طلععنا عالحرية / العدد 47

‫حرية كرامة مواطنة‬

‫العدد ‪47‬‬

‫مقاالت‬

‫‪2014 / 10 / 26‬‬

‫كوباني و التوتر الكردي ‪ -‬العربي‬ ‫حماية العرض واألرض‬ ‫موت‪ ..‬ورغبات!‬ ‫الحياة والموت وشركاه‬

‫تحقيقات‬ ‫حول االصالح الديني والعلمانية‬ ‫مجلس محافظة ريف دمشق‬ ‫وطواحين دون كيشوت‬

‫تقارير‬

‫درعا‪ :‬النظام يضرب‬ ‫و “الحر” يتقدم‬ ‫هل وصلت داعش إلى كندا‬

‫تقارير‬ ‫اجراءات االدارة الذاتية‬ ‫الديمقراطية لتطبيق قانون‬ ‫“واجب الدفاع الذاتي”‬

‫‪2‬‬

‫افتتاحية‬

‫بقلم فادي محمد‬

‫القضية الثانية‪:‬‬ ‫العدد ‪2014 / 10 / 26 - 47 -‬‬

‫قضيتان معرفيتان‪ ،‬مسألتان من الواجب ومن باب‬ ‫عدم السكوت عىل ثغرات أخطأنا منذ بداية الثورة يف‬ ‫التغايض عنها‪ ،‬ثغرات يدخل منها النظام مدعوما بقوى‬ ‫عاملية‪ ،‬ثغرات تسمح له وسمحت له بتفريغ املحتوى‬ ‫االنساين لنضال السوريني خالل األربعة أعوام املنرصمة‪.‬‬

‫القضية األوىل‪:‬‬

‫ال يكفي من فصائل وتكتالت أو حتى أفراد‪ ،‬تقول أنها‬ ‫اسالمية الفكر‪ ،‬متدينة روحا‪ ،‬ادانتها لتنظيم الدولة بأنه‬ ‫ذراع للنظام‪ .‬اعالن عاملته لألجهزة األمنية والسكوت‬ ‫عن الصفة الدينية االسالمية التي ينسبها داعش لنفسه‪.‬‬ ‫مع العلم أن االدانة األهم واألوىل‪ ،‬االدانة األكرث جذرية‪،‬‬ ‫ولو من باب التاميز عنه بالحد األدىن‪ ،‬هي بالضبط‬ ‫نزع الصفة الدينية عن سلوك هذا التنظيم وكل سلوك‬ ‫مشابه ال ميثل فقط انتهاكا لحقوق الناس بل هو الجرمية‬ ‫بعينها‪ .‬وعدم القبول بأن هذا السلوك – الجرمية هو‬ ‫تحت عنوان من أكرث العناوين تضليال (التطرف الديني)‪.‬‬ ‫ليست تلك الجرائم دينا‪ ،‬وال حتى هي تطرفا بالدين‪.‬‬ ‫عىل كل االسالميني‪ ،‬نرصة للدين ولإلسالم وألنفسهم‬ ‫ولسوريا وللثورة‪ ،‬رفع هذه الراية (ما يحدث ليس دينا‬ ‫حتى من باب التطرف)‪ .‬بدون هذه الراية‪ ،‬هذا االعالن‪،‬‬ ‫لن نتقدم خطوة مبعرفة أنفسنا‪ ،‬وبالتايل تغيريها عمال‬ ‫بالقانون االلهي العظيم (إن ال َّل َه ال ُي َغ ِّ ُي َما ِب َق ْو ٍم َحتَّى‬ ‫ُي َغ ِّ ُيوا َما ِبأَ ْن ُف ِس ِه ْم)‪.‬‬ ‫هذا االعالن ‪ /‬الراية الذي هو مقدمة عمل طويل (واجب‬ ‫وراهن) لتفكيك خطاب القاعدة وحزب الله وكل من‬ ‫يرتكب الجرمية باسم الدين‪.‬‬

‫وهي من وصايا مفكرين كبار‪ ،‬رضورة فحص الكلامت‪،‬‬ ‫كلامتنا‪ ،‬كلامت اآلخرين‪ ،‬وأخطرها ليست الكلامت‬ ‫العادية‪ ،‬بل تلك التي تحمل دالالت ضمن الحيز العام‪.‬‬ ‫وتتمة ملا سبق فلنخضع جميعا كلمة التطرف للفحص‪،‬‬ ‫للفهم ولسياقها الداليل‪.‬‬ ‫بداية ليس التطرف يف منظومة ايديولوجية ما هو‬ ‫الخروج عن هذه املنظومة‪ .‬املتطرف هو جزء من‬ ‫املنظومة‪ ،‬يأخذها ميينا باتجاه املحافظة أو يسارا باتجاه‬ ‫الراديكالية‪ .‬وبالحالتني هو غري منفصل عنها‪ ،‬هو لون من‬ ‫ألوانها‪ ،‬هو اللون الذي يشدد عىل ايديولوجيتها نازعا‬ ‫محتواها الفكري‪ ،‬يشدد عىل النصوص مشيدا قدسيتها‪..‬‬ ‫متناسيا ومتجاهال حركة الواقع وتغريه‪ .‬أو لنقل مبعنى‬ ‫آخر‪ :‬التطرف هو الحفاظ عىل الثابت واستبداده باملتغري‪.‬‬ ‫تاريخيا التطرف له أشكال عديدة‪ ،‬الئحته طويلة (تطرف‬ ‫دولة القانون بفكرة القانون والتغايض عن روح القانون‪،‬‬ ‫التطرف الليربايل بحرية الفرد حتى بات األخري يخاف‬ ‫منها‪ .‬التطرف املاركيس ببناء فردوس اشرتايك متجاهال‬ ‫درجة تطور الروح االنساين‪ .‬التطرف االسالمي بإقامة‬ ‫الحد متجاهال الرشط املوضوعي الذي يعيش فيه البرش‪..‬‬ ‫الخ)‪.‬‬ ‫ليس التطرف بكل ما سبق اال (هوى) عند أصحابه‪،‬‬ ‫ظاهره انقاذ البرشية وجوهره االستبداد‪.‬‬ ‫استكامال ملا سبق‪ ،‬ان الحديث عن جرمية «آلن هينينغ»‬ ‫الذي بات شهيدا سوريا كام هو شهيد االنسانية‪ ،‬اعدامه‬ ‫بيوم ذكرى نهاية القرابني البرشية (أول أيام عيد األضحى‬ ‫املبارك)‪ ،‬الحديث عنها عىل أنها تطرفا دينيا ليس اال‬ ‫تربيرا لها وتسامحا مع القاتل وتواطؤاً ال شعورياً مرتكزاً‬ ‫عىل وحدة االنتامء االيديولوجي‪.‬‬ ‫مطلوب من كل من ينطق الشهادتني فهم هذا املرتكز‬ ‫يك يتاميز عنه فكريا وعقائديا ويعلن تكفريه ‪.‬‬

‫افتتاحية العدد‬

‫للنشر أو مراسلة فريق التحرير‬ ‫‪freedomraise@gmail.com‬‬

‫مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة‬ ‫تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية‬ ‫ويف بعض مخيامت اللجوء‬

‫تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت‬ ‫‪www.freedomraise.net‬‬ ‫‪facebook.com/freeraise‬‬ ‫‪twitter.com/freedomraise‬‬

‫كوباني و التوتر الكردي ‪ -‬العربي‬ ‫عدي الزعبي‬

‫العدد ‪- 47 -‬‬

‫ينتقد وحدات الحامية الكردية وتحالفات الحزب‬ ‫الدميقراطي بالبعثي الصدّامي يعرب عن روح مأزومة‬ ‫يف التفكري الكردي‪.‬‬ ‫يبقى أن ملوضوع تركيا دور رئييس يف صب النار‬ ‫عىل الزيت بني العرب واألكراد‪ .‬يعلم األكراد أن‬ ‫الدور الرتيك يف معركة كوباين غري داعم لهم‪ ،‬إن مل‬ ‫نقل متواطئ يف بعض األحيان مع داعش؛ يف حني‬ ‫يشعر معظم العرب السوريني بامتنان للدور الرتيك‬ ‫والستضافتهم‪ ،‬خصوصاً مقارن ًة مع األشقاء العرب‬ ‫وغري العرب‪.‬‬ ‫قد ال يوجد حل قريب ملشكلة العالقة مع تركيا بني‬ ‫العرب والكرد السوريني‪ ،‬وقد ال يوجد حلول آنية‬ ‫واضحة لتداخل وتناقض التحالفات‪ ،‬ولخيبات األمل‬ ‫املتبادلة‪ .‬ولكن‪ ،‬وراء كل هذه الخالفات املع ّقدة‬ ‫والحقيقية‪ ،‬تكمن الرغبة يف بناء وطن يتسع‬ ‫للجميع‪ .‬العنرصية املسترشية اليوم هي مقتل‬ ‫ملعارك التحرير التي خاضها العرب والكرد يف سوريا‪.‬‬ ‫انتصار كوباين عىل عصابات البغدادي انتصار لنا‬ ‫جميعاً‪ ،‬السقوط يف مستنقع العنرصية انتصار‬ ‫لعصابات البغدادي ولعصابات األسد‪.‬‬ ‫علينا أن نحارب العنرصية املسترشية اليوم كام‬ ‫يحارب أبطال كوباين جحافل الغزاة‪.‬‬

‫‪2014 / 10 / 26‬‬

‫تحارص قوات تنظيم “داعش” مدينة كوباين‬ ‫ذات األغلبية الكردية يف الشامل السوري‪ .‬تدافع‬ ‫قوات الحامية الكردية‪ ،‬املق ّربة من حزب االتحاد‬ ‫الدميقراطي‪ ،‬الذي ُيهادن النظام السوري‪ ،‬بل و رمبا‬ ‫يتعاون معه‪ ،‬عن املدينة باستبسال ّ‬ ‫قل نظريه‪.‬‬ ‫صدرت يف األيام السابقة آراء متطرفة من بعض‬ ‫العرب والكورد‪ ،‬يتبادالن فيها اتهامات عنرصية‬ ‫حول معركة كوباين‪ ،‬وصلت إىل مرحلة غري مسبوقة‬ ‫من التوتر‪ .‬ما أسباب هذا التوتر؟‬ ‫من جهة‪ ،‬يرتاب الكثري من السوريني العرب يف‬ ‫ويرصح بعضهم بأن معركة كوباين‬ ‫الحزب ومقاتليه‪ّ ،‬‬ ‫ال تعنيه‪ ،‬بل ورمبا يذهب إىل أن يتمنّى سقوط‬ ‫املدينة يف يد “داعش”‪ ،‬نكاي ًة “بحلفاء النظام”‬ ‫األكراد‪ .‬من جهة أخرى‪ ،‬ينترش بني األكراد ارتياب‬ ‫من العرب و موقفهم غري الواضح من معركة‬ ‫كوباين‪ ،‬ويرتابون أكرث بعالقة الجيش الحر والكتائب‬ ‫اإلسالمية واملعارضة برتكيا‪ ،‬التي يتهمها األكراد بدعم‬ ‫عصابات البغدادي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يعب‬ ‫هذا االرتياب املتبادل ليس عابرا وال مؤقتا‪ ،‬بل ّ‬ ‫عن مواقف حقيقية اتجاه الثورة والنظام ومستقبل‬ ‫العالقة الكردية – العربية‪ .‬عملياً‪ ،‬يحارب األكراد‬ ‫داعش ويهادنون النظام الذي يهادنهم‪ ،‬ويرتابون‬

‫بعالقة العرب باألتراك؛ يحارب العرب النظام‬ ‫ويرتابون يف عالقة األكراد به‪ ،‬ويتحالفون مع تركيا‬ ‫عدو الكرد‪.‬‬ ‫تغيب الحساسية املطلوبة لتف ّهم الطرف اآلخر‬ ‫وإشكاليات تحالفاته املع ّقدة؛ ويغيب‪ ،‬بوضوح‪ ،‬أي‬ ‫مرشوع متكامل ملواجهة النظام وداعش معاً‪ ،‬يعطي‬ ‫للمعارك بعداً إنسانياً كونياً‪ .‬فشل الطرفان يف إعطاء‬ ‫قضيتهم البعد اإلنساين املنفتح عىل قيم كونية‬ ‫تضمن الحرية والكرامة للسوريني عرباً وأكراداً‪.‬‬ ‫من جهة‪ ،‬عىل العرب أن مي ّيزوا بني حسابات سياسية‬ ‫مع ّقدة‪ ،‬وغري أخالقية‪ ،‬يقوم بها قادة الحزب‬ ‫الدميقراطي‪ ،‬وبني معركة يخوضها أبناء كوباين دفاعاً‬ ‫عن مدينتهم يف وجه غزو بربري تقوده عصابات‬ ‫البغدادي‪ .‬ال يجوز‪ ،‬بسبب استنكارنا وخيبتنا من‬ ‫حيادية الحزب الكردي الرئييس‪ ،‬أن نشجع أو ندعم‬ ‫أو نتجاهل جرائم عصابات البغدادي‪.‬‬ ‫من جهة أخرى يبدو أن الكرد يتجاهلون خيبة أمل‬ ‫العرب من دعم قوات التحالف لهم يف معاركهم‬ ‫ضد داعش‪ ،‬وترك بقية السوريني ملصريهم يف‬ ‫مواجهة األسد وداعش‪ .‬التغايض عن حيادية‬ ‫األحزاب الكردية يف عالقتها مع األسد‪ ،‬وكيل التهم‬ ‫جزافاً إىل كل من يتعاون مع تركيا‪ ،‬ووسم كل من‬

‫‪3‬‬

‫مقاالت‬

‫حول االصالح الديني والعلمانية‬ ‫‪4‬‬

‫ليلى الصفدي‬

‫العدد ‪2014 / 10 / 26 - 47 -‬‬

‫تحقيقات‬

‫شغلت حادثة الرجم التي نفذها داعش يف ريف‬ ‫حامة قبل ايام المرأة “زانية”‪ ،‬شغلت الرأي العام‬ ‫ومواقع التواصل االجتامعي املختلفة‪ .‬وأثارت‬ ‫الحادثة مجددا جدالً كبرياً حول أحكام الدين‬ ‫اإلسالمي مبا يخص الزنا وح ّد الرجم مضافة إىل‬ ‫املامرسات األخرى املرعبة من قطع الرؤوس‬ ‫وقطع اليد إىل اإلعدامات امليدانية العنيفة التي‬ ‫تنفذ باسم الله والدين‪.‬‬ ‫ولعل املرحلة املقبلة من تاريخنا وثقافتنا سوف‬ ‫تشهد تصاعداً متزايداً يف هذا الجدل القديم‬ ‫الحديث‪ ،‬حيث اصبحنا نلمس أكرث من أي‬ ‫وقت مىض مدى خضوع حارضنا ملاضينا‪ ..‬ومدى‬ ‫انحباسنا يف اشكاليات املايض القديم رغم القرشة‬ ‫الحداثية املشوهة التي فرضتها عملية احتكاكنا‬ ‫بالثقافة الغربية ومتطلبات العوملة‪.‬‬ ‫ويف هذا السياق تكتسب محاوالت االجتهاد‬ ‫وتحديث الدين التي اضطلع بها باحثون‬ ‫ومؤلفون متدينون أهمية خاصة قد تؤسس فعال‬ ‫لثقافة وليدة تساير العرص وتحد من العنف‬ ‫عرب ترسيخ قيم التسامح والدميوقراطية والتعدد‬ ‫التي تأيت هذه املرة من داخل الثقافة اإلسالمية‪..‬‬ ‫ومن قلب النص الديني‪ ،‬ال من الخارج املكروه‬ ‫واملرفوض مسبقاً‪ ..‬ونعني الثقافة الغربية‪.‬‬ ‫ورمبا كانت أهم هذه املحاوالت عىل الساحة‬ ‫العربية واإلسالمية‪ ،‬وعىل الساحة السورية‬ ‫خصيصاً‪ ،‬محاوالت الشيخ جودت سعيد والدكتور‬ ‫محمد شحرور‪ ،‬السوريان اللذان يعايشان يومياً‬ ‫تجربة الثورة السورية ويتفاعالن مع قراؤهم‬ ‫عرب مواقع التواصل االجتامعي‪ ،‬بعد ان قضيا‬ ‫سنني طويلة يف البحث والتنقيب‪ ..‬ونرشا عرشات‬ ‫املؤلفات الهامة التي لقيت اهتامماً محدوداً‬ ‫حتى األمس‪ ..‬وعدا ًء ملحوظاً من التيارات‬ ‫املتطرفة‪.‬‬ ‫يعود الدكتور محمد شحرور لآليات القرآنية‬ ‫يف بحوثه‪ ،‬وال يعترب األحاديث النبوية والفقه‬ ‫واملامرسات التاريخية مرجعاً للتفسري‪ ،‬إمنا‬ ‫يعتربها ابنة العرص الذي جاءت فيه‪ ،‬فيام يعترب‬ ‫القرآن عابراً للعصور‪.‬‬ ‫وفيام خص مسألة ح ّد الرجم والزنا جاءت سورة‬ ‫النّور‪ ،‬قال تعاىل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫فاج ِلدوا كل واحد منهام مائة‬ ‫”الزَّانية والزَّاين ْ‬ ‫َج ْلدة وال تأخذكم بهام َرأْ َف ٌة يف دين الله‪”..‬‬ ‫النّور‪2‬‬

‫إال أن تطبيق هذا العقاب بالجلد يحتاج إىل‬ ‫أربعة شهود‪ ،‬ويبدو أن مسألة الشهود األربعة‬ ‫يف الزنا تحظى باجامع علامء اإلسالم وهي من‬ ‫رشوط إقامة الحدّ‪ ،‬وإذا ُو ِجد ثالثة شهداء‬ ‫يقسمون عيل رؤيتهم فعل الفاحشة بني الرجل‬ ‫تم َج ْلد الثالثة‬ ‫واملرأة َع ْيناً‪ ،‬ومل يوجد رابع معهم‪ّ ،‬‬ ‫مثانني َج ْلدة تحت باب قذف األعراض‪..‬‬ ‫حيث قال تعاىل ‪“ :‬والذين يرمون املحصنات ثم‬ ‫مل يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم مثانني جلدة”‪.‬‬ ‫ومن ذلك نستنتج حسب الدكتور شحرور أن‬ ‫الج ْلد مقصورة عىل الفاحشة ال َع َلن ّية‬ ‫عقوبة َ‬ ‫فقط‪ ،‬ففي التفصيل يؤكد الدكتور شحرور ما‬ ‫ييل‪:‬‬ ‫“إن ارتكاب الفاحشة بني ذكر وأنثي ال يسمي زنا‬ ‫إال إذا تو ّفر الشهداء األربعة‪:‬‬ ‫عالقة جامع غري رشعية بني رجل وامرأة = فاحشة‬ ‫عالقة جامع غري رشعية بني رجل وامرأة ‪ +‬أربعة‬ ‫شهداء = زنا‬ ‫إذن الزنا = فاحشة ‪ +‬أربعة شهداء ‪ ،‬وهنا فقط‬ ‫ميكن إقامة ح ّد الجلد‪.‬‬ ‫انتقلت هنا الفاحشة من بند الذنوب مع الله‬ ‫عندما مل تكن علن ّية إىل بند الس ّيئات مع الناس‬ ‫بالج ْلد ألنها‬ ‫بعلنيتها‪ ،‬فاستحقت عقوبة املجتمع َ‬ ‫أساءت إليه‪.‬‬ ‫فأما الفاحشة‪ ،‬فتج ّبها التوبة النَصوح مصداقاً‬ ‫لقوله‪” :‬والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا‬ ‫أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم‪ ”..‬آل‬ ‫عمران ‪ ، 135‬ثم أن اشتقاق اسم الفاعل من‬ ‫الفعل‪ ،‬ال يكون إال إذا كان هناك تكرار‪ ،‬أو‬ ‫صارت مهنة؛ فحني تحدّث عن عقوبة الرسقة‪ ،‬مل‬ ‫السارق‬ ‫يقل‪ :‬ومن يرسق فاقطعوا يده‪ ،‬بل قال ّ‬ ‫والسارقة؛‬ ‫ّ‬ ‫إال يف القتل‪ ،‬فجرمية واحدة كافية ألن تع ّرض‬

‫مرتكبها لحكم اإلعدام‪ ،‬يقول الحق‪:‬‬ ‫”ومن يقتل مؤمناً متع ّمداً فجزاؤه جهنّم ‪”..‬‬ ‫النساء‪93‬‬ ‫ولكن يف آية النور مل يشتقّ اسم الفاعل من (نكح)‬ ‫وإمنا من (زن) ما يعني أن الشهوة ز ّنت عىل‬ ‫الزاين حتى أنه تجاوز الخوف من الله والخوف‬ ‫من املجتمع‪ .‬ففي تجاوز الخوف من الله ارتكب‬ ‫الفاحشة‪ ،‬ويف تجاوز الخوف من املجتمع قام بها‬ ‫َع َلناً‪ ،‬ولهذا يكون‪:‬‬ ‫الزنا = الفاحشة ال َع َلن ّية‬ ‫وهنا نالحظ دقة التنزيل الحكيم‪ ،‬حني يحدّثنا عن‬ ‫صف عنه الفحشاء‪ ،‬ومل َي ُقل رصف‬ ‫يوسف‪ ،‬بأنه َ َ‬ ‫ُ‬ ‫عنه الزنا‪ ،‬ألنه كان مع امرأة العزيز وحدهام‪ ،‬وال‬ ‫يوجد شهداء‪.‬‬ ‫وقد يقول قائل‪ :‬إن هناك ماليني من حاالت‬ ‫الفاحشة‪ ،‬تحدث يومياً يف العامل‪ ،‬ال ُتقام عليها‬ ‫حدود‪ ،‬وأقول‪ :‬ألنها فاحشة وليست زنا؛ ويف هذه‬ ‫الحالة يطلب الله من مرتكبيها التوبة واالستغفار‪،‬‬ ‫كام يف قوله تعايل‪:‬‬ ‫”والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا‬ ‫الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إال‬ ‫الله ‪ ”..‬آل عمران ‪135‬‬ ‫ويف ذلك أقول‪ :‬فإذا صدقت ن ّية التوبة وأخلص‬ ‫العزم عيل عدم العودة‪ ،‬بدّل الله الس ّيئات‬ ‫حسنات‪ ،‬مصداقاً لقوله تعايل‪..” :‬إال من تاب وآمن‬ ‫وعمل عم ًال صالحاً فأولئك يبدّل الله س ّيئاتهم‬ ‫حسنات‪ ”..‬الفرقان ‪70‬‬ ‫وهنا ّ‬ ‫تتجل عني الرحمة‪ ،‬وال ّرحامن ّية الح ّقة‪ ،‬ما‬ ‫حب الله لعباده ليس التائبني فحسب‪،‬‬ ‫يؤكد عيل ّ‬ ‫ولكن “الت ّوابني”‬ ‫صيغة مبالغة من تكرار ال ّت ْوبات‪ ،‬وال يكون تكرار‬ ‫التوبة إال بسبب تكرار الوقوع يف الذنوب”‪.‬‬ ‫وعىل صفحته عىل الفيسبوك علق الدكتور شحرور‬

‫تحقيقات‬

‫لكن كيف ينظر املثقفون العلامنيون ملثل هذه‬ ‫املحاوالت واالجتهادات‪ ،‬وهل يعتربون اإلصالح‬ ‫الديني رضورة أو مقدمة لإلصالح السيايس؟ أمل‬ ‫تثبت األحداث ومآالت الثورات أن الحرية ليست‬ ‫قاب قوسني من اسقاط األنظمة؟‬ ‫يف هذا االستطالع املخترص حاولت أن أجمع آراء‬ ‫العديد من الكتاب واملثقفني‪ ،‬دون الخوض مع‬ ‫املتدينني والذين يحتاجون إىل باب آخر‪ .‬يقول‬ ‫أحد الكتاب الشباب والذي فضل عدم ذكر اسمه‪:‬‬ ‫“االصالح الديني ممر اجباري‪ ،‬العلامنية والقوانني‬ ‫املدنية هي االبن الرشعي لإلصالح الديني‪ ،‬وأي‬ ‫كالم آخر هو هروب إىل األمام”‪.‬‬ ‫الشاعر والصحفي الفلسطيني السوري رامي‬ ‫العاشق ورغم اقراره بأهمية االجتهاد والذي يعترب‬ ‫ركناً أساسياً يف الترشيع اﻹسالمي‪ ،‬إال أنه يعتقد‬ ‫“أنه بعد أربعة عرش قرنا من الزمان‪ ،‬ما خرج‬ ‫من اجتهادات يكفي” ويتعجب “كيف ال ينتهي‬ ‫تفسري النص بعد أكرث من ألف عام”!!‬ ‫ويضيف‪“ :‬شخصيا أحرتم كل هؤالء املجددين‬ ‫املطالبني بثورة دينية‪ ،‬وأدافع عنهم‪ ،‬ليس ﻷنني‬ ‫مقتنع بعدالة نصهم وأحقيته وقدرته عىل الحكم‪،‬‬ ‫بل ﻷنني أرى رؤيتهم اﻹنسانية التي تتقاطع‬ ‫معي‪ ،‬ولو أين أرى أن محاوالتهم التجديدية يف‬ ‫الدين ليست أكرث من جرعات مخدر ال يشفي من‬ ‫املرض‪ .‬فلم ينجح املسيحيون املجددون سابقا إال‬ ‫عندما ظهرت ثورة العلامنية عىل سلطة الكنيسة”‪.‬‬ ‫الكاتب الشاب عيل فاروق من قدسيا يف ريف‬ ‫دمشق يرى أن الحدود يف اإلسالم قضايا ثابتة‪،‬‬

‫أما الباحث جاد الكريم الجباعي فهو ينتقد‬ ‫العلامنيني الذين يخوضون يف هذا املوضوع‪،‬‬ ‫“خاصة عندما يواجهون بعض النصوص املقدسة‬ ‫ببعضها اآلخر‪ ،‬كالربهنة عىل أن اإلسالم أنصف‬ ‫املرأة‪ ،‬ألن هذه الطريقة تؤدي إىل إنقاذ التقليد”‪،‬‬ ‫ويضيف‪“ :‬ال أرى أن اإلصالح الديني من مهامت‬ ‫العلامنيني‪ ،‬بل عىل العكس عىل العلامنيني أن‬ ‫يحارصوا الالهوتيني فيجربوهم عىل اإلصالح”‪،‬‬ ‫مؤكداً أن نقد الدين مل يبدأ يف بالدنا بعد‪ ،‬ومل‬ ‫ينته عند غرينا‪ ،‬بل مثة عودة إىل التعصب الديني‬ ‫يف معظم دول العامل ومنها دول متقدمة‪ ،‬ليخلص‬ ‫إىل أن “نقد الدين ونقد الفكر الديني ونقد نقد‬ ‫الفكر الديني يجب أن ُيفتح من قبل علامنيني‬ ‫كنرص حامد أبو زيد الذين قدموا لالهوتيني‬ ‫خدمات جليلة‪ .‬وأن تناقش قضية الرجم والجلد‬ ‫والعقوبات من موقع الحداثة وبداللة حقوق‬ ‫اإلنسان وعىل أرضية القوانني الوضعية‪ ،‬مع‬ ‫إبراز الطابع البدايئ لألحكام الدينية والتشكيك‬ ‫يف صحة النصوص‪ ،‬ونزع القدسية عنها‪ ،‬مبا هي‬ ‫نصوص تاريخية مل تعد تربطنا بها أي عالقة”‪.‬‬ ‫إال أنه يستدرك مؤكداً أنه يقدر متاماً الالهوتيني‬ ‫الذين يخوضون معركتهم من الداخل مثل‬ ‫الدكتور شحرور والشيخ جودت سعيد‪ ،‬ويقول‪:‬‬ ‫“هم من أصدقايئ األعزاء أحرتم آراءهم وأعتقد‬ ‫أنهم يؤسسون ملرشوع إصالح ديني عىل املدى‬ ‫البعيد‪ ،‬نعم يجب اإلشادة بجهودهم‪ ،‬لكن من‬ ‫دون تبني وجهات نظرهم”‪.‬‬ ‫ويختم قائ ًال‪“ :‬املسألة يف نظري هي إعادة‬ ‫التفكري يف العلامنية عىل أنها رشط انعتاق األفراد‬ ‫من ربقة التقليد ورشط تشكل منظامت املجتمع‬ ‫املدين‪ ،‬عىل أن نفرق تفريقاً حاس ًام بني املجتمع‬ ‫املدين واملجتمع السيايس‪ ،‬ونرتك الدين مستق ًال يف‬ ‫رحاب املجتمع املدين ينمو ويتطور وفق قوانينه‬ ‫الخاصة‪ .‬املهم عندنا اليوم تأسيس فكرة املواطنة‬

‫الكاتب الشاب ماهر مسعود يقر بأهمية‬ ‫اإلجتهاد عىل أساس العقل‪“ :‬عندما يتعارض‬ ‫النص والعقل‪ُ ،‬يؤول النص مبا يتفق مع العقل‪،‬‬ ‫هذا كان جواب املعتزلة وابن رشد أيضاً‪ ..‬فطاملا‬ ‫أن العقل هو أهم هبة إلهية‪ ،‬وإليه تعود مسألة‬ ‫التحسني فيجب أن نؤول النص تبعا للعقل‬ ‫والعرص”‬ ‫وهو يثمن جهود املجددين ويعترب أنهم ميثلون‬ ‫الجانب املعتدل لإلسالم وأنهم أقلية فكرياً وليس‬ ‫هناك أرضية اجتامعية سياسية لدعمهم مبعنى‬ ‫ما‪ ،‬وال توجد مؤسسات مدنية ودينية تدعمهم‬ ‫وتسهل نرش أفكارهم املتنورة واملتسامحة‪.‬‬ ‫إال أنه أيضاً يعود ملسألة العلامنية‪“ :‬ال بد من‬ ‫فصل الدين عن السيادة والسلطة‪ ،‬أي عن الحكم‬ ‫العام‪ ،‬ومن مثة فصله عن السياسة‪ ،‬عندما نحدد‬ ‫السياسة ضمن إطار الدولة عىل أنها عالقات‬ ‫القوة والسيطرة خارج األخالق‪ ،‬للوصول إىل‬ ‫السلطة‪ .‬وذلك ال مينع رجل دين أن يدخل‬ ‫املعرتك السيايس إن أراد ذلك‪ ،‬ولكن ليس بصفته‬ ‫الدينية‪ ،‬بل بصفته مواطن خاضع لقوانني الدولة‬ ‫ودستورها الوضعي”‪.‬‬ ‫ويضيف‪ْ”“ :‬إن ابقاء الدين ضمن السيادة‬ ‫والسلطة ييسء للدين‪ ،‬لقدسية الدين‪ ،‬ويجعله‬ ‫كحزب سيايس أريض يخطئ اكرث مام يصيب‪،‬‬ ‫وميحي أهم ما يف فيه وهو قابلية الدين لكل‬ ‫البرش‪ ،‬أي يصبح الدين هو لبرش مخصوصني‬ ‫و”فرق ناجية” تسعى سياسيا اىل السلطة وليس‬ ‫اىل عبادة الله”‪.‬‬ ‫يبدو أخريا أن آراء املجتهدين واملجددين املتدينني‬ ‫قد تلقى القبول والتشجيع من العلامنيني لكن‬ ‫بالطبع من دون تبنيها‪ ،‬لكن من املرجح أن تقابل‬ ‫بالرفض والنفور من املتطرفني‪ ،‬لتبقى مساحة‬ ‫املتنور املعتدل ضيئلة للغاية‪ ،‬وال تبدو عندها‬ ‫غريبة رصخة الشيخ جودت من عىل صفحته‬ ‫عىل الفيسبوك‪:‬‬ ‫“نحتاج إىل قدم مربع نقف عليه من الحق‪،‬‬ ‫نقول الحق وال نخاف‪ .‬بالل كان عنده قدم مربع‬ ‫من الحق‪ ،‬ولسان حاله يقول‪ :‬أشهد أن ما يدعو‬ ‫إليه محمد حق‪ ،‬وما أنتم عليه يا قريش باطل‪،‬‬ ‫اقتلوين إن شئتم‪ .‬وأنا أقول‪“ :‬االتحاد األورويب‬ ‫حق‪ ،‬والتمزق العريب باطل‪ ،‬الدميقراطية حق‪،‬‬ ‫والطغيان باطل‪ ...‬اقتلوين إن شئتم”‪.‬‬

‫العدد ‪2014 /10 / 26 - 47 -‬‬

‫قبل أيام عىل حادثة الرجم قائ ًال‪:‬‬ ‫“كل ما يذكره الفقه املوروث‪ ،‬عن وجود آية‬ ‫للرجم يف التنزيل الحكيم‪ ،‬ومتت إزالتها‪ ،‬هو إساءة‬ ‫بحق كتاب الله”‪ .‬ويضيف معلقاً عىل ما يسمى‬ ‫جرائم الرشف‪“ :‬أرى أن جرائم الرشف التي تحدث‬ ‫يف بالدنا‪ ،‬بحيث يقتل األخ أخته بحجة الزنا‪ ،‬وال‬ ‫يعاقب‪ ،‬أو يعاقب عقوبة مخففة‪ ،‬هذه الجرائم ال‬ ‫تقل وحشية عام ارتكبته داعش”‪.‬‬ ‫ويؤكد يف هذا السياق أن الرشف مسألة نسبية‬ ‫تتعلق بالثقافة ومستوى الوعي والتقدم يف مجتمع‬ ‫معني‪“ ،‬فعندنا رشف الرجل يف فرج أمه وأخته‬ ‫وابنته‪ ،‬وعند الياباين الرشف يف إتقانه لعمله‪ ،‬وقد‬ ‫ينتحر إذا فشل فيه‪ ،‬أما نحن فقد لحقت الهزائم‬ ‫بجيوشنا‪ ،‬ومل نسمع أن ضابطاً واحداً قد انتحر”‪.‬‬ ‫***‬

‫وعىل األغلب ال ميكن تجاوزها‪ ،‬وال تغيريها‪ ،‬وال‬ ‫إصالحها‪ ،‬كام أنه يصعب إخضاع اإلسالم لعملية‬ ‫إصالح شبيهة بالحركة اإلصالحية املسيحية‬ ‫األوروبية ألسباب كثرية‪ ،‬ومتعددة‪ .‬ويف املحصلة‬ ‫يعترب أن تجاوز الحدود أو القفز فوقها ال‬ ‫ميكن ان يكون إال سياسياً‪ ،‬وذلك “عن طريق‬ ‫فصل الدين عن الدولة‪ ،‬واعتامد دولة مدنية‬ ‫دميقراطية حديثة‪ ،‬تحفظ حقوق الناس‪ ،‬وتراعي‬ ‫حرياتهم مبا فيها حرية اإلميان‪ ،‬واالعتقاد”‪.‬‬

‫القامئة عىل الحرية واملساواة والعدالة”‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫حماية العرض واألرض‬ ‫‪6‬‬

‫شوكت غرزالدين‬

‫العدد ‪2014 / 10 / 26 - 47 -‬‬

‫يتنامى النقاش والكالم حول “حامية العرض‬ ‫واألرض” يف محافظة السويداء ذات األغلبية‬ ‫الدرزية‪ .‬ويتعلق هذا التنامي مبسألتني أساسيتني‬ ‫مرتابطتني‪:‬‬ ‫املسألة األوىل هي التخوف والقلق عىل “العرض‬ ‫واألرض”‪ ،‬لدى أبناء وبنات املحافظة ومغرتبيها‪،‬‬ ‫من الخطر املحتمل الذي تشكله قوى الثورة‬ ‫العسكرية وال س ّيام اإلسالمية منها‪ ،‬وذلك إذا ما‬ ‫أتيحت الفرصة لهذه القوى بتحرير املحافظة‬ ‫من سيطرة النظام عليها‪ .‬وميكن إضافة َّأن هذا‬ ‫التخوف والقلق رافق ظهور “الجيش الحر” ثم‬ ‫ظهور “الكتائب اإلسالمية” ثم ظهور “جبهة‬ ‫النرصة” واآلن ظهور تنظيم “الدولة اإلسالمية يف‬ ‫العراق والشام” أو ما يخترص بكلمة “داعش”‪.‬‬ ‫أما املسألة الثانية فهي التصور امل َّكون عن “الدروز”‬ ‫عند بعض قوى الثورة واألفعال التي قامت بها‬ ‫استناداً لتصورهم هذا‪ ،‬من جهة‪ ،‬والتصور امل َّكون‬ ‫عن قوى الثورة عند “الدروز” أنفسهم ومحاوالت‬ ‫تحويل تصورهم إىل فعل يرشده مبدأ “حامية‬ ‫العرض واألرض” من جهة أخرى‪.‬‬ ‫ويتلخص التصور عموماً‪ ،‬عند بعض قوى الثورة‪،‬‬ ‫أن “الدروز “ عبارة عن “حصان طروادة” يهدف‬ ‫لتقويض الوطن‪ ،‬أو “طابور خامس” شغله‬ ‫التجسس عىل أبناء الوطن لصالح أعداءه‪ ،‬أو‬ ‫“حركة شعوبية”‪ ،‬حسب “أحمد أمني”‪ ،‬بيد الفرس‬ ‫للنيل من وحدة األمة؛ أي‪ ،‬خنجر بخارصة األمة‪.‬‬ ‫ويتغذى هذا التصور البائس من الجهل وبعض‬

‫وقائع التاريخ وبعض الفتاوى” بحق “الدروز”‬ ‫و ُيهمل واقع أن “الدروز” جزء ال يتجزأ من‬ ‫املنطقة‪.‬‬ ‫ويتلخص التصور املضاد‪ ،‬عند “الدروز”‪ ،‬عن قوى‬ ‫الثورة‪ ،‬أنها قوى إسالمية ال تقبل “الدروز” بينها‪،‬‬ ‫وأنهم إذا حاولوا دخول املحافظة واقتحامها‬ ‫سينكلون بأهلها قت ًال وتعذيباً وتهجرياً‪ ...‬و ُيهمل‬ ‫هذا التصور واقع َّأن هذه القوى يف ثورة‪.‬‬ ‫وهكذا تك َّون وانترش مبدأ “حامية العرض‬ ‫واألرض” يف محافظة السويداء لريشد “الدروز”‬ ‫يف فعلهم املضاد لهذا التصور ولألفعال التي‬ ‫تؤكده‪ .‬وانطالقاً من هذه الحالة ميكن لنا تقديم‬ ‫املالحظات النقدية التالية لهذا املبدأ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬يؤكد هذا املبدأ هذيان التصور القائم عند‬ ‫بعض قوى الثورة‪ ،‬بدل أن يقوضه‪ .‬فهو مبدأ‬ ‫حرصي “يخص الدروز” ضد أكرثية املنطقة التي‬ ‫ينتمون لها‪ ،‬ويتامهى مع الطائفة ال مع ابناء‬ ‫الوطن‪.‬‬ ‫‪ - 2‬استخدام هذا املبدأ كذريعة ملشاركة بعض‬ ‫“الدروز” يف أعامل القتل والتعذيب والخطف‬ ‫والنهب‪...‬‬ ‫‪ - 3‬اقتصار هذا املبدأ عىل الحدود اإلدارية الخاصة‬ ‫باملحافظة؛ أو ما ميكن تسميته خطوط التامس مع‬ ‫محافظتي درعا وريف دمشق من جهة‪ ،‬والبادية‬ ‫واألردن من جهة أخرى‪.‬‬ ‫‪ - 4‬اختزال مفاهيم الحرية والكرامة واملواطنة‬

‫بهذا املبدأ املحيل‪ .‬وعدم االنطالق منه بوصفه‬ ‫دفاعاً عن النفس يتأسس عىل مفاهيم العروبة‬ ‫واإلسالم واملواطنة‪.‬‬ ‫‪ - 5‬يربر “للدروز” التقوقع ويدعوهم لالنعزال‬ ‫واالعتزال واالدعاء بالوقوف عىل مسافة واحدة‬ ‫من جميع األطراف املتحاربة‪.‬‬ ‫‪ - 6‬يدعو بعض “الدروز” إىل التامدي يف التفكري‬ ‫بتشكيل “كيان درزي” واختالق عدو وهمي‬ ‫يتمثل يف “البدو” من أبناء وبنات املحافظة‬ ‫واملحافظات املجاورة‪.‬‬ ‫‪ - 7‬ينطلق هذا املبدأ من قناعة راسخة َّأن “حامية‬ ‫العرض واألرض” ال تكون إال بالسالح‪ .‬ولكن السالح‬ ‫غري متوفر؛ فعىل الرغم من مرور ثالث سنوات‬ ‫ونصف مل توجد جهة تريد تسليح املحافظة شعبياً‬ ‫للدفاع عن نفسها ضد األخطار املحتملة‪َّ ،‬‬ ‫وجل ما‬ ‫تريده هذه الجهات هو تسليح بعض املجموعات‬ ‫من املحافظة الستثامرها‪ .‬وتجربة “عني العرب‪/‬‬ ‫كوباين” ماثلة للعيان‪.‬‬ ‫‪ - 8‬ينفصل هذا املبدأ عن التاريخ الوطني امليلء‬ ‫بالتضحيات الذي يفتخر “الدروز” به؛ إنه التاريخ‬ ‫امليلء مبقارعة االستعامر‪ ،‬والرتادف عىل املرشوع‬ ‫القومي العريب وقضية فلسطني‪ ،‬وتحولهم إىل‬ ‫مواطنني يطلبون املساواة فيام بني أبناء الوطن‬ ‫الواحد‪.‬‬ ‫‪َّ - 9‬إن هذا املبدأ مبدأ إجرايئ للتعبئة الطائفية‬ ‫واملذهبية والتربير‪ ،‬وهو احرتازي ملواجهة خطر‬ ‫محتمل موجود بالتصورات وغري موجود بالواقع‪.‬‬

‫مقاالت‬

‫مجلس محافظة ريف دمشق‬ ‫وطواحين دون كيشوت‬ ‫‪7‬‬

‫أبو القاسم السوري‬

‫العدد ‪2014 / 10 / 26 - 47 -‬‬

‫املحافظة بشكل سليم وتفعيله ومعالجة مشاكله‬ ‫وتجاوزها ولعل أهم الخطوات التي ميكن ان تتخذ‬ ‫يف هذا الصدد هي‪ - 1 :‬البحث عن اوسع قدر من‬ ‫الرشعية الشعبية التمثيلية ملجلس املحافظة وال‬ ‫ميكن ان يتم ذلك إال ببناء مجالس محلية عىل‬ ‫أساس انتخابات شعبية مبارشة وبواسطة صناديق‬ ‫اقرتاع مكتملة املواصفات أي العمل عىل ترسيخ‬ ‫رشعية النواة االوىل وهي املجلس املحيل‪.‬‬ ‫‪ - 2‬وضع قوانني ولوائح تنظيمية ناظمة للعمل‬ ‫ملجالس املحلية وتكون معيار لعمل هذه املجالس‪.‬‬ ‫‪ - 3‬تفعيل املشاركة الشعبية مع املجالس املحلية‬ ‫الفرعية ومع مجلس املحافظة مبا يسهم بتحقيق‬ ‫ترابط فعيل بني الشارع ومؤسسات الثورة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬البحث عن موارد مالية ذاتية مثل املشاريع‬ ‫التنموية وفرض الرسوم مقابل الخدمات الرضورية‪.‬‬ ‫وعىل املستوى الوطني‪ ،‬يجب العمل للسيطرة عىل‬ ‫مصادر الرثوة الوطنية وعىل راسها الرثوة النفطية‬ ‫ألنه طاملا بقي متويل مؤسسات الثورة يعتمد عىل‬ ‫مصدر خارجي وليس مصدر وطني ستبقى هذه‬ ‫املؤسسات رهينة الخارج واجنداته‪.‬‬ ‫ان التوصيف السابق ال ينطبق فقط عىل مجلس‬ ‫محافظة ريف دمشق‪ ،‬بل هو حال اغلب‬ ‫مؤسسات الثورة من الحكومة املؤقتة اىل اصغر‬ ‫مؤسسة ثورية‪ .‬فأغلبها هياكل وهمية فارغة‬ ‫دون محتوى او مضمون وهي عبارة عن مكاتب‬ ‫بأسامء كبرية وافعال صغرية‪ ،‬ولعل هذا املؤسسات‬ ‫والرصاع عليها اقرب اىل الطواحني يف اسطورة دون‬ ‫كيشوت وإذا ما بقينا نسري يف بناء مؤسساتنا عىل‬ ‫هذا املنوال نكون حقا نقوم بدور دون كيشوت‬ ‫دون ان ندرى او رمبا ونحن ندري‪.‬‬

‫تحقيقات‬

‫مع طول عمر الثورة‪ ،‬ونتيجة ازدياد الحاجة لبناء‬ ‫مؤسسات إدارية ثورية لتقوم باملهام الخدمية‬ ‫واملعيشية للمواطن وخاصة يف املناطق املحررة‬ ‫والخارجة عن سيطرة النظام‪ ،‬ألجل ذلك ولدت‬ ‫فكرة وجود املجالس املحلية باعتبارها النواة‬ ‫األوىل يف بناء الدولة املعارصة‪ ،‬وباعتبارها الجسم‬ ‫والهيكل اإلداري االكرث قدرة عىل متثيل الناس‬ ‫والتواصل معهم والعمل عىل معالجة مشاكلهم‬ ‫الحياتية‪ ،‬وقد لوحظ عدد من العوامل أثرت سلباً‬ ‫يف مسرية تشكيل املجالس املحلية وهي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬غياب أي ناظم موحد لتشكيل املجالس‬ ‫املحلية‪ ،‬فلكل مجلس خصوصية تختلف عن االخر‬ ‫يف طريقة التشكيل فبعضها منتخب بشكل مبارش‬ ‫من اهايل القرية او املدينة‪ ،‬وبعضها منتخب‬ ‫بشكل جزيئ عن طريق هيئة عامة مختارة‪ ،‬وأخرى‬ ‫شكلت بالتوافق بني الفاعلني والناشطني‪ ،‬وبعضها‬ ‫شكلت بالقوة العسكرية للواء او كتيبة‪ ،‬واخرى‬ ‫كانت تحت عباءة دينية لهيئة او مجلس رشعي‪،‬‬ ‫وهذا األمر خلق تفاوت واختالف يف رشعية كل‬ ‫مجلس ويف بعض االوقات أثرت طريقة تشكيل‬ ‫املجلس عىل عمل املجلس ولرمبا جمدته بالكامل‪.‬‬ ‫‪ - 2‬غياب أي مرجعية إدارية تربط املجالس‬ ‫املحلية مع بعضها أو مع مؤسسة او هيكل إداري‬ ‫أعىل منها سلطة‪ ،‬وبذلك أصبحت املجالس املحلية‬ ‫أشبه بالسلطات املستقلة وهي مكشوفة لكل من‬ ‫يريد ان يعبث بها لغياب أي سند سلطوي ميكن‬ ‫أن يكون عونا لهذه املجالس‪.‬‬ ‫‪ - 3‬غياب الدعم الالزم لنجاح عمل املجالس‬ ‫فلم تستطع هذه املجالس تلبية الطموحات التي‬ ‫كانت تعول عليها‪.‬‬ ‫ومع تشكيل الحكومة السورية املؤقتة بدأ التوجه‬ ‫جاداً لتشكيل مجالس للمحافظات تكون املجالس‬ ‫املحلية هي نواتها الفعلية ومنها مجلس محافظة‬ ‫ريف دمشق الذي كانت والدته يف ‪2014 19-4-‬‬ ‫بعد مخاض عسري دام اكرث من ‪ 6‬اشهر حيث‬ ‫حاولت العديد من القوى أن تسحب مركز قراره‬ ‫من الداخل باتجاه الخارج وهو ما سبب بوالدة‬ ‫مجلس محافظة مشوه‪ ،‬واليوم وبعد ان قاربت‬ ‫املدة الزمنية لهذا املجلس من االنتهاء‪ ،‬وهي ستة‬ ‫اشهر كان من الرضوري تسجيل عدد من النقاط‬ ‫التي اكتنفت تجربة مجلس محافظة ريف دمشق‬

‫خالل املدة املاضية وهي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬ال زالت مصيبة التجاذبات السياسية والهادفة‬ ‫اىل وضع موالني لبعض التيارات السياسية الثورية‬ ‫عىل كرايس سلطوية هي باألساس كرايس فارغة‬ ‫وهشة وهي كرايس اسمية اكرث منها فعلية تعد‬ ‫اكرب مصيبة تعاين منها الثورة السورية وتسهم‬ ‫هذه املصيبة يف تعطيل بناء املؤسسات االدارية‬ ‫الصحيحة والقادرة عىل تلبية طموح الثورة‬ ‫والشارع السوري‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الشارع السوري مغيب بالكامل عن وجود‬ ‫هذه املؤسسات وعن طريقة تشكيلها أو ماهية‬ ‫عملها‪ ،‬ونسبة مشاركة الشارع والتفاعل مع‬ ‫مؤسسة املحافظة يعد معدوماً بالكامل‪ ،‬فمثال لو‬ ‫أجرينا استبيانا يف ريف دمشق لرشيحة من الناس‬ ‫حول معرفتهم بوجود مجلس محافظة لريف‬ ‫دمشق لوجدت ان النسبة تتجاوز ‪ 99%‬ال تعلم‬ ‫عن هذا االمر شيئا وقد يظن البعض انك تسأل‬ ‫عن مجلس املحافظة التابع للنظام‪.‬‬ ‫‪ - 3‬الشلل والعجز الذي اكتنف عمل املجلس‬ ‫والذي كان ضعف الدعم احد اهم أسبابه‪ ،‬فخالل‬ ‫الستة اشهر عجز مجلس املحافظة عن تقديم اي‬ ‫دعم للمجالس املحلية سوى املبلغ الذي خصصته‬ ‫الحكومة املؤقتة كمبلغ اسعايف لريف دمشق وهو‬ ‫‪ 800‬الف دوالر‪ ،‬وعىل اعتبار ان عدد سكان ريف‬ ‫دمشق بالحد االدىن مليون وستامئة الف نسمة‬ ‫يكون حصة املواطن الواحد خالل ستة اشهر‬ ‫نصف دوالر‪.‬‬ ‫‪ - 4‬عجز مجلس املحافظة عن تأدية أحد أهم‬ ‫املهامت املوكلة إليه وهي صهر جميع الجهود‬ ‫املدنية تحت مظلة جامعة‪ ،‬وهي مظلة مجلس‬ ‫املحافظة‪ ،‬فام زالت العديد من املؤسسات‬ ‫الخدمية واالغاثية والزراعية وغريها تعمل بشكل‬ ‫مستقل بالكامل عن مجلس املحافظة وتتلقى‬ ‫ايضا دعام حكوميا سواء من االئتالف او الحكومة‬ ‫املؤقتة أو حدة تنسيق الدعم دون الرجوع اىل‬ ‫مجلس املحافظة ودون أن يكون هذا الدعم‬ ‫موجها ملجلس املحافظة‪ ،‬والذي يعترب هو الجهة‬ ‫املوكل بها استالم مثل هكذا عمل وتنفيذ املشاريع‬ ‫املطلوبة ‪.‬‬ ‫واذا كنا استعرضنا السلبيات فإن ذلك ليس بهدف‬ ‫تشويه الصورة‪ ،‬بل هي قناعة برضورة بناء مجلس‬

‫هل وصلت داعش إلى كندا‬ ‫أنور عباس ‪ -‬أوتاوا‬

‫‪8‬‬

‫العدد ‪2014 / 10 / 26 - 47 -‬‬

‫تقارير‬

‫شهدت كندا خالل أقل من أسبوع حادثتني سببتا صدمة عميقة يف‬ ‫أوساط املجتمع الكندي كافة‪ .‬ففي العرشين من شهر ترشين األول‬ ‫الجاري‪ ,‬قام أحد الكندين بدهس جنديني كنديني عمداً بالقرب‬ ‫من ثكنة عسكرية يف بلدة سانت جون يف مقاطعة كيبيك وقتل‬ ‫أحدهام‪ ,‬وقامت الرشطة مبطاردته وقتله بعد أن أشهر سالحا أبيضا‬ ‫يف وجه رجال الرشطة إثر انقالب سيارته وخروجه منها‪ .‬تبني عىل‬ ‫الفور أن الفاعل هو مارتن كوتور رولو‪ ,‬وأنه كندي املولد وقد اعتنق‬ ‫اإلسالم قبل نحو عام‪ ,‬و اتجه يف اآلونة األخرية نحو تأييد تنظيم‬ ‫“الدولة اإلسالمية” حيث أظهرت منشوراته عىل فيسبوك وتويرت هذا‬ ‫التأييد بشكل جيل‪ .‬كان الجاين محروما من السفر حيث كان بنوي‬ ‫االنضامم إىل صفوف التنظيم وكان يخضع ملراقبة الرشطة امللكية‬ ‫الكندية نظرا لنشاطاته املريبه‪ ,‬لكن السلطات الكندية مل تتمكن من‬ ‫اعتقاله بسبب عدم تورطه الفعيل بأي عمل يخالف القانون‪ ,‬فمجرد‬ ‫نية السفر لالنضامم لتنظيم أرهايب ال تكفي لتوجيه اتهام‪ .‬مل يكن‬ ‫رولو إنسانا سويا حسب شهادات ذويه‪ ,‬وكان منعزال ويعاين من‬ ‫مشاكل نفسية واجتامعية عديدة‪ .‬لجأ الجاين إىل شبكات التواصل‬ ‫االجتامعي التي يستخدمها تنظيم الدولة اإلسالمية يف دعايته‪,‬‬ ‫ولتجنيد املقاتلني يف الدول األجنبية وضمهم لصفوف التنظيم‪ ,‬ووجد‬ ‫ضالته هناك‪.‬‬ ‫مل متض ثالثة أيام عىل هذه الحادثة‪ ,‬حتى تلتها أخرى‪ .‬ففي صباح‬ ‫يوم األربعاء الفائت الثاين والعرشين من ترشين األول‪ ,‬قام ملثم‬ ‫مسلح مبهاجمة مبنى الربملان الكندي مبسدس وأطلق النار عىل أحد‬ ‫الحراس وأرداه قتيال‪ ,‬ومتكن من الدخول إىل مبنى الربملان حيث كان‬ ‫رئيس الوزراء وجرى تبادل إلطالق النار بينه وبني عنارص الحرس‬ ‫املكلفني بحامية املبنى وعنارص من الرشطة والجيش اسدعيت‬ ‫للمكان إثر وقوع الهجوم‪ ,‬ومتكن الجاين من الفرار ورسقة سياره‬ ‫والهروب بها إىل أن أدركته رصاصة أطلقها أحد عنارص الرشطة أردته‬ ‫قليال‪ .‬تبني يف املساء أن الفاعل هو ميشيل زهاف بيدو وأنه ينحدر‬ ‫من أب ليبي ميلك مقهى يف مدينة مونرتيال وأم كندية وأنه اعتنق‬ ‫األسالم منذ فرتة‪ ,‬وكان تحت مراقبة االستخبارات الكندية وممنوعا‬ ‫من السفر بسبب نشاطاته املريبة وماضيه‪ ,‬لكن السلطات مل تتمكن‬ ‫من اعتقاله بسبب غياب األدلة‪ ,‬فكندا دولة يسودها القانون‬ ‫ونظامها القضايئ صارم جدا يف احرتام حقوق املواطن وحرياته‪.‬‬ ‫تعد كندا من الدول األكرث أمنا يف العامل‪ ,‬ومن أكرث املجتمعات‬ ‫تسامحا‪ ,‬فهي تضم أكرث من (‪ )34‬قومية وأكرث من (‪ )90‬لغة‪ ,‬وميارس‬ ‫الكنديون من مختلف األعراق واألديان ثقافاتهم وعاداتهم وعباداتهم‬ ‫يف جو من التسامح والحرية يضفي عىل هذا املجتمع الكثري من‬ ‫املزايا الفريدة‪ .‬لكن كندا ال تختلف عن كل املجتمعات األخرى‪,‬‬ ‫وفيها من يضل طريقه‪ ,‬أو يقع يقع ضحية املرض‪ ,‬أو التهميش أو‬ ‫يغرر به ليصبح “إرهابيا”‪ ,‬وفيها من يقع ضحية السياسيات الخاطئة‬ ‫لحكومتها يف التعامل مع أزمات العامل‪ .‬لقد قدمت كندا الكثري من‬ ‫األموال ملعالجة األزمة اإلنسانية يف سوريا‪ ,‬لكن مواقفها السياسية‪,‬‬ ‫شأنها شأن معظم الدول‪ ,‬مل ترق إىل ما يتطلع إليه السوريني من‬ ‫مساعدتهم يف درء املوت الذي يصبه نظام األسد عليهم كل صباح‬ ‫وكل مساء ويحصد أبنائهم بالجملة‪.‬‬

‫أتت هذه األحداث بعد انضامم كندا للحلف العريب‪ -‬الدويل ملحاربة تنظيم الدولة‬ ‫اإلسالمية‪ ,‬وبعد كلمة صوتية أليب محمد العدناين يف الثالث والعرشين من شهر أيلول‬ ‫حث فيها “أنصار الدولة اإلسالمية” عىل رضب أفراد ومصالح “التحالف الصليبي” يف كل‬ ‫مكان وخاصة يف أمريكا وفرنسا وأسرتاليا وكندا‪ .‬وهذا ماقاله حرفيا‪:‬‬ ‫“قتل كافر أمرييك أو أورويب‪ ،‬وأخص منهم الفرنسيني الحاقدين األنجاس‪ ،‬أو أسرتايل أو‬ ‫كندي‪ ،‬أو غريه من الكفار املحاربني‪ ،‬رعايا الدول التي تحالفت عىل الدولة اإلسالمية‪،‬‬ ‫فتوكل عىل الله‪ ،‬واقتله بأي وسيلة أو طريقة كانت‪ ،‬وال تشاور أحدا وال تستفت أحدا‪،‬‬ ‫سواء أكان الكافر مدنيا أو عسكريا‪ ،‬فهم يف الحكم سواء‪ ،‬كالهام كافر‪ ،‬كالهام محارب‪،‬‬ ‫كالهام مباح الدم واملال”‪.‬‬ ‫يف الحال بدأ منارصو “تنظيم الدولة” نشاطهم عىل توتري وظهرت هاشتاغ‪/‬وسم‬ ‫(‪#‬استنفار_العدناين_ملنارصي_الدولة) يحث أنصار الدولة عىل القيام مبهاجمة مصالح‬ ‫وأفراد الحلف الصليبي‪ ,‬واستخدم هذا الوسم للحديث عىل تويرت عن بضعة حوادث‬ ‫مشابه‪ ,‬منها هجوم مسلح عىل منزل رئيس األمن يف السفارة السعودية بجاكرتا جرى منذ‬ ‫أسبوعني‪ ,‬ثم مقتل مقاول أمرييك يف السعودية عىل يد مواطن سعودي‪ ,‬وبعدها حادثة‬ ‫دهس الجنديني الكنديني وحادثة الهجوم عىل الربملان ومرصع الجندي الكندي‪ .‬اقترص‬ ‫استخدام الوسم املذكور عىل عدد قليل من الحسابات املوالية لتنظيم الدولة‪ ،‬لكنه يظهر‬ ‫كيف توظف هذه الشبكات يف استنفار أنصار التنظيم يف بقاع األرض‪ ,‬ويف االحتفاء الدينء‬ ‫مبوت اآلخرين‪ ,‬ويف نرش الكراهية والعنف بني الناس‪.‬‬ ‫ال توجد أدلة عىل تويرت تشري إىل أن هذه الهجامت قد خطط لها سابقا مبعرفة “تنظيم‬ ‫الدولة”‪ ,‬ومن املرجح أنها ال تتعدى كونها استجابات لخطاب العدناين قام بها أفراد‪ .‬لكن‬ ‫ذلك ال يخرجها متاما خارج سياق دعوة العدناين للرد عىل الحلفاء باستهدافهم يف كل‬ ‫مكان أو خارج الشعور الكبري باإلحباط جراء فشل العامل أجمع وعدم رغبته بالقيام بأي‬ ‫فعل لحامية السوريني من نظام األسد‪.‬‬ ‫عىل الرغم من الجهد الذي يبذله اإلعالم الكندي والساسة الكنديون ملنع الناس من‬ ‫االنجرار إىل مشاعر سلبية ينجم عنها نفور جمعي من فئة‪ ,‬إال أن هاتني الحادثتني لن‬ ‫مترا مرور الكرام‪ ,‬وسيكون لهام مضاعفات سياسية وأمنيه داخل كندا وخارجها‪ ,‬وسترتك‬ ‫هذه األحداث أثرا عىل الجاليات اإلسالمية والعربية يف كندا خاصة ويف شامل أمريكا عىل‬ ‫العموم‪ .‬بعد اليوم‪ ,‬لن يكون مبنى الربملان الكندي مفتوحا لعموم الناس من الكنديني أو‬ ‫غريهم للدخول إليه‪ ,‬ومامرسة حقهم يف اللقاء مبمثليهم وقت يشاؤون‪ ,‬وحضور جلسات‬ ‫الربملان واالستامع إىل النقاشات الدائره حول املوضوعات التي متس حياتهم وعملهم‬ ‫وأرسهم وصحتهم وتعليم أبناءهم يف جو من الدميقراطية الساطعه‪ .‬ستفرض الحكومة‬ ‫إجراءات أمنية جديدة عىل مبنى الربملان سيعتاد عليها الكنديون بعد حني إىل أن تزول‬ ‫بقرار جديد أيضا‪ ,‬لكن املشاعر السلبية التي قد تتولد تجاه السوريني واإلسالم بعد أن‬ ‫اختطفهام الجهاد الداعيش لن تزول بقرار حكومي جديد‪.‬‬

‫درعا‪ :‬النظام يضرب ثمانية مواقع عسكرية للثوار‬

‫و “الحر” يتقدم على حساب النظام والنصرة‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫رامي العاشق*‬

‫العدد ‪- 47 -‬‬ ‫*شاعر وكاتب صحايف فلسطيني سوري‪.‬‬

‫‪2014 / 10 / 26‬‬

‫إنجازاته امليدانية‪ ،‬فقد اقتحمت ألوية العمري‬ ‫التابعة لجبهة ثوار سوريا املستشفى امليداين يف‬ ‫درعا الذي يعرف باسم “مستشفى الشهيد عيىس‬ ‫عجاج” مبضادات الطريان والرشاشات الثقيلة‬ ‫والخفيفة وأجهزت بأكرث من ثالثني رصاصة عىل‬ ‫الناشط اإلعالمي (قيرص حبيب) الذي قتل النقيب‬ ‫املنشق (قيس القطاعنة) قائد ألوية العمري قبل‬ ‫أسابيع‪ ،‬وكان حبيب موقو ًفا لدى محكمة غرز يف‬ ‫درعا بعد اغتياله للنقيب قيس وقد أىت مبرافقة‬ ‫حرس حركة املثنى إىل املستشفى بسبب معاناته‬ ‫من حرص بول حاد وعدم قدرته عىل امليش بحسب‬ ‫بيان نرشته إدارة املستشفى بتاريخ ‪.20-10-2014‬‬ ‫وكانت مديرية صحة درعا التابعة لوزارة الصحة يف‬ ‫الحكومة املؤقتة لالئتالف قد أصدرت بيا ًنا بتاريخ‬ ‫‪ 22-10-2014‬و ّقعه مدير صحة درعا الدكتور خالد‬ ‫العميان استنكرت فيه اقتحام املستشفى وطالبت‬ ‫املحاكم الفاعلة بالتواصل مع الحكومة لوضع آليات‬ ‫لضامن سالمة املعتقلني والجرحى‪ ،‬وطالبت الجيوش‬ ‫والفرق واأللوية املقاتلة بإصدار بيان تؤكد فيه أن‬ ‫املستشفيات منشآت لها حرمتها واستقالليتها‪،‬‬ ‫كام طالبت املحكمة املعنية (غرز) بتشكيل لجنة‬ ‫تحقيق خاصة للتحقيق بالحادثة وكشف ومحاسبة‬ ‫املسؤول عن انتهاك حرمة املستشفى‪ ،‬ووضعت‬ ‫مهلة مدتها أسبوع واحد لتطبيق ذلك‪ ،‬وهددت‬ ‫بخطوات أخرى سيتم ذكرها فيام بعد يف حال مل‬ ‫تتحقق الطلبات املوجودة يف البيان‪.‬‬ ‫وبناء عىل البيانات السابقة‪ ،‬سيسري الحال كام‬ ‫قالت البيانات‪ ،‬إال أن األمر لن يتم عىل هذا‬

‫الشكل كام قال أحد ناشطي درعا اإلعالميني‪ ،‬فهناك‬ ‫جهود حثيثة تبذل اليوم ملصالحة تنهي األمر دون‬ ‫خاصة أن األمر اعتُرب ثأ ًرا ملقتل‬ ‫تحقيق وبحث‪ّ ،‬‬ ‫النقيب القطاعنة‪ ،‬ويتم العمل اآلن عىل املصالحة‬ ‫بني (عرب اللجاة) وهم عائلة القطاعنة‪ ،‬وبني آل‬ ‫(الحشيش) وهم عائلة حبيب‪ ،‬حيث أن العرف‬ ‫العشائريّ أعىل من أي محكمة وقانون بحسب‬ ‫ترصيح الناشط الذي ّ‬ ‫فضل عدم ذكر اسمه لسالمته‬ ‫الشخصية‪.‬‬ ‫جدير بالذكر‪ ،‬أن املحافظة األوىل التي ثارت‬ ‫ضد النظام السوري مل تستطع إىل اليوم أن تكون‬ ‫منطقة محررة بالكامل‪ ،‬وهذا يعود لعدة أسباب‬ ‫أهمها قربها من العاصمة دمشق وخطورتها عىل‬ ‫النظام السوري‪ ،‬باإلضافة إىل الرفض الدويل غري‬ ‫املعلن لتحريرها ملنع وجودة قوة عسكرية ضاربة‬ ‫يف الجنوب السوري القريب من إرسائيل‪ ،‬ورفض‬ ‫األردن لقطع طريق االسترياد من سوريا يف حال‬ ‫تحريرها‪ ،‬إال أن ملحافظة درعا أسبق ّية مميزة يف‬ ‫العمل املدين حيث تم تأسيس الهيئة العامة‬ ‫للدفاع املدين والتي تعمل ً‬ ‫عمل جباراً يف امليادين‬ ‫الخدمية وتؤسس نواة مؤسساتية تحتاج إىل دولة‬ ‫وميزانية هائلة لتغطية أعاملها‪ ،‬كام تستوعب‬ ‫الهيئة يف مستودعاتها املساعدات األممية التي تأيت‬ ‫عن طريق األمم املتحدة دون موافقة النظام‪ ،‬كام‬ ‫يؤ ّكد الناشطون عىل عدم وجود تنظيم داعش يف‬ ‫املحافظة عىل اإلطالق وهذه سابقة إيجابية مه ّمة‬ ‫تضاف لكل إيجابيات هذه املحافظة‪.‬‬

‫تقارير‬

‫أفاد مصدر مق ّرب من لواء املعتز التابع للجيش‬ ‫الحر يف درعا أن النظام السوري ‪-‬ويف حادثة هي‬ ‫األوىل من نوعها من حيث الد ّقة والقوة‪ -‬استهدف‬ ‫مثانية مواقع عسكرية للجيش الحر يف درعا يوم‬ ‫الخميس ‪ 23-10-2014‬بغارة جو ّية دقيقة بواسطة‬ ‫طائرة تابعة لجيش النظام من طراز ميغ ‪،29‬‬ ‫وأفاد املصدر بأن الغارة استهدفت مثانية مواقع‬ ‫يف محافظة درعا وهي طفس‪ ،‬اليادودة‪ ،‬عتامن‪،‬‬ ‫املزيريب‪ ،‬تل شهاب‪ ،‬ج ّلني‪ ،‬واألشعري (موقعني)‪،‬‬ ‫ورضبت فيها مواقع عسكرية خاصة بلواء املعتز‬ ‫وحركة املثنى وأسفرت عن مقتل ‪ 10‬مقاتلني و‪15‬‬ ‫جريحا من حركة املثنى‪ ،‬ومقتل ‪ً 11‬‬ ‫مقاتل من لواء‬ ‫ً‬ ‫جريحا‪.‬‬ ‫و‪50‬‬ ‫املعتز‬ ‫ً‬ ‫فيام أكد عميد طيار منشق أن النظام ميتلك ‪20‬‬ ‫طائرة من طراز (ميغ ‪ )29‬تم تحديث ‪ 12‬طائرة‬ ‫منها والطائرات الثامنية املتبقية نسبة جاهزيتها‬ ‫‪ ،90%‬وتعود الطائرة إىل اللواء ‪ 17‬الذي يضم‬ ‫مطار السني والنارصية‪ ،‬ويقع عىل بعد ‪ 90‬كم‬ ‫رشق العاصمة دمشق ويقوده اللواء العميد “عامد‬ ‫ن ّفوري” من مدينة النبك‪ ،‬ويحتوي اللواء طائرات‬ ‫(سوخوي ‪ )24‬وهي طائرة اسرتاتيجية تحمل ‪8‬‬ ‫املتفجرات‪ ،‬وتتميز بتسديد تلفزيوين‬ ‫أطنان من‬ ‫ّ‬ ‫دقيق جدًا‪ ،‬كام يحتوي اللواء طائرات ميغ (‪)23‬‬ ‫باإلضافة إىل ميغ (‪.)29‬‬ ‫ويرجح أن سبب هذه الرضبة العنيفة والدقيقة هو‬ ‫ّ‬ ‫متدد الجيش الحر يف درعا عىل حساب قوات النظام‬ ‫وتعطيل معرب نصيب الحدودي التابع للنظام بعد‬ ‫تحريره لثالثة حواجز أغلقت الطريق عىل املعرب‬ ‫وهي‪ :‬حاجز أم امليادن‪ ،‬حاجز الثكنات العسكرية‬ ‫“امللحمة واالسرتاحة والكازية”‪ ،‬وحاجز املعرصة‬ ‫قبل يوم واحد من الغارة الجوية‪ ،‬كام أرجع املصدر‬ ‫سبب الد ّقة يف الرضبة إىل املعلومات الدقيقة التي‬ ‫دس بينهم‬ ‫ميتلكها النظام عن لواء املعتز بعد أن ّ‬ ‫ً‬ ‫ضابطا ادعى أنه منشقّ عن املخابرات الجوية‪ ،‬إال‬ ‫أنه كان يقوم بجمع املعلومات للنظام طوال عام‬ ‫كامل‪ ،‬ثم عاد للنظام وهو اآلن عىل رأس عمله يف‬ ‫املخابرات الجوية‪.‬‬ ‫ويف سياق متّصل يعود الجيش الحر للواجهة يف‬ ‫درعا بعد ت ّقدمه عىل حساب النظام وتحريره‬ ‫ملواقع جديدة‪ ،‬وعىل حساب جبهة النرصة التي بدأ‬ ‫ينحرس وجودها حتى كاد يتالىش وباتت تنسحب‬ ‫من مواقع ويسافر أمراؤها‪ ،‬إال أن مشاكل الحر‬ ‫ال تزال تطفو عىل السطح حني يتم الحديث عن‬

‫موت‪ ..‬ورغبات!‬ ‫علي فاروق‬

‫‪10‬‬

‫العدد ‪2014 / 10 / 26 - 47 -‬‬

‫مقاالت‬

‫داخل النظارة الباردة يف مخفر ‘‘املدينة’’ املحيل‪ ،‬متدد ٌ‬ ‫رجل‬ ‫خمسيني وهو يسعل‪ ،‬كان منظره بائساً‪ ،‬وكان يبدو وكأنه ينازع‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫لكنه كان مدمناً‪ ،‬وفوق هذا كان يضع املخدرات يف طعام زوجته‪،‬‬ ‫وأطفاله الخمسة‪.‬‬ ‫والحال أن مصادفة حوادث كهذه مل تعد تصيب بالدهشة‪ ،‬أو‬ ‫االستغراب‪ ،‬ذاك أن تكرر استامعنا‪ ،‬ومشاهدتنا لتلك القصص‪،‬‬ ‫والجرائم الغريبة غدا أمراً يومياً ومعتاداً‪.‬‬ ‫سألت املناوب‪ :‬وما الذي ستفعلونه معه‪ ،‬فأجاب‪ :‬رمبا نقتله‪ ،‬ورمبا‬ ‫نطرده خارج املدينة‪!..‬‬ ‫ليست تلك بالحلول النموذجية‪ ،‬وال املناسبة‪ ،‬وهي ليست بالحلول‬ ‫أص ًال‪ ،‬فالرجل الذي تريد زوجته الطالق منه‪ ،‬وترغب يف بقائه بعيداً‬ ‫عن أطفالها‪ ،‬لن يصلحه الطرد‪ ،‬وال القتل‪ ،‬هذا الرجل يحتاج متابعة‬ ‫مصح لعالجه‬ ‫من قبل اختصاصيني عقليني‪ ،‬ونفسيني‪ ،‬ويحتاج إىل ٍ‬ ‫من اإلدمان‪ ،‬ويستحق السجن‪ ،‬إال أن آخر ما يحتاجه هو الطرد‪،‬‬ ‫أو القتل‪ ،‬لكن كيف السبيل إىل يش ٍء من ذلك يف هذه الظروف؟‬ ‫فالسجون‪ ،‬واإلصالحيات‪ ،‬ودور العجزة‪ ،‬ومراكز عالج اإلدمان‪،‬‬ ‫وغريها من املؤسسات االجتامعية‪ ،‬صار ذكرها باباً للتندر‪،‬‬ ‫واالستظراف‪ ،‬وفض ًال عن ذلك‪ ،‬فإن األحكام ‘‘املعالجات’’ التي‬ ‫ارتآها ذلك الشاب للتعامل مع هذا املدمن‪ ،‬هي جز ٌء من حالة‬ ‫الحرب‪ ،‬و‘‘ثقافتها’’‪ ،‬فالقامئون عىل املخفر هم مقاتلون باألساس‪،‬‬ ‫متخصص يف القانون‪ ،‬أو علم االجتامع‪ ،‬أو‬ ‫وال يوجد بينهم أي‬ ‫ٍ‬ ‫الطب‪ ،‬كام أن تشديد العقوبات‪ ،‬ومضاعفتها زمن الحروب أم ٌر‬ ‫وحرب‪.‬‬ ‫انقسام‪،‬‬ ‫شبه عادي‪ ،‬فال سبيل للعالج طاملا البالد يف حالة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫خرج من النظارة الثانية صوت “والعة”‪ ،‬استغربت صدور الصوت‬ ‫من ذلك املكان‪ ،‬فسألت املناوب‪ :‬هل تسمحون للموقوفني‬ ‫بالتدخني؟ فأجاب برسع ٍة‪ :‬ال‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫‘‘مدعوم’’‪ ،‬ولعله من أبناء املدينة‪،‬‬ ‫موقوف‬ ‫فبادرته‪ :‬إذن هذا‬ ‫ٌ‬ ‫وليس ‘‘نازحاً’’ كذاك املدمن‪ ،‬وأضفت متهك ًام‪ :‬هل ستقتلونه أيضاً؟‬ ‫مل يجب املناوب‪.‬‬ ‫يف غرفة التحقيق كان إطار شاحن ٍة يستند إىل الحائط‪ ،‬وبالقرب‬ ‫أخرص‪.‬‬ ‫بالستييك‬ ‫أنبوب‬ ‫منه قطعتا‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ــ هكذا تحققون مع املتهمني؟‬ ‫ــ نعم‪.‬‬ ‫ــ أنت من تحقق معهم؟‬ ‫ــ طبعاً‪.‬‬ ‫ــ هل َت ْش َب ُحونهم بهذه الحبال أيضاً؟‬ ‫ــ نعم‪ ،‬أجاب ضاحكاً‪.‬‬ ‫ــ ألهذا خرجتم بالثورة!؟‪.‬‬ ‫ــ لو رأيت ما الذي فعله هؤالء ملا قلت ذلك‪ ،‬ثم ذهب إىل الغرفة‬ ‫ذهب‪ ،‬وقال‪ :‬هذه املصادرات‬ ‫الثانية‪ ،‬وأحرض مطحنة ٍ‬ ‫بن‪ ،‬وميزان ٍ‬ ‫ألحد تجار املخدرات‪ ،‬هل تعرف أنه كان يبع الكوكايني‪ ،‬والهريوين‪،‬‬ ‫والحشيش‪ ،‬ألطفالٍ مل يتجاوزوا الرابعة عرشة!؟‪.‬‬ ‫غمغمت ببضع ٍة شتائم‪ ،‬فكالمي السابق ليس أكرث من تنظ ٍري‬ ‫ال ميت للواقع بصلة‪ ،‬والحقيقة أنه ال يستطيع أحدٌ لوم هؤالء‬ ‫املقاتلني‪ ،‬فهذا ليس عملهم‪ ،‬ولوحدهم ال يستطيعون القيام بكل‬ ‫يش ٍء‪ ،‬وقد أخذوا املسؤولية عىل عاتقهم‪ ،‬بعدما تخىل الجميع‪،‬‬ ‫األطباء‪ ،‬واملحامون‪ ،‬واملهندسون‪ ،‬ركب جميعهم قوارب املوت‬ ‫املتجهة إىل أوروبا‪ ،‬ثم إن البالد تشهد فوىض‪ ،‬وفقراً مدقعاً‪ ،‬و‪..‬‬ ‫مؤخراً‪ ،‬صار الفتاً يف شوارع املدينة رؤية القاممة‪ ،‬وعلب الدواء‬

‫لوحة للفنان وسام الجزائري‬

‫الفارغة‪ ،‬ومنها دواء “كوبرا”‪ ،‬وهو مقوي جنيس‪ ،‬ورمبا أصبح الكثري من املتزوجني‬ ‫يستعملونه يف الوقت الحايل‪ ،‬فاإلقبال عىل العالقات الجنسية ‘‘غري املنضبطة’’ بات ظاهر ًة‬ ‫أخالقي’’‬ ‫الفت ًة أيضاً‪ ،‬ويقول البعض‪ :‬أن املجتمع السوري اليوم يشهد حالة ‘‘انحطاطٍ‬ ‫ٍ‬ ‫و‘‘دعار ٍة’’ معلن ٍة‪ ،‬ومعمم ٍة‪ ،‬ويستشهدون عىل ذلك بشيوع حاالت الخيانة الزوجية عند‬ ‫الرجال‪ ،‬وتخيل الزوجات عن عالقاتهن الزوجية‪ ،‬وهروبهن مع رجالٍ آخرين‪ ،‬والعالقات‬ ‫الجنسية املتعددة‪.‬‬ ‫يعتقد البعض أن املجتمع السوري ‘‘فاسدٌ ’’ مبجمله‪ ،‬بينام يلقي آخرون بالالمئة عىل الثورة‪،‬‬ ‫ويقولون‪ :‬أنه لوالها‪ ،‬ملا تحطم املجتمع‪ ،‬وتحللت الروابط‪ ،‬وسقطت القيم‪ ،‬واملرجعيات‪،‬‬ ‫وغابت املؤسسات الرقابية‪ ،‬ولوالها ملا تهجر الناس‪ ،‬وأصبحوا نازحني‪ ،‬يضطر الفقر‪ ،‬والعوز‬ ‫بعضهم ملبادلة الجنس بالطعام‪ ،‬والرشاب‪ ،‬واملأوى‪ ،‬فيام يعترب آخرون أن بعض املستغلني‪،‬‬ ‫واملنتفعني هم من يقف خلف تفيش تلك الظواهر‪ ،‬وفريقٌ غريهم يتهم النظام بالوقوف‬ ‫خلف محاول ٍة إفساد املجتمع‪ ،‬بتسهيله دخول املخدرات‪ ،‬واملرشوبات الكحولية بصور ٍة‬ ‫مشبوه ٍة للمناطق الثائرة‪ ،‬ومبامرسة سياسية حصار املناطق‪ ،‬وحرش الناس يف مناطق‬ ‫مكتظة‪ ،‬ومهمشة‪ ،‬تغيب عنها السلطة‪ ،‬وتفتقد لألنظمة‪ ،‬والقوانني‪.‬‬ ‫بعض املثقفني‪ ،‬وناشطي الفايسبوك يهللون للظاهرة‪ ،‬ويصورونها عىل أنها جز ٌء من‬ ‫أهداف الثورة‪ ،‬عىل اعتبار أنها ٌ‬ ‫دليل عىل ‘‘تحرر’’ املرأة من هيمنة املجتمع الذكوري‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وتجاوز للتقاليد واملوروثات االجتامعية‪ ،‬والدينية ‘‘البالية’’‪ ،‬ودليل عىل تجاوز الكبت‪،‬‬ ‫وعقد النقص‪ ،‬أما أنصار الحركات النسوية فيحرصون الجانب السلبي من املوضوع بقضايا‬ ‫العنف‪ ،‬واستغالل املرأة‪ ،‬واضطهادها من الرجل‪.‬‬ ‫عام لظاهرة الجنس خارج الزواج‪ ،‬وهي ترتبط بالكثري من‬ ‫حكم ٌ‬ ‫والواقع أنه ال يوجد ٌ‬ ‫املفاهيم‪ ،‬واملعتقدات الصحيحة‪ ،‬والخاطئة‪ ،‬وتخضع مبجملها ألحكام قيمية شخصية‪،‬‬ ‫فبعضهم يراها حقاً‪ ،‬وخياراً شخصياً‪ ،‬فيام ينظر لها آخرون باعتبارها جرائم‪ ،‬وبكل األحوال‬ ‫ال ميكن اعتبار ما يجري تعبرياً عن تحرر‪ ،‬أو تقدم‪ ،‬وهو ليس ‘‘دعارة’’‪ ،‬وغري محصور‬ ‫بالعنف‪ ،‬أو االستغالل‪ ،‬أو التحكم الذكوري‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫إنسانية أساسية‪ ،‬وترجمة لحال ٍة عاطفي ٍة‪ ،‬ووجداني ٍة خاص ٍة‪،‬‬ ‫وحاجة‬ ‫الجنس ببساطة غريز ٌة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وسيلة لحفظ النسل‪ ،‬واستمرار الحياة‪.‬‬ ‫ونبيل ٍة‪ ،‬وهو‬ ‫أما التفسريات املذكورة لتربير السلوكيات الجنسية يف املجتمع السوري اليوم‪ ،‬مبا فيها‬ ‫ظاهرتا ‘‘الدعارة’’‪ ،‬و‘‘الخيانة’’‪ ،‬فهي ال تعدو كونها تعبرياً عن آراء‪ ،‬وتحليالت شخصية‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ومنطية‪ ،‬وتعوزها الدقة‪ ،‬واملوضوعية‪ ،‬يطلقها‬ ‫مسبقة‪،‬‬ ‫اجتامعية‪ ،‬وأفكا ٌر‬ ‫مورثات‬ ‫تحكمها‬ ‫أناس عاديون‪ ،‬أو كتاب‪ ،‬وناشطون يقيمون يف الخارج‪ ،‬لذلك فإن أغلبها غري صحيح‪ ،‬وال‬ ‫ٌ‬ ‫ُيالمس الواقع‪ ،‬وال يقدم تفسرياً‪ ،‬أو معالج ًة منطقي ًة سليم ًة‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ونتيجة مبارش ٌة من‬ ‫واألغلب أن ما تشهده البالد اليوم عىل صعيد العالقات ما هو إال أث ٌر‪،‬‬ ‫نتائج الحرب‪ ،‬ذلك أن املوت وهو املكافئ الوحيد للحرب ميحي ذاتية اإلنسان‪ ،‬ويقيض‬ ‫عىل أحساسيه‪ ،‬ومشاعره‪ ،‬ويلغي منطقه‪ ،‬ومدركاته‪ ،‬ويهوي بقيمه‪ ،‬ومبادئه‪.‬‬ ‫رش مع املوت‪ ،‬ال يقيم وزناً إال ليش ٍء واح ٍد‪ ،‬هو التمسك‬ ‫من يعيش يف ٍ‬ ‫يومي‪ ،‬مبا ٍ‬ ‫متاس ٍ‬ ‫بالحياة‪ ،‬والبحث عن األمان‪.‬‬ ‫يف الحرب قد يكون الحب‪ ،‬والجنس هو املكافئ الوحيد للحياة‪ ،‬لذلك يعتنقه الناس‪،‬‬ ‫مستويات‬ ‫وميارسونه حتى لو كان ‘‘ ُم َح َرماً’’‪ ،‬أو‘‘ ُم َج َرماً’’‪ ،‬وحتى لو عنى ذلك انحدارهم إىل‬ ‫ٍ‬ ‫بهيمي ٍة‪ ،‬ومنحط ٍة‪.‬‬

KOBANÊ DÎROK Û ERDNÎGARÎ Kawa Şêxê

‫القسم الكوردي‬

2014 / 10 / 26 - 47 - ‫العدد‬

11

Di Sedsala 21 an de ti bajarên biçûk nikarîbûn navê xwe li dinyayê belav bikin bi qasî Kobanê...Kobanê ya ku di nava demek kin de bû mijara axaf?tina cîhanê, çawa gihîşt vê astê Kobanê wekû erdnîgarî, mirovnîgarî ?û dîrok çawa ye Di vî nivîsê de ez ê ji were li gora lîkolînên xwe bersiva van pirsan bidim.Li devera bi navê Deşta Sirûcê ya di navbera cemê Firat û kaniyên Xabûr de du gund hebûn.Her gundek ji vana kaniyek wan hebû û li gora navê van kaniyan dihatin bi navkirin.Yek jê Kaniya Murşidê û ya in jî kaniya Ereban bû.Kaniya Ereban wê demê li ser navê Erebên koçber ku dihatin li wir pezê xwe av didan hatibû binavkirin ji xwe ew nav jî Kurdan lê kiribû.Li ser vê xakê ev gund hebûn, lê di binê erdê de gelek dîrok veşartîbû, vê dîrokê nîşan dida ku dewlet û milet li vir hebûn, qiral ..û Mîran li vir desthilatdarî kiribûn Di sala 1911 an de Almanan xwestin rêya tirênê di navbera Berlîn û Bexdayê de vekin.Ji bo ku vî karî bikin, alav, hesin, karker û leşker anîn û di nava herdû Gundên behsa mijarê de cih amade kirin û li wir dest bi xebatê kirin.Ew devera ku hate amade kirin Almanan jêre digotin Deutsche Kompany ango şîrketa Almanî.

Welatiyan xwe li derdora vê kargehê dan hev, hinan kirîn û firotin kirin, hinan li ba Almanan kar kirin û di encamê de hêdê hêdê bajarekî bicûk ..hate avakirin Ji bo vî bajarî jî navê Kompanî yê ku ..bi demê re bû Kobanê hate dîtin Kaniya Ereban ya ku yek ji wan gundan bû, di serdema Baasê şoven de hate wergerandin û kirin Eyn Elereb.

Kobanê ji civakek ku li ser eşîran hatiye avakirin pêk tê.Êşîrên Kobanê ên bi navê: Şêxan, Kîtkan, Denan, Qeregêçan, Şedadan, Mêran, Bêşan,

Zerwarî, Oxî, Mehfan, Elîdînan û hinin din jî ji ber ku timî rastî êrîşên Êla Milan dihatin di nava xwe de Konfedrasyonek avakirin û navê Berazan li wê sîwanê hate kirin.Di nava civaka Rojava û ya Sûryê de Beraza bi gelek tişan tên naskirin, lê tiştê sereke mêrxasî û serhişkiya wan e.Di sala 1916 an de wekû gelek deverên Rojava, Kobanê jî bi têlên Sînor bû dû perçe, yek li serxetê û yek li binxetê.Kobanê ya binxetê û gundên deşta Sirûcê yên girêdayî wê di serdema Baas de careke din hatin dorpêçkirin û di nava wan û deşta Cizîrê ango Serêkaniyê û gundewarên wê de zinara Erebî hate li darxistin û bi rêzeke ji gundên Erebên xemir herêma Cizîrê û ya Kobanê ji hev hatin qutkirin.Li derdora Kobanê 470 gund hebûn, lê ev gund ji br piştguhkirinê xelkên wan neçarman ew berdan û ber bi navenda bajêr ve koçberbûn.Herî dawî jî hejmara gundên Kobanê mabû 360 Gund, ev Gund girêdayî Kobanê û 4 navçeyên wê ne. Navçeyên Kobanê ev in: Şêxler, Sirîn, Ên bet û Şêran.Kobanê jî bi fermî girêdayî Parêzgeha Helebê ya Sûryê ye.Şêniyên Kobanê Kurd in û bi Kurmancî diaxivin û heger mirov ji ser heya binê Kobanê bigere jî ji bilî dibistan û navendên dewletê ti deverên ku bi Erebî lê were axaftin nabîne.Şêniyên Kobanê piraniya wan Misilmanên Sunî ne.Kobanê û xelkên wê bi çandinî û pîşesaziyê bi .nav û deng in Ji çandiniyên herêma Kobanê û Gundên derdorê jî Genim, Ceh, Nîsk, û di dema dawî de jî çandiniya kemûnê belav bû û ev çandinî li Kobanê biserket û derbasî welatên derdorê jî bû.Darên Zeytûn û Fisteqan jî li derdora Kobanê tên çandin.

Pêşesaziya Kobanê jî bi nav û deng e li gora bajarekî wisa biçûk, ew jî bêtir

di warê alavên kolanan bîran, ango Xeraze û patozên çinîna geniman ku Kobanê perçeyên wê dikirin û li cem xwe .pevdixin Pîşesaziya Kobanê ango (Sînaet) li welatên derdorê jî belav bûne û gihîştine Cezair, Mexrib, Sûdan û Îraqê jî.Xebatên civakî û çandî jî li Kobanê ji gelek cûreyan pêktên, berê yek sîneme li bajêr hebû lê hate girtin, du dibistanên xwendina navendî, yek ya xwendina pîşesaziyê, yek ya hunerên Jinan, û yek ya çandiniyê her wiha peymangehek Şerîetê ya lawan û yek jî ya .keçan lê hene Kobanê di dema dawî de ji ber aramiya ku li bajêr hebû, ji gelek koçberên Sûrî re bubû wargeh.Dihat gotin ku li Kobanê bi qasî hejmara miletê wê koçber .jî lê hatine bicih kirin Kobanê ji destpêka şoreşa Sûryê ve ket nava meş û çalakiyan de û her roja înê meşek girseyî dihat li darxistin.Di meşên Kobaniyan de timî piştgiriya bi bajarên din ên Sûryê re dihat ragihandin û gelek caran navê meşên Kobanê .bi navê bajarên din dihat binav kirin Di 18 Tebaxa 2013 an de çeteyên DAIŞ .êrîşî Kobanê kirin Û ji wê rojê ve heya 15 tîrmeha 2014 an de van êrîşan bênavber dewam ki.rin Di 15 Tîrmehê de DAIŞ bi hemû hêza xwe, çekên ku ji Mûsila Îraqê anîn, serleşkerên ku ji Elqaîde û bermahiyên Seddam tevlî bûn bi xwe re anîn û dest bi êrîşeke hovane li ser Kobanê kir.Kobanê ya ku me behsa dîroka wê kir li ser wê mîrata ku mîna kaniyê diherike, li ber xwe da.Heya roja ku min ev nivîs nîvisand berxwedana Kobanê ket roja xwe ya 33 an de lê DAIŞ bi hemû hêza xwe, çekên xwe, tirsa xwe, û hovîtiya xwe, li ser dîwarên Kobanê nikarîbû .bighîştaya armancên xwe Oktober 2014 17

‫الحياة والموت وشركاه‬ ‫‪12‬‬

‫أحمد تي‬

‫العدد ‪2014 / 10 / 26 - 47 -‬‬

‫شعور بالطأمنينة ميتد وينترش ليستقر بالصدر‪،‬‬ ‫طأمنينة ليس باإلمكان السيطرة عليها او اكتشاف‬ ‫كنهها‪ ،‬لكنها افرزت شعورا داخليا كمن كان يعدو‬ ‫متأخرا باتجاه املحطة ليجد قطاره ال يزال منتظرا‪،‬‬ ‫او شعور من أضاع شيئا مثيناً جداً ودقيقاً ثم وجده‬ ‫بعد ان قىض نهاره باحثاً عنه فاستقرت تلك الفرحة‬ ‫املتقافزة والساكتة بآن معا تحمل بطياتها الشكر‬ ‫ملحبينا النهم ال زالوا عىل قيد الحياة‪ ،‬وكأن املوت ال‬ ‫يجاور االنسان بشكل كبري وال يالصقه‪ ،‬وكأن البرش‬ ‫حتى االن يفاجؤون ان اقرتب املوت‪.‬‬ ‫القبور محاذية للبيوت‪ ،‬رشكة املوت محاذية‬ ‫لرشكات الحياة‪ ،‬بل واحيانا متداخلة معها‪ ،‬مكاتب‬ ‫التنمية تدعم مكاتب املوت‪ ،‬واملوىت يدعمون‬ ‫تلك املكاتب‪ ...‬تأملوا القبور والبيوت‪ ..‬قسم‬ ‫الوالدات وبراد املوىت‪ ...‬لرنى املوت بيننا قريب‬ ‫منا يجاورنا ويناجينا ينذرنا ويلوح لنا‪ ..‬قذائف‬ ‫تعانق السامء‪ ...‬طائرات تخفيها الغاممات‪..‬‬ ‫بنادقنا عىل ظهورنا ورصاصها بجعابنا‪ ...‬نعم انه‬ ‫املوت يرسل لنا امياءات ضعيفة وظاهرة‪ ،‬يخربنا اننا‬

‫سنذهب‪ ..‬سرنحل طوعا او كرها‪ ..‬ال دميوقراطية‬ ‫تحملها ادوات القتل‪ ،‬متوت او تقتلك‪ ،‬نسمع‬ ‫صوت ضوضاء ضخامة الجبال مبدافعها‪ ،‬ونسمع‬ ‫صوت السامء تلفظه طائراتها‪ ،‬نسد آذاننا‪ ..‬نرفض‬ ‫التصديق‪ ..‬نتابع سرينا‪ ،‬عملنا‪ ،‬تسوقنا‪ ،‬اجتهادنا‪،‬‬ ‫اكلنا‪ ،‬نومنا‪ ..‬نتابع ‪..‬‬ ‫نرفض التصديق وندّعي األمان‪ ،‬امان املسافة التي‬ ‫تحط بها ادوات املوت‪ ،‬ندعي الشجاعة مبفاضلة‬ ‫داخلية بأن هناك احياء كتب لهم العيش من‬ ‫جديد او رمبا يكونوا ايلني اىل املوت ان رأف املوت‬ ‫بحالهم‪ ،‬بحاجة من ينقلهم اىل رشكاتهم‪ ،‬نرسف‬ ‫بشجاعتنا لنهرب من وحش الخوف‪ ،‬نرسع بنقلهم‬ ‫متمنني لهم قرار التعيني الجديد برشكات الحياة‪،‬‬ ‫نلهي انفسنا بأي عرض ظاهر ونصنعه ان مل يوجد‪،‬‬ ‫نشرتي البيوت واالثاث‪ ،‬نزرع البذور وكأننا سرناها‬ ‫حني تصبو وتورق وتنجب الثامر‪ ،‬منتلك االشياء ثم‬ ‫نرحل اىل رشكة املوت‪.‬‬ ‫بضحكات طفولية‬ ‫كم من منزل كان يزدحم‬ ‫ٍ‬ ‫ترتاكض وتحبو بداخله‪ ،‬كم من منزل اصبح ميوت‬

‫رس‬ ‫من برد حنينه اشتياقا لدفء كان يلف جدرانه ُبأ ٍ‬ ‫هُ جرت او رمبا ُأعدمت ميدانياً ليسكنه من جديد‬ ‫ُأناس مهجرين فارين من املوت‪..‬‬ ‫فجأة تكتشف ان االشياء أكرث ثباتاً من االنسان‪ ،‬كم‬ ‫بذرة بدلت ناثرها وساقيها وجاين مثارها عىل مر‬ ‫الفصول والسنوات‪ ،‬كم من كريس واريكة بدلت‬ ‫جالسها‪..‬‬ ‫فجأة‪ ..‬نشعر ان االشياء هي التي تبدلنا ولسنا‬ ‫نحن من نبدل االشياء‪ ،‬كم من قطعة مالبس كانت‬ ‫تحمل بأنسجتها دماء املوت‪ ،‬نعالجها‪ ..‬ننظفها‬ ‫ونتوارثها من شخص ال نعرف عنه شيئاً سوى اننا‬ ‫وجدنا رائحة موته بقطعة تباع مبحال االلبسة‬ ‫املكررة واملستعملة‪..‬‬ ‫ما نرتديه االن سيبدلنا بعد امد قريب‪ ،‬وكأنه هو‬ ‫الذي يرتدينا ليذهب لشخص اخر يك يرتديه‪ ،‬ونحن‬ ‫سنخرج عراة‪ ..‬ستودعنا كل االشياء وستبدلنا‪..‬‬ ‫سرنحل عراة من كل يشء اال من انفسنا وما‬ ‫صنعت‪ ،‬سرنحل اىل رشكات الحياة اآلخروية او اىل‬ ‫رشكة املوت بجحيمها ونارها‪.‬‬

‫مقاالت‬

‫اجراءات االدارة الذاتية الديمقراطية‬ ‫لتطبيق قانون “واجب الدفاع الذاتي”‬

‫‪13‬‬

‫كمال شيخو‬

‫واجب اجتامعي وأخالقي‪..‬‬

‫املحامي مصطفى اوسو عضو املكتب السيايس‬ ‫للحزب الدميقراطي الكردستاين يف سوريا “‪PDK-‬‬ ‫‪ ”S‬انتقد الخطوة ووصفها بـ “املنفردة”‪ ،‬وأوضح‬ ‫يف حديثه ان “الشعب الكردي يف سوريا مير‬ ‫مبرحلة حساسة ودقيقة تستوجب توحيد الصف‬ ‫الداخيل ملجابهة خطر تنظيم داعش ومتدده”‪،‬‬ ‫مؤكداً “أن العمل بشكل منفرد مبعزل عن بقية‬ ‫االحزاب والقوى الكردية جعلت الخطوة ضعيفة‪،‬‬ ‫وال تستطيع قوة عسكرية منفردة مواجهة هذه‬ ‫التحديات القامئة لوحدها”‪ ،‬وشدد املحامي اوسو‬ ‫“كان من املفرتض ان نعمل بشكل مشرتك باالستناد‬ ‫عىل االتفاقيات السابقة املوقعة بني املجلسني‬ ‫والتي كانت تشكل أرضية لبناء جبهة عسكرية‬ ‫مشرتكة ملواجهة خطر هذه التنظيامت”‪.‬‬ ‫وتشهد مدينة كوباين معارك طاحنة بني قوات‬ ‫حامية الشعب الكردية‪ ،‬وتنظيم “الدولة االسالمية”‬ ‫منذ حوايل شهر‪.‬‬ ‫من جانبه‪ ،‬كشف املحامي مصطفى اسامعيل ان‬

‫اجتامعات دهوك‪..‬‬

‫أتفق املجلسني الكرديني (الوطني الكردي) و(حركة‬ ‫املجتمع الدميقراطي) يف ‪ ،22/10/2014‬عىل أعادة‬ ‫تفعيل الهيئة الكردية العليا املعطلة‪-‬األخرية‬ ‫تأسست صيف عام ‪ 2012-‬ونص البيان الختامي‬ ‫لالتفاق‪“ :‬بشأن الحامية والدفاع وجد الجانبان أن‬ ‫واجب الحامية والدفاع عن روج آفا مهمة تقع عىل‬ ‫عاتق أبناءها”‪ ،‬وقدر االجتامع اإلمكانيات الدفاعية‬ ‫والتضحيات الكبرية التي قدمتها وحدات حامية‬ ‫الشعب‪ ،‬وتوصل الجانبان إىل قرارات بشأن تعزيز‬ ‫القدرات الدفاعية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫من جانبه‪ ،‬أكد حكم خلو ان “تطبيق القانون‬ ‫ال عالقة له باجتامعات دهوك‪ ،‬ونحن يف االدارة‬ ‫الذاتية الدميقراطية أصدرنا القوانني ولها قدسيتها‬ ‫ونعمل عىل تنفيذها ليك ندير منطقتنا”‪.‬‬ ‫أما املحامي مصطفى اوسو فقد جزم ان “املرحلة‬ ‫تستوجب وحدة الصف الكردي‪ ،‬وبالتايل اجتامعات‬ ‫نحو تشكيل جبهة‬ ‫دهوك هي فرصة حقيقية ّ‬ ‫عسكرية موحدة لحامية جميع مكونات املنطقة‬ ‫من هجامت داعش من ناحية‪ ،‬والنظام السوري‬ ‫من ناحية ثانية”‪.‬‬ ‫بينام أخرب املحامي مصطفى اسامعيل ان‬ ‫“األجندات الحزبية لدى املجلسني تطغى عىل‬ ‫االعتبارات األخرى ويف مقدمتها آمن املناطق‬ ‫الكردية السورية”‪.‬‬

‫تقارير القسم الكوردي‬

‫املجلس الترشيعي لكانتون الجزيرة ‪-‬إحدى‬ ‫املقاطعات الثالث لإلدارة الذاتية‪ -‬أق َر القانون يف‬ ‫جلسته املنعقدة بتاريخ ‪ ،13/07/2014‬حيث أطلق‬ ‫عليه أسم (أداء واجب الدفاع الذايت) عن مناطق‬ ‫اإلدارة الذاتية‪ ،‬وان “الخدمة اإللزامية واجب‬ ‫اجتامعي وأخالقي وقانوين يشمل كافة املكونات‬ ‫االجتامعية”‪.‬‬ ‫الرئيس املشرتك للمجلس الترشيعي لكانتون‬ ‫الجزيرة حكم خ ّلو‪ ،‬أكد ان “القانون هو واجب‬ ‫لألداء الذايت‪ ،‬وليس التجنيد اإلجباري”‪ ،‬ورشح ان‬ ‫“هذا الواجب من الناحية االخالقية مرشوع خاصة‬ ‫ملا تتعرض له منطقتنا من هجامت تنظيم داعش”‪،‬‬ ‫وبحسب خلو “يحق لإلدارة الذاتية تقوية وحدات‬ ‫حامية الشعب للدفاع عن مكونات النسيج‬ ‫االجتامعي ملقاطعة الجزيرة‪ ،‬وهذا الحق يتوافق‬ ‫مع كل القوانني الدولية والديانات الساموية”‪.‬‬

‫جبهة مشرتكة‪..‬‬

‫العدد ‪2014 / 10 / 26 - 47 -‬‬

‫بدأت قوات األمن الكردية (اآلساييش) التابعة‬ ‫لإلدارة الذاتية الدميقراطية‪ُ ،‬وأعلن عنها يف املناطق‬ ‫ذات األغلبية الكردية شامل رشق سوريا بداية‬ ‫العام الجاري‪ ،‬باعتقال الشباب والتي ترتاوح‬ ‫أعامرهم بني ‪ 18‬و‪ 30‬سنة‪ ،‬من مدينتي الحسكة‬ ‫والقامشيل بغية تطبيق قانون “أداء واجب الدفاع‬ ‫الذايت”‪ ،‬يف الحادي عرش من الشهر الجاري‪.‬‬ ‫فاإلحساس بالخطر‪ ،‬دفع القوات الكردية إىل بدء‬ ‫تطبيق أداء “واجب الدفاع الذايت”‪ ،‬بهدف تكوين‬ ‫مجموعات مسلحة لحامية املدن يف حال تعرضها‬ ‫للتهديد‪ .‬وأ ّكد رئيس هيئة الداخلية يف مقاطعة‬ ‫الجزيرة كنعان بركات يف ترصيحات صحفية أنه‪:‬‬ ‫“ال أنكر أن اسلوب االعتقال كان غري حضارياً‬ ‫نوعاً ما”‪ ,‬وأشار‪“ :‬نعيش حالة حرب وقمنا بهذه‬ ‫اإلجراءات لرضورة املرحلة”‪ ،‬ونوه يف ترصيحه‪:‬‬ ‫“أخلينا سبيل الجميع‪ ،‬وكانوا من جميع طوائف‬ ‫املنطقة”‪ ,‬وذكر أنه تم توقيف ‪ 3250‬شاب‪.‬‬ ‫وأكدت هذه القوات أنه بعد االنتهاء من جمع‬ ‫الشباب يف مراكز خاصة‪ ،‬أفرج عنهم رشيطة‬ ‫أن يتعهدوا بتسليم أنفسهم حني استدعائهم‪.‬‬ ‫وأكدت (اآلساييش) يف بيان لها أنه‪“ :‬بعد االنتهاء‬ ‫من عمليات سوق الشبان إىل املراكز الخاصة‬ ‫بتجميعهم‪ ،‬تم تسجيل االسامء وكتابة التعهدات‬ ‫من قبلهم ومن قبل أولياء أمورهم وسلموا إىل‬ ‫ذويهم”‪.‬‬

‫وأستبعد خ ّلو ربط توقيت تطبيق القانون باملعارك‬ ‫الساخنة عىل جبهة كوباين‪ ،‬ولفت “هؤالء الشبان‬ ‫زجهم اىل جبهات القتال والخطوط األمامية‬ ‫لن يتم ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫للحرب‪ ،‬ألنهم سيكونون جيشا شعبيا يحمي‬ ‫مناطقهم فقط يف حال تعرضت للتهديد‪ ،‬وال عالقة‬ ‫لهم بأحداث كوباين ولن يتم أخذهم اىل هناك”‪،‬‬ ‫واضاف “القانون أصدر قبل أحداث كوباين وال‬ ‫عالقة له بسخونة الجبهة هناك”‪.‬‬ ‫قانون (اداء واجب الدفاع الذايت) نص عىل “كل‬ ‫ارسة من مواطني املقاطعة ان تقدم أحد افرادها‬ ‫ألداء واجب الدفاع لكل من يرتاوح عمره بني ‪18-‬‬ ‫‪ 30‬عاماً”‪ ،‬أما االناث وبحسب القانون املذكور‬ ‫“فيكون االلتزام طوعياً”‪ ،‬ومدة اداء الواجب ستة‬ ‫أشهر فعلية يجوز اداؤها بشكل مستمر او متقطع‬ ‫وذلك خالل سنة واحدة‪ .‬فالقانون يطلب من كل‬ ‫آرسة ْان يتطوع أحد األبناء لتأدية الخدمة‪ ،‬وبذلك‬ ‫يعفى بقية االخوة‪.‬‬ ‫وذكر خ ّلو ان “التعليامت التنفيذية مرنة تتامىش‬ ‫مع جميع الحاالت الخاصة وهناك امتيازات‬ ‫واعفاءات”‪ ،‬وأفا َد أن “من لهم شهيد أو ابن وحيد‬ ‫ومن يدرس ومن يعيل ارسته ومن هو مريض‬ ‫يعفى من الخدمة”‪.‬‬

‫“إدخال القرار حيز التنفيذ ليس له عالقة مبجريات‬ ‫االحداث يف كوباين”‪ ،‬وشدد‪“ :‬كان يفرتض أن يطبق‬ ‫هذا القانون قبل شهر من تاريخه مع بدء هجمة‬ ‫داعش األخرية”‪ ،‬وتساءل‪“ :‬هناك يف مناطق الجزيرة‬ ‫اآلالف من عنارص االساييش ووحدات حامية‬ ‫الشعب ملاذا مل يفتحوا جبهة إضافية لتخفيف‬ ‫الضغط عن كوباين”‪.‬‬ ‫واملحامي مصطفى اسامعيل معارض كردي مستقل‬ ‫ينحدر من مدينة كوباين والتي نزح عنها أكرث من‬ ‫‪ 200‬ألف لجأوا اىل تركيا‪ .‬أضاف “انشغل كورد‬ ‫سوريا خالل األربع سنوات األخرية بالخالفات‬ ‫البينية”‪ ،‬وأكد ان “هذه الخالفات جعلت من‬ ‫الجبهة الداخلية الكردية هشة للغاية‪ ،‬نتائجها‬ ‫الراهنة ظهرت عىل شكل أن مركزاً كردياً يف مهب‬ ‫السقوط عىل يد تنظيم ظالمي إرهايب”‪ .‬مشرياً اىل‬ ‫مدينته كوباين‪.‬‬

‫لن أنزع معطفي‬ ‫‪14‬‬

‫فرات الشامي‬

‫العدد ‪2014 / 10 / 26 - 47 -‬‬

‫ُ‬ ‫يرصخ يب الحنني لتلك الصباحات الدمشقية التي‬ ‫افتقدناها تحت وطأ ِة الدمار الذي خلفته يد‬ ‫القتلة‪ ،‬كثريون من يحاولون غرس سكاكينهم يف‬ ‫جسد املدينة العريقة‪...‬‬ ‫يرصخ يب الحنني لصوت “ فريوز” تنشدين لحناً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يسوق الذكريات همسا عذبا برفق ِة حبيب ٍة خرجت‬ ‫من بني سطوري‪ ،‬يف شتاء بالدي ذاك الذي نحاول‬ ‫كمعطف يضم‬ ‫العبور منه نحو الربيع‪ ،‬فغدت‬ ‫ٍ‬ ‫أفكاري وثوريت‪ ،‬يشعل اشتياقي للحروف‪ ،‬يلهب‬ ‫الغضب بداخيل‪ ،‬يجمع شتات نفيس بني ذات‬ ‫العاشق والثائر‪ ،‬والتوفيقُ بني ذاتني يعني املزاوجة‬ ‫بني مفهومني‪ ،‬قد يعتربان متناقضان‪ ،‬لكنام األيا ُم‬ ‫ُ‬ ‫تكشف عن التكامل بينهام وإمكانية الولوج إىل‬ ‫تلك العوامل برفق ِة من تشاء‪ ،‬ممسكاً بي ِد حبيب ٍة‬ ‫وطن‬ ‫صارت زوج ًة وتوأماً لروحك‪ ...‬محتمياً بظلِ ٍ‬ ‫يتسع لكام‪ ...‬ولكل قصائدك‪ ...‬لثورتك‪ ...‬لقلمك‪...‬‬ ‫وطنٌ تحتمي به كام تحتمي بصد ِر أنثى‪ ،‬تغرف‬ ‫منه قطرات الندى من فوق وريقات األيام‪...‬‬ ‫إنها الذاكرة‪ ،‬ذاكر ٌة تعني انتامئك لكل هذه‬ ‫املعاين‪ ...‬فالوطنُ فكرة‪ ...‬واألنثى فكرة‪ ...‬الثور ُة‬ ‫فكرة‪ ،‬جميعها أفكار‪ ...‬ترتيب األفكار حسب‬ ‫األولويات رضور ٌة يف زمن الحرب والتغيري الجذري‪.‬‬ ‫تحتاج لفنجان قهو ٍة بهال الطأمنينة‪ ،‬وعيناك ترابط‬

‫خايف‬ ‫فادي جومر*‬

‫أدب‬

‫فايق عىل ِعتم القلب‬ ‫ِعني الصبح عميا‬ ‫والضو مايش يلح ِمس الحيطان‬ ‫والدرب مو شايف‬ ‫جاي ع بايل اكتب‪ ..‬وخايف‪.‬‬ ‫الح ِمل ع الناس ‪ ..‬وتقيل الحيك‬ ‫تقيل ِ‬ ‫كيف العزا بينقال؟‬ ‫شو نفع حرفني وسطر‪ ..‬قدام بحر الدم‬ ‫شو نفع دمع اِن َسال؟‬ ‫بحر األىس ‪ ..‬فوق الحيك‪ ،‬طايف‬ ‫جاي ع بايل اكتب وخايف‪.‬‬

‫عند ثغ ٍر ما‪ ،‬بينام ترسح بعامل خيالك قلي ًال نحو‬ ‫طفلٍ يلعب يف حديقة قريبة‪ ...‬رمبا هو طفلك‪...‬‬ ‫يدك متسك بالزناد وأخرى تكتب للتاريخ‪ ...‬تحن‬ ‫إىل زوج ٍة تركتها بعيداً تلك الليلة‪ ،‬تشتاق ملداعب ِة‬ ‫شالالت عىل كتفها‪...‬‬ ‫خصالت من شعرها املنثور‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫عشقية متوج‬ ‫حاالت‬ ‫لكنها رضورات الحرب‪...‬‬ ‫بداخيل‪ ،‬بل رمبا بداخل من عرف الحب يف شوارع‬ ‫مدين ٍة بحجم دمشق‪ ،‬حت ًام ألن ظالل ياسمينها‬ ‫فوق رؤوس العاشقني وتدليه يكاد يشابه يد األم‬ ‫التي تبارك حبك‪ ...‬إنه الشعاع الذي افتقده كل‬ ‫مأسو ٍر‪ ...‬والسجون يف أيامنا ال تحىص‪ ...‬فأنت‬ ‫ٌ‬ ‫معتقل يف زنزان ٍة تحت السامء‪ ،‬تلك السامء التي‬ ‫ً‬ ‫مل نعرف يوما أنها متطر الرعب والدمار‪ ،‬متطر‬ ‫ٌ‬ ‫براميل املوت التي مل نألفها‪َ ...،‬‬ ‫معتقل يف‬ ‫أنت‬ ‫زنزانة األفكار التي ال بد من ركنها جانباً رمبا لرتى‬ ‫أصعب أن تكون معتق ًال‬ ‫الضياء ذات انتصار‪ ،‬وما‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫للحرية التي حاربت من أجلها‪ ...‬الحرية يف زماننا‬ ‫قيدٌ جديد‪ ،‬ليس لذاتها‪ ،‬حت ًام إن وراء كل قي ٍد‬ ‫من وضعه بيدك‪ ...‬رمبا الظروف‪ ...‬رمبا الحب‪...‬‬ ‫ات ومربر ٌ‬ ‫رمبا الخوف‪ ...‬تفسري ٌ‬ ‫ات كثري ٌة‪ ...‬جميع‬ ‫تلك املعاين قيود‪ ...‬وحدها الوريقات البيضاء‪،‬‬ ‫وإن بدت عاري ًة من الكتاب ِة فهي بشكلٍ ما ترمز‬ ‫للنقاء‪ ،‬ولرمبا تصبح السطور قيد‪..‬‬

‫مشتاق‪ ،‬مش ِتقلك‪ ،‬عم ا ِنطر غيا ِبك‪..‬‬ ‫نت مو معي‬ ‫ما ِش ِفت ضحكة قلب واِ ِ‬ ‫عم خر ِبش الكلامت عَ األيام ‪ ..‬بريك ترجعي‬ ‫ِكلو حيك‪ِ ..‬كلو حيك‬ ‫وما يف حيك بيقول قدّيش ال ِربد‬ ‫غلغل بعضمي و َكسَّ و‬ ‫وعر َبش عَ قلبي‪ ..‬ومرمرو‬ ‫كلام نده ِت ّلك تعي‬ ‫وإنت بعيدة ‪ ..‬مب ِّعدة‬ ‫ِ‬ ‫فيك تسمعي‬ ‫وما عاد ِ‬ ‫وبحر العمر‪ :‬ناشف‪..‬‬ ‫جاي ع بايل اكتب‪ ..‬وخايف‪.‬‬ ‫بيخطر ع بايل قول‬ ‫إ ّنه الك ِرم‪ ،‬بعدو ببايل ‪ ..‬والعنب‬ ‫وإ ّنه الورق أصفر متل خيط الدهب‬ ‫وإنه الـ جرى‪ ،‬مهام جرى‬ ‫بيضل جوات القلب‪ ..‬غريو‬ ‫وإنه امنحى ‪ ..‬كل يش انكتب‬

‫ُ‬ ‫تقلبت يف أحوالِ هذه القيود‪ ،‬فام وجدت غري‬ ‫عاملي القديم‪ ،‬عىل ضفاف الفرات افرتش جسدي‬ ‫فوق العشب وأرسم مالمح وجهها‪ ..‬تلك األنثى‬ ‫التي باتت حقيق ًة‪ ،‬تار ًة أرسمها بقلمي‪ ...‬تار ًة‬ ‫ألونها بريشتي‪ ...‬ولحن الناي يستمر‪ ،‬فريوز‬ ‫تعرف متى تغني وتزيد من حدة شوقي وهيامي‬ ‫بدمشق‪ ،‬وكأنها حني غنت مرت بسطوري‪ ،‬وذاقت‬ ‫حنيني لزيارة مدين ٍة ُ‬ ‫غبت عنها وهي تبعدُ عني‬ ‫خطوات قليلة‪ ...‬ويخفت صوت الرصاص‪ ...‬الباب‬ ‫ٍ‬ ‫يفتح نحو املستقبل‪ ...‬منتطي صهوة الخيال‪ ،‬ما‬ ‫عاد يف زماننا يش ٌء يسمى الخيال‪ ...‬فالثور ُة تصنع‬ ‫أوهام‪ ...‬أو‬ ‫الحقائق رغم ما قد يظنه البعض من‬ ‫ٍ‬ ‫عوائق‪ ...‬أيُّ عوائقَ يف الطريق ز ٌ‬ ‫ائلة كالزبد‪ ،‬فقط‬ ‫حينام تنزل دمشق لتستحم بالفرات كعروس‪...‬‬ ‫فضاءات واسع ٍة متتد بال‬ ‫حينها تنطلق بأنثاك يف‬ ‫ٍ‬ ‫حدو ٍد‪ ،‬وال تعرف النهايات‪...‬‬ ‫ُ‬ ‫ذاته الحنني يصبح هاجساً ينهض ما تبقى من‬ ‫رماد رجولتي‪ ،‬يلملمني‪ ،‬يرصف حرويف‪ ،‬ألكتب‬ ‫ألول مر ٍة لحبيبتني‪ ،‬ألمرييت أخلدها‪ ،‬لدمشق أرصع‬ ‫رأسها بتاج انتصا ٍر لكرامتها‪ ...‬رمبا يحييها دمي‬ ‫يوم من غفوتها‪ ...‬أو لرمبا يروي تربتها‪...‬‬ ‫ذات ٍ‬ ‫أو لعله ميتزج بشقائق النعامن‪ ...‬ويعود الشتاء‬ ‫ربيعاً‪ ،‬لكنني يومها لن أنزع معطفي‪!...‬؟‬

‫وإنه الدرب من بيتنا وجه الصبح‬ ‫بني البساتني الضحوكة والقصب‬ ‫بعدو معي ‪ ..‬بغربتي‪..‬‬ ‫وع خطويت‬ ‫وبعدو إذا بشتاق‪ ..‬بيزيد العتب‬ ‫وهو عن الرجعة معي ‪ ..‬حالف ميني القاسية‬ ‫وعن رجعتي‪ ..‬حالف‬ ‫جاي ع بايل اكتب‪ ..‬وخايف‪.‬‬ ‫جاي ع بايل اكتب وملهوف‬ ‫ماسك بإيديّ الهوا ال ِقبيل‬ ‫عم ب ّوس الريحة اليل حاملها‬ ‫جاي ع بايل اكتب ومكسور‬ ‫مادد عيوين ع القهر‬ ‫يغسلها‬ ‫بريك بيحن الدمع‪ ،‬بينزل ّ‬ ‫خلص الحيك‬ ‫ما عاد عنّا ِس تـَ نقولو‬ ‫مكشوف متل السهل قدام الهوا‪ ..‬وكاشف‬ ‫جاي ع بايل اكتب‪ ،‬وخايف‪.‬‬ ‫*شاعر سوري‬

‫العلم و دوره في نهضة األمم‬ ‫صوت من داريا‬

‫العدد ‪2014 / 10 / 26 - 47 -‬‬

‫يف شق طريقها إىل سدّة األمم بالعلم واملعرفة‬ ‫والفهم‪ ،‬بعيداً عن بلوغها الجور والظلم والتس ّلط‪.‬‬ ‫اليابان مريض أفاق من غيبوبته وعاد صحيحاً‬ ‫كام كان‪ ،‬والواجب علينا يف هذه اللحظات‬ ‫األليمة التي تعصف بالرشق أن نستقريء تجارب‬ ‫اليابان تجرب ًة‪ ،‬لنحاول جنباً‬ ‫ُ‬ ‫اآلخرين‪ ،‬ونفاد منها‪.‬‬ ‫إىل جنب تكرارها يف مجتمعاتنا‪ ،‬فالدول تدول‪،‬‬ ‫واأليام دول‪ ،‬وال يزال العلم يشق طريقه ليثبت‬ ‫ذاته عىل أنه املسار واملسلك الوحيد الذي يضمن‬ ‫حقوق األمم‪ ،‬وسيادتها وعزّتها بني األمم يف زمن‬ ‫بات فيه الجهل أل ّد األعداء‪ ،‬وبات حاضنه أضعف‬ ‫املجتمعات‪ ،‬وأكرثهم عقد والءات لغريه‪.‬‬

‫مقاالت‬

‫الجهل والتعلم‪ ..‬تعبريان متضادان يرسم ّ‬ ‫كل‬ ‫منهام صورة للواقع تقف موقف املقابلة والتضاد‬ ‫مع الصورة التي يرسمها التعبري اآلخر‪ ..‬العلم‪..‬‬ ‫األساس الذي تتكأ عليه الدول يف بناء حضارتها‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫و نهضتها‪ ،‬واالرتقاء بها يف ركب األمم والحضارات‬ ‫كاتب‬ ‫املتقدمة‪ .‬والجهل‪ ..‬هو‬ ‫األساس الذي مل يجد ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫التاريخ فريوساً أش ّد فتكا وأكرث ارتباطا مع انهيار‬ ‫الدول والحضارات وتصدّع عرى املجتمعات منه‪.‬‬ ‫يذكر التاريخ أ ّنه مل تعن بالعلم دولة إال وارتقت‬ ‫وزاحمت غريها عىل رأس هرم الحضارة والتطور‪،‬‬ ‫ومل تهمله دولة إال وغالت يف انحدارها حتى‬ ‫انتهت يف قاع الذبول والضعف وخسارة السيادة‬ ‫وعقد الوالءات‪ ..‬حيث تجتمع جميع األمم‬ ‫الشق ّية‪ .‬العلم‪ ،‬بهذا االسم وصف الله تعاىل‬ ‫ذاته يف قرآنه‪ ،‬وللدعوة له نزلت الكلمة األوىل‬ ‫إىل األرض‪ ،‬واتخذت من الجهل العدو األول لها‪.‬‬ ‫فكانت أقرأ‪ ..‬وكانت األمة‪ ..‬أمة أقرأ‪.‬‬ ‫عىل وقع انتشار العلم بسائر مجاالته وانتشار‬ ‫الوعي يف املجتمعات تتبدد آمال الدول الكائدة‬ ‫باالنتصار والغلبة والسيطرة واالستبداد‪ ،‬فال تقوم‬ ‫قامئة لحكم ظامل أو أمدٌ طويل الحتالل يف مجتمع‬ ‫انترش فيه العلم وجعا نرش الوعي والفهم من‬ ‫أولويات مساعيه وعمله‪ ،‬ومن الجهل والتخلف‬ ‫رؤوس أعدائه ومحاربيه‪ .‬ويذكر التاريخ أنه‬ ‫ما متسكت واهتمت بالعلم دولة إال وغادرها‬ ‫الضعف إىل غري رجعة‪ ،‬وما تخلت عنه إال ونخر‬ ‫فيها الضعف والوهن والتخبط إىل أعمق مدى‬ ‫وحدّ‪.‬‬ ‫لقد ّ‬ ‫سطرت دولة اليابان مثاالَ حياً يحتذى به يف‬ ‫تسلق سلم املجد والقدوات‪ ،‬باستغاللها للعلم‬ ‫والتطور التقني يف نهضتها‪ ،‬وبناء اقتصادها املدمر‪،‬‬ ‫ومؤسساتها الهزيلة وبناها التحتية التي باتت يف‬ ‫الحضيض بعد الحرب العاملية الثانية‪ ،‬لينتهي بها‬ ‫الحال بعدها إىل الرت ّبع عىل مرتبة االقتصاد الثالث‬ ‫عىل مستوى العامل ك ّله بعد الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية والصني‪ ،‬بعد أن كانت يف مؤخرة األمم‬ ‫تداري ضعفها وديونها‪ .‬لقد كان عام ‪ 1945‬عاماً‬ ‫أسوداً يف تاريخ اليابان والعامل‪ ،‬خرست فيه اليابان‬ ‫أكرث من مائتي ألف نسمة من أبنائها‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إىل عرشات اآلالف من املترضرين باإلشعاعات‬ ‫النووية جراء القنابل النووية التي ألقت بها‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية يف سامء اليابان‪ .‬مل‬ ‫تبق اليابان ممددة طوي ًال‪ ،‬ومل تدخر بعد جهداً‬ ‫فنضهت لفورها وشهدت حركة داخلية متسارعة‬

‫تجلت فيها مظاهر االعتناء بالعلم‪ ،‬وتسخري غالب‬ ‫املوارد إىل طلبه ونرشه‪ ،‬وتطوير البحث العلمي‪،‬‬ ‫واالهتامم بالباحثني‪ ،‬وتوفري األجواء املناسبة‬ ‫ألعاملهم ومشاريعهم‪ ..‬فعقدت اجتامعات وبدأت‬ ‫تكافح عىل مدى عقود كثرية‪ ،‬تس ّلم فيها اآليت من‬ ‫الراحل‪ ،‬مبقياً عىل املنهاج ذاته يف لحظ العلم‬ ‫األولوية األوىل يف الدولة‪ ،‬إىل أن انتهى بها الحال يف‬ ‫السنني األخرية لتكون االقتصاد الثالث عىل مستوى‬ ‫العامل‪ ،‬باإلضافة إىل صياغتها لعالمات ومواصفات‬ ‫قياسية ملنتجاتها‪ ،‬باتت مقياساً تقاس به جودة‬ ‫منتجات دول أخرى‪ .‬لقد رسمت اليابان هدفاً‬ ‫وحققت بعضه‪ ،‬وال تزال تعمل وال توفر جهداً‬

‫‪15‬‬