذ واألعمدة واُستعملت «حجارة احلرش»‬

‫أو «احلجارة الرملية» التي عادة ما يقع جلبها من‬ ‫الوطن القبلي (الهوارية وسيدي داود) أو إزالتها من‬ ‫معالم أخرى خاصة احلنايا (حنايا هادريانوس) إلى‬ ‫جانب ذلك جند الرخام خاصة في الواجهات األمامية‬ ‫وفوق املداخل الرئيسية لهذه القشل أو الغرف حيث‬ ‫نقشت عليه أسماء أو ألقاب العسكريني وعادة ما‬ ‫يقع استيراد هذه احلجارة من فرنسا أو إيطاليا‪.‬‬ ‫هذا النوع األول من القشل أو الثكنات التي‬ ‫بنيت في عهد حمودة باشا و متركزت كلها داخل‬ ‫املدينة ودورها األساسي هو إيواء العساكر وخاصة‬ ‫االنكشارية فقد اشتركت في نفس مواد البناء‬ ‫املستعملة ويعود ذلك أساسا إلى أن هذه القشل‬ ‫بنيت في فترة زمنية متقاربة جدا إال أنه يوجد هناك‬ ‫نوع ثان من القشل بنيت في عهد املشير أحمد‬ ‫باشا باي ومحمد الصادق باي و خارج سور املدينة‬ ‫مثل «قشلة املركاض» و«قشلة الطبجية» و«قشلة‬ ‫العسة» بباردو و«قشلة اخليالة» مبنوبة التي سوف‬ ‫تكون موضوع حديث العدد القادم‬

‫املراجع‪:‬‬ ‫‪ - 1‬األرشيف الوطني‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬السلسلة التاريخية من ‪ 156‬ملف ‪ 622‬مصاريف ترميم بعض القشل‪ ،‬بتاريخ ‪.1278‬‬ ‫ب ‪ -‬من ‪ 1132‬دفتر ‪ 4911‬حول قشلة البشامقية مارستان‪.‬‬ ‫‪ 5‬من ‪ 1152‬دفتر ‪ 4213‬حول بيان مصاريف بناء وترميم قشلة سوق الوزر التي حولت إلى مارستان‪.‬‬ ‫‪ - 2‬أرشيف أمالك الدولة‪:‬‬ ‫‪ 1‬صندوق ‪ 196‬رسوم أوقاف القشل‪.‬‬ ‫‪ 2‬صندوق (‪ )1‬رسوم أوقاف األبراج‪.‬‬ ‫‪ )1‬إبن أبي الضياف (أحمد)‪ :‬إحتاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد األمان‪.‬‬ ‫‪ )2‬إبن خوجة (محمد) ‪ :‬صفحات من تاريخ تونس‪.‬‬ ‫‪ )3‬اإلمام (رشاد) سياسة حمودة باشا في تونس‪.‬‬ ‫‪ )4‬بن بلغيث (الشيباني)‪ :‬أضواء على التاريخ العسكري في تونس من سنة ‪.1837-1917‬‬ ‫‪ )5‬بن بلغيث (الشيباني)‪ :‬اجليش التونسي في عهد محمد الصادق باي‪.‬‬ ‫‪ )6‬اجلراي (فتحي) النقائش التخليدية العثمانية بقشالت وأبراج مدينة تونس‪.‬‬ ‫‪ )7‬زبيس (سليمان مصطفى)‪ :‬آثار الدولة احلسينية بالقطر التونسي‪.‬‬ ‫‪ )8‬زبيس (سليمان مصطفى)‪ :‬حول مدينة تونس العتيقة‪.‬‬ ‫‪1) Cambon (Henri) histoire de la régence de Tunis.‬‬ ‫‪2) D Jalloul (Neji) les fortifications côtières ottomanes de la regence de Tunis.‬‬ ‫‪3) Raymond (André) Tunis sous les mouradites.‬‬ ‫‪4) Saadaoui (Ahmed) Tunis ville ottomane.‬‬ ‫‪5) Sebag (Paul) Tunis histoire d’une ville.‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪81‬‬


‫الزحف الهاللــي على‬ ‫إفريقيــــة‬ ‫ّ‬

‫الرائد حامد مانسي‬

‫زحف على إفريقية سنة ‪ 1052‬م جموع قبائل بني هالل القادمة من الصعيد املصري‪ ،‬وهي قبائل‬ ‫عربية تتميز بكثرة التنقل واالنتجاع بحثا عن املرعى‪ .‬وقد تزامن هذا الزحف مع تقلب األوضاع في كل‬ ‫من مصر وإفريقية‪ ،‬وقد مثل إعالن املعز بن باديس الصنهاجي (‪ 1016‬م ‪ 1062 -‬م) القطيعة مع اخلالفة‬ ‫الفاطمية بالقاهرة واالرتباط ببني العباس ببغداد الذريعة القوية لتوجيه هذه القبائل إلى إفريقية‬ ‫والقضاء على سلطة الزيريني‪ ،‬لذلك ارتبط الزحف الهاللي على تونس مبعاقبة هذه السلطة التي‬ ‫خالفت أصول الطاعة‪ ،‬إال أن البحث التاريخي الدقيق يتجاوز هذا التفسير احملدود ليسلط الضوء على‬ ‫األسباب احلقيقية لهذا الزحف من خالل التطرق إلى األوضاع في كل من مصر التي مثلت نقطة اإلنطالق‬ ‫وإفريقية نقطة الوصول‪ ،‬وقد حاول الصنهاجيون التصدي له إال أن محاوالتهم قد باءت بالفشل ممّا كان‬ ‫له الوقع الشديد على إفريقية‪.‬‬ ‫ارتبط الزحف الهاللي على‬ ‫إفريقية خالل القرن احلادي عشر‬ ‫ميالدي بعدة عوامل سواء كان ذلك‬ ‫في مصر أو في تونس‪.‬‬ ‫وشهدت مصر في أواخر القرن‬ ‫العاشر ميالدي وبداية القرن احلادي‬ ‫عشر ميالدي تواتر اجملاعات في‬ ‫سنوات ‪ 997‬و‪ 1005‬و‪ 1008‬وكانت‬ ‫أشدها وقعا على املصريني مجاعة‬ ‫سنة ‪ 1052‬م التي تزامنت مع‬ ‫بداية الزحف الهاللي على تونس‬ ‫وكانت بسبب تراجع مياه النيل‬ ‫ممّا أ ّثر في أسلوب عيش قبائل‬ ‫بني هالل الذي يرتكز على الزراعة‬ ‫والرعي والتنقل‪ .‬تراجعت احملاصيل‬ ‫واملداخيل وارتفعت أسعار املواد‬ ‫األساسية كاحلبوب‪ ،‬وانحدر وزن‬ ‫وقيمة العملة‪ ،‬ممّا ساهم في‬

‫الدفاع‬ ‫‪82‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫تردي أوضاع قبائل بني هالل التي‬ ‫أصبحت تعيش ظروفا صعبة‬ ‫في الصعيد املصري ممّا و ّلد عديد‬ ‫القالقل وكثرت عمليات النهب‬ ‫والسرقة وانتشرت ظاهرة قطع‬ ‫الطرق‪.‬‬ ‫مت ّيز الوضع السياسي في مصر‬ ‫بانحالل السلطة وضعف النظام‪،‬‬ ‫فالسلطة الفاطمية الفتية‬ ‫في القاهرة (‪ 974‬م ‪ 1171 -‬م) ما‬ ‫زالت تبحث عن تدعيم أركانها‬ ‫وتكوين قوة عسكرية ملواجهة‬ ‫اخلطر العباسي من ناحية وحتقيق‬ ‫األهداف التوسعية من ناحية أخرى‬ ‫ّ‬ ‫ولعل أدنى قالقل في مصر سيكون‬ ‫لها اإلنعكاس السلبي على أهداف‬ ‫الفاطميني في وراثة خالفة بني‬ ‫العباس ببغداد‪.‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫أصبحت السلطة الفاطمية‬ ‫بالقاهرة تواجه حتديات بناء‬ ‫سلطة قوية واحلفاظ على روابط‬ ‫تبعية سلطة بني زيري بإفريقية‬ ‫لها‪ .‬لكن تواجد قبائل بني هالل‬ ‫بالصعيد املصري كان عائقا أمام‬ ‫هذه الرهانات فأصبح التخلص‬ ‫منها ضرورة سياسية أملتها‬ ‫ظروف متركز اخلالفة الفاطمية‬ ‫مبصر وقد أصبحت هذه القبائل‬ ‫تشغل بال السلطة ممّا دفع‬ ‫باخلليفة الفاطمي املستنصر باهلل‬ ‫إلى التفكير في طريقة متكنه‬ ‫من التخلص من هذه القبائل‬ ‫«عم ضررهم وأحرق‬ ‫املشاغبة التي ّ‬ ‫البالد والدولة ش ّرهم»‪ ،‬وتوجيه‬ ‫قوتها خارج أرض مصر حتّى ال يزيد‬ ‫الوضع تدهورا‪ ،‬فقد ذكر أحد وزراء‬


‫املستنصر باهلل في إطار البحث‬ ‫عن ّ‬ ‫حل للتخلص من شغب هذه‬ ‫القبائل‪ ...« :‬إن اخلليفة (الفاطمي)‬ ‫سيتخلص من تلك العناصر التي‬ ‫قد تعترف له باجلميل إذا جنحت‬ ‫العملية»‪ .‬ذلك أن القضاء على‬ ‫دولة بني زيري يكون فيه خيرا‬ ‫للدولة الفاطمية التي عجزت‬ ‫عن التصدي حملاولة استقالل املعز‬ ‫بن باديس الصنهاجي وإن قضى‬ ‫بنو زيري على بني هالل كان هذا‬ ‫خالصا منهم دون أن يك ّلف ذلك‬

‫الفاطمية مهددة في وجودها‬ ‫باخلطر العباسي في الشرق‬ ‫وبحركات اإلنفصال في الغرب‪.‬‬ ‫شهد النصف األول من القرن‬ ‫‪ 11‬م في إفريقية وضعا إقتصاديا‬ ‫الضرائب‬ ‫فارتفعت‬ ‫صعبا‬ ‫املسلطة على السكان وكثرت‬ ‫عمليات سلب األراضي لفائدة‬ ‫القادة الصنهاجيني باإلضافة إلى‬ ‫حياة البذخ التي تعيشها العائلة‬ ‫احلاكمة‪ ،‬كما تغ ّيرت طرق التجارة‬ ‫بني الشرق والغرب من الب ّر إلى‬

‫اجلازية الهاللية‬

‫الفاطميني شيئا‪ .‬وهو ما م ّثل‬ ‫الفرصة املناسبة الستغالل قوة‬ ‫بني هالل في محاربة دولة بني‬ ‫زيري في القيروان‪.‬‬ ‫هكذا جنح الفاطميون في‬ ‫التخلص من قبائل بني هالل‬ ‫بأيسر الطرق إذ استخدموا قوتها‬ ‫وتوجيهها إلى أرض إفريقية‬ ‫أين ستدور املواجهات املسلحة‬ ‫بعيدا عن أرض مصر‪ .‬وقد كان‬ ‫خوف الفاطميني من أن ميتد خطر‬ ‫اإلستقالل وخلع الطاعة إلى حدود‬ ‫مصر الغربية وتصبح بذلك اخلالفة‬

‫البحر وفقدت إفريقية دور الوسيط‬ ‫في عمليات التجارة الدولية‪.‬‬ ‫كما انعكس الوضع اإلقتصادي‬ ‫على نفوذ السلطة وكيان الدولة‬ ‫فأصبح بنو حماد في املغرب‬ ‫األوسط يهددون حدود إفريقية‬ ‫الغربية‪ ،‬كما بدأت بالد اجلريد التي‬ ‫مت ّثل حلقة ربط بني الشرق والغرب‬ ‫والتجارة الصحراوية تخرج عن‬ ‫السيطرة الزيرية‪ ،‬وسيطر النورمان‬ ‫على صقلية وعجز بنو زيري عن‬ ‫استرجاعها‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك‬ ‫تنامي الصراع املذهبي بني أنصار‬ ‫جوان ‪2018‬‬

‫املذهب السني املوالي للعباسيني‬ ‫ببغداد وأنصار املذهب الشيعي‬ ‫املوالي للفاطميني مبصر ممّا أ ّثر‬ ‫على قوة السلطة التي انحازت إلى‬ ‫العباسيني‪.‬‬ ‫وتزامنت هذه األوضاع مع إعالن‬ ‫املعز بن باديس الصنهاجي قطع‬ ‫عالقته الرسمية مع القاهرة نتيجة‬ ‫تنامي ضغط أنصار العباسيني‬ ‫فقد «حلف (املعز) لينقضن‬ ‫طاعتهم (الفاطميني) وليحولن‬ ‫الدعوة إلى بني العباس»‪ .‬جتلت‬ ‫القطيعة الفعلية سنة ‪ 1047‬م‬ ‫حني منع املعز إلقاء اخلطبة على‬ ‫املنابر بإسم الفاطميني وحتويلها‬ ‫بإسم اخلليفة العباسي‪.‬‬ ‫نتج عن هذه القطيعة التي لم‬ ‫تكن وليدة قوة السلطة الزيرية‬ ‫بل نتيجة انتصار املذهب السني‬ ‫املوالي لبني العباس ببغداد‪ ،‬ردود‬ ‫فعل قوية من طرف السلطة‬ ‫الفاطمية في مصر من ذلك‬ ‫توجيه التهديدات إلى املعز‪ ،‬فقد‬ ‫ورد في إحدى املراسالت املوجهة‬ ‫إليه ما يلي‪« :‬إن لم ترجع عن رأيك‬ ‫أتتك اجليوش موصلة سنابك‬ ‫خيلك ناسخة بنقعها ووميضها‬ ‫حكم نهارها وليلها»‪ .‬إال أن املعز‬ ‫لم يتراجع عن موقفه فنفذ البالط‬ ‫الفاطمي تهديده بقوله‪« :‬فقد‬ ‫أرسلت إليك خيال وحملنا عليها‬ ‫رجاال كهوال»‪.‬‬ ‫وبذلك زحفت قبائل بني هالل‬ ‫من مصر على إفريقية وحققت‬ ‫هدف الفاطميني بأن تخلصوا‬ ‫منها دون قتال‪.‬‬ ‫إال أن هذا الزحف لم يكن‬ ‫نتيجة حتمية لقطع العالقة‬ ‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪83‬‬


‫مع الفاطميني بل تكاملت كل‬ ‫األسباب التي ذكرت (تقلب‬ ‫األوضاع في مصر وتردي الوضع في‬ ‫إفريقية الذي ينذر بتدخل خارجي)‬ ‫لتفرز هذا الزحف‪ .‬كما أن احلمالت‬ ‫الدعائية التي سبقت الزحف‬ ‫والتي تروج لتوفر املرعى وانتشار‬ ‫اخلضرة التي تستهوي الهالليني‬ ‫عجل بوصول أول‬ ‫وتصلح لدوابهم ّ‬ ‫اجلموع الزاحفة على إفريقية في‬ ‫غضون سنة ‪ 1052‬م لتدور بينها‬ ‫وبني جيش املعز عديد املواجهات‬ ‫املسلحة بعد أن فشلت محاولة‬ ‫استقطابها سلميا‪.‬‬ ‫وقد دارت بني املعز بن باديس‬ ‫الصنهاجي وقبائل بني هالل عديد‬ ‫املواجهات املسلحة كانت فيها‬ ‫الغلبة لبني هالل‪ ،‬ومن أهم الوقائع‬ ‫نذكر معركة حيدران «األولى» التي‬ ‫وقعت بني جيش املعز وفرسان بني‬ ‫هالل في جبل حيدران سنة ‪ 1052‬م‬ ‫الذي يبعد حوالي مسيرة ثالثة أيام‬ ‫عن القيروان ‪ ،‬ويوجد بني صفاقس‬ ‫وقابس‪.‬‬ ‫وكان جيش املعز خالل هذه‬ ‫املعركة يتك ّون من صنهاجة وزناتة‬ ‫والبربر والعبيد الذين إشتراهم‬ ‫املعز وك ّون منهم فرقا حلمايته‬ ‫وبقايا عرب الفتح رغم قلة عددهم‬ ‫وبلغ مجموع هذا اجليش حوالي‬ ‫‪ 30‬ألف مقاتال بني مشاة وفرسان‪.‬‬ ‫كانت أسلحتهم تتكون من‬ ‫السيوف والرماح والدروع واخلوذات‪.‬‬ ‫في املقابل كان عدد فرسان‬ ‫بني هالل املتكون من فرسان رياح‬ ‫واألبثج وبني عدي حوالي ‪3000‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪84‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫فارس مجهزين بالسيوف والرماح‬ ‫واألقواس‪.‬‬ ‫وانهزم جيش املعز في هذه‬ ‫الواقعة وذلك بسبب تركيبة‬ ‫اجليش الصنهاجي وتن ّوع العناصر‬ ‫وعدم وجود اللحمة بينها وافتقاد‬ ‫الروح القتالية‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫تضارب املصالح فالصنهاجيون‬ ‫كانوا يحقدون على عبيد املعز كما‬ ‫أن بقايا عرب الفتح قد مالوا إلى‬ ‫العرب الهالليني بحكم العصبية‬ ‫القبلية حسب إبن خلدون‪.‬‬ ‫وجند صدى لهذ املعركة في‬ ‫الشعر الهاللي‪ ،‬فقد نسب ألحد‬ ‫الشعراء ما يلي‪:‬‬ ‫ثالثون ألفا منهم غلبتهم **‬ ‫ثالثة آالف إ ّن ذا حملال في املقابل‬ ‫مت ّيز فرسان بني هالل بخفة احلركة‬ ‫وحسن التدريب كما كانوا يتّقدون‬ ‫حماسا في حتقيق رغباتهم في‬ ‫إفريقية واملتمثلة في احلصول‬ ‫على الغنائم والسيطرة على‬ ‫اجملال للرعي‪ ،‬لذلك فقد قاموا‬ ‫بعمل استعالمي كبير قبل بداية‬ ‫املواجهات العسكرية ّ‬ ‫مكنتهم‬ ‫من اكتشاف نقاط ضعف املعز‬ ‫وجيشه فقد «شغل املعز بعضهم‬ ‫(العرب الهالليني) بخدمته ‪ ...‬وهم‬ ‫خالل ذلك يتمرسون بجهاته‬ ‫ويدبون إلى حماته ويطلعون على‬ ‫عوراته»‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى هذه العوامل التي‬ ‫ساعدت بني هالل على حتقيق‬ ‫النصر خالل املواجهة مع جيش‬ ‫املعز كان دور املرأة الهاللية والتي‬ ‫تدعى «اجلازية الهاللية» وأساسي‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫في الزحف الهاللي على إفريقية‪،‬‬ ‫فقد كانت عضوا في مجلس‬ ‫الشورى لقومها ومجلس حربهم‬ ‫نظرا ملا تتمتع به من خصال‬ ‫كرجاحة العقل وحسن التدبير‬ ‫وصواب املشورة واحلكمة‪ .‬فقد‬ ‫ضحت بزوجها صاحب ّ‬ ‫مكة وإبنها‬ ‫ّ‬ ‫وسافرت مع قومها إلى إفريقية‬ ‫حلاجتهم إلى نصيحتها وحتفيزا‬ ‫لهم على النصر‪.‬‬ ‫أما املعركة الثانية فهي باب‬ ‫ّ‬ ‫تونس التي دارت أحداثها بني عامة‬ ‫الصنهاجيني املسلحني بالسيوف‬ ‫والرماح والعصي وبني هالل بالقرب‬ ‫من سور القيروان سنة ‪ 1052‬م‪،‬‬ ‫وقد إنتصر فيها العرب الهالليني‬ ‫ونتج عنها قتل وأسر عدد كبير‬ ‫من الصنهاجيني ولم يتم إطالق‬ ‫ثم‬ ‫سراحهم إال بعد دفع فدية‪ّ .‬‬ ‫بعد ذلك انسحب بنو هالل ألنهم‬ ‫يفضلون نهب السهول ويتحاشون‬ ‫غزو املدن‪.‬‬ ‫وكان لهــذه الواقعــة األثــر‬ ‫الســلبي لــدى العامــة مــن‬ ‫الصنهاجيــن فقــد وصفــوا يــوم‬ ‫املعركــة بأنــه‪« :‬يــوم مصائــب‬ ‫وأنــكاد ونوائــب»‪.‬‬ ‫أما املعركة الثالثة فهي معركة‬ ‫ّ‬ ‫حيدران «الثانية» ودارت وقائعها‬ ‫في جبل حيدران مرة أخرى بعد‬ ‫مدة وجيزة من املعركة األولى وكان‬ ‫ّ‬ ‫جيش املعز يتكون من ‪ 27‬ألف بني‬ ‫فرسان ومشاة مقابل ‪ 7‬أالف فارس‬ ‫هاللي‪.‬‬ ‫انتهت املعركة م ّرة أخرى‬ ‫لصالح الهالليني وبلغ عدد قتلى‬


‫املعز حوالي ‪ 3300‬قتيل وعديد‬ ‫األسرى واجلرحى‪ ،‬كما انتهب بنو‬ ‫هالل معسكر املعز واستولوا‬ ‫كميات كبيرة من الذهب‬ ‫على ّ‬ ‫والفضة واألمتعة واجلمال ومن‬ ‫خالل هذه املواجهات بني اجليش‬ ‫الصنهاجي وقبائل بني هالل برز‬ ‫ضعف جيش املعز وقلة تنظيمه‬ ‫واختالف تركيبته على عكس بني‬ ‫هالل فرغم قلة عددهم متكنوا‬ ‫في األخير من بسط نفوذهم على‬ ‫واحلد من سلطة املعز بن‬ ‫إفريقية‬ ‫ّ‬ ‫باديس الصنهاجي ودخول البالد‬ ‫في أزمة حا ّدة‪.‬‬ ‫ونتج عن الزحف الهاللي‬ ‫على إفريقية تخلي بنو زيري عن‬ ‫يدي‬ ‫العاصمة القيروان وتركها بني ّ‬ ‫العرب لنهبها وتخريبها وأصبحت‬ ‫املهدية مركز السلطة اجلديد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وتشكلت إفريقية في صورة‬ ‫فسيفساء من الكيانات املدينية‬ ‫التي تتمتع بحكم مستقل عن‬ ‫العاصمة اجلديدة‪ ،‬فاستقلت‬ ‫كل من قفصة (بنو الرند) وبنزرت‬ ‫(بنو الورد) وتونس (بنو خرسان)‬ ‫صفاقس (بنو بورغواطة) وقابس‬ ‫(بنو جامع)‪ ،‬كما عجزت السلطة‬ ‫الزيرية عن فرض األمن والتصدي‬ ‫لهذه الظاهرة اخلطيرة‪.‬‬ ‫في املقابل تنامى خطر‬ ‫«النورمان» فبعد أن سيطروا على‬ ‫وجهوا‬ ‫صقلية وجنوب إيطاليا ّ‬ ‫قوتهم نحو إفريقية فسقطت ّ‬ ‫كل‬ ‫من جربة سنة ‪ 1136‬م وصفاقس‬ ‫وقابس سنة ‪ 1143‬م واملهدية سنة‬ ‫‪ 1148‬واضمحلت الدولة الزيرية‬ ‫وتالشت‪ ،‬وقد استمر هذا الوضع‬ ‫املتردي إلى أن ّ‬ ‫متكن املوحدون بقيادة‬

‫عبد املؤمن بن علي من استرجاع‬ ‫إفريقية وتخليصها من سيطرة‬ ‫النورمان وتوحيد الكيانات املدينية‬ ‫املستقلة سنة ‪ 1160‬م‪.‬‬ ‫وعرفت إفريقية مباشرة بعد‬ ‫استقرار الهالليني عديد التغيرات‬ ‫التي أثرت على توزيع السكان‪ ،‬فقد‬ ‫شمل حترك السكان البوادي واملدن‬ ‫حد السواء‪ ،‬إذ هاجر سكان‬ ‫على ّ‬ ‫األرياف املهددة بالغزو الهاللي إلى‬ ‫املناطق اآلمنة واحملصنة كما غادر‬ ‫سكان املدن التي تأثرت بالغزو‬ ‫كسكان القيروان إلى مدن أخرى‬ ‫كاملهدية وتونس‪.‬‬ ‫وشــهدت إفريقيــة خــال تلــك‬ ‫احلقبــة الصعبــة تنامــي منــط‬ ‫العيــش البــدوي الــذي يعتمــد‬ ‫التنقــل وعــدم اإلســتقرار بحثــا‬ ‫عــن املرعــى واملــاء علــى حســاب‬ ‫النمــط الريفــي الــذي يرتكــز‬ ‫علــى الزراعــة واإلســتقرار‪ ،‬كذلك‬ ‫علــى النمــط احلضــري فاملــدن‬ ‫لــم تعــد تســتهوي الهالليــن‬ ‫بــل قــد خربــوا أكثرهــا‪.‬‬ ‫لقد تصاعدت في إفريقية‬ ‫بعد الغزو الهاللي أعمال النهب‬ ‫وقطع الطرق نظرا ملا تركه انحالل‬ ‫السلطة املركزية من انعدام األمن‪.‬‬ ‫تتطلب األنشطة اإلقتصادية‬ ‫على إختالفها األمن‪ ،‬إال أن انتشار‬ ‫الفوضى وغياب السلطة املركزية‬ ‫القوية قد ساهما في تراجع إقتصاد‬ ‫إفريقية بشكل كبير‪ .‬تقلصت‬ ‫األنشطة الزراعية وتراجع اإلنتاج‬ ‫ممّا أ ّثر سلبا على النشاط احلرفي‬ ‫املرتبط باملواد الفالحية كالقطن‬ ‫والصوف‪ ،‬أما جتاريا فقد عرفت‬ ‫إفريقية إثر الزحف الهاللي تغير‬ ‫جوان ‪2018‬‬

‫طرق التجارة وفقدت دور الوسيط‬ ‫في املبادالت التجارية بني الغرب‬ ‫والشرق والتجارة الصحراوية حيث‬ ‫أصبحت السلع تشحن عن طريق‬ ‫البحر النعدام األمن في الطرق‬ ‫البرية‪.‬‬ ‫رغم الوضع السيئ الذي خلفه‬ ‫الزحف الهاللي على إفريقية ال‬ ‫ميكن التغافل عن املآثر اإليجابية‬ ‫لبني هالل من خالل‪:‬‬ ‫ ربط املغرب العربي ببقية‬‫العالم العربي لغة وشعبا ‪ :‬فقد‬ ‫كان العرب في إفريقية قبل الزحف‬ ‫الهاللي ينحصرون في بعض املدن‪،‬‬ ‫كما أن اللغة العربية لم تكن‬ ‫تتجاوز دائرة تواجد العرب فقام‬ ‫بنو هالل باإلنتشار في كل املناطق‬ ‫بل لقد أقاموا عالقات جوار وحتّى‬ ‫مصاهرة مع السكان األصليني‪،‬‬ ‫فانتشرت اللغة العربية والعروبة‬ ‫فتم بذلك‬ ‫في كل أنحاء البالد‬ ‫ّ‬ ‫تعريب املغرب العربي لغة وسكانا‬ ‫واحلد من «اللهجات احمللية في‬ ‫ّ‬ ‫القرى البربرية التي لم تصل إليها‬ ‫بعد إشعاعات احلضارة العربية»‪.‬‬ ‫ إضافــة إلــى إنشــاء أســطول‬‫بحــري قــوي‪ ،‬ســاهمت ســيطرة‬ ‫الهالليــن علــى املناطــق الداخلية‬ ‫فــي إفريقيــة فــي انتبــاه الزيريــن‬ ‫إلــى أهميــة البحــر فأسســوا‬ ‫أســطوال بحريــا قويــا بــدار‬ ‫الصناعــة باملهديــة أغــاروا بــه‬ ‫علــى جــزر املتوســط لتعويــض‬ ‫النقــص احلاصــل فــي مــوارد‬ ‫املناطــق الداخليــة‪.‬‬ ‫م ّثــل الزحــف الهاللــي علــى‬ ‫إفريقيــة حلقــة مــن حلقــات‬ ‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪85‬‬


‫الغــزوات التــي شــهدها شــمال‬ ‫إفريقيــا منــذ القــدمي‪ ،‬فقــد‬ ‫اســتقبلت تونــس علــى أرضهــا‬ ‫كل مــن الفنيقيــن الذيــن‬ ‫أسســوا قرطــاج ســنة ‪ 814‬ق‪ .‬م ‪،‬‬ ‫تواصــل حكمهــم إلــى ســنة ‪146‬‬

‫ق‪ .‬م ليحــل مكانهــم الرومــان‬ ‫إلــى حــدود ســنة ‪ 439‬م حــن‬ ‫متركــز الونــدال بشــمال إفريقيــا‬ ‫إلــى ســنة ‪ 533‬م تاريــخ انتصــاب‬ ‫البيزنطيــن‪ ،‬ومــع حلــول ســنة‬ ‫‪ 647‬م بــدأت الفتوحــات العربيــة‬

‫اإلســامية لشــمال إفريقيــا‪.‬‬ ‫ولــم يكــن هــذا الغــزو األول وال‬ ‫األخيــر ألن تونــس ســتعرف فــي‬ ‫فتــرات الحقــة حمــات أخــرى‬ ‫قادمــة مــن الغــرب أو مــن الشــرق‬

‫إفريقية إثر الزحف الهاللي‬

‫املصادر واملراجع‪:‬‬ ‫ ابن خلدون‪ ،‬العبر‪ ،‬اجلزء ‪ ،6‬دار الكتب العلمية بيروت‪.2003 ،‬‬‫ مجموعة من الباحثني‪ ،‬تونس عبر التاريخ‪ ،‬اجلزء ‪ ،2‬مركز الدراسات والبحوث اإلقتصادية واإلجتماعية‪ ،‬تونس‬‫‪.2005‬‬ ‫ مجموعة من الباحثني‪ ،‬الكراسات التونسية‪ ،‬عدد ‪ 170 - 169‬لسنة ‪ ،1995‬إصدار كلية العلوم اإلنسانية‬‫واإلجتماعية بتونس‪.‬‬ ‫ الغنيمي (عبد الفتاح)‪ ،‬موسوعة املغرب العربي‪ ،‬اجمللد ‪ ،2‬مكتبة مدبولي القاهرة‪.1994 ،‬‬‫ روجي إدريس (الهادي) ‪ ،‬الدولة الصنهاجية‪ ،‬اجلزء األول‪ ،‬دار الغرب اإلسالمي‪.1992 ،‬‬‫‪ -‬عبد العزيز (سالم)‪ ،‬املغرب الكبير‪ ،‬اجلزء ‪ ،2‬دار النهضة العربية بيروت‪. 1981 ،‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪86‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫معركة جوتالند البحرية‪:‬‬ ‫االستراتيجيا والتكتيك‬

‫الرائد بالبحرية فتحي العرقوبي‬

‫تعتبر معركة جوتالند (‪ )Jutland‬واحدة من أكبر املعارك البحرية خالل احلرب العاملية األولى (‪ 1914‬ـ‬ ‫‪ ،)1918‬ج ّدت أحداثها بني األسطول البريطاني من جهة واألسطول األملاني من جهة ثانية في بحر الشمال‪.‬‬ ‫شاركت في هذه املعركة البحرية أكثر من ‪ 250‬سفينة و‪ 100‬ألف مقاتال من اجلانبني واستخدمت فيها‬ ‫تقنيات عسكرية بحرية جديدة‪.‬‬ ‫اندلعت املعركة في أواخر شهر ماي سنة ‪1916‬‬ ‫و لم تدم أكثر من ثالثة أيام‪ ،‬وهي السنة التي حتول‬ ‫خاللها مجال الصراع العسكري من البحر املتوسط‬ ‫إلى شمال أوروبا وبالتحديد بحر الشمال‪.‬‬ ‫جاءت معركة جوتالند نتيجة املنافسة بني كل من‬ ‫البحرية األملانية والبحرية البريطانية للسيطرة على‬ ‫مجال بحر الشمال الواقع بني اجلزر البريطانية واجملال‬ ‫القاري األوروبي من أجل فرض السيطرة على املنافذ‬ ‫البحرية باستعمال القوة العسكرية‪ ،‬نتج عن هذا‬ ‫التنافس اصطدام القوتني البحريتني في العديد من‬ ‫املواجهات البحرية من أبرزها املواجهة البحرية في‬ ‫منطقة جوتالند‪.‬‬ ‫وتبرز أهمية االستراتيجيا والتكتيك في إدارة‬ ‫معركة بحرية باالرتباط بشخصية القيادة وإرادتها‬ ‫باالعتماد على ما توفر لديها من قدرات عسكرية‬ ‫وكذلك أهمية التقنية املتوفرة لألطراف املتصارعة ملا‬ ‫يتطلبه هذا الصنف من املعارك من عاملني أساسيني‬ ‫متالزمني وهما السرعة في التنفيذ والرغبة في‬ ‫القتال‪.‬‬ ‫تقع جوتالند على الساحل الشرقي لبحر الشمال‬ ‫وتكمن األهمية اإلستراتيجية لهذا البحر في اعتباره‬ ‫من أهم املم ّرات املائية في العالم للنشاط االقتصادي‬ ‫الذي م ّيزه خالل فترات طويلة‪ ،‬يبرز ذلك من خالل كثرة‬ ‫موانئه املنتشرة بني ضفتيه التي ساهمت في بروز‬ ‫العديد من املدن املوانئ الكبرى كمدينة لندن بانقلترا‬ ‫وهامبورق بأملانيا وأمستردام ببلجيكيا وروتردام بهولندا‬ ‫ودنكارك بفرنسا‪ ،‬ومبا أنه ظل طري ًقا للتجارة والنقل‬

‫منذ العصور احلديثة ومجاال حيويا للقوى األوروبية‬ ‫السيما بريطانيا فقد كان مسرحا لعدة معارك خالل‬ ‫احلرب العاملية األولى ( ‪ )1918 – 1914‬حيث متكنت‬ ‫بحرية اململكة املتحدة البريطانية من فرض سيطرتها‬ ‫عليه وحرمت البحرية األملانية من استخدامه للعبور‬

‫اخلريطة اجلغراسياسية ألوروبا وموقع بحر الشمال‬ ‫خالل احلرب العاملية األولى‬

‫إلى احمليط األطلسي‪ .‬لذلك متركزت بهذا البحر أعتى‬ ‫األساطيل سنة ‪ 1916‬وخاصة أسطول أعالي البحار‬ ‫األملاني ‪ Hoch see flotte‬واألسطول البريطاني‬ ‫‪ Grand Fleet‬متثل البحرية البريطانية إحدى أقدم‬ ‫فروع القوات املسلحة البريطانية‪ ،‬واملسؤولة عن‬ ‫العمليات العسكرية البحرية‪ ،‬كما تتولى تأمني‬ ‫ونقل اجلنود والعتاد إلى مناطق العمليات احلربية‬ ‫في أرجاء العالم‪ .‬وأ ْع ُتبرت البحرية البريطانية من‬ ‫أقوى البحريات في العالم منذ نهاية القرن السادس‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪87‬‬


‫وقد م ّثلت خيارا استراتيجيا للمملكة البريطانية في‬ ‫احلرب العاملية األولى‪ ،‬من خالل توليها غلق كل الطرق‬ ‫التي ميكن أن تتزود عبرها أملانيا وحلفاؤها من خارج‬ ‫القا ّرة على جميع املستويات االقتصادية واالجتماع ّية‬ ‫ّ‬ ‫مخططاتها وإرباكها في‬ ‫وإدخال االضطراب في‬ ‫الداخل واخلارج‪ .‬لذلك وضعت سياسة تطويق كاملة‬ ‫بالتعاون مع البحرية الفرنسية باخلصوص وهو هدف‬ ‫استراتيجي طيلة احلرب من (‪ )1918 - 1914‬وحسب‬ ‫الدراسات األكادميية العسكرية كان جناح هذه‬ ‫اإلستراتيجية وراء انتصار احللفاء‪.‬‬

‫عشر خاصة بعد انتصارها سنة ‪ 1588‬على البحرية‬ ‫االسبانية والقضاء على األسطول االسباني املنافس‬ ‫لها‪ ،‬ومنذ تلك الفترة أصبحت البحرية البريطانية‬ ‫القوة املهيمنة في العالم إلى حدود احلرب العاملية‬ ‫الثانية (‪.)1945 – 1939‬‬ ‫شهدت البحرية البريطانية خالل الفترة ما بني‬ ‫(‪ )1914 – 1815‬حت ّوال شامال حيث أصبحت هياكل‬ ‫السفن معدن ّية إضافة إلى احملركات البخار ّية التي‬ ‫أضفت عليها املزيد من الفاعلية من حيث السرعة‬ ‫ْ‬ ‫واملناورة‪ ،‬وفي سنة ‪ 1809‬أق ّر البرملان البريطاني‬ ‫« قانون الدفاع البحري» والذي طبق خالل حملة‬ ‫فكيف ستستغل البحرية البريطانية هذا األثر‬ ‫«اللورد اكسماوث» على اجلزائر سنة ‪ 1816‬للقضاء‬ ‫على القرصنة‪ ،‬كما شاركت البحرية البريطانية التاريخي خالل معركة «جوتالند» مع البحرية األملانية؟‬ ‫عرفت أملانيا انتعاشة اقتصادية في أواخر القرن‬ ‫في معركة نافارين سنة ‪ 1827‬إلى جانب البحرية‬ ‫التاسع عشر خاصة بعد استعادة األلزاس واللورين‬ ‫من فرنسا سنة ‪ ،1870‬وكان لهذه االنتعاشة أثر على‬ ‫العديد من اجملاالت فتفوقت على بريطانيا خاصة في‬ ‫اجملال احلربي‪ ،‬حيث جتاوزتها في عدد السفن احلربية‪.‬‬ ‫وانطلق بناء البحرية العسكرية األملانية بعد‬ ‫توحيد أملانيا على يد بيسمارك وبناء القوة االقتصادية‬ ‫األملانية ومن ثمة بناء القوة العسكرية البرية ثم‬ ‫جدد في تقنياتها بإنشاء الغ ّواصات‬ ‫البحرية بل انه ّ‬ ‫شعار القوات البحرية البريطانية منذ ‪1801‬‬ ‫التي أ ّدى توفرها إلى تغير االستراتيجيات والتكتيك‬ ‫الفرنسية ضد البحرية العثمانية في إطار حرب احلربي البحري في العالم‪.‬‬ ‫استقالل اليونان‪ ،‬باإلضافة للمشاركة في حرب القرم‬ ‫وقد م ّثلت البحرية احلربية األملانية إحدى فروع‬ ‫( ‪ )1856 - 1854‬ضمن احللف الفرنسي العثماني ضد القوات املسلحة نشأت مع بروز اإلمبراطورية األملان ّية‬ ‫اإلمبراطورية الروسية‪.‬‬ ‫سنة ‪ ،1871‬ومنت وتطورت في عهد اإلمبراطور‬ ‫مع نهاية القرن التاسع عشر عرفت البحرية «فيلهامي الثاني» مما نتج عنه سباق نحو التسلح مع‬ ‫البريطانية ّ‬ ‫عدة تغييرات هيكلية أحدثها «األميرال اإلمبراطورية البريطانية أ ّدى إلى التصادم خالل احلرب‬ ‫فيشر» حيث تخلص من عديد السفن القدمية ووضع العاملية األولى وبرز ذلك في معركة «جوتالند» في‬ ‫البق ّية في االحتياط‪ ،‬كما أشرف على تطوير بارجة ماي ‪.1916‬‬ ‫«إتش إم إس» التي فاقت جميع البوارج في السرعة‬ ‫فقد كانت أملانيا متتلك غواصات حديثة أكثر قدرة‬ ‫وقوة نيرانها في تلك الفترة‪.‬‬ ‫قتالية من البحرية البريطانية وإن كان أسطولها‬ ‫ومن هذا املنطلق اعتبرت البحرية البريطانية أكبر أقل عددا‪ ،‬فقد تدعم بحوالي ‪ 28‬غ ّواصة صغيرة‬ ‫قوة بحرية في العالم ولها تاريخها منذ الفترة احلديثة‪ ،‬احلجم‪ ،‬استخدمت في البداية لزرع حقول األلغام‬ ‫في املياه اإلقليمية البريطانية ثم نفذت هجمات‬

‫الدفاع‬ ‫‪88‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫الراية احلربية للبحرية األملانية ( ‪)1919 – 1903‬‬

‫علم البحرية األملانية ( ‪)1919 – 1903‬‬

‫على السفن احلربية‪ .‬وقد التجأت أملانيا إلى إتباع‬ ‫هذه اإلستراتيجية إلرغام القوات البحرية البريطانية‬ ‫على االستسالم أو االنسحاب من بحر الشمال‪.‬‬

‫باإلستراتيجية البريطانية القائمة على احلصار‬ ‫البحري باستخدام أسطولها عن بعد في إجناح هذا‬ ‫احلصار دون خسائر في قواتها وأما الفكرة الثانية‬ ‫فتندرج ضمن االعتقاد السائد لدى األملان بأن قوتهم‬ ‫البحرية القائمة على سفن جديدة أكثر صالبة وأكثر‬ ‫قدرة قتالية قادرة ال فقط على فك احلصار البحري‬ ‫املضروب على أملانيا وإمنا هزم البريطانيني‪ .‬انطالقا من‬ ‫هذه املعطيات كان األملان يرغبون في خوض مواجهة‬ ‫بحرية ضد البريطانيني‪.‬‬ ‫جاء قرار خوض معركة جوتالند في ماي ‪1916‬‬ ‫نتيجة تأثير احلصار البحري الذي فرضته بريطانيا على‬ ‫السفن األملانية‪ .‬وجدت أملانيا نفسها مجبرة على‬ ‫الدخول في معركة بحرية ضد البريطانيني باإلعتماد‬ ‫على ما توفر لديها من قوة بحرية فتية السيما بعد‬ ‫فشل محاولة استدراج البريطانيني خلوض مواجهة‬

‫موقع معركة جوتالند‬

‫إحدى الغواصات األملانية شاركت في معركة جوتالند‬

‫وتتنزل معركة جوتالند في هذا اإلطار في السباق‬ ‫بني البحريتني للسيطرة على اجملال البحري‪ ،‬حيث‬ ‫يقول فولكنهاين ‪ Erich von Falkenhayn 1‬مخاطبا‬ ‫القيصر «يا سيدي القيصر‪ ،‬إن عدونا الرئيسي‬ ‫هو بريطانيا‪ ،‬وهي قوة بحرية أكثر منها برية‪ ،‬ولذا‬ ‫يجب تدميرها عن طريق البحر‪ .‬إ ّن سالحنا لذلك‬ ‫هو الغواصات‪ ،‬فيجب أن نغرق أسطولها بكامله أو‬ ‫قسما كبيرا منه على األقل ‪. »2‬‬ ‫هذه القولة الشهيرة لقائد عسكري أملاني‬ ‫من شأنها أن حتيلنا إلى فكرتني رئيسيتني‪ ،‬تتمثل‬ ‫الفكرة األولى في وعي القيادة العسكرية األملانية‬

‫‪ 1‬رئيس األركان العامة في اإلمبراطورية األملانية من ‪ 14‬سبتمبر ‪ 1914‬إلى ‪ 19‬أغسطس ‪1916‬‬ ‫‪ 2‬الديواري (عمر)‪ ،‬احلرب العاملية األولى‪ ،‬دار العلميني‪ ،‬بيروت لبنان الطبعة الرابعة عشر‪ ،1994 ،‬ص ‪.216‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪89‬‬


‫على السواحل األملانية حيث تكون البحرية مدعومة‬ ‫بالقوة البرية الساحلية‪.‬‬ ‫برز االهتمام األملاني بتغيير استراجتيتها مع بداية‬ ‫‪،1916‬فتم تعيني األميرال رانهارد شيير�‪Rein‬‬ ‫سن ة‬ ‫ّ‬ ‫‪ hard Scheer‬على قيادة أسطول أعالي البحار (‪Hoch‬‬

‫‪CONTRE-AMIRAL VON HIPPER‬‬

‫‪AMIRAL REINHARD SCHEER‬‬ ‫‪ )see flotte‬وقد كان مؤيدا لسياسة أكثر شراسة‬ ‫‪ ،‬فخطط شير ‪ Scheer‬للتخلص من األسطول‬ ‫البريطاني عن طريق استدراج قطع بحرية صغيرة‬ ‫وقليلة العدد وتكون منفردة في كل مرة للقضاء‬ ‫عليها باستعمال السفن املصفحة األكثر صالبة‪،‬‬ ‫إضافة إلى استغالل الغواصات األملانية‪.‬‬ ‫منذ تعيينه على رأس األسطول األملاني شرع‬ ‫شير ‪ Scheer‬في إتباع تكتيك الهجمات اإلستباقية‬ ‫السيما باعتماد الغواصات فعدد الهجمات على‬ ‫السواحل البريطانية التي كانت في اغلبها ناجحة‬ ‫وإن لم تخلو من بعض اخلسائر مثل ما تعرضت له‬ ‫الغواصة ‪ Seydlitz 3‬يوم ‪ 25‬أفريل ‪ 1916‬والتي لم‬ ‫تتمكن من الوصول إلى السواحل األملانية إال بعد أن‬ ‫امتألت بحوالي ‪ 1400‬طن من املاء‪.‬‬

‫كانت بريطانيا سيدة البحار منذ معركة أرمادا‬ ‫سنة ‪ ،1588‬حيث أصبح لها تقاليد بحرية في إدارة‬ ‫املعارك البحرية كما كان لها دراية مبستجدات‬ ‫التطور التقني األملاني وتطور املالحة البحرية بصورة‬ ‫عامة وكانت على معرفة بقوة األسطول وعلى ما‬ ‫أصبحت عليه من قدرة قتالية فرغم تفوقها العددي‪،‬‬ ‫وللمحافظة على فارق التفوق‪ ،‬كان عليها الترفيع‬ ‫في قطع أسطولها بثالث مرات حجم األسطول‬ ‫األملاني ‪ 4‬وهو ما لم يكن في املتناول‪ ،‬فاختارت لذلك‬ ‫إستراتيجية تقوم على املراقبة والتطويق عن بعد‬ ‫« ‪ » blocus à distance‬بتركيز قطع أسطولها‬ ‫في مراكز إستراتيجية على سواحل بحر الشمال‬ ‫وبالتعاون مع حليفاتها السيما فرنسا‪.‬‬

‫البارجة األملانية سدليتز بعد إصابتها‬

‫‪ 3‬إحدى أهم البوارج احلربية األملانية حتمل اسم قائد عسكري أملاني ‪ Friedrich Wilhelm von Seydlitz‬من القرن الثامن عشر صنعت في ‪1912‬‬ ‫وشرع في استغاللها سنة ‪ 1913‬وأصيبت في افريل ‪ 1916‬لتخضع مدة شهور لإلصالح‪.‬‬ ‫‪ 4‬على عكس السفن الشراعية التقليدية فان السفن البخارية غير قادرة على البقاء طويال في البحر وفرض حصار طويل املدى الرتباطها‬ ‫بالفحم احلجري الذي يجب عليها التزود به بصورة دورية مما يجبرها على العودة إلى املوانئ‪ .‬ولضمان عمليات تطويق طويلة األمد على بريطانيا‬ ‫توفير عدد سفن يؤمن عملية التداول على املراقبة والتي قدرت بحوالي ثالث مرات حجم األسطول االملاني‪.‬‬ ‫‪ Cruiser 5‬باالنكليزية و ‪ croiseur‬بالفرنسية‬

‫الدفاع‬ ‫‪90‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫أمام «حرب االستنزاف» األملانية و«الهرسلة»‬ ‫التي فرضتها البحرية على سواحل بريطانيا حتركت‬ ‫القيادات البريطانية الستدراج البحرية األملانية إلى‬ ‫مواجهة مباشرة أو ترهيبها والتضييق على حتركاتها‬ ‫وفي هذا اإلطار قرر القائد جليكوي ‪ Jellicoe‬إرسال‬ ‫وحدتني من الطرادات ‪ 5‬على سواحل الدمنارك الختبار‬ ‫الدفاعات األملانية واستكشافها وفي نفس الوقت‬ ‫متركزت أساطيل بقيادة كل من جليكوي وبيتي في‬ ‫املناطق اخللفية استعدادا للتدخل في حالة خروج‬ ‫األسطول األملاني‪ .‬في األثناء كان األميرال شير‬

‫العمليات العسكرية بني األسطول‬ ‫البريطاني واألملاني‬

‫قد خطط إلى استدراج األسطول البريطاني إلى‬ ‫مواجهة في عرض البحر فكان التقاء رغبة القيادتني‬ ‫في مواجهة في عرض البحر لتنشأ معركة جاتالند‪.‬‬ ‫غ ّير البريطانيون من استراجتيتهم العسكرية‬ ‫التي كانت ترتكز على السيطرة على البحر األبيض‬ ‫املتوسط إلى االهتمام مبواجهة اجليش األملاني في بحر‬ ‫الشمال‪ ،‬وأدت هذه السياسة العسكرية البريطانية‬ ‫إلى وقوع املعركة في أواخر شهر ماي ‪،1916‬‬ ‫في يوم ‪ 30‬ماي ‪ 1916‬غادرت السفن احلربية‬ ‫البريطانية سواحلها واجتهت شرقا فانضمت في‬ ‫اليوم املوالي على الساعة الثانية بعد الزوال إلى‬ ‫القوات البحرية التي كان يقودها األميرال جليكوي‪.‬‬ ‫كان األسطول البريطاني يتألف من ‪ 38‬مدرعة و‪9‬‬ ‫طرادات كبيرة‪ ،‬في حني كان األسطول األملاني يضم‬

‫‪ 16‬مدرعة و‪ 5‬طرادات كبيرة إلى جانب العديد من‬ ‫السفن صغيرة احلجم باألسطولني‪ .‬قام األميرال هيبر‬ ‫قائد املدرعات األملانية باعتراض السفن البريطانية‬ ‫التي كانت حتاول االلتحاق باألسطول البريطاني في‬ ‫مركز جتمعه في عرض البحر‪.‬‬ ‫في حني انتشرت القوات العسكرية األملانية في‬ ‫الساعات األولى من يوم ‪ 30‬ماي ‪ 1916‬في بحر الشمال‬ ‫التجسس وجمع املعلومات العسكرية‬ ‫محاولة‬ ‫ّ‬ ‫على وحدات بحرية بريطانية منعزلة تقوم باملالحة‬ ‫بعيدا عن السواحل الدمناركية‪ ،‬سمحت هذه ّ‬ ‫اخلطة‬ ‫بالتجسس علي الرسائل ال ّالسلكية لألملان ملعرفة‬ ‫ّ‬ ‫حتركات أسطولهم وأخذ االحتياطات في مواجهة‬ ‫الغارات املفاجئة التي ينوى األملان القيام بها كما‬ ‫سمحت لألسطول البريطاني باالنتشار في البحر ‪.‬‬ ‫ظهر األسطول البريطاني على الساعة السادسة‬ ‫و‪ 15‬دقيقة يوم ‪ 30‬ماي ‪ 1916‬في عرض البحر وتقدم‬ ‫حملاصرة األسطول األملاني إال أن القائد شيبر أدرك أن‬ ‫هنالك خطة تهدف إلى تطويقه من اخللف وقطع‬ ‫املدد عليه ولذلك قرر االنسحاب نحو املوانئ األملانية‬ ‫للتمركز‪ ،‬في حني لم يلتحق به القائد جليكوي‬ ‫وبقي يترصد حتركات البحرية األملانية‪ .‬يرى املؤرخ عمر‬ ‫ويوضح ذلك قائال‬ ‫الديراوي أن جليكوي ارتكب خطآ‬ ‫ّ‬ ‫«فلو طارد «شير» الستطاع بفضل أسطوله األكبر‬ ‫واألسرع واألحسن مدفعية‪ ،‬أن يقضي على خصمه‪»6‬‬ ‫يبدو أن جليكوي رفض مطاردة شير ألنه يخشى من‬ ‫الغواصات األملانية كما كان يخاف من استعمال‬

‫‪ 6‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.259‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫صورة إلحدى السفن البريطانية تعرضت للقصف من‬ ‫األسطول األملاني فإحترقت‬ ‫خالل املواجهات العسكرية في معركة جوتالند‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪91‬‬


‫األلغام البحرية‪ ،‬وقد يكون في انسحاب األسطول األملانية كانت ‪16‬عقدة (‪ 32‬كلم) بحرية في الساعة‪،‬‬ ‫األملاني تكتيك وتخطيط لإليقاع بالبحرية البريطانية في حني أن أقصى سرعة الطرادات األنقليزية هي ‪21‬‬ ‫في كمني قد نصبه لها شيبر‪.‬‬ ‫عقدة (‪42‬كلم ‪. ) 7‬‬ ‫يوم ‪ 31‬ماي ‪ 1916‬هاجم بيتي قائد الطرادات‬ ‫ظهر األسطول األملاني مرة ثانية بقيادة شير‬ ‫البريطانية األسطول األملاني‪ ،‬فخسر ثالثة طردات‬ ‫مدرعة بعد تلقيها ضربة مباشرة بالقذائف املدفعية‬ ‫األملانية في مخازن ذخيرتها في السفن وتسببت في‬ ‫نسف السفن وطاقمها‪ ،‬بالرغم من ذلك واصل بيتي‬ ‫هجومه البحري‪ ،‬فعمل هيبر على إتباع خطة تعتمد‬ ‫على تقسيم األسطول البريطاني إلى قطع على‬ ‫شكل مجموعات صغيرة‪ ،‬حيث يسهل إغراقها‪.‬‬ ‫يوم ‪ 31‬ماي ‪ ،1916‬استغل هيبر القائد العسكري‬ ‫األملاني اقتراب السفن احلربية البريطانية منه حتى‬ ‫يهاجمها (الساعة الثالثة و‪ 45‬دق) فأطلق النار عليها‬ ‫فنتج عن ذلك إغراق البعض منها‪ ،‬األمر الذي أجبر‬ ‫مخطط رقم ‪ 2‬عملية التطويق واالنسحاب‬ ‫بيتي على االنسحاب بعيدا عن القوات األملانية‪.‬‬ ‫في غفلة من اجلنرال جليكوي‪ ،‬وأخذت املدفعية‬ ‫األملانية في قصف األسطول البريطاني ملدة وجيزة‬ ‫ثم انسحب مرة أخرى‪ ،‬وبذلك قرر جليكوي مطاردته‬ ‫ومالحقته لكنه لم تكن له معرفة بالطريق الذي‬ ‫اتبعه األسطول األملاني وبذلك قرر جليكوي االنسحاب‬ ‫والعودة إلى بريطانيا كما فعل شير عندما توجه‬ ‫بأسطوله إلى القواعد العسكرية األملانية‪ .‬وبهذا‬ ‫انتهت معركة جوتالند التي كانت أهم حرب بحرية‬ ‫بني أكبر أسطولني خالل احلرب العاملية األولى‪.‬‬ ‫نالحظ من خالل الطرق التي اتبعها كل من‬ ‫األسطول البريطاني واألسطول األملاني أن كل واحد‬ ‫مخطط رقم ‪ 1‬عملية املناورة لألسطولني خوفا‬ ‫كان يخشى من األمواج ا ّلتي قد تكون محملة‬ ‫من عمليات التفخيخ‬ ‫باملفخخات فتصطدم بها السفن‪ ،‬زد على ذلك أن‬ ‫تفطن بيتي لهذه اإلستراتيجية العسكرية اقتراب األسطولني له بعد استراتيجي وتكتيكي‬ ‫األملانية‪ ،‬فعمل على التظاهر باالنسحاب مهزوما‪ ،‬فعلى املستوى األول يعمل القادة العسكريون على‬ ‫فتبعه هيبر لكنه عجز عن اللحاق به بسبب سرعة‬ ‫التجسس والتقاط املكاملات وحل شفرتها وهذا ما‬ ‫ّ‬ ‫األسطول البريطاني التي تفوق بكثير سرعة األسطول‬ ‫توصل إليه البريطانيون‪ ،‬أما على املستوى الثاني‬ ‫ّ‬ ‫األملاني ويقول عمر الديراوي «فأقصى سرعة الطرادات فقد اتبع الطرفان هذا األسلوب من التكتيك بهدف‬ ‫‪ 7‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.259‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪92‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫‪ 30‬ماي إلى ‪ 01‬جوان ‪1916‬‬ ‫تاريخ املعركة‬ ‫بحر الشمال‬ ‫املوقع‬ ‫القادة األسطوليني (البريطاني واألملاني)‬ ‫قادة األسطول األملاني‬ ‫قادة األسطول البريطاني‬ ‫رينهارد شير‬ ‫جون جيلكوي‬ ‫فرانز هيبر‬ ‫دفيد بيتي‬ ‫القوى العسكرية للدولتني‬ ‫القوى األملانية‬ ‫القوى البريطانية‬ ‫‪ 16‬بارجة حربية‬ ‫‪ 28‬بارجة حربية‬ ‫‪ 61‬زورق طوربيد‬ ‫‪ 01‬زراعة ألغام‬ ‫‪ 16‬طراد‬ ‫‪ 43‬طراد‬ ‫الشيء‬ ‫‪ 78‬مدمرة‬ ‫اخلسائر األملانية‬ ‫اخلسائر البريطانية‬ ‫‪ 2.551‬قتيل‪ 507 ،‬جريح‪،‬‬ ‫‪ 6.094‬قتيل‪ 510 ،‬جريح‪ 177 ،‬أسير‬ ‫‪ 5‬طردات‪ 5 ،‬زوارق طوربيد (غرقوا)‬ ‫‪ 6‬طردات‪ 8 ،‬مدمرات (غرقوا)‬ ‫استعراض القوة ولذلك كانت التعرجات لألسطولني‬ ‫في مياه بحر الشمال‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫متكن هيبر من إطالق النار على السفن البريطانية‬ ‫خوفا من اقترابها وااللتحام معها والتي متتاز بالقوة‬ ‫املدفعية التي تختص بها البحرية البريطانية‪.‬‬ ‫مثل ظهور األلغام عامل فاعل في حتديد مسار‬ ‫احلرب البحرية‪ ،‬فاعتمدت كل من بريطانيا وأملانيا‬ ‫خالل احلرب العاملية األولى هذا السالح في عملياتها‬ ‫العسكرية كانت الغاية من زرع األلغام الدفاع وعرقلة‬ ‫حركة سفن العدو في البحر‪ .‬ساهمت األلغام في‬ ‫حتييد املواجهات املباشرة بني األسطولني‪.‬‬ ‫ظهر خالل منتصف احلرب العاملية األولى إلى جانب‬ ‫األلغام سالح جديد « الغواصات» التي سببت إشكاال‬ ‫استراتيجيا لدى القادة العسكريني البريطانيني‪،‬‬ ‫حيث كانت البحار مفتوحة أمام البحرية البريطانية‪،‬‬ ‫لتأمني املؤن واملواد اخلام التي تتدفق من املستعمرات‬ ‫إلى املوانئ البريطانية دون مشاكل ومصاعب‪ ،‬لكن‬ ‫مع بداية حرب الغواصات‪ ،‬هدد هذا اخلطر السفن‬ ‫البريطانية‪ .‬جلأ القادة العسكريون البريطانيون‬ ‫إلى سالحهم التقليدي «احلصار البحري» ردا على‬ ‫الغواصات األملانية‪ .‬متكنت بريطانيا من إحلاق الضرر‬

‫باالقتصاد األملاني واألمر الذي سبب انهزامها في هذه‬ ‫احلرب‪.‬‬ ‫كانت معركة جوتالند أهم اشتباك عسكري‬ ‫بحري في احلرب العاملية األولى‪ .‬فخلفت نتائج‬ ‫مختلفة للطرفني‪ .‬فقد أحلق األملان خسائر باألسطول‬ ‫البريطاني أكثر مما حلق بهم فخسر األسطول البحري‬ ‫البريطاني ثالث طرادات حربية وثالث طرادات مصفحة‬ ‫وثمان مدمرات و‪ 6945‬مقاتل في حني خسر األملان ‪4‬‬ ‫طرادات سريعة وخمس مدمرات و‪ 3058‬في صفوف‬ ‫مقاتليه‪.‬‬ ‫على الرغم من تكبد القوات البريطانية خسائر‬ ‫بشرية بلغت ‪ 6094‬قتيال و‪ 510‬جريحا و‪ 177‬أسيرا‬ ‫ودمرت لها ‪ 14‬سفينة حربية إال أنها استطاعت إجبار‬ ‫األسطول األملاني على التراجع دون حتقيق نتيجة‬ ‫حاسمة‪ ،‬فقد كانت خسائره أقل حيث خسر اجلانب‬ ‫األملاني ‪ 2,500‬قتيال و‪ 14‬سفينة حربية‪ ،‬ارتبطت نهاية‬ ‫هذه املعركة مبا كان يدور من مواجهات عسكرية برية‪،‬‬ ‫فانعكست نتائجها على سير املعركة بني الطرفني‬ ‫مما أجبر أملانيا على االنسحاب ‪ ،‬وتركت بحر الشمال‬ ‫للبريطانيني الذين بسطوا هيمنتهم عليه ‪.‬‬ ‫أما الدروس املستخلصة من معركة جوتالند تبرز‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪93‬‬


‫من خالل جعلها مخبرا لالستراتيجيات العسكرية‬ ‫التي وقع اتخاذها قبل اندالع احلرب العاملية األولى‪،‬‬ ‫لكن مع سير أطوار احلرب تغيرت هذه االستراتيجيات‬ ‫ال فقط بتغير األهداف السياسية وإمنا بتغير التقنيات‬ ‫احلربية التي فرضت طرقا جديدة في املواجهات‬ ‫العسكرية‪ ،‬فالقيادة العسكرية البريطانية رغم‬ ‫قدرتها وخبرتها العسكرية ال تستطيع احملافظة‬ ‫على نفس إستراتيجيتها العسكرية التي بنت عليها‬ ‫تكتيكها نظرا لوجود تقنيات عسكرية أملانية جديدة‬ ‫فرضت عليها تكتيكا جديدا ارتكز على القدرات‬ ‫التقنية للجانب األملاني خاصة وأن نتائج احلرب ال حتدد‬ ‫بحجم القوات والقدرات العسكرية وإمنا بالفاعلية‪.‬‬ ‫متثلت االستراتيجيا البريطانية في ضرب حصار‬ ‫على القوات البحرية األملانية وإجبارها على املكوث‬ ‫في موانئها ولكن هذه االستراتيجيا لم تتحقق نظرا‬ ‫ملا تتطلبه هذه العملية من عدد كبير من السفن‬ ‫للمراقبة بالتناوب وتقدمي الدعم اللوجستيكي في‬ ‫نفس الوقت‪ ،‬في حني ارتكزت االستراتيجيا األملانية‬ ‫على استعمال سالح الغواصات إلغراق البوارج‬ ‫البريطانية لكن هذه األخيرة متكنت من صد بعض‬ ‫الهجومات‪.‬‬ ‫نستحلص من هذه املعركة السرعة في التنفيذ‬ ‫والقناعة في مواجهة قوة العدو‪،‬‬

‫(أصبح لألملان الشجاعة في مواجهة البحرية‬ ‫البريطانية ذات التقاليد القتال ّية في البحار‬ ‫واحمليطات) فالسرعة تؤدي إلى مباغتة العدو في اقل‬ ‫وقت ممكن تفاديا للتغيرات املناخية كهيجان البحر‬ ‫الذي يتسبب في عرقلة تنقل السفن وحتطيمها‪،‬‬ ‫كما تختلف االستراتيجيا والتكتيك في املعارك‬ ‫البحرية عن املعارك البرية‪ ،‬وذلك نظرا للميدان التي‬ ‫تدور فيه املواجهات بني قوتني عسكريتني‪ ،‬فميدان‬ ‫البحر مفتوحا في حني جند ميدان املعارك البرية‬ ‫منغلقا لوجود التضاريس والهضاب والسكان حيث‬ ‫يصعب مشاهدة العدو كما هو في البحر‪.‬‬ ‫مثلت معركة جوتالند سنة ‪ ،1916‬نوعا جديدا‬ ‫من املعارك البحرية خالل احلرب العاملية األولى حيث‬ ‫وضعت وجها لوجه األسطول البريطاني ‪Grand‬‬ ‫‪ Fleet‬ذا التقاليد البحرية التي تعود إلى معركة‬ ‫أرمادا سنة ‪ 1588‬التي دارت أطوارها بني األسطول‬ ‫البريطاني واألسطول اإلسباني‪ ،‬وانتهت بانتصار‬ ‫البحرية البريطانية ومنذ تلك الفترة أصبحت القوات‬ ‫العسكرية البحرية البريطانية سيدة العالم إلى‬ ‫حدود احلرب العاملية األولى‪ ،‬في حني برز األسطول‬ ‫األملاني ‪ Hochsee flotte‬حديث العهد باجملال‬ ‫العسكري البحري معتمدا على طرق جديدة تتالئم‬ ‫واملفخخات البحرية‬ ‫مع سالح الغواصات‬ ‫ّ‬

‫املراجع‪:‬‬ ‫لمي‪ ،‬بيروت لبنان الطبعة ‪1994 ،14‬‬ ‫الديواري (عمر)‪ ،‬احلرب العاملية األولى‪ ،‬دار ال َع ْ‬ ‫‪Buisson (Patrik) et Gallo (Max), La Grande Guerre 1914 - 1918, Paris, 2008.‬‬ ‫‪Brézet (Fr-E), Le Jutland, le plus formidable bataille de tous les temps.‬‬ ‫‪Miquel (Pierre), La Grande Guerre, arthène frayard, Paris, 1983.‬‬ ‫‪Von Hase ( G), La Bataille du Jutland vue du Berfflinger, collections de mémoires, Etudes de do‬‬‫‪cuments pour servir à l’histoire de la guerre mondiale, Paris 1922.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪94‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫اختتام الموسم الرياضي العسكري ‪2018-2017‬‬

‫الدور النهائي لكأس تونس العسكري‬ ‫في كرة القدم بين المدارس‬

‫أشرف وزير الدفاع الوطني السيد عبد الكرمي الزبيدي على مهرجان اختتام املوسم الرياضي‬ ‫العسكري ‪ 2018 - 2017‬بحضور وزيرة شؤون الشباب والرياضة‪ ،‬السيدة ماجدولني الشارني‬ ‫وأعضاء اجمللس األعلى للجيوش‪ ،‬ورئيس اللجنة الوطنية األوملبية التونسية محرز بوصيان‪،‬‬ ‫وثلة من سامي إطارات وزارة الدفاع الوطني من العسكريني واملدنيني إلى جانب عدد من‬ ‫رؤساء اجلامعات الرياضية‪.‬‬ ‫وحتصل فريق األكادميية العسكرية بفندق اجلديد على كأس تونس العسكري في كرة القدم بني املدارس‬ ‫إثر انتصاره على مدرسة ضباط الصف جليش الطيران بركالت الترجيح ‪ 3-2‬بعدما انتهت املباراة في وقتها‬ ‫األصلي بالتعادل السلبي في الدور النهائي الذي أقيم يوم الثالثاء ‪ 15‬ماي ‪ 2018‬باملركب الرياضي واالجتماعي‬ ‫مبفتاح سعد اهلل بالعاصمة‪.‬‬

‫وتو ّلى وزير الدفاع الوطني السيد عبد الكرمي الزبيدي مرفوقا بوزيرة شؤون الشباب والرياضة تسليم رمز‬ ‫الكأس إلى قائد فريق األكادميية العسكرية بفندق اجلديد‪ .‬كما مت باملناسبة تتويج املدارس الفائزة بالبطوالت‬ ‫وتكرمي عدد من قدماء الرياضيني العسكريني ومجموعة من الرياضيني املتألقني دوليا‪.‬‬ ‫ويندرج مهرجان اختتام املوسم الرياضي العسكري في إطار االحتفال بالذكرى ‪ 62‬النبعاث اجليش الوطني‪،‬‬ ‫وشمل برنامج هذه التظاهرة الرياضية عروضا متنوعة في الرياضات العسكرية املتعلقة مبجال اجلاهزية‬ ‫البدنية والقتال وجه الى وجه‪ ،‬إلى جانب تقدمي حركات استعراضية في عدد من الرياضات على غرار التايكواندو‬ ‫واجليدو واملصارعة وألعاب القوى والدراجات‪.‬‬ ‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪95‬‬


‫سباق نصف المارطون العسكري‬ ‫مبناسبة الذكرى ‪ 62‬إلنبعاث اجليش الوطني‬ ‫نظمت إدارة التربية والرياضة العسكرية سباق نصف‬ ‫املارطون العسكري (‪ 21‬كلم) وذلك يوم‪ 22‬أفريل ‪2018‬‬ ‫بضفاف البحيرة‪ .‬وحضر هذه التظاهرة الرياضية عدد‬ ‫من القيادات العسكرية وممثلني عن عدة هياكل ذات‬ ‫عالقة باألنشطة الرياضية ‪.‬‬ ‫وحتصل في سباق(‪ 21‬كلم) صنف ذكور‪ ،‬وليد مراد‬ ‫متقدما على‬ ‫بتوقيت (‪1‬س و‪12‬دق) على املرتبة األولى‬ ‫ّ‬ ‫محمد أمني اجلربي (‪1‬س و‪14‬دق و‪20‬ث) واحتل املرتبة‬ ‫الثالثة ادريس العلوي بتوقيت (‪1‬س و‪ 14‬دق و‪44‬ث)‪.‬‬ ‫وفي صنف اإلناث سباق ‪ 21‬كلم ت ّوجت حلومة‬ ‫جرفال محققة توقيت (‪1‬س و‪ 41‬دق و‪ 01‬ث) متقدمة‬ ‫على سمية الظاهري ( ‪1‬س و‪ 49‬دق و‪ 59‬ث) وجاءت‬

‫في املرتبة الثالثة رحمة التومي بتوقيت (‪2‬س و‪15‬دق‬ ‫و‪18‬ث )‪.‬‬ ‫وفي إطار «الرياضة للجميع» انتظم لفائدة‬ ‫العسكر ّيني واملدنيني سباق مفتوح على مسافة ‪5‬‬ ‫كلم كما أقيم سباق نصف مارطون لقدماء العدائني‪.‬‬ ‫وفي ختام املنافسات‪ ،‬تولى أمير اللواء منعم‬ ‫بالعاتي املتفقد العام للقوات املسلحة نيابة عن‬

‫الدفاع‬ ‫‪96‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫وزير الدفاع الوطني السيد عبد الكرمي الزبيدي تكرمي‬ ‫املتوجني وتوزيع اجلوائز على الفائزين في مختلف‬ ‫املسابقات‪.‬‬ ‫ويذكر أنه شارك في هذا السباق ‪ 1300‬رياضي بني‬ ‫عسكريني ومدنيني قدموا من مختلف الفرق الرياضية‬ ‫إضافة إلى الهواة واملواطنني‪.‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫الملتقى العربي العسكري األول لإلعالم الرياضي‬ ‫آفاق جديدة وشراكة واعدة بين الرياضة العسكرية‬ ‫واإلعالم الرياضي العربي‬ ‫املالزم أوّل سارة بن الشاذلي‬ ‫«وطن عربي واحد من احمليط إلى اخلليج» وخطوة عسكريّة واحدة على إيقاع الوفاء للوطن العربي‬ ‫الكبير‪ ،‬أعالم اصطفت في انضباط وعسكريني على اختالف بدالتهم العسكرية ورتبهم ولهجاتهم‬ ‫وقفوا وقفة احترام‪ ،‬لتحية العلم التونسي وهذه األرض الزكية الطاهرة التي في ربوعها يتج ّدد اللقاء‬ ‫لتكون عنوانا لألخوّة‪.‬‬ ‫ملتقى إعالمي ع ّبر عن تط ّلعات القوات املسلحة‬ ‫خملتلف الدول العربية‬

‫لصنع مستقبل رياضي‬

‫عربي مشرق يوثق اجنازات العسكريني في مختلف‬ ‫البطوالت الرياضية العربية والعاملية‪ ،‬بتكليف من‬ ‫السيد وزير الدفاع الوطني افتتح أمير اللــــواء‬ ‫ّ‬ ‫املتفقد العام للقوات املس ّلحة‬ ‫عبد املنعم بلعاتي‪،‬‬ ‫مدنيون وعسكريون هبوا لترديد أبيات النشيد امللتقى العربي العسكري األول لإلعالم الرياضي‬ ‫ّ‬ ‫الوطني التي زادت من حماسة احلضور وخاطبت كل واجتماعات اجلمعية العمومية مؤكدا أن تونس ووزارة‬

‫حبة رمل في هذه األرض األبية العصية‪ ،‬أبيات أججت الدفاع الوطني التونسية ستبقى خير داعم للرياضة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫العشق لربوع هذا الوطن واختصرت ما يجول في العربية العسكرية وللرياضيني العسكريني العرب‪.‬‬ ‫القلوب والعقول «بنموت منوت ويحيا الوطن»‪.‬‬ ‫هكذا انطلقت فعاليات امللتقى العربي العسكري‬ ‫لإلعالم الرياضي في نسخته األولى تزامنا مع احتضان‬ ‫تونس الجتماعات اجلمعية العمومية الثالثة والثالثني‬ ‫لالحتاد العربي للرياضة العسكرية من ‪ 05‬إلى ‪11‬‬ ‫مارس ‪ 2018‬مبشاركة أكثر من ‪ 30‬إعالمي من تونس‬ ‫ومن مختلف الدول العربية الشقيقة املنضوية حتت‬ ‫غطاء االحتاد العربي للرياضة العسكرية‪.‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪97‬‬


‫ّ‬ ‫وأكد املتفقد العام للقوات املسلحة في بداية‬ ‫حديثه على الدور الهام ملثل هذه التظاهرات في‬ ‫مساعدة الرياضيني العسكريني على مزيد التألق‬ ‫مثمنا مجهودات القائمني على االحتاد‬ ‫والنجاح‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫العربي للرياضة العسكرية للنهوض بالرياضة‬ ‫العربية ودعم حضورها في مختلف املساحات‬ ‫اإلعالمية الرياضية العربية مشيدا بعمق العالقات‬ ‫ومدى التعاون العسكري بني مختلف جيوش الدول‬ ‫العربية الشقيقة‪.‬‬ ‫من جهته ّ‬ ‫أكد العميد الهادي بن بكر القحطاني‪،‬‬ ‫رئيس االحتاد العربي للرياضة العسكرية خالل كلمة‬ ‫ألقاها على هامش افتتاح هذه التظاهرة أن عزم االحتاد‬ ‫متواصل لدعم الرياضة العربية العسكرية وذلك من‬ ‫خالل رسم وجتسيد خطة إعالمية واتصالية ناجعة‬ ‫تهدف إلى مزيد االنفتاح على اإلعالم الرياضي العربي‬ ‫والتفاعل معه لتسليط الضوء على اجنازات وجناحات‬ ‫وتعد هذه النقاط من‬ ‫الرياضيني العسكريني العرب‬ ‫ّ‬

‫الدفاع‬ ‫‪98‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫أولويات امللتقى العسكري العربي لإلعالم الرياضي‪.‬‬ ‫كما ن ّوه القحطاني بحسن التنظيم واالستضافة‬ ‫يعد اجنازا آخر يحسب‬ ‫مؤكدا أ ّن هذا النجاح التنظيمي ّ‬ ‫للقوات املسلحة التونسية بعد مت ّيزها في استضافة‬ ‫البطولة العربية العسكرية السادسة للتايكواندو‬ ‫مشيرا إلى أن حضور هذا الزخم من الوجوه اإلعالمية‬ ‫الرياضية املعروفة في تونس والعالم العربي خير‬ ‫دليل على اإلرادة لتمتني العالقة بني القوات املسلحة‬ ‫العربية واإلعالم الرياضي ‪.‬‬ ‫كان االنتقال من قاعة إلى قاعة أخرى فرصة لتبادل‬ ‫عبارات اإلعجاب بحفل االفتتاح وفسحة للصحافيني‬ ‫والضيوف املدنيني للتجول واكتشاف شخصيات‬ ‫عسكرية تونسية وعربية واالقتراب منها أكثر‪.‬‬ ‫فتحت أبواب القاعة وتراءت باللون الذهبي إشكالية‬ ‫"ماذا تريد الرياضة العسكرية من اإلعالم الرياضي؟"‬ ‫وبهذا الطرح افتتح امللتقى العربي العسكري األ ّول‬ ‫أشغاله وكانت مناسبة أكدت فيها عديد القيادات‬ ‫العسكرية على انتظارات الرياضة العسكرية من‬ ‫اإلعالم الرياضي وسعي االحتاد العربي خللق عالقة‬ ‫تفاعلية واضحة مع اإلعالم الرياضي العربي مبا يفتح‬ ‫اجملال أمام تثمني جهاز الرياضة العسكرية والتركيز‬ ‫على تغطية أنشطته وإبرازها وتقريبها من املواطن‬ ‫العربي‪.‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫في املقابل أشارت عديد الوجوه املدنية احلاضرة‬ ‫من تونس ومن العالم العربي (اجلزائر‪ ،‬ليبيا‪ ،‬موريتانيا‪،‬‬ ‫السعودية‪ ،‬قطر‪ ،‬فلسطني‪،‬األردن‪ ،‬الكويت ومصر)‬ ‫على أهمية مثل هذه امللتقيات في تقريب وجهات‬ ‫النظر مع التأكيد على أن اإلعالم الرياضي يسعى‬ ‫خللق عالقة منوذجية مع الرياضة العسكرية مبا أنها‬ ‫جزء ال يتجزأ من جهاز الرياضة ككل‪.‬‬ ‫في املقابل ّ‬ ‫أكد الس ّيد محمد جميل عبد القادر‬ ‫رئيس االحتاد العربي للصحافة الرياضية أنّه آن األوان‬ ‫يتم تناولها بسهولة في مختلف‬ ‫لتصور رؤية جديدة جملاالت التواصل واالتّصال مع العسكر ّية متاحة ّ‬ ‫األجهزة الرياضية العسكرية مبا يسمح بتحقيق املساحات اإلعالمية الرياضية‪ ،‬مبرزا في ذات السياق‬ ‫التكامل بني اإلعالم الرياضي املدني والعسكري‪.‬‬ ‫أ ّن الرياضة العسكرية في تونس دعمت النخبة‬ ‫الرياضية الوطنية بعديد الكفاءات التي رفعت الراية‬ ‫الوطنية في جل احملافل الدولية على غرار األيقونة‬ ‫"محمد القمودي"‪.‬‬ ‫وقد أكدت ّ‬ ‫جل الوجوه اإلعالمية الرياضية احلاضرة‬ ‫أن اإلعالم الرياضي املدني أيضا له انتظارات من الرياضة‬ ‫ّ‬ ‫ولعل ضعف التفاعل بني اجلهازين يعود‬ ‫العسكرية‬ ‫إلى غياب إستراجتية تعامل واضحة مما ساهم في عدم‬ ‫ايالء األهمية املرجوة للمعلومة الرياضية العسكرية‪.‬‬ ‫مؤكدين في نفس اإلطار أن ّ‬ ‫جل الرياضات الفردية‬ ‫ّ‬ ‫ولعل‬ ‫املدنية أيضا تعاني من نفس القصور اإلعالمي‬ ‫وأوضح في سياق آخر أن الرياضة العسكرية لم ذلك يعود إلى عزوف املواطن عن االهتمام مبثل هذه‬ ‫حتظى باملكانة التي تستحقها رغم اجنازاتها وجناحات الرياضات إضافة إلى السياسات االتصال ّية لبعض‬ ‫رياضييها داعيا من خالل هذا امللتقى إلى إرساء آليات املؤسسات اإلعالمية التي تقوم أساسا على السبق‬ ‫جديدة للتعامل الفعال وامللموس مع االحتاد العربي الصحفي والربح املادي والتركيز أكثر على الرياضات‬ ‫للرياضة العسكرية مبا فيه مصلحة اجلهازين‪.‬‬ ‫اجلماع ّية‪.‬‬ ‫من جهته أبرز السيد عدنان بن مراد رئيس اجلمعية‬ ‫التونسية للصحافة الرياضية أنّه وفي ّ‬ ‫ظل غياب‬ ‫املعلومة الرياضية العسكرية وعدم ايالئها األهمية‬ ‫بد من‬ ‫الكافية من قبل اإلعالم املدني الرياضي ال ّ‬ ‫وضع برامج توافقية بني مختلف الهياكل واجلمعيات‬ ‫التي تعنى باإلعالم الرياضي في العالم العربي وبني‬ ‫مختلف األجهزة الرياضية في القوات املسلحة‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫كما دعا املؤسسة العسكرية إلى مزيد االنفتاح‬ ‫على اجملتمع املدني مبا يجعل املعلومة الرياضية‬ ‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪99‬‬


‫ومت ّيزت أنشطة امللتقى بالتفاعل البناء بني‬ ‫مختلف القيادات العسكرية ومختلف الوجوه‬ ‫اإلعالمية احلاضرة التي أكدت في مجملها على‬ ‫ضرورة متتني العالقات بني االحتادين خدمة للرياضة‬ ‫العربية العسكرية واإلعالم الرياضي خللق آفاق واعدة‬ ‫للتعاون والتفاعل املشترك ورفع التحديات من أجل‬ ‫مستقبل مشرق للرياضة العربية العسكر ّية‪.‬‬ ‫وخلص امللتقى العربي العسكري األول لإلعالم‬ ‫الرياضي إلى صياغة جملة من التوصيات املهمة التي‬ ‫متثلت أساسا في ‪:‬‬ ‫الدعوة إلى تعيني متحدث رسمي باسم اﻻحتاد‬ ‫العربي للرياضة العسكرية بهدف مزيد تفعيل‬ ‫التواصل مع مختلف وسائل اﻻعالم العربية‪.‬‬ ‫تنظيم دورات تدريبية وتكوينية محليا وعربيا‬ ‫بصفة دورية في مجال اإلعالم الرياضي العسكري‪.‬‬ ‫إصدار كتاب سنوي يوثق أنشطة االحتاد العربي‬ ‫للرياضة العسكرية خالل املوسم الرياضي‪.‬‬ ‫إرساء شراكة بني اﻻحتاد العربي للرياضة العسكرية‬ ‫واﻻحتاد العربي للصحافة الرياضية‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪100‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫إبرام اتفاقيات شراكة بني اجلمعيات احمللية‬ ‫للصحافيني الرياضيني وبني الهياكل املشرفة على‬ ‫األجهزة الرياضية بكل بلد‪.‬‬ ‫تبسيط اإلجراءات التي من شأنها رفع احلواجز بني‬ ‫الرياضيني العسكريني واإلعالمني‪.‬‬ ‫إدراج إعالمني ضمن وفود الدول العربية العسكرية‬ ‫املشاركة في البطوالت واأللعاب العربية العسكرية‪،‬‬ ‫ومت في اختتام أشغال امللتقى توقيع وثيقة التوصيات‬ ‫من طرف العميد هادي بن بكر القحطاني رئيس االحتاد‬ ‫العربي للرياضة العسكرية والس ّيد جميل عبد القادر‬ ‫رئيس االحتاد العربي للصحافة الرياضية والس ّيد‬ ‫عدنان بن مراد رئيس اجلمعية التونسية للصحافيني‬ ‫تعهد كل من طرفه على بذل كل ما‬ ‫الرياضيني‪ ،‬وقد ّ‬ ‫في وسعه لتجسيد هذه التوصيات على أرض الواقع‬ ‫لتكون بذلك ميثاق تعاون يضبط اخلطوط العريضة‬ ‫للتفاعل البناء ويرسم مالمح اإلستراجتية اإلعالمية‬ ‫الكفيلة باالرتقاء مبستوى التعامل املشترك‪.‬‬ ‫كما مت باملناسبة توزيع الشهائد على املشاركني‬ ‫وتكرمي عدد من الشخصيات العسكرية واملدنية‪،‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪101‬‬


‫الدفاع‬ ‫‪102‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪103‬‬


‫الدفاع‬ ‫‪104‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫المنتخب العسكري التونسي‬ ‫للتايكواندو بطل العرب‬ ‫الرائد محمد زكري‬

‫حتت شعار «الـمجد لتــــــونس واخللــــــود‬ ‫لشهدائها»استضافت القوات املسلحة التونسية‬ ‫بالتعاون مع االحتاد العربي للرياضة العسكرية‬ ‫البطولة العربية العسكرية السادسة للتايكواندو‬ ‫من ‪ 19‬إلى ‪ 25‬نوفمبر ‪ 2017‬بقصر الرياضة باملنزه‪.‬‬

‫إضافة إلى التالقي واالحتكاك مع رياضيني من مختلف‬ ‫اجلنسيات وما لذلك من انعكاس ايجابي على النخبة‬ ‫الرياضية التونسية ودفعها لتشريف الراية الوطنية‬ ‫في مختلف الرهانات الدولية املرتقبة‪ .‬وأضاف أن هذه‬ ‫ّ‬ ‫لتؤكد على‬ ‫البطولة تتجاوز األبعاد الرياضية والفنية‬ ‫عمق العالقات ومدى التعاون العسكري بني مختلف‬ ‫جيوش الدول العربية الشقيقة‪.‬‬

‫وشارك في هذه البطولة وفود من ‪ 9‬دول عربية‬ ‫وهي اجلزائر‪ ،‬ليبيا‪ ،‬املغرب‪ ،‬البحرين‪ ،‬السعودية‪ ،‬لبنان‪،‬‬ ‫سلطنة عمان وتونس إضافة إلى حكمني دوليني من‬ ‫العراق واالمارت‪ ،‬و حوالي ‪ 90‬رياضيا من تونس ومن‬ ‫مختلف الدول العربية الشقيقة‪.‬‬ ‫وافتتح الس ّيد عبد الكرمي الزبيدي وزير الدفاع‬ ‫الوطني هذه البطولة يوم ‪ 21‬نوفمبر ‪ 2017‬بقصر‬ ‫الرياضة باملنزه بحضور وزيرة شؤون الشباب والرياضة‬ ‫وممثلي االحتاد العربي للرياضة العسكرية إضافة إلى‬ ‫عديد الشخصيات العسكرية والرياضية‪.‬‬ ‫وبهذه املناسبة ّ‬ ‫أكد الس ّيد عبد الكرمي الزبيدي‬ ‫خالل افتتاح هذه البطولة أن وزارة الدفاع تولي أهمية‬ ‫قصوى للرياضة باعتبارها شرطا أساس ّيا جلاهزية‬ ‫مثمنا الدور الهام ملثل هذه التظاهرات في‬ ‫أفرادها ّ‬ ‫مساعدة الرياضيني العسكريني على التألق والنجاح‬ ‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪105‬‬


‫من جهته ّ‬ ‫أكد العقيد التهامي خلوقي‪ ،‬عضو‬ ‫املكتب التنفيذي لالحتاد العربي للرياضة العسكرية‬ ‫واملشرف على البطولة العربية العسكرية السادسة‬ ‫خالل كلمة ألقاها على هامش افتتاح هذه التظاهرة‬ ‫أنّه وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي يعيشها‬ ‫الوطن العربي فإن مشاركة ‪ 11‬دولة عربية في هذه‬ ‫البطولة‪ ،‬يعد اجنازا تنظيميا هاما يحسب لتونس‬ ‫ومن شأنه أن يط ّور عالقات التعاون بني مختلف الدول‬ ‫العربية فضال عن القيمة الفنية لهذا احلدث الرياضي وقد حرصت جلنة تنظيم هذا املوعد الرياضي‬ ‫الذي سيساعد حتما رياضيي التايكواندو العرب في العربي الهام على حتضير قصر الرياضة باملنزه مكان‬ ‫اكتساب مزيد من اخلبرة والرفع من جاهزيتهم البدن ّية‪ .‬املباريات‪ ،‬ووضع كل ال ّلمسات حتى يكون جاهزا‬ ‫الستقبال الضيوف والرياضيني‪ ،‬وذلك في إطار توفير‬ ‫كل سبل جناح هذا املوعد الرياضي الذي رسخ شعار‬ ‫«األخوة عبر الرياضة» شعار االحتاد العربي للرياضة‬ ‫العسكرية‪.‬‬ ‫ويع ّر ُف أ ّن االحتاد العربي للرياضة العسكر ّية على‬ ‫تأسست في ‪ 31‬مارس‬ ‫أنه هيئة استشار ّية عسكر ّية ّ‬ ‫‪ ،1984‬مق ّرها إدارة الشؤون العسكر ّية بجامعة الدول‬ ‫العرب ّية وتضم كافة االحتادات واملؤسسات والهيئات‬ ‫وقبل إعطاء إشارة انطالق فعال ّيات البطولة أقيم الرياضية العسكر ّية في القوات املسلحة للدول‬ ‫االجتماع الفني اخلاص بهذه التظاهرة يوم ‪ 20‬نوفمبر العربية وقد سعى منذ نشأته إلى تطوير احلركة‬ ‫‪ 2017‬بحضور ممثلي االحتاد العربي للرياضة العسكرية الرياض ّية في القوات املسلحة وتنظيم الدورات‬ ‫وهم على التوالي العقيد ال ُتهامي خلوقي عضو والبطوالت واألنشطة الرياضية واإلعداد البدني ألفراد‬ ‫املكتب التنفيذي لالحتاد العربي للرياضة العسكرية القوات املسلحة إضافة إلى تقدمي املساعدات الفنية‬ ‫واملشرف على البطولة والعميد صالح العمري بن وعقد الدورات التدريبية والتأهيلية وتبادل اخلبرات‬ ‫ّ‬ ‫شداد املشرف العام للجنة الفنية للبطولة والرائد الرياضية بني القوات املسلحة في الدول األعضاء ودعم‬ ‫محمد زكري املشرف اإلعالمي لهذه البطولة‪ .‬كما التعاون والتنسيق مع مختلف الهيئات واملنظمات‬ ‫واكب اإلجتماع رؤساء الوفود ومد ّربو الفرق املشاركة الرياضية اإلقليمية لالرتقاء بالرياضة العسكرية‬ ‫ّ‬ ‫ومتّ في ختامه اختيار أعضاء جلنة أهل ّية اللعبني وجلنة العربية لتنافس بذلك الرياضة العسكرية األجنبية‪.‬‬ ‫االستئناف‪.‬‬ ‫وقد واكب رئيس االحتاد العربي للرياضة العسكرية‬ ‫العميد هادي بن بكر القحطاني جل املنافسات التي‬ ‫دارت بني الرياضيني العسكريني وكل فعاليات هذه‬ ‫الدورة وذلك في إطار تشجيع مختلف الرياضيني‬ ‫العسكريني العرب وسعيه الدائم للرفع من‬ ‫معنوياتهم‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪106‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫وقد مت ّيزت هذه البطولة باملنافسة النزيهة والروح‬ ‫الرياضية العالية وباملستوى البدني الالفت ّ‬ ‫جلل‬ ‫الرياضيني العسكريني وهو ما انعكس ايجابيا على‬ ‫ّ‬ ‫حققها الرياضيون‪.‬‬ ‫النتائج التي‬ ‫وأنهت تونس منافسات هذه البطولة في املرتبة‬ ‫األولى متحصلة بذلك على لقب النسخة السادسة‬ ‫للبطولة العربية العسكرية للتايكواندو بعد إحراز‬

‫منتخبها العسكري ألربع ميداليات ذهبية وميدالية‬ ‫فضية وميدالية برونزية ‪.‬‬ ‫وجاء في املرتبة الثانية للبطولة منتخب اململكة‬ ‫العربية السعودية الذي جمع في رصيده ميدالية‬ ‫ذهبية و‪ 4‬ميداليات فضية وبرونزيتني فيما أنهت‬ ‫اجلزائر البطولة في املركز الثالث بذهبية و‪ 4‬برونزيات‪.‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪107‬‬


‫وم ّثل تونس في هذه البطولة فريق من خيرة‬ ‫الرياضيني العسكريني الذين لهم عديد التتويجات‬ ‫واأللقاب في احملافل العربية والدولية وهم‪:‬‬ ‫‪ - 1‬اجلندي املتطوع خالد الورتاني‪ ،‬وزن حتت ‪ 54‬كلغ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الرقيب ياسني اخلزامي‪ ،‬وزن حتت ‪ 58‬كلغ‪.‬‬ ‫‪ - 3‬الرقيب وحيد البريكي (بطل العالم العسكري‬ ‫ايران‪ 2015‬وبطل العرب العسكري األردن ‪ )2014‬وزن‬ ‫حتت ‪ 74‬كلغ‪.‬‬

‫‪ - 4‬اجلندي متطوع خالد عيسى‪ ،‬وزن حتت ‪ 80‬كلغ‪.‬‬ ‫‪ - 5‬اجلندي مدعو أسامة الوسالتي (بطل العالم‬ ‫العسكري كوريا اجلنوبية ‪ )2015‬وزن حتت ‪ 87‬كلغ‪.‬‬ ‫‪ - 6‬التلميذ رقيب إيهاب الدين اجلالصي‪ ،‬وزن فوق ‪87‬‬ ‫كلغ‪.‬‬ ‫‪ - 7‬التلميذ رقيب كرمي النجار‪ ،‬وزن حتت ‪ 63‬كلغ‪.‬‬ ‫‪ - 8‬اجلندي متطوع بدر الدين القرميدي‪ ،‬وزن حتت ‪68‬‬ ‫كلغ‪.‬‬

‫أسامة الوسالتي أفضل رياضي في البطولة‬ ‫العربية العسكرية السادسة للتايكواندو‬

‫أهدي تتويجي كأفضل رياضي في البطولة‬ ‫العربية العسكرية السادسة للتايكواندو‬ ‫وامليدالية الذهبية إلى جيشنا الوطني األبي ّ‬ ‫وكل‬ ‫من ساهم في جناحي من مدربني ورياضيني وفنيني‬ ‫وإداريني وأعدهم مبزيد التألق والنجاح في مختلف‬ ‫احملافل الرياضية القادمة العربية والدولية‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪108‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫تتويج الرياضيين العسكريين العــرب‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪109‬‬


‫ب‬ ‫ع‬ ‫ض‬

‫تت‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ا‬ ‫ت‬

‫الدفاع‬ ‫‪110‬‬

‫ا‬ ‫ل‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ض‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫س‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ا‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـــ‬ ‫ـ‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫ب‬ ‫ع‬ ‫ض‬

‫ت‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ات‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ض‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫س‬ ‫ــن‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪111‬‬


‫الدفاع‬ ‫‪112‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪113‬‬


‫الدفاع‬ ‫‪114‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪115‬‬


‫وزير الدفاع الوطني يستقبل‬ ‫رئيس االتحاد العربي للرياضة العسكرية‬ ‫استقبل السيد عبد الكرمي الزبيدي وزير الدفاع الوطني مبقر الوزارة العميد الهادي بن بكر القحطاني‬ ‫رئيس ّ‬ ‫اإلتاد العربي للرياضة العسكرية مرفوقا بالسيد عبد اللطيف عبيد األمني العام املساعد جلامعة‬ ‫الفعال صلب هذا الهيكل الرياضي‬ ‫الدول العربية بتونس‪ .‬وشكل هذا اللقاء مناسبة للتأكيد على دور تونس ّ‬ ‫الذي ساهم في النهوض بالتربية البدنية والرياضة العسكرية العربية باعتبارها عامال أساسيا في الرفع‬ ‫من القدرات العملياتية للعسكريني‪ ،‬واملساهمة في إشعاعها في التظاهرات الرياضية العسكرية‪ ،‬إقليميا‬ ‫ودوليا‪.‬‬ ‫وقدم رئيس االحتاد العربي للرياضة العسكرية‪ ،‬حملة تاريخية حول دور اإلحتاد وأهدافه وأنشطته وبرامجه‬ ‫ّ‬ ‫الفعال صلب الهياكل‬ ‫املستقبلية مؤكدا أن تونس ستجد كل الدعم الالزم مبا ميكنها من مواصلة دورها‬ ‫ّ‬ ‫الرياضية العسكر ّية العرب ّية واإلفريق ّية والدول ّية‪.‬‬ ‫و بهذه املناسبة ق ّلد العميد الهادي بن بكر القحطاني السيد وزير الدفاع الوطني عبد الكرمي الزبيدي وسام‬ ‫االحتاد من الدرجة األولى‪( ،‬وشاح)‪.‬‬ ‫تولى رئيس االحتاد العربي للرياضة العسكرية يوم ‪ 22‬نوفمبر ‪ ،2017‬توسيم الفريق إسماعيل فتح ّلي‪،‬‬ ‫كما ّ‬ ‫رئيس أركان جيش البر بوسام االحتاد من الدرجة الثانية (قائد)‪.‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪116‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫هذا إضافة إلى توسيم السيد‬ ‫رشيد بوحولة املكلف باإلعالم صلب‬ ‫وزارة الدفاع الوطني وعضو اللجنة‬ ‫اإلعالمية السابق باالحتاد العربي‬ ‫للرياضة العسكرية ومنحه ميدالية‬ ‫الفارس العربي لالحتاد‪.‬‬

‫وتو ّلى العميد الهادي بن بكر القحطاني مبناسبة اختتام البطولة العربية العسكرية السادسة للتايكواندو‪،‬‬ ‫بقصر الرياضة باملنزه منح لقب الفارس العربي وميدالية االحتاد الذهبية لكل من العميد بالبحرية منير‬ ‫العلمية لالحتاد الدولي‬ ‫واملقدم لطفي بوق ّرة عضو اللجنة‬ ‫عبيشو مدير التربية البدنية والرياضة العسكر ّية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للرياضة العسكرية والبطل االوملبي أسامة الوسالتي في رياضة التايكواندو‪.‬‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪117‬‬


‫جيش البحر يضفي أجواء‬ ‫متمّيزة على جزيرة قرقنة‬

‫العقيد بالبحرية‬ ‫محمد منير بن عطية‬

‫احتضنت جزيرة قرقنة يوم األحد ‪ 10‬ديسمبر ‪ 2017‬سباق نصف املارطون الذي ّ‬ ‫نظمه جيش‬ ‫البحر حتت إشراف السيد وزير الدفاع الوطني وذلك في إطار إحياء الذكرى األولى لوفاة الرائد‬ ‫بالبحرية محمد لنقر‪ ،‬ضابط من النواة األولى لضباط البحرية التونسية وأصيل جزيرة قرقنة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫واملؤسسة العسكرية‪ ،‬ومتيزت األجواء‬ ‫مكن هذا النشاط من توطيد العالقة بني أهالي جزيرة قرقنة‬ ‫ّ‬ ‫باحتفاالت شبابية رائعة‪ ،‬كما القت التظاهرة استحسان جميع األفراد املشاركة التي ع ّبرت باإلجماع عن‬ ‫ترحيبها بفكرة تنظيم جزيرة قرقنة ملثل هذه التظاهرة خالل شهر ديسمبر من كل سنة‪.‬‬ ‫عداء من‬ ‫عداء من‬ ‫عداء من املؤسسة األمنية و‪ّ 60‬‬ ‫املؤسسة العسكرية و‪ّ 50‬‬ ‫وشارك في هذه املسابقة ‪ّ 230‬‬ ‫ّ‬ ‫عداء من أهالي قرقنة‪.‬‬ ‫اجلمعيات املدنية من والية صفاقس و‪ّ 20‬‬

‫الدفاع‬ ‫‪118‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬


‫وقد ساهمت هذه املناسبة في إضفاء حركية كبرى باملنطقة حيث كساها طابعا احتفاليا من خالل تقدمي‬ ‫ثري ومتن ّوع‪ ،‬هذا وقد مت افتتاح التظاهرة بتحية العلم الوطني قبل إعطاء إشارة انطالق السباق‪.‬‬ ‫برنامج ّ‬ ‫وأثناء السباق قدمت مجموعة موسيقية تابعة جليش البحر فقرات موسيقية عسكرية على طول املسلك‬ ‫الرابط بني منطقة سيدي يوسف والرملة‪.‬‬ ‫واُختتم السباق مبلعب فرحات حشاد‪ ،‬حيث مت تقدمي لوحات إستعراضية قامت بها عناصر من الفوج ‪52‬‬ ‫طالئع البحرية والقت إعجابا من قبل كل احلاضرين‪ ،‬متّ على إثرها توزيع اجلوائز على املت ّوجني في السباق وتكرمي‬ ‫كل الذين ساهموا في إجناح هذا العرس الرياضي من قبل السيد أمير اللواء بالبحرية عبد الرؤوف عطاء اهلل‪،‬‬ ‫رئيس أركان جيش البحر والسيد عادل اخلبثاني والي صفاقس‪.‬‬ ‫ويهدف هذا النشاط الرياضي والثقافي املقام في دورته األولى إلى بناء ال ّثقة ومتتني العالقات بني كل أطياف‬ ‫اجملتمع من عسكر ّيني وأمن ّيني ومدنيني‬

‫جوان ‪2018‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫الدفاع‬ ‫الدفاع‬ ‫‪119‬‬


‫الدفاع‬ ‫‪120‬‬

‫العدد ‪66‬‬

‫جوان ‪2018‬‬





ISSN : 1737 - 3069


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.