نصف شهرية ،ثقافية ،مستقلة
العدد 61 2015 / 12 / 20
مجلة مستقلة ،تعنى بشؤون الثورة السورية ،نصف شهرية ،تطبع وتوزع داخل سوريا ويف عدد من مخيامت اللجوء والتجمعات السورية يف الخارج
ملف العدد: المعارضة السورية ماذا قدمت للسوريين! ..
المعارضة ..ووصمة االنتهازية
2
افتتاحية بقلم ليلى الصفدي
العدد 2015 / 12 / 20 - 61 -
يغيب ذكر املعارضة السورية طوي ًال ،ليعود إىل التداول عند أي مؤمتر دويل أو إقليمي ،ورغم قلة اإلميان بقدرتها عىل التأثري عند غالبية السوريني وحتى من املعارضة نفسها -أمام إرادات القوىالدولية املتصارعة عىل ساحتنا السورية ،إال أن هذا ال يعفيها من مسؤولياتها وال من أخطائها التي يرى الكثريون أنها أودت بنا إىل هذه األوضاع القامتة. لقد ارتبط لفظ “املعارضة السورية” يف أذهان كثري من السوريني وغري السوريني بصفة “االنتهازية” .ويبدو أن لهذا االرتباط الكثري من األسباب واملربرات التي تدعمه وتؤكده ،ليس أق ّلها خضوع أغلبية هذه املعارضة ألجندات أجنبية وارتهان قراراتها ملصالح الدول التي ادّعت صداقتها للشعب السوري املذبوح ..بل وهرولتها الدامئة السرتضاء هذه الدول واستجداء األموال والحلول عىل أعتابها. وال أقلها أيضاً االنفصال شبه التام بني الداخل والخارج ،املعارضة التي ارتهنت ملصالح أجنبية، وقفت أيضاً عىل أرض أجنبية ومل تتص ّد لواجبها القيادي املفرتض بالدخول إىل املناطق السورية والوقوف إىل جانب شعبها املسحوق رغم املساحات الشاسعة التي خرج منها النظام لتتو ّالها أيادي التطرف السوداء وتنحر ما تبقى فيها من حياة آدمية .وبينام كان شباب الثورة ُيسحلون و ُيقتلون عىل أيدي أجهزة النظام وجامعات التطرف ،كانت معارضة الخارج تتنقل بني فندق وآخر ...تطحن املاء وال تغرف إال األكاذيب. أضف إىل ذلك ما عرف عن هياكل املعارضة
التنظيمية وما تعانيه من فساد واستبداد، وانفصال ما بني القواعد والهيئات العامة والقيادات النافذة ،والتي عودت الجميع عىل االنفراد بالقرارت املصريية. لكن ،ومن بني كل األسباب التي ُتساق للتدليل عىل انتهازية املعارضة يبدو أنه ال ّ أدل عىل ذلك من سعي الكثريين منها منذ بدايات الثورة لركوب املوجة اإلسالمية ،فلقد بنى قياديون يف املعارضة، حتى أشدهم علامنية ،بنوا اسرتاتيجيتهم عىل قاعدة أنه “ال ّ يفل الحديد إال الحديد” ،وال يستطيع مواجهة رشاسة النظام إال ظالمية توازيه أو تتفوق عليه رشاسة !..ولقد رأيناهم يف مراحل عديدة وال زلنا نراهم طربني ومنرشحي الصدور النتصارات موهومة لقوى الظالم التكفريية. مل تستطع هذه املعارضة -التي أدمنت العجز لعقود طوال -تربئة نفسها من وصمها باالنتهازية، وال استطاعت االنخراط الحقيقي يف الرصاع ،وال أيضاً سعت ٍّ لحل سيايس كان من شأنه إنقاذ ما
كلمة
للنشر أو مراسلة فريق التحرير
ميكن إنقاذه ،فلقد كان حلمها املعلن الوصول إىل الحكم عىل ظهر خيل “إسالمية” ،متناسية أن التطرف ليس ذلك الخروف األليف الذي نربيه لنذبحه يف العيد املقبل ،إمنا هو وحش ضا ّر يلتهم البرش والحجر ،التاريخ والحارض واملستقبل ،وليس من شأنه أن يبني الدول واملجتمعات ،إمنا شأنه فقط أن يؤجج الحرب والنزاعات الطائفية ،وأن يستجلب وحوش األرض لتقصف ما مل يقصفه النظام. ال نعرف ماذا ترسم لنا الدول الكربى اليوم يف مجلس “أمنها” ،لكننا نعرف أن شعبنا املخذول الذي سئم ويالت الحرب والقتل والتدمري والشتات يريد أمنه قبل ّ كل يشء ،وقد بات من حقه عىل كل من زاود يف متثيل مأساته يف املحافل الدولية أن يتواضع أمام دماء الناس وآالمها.. وأن يسعى ألي ّ حل قد يوقف النزيف ويض ّمد الجراح ..ويضع العجلة عىل سكتها الصحيحة حتى لو ابتعد قلي ًال حلم الحرية األول.
تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت www.freedomraise.net
freedomraise@gmail.com
facebook.com/freeraise
مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية ويف بعض مخيامت اللجوء رئيس التحرير ليىل الصفدي
معاون رئيس التحرير نصار أسامة ّ
twitter.com/freedomraise
املحرر الثقايف رامي العاشق
محرر القسم الكوردي مريال بريوردا
زمالء مختطفون يف الغوطة الرشقية رزان زيتونة -ناظم حامدي
قراءة لقرار مجلس األمن األخير 2254
3
أبو القاسم السوري
العدد - 61 - 2015 / 12 / 20
املناسبة. -2خلق خطوات بناء الثقة بني األطراف. -3تحييد جميع من يرفض أو يقف عائقاً أمام السيناريو املحتمل. -4دفع كل األطراف لالعرتاف باآلخر واالعرتاف بوجوده وما ميثله وما يبتغيه من مصالح. -5الدخول يف مفاوضات تفيض إىل إيجاد اتفاق سيايس ينهي هذا الرصاع. ولكن عىل الدول الفاعلة أن تدرك أن تسوية الرصاع يف سورية تستوجب تحقيق مسألتني هامتني ومتداخلتني تتعلقان بعملية تسوية الرصاعات والتوصل إىل تسوية سلمية دامئة؛ أما املسألة األوىل فهي تتعلق بكيفية بناء نظام سيايس واجتامعي يقدم سقفاً سياسياً واجتامعياً مقبوالً أمام جميع فئات املجتمع ،والثاين يرتبط بقضية األمن؛ فقد تثري تجارب الرصاعات املحلية معضلة حادة حول األمن الداخيل ألطراف الرصاع ،لذلك يحل هذه املعضلة األمنية. يجب عىل أي حل أن ّ ومن هنا يتضح أن العقدة الرئيسية يف سبيل تحقيق هاتني املسألتني هي وجود بشار األسد ألنه ال ميكن تخيل بناء نظام سيايس واجتامعي جديد حل معضلة األمن لقوى الثورة بوجوده ،وال ميكن ّ بوجوده ،ألنه ميثل رشعية القتل واإلجرام. ومن هنا يجب أن يكون املدخل الحقيقي لبناء اسرتاتيجية تفاوضية للمعارضة قامئة عىل تبني مفهوم الدولة وما تفرزه من فكرة للسلطة العامة متمثلة بنظام سيايس واجتامعي جديد ،ال يكون لألسد دور فيه .ويجب ترسيخ عملية الفصل بني شخصية بشار األسد وبني مؤسسات الدولة لحل السورية ،وخاصة أننا أمام بوادر إرادة دولية ّ الرصاع يف سورية ،ويف حال وجود هذه اإلرادة يصبح بشار األسد مجرد رقم يتم تجاوزه إذا ما كان سيشكل العقبة الحقيقة لحل الرصاع.
مقاالت
أصدر مجلس األمن قراره بتاريخ 19/12/2015 حول الوضع يف سورية والذي تضمن 16بنداً تناولت جوانب مختلفة من األزمة السورية ،ويف ّ كل مرة يصدر مجلس األمن قراراً حول سورية يعاد طرح األسئلة نفسها: هل س ُيطبق هذا القرار؟ هل وصلنا إىل نقطة أصبحت هناك إرادة دولية ّ لحل الرصاع يف سورية؟ هل هناك ضامنات لتطبيقه؟ هل سيلتزم النظام بهذا القرار؟ هل هذا القرار سيختلف عام سبقه وعام سيليه؟ ..العديد من األسئلة ،وخاصة أن مجلس األمن أصدر حتى اآلن 13قراراً و 7بيانات رئيسية ،ومل ُين ّفذ منها أي يشء عىل أرض الواقع .فلامذا سيكون هذا القرار مختلفاً؟ إن قراءة أولية لبنود القرار تشري إىل عدة نقاط ابتدائية ،ال بد من التوقف عندها بشكل واضح: أوالً :الرسعة يف اجتامع مجلس األمن واملوافقة الجامعية عىل القرار ،وهذا يعطي مؤرشاً ابتدائياً عىل وجود استعجال دويل لبدء الدخول يف حل االزمة السورية ،وفق املنطق السيايس البعيد عن الحل العسكري. ثانياً :ترسخ تعريف محدد للرصاع يف سورية وفق املنظور الدويل بأنه رصاع عنف يو ّلد إرهاباً يزعزع استقرار املنطقة وخارجها ،أي أن الدول الفاعلة دولياً أصبحت عىل قناعة أن استمرار الرصاع يف سورية يؤثر سلباً عليها ،ولذلك أصبحت يف حاجة إليجاد ّ حل لهذا الرصاع. ثالثا :حرص مسؤولية حامية الناس بالسلطات السورية ،وهو ما يستوجب إيجاد سلطة جامعة لجميع السوريني ،ولذلك ّمتت إضافة كلمة “جامعة” عىل مطلب تشكيل هيئة حكم انتقالية، لتصبح هيئة حكم انتقالية جامعة تخ ّول بسلطات تنفيذية كاملة ،وذلك يؤرش عىل أن بنية النظام الحالية سيتم استبدالها ببنية سلطوية جديدة. رابعاً :اعتامد سيناريو لألحدث يبدأ بخطوات تخفيف حدة الرصاع من خالل خطوات عمالنية، وهي وقف القصف ثم االنتقال إىل وقف إطالق نار ثم إدخال املساعدات اإلنسانية وإطالق املعتقلني، وهي خطوات بالرضورة تعمل عىل تخفيف االحتقان وتهيئ الجو لبدء عملية التفاوض.
خامساً :ضبط العملية التفاوضية بجدول زمني محدد وإن كان يبدو طويل األمد ولكن بالنظر إىل طول الرصاع يف سورية وتعقيداته يبدو جدوالً قاب ًال للتطبيق. سادساً :تخوف املجتمع الدويل من أي انهيار محتمل للنظام ،لذلك يبدو التأكيد عىل إبقاء مؤسسات الدولة كضامن لعدم انزالق سوريا نحو التفكك والفوىض ،وبالتايل سيكون هناك بالرضورة مقاربات نحو إيجاد صيغ اندماج وتفاهم داخل مؤسسات الدولة بعد إيجاد هيئة الحكم االنتقالية. سابعاً :الرتدد يف تبني أي جهة كممثلة للمعاضة السورية ،وهو ما يؤرش إىل حالة التخ ّبط لحد اآلن عىل املستوى الدويل يف هذا املجال ،رغم أن القرار فتح املجال أمام حسم هذا األمر حيث خ ّول دميستورا بحسم هذا األمر. ثامناً :العمل عىل التخفيف من حدة التغريات الدميوغرافية التي أحدثها النظام ،والعمل عىل إعادة الوضع الدميوغرايف تدريجياً إىل ما كان عليه من خالل دعوة القرار إىل تهيئة األجواء والظروف لعودة النازحني واملهجرين إىل مناطقهم األصلية. من خالل ما ذكرناه سابقاً يبدو أننا أمام اسرتاتيجية دولية واضحة لحل الرصاع يف سورية ،مبنية عىل تصنيف الرصاع يف سورية بأنه رصاع أهيل وليس ثورة شعب مظلوم .وسيتم العمل وفق اتجاهني: األول :تقسيم األدوار بني الفاعلني األقليمني والدوليني ،وما يظهر أنه خالفات دبلوماسية بني الدول هو يف الحقيقة تناسق وتناغم متفق عليه، فيبدو أن الدولتني العظمتني متفقتان عىل أن تتعهد روسيا بالوضع امليداين وتهيئته ..والحمالت الروسية الرشسة عىل بعض املناطق واستخدام سياسية األرض املحروقة -كام حدث يف الغوطة الرشقية مؤخراً -مل يكن هدفها تحقيق انتصار عسكري ،بل إيصال رسالة سياسة عن حجم الدمار الذي سيالقيه كل من يقف بوجه الجهود الحالية، وأن تتعهد أمريكا بتهيئة الساحة الدبلوماسية، بينام تتكفل الدول اإلقليمية بالضغط عىل األطراف التي تدعمها للسري يف كنف هذا الخط. الثاين :رسم خطة تسوية سياسية وفق الركائز التالية: -1تخفيف حدة الرصاع وخلق البيئة السياسية
هل اختطف النظام رزان زيتونة؟ 44
زياد إبراهيم
العدد 53 - 2015 2015/ /12 8 // 220 - 61
مقاالت لقاءات
مييض هذه االيام عامان عىل اختطاف رزان زيتونة وسمري الخليل وناظم حامدي ووائل حامدة من مكتب توثيق االنتهاكات يف مدينة دوما يف الغوطة الرشقية ،الحدث الذي ال يزال حتى اآلن يلقى استهجاناً من ناشطي الثورة السورية عىل وجه الخصوص وفعاليات حقوق االنسان واملنظامت العاملية عىل وجه العموم. حيث تنترش عىل مواقع التواصل االجتامعي حمالت مختلفة للتضامن مع املخطوفني األربعة، مشابهة لحمالت التضامن التي حدثت يف الذكرى السنوية االوىل الختطافهم ،اضافة اىل بيانات االدانة واملطالبة بالكشف عن مصريهم من عدة جهات. وتتوجه االتهامات بشكل مبارش و/أو غري مبارش (سياسياَ و/أو جنائيا) اىل جيش االسالم تحت قيادة زهران علوش كونه الفصيل االكرب واالقوى يف الغوطة الرشقية اضافة اىل القرائن التي قدمها بعض اهايل املخطوفني بعد عملية االختطاف. الجدير بالذكر انه خالل العامني املاضيني مل يتم توجيه اصابع االتهام اىل النظام السوري عىل الرغم انه من أشد املستفيدين من عملية االختطاف لناشطني مدنيني يقومون بتوثيق انتهاكاته عىل كامل الرتاب السوري ويحظون بثقة منظامت حقوق االنسان العاملية ،كام لعبت رزان زيتونة جنبا اىل جنب مع كل من ناظم ووائل دوراً هاما يف الحراك الثوري بحكم انهم من املؤسسني للجان التنسيق املحلية اول الهياكل التنظيمية التي انبثقت عن الثورة السورية. يف التاسع عرش من أيلول 2013اعتقلت قوات النظام أحد مؤسيس لجان التنسيق املحلية املقربني من رزان وكان مكلفاً حينها بإدارة مكتب الحراك الثوري وهو من مدينة دوما ليتم احتجازه واستخدام كل وسائل التعذيب املعروفة عند النظام األمني السوري يف التحقيق معه بغية الحصول عىل معلومات هامة قد تفيد النظام يف مالحقة نشطاء آخرين أو الوصول إليهم. بعد مرور عام وبضعة أشهر عىل اعتقاله تم االفراج عنه وبقي يف مدينة دمشق لعدة أشهر حتى استطاع الخروج منها اىل أحد دول الجوار
بعد تحسن حالته الصحية. يروي عضو لجان التنسيق املحلية عن فرتة الشهور األوىل من اعتقاله كيف ان التحقيق كان متمحوراً حول شخص رزان زيتونة وطبيعة عملها ومساعديها وعن ماهية لجان التنسيق املحلية وشكلها التنظيمي وعن مركز توثيق االنتهاكات وكيفية عمله وعن توثيقه ملجزرة الكياموي وغريها. ثم يقول بأن جلسات التحقيق كانت تأخذ ساعات طويلة (تحت التعذيب) للحصول عىل معلومات خاصة برزان زيتونة ومكان سكنها ومن يعمل معها وحالتها املادية وحياتها اليومية ثم طلب منه املحقق يف أكرث من مرة املساعدة يف اقناع رزان بطريقة ما والتأثري عليها يك تنتقل اىل مناطق النظام مع إمكانية تقديم كل التسهيالت ليتم االمر. يقول الناشط :كان جوايب دامئا بأن رزان ومن معها من املستحيل جذبهم اىل مناطق النظام تحت أي حجة ،فهم مستقرون يف مدينة دوما وجميع احتياجاتهم مؤ ّمنة ،وينعمون بعالقة جيدة مع جميع من حولهم ،ولديهم الكثري من العمل الذي يقومون به ،ومن الصعب جدا اقناع رزان برتك دوما لتخرج اىل مناطق النظام. ثم يردف قائال :بعد أن اقتنع املحقق بعدم امكانيتي (الفعلية) يف إقناعها برتك مدينة دوما ،واستحالة جذبها اىل مناطق النظام ،قال يل “ :ال يوجد لدينا مستحيل ،وإذا كنت انت
ال تستطيع جلبها الينا ،فلدينا الكثري من أصحاب اللحى يف الغوطة الرشقية قادرين عىل ذلك “ وبحسب الناشط فإن مرحلة التحقيق هذه مل تتعدى الشهرين من لحظة اعتقاله ،أي انها انتهت قبل شهر تقريباً من عملية االختطاف التي حدثت يف التاسع من كانون األول 2013يف مدينة دوما. هذه الشهادة التي يقدمها أحد أعضاء لجان التنسيق املحلية عام جرى معه يف معتقالت الفروع األمنية ،مع االخذ بعني االعتبار تقاطع الفرتة الزمنية مع الفرتة التي اختطف فيها نشطاء دوما األربعة ،تضع فرضية -مسؤولية النظام السوري عن عملية االختطاف-عىل طاولة البحث والتحليل بجانب الفرضيات األخرى وال تستبعدها كام تم استبعادها سابقاً. ان الفرضية الجديدة ملسؤولية النظام عن اختطاف رزان زيتونة وسمرية الخليل وناظم حامدي ووائل حامدة ال ت ِّربء ابداً الفصائل العسكرية يف الغوطة الرشقية وعىل رأسها جيش االسالم من املسؤولية عن عملية االختطاف ،بل عىل العكس فإن هذه الفرضية لو صحت ،فان مسؤولية الفصائل العسكرية سوف تتجاوز اختطاف نشطاء مدنيني لتصبح مسؤولية عن أمر أكرب من ذلك بكثري.
المعارضة والخجل بالسلطة 5
ماهر مسعود
العدد 2015 / 12 / 20 - 61 -
ملف العدد
يفتقد تاريخنا السيايس منذ االنقالب العسكري األول بعد االستقالل ،إىل وجود سلطة رشعية منتخبة دميقراطياً .لكن غياب السلطة الرشعية واملنتخبة ،أدى بشكل تلقايئ ،وكنتيجة له ،إىل غياب املعارضة الرشعية والعلنية أيضاً ،وبالتايل غياب الحياة السياسية وتداول السلطة .ومن املعروف أن غياب السلطة الرشعية الذي كان واقعاً مضطرباً وغري مستقر قبل استالم حافظ األسد للسلطة، أصبح ِشعة مستقرة بعد استالمه ،األمر الذي ح ّول االستقرار ذاك إىل أبدية مزعومة وموهومة ،مل تنتج بدي ًال عن األبد إال حرق البلد. تاريخنا السيايس املتش ّكل عىل النحو املوصوف أعاله ،قام عىل قامئة واحدة ،أو ُبع ٍد واحد ،هو السلطة .لكن السلطة؛ وكأي سلطة وحيدة ومتف ّردة يف الحكم ،سيطرت عىل معنى الوطنية و”الفضاء الرمزي” للوطنية السورية ،بأن قدمت نفسها ممثلة للحقيقة وللقضايا الوطنية األساسية بالنسبة للسوريني ،مثل قضيتي فلسطني والجوالن املحتلتني ،فأصبح االعرتاض عليها هو اعرتاض عىل “الحقيقة” التي مت ّثلها ،واملعارض لها هو خائن بالرضورة ،وليس خص ًام سياسياً يف حقل السياسة. أما املعارضة التي كانت غائبة ومغ ّيبة عن الشغل العلني والعمل الرشعي ،فقد تبنَّت خطاباً مقلوباً عن خطاب السلطةُ ،يخفي و َيخجل بالكالم عن الرغبة يف احتياز السلطة؛ مع أنه الهدف الطبيعي ألي عمل سيايس ،و ُيظهر الرصاع السيايس عليها ،وكأنه رصاع عىل الحقيقة ذاتها .فالسلطة املست ّبدة تخدع الناس وتقدم خطاباً أيديولوجياً (واأليديولوجيا قناع زائف) يخفي حقيقتها غري الوطنية ،بالشعارات الوطنية والقومية ،وبالتايل تصبح الوطنية الحقيقية والقومية الحقيقية موجودة عند املعارضة. الثقافة السياسية التي انبنت عىل تلك األسس، والتي مازالت سائدة حتى اليوم ،تشاركت فيها السلطة مع املعارضة بشقيها اإلسالمي والعلامين، لكن مع وجود فارق مهم ،هو أنه يف الوقت الذي كان فيه اإلسالميون علامنيني يف براغامتيتهم ،كان العلامنيون إسالميني يف نزاهتهم “املعلنة” وترفعهم شبه املقدس عن الرباغامتية .فالطريق إىل السلطة، املبني عىل املصلحة السياسية والتجييش الشعبي واللعب عىل موازين القوى وما يحتاجه ذلك من
براغامتية وإزاحة لألخالق والحقيقة وتجيريهام مصلحياً ،كان أكرث وضوحاً لدى اإلسالميني منه لدى املعارضة العلامنية ذات األصول اليسارية ،حيث تبنى هؤالء األخريون خطاباً أخالقياً مبنياً عىل الحق والعدل والنوايا الحسنة والوطنية املجردة ،وهو خطاب أقرب إىل الزهد بالسلطة رغم كونه مليئاً بالشعور الذايت بأحقية الحلول محلها. وبينام وصل اإلسالميون إىل حد الرصاع املسلح مع السلطة يف الثامنينياتّ ، فضلت املعارضة العلامنية االبتعاد عن الحزبية املس ّلحة واالكتفاء باملعارضة السياسية ،وكأنهم يعارضون نظام حكم لسويرسا وليس لسوريا األسد ،وبينام كانت املعارضة العلامنية أقرب للنظام يف إخفاء حقيقة رغبتها بالسلطة ،كانت املعارضة اإلسالمية أكرث ميكافيلية وأقرب للنظام بإسلوب الوصول إىل السلطة. النظام من جهته كان أقرب لإلسالميني يف أسلوب ّ منحطة وعنفية ،لكنه الحكم مهام كانت وسائله أقرب للعلامنيني يف خطاب الحق والحقيقة والعدالة والوطنية املجردة والشعور الذايت بأحقية الوجود، وهذا الجمع بني االنتهازية والرباغامتية املميزة لإلسالم السيايس من جهة ،والخطاب الزهدي املثايل
املميز للمعارضة العلامنية من جهة أخرى ،أعطاه األفضلية الواقعية عىل الثنايئ املعارض ،ليسحق كال املعارضتني ،ويرضب ّ ً كل منهام بداللة األخرى. لذلك نجد أنه سابقاً -مثل اليوم -وجد الكثري من املعارضني أنفسهم يف خندق واحد مع النظام، ْ وإن من مواقع متباينة ،فالعلامين “الرصاطي” كان يجد نفسه مع النظام ض ّد اإلسالميني واإلمربيالية (بعد أن أكل املقلب) ،واإلسالمي “االنتهازي” كان يجد نفسه مع النظام ض ّد علمنة الدولة وحيادها اإليجايب تجاه مكوناتها. يف املحصلة ،وبعد انفجار الثورة السورية ،ثم انفجار العنف وتصاعده إىل مستويات ال معقولة، مل يبق يف الساحة بشكل حقيقي وفاعل ،سوى النظام واإلسالميني عىل تنويعاتهم ،أما املعارضة العلامنية الخجولة ،واملعتصمة ظاهرياً بحبل السياسة “النظيفة”؛ حيث ال يوجد سياسة نظيفة وبال أوحال ،فقد بات واضحاً أنها إن مل تتخلص من ثقافتها السياسية الخجولة وتبني مشاريع سياسية واضحة األهداف وعلنية املبادئ ،فإن مصريها مثل مصري كل الخجولني مبا لديهم ..أي الخصاء السيايس والعجز التكويني عن الفعل والتأثري.
6
التعليم للسوريين في تركيا الحكومة المؤقتة غائبة تماما كفاح عباس -عنتاب
العدد 2015 / 12 / 20 - 61 -
ملف العدد
و ّثقت هيومن رايتس ووتش يف تقريرها الصادر بتاريخ 9ترشين الثاين 2015عدد األطفال السوريني يف سن الدراسة يف تركيا وقدرته بـ 708 آالف طفل يف سن الدراسة ،وحسب املنظمة فإن من التحق باملدارس ال يشكلون أكرث من 25% من هؤالء األطفال ،وأن أكرث من 400ألف طفل سوري ال يتلقون تعليمهم يف تركيا ،وأرجعت املنظمة األسباب إىل الصعوبات املاد ّية ،وحاجز ال ّلغة ،وصعوبات االندماج ،ونقص املعلومات لدى األهايل حول قضايا التعليم. قامت الحكومة الرتكية ومنذ بداية العام الدرايس الجاري ،بإلغاء كل املدارس الخاصة السورية يف كل املحافظات الرتك ّية ،واستعاضت عنها باملدارس الحكومية الرتكية بدوام مسايئ للطالب السوريني، الترسب ولكن هذه اإلجراءات مل تح ّد من ظاهرة ّ من املدارس ،والتس ّول ،وعاملة األطفال ،التي تفتك بجيل كامل من األطفال السوريني. مل يقم االئتالف والحكومة املؤقتة بأي تحرك جديًّ للح ّد من هذه الظاهرة ،واقترصت التحركات عىل مبادرات فردية قام بها أفراد أو منظامت غري حكومية ،حاولت س ّد الثغرة. يقول األستاذ سليم عبد الغني وهو مديرملركز “يضم مركزنا 56 قوس قزح للرتبية والرتفيه: ّ طف ًال ،كانو جميعاً إ ّما متسولني أو جامعي قاممة، نحاول إعادتهم اىل أجواء التعليم عن طريق نشاطات ترفيه ّية وتعليم ّية بسيطة ،ومن ثم نحاول تسجيلهم يف املدارس الحكوم ّية”. ويضيف األستاذ عبد الغني“ :تواجهنا عقبات أه ّمها ّأن الحكومة الرتكية مل تعاملنا كالجئني ،ولنا حقوق اللجوء ،بل ُتعاملنا كضيوف ،وهذا نتج عنه نسبة الترسب الكبرية للطالب من املدارس بسبب سوء أحوال أهلهم املادية ،فعىل الرغم من كون املدارس مجانية ،إال أن بعد املسافات واملواصالت الغالية دفعت بالعديد من األهايل إىل عدم إرسال أوالدهم إىل املدارس ،ودفعهم إىل العمل لس ّد حاجات األرسة”. وعن املركز يقول“ :يعتمد املركز بالكامل عىل
مد ّرسني متطوعني ،وقام بتسجيل عرشة طالب من أصل 65يف املدارس الحكومية ويحاول زيادة هذا العدد بشكل دائم” السيدة برشى ،وهي والدة لطفلة يف الصف الرابع تقول“ :هناك أخطاء علم ّي ٌة كثري ٌة يف املناهج، وبخاصة يف منهاج اللغة العربية والرياضيات ،كام أن محاولة إدخال املعلومات عن الثورة السورية فجة وغري منسجمة مع املناهج ،إضافة تبدو ّ إىل أن أغلب املدارس يف العامني السابقني كانت ذات طابع إسالمي متشدّد ،وتعرضت العديد من املحجبات للمضايقة من املد ّرسات والطالبات غري ّ ً قبل مد ّرسني ومد ًّراسات وأحيانا من قبل طالب”. وتضيف السيدة برشى“ :بسبب عدم وجود مرجع ّية ،أو جهة رقاب ّية عىل املدارس فإن املدرسني يعطون املناهج وفق تص ّوراتهم الخاصة، وهذا ما أدى لوجود الكثري من الفكر املتطرف يف املدارس ،حيث وصل أحياناً إىل حد إلغاء اآلخر املختلف ،إىل درجة ّأن بعض املد ّرسني يجاهرون بدعمهم لـ “داعش” أمام الطالب”… “أضف إىل ذلك ّأن الباصات التي تنقل الطالب تابعة لرشكات تركية وتتحكم بوقت الطالب وعددهم يف الباص الواحد ،مام يؤدي لتأخري الطالب أحياناً لساع ٍة ونصف عن بيوتهم بعد انتهاء الدوام، واإلدارات تتنصل من مسؤوليتها عن املوضوع “. األنسة سعاد مد ّرسة تعمل يف مدرسة سور ّية خاصة وهي من املدارس القليلة املتب ّقية التي تعمل تحت مس ّميات مختلفة كمعاهد لغة تركية
أو مراكز ترفيه ..تقول“ :يف َّ ظل غياب ال ّرقابة واملرجعية بالنسبة للمدرسني ،وكون مدراء كل املدارس اآلن مدراء أتراك ،فإن املدرسني يقومون بحذف جزء أو أجزاء من املنهاج ،واملوضوع تابع ألهوائهم ووقتهم .والخطة التي وضعتها الحكومة الرتكية بتخصيص املدارس الحكومية بعد ّ الظهر للسوريني زادت األمر سوءاً عىل الطالب واملدرسني ،حيث أصبح الطالب يعودون إىل منازلهم بوقت ّ متأخر ،وكذلك املد ّرسون .إن التأخر يف الدوام وانخفاض البدل املادي الذي يتقاضاه املد ّرسون يؤدي إىل عدم الجدّية يف التدريس وإهامل الطالب”. تضيف اآلنسة سعاد“ :وبسبب ق ّلة املدارس يف خصصته الحكومة الرتكية مدينة عنتاب فإن ما ّ للطالب السوريني ال يستوعب األعداد الكبرية منهم ،ويتم حرش أكرث من ستني طالباً للصفوف صف واح ٍد ،وهو ما يص ّعب العمل ّية الدنيا يف ٍ التعليم ّية عىل املدرسني بشكل كبري ،ويجعل من الصعب جدّا ً عىل املدرس إيصال املعلومات لهذا العدد من الطالب”. الحكومة املؤقتة يف غياب كامل عن أداء مهامها، وهي بعد قطع الدعم القطري عنها عاجزة حتى عن دفع رواتب موظفيها ،وهذا الشلل الذي أصاب الحكومة بعد انقطاع الدعم عنها انعكس عىل كل جوانب حياة السوريني يف تركيا عامة وعنتاب خاصة وهي اآلن عاجزة عن تقديم أبسط الخدمات للسوريني يف تركيا. ويف محاولة منا ملعرفة موقف الحكومة املؤقتة من هذا الوضع املرتدّي للتعليم يف تركيا ،حاولنا االتصال بالوزير ومستشاره ولكنهام وليومني عىل التّوايل كانا خارج نطاق التّغطية .ومل نستطع الوصول إليهام. نهاية وجب التنويه أن الحكومة الرتكية تبذل جهداً يف سبيل توفري التعليم للطالب السوريني، ولكن هذا الجهد ال يرتقي لحجم املشكلة الكبري. نحن أمام جيل من األطفال ال يتل ّقى تعليمه وهو األمل الذي نراهن عليه يف بناء سورية املستقبل.
الجهادية” تقدمت “المعارضة ّ لماذا ّ وتراجعت “المعارضة المعتدلة”؟! شوكت غرزالدين
العدد 2015 / 12 / 20 - 61 -
ملف العدد
َ ٌ معارضات بات من املعروف َّأن املعارضة السور ّية عديدة ،بعضها يتقدّم وبعضها يرتاجع .ويساعدنا “سؤال التقدّم” هذا عىل اختزال املعارضة السور َّية إىل معارضتني عموماً“ :املعارضة الجهاد َّية واملعارضة املعتدلة” .وعىل الرغم من التداخل بينهام والترشذم فيهام ،يبقى الخط الفاصل بينهام يكمن يف مشاريعهام السياس ّية وأدوات هذه املشاريع وحاملها .فاألوىل تريد دولة إسالم ّية عابرة للحدود الوطن َّية بواسطة الجهاد ،والثانية تريد دولة وطن َّية تلتزم حدودها بواسطة التظاهر و”الجيش الح ّر”. وسؤالنا عن تقدّم املعارضة الجهاد ّية وتراجع ٌ سؤال تتع ّلق إجابته بالعدد املعارضة املعتدلة والعتاد والتنظيم وامليدان؛ فهذه مسائل قابلة للقياس .وطاملا َّأن التق ّد َم تقد ٌّم يف اإلنتاج ّية كام هو تقد ٌّم يف التدمري ،أي بدون شحنات إيجاب ّية أو سلب ّية ،ميكننا إجراء مقارنة بني املعارضتني؛ ملعرفة عوامل تقدّم األوىل واألخذ بها حتى تتقدّم األخرى. الـمف ّكر به قبل فاألمر إذاً يتعلق بالتفكري يف غري ُ اآلن؛ ما مل نكن نريد ْأن نراه أو مل نكن نستطيع رؤيته للتعلم منه. ليس تقدّم “املعارضة الجهاد ّية” أمراً عابراً ،بل أصبح ظاهرة يجب التو ّقف عندها مثلام يجب التو ّقف عند ظاهرة تراجع “املعارضة املعتدلة”. فالوقائع تشهد مث ًال بتقدّم “جبهة النرصة” و”جيش اإلسالم” و”حركة أحرار الشام اإلسالمية” و”تنظيم الدولة اإلسالمية” الصادم واملفاجئ ...تقدّماً الفتاً عىل مدار أربع سنوات تقريباً ،وتشهد كذلك عىل تراجع “إعالن دمشق” و”اإلخوان املسلمون” وثم “الجيش الح ّر” ،اليد الضاربة للمعارضة املعتدلة، و”املجلس الوطني” وبعده “ائتالف قوى الثورة واملعارضة السور ّية” و”الحكومة املؤ ّقتة” و”هيئة األركان” و”املجالس العسكر ّية”... وللمقارنة نجد مث ًال َّأن “الجوالين” عاد ومعه ستة أشخاص إىل سور ّية يف الشهر الثامن من عام ،2011وهو عام انطالق الثورة .وأعلن عن تشكيل “جبهة النرصة” يف شهر 12من العام ذاته عندما كان السور ّيون املعتدلون ميلؤون الساحات والشوارع يف درعا والغوطة وحمص وحامة وأدلب بتظاهراتهم واعتصاماتهم ،ناهيك الـمتف ّرقة منها يف دمشق وحلب والالذقية عن ُ والسويداء .أما اآلن فنالحظ تقدّم “جبهة النرصة”
بعددها وعتادها وتنظيمها واملناطق التي تديرها وتسيطر عليها وتح ّول أعداد كبرية من املعتدلني إليها .ونرى “الجوالين” اآلن العباً أساسياً يف سور ّية يرفض “مؤمتر الرياض” ويق ِّرر كام “الفروف” عدم وجود “الجيش الح ّر” وهو صاحب مقولة “الوطن ّية صنم”! وسرية “زهران علوش” قريبة من سرية “الجوالين” وقد تقدّم “جيش اإلسالم” كام تقدّم غريه. تصب غالبية اإلجابات عن سؤالنا هذا يف الحقيقةُّ ، يف خانة املؤامرة والدعم املاديّ املتفاوت وأجنداته ّ والتدخل؛ أي عىل ما هو والظروف واملظلوم ّية ً خارجي ،وهي إجابات صحيحة نسبيا .ولكن ّ الغائب واملسكوت عنه يف مثل هذه اإلجابات هو العوامل الذات ّية املرتبطة بفهم الواقع والعمل فيه .ويتم ّثل مضمون فهم الواقع عندهم بخمسة نقاط ُك ِتبت ون ُـ ِّظر لها يف وقت سابق لقيام الثورة السور ّية ،وهي مبثابة بعض “الرشوط االبتدائية” التي قامت إبانها الثورة: 1انعدام القطب ّية الدول ّية :التقطت املعارضةالجهاد ّية مب ّكراً هذه املسألة ملا لها من تداعيات عىل الثورة السور ّية لصالح عدم قدرة الدول عىل الحسم ،وعدم ن ّيتها التدخل الربيّ تحسباً لالستنزاف العسكريّ واالقتصاديّ ،وعدم مراهنتها عىل ِّ يس .وهذا يعني أ َّنه ال رأس للعامل الحل السيا ِّ قادر عىل صياغة الحالة العامل ّية الجديدة منفرداً أو عىل شكل ش ّلة .وهذا يؤكد الحل بالتشارك ال باإلقصاء واإلخضاع .أما املعارضة األخرى فام زالت تعتقد وتراهن عىل القطبية الدول ّية ودورها يف الحسم وتستجدي التغيري من املجتمع الدو ّيل استجداءاً! 2الفوىض :باإلضافة السرتاتيجية “ما بعد الحداثة”املتجسدة يف “لفوىض الخ ّالقة” ،عملت الدول ّية ّ املعارضة الجهاد ّية ،كام النظام السوريّ ،عىل واقعي إحداث الفوىض لالستفادة منها كمعطى ّ السيايس لها ملامرسة نواة الحكم يتيح املجال ّ “اإلسالمي” بعدما جعل النظام غالبية مناطق ّ سور ّية بحاجة لألمان والغذاء .فحسب “عبدالله بن محمد” يف “املذ ّكرة االسرتاتيج ّية” املكتوبة سنة السوريي سيحتاجون األمان والغذاء َّ ،2011إن ّ ّ أساساً؛ ومن يوفر لهم الح ّد األدىن منهام يقودهم؛ عم ًال مببدأ من اشتدت وطأته يف حامية الناس وتوفري حاجاتهم األول ّية وجبت طاعته يف ظل
الفوىض .بينام تعيش املعارضة املعتدلة أحالماً ورد ّية عن إسقاط النظام وتعاند واقعية الفوىض بالشعارات. التوحش” :توقعت املعارضة الجهاد ّية “ 3إدارة ّمرحلة خروج بعض املناطق عن سيطرة النظام منذ 2004حسب “أيب بكر ناجي” يف كتابه “إدارة التوحش” ،وعملت عليها .واستطاعت ْأن تدير ّ مثل هذه املناطق لجاهز ّيتها النظر ّية والعمل ّية. بينام تفاجأت املعارضة املعتدلة بإخراجها بعض املناطق عن سيطرة النظام فاقرتحت وشك ّلت “املجالس املحل ّية” إلدارة هذه املناطق وفشلت بتأمني األمن والحاجات الرضور ّية وألقت بال ّلوم عىل العامل املتخاذل وعىل بطش النظام وندبت حظها العاثر. ّ التدخل :أقرت املعارضة الجهاد ّية مبوضوع 4ّ التدخل كتحصيل حاصل يف سور ّية ولعبت عىل مفارقاته؛ فاستجلبت واستقطبت املقاتلني معها وعملت عىل إنهاك الدول واملنظامت التي تدخلت ضدها .بينام اعتربت املعارضة املعتدلة التدخل يف الشأن السوريّ من الكبائر وكأنها تعمل يف الفراغ وبدون رشوط ابتدائ ّية. السيايس :أخذت املعارضة 5محددات العقلّ السيايس الجهاد ّية تحديدات “الجابري” للعقل ّ بـ”القبيلة والغنيمة والعقيدة” عىل محمل الجدِّ. فاستثمرت العقيدة اإلسالم ّية بغض النظر عن السوريي يف سياق أجندتها مضمونها لتحريك ّ واستنهاض “املخيال االجتامعي” امليلء بالرموز السيايس” والتشبيهات ،واتكأت عىل “الالشعور ّ وعالقة الراعي بالرع ّية .فشكلت ما يسميه “ابن خلدون” عصب ّية جديدة أو قبيلة روح ّية تعاضد بعضها البعض .واستخدمت الغنيمة إلغراء الناس وغنمت السالح واملواد األول ّية واملعابر الحدود ّية واملصارف املركز ّية واآلثار لتحقيق منعتها املال ّية .بينام نظرت املعارضة املعتدلة إىل هذه التحديدات بوصفها تحديدات تراث ّية الواقع ّية أكل عليها الدهر ورشب. باختصار شديد نقول :أطاعت املعارضة الجهاد ّية الواقع فأطاعها .وهذا درس يجب أن تتعلمه املعارضة املعتدلة حتى تقوم من جديد للوصول للتشارك يف ِّ الحل بني مختلف األطراف املحل َّية واإلقليم ّية والدول ّية بفضل الفهم الجديد للرشوط االبتدائ ّية.
7
8
أحدا ال أستثني منهم ً رامي العاشق
العدد 2015 / 12 / 20 - 61 -
ملف العدد
أجسام منذ انطالق الثورة السور ّية ،ظهرت ٌ ٌ ُ نعرف كيف تش ّكلت ،وال ملاذا ،وال غريبة ال بكيانات غريبة كانت من قبل من! وتفاجأنا ٍ تحاول دامئاً احكتار القض ّية وادعاء متثيلها، ابتدا ًء بتأسيس صفحة “الثورة السورية ض ّد بشار األسد” وأشباهها ،وانتهاء مبا نراه اليوم، رغم ّ كل املحاوالت التي سعت للبحث عن متثيل حقيقي .هذه الكيانات واألجسام ومن يقف وراءها من جهات سياسية تعمل يف ّ الظل ،عملت سنوات عىل تعرية الثورة عىل مدى خمس ٍ ً وأججت من ثور ّيتها وإلباسها ثيابا ال تناسبهاّ ، النعرات الطائف ّية واملذهب ّية واملناطق ّية ،وأكلت من لحم أبناء الثورة الذي طهت ُه عىل نا ٍر غريبة ومستوردة! حتّى إ ّنها ساهمت يف تلميع صور أحياء وأموات عىل حساب أحياء وأموات آخرين، ّربا يفوقونهم ثور ّية ،وإخالصاًّ ،إل أنهم ال ينتمون لفئة أيديولوجية مع ّينة. ُ كنت يف دمشق يف عام 2011حني اتصل يب “سامل” توحدوا”، ليقول يل“ :مبارك ،افتح التلفاز ،لقد ّ وكان يقصد اإلعالن عن تأسيس املجلس الوطني. الحقاً اعرتف يل أحد أعضائه املنسحبني ،بأن هذا الجسم ،قد تم تشكيله ملنع تشكيل أي بديل بإسهاب عن دور االستخبارات آخر ،وتحدّث يل ٍ ً الدولية وتحديدا األمريكية يف تسيريه ،وكيف قابله شخصان -عند دخوله املجلس -بصفة ديبلوماس َيني وهام من وكالة االستخبارات املركزية األمريكية ،ومل يعد خافياً عىل أحد أيضاً، سيطرة تركيا وقطر والسعودية واستخبارتها عىل قرار املعارضة السورية منذ ذلك اليوم إىل يومنا هذا يف إطار مؤمتر الرياض. ّ حني اشتىك شباب ّ املعضم ّية القلة يف أيام الثورة األوىل ،ومل يجدوا خمسة آالف لرية ليشرتوا أقالماً وكراتني وأقمش ًة ،جاءهم من يقول لهم:
“أنا أعطيكم ،عىل أن تضعوا اللوغو الخاص الشيخ سياس ّياً ،واملجر ُم قائداً ُ بحزيب!” .حني أصبح َ الرش كلٌّ َ الرش مع ّ تحالف ّ هم أم ٍة ،وح َ ني وحامل ّ حسب طائفته ،وحني تسابق تجار الحرب عىل إدخال الغرباء -مقاتلني وجواسيس -وحني كذب “اإلعالميون” وراحوا ينعون شهداء افرتاضيني أوصلوهم بأيديهم إىل الحدود ،وحني تاجر كل ق ّواد بحكاية املظلومني ليجني منها ماالً وشهرة، حني حدث ّ كل هذا وتواطأنا معه ،بىل ،كان باإلمكان أفضل مام كان ،عىل األقل ،كان ميكن أال ُيرتكوا يرقصون عىل جثث أهلنا وأحبابنا ،وأطهر منيس يف زنازين الجميع! هم من فينا مقتول أو ّ الذين أوصلونا ملرحلة أن نقول “الجميع”. ّ لقد كنّا مسجونني ننتظر خالصاً ،وكنّا نتوقع أن نخب ًة من “مث ّقفي سوريا” قد تساهم يف خالص اللص هذا الشعب من أشنع كوارث التاريخّ . أصبح داع ًام وزعي ًام ،والفاسد صار بط ًال ومخ ّلصاً،
املسيحي أصبح إخوان ّياً ،العلام ّين ه ّلل للقاعدة، ّ اليساريّ بات يقبض من مناهل اإلمربيال ّية ومنابرها ،املناضل أعلن عن تأسيس جيش للسنّة، ثم أراد دول ًة للدروز ،ثم ذهب إلرسائيل ليبيع الجوالن ،أما الدميقراطي سقط باالنتخابات فألغاها ،ثم نجح بالتزكية! بسبب ّ كل هؤالء ،أصبحت مهمة الثوريني نفي الجرائم التي ترتكب باسم الثورة ،والدفاع عن نقائها الذي ال مي ّثله هؤالء الذين رسقوا بفضل النقي، املال والسالح والدعم الخارجي حل َمها ّ بسببهم ،نحن اليوم مضطرون أن نرشح للعامل عن الفرق بني الثورة والنرصة ،وبني الحرية وداعش، وبني النظام ومعتقليه ،بفضلهم أصبح هذا الرشح املفس! هم الذين فعلوا يحتاج ملعجزة لتفسري َّ كل يشء لينترص الرش عىل الخري ،وما فعلوا شيئاً ّ ليكونوا رشفاء .ال خ َري يف ثور ٍة تحوي ّ كل هذا الوسخ ،فام بالكم إذا كانوا ناطقني باسمها!
الطفولية طائفية.. عن الال ّ ّ د .عماد العبار
العدد - 61 - 2015 / 12 / 20
مقاالت
منذ أن بدأت االنتفاضة السور ّية الشاملة ضد نظام األسد نادى السور ّيون بالوحدة الوطنية، وكانت دعوات نبذ الطائفية من أوائل الدعوات التي تبنّاها الحراك مبارشة بعد مطلب الحر ّية واإلصالح ،تأكيداً عىل الوعي الشعبي برضورة الفصل بني الطائفة العلو ّية ونظام األسد ،حتّى وإن كان الوعي الجمعي يختزن الكثري من املس ّلامت حول تو ّرط النظام يف لعبة الطائفية، وتو ّرط شباب العلو ّيني أكرث من غريهم يف تشكيل القاعدة الصلبة التي يقوم عليها هذا النظام.. بدأ الوعي الجمعي بطائف ّية النظام يتش ّكل منذ السبعينات ،وقد حرص النظام يف تلك الفرتة عىل تجميل شكله الخارجي بشخص ّيات من األكرث ّية السن ّية ،سيام يف بعض املناصب الحزب ّية واإلدارية يف الدولة .مع الوقت تك ّرست وثوق ّية وعي الناس بالطائف ّية بشكل متزامن مع تصاعد الرعب من اإلفصاح عنها ،وتضاؤل هامش حر ّية التعبري إىل أن تناهى إىل العدم ..وبعد الصدام الدموي ّ استغل النظام انتصاره فيه بني النظام واإلخوان ليسحق أي بوادر ملعارضة مستقبلية يف املجتمع لعقود قادمة ،فشنّ حملة استئصالية استهدفت، السني ،صاحب ذلك إعطاء بشكل أسايس ،املك ّون ّ دور أكرب لتيار استئصايل متط ّرف داخل النظام ملواجهة امل ّد األصويل املتصاعد يف املجتمع بفعل املواجهة القمعية للسلطة ،مت ّثل هذا الت ّيار بعدد من الشخص ّيات العلو ّية القادرة عىل مركزة العصبية الطائفية لخدمة النظام يف فرتة حرجة كان النظام قد فتح فيها عدّة جبهات خارج ّية يف الوقت ذاته.. يف مرحلة الحقة كان املجتمع قد ّ عض عىل جراحه خوفاً من تكرار األحداث السابقة ،وتنامت األزمة الطائفية بصمت دون أن تحظى مبعالجة كافيةّ ، مم ع ّمق الحذر الصامت بني الطوائف، بشكل خاص بني املك ّون العلوي والسنّي ،الذي صب يف مصلحة النظام وحده يف نهاية املطاف.. ّ ويشء مشابه حدث بخصوص الحساس ّية اإلثن ّية العرب ّية-الكرد ّية.. يف ظل ج ّو مشحون باملواقف املسبقة وسوء الفهم واملظامل املرتاكمة والخوف جاءت ثورة السور ّيني لتحاول إصالح كل ما سبق ..كل ما
يصعب إصالحه ،أص ًال ،يف ظروف مثالية! لعب النظام عىل الوتر الطائفي منذ األسابيع األوىل ،ومل تصمد شعارات الثورة طوي ًال بعد أن لوحق شبابها وغ ّيب غالب ّيتهم قت ًال أو اعتقاالً ،وما رافق ذلك من مامرسات ومجازر طائف ّية التي يشري تقرير الشبكة السورية لحقوق اإلنسان أ ّنها بلغت حوايل الـ 35مجزرة تف ّردت بارتكابها القوات الحكوم ّية واملليشيات التابعة لها ما بني آذار 2011وحزيران ..2013 حاول السوريون املعارضون لنظام األسد مواجهة الحالة الطائف ّية ،املسكوت عنها سابقاً ،منعاً لتح ّول الثورة إىل حرب طائف ّية مهلكة ،فكانت دعوات الال طائف ّية تعكس أم ًال ببناء منوذج مختلف عن ذلك الذي اعتمده نظام األسد ،ومل تكن تلك “الال طائف ّية” تعني بحال من األحوال إنكاراً لألزمة الطائف ّية؛ أي م ّثلت الدعوة األوىل وعياً بطائف ّية النظام مام يستدعي ،بداه ًة ،ال طائف ّية الثائرين عليه ،يك يصلح أن تس ّمى انتفاضتهم ثورة! هذه الدعوة مل تنكر عىل الثائرين شعورهم بالظلم الطائفي ،إن كان الذي لحق بهم يف بداية الثورة أو لحق باألجيال السابقة ،لكنّها خاطبت وعيهم للرتكيز عىل بناء واقع مختلف ..من ناحية أخرى، ظهرت دعوات أخرى ترفع شعار “الال طائفية” مبضمون مختلف متاماً؛ ظهرت ،ليس لتحول دون تش ّبه الضح ّية بنظامها ،وإمنا لتج ّرم ّ كل كالم يؤدي إىل اتهام للنظام بالطائف ّية أو اتهامه بتوريط طائفة ما يف الدفاع عنه ..تعاملت هذه “الال طائفية” مع الناس بفوق ّية ومنح أصحابها أنفسهم سلطة تقييم استعالئ ّية ،كانت بدايتها مع أصوات متفرقة من معارضني سابقني أرادوا مامرسة سلطة أبوية عىل الحراك ،ثم ظهرت بشكل ج ّ يل بعد خروج عدد كبري من الناشطني إىل دول مجاورة تم استقطابهم من قبل منظامت دولية حيث ّ وتأطريهم ضمن أنشطة تر ّكز عىل معالجة نقاط هامة كبناء السلم األهيل ومهارات التعامل مع األزمات من وجهة نظر هذه ّ املنظامت وبحسب تقييمها للواقع السوري ..الثغرة األهم يف هذه الدعوة لـ “الال طائف ّية” تتم ّثل يف تجنّب أصحابها بشكل مطلق الكالم حول مسألة طائف ّية النظام، ودور الطائفة العلو ّية فيه ،قبل الثورة وبعدها
أيضاً ..واالنشغال بالرتكيز عىل واجبات الحراك يف أن يكون نق ّياً من أي توجهات طائف ّية! ليس هذا فحسب ،بل صاحب هذه الدعوة يف كثري من األحيان موجة إنكار مطلق لطائفية النظام من خالل التأكيد املستمر عىل دور األكرثية يف تثبيت أركانه ،ويف هذا تضليل مل يأخذ ح ّقه من العمل الثقايف خالل الثورة ،فالعصب املركزي عصب علويٌّ من الدائرة األكرث قرباً للنظام ٌ ووال ًء لعائلة األسد ،بينام كانت األدوار التكميلية الهامشية “والرضورية الستمرار النظام للحيلولة دون توريطه يف مواجهة مستمرة مع املجتمع” تعطى لوجهاء املجتمع من الطوائف املختلفة بحسب الوالء ،وهذا الكالم ،الذي سيضعه دعاة الال طائفية “الطفولية” يف خانة الطائفية ،ليس كالمي أو كالم املعارضني للنظام فحسب ،بل ميكن للتث ّبت منه العودة إىل واحد من أهم املراجع التي ُكتبت حول نظام األسد بقلم أحد أهم املحسوبني عليه ،وهو كتاب “األسد ..الرصاع عىل الرشق األوسط” لكاتبه باتريك سيل ،والذي س ّمى األشياء مبسمياتها موضحاً الفرق الكبري بني ثقل الضباط العلويني وبني بق ّية القوى الهامش ّية ،سيام يف وقت األزمات الكربى التي تع ّرض لها النظام.. املشكلة األساسية مع الال طائف ّية “الطفولية” تكمن يف سعيها ّ للتست عىل مشاكل الواقع الحايل، وال نن ّكر ّأن األمر قد يتم بحسن ن ّية من قبل من يرى أن بناء دولة املواطنة ميكن أن يتم من خالل تجاهل أزمات التاريخ العالقة ..ويحدث أم ٌر مشابه عند كثري من الناشطني العرب والكرد الذين يعتقدون ّأن الكالم عن مشكلة عرب ّية- كرد ّية هو ما قد يسبب الحساسية اإلثن ّية ،بينام ّ التست عىل املشكلة وعدم األحق أن نقول ّإن تسمية األمور مبسمياتها هو ما جعل أزماتنا عالقة وفاعلة دوماً ،كالجمر تحت الرماد.. الال طائف ّية رشط أسايس لبناء مجتمع مواطنة يتساوى فيه الجميع أمام القانون يف الحقوق والواجبات ،لكنها ،حني تصبح عائقاً أمام االعرتاف بوجود مشكلة طائفية عالقة ،أو أمام تسمية الطائف ّيني بأسامئهم ،فإ ّنها تصبح ال طائفية إنكار ّية طفول ّية بامتياز ..وستكون هي ذاتها عقبة يف طريق بناء مجتمع املواطنة..
9
على الشهابي :السوري ـ الفلسطيني 10
ماجد كيالي
العدد 2015 / 12 / 20 - 61 -
مقاالت
رمبا ال يوجد فلسطيني طغت فيه سوريته عىل فلسطينيته مثل عيل الشهايب .رغم معرفتي بعديد من الشباب الفلسطينيني ،الذين اشتغلوا وفق قناعة مفادها أنه ال يوجد ،يف سوريا ،ما مي ّيز الفلسطيني عن السوري وبالعكس ،إذ أنهم سواء، يف كل يشء ،يف منط املعيشة ،والعادات ،والثقافة، ويف الخضوع لذات الظروف القهرية :السياسية واألمنية واالقتصادية ،ويف اآلالم واآلمال ،وحتى يف الشعار املدريس“ :أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”. ّ الالفت أن عيل ظل عىل هذا الرأي ،إىل لحظة اعتقاله يف املرة األخرية يف ،2012إذ أنه اعتقل قبلها عدة مرات ،األوىل يف أواسط السبعينيات، لتسعة أشهر ،والثانية استمرت عقد من الزمان (1982ـ ،)1992والثالثة يف أواسط ،2006وقد استمرت لسبعة أشهر ،مبعنى أن هذه هي املرة الرابعة ،وبات له اآلن ثالثة أعوام ،دون أن يعرف أحد عنه شيئاً. قصة عيل ،الفلسطيني السوري ،أو السوري الفلسطيني ،الكاتب واألستاذ وصاحب الرأي، تحيلنا إىل حكايات السجون يف سوريا ،وهي هنا تشمل أقبية فروع املخابرات ،والسجون املختلفة، وكلها ال تخضع ألي قوانني أو معايري ،إىل درجة أنه ال ميكن تصور األهوال التي يختربها املعتقلون ،أو املنسيون ،يف هذه السجون .إذ عدا عن الحرمان من املحاكامت ،أو تعريضهم ملحاكامت صورية، مثة أمناط من التعذيب والعقاب الجامعي يف السجون إىل درجة أن مجرد السامع بها ،أو تخيلها، أو قراءتها عىل نحو ماجاء يف رواية “القوقعة” (ملصطفى خليفة) ،ميكن أن تخلق عند أي إنسان صدمات نفسية يصعب التخلص منها. أما فكرة االعتقال عدة مرات فهي بذاتها قصة معذبة ،وتنم عن ظلم ال حدود له ،السيام إذا علمنا أن هذه قصة مئات ورمبا ألوف من الشباب ،أيضاً ،الذين جعلت منهم الدولة األمنية، أو السلطة ،عربة لآلخرين ،يف بلد حكم بوسائل الخوف والفساد والتسلط واالستبداد ،ألربعة عقود. ما يفاقم من مأساوية هذه القصص أن هؤالء املعتقلني مل ميارسوا أي فعل عنف ،بل أنهم حتى مل يلوحوا وال مرة بإمكان استخدام العنف ،إذا أتيح لهم .أي أن عيل الشهايب مل يعتقل ال يف املرة
األوىل وال الثانية وال الثالثة وال الرابعة عىل أي مسألة تتعلق باستهداف النظام بواسطة أي نوع من القوة ،عىل اإلطالق ،وإمنا اعتقل ملجرد الرأي، وهذا شأن الوف الشبان من هذا الجيل ،الذين دفع معظمهم أجمل سني عمره يف السجون. تعود معرفتي بعيل الشهايب إىل أواخر السبعينيات، حيث زارين برفقة صديق مشرتك (ح.ش) كان يدرس حينها يف جامعة حلب ،وذلك يف أول بيت أسكنه يف مخيم الريموك .وقتها كنت يف إطار حركة فتح ،يف حني كان عيل شاباً يسارياً ،مفع ًام بالحامس ،وله انتقادات كثرية وقاسية عىل الحركة الوطنية الفلسطينية .ولعل ماجمع بيننا مييل إىل الفكرة اليسارية ،واحتسايب عىل التيار الدميقراطي أو النقدي يف حركة فتح ،آنذاك .لكن عدم مييل ،يف تلك الفرتة ،الشتغال الفلسطيني يف الشأن السوري، جعل هذا التعارف يقترص عىل لقاءات متفرقة بني فرتات متباعدة. بعد هذا التعارف أخذ عيل إىل السجن (،)1982 مرة ثانية ،ووقتها مل تحرتم أجهزة املخابرات وجوده يف قاعة الصف يف املدرسة ،إذ تم أخذه عنوة منها ،أمام تالميذه ،عل ًام أنها مدرسة تابعة لألمم املتحدة (وكالة الغوث) ،وهكذا غاب ألعوام عرش. بعد خروجه من السجن أتيح يل التعرف عليه أكرث من ذي قبل ،السيام أنني يف تلك الفرتة كنت تركت العمل الفلسطيني نهائياً ،وكان ذلك أحد األسباب التي جعلت املشرتكات بيننا أكرث من ذي قبل .مع ذلك فإنني بقيت أحاذر العمل يف إطار املعارضة السورية ،وكنت أعطي األولوية للعمل الفلسطيني ،رغم معرفتي بطبيعة النظام ،يف حني ّ ظل عيل يؤكد عىل املشرتكات ،وأنه ال ميكن لعمل فلسطيني أن يتطور بدون تطور الحالة يف سوريا. عىل أي حال ففي تلك الفرتة انشغل عيل مبرشوعه التعليمي ،يف معهد اللغة االنلكيزية الذي أعطاه جزءاً كبرياً من وقته ،وهو مرشوع عمل ،لكنه أفاد شباب املخيم كثرياً ،بفضل الوسائل التي اعتمدها .يف 2006صدر عن عيل بعض املبادرات تخص الالفتة لالنتباه ،إذ أنه بدأ يطرح أوراق عمل ّ الوضع السوري ،وبات يبحث ،بكل جرأة ،عن منابر لتقدميها ،عرب وزارة اإلعالم ،ومدرج مكتبة األسد ،وغري ذلك .يف تلك اآلونة ،صارحت عيل ،رمبا مثل غريي ،بخشيتي عليه من أجهزة األمن التي
لن ترتكه يف حاله ،وبأن الوضع غري مناسب لطرح وجهات نظر ،السيام أن هذا نظام ال يقبل الحوار، بخاصة ولدينا تجربة ربيع دمشق ،واملآالت املأساوية لها. هكذا تم اعتقال عيل للمرة الثالثة ،حيث أفرج عنه بعد ستة أشهر .وعندما زرته يف البيت للتهنئة بسالمته ،سألته أمل تتعب منهم ،أو يتعبوا منك؟ ثم أمل يقولوا لك هذه املرة ،أنت كفلسطيني ما شأنك بنا؟ ضحك عيل ،وقال :فع ًال ،هذه املرة قالوها. بعد خروجه من السجن واصل عيل عمله يف التدريس ،وأيضاً يف الكتابة ،إذ بات يكتب يف جريدة الحياة مقاالت سياسية عن الوضع السوري، كام بات يكتب آراءه ويوزعها عىل األصدقاء ،عرب الربيد اإللكرتوين. وعندما اندلعت الثورة السورية وجد فيها عيل فرصته لطرح آرائه يف كيفية التغيري الدميقراطي، يف سوريا ،مع كل املخاوف التي كانت تنتابه من بعض املظاهر التي كان يرى أنها تهدد مسار هذه الثورة ،ومسار التغيري الدميقراطي .أما بخصوص قضية الفلسطينيني فقد كان رأيه أن الفلسطيني يف هذه الحال هو كالسوري ..وقد كتب يف ذلك ورقة وزعها عىل األصدقاء. يوم 17من هذا الشهر ،قبل ثالثة أعوام ،اعتقل عيل ،وكان خرباً موجعاً ،عىل زوجته وأخواته وعىل رفاقه ومعارفه .قصة عيل ،هي ذات قصة د .عبد العزيز الخري واملحامي خليل معتوق ورزان زيتونة وسمرية الخليل وفائق املري ،وناظم ووائل وكل األحبة.. تحية لروح الحرية ،التي مل تضعفها سنوات السجن الطويلة ،يف قلب عيل الشهايب ..تحية لفلسطينيته وسوريته ..ففلسطني ليست مجرد قطعة أرض، فهي معنى للحرية أيضاً..
المجتمع المدني “المسلم” في وجه التطرف الديني 11
أنور عباس
مقاالت
تتشعب أسباب التطرف الديني ويشكل الغلو واحداً منها دون ّ شك ،لكن جذوره تكمن يف غياب العدالة االجتامعية ،وتفاعالت املصالح االقتصادية والعوامل األمنية واالعتبارات السياسة داخل املجتمعات وعىل الصعيد الدويل. ما برح الغرب املسيحي والرشق املسلم يخوضان قيم ومصالح منذ بدء الحروب الصليبية رصاع ٍ وقبل ذلك حني وصل املسلمون إىل األندلس ،مروراً باالستعامر األوريب بشكليه القديم والحديث، والعهد العثامين الذي شكل تهديداً مبارشاً ألوربا املسيحية قبل ذلك .لكن هذا الرصاع أخذ شك ًال مختلفاً يف العقود القليلة املاضية ،وأصبح الغرب يستخدم مصطلحات اإلرهاب والتطرف الديني بقاع ذات لفرض مصالحه ،وبسط يده عىل ٍ مغزى اسرتاتيجي بسبب غناها بالنفط أو ملوقعها الحساس ،وعمل عىل توظيف املنظومة الجغرايف ّ الدولية لخدمة أغراضه تلك. ال متتلك الدول املسلمة مقومات الوقوف يف وجه هذا املدّ ،لكن واجبها كمجتمعات منفردة وكجتمع مسلم واحد أن تعيد النظر فيام تستطيع تقدميه للح ّد من االنحدار الغريب نحو تجرميها مجتمعة بتهم اإلرهاب والتطرف الديني ،حيث أنها -دون ّ شك -املترضر األول من هذا التطرف نسب صغري ٌة من أفرادها. الذي تعتنقه ٌ ّ تغض األنطمة االستبدادية الطرف عن مثل هذا التطرف ،وتستغ ّله أحياناً لرضب مصالح دول أخرى ،أو بسط مصالحها الخاصة ،وهذا يعني أن التطرف لن ّ يكف عن االنتشار مادامت شعوب املسلمني تعيش تحت وطأة االستبداد ،وما دامت النخب الدينية مرتبطة بهذه األنظمة. لكن هذا ال يعني أن عىل الشعوب املسلمة أال تبادر إىل معالجة مشكلة التطرف تلك ،ومحاربتها فكرياً من خالل العودة والرتكيز عىل االعتدال وعىل البعد التسامحي للدين ،وعىل ما ينطوي
العدد 2015 / 12 / 20 - 61 -
ليس التطرف الديني بظاهرة تقترص عىل اإلسالم السني وحسب ،لكن السياسة ودهاليزها جعلت من التطرف السني شبحاً يثري خوف العامل، ويضع املسلمني السنة جميعاً يف دائرة الضوء والخطر أحياناً ،وضحية لردود أفعال أفرا ٍد ودولٍ ومجتمعات ال متيز بني املسلم العادي واملسلم ٍ املتطرف.
عليه من تشجيع للعيش املشرتك وإفساح املجال لحرية االعتقاد دون اإلكراه ،وتقبل اآلخر. ال ّ شك أن عىل العامل أن يساهم بشكل جاد يف حل املشاكل التي تقود إىل التطرف وهي سياسيةٌ ّ ٌ ٌ واقتصادية بالدرجة األوىل ،لكن عىل واجتامعية املسلمني أن يظهروا أيضاً أنهم جادون يف طأمنة العامل بأنهم عىل قدر املسؤولية وأنهم رشكاء جادون يف التصدي لهذه املشكلة. وعىل الرغم من أن املجتمع املدين يتصف بأنه ٌ منفصل عن األديان عموماً ،إال أن األمر ليس كذلك يف واقع الحال .فاملجتمع املدين يف الدول الغربية مث ًال يتغلغل يف املؤسسات الدينية عىل نحو واسع ،وتتقاطع معه تلك املؤسسات بشكل ملحوظ .وعليه فمن املمكن القول بأن املجتمع املدين يف املجتمعات املسلمة ،رغم تسليمنا بأنه ال يتمتع بالحرية والفضاء الالزم للعمل ،ميكن أن يقوم بدور كبري وف ّعال يف توجيه الناس نحو االعتدال الديني ،واالنخراط يف العمل باتجاه تحقيق مصالحة فكرية وقيمية بني املجتمع
املسلم واملجتمعات األخرى. ينطبق األمر أكرث ما ينطبق عىل الجاليات املسلمة التي تقيم يف الدول الغربية ،وهذا ال يعني أنها ال تنشط يف هذا االتجاه ،لكن عملها ،حسب ما نرى، الزال متواضعاً ،ويحتاج إىل صياغة رؤية واضحة ينطلق منها لتحقيق غايته يف بناء تلك الجسور. ميكن هنا القول بأن عىل املجتمع املدين “املسلم” أن ينهض بنفسه للعمل باتجاه محاربة التطرف، ألن املسملني هم أكرث الفئات ترضراً منه .وألنه، ويف غياب الحكومات املسلمة القادرة عىل هذا العمل وغياب النخب الدينية الفعالة ،يبقى هو الخيار الوحيد لدينا ،وهو ليس بالخيار اليسء، ألن العمل املدين واألهيل ميكن له أن يح ّقق ما تعجر عنه السياسة .والتجارب تثبت ذلك. األمر نفسه ينطبق عىل املجتمعات املسلمة الشيعية أيضاً ،ويرتب عليها أن تتصدى للفكر املتطرف داخلها ،وتعمل عىل بناء الجسور بينها وبني نظرياتها عىل الضفة األخرى بعيداً عن رجال الدين ،وقريباً جداً من اإلنسان العادي املستنري.
12
ا ل ل و ب ـ ي ا لثقافي و ش ر ن ق ة ا إلبداع مر
هف دويدري
العدد 2015 / 12 / 20 - 61 -
ثقافة
عىل الرغم من تفوق الثورة الرقمية ،وانتشار مواقع التواصل االجتامعي ،التي من املمكن أن تكون دار نرش واسعة االنتشار ،رمبا بحقوق ملكية فكرية أقل أهمية ،إال أن هذه املواقع قد بدأت ،وبشكل خاص موقع “فيسبوك” ،بتصنيع املثقفني واملبدعني ،سواء اتفقنا معهم أو اختلفنا عىل أهمية الشكل واملضمون ،أو ما ميكن تسميته بـ”كمية اإلبداع” يف النص الذي يظهر لك عىل صفحتك الرئيسية ،وتصبح هدفاً مرشوعاً لهذه املنشورات اإلبداعية ،أو الثقافية ،التي ستقرؤها طواعية ،أو مرغ ًام أحياناً! قبل الثورة الرقمية ،كان القارئ يسعى باتجاه الكتاب، وبعدّة وسائل ،رمبا من خالل االستعارة أو الرشاء ،لكنه يبقى هو صاحب الكلمة العليا يف اختيار ما سيقرؤه ،أو ما سيتعلمه من تجارب اآلخرين يف اإلبداع ،أو الدراسات، وهناك من سيقول إن الثورة الرقمية أيضاً ساهمت يف إنشاء مكتبات رقمية ،تستطيع من خاللها قراءة ما تشاء من كتب، وتسعى لها ،ويكون بني يديك كتاب إلكرتوين أقل كلفة من ذاك الورقي.. عىل الرغم من كل ذلك ،مازالت فكرة التكتالت ،والتحالفات الثقافية ،هي السائدة منذ تلك األيام الورقية ،أو يف هذه األيام الرقمية ،وانتشار املواقع اإللكرتونية ،والصحف الورقيةّ . ولعل التسويق الذي يعمل عليه هذا التكتّل ،أو ما يسمى اصطالحاً بـ “لويب” ،كناية عن تكتل له أهداف لتسويق أعضاء هذا اللويب الثقايف ،الصحفي ،أو األديب ،ضمن كتلة معارف خاصة ،وال يسمح ألحد باخرتاق هذا اللويب، عىل اعتبار أنهم قد أوجدوا حالة إبداعية ،ثقافية ،وفكرية، خاصة بهم ،ورمبا ال ميكن ملن هم خارج هذا اللويب أن يصلوا إىل إبداع هؤالء املثقفني ،الذين شكلوا هذا التحالف ،الذي يشبه إىل حد بعيد تحالفاً عسكرياً للدفاع عن أعضائه، وتسويقهم ،عىل الرغم من بعض الخالفات ،واالختالفات يف املنهج ،والرؤية أحياناً. هذه “اللوبيات” املتعددة يف اتجاهاتها ،تشكل بشكل أو بآخر ،عامل انعدام توازن ثقايف يف كثري من األحيان ،عىل اعتبار أن مثل هذه اللوبيات تقوم عىل أساس املصالح املشرتكة ،التي تعمل ضمن مفهوم تقاطع املصالح ،وبلغة التسويق التجاري ،سلعة بسلعة ،عىل مبدأ أرتب لك النرش
يف هذا املكان ،وترتب يل النرش يف ذاك املكان ،وهنا مع تعدد أعضاء اللويب ،تتعدد املواقع والصحف التي يتم النرش فيها ،وليس عىل أساس الجودة يف هذا النوع من املصالح، وإمنا عىل مبدأ تسويق السلع الذي ينال -شئنا أم أبينا -من مفهوم اإلبداع .وهنا ال أعني اإلبداع األديب ،أو الثقايف ،وإمنا اإلبداع بشكل عام يف كل حقول املعرفة (سياسية -اجتامعية اقتصادية).تتحول بعض هذه املواقع إىل مفهوم الرشنقة ،التي تنسجها الريقة عىل نفسها لتحمي جسدها الهزيل من عاديات الدهر ،ريثام تتحول هذه الريقة إىل فراشة بأجنحة كبرية، معبة عن إعجابها ترفرف يف السامء ،وتبتسم لها العيون ّ بهذا الجامل ،الذي أوجدته الرشنقة اإلبداعية ،التي حبست نفسها بها لفرتة تتفاوت بني يرقة وأخرى.. يف هذا النوع من الرشانق ،فرص الحياة تكون أقل بكثري من فرص املوت التي تعاين منها الرشانق بشكل عام ،خاصة إذا علمنا أن هناك يداً تحيل هذه الرشانق اإلبداعية ،عرب صهرها يف نسيج واحد ،لصناعة ثوب ،أو رمبا أي يش آخر، وبالعادة فإن صناعة هذا الثوب الجميل تكون عىل حساب أرواح مئات ،ورمبا آالف الريقات ،التي كانت تسعى يف يوم ما ألن تتحول إىل فراشات جميلة ،تز ّين السامء بألوانهن الجذابة! أما الريقة التي قد يحالفها الحظ يف التحول الكامل إىل فراشة، ستعاين من تصنيف جديد يخضع يف الغالب إىل منتج هذه الفراشات ،فليست كل هذه الفراشات ذوات ألوان زاهية، منها الرمادية ،ومنها الربتقالية ،ومنها فراشات ذات ألوان تبعث عىل الكآبة ،أما تلك الفراشة ،صاحبة األلوان الزاهية، فلها من يرسم أجنحتها بعناية فائقة ،بريشة دقيقة ،لتقود رسب الفراشات األخرى ،غري الزاهية يف عمل ممنهج لرتويض الفراشات اللوايت اجتزن مراحل الرشنقة ،ولكن بصالحيات أقل! رمبا يف الوقت القريب يكون “اللويب” هو الحارس األمني لكثري من الريقات داخل هذه الرشانق ،لكن الثابت؛ أن الحرير الذي تنتجه هذه الرشانق اإلبداعية أحياناً ،يصنع منها ثوباً جمي ًال، يبعث الفرح يف القلوب ،ولكن يف أحيان أخرى يتحول إىل حبل مشنقة ،بحيث تكون هذه الريقات مشاركة يف قتل ما!
حادث غير مقصود سرى علوش
شوارع.. حسين الزعبي
ثقافة
هجرين، ال يشء أكرث من الشوارع متأل ذاكرة ا ُمل ّ نازحني كانوا ،أم الجئني ،أو حتى مغرتبني .ال أملك سبباً منطقياً لهذا االفرتاض الذي أعتقده ،قد ُ يكون السبب ما تختزنه الذاكر ُة من مشاهد عبث الطفولة ُ أو مت ّرد املراهقة؛ فالشارع عادة هو ساحتها وملعبها، فعليه وقف ذاك املراهق ينتظر حبيبته ،ويف أحد مداخله املعتمة ،رمبا التقاها مرة وتلعثمت كلامته وضاعت كام ضاع الوقت ،فاآلن ،أو بعد قليل سيمر أخوها من الشارع نفسه. عىل الشارع نفسه ،ورمبا غريه كانت “الشلة” من أبناء الحي تجتمع لتدخني السجائر بحذر ،إذ قد يقبل والد أحدهم فجأة .ويف شوارعَ بعيدة عن الحي كانوا يسريون؛ فليست حصة الرياضيات أو
“القومية” بأمتع من ذلك “السريان” تحت شمس الربيع ،رمبا كان يتوجب عىل من يوزع األيام الدراسية مراعاة ذلك. بحثت يف معاجم اللغة فلم أجد تعريفاً للشارع ،بل للشوارع املشقوقة يف ذاكريت ،الرتابية منها ،حيث ريف حوران ،وال املعبدة “املزفتة” ،مل أجد شارعاً يف معاجم اللغة يتحدث عن “الشارع العريض” وشباك جارنا املطل عليه ،ال أعلم حتى اآلن من هو املسؤول زجاج شباك بيت الجريان ،أهو الجار الذي عن كرس ِ ً ذنب إذ هو أم الشارع؟ عىل ال مط يجعله أرص أن ٌ ّ ذنب الشارع مل نتقن تسديد الكرة؟ ،لعل الذنب ُ َ العريض الذي تحول مللعب كرة قدم. بحثت يف معاجم اللغة فلم أجد شارعاً كذاك الذي يدخلني إىل دمشق تاركاً بعض “جنويب” هناك يف لحظات املغيب ،أو قبلها ،أو بعدها ،وال حتى يف ساعات الفجر ،وال قبلها ،مل أجد تلك األصوات، بصخبها ببشاعتها ،بجاملها ،وأىن للمعاجم أن تأيت مبثلها ومبثل ذاك الشارع الذي يجعلك تيمم شطر
حمص!!. بحثت يف معاجم اللغة وقواميسها عن شارع يجمع الفقري والغني وبقية متناقضات الحياة بقبحها وجاملها فلم أجده إال ممتداً يف ذاكريت من جامع البشري إىل مستشفى فلسطني ،حاولت أن أراه يف أوروبا ،رأيت الكثري من الجامل لكنني مل أشتم رائحة الزيتون و”املخلل” تنبعث من محال يقصدها من ضاقت بهم الدنيا ومن رحبت. ال يشء يفسد متعة اسرتجاع جامل املكان وعبقريته إال أنني الجوع ومشاهد أشالء املكان ،أف ّر هارباً من ذاكريت إىل ذاكريت مغادراً إىل دمشق العتيقة لتعاتبني وأعاتبها وأسألها هل مازالت السامء تسري عىل الطرقات القدمية حافية؟ أحقاً مازال الغريب ينام عىل ظ ّله واقفاً؟ أتطري الحاممات خلف سياج الحرير؟ هل يواصل فعل املضارع أشغاله األموية؟! يداهمني صوت من رحلوا قادماً من بعيد من ذاك الشارع ..مظاهرات! ال ال ،هي أهازيج ،بل مظاهرات..حرشجات ..حرية!
العدد 2015 / 12 / 20 - 61 -
وماذا تعرف عن خيبة عاشقة جاءتك خلسة عن الحرب والخوف مختبئة يف ثياب العيد َفردَّها قلبك مكسورة الخاطر؟ وماذا تعرف عن وجع الوقت؟ عن استهالكه دون حذر يف حزن مكرر انتظا ًرا للذي ال يأيت؟ وماذا تعرف عن الحرسة التي يرتكها الطريق فينا حني وألول مرة منشيه دون أن نفكر بالنظر خلفنا؟ وماذا تعرف عن قلب تسكنه الريح وتلعب فيه كطفلة يتيمة ال أهل لها؟ وماذا تعرف عن لعبة املوت والحياة التي ألعبها مع املسافات والحدود يك أعربها كل مرة دون أن ناقصا تأخذ قطعة من قلبي الذي ُأحبك به فترتكه ً ووحيدًا؟ وماذا تعرف عن الوطن اآلخر الذي مل يأكله الطغاة ومل تحارصه الدبابات ،لكنه مات يف حادث مروري غري مقصود؟ أنت ال تعرف شيئًا عن حطب أيامي الذي أحرقتُه كنت ً أمامك حني َ مريضا يب؛ فالحمى التي أصابتك تسببت يف رفع حراراتك حتى مل تنتبه وقتها لكل ما حدث ،وألنني ُ حرصا عىل حياتك من كنت أكرث ً ُ ونسيت أن أحمي جسدي حبك يل جعلتُك تتعاىف ُ َ وقعت متاثلت للشفاء حتى من العدوى ،وما إن أنا طريحة األمل وضحية عدم االنتباه .لكنك بدالً َ دربت َوردك عىل من أن تحرض يل بعض الثلج الطريان ودمعك عىل الجفاف ،وأضأت يب غرف
املنزل املعتم يك ال تتعرث فيقع قلبك دون أن تنتبه، وحني نفذ زيتي كنت تعلمت الرحيل جيدًا. لن أفرش طريقك نحوي بالورد بعد اآلن.. خطاك التي دربتَها عىل الهذيان يف الشوارع العامة ُ ماعدت أميزها ،اختلطت عيل آثارها مع خطوط الخراب يف كل مكان .لن أنادي عليك حتى ملرة أخرية ،ولن أتذرع أن الجنية رصخت يف فمي فأصابني الخرس ،كام لن أصدق أن الوقت مل يكن يف صالحك؛ وحده الحب مل يكن يف صالحك! وحده قلبك الذي جرين آالف املرات من ذيل فستاين ليتفرج عىل أملي ويضحك له؛ كان قاد ًرا عىل اللعب يف إبرة البوصلة كيفام يشاء ،فدفع حزين إىل الجدار وأدار ابتسامته العارية للنافذة! لن أبيك عليك بعد اآلن ،ولن أكرس الشمس عىل َ تعبت من بالط الغرفة يك أدفئ قدميك كلام الغربة وفتحت حقائب نسيان الوطن يك تخلع ثيابك وترتديني .لن أنظف عتبة البيت بأغنية أو مفتوحا لقصائدك رقصة نهارية ،ولن أترك الباب ً التي مل تكتبها بعد؛ كل مايف األمر أنني سأترك مفتوحا لتخرج منه ببط ٍء شديد ،فال يتفقد قلبي ً قفله بعد اآلن ،وال ُيع ّد املرات التي طرقتَه فيها َ أضعت املفتاح.. بعد أن املعطف الذي علقتَه باألمس وراء الباب؛ ال يصلح مدفأة للشتاء القادم! أنا البعيدة عن العني؛ أقتص لقلبي املبعدة عن القلب ،أفكر اآلن كيف ّ املهمل من يديك الباردتني ،وكيف أحتفظ بالزكام
الذي يأكلني يك أصيبك يو ًما ما بالعدوى ،ثم أتعاىف ُ امتهنت املرض وحدي .أنا الفكرة التي ال تقال؛ ُ ُ وأصبحت خرست أسناين واحدًا تلو اآلخر بك حتى أمتص الحروف وال ألفظها .لغتك املحدودة القليلة ّ األمل والعابرة للمعنى كانت سب ًبا يف امتناعي عن مغادرة الرسير .وحدها العتمة فرست يل كلامتك ُ رضيت بنعمة العمى يك وأقنعتني بجدوى الرضا. ُ ال أرى أخطاءك وخياناتك ،وص َم ْمت روحي عن أخبارك الكثرية التي جعلتني أزور الجحيم مئات ُ أمضيت األيام األخرية من املرات يف الليلة الواحدة. حيايت أطلب الغفران من الله وال أحصل عليه .أنا اللبوة التي قتلت نفسها ليك ال يأكل رجل مثلك قلبها! ْ ربطت حزنها بك لش ّد ْت َك معها لو أن امرأة غريي إىل قاع البرئ ،لكن الفكرة ليست يف موتك ،وال بخسا للهجر يف حياتك! تكون الخيانة أحيا ًنا مثنًا ً ً تعويضا غري رشيف والتخيل ،ويصبح االنتقام لقلب امرأة أحبت برشف ،فيصبح الحب عندئذ عبئًا يسهل التخلص منه ببعض األدوية املضادة للذاكرة! وأنا لست تلك االمرأة؛ ولذلك أبقيتُك واق ًفا عىل قدميكُ ،تثقل التفاصيل كتفيك وتنهش قلبك ،وتحملني عىل ظهرك أبدًا. لو َ كنت عاش ًقا لقتلتك! نعم لقتلتك ،لكن الذين ال يعرفون كيف يحبون ال ميكن لهم أبدًا أن يعرفوا كيف ميوتون من أجل فكرة مخلفني وراءهم ً تاريخا وحضارات ال تفنى من الذكريات والكلامت.
13
سوريون في ألمانيا ،نشاطات وقراءات 14
نشرة ثقافية
طلعنا عالحرية – القسم الثقافي
العدد 2015 / 12 / 20 - 61 -
سمر يزبك تتحدث عن رحلتها إىل سوريا.
أقامت الكاتبة السورية سمر يزبك ،قراءة ومناقشة يف مدينة كولونيا األملانية مع الصحافية واملرتجمة الريسا بيندر ،تحدثت فيها عن رحلتها إىل سوريا ،2012-2013واملؤسسة التي أسستها هناك ورخصتها يف فرنسا ،كام تحدثت عن لقائها مع أمري جبهة النرصة “أبو حسن” ،وتطرقت يزبك للكثري من املواضيع ،كصناعة اإلرهاب ،وتخاذل املجتمع الدويل ،وكيف اعتقل النظام السوري الناشطني السلميني وأطلق رساح السلفيني الذين أصبحوا قادة للكتائب املتطرفة ،كام ناقشت أوضاع السوريني يف أملانيا ودعت إىل معاملتهم مبا يليق بهذا الشعب الذي عاىن ويعاين من أجل كرامته.
محمد الغميان يقارن بني ّ مخيمت السوريني يف األردن ،وأملانيا.
عرض املص ّور السوري محمد الغميان يف مدينة كولونيا األملانية مجموعة من الصور التي التقطها يف مخيامت األردن العشوائية عن حياة الالجئني واألطفال ،ومجموعة أخرى لصور التقطت يف أملانيا يف محاولة للمقارنة بني وضع الالجئني هناك وهنا ،وتسليط للضوء عىل املعاناة التي يعيشها الالجئون السوريون يف دول الجوار ،الغميان الذي غادر سوريا يف بداية عام 2012 إىل األردن ،عمل يف مخ ّيم الزعرتي كمص ّور فوتوغرايف وبقي يف األردن حتى شهر أوكتوبر 2014قبل أن يغادرها باتجاه أملانيا حيث يعيش يف العاصمة األملانية برلني.
جائزة بيتهوفن لعازف الريموك الالجئ الفلسطيني عازف البيانو الشاب أيهم أحمد املعروف بـ “عازف الريموك” ،والذي اشتهر بغنائه وعزفه يف شوارع مخ ّيم الريموك املدمرة، والحقاً يف تجمعات الالجئني ،يحظى بجائزة بيتهوڤن الدولية لحقوق اإلنسان يف بون/أملانيا عىل إبداعاته.
ثقافة
أطفال سوريون وعراقيون يغنون لعامل واحد بال حدود
قدّم أطفال سوريون وعراقيون الجئون حدي ًثا إىل مدينة كولونيا األملانية يف الخامس من الشهر اقصا يف قاعة سانكت بيرت ،بقيادة املوسيقي األملاين “صموئيل الحايل ،حف ًال موسيق ًيا غنائ ًيا ر ً دوبانيكر” ،يف مرشوع مشرتك استغرق شه ًرا واحدًا من التدريب مع 15طف ًال الجئًا من الجنسني ،غنى األطفال فيه باللغات الثالث “العربية واإلنكليزية واألملانية” أغنية أملانية شهري ًة خصيصا من عن العصافري “ ”Alle Vogelباألملانية والعربية ،وقدّموا أغنية جديدة كتبت لهم ً أجل هذا الحفل ،ترجمتها الشاعرة السورية رسى ع ّلوش لالنكليزية ،واملرتجمة والصحافية األملانية الريسا ِبندر إىل األملانية ،وأ ّلف لحنها عازف العود واملؤلف السوري نبيل أربعني الذي مزيجا شاركهم العزف يف الحفلة قاد ًما من العاصمة برلني ،كام شاركهم كورال محرتفني صنعوا ً بني املوسيقا الكنائسية مع املوسيقا الرشقية والكالم العريب واألملاين.
الكتابة في وسائل التواصل االجتماعي :تويتر باسل مطر -مشروع سالمتك
عديدة يف بقاع مختلفة .ال شك أن النرش باللغة هام أيضاً ,فهي اللغة العاملية التي اإلنكليزية أم ٌر ٌ يستخدمها الكثريون ,وهي تضمن لك الوصول إىل أكرب رشيحة من املستخدمني. عندما تقتح صفحة حسابك عىل تويرت سرتى أن التغريدات فيها تتواىل رسيعا ,وال تكاد ترتك لك وقتا ملعرفة مضمونها ,لكن بعضها يشدك قطعا لسبب ما, وهو أمر يجعل الكتابة والنرش عىل تويرت تحديا صعبا أيضا .لكن هناك جملة من القواعد أو النصائح التي عىل املغردين مراعاتها لتحظى تغريداتهم بالقراءة وإعادة التغريد .ماهي تلك القواعد إذاً؟ أشياء تشد االنتباه :كام قلنا سابقا ,فإن رسعةتوارد املحتوى تجعل شد املستخدمني إليه أمرا أكرث صعوبة ,لكن تضمني بعض الكلامت التي تشد االنتباه دون سواها تعطي تغريداتك فرصة أعىل للقراءة .استخدم الحقائق (كاألرقام واإلحصاءات مثال) ,واألسئلة واملعلومات التي يجدها املستخدم اآلخر مفيدة لجذب انتباهه. الصور :تشري اإلحصاءات إىل أن التغريدات التيتحتوي عىل صورة تحظى بعدد أكرب من مشاركة التغريدة مبا يصل إىل .150%فالصورة هي عنرص غني يستطيع نقل رسائل متعددة بتغريدة واحدة.
زوروا موقع طلعنا عالحرية بحلته الجديدة freedomraise.net
مقاالت
www.freedomraise.net
العدد 2015 / 12 / 20 - 61 -
تويرت هو املنصة املثالية لنقل األخبار .وفيام يعترب فيسبوك شبكة للتواصل االجتامعي وربط الناس, فإن تويرت هو منصة للتدوين القصري وربط األفكار! ال يقدم تويرت امليزات التي يقدمها فيسبوك من مجموعات بأنواعها الرسية واملفتوحة واملغلقة ,وال الصفحات ,وال يقدم للمستخدم املساحة الكبرية للكتابة ونرش الصور ومقاطع الفيديو والنقاش والحوار ,لكنه يبقى املنصة املفضلة ملتابعي األخبار والباحثني عن األفكار ,واملروجني لها ,وقادة حمالت الرأي واملنارصة .ال يلغي ذلك دور فيسبوك الذي يحتل الصدارة من حيث عدد املستخدمني وحجم املحتوى الذي ينرش عليه كل يوم ,لكن لتويرت أهمية خاصة تجعله رضوة ملحة يف الحالة السورية. يضم تويرت حوايل 350مليون مستخدم ,وينرش عليه 6000تغريدة كل ثانية ,ويقيض مستخدم تويرت وسطيا 170دقيقة شهرياً وميتلك 80%من قادة العامل حسابات عىل تويرت ,ويغرد شهريا حوايل 117 مليون مستخدم من أصل املجموع الكامل ,مام يجعل العدد املتبقي مجرد متابع ملا ينرش ,وهو رقم ال يستهان به أيضا. يتيح تويرت حيزاً صغرياً للكتابة ,ال يتجاوز 140حرفاً, وهذا يجعله مختلفا جداً عن فيسبوك الذي يتيح مساح ًة أكرب بكثري ,ويجد الناس يف عرص الرسعة يف تويرت منص ًة مثالي ًة ,حيث يجرب صغر املساحة املغردين عىل االختصار وتوخي وضوح التعبري ودقته. وألن تويرت عىل هذه الدرجة من األهمية فهو املكان املناسب لنرش األخبار واألفكار والوصول إىل جامهري
إحرص عىل تضمني تغريداتك عىل صور تشد املستخدم وتثري مشاعره دون خدشها. الدعوة إىل القيام بعمل ما :تشري الدراسات أيضاإىل أن التغريدات التي تطلب من املستخدم القيام بعمل ما ,تحظى بنسبة أكرب من التفاعل .عىل املتلقي أن يعرف ماعليه القيام به حني رؤية التغريده ,هل عليه النقر عىل رابط معني لقراءة موضوع ما ,أم عليه إعادة نرشها لتصل إىل عدد أكرب من الناس ,أم عليه التصويت عىل أمر ما .إن الوضوح يف هذا األمر يجعل هذه التغريدات أكرث تأثريا ,وأكرث وفاء بغرضها التي نرشت ألجله. الدقة واالختصار :كام أرشنا فاملساحة التي يتيحهاتويرت صغرية ال تتجاوز 140حرفا فقط ,وعليه فإن التغريدات يجب أن تكون ضمن حدود 120حرفا حتى تتيح لآلخرين إضافة كلمة أو كلمتني عند إعادة نرشها وهو أمر غاية يف األهمية .وعليها أن تكون واضحة ,قصرية ومعربة. الهاشتاغ :الهاشتاغ أو الوسم هي أداة تساعداملستخدم عىل الوصول إىل املوضوعات التي يهتم بها .استخدامها بحكمه وال تكثري منها ,وابحث عن الوسوم الدارجه التي تحظى باهتامم الناس وأدرج منشوراتك ضمنها ,أو اخرت لنفسك وسام أو وسمني واستخدمها بعناية وبشكل دائم حتى يعرفك اآلخرون من خاللها. املؤثرين عىل تويرت :إن التفاعل مع اآلخرينوتفاعلهم معك هو ما يجعلك مستخدما مركزيا عىل تويرت .يعني هذا أن مجرد النرش ال يكفي ,وعليك اتباع قواعد أخرى لتحظى تغريداتك مبكانة متقدمة تضعها يف حيز الرؤيا.
15