طلعنا عالحرية / العدد 40

Page 1

‫العدد ‪40‬‬ ‫‪2014 / 7 / 9‬‬

‫وستبقى كلمتنا‬ ‫بوجه السواد‬


‫‪2‬‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪40‬‬

‫كلمة‬

‫افتتاحيةبقلم‬ ‫ليلى الصفدي‬

‫مهما يكن‪ ..‬فال خيار �أمام ال�سوريني �إال اال�ستمرار‬ ‫باحلياة واملحاولة‪ ..‬وو�سط كل هذه امل�آ�سي وامل�ستقبل‬ ‫احلالك ال منلك رفاهية التنازل عن �أي ب�صي�ص من‬ ‫نور‪ ..‬وال عن �أي منجز مهما كان �صغري ًا‪..‬‬ ‫وعلى هذا الأ�سا�س وبعد انقطاع دام خم�سة �شهور تعود‬ ‫جريدة "طلعنا عاحلرية" لل�صدور رغم كل امل�صاعب‬ ‫واملعوقات العملية‪.‬‬ ‫فمن احل�صارات امل�ضاعفة من قبل النظام وداع�ش‬ ‫والن�صرة وجي�ش الإ�سالم وغريها من تيارات التطرف‪،‬‬ ‫�إىل تقطيع �أو�صال البلد و�صعوبات الإت�صال‪� ،‬إىل‬ ‫ت�شرذم النا�شطني وخالفاتهم ال�ضحلة‪� ،‬إىل حالة‬ ‫الي�أ�س العام وال�شعور بال�صغار والتفاهة �أمام �إرادات‬ ‫الدول احلقرية‪� ..‬إىل م�صاعب احلياة اليومية واللهاث‬ ‫وراء لقمة البقاء وانقطاع اخلدمات العامة من مياه‬ ‫وكهرباء وو�سائل ات�صال وغريها‪� ...‬إىل ‪ ..‬و�إىل ‪..‬‬ ‫و�إىل‪ ..‬كل هذا يجعل من اال�ستمرار لأي عمل عام مهمة‬

‫ع�سرية ت�شبه املعجزة‪ ..‬ي�ضاف �إليها مبا يخ�ص حالتنا‬ ‫اخلا�صة اختفاء ع�ضوين ا�سا�سيني من فريق العمل‬ ‫يف الغوطة ال�شرقية (رزان زيتونة وناظم حمادي)‬ ‫يف ظروف غام�ضة وانعدام املعلومات الدقيقة ب�ش�أن‬ ‫م�صريهم حتى اليوم‪.‬‬ ‫و�إذ تعود اجلريدة لل�صدور ب�إمكاناتها املتوفرة انرتنتي ًا‪،‬‬ ‫وورقي ًا يف الداخل ال�سوري وبع�ض خميمات اللجوء‪،‬‬ ‫ف�إننا ندعو كافة املهتمني من كتاب ومثقفني وم�ؤ�س�سات‬ ‫وتنظيمات ثورية للم�ساهمة يف رفدها و�إغنائها‪..‬‬ ‫متوخني اجلر�أة يف الطرح واجلدية يف احلوار والنقد‬ ‫واحرتام حرية الر�أي واالختالف �ضمن واقع �أ�شد‬ ‫تعقيد ًا‪.‬‬ ‫كما ونتوجه بال�شكر لكل من عمل و�سعى باجتاه عودة‬ ‫اجلريدة للحياة ولكل من ال زال قادر ًا على العطاء وبث‬ ‫روح الأمل وامل�شاركة‪.‬‬


‫‪3‬‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪40‬‬

‫"أ" و"ب" عن التدخل األمريكي‬ ‫ومكافحة اإلرهاب‬ ‫�أ‌‪ .‬هل التدخل الأمريكي الع�سكري يف املنطقة �أمر‬ ‫�سيء بحد ذاته؟‬ ‫ب‌‪ .‬التجربة التاريخية تثبت �أنه �سيء‪ ،‬ونتائجه‬ ‫عموما كارثية‪ .‬ولكن اجلواب من منظور القوى‬ ‫ال�سيا�سية يف منطقتنا هو ال‪ ،‬لي�س �سيئا بحد ذاته‪،‬‬ ‫فهذا يتوقف بنظرمن‪ ،‬و ل�صالح من؟‬ ‫�أ‌‪ .‬ماذا تعني؟‬ ‫ب‌‪� .‬أعني ثمة قوى وقفت مع التدخل الأمريكي يف‬ ‫�أفغان�ستان والعراق‪ ،‬و�ضده يف ليبيا‪ ،‬و�ضده من دون‬ ‫�أن يحدث يف �سورية‪ .‬ومعه يف �سورية حني ات�ضح �أنه‬ ‫�ضد ت�سليح الثوار‪ .‬والآن هم م�ستعدون للتعاون معه‬ ‫يف مكافحة الإرهاب‪.‬‬ ‫�أ‌‪ .‬مكافحة الإرهاب؟ �أين �سمعت ذلك �آخر مرة‪.‬‬ ‫ب‌‪� .‬سمعناه‪ ،‬ح�ضرتك وح�ضرتي‪ ،‬طوال الت�سعينات‬ ‫من القرن املا�ضي والعقد الأول من هذا القرن‪.‬‬

‫كان هذا �شعار ال�سيا�سة اخلارجية الأمريكية و�أحد‬ ‫مربرات التدخل يف املنطقة وغريها‪.‬‬ ‫�أ‌‪� .‬أمل يعار�ضه ه�ؤالء يف حينه؟‬ ‫ب‌‪ .‬نعم‪ .‬واعتربوه عنوان �سيا�سية ا�ستعمارية عدوانية‬ ‫حتى حني كان ي�ستخدم �ضد احلركات الإ�سالمية‪.‬‬ ‫�أ‌‪ .‬ولكنهم يقولون به الآن‪.‬‬ ‫ب‌‪ .‬نعم‪ ،‬لإقناع الواليات املتحدة بالوقوف معهم‪.‬‬ ‫�أ‌‪ .‬هي �إذا لي�ست �سيئة بحد ذاتها‪ ،‬بل هي قوة فا�ضلة‬ ‫�إذا وقفت �إىل جانبهم‪.‬‬ ‫ب‌‪� .‬صحيح‪.‬‬ ‫�أ‌‪ .‬كيف يوفقّون بني هذا وذاك؟‬ ‫ب‌‪ .‬ال �أحد يهتم بالتربير �أو التف�سري حني تعمل‬ ‫الع�صبيات‪ .‬وميكن اي�ضا دائما �أن ي�ضاف �أن �أمريكا‬ ‫فعلت ذلك م�ضطرة لأنها هزمت‪ ،‬لكي يبدو من‬ ‫يتو�سلها منت�صرا‪ ،‬حتى وهو يحاول �أن يقنع �أمريكا‬ ‫�أنه حليفها احلقيقي القادر على مكافحة الإرهاب‪.‬‬ ‫عن �صفحة الدكتور عزمي ب�شارة‬


‫‪4‬‬

‫مقاالت‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪40‬‬

‫متخيلة للنظام ‪..‬‬ ‫عن هوية‬ ‫ّ‬ ‫منذ قرابة ن�صف قرن ّ‬ ‫تغطى النظام بااليدلوجيا البعثية‪ ،‬وهي‬ ‫متحجرة‪ ،‬تط ّعمت بـ"اال�شرتاكية"‬ ‫جم ّرد �أيدلوجية ان�شائية‬ ‫ّ‬ ‫و"العلمانية" و"املقاومة" ‪ ،‬من دون �أي متثل لذلك‪� ،‬أي لأغرا�ض‬ ‫اال�ستهالك واالبتزاز‪ ،‬وتر�سيخ ال�شرعية‪ .‬فوق ذلك فقد ر ّوج‬ ‫هذا النظام لذاته باعتباره باين الدولة‪ ،‬حيث الأ�سد (الأب) هو‬ ‫باين �سوريا احلديثة‪ ،‬التي تدين بوجودها له‪ ،‬ك�أن تاريخ �سوريا‬ ‫بد�أ معه‪ ،‬ما �أو�صلنا �إىل ال�شعار امل�شني‪�" :‬سوريا اال�سد �إىل‬ ‫الأبد"‪ ،‬حيث بات ثمة متاه بني �سوريا الدولة ونظام الأ�سد‪ ،‬حتى‬ ‫مل يعد �أحد ي�ستطيع التمييز �أو التفريق بني ال�سلطة والدولة‪.‬‬ ‫وقد مت الرتويج لكل ذلك بواقع تغ ّول ال�سلطة على الدولة‪،‬‬ ‫واحتكارها �أو احتاللها املجال العام‪ ،‬ال�سيما عرب �إحكام‬ ‫قب�ضتها على ثالثة جماالت‪� ،‬أولها‪ ،‬و�سائط الإعالم والرتبية‬ ‫والتعليم‪ ،‬و�ضمنها التلفزيون والإذاعات وال�صحف‪ ،‬واملدار�س‬ ‫واجلامعات‪ ،‬وحتكمها بجهاز املوظفني‪ ،‬وباملراتب الدينية‬ ‫من مفتني وم�شايخ وق�ساو�سة‪ ،‬و�سيطرتها على االحتادات‬ ‫ال�شعبية ومنظمات املر�أة والطالئع وال�شبيبة‪ .‬وثانيها‪ ،‬املجال‬ ‫االقت�صادي‪ ،‬جلهة حتكمها باملوارد‪ ،‬وتوزيع الرثوة القومية‪،‬‬ ‫وتعزيزها اعتمادية قطاع كبري من املواطنني على الدولة‪ ،‬عرب‬ ‫ا�ستخدام جزرة التوظيف واخلدمات العامة (متدنية امل�ستوى)‪،‬‬ ‫مع ا�شاعات عالقات الف�ساد والإف�ساد‪ ،‬وبخا�صة مع وجود طبقة‬ ‫من رجال الأعمال التي تدين بوجودها وامتيازاتها للنظام‪.‬‬ ‫�أما املجال الثالث‪ ،‬فيتمثل بت�شغيلها و�سائط التخويف والق�سر‬ ‫والإخ�ضاع املبا�شر‪� ،‬أي اجهزة ال�شرطة واملخابرات واجلي�ش‪،‬‬ ‫ذات ال�سطوة يف املجال املجتمعي ال�سوري‪.‬‬ ‫هكذا‪ ،‬حر�ص النظام طوال العقود املا�ضية على ترويج �صورته‪،‬‬ ‫�أو الأ�ساطري عنه‪ ،‬بو�صفه نظام ًا ي�ساري ًا �أو ا�شرتاكي ًا‪ ،‬رغم �أن‬ ‫ا�شرتاكيته يف حقيقة الأمر اختزلت مبجرد م�صادرة الأرا�ضي‪،‬‬ ‫وت�أميم ال�شركات ال�صناعية اخلا�صة‪ ،‬و�إ�ضعاف الربجوازية‬ ‫الوطنية الناه�ضة‪ .‬ومعلوم �أن هذه االجراءات �أدت فيما �أدت‬ ‫�إليه �إىل هيـ ــمنة الدولة ‪ -‬ال�سلطة على قطاعات الإنتاج‪ ،‬وعلى‬ ‫املوارد االقت�صادية‪ ،‬وتعـ ــزيز �سيطرتها على املجتمع‪ ،‬وعلى‬ ‫املجال العمومي‪ ،‬ما جنم عنه تعميم عالق ــات الف�ساد‪ ،‬وتغيري‬

‫ماجد كيالي‬

‫املعايري من الكفاءة والأهلية �إىل الوا�سطة‪ ،‬كما جنم عن ذلك‬ ‫تفريخ حيتان جدد‪ ،‬ال �سيما من املقربني للعائلة احلاكمة‪ ،‬التي‬ ‫باتت تتح ّكم بقرابة ثلثي االقت�صاد‪ ،‬مبا يف ذلك ملكية م�ساحات‬ ‫وا�سعة من الأرا�ضي‪.‬‬ ‫�أما اعتباره قومي ًا فهذا ما متثل ب�سيا�ساته ّ‬ ‫التدخلية والإحلاقية‬ ‫التي اتخذت يف غالبية الأحيان طابع ًا ع�سكري ًا �أو عنفي ًا يف‬ ‫حميطه‪ ،‬ال �سيما يف لبنان‪ ،‬و�إزاء الفل�سطينيني‪ ،‬ويف العراق الذي‬ ‫عا�ش على العداء معه‪ ،‬على رغم التقارب الأيديولوجي �سابق ًا بني‬ ‫نظامي هذين البلدين‪ .‬وي�أتي يف ذلك ان�ضوائه يف �إطار خدمة‬ ‫ال�سيا�سة الإيرانية يف املنطقة‪ ،‬مع ال�شبهات التي حتيط بها‪ ،‬ال‬ ‫�سيما يف العراق و�إثارتها النعرة املذهبية يف امل�شرق العربي‪.‬‬ ‫طبعا ثمة فرق يف التعاطي يف ال�سيا�سية اخلارجية‪ ،‬يف عهدي‬ ‫الأ�سد الأب واالبن‪ ،‬لكن النتيجة كانت كارثية يف احلالتني‪ .‬ففي‬ ‫عهد الأ�سد الأول كانت �سوريا ترى يف جوارها جمرد �ساحة‪ ،‬او‬ ‫ملعب‪ ،‬لتعزيز نفوذها الإقليمي‪ ،‬بينما يف عهد الأ�سد الثاين باتت‬ ‫�سوريا ذاتها مبثابة �ساحة يعبث �أو يتالعب بها جوارها‪ .‬هذا‬ ‫ين�سحب على �إيران وحزب اهلل‪ ،‬فبينما كان الأ�سد االول يتعامل‬ ‫مع �إيران كورقة لتعزيز مكانته االقليمية والبتزاز الدول االخرى‪،‬‬ ‫ف�إن �سوريا يف عهد الثاين باتت ورقة يف يد �إيران‪ .‬املهم انه يف‬ ‫العهدين كانت النتيجة واحدة وهي جتاهل وجود �شعب �سوريا‪،‬‬ ‫وحدود قدرة الكيان ال�سوري‪ ،‬ويف احلالني كان ال�سوريون هم من‬ ‫دفع الثمن‪.‬‬ ‫وبالن�سبة لأ�سطورة كونه نظام ًا مقاوم ًا‪ ،‬فهي تثري ال�سخرية‬ ‫واملرارة يف �آن‪ ،‬فهذا النظام م�س�ؤول عن �ضياع جزء من �سوريا‪،‬‬ ‫واحتالله من قبل �إ�سرائيل (ه�ضبة اجلوالن)‪ ،‬وكان بد�أ عهده‬ ‫ب�إدارة الظهر للمقاومة الفل�سطينية يف الأردن (‪ ،)1970‬ثم‬ ‫�أوقف املقاومة نهائي ًا من جبهة اجلوالن‪ ،‬بعد حرب (‪،)1973‬‬ ‫وت ّوج كل ذلك ب�ش ّنه احلرب على املقاومة الفل�سطينية واحلركة‬ ‫الوطنية اللبنانية (‪ ،)1976‬وهي «مقاومة» مل ينجم عنها �إطالق‬ ‫ر�صا�صة واحدة باجتاه �إ�سرائيل طوال �أربعة عقود‪ ،‬ناهيك عن‬ ‫�أنه دعم كل احلروب التدمريية �ضد خميمات لبنان‪ ،‬والتي قام‬ ‫بها حلفائه‪.‬‬


‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪40‬‬

‫�أخري ًا‪ ،‬تبقّت ا�سطورة «العلمانية»‪ ،‬التي هي جمرد غطاء‬ ‫ظل النظام يحاول من خالله التالعب مبا ي�سميه "�أقليات"‪،‬‬ ‫وبالتايل حرا�سة الواقع الطائفي واملذهبي يف �سوريا‪،‬‬ ‫بادعائه حمايتها‪ ،‬يف حني �أنه يغطي يف كل ذلك �سيا�ساته‬ ‫القائمة على احل�ؤول دون حتول املجتمع �إىل جمتمع حقا‪ ،‬مع‬ ‫وجود مواطنني مت�ساوين حقا �أمام القانون و�أمام الدولة‪،‬‬ ‫من دون �أي متييز ديني او مذهبي �أو اثني او جن�سي‪،‬‬ ‫و�أي�ضا احل�ؤول دون قيام الدولة باعتبارها دولة حقا‪� ،‬أي‬ ‫دولة م�ؤ�س�سات وقانون‪ ،‬مع ف�صل بني ال�سلطات الق�ضائية‬ ‫والت�شريعية والتنفيذية‪ .‬ففي الواقع ف�إن النظام د�أب على‬ ‫ا�ستخدام �سيا�سة "فرق ت�سد" لتكري�س �شرعيته وتر�سيخ‬ ‫�سلطته‪ ،‬و�إظهار �أي حماولة للخروج على هذا الو�ضع مبثابة‬ ‫مترد طائفي او حرب �أهلية‪ ،‬او �صراع اقليات و�أكرثيات‪،‬‬ ‫على نحو ما يفعل اليوم‪.‬‬ ‫امل�شكلة �أن كذبة علمانية النظام" انطلت على كثريين‪،‬‬ ‫و�ساهمت يف ترويجها‪� ،‬أي�ض ًا‪ ،‬تيارات �إ�سالمية‪ ،‬رمبا بع�ضها‬ ‫عن �سذاجة‪ ،‬و�ضيق �أفق‪ ،‬وبع�ضها الآخر عمد ًا لتربير ذاته‬ ‫يف امل�شهد ال�سوري‪ ،‬ويف ال�صراع على �سورية‪.‬‬ ‫وي�ستنتج من ذلك �أن هذا النظام الدمياغوجي ال‬ ‫تنطبق عليه �أية �أو�صاف‪� ،‬أو تنميطات‪ ،‬ال �سيما و�صمه بـ‬ ‫«العلمانية»‪ ،‬فهو يكاد �أن يكون حالة ا�ستثنائية بني الأنظمة‬ ‫(مع نظامي القذايف و�صدام)‪ .‬ومع معرفتنا �أن العلمانية‬ ‫ال تعني الإحلاد‪ ،‬وال معاداة الدين‪ ،‬و�أنها عموم ًا تعترب‬ ‫الدين‪ ،‬والتد ّين‪ ،‬من احلريات العامة وال�شخ�صية‪ ،‬ومت ّيز‬ ‫بني الديني والدنيوي‪ ،‬وتف�صل بني الدين والدولة (ال‬ ‫ال�سيا�سة)‪ ،‬ف�إن علمانية النظام ال�سوري جمرد ادّعاء �أقحم‬ ‫فقط‪ ،‬لأغرا�ض ا�ستهالكية وا�ستخدامية‪� .‬أي �أن «علمانية»‬ ‫هذا النظام ال ت�شبه العلمانية املت�شدّدة‪ ،‬كما يف فرن�سا �أو‬ ‫تركيا‪ ،‬وال حتى علمانية تون�س‪ ،‬وبالطبع ال ت�شبه العلمانيات‬ ‫املرنة‪ ،‬واملنفتحة‪ ،‬كما يف الواليات املتحدة وبريطانيا‪ ،‬مث ًال‪،‬‬ ‫التي ترى وجوب حماية الدين‪ ،‬واملجال الديني‪ ،‬من �سلطة‬ ‫الدولة‪.‬‬ ‫ف�إذا ا�ستثنينا مرحلة قمـ ــع جماعة «الإخوان امل�سلمني»‬ ‫الذين عاداهم النظام على طول اخلط‪ ،‬وحظر وجودهم‬ ‫العلني‪ ،‬ف�إن ال�سيا�سة التي اتبعها نظام الأ�سد مل تكن‬ ‫تت�ضمن معاداة الدين كدين‪� ،‬أو ا�ضطهاد املتدينني‬

‫مقاالت‬ ‫‪5‬‬ ‫ملجرد �أنهم متدينون‪ .‬فكما هو معروف ف�إن هذا النظام‪ ،‬ويف‬ ‫�إطار �سعيه �إىل ال�سيطرة على املجال املجتمعي‪ ،‬اتبع �سيا�سة‬ ‫مفادها ال�سيطرة على املجال العام الديني‪ ،‬متام ًا مثلما فعل‬ ‫يف االقت�صاد‪ ،‬حيث مل ِّ‬ ‫ي�صف القطاع العام‪ ،‬ومل يخ�صخ�صه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫كما يف الدول الأخرى‪ ،‬و�إمنا �أبقاه جماال لل�سيطرة والإف�ساد‪ ،‬يف‬ ‫الوقت الذي ُف ِتح املجال وا�سع ًا لنمو القطاع اخلا�ص‪ ،‬بطريقة‬ ‫متوح�شة ومنفلتة من �أية معايري‪.‬‬ ‫تو�سع ًا يف‬ ‫ومعلوم �أن �سوريا‪ ،‬طوال العقود املا�ضية‪� ،‬شهدت ّ‬ ‫عمليات بناء اجلوامع و�إقامة املعاهد التعليمية الدينية اخلا�صة‪،‬‬ ‫واجلمعيات اخلريية واملدار�س واملجمعات‪ ،‬التي تتبع ل�شخ�صيات‬ ‫�أو جلهات دينية‪ ،‬ومعاهد حتفيظ القر�آن‪ ،‬حتت ناظري النظام‬ ‫ومعرفته‪ .‬وعليه فقد بات يف �سورية معاهد كبرية ت�ستقبل �سنوي ًا‬ ‫مئات الطالب من البلدان الإ�سالمية الآ�سيوية والأفريقية‪ ،‬مثل‬ ‫معهد �أبو النور‪� ،‬أو جممع ال�شيخ كفتارو‪ ،‬ومعهد الفتح الإ�سالمي‪،‬‬ ‫ومعهد ال�شيخ بدر الدين احل�سني عند باب ال�صغري‪ ،‬هذا غري‬ ‫كليات ال�شريعة يف اجلامعة ال�سورية‪� .‬أي�ض ًا‪ ،‬ثمة جماعات‬ ‫�إ�سالمية منظمة مثل «القبي�سيات»‪ ،‬تقت�صر على الدعوة يف‬ ‫�صفوف الن�ساء‪ ،‬وتعترب من �أكرب اجلماعات يف �سورية‪ ،‬كما ثمة‬ ‫جماعات تتبع بع�ض امل�شايخ الكبار‪ ،‬مثل ال�شيخ البوطي وال�شيخ‬ ‫كفتارو (املفتي ال�سابق)‪ ،‬وغريهما‪ ،‬حيث لكل من ه�ؤالء جمهوره‬ ‫و�أتباعه وجمعياته اخلريية والتعليمية املنظمة‪.‬‬ ‫املعنى �أن نظام الأ�سد‪ ،‬على رغم ا�ضطهاده جماعات «الإخوان»‬ ‫و «حزب التحرير»‪ ،‬لأغرا�ض �سيا�سية‪ ،‬ف�إنه �س ّهل ورعى ن�شوء‬ ‫م�ؤ�س�سات وجماعات و�شخ�صيات �إ�سالمية كثرية‪ ،‬وت�سامح مع‬ ‫مظاهر التدين ال�شعبي التي انت�شرت وازدهرت م�ؤخرا‪ ،‬مبا‬ ‫يخدم تكري�س مكانته‪ ،‬و�إ�ضفاء ال�شرعية على وجوده‪ .‬وال ينبغي‬ ‫�أن نن�سى دور الأجهزة اال�ستخباراتية ال�سورية يف تفريخ �أو رعاية‬ ‫جماعات �إ�سالمية متطرفة مثل «فتح الإ�سالم»‪ ،‬وبع�ض جماعات‬ ‫«القاعدة» وغريها يف لبنان والعراق ثم يف �سورية‪.‬‬ ‫هكذا ّ‬ ‫منى نظام الأ�سد وا�ستثمر بدمياغوجيته نوع ًا من‬ ‫ّ‬ ‫اجلماعات الإ�سالمية والإ�سالميني‪ ،‬مثلما منى جم ــاعات من‬ ‫رجال الأعمال واملثقفني والفنانني والأكادمييني‪ ،‬من كل التيارات‬ ‫الي�سارية والقومية والعلمانية والليربالية‪ ،‬من املت�صاحلني �أو‬ ‫املت�ساحمني مع نظامه‪ ،‬ومعظم ه�ؤالء لعب دور ًا كبري ًا يف عمليات‬ ‫يف�سر رواج تلك‬ ‫الت�ضليل والتدجني التي انتهجها النظام‪ ،‬ما ّ‬ ‫البقية �صفحة ‪12‬‬


‫‪6‬‬

‫مقاالت‬

‫أين وصلنا‪ ...‬؟‬ ‫أبو القاسم السوري‬ ‫لعل �س�ؤال الوقت هو اكرث اال�سئلة التي طرحت ا�شكالية خالل عمر‬ ‫الثورة‪ ،‬فمتى ننت�صر ومتى ي�سقط النظام‪ ،‬ودائما كنا نخدع انف�سنا‬ ‫بعامل الوقت‪ ،‬فكان اجلواب دائما يكون بعد رم�ضان �أو لنهاية العام‪،‬‬ ‫�أو خالل ال�ستة �أ�شهر �أو مع نهاية الفرتة الرئا�سية للمجرم ب�شار الأ�سد‪،‬‬ ‫وكان مي�ضي رم�ضان وي�أتي الذي بعده وبعده وكذلك ال�سنني‪ ،‬وانتهت‬ ‫الفرتة الرئا�سية لب�شار وقام بانتخابات �صورية‪ ،‬وهو الآن مازال على‬ ‫كر�سي الرئا�سة لفرتة �سبعة �سنني‪ ،‬وخالل هذا الوقت كانت االمور‬ ‫تتعقد وتت�شابك نتيجة‪:‬‬ ‫• تدخل املال ال�سيا�سي وما �أفرزه من م�شاريع �سيا�سية تهدف اىل‬ ‫ان�شاء دويالت قائمة على �أيدولوجيات �ضيقة‪.‬‬ ‫• �سيا�سية النظام االجرامية التي �أهلكت الب�شر واحلجر‪ ،‬ودمرت‬ ‫البالد وهجرت العباد مما خلق حالة ان�سانية �ضاغطة على الثورة‪.‬‬ ‫• واقع ت�شرذمنا وت�شتتنا فكل منا يغني على لياله وكل واحد منا يعمل‬ ‫وك�أن النظام �سقط منذ �سنني ونحن الآن نتقا�سم غنائم الن�صر‪.‬‬ ‫• التداخل االقليمي والدويل للأزمة ال�سورية حيث �أ�صبحت �سورية‬ ‫حلبة تناف�س قاتلة ودموية مل�شاريع �سيا�سية اقليمية ودولية على ح�ساب‬ ‫الدماء ال�سورية وب�أيادي �سورية ومتويل خارجي‪.‬‬ ‫• عجزنا عن خلق �أو �إيجاد بديل م�ضمون عن نظام اال�سد ليكون‬ ‫البديل املقنع لداخلنا �أو ًال وقبل كل �شيء ثم ملحيطنا االقليمي ثم‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪40‬‬

‫ملجتمعنا الدويل‪.‬‬ ‫• اخطائنا القاتلة يف التعامل مع ملفات ح�سا�سة‬ ‫كمو�ضوع التعدد الطائفي والقومي املوجود يف �سوريا‪،‬‬ ‫ومو�ضوع احرتام النظام االقليمي ال�سائد فكنا دائما‬ ‫ن�سمع ا�صوات ت�صدح ب�صوت عايل بالنف�س الطائفي‬ ‫املقيت او تتكلم مب�شاريع تتجاوز احلدود‪.‬‬ ‫ولأجل كل ذلك كانت النتيجة �أننا ا�ضعنا البو�صلة والوجهة‬ ‫وا�صبحنا نتخبط ب�شكل ع�شوائي وال يدرك الواحد منا اىل‬ ‫�أين و�صل و�أين هو الآن و�إىل �أين هو ذاهب ول�سان حال‬ ‫احلا�ضن ال�شعبي تقول حالنا (كامل�ستعني برم�ضاء من‬ ‫النار)‪ ،‬فقد انطلقنا يف الثورة ولدينا م�شروع و�أن مل يكن‬ ‫ميلك �أدوات ن�صره كاملة بني يديه ولكنه كان ميلك حدود‬ ‫وا�ضحة فهدفه ا�سقاط نظام اال�ستبداد والديكتاتورية‬ ‫وابدالهم بنظام قائم على احلرية والكرامة‪ ،‬وكان‬ ‫هذا امل�شروع م�ضبوط بجغرافية �سيا�سية وا�ضحة فهو‬ ‫حم�صور �ضمن النطاق الوطني للحدود ال�سورية‪ ،‬وهو‬ ‫يتعامل ويعرتف بالف�سيف�ساء ال�سورية ويدرك واقع النظام‬ ‫االقليمي وال يتجاوزه‪� ،‬أما اليوم فكل ذلك مت ت�شويهه‬ ‫وحتريفه حتى على م�ستوى الهدف اال�سمى‪ ،‬وهو ا�سقاط‬ ‫النظام وبناء دولة احلرية والكرامة‪ ،‬فاليوم كلنا نختلف‬ ‫على طبيعة هذا الأمر وكل واحد يف�سره على هواه ويعمل‬ ‫على فر�ض هواه على االخرين‪ ،‬واعتقد ان احلل الناجع‬ ‫ملواجهة هذا احلال املزري الذي و�صلنا اليه هو يف �إعادة‬ ‫بعث الروح يف ج�سد م�شروع وطني ثوري جامع وم�ضبوط‬ ‫بحدود �سيا�سية وا�ضحة وحم�صور �ضمن احلدود الوطنية‬ ‫للدولة ال�سورية‪ ،‬ويعمل على بناء م�ؤ�س�سات دولة وا�ضحة‬ ‫املعامل‪ ،‬فمثال نحن ال ن�ستهدف ايجاد نوع من التن�سيق او‬ ‫�شكل من ا�شكال التعاون بني الألوية والكتائب الع�سكرية‬ ‫يف �سورية‪ ،‬بل نريد م�ؤ�س�سة ع�سكرية مهنية تر�أ�سها اركان‬ ‫قادرة وفاعلة‪� ،‬أي نحن بحاجة اىل �أمر موجود يف كل دول‬ ‫العامل وهو اجلي�ش‪ ،‬وحتى على م�ستوى الق�ضاء نحن ل�سنا‬ ‫بحاجة اىل هياكل م�ؤقتة وتوافقية تقوم على املجامالت‬ ‫واملحاباة وعند �أول اختبار حقيقي تراها ينفرط عقدها‬ ‫بل نحن بحاجة اىل ق�ضاء متني وقوي ولديه �شرعية‬ ‫وقوة لتنفيذ قرارته‪ ،‬ق�ضاء يعيد للنا�س حقوقها ويحميها‬ ‫من حالة الغاب التي نعي�شها يف وقتنا حيث احلق اليوم‬ ‫مع الأقوى واملواطن العادي ال�ضعيف مهدورة حقوقه‬ ‫وكرامته‪ ،‬وحتى ن�سرع كل هذه اخلطوات ال بد من ايجاد‬ ‫قيادة مدنية ع�سكرية تتبنى هذا امل�شروع وتعمل على‬ ‫اجنازه‪ ،‬لي�س قيادة م�سرية على الرميوت كونرتول من‬ ‫عوا�صم اقليمية ودولية‪.‬‬


‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪40‬‬

‫مقاالت‬

‫‪7‬‬

‫بيعة البغدادي وانتخابات األسد‬ ‫ابن الوادي‬ ‫�أعلن �أبو بكر البغدادي اخلالفة الإ�سالمية يف �سوريا والعراق‪,‬‬ ‫و�صرح �أن �سوريا لي�ست لل�سوريني‪ ,‬وان العراق لي�ست للعراقيني‪,‬‬ ‫و�أثار �إعالنه اجلدل‪ ,‬ون�شر ال�صدمة يف �أو�ساط ال�سوريني‬ ‫وامل�سلمني وحظي باهتمام ال�صحف العاملية وم�ستخدمي �شبكات‬ ‫التوا�صل االجتماعي‪ .‬نعم لقد �أ�صبح لدينا خليفة‪ ,‬ولديهم‬ ‫رئي�س!‬ ‫�أعلن البغدادي دولته يف ظروف من احلرب والدمار‪ .‬وما �أ�شبه‬ ‫اليوم بالأم�س‪ .‬فبيعة البغدادي ال تختلف كثريا عن انتخابات‬ ‫الدم التي نظمها نظام ب�شار الأ�سد‪ .‬كيف ال وكالهما منهمك‬ ‫يف التنكيل بال�سوريني‪ .‬لكن �أوجه ال�شبه تتعدى ذلك بالطبع‪.‬‬ ‫فحملة الأ�سد قامت على �إميان جموع ناخبيه الغريزي به بو�صفه‬ ‫القائد امللهم الذي يدافع عن الأر�ض والعر�ض وعن كرامة الأمة‬ ‫والوطن‪ .‬مل يكن الأ�سد‪ ,‬ومثله البغدادي‪ ,‬بحاجة �إىل برنامج‬ ‫انتخابي‪ ,‬وال خلارطة طريق لإنهاء حمام الدم‪ ,‬ووقف القتل‬ ‫واحلد من العنف‪ .‬ال حاجة لأي منهما �إىل برنامج انتخابي‪,‬‬ ‫فالأ�سد هو ال�شبل الذي ال يحق ل�سواه �أن يحكم �سوريا‪ ,‬ولن‬ ‫ي�ستطيع غريه حكمها‪ ,‬فال بديل له‪ ,‬وما من �سوري �آخر ي�ستطيع‬ ‫�إدارة دفة احلكم يف �سورية الأ�سد و�إن ا�ستدعى ذلك دمارها‬ ‫مبن فيها!‪ .‬والبغدادي‪ ,‬هو خليفة اهلل يف الأر�ض‪ ,‬يحكم ب�شرع‬ ‫حكم ال�سيف بينه وبني خ�صومه‪ ,‬و�إن كانوا �أطفاال‬ ‫اهلل‪ ,‬و ُي ِ‬ ‫مدنيني‪ .‬وهو الآمر الناهي‪ .‬احلاكم املطلق والقائد امللهم الذي‬ ‫ال يخطئ‪ .‬هو احلاكم ب�أمر اهلل‪ ,‬ي�سعى لتطبيق �شرعه‪ ,‬وكل من‬ ‫يعرت�ضه هو كافر‪� .‬أما من يعار�ض ب�شار الأ�سد فهو خائن للوطن‪,‬‬ ‫وي�ستحق املوت بال�صواريخ والغازات‪.‬‬ ‫ال وجود لل�سيا�سة لدى اال�سد‪ .‬فالعنف هو �أداة احلكم الفريدة‬ ‫التي يتقنها برباعة املعلم‪ .‬يحكم با�سم الوطن والت�صدي‬ ‫للم�ؤامرة‪ ,‬وكذلك �سوط البغدادي و�سيفه الذي يقيم حدود‬ ‫اهلل يف الأر�ض‪ .‬ي�صفي الأ�سد معار�ضيه بكل الطرق‪ ,‬وي�سوي‬ ‫بالأر�ض املدن والقرى التي تناه�ض حكمه‪ .‬ويطبق البغدادي‬ ‫�شرع اهلل بال�سيف‪ ,‬فيجلد بائعي ال�سجائر‪ ,‬ويقطع ر�ؤو�س من‬ ‫يحارب يف �صفوف اجلي�ش احلر‪ ,‬ويجرب الن�ساء على ارتداء‬ ‫املالب�س ال�شرعية املعتادة يف بالد العرب العاربة التي �أتى‬ ‫منها هو ومعظم جماهديه‪ ,‬فيما �سبقه رفعت الأ�سد بعقود �إىل‬ ‫�إجبار املحجبات على خلع احلجاب �أيام كان مظليوه الأ�شاو�س‬ ‫يجوبون ال�شوارع بلبا�سهم الع�سكري املموه‪ ,‬يبثون الرعب والذل‬ ‫بني ال�سوريني‪� ,‬ش�أنهم �ش�أن جنود اخلليفة اليوم بلبا�سهم املميز‬

‫وحلاهم الطويله‪.‬‬ ‫ال مكان لل�سيا�سية يف حكم الأ�سد وال مكان لها يف حكم اخلليفة‬ ‫البغدادي‪ .‬ال قيمة لبناء عالقات متوازنة مع دول اجلوار‪ ,‬وبناء‬ ‫اقت�صاد متني‪ ,‬وجامعات تناف�س مثيالتها يف املنطقة والعامل‪.‬‬ ‫دم�شق لي�ست �سوى مدينة خا�ضعة ومثلها الرقة اليوم‪ .‬ال ي�ستحق‬ ‫ال�سوريون حاكما عادال‪ ,‬بل كل ما ي�ستحقونه هو خليفة عراقي‬ ‫�أو �أ�سد �سوري‪.‬‬ ‫ينجر الكثري من ال�سوريني‪ ,‬من حملة ال�سالح‪ ,‬ومن عامة النا�س‬ ‫وراء �إعالن البغدادي‪ ,‬ويبايعونه خليفة للم�سلمني‪ .‬ال يدرك ه�ؤالء‬ ‫�أن البغدادي لن ي�ستطيع بناء دولة‪ ,‬وال ميتلك مقومات احلاكم‬ ‫العادل الذي يتمنونه‪ .‬فهو لي�س عمر وال هو ب�أبي بكر‪ ,‬ولي�س‬ ‫هذا ع�صر اخللفاء العادلني‪ .‬يتغا�ضون عن ت�سلطه وتفرده‪ ,‬وال‬ ‫يطالبونه ب�شرح كيفية بناء هذه الدولة‪ .‬كيف �سيكون ق�ضا�ؤها‪,‬‬ ‫وكيف �ستكون م�ؤ�س�سات احلكم فيها‪ ,‬وكيف �سيطبق ال�شورى‬ ‫التي �أمره اهلل بها‪ ,‬ولكن امل�سلمني ا�ستهانوا بها حلظة قبولهم‬ ‫ب�أ�سرة ملكية بعد ثالث وع�شرين عاما من ال�شورى بني �أ�صحاب‬ ‫الر�أي‪ .‬ال يطالبه رعيته‪ ,‬وال يطالب �أحد من رعية الأ�سد رئي�سه‪,‬‬ ‫بت�صور حللول مل�شاكل املهجرين‪ ,‬والبطالة‪ ,‬والدمار‪ ,‬واالقت�صاد‬ ‫املتهالك‪ ,‬والف�ساد الإداري وال�سيا�سي‪ ,‬وكيف �ستكف يد �أجهزة‬ ‫الأمن واملطوعني عن رقاب النا�س‪.‬‬ ‫ت�صنع ال�شعوب طغاتها بجهلها �أوال وخنوعها ثانيا‪ .‬نعم‪ .‬الطغاة‬ ‫ال يخلقهم اهلل ويوليهم �أمر ال�صاحلني‪ .‬يولد الطغاة من رحم‬ ‫املجتمعات التي تقبل العنف والطغيان‪ ,‬وحتتفي به‪� .‬أنظروا كيف‬ ‫ي�شدنا املوت؟ �أنظروا كيف حتولت ثورة الكرامة واحلرية �إىل‬ ‫ثورة لال�ست�شهاد‪ .‬ت�سقط ال�شعوب من ح�سابات التاريخ عندما‬ ‫تتعامى عن حقيقة دوران عجالته نحو الأمام‪ .‬تعجز ال�شعوب‬ ‫عن بناء �أوطانها حني تن�ساق كالقطعان‪.‬‬ ‫لي�ست دولة البغدادي �سوى حماكاة م�ضحكة لدولة الأ�سد‪.‬‬ ‫ال يختلف فيهما �إال ال�شكل اخلارجي‪ .‬ثقافة الطغيان واحده‪,‬‬ ‫وثقافة العنف واحدة‪ .‬كال الدولتني ال حتمل مقومات الدول‪,‬‬ ‫بل هي �أ�شكال بدائية‪ ،‬فدولة الأ�سد مزرعته اخلا�صة كما يقول‬ ‫البع�ض‪ ,‬ودولة البغدادي هي �إقطاعته التي فو�ضه اهلل �ش�ؤونها‪.‬‬ ‫يقع ال�سوريون واحلالة تلك بني مطرقة الأ�سد و�سندان البغدادي‪,‬‬ ‫والثمن هو املزيد من اخلراب‪ ,‬فيما يظن العامل �أن �سورية الأ�سد‬ ‫�أ�صبحت اخليار الأف�ضل مقارنة بخالفة البغدادي ال�صاعد‬ ‫ب�أجندتها العاملية‪ ,‬فيما يئن ال�سوريون يف املهجر وال�شتات وديار‬ ‫اللجوء واملدن املحا�صرة طلبا لعون لن ي�أتي‪ ,‬فقد قامت دولة‬ ‫اخلالفة التي يخ�شاها من يطلبون منهم العون‪.‬‬


‫‪8‬‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪40‬‬

‫لقاءات‬

‫أيهم أحمد‪ ..‬عازف بيانو أصبح‬ ‫بائع فالفل يف الحصار‬

‫رامي العاشق‬

‫منعتنا الكتائب املسلحة من الغناء‪ ..‬م ّرة باسم‬ ‫الدين‪ ،‬وم ّرة باسم العادات والتقاليد‪ ،‬دائ ًما هناك‬ ‫أسباب للمنع‪ ،‬وال أسباب للسماح‪..‬‬

‫يف ال�شارع الوا�صل بني جامع فل�سطني وامتداد �شارع الثالثني‪،‬‬ ‫�إىل اليمني قليلاً باجتاه �شارع الريموك الرئي�سي‪ ،‬يوجد مكان‬ ‫�صغري ا�سمه «الأيهم للمو�سيقى» هذا املكان كانَ ِقبل ًة لل�شباب‬ ‫خا�صة و�أن ر�سوم الت�سجيل فيه‬ ‫الراغب يف تع ّلم املو�سيقى‪ّ ،‬‬ ‫منخف�ضة جدً ا‪� ،‬أبو �أيهم عازف الكمان وابنه �أيهم عازف‬ ‫البيانو‪ ،‬اتخذا من هذا املكان مركزًا لتعليم املو�سيقى وت�صنيع‬ ‫الآالت املو�سيقية‪ ،‬و�أحيا ًنا كان مركزً ا لتدريب الفرقة املو�سيقية‬ ‫التي �أ ّلف وو ّزع لها �أيهم‪ ،‬و�شاركه يف العزف نخبة من املو�سيقيني‬ ‫ال�سوريني والفل�سطينيني ال�شباب‪.‬‬ ‫عاما‪ ،‬مو�سيقي �أكادميي‪ ،‬در�س كلية الرتبية املو�سيقية‪،‬‬ ‫�أيهم ‪ً 27‬‬ ‫و�صار ع�ض ًوا يف نقابة الفنانني يف �سوريا‪ ،‬مع بداية ح�صار‬ ‫م�سرحا يعزف فيه ويعر�ض للجمهور‬ ‫خميم الريموك مل يجد‬ ‫ً‬ ‫فيه نتاجه الإبداعي‪� ،‬إلاّ �أن الإبداع عنده جعله يبتكر فكرة فرقة‬ ‫يغ�ص باملوت‪،‬‬ ‫�شباب الريموك التي تغني يف ال�شارع املد ّمر الذي ّ‬ ‫واملحا�صر املغ ّيب عن كل املحيط‪ ،‬على هام�ش ن�شاطات الفرقة‬ ‫التقته جريدة «طلعنا عاحلرية» وكان معه احلوار التايل‪:‬‬

‫يعرف �أيهم �أحمد نف�سه للجمهور؟‬ ‫ كيف ّ‬‫�أنا �أيهم �أحمد‪ ،‬من خميم الريموك املحا�صر‪ ،‬در�ستُ املو�سيقى‬ ‫منذ �أن كان عمري ‪� 6‬سنوات‪ ،‬بداية تعلمت من والدي ثم د ّر�سني‬ ‫الأ�ستاذ �صلحي الوادي و فالدميري زاري�سكي‪� ،‬أعزف على �آلة‬ ‫البيانو وال �أعترب نف�سي حمرت ًفا‪ ،‬حت ّولت يف احل�صار �إىل بائع‬ ‫فالفل لكي �أ�ؤ ّمن قوت يومي‪ ،‬ثم حاولت خلق حالة من املو�سيقى‬ ‫م�سرحا‪ ،‬فقررت العزف‬ ‫يف جو املوت واجلوع يف املخ ّيم‪ ،‬مل �أجد‬ ‫ً‬ ‫يف ال�شارع‪ ،‬و�ضعت البيانو على عربة اخل�ضار وبد�أت العزف يف‬ ‫�أزقة املخ ّيم‪.‬‬ ‫ وكيف خطرت ببالك فكرة «فرقة �شباب الريموك» ؟‬‫عندما بد�أت العزف يف ال�شارع‪ّ ،‬‬ ‫التف بع�ض ال�شباب الهواة‬ ‫الذين مل يغ ّنوا من قبل‪ ،‬وال يعرفون �شي ًئا عن املو�سيقى‪� ،‬إال �أنهم‬ ‫يرغبون بفعل �شيء للمخيم وللمحا�صرين و�إي�صال ر�سالتهم‬ ‫ال�ساعية لتحييد املخيم عن ال�صراع امل�س ّلح‪ ،‬ورجوع الأهايل �إىل‬ ‫بيوتهم‪ ،‬واجهت �صعوبة يف تدريبهم على الغناء‪� ،‬إال �أن التمرين‬


‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪40‬‬

‫* مهمة الفن األسمى زرع األمل‬ ‫بتحسّن األوضاع‪ ،‬عندما تملك‬ ‫األمل بالبقاء‪ ،‬فأنت تقاوم االندثار‬ ‫* عودة األهالي هي الضمان‬ ‫الوحيد ألي هدنة أو اتفاقية‬ ‫تحصل بين األطراف المتنازعة‪.‬‬ ‫* لن أزاود على الناس وأقول‬ ‫«سأبقى صامدًا» ألننا صمدنا‬ ‫مرغمين‬ ‫املك ّثف على الأغاين ومترينات ال�صوت جعلت منهم الآن مغ ّنني‬ ‫بن�سبة ‪ 30%‬وبقدرة دفع �صوتية ال حتتاج �إىل �إذاعة‪� ،‬أع�ضاء‬ ‫الفرقة هم‪� :‬أوي�س عي�سى‪ ،‬و�سام نايف‪� ،‬إبراهيم خوالدة‪ ،‬قا�سم‬ ‫خوالدة‪ ،‬بدر الربو‪ ،‬م�صطفى الباز وحممود متيم‪.‬‬ ‫ منعتكم الكتائب امل�سلحة من الغناء يف ال�شارع‪ ،‬ملاذا؟‬‫م ّرة با�سم الدين‪ ،‬وم ّرة با�سم العادات والتقاليد‪ ،‬دائ ًما هناك‬ ‫�أ�سباب للمنع‪ ،‬وال �أ�سباب لل�سماح‪ ،‬تارة تكون املو�سيقى حم ّرمة‪،‬‬ ‫ول ّكنها �إن كانت توافق توجهاتهم ت�صبح حاللاً ‪ ،‬وعندما‬ ‫تواجههم بهذه احلقيقة ت�صبح احلجة‪« :‬ما بي�صري تعزف‬ ‫والعامل عم متوت»‪.‬‬ ‫ ما هي الأغاين التي تقدّ مها الفرقة‪ ،‬وما توجهها؟‬‫غ ّنينا الكثري من الأغاين التي تتحدث عن املخ ّيم‪ ،‬نحاول �أن‬ ‫نو ّثق ما يجري عن طريق �أغانينا‪ ،‬غ ّنينا عن احل�صار‪ ،‬كراتني‬ ‫امل�ساعدات‪ ،‬وعودة املهجرين‪ ،‬ا�ستطعنا �أن ننجز �أكرث من ‪50‬‬ ‫�أغنية خالل عام من احل�صار‪ ،‬وهناك ‪� 20‬أغنية مل تن�شر بعد‪،‬‬ ‫كما �أن هناك �أغنيات جاهزة حلني عودة الأهايل �سنقدمها‬ ‫مهجرين عودوا‪،‬‬ ‫لهم‪� ،‬أذكر مما قدمنا‪� :‬أوبريت الريموك‪ ،‬يا ّ‬ ‫ن�سيت ا�سمي‪� ،‬أهلي و�أهلك راحوا‪� ،‬آه ع الريموك و�أيامو‪ ،‬زمان‬ ‫ال�شحططة‪ ،‬و الريموك ا�شتقلك يا خ ّيا‪.‬‬ ‫ يف ظل الأزمة الإن�سانية واحل�صار واجلوع‪ ،‬كيف ميكن‬‫للفن واملو�سيقى �أن يكون و�سيلة مقاومة؟‬

‫لقاءات‬

‫‪9‬‬

‫للفن �أهمية يف ن�شر الوعي‪ ،‬وهو و�سيلة لتثقيف املعاناة وترقيتها‬ ‫بتح�سن الأو�ضاع‪ ،‬عندما‬ ‫ب�شكل درامي ومهمته الأ�سمى زرع الأمل ّ‬ ‫وتر�سخ وجودك يف‬ ‫متلك الأمل بالبقاء‪ ،‬ف�أنت تقاوم االندثار‪ّ ،‬‬ ‫�أر�ضك‪ ،‬مقاومة املوت ‪� ..‬أ�سمى �أنواع املقاومة‪ ،‬لي�س فقط على‬ ‫�سبيل الإن�سان‪ ،‬بل مقاومة موت احل�ضارات والأوطان والثقافات‬ ‫والر�ساالت كذلك‪.‬‬ ‫للمهجرين‬ ‫ الريموك ا�شتقلك يا خيا‪ ،‬هي دعوة‬‫ّ‬ ‫ليعودوا‪ ،‬هل ترى �أن الظروف مواتية للعودة؟‬ ‫�أمت ّنى �أن تكون الظروف �أف�ضل ليعود النا�س �إىل بيوتهم‬ ‫مطمئنني‪ ،‬لكن يف الوقت احلايل ال �أحد ي�ستطيع العودة‪ ،‬ولكن‬ ‫حت�سن �أو�ضاع املخيم مرتبط بعودة الأهايل بال�ضرورة‪ ،‬وعودة‬ ‫ّ‬ ‫الأهايل هي ال�ضمان الوحيد لأي هدنة �أو اتفاقية حت�صل بني‬ ‫الأطراف املتنازعة‪.‬‬ ‫ هل �ستخرج من �سوريا لو �سمحت الظروف �أم �ستبقى‬‫�صامدً ا؟‬ ‫لن �أزاود على النا�س و�أقول «�س�أبقى �صامدً ا» لأننا �صمدنا‬ ‫مرغمني‪ ،‬فلو عرفنا �أن احل�صار �سيودي بحياتنا وحياة �أحبتنا‬ ‫ملا بقينا حلظة‪� ،‬أنا �أخ�شى على حياة طفلي «�أحمد» املحا�صر‬ ‫معي وال �أ�ستطيع حتمل �أي مكروه ي�صيبه‪ ،‬لذلك �إذا وجدت مكا ًنا‬ ‫يحرتم حقوق الإن�سان �س�أذهب‪ ،‬لأن ا�ستمرار احلرب يعني ن�سف‬ ‫م�ستقبل طفلي‪� ،‬أنا � ً‬ ‫أي�ضا �أريد �أن �أكون مو�سيق ّيا معرو ًفا‪ ،‬هذا‬ ‫احللم لن يتحقق يف �سوريا يف ظل ال�صراع الدائر‪.‬‬ ‫ �شاركت مع الفنان «نرياز �سعيد» يف معر�ضه «للحلم‬‫بق ّية» �أخربنا عن هذه التجربة‪.‬‬ ‫�أ ّلفتُ للمعر�ض مقطوعة مو�سيقية خا�صة ا�سمها «ح�صار»‬ ‫وغ ّنيت مع الطفلتني مرح و�آية �أغنية الريموك ا�شتقلك يا خ ّيا‪،‬‬ ‫كانت املرة الأوىل التي �أعزف فيها ب�شكل مبا�شر من الريموك‬ ‫املحا�صر �إىل �أهلنا يف رام اهلل‪ ،‬فمعر�ض نرياز كان هناك‪ ،‬وكنا‬ ‫معهم عن طريق �سكايب �أنا ونرياز والفرقة‪ ،‬كانت جتربة فريدة‬ ‫من نوعها‪ ،‬ومميزة‪.‬‬ ‫ الهدنة يف خميم الريموك‪ ،‬هل �ستنجح؟ �أم �أنّك غري‬‫متفائل؟‬ ‫نحن نتم ّنى‪ ،‬من م ّنا ال يريد للمخيم و�أهله �أ ّي ًاما �أف�ضل‪ ،‬لكن واقع‬ ‫احلال ال يقول ذلك‪ ،‬ا�ستمرار احل�صار والقتل ال يب�شر باخلري‪،‬‬ ‫وكما قلت �ساب ًقا ال�ضامن الوحيد لتطبيق الهدنة �أو االتفاقية هو‬ ‫عودة الأهايل‪ ،‬دون ذلك ‪ ..‬فاجلميع ي�ضحك على اجلميع‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫مقاالت‬

‫ثور ٌة أكلها ثوارها‬ ‫علي فاروق‬ ‫قال "جورج دانتون" املحامي والقائد الثوري الفرن�سي ال�شهري‬ ‫عندما �سيق �إىل املق�صلة‪� :‬إن الثورة ت�أكل �أبناءها‪.‬‬ ‫مقولة "دانتون" تلك كانت حقيق ًة واقعي ًة حينها‪ ،‬لكن يف الثورة‬ ‫ال�سورية‪ ،‬جند �أن عك�س مقولة "دانتون" هو ال�صحيح والواقعي‪،‬‬ ‫ففي �سوريا بع�ض من ُ�سموا ثوار ًا هم من �أكل الثورة‪ ،‬ال بل ورمبا‬ ‫�شربوا ماءها �أي�ض ًا‪ ،‬وقد فعلوا ذلك حتى قبل �أن تنت�صر الثورة‪،‬‬ ‫وتنجح يف �إ�سقاط نظام اال�ستبداد احلايل‪ ،‬و�إقامة دولة العدل‪،‬‬ ‫واحلرية‪ ،‬وامل�ساواة‪ ،‬والدميقراطية‪.‬‬ ‫كل ما يقال عن عنف النظام‪ ،‬وبط�شه‪ ،‬ووح�شيته‪ ،‬وتعمده‬ ‫ا�ستخدام الورقة الطائفية لقمع الثورة‪ ،‬وتغيري م�سارها‪،‬‬ ‫�صحي ٌح‪ ،‬و�صحي ٌح �أي�ض ًا �أن �أطراف ًا خارجي ًة كثري ًة ك�إيران‪،‬‬ ‫ورو�سيا‪ ،‬وال�صني‪ ،‬و(حال�ش)‪ ،‬وملي�شيات "�أبي الف�ضل العبا�س"‬ ‫الطائفية‪ ،‬والقاعدة واجلماعات املرتبطة بها‪� ،‬أو القريبة من‬ ‫نهجها الفكري والعقائدي‪ ،‬قد تدخلت هي الأخرى و�ساهمت‬ ‫بتحويل امل�سار‪ ،‬من ثور ٍة �شعبي ٍة �ضد اال�ستبداد والديكتاتورية‪،‬‬ ‫حرب طاحن ٍة حتمل يف طياتها العديد من مالمح احلرب‬ ‫�إىل ٍ‬ ‫الأهلية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫�صحي ٌح �أي�ضا‪ ،‬كل ما قيل ويقال عن تدخالت الدول الإقليمية‪،‬‬ ‫والدول الكربى التي تدعي دعهما لثورة ال�شعب ال�سوري‪ ،‬وتورط‬ ‫�أجهزتها ال�سيا�سية‪ ،‬واال�ستخباراتية يف الثورة ال�سورية‪ ،‬ملحاولة‬ ‫منعها من حتقيق �أهدافها‪.‬‬ ‫لكن كل ذلك ال ينفي �صحة القول‪ :‬ب�أن الثوار ال�سوريني قد �أكلوا‬ ‫ثورتهم‪ ،‬فعندما انطلقت الثورة يف �آذار ‪ ،2011‬كانت ال�شريحة‬ ‫الكربى التي انخرطت يف الثورة بالأ�سا�س هي فئة ال�شباب‪� ،‬أي‬ ‫�أولئك الذين ترتاوح �أعمارهم بني اخلام�سة ع�شرة‪ ،‬والثالثني‬ ‫�إىل اخلام�سة والثالثني‪ ،‬وكانت تلك ال�شريحة متثل معظم‬ ‫الفئات والطبقات والعرقيات والطوائف املوجودة يف �سوريا‪،‬‬ ‫مبعنى �أنها كانت ثور ًة متغلغل ًة‪ ،‬وممتد ًة �أفقي ًا وعمودي ًا داخل‬ ‫املجتمع‪� ،‬أو كانت بدايتها على الأقل كذلك‪ ،‬لكن �أهم ما كان‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪40‬‬

‫ميكن ُمالحظته يف تلك البداية‪ ،‬هو غياب النخب واملثقفني‬ ‫والأكادمييني والتجار وال�صناعيني والإعالميني ورجال الدين‬ ‫مبعظمهم عنها‪ ،‬لكن الثورة مل تتوقف عليهم‪ ،‬ومل تنتظرهم‪،‬‬ ‫ف�أنتجت مثقفيها اخلا�صني بها واختارتهم من بني �صفوفها‪ ،‬من‬ ‫�أولئك ال�شباب الثائر‪ ،‬وامل�شارك بفاعلي ٍة يف �أحداثها‪� ،‬صحي ٌح �أن‬ ‫و�صف املثقفني �أو املفكرين قد ال ينطبق عليهم ب�صور ٍة دقيقةٍ‪،‬‬ ‫لغياب اخلربة والتجربة عن معظمهم‪ ،‬وافتقار �آخرين ك ٍرث منهم‪،‬‬ ‫للأدوات العلمية واملعرفية التي ت�ؤهلهم ليكونوا قاد ًة فكريني‪� ،‬أو‬ ‫منظرين �سيا�سيني للحراك والثورة‪ ،‬لكن الأهداف العامة للثورة‬ ‫خا�ص‪ ،‬لفهمها والتعامل‬ ‫نوع ٍ‬ ‫مل تكن حتتاج �إىل ذكاءٍ ‪� ،‬أو ثقاف ٍة من ٍ‬ ‫معها‪ ،‬كما �أن تفاعل �أولئك ال�شباب وم�شاركتهم احلقيقية‬ ‫يف الثورة‪ ،‬كان وال �شك �سيك�سبهم الزاد الكايف من التجربة‬ ‫�شباب‪ ،‬جامعيون‪ ،‬متعلمون‪،‬‬ ‫واخلربة‪� ،‬أ�ضف �إىل �أنهم مبعظمهم ٌ‬ ‫ميلكون من الذكاء والوعي وقوة ال�شخ�صية ال�شيء الكثري‪ ،‬ما‬ ‫يعني �أنهم وباملح�صلة‪ ،‬ال بد و�أن يكون لهم الدور الأ�سا�سي يف‬ ‫قيادة الثورة‪ ،‬ويف �صنع م�ستقبل البالد الحق ًا‪.‬‬ ‫�أ�س�س �أولئك ال�شباب التن�سيقيات والروابط‪ ،‬وغريها من‬ ‫الهيئات والكيانات الثورية الأوىل‪ ،‬فكانت التن�سيقيات يف كل‬ ‫املناطق الثائرة‪ ،‬والهيئة العامة للثورة‪ ،‬واحتاد تن�سيقيات الثورة‬ ‫ال�سورية‪ ،‬وجلان التن�سيق املحلية‪ ،‬وغريها‪ ،‬وال�شبكات الإعالمية‬ ‫ك�شبكة �شام‪ ،‬و�أوغاريت‪ ،‬وغريها �أي�ض ًا‪ ،‬وقد عملوا على تنظيم‬ ‫املظاهرات والدعوة �إليها‪ ،‬كما عملوا يف جماالت الإعالم‬ ‫وت�صوير املظاهرات‪ ،‬ورفع مقاطع الفيديو على �شبكات التوا�صل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬ونقل الأخبار والتحدث �إىل حمطات التلفزة العربية‬ ‫والأجنبية‪ ،‬والتدوين‪ ،‬كما عملوا يف جماالت الإغاثة‪ ،‬واملجاالت‬ ‫الطبية‪ ،‬و�أ�صبحوا يدعون ب"النا�شطني"‪.‬‬ ‫ميكن القول وبكث ٍري من ال�شعور بالراحة‪� ،‬أن جل املكت�سبات التي‬ ‫حتققت لأبناء ال�شعب ال�سوري‪ ،‬جاءت خالل فرتة الثورة ال�سلمية‪،‬‬ ‫ف�سقوط �شرعية النظام‪ ،‬والإح�سا�س بالتحرر‪ ،‬والكرامة‪ ،‬والفخر‬ ‫باالنتماء الوطني‪ ،‬وغريها من امل�شاعر والقيم‪ ،‬التي �أ�صبح‬ ‫الكثريون ي�شعرونها ويتمتعون بها‪ ،‬كانت نتاج ًا مبا�شر ًا لتحدي‬ ‫قوات النظام و�شبيحته‪ ،‬خالل وعرب املظاهرات والن�شاطات‬ ‫ال�سلمية الأخرى‪.‬‬ ‫ثم ماذا بعد ؟ ثم جاءت مرحلة ال�سالح‪ ،‬وهنا بد�أ العديد من الثوار‬ ‫و"النا�شطني" ي�ستهلكون ب�أفعالهم الكثري من الر�صيد الأخالقي‬


‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪40‬‬

‫وال�سيا�سي للثورة‪ ،‬وانق�سم �أولئك "الن�شطاء" �إىل ق�سمني‪ ،‬الأول‪:‬‬ ‫حيد نف�سه عن الثورة‪ ،‬كما عن ال�سالح‪ ،‬ثم �أخذ بالتغطية على‬ ‫�أفعال و�سلوك وجتاوزات زمالئهم ممن حملوا ال�سالح‪ ،‬ومل يعد‬ ‫نقلهم للأخبار ميتاز بال�صدق وال�شفافية كما كان �سابق ًا‪ ،‬ورمبا‬ ‫�أقعدتهم روابط القرابة وال�صلة‪� ،‬أو اخلجل عموم ًا‪� ،‬أو رغبتهم‬ ‫باحلفاظ على ال�صورة النقية للثورة‪� ،‬أو ذرائع حماية الثورة من‬ ‫ت�صيد ثغراتها وهناتها من قبل �أعدائها‪� ،‬أو غري ذلك‪ ،‬عن نقل‬ ‫احلقيقة والواقع كما هو‪ ،‬وت�سليط ال�ضوء عليه‪ ،‬وفتحه للنقا�ش‬ ‫العام واالعرتا�ض عليه‪ ،‬وهم عندما فعلوا ذلك قاموا بتقوي�ض‬ ‫املثال الأخالقي الذي حققته الثورة‪ ،‬وبذلك ما عادوا متمايزين‬ ‫عن النظام‪ ،‬وال عن ال�سلوكيات والنماذج الال�أخالقية التي كان‬ ‫يعر�ضها‪ ،‬ويعممها على املجتمع والنا�س‪.‬‬ ‫�أما الق�سم الثاين من "الن�شطاء"‪ ،‬فقد فعل ما هو �أ�سو�أ‪ ،‬فقد‬ ‫ا�ستغل عمله ون�شاطه يف الثورة‪ ،‬والعالقات واملعارف التي جتمعت‬ ‫لديه‪ ،‬فا�ستغل ذلك لي�سافر ويرتك البالد‪ ،‬والثورة وراءه‪ ،‬وغالب ًا‬ ‫ما كان ال�سفر با�سم الثورة‪ ،‬وعن طريقها‪ ،‬وعلى ح�سابها‪ ،‬حتى‬ ‫�سرت لدينا يف الداخل ال�سوري نكتة معربةٌ‪ ،‬ي�س�أل فيها الأول‪:‬‬ ‫كم تكلف الهجرة �إىل �أوروبا ؟ فريد �آخر‪ :‬تهريب �أم م�ؤمتر !؟‪،‬‬ ‫والذين �سافروا حملوا خرباتهم ومكت�سباتهم وكفاءاتهم �إىل‬ ‫بلدانٍ �أخرى بعيدةٍ‪ ،‬وحرموا الثورة والبلد تالي ًا منها‪ ،‬واحلقيقة‬ ‫ظروف كالتي نعي�شها‪ ،‬وحق‬ ‫�أن حق ال�سفر من البلد‪ ،‬وخا�ص ًة يف‬ ‫ٍ‬ ‫التخلي عن الثورة‪ ،‬هي مبدئي ًا حقو ٌق �شخ�صي ٌة‪ ،‬وم�شروع ٌة‪،‬‬ ‫(و�إن ات�سمت بالكثري من االنتهازية �أو الال�أخالقية‪ ،‬والتقت مع‬ ‫�أهداف النظام ب�إفراغ البلد من كوادرها)‪� ،‬إال �أننا هنا ال نتكلم‬ ‫ظروف خا�ص ٍة‬ ‫حاالت فردي ٍة خم�صو�ص ٍة بزمان‪� ،‬أو مكانٍ ‪� ،‬أو‬ ‫ٍ‬ ‫عن ٍ‬ ‫لهذا "النا�شط"‪� ،‬أو ذاك‪ ،‬وال عن النا�س العاديني‪ ،‬بقدر ما نتكلم‬ ‫عن حال ٍة جماعي ٍة عام ٍة بني "النا�شطني"‪ ،‬ترقى مل�ستوى الظاهرة‬ ‫اجلديرة بالنقا�ش‪ ،‬والنقد‪ ،‬واملراجعة‪.‬‬ ‫وكان ُيقبل من �أولئك "النا�شطني" التخلي عن الثورة‪ ،‬لو اكتفوا‬ ‫بذلك فقط‪ ،‬لكنهم تعدوا الأمر �إىل حماولة التغطية على ذلك‬ ‫التخلي‪ ،‬فان�ضم الكثري منهم للعمل يف �صفوف املنظمات التي‬ ‫تن�شط يف جماالت الإغاثة �أو التدريب �أو الأعمال الإن�سانية‬ ‫الأخرى‪ ،‬والتي تعرف با�سم ال (‪� ،)NGOs‬أو ما ي�سميها‬ ‫بع�ضهم خط�أً مبنظمات املجتمع املدين‪ ،‬و�أبرز م�آخذنا على تلك‬ ‫املنظمات‪ ،‬وعلى عملها‪ ،‬هو عدم معرفة اجلهات التي تقف وراء‬

‫مقاالت‬

‫‪11‬‬

‫بحكومات‬ ‫ق�سم منها‪ ،‬وعدم معرفة �أهدافها‪ ،‬وارتباط بع�ضها‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لدول تدعي وقوفها �إىل جانب ال�شعب‬ ‫�أو ب�أجهزة‬ ‫ٍ‬ ‫ا�ستخبارات ٍ‬ ‫ال�سوري‪ ،‬بينما تعمل يف الواقع لتحقيق م�صاحلها على ح�سابه‪،‬‬ ‫لكن �أبرز خماطر تلك املنظمات على الثورة والبلد‪ ،‬هو عملها‬ ‫على تفريغ ومتييع امل�ضمون ال�سيا�سي لثورة ال�سوريني‪ ،‬وحتويلها‬ ‫ملجرد ق�ضي ٍة �إن�ساني ٍة �إغاثيةٍ‪ ،‬والعمل على �إدامة املحنة واملعاناة‬ ‫التي مير بها ال�سوريون‪ ،‬ودفعهم لتقبلها والتعاي�ش معها بتح�سني‬ ‫ظروف حياتهم اليومية فقط‪ ،‬كما ح�صل �سابق ًا للفل�سطينيني‪،‬‬ ‫كما �أن الكثري من �أولئك "النا�شطني"‪ ،‬غدوا وللأ�سف ُمنتفعني‬ ‫و(مرتزقني) من تلك املنظمات‪ ،‬وم�ستفيدين من طول الأزمة‪،‬‬ ‫ومن معاناة بقية ال�سوريني �أي�ض ًا‪.‬‬ ‫رمبا كان الأجدر ب�أولئك "النا�شطني" �أال ي�شاركوا يف الثورة‬ ‫�أ�سا�س ًا‪ ،‬و�أال يحر�ضوا بقية النا�س عليها‪� ،‬إن كانوا ينون تركها �أو‬ ‫(اال�سرتزاق) منها‪ ،‬والواجب عليهم مراجعة ما فعلوه‪ ،‬والنظر‬ ‫ملي ًا يف نتائجه على من بقي م�صر ًا على ثورته‪ ،‬واالعتبار من‬ ‫و�شباب‬ ‫�شباب �آخرين مثلهم‪ ،‬قرروا ال�صمود يف الداخل‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫وفر�ص‪،‬‬ ‫ٍ‪،‬‬ ‫ة‬ ‫بحيا‬ ‫منهم‬ ‫العديد‬ ‫حظي‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫أي�ض‬ ‫�‬ ‫آخرين‬ ‫�‬ ‫)‬ ‫أغراب‬ ‫(� ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وتعليم �أف�ضل مما ح�صل عليه الكثري من �أولئك "النا�شطني"‬ ‫ٍ‬ ‫�سابق ًا‪ ،‬ومع ذلك تركوا كل ذلك وراءهم‪ ،‬وجاءوا �إىل بالدنا‬ ‫وا�ستغلوا فراغ ثورتنا‪ ،‬ليقيموا م�شاريعهم العقائدية اخلا�صة‬ ‫بالدم‪ ،‬والنار‪ ،‬على ح�سابنا‪ ،‬وح�ساب م�ستقبل �شعبنا وبلدنا‪.‬‬ ‫عندما انت�صرت الثورة الفرن�سية ان�صرف "جورج دانتون"‬ ‫إرهابي هو‬ ‫�إىل حياة اللهو واملجون‪ ،‬خملي ًا ال�ساحة ملجرم � ٍ‬ ‫"ماك�سيمليان روب�سبري"‪ ،‬الذي قتل الآالف با�سم الثورة يف �أ�سابيع‬ ‫معدودةٍ‪ ،‬واليوم يف �سوريا‪ ،‬يبدو �أن (دانتونيني) جدد يخلون‬ ‫ثورتهم �أي�ض ًا ل (روب�سبرييني) جددٍ �أي�ض ًا‪ ،‬وفيما يقدم ه�ؤالء‬ ‫(الروب�سبرييون) �أرواحهم‪ ،‬وكل ما ميلكون يف �سبيل م�شروعهم ـ‬ ‫ي�ضح (دانتونيو) الثورة ال�سورية‬ ‫الذي يعني موتنا ــ‪ ،‬ال يتنازل‪ ،‬وال ِ‬ ‫يف مواجهة م�شروع �أولئك‪� ،‬إال بال�شتائم واللعنات وكالم الفح�ش‪،‬‬ ‫و ب (ال�ستاتو�سات) و(االيفينتات) و (الغروبات) يف عاملهم‬ ‫االفرتا�ضي البعيد‪.‬‬ ‫ورمبا قد �آن الأوان (لآكلي) الثورة االنتهازيني‪ ،‬ليكفوا �أذاهم ابتدا ًء‬ ‫من هذه اللحظة عن الثورة‪ ،‬وحبذا لو ين�صرفوا �إىل حياتهم يف‬ ‫مهاجرهم البعيدة‪� ،‬أو ين�ضموا ل�صفوف حملة (�سوا) الأ�سدية‪ ،‬فال‬ ‫يبدوا �أن هناك مكان يليق بطموحاتهم وو�صوليتهم غريها‪.‬‬


‫‪12‬‬

‫مقاالت‬

‫تتمة من ال�صفحة ‪5‬‬ ‫الأ�ساطري عنه‪ ،‬و�صمود �صورته املتخ ّيلة عند كثريين‪ ،‬ال �سيما‬ ‫عند بع�ض ي�ساريني وعلمانيني وقوميني ومقاومني خارج �سورية‪،‬‬ ‫�أي ممن مل يكا ِبدوا �سطوته وال بط�شه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يف�سر‪ ،‬بني �أ�سباب اخرى خمتلفة‪،‬‬ ‫ال�شك �أن هذا الو�ضع املعقد ّ‬ ‫بقاء النظام‪ ،‬رغم مرور �أكرث من ثالثة �أعوام على ثورة‬ ‫يف�سر‪� ،‬أي�ضا‪ ،‬ورمبا ب�صورة �أكرب‪ ،‬املواقف‬ ‫ال�سوريني‪ ،‬بيد �أنه ّ‬ ‫املتناق�ضة �إزاءه يف الر�أي العام‪ ،‬داخل �سوريا وخارجها‪ .‬ومعلوم‬ ‫�أن ثمة كثريون يقرون بالطبيعة اال�ستبدادية للنظام لكنهم مع‬ ‫ذلك يرون �أنه مبثابة "القلعة" الأخرية للمقاومة واملمانعة‪،‬‬ ‫والقومية والعلمانية والي�سار‪ ،‬لذا جتدهم يف حرية من �أمرهم‬ ‫�إما مرتددين وحائرين‪� ،‬أو م�ش ّككني مب�شروعية الثورة‪� ،‬أو‬ ‫م�ساندين له على طول اخلط‪.‬‬ ‫ويبدو من ذلك �أن العقلية ال�سائدة يف بلداننا مازالت تت�أ�س�س‬ ‫على الأقوال وال�شعارات وال�شكليات بد ًال من االفعال والوقائع‬ ‫واحلقائق‪ ،‬و�أنها يف امل�س�ألة ال�سورية تنطلق من م�سلمة مفادها‬ ‫اعتبار النظام متقدما على ال�شعب‪ ،‬رغم ما يعتور هذه النظرية‬ ‫من جتاهل حلقيقة �أن الدولة‪ ،‬مبا متتلكه من قوة وم�ؤ�س�سات‬ ‫و�إمكانيات‪ ،‬هي التي ت�ضطلع بامل�س�ؤولية التاريخية يف بناء‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪40‬‬

‫جمتمعاتها‪ ،‬و�صوغ ثقافتها واجماعاتها وهويتها الوطنية‪.‬‬ ‫وا�ضح �أن هذه العقلية تتنا�سى �أن النظام ال�سوري‪ ،‬الذي بات له‬ ‫قرابة ن�صف قرن‪ ،‬هو امل�س�ؤول عن �إعاقة حت ّول الدولة يف �سوريا‬ ‫�إىل دولة حقا‪� ،‬أي دولة م�ؤ�س�سات وقانون ومواطنني‪ ،‬مثلما �أعاق‬ ‫حتول جمتمعها �إىل جمتمع مبعنى الكلمة‪ ،‬بدال من بقائه عند‬ ‫ح ّيز املكونات االثنية والدينية واملذهبية والقبلية‪ .‬واملعنى �أن‬ ‫هذا النظام‪ ،‬يف كل ذلك‪ ،‬هو امل�س�ؤول عن كل ما يح�صل يف‬ ‫�سوريا‪ ،‬بدء ًا من انفجار م�شاعر الغ�ضب عند �شعبه‪ ،‬مرور ًا‬ ‫بتخلف تعبرياته وحراكاته ال�سيا�سية‪ ،‬و�صو ًال �إىل اال�ضطراب‬ ‫والتخ ّبط يف ثورته‪.‬‬ ‫ق�صارى القول‪ ،‬ف�إن �أ�صحاب هذا املنطق يحاولون الظهور‪،‬‬ ‫يف كل احلاالت‪ ،‬كمن يتعاطى برباءة مع اعتبار النظام لذاته‬ ‫كقومي وعلماين وي�ساري‪� ،‬أي بربطه بكل ماله عالقة باحلداثة‪،‬‬ ‫واعتبار �أن املجتمع مبثابة النقي�ض لهذا النظام‪ ،‬بدعوى �أنه‬ ‫متخلف او غري نا�ضج �أو م�ؤهل‪ .‬ولعل امل�شكلة عند �أ�صحاب هذا‬ ‫املنطق �أنهم ال يرون �شعب ًا يف �سوريا‪ ،‬و�أن ما يرونه جمرد �سكان‬ ‫او رعايا و�أتباع‪ ،‬فهذه عندهم "�سوريا الأ�سد �إىل الأبد"‪ ،‬ما‬ ‫يف�سر عدم اعرتافهم باحلقوق امل�شروعة لهذا ال�شعب‪ ،‬وبطلبه‬ ‫ّ‬ ‫على احلرية وامل�ساواة والكرامة والدميقراطية‪.‬‬


‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪40‬‬

‫‪13‬‬

‫الوقت الغايل‬ ‫إىل رزان زيتونة‬ ‫هاال محمد‬ ‫تعبت يف وداع ال�شهداء يا رزان‪ ،‬تعبت من ال�سهر وال�صحو على‬ ‫توقيت ال�سجون والزنزانات‪ .‬قلبي ال يحتمل كل هذا الفراق‪.‬‬ ‫ال�صب ّية التي تعرفك والتي فقدت �أحد �أطرافها‪ ،‬حدّثتني‬ ‫هي‪.‬‬ ‫عنك… ففهمت كيف حتبني! لأنني ر�أيت كيف ِ‬ ‫ِ‬ ‫حتبك َ‬ ‫بال كالم‪ ،‬باقت�ضاب‪ ،‬ال وقت للتعبري‪ ،‬لكن ثانية من ال�صمت‬ ‫تكفي لتحميل ما ال يو�صف من االنتماء ل�سوريا وللمواطنة‬ ‫املت�ساوية وللدولة املدنية التي نبحث جميعنا عن �سرابها الآن‬ ‫بني �أقدام النظام والتطرف الذي اختطفك من بيننا‪.‬‬ ‫كلما نظرت يف عيني معتقل يف ال�صورة… �أتذكرك‪ .‬وكلما‬ ‫أنت و�سمرية ووائل وناظم‪.‬‬ ‫ملحت �صورة �شهيد تبتعد �أتذكرك � ِ‬ ‫�أنا ال طاقة يل على التوثيق‪� ،‬أحاول �أن �أودع �أهل بلدي كما يليق‬ ‫بالوداع‪ ،‬وداع ال�سوري لل�سوري هكذا يف مقتبل الزمن‪� .‬أقف‬ ‫على ذلك املفرتق املعتم بني املوت واحلياة و�أنتظر‪ ،‬ال �أم ّيز بني‬ ‫الذهاب والإياب! �أنا ذاتي ال �أعرف يف � ّأي منطقة �أقف!‪.‬‬ ‫ال �أعرف كيف كنت تفعلني لت�ستطيعي البقاء بني الرحيل‬ ‫والرحيل… الوقت الثمني الكثيف‪ ،‬الوقت ال�صالة‪ ،‬الوقت‬ ‫الغايل لتدليل املوت ال�سوري يف حلظات الوداع الأخرية‪ .‬كي ال‬ ‫يعتاد املوت موتنا‪ ،‬وال الزنزانات تعتاد �أج�سادنا ورائحة دمنا‪.‬‬ ‫توثيق الإنتهاكات يف بلد الإنتهاكات‪ ،‬يا لها من فكرة جنونية‪،‬‬ ‫فكرة االقرتاب من توقيت العدالة يف الوقت املطلق‪ ،‬يف وقتنا‬ ‫ال�سوري املائل نحو الغروب‪ .‬كيف كنت ت�ستطيعني جلم انهيار‬ ‫الوقت حلظة الرحيل‪ .‬لي�س الوقت للموت ّ‬ ‫قط‪ ..‬املوت حالة‬ ‫طارئة على الوقت‪ ،‬تنهكه فيتوقف‪ ،‬يهبط املوت… ويرحل‬ ‫الوقت يف الوقت‪ .‬لي�س الوقت هو ذاته الزمن‪ ،‬الزمن فيه‬ ‫م�ساحات وا�سعة للحياة واملوت… الزمن كالأوطان قد يكون‬

‫قا�سي ًا وعنيف ًا‪ .‬كيف كنت جتدين الوقت من �أجل االنتباه والوقت‬ ‫من �أجل حفظ الأ�سماء والوقت من �أجل النظر يف الوجوه والعيون‬ ‫واالبت�سامات‪ ،‬الوقت املخ�ص�ص لأحزان الأمهات كيف ا�ستطعت‬ ‫توثيق حلظاته!‪ .‬من يرحلون يومي ًا بعيد ًا عنا حتت التعذيب يف‬ ‫�أقبية التعذيب… كيف كنت جتدين الوقت لتبكي عليهم وعلينا‬ ‫وعلى �سوريا‪ .‬كيف كنت تعتذرين منهم ب�سبب �ضيق الوقت‪ .‬فبني‬ ‫اال�سم واال�سم م�ساحة زمن تت�سع لذرات من الرتاب وذرات من‬ ‫الأمل… وذرات من النظر‪ .‬بني اال�سم واال�سم‪ ،‬م�ستطيل �أعمى‬ ‫مل ي�صح ترابه ّ‬ ‫الغ�ض بعد‪ ،‬مل ي�صبح يف عمر القبور‪ ،‬يتفتح‬ ‫هكذا حتت دعاء ال�سوريني ورجاءاتهم وينهال فيه ج�سد جديد‬ ‫مل ي�صبح يف عمر الرحيل بعد‪ .‬الرحيل الأعمى كيف ا�ستطعت‬ ‫بك وقال‪:‬‬ ‫يديك وثق ِ‬ ‫ر�ؤيته كل يوم… كيف و�ضع مفاتيحه بني ِ‬ ‫ال تن�سي!‪.‬‬ ‫ا�ستطعت توثيق كل هذا الأمل يا رزان! توديع مواطن �سوري‬ ‫كيف‬ ‫ِ‬ ‫�سوري يرحل عن هذه الدنيا يف �أحد �أب�شع و�أ�شر�س‬ ‫�إثر مواطن‬ ‫ّ‬ ‫�أنواع الظلم يف العامل‪� .‬أ�شر�س ما عرفته الب�شرية هو ال�سجن ّثم‬ ‫املوت يف ال�سجن حتت التعذيب‪.‬‬ ‫�صرت جبارة يف‬ ‫ماذا فعلتِ باخليال! ماذا فعلتِ بالواقع! كيف ِ‬ ‫املح ّبة وجب ًال من �صنوبر العدل وحق ًال من �شروق ال�شم�س‪.‬‬ ‫اليوم عددت �شابني اثنني… والبارحة واحد ًا… �أخاف و�أنا‬ ‫�أمل�س �أ�سماءهم �أال �أكون ب�سم ّو انتمائي ل�سوريا وملا ن�صبو �إليه‬ ‫من �أمل م�شرتك‪.‬‬ ‫ال�سجن �صقيع الوقت وجحيم الوطن‪.‬‬ ‫عودي من �صقيع الوقت عودي من جحيم الوطن �إىل الوطن‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫بانتظارك‪.‬‬ ‫�سوريا‬


‫‪14‬‬

‫مقاالت‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪40‬‬

‫السوريون يحتاجون إىل الحماية يف الفضاء االفرتاضي‪:‬‬ ‫أمني سوريا – حملة على وسائل التواصل االجتماعي‬ ‫التقني باسل مطر ‪ -‬مشروع سالمتك‬

‫�سالمتهم الرقمية‪.‬‬ ‫يف الأ�سبوع الأول تتطرق احلملة �إىل مو�ضوع اخل�صو�صية على‬ ‫الإنرتنت وتعالج كحق مقد�س وكم�س�ؤولية �شخ�صية اي�ضا‪ ,‬وتلقي‬ ‫ال�ضور على الإخطار التي حتف بها‪ ,‬وتقدم العديد من الن�صائح‬ ‫واحللول مل�شكالتها‪ .‬ويف الأ�سبوع الثاين تعالج احلملة مو�ضوع‬ ‫االت�صال الآمن بالإنرتنت وعرب الإنرتنت‪ ,‬وت�شرح ماهية املراقبة‬ ‫والتج�س�س على الإنرتنت وعلى تقنيات االت�صاالت‪ ,‬وكيف نتعامل‬ ‫معها لدرء �أخطارها‪� .‬أما الأ�سبوع الثالث فيتمحور حول مو�ضوع‬ ‫حماية احل�سابات الإلكرتونية من ال�ضياع وال�سرقة واالخرتاق‪,‬‬ ‫واالت�صال الآمن بالإنرتنت والآليات التي علينا اتباعها ل�ضمان‬ ‫ذلك والأخطار التي تهدد ح�ساباتنا و�سالمة ات�صالنا بالإنرتنت‪.‬‬ ‫ثم تتطرق احلملة يف �أ�سبوعها الرابع �إىل الهجمات اخلبيثة‬ ‫والوقاية منها وعالج �أثارها يف حال التعر�ض لها‪ ,‬وبعدها‬ ‫يخ�ص�ص �أ�سبوع كامل للخ�صو�صية والأمن على و�سائل التوا�صل‬ ‫االجتماعي‪ .‬يف ال�ساد�س يتم احلديث عن �أمن املعلومات وكيفية‬ ‫تخزينها‪ ,‬وحذفها وا�سرتجاعها ونقلها على نحو ال مي�س بها‬ ‫وب�صاحبها‪� .‬أمن الهاتف النقال هو حمور النقا�ش يف الأ�سبوع‬ ‫الثامن‪ ,‬ثم يخ�ص�ص �أ�سبوع احلملة الأخري �إىل احلديث عن‬ ‫اال�ستخدام الفعال لو�سائل التوا�صل االجتماعي وهو موجه ب�شكل‬ ‫�أ�سا�سي للنا�شطني الإعالميني‪ ,‬حيث تطرح عدد من الق�ضايا‬ ‫واحللول مل�شاكل طاملا عانى منها النا�شطني يف �أي�صال ر�سائلهم‬ ‫�إىل اجلمهور املنا�سب بال�صيغة املنا�سبة‪.‬‬ ‫ي�شارك يف احلملة كل من م�شروع �سالمتك‪ ,‬و�سايرب �أرب�س‪,‬‬ ‫ومكتب اال�ست�شارات الأمنية للثورة ال�سورية ودليل الثائر التقني‬ ‫وجمموعة تقنيون من �أجل احلرية‪ .‬تابعو احلملة على �صفحتها‬ ‫على في�سبوك من خالل هذا الرابط وال تن�سوا �أن تدعوا‬ ‫�أ�صدقاءكم للم�شاركة‪.‬‬

‫مل يعد النظام ال�سوري هو الوحيد الذي يعد على ال�سوريني‬ ‫�أنفا�سهم‪ .‬ففي ال�شهور املن�صرمة‪� ,‬شهدت �ساحات ال�صراع‬ ‫االفرتا�ضية ظهور ًا لقوى �أخرى يف هذا املجال‪ .‬فقد �أعلنت‬ ‫اجلبهة الإ�سالمية‪ ,‬وهي واحدة من �أكرب الف�صائل امل�سلحة يف‬ ‫�سوريا‪ ,‬عن ت�أ�سي�س ذراعا �إلكرتونيا لها‪ ,‬و�سبقتها �إىل ذلك يف‬ ‫العام املا�ضي جبهة الن�صرة‪ ,‬وهي جمموعة مت�شددة ترتبط‬ ‫بتنظيم القاعدة‪ ,‬وكانت حركة �أحرار ال�شام قد �أن�ش�أت ذراعا‬ ‫م�شابهة‪.‬‬ ‫ال تتوفر �أدلة عن تورط هذه الأذرع بعمليات �إلكرتونية �ضد‬ ‫خ�صومهم من طرف النظام �أو �أطراف املعار�ضة الأخرى‪,‬‬ ‫لكن �أحداث اخلطف التي تعر�ض لها الكثري من النا�شطني على‬ ‫يد بع�ض من الف�صائل‪ ,‬تدفعنا لالعتقاد �أن م�صدر الأخطار‬ ‫االفرتا�ضية مل يعد يقت�صر على النظام وجنوده الإلكرتونيني‪.‬‬ ‫فهل �أ�صبح لدينا �أمراء حرب افرتا�ضية كما �أ�صبح لدينا �أمراء‬ ‫حرب فعليني‪.‬‬ ‫�إن تعدد الفاعلني يف الف�ضاء االفرتا�ضي‪ ,‬والفو�ضى الإلكرتونية‬ ‫التي تعك�س الفو�ضى على الأر�ض‪ ,‬تزيد من الأخطار التي‬ ‫تواجه النا�شطني‪ ,‬بل جتعها �أكرث حدة من حيث �صعوبة حتديد‬ ‫م�صدرها‪.‬‬ ‫ونظرا لأهمية الأمر‪ ,‬فقط توحدت جهود عدد من املجموعات‬ ‫التقنية‪ ,‬لتطلق حملة حتت ا�سم �أمني �سوريا‪ ,‬لرفع �سوية الوعي‬ ‫لدى ال�سوريني حول هذه الأخطار‪.‬‬ ‫تتخذ احلملة من في�سبوك حيزا لها‪ ,‬وتهدف �إىل خلق ف�ضاء‬ ‫افرتا�ضي تفاعلي يجمع م�ستخدمي تكنولوجيا املعلومات مع‬ ‫خرباءها بهدف احلوار والتعلم‪.‬‬ ‫متتد احلملة لثمانية �أ�سابيع‪ ,‬وتعالج مو�ضوعا بالتف�صيل‬ ‫وال�شرح امل�ستفي�ض يف كل �أ�سبوع‪ ,‬ويتاح املجال للتلقني للحوار‬ ‫وطرح الأ�سئلة‪ ,‬وتلقي الإجابات‪ .‬ويختتم كل �أ�سبوع مب�سابقة ‪h t t p s : / / w w w . f a c e b o o k . c o m /‬‬ ‫تقنية يح�صل الفائزون فيها على جوائز ت�ساعدهم يف تعزيز ‪events/790268141018647‬‬


‫‪15‬‬

‫طلعنا عالحرية ‪ /‬العدد ‪40‬‬

‫‪Azzam Amin‬‬

‫�سورية بحاجة ما�سة الآن‪� ،‬أكرت من � ّأي وقت م�ضى ‪� :‬إىل‬ ‫و�سلمية غياث مطر وتفاين ملهم‬ ‫بندقية �أبو الفرات ِ‬ ‫ر�ستم وبا�سل �شحادة وعطاء �صالح �صادق و�شجاعة‬ ‫خلدون زين الدين و�سيا�سة عبد العزيز اخلري‪.‬‬ ‫لقد كانوا مبادئ الثورة ال�سورية‪� ،‬إما �أن ن�ستعيدهم‬ ‫و�إما �سيذهب اجلميع (معار�ضة ومواالة) �إىل اجلحيم‪.‬‬ ‫لينا الوفائي‬ ‫عندما ت�شعل النار الخافة االخرين وتقنعهم انك‬ ‫الوحيد القادر على اطفائها ‪ ,‬الت�ستغرب عندما تفقد‬ ‫ال�سيطرة عليها‬ ‫قد علمنا التاريخ اننا ن�ستطيع ان ن�شعل حريقا ولكن قد‬ ‫ال نتمكن من اطفائه‬ ‫داع�ش النار التي امتدت بعد ان ا�شعل نار الطائفية‬ ‫نظام اال�سد‬

‫‪Moklis Wannous‬‬

‫�إذا كان �أدوني�س قد دخل من باب النظام لت�سفيه الثورة‬ ‫و�إنكارها ‪ ،‬ف�إن تالميذه ‪ -‬وهم كرث الآن ‪ -‬قد دخلوا من �شباك‬ ‫داع�ش‪،‬متجاوزين �أ�ستاذهم �إىل ت�سفيه هوية وثقافة �شعوب‬ ‫ب�أكملها وبا�ست�شراقية مقيتة ‪ ،‬مباي�ؤكد نظرية �أن النظام‬ ‫وداع�ش وجهان لعملة واحدة ‪ ،‬متاما كما �أدوني�س وتالميذه ‪.‬‬ ‫علي �سفر‬ ‫اعادة انتاج النخبة‪..‬‬ ‫�أم ٌر بالغ الأهمية‪ ،‬طاملا �أن ال�سائد هو التب�شري باخلراب‪..‬‬ ‫‪Sawsan Raslan‬‬

‫�إنه لي�س طفلي ولكني �س�أبكيه ‪....‬‬ ‫هو لي�س طفلي ولكني مكلومه فيه ‪....‬‬ ‫قد كان �سيحميني يوما ‪..................‬‬ ‫او قد يعاجلني من داء انا فيه‪...............‬‬ ‫‪�........‬صباحكم اطفال حلب ‪......‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.