طلعنا عالحرية / العدد 45

Page 1

‫حرية كرامة مواطنة‬

‫العدد ‪45‬‬

‫تحقيقات‬ ‫«إسرائيل» وحلم التقسيم‪..‬‬ ‫في تطورات األحداث على الجبهة الجنوبية‬

‫تقارير‬

‫مقاالت‬

‫في الغوطة الشرقية‬ ‫توتر ال يحتمل التوتر!‬

‫‪2014 / 9 / 23‬‬

‫زورونا على موقعنا الجديد على االنترنت‬

‫هاني فحص‪ ..‬وداعًا‬ ‫خسارتان قبل التدخل‬ ‫داعش والنظام‪ ..‬منكما نستفيد‬

‫‪www.freedomraise.net‬‬


‫‪2‬‬

‫افتتاحية بقلم‬ ‫ليلى الصفدي‬

‫العدد ‪2014 / 9 / 23 - 45 -‬‬

‫ها قد بدأت الرضبات األمريكية ضد «اإلرهاب»‬ ‫‪ ،‬اإلرهاب الذي مل ولن يشمل اإلرهايب األكرب يف‬ ‫املنطقة‪ ..‬مد ّمر سوريا وقاتل مئات األلوف من‬ ‫أبنائها األبرياء‪.‬‬ ‫حقاً ال تدعو لألسف تلك الرضبات التي يتلقاها‬ ‫ذبيحة الدواعش‪ ،‬لكن هل هم ً‬ ‫فعل من سيتلقون‬ ‫الرضبات؟! أم أنها ستصيب أول من تصيب‬ ‫شعبنا املسكني املكشوف الذي ال زال يرزح تحت‬ ‫نار القصف والترشد منذ ثالث سنوات ويزيد‪.‬‬ ‫واإلدارة األمريكية ال تكذب علينا هذه املرة‪،‬‬ ‫فهي تعدنا بحرب طويلة األمد قد متتد لعرش‬

‫افتتاحية العدد‬

‫مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة‬ ‫تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية‬ ‫ويف بعض مخيامت اللجوء‬

‫سنوات أو أكرث‪ ،‬وهي تقوم مبهمة ال شك أنها‬ ‫تعرف املستفيد منها واملترضر‪ ..‬وقد يكون آخر‬ ‫املترضرين ورمبا أول املستفيدين منها‪ ..‬نظام‬ ‫األسد الذي ال زال يتبجح بسيادته الوطنية تارة‪..‬‬ ‫وبتنسيقه مع التحالف تارة أخرى‪.‬‬ ‫هلل الكثريون من السوريني الذين يعيشون يف‬ ‫الخارج للرضبة األمريكية‪ ..‬كام هللوا سابقاً‬ ‫للرضبة التي مل تقع بعيد مجزرة الكياموي‪..‬‬ ‫وحسها السليم أن‬ ‫إال أن الغالبية تعرف بوعيها ّ‬ ‫العملية ال تعدو أن تكون استكامالً ملخططات‬

‫مرسومة ال تريد إال مزيداً من التدمري وتقسيم‬ ‫سوريا واملنطقة وتشكيل الدويالت الطائفية‬ ‫التي تريض الغرب وتريض «إرسائيل» وتجعلها‬ ‫القوة الوحيدة التي تعربد يف املنطقة بني كيانات‬ ‫ضعيفة متخاصمة‪.‬‬ ‫إنه ملن املؤسف واملؤمل اليوم أن يتضاعف‬ ‫اإلحساس بالعجز عند كافة السوريني الذين ال‬ ‫يستطيعون اإلمساك مبصريهم‪ ،‬ليبدو أن املوقف‬ ‫األكرث انسجاماً هو موقف املتفرج عىل عصابات‬ ‫ودول متقاتلة فوق أنقاض بيوتنا ومزارعنا‪...‬‬ ‫وفوق أشالئنا املحرتقة‪.‬‬


‫في الغوطة الشرقية‬ ‫توتر ال يحتمل التوتر!‬

‫‪3‬‬

‫أسامة نصّار‬

‫العدد ‪2014 / 9 / 23 - 45 -‬‬

‫تشهد الغوطة الرشقية تصعيداً عسكرياً غري مسبوق منذ عيد الفطر املايض‬ ‫الذي اختتم مبجزرة يف دوما راح ضحيتها العرشات معظمهم من األطفال‪.‬‬ ‫وفوق ذلك صار الطريان الحريب ضيفاً ليلياً ثقي ًال يف سامء الغوطة بعد أن‬ ‫كانت صلياته مقترصة عىل النهارات الغوطانية‪.‬‬ ‫ويف األسبوعني األخريين ازداد تواتر غارات الطريان الحريب عىل مناطق‬ ‫سكنية من الغوطة الرشقية خاصة يف مدن دوما وحمورية وعني ترما‪.‬‬ ‫إال أن األيام األخرية شهدت تصعيداً من نوع آخر (داخلياً) عىل األغلب‪.‬‬ ‫فقبل أسابيع قليلة تم التوصل لتشكيل عسكري يجمع ألوية وكتائب‬ ‫عاملة يف الغوطة الرشقية أطلق عليه اسم (جيش األمة)‪ .‬وتبدو املقابلة‬ ‫(اللفظية عىل األقل) واضحة التي تستدعي لألذهان اسم (جيش اإلسالم)‪.‬‬ ‫وزىك هذا االحتامل بيان صادر عن (أو منسوب لـ) الشيخ زهران علوش‬ ‫قائد جيش اإلسالم بعد تشكيل جيش األمة يرفض وجود “رأسني” للجسم‬ ‫الواحد‪.‬‬ ‫وكان قائد جيش اإلسالم قد حرض الوليمة التي أقيمت إلعالن تأسيس‬ ‫جيش األمة‪.‬‬ ‫مساء يوم السبت ‪ 20‬أيلول تناقلت غرف األخبار املهتمة خرب اغتيال بشري‬ ‫األجوة الناطق باسم لواء أسود الغوطة من قبل مجهولني‪ .‬وكان والد‬ ‫املذكور أبو بشري األجوة مؤسس لواء أسود الغوطة قد ُقتل بعيد معارك‬ ‫تحرير الغوطة قبل حوايل سنتني‪ ،‬و ُنسبت الحادثة لنريان (صديقة) أيضاً‪.‬‬ ‫ومل تغب طائرة النظام الحربية عن سامء الغوطة يف الليلة التالية لحادثة‬ ‫التصفية لكن ترافق هديرها مع أصوات إلطالق نار من داخل البلد يف‬ ‫دوما‪.‬‬ ‫تم التشييع مبوكب عسكري تصدّره قائد‬ ‫ويف صباح اليوم التايل (يوم األحد) ّ‬

‫جيش األمة الحاج أبو صبحي طه ومعظم القيادات العسكرية يف التشكيل‬ ‫الجديد الذي كان الفقيد أحد إعالمييه‪.‬‬ ‫وبعد التشييع بدأت أصوات إطالق النار واالشتباكات متأل أرجاء املدينة‪،‬‬ ‫وسمعت أصوات مدافع متوسطة وثقيلة وبعض الشهود تكلموا عن‬ ‫استخدام ‪ RBG‬وقنابل ضد أهداف محددة! وسط إشاعات تقول إن‬ ‫جيش اإلسالم هو املتهم بحادثة االغتيال‪.‬‬ ‫فيام تناقلت غرف األخبار بياناً منسوباً لجيش األمة يعطي أهايل دوما‬ ‫وسائر الغوطة مهلة لسحب أبنائهم من جيش اإلسالم تحت طائلة املالحقة‬ ‫واالستهداف‪ .‬تم الحقاً نفي هذا البيان من قبل جيش األمة‪.‬‬ ‫شهدت ساعات الظهرية يف شوارع مدينة دوما توتراً كبرياً؛ من انتشار‬ ‫للمسلحني بعتادهم الثقيل يف املدينة ونصب حواجز وتفتيش ومساءلة‬ ‫للامرة مع إطالق نار متفرق‪ .‬وتك ّلم شهود عيان أيضاً عن اعتقاالت‬ ‫عشوائية قام بها محسوبون عىل لواء أسود الغوطة طالت عنارص من‬ ‫جيش اإلسالم‪ .‬وباملقابل قام بعض عنارص جيش اإلسالم بتهديدات لعنارص‬ ‫جيش األمة وخاصة لواء أسود الغوطة بحملة عسكرية ضدّهم عىل غرار‬ ‫الحملة التي قام بها جيش اإلسالم مؤخراً ضد (داعش) ووجودها يف‬ ‫الغوطة الرشقية‪ ،‬وذلك يف حال استمرت مامرسات واتهامات املحسوبني‬ ‫عىل لواء أسود الغوطة يف حقّ جيش اإلسالم‪.‬‬ ‫قبل مغيب شمس األحد نجحت الوساطات املستمرة بعقد اجتامع لكل‬ ‫القيادات العسكرية ولبعض رجاالت املدينة‪ ،‬وخلصوا إىل بيان عن تشكيل‬ ‫لجنة تحقيق بقضية االغتيال بإرشاف املجلس القضايئ للغوطة الرشقية‪.‬‬ ‫اعترب مراقبون إسناد األمر للقضاء نهاية للتوتر ووأداً للفتنة‪ .‬فيام رأى‬ ‫آخرون أنه ال يوجد أي ضامن لعدم تكرار مثل هذه الحوادث طاملا بقي‬ ‫الفلتان األمني وفوىض السالح واملحسوبيات تسود املوقف‪.‬‬

‫تقارير‬


‫«إسرائيل» وحلم التقسيم‪..‬‬ ‫‪4‬‬

‫في تطورات األحداث على الجبهة الجنوبية‬ ‫ليلى الصفدي‬

‫العدد ‪2014 / 9 / 23 - 45 -‬‬

‫تحقيقات‬

‫فيام تستمر سيطرة الثوار منذ ما يقارب الشهر‬ ‫عىل معرب القنيطرة ذي األهمية الخاصة عىل‬ ‫خط وقف إطالق النار مع الكيان اإلرسائييل‪ ،‬فإن‬ ‫الثوار يبدون أكرث ثقة يف إنجازهم ويعلنون عن‬ ‫تقدمات عديدة يف املنطقة الجنوبية‪.‬‬ ‫إال أن هذا التقدم يشوبه الكثري من الحذر‬ ‫والرتقب بالنظر إىل الحساسية العالية لهذه‬ ‫املنطقة كخط جبهة‪ ،‬والنوايا اإلرسائيلية املحتملة‬ ‫أو رمبا املخططات املبيتة منذ سنوات طويلة‪.‬‬ ‫وقبل الخوض يف هذا املوضوع الشائك ال بد من‬ ‫التقيص الدقيق حول منجزات الثوار الفعلية‬ ‫وحقيقة تقهقر النظام يف تلك املنطقة‪ ،‬ويف‬ ‫هذا أكد السيد فادي األصمعي ممثل املكتب‬ ‫اإلعالمي للقرى األمامية يف القنيطرة وريفها‬ ‫لطلعنا عالحرية أن “ما يجرى يف القنيطرة‬ ‫عىل الصعيد امليداين تقدم كبري للثوار‪ ،‬وقد تم‬ ‫بسط السيطرة التامة عىل أغلب قرى وبلدات‬ ‫القنيطرة‪ ،‬كام تم تحرير كامل الرسايا التابعة‬ ‫للواء ‪ 90‬أحد أهم وأكرب األلوية عىل خط الجبهة‪،‬‬ ‫والسيطرة عىل جميع الرسايا املنترشة يف القطاع‬ ‫األوسط من املحافظة وقبلها الرسايا التابعة للواء‬ ‫‪ 61‬الذي ال يقل أهمية عن اللواء ‪.”90‬‬ ‫ويضيف‪“ :‬لقد كان هذا العمل مثرة لتوحيد‬ ‫صفوف الثوار الذي مل ُ‬ ‫يخل من فصائل إسالمية‬ ‫انضمت للعمل وشاركت بالتحرير”‪.‬‬ ‫يؤكد هذا الكالم العديد من الناشطني أيضاً‬ ‫عىل جانبي خط وقف إطالق النار‪ ،‬حيث اعترب‬ ‫الدكتور عيل أبو عواد من قرية بقعاثا املحتلة‬ ‫والقريبة من معرب القنيطرة‪ ،‬يف حديث مع طلعنا‬ ‫عالحرية أن “العالمة الحاسمة عىل أن النظام‬ ‫ذهب إىل غري رجعة هو قيام قوات األمم املتحدة‬ ‫بإخالء كافة مواقعها‪ .‬وذلك عىل ما يبدو يتجاوز‬ ‫قلقها عىل حياة أفرادها ويعود اىل تأكدها من‬ ‫سقوط النظام يف القنيطرة‪ ،‬وهو الطرف الضامن‬ ‫التفاقية الفصل لعام ‪ ،1974‬وبالتايل سقوط هذه‬ ‫االتفاقية وانتفاء الحاجة لبقاء هذه القوات”‪.‬‬ ‫ويضيف أبو عواد أن خسارات النظام واالنهيارات‬ ‫املتالحقة ملواقعه تتأكد باألنباء الواردة التي‬ ‫تفيد بقيامه بإخالء مؤسساته الرسمية من مدينة‬

‫الثورة يف ريف القنيطرة إىل دمشق‪ ،‬وإخالئه ملا‬ ‫تبقى من قطعه العسكرية‪ ،‬وتركه للشبيحة‬ ‫ولجان الدفاع الوطني ملواجهة مصريهم”‪.‬‬ ‫ويعترب كثريون أن فشل النظام طوال ما يقارب‬ ‫الشهر يف استعادة معرب القنيطرة تحديداً يشكل‬ ‫مؤرشاً كبرياً عىل ضعفه وعىل حالة الوهن العامة‬ ‫التي يعانيها جنوده‪ ،‬ففشله هذا كام يقول أبو‬ ‫عواد يأيت “رغم ما يشكله األمر من أهمية لديه‬ ‫يف سعيه للحفاظ عىل الظهور مبظهر املتامسك‬ ‫أمام االرسائييل وحلفائه وذلك لتسويق نفسه‬ ‫كرشيك باق ضامن للحدود كام كان عرب عقود”‪.‬‬ ‫كذلك فإن تراجع النظام يف محافظة القنيطرة‬ ‫ترتتب عليه أمور أخرى ذات أهمية عىل جبهات‬ ‫أخرى‪ ،‬يقول اإلعالمي فادي األصمعي أن‬ ‫“السيطرة عىل القنيطرة ومنها إىل ريف درعا‬ ‫الغريب تفتح الطريق إىل الغوطة الغربية‪ ،‬وبالتايل‬ ‫السيطرة عىل طرق اإلمداد من األردن وصوالً إىل‬ ‫الغوطة الغربية‪ ،‬عدا عن الوضع االسرتاتيجي‬ ‫للقنيطرة والجوالن و”إرسائيل” الربيبة املدللة‬ ‫لكل دول الغرب”‪..‬‬ ‫ويف الحديث عن “إرسائيل” يثور السؤال‬ ‫حول نواياها وماذا سيكون موقفها من هذه‬ ‫التطورات؟ وهل باإلمكان أن تقلب الطاولة‬ ‫عىل الثوار وهي التي أمنت حدودها الشاملية‬ ‫بضامنة النظام السوري طوال العقود املاضية؟‬

‫يجيب اإلعالمي فادي األصمعي من القنيطرة أن‬ ‫“الكيان االرسائييل يراقب عن كثب ما يحصل‬ ‫عىل األرض‪ ،‬وجيشه يف حالة من التأهب العايل‬ ‫تم رصد‬ ‫عىل الحدود وهناك استنفار كبري‪ ،‬وقد ّ‬ ‫تحركات آلليات وعتاد عسكري بجانب الرشيط‬ ‫الشائك‪ ،‬ويف األيام املاضية سمحت “إرسائيل”‬ ‫للنظام بخرق األجواء التي كانت محرمة عليه‬ ‫وفق معاهدة جنيف وخط وقف إطالق النار‪،‬‬ ‫وقد رضب قرى عىل الرشيط الفاصل ألول مرة‪،‬‬ ‫األمر الذي يؤكد ماهية التعاون االستخبارايت‬ ‫والعسكري بني النظام والكيان اإلرسائييل”‪.‬‬ ‫ويف ذات السياق يرى الدكتور أبو عواد “أن‬ ‫الثابت يف موقف “إرسائيل” وحلفائها كان العمل‬ ‫عىل منع أي دعم للثورة حيث جميعنا يذكر أن‬ ‫وصول بعض الجرحى يف األشهر األوىل خلق ضجة‬ ‫وتذمراً وتعبرياً رصيحاً عن عدم االستعداد لعالج‬ ‫الجرحى عىل لسان املسؤولني اإلرسائيليني‪ ،‬لكن‬ ‫حالة الحرج من ناحية واملراهنة عىل القادم من‬ ‫ناحية أخرى هو ما جعلها تقدم بعض اإلسعاف‬ ‫للجرحى”‪.‬‬ ‫ويذكر أبو عواد يف هذه املناسبة موقفني صدرا‬ ‫عن شخصيات محسوبة عىل الوسط الثقايف‪،‬‬ ‫أحدهام للكاتب دافيد غروسامن قال فيه‪“ :‬ال‬

‫تتمة في ص ‪12‬‬


‫حرب داعش على كوباني‬ ‫محمود قادر‬

‫‪5‬‬

‫العدد ‪2014 / 9 / 23 - 45 -‬‬

‫تقارير‬

‫كوباين املدينة التي تعرف بعدد سكانها النصف‬ ‫مليون‪ ،‬والتي نالت من حصتها يف ظل الثورة‬ ‫السورية ليس من بطش النظام األسدي وطائراته‬ ‫فقط ّإنا من بطش التنظيم التكفريي الذي‬ ‫ّ‬ ‫يتست خلف ستار الدين واإلسالم “تنظيم الدولة‬ ‫اإلسالمية يف العراق والشام” (داعش)‪.‬‬ ‫هذا التنظيم يحارب األكراد يف مدينة كوباين منذ‬ ‫ما يقارب السنة‪ ،‬وقد فرض حصاره الخانق يف‬ ‫البداية عىل محاور املدينة الثالثة (الرشقي والغريب‬ ‫والجنويب)‪ ،‬أ ّما املنفذ الوحيد الذي بقي أمام‬ ‫الشعب الكردي يف كوباين فهو الجهة الشاملية‬ ‫أي معرب تركيا الحدودي الذي هو أيضاً مغلق من‬ ‫قبل السلطات الرتكية التي ال تسمح ألي مواطن‬ ‫بالعبور ال من أجل الذهاب إىل تركيا وال من أجل‬ ‫التجارة‪.‬‬ ‫ما يقارب العام وتنظيم داعش يحارب ويرضب‬ ‫القرى املحيطة بكوباين‪ ،‬لكن هذه املرة وبالتحديد‬ ‫بتاريخ ‪ 14/9/2014‬بدأ التنظيم هجمته عىل‬ ‫املدينة من ثالثة محاور‪ ،‬واستخدم يف اعتدائه‬ ‫مختلف صنوف األسلحة الثقيلة سيام الدبابات‬

‫واملدافع امليدانية واملتوسطة والتي اغتنموها‬ ‫واستجلبوها من كل من العراق والرقة‪.‬‬ ‫وقد قامت قوات داعش بانتهاك املدنيني ونحرت‬ ‫عدداً منهم كام قامت بحرق منازل يف القرى التي‬ ‫دخلوها ونهبوا ممتلكاتها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫منذ ‪ 16/9/2014‬تشهد املدينة نوعا من الرعب‬ ‫والخوف والتوتر وخاصة بعد نزوح نسبة كبرية‬ ‫من األهايل من قراهم وبيوتهم إىل املدينة بسبب‬ ‫قصف داعش العشوايئ بقذائف املدفعية الثقيلة‪.‬‬ ‫وقد نالت أغلب القرى حصتها من هذه القذائف‬ ‫التي يتم إطالقها عشوائياً دون التمييز بني طفل أو‬ ‫امرأة أو شيخ‪ ..‬ومازالت أصوات املدفعية الثقيلة‬ ‫تصل إىل قلب مدينة كوباين وتدخل الرعب‬ ‫والقلق يف قلوب األهايل وخاصة األطفال والنساء‬ ‫وكبار السن‪.‬‬ ‫بعد تقد ّمهم باتجاه املدينة نزح أكرث من ‪130‬‬ ‫ألف منهم إىل تركيا‪ .‬وهنا نستطيع أن نذكر حالة‬ ‫النزوح األوىل التي بدأت بتاريخ ‪19/9/2014‬‬ ‫عندما لجأ ما يقارب ‪ 45‬ألف مواطن كردي إىل‬ ‫الحدود الرتكية هرباً من بطش تنظيم داعش‬

‫اإلرهايب‪ ،‬وقام الجيش الرتيك مبنع الالجئني من‬ ‫العبور لوال الضغوط التي مورست عليها حيث‬ ‫تم فتح املعرب عند قرية قره التي تبعد عن‬ ‫املدينة حوايل ‪ 18‬كم من جهة الرشق‪ ،‬ومعرب‬ ‫عند قرية تل شعري وآخر عند قرية كازكان‬ ‫ليدخل ما يقارب ‪ 45‬ألف مواطن خالل ساعات‬ ‫إىل األرايض الرتكية‪.‬‬ ‫أعقب ذلك موجة أخرى من الالجئني قدرت‬ ‫بـ ‪ 70‬ألف الجئ كردي سوري وما تزال حالة‬ ‫النزوح مستمرة إىل هذه اللحظة‪.‬‬ ‫وهناك أكرث من خمسني ألف كردي سوري‬ ‫جلهم من األطفال والنساء وكبار السن من‬ ‫أهايل كوباين يفرتشون العراء والحدائق وأرصفة‬ ‫املساجد يف مدينة رسوج الرتكية‪.‬‬ ‫مل تقدم الحكومة الرتكية حتى اللحظة أية‬ ‫مساعدات تذكر توازي حجم احتياجات هؤالء‬ ‫الالجئني‪ .‬كام تقاعست حتى اللحظة حكومة‬ ‫االئتالف الوطني السوري عن تقديم أية‬ ‫مساعدات‪.‬‬


‫قلمي مسمار صدئ‪..‬‬ ‫‪6‬‬

‫علي فاروق‬

‫العدد ‪2014 / 9 / 23 - 45 -‬‬

‫مقاالت‬

‫مل يتابع الكثريون يف الداخل السوري أحداث‬ ‫العدوان اإلرسائييل األخري عىل غزة‪ ،‬بعضهم مل‬ ‫يكن مهت ًام‪ ،‬وبعضهم كان مشغوالً مبتابعة حياته‬ ‫ــ إن جاز تسمية ما نعيشه حيا ًة ــ‪ ،‬وبعضهم‬ ‫منعته ظروف الواقع من متابعة ما يجري‪ ،‬فيام‬ ‫آخرون فضلوا االهتامم مبآسيهم‪ ،‬ومبا يقع عليهم‪،‬‬ ‫وعىل وطنهم من عدوانٍ عىل يد محور ‘‘املقاومة‬ ‫واملامنعة’’‪ ،‬ذاك املحور املكون من نظام األسد‪،‬‬ ‫وحلفائه اإليرانيني‪ ،‬والعراقيني‪ ،‬واللبنانيني‪ ،‬وغريهم‬ ‫من بعض أدعياء القومية‪ ،‬واليسار‪ ،‬والحداثة‪،‬‬ ‫هذا مع أن معظم جمهور ذلك املحور كان يتابع‬ ‫الحرب اإلرسائيلية عىل غزة‪ ،‬ويحدوه عظيم أملٍ‬ ‫يف أن يلقن ‘‘العدو’’ اإلرسائييل حركة املقاومة‬ ‫“حامس”‪ ،‬درساً يجعلها تندم عىل قرارها بعدم‬ ‫مساندة القطب الرئيس يف املحور ــ نظام األسد ــ‬ ‫يف مقاومته‪ ،‬ومامنعته للشعب السوري‪.‬‬ ‫شخصياً‪ ،‬منعني من متابعة العدوان‪ ،‬دون امتناع‬ ‫اهتاممي‪ ،‬وتعاطفي أمران‪ ،‬األول‪ ،‬كان انقطاع‬ ‫التيار الكهربايئ املستمر‪ ،‬الذي وضعني فعلياً‬ ‫خارج حدود معرفة ما يقع‪ ،‬والثاين‪ ،‬انشغايل‬ ‫مبجريات العدوان السوري‪ ،‬وأمر آخر رمبا‪ ،‬متثل يف‬ ‫معرفتي السابقة‪ ،‬وتوقعي املسبق‪ ،‬لوقائع العدوان‬ ‫اإلرسائييل‪ ،‬ومآالته‪ ،‬لذلك تجنبت التعليق عىل‬ ‫ما يقع هناك‪ ،‬عل ًام بأن ما جرى ويجري يف غزة‬ ‫رشح‪ ،‬أو إيضاح‪ ،‬بيد‬ ‫وفلسطني عموماً‪ٌ ،‬‬ ‫غني عن أي ٍ‬ ‫أن ما يقع لدينا هو ما يتطلب كل ذلك‪ ،‬بل وما هو‬ ‫أكرث من ذلك‪ ،‬حيث تستدعي تطورات األحداث‪،‬‬ ‫وتقلباتها املتسارعة منا‪ ،‬نحن املعنيون بها‪،‬‬ ‫واملنخرطون فيها‪ ،‬والخاضعون آلثارها ونتائجها‪،‬‬ ‫جهوداً استثنائي ًة فكري ًة‪ ،‬وجسدي ًة‪ ،‬وعاطفي ًة‪،‬‬ ‫ونفسي ًة‪ ،‬فالصمود يف وجه صنوف املوت اليومي‬ ‫ٌ‬ ‫شاقة‪ ،‬ومحاوالت‬ ‫مضن‪ ،‬واالستمرار‪ ،‬واملقاومة‬ ‫ٍ‬ ‫التكيف‪ ،‬يف ظل اضطراب املشاعر وتخبطها‪ ،‬وتبدل‬ ‫املفاهيم‪ ،‬واألفكار وتصارعها‪ ،‬تستنزف ما بقي‬ ‫وأحاسيس‪.‬‬ ‫اك‪،‬‬ ‫وعي‪ ،‬وإدر ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لدينا من ٍ‬ ‫ومتطلب‪،‬‬ ‫‪،‬‬ ‫متعب‬ ‫يش‬ ‫أكرث‬ ‫أن‬ ‫رمبا‬ ‫يل‬ ‫لكن‪ ،‬يبدو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ومؤملٍ أيضاً‪ ،‬هو اضطرارنا الدائم إلثبات صحة‬ ‫قضيتنا‪ ،‬والدفاع عن وجاهتها‪ ،‬وأحقيتها‪ ،‬فلألسف‬ ‫مل ننجح حتى اآلن‪ ،‬وبعد مرور أكرث من ثالث‬ ‫سنوات يف تقرير أن أفعالنا كانت ثور ًة‪ ،‬ومل نفلح‬ ‫يف الربهنة أن مفهوم الثورة هو من املسلامت‬ ‫العقلية‪ ،‬واإلنسانية‪ ،‬ومل نستطع تحويل ثورتنا إىل‬ ‫قضي ٍة عام ٍة تحوز القبول‪ ،‬واالعرتاف‪ ،‬ومل نتمكن من‬ ‫ومتامسك‪ ،‬يقنع العامل‬ ‫منطقي‪،‬‬ ‫واع‪،‬‬ ‫إنتاج‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫خطاب ٍ‬ ‫ٍ‬

‫باالستجابة لنداء واجباتهم األخالقية‪ ،‬واإلنسانية‪.‬‬ ‫حيث يكون االستبداد‪ ،‬والفساد‪ ،‬والظلم‪ ،‬والتخلف‪،‬‬ ‫والقهر‪ ،‬واملوت‪ ،‬يجب أن تكون ثورة‪..‬‬ ‫لكن يف واقعنا ال يبدو أن توفر كل تلك األسباب‪،‬‬ ‫كانت تكفي ملنحنا األهلية‪ ،‬واالستحقاق للقيام‬ ‫بواحد ٍة‪ ،‬وفض ًال عن ذلك‪ ،‬كنا وال نزال مضطرين‬ ‫لتربير أفعالنا‪ ،‬وتسويغ أسبابنا‪ ،‬والدفاع عن حراكنا‪.‬‬ ‫قلمي مسام ٌر صدئ‪..‬‬ ‫وحربي هو دمي املمزوج بسخام املدخنة‪..‬‬ ‫كان ذلك مطلع رسالة الدكتور “مانيت” نزيل‬ ‫سجن “الباستيل” يف رواية الكاتب “ديكنز”‪‘‘ ،‬قصة‬ ‫مدينتني’’‪ ،‬الحقا‪ ً،‬استغل ‘‘ثوا ٌر’’ رسالة “مانيت”‬ ‫تلك‪ ،‬كدليلٍ إلدانة رجلٍ بري ٍء‪.‬‬ ‫يف سوريا يوجد آالف‪ ،‬وماليني دكتور “مانيت”‪ ،‬رمبا‪،‬‬ ‫ورسعان ما ستستغل رسائلهم املكتوبة بدمائهم‪،‬‬ ‫أيضاً‪ ،‬وثورتهم النازفة‪ ،‬لتجرميهم واتهامهم بتخريب‬ ‫بالدهم‪ ،‬وخلق ‘‘الداعشية’’‪ ،‬واإلرهاب‪!..‬‬ ‫تطلب الدفاع بداي ًة‪ ،‬ويف املستوى األول‪ ،‬ملقارعة‬ ‫ذرائع املؤيدين‪ ،‬الذين كانت حججهم تتمظهر‬ ‫عىل شكل تساؤالت غالفها ‘‘الرباءة’’‪ ،‬وباطنها‬ ‫املراوغة والخبث‪ ،‬كتساؤلهم‪ :‬كيف تثورون عىل‬ ‫مقاوم؟ كيف تخرجون من املساجد؟ كيف‬ ‫رئيس‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تصيحون بالتكبري؟ كيف تستنجدون بالتدخل‬ ‫األجنبي؟ كيف تحملون السالح ضد النظام؟‪.‬‬ ‫يف املستوى الثاين تطلب األمر الدفاع أمام العامل‬ ‫الخارجي‪ ،‬الذي سارع أكرثه العتبار الحراك حرباً‬ ‫أهلي ًة‪ ،‬ورصاعاً بني السنة والعلويني‪ ،‬وسعياً من قبل‬ ‫حركات اإلسالم السيايس لركوب موجات التغيري‪،‬‬ ‫والوصول للحكم‪.‬‬ ‫لكن يف املستوى الثالث أصبح األمر أعقد‪ ،‬فالثورة‬ ‫وجامعات‬ ‫اآلن مضطرة للتربير‪ ،‬والدفاع أمام أفرا ٍد‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫أيدتها‪ ،‬وشاركت فيها سابقاً‪ ،‬قبل أن تغادرها‪ ،‬بعدما‬ ‫أسهمت بقسط كب ٍري يف إفسادها‪ ،‬واستغاللها‪.‬‬ ‫بعدما اشتد الخطر‪ ،‬وارتفع مستوى‪ ،‬وحجم‬ ‫التضحيات املطلوبة‪ ،‬أدرك أولئك أنهم غري‬ ‫مستعدون للبذل‪ ،‬وتأكد لهم أن سقوط النظام‬ ‫بعيدٌ ‪ ،‬وأن فرصهم يف الوصول للسلطة‪ ،‬دونها‬ ‫ٌ‬ ‫مشاق‪ ،‬لذلك فضلوا التربؤ من الثورة‪ ،‬ولتجميل‬ ‫خيارهم‪ ،‬رفعوا أصواتهم بذرائع املؤيدين‪ ،‬من قبيل‬ ‫توسد السالح‪ ،‬وتسيد اإلسالميني للمشهد‪ ،‬وطائفية‬ ‫مفرتضة للثائرين‪ ،‬وأضافوا إليها حجة فشل الثورة‬ ‫نظام بديلٍ ‪ ،‬وظهور االنفالت‪ ،‬وانتشار‬ ‫يف تأسيس ٍ‬ ‫الفوىض‪ ،‬وإجرام بعض الثوار و‘‘تشبيحهم’’‪ ،‬وأخريا‪ً،‬‬ ‫ذريعتهم ظهور “داعش”‪.‬‬ ‫ترى هل ينفع القول ألولئك‪ ،‬وغريهم‪ ،‬أن الثورة‬

‫باألساس ليست نظاماً‪ ،‬وال منوذجاً جاهزاً‪ ،‬وأن‬ ‫ٌ‬ ‫الثورة ٌ‬ ‫وحركة مستمر ٌة‪ ،‬وأنها سلسلة أحداث‬ ‫فعل‪،‬‬ ‫وقطع مع‬ ‫متفاعلة‪ ،‬وأنها استيالد أنساق جديدة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫هياكل‪ ،‬وبنى‪ .‬وتأسيس مفاهيم‪ ،‬وأنها قبل أي يش ٍء‬ ‫ٌ‬ ‫انشغال بالواقع‪ ،‬ملحاولة فهمه‪ ،‬وتغيريه؟‬ ‫وهل يجدي أيضاً‪ ،‬القول‪ :‬أن مسيو ومدام “دوفارج”‬ ‫املختلقان‪ ،‬و”روبسبري” الواقعي يف الثورة الفرنسية‪،‬‬ ‫و”فالدميري لينني”‪ ،‬و”ليو تروتسيك” مؤسس الجيش‬ ‫األحمر‪ ،‬يف الثورة البلشفية‪ ،‬قد مارسوا ‘‘داعشية’’‬ ‫القتل‪ ،‬والتهجري‪ ،‬والسجن ضد اآلالف من خصومهم‪،‬‬ ‫ومناوئيهم؟ وهل ينفع التذكري أن تلك الثورتني‬ ‫استمرتا لسنني طويلة‪ ،‬وأدتا إىل تدمري‪ ،‬وتخريب‬ ‫البلدين‪ ،‬قبل أن ينهضا من جدي ٍد‪ ،‬وقبل أن يتضح‬ ‫أن تلك الثورات قد غريت وجه العامل؟‬ ‫ماذا نفعل إن كنا قد استنجدنا مراراً بقوى العامل‬ ‫الحر‪ ،‬فأعرض الجميع‪ ،‬واستجاب الجهاديون؟‬ ‫حرب مقدس ٍة إلقامة‬ ‫لكنهم أردوا تحويل ثورتنا إىل ٍ‬ ‫الخالفة؟‬ ‫هل كان ذلك ذنبنا؟ وهل حقاً نحن امللومون؟‬ ‫بيد أن قدرنا رمبا‪ ،‬أن يكون انعتاقنا وتحررنا‪ ،‬محكوماً‬ ‫مبمرين إجباريني للموت‪‘‘ ،‬النظامي’’ و‘‘الداعيش’’‪،‬‬ ‫وعليه‪ ،‬قد يكون املوت مآلنا األخري‪ ،‬فهل نتوقف‬ ‫ونرضخ للنظام‪ ،‬أو نسري يف ركب ‘‘داعش’’ ؟‬ ‫واآلن يقرر قادة العامل أن يجهزونا ملحاربة‬ ‫“داعش”‪ ،‬التي تسببوا يف إيجادها‪ ،‬ال ألنها تقتلنا‪،‬‬ ‫بل ألنها باتت تهددهم‪ ..‬هل توجد ‘‘داعشية’’ أكرث‬ ‫من هذا؟‬ ‫األسبوع املايض سألني “عبيدة”‪ ،‬الذي خرب مقاتيل‬ ‫‘‘الدولة’’ يف جرود القلمون‪ ،‬إن ُخريت بني النظام‬ ‫و”داعش” فمن سأختار؟‪ ،‬أختار “داعش”‪ ،‬أجبت‪..‬‬ ‫خريين أيضاً‪ ،‬بني “داعش” و”زهران علوش”‪ ،‬مجدداً‪،‬‬ ‫اخرتت‪“ ،‬داعش”‪ .‬هذا اختيار العدم‪..‬‬ ‫بيد أنني أفضل قطع رأيس‪ ،‬تطهرياً للذنوب‪ ،‬أو‬ ‫تطهرياً لألرض مني‪ ،‬عىل العيش يف ظل النظام‪ ،‬أو‬ ‫تحت حكم من يضاهيه سلطوياً‪.‬‬ ‫وال شك أن كل ما يعرضه الواقع اآلن ال يتجاوز‬ ‫الخيارات العدمية‪ .‬بعد هذا‪ ،‬هل من وجاه ٍة‬ ‫للسؤال عن الثورة‪ ،‬أو عن فشلها‪ ،‬أو انتصارها؟‬ ‫ٌ‬ ‫صدئة‬ ‫أقالمنا مسام ٌري‬ ‫وحربنا هو دماؤنا املمزوجة بسخام العمر املحرتق‬ ‫وألواحنا هي أشالء أصدقائنا التي مزقتها صواريخ‬ ‫الطائرات‬ ‫وفضائنا هو صدور أطفالٍ امتألت بالسارين‬ ‫والكلور‪..‬‬ ‫وال يشء يبدو بعد‪ ،‬أنه يهم أكرث‪..‬‬


‫هاني فحص‪ ..‬وداعًا‬ ‫فادي محمد‬

‫‪7‬‬

‫العدد ‪2014 / 9 / 23 - 45 -‬‬

‫“ان بومة منريفا ال تبدأ بالطريان اال بعد سدول الظالم”‪ ،‬هكذا يصف هيجل‬ ‫رجل املعرفة‪ ،‬االنسان املفكر‪ ،‬بومة منريفا التي هي رمز للحكمة‪ ،‬تجسيدها عرب‬ ‫التاريخ قلة ممن عشقوا الحقيقة وانحازوا للحق‪ ،‬قلة ممن رأوا ما هو أعىل من‬ ‫تصورات الناس املبارشة البسيطة لكنها الخطرية‪ ،‬خطرية نعم ألنها فاعلة‪ ،‬وهي‬ ‫فاعلة باتجاهني وجزء كبري منها قد يكون ظالما‪.‬‬ ‫نعم قلة هم من استطاعوا الخروج عام هو مبارش من تصورات الناس‬ ‫وأوهامهم‪ ،‬ويف لحظة الخروج بدأ بناء املعرفة الصاحية “املعرفة األنجع‪،‬‬ ‫املعرفة األعمق‪ ،‬املعرفة األوسع‪ ،‬املعرفة األجدى‪ ،‬واملعرفة التي تنتج معرفة‬ ‫باستمرار‪ ،‬تجدد نفسها باألسئلة”‪.‬‬

‫هذه املعرفة التي أرادها املفكر هاين فحص‪ ،‬الذي رأى فعال ما هو خطري لدى الناس‪،‬‬ ‫هوياتهم واعتبارهم أن تلك الهوية هي الكينونة والجوهر‪ .‬رأى عرب هذه الهويات الساكنة‬ ‫والثابتة تحول البرش يف مجتمعاتنا اىل جزر معزولة‪ ،‬متنافرة‪ ،‬ومعادية لبعضها البعض‪،‬‬ ‫وهاجسها هو السلطة “الهوية الحرصية‪ ،‬الهوية االختزالية‪ ،‬هاجسها السلطة‪ ،‬والسلطة تقوم‬ ‫عىل إلغاء اآلخر‪ ،‬وعىل نفيه”‪.‬‬ ‫هذا االلتقاط الرائع ألزمة الزمتنا قرون طويلة‪ ،‬التقاط جاوز الوصف ليكون نقدا‪ ،‬والنقد‬ ‫هو بداية تلمس الحل‪ .‬ومالمح الحل عند فقيدنا ليست أبدا بنكرانه عن الناس هوياتهم‬ ‫ومسلامتهم وثوابتهم‪“ :‬أنا ال أريد أن الغي الثوابت‪ ،‬العكس من ال ثابت له‪ ،‬ال متغري له”‪ ،‬بل‬ ‫بالضبط عرب االنفتاح عىل اآلخر‪.‬‬ ‫ليس االنفتاح هنا من باب املجاملة أو املواربة‪ ..‬بل هو حيثية معرفية عميقة “رأيي أن‬ ‫الهوية صريورة؛ ألنها مركبة‪ ،‬البعد الواحد قاتل يف الفرد ويف الجامعة‪ ،‬واآلخر رشط ملعرفة‬ ‫الذات‪ ،‬اآلخر مكون يف الهوية؛ أي آخر”‪.‬‬ ‫عرب االنفتاح عىل اآلخر نتحول من الهوية البسيطة اىل الهوية املركبة التي يصنعها اآلخر‬ ‫“اآلخر ليس عابرا يف وعيي وتكويني‪ ،‬اآلخر املختلف هو ساكن ومقيم يف عقيل‪ ،‬ومقيم يف‬ ‫قلبي‪ ،‬هو سؤال يلزمني يوميا أن أتعرف إىل ذايت‪ ،‬وأن أفكك الصورة النمطية لذايت عن ذايت‪،‬‬ ‫وأن أؤهلها ألن تصبح رشطا لآلخر؛ فهذه هي الهوية املركبة”‪ ،‬والهوية املركبة هي مرشوع‬ ‫كبري هاجسها الدولة ألنها عقد بني الذات واآلخر‪ ،‬ليس عقدا تربره املنفعة أو املصلحة امنا‬ ‫عقدا رشطيا‪ ،‬مبعنى ال وجود يل دون اآلخر‪ ،‬أو مبعنى أصح‪ ..‬إن سعيي إلنهاء اآلخر هو‬ ‫بالضبط اعدام ذايت‪.‬‬

‫هكذا اختطف أطفال كوباني‬ ‫‪ 150‬طفالً من طلبة كوباني ال زالوا رهن‬ ‫االحتجاز لدى داعش منذ شهور‬ ‫تحقيق لمكتب الرصد والتوثيق في مركز‬ ‫التآخي للديمقراطية والمجتمع المدني‬

‫مقاالت‪/‬تقارير‬

‫منذ عامني ن ّقلت الحكومة السورية مراكز تقديم االمتحانات لشهاديت التعليم‬ ‫بكل أقسامها إىل مركز املحافظة يف حلب‪ ،‬مام أجرب عدداً كبرياً‬ ‫األسايس والثانوية ّ‬ ‫من الطالب عىل عدم تقديم االمتحانات للعام الدرايس ‪ .2013 – 2012‬ومع اقرتاب‬ ‫امتحانات العام ‪ 2014‬أعلن بعض املدرسني أن باستطاعتهم تأمني مواصالت ومكان‬ ‫إقامة ملَن يرغب بتقديم االمتحانات يف املحافظة‪ ،‬رشط ّأن يت ّعهد ويل أمر الطالب‬ ‫للمد ّرس بأ ّنه ال يستطيع أن يحميهم من (القضاء والقدر)‪ ،‬وما يصيب أي طالب‬ ‫يصيبهم عىل الطريق‪.‬‬ ‫وكام هي العادة عندما يخرج أحد من كوباين فإن عليه أن يأخذ موافقة أسايش‬ ‫املدينة‪ ،‬وعندما ذهب أولياء أمور الطالب إىل مركز األسايش قاموا بدورهم‬ ‫بتحذيرهم بحجة األوضاع الصعبة التي تعيشها املنطقة‪ ،‬خاصة أن «داعش» كانت‬ ‫تقوم باعتقال َمن يعود إىل كوباين من حلب‪ ،‬ورغم ذلك أعطوهم ترصيح الخروج‪.‬‬ ‫وقبل أن ينتهي الطالب من تقديم االمتحانات تواصل فرع الهالل األحمر العريب‬ ‫السوري مع املدرسني بغية مساعدتهم للطالب يف العودة إىل كوباين عن طريق بوابة‬ ‫ثم إدخالهم منها‪ .‬إال أن املدرسني مل يستجيبوا‬ ‫باب السالم الحدودية مع تركيا ومن ّ‬ ‫لدعوة الهالل‪.‬‬ ‫ويف يوم الخميس ‪ 2014 / 5 / 29‬وبعد انتهاء الطالب من آخر مادة لهم يف حلب‬ ‫تج ّمعوا للعودة إىل أهاليهم يف كوباين‪ ،‬وتم نقلهم يف الرسافيس التي تجاوزت‬ ‫العرشين وحافلتني‪ .‬وعند وصولهم إىل حاجز تنظيم الدولة اإلسالمية يف العراق‬ ‫والشام « داعش» يف منبج بريف حلب حوايل الساعة الثامنة مساء حسب شهود‬ ‫عيان‪ُ ،‬طلب منهم عىل الحاجز البقاء يف املدينة ألن هناك اشتباكات عىل الطريق‪،‬‬ ‫عىل أن يكملوا رحلتهم يف الصباح الباكر‪ .‬وحسب ما رواه بعض الطلبة من اإلناث‬

‫بأن أمري التنظيم قد جاء إليهن وأخربهن بأن يعدن إىل حلب‪ .‬طبعا فقط الصبايا مع‬ ‫اإلبقاء عىل الشباب محتجزين لديهم‪ ،‬عىل أن يتم التحقيق معهم وهذا ما أكدته‬ ‫الطالبات‪.‬‬ ‫وأفادت رواية الطالبات بأن أعضاءاً من التنظيم قد جلبوا لهن سيارات لتعيدهن إىل‬ ‫مدينة حلب دون أن يتعرضن ألي مضايقات‪ .‬وفور وصولهن إىل حلب كان الهالل‬ ‫األحمر يف استقبالهن ووضعوهن يف مدرسة يف حي الحمدانية الثالث‪ ،‬وذكرن أيضاً بان‬ ‫عدد الطالب املحتجزين ال يقل عن ‪ 150‬طالباً‪.‬‬ ‫ويف اليوم التايل وعن طريق بعض األشخاص الذين متكنوا من زيارة الطالب أكدوا‬ ‫بأنهم يف مدرسة الرشيعة يف منبج رهن االحتجاز اىل أن يتم تعليمهم الصالة‪ ،‬وقيل‬ ‫بأنهم عندما يسألون الحرس عن سبب االعتقال أو عن وقت إطالق رساحهم يقولون‬ ‫إنهم ال ميلكون أي صالحية وكل الصالحيات بيد األمري العام‪.‬‬ ‫يف يوم االثنني ‪ 2/6/2014‬متكن طال َبان من الهرب من املدرسة‪ ،‬وعند سؤالهام عن‬ ‫طريقة هروبهام قال (خ) بأن مجموعة من التنظيم كانت ترشف عىل تعليمهم الصالة‬ ‫وأمور الدين‪« ،‬وعند تبديلهم وجدنا يف باحة املدرسة سل ًام فتسلقناه وذهبنا إىل‬ ‫مكتب نقل وأخربنا صاحب املكتب عن قصتنا‪ ،‬وهو بدوره ساعدنا يف تامني سيارة‬ ‫تقلنا إىل جرابلس‪ .‬لنلتقي أهلنا الحقاً ونخربهم بأن جميع الطالب بخري وبصحة‬ ‫جيدة»‪.‬‬ ‫يف ‪ 2014 / 6 / 28‬أفرجت داعش عن خمسة عرش منهم‪.‬‬ ‫يف يوم الخميس ‪ 2014 / 7 / 10‬كانت هناك صفقة لتبادل األرسى والجثث بني الدولة‬ ‫اإلسالمية يف العراق والشام يف منبج و قوات الحامية الشعبية يف كوباين‪ ،‬إال أنها باءت‬ ‫بالفشل لتنصل داعش من االتفاق واليزال هؤالء الفتية رهن االحتجاز‪.‬‬


‫خسارتان قبل التدخل‬ ‫‪8‬‬

‫ماهر مسعود‬

‫العدد ‪2014 / 9 / 23 - 45 -‬‬

‫مقاالت‬

‫كانت تجربة الثورة السورية حداً فاص ًال يف‬ ‫الربيع العريب‪ ،‬والنظام الدويل عىل حد سواء‪.‬‬ ‫وقبل الحديث عن أية نتائج للتدخل العسكري‬ ‫القادم‪ ،‬إن كانت ستصيب اإلرهاب اإلسالمي‬ ‫األصويل فحسب‪ ،‬أو ستمتد نحو اإلرهاب‬ ‫“العلامين” يف (آخر معاقل العلامنية)‪ .‬وقبل‬ ‫الحديث أيضاً عن الجوانب املظلمة أو املضيئة‬ ‫للتدخل‪ ،‬ال بد من الحديث عن الخسارات‬ ‫التي مل تتضح بعد نتائجها املستقبلية يف سوريا‬ ‫واملنطقة والعامل‪.‬‬ ‫الخسارة األوىل؛ وهي خسارة مركبة‪ ،‬تولدت‬ ‫عن عنف النظام السوري الهائل تجاه‬ ‫محكوميه‪ .‬فباإلضافة لخسارة مئات آالف‬ ‫الشهداء واملفقودين السوريني‪ ،‬ودمار البلد‬ ‫ونزوح نصف سكانه‪ ،‬وخراب البنى االجتامعية‪،‬‬ ‫وظهور “جيل ضائع” من األطفال املحرومني‬ ‫من األمان والتعليم والصحة والحياة النفسية‬ ‫املعقولة‪ ،..‬هناك خسارة الثورات وشعوب‬ ‫“الربيع العريب” ألي أفق سلمي طامح للتغري‬ ‫باألدوات السلمية والسياسية واملدنية‪.‬‬ ‫لقد أعطى السوريون عربة لباقي شعوب‬ ‫املنطقة‪ ،‬أن مثن التغيري‪ ،‬أكرب بكثري من رغبة‬ ‫التغيري وطموحات العيش الحر الكريم التي‬ ‫خرجت شعوبنا صادقة لقيامها‪ ،‬وذلك مع‬ ‫وجود أنظمة‪ ،‬عدوها الوجودي األول هو‬ ‫الشعوب‪ ،‬وحربها الوحيدة التي تستحق‬ ‫الحرب‪ ،‬هي الحرب عىل الشعب‪ ،‬وأن السياسة‬ ‫ُوجدت للتفاوض “عىل الشعب” مع إرسائيل‬ ‫وباقي دول العامل‪ ،‬ال للتفاوض “مع الشعب”‪.‬‬ ‫وغالباً ما نجد أن العربة التي ُنقلت؛ أو تم‬ ‫انتقالها‪ ،‬لشعوب العامل العريب‪ ،‬بعد أن رأت‬ ‫ما حصل للسوريني يف ثورتهم التاريخية‪ ،‬هي‬ ‫أن الهروب من الحرية نحو أحضان االستقرار‬ ‫الديكتاتوري واألمان الكاذب‪( ،‬مثلام حصل يف‬ ‫مرص) ما زال أهون من الثمن الباهظ للحرية‬ ‫يف عامل ساقط‪ ،‬وأنظمة ال وطنية‪ ،‬ونخب غري‬ ‫مؤسسة وال مؤهلة مسبقاً للقيادة‪.‬‬ ‫كام أعطى النظام السوري مثاالً حياً لباقي‬ ‫األنظمة التي كانت مؤهلة لثورات الشعوب‬

‫ضدها‪ ،‬أن القتل واإلبادة واملجازر ليست أشياء‬ ‫بتلك األهمية‪ .‬املهم أن تتعلموا كيفية القتل‬ ‫املتصاعد‪ ،‬وكيفية التفاوض مع الكبار عىل دماء‬ ‫شعوبكم‪ ،‬وكيفية خلق الوحش يف اإلنسان‬ ‫السلمي البسيط إن أردتم قتله برشعية دولية‪،‬‬ ‫وخلق اإلرهاب من صلب االعتدال إن أردتم‬ ‫مساعدة العامل لكم‪.‬‬ ‫خرست شعوب العامل العريب‪ ،‬منذ الثورة‬ ‫السورية‪ ،‬آفاق التغيري الثوري السلمي‪ ،‬عندما‬ ‫أثبت النظام السوري بأنه يفاوض الشيطان‬ ‫األكرب واألصغر واملتوسط؛ بل كل شياطني‬ ‫الدنيا‪ ،‬وال يفاوض شعبه عىل تقاسم السلطة‬ ‫املوروثة‪ ،‬لكن املنتخبة أيضاً‪ ،‬إن أخذنا رأي‬ ‫أدونيس بعني االعتبار‪ .‬مثلام أثبت اإلسالم‬ ‫السيايس يف بالدنا الشاسعة من املحيط إىل‬ ‫الخليج‪ ،‬أن أحالم الشعوب بالكرامة والحرية‬ ‫والدميقراطية والدولة املدنية‪ ،‬ليست أحالمه‪،‬‬ ‫بل إن حلمه األول واألكرب هو الجلوس مكان‬ ‫األنظمة العسكرية الحاكمة‪ ،‬وإحالل الطغيان‬ ‫الديني مكان الطغيان “العلامين‪/‬العسكري”‬ ‫لألنظمة القامئة‪.‬‬ ‫الخسارة الثانية كانت نتيجة َت ُ‬ ‫عطل “النظام‬ ‫العاملي الجديد” الذي قام يف تسعينيات القرن‬ ‫املايض عىل أنقاض الحرب الباردة‪ ،‬وأرىس مبدأ‬ ‫التدخل اإلنساين‪ ،‬بتفويض من األمم املتحدة‬ ‫ومجلس األمن‪ ،‬خارج إرادة الدول ذات‬ ‫السيادة‪ ،‬وذلك عندما تقوم تلك الدول بانتهاك‬ ‫صارخ ضد حقوق اإلنسان‪ ،‬مثلام حصل يف‬ ‫يوغوسالفيا السابقة ويحصل منذ أربع سنوات‬ ‫يف سوريا‪.‬‬ ‫إن الصعود الرويس والصيني عىل س ّلم النظام‬ ‫الرأساميل‪ ،‬مح ّملني بإرث سيايس شيوعي شمويل‬ ‫واقتصاد مرسمل‪ ،‬ويف محاولة بائسة لتفكيك‬ ‫القطب األمرييك األوحد‪ ،‬واحتالل الصدارة يف‬ ‫عامل أرادوه متعدد األقطاب‪ .‬والرتاخي األمرييك‬ ‫املرن مع تلك املحاولة‪ ،‬جعل مجلس األمن يبدو‬ ‫مشلوالً واألمم املتحدة تكتفي بالقلق واإلغاثة‪،‬‬ ‫وجعل دوالً مارقة كإيران‪ ،‬أو ميليشيات طائفية‬ ‫كحزب الله‪ ،‬تبدو أكرب من حجمها الطبيعي‪.‬‬

‫إال أن ما يبدو نوع من مكر التاريخ‪ ،‬هو أن‬ ‫أمريكا األقوى عاملياً تبقى املستفيد األكرب من‬ ‫كل ما حصل ويحصل‪ ،‬دون أن تستفيد الدول‬ ‫الشمولية واملارقة؛ يف مشاريعها الكربى‪ ،‬أي‬ ‫يشء يذكر‪ ،‬فروسيا تخرج محارصة ومعاقبة‬ ‫أوروبياً باقتصادها‪ ،‬وإيران يف طور التخيل عن‬ ‫مرشوعها النووي‪ ،‬وفشل مرشوعها اإلقليمي‪.‬‬ ‫أما سوريا التي سلمت سالحها الكياموي‪،‬‬ ‫وحزب الله الذي خرس املقاومة والحاضنة‬ ‫واألهمية‪ ،‬فهؤالء ليسوا سوى أدوات للعب‪،‬‬ ‫ال مشاريع مستقلة أو ذي أهمية يف النظام‬ ‫الدويل‪ ،‬القديم أو املتجدد‪.‬‬ ‫ما نريد توضيحه هو أن العطالة “املؤقتة”‬ ‫التي ظهرت يف النظام العاملي‪ ،‬والشلل “غري‬ ‫الربيء” ملجلس األمن الدويل‪ ،‬مل يدفع أمثانهام‬ ‫دماً سوى الشعب السوري وحيداً‪ .‬فإجهاض‬ ‫الثورات العربية‪ ،‬التي كانت يف طور التمدد‪،‬‬ ‫لوال املثال السوري يسء النتائج‪ ،‬كام انتقال‬ ‫الثورات من طور الرصاع “مع” دولة السلطة‪،‬‬ ‫لبناء دولة املواطنة‪ ،‬إىل الرصاع “عىل” الدولة‬ ‫بعد انتشار الطائفية وظهور التطرف السني‬ ‫والشيعي كحلقتي رصاع ما فوق الدولة‪ ،‬وما‬ ‫دون الوطنية‪ ..‬كل ذلك مل يدفع أمثانه ا ُمل ّرة‬ ‫واملأساوية أحد مثلام فعل الشعب السوري‪.‬‬ ‫إن التدخل الدويل املتأخر‪ ،‬والقادم اليوم تحت‬ ‫القيادة األمريكية‪ ،‬هو أسوأ أشكال التدخل‬ ‫قياساً بأحالم السوريني وشعوب املنطقة‪ ،‬فمع‬ ‫كونه سيفيض‪ ،‬بشكل مبارش أو غري مبارش‪ ،‬إىل‬ ‫إسقاط النظام السوري‪ ،‬إال أنه يرتك عىل كاهل‬ ‫السوريني املفتتني اليوم؛ والذين ُتركوا وحدهم‬

‫دون حامية لسنوات‪ ،‬ذلك الحمل الثقيل بتجاوز‬ ‫الجراح وبناء دولة قابلة للحياة‪ ،‬وبغض النظر‬ ‫عن النظام السيايس الذي ميكن صناعته مستقب ًال‬ ‫إن كان نظاماً مركزياً أو ال مركزياً‪ ،‬فيدرالياً مثل‬ ‫العراق‪ ،‬أو نظام محاصصة طائفية مثل لبنان‪ ،‬إال‬ ‫أن املهمة األصعب يف تقديرنا‪ ،‬هي صناعة الدولة‬ ‫الوطنية‪ ،‬دولة القانون واملؤسسات‪ ،‬يف ظل الرشخ‬ ‫الوجودي بني السوريني‪ ،‬الذي خلقته سنوات القهر‬ ‫والخذالن والخراب املاضية‪.‬‬


‫داعش والنظام‪ ...‬منكما نستفيد‬ ‫أبو القاسم السوري‬

‫العدد ‪2014 / 9 / 23 - 45 -‬‬

‫مقاالت‬

‫ان املراقب اليوم للساحة السورية يرى هناك ثالثة اطراف تتجاذب النطاق‬ ‫الجغرايف السوري‪ ،‬وهي قوى الثورة بكل اطيافها والنظام وداعش‪ ،‬وال بد‬ ‫ألحدى هذه االطراف من أن يحسم نتيجة الرصاع‪ ،‬ألن النطاق الجغرايف‬ ‫السوري ال ميكن ان يتسع ألكرث من واحد من هذه االطراف‪ .‬فالطبيعة‬ ‫الحاكمة للرصاع بني هذه االطراف هي من الطبيعية الصفرية‪ ،‬لذلك فإن بقاء‬ ‫هذه االطراف أو اثنني منهام عىل االقل سيؤدي بالنتيجة اىل استمرار الرصاع إىل‬ ‫ما ال نهاية‪ ،‬ورغم ان مرشوع الثورة هو املرشوع الرشعي بني هذه املشاريع‬ ‫والذي يفرتض به أن يحسم هذا الرصاع لصالحه اال ان هذا املرشوع عجز عىل‬ ‫امتداد اكرث من ثالثة اعوام عن تنفيذ هذا االمر وذلك يعود بشكل اسايس اىل‬ ‫عاملني اساسني وهام‪:‬‬ ‫اوال‪ :‬عوامل ضعف ذاتية تنتاب مرشوع الثورة والكل يدركها ويعييها جيدًا‪،‬‬ ‫ومنها الترشذم واالجندات واملال السيايس وغياب القيادة السياسية والعسكرية‬ ‫القادرة عىل إدارة دفة هذا املرشوع‪ ،‬وغريها من امراض‪ ،‬والكل يدرك هذه‬ ‫الحقائق والكل يجيد توصيف الواقع وتحليل مشكالته ومآسيه واسبابه‬ ‫ودوافعه وارهاصاته ونتائجه‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬عوامل قوة يشرتك بها مرشوعا النظام وداعش وان اختلفت اشكال‬ ‫والوان كل من هذين املرشوعني‪ ،‬ولعل السمة االساسية التي ميتاز بهام هذان‬ ‫املرشوعان ويفتقدهام مرشوع الثورة هو فكرة الدولة وطرق بنائها وادارتها‬ ‫وبناء مؤسساتها‪ ،‬أي باملخترص العمل مبنطق الدولة وميكن تلمس هذا االمر‬ ‫من خالل ثالثة مؤرشات اساسية وهي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬املرشوع الجامع‬ ‫ً‬ ‫فكال من النظام وداعش ميلك مرشوعا واضحا لبناء دولة تحقق له مرشوعه‬ ‫وان اختلفت من حيث الشكل او املضمون‪ ،‬فالنظام يريد دولة تحقق له‬ ‫استمرار بقاء نظامه الديكتاتوري وتحفظ له تسلطه عىل رقاب السوريني‪،‬‬ ‫والكل يرى تطبيقات هذا النموذج يف مناطق سيطرة النظام‪ .‬وداعش يف نفس‬ ‫الوقت لديها مرشوع ظالمي تحت يافطة بناء دولة الخالفة‪ ،‬وهي تعمل‬ ‫بشكل حثيث عىل اظهار هذا املرشوع بشكل واضح يف املناطق التي تقع‬ ‫تحت سيطرتها‬ ‫اما الثورة فعىل النقيض من هذان املرشوعان ال متتلك حتى اآلن مرشوعا‬ ‫واضحاً أو محددا‪ ً،‬وال حتى خطاب موحد ميكن ان تلتقي عليه قوى الثورة‪،‬‬ ‫فكل فصيل يحلم بدولة عىل مقاسه او وفق أيدولوجيته وتوجهه‪ ،‬ولعل اصعب‬ ‫مهمة واجهت الثورة منذ اول يوم ولحد االن‬ ‫هي يف صياغة مرشوع سيايس جامع ويشكل‬ ‫ارضية مشرتكة للجميع‪ ،‬ويرصف الطريق‬ ‫لسورية املستقبل‪.‬‬ ‫‪ - 2‬القيادة الكاريزمية‬ ‫فكال من داعش والنظام ميلك قيادة كاريزمية‬ ‫متثل مرشوع كل منهام‪ ،‬بل ميكن القول ان‬ ‫قيادة كل من النظام وداعش تحقق الرتابط‬ ‫ما بني فكرة املرشوع ومؤيدي هذا املرشوع‪،‬‬ ‫اما الثورة فتفتقد ذلك‪ .‬فام كان يف بداية‬ ‫الثورة نعمة وهو اتصاف الحراك الثوري‬ ‫بالشعبي والعفوي‪ ،‬مام جعل النظام عاجزا‬ ‫عىل مواجهته‪ ،‬اصبح نقمة للثورة‪ ،‬فطول عمر‬

‫الثورة اصبح يلزم الثورة بأن تستجيب لتحديات ومسؤوليات تستلزم وجود‬ ‫قيادات تتحمل مسؤولياتها‪ ،‬وقد ادرك النظام هذه الحقيقية‪ ،‬لذلك عمل عىل‬ ‫افراغ الساحة السورية من القيادات الكاريزمية املرشحة لقيادة الثورة من‬ ‫خالل اعتامد سياسية القتل واالعتقال والتهجري االجباري‪ ،‬حتى غدت الثورة‬ ‫السورية ثورة دون راس‪ ،‬وكام يقول حازم نهار فإن ثورة دون رأس سوف‬ ‫تنتج بال شك ثورة بألف رأس‪ ،‬وهذا ما نراه اليوم واضحاً عىل امتداد الرقعة‬ ‫الجغرافية السورية‪ ،‬ففي كل منطقة يتزعم أمري حرب‪ ،‬ويف كل قرية قائد‬ ‫مختلف‪ ،‬واملعارضة السياسية متمثلة باالئتالف هي هياكل فارغة ال تعدو‬ ‫أن تكون اكرث من زينة تضعها الدول اإلقليمية والدولية عىل طاولة الرهان‬ ‫السوري‪ ،‬واليوم أصبح من الرضوري العمل عىل ايجاد قيادات كاريزمية للثورة‬ ‫تكون املمثل الحقيقي والرشعي ملرشوع الثورة‪ ،‬وهذه القيادة يجب ان تحمل‬ ‫لواء مرشوع الثورة وال يجب بنا انتظار ظهور هذه القيادات بل العمل عىل‬ ‫ايجاد هذا القيادات ورفدها بوسائل النجاح‪.‬‬ ‫‪ - 3‬مؤسسات دافعة‬ ‫إن وجود املرشوع وقيادة املرشوع ال تكفي الن يستمر املرشوع‪ ،‬بل يحتاج‬ ‫اىل مؤسسات قادرة عىل تنفيذه‪ ،‬والنظام وداعش تدركا ذلك‪ ،‬فهام يسخرا كل‬ ‫االمكانيات املتوافرة لديهام يف بناء مؤسسات تخدم مرشوعهام‪ ،‬النظام يستغل‬ ‫كل مقدرات مؤسسات الدولة السورية لذلك‪ ،‬وداعش ترسق النفط السوري‬ ‫وتستغله يف زيادة قوتها‪ ،‬وما يثري االستغراب ان داعش استطاعت توفري غالبية‬ ‫الخدمات الرضورية للمواطن يف مناطق سيطرتها بينام عجزت قوى الثورة عن‬ ‫تقديم جزء قليل من هذه الخدمات للمواطن السوري يف اماكن سيطرتها‪،‬‬ ‫لذلك فعلينا إعادة النظر يف طريقة بناء مؤسساتها ويف طبيعة الفكر الذي‬ ‫يجب ان تحمله هذه املؤسسات‪ ،‬فمث ًال النظام لديه جيش واحد وداعش ايضا‬ ‫بينام نحن لدينا مئات الكتائب وااللوية املتعدة الوالءات واالنتامءات‪.‬‬ ‫ان االمر االسايس الذي يجب ان نفهمه وندركه هو ان كال من النظام وداعش‬ ‫ميتلك مرشوعا واضحاً للدولة وقيادة كاريزمية متثل هذا املرشوع ومؤسسات‬ ‫حاضنة ومنفذة لهذا املرشوع‪ ،‬ولن يكتب لنا االنتصار عليهام اال بصياغة‬ ‫اسرتاتيجية مضادة لهام تقوم عىل إيجاد مرشوع الثورة لبناء الدولة يف سورية‬ ‫وقيادة كاريزمية متثل هذا املرشوع ومؤسسات حقيقية تنفذ هذ املرشوع‪،‬‬ ‫ودون ذلك فمهام امتلكنا من احقية ومرشوعية فان انتصارنا سيبقى بعيدا‬ ‫ومعاناة شعبنا سوف تستمر ‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫عن الضربة األمريكية على داعش‬ ‫‪10‬‬

‫أحمد تي‬

‫العدد ‪2014 / 9 / 23 - 45 -‬‬

‫بعد إطالة عمر الثورة السورية واستمرار االنفالت األمني‪ ،‬من غياب لنظام‬ ‫وقانون يحكم املناطق املحررة باتت األرض السورية خصبة لزرع قواعد سياسية‬ ‫وفكرية ودينية‪ .‬تلك القواعد مرتافقة وجوباً مع السالح لفرض ذلك الفكر بالقوة‬ ‫أوالً‪ ،‬وليحمي قاداته من القواعد الفكرية األخرى املفروضة بسالح أيضاً! يف لغة‬ ‫ال يفهمها غري املستبدين‪ .‬فإما (املبايعة) واالمتثال لجاللة األمري أو القتل‪ .‬ومن‬ ‫غريها (داعش) قامت بالتجسيد والرتسيخ الحقيقي لدور العنف ضد أي رأي‬ ‫مختلف آخر؟!‬ ‫فقد أصبحت داعش الحدث اإلعالمي األكرب بسبب امتدادها واسرتاتيجيتها‬ ‫املنظمة‪ .‬األمر الذي طرحناه مع الدكتور مازن يف الغوطة الرشقية فع ّلق‪“ :‬أرى‬ ‫من الناحية الواقعية أن داعش مرشوع كيان سيايس واقتصادي وعسكري حقيقي‬ ‫عىل األرض‪ ،‬رسخ دعائم وجوده بالفرتة األخرية كام شاهد الجميع“‪.‬‬ ‫ففصيل كهذا منظم ولديه القوة والجرأة الكافيتني ليقتل ويذبح وعىل مرأى‬ ‫الجميع‪ .‬وآخره ذبح الصحفي األمرييك أمام الجميع‪ ،‬ما استدعى العامل أجمع‬ ‫والواليات املتحدة األمريكية لقرع طبول التدخل إزاء الدولة اإلسالمية يف العراق‬ ‫والشام‪ .‬األمر الذي قال عنه أبو رامز من مكتب التواصل والتنسيق الثوري‪“ :‬بعد‬ ‫مقتل املئات واآلالف من الشعب السوي مل يتحرك مجلس األمن ودول الخليج‪...‬‬ ‫مل يحركوا ساكناً يف حني ذبح صحفي واحد تحركت دول العامل أجمع! والسؤال‬ ‫الذي يطرح نفسه هل هوية القاتل أم هوية املقتول هو الذي حرك الرأي‬ ‫العاملي؟” يتابع أبو رامز‪“ :‬القرار مخيب لآلمال بعد كل هذا الرصاع والالمباالة‬ ‫التي رآها الشعب السوري من جميع دول العامل وعىل رأسها الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية التي تعترب نفسها أنها تقود العامل والتي لها أذرع طويلة بكل دول‬ ‫العامل بقدراتها وسيادتها‪ ...‬مل تحرك ساكناً من أجل مئات وعرشات اآلالف من‬ ‫القتىل السوريني“‪.‬‬

‫ملاذا داعش وما الفرق عن غريها؟‬

‫تحقيقات‬

‫يتابع أبو رامز‪“ :‬إن داعش هي إحدى الفصائل الجهادية املوجودة عىل األرض‪،‬‬ ‫ولكن االختالف ما بني جبهة النرصة مث ًال والدولة اإلسالمية يف العراق والشام هو‬ ‫بسياسة العمل‪ .‬وإين أعتقد أن اإلعالم كان له الدور األكرب يف الرضبة ضد داعش‪،‬‬ ‫لكنها تبقى إحدى الفصائل الجهادية وإن اختلفت بالرؤى“‬ ‫حسب ما يرى الدكتور سامي مدير املكتب اإلعالمي مبحافظة ريف دمشق‬ ‫فإن “داعش منفلتة؛ فال ضوابط تحكمها‪ .‬استقوت وقويت عىل حساب ضعفنا‬ ‫وتضعيف العامل للثورة السورية”‬ ‫وكام كان ألبو يحيى مسؤول التواصل مبنطقة املرج رأي بتشكيل الدولة اإلسالمية‬ ‫يف العراق والشام حيث قال‪:‬‬ ‫“إن أمريكا تستخدم داعش فزاعة لرتهب الناس منها كام استخدمت القاعدة‬ ‫ينص عليه ديننا الحنيف‪ ،‬وهو‬ ‫سابقاً تحت مسمى الدين اإلسالمي‪ ،‬بخالف ما ّ‬ ‫بعكس ما تقوم به داعش ويتم تسويقه إعالمياً”‬ ‫يكمل أبو يحيى‪“ :‬داعش وفكرها يرجعنا اىل القاعدة وأسامة بن الدن وهذا األمر‬ ‫استخدمه الغرب إلخافة العامل من القاعدة وهو يعيد الكرة مرة أخرى‪ .‬فداعش‬ ‫هي نفسها القاعدة مبسمى جديد تقريباً“‪.‬‬ ‫“املشكلة الحقيقية ليست بداعش” يقول أبو القاسم‪“ ،‬إمنا بالنظام فهو منبع‬ ‫اإلرهاب يف سوريا واملنطقة‪ ،‬وداعش هي أحد نواتج الذي يحصل يف سوريا مع‬ ‫غياب أي تدخل دويل وإقليمي لحل األزمة”‪.‬‬

‫موقف الشارع من التدخل الخارجي ضدّ داعش‪:‬‬

‫يخص الرضبة‬ ‫من خالل استطالع لطلعنا عالحرية لرأي الشارع السوري يف ما ّ‬ ‫األمريكية عىل داعش كانت النسبة واحد إىل عرشة يؤيدون الرضبة األمريكية‬ ‫عىل دولة الخالفة‪.‬‬

‫يقول الدكتور مازن‪“ :‬أنا ض ّد أي قوى استعامرية تأيت وتتدخل باملنطقة‪ ...‬إن‬ ‫الرضبة األمريكية سوف تزيد تأزم األمور باملنطقة‪ .‬ولو كانت ‪-‬كام تدعي أمريكا‪-‬‬ ‫أنها داعية نظام وترتيب وحضارة كان هناك لحظات مفصلية وتاريخية ليك‬ ‫تتدخل فيها وتكون األمور أفضل‪ .‬لكن هي جزء من الفوىض والخراب وستبقى“‪.‬‬ ‫ليع ّلق أبو رامز قائ ًال‪“ :‬لست مع الرضبة األمريكية ألنه ‪-‬كام تبني سابقاً‪ -‬ال أحد‬ ‫يريد مصلحة الشعب السوري‪ ،‬وأن الرضبة لها أهدافاً مستقبلية وهذا الذي‬ ‫نتخوف منه“‪.‬‬ ‫وكان للدكتور سامي رأيه حيث قال‪“ :‬التدخل مرفوض متاماً وداعش هي نتاج‬ ‫سلبية دول العامل تجاه األزمة السورية؛ فرضبة أمريكا ستكون مؤامرة إضافية‬ ‫عىل الشعب السوري“‪.‬‬ ‫أما ألبو أحمد من مكتب الخدمات فكان رأي مختلف حيث قال‪“ :‬أنا مع الرضبة‬ ‫األمريكية عىل داعش‪ ،‬وسمعنا كثرياً عن الرضبة‪ ،‬لكنهم لن يرضبوا‪ .‬مثلام قالوا‬ ‫سابقاً إن هناك رضبة عىل النظام و(ماشفنا يش)“‪.‬‬ ‫أبو القاسم السوري قال‪“ :‬أنا مع الرضبة األمريكية لداعش إذا كانت االسرتاتيجيا‬ ‫الغربية تهدف إىل إنهاء معاناة الشعب السوري وبناء دولة سورية حديثة مدنية‬ ‫لجميع السوريني“‪.‬‬

‫رضبة عىل اإلرهاب أم ساحة لتصفية الحسابات؟!‬

‫“هي خطوة جيدة” يقول الدكتور مازن “ملن شاء أن يتدخل وتتم من خالله‬ ‫تصفية حسابات؛ سوا ًء كان من النظام السوري أو األطراف اإلقليمية إىل أمريكا‬ ‫وإىل الكتائب املسلحة املوجودة عىل األرض يف سوريا والعراق‪ .‬وتوضع يف نهاية‬ ‫األمر عىل عاتق قوات التحالف”‪.‬‬ ‫وكان رأي أبو محمود رئيس مكتب الخدمات املوحد مشابهاً لرأي د‪ .‬مازن‬ ‫حيث قال‪:‬‬ ‫“لن يكون من بالخارج أفضل من داعش‪ ،‬فمن املمكن عند توجيه الرضبة‬ ‫لداعش أن توجه ألي فصيل عسكري آخر فتكون تلك الرضبة ذريعة للقضاء‬ ‫عىل الجيش الحر ككل“‪.‬‬

‫الحل بد ًال من الرضبة إذ ًا؟!‬

‫يقول أبو رامز‪“ :‬إن مثل تلك القضايا ُت ّ‬ ‫حل دامئاً بطريقة الحوار وبطريقة سلمية‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫ليحل لنا قضايانا ويستبيح أرضنا وسامءنا وينفذ عمليات‬ ‫ال ننتظر الغرب‬ ‫عسكرية ال نعرف مستقبلها السيايس والعسكري عىل املنطقة‪ .‬وهذا التدخل‬ ‫وغريه هو انتهاك للسيادة“‪.‬‬


‫ْ‬ ‫لكن حقًا‪ :‬من هي المعارضة‬ ‫السورية المعتدلة؟‬ ‫عمر قدور‬

‫المصدر الحياة‬

‫العدد ‪2014 / 9 / 23 - 45 -‬‬

‫من دون إغفال املزايا الفردية التي يحققها‬ ‫التنظيم الرثي ملقاتليه‪ .‬مبعنى‪ ،‬مطالبة الفصائل‬ ‫إثبات اعتدالها بالتصدي لنظرياتها املتطرفة قد‬ ‫يرجح كفة األخرية‪ ،‬ال بحكم عدم توافر النوايا‬ ‫وإمنا بحكم القسمة غري العادلة بني الطرفني‬ ‫ودفع املعتدلني‬ ‫من حيث الدعم والتمويل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫إىل الخسارة عىل هذا النحو لن يكون عادالً‬ ‫باملعنيني امليداين واألخالقي‪ ،‬إذا افرتضنا أن‬ ‫الغاية النهائية هي تشجيع االعتدال ال توفري‬ ‫العوامل املساعدة عىل التطرف ومن ثم‬ ‫سحقه‪.‬‬ ‫املعلومات املتداولة عن اختبار «اعتدال»‬ ‫الفصائل واختبار متاسكها التنظيمي‪ ،‬قبل‬ ‫تسليحها وفق مخطط بطيء ومضبوط‪ ،‬ال تنبئ‬ ‫بنتائج ّ‬ ‫مبشة عىل األرض عطفاً عىل ميزان‬ ‫القوى السابق‪ ،‬فال النظام سيقف مكتوف‬ ‫األيدي تجاه الفصائل املختارة وال الفصائل‬ ‫املتطرفة ستكتفي بالتفرج‪ .‬يف الواقع‪ ،‬ما إن‬ ‫شاعت تلك املعلومات حتى بدأ استهداف‬ ‫«املعتدلني» من جهتي النظام واملتطرفني‪،‬‬ ‫ومن املتوقع ازدياد وترية االستهداف يف األيام‬ ‫املقبلة‪ ،‬وقد ال تخلو هذه التكتيكات من‬ ‫صفقات تتضمن حتى تبادل بعض مواقع‬ ‫السيطرة بني النظام واملجموعات املتطرفة‪.‬‬ ‫قد تربر الرباغامتية السياسية السامح بوجود‬ ‫بؤر تطرف‪ ،‬بغية كشف من لهم قابلية التحول‬ ‫إىل متطرفني والتخلص منهم؛ التحليالت‬ ‫التي تورد هذه الفرضية تفرق بني السياسة‬ ‫واألخالق مغ ّلبة اعتبارات األوىل منهام‪ .‬إال‬ ‫أن الرباغامتية ذاتها هي الالعب األقوى يف‬ ‫الساحة السورية‪ ،‬خاصة منذ سنة‪ .‬ومن ذلك‬ ‫أن التطرف واالعتدال‪ ،‬وحركة املد والجزر‬ ‫بينهام‪ ،‬ال ُيقاسان مبعايري محض أيديولوجية‪،‬‬ ‫بقدر ما يتوجب قياسهام عىل املتغريات‬ ‫الدولية واإلقليمية‪ ،‬وبقدر ما يتوجب قياسهام‬ ‫أوالً عىل الرعاية والدعم الدوليني لكل من‬ ‫االعتدال والتطرف‪ .‬القول مبخالفة السياسة‬ ‫لألخالق يقتيض اإلقرار مبخالفة الحرب لها عىل‬ ‫نحو أشد‪ ،‬ومن هنا ال يجوز الزعم بأن نسبة‬ ‫كبرية من الفصائل املسلحة امتلكت الوازع‬ ‫األيديولوجي أو األخالقي بقدر ما ترصفت وفق‬ ‫مقتضياتها امليدانية واملصلحية‪.‬‬ ‫مقاتلو املعارضة ليسوا أهل اعتدال‪ ،‬وليسوا‬

‫باملقدار نفسه أهل تطرف‪ ،‬مع التنويه بأن‬ ‫املعيار املستخدم يف التمييز هو إسالمي‬ ‫يف املقام األول‪ .‬هم مقاتلون ضمن ظروف‬ ‫شديدة القسوة‪ ،‬الحفاظ عىل وجودهم‬ ‫وإسقاط النظام الذي يستهدفهم أهم من‬ ‫أي ترف أيديولوجي لدى نسبة كبرية منهم‪،‬‬ ‫وحدث يف مناسبات عدة أن هجروا كتائبهم‬ ‫املعتدلة إىل كتائب أقوى تسليحاً ومبيزات‬ ‫شخصية أعىل تحت ضغط الحاجة‪ ،‬وحدث‬ ‫يف مناسبات عدة أن تحولت فصائل كاملة إىل‬ ‫التطرف لتضمن حصتها من التمويل الخارجي‪.‬‬ ‫لكن أهم ما حدث هو إقصاء عرشات آالف‬ ‫الضباط والعنارص املنشقني عن جيش النظام‪،‬‬ ‫ووضعهم فيام يشبه اإلقامة الجربية يف دول‬ ‫الجوار‪ ،‬بدل تأهيلهم ليكونوا نواة جيش منظم‬ ‫خارج املشاريع األيديولوجية‪.‬‬ ‫يف املعنى الحقيقي لالعتدال‪ ،‬ال توجد معارضة‬ ‫مسلحة معتدلة‪ ،‬األمر الذي ينطبق إىل حد‬ ‫كبري عىل املعنى الحقيقي للتطرف‪ ،‬إذ بخالف‬ ‫القاعدة ومشتقاتها ال ميكن الحديث عن‬ ‫صريورة من التطرف الغالب عىل توجهات‬ ‫املعارضة‪ ،‬مثلام يصعب الحديث عن صريورة‬ ‫من اعتدالها‪ .‬لقد انتعش التطرف عىل عاملني‬ ‫واضحني جداً‪ ،‬أولهام ما ُيسمى الرصاع الشيعي‬ ‫السني يف املنطقة‪ ،‬وثانيهام سلة الحوافز‬ ‫الضخمة املقدمة لدعم املتطرفني‪ .‬وليست‬ ‫هذه املرة األوىل التي يتقدم فيها التطرف ليمأل‬ ‫الفراغ السيايس يف بلد انهار نظامه السيايس‪،‬‬ ‫وبقي بال تظهري للبديل‪ .‬من دون أخذ مجمل‬ ‫الظروف يف الحسبان‪ ،‬وخاصة انعدام أفق‬ ‫الحسم يف سورية‪ ،‬يصعب التكهن بتبلور‬ ‫معارضة سياسية وعسكرية معتدلة بجناحيها‪،‬‬ ‫واألهم أن تكون قادرة عىل بسط سيطرتها عىل‬ ‫األرض‪ .‬اصطناع االعتدال فقط من أجل الحرب‬ ‫عىل داعش والقاعدة ال يقدّم حافزاً سياسياً‬ ‫أو أخالقياً كافياً‪ ،‬وإذ يأيت يف وقت فقدت فيه‬ ‫املعارضة السياسية والعسكرية رصيدها األكرب‬ ‫من املصداقية املحلية فهو لن مينحها جرعة‬ ‫كافية من الحياة‪ ،‬ما دامت املساعدة املالية‬ ‫املخصصة لالعتدال السوري أقل من الرصيد‬ ‫املايل لداعش وحده‪ ،‬وما دامت املعارضة‬ ‫السورية شبيهة بالرضبات األمريكية الجوية من‬ ‫حيث افتقارها إىل ركائز راسخة عىل األرض‪.‬‬

‫مقاالت‬

‫فقط عندما يعود امللف السوري إىل الواجهة‬ ‫يعود الحديث إىل املعارضة السورية املعتدلة‪.‬‬ ‫قبل نحو سنة‪ ،‬يف أثناء مناقشة مجلس الشيوخ‬ ‫األمرييك للرضبة املتوقعة رداً عىل مجزرة‬ ‫الكياموي‪ ،‬أفاد وزير الخارجية األمرييك بأن ‪90‬‬ ‫يف املئة من مقاتيل املعارضة هم من املعتدلني‪.‬‬ ‫قبل ذلك وبعده‪ ،‬غلب عىل وسائل اإلعالم‬ ‫الغربية وصف مقاتيل املعارضة بالتطرف أو‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬ومل يغب التشكيك يف اعتدالهم عن‬ ‫ترصيحات املسؤولني الغربيني‪ .‬السؤال الذي ال‬ ‫ينبغي أن يكون كيدياً هو‪ :‬أين ذهب أولئك‬ ‫املعتدلون الذين تحدث عنهم جون كريي‬ ‫مضيفاً أن لدى إدارته قامئة مفصلة بأسامء‬ ‫املتطرفني؟‬ ‫اإلجابة العقالنية عن السؤال السابق هي‬ ‫ما مينح مرشوع دعم «املعارضة املعتدلة»‬ ‫مصداقيته سورياً‪ ،‬ومثة تفريق رضوري هنا بني‬ ‫ما يبدو صناعة لالعتدال وبني تشجيعه‪ .‬الخيار‬ ‫األول‪ ،‬الذي تطرحه اإلسرتاتيجية األمريكية‬ ‫ضد داعش‪ ،‬هو تدريب آالف املقاتلني الجدد‬ ‫ليقوموا باملهمة‪ ،‬وهو ينص رصاحة عىل عدم‬ ‫الثقة باملقاتلني الحاليني‪ ،‬وقد يؤدي ميدانياً‬ ‫إىل حرمانهم من الدعم الرضوري لصمودهم‬ ‫أمام قوات النظام‪ ،‬وتالياً متكني األخرية من‬ ‫استعادة السيطرة عىل مساحات واسعة من‬ ‫األرايض‪ .‬قطع اإلمداد عن فصائل ُتع ّد متطرفة‬ ‫بالتصنيف الحايل يتطلب الضغط عىل رعاتها‬ ‫اإلقليميني‪ ،‬ومن املعلوم أن أولئك الرعاة‬ ‫مشاركون يف الحلف ضد داعش‪ ،‬ومن املعلوم‬ ‫أيضاً أن لهم القدرة عىل التأثري أيديولوجياً‬ ‫عىل الفصائل التي يدعمونها‪ ،‬أي دفعها إىل‬ ‫االعتدال ضمن التوجه املتفق عليه دولياً؛‬ ‫استخدام كلمة تشجيع هنا أقل من التأثري‬ ‫الفعيل للداعمني‪.‬‬ ‫ثم‪ ،‬ليس مستبعداً أن تستبق الفصائل‬ ‫املستهدفة باإلسرتاتيجية الجديدة كـ »النرصة‬ ‫وغريها» املخطط الدويل بابتالع الكتائب‬ ‫املعتدلة األضعف يف مناطق سيطرتها‬ ‫املشرتكة‪ ،‬ما مل يكن هناك دعم قوي وفوري‬ ‫لألخرية‪ .‬مثل هذا االحتامل تحقق عندما‬ ‫تصدى بعض الفصائل لداعش‪ ،‬وخرس معركته‬ ‫أمامه‪ ،‬بل نزف من عنارصه لصالح داعش‬ ‫الذي أثبت أنه األقوى واألقدر عىل السيطرة‪،‬‬

‫‪11‬‬


‫“داعش” في مجلس حقوق اإلنسان‬ ‫طلعنا ع الحرية‬

‫‪12‬‬

‫العدد ‪2014 / 9 / 23 - 45 -‬‬

‫بدأ مجلس حقوق اإلنسان يف جنيف دورته السابعة والعرشين والتي تستمر من الفرتة‬ ‫الواقعة ما بني الثامن من أيلول الجاري إىل السادس والعرشين منه‪ ،‬حيث استهل جدول‬ ‫أعامله مبناقشة التقرير الثامن للجنة التحقيق الدولية املستقلة حول سوريا‪ ،‬والتي‬ ‫أوكلت إليها مهمة التحقيق يف جميع انتهاكات حقوق اإلنسان الواقعة عىل الرتاب‬ ‫السوري‪ ،‬ومن جميع “أطراف” النزاع‪.‬‬ ‫ومثل معظم تقاريرها السابقة جاء التقرير عىل تحليل النزاع الدائر يف سوريا وتوثيق‬ ‫العرشات من املجازر يف سوريا‪ ،‬وكان امللفت يف هذا التقرير هو االستفاضة عن الحديث‬ ‫عن انتهاكات ما تسمى “الدولة اإلسالمية يف العراق والشام ‪ -‬داعش” وتخصيص فقرات‬ ‫خاصة باالنتهاكات التي يقوم بهذا هذا التنظيم‪ ،‬وهذا ما أث ّر بدوره ولعب دوراً رئيسياً‬ ‫يف جميع املداخالت خالل الحوار التفاعيل ملناقشة التقرير يف أروقة مجلس حقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬حيث مل تخلو مداخلة سواء عىل مستوى الدول أول املنظامت من اإلدانة‬ ‫لجرائم هذا التنظيم‪ ،‬حتى ّأن الكثري من املداخالت جاء عىل ذكر جرائم هذا التنظيم‬ ‫دون الجرائم التي تقوم بها قوات النظام السوري وشبيحته‪ ،‬ومن الدول من رأت‬ ‫الفرصة املناسبة للطعن بالثورة السورية من خالل قناة داعش وكانت عىل رأسهم إيران‬ ‫وروسيا وغريهم من الدول التي ما زالت تنارص النظام السوري‪.‬‬ ‫ويف خضم النقاش التفاعيل حول تقرير اللجنة قام مركز القاهرة لدراسات حقوق‬ ‫اإلنسان والشبكة األورومتوسطية لحقوق اإلنسان ومركز توثيق االنتهاكات يف سوريا‬ ‫أهم ما جاء فيها هو الرتحيب بتقرير اللجنة وتسليط الضوء‬ ‫مبداخلة شفهية‪ ،‬وكان من ّ‬ ‫بشكل كبري جداً عىل املخاطر التي يتحملها النشطاء والصحفيون الذين يعملون يف‬

‫«إسرائيل « وحلم التقسيم‪..‬‬ ‫تتمة من ص ‪4‬‬

‫تقارير‬

‫تتدخلوا ودعوا العرب يقتلون بعضهم”‪ ...‬األمر نفسه صدر يف مقالة‬ ‫تشبه توصية للقوى الغربية ملوشيه ارنز وزير الدفاع السابق يف‬ ‫حكومة شامري يف الجورزاليم بوست باإلنجليزية منذ ما يقارب السنة‬ ‫وقال فيها‪“ :‬ال تتدخلوا ودعوا األرشار يقتلون بعضهم”‪.‬‬ ‫ويضيف‪“ :‬إن املوقف اإلرسائييل والغريب كان ومازال يدفع باتجاه‬ ‫استمرار املعركة الستنزاف الثورة‪ ،‬مبا يسمح ببقاء نظام مضمون لهم‪،‬‬ ‫أو إعادة إنتاج نظام شبيه يقوم بنفس ما قام به من دور يف حال‬ ‫سقوطه‪ ،‬أو دفع البلد واملنطقة باتجاه تقاتل إثني وطائفي يستنزف‬ ‫كافة الطاقات لعقود‪ .‬وقد يكون مرشوع التقسيم أحد هذه الربامج‬ ‫املطروحة‪ ،‬يؤرش له ما نسمعه عن مشاريع حامية ذاتية للسويداء‬ ‫وصلت إىل ح ّد املناداة بلقاءات تأخذ طابعاً مذهبياً بحجة ما يتهدد‬ ‫أهلنا يف السويداء من مخاطر متهد لها مشاريع الفتنة املتكررة بني‬ ‫السهل والجبل عىل يد رجال أمن النظام من ناحية وقوى التكفري‬ ‫ممثلة بجبهة النرصة من جانب آخر”‪.‬‬ ‫ويف ظل الكوارث التي تعصف باملدن السورية املختلفة‪ ،‬ويف ظل‬ ‫االقتتال الذي أخذ منحى طائفياً مؤكداً عىل يد النظام وحالش‬ ‫وداعش ومثيالتها‪ ،‬هل الزال باإلمكان بعد التغلب عىل مشاريع‬ ‫التقسيم املرسومة لسوريا واملنطقة‪ ،‬وماذا عىل الجهات والنخب‬ ‫الثورية واالجتامعية فعله لتفادي هذا اإلنزالق‪ ،‬باألخص حني نتحدث‬

‫الداخل السوري من أجل عملية توثيق انتهاكات حقوق اإلنسان يف سوريا وتزويد‬ ‫املنظامت الحقوقية ولجان التحقيق بكافة الشهادات واملواد التوثيقية‪ ،‬واستجابة‬ ‫لنداءات املنظامت الثالث‪ ،‬أعلنت لجنة التحقيق أ ّنها سوف تر ّكز بشكل أكرب عىل وضع‬ ‫النشطاء املعتقلني يف سوريا ممن تعرضوا لالعتقال التعسفي أو االختفاء القرسي‪.‬‬ ‫وعىل هامش جلسات املجلس قامت منظمة “ال سالم بدون عدالة” اإليطالية بإقامة‬ ‫“حدث جانبي” تناول فيه موضوع استهداف األطفال يف سوريا واملخاطر التي يتعرضون‬ ‫لها يف ظل الحرب الدائرة‪ ،‬وقد شارك مركز توثيق االنتهاكات يف سوريا كأحد املتحدثني‬ ‫باإلضافة إىل عدة جهات أخرى منها االئتالف الوطني لقوى الثورة واملعارضة السورية‪.‬‬

‫هنا عن الجنوب السوري املحاذي إلرسائيل التي سعت دوماً لخلق‬ ‫دويالت طائفية يف محيطها‪ ،‬والتي عىل ما يبدو تتامىش مع ميول النظام‬ ‫لالختباء يف حصنه الطائفي األخري‪..‬‬ ‫ويف هذا يرى العديد من املثقفني والناشطني أن الرهان األخري يبقى عىل‬ ‫وعي السكان وثقافتهم الوطنية التي تدفعهم ملقاومة هذا املرشوع‪ ،‬إال‬ ‫أن الواقع اليسء قد يفرض نفسه أخرياً عىل الجميع‪.‬‬ ‫الدكتور أبو عواد يبدو أكرث تفاؤالً‪“ :‬رغم أين قد أتهم بالتفاؤل ولكني‬ ‫أظن جازماً أن لدى أبناء شعبنا السوري من املنعة الوطنية ما مينع‬ ‫التفتت‪ ،‬وهذا برأيي ما جعل كل محاوالت الدفع باتجاه التقاتل الطائفي‬ ‫واإلثني واملذهبي يف كافة املناطق السورية ال تتجاوز الحاالت املنعزلة‬ ‫التي كانت رسعان ما تخبو نريانها‪ ،‬رغم ما تراكم من غضب من األكرثية‬ ‫السنية بسبب الجرائم املريعة التي سعى النظام وبكل ما أويت من قوة‬ ‫ليعطيها مظهراً طائفياً يك يدفع هذه األكرثية باتجاه ردود طائفية”‬ ‫ويضيف‪“ :‬أن ذلك ال يعني منا أن نركن أن األمور بخري‪ ،‬وباألخص نحن‬ ‫الذين نعيش تحت االحتالل والذين خربنا أساليبه ومؤامراته وأخطرها‬ ‫مرشوع الدولة الدرزية التي كان ملناضيل الجوالن رشف إسقاطها مع‬ ‫املناضلني من أهلنا يف لبنان وجبل العرب‪ ..‬فحرصاً عىل تاريخنا املرشف‬ ‫ومستقبل أجيالنا يجب أن نكون متيقظني ألي محاولة الستغالل ما‬ ‫يعيشه أهلنا يف السويداء وجبل الشيخ من صعوبات ومن مخاطر‬ ‫ملحاولة تسويق خالص منعزل عن الخالص السوري‪ ،‬فام يعيشه أهلنا‬ ‫هناك هو جزء مام يعيشه أبناء شعبنا‪ ،‬وال خالص لهم إال بإسقاط النظام‬ ‫وإقامة الدولة الحرة العادلة عىل كامل الرتاب السوري التي تليق مبا‬ ‫بذل وما يبذل من تضحيات”‪.‬‬


‫لقد فرقتنا يا فيسبوك‬ ‫باسل مطر‪ -‬مشروع سالمتك‬

‫العدد ‪2014 / 9 / 23 - 45 -‬‬

‫لست ممن يروج لنظريات املؤامرة‪ ,‬ومل أؤمن يوما بوجود مخططات عاملية إلضعاف‬ ‫العرب‪ ,‬أو تدمري سوريا الصمود والتصدي‪ ,‬وأدرك أن السياسة مصالح‪ ,‬وأن التجارة‬ ‫مصالح‪ ,‬وأن املصالح تتغري‪ ,‬وال يشء ثابت يف هذين امليدانيني‪ .‬لكن يحلو يل أحيانا أن ألوم‬ ‫التكنولوجيا عىل ما وصلنا إليه‪ ,‬أو أن أحملها مسؤولية أزمات بعينها‪ ,‬وهو أمر مزاجي‬ ‫متاما‪ .‬فال تأخذوا كالمي عىل أنه نظرية ثابتة‪ ,‬بل وجهة نظر وحسب‪ .‬ولعل التكنولوجيا‬ ‫تجني عليها أحيانا‪ ,‬لكنها ترافقني يف هذه الثورة منذ عامني ونيف‪ ,‬وأجد‬ ‫تسامحني عىل ّ‬ ‫نفيس يف مكان يؤهلني أللقي عليها اللوم‪ .‬ال تخلو أدبيات واحدة من شبكات التواصل‬ ‫االجتامعي‪ ,‬أو اإلعالم االجتامعي‪ ,‬من إشارة إىل التقريب بني الناس‪ ,‬وفتح أفاق للتواصل‬ ‫بني الشعوب واملجموعات البرشية واألجناس واألعراق والنساء والرجال لتعميق الفهم‬ ‫املتبادل وتوطيد األوارص اإلنسانية بينهم‪ .‬ويذكر الكثريون كيف كان مارك زوكربرغ‬ ‫يتباهي بالدور الذي لعبه فيسبوك يف الثورة املرصية‪ ,‬التي شيعها العامل بعد أن أعدمها‬ ‫مريس والسييس معا فكأنها مل تربح صفحات فيسبوك التي أطلقت رشارتها‪ .‬ال شك أن بعضا‬ ‫من هذا الهدف قد تحقق‪ ,‬وال دليل عىل ذلك‪ ,‬لكن ال دليل أيضا عىل عكسه‪ .‬هناك جزء‬ ‫أكرث قتامة يف الصورة التي ترسمها هذه الرشكات عن نفسها‪ ,‬أو التي ترسخت يف مخيالت‬ ‫الناس‪ ,‬ولن أقول عقولهم‪ .‬فالصورة ليست باإلرشاق الذي نتخيله‪.‬‬ ‫يف وسائل اإلعالم التقليدية‪ ,‬تنترش األخبار السيئة برسعة‪ .‬فأخبار الحروب والزالزل‬ ‫والفضائح السياسية والجنسية‪ ,‬والجرائم والرسقات تتصدر عناوين األخبار دامئا ويف كل‬ ‫املحطات والصحف واملجالت‪ .‬ويقول املثل اإلنكليزي بأن األخبار السيئة تسافر رسيعا‪,‬‬ ‫وقد أثبت اإلعالم التقليدي صحة هذه املقولة بل تبناها وجعل منها شعارا له‪ ,‬وأصبحت‬ ‫نرشات األخبار نرشات للكوارث وحسب! أو أصبح معظمها كذلك عىل األقل‪.‬‬ ‫يف شبكات التواصل االجتامعي تسافر األفكار السيئة برسعة‪ ,‬وتنتقل كالوباء‪ .‬فهي تجذب‬ ‫الذين تناسب عقولهم‪ ,‬وتشد املراقبني الذين يرصدونها يف مؤسسات االستخبارات ومراكز‬ ‫األبحاث‪ ,‬التي متولها الحكومات‪ ,‬ويف مراصد كثرية ال يعرف من وراءها‪.‬‬ ‫يحلو يل أن أشبه فضاء تلك الشبكات باملحيط الذي يعج باألسامك من كل حجم ونوع‪.‬‬

‫َ‬ ‫شاهدت برنامجا عن تلك األسامك‬ ‫حيتان‪ ,‬وقروش وأسامك ذهبية ملونه جميلة‪ .‬كم مره‬ ‫َ‬ ‫شاهدت برامجا عن القرش املفرتس؟‬ ‫الذهبية؟ ال تخربين فأنا أعرف الجواب! وكم مرة‬ ‫ال ميكن ضبط إيقاع املحيط الكبري وفق معايري العدالة أو الحقيقة أو الجامل أو النقي‬ ‫الذي نراه عىل سطحه أو يف أفالم الكابنت كوستو‪ ,‬وال ميكن أيضا ضبط أيقاع الفضاء‬ ‫االجتامعي االفرتايض‪ .‬للمحيط دورة دقيقة دون شك‪ ,‬أساسها رشيعته التي يأكل فيها‬ ‫القوي الضعيف‪ ,‬ويتغذى فيها سمك عىل آخر ونبات عىل أخر‪ ,‬فتكتمل الدورة تلك‪.‬‬ ‫وكذلك فإن الفضاء االجتامعي االفرتايض الذي خلقته شبكات التواصل تلك‪ ,‬رغم كل‬ ‫القوانني التي تحاول نظمه دون أية جدوى‪ ,‬يبقى أشبه باملحيط‪ ,‬ال ينضح إال بالغموض‬ ‫لكنه يقوفه قبحا وال تحكمه دورة الحياة‪.‬‬ ‫عاش السوريون يف السنوات املنرصمة حقيقة مرة بني حقائق كثرية أكرث مرارا‪ .‬مل يأتيهم‬ ‫هذا الفضاء الذي أزال الحدود بكل أنواعها بجديد‪ ,‬بل زاد فرقتهم‪ ,‬وأصبح مكانا يغص‬ ‫بالقبح‪ ,‬والدم‪ ,‬والكراهية‪ ,‬ليس بسبب غياب األشياء الجميلة فيه فهي هنا ومنها هذا‬ ‫املنرب‪ ,‬بل لكرثة القبح وحسب‪ ,‬وألن العامل مل يتعود انتظار األخبار الجميلة‪ ,‬فقد وجد‬ ‫ضالته معنا!‬ ‫مل تفلح منتديات فيسبوك وال تويرت وال يوتيوب بجمعهم‪ ,‬بل فرقتهم‪ ,‬وكانت مبثابة مكان‬ ‫ال رقابة فيه‪ ,‬يبثون فيه كل ما هو رديء‪ .‬فمن صفحة تهدر دم فالن‪ ,‬إىل أخرى تشيطن‬ ‫الطائفة األخرى‪ ,‬إىل واحدة تصف الثوار باإلرهابيني‪ ,‬وكلها تتدثر بدثار تعتقد أنه جميل‪.‬‬ ‫الوطن‪ ,‬والدين‪ ,‬و ‪...‬‬ ‫قد يكون من املبالغة اتهام شبكات التواصل االجتامعي بالفشل‪ ,‬فهي أدوات يف نهاية‬ ‫املطاف‪ ,‬وهي تسري وفق مشيئة مستخدميها‪ ,‬وهذا صحيح‪ ,‬لكن غياب الضوابط فيها‬ ‫جعل منها غابة أول من يظهر فيها هم املفرتسون‪ ,‬وأول من يستغلها املرتبصون‪.‬‬ ‫فرقت األزمة السوريني‪ ,‬بني موال ومعارض‪ ,‬وإسالمي وعلامين‪ ,‬وكافر ومؤمن ووطني‬ ‫وخائن‪ ,‬وأتاح لهم الفضاء الفيسبويك املساحة للتعبري عن االختالف والخالف‪ ,‬لكنهم‬ ‫جعلوا منه ساحة عرتهم جميعا دون أن تق ِرب بينهم‪ .‬مل تزدنا يا فيسبوك إال فرقة‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫مقاالت‬


‫جدة الحكايات‬ ‫في البدء كانت الكلمة‪ ..‬الكلمة ّ‬ ‫هاال محمد‬

‫‪14‬‬

‫العدد ‪2014 / 9 / 23 - 45 -‬‬

‫كان يا ما كان … كان اآلن ‪ ،‬شعب اسمه‪ :‬الشعب السوري‪.‬‬ ‫يحيا يف بالد إسمها سوريا‪ ،‬تقع يف قلب املتوسط املائل نحو رشوق الشمس‪.‬‬ ‫الحروف األبجدية األوىل نبتت فيها‪ ،‬إيقاع حضارتها موزاييك من اللغات واألديان‬ ‫والقوميات التي عربتها والتي استق ّرت يف قلب جغرافيتها وتاريخها‪.‬‬ ‫فتحت سوريا بواباتها بعد خمسة وأربعني عاما من استبداد الحزب الواحد‬ ‫والحاكم الواحد‪ُ ،‬تح ّرر الكلمة من السكوت‪ .‬فتمددت أحزان املعاين وطاف دمها ‪.‬‬ ‫يف آذار ‪ ،2011‬فتح ماليني الشباب والصبايا أبواب بيوتهم وخرجوا للمرة األوىل‬ ‫إىل شوارعهم يف تظاهرات شعبية سلم ّية يرصخون مبا ينام ويصحو يف صدورهم‪:‬‬ ‫حر ّية ‪.‬‬ ‫كانوا عُ ّزالً إال من “ الكلمة “ كانوا وال يزالون‪.‬‬ ‫جابههم النظام األمني بالنار‪ ،‬نار الرصاص واملدافع والصواريخ والدبابات‬ ‫والطائرات‪ ،‬أطلق عليهم من الطائرات براميل متفجرة … ورماهم وهم نيام‬ ‫بالغاز الكياموي القاتل‪ .‬سكت منهم مائتا ألف مواطن سوري‪ ،‬واعتقل مائتا ألف‬ ‫وهجر مثانية ماليني داخل‬ ‫واختفى مائة ألف املرجح أنهم قتلوا تحت التعذيب‪ّ .‬‬ ‫سوريا وخارجها‪ ،‬وال يزال من بقي حياً يحيك الحكاية ‪.‬‬ ‫كان يا ما كان ‪ :‬استعان النظام بحلفاء له‪ ،‬كالنظام الرويس حامي االستبداد‪.‬‬ ‫والنظام اإليراين الذي تحكمه والية الفقيه واستعان بالصمت العاملي عن املجزرة‬ ‫كأن سوريا ليست من هذا العامل! ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫“الحل األمني” الذي اعتمده يف اخامد الثورة‪ ،‬املتطرفني‬ ‫استدعى النظام بواسطة‬ ‫اإلسالميني من القاعدة ومثيالتها‪ ،‬وأطلق البعض منهم من سجونه خصيصاً ليقنع‬ ‫العامل املتمدن بأنه يقاتل وحوش اإلرهاب‪ ،‬فتعاضد الطرفان ّ‬ ‫كل من أجل مصالحه‬ ‫الخاصة‪ ،‬عىل تدمري حياة السوريني وعىل إسكات صوت الحرية‪ .‬وسكت العامل‬ ‫الدميوقراطي عن املجزرة ‪.‬‬ ‫إنهم يرسقون روح ثورتنا‪ ،‬لكننا لن نتوقف ما حيينا عن رواية الحكاية‪.‬‬ ‫استم ّر السوريون يف الثورة السلم ّية‪ ،‬إبداعياً‪ ،‬بالتصوير وأفالم السينام والشعر‬ ‫أرصوا عىل‬ ‫والروايات والغناء واملوسيقى والفنّ التشكييل واملرسح والفكر … ّ‬ ‫ثقافة الحياة يف وجه ثقافة املوت ‪.‬‬ ‫ممحاة هائلة‪ ،‬ممحاة هائلة متحو آثار الحياة‪ ،‬وكأن السوريني الذين قتلوا أو‬ ‫هجروا أو … ! مل يكونوا‪.‬‬ ‫اعتقلوا أو ّ‬ ‫كانت كلام علت سلم ّية الثورة‪ ،‬التي تدعو إىل وحدة الشعب السوري وإىل دولة‬ ‫دميوقراطية تتحقق فيها الكرامة واملواطنة املتساوية والعدالة اإلجتامعية‪ .‬دولة‬

‫مدنية ال دينية وال عسكرية تليق مبواصفات العيش املشرتك التي هي جينات‬ ‫املجتمع السوري‪ ،‬تعلو حدة العنف ورشاسة النظام واملتطرفني‪ ،‬لتدخل السوريني‬ ‫يف ظالم حرب طاملا قاوموها ورفضوها …حرب “ تغتصب “ حياتهم ُيقحمون‬ ‫فيها عنوة … احرتقوا وال يزالون يحرتقون بنارها‪.‬‬ ‫و ّرط النظام الشعب والجيش يف حرب … سوريا والسوريون هم الخارسون فيها‪.‬‬ ‫أيقظ الطائفية الغافية يف حضن الوحدة الوطنية… الوحدة الوطنية الغالية‪ ،‬كنزنا‬ ‫املدين األهيل‪ ،‬التي هتفت لها الشوارع السورية منذ بدء تاريخنا ومنذ اللحظة‬ ‫األوىل للثورة‪ “ :‬واحد واحد واحد … الشعب السوري واحد ‪. “ .‬‬ ‫و “أوقفوا القتل نريد أن نبني وطناً لجميع السوريني” ‪.‬‬ ‫اتكأ إعالم النظام عىل ازدياد قوة الكتائب املتطرفة التي بدأت تتكاثر عىل أرض‬ ‫سوريا ‪ ،‬تدخل بالدنا بعتاد حر ّيب متني ومتويل مكني من أطراف متعددة عربية‬ ‫وعاملية‪ ،‬تحتل مناطق آهلة بسكانها وعاداتها‪ُ ،‬تخضعها لحكم استبدادي يستعني‬ ‫باملقدس الديني‪ ،‬فوقع الشعب بني فيك اإلرهاب العسكري والديني‪.‬‬ ‫كانت التظاهرات يف شوارعنا تناشد العامل الدميوقراطي وتنشده‪ ،‬ومل يفهم‬ ‫قصة موتنا اليومي‬ ‫السوريون كيف محا هذا العامل‪ ،‬كيف ميحو يوماً بعد يوم‪ّ ،‬‬ ‫املعلن من يومياته ومن نرشات أخباره ومن أدبياته‪ .‬كيف ال تلفت أنظاره شبابيك‬ ‫بيوتنا ّ‬ ‫املرشعة بق ّوة الحر ّية عىل ق ّوة املح ّبة‪ ،‬بيوت السوريني اآلهلة بالشجاعة‬ ‫والكرامة والسالم ‪.‬‬ ‫كان يا ما كان ‪ ..‬كان اآلن … الحصار ‪.‬‬ ‫شعب يريد العيش بكرامة ‪ ،‬ويريد اإلفراج عن معتقيل الرأي يف سجون النظام‬ ‫ويف سجون املتطرفني اإلسالميني ‪ .‬يريد عودة الالجئني واملنفيني واملهجرين إىل‬ ‫بيوتهم… ويريد طرد املحتل اإلستبدادي الديني واإلستبدادي العسكري‪.‬‬ ‫يا أحرار العامل… ارصخوا يف وجه هذا الصمت الذي تذبح فيه سوريا ّ‬ ‫كل يوم‬ ‫… واليوم‪ ...‬واآلن‪.‬‬ ‫أوقفوا هذا الصمت الذي يخنق سوريا يف حصار الجوع والعطش والكرامة‪ ،‬كأنه‬ ‫تواطؤ عاملي! ارصخوا يك تتوقف املجزرة! ارصخوا معنا يك تستيقظ العدالة‪.‬‬ ‫نحن نؤمن بقوة الكلمة الح ّرة ‪.‬‬ ‫ارصخوا يك تستعيد سوريا حكايتها تحت ضوء القمر‪.‬‬ ‫ارصخوا… يك تستعيدوا حكايتنا معنا … يك نستعيدها معاً‪.‬‬

‫بيان نرش يف جريدة تاغس شبيغل (‪ )Tagesspiegel‬األملانية يف مهرجان برلني العاملي‬ ‫لألدب يف ‪ 15‬أيلول ‪ / 2014‬ينرش بالعربية يف طلعنا عالحرية للمرة األوىل ‪.‬‬

‫بيان‬


‫‪15‬‬

‫العدد ‪2014 / 9 / 23 - 45 -‬‬

‫و أنا يف الصف األول االبتدايئ ‪ ...‬جاء‬ ‫إىل صفنا تلميذ جديد ‪ ...‬همس تالميذ‬ ‫الصف وقتها أنه أحد الناجني من صربا‬ ‫وشاتيال ‪ ...‬كان اسمه شادي‬ ‫حتى اآلن ‪ ...‬و يف كل يوم ‪ ...‬يدخل‬ ‫تلميذ سوري جديد إىل صفوف‬ ‫مدارس العامل ‪ ...‬ويهمس التالميذ فيام‬ ‫بينهم هذا التلميذ الجديد ‪ ..‬أحد‬ ‫الناجني من سوريا ‪...‬‬ ‫( ‪ 16‬أيلول ‪ ...‬ذكرى مجزرة صربا و‬ ‫شاتيال ‪)...‬‬

‫ال يجر عربة ُمق َع ٍد فقط‪ ..‬إنه يجر خلفه جب ًال من األحزان والخذالن‬ ‫كوباين ‪18.09.2014‬‬

‫واطيني عم يقصفوا واطيني مبشاركة واطيني‬ ‫وتواطؤ واطيني لغرض واطي‪.‬‬ ‫من كل هالوطاوة ما رح يطلع غري وطاوة‪.‬‬

‫وهكذا‪ ،‬أتم السوريون خربتهم يف املوت‪.‬‬ ‫تعذيباً عند سجانهم‪ ،‬وقنصاً ببندقية روسية‪ ،‬بارودة الجار املامنع‪ ،‬براميل رشكائهم يف الوطن‪ ،‬وبسيف الخالفة‪ ،‬وقصف‬ ‫( أصدقاء الشعب السوري )‪.‬‬

‫منوعات‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.