طلعنا عالحرية / العدد 62

Page 1

‫نصف شهرية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬مستقلة‬

‫العدد ‪62‬‬ ‫‪2016 / 1 / 3‬‬

‫مجلة مستقلة‪ ،‬تعنى بشؤون الثورة السورية‪ ،‬نصف شهرية‪ ،‬تطبع وتوزع‬ ‫داخل سوريا ويف عدد من مخيامت اللجوء والتجمعات السورية يف الخارج‬


‫ماذا بعد االغتياالت؟‬

‫‪2‬‬

‫افتتاحية بقلم رامي العاشق‬

‫العدد ‪- 62 -‬‬ ‫‪2016 / 1 / 3‬‬

‫بدأت عمل ّيات االغتيال املمنهجة تأخذ مسارها‪،‬‬ ‫وبدأت عمليات التصف ّية تشري إىل ّ‬ ‫مفروض من‬ ‫حل‬ ‫ٍ‬ ‫األعىل‪ ،‬مت ّثل ذلك ً‬ ‫أيضا بنقل مجموعات عسكرية من‬ ‫مناطق ملناطق‪ ،‬ونقل مجموعات سكانية وإحالل‬ ‫مجموعات أخرى بديلة تحض ًريا للتقسيم‪ ،‬وبرعاية‬ ‫دول ّية‪ .‬أنصاف األعداء مل يعد لهم معنى‪ ،‬وأنصاف‬ ‫األصدقاء كذلك‪ّ ،‬‬ ‫كل طرف سيقتل من يشكل عليه‬ ‫خط ًرا‪ ،‬حقيق ًيا كان أم محتم ًال‪ ،‬الالعبون الكبار‬ ‫يضغطون عىل من هم أصغر منهم بقتل بيادقهم‪،‬‬ ‫الحي إذ أنه يجلب لصاحبه‬ ‫والبيدق املقتول خ ٌري من ّ‬ ‫املؤازرة والتضامن‪ ،‬ويعطي أنصا َره املتعطشني لبطلٍ‬ ‫ً‬ ‫صنم سيأكلونه الح ًقا‪.‬‬ ‫تاريخي‪،‬‬ ‫يف لعبة الحرب‪ ،‬هذه نتيجة حتمية وسياق‬ ‫ّ‬ ‫االغتيال أداة حرب مهام كان نوعه‪ ،‬معنو ًيا كان‬ ‫أم جسد ًيا‪ ،‬ولكنه يف صيغته الجسدية مي ّثل أعىل‬ ‫مراحل تصعيد الرصاع الذي يأيت بعده هبوط وتنازل‬ ‫بالرضورة‪ ،‬ويف هذا السياق كانت لدينا منذ بداية‬ ‫التسليح أسئلتنا األوىل عن آلية ّ‬ ‫حل الرصاع‪ ،‬وسحب‬ ‫السالح‪ ،‬وتحييد أمراء الحرب‪ ،‬وكنّا نخىش أن نتح ّول‬ ‫إىل ليبيا جديدة –رصنا أسوأ منها‪ -‬وكنّا نسأل عن‬ ‫هؤالء الذين يتم تلميعهم سياس ًّيا وعسكر ًّيا ليكونوا‬ ‫قاد ًة‪ :‬كيف ستتم محاكمتهم؟ وهل سيتح ّولون إىل‬ ‫طغا ٍة جدد بحجم القدامى؟ أم ستتم تنحيتهم من‬ ‫قبل من رفعهم؟ الجواب األكرث منطق ّية ‪-‬والذي أثبت‬ ‫نبوءته اليوم‪ -‬جائني من عميد ط ّيار منشق عن‬ ‫النظام السوري‪ ،‬قال يل وقتها‪“ :‬هؤالء لن يكونوا جز ًءا‬ ‫من املرحلة االنتقالية‪ ،‬ستتم تصفيتهم”‬ ‫وكذلك كانت ثنائيات االغتيال واضحة ابتداء من‬ ‫تفجري خل ّية األزمة‪ ،‬مرو ًرا باغتيال قادة أحرار الشام‪،‬‬

‫وصوالً إىل سمري القنطار وانتها ًء بزهران ع ّلوش‪.‬‬ ‫ويف املقابل‪ ،‬فإن االغتياالت مل تكن محصور ًة يف أمراء‬ ‫شخص‬ ‫الحرب والقادة العسكريني‪ ،‬بل شملت أي‬ ‫ٍ‬ ‫مؤث ٍر وميكن أن يشكل خط ًرا عىل املرشوع املفروض‬ ‫من األعىل‪ ،‬فقد اغتال النظام معارضيه معنو ًيا‬ ‫وجسد ًيا منذ البداية “معن العودات‪ ،‬غياث مطر‪،‬‬ ‫مشعل متو‪ ،‬وغريهم” واغتالت املعارضة املرتهنة لهنا‬ ‫وهناك خصومها ومنافسيها معنو ًيا وجسد ًيا ً‬ ‫أيضا‪،‬‬ ‫ونذكر عبد العزيز الخري “مجهول املصري” عىل سبيل‬ ‫املثال ال الحرص‪ ،‬فقد اغتاله النظام معنو ًيا حني خ ّونه‬ ‫واعتقله وع ّذبه‪ ،‬واغتالته املعارضة معنو ًيا حني أرسلت‬ ‫مأجوريها لرضبه بالبيض يف القاهرة وخ ّونته وأطلقت‬ ‫الشائعات ضده‪ ،‬واغتيل صوته وذكره ً‬ ‫أيضا حتى بات‬ ‫خرب تصفيته الجسدية اليوم متوق ًعا وغري مفجع‪.‬‬

‫كلمة‬

‫للنشر أو مراسلة فريق التحرير‬

‫بالعودة إىل االغتياالت التي حصلت مؤخ ًرا والتي‬ ‫كان أقساها اغتيال الزميل ناجي الجرف الذي ال مي ّثل‬ ‫حالة القائد العسكري وال السيايس “البيدق” بل مي ّثل‬ ‫حالة التوافق الشعبي الكبري عىل دعم ما مي ّثله‪ ،‬بعد‬ ‫اغتياله‪ ،‬وال أظنّ أنها كانت بهذا الحجم قبل االغتيال‬ ‫وهذا مفهوم من طبيعة مجتمعاتنا التي تذكر‬ ‫محاسن موتاها ال أحيائها‪ ،‬إال أننا هنا نقرأ إشارات‬ ‫جل ّية‪ ،‬ورسائل إلينا كسور ّيني من األقطاب الكربى‬ ‫املتحكمة‪ ،‬مفادها‪“ :‬نحن ال ننهي مه ّمة قادة وأمراء‬ ‫حرب ونغتالهم وحسب‪ ،‬بل نغتالكم جمي ًعا‪ ،‬ونغتال‬ ‫صوتكم يف حال خالف إرادتنا ومرشوعنا”‪.‬‬ ‫كتبت ساب ًقا عن تفاؤيل ّ‬ ‫وبهذا السياق‪ ،‬كنت قد ُ‬ ‫بحل‬ ‫قريب‪ ،‬وها أنا أعود عنه وأدرك متا ًما أن القادم ال يقل‬ ‫سو ًءا إن مل يكن أسوأ!‪.‬‬

‫تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت‬ ‫‪www.freedomraise.net‬‬

‫‪freedomraise@gmail.com‬‬

‫‪facebook.com/freeraise‬‬

‫مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة‬ ‫تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية‬ ‫ويف بعض مخيامت اللجوء‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫ليىل الصفدي‬

‫معاون رئيس التحرير‬ ‫نصار‬ ‫أسامة ّ‬

‫‪twitter.com/freedomraise‬‬

‫املحرر الثقايف‬ ‫رامي العاشق‬

‫محرر القسم الكوردي‬ ‫مريال بريوردا‬

‫زمالء مختطفون يف الغوطة الرشقية‬ ‫رزان زيتونة ‪ -‬ناظم حامدي‬


‫ماذا وراء اغتيال زهران علوش؟‬

‫‪3‬‬

‫أبو القاسم السوري‬

‫العدد ‪- 62 -‬‬ ‫‪2016 / 1 / 3‬‬

‫أعتقد أن الجواب يكمن يف وعي قوى الثورة لهذا‬ ‫األمر وخطورته‪ ،‬والعمل عىل إفشال هذا املخطط‬ ‫بكل الطاقات واإلمكانيات املتاحة‪ .‬فاملرحلة ال‬ ‫تحتمل التحزبات والفصائلية وغريها‪ ،‬بل ال ب ّد‬ ‫من جهد توحيدي حقيقي سيايس وعسكري‪.‬‬ ‫ويجب أن يرافق هذا األمر دعم إقليمي‪ ،‬وخاصة‬ ‫من السعودية وتركيا‪ّ .‬‬ ‫ولعل زيارة أردوغان األخرية‬ ‫للسعودية تؤرش إىل أن هناك إحساس إقليمي بأن‬ ‫األمور تسري باتجاهات خطرة‪ ،‬وأن األيام القادمة ال‬ ‫بد أنها ستحمل يف طياتها مالمح الصورة الحقيقة ملا‬ ‫ستؤول إليه األمور‪.‬‬

‫مقاالت‬

‫يوم الجمعة ‪ 25‬ديسمرب ‪ 2015‬كان ميكن أن‬ ‫يكون كأي يوم يف الغوطة الرشقية؛ قصف ودمار‪..‬‬ ‫ولكن كان هناك أمر غريب؛ فلقد تعودنا أن يكون‬ ‫القصف إما يف وسط املدن لقتل الناس وترهيبهم أو‬ ‫عىل الجبهات للتمهيد العسكري أمام قوات النظام‬ ‫لالقتحام‪ .‬ولكن هذه املرة كان مكان القصف يف‬ ‫منتصف الغوطة بعيداً عن الجبهات واملدن‪ ،‬ويف‬ ‫منطقة تعترب زراعية‪ ،‬ومن قام بالغارات أكرث من‬ ‫طائرة ويف نفس املكان بشكل متتال‪ .‬وما هي إال‬ ‫ساعات حتى تبني أن املستهدف هو الشيخ زهران‬ ‫علوش قائد جيش اإلسالم والقائد العام للقيادة‬ ‫العسكرية املوحدة يف الغوطة‪.‬‬ ‫من الواضح أن العملية كانت مخططة ومدروسة‬ ‫بهدف تحقيق مصالح معينة‪ ،‬ولذلك ال بد من‬ ‫قراءتها من زاويتها السياسية‪ ،‬وإدراجها ضمن‬ ‫سياق األحداث التي تشهدها سوريا ملحاولة فهم‬ ‫ما وراءها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يبدو اليوم أن الدول الفاعلة إقليميا ودوليا باتت‬ ‫عىل قناعة بأن الرصاع يف سوريا وصل ملرحلة‬ ‫أصبحت آثارها السلبية تنعكس عىل الجميع‪،‬‬ ‫وهم بحاجة للوصول إىل معادلة سياسية تفيض‬ ‫إىل تخفيف حدة الرصاع من دون أن تنهيه؛ بل‬ ‫متنع فقط آثاره السلبية من االنتشار‪ .‬ولعل الدول‬ ‫اإلقليمية الداعمة للثورة ترى أن هذه املقاربة‬ ‫متفق عليها دولياً‪ ،‬وخاصة بني القطبني األمرييك‬ ‫والرويس‪ ،‬وأن املدخل للوصول إىل ذلك يكون‬ ‫بتبني عملية سياسية تفيض إىل انتقال سيايس‪ .‬لكن‬ ‫ميكنني الجزم أن املقاربة الروسية ‪-‬وإن كانت تتفق‬ ‫من حيث املبدأ عىل رضورة تخفيف حدة الرصاع‪-‬‬ ‫ولكنها مختلفة يف املدخل لتحقيق ذلك والنتائج‬ ‫املرجوة منه؛ فروسيا تدرك أن الدخول يف أي عملية‬ ‫سياسة حقيقية يستوجب االتفاق عىل نظام سيايس‬ ‫جديد‪ ،‬وبالتايل زوال النظام الحايل والذي ما زالت‬ ‫روسيا مرصة عىل املحافظة عليه‪ .‬ولذلك عملت‬ ‫روسيا عىل مقاربة مختلفة‪ ،‬وهي بعث الروح يف‬ ‫مبدأ التقسيم‪ ،‬وإن مل تعلن ذلك‪ .‬وهي تدرك أن‬ ‫القوى الدولية األساسية تقبل بهذا املبدأ‪ ،‬وما عليها‬ ‫إال أن تعمل عىل خلقه عىل األرض‪ ،‬من خالل‬ ‫إيجاد سوريا املفيدة والبعيدة عن الخطر‪ ،‬والتي‬

‫تكون يف أقل درجات التامس املبارش مع مناطق‬ ‫املعارضة‪ .‬وبذلك ميكن لروسيا أن تقول للعامل إنها‬ ‫أوجدت املعادلة التي يقبلها الكبار والتي تخفف‬ ‫من حدة الرصاع‪ ،‬وبالتايل ميكنها أن تطلب من‬ ‫القوى الدولية الضغط عىل القوى اإلقليمية لوقف‬ ‫الدعم عن مناطق املعارضة وإقناع قوى املعارضة‬ ‫بالرضا بالكانتونات الجزئية‪ .‬وبذلك تكون روسيا قد‬ ‫حافظت عىل النظام‪ ،‬وتجاوزت اعرتاضات القوى‬ ‫الدولية‪ ..‬ويف فرتة الحقة ميكن أن تتم معالجة‬ ‫موضوع هذه الكنتونات بعد أن تكون قد اندثرت‬ ‫الثورة نهائياً بغياب األمل يف إسقاط النظام‪.‬‬ ‫وروسيا عىل يقني بأنها إن أرادت تحقيق مآربها‬ ‫فإنها تحتاج إىل ماييل ‪:‬‬ ‫موحد ميثل‬ ‫‪ - 1‬منع ظهور أي جسم سيايس ّ‬ ‫املعارضة‪ ،‬ألن هذا األمر ‪-‬إن اعرتفت به روسيا‪-‬‬ ‫يعني أنها اعرتفت بوجود جسم سيايس سوري قد‬ ‫يقف يف وجه مخططها‪ ،‬وبالتايل هي دامئاً تطعن‬ ‫وترص عىل أن‬ ‫برشعية أي جسم سيايس معارض‪ّ ،‬‬ ‫من ميثل الدولة السورية هو النظام فقط‪.‬‬ ‫‪ - 2‬إضعاف قوى الثورة العسكرية بشتى الوسائل‬ ‫من خالل توجيه رضبات عسكرية لها‪ ،‬بغطاء‬ ‫محاربة داعش‪.‬‬ ‫‪ - 3‬العمل عىل إخالء املناطق التي تعتربها روسيا‬ ‫ضمن نطاق (سورية املفيدة) من أي قوى معارضة‬ ‫للنظام‪ ،‬للوصول إىل طاولة املفاوضات‪ ،‬وروسيا‬ ‫والنظام يف موضع قوة لفرض ما تريد‪.‬‬ ‫من ينظر إىل الخريطة السورية‪ ،‬يرى أن هذا‬ ‫يتم بعناية ويف خطوات متتالية‪ .‬ولكن هذا‬ ‫األمر ّ‬ ‫املرشوع ال ميكن أن يتحقق والعاصمة دمشق يف‬ ‫حالة اضطراب أو تهديد عسكري‪ ،‬لذلك يجب‬ ‫أوالً الوصول إىل تأمني العاصمة‪ .‬وهكذا تم إخراج‬ ‫مقاتيل املعارضة من قدسيا والزبداين‪ ،‬والعمل عىل‬ ‫إخراج داعش من جنوب العاصمة‪.‬‬ ‫لكن روسيا تدرك أن التهديد الحقيقي للعاصمة‬ ‫ال ينبع من هذه املناطق حقيقة‪ ،‬بل من الغوطة‬ ‫الرشقية أوالً وداريا ثانياً‪ ،‬خاصة أن القوى العسكرية‬ ‫املوجودة يف الغوطة الرشقية لها ثقل عسكري وازن‬ ‫يف املعادلة‪ ،‬وهذه املنطقة ما زالت تحوي أكرث من‬ ‫‪ 500‬ألف مدين‪ .‬وقد باءت كل محاوالت الحصار‬

‫إلخضاع هذه املنطقة بالفشل‪ .‬لذلك عملت روسيا‬ ‫عىل طرح مبادرة وقف إطالق النار يتلوها هدنة مع‬ ‫الغوطة‪ ،‬إال أن مسار األمور منع حدوث ذلك‪ .‬وكرد‬ ‫عىل ذلك عملت روسيا عىل شنّ حملة عسكرية‬ ‫هائلة القوة بتاريخ ‪ 13‬ديسمرب شملت أكرث من‬ ‫‪ 100‬غارة جوية عىل جميع مدن الغوطة‪ ،‬إلرسال‬ ‫رسالة مبا ميكن لروسيا أن تفعله إن مل تستطع‬ ‫تحقيق ما تريد‪ .‬ولكن الغوطة استطاعت تجاوز‬ ‫ذلك اليوم‪ ،‬ليتم العمل من قبل النظام وروسيا‬ ‫عىل مسار جديد‪ ،‬وهو مسار إخضاع الغوطة من‬ ‫خالل قضم املناطق الزراعية ضمنها‪ ،‬للوصول إىل‬ ‫حالة متكنها من فرض حصار مطبق ُيرضخ الغوطة‬ ‫ويضعها أمام خيار االنتحار أو االستسالم‪ .‬ولعل‬ ‫معركة املرج األخرية يف الغوطة الرشقية تندرج يف‬ ‫َ‬ ‫معارك لكسب مناطق‬ ‫هذا اإلطار؛ فالنظام مل يخض‬ ‫اسرتاتيجية عسكرياً‪ ،‬بل استهدف أساسا البحث عن‬ ‫أضعف املناطق لقضم أكرب مساحة ممكنة‪ .‬ويف‬ ‫نفس الوقت العمل عىل اغتيال قيادات عسكرية‬ ‫لتشتيت القوى العسكرية يف الغوطة ورشذمتها؛‬ ‫فقبل استشهاد الشيخ زهران بيومني تم استهداف‬ ‫اجتامع لقيادات عسكرية لعدة فصائل‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬ميكن القول إن عملية اغتيال الشيخ زهران‬ ‫علوش تندرج ضمن هذا السياق؛ فروسيا باتت‬ ‫ترى أن القوى العسكرية املعارضة يف الغوطة قد‬ ‫تكون أكرب عقبة أمام تنفيذ مخططها الرامي إىل‬ ‫تقسيم سوريا والوصول إىل سورية املفيدة‪ ،‬ولكن‬ ‫يبقى السؤال األهم هل ستنجح يف ذلك؟‬


‫المغتال والمغتال‬ ‫‪44‬‬

‫نبيل شوفان‬

‫‪- 62‬‬ ‫العدد ‪53 -‬‬ ‫‪2016 // 81 // 23‬‬ ‫‪2015‬‬

‫مقاالت‬ ‫لقاءات‬

‫يف بحثي عن أصل كلمة اغتيال يف اللغة العربية‬ ‫استوقفني أن اسم الفاعل واملفعول من الكلمة هو‬ ‫“مغتال” فالقاتل مغتال واملقتول مغتال أيضاً‪ ،‬ويبدو‬ ‫أن يف ذلك حكمة‪ ..‬أو أكرث‪.‬‬ ‫مل أجد تعريفاً حقيقياً لالغتيال‪ .‬رمبا نستطيع القول‬ ‫أمني‪ ،‬أو جرمية كاملة‪ ..‬ميكن‬ ‫إنه فنّ حريب‪ ،‬أو علم ّ‬ ‫القول إنه وشم ‪-‬كصفة دونية من الوسم‪ -‬عىل صدر‬ ‫منفذ االغتيال (املغتال) إلرضاء الذات التابعة لجهة‬ ‫معينة تستهلكه‪ ،‬ويف الغالب فإنه ُيغتال بدوره ملسح‬ ‫آثار الجرمية‪ ،‬قبل الوصول إىل محاكامت تزعج من‬ ‫يقف خلفه‪ ،‬أو أنه ميكن أن يكافأ ويخفى‪ ،‬وهو أيضاً‬ ‫أي االغتيال‪ -‬إلغاء للطرف اآلخر (املغتال) ليذهب إىل‬‫املرشحة ثم إىل املقرب‪ ،‬ويضيع عىل األغلب خصمه وح ّقه‬ ‫وما يحمله من ملفات أو أفكار تعيق تقدم خصمه‪.‬‬ ‫ينتقل العامل اليوم بالسوريني ملراحل جديدة ومتطورة‬ ‫من املوت‪ .‬بدءاً من القتل اليومي بالرصاص‪ ،‬إىل القتل‬ ‫اليومي باملعتقالت تحت التعذيب‪ ،‬إىل القتل اليومي‬ ‫الرسي‬ ‫بالرباميل‪ ،‬إىل القتل بالغرق‪ ،‬إىل القتل اليومي ّ‬ ‫االستثنايئ وسط خطاب سيايس تغالبي بني أصدقاء‬ ‫الثورة وأعدائها؛ لتنتقل حرب األرض التي أتقنتها‬ ‫الفصائل املعارضة وبرعت فيها ض ّد جيوش إيران‬ ‫وروسيا وحزب الله والنظام السوري إىل حرب الظالل‬ ‫والعنف الناعم والصامت‪ ،‬ويف هذه املرحلة تختل‬ ‫العالقة بني الرغبة والقانون‪ ،‬فاملغدور هو شيطان‬ ‫بالنسبة للقاتل وهو “يشء رخيص” بالنسبة للغيمة‬ ‫العاملية التي تحاول أن متطر نار الثورة لتخمدها‪.‬‬ ‫إن الحرب التي يراها السوريون حرباً وطنية تحررية‬ ‫هي نفسها الحرب املقدسة لدى أعدائهم ض ّد “إرهاب”‬ ‫السوريني‪ ،‬ولكل حرب معلنة حرب رسية باردة‪،‬‬ ‫وبالتايل لها ميثولوجيتها الخاصة ورمزيتها ورضوراتها‪،‬‬ ‫ويف حروب الظالم يكون املقتول معلوماً ومعروفاً‪،‬‬ ‫ويكون القاتل مطلقاً ونرجسياً ومثالياً ومنفلتاً‪ ،‬يحقّ له‬ ‫استحضار كامل شبقه من أجل التصفية الكاملة للعدو‬ ‫الشيطان والغريب‪ ،‬ويبقى هذا القاتل مجهوالً‪ ،‬وتؤجل‬ ‫َ‬ ‫ويسدل الستار‬ ‫حقيقته حتى تفقد أهميتها اللحظية‪،‬‬ ‫عىل الحقّ وال يحدث العقاب غالباً‪.‬‬ ‫بعيداً عن العنرتيات الثورية‪ ،‬فنحن أمام مقاومة‬ ‫عاملية لثورتنا‪ ،‬يضع فيها خرباء الحروب كامل خرباتهم‬ ‫املخيفة لتنظيف الفوىض التي أثارها السوريون يف‬ ‫العامل‪ ،‬حتى أصبحت حدود االتحاد األوريب عىل شفا‬ ‫السقوط‪ ،‬ونظام مجلس األمن ّ‬ ‫محل تشكيك ودعوات‬ ‫إلعادة صياغته‪ ،‬لذا فالعامل خائف ليس من داعش‪،‬‬ ‫وإمنا من ثورة السوريني التاريخية اآليلة إىل النجاح‪،‬‬ ‫والتي فشل بشار األسد بإخامدها برسعة قصوى كام‬

‫وعد العامل‪.‬‬ ‫تتدخل روسيا بشبه وكالة غربية لتنظيف الفوىض التي‬ ‫تسبب بها حليفهم “الفاشل” تحت عنوان التمهيد‬ ‫ّ‬ ‫لحل سيايس‪ ،‬لكن األمور تزداد سوءاً وتعقيداً‪ .‬ووسط‬ ‫زحمة الحرب؛ فعىل األجهزة األمنية العاملية التخلص‬ ‫من أي عود ثقاب يضمن ‪-‬مستقب ًال‪ -‬اشتعال نار ال‬ ‫تنطفئ جذوتها‪.‬‬ ‫أبو الفرات وحسني الهرموش وقادة أحرار الشام وعبد‬ ‫القادر الصالح وقادة درعا وغريهم الكثري (استطعت‬ ‫حرص أكرث من مئتي عملية اغتيال متت يف عام ‪)2015‬‬ ‫كل هؤالء كانوا نتيجة ثورة‪ .‬بعضهم مفكرون‪ ،‬وبعضهم‬ ‫إعالميون‪ ،‬وبعضهم أناس عاديون لهم رمزية خاصة‪،‬‬ ‫وبعضهم شجعان يحملون مبدأ يستحيل تنازلهم عنه‪،‬‬ ‫وبالتايل فنتيجة انتهاء هذه الثورة هي قتلهم‪.‬‬ ‫يف حالة زهران علوش ليس من األهمية مبكان إن كان‬ ‫الرجل بط ًال أو مجرماً‪ ،‬ال وقت لالنتظار ومحاكمته‬ ‫مبحكمة عادلة‪ ،‬إن قتله رضورة أكرث من العدل نفسه‪،‬‬ ‫مل تجد روسيا صعوبة حني اعرتفت باغتيالها قائد جيش‬ ‫اإلسالم‪ ،‬ولعله يحمل فكرة ما تعيق تقدمهم‪ ،‬وذلك‬ ‫حدث مع “ليون تروتسيك” صاحب مصطلح الثورة‬ ‫املغدورة والذي متت تصفيته‬ ‫من قبل جوزيف ستالني باسم‬ ‫الدولة الثورية‪.‬‬ ‫يف حالة القنطار أيضاً ليس‬ ‫مه ًام مع من يقاتل ض ّد من؛‬ ‫ّ‬ ‫تستغل الفوىض‬ ‫فـ”إرسائيل”‬ ‫أحسن استغالل وتعدم من‬ ‫مل تستطع إعدامه مبحكمة‪،‬‬ ‫وتفوت عىل السوريني محاكمته‪.‬‬ ‫أما يف حالة الجرف فقد َن َعتْه‬ ‫صفحات مؤيدة للنظام ووصفته‬ ‫بـ “بالشهيد “ حالها حال‬ ‫الصفحات املعارضة‪ ،‬ليتبني ما‬ ‫كان يجسده من حالة جامعة‬ ‫هذا الصحايف السوري الذي مل‬ ‫يكن معروفاً سوى يف الدائرة‬ ‫الضيقة بني زمالئه اإلعالميني‬ ‫والناشطني‪ .‬وبالتايل فإن اغتياله‬ ‫قتل سيايس ومعنوي‪ ،‬وحبس‬ ‫منفرد ملن يشبهه‪ ،‬عىل مبدأ‬ ‫الخوف من الحرب أسوأ من‬ ‫الحرب نفسها‪ .‬وتبدو يل طفولية‬ ‫داعش وضيق وقتها يف تنفيذ‬ ‫عمليات كهذه‪ ،‬وهنا ال استبعد‬

‫“إمكانية” أن تكون داعش هي من نفذت‪ ،‬ولكن ليس‬ ‫باجتهاد األداة التي مل ولن تكون يوماً العباً أساسياً‪.‬‬ ‫يف النهاية لن نرحم املعارضة السياسية من النقد‪،‬‬ ‫ألن شعبوية خطابها السيايس‪ ،‬تلك التي تراهق منذ‬ ‫خمسة أعوام‪ ،‬مل تؤد ‪-‬إال يف حاالت نادرة جداً‪ -‬إىل‬ ‫االتصال عضوياً مع العاملني الصامتني املؤثرين‪ ،‬ولك‬ ‫أن تتخيل أن العامل يعرف الثورة السورية ورموزها‬ ‫وإكسري حياتها أكرث منهم‪ .‬ولو أن سياسيينا وصلوا رحم‬ ‫السياسة مبشيمة هؤالء لفعلناها وأنجزنا مؤسسات‬ ‫بديلة وناجحة‪.‬‬ ‫إن الر ّد عىل هذه االغتياالت ‪-‬برأيي‪ -‬ال يكون بالتصعيد‬ ‫الثوري‪ ،‬بل بإلغاء دوافع االغتياالت بطرق دبلوماسية‪،‬‬ ‫وهذا أمر صعب‪ ،‬يحتاج عم ًال ومتابعة لكل تح ّول‬ ‫ومفرتق يف الثورة السورية‪ .‬علينا أن نحمي هؤالء‬ ‫وهم أحياء قبل الرتحم عليهم بعد اغتيالهم‪ ،‬بعدم‬ ‫إثارة الغبار والنار حولهم‪ ،‬وقذفهم بالتهم دون دالئل‬ ‫ملموسة‪ ،‬ورمبا الدواء األسايس لهذه الهجمة العاملية‬ ‫املنظمة عىل أهداف ثورتنا يكون بتأصيل هذه‬ ‫األهداف وعىل رأسها إسقاط النظام‪.‬‬


‫ناجي والرسالة ‪..‬‬

‫‪5‬‬

‫بسام األحمد*‬

‫* كاتب ومدافع عن حقوق اإلنسان يف سوريا‪.‬‬

‫‪2016 / 1 / 3‬‬

‫بعد أن ر ُ‬ ‫اسلت العديد من األصدقاء من أجل‬ ‫التأك ّد من هذا الخرب الفاجعة‪ ..‬تخللت العملية‬ ‫عرشات األفكار التي تدفقت بكثافة بالغة عىل‬ ‫ني‬ ‫مخيلتي (النصف نامئة) وأنا أقرأ بنصف ع ٍ‬ ‫عرشات املنشورات والتعليقات األخرى التي‬ ‫ظهرت أمامي‪ ..‬حيث بدا يل ّأن الكثري من النشطاء‬ ‫وجهوا أصابع االتهام لتنظيم داعش اإلرهايب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وح ّملوه مسؤولية ارتكاب هذه الجرمية‪ ،‬ومنهم‬ ‫من جنحت به األفكار التهام أناس محسوبني عىل‬ ‫النظام‪ ..‬يف حني جاهدت محاوالً تنظيم األفكار‬ ‫التي التي ازداد تدفقها كسيلٍ جارف توقاً ملعرفة‬ ‫األطراف املستفيدة‪ ،‬وتخ ّيل مكان الجرمية‪ ،‬وأسامء‬ ‫من كانوا برفقته‪ ،‬واالستفسار عن اليوم والتوقيت‪،‬‬ ‫ملاذا؟ وملاذا؟ وملاذا؟ أرسل أحد األصدقاء املقربني‬ ‫يل النبأ مع تأكيد‪“ :‬قتلوا ناجي الجرف‪ ،‬بنص‬ ‫عنتاب‪ ،‬بنص البلد بفرد كاتم صوت!”‪ ..‬اعقبتها‬ ‫تهم جميع التربيرات”؛ فقد خرسنا‬ ‫متمت ًام‪“ ..‬ال ّ‬ ‫أحد رموز الثورة وأحد أبرز صحافييها‪ ..‬أحد‬ ‫مثقفيها وأحد أبطالها‪ ..‬عمل خاللها ابن الثامين‬ ‫والثالثني عاماً كرئيس تحرير مجلة (حنطة)‪،‬‬ ‫وكان أحد أعضاء ت ّيار (مواطنة)‪ ،‬وأحد مؤسيس‬ ‫فريق (بصمة سوريا)‪ ،‬واألب الروحي للعديد من‬ ‫اإلعالمني السوريني الهواة‪ ،‬وصاحب فيلم (داعش‬ ‫يف حلب) والذي حصد مئات آالف املشاهدات يف‬ ‫األيام األوىل لنرشه‪ ..‬واألهم فقد كان أباً لطفلتني‬ ‫وإمييسا) ‪-‬كان يحمل لهام طعاماً عند‬ ‫بريئتني (يم‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫اغتياله‪ -‬وزوجا لزوجة شاءت األقدار لها وألطفالها‬ ‫أن يتيتّموا باكراً قبل هجرتهم الثانية‪ ،‬والتي كانت‬ ‫من املزمع أن تكون إىل فرنسا‪ ،‬رغبة لطلب األمان‬ ‫من تهديدات داعش التي طالت قبل فرتة ليست‬ ‫ببعيدة اثنني من نشطاء مدينة الرقة اللذين‬ ‫أقدمت داعش عىل نحرهام وذبحهام يف مدينة‬

‫أورفة الرتكية‪ ،‬يف جرمية هزّت املجتمع السوري‬ ‫املقيم يف تركيا‪..‬‬ ‫أياً كان السبب املبارش وراء جرمية اغتيال الصحايف‬ ‫البارز ناجي الجرف‪ ،‬فقد حملت الجرمية معها‬ ‫رسالة ودالالت مؤملة للغاية؛ أولها كانت لرفاق‬ ‫دربه وأصدقائه واملقربني منه مهنياً من صحفيني‬ ‫وإعالميني‪ ،‬وثانيها كانت للكثري من الصحافيني‬ ‫واإلعالميني ّ‬ ‫وطلب الحقيقة والنشطاء السوريني‬ ‫املقيمني يف املدن الرتكية‪ ،‬الذين ما فتئوا ينرشون‬ ‫ويوثقون جرائم النظام وجرائم داعش اإلرهايب‬ ‫وغريه من التظيامت املتشددة يف سوريا‪.‬‬ ‫لقد كانت رسالة مأساوية تجمع دالالت ورسائل‬ ‫بغيضة عديدة من املجرمني‪ ،‬ليس أوضحها أن‬ ‫ال أحد مبأمن هنا اآلن!! فمن لديه القدرة عىل‬ ‫اغتيال ناجي يف وضح النهار ويف وسط مدينة‬ ‫غازي عنتاب الرتكية املعروفة بكثافة قوات األمن‬ ‫الرتكية‪ ،‬والجهاز الخاص “مبكافحة اإلرهاب”‪،‬‬ ‫وبرصاصتني أحدهام يف الرأس‪ ،‬وكاتم صوت‬ ‫لعني‪ّ ،‬إنا يقول للسوريني عا ّمة‪“ :‬أنا جاثم فوق‬ ‫صدوركم بكل حقدي وإرهايب ورشوري‪ ،‬وال‬ ‫خالص لكم منّي بسهولة”!‬ ‫لكنّهم نسوا أو تناسوا من هو ناجي‪ ،‬وكيف‬ ‫يراه معظم السوريني‪ ،‬وبدا ذلك جلياً أكرث بعد‬ ‫وحد دمه السوريني عىل‬ ‫حادثة االغتيال؛ فقد ّ‬ ‫اختالف انتامءاتهم ومشاربهم ووالءاتهم‪ ،‬ض ّد‬ ‫هذه الجرمية البشعة‪ ،‬رافضني الرضوخ لإلرهاب‬ ‫والقتل‪ ،‬مصممني عىل الحياة‪ ،‬ورافضني تغيري‬ ‫منفاهم اإلجباري إىل منفى آخر‪ ..‬سوى لسوريا‬ ‫املحر ّرة الح ّرة من جميع أشكال الظلم والطغيان‬ ‫واإلجرام والقتل‪..‬‬

‫العدد ‪- 62 -‬‬

‫الشهيد ناجي الجرف‪ ..‬اغتالته األيادي السوداء يف غازي عنتاب برصاص كاتم للصوت‬

‫مقاالت‬

‫مل تكن إال ثوانٍ غري معدودات‪ ،‬كانت أمنيتي‬ ‫الوحيدة خاللها أن يكون الذي أعيشه اآلن‬ ‫كابوساً عابراً مردّه اختالط لييل بنهاره وصباحه‬ ‫ُ‬ ‫استفقت بعدها‬ ‫مبسائه‪ .‬تحققت أمنيتي تلك!‬ ‫مبارشة أتلقف “هاتفي املحمول” الذي كان يرقد‬ ‫عىل جانبي األيرس ألكتب كلمة الدخول وأحاول‬ ‫االتصال بشبكة األنرتنت كعاديت كام أفعل يومياً‪..‬‬ ‫كان مرور بضع ثوانٍ أخرى كاف ألتأك ّد من كونه‬ ‫كابوس لعني‪ ..‬متتمتها‪“ :‬لن تتكرر تجربة االعتقال‬ ‫أبداً ‪-‬عىل األقل عىل يد النظام السوري‪ -‬فقد‬ ‫ذهبت إىل غري رجعة”‪ .‬اتصلت بشبكة االنرتنت‬ ‫بعدها ألتفاجأ إ ّنها حوايل الساعة الخامسة‬ ‫عرصاً‪ ..‬قد استغرقت يف نومي كثرياً اليوم! فجأة‬ ‫يظهر أمامي منشور ألحد األصدقاء املقربني يل‬ ‫جداً‪ ،‬بدا عليه الكثري من األىس والخوف والرتقب‬ ‫الحذر‪ ،‬وقد كتب‪“ :‬يا رب ال تفجعنا ‪ ..‬يا رب ال‬ ‫تفجعنا مو ناقصني!! يا رب يا رب‪ !”..‬حاولت ّأن‬ ‫أربط املنشور خالل أجزاء من الثانية بأيّ أخطار‬ ‫قدمية جديدة كانت ترتبص به أو بأحد أصدقائنا‬ ‫املشرتكني أو أحد أفراد عائلته‪ ،‬لكنّني فشلت‪..‬‬ ‫أسفل املنشور كان هنالك الكثري من التعليقات‪،‬‬ ‫ني نصف نامئة‪..‬‬ ‫وأنا أحاول قراءتها واستيعابها بع ٍ‬ ‫أتذ ّكر منها “خري شويف؟ مؤكد الخرب؟ الله يرحمو‬ ‫ويصب عيلتو‪ ..‬ناجي‪ ..‬اغتيال‪.”..‬‬ ‫ّ‬ ‫ذهبت إىل صفحات أخرى وبدأت بتقليبها واحدة‬ ‫تلو األخرى‪ ،‬وكانت معظمها تتحدث عن اغتيال‬ ‫الصحايف السوري البارز واملقيم يف مدينة غازي‬ ‫عنتاب الرتكية (الخال) ناجي الجرف‪ ،‬ابن مدينة‬ ‫السلمية السورية‪..‬‬ ‫ومن منّا ال يعرف ناجي ‪-‬حنظلة سوريا كام‬ ‫ل ّقبه أحدهم‪-‬؟ ومن منّا مل يطلع عىل إسهاماته‬ ‫اإلعالمية والورشات التدريبية التي قام بها‬ ‫للعرشات من النشطاء السوريني؟ لخلق جيل من‬ ‫املواطنني الصحافيني السوريني املتميزين‪..‬‬ ‫مته ّلت بداية يف نرش الخرب ّربا ّ‬ ‫إلن رغبت يف‬ ‫عدم تصديقه ّ‬ ‫كجل أخبار القتل واملوت اليومية‬ ‫ّ‬ ‫وربا أن منهجية عميل‬ ‫املحيطة بنا يف سوريا‪ّ ،‬‬ ‫كباحث يف توثيق انتهاكات حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫فرضت ع ّ‬ ‫يل التأين يف ّ‬ ‫كل يشء‪ ،‬حتى باتت جميع‬ ‫تفاصيل حيايت قامئة عىل منهجية معينة أبسطها‬ ‫التحقق من أي خرب أو معلومة من أكرث من‬ ‫مصدر موثوق!!‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫التحققّ‬ ‫وخاصة‬ ‫وقتا طويال‪،‬‬ ‫مل تستغرق عملية‬ ‫ّ‬


‫كل يوم عم احلم‬

‫‪6‬‬

‫حملة من شبكة حراس لتعزيز حقوق الطفل‬ ‫حنان اللكود‬

‫العدد ‪- 62 -‬‬ ‫‪2016 / 1 / 3‬‬

‫تقارير‬

‫أطلقت شبكة حراس يف منتصف كانون األول‬ ‫املايض حملة س ّمتها (كل يوم عم احلم) تستمر‬ ‫ملدة شهر‪ ،‬وتسعى لتعزيز ومامرسة حقوق الطفل‪،‬‬ ‫وتتضمن فعاليات مختلفة تهدف إليصال صوت‬ ‫الطفل السوري والتوعية بقضايا الطفل‪ ،‬باإلضافة‬ ‫لتحقيق دعم ومتكني للشبكة نفسها‪.‬‬ ‫يف لقاء مع فريق شبكة حراس لتغطية حملتها‪،‬‬ ‫أوضح مدير وحدة الدعم باسم شعبان لـ طلعنا‬ ‫عالحرية‪“ :‬أطفالنا ليسوا بحاجة للطعام والسكن‬ ‫فقط‪ ،‬بل بحاجة ألن يعيشوا الطفولة ككل أطفال‬ ‫العامل‪ ..‬لديهم أحالم جميلة يجب أن تصل لكل‬ ‫الناس‪ ،‬وواجبنا إيصال أحالمهم”‪.‬‬ ‫ويضيف شعبان‪ :‬أن “الحملة انطلقت يف ‪13‬‬ ‫كانون األول من العام الفائت لتستمر حتى ‪13‬‬ ‫كانون الثاين الجاري‪ .‬ويساهم يف تصميم وتنفيذ‬ ‫الحملة فريق كبري من متطوعي وموظفي الشبكة؛‬ ‫حيث يتم جمع البيانات من قسم الرصد ومكاتب‬ ‫الحامية التابعة للشبكة باإلضافة إىل الرشكاء‬ ‫والعاملني يف مجال حامية األطفال‪ ،‬وتحويلها‬ ‫إىل فريق من األخصائني الذين يقومون بتدقيق‬ ‫البيانات واستخراج املعلومات واإلحصاءات‬ ‫املفيدة”‪.‬‬ ‫عالء ظاظا‪ ،‬مسؤول االستجابة يف الشبكة ومدير‬ ‫وحدة املشاريع امليدانية‪ ،‬تحدث لنا عن أهداف‬ ‫الحملة‪“ :‬للحملة عدة أهداف‪ ،‬وكل هدف له‬ ‫طريقة للقياس‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫• إيصال أصوات األطفال السوريني للعامل من‬ ‫خالل أنشطة لألطفال أنفسهم للتعبري عن أحالمهم‬ ‫ويقاس بعدد األطفال املشاركني‪.‬‬ ‫• زيادة التوعية لالستجابة لقضايا الحامية من‬ ‫خالل عرض إحصاءات ونتائج تحليل الحامية‬ ‫لعام ‪ 2015‬ومشاركته مع أكرب عدد ممكن من‬ ‫املنظامت‪ ،‬وميكن قياس نجاح هذا الهدف من‬ ‫عدد املنظامت التي من املمكن أن نطلعها عىل‬ ‫هذه البيانات‪.‬‬ ‫• والجانب الثالث أن الحملة تعمل عىل جمع‬ ‫تربعات مالية تساهم يف زيادة قدرة الشبكة‬ ‫عىل إدارة حاالت الحامية؛ أي االستجابة لألطفال‬ ‫املعرضني للخطر وإيجاد حلول ملشاكلهم بعدة‬ ‫طرق‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫* عن طريق تعليم طفل محروم من التعليم‬

‫(قرطاسية‪ ،‬كساء للمدرسة‪ ،‬موارد تعليم لألطفال)‪.‬‬ ‫* عالج أو تدخل نفيس لطفل عاىن من إيذاء أو‬ ‫استغالل (إحالة لطبيب مختص‪ ،‬دواء‪ ،‬أو جلسات‬ ‫دعم نفيس)‪.‬‬ ‫* وصفات دوائية لطفل عنده مشكلة صحية أو‬ ‫بحاجة عمل جراحي‪.‬‬ ‫* سلة غذائية لطفل عنده سوء تغذية أو فقر‬ ‫شديد‪.‬‬ ‫* فرص عمل مناسبة أو رأس مال لفتح مرشوع‬ ‫صغري لعائلة طفل عرضة للعاملة االستغاللية أو‬ ‫للتجنيد أو الزواج املبكر ألسباب مادية”‪.‬‬ ‫ويحدثنا أبو الجود مدير قسم التسويق يف وحدة‬ ‫الدعم يف الشبكة عن عملية التصميم والنرش‪:‬‬ ‫“أقوم باإلرشاف عىل الحملة‪ ،‬وعملت عىل تصميم‬ ‫الفيديو الرئييس لها‪ ،‬وقد قمنا بالتحضري للحملة‬ ‫من مدة طويلة‪ ،‬واخرتنا عنواناً لها‪( :‬كل يوم عم‬ ‫احلم)‪ ،‬ألن حقوق الطفل السوري أصبحت أحالماً‬ ‫يف الوضع الحايل”‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يعرض الفيديو الرئييس للحملة حالة متت إدارتها‬ ‫من قبل مكتب الغوطة الرشقية‪ ،‬وقد قام بتصويره‬ ‫وإعداده عبد الله‪ ،‬أحد املنضمني للشبكة حديثاً‪،‬‬ ‫بالتعاون مع طفل موهوب يقوم بالفلم بدور‬ ‫(محمد) الذي اضطر لرتك دراسته وطفولته حتى‬

‫يعيل أهله ونفسه! ثم ‪-‬وبجهود حراس‪ -‬عاد‬ ‫مح ّمد إىل عامله‪ ،‬يحلم مبستقبل أفضل‪.‬‬ ‫يتابع أبو الجود‪“ :‬نعلم أن الحملة وصلت لكثري من‬ ‫الناس من خالل التفاعل الذي حدث مع الحملة‬ ‫ومن خالل ارتفاع عدد املشاهدات والزيارات‬ ‫والتربعات التي وصلت لكفالة األطفال”‪.‬‬ ‫يشارك هادي من فريق قسم التسويق يف إدارة‬ ‫امللفات؛ من تجميع ألخبار النرش واختيار األنسب‬ ‫منها‪ ،‬وأرشفتها ضمن مجلدات يسهل الوصول‬ ‫إليها‪ ،‬ومتابعة عملية انتقالها ضمن مراحل‬ ‫تصميمها إىل أن تصبح جاهزة للنرش‪ .‬يضيف‬ ‫هادي عن عمله‪“ :‬ساهمت يف بعض الخطوات‬ ‫الداعمة للعمل‪ ،‬كإضافة أخبار جديدة عىل املوقع‬ ‫اإللكرتوين للشبكة‪ ،‬والتواصل مع بعض الجهات‬ ‫اإلعالمية للتعريف بالحملة وطرح بعض األفكار‬


‫رموز من هراء‬

‫العدد ‪- 62 -‬‬ ‫‪2016 / 1 / 3‬‬

‫مل يكن يخطر ببال أكرث املتشامئني سواداً‬ ‫أن يصل الشعب السوري يف طريقه لنيل‬ ‫حريته إىل لحظة يقارب فيها مأساة الشعب‬ ‫الفلسطيني‪ ،‬التي كانت ُتوصف حتى سنوات‬ ‫قريبة باملأساة األفظع عىل م ّر العصور‪ ،‬وأن‬ ‫ُيكتب عليه أن يعاين خالل خمس سنوات‪،‬‬ ‫كل ما عاناه الشعب الفلسطيني (نوعاً ال‬ ‫ًّ‬ ‫كم غري قابل للقياس‪ ،‬وال يعنيني‬ ‫كم؛ فالـ ّ‬ ‫هنا أن أدخل يف مقارنة ُتفيض لسباق‬ ‫يف الوجع– أن يعاين‪ :‬الذبح‪ ،‬والقصف‬ ‫والترشد‪ ،‬أن يعاين االعتقال والتعذيب‪ ،‬أن‬ ‫يعاين الفصل العنرصي‪ ..‬أما األقىس فهو أن‬ ‫يحس َد الفلسطيني عىل ظروف اعتقاله‪،‬‬ ‫وعىل تحذير الطريان اإلرسائييل للمدنني‬ ‫قبل القصف‪ ..‬وعىل السامح بالتصوير وعىل‬ ‫وعىل وعىل‪..‬‬ ‫ولعل املقاربة ال تنتهي عند حدود قسوة‬ ‫املواجهة مع املحتل يف القضيتني‪ ..‬إذ بتنا‬ ‫نرى حركات استيطانية يف دمشق والساحل‬ ‫السوري‪ ،‬وتداخل الرصاع الديني بطريقة‬ ‫ال مجال ّ‬ ‫لغض الطرف عنها يف رصاع بدأ‬ ‫سياسياً‪ -‬إنسانياً‪ ..‬وانتهى بحرب إباد ٍة ال‬ ‫هوادة فيها ‪-‬مع تفوق نسبي ال ميكن إنكاره‬ ‫لتعامل الصهاينة‪ ،‬قياد ًة جيشاً وجمهوراً‪ ،‬عىل‬ ‫النظام السوري‪ ،‬قياد ًة وجيشاً‪ ..‬وجمهوراً!‬ ‫وصار الحديث عن ٍّ‬‫يس متالزماً مع‬ ‫حل سيا ٍّ‬ ‫الحراك العسكري يف جوالت ك ٍّر وف ّر‪..‬‬ ‫إضاف ًة لكل ما سبق‪ ،‬فقد دخل املال‬ ‫السيايس‪ ،‬والنفوذ اإلقليمي يف معظم فصائل‬ ‫املعارضة السورية ‪-‬مس ّلحيها‪ ،‬وسياس ّيها‪-‬‬ ‫حتى النخاع‪ ..‬ما يذكر بترشذم الفصائل‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وتبعيتها للامل السيايس‬ ‫والقوى اإلقليمية‪ ،‬وامتدادها عىل الخارطة‬ ‫السياسية من أقىص اليمني ألقىص اليسار‬ ‫مع امتداد داعميها‪ ..‬بل إن بعض القوى‬ ‫املحسوبة عىل املعارضة السورية‪ ،‬والتي‬ ‫تدعو للحفاظ عىل جيش األسد‪ ،‬وتتجنب أي‬ ‫معاداة واضحة لحلفائه‪ ،‬من روس وإيرانيني‬ ‫وأدواتهام يف ذبح السوريني‪ ،‬تجد هذه‬

‫القوى تجد نظراء لها يف القوى الفلسطينية‬ ‫التي تعمل عىل التطبيع وقبول آثار االحتالل‬ ‫السابقة‪ ،‬والراهنة‪ ،‬ورمبا القادمة!‬ ‫ما يكمل سوداو ّية املشهد وتقاربه ح ّد‬ ‫التطابق‪ ،‬هو حالة العامء العجيبة التي‬ ‫تسترشي يف أنصار القضيتني‪ ،‬إذ نجد يف‬ ‫الطرفني ظاهرة عجائب ّية ال أعرف إن شهد‬ ‫لها التاريخ مثي ًال‪ ،‬وهي االندفاع حتى‬ ‫(البالهة) يف الدفاع عن رمو ٍز وأنظمة‬ ‫وسياسيني ومثقفني ملجرد أنهم أعلنوا أو‬ ‫عربوا عن دعمهم للقضية “الفلسطينية أو‬ ‫السورية” حتى وإن كان سلوكهم العام‪،‬‬ ‫أو حتى الخاص تجاه القضية‪ ،‬ال ينسجم‬ ‫بأي حالٍ مع جوهر القضية التي يزعمون‬ ‫تعاطفهم معها‪..‬‬ ‫رمبا كان اغتيال “سمري القنطار” وردّات‬ ‫الفعل التي ر ّقته إىل مصاف الخالدين يف‬ ‫النضال الفلسطيني‪ ،‬متعامية عن ترصيحاته‬ ‫العلنية يف الدفاع عن النظام الديكتاتوري‬ ‫األسدي‪ ،‬بل وعن مكان اغتياله وما كان‬ ‫يفعل ُه نقط ًة يجب الوقوف عندها مطوالً‬ ‫لدى جمهور الثورة السورية‪:‬‬ ‫ُترى‪ :‬كم “سمري قنطار” نقدّس يف الثورة‬ ‫السورية وهو ال ّ‬ ‫يقل وضاع ًة أو نفع ّية‬ ‫عن الـ “قنطار”؟ كم إسف ٌني ُيدق بني رموز‬ ‫الثورة؟ أيّ مواقف أخالقية بعيد ٍة عن الثورة‬ ‫السورية نحتاج لنكتشف معادن الرموز التي‬ ‫نراها اليوم منزّهة عن النقد واملراجعة؟‬ ‫َ‬ ‫تلك املعايري املطلقة التي وضعناها أو‬ ‫ُوضعت لنا كـ تقييم الرجل من هوية‬ ‫قاتله مث ًال!‪ ..‬ألن ُتفيض بنا إىل مطبات‬ ‫إنسانية وأخالقية كالتي وقع فيها الكثري‬ ‫من الفلسطينني املامنعني‪ ،‬وتيارات أخرى‬ ‫ما زالت تصارع طواحني الهواء؛ كالحزب‬ ‫السوري القومي االجتامعي والتيارات‬ ‫القومية وغريها؟ هذه املطبات التي يراها‬ ‫اليوم جمهور الثورة السورية تجرداً من‬ ‫كل معنى إنساين‪ ..‬ما اليقني الذي منلكه‬ ‫ليعصمنا عن الوقوع فيها؟‬

‫مقاالت‬

‫املساعدة بتطوير سري العمل”‪.‬‬ ‫أفادت ميمونة مديرة مكتب الحامية يف الغوطة الرشقية‬ ‫عن عملهم‪“ :‬هناك شبكة من (الحراس) الحاصلني عىل‬ ‫(درع الحارس) والذي هو مجموعة من التدريبات‬ ‫الداعمة‪ ،‬يتعلم فيها الحارس أهم املعارف واملهارات‪،‬‬ ‫مثل مفهوم الحامية وأنواع اإليذاء واالستغالل‪ ،‬ويساعده‬ ‫يف تبني النهج املبني عىل الحقوق‪ ،‬يف رؤيته لحاالت‬ ‫االنتهاك التي يراقبها‪ ،‬باإلضافة إىل مهارات التواصل مع‬ ‫األطفال ومهارات الدعم النفيس الذايت”‪.‬‬ ‫ينترش الناشطون (الحراس) يف مختلف املناطق السورية‪.‬‬ ‫وترشف ربا مسؤولة قسم الرصد والسياسات عىل‬ ‫مجموعة من الحراس‪ .‬تقول ربا‪“ :‬يتوزع فريق الرصد‬ ‫يف محافظات مختلفة يف الداخل السوري (إدلب‪ ،‬حلب‪،‬‬ ‫درعا‪ ،‬القنيطرة‪ ،‬مناطق من ريف دمشق)‪ ،‬يقومون‬ ‫مبتابعة قضايا حامية الطفل‪ّ ،‬‬ ‫كل يف منطقته‪ ،‬ويعملون‬ ‫عىل مراقبة واقع الطفل وتوثيق أي حالة انتهاك أو‬ ‫اعتداء عىل الطفل أو عىل حق من حقوقه‪ ،‬وذلك وفق‬ ‫معايري معتربة دولياً‪ ،‬وبعد حصولهم عىل التدريبات‬ ‫الالزمة”‪.‬‬ ‫ويوضح رياض النجم‪ ،‬املدير التنفيذي لشبكة حراس‬ ‫حول طريقة عمل الشبكة بأنها‪“ :‬تنطلق شبكة حراس‬ ‫يف عملها من خالل متكني الفريق وتوزيع املهام وفق‬ ‫الهيكل التنظيمي املعلن عىل موقعها‪ ،‬مام يضمن‬ ‫منواً دامئاً لخدماتها‪ ،‬خاصة يف املناطق األكرث ترضراً يف‬ ‫سوريا‪ ،‬بالتعاون مع املنظامت الرشيكة املحلية والدولية‬ ‫التي تتوسع مع الوقت لتتبادل الخربات‪ .‬كام نراعي يف‬ ‫الشبكة بناء أنظمتنا التنفيذية واإلدارية مبا يتناسب‬ ‫مع املعايري العاملية لحامية األطفال‪ ،‬ووفق خربتنا يف‬ ‫السنوات السابقة التي نحاول أن نطورها مبا يتناسب مع‬ ‫الوضع السوري وخصوصيته‪ ،‬باإلضافة إىل االستفادة من‬ ‫تجارب املنظامت العاملية املختصة بحامية الطفل‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫‪UNICEF - War Child - Save the Children‬‬ ‫جدير بالذكر أن شبكة حراس بدأت مببادرة ملجموعة‬ ‫من املتطوعني املختصني وطورت رسالتها التي تتمثل بـ‬ ‫“العمل بالتعاون مع الرشكاء واملتطوعني وأبناء املجتمع‬ ‫السوري‪ ،‬عىل توفري بيئة تضمن لألطفال كافة حقوقهم‪،‬‬ ‫وتسعى إلحداث تغيري مبارش وحقيقي ومستدام يف‬ ‫املجتمع مبا يضمن حصول األطفال عىل الرعاية التي‬ ‫يستحقونها يف املجاالت النفسية واالجتامعية والتعليمية‪.‬‬ ‫و مييز شبكة حراس أنها تعرب بالفعل عن اسمها؛ فهي‬ ‫ال تكتفي بتقديم خدمة التعليم أو تقديم اإلغاثة‬ ‫املبارشة لألطفال‪ ،‬وإمنا هي شبكة من املبادرات والحراس‬ ‫واملشاريع التي تحرس جميع حقوق األطفال من‬ ‫النواحي التعليمية واملعيشية والنفسية واالجتامعية‬ ‫والرتفيهية والتوعوية‪.‬‬

‫فادي جومر‬

‫‪7‬‬


‫‪8‬‬

‫طارق فارس‬

‫العدد ‪- 62 -‬‬ ‫‪2016 / 1 / 3‬‬

‫مقاالت‬

‫الحرب الطاحنة التي أشعلها العامل يف سوريا‪،‬‬ ‫جعلت املواطن السوري بني خيارين كالهام يقوده‬ ‫نحو مصري قاتم‪ :‬املوت أو اللجوء‪ .‬يبحث عن ما‬ ‫تبقى له من أمل الحياة اآلمنة واالستقرار النفيس‬ ‫واملادي‪ ،‬وما إن يصل إىل أوربا (البالد الرمادية)‬ ‫تتجىل له الصورة الحقيقية‪ ،‬وتبدأ أحالمه بالتاليش‬ ‫تدريجياً‪.‬‬ ‫كنت قد أتيت إىل أملانيا منذ سبعة أشهر مثل‬ ‫الكثري من الناس‪ ،‬أبحث عن مالذ آمن من ضجة‬ ‫هذا الكوكب‪ ..‬أجمع أملي وذكريايت بهدوء‪ ،‬وآخذ‬ ‫حيزاً من الوقت للتفكري يف ما آلت إليه األحداث‬ ‫يف سوريا‪.‬‬ ‫يف اآلونة األوىل لدخول االتحاد األوريب كنت منبهراً‬ ‫بجامل املكان وانسيابية التعامل والفكر الحر يف‬ ‫املجتمعات الغربية‪ .‬بعد الخروج من مخيم اللجوء‬ ‫بدأت أمللم جراحي‪ ،‬وأتحسس األشياء من حويل‪..‬‬ ‫أرى املشهد كام ًال كأي كائن طبيعي‪ .‬أدرك حجم‬ ‫الفاجعة التي تحيط يب‪ .‬اإلهانة املنمقة يف التعامل‬ ‫الجامل‬ ‫بني الفرد األوريب والالجئ القادم من بالد ِ‬ ‫والخيام (كام يوصفنا البعض)‪ ،‬وصعوبة االندماج‬ ‫بتقاليد وعادات هذه املجتمعات‪.‬‬ ‫كنت أظن بأن أوربا بالد االستقاللية والفكر املنفتح‬ ‫وتعاطي املواضيع الجريئة دون خفض الصوت أو‬ ‫تلفت اإلنسان من حوله كام يف بالدي سابقاً‪ .‬مل‬ ‫يختلف األمر كثرياً؛ ففي نزل إيواء الالجئني قدمت‬ ‫سيدة ملساعدتنا‪ ..‬كانت لطيفة جداً وكنا جميعنا‬ ‫ممتنني لها‪ ،‬وكنت منبهراً بكم الحنان واملودة الذي‬ ‫تم طلب زمييل‬ ‫أظهرته لنا‪ .‬بعد أقل من عرشة أيام ّ‬ ‫يف النزل إىل مركز الرشطة للتحقيق عىل خلفية‬ ‫صورة لسلوم حداد يف مسلسل الزير سامل قد‬ ‫وضعها الشاب يف الواتساب! بقي زمييل متوتراً‬ ‫عدة أيام حتى موعد التحقيق‪ ،‬ليكتشف أخرياً‬ ‫أن السيدة التي كانت تزورنا يومياً كانت تعمل‬ ‫لتحصيل املعلومات وعمل التقارير عن الالجئني!‬ ‫مل أحبط من كون هذه السيدة الجميلة عنرص‬ ‫مخابرات‪ .‬عىل العكس‪ ،‬فلهم األحقية يف حامية‬ ‫بلدانهم من الغرباء‪ ..‬لكن ما أثار ذاكريت هو‬ ‫األسلوب املخابرايت املتشابه يف بالد الدكتاتورية‪.‬‬ ‫تعاين فئة كبرية من الالجئني يف أوربا من أمرين‪:‬‬ ‫أحدهام الرصاع الثوري الداخيل؛ ففي كثري من‬

‫هموم الجئ سوري في أوروبا‬

‫مصدر الصورة انرتنت‬

‫األحيان يضطر الالجئ املنارص للثورة للتخيل عن‬ ‫مبادئه الثورية ليك يتعامل مع زمالئه الالجئني‪،‬‬ ‫فام إن ينتابه الشعور النضايل يف الدفاع عن‬ ‫الثورة حتى يتشاجر مع (رشكائه يف الوطن) من‬ ‫مؤيدي النظام وشبيحته الهاربني من املوت أيضاً‪،‬‬ ‫ويف الختام‪ ،‬تكون نهاية الشجار يف قسم الرشطة‪،‬‬ ‫وتسجيل مالحظة يف ملف الالجئ‪.‬‬ ‫األمر اآلخر الذي ّ‬ ‫يقض مضجع الالجئني هو العودة‬ ‫إىل سوريا‪ .‬ففي حال تحررت من نظام األسد‪ ،‬فإن‬ ‫فئة كبرية منهم سيعودون لبالدهم ألسباب عدة‪،‬‬ ‫والبعض اآلخر يفضل البقاء يف أوربا واالندماج‬ ‫باملجتمع الغريب وتأسيس حياة جديدة‪ .‬لكن يبقى‬ ‫الرهان عىل تع ّلم اللغة وتأمني العمل‪.‬‬ ‫يف عام ‪ 2009‬بعد خروج القوات األمريكية من‬ ‫العراق قام االتحاد األوريب برتحيل أكرث من نصف‬ ‫الالجئني العراقيني إىل بالدهم بحجة انتهاء الحرب‬ ‫وعودة الحياة الطبيعية‪..‬‬ ‫يف حال تعاملت األمم املتحدة مع السوريني كام‬ ‫تعاملت مع جيريانهم العراقيني‪ ،‬ماذا يكون مصري‬ ‫الشعب عند عودتهم بعد ثالث سنوات من الهجرة‬ ‫يف ّ‬ ‫ظل التسوية السياسية الدائرة اآلن يف سوريا؟‬ ‫والتي تنبئ ببقاء األسد ونظامه يف الحكم مع بعض‬ ‫شخصيات املعارضة التي ال يعول عليها‪.‬‬ ‫ما يوقع الالجئ يف حرية من أمره اآلن هو هل‬ ‫يستع ّد للعودة أم يعمل عىل تأسيس حياة‬ ‫جديدية؟ من الطبيعي أن يعيش الفرد حالة‬ ‫من التخبط الذهني وعدم االستقرار طيلة هذه‬ ‫املدة‪ ،‬ألن جميع أحالمه التي بناها قبل قدومه إىل‬ ‫بالد املنفى قد بدأت بالتاليش‪ ،‬ومثة مجموعة من‬ ‫النقاط التي تهدد الالجئ بشكل شخيص مستفز؛‬ ‫فهو يعيش حالة انفصام معقدة بني املايض‬ ‫والحارض وبني الواقع والخيال‪.‬‬

‫يف املايض‪ ،‬كنا قد درسنا عن االستعامر الغريب‬ ‫لبلداننا ألعوام طويلة‪ ،‬وتطلعنا عىل الثورات‬ ‫واملناضلني آنذاك‪ .‬ومع بداية ‪ 2011‬انطلقت الثورة‬ ‫السورية ليعود عرص النضال وكرس شوكة االستبداد‪.‬‬ ‫وبعد خمس سنوات ألقى املناضلون أنفسم يف‬ ‫أحضان املستعمر السابق‪ .‬بل ويصارعون من‬ ‫أجل االندماج معهم إلظهار حسن النية والسلوك‬ ‫لتحقيق املستقبل املريح لهم ولعوائلهم‪ .‬لكن‬ ‫املناضل أيضاً ينصدم يف كل يوم بواقع مل يكن قد‬ ‫مر بالحسبان أثناء جمع ما ميكن جمعه للوصول‬ ‫إىل هذا املكان‪.‬‬

‫التعامل األوريب مع الثورة السورية‬

‫كان لألوربني يف السنني األوىل للثورة دوراً فعاالً يف‬ ‫تأجيج الرصاع السيايس واملس ّلح ض ّد النظام‪ ،‬وكان‬ ‫موقفهم واضحاً تجاه الشعب السوري‪ .‬لكن بعد‬ ‫دخول الثورة يف عامها الرابع بدأت تظهر ازدواجية‬ ‫التعاطي مع الثورة؛ ففي أماكن يدعمون القوات‬ ‫العسكرية املعارضة‪ ،‬ويف أماكن أخرى يتهمونهم‬ ‫باإلرهاب‪ ،‬ويتعاونون مع النظام للتخلص منها!‬ ‫ال تكرتث الحكومات الغربية بالشعوب العربية‪،‬‬ ‫ولطاملا ينظرون إليهم بدونية‪ ،‬وال يهمهم من‬ ‫قضاياهم سوى مصالحهم يف النفوذ والسيطرة‪.‬‬ ‫وج ّل ما تسعى إليه األمم املتحدة اليوم هو‬ ‫ُ‬ ‫إنهاء الرصاع الدائر يف سوريا ملصلحة املعارضة أو‬ ‫النظام‪ ..‬ال يهم‪ .‬كل ما يهم هو فرض االنتداب من‬ ‫جديد بطريقة حضارية ومهذبة ومبباركة من كال‬ ‫الطرفني‪ ،‬ليك تضمن مستقبل االنتداب لسنوات‬ ‫طويلة‪ ،‬دون حدوث ثورات أو انتفاضات ض ّد‬ ‫مصالحها عىل أرضنا‪ ..‬ويعيش املواطن العريب ممتناً‬ ‫لهذا االستعامر الذي خلصنا من القتل واستضافنا‬ ‫فرتة من الفرتات يف منزله وأكرم ضيافتنا‪.‬‬


‫عن فكرة “داعش”‬ ‫المرة!‬ ‫صهيونية‪ ..‬بغطاء إسالمي هذه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫د‪ .‬نذير صالح‬

‫العدد ‪- 62 -‬‬ ‫‪2016 / 1 / 3‬‬

‫مقاالت‬

‫بات معروفاً ّأن من يتبنّى فكر َة الخالفة اإلسالمية‬ ‫حالياً هو تنظيم “داعش” حيث أعلن البغدادي يف‬ ‫حزيران ‪ 2014‬تأسيس ما أسامها بدولة الخالفة‪.‬‬ ‫بداي ًة‪ ،‬وبعيداً عن نظر ّيات املؤامرة‪ ،‬أو ُّد أن‬ ‫أوجزعدة نقاط من وجهة نظري حول مفهوم‬ ‫الخالفة اإلسالمية‪:‬‬ ‫• الخالفة تعبري استخدمه املؤ ّرخون املسلمون‬ ‫لتوصيف الوقائع التي عقبت وفاة الرسول‪،‬‬ ‫كالخالفة الراشدة واألمو ّية والعباس ّية والعثامن ّية‪.‬‬ ‫وهي ليست ركناً من اإلسالم أو سورة من القرآن‪ .‬و‬ ‫(منهاج النب ّوة) هو املنهج األخالقي للنبي وأفكاره‬ ‫ُ‬ ‫العمل ّية‪ :‬العدل والعلم‪.‬‬ ‫• الخالفة ال تقترص يف داللتها عىل فكرة إنشاء‬ ‫دولة مبفهومها اإلداري والتنظيمي للمسلمني‪.‬‬ ‫فاألصل التاريخي لهذا املفهوم يثبت ّأن الخالفة‬ ‫هي مرحلة زمنية متتّع معظم من شهدها بالعدل‬ ‫والحرية واألمان (تحديداً بعهد الخالفة الراشدة)‪.‬‬ ‫ففي ظ ّلها عاش املسلم وغري املسلم‪ّ ،‬‬ ‫وقل أن‬ ‫ُيظلم أحد‪ ،‬أو أن يحصل احرتاب‪ .‬هي إذاً (الثورة‬ ‫املجتمع ّية ض ّد الفكر الجاهيل آنذاك) تم فيها‬ ‫إرساء مفاهيم التعايش واملساواة وإبعاد مفاهيم‬ ‫الطبق ّية والعنف من مخيلة الناس عىل اختالف‬ ‫خلفياتهم القبل ّية‪ .‬الخالفة وقتها مل تكن نظا َم حكم‬ ‫ّإنا صحوة فكر ّية‪ ً،‬ومرحلة اجتامع ّية استوعبت‬ ‫كل الناس وو ّفرت لهم االستقرار والجوالنفيس‬ ‫ليتخ ّلصوا من عب ِء ما وجدوا عليه آباءهم‪ .‬أي ّأن‬ ‫الخالفة هي التطبيق االجتامعي لـ (فكرة التوحيد)‬ ‫ِ‬ ‫التي أ ّمتتها رسالة محمد (ص)‪.‬‬ ‫• الخالفة ليست (وطناً) حتم ّياً يجب أن يحلم‬ ‫بتأسيسه املسلمون‪ ،‬وال ُتحرص الخالفة ببقعة‬ ‫جغرافية تدعى (أرض الخالفة)‪ .‬فاإلسالم اليوم‬ ‫متاح للعامل وتستطيع أيّ دولة أن تستفيد من‬ ‫أفكار اإلسالم بسهولة يف بناء نفسها دون أن‬ ‫توصف الدولة أ ّنها إسالم ّية‪ ،‬وهذا ما فعلته‬ ‫حقيقة ًمعظم شعوب العامل‪ ،‬فالنهضة األوروبية مل‬ ‫تصنعها الكنيسة ولكن معظم ر ّوادها مسيحيون‪.‬‬ ‫أ ّما الشعوب املسلمة تخ ّلواعن فكرهم التطبيقي‬ ‫واختاروا البقاء باملايض وأدمنوا رثاء عمر وعيل‪.‬‬ ‫فاملقصد ّأن تأسيس الدول ليس جزءاً من (مقاصد‬ ‫اإلسالم)‪ ،‬ومن السذاجة اختزال اإلسالم بالجغرافيا‪.‬‬ ‫يتم اإلعالن عنه‬ ‫• الخالفة ليست مرشوعاً سياسياً ّ‬ ‫من قبل هذا وذاك‪ ،‬فهي منظومة متكاملة من‬ ‫القيم يحملها اإلنسان ويع ّلمها ألخيه اإلنسان‪،‬‬ ‫بطريق يبدأ باالبتسامة بوجهه وينتهي بسالمة‬ ‫ٍ‬ ‫الناس من لسانه ويده‪.‬‬

‫ُ‬ ‫حاورت الكثري من املدافعني عن‬ ‫يف الواقع‪ ،‬لقد‬ ‫فكرة الخالفة اإلسالمية وفق النموذج الداعيش‪،‬‬ ‫وهذه األسئلة وجهتها لهم يف إحدى الحوارات‪:‬‬ ‫*ما الهدف من الخالفة اإلسالمية؟‬ ‫اإلجابة‪“ :‬إنشاء دولة قوية تط ّبق الرشيعة وتحكم‬ ‫مبا أنزل الله‪ ،‬وتدافع عن املسلمني وتسرت ّد أراضيهم‬ ‫وتفتح بالد الكفر”‪.‬‬ ‫*ما الهدف من اإلسالم؟ وبرأيكم ملاذا مل يرسل الله‬ ‫الجيوش والسالطني لتنظيم تطبيق الرشيعة بدالً‬ ‫العزّل؟‬ ‫من األنبياء ُ‬ ‫ُ‬ ‫“هدف اإلسالم عبادة الله وحده ال رشيك‬ ‫اإلجابة‪:‬‬ ‫له‪ .‬وتطبيق الرشيعة يحتاج للسيف‪ ،‬وما محمد‬ ‫(ص) إال رسول ُبعث بالسيف رحم ًة للعاملني ومل‬ ‫يكن أعزالً”!‬ ‫*هل َو َضع اإلسالم إنشاء دول (قوية) ناطقة‬ ‫باسمه كرشط لنجاح هدفه املعلن من قبلكم؟‬ ‫إذا كانت اإلجابة بنعم‪ ،‬فأنتم تؤ ّكدون مزاعم أعداء‬ ‫اإلسالم؛ التي تقول لوال الق ّوة ملا عرف اإلسال َم سوى‬ ‫مح ّمد وأصحابه‪.‬‬ ‫وإذا كانت اإلجابة بال‪ ،‬تسقط الرضورة الرشع ّية‬ ‫عن إنشاء الخالفة طبقاً ملفهومكم‪.‬‬ ‫اإلجابة‪“ :‬الخالفة ليست لنرش اإلسالم‪ ،‬وال ليحقق‬ ‫اإلسالم هدفه‪ ،‬فقد تك ّفل الله بنرصة الدين‪ ،‬ولكنّ‬ ‫الهدف حامية املسلمني‪.‬‬ ‫* كيف ستحمون املسلمني‪ ،‬فاملسلمون اليوم‬ ‫منترشون يف كل العامل؟‬ ‫هل ستدعونهم للهجرة إىل دولتكم؟ أم ستحت ّلون‬ ‫الدول التي يوجد فيها مسلمون؟ وملاذا تفرتضون‬ ‫ّأن كل مسلم يف العامل مضطهد وبحاجة لحامية؟‬ ‫هل املسلم الربيطاين مث ًال يحتاج لقاذف اآلر يب‬ ‫جي يك يشعر باألمان من اليهود والنصارى؟ وملاذا‬ ‫تعتربون أص ًال ّأن الرصاع بني معتنقي األديان‬ ‫(يجب) أن يكون رصاعاً مس ّلحاً‪ ،‬وترفضون ّأن‬ ‫املسلم يستطيع التعايش مع غري املسلم؟ وقد‬ ‫َاب َمنْ إِ ْن َت ْأ َم ْن ُه‬ ‫قال القرآن‪َ ( :‬و ِمنْ أَهْ لِ ا ْل ِكت ِ‬ ‫ِب ِقن َْطا ٍر ُي َؤ ِّد ِه إِلَ ْي َك َو ِم ْنه ُْم َمنْ إِ ْن َت ْأ َم ْن ُه ِب ِدينَا ٍر َل‬ ‫ُي َؤ ِّد ِه إِلَ ْي َك إِ َّل َما ُد ْم َت َع َل ْي ِه َقائِ ًا) [آل عمران‪:‬‬ ‫‪ ]75‬واضح من اآلية ج ُّو العيش يف مجتمع واحد‬ ‫مع أهل الكتاب‪ ،‬إذ ليس من املعقول أن أهاجر‬ ‫إىل بالد الكفر حسب وصفكم ألضع قنطاراً من‬ ‫الذهب كأمانة عند أحد الكفار!‬ ‫ّ‬ ‫وأيضاً ‪..‬ملاذا تتجاهلون حقيق َة أن معظم املسلمني‬ ‫يف العامل يشعرون بالراحة والرىض يف أوطانهم لوال‬ ‫أفعالكم الظالمية التي تدّعون أنها لحاميتهم‪،‬‬ ‫وبذات الوقت يقولون إ ّنها أفعال تيسء لهم‬

‫وتش ّوه دينهم؟‬ ‫وأخرياً‪ ،‬إذا كانت دولتكم ليست لنرش اإلسالم‪،‬‬ ‫فامذا عن أن “دولتكم تتمدد” هل تسعون‬ ‫للسيطرة عىل العامل؟‬ ‫اإلجابة‪“ :‬سنحمي املسلمني يف العامل من خالل‬ ‫الجهاد‪ ،‬وإذاقة أعداء الله شتى أشكال العذاب‪.‬‬ ‫ولن نقبل العيش ّ‬ ‫بذل مع أعدائنا‪ .‬وهجرة‬ ‫املسلمني إىل دولتنا واجب رشعي‪ ،‬سنجاهد من‬ ‫أجل أن تتمدّد دولتنا إلعالء كلمة الله ولو كره‬ ‫الكافرون”‪.‬‬ ‫انتهى الحوار‪.‬‬ ‫باعتقادي‪ّ ،‬‬ ‫الخطة املوضوعة ليتسنّى لداعش بناء‬ ‫خالفتها ليست مبتكرة؛ فهي ّ‬ ‫خطة ظهرت يف‬ ‫أواخر القرن التاسع عرش حيث ابتكرتها الصهيونية‬ ‫إلنشاء “دولة إرسائيل”‪.‬‬ ‫ففي تاريخ ‪ 14‬أيار ‪ 2015‬دعى البغدادي بتسجيل‬ ‫صويت املسلم َ‬ ‫ني يف العامل للهجرة إىل “أرض الخالفة”‬ ‫ّ‬ ‫للعيش بكرامة وليتخلصوا من االضطهاد الواقع‬ ‫عليهم من الصليبيني واليهود‪ .‬هذا يذكرنا بدعوة‬ ‫الصهيونية يهو َد العامل للهجرة إىل “أرض امليعاد”‬ ‫أو”إيريتس يرسائيل” لنفس األسباب التي ذكرها‬ ‫البغدادي للمسلمني‪.‬‬ ‫حيث رفضت الصهيونية اندماج اليهود مع‬ ‫املجتمعات األخرى بهدف التح ّرر من معاداة‬ ‫السامية‪ ،‬والتخلص من االضطهاد الذي وقع عىل‬ ‫اليهود‪.‬‬ ‫وال يح ّبذ الدواعش أيضاً أن يعيش معهم غ ُري‬ ‫املسلمني‪ ،‬فك ُّلهم أعداء الله بزعمهم‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬فهجرة معتنقي الدين الواحد إىل بقعة‬ ‫جغرافية إلنشاء دولة لهم فكرة صهيونية!‬ ‫ويؤمن بنو صهيون بـ (دولة إرسائيل الكربى) التي‬ ‫متتد من الفرات إىل النيل حسب التوراة [سفر‬ ‫التكوين ‪.]15:18-21‬‬ ‫متاماً كأوهام بني داعش بالتمدُّ د من املرشق إىل‬ ‫املغرب! فتلك حدود خالفة أجدادهم!‬ ‫وإن أساليب التهجري والحرق والقتل والغدر التي‬ ‫تم تدريسها يف مدارس اإلرهاب‬ ‫متارسها داعش ّ‬ ‫الصهيوين منذ عقود‪.‬‬ ‫لذا فعىل الشباب املسلم أن يتف ّكر أكرث بـ (مقاصد‬ ‫اإلسالم)‪ّ ،‬‬ ‫وأل يقبل أن َ‬ ‫يكون إمع ًة ومط ّي ًة لخفافيش‬ ‫الرش وثعابني الظالم‪ ،‬فـ(راي ُة التوحيد) ليست َع َل ًام‬ ‫يرشف‪ ،‬وليست ُحك ًام واحداً‬ ‫يرفرف‪ ،‬بل سلوكاً ّ‬ ‫ونجاح األمم يكون‬ ‫ودولة واحدة‪ ،‬بل أ ّمة واحدة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌّ‬ ‫مبا ينجزه أفرادها لخدمة البرش ّية ‪-‬كل َح َسب‬ ‫بلده‪ -‬من خالل العلم النافع واملعرفة التطبيقية‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫هل ُي ُ‬ ‫عدوي ؟!‬ ‫عقل أن أحمل سالحًا‪ ،‬و أدافع عن ّ‬ ‫‪10‬‬

‫محمد هشام‬ ‫ّ‬

‫العدد ‪2016 / 1 / 3 - 62 -‬‬

‫تقارير‬

‫السوري التي انترشت‬ ‫مل تزل قرارات النّظام ّ‬ ‫شائعا ُتها مطلع ترشين الثاين‪ ،‬دون أن ترد مبادّة‬ ‫سحب الشباب‬ ‫يخص‬ ‫َ‬ ‫رسم ّية واضحة األفق‪ ،‬فيام ّ‬ ‫إىل الخدمة االحتياطية مبهمة وغامضة‪ ،‬وينتظ ُر‬ ‫السور ّيون أن ّ‬ ‫رسمي‪.‬‬ ‫تتوض َح لهم ع َرب مصد ٍر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫لإليضاح‬ ‫واقعا‪ ..‬فإن السور ّيني‪ ،‬مل يكونوا بحاج ٍة‬ ‫ِ‬ ‫من مصد ٍر مسؤول حتّى يتع ّرفوا عىل تفاصيلِ‬ ‫القرار‪ ،‬ونوايا النّظام؟ ّ‬ ‫وإنا انعكاسا ُته وحدَها عىل‬ ‫طبيعة حياتهم يف دمشق‪ ،‬وما أحد َثته فيها من‬ ‫ات وأخطا ٍر كانت كفيل ًة بالرشح‪ .‬فقد شهدت‬ ‫تغيري ٍ‬ ‫َ‬ ‫ٍّ‬ ‫ّ‬ ‫سحب عشوايئ للشباب‪ ،‬طال مئات‬ ‫األخرية حاالت‬ ‫ٍ‬ ‫منهم‪ ،‬وآالفاً عىل امتداد ا ُملحافظات‪ ..‬تو ّل َد عىل‬ ‫السور ّيني‪.‬‬ ‫إثرها حالة من الخوف وال ّذعر يف نفوس ّ‬ ‫َ‬ ‫استفاق الناس‬ ‫ففي مطلع ترشين الثاين ‪2015‬‬ ‫سحب عشوائ ّية يف شوارع دمشق‪،‬‬ ‫ات‬ ‫عىل عمل ّي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وسائر املناطق التي تقع تحت سيطرة النظام‪ ،‬عرب‬ ‫حواج َز ط ّيارة‪ ،‬والحواجز الثابتة التي تفصل بني‬ ‫املدن‪ ،‬وطالت الذكور م ّمن هم دون ‪ 43‬سنة‪،‬‬ ‫تم عىل إثرها‬ ‫وفوق الـ ‪ 18‬من غري الجام ّعيني‪َّ ،‬‬ ‫اقتيادُهم ُ‬ ‫ثم‬ ‫مبناطقهم‪،‬‬ ‫لشعب التجنيد الخاصة‬ ‫ّ‬ ‫بعدها لجبهات القتال‪ ،‬دون متييز!‬ ‫أسبوع من‬ ‫البني اتصل بعائلته بعد‬ ‫ خالد‬‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫تم سح ُبه من منطقة‬ ‫اختفائه‪ ،‬ليخربهم بأنه ّ‬ ‫الفحامة‪ ،‬وأ ّنه حال ّياً‬ ‫ويخضع‬ ‫الدريج‪،‬‬ ‫مبعسكر‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫لدور ٍة مؤ ّقتة قبل فر ِزه إىل الجبهات‪ ،‬وإىل جواره‬ ‫مئات من ّ‬ ‫ٌ‬ ‫الشباب املشابهني لحالته‪.‬‬ ‫للتوجه إىل دمشق كل‬ ‫ الشباب الذين يحتاجون ّ‬‫يوم‪ ،‬والجتيا ِز الحواجز وصوالً ملقا ِّر أعاملهم‪ ،‬عاشوا‬ ‫ليس من السهولة‬ ‫حال ًة من ّ‬ ‫الصاع والخوف؛ إذ َ‬ ‫حقيق ًة التك ّهنُ مبصري ِمن ُيقتاد إىل الجبهات مبثل‬ ‫هذه الظروف العصيبة من عمر الثورة‪ ..‬فض ًال عن‬ ‫َ‬ ‫السالح بوجه أبناء جلدته‬ ‫زجه‬ ‫ّ‬ ‫مبعارك سريفع فيها ّ‬ ‫وثورته‪.‬‬ ‫ كام َ‬‫لوحظ تضاؤل حركة ّ‬ ‫الشباب يف شوارع املدن‪،‬‬ ‫واقتصارها لح ٍّد كبريباآلونة األخرية عىل النساء‬ ‫واألطفال‪ ،‬ومن تجاوز السنّ املحدّدة من الرجال‪،‬‬ ‫باإلضافة للجامع ّيني الذين مل يس َل ُموا من االستفزاز‬ ‫حرص مجمل ّ‬ ‫الشباب‬ ‫واملضايقات املتواصلة‪ .‬فيام َ‬ ‫عىل تقنني رحالتهم إىل دمشق‪ ،‬وتجنُّب استخدام‬

‫الشوارع الرئيس ّية‪ ،‬واللجوء للحارات الفرع ّية عند‬ ‫توجههم ألعاملهم أو قضاء حوائجهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ “كانوا يسحبونهم بشكلٍ عشوايئ‪ ،‬و ال أدري‬‫إن كانوا يتأ ّكدون الحقاً من ورود أسامء الجميع‪،‬‬ ‫الثالثيني‬ ‫أم ال” هكذا ينقل حسن؛ املهندس‬ ‫ّ‬ ‫شهادته لطلعنا عالحر ّية‪ ..‬وهو ّ‬ ‫املوظف يف إحدى‬ ‫ُ‬ ‫يحمل إعفا ًء عن خدمة‬ ‫مؤسسات الدولة‪ ،‬و‬ ‫االحتياط من جهة عالية لخصوص ّية وظيفته‪.‬‬ ‫ويضيف‪“ :‬أمسكني الجنديّ من مالبيس‪ ،‬و َ‬ ‫أحاط‬

‫السحب‪ ،‬ناصح ًة الشباب الذين يتجولون يف‬ ‫حملة ّ‬ ‫األماكن التي يسيطر عليها النّظام بالتزام منازلهم‪،‬‬ ‫وعدم مغادرتها‪ ،‬أل ّنها جنّة قياساً بالجحيم الذي‬ ‫تم سح ُبه‬ ‫اقتادوا إليه ابنها أحمد (‪ 29‬عاماً) والذي ّ‬ ‫توجهه لعمله يف الزاهرة بدمشق‪ .‬و تضيف‪:‬‬ ‫أثناء ّ‬ ‫“اتصل يب بعد اختفائه بعدّة أ ّيام‪ ،‬ليخربين بأ ّنه‬ ‫ثم بعدها للخدمة‬ ‫تم اقتياده ملعسك ِر الدريج‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫االحتياط ّية عىل جبهات حامه!”‪.‬‬ ‫أ ّما معتز‪ ،‬والذي يعاين من إعاقة والد ّية واضحة‬

‫برقبتي‪ ،‬وسارع القتيادي إىل الباص الذي كان‬ ‫مملوءاً مبن هم دون ‪ 43‬سنة‪ ،‬دون أن يسألني‬ ‫عن عمري‪ ،‬أو حتّى يطلب ه ّويتي! و ملّا ُ‬ ‫أبرزت له‬ ‫االستثناء ُمذ ّي ًال بختم مجلس الوزراء‪ ،‬وعرضته عىل‬ ‫الضابط املسؤول‪ ،‬اقتنع و أخىل سبييل”‪.‬‬ ‫”صحيح أ ّنه مل يصدر رسم ّياً لكنّه ُيط ّبق” بعبارته‬‫هذه يصف أمجد كريم القرار الحكومي الصامت‪،‬‬ ‫السحب العشوائ ّية التي كان‬ ‫والذي أعقبته حملة ّ‬ ‫ضحية محاوال ِتها مراراً‪ .‬وتحدّث عن مضايقات‬ ‫يوم ّية َّ‬ ‫ظل يتع ّرض لها عىل امتداد شهر‪ ،‬خالل‬ ‫توجهه لعمله يف منطقة املزّة‪ ،‬انطالقاً من برزة‪“ :‬مل‬ ‫ّ‬ ‫املوضحة ّأن وحيد‪ّ ،‬‬ ‫تش َفع يل الوثائق ّ‬ ‫عفى‬ ‫وأن ُم ً‬ ‫من الخدمتني‪ ،‬اإللزام ّية واالحتياط ّية‪ ..‬من إنزايل‬ ‫لساعات للتأ ّكد من‬ ‫يوم ّياً من الحافلة‪ ،‬وإيقايف‬ ‫ٍ‬ ‫عدم ورود اسمي يف القوائم!”‪.‬‬ ‫“جنة الشباب منازلهم” هو لفظ اختارته أ ّم أحمد‬ ‫الدمشقي‪ ،‬بعد أسبوعني من بدء‬ ‫حي امليدان‬ ‫ّ‬ ‫من ّ‬

‫يف إحدى قدميه تدفعه للتح ُّرك وامليش عرجاً‪ ،‬فقد‬ ‫َ‬ ‫وصف إعاقته‪“ :‬مل أكن أتو ّقع أ ّنها ستتحول لنعمة‬ ‫كبرية إىل هذا الحدّ”‪ .‬معت ّز الذي يتج ّول يف أحياء‬ ‫دمشق‪ ،‬ويحتاج يوم ّياً‬ ‫للتوجه لعمله كبائع يف‬ ‫ّ‬ ‫سوق الهال‪ ،‬يضيف‪“ :‬إعاقتي الواضحة‪ ،‬و هو ّيتي‬ ‫التي تؤ ّكد ذلك‪ ،‬كانا يشفعان يل من التّدقيق الذي‬ ‫يتع ّرض له اآلخرون”‪.‬‬ ‫وبني حاجتهم للعملِ لرعاية أرسهم‪ ،‬و بني شبح‬ ‫االحتياط‪ ،‬رصاعٌ يعيشه س ّكان مدينة التل ّممن‬ ‫خارج املدينة ا ُملهادنة‪ .‬التل‪،‬‬ ‫تقع مقا ُّر أعاملهم‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫هجرين‪ ،‬و يبلغ عدد سكانها‬ ‫املدينة التي تحتضن امل ّ‬ ‫‪ 400‬ألف نسمة‪ّ ،‬‬ ‫تخل العرشات من أبنائها عن‬ ‫سبب‬ ‫أعاملهم خارجها‪ ،‬و يع ّلل محمود (‪ 27‬عاماً) َ‬ ‫تركه لعمله يف ضاحية البعث املالصقة متاماً للتّل‬ ‫السحب‪ ،‬ويضيف‪“ :‬هل من املعقول‬ ‫بخشيته من ّ‬ ‫ً‬ ‫أدافع عن عد ّوي؟”!‬ ‫أن أحمل سالحا‪ ،‬و َ‬


‫جديد‬

‫طلعنا عالحرية‪ :‬نشرة اقتصادية‬

‫إعداد‪ :‬وائل موسى‬

‫أطلق البنك الدويل عرب الربنامج العاملي للنزوح القرسي‬ ‫دعوة لطرح أفكار مبتكرة وثورية لتحسني استجابة‬ ‫التنمية للنزوح القرسي‪ .‬ويرى البنك أن هنالك حاجة‬ ‫ملحة لربامج التنمية يف البلدان األصلية للنازحني ويف‬ ‫ّ‬

‫أظهر تحليل جديد مشرتك أصدرته مجموعة البنك‬ ‫الدويل واملفوض السامي لألمم املتحدة لشؤون‬ ‫الالجئني أن ما يقارب تسعة من عرشة الجئني سوريني‬ ‫مسجلني يعيشون يف األردن‪ ،‬إما فقراء أو من املتوقع‬ ‫أن يصبحوا فقراء يف املستقبل القريب‪.‬‬ ‫وال يتمتع الالجؤون يف كل من لبنان واألردن إال‬ ‫بالقليل من الحقوق القانونية‪ ،‬ويعيش غالبيتهم يف‬ ‫مناطق بعيدة عن املدن وضمن ظروف قاسية بعيداً‬ ‫عن املساكن الرسمية‪ ،‬وليس يف مخيامت لالجئني‪.‬‬ ‫وأوضح التحليل أن غالبية الالجئني يف لبنان واألردن‬

‫معرضون للوقوع يف أزمات مالية صعبة‪ ،‬إضافة إىل‬ ‫أزمات غذائية يف ظل غياب للمساعدات اإلنسانية‪،‬‬ ‫ويقرتح التقرير توسيع مجال الرتكيز عىل التخفيف‬ ‫من حدة أزمة الالجئني بداية من املساعدات وحتى‬ ‫االحتواء االقتصادي‪ ،‬الذي ينبغي أن يصبح أيضاً جزءاً‬ ‫هاماً من اسرتاتيجية النمو والتنمية يف املناطق املضيفة‪.‬‬

‫اقتصاد‬

‫الربنامج العاملي للنزوح القرسي سيقدم نحو‬ ‫‪ 40‬ألف دوالر لدعم مشاريع تنموية‪:‬‬

‫تفيش الفقر بني النساء والشباب‪ ..‬الالجئون‬ ‫السوريون يف لبنان واألردن يف خطر‬

‫اعتمد النظام السوري هذا العام عىل رفع أسعار‬ ‫الخدمات واملنتجات باإلضافة إىل فرض قوانني جديدة‬ ‫لتدعيم خزينته‪ ،‬فلم تسلم من خطط النظام أسعار‬ ‫الخبز وال األدوية وال الخدمات من كهرباء واتصاالت‬ ‫وغريها الكثري‪ .‬بل أضاف إليها خطة جديدة عرب‬ ‫التضييق عىل الشباب بشكل خاص عرب طلبهم‬ ‫لالحتياط‪ ،‬وقد بدأت حملة واسعة من االعتقاالت‬ ‫للشباب عىل الحواجز يف دمشق تحت ذريعة تخلفهم‬ ‫عن الخدمة اإللزامية أو خدمة االحتياط التي تطال‬ ‫حتى مواليد عام ‪.1973‬‬ ‫انترش الذعر بني الشباب نتيجة الحملة األخرية مام‬ ‫دفعهم لعدم العبور عىل الحواجز والبحث عن سبل‬ ‫الخالص‪ ،‬وقد تبني من خالل العديد من الشهادات‬ ‫أن حاالت ابتزاز عديدة للشباب جرت عىل الحواجز‬ ‫لتنتهي بدفع مبلغ مايل مقابل عدم اعتقالهم بحجة‬ ‫إتاحة الفرصة لهم لتسوية أوضاعهم‪ .‬هذه األحداث‬ ‫دفعت الشباب الستخراج جوازات السفر للخروج من‬ ‫سوريا عىل وجه الرسعة‪ ،‬وقد فرض النظام رسم ‪300‬‬ ‫دوالر أمرييك مقابل الحصول عىل ورقة (ال مانع من‬ ‫استصدار جواز سفر من شعبة التجنيد)‪ ،‬وبهذه الخطة‬ ‫استطاع النظام السوري زيادة وارداته من الرسوم‬ ‫املفروضة عىل الشباب إىل جانب رسوم جواز السفر‪.‬‬ ‫وأوجدت هذه الحملة مورداً إضافياً لجنود النظام‬ ‫وشبيحته عىل الحواجز يف سبيل إرضائهم وتعويضهم‬ ‫عن فقدان اللرية السورية قيمتها‪ .‬وقد بلغ سعر الدوالر‬ ‫األمرييك مقابل اللرية السورية بتاريخ ‪30/12/2015‬‬ ‫حوايل ‪ 394‬لرية للدوالر الواحد‪ ،‬يف الوقت الذي أعلن‬ ‫فيه املرصف املركزي عن سعر الدوالر األمرييك مقابل‬ ‫اللرية السورية ب ‪ 370.5‬ل‪.‬س‪.‬‬ ‫ويف تعليق ألحد مؤيدي النظام عىل سعر الرصف‬ ‫قال‪“ :‬لعنة الله عىل تجار الحريقة هم من يرفعون‬ ‫سعر الدوﻻر‪ ،‬والشعب السوري رايح ضحية مشان كم‬ ‫حرامي”!‬

‫‪2016 / 1 / 3‬‬

‫بعد انسحاب عنارص تنظيم (داعش) من قرية ترشين‬ ‫وسكن العامل القريب من س ّد ترشين‪ ،‬سيطرت قوات‬ ‫سوريا الدميقراطية عىل املنطقة‪ ،‬وقد أخطر التنظيم‬ ‫عدداً من القرى املحاذية للس ّد لتفريغها من السكان‬ ‫نظراً لخطورة انهيار الس ّد مام قد يؤدي إىل تدمري‬ ‫عدد كبري من القرى املحيطة‪ ،‬وجرف مساحات زراعية‬ ‫كبرية‪ .‬وقد بدأت صفارات اإلنذار بالتحذيرات بعد‬ ‫أن ارتفع منسوب املياه عىل نحو غري متوقع‪ .‬وتتوارد‬ ‫العديد من التحليالت حول هذا التحول املفاجئ‬ ‫يف منسوب املياه‪ ،‬ومنها اإليقاف املتع ّمد لعدد من‬ ‫عنفات الضخ للمناطق املحيطة‪ ،‬وهروب العاملني‪.‬‬ ‫فيام تبقى األسباب غري واضحة بشكل دقيق‪ .‬جدير‬ ‫بالذكر أن حجم التخزين لبحرية الس ّد تبلغ حوايل ‪1.9‬‬ ‫مليار م‪ 3‬وكلفة هذا املرشوع تقدر بـ ‪ 22‬مليار ل‪.‬س‪،.‬‬ ‫وإضافة ألهميته يف توزيع املياه لألرايض الزراعية‪،‬‬ ‫يوجد يف الس ّد محطة توليد طاقة باستطاعة إجاملية‬ ‫للمحطة قدرها ‪ /630/‬ميغا واط‪.‬‬

‫الدول املستضيفة لهم‪ ،‬وقد تشمل األفكار املبتكرة عىل‬ ‫األعامل التحليلية واستخدام التكنولوجيا الجديدة‪ ،‬أو‬ ‫مشاريع التنمية‪ ،‬وسيقدم نحو ‪ 40‬ألف دوالر أمرييك‬ ‫لدعم املشاريع يف طور النشوء‪ .‬تم تحديد املوعد‬ ‫النهايئ لتقديم الطلبات بتاريخ ‪.24/1/2016‬‬

‫النظام السوري يالحق الشباب السوريني‬ ‫لدعم خزينته املتهالكة‪:‬‬

‫‪11‬‬

‫العدد ‪- 62 -‬‬

‫سد ترشين يف خطر وانهيار السد سيتسبب‬ ‫بكارثة اقتصادية جديدة للسوريني‪:‬‬

‫* تنويه‪ :‬سنحاول تخصيص زاوية اقتصادية دامئة يف األعداد‬ ‫القادمة من طلعنا عالحرية نعرض فيها اهم املستجدات التي‬ ‫تهم السوريني يف الشتات والداخل‬


‫ظاهرة عمالة األطفال‬ ‫في الجنوب السوري‬

‫‪12‬‬

‫لبنى صالح‬ ‫العدد ‪- 62 -‬‬ ‫‪2016 / 1 / 3‬‬

‫عاملة األطفال‪ ،‬ظاهرة ليست بالجديدة عىل معظم‬ ‫العوائل السورية‪ ،‬فقد كانت موجودة قبل الثورة‬ ‫ولكنها تزايدت واسترشت بعد انطالقها‪ ،‬لتصبح رؤية‬ ‫األطفال يف املعامل والورشات وعىل الطرقات أمراً‬ ‫اعتيادياً‪ ،‬ومل يعد مشهد األطفال وهم ميارسون أعامالً‬ ‫شاقة مفاجئاً للكثريين‪ ،‬أطفال ابتعدوا عن طفولتهم‬ ‫وتركو مدارسهم و أجربوا عىل العمل لتأمني لقمة‬ ‫العيش‪.‬‬ ‫أسباب كثرية ساهمت يف انتشار ظاهرة عاملة األطفال‬ ‫يف مناطق درعا املحررة‪ ،‬وبالطبع فإن أول هذه‬ ‫األسباب هي الحرب الدائرة عىل األرض السورية‪،‬‬ ‫وتوقف كل سبل الحياة ومقوماتها‪ ،‬ونتيجة الرتفاع‬ ‫معدالت الفقر وغياب املعيل وتوقف املدراس يف‬ ‫املناطق الخطرة‪ ،‬وانخفاض مستوى الدخل الشهري‬ ‫لألرسة‪.‬‬ ‫تنترش ظاهرة عاملة األطفال يف كل بلدان العامل‪ ،‬لكن‬ ‫ما مييزها يف سوريا هو التزايد الكبري يف أعداد األطفال‬ ‫العاملني يف مجاالت مختلفة‪ ،‬ومنها ما هو خطري‪.‬‬ ‫فمنذ بداية الثورة فقد الكثري من السكان مصادر‬ ‫دخلهم يف قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات‬ ‫وبات االعتامد عىل أكرث من مصدر للرزق وأكرث من‬ ‫معيل حتى لو كان طف ًال ملساعدة األرسة عىل العيش‬ ‫ومواجهة الغالء أمراً اعتيادياً‪.‬‬

‫إن توقف معظم املدارس يف املناطق املحررة جراء‬ ‫قصفها‪ ،‬والنزوح املتكرر بني املناطق للبحث عن‬ ‫األمان‪ ،‬وتدهور اللرية السورية ونقص املواد األساسية‪،‬‬ ‫دفعت أيضا املجتمع إىل االنتقال املبكر إىل العمل‬ ‫ولو كان يهدد سالمة األطفال وحرمانهم من حقهم‬ ‫يف الحياة الكرمية والتعليم‪.‬‬ ‫يقول الدكتور معاذ القطيفان مسؤول املكتب‬ ‫اإلنساين واإلغايث التابع ملجلس محافظة درعا الحر‬ ‫إن ظاهرة األطفال الذين تركوا مدارسهم واتجهوا إىل‬ ‫سوق العمل كانت اهم أسبابها تعطل املدارس التي‬ ‫استهدفها النظام‪ ،‬وعدم قدرة املنظامت التعليمية يف‬ ‫املناطق املحررة عىل استيعاب كامل أعداد األطفال‬ ‫الذين تركوا مقاعدهم الدراسية باإلضافة إىل غالء‬

‫املعيشة وعدم قدرة األرسة الواحدة عىل مواجهة‬ ‫الغالء بدخل واحد فقط‪ ،‬وأضاف القطيفان أن هناك‬ ‫تقصري كبري تجاه هؤالء األطفال فليس هناك إحصائية‬ ‫دقيقة لعددهم‪ ،‬ومل ُتعن أي منظمة أو مؤسسة‬ ‫بهذا املجال لتوفري الدعم النفيس لألطفال والتوعية‬ ‫األرسية من خالل حلقات توعية أو منشورات ورقية‪،‬‬ ‫فاملجتمع بحاجة إىل توعية حيال هذه الظاهرة‪.‬‬ ‫ظاهرة ال تقترص عىل الداخل السوري فحسب‪،‬‬ ‫بل متتد إىل السوريني الالجئني يف دول الجوار‪ ،‬مع‬ ‫مالحظة غياب اإلهتامم من مختلف الجهات‬ ‫السياسية واإلغاثية وعدم سعي أية مؤسسة ثورية‬ ‫إليجاد حل لهذه الظاهرة التي تتفاقم داخل سوريا‬ ‫وخارجها‪.‬‬

‫‪www.freedomraise.net‬‬

‫تقارير‬

‫زوروا‬ ‫موقع‬ ‫طلعنا عالحرية‬ ‫بحلته‬ ‫الجديدة‬ ‫‪freedomraise.net‬‬


‫نشرة ثقافية‬ ‫طلعنا عالحرية – القسم الثقافي‬ ‫الثقافة السور ّية تخرس أحد أعالمها‬

‫أقام منتدى غازي عينتاب الثقايف السوري بتاريخ‬ ‫‪ 2015\12\26‬أمسية ثقافية أدبية موسيق ّية‪ ،‬شارك‬ ‫بها ّ‬ ‫كل من‪“ :‬منى فريج يف النرث‪ ،‬حسن العايد يف‬ ‫الشعر البدوي‪ ،‬محمود عادل بادنجيك يف القصة‬ ‫القصرية جدًا‪ ،‬عالء زيات عىل آلة العود‪ ،‬نعامن‬ ‫حاج بكري يف الغناء‪ ،‬وكانت هذه األمسية مبناسبة‬ ‫وداع الزميل ناجي الجرف الذي كان يحرض للسفر‬ ‫إىل فرنسا لتل ّقي العالج قبل أن يتم اغتياله برصاصة‬ ‫مسدس كاتم للصوت‪ ،‬ومل يكن املشاركون يف هذه‬ ‫األمسية يعرفون أنهم يودّعون ناجي آلخر مرة!‬

‫موسيقيون أملان يغنّون أشعار بن عريب‬

‫العدد ‪- 62 -‬‬

‫منتدى غازي عينتاب الثقايف السوري يودّع‬ ‫ناجي الجرف!‬

‫أ ّول صحيفة عرب ّية يف أملانيا يطلقها‬ ‫سوريون الجئون‬

‫‪2016 / 1 / 3‬‬

‫اغتيل الزميل ناجي الجرف رئيس تحرير مجلة حنطة‬ ‫يف مدينة غازي عينتاب الرتكية بطلقة بالرأس من‬ ‫مسدس مزود بكاتم للصوت قبل يوم واحد من سفره‬ ‫إىل فرنسا لتل ّقي العالج‪ .‬يعترب الشهيد ناجي الجرف‬ ‫من أهم املؤسسني للمجتمع املدين الجديد واإلعالم‬ ‫السوري البديل‪ ،‬وكان قد د ّرب الكثري من الناشطني‬ ‫واملواطنني الصحافيني لينقلوا أخبارهم وأخبار مدنهم‪،‬‬ ‫وكان قد أعد وأخرج ً‬ ‫فيلم وثائق ًيا بعنوان “داعش يف‬ ‫حلب” يعتقد أنه سبب اغتياله‬

‫بقيادة املايسرتو “توماس جيبهاردت” قدموا‬ ‫فيه تراتيل كنسية باللغة العربية واألملانية‪،‬‬ ‫كام غنّوا شعر املتص ّوف العريب محي الدين‬ ‫ابن عريب‪“ :‬أدين بدين الحب أ ّنا توجهت‬ ‫‪ /‬ركائبه فالحب ديني وإمياين” وشاركهم‬ ‫الشاعر السوري فادي جومر بقراءة بق ّية‬ ‫أبيات القصيدة بصوته‪ ،‬حاول املوسيق ّيون يف‬ ‫هذه التجربة مزج املوسيقا الكنسية مع الشعر‬ ‫العريب واإللقاء العريب يف محاولة لتعريف‬ ‫األملان بالثقافة العربية واإلسالمية‪.‬‬

‫بحضور وزيرة العدل الفرنسية كريستني توبريا‪،‬‬ ‫وكانت مجموعة كبرية من املثقفني العرب ومنظامت‬ ‫حقوق اإلنسان ومنظمة العفو الدولية قد تضامنوا‬ ‫مع فياض الشهر املايض‪ ،‬وحاولوا الضغط عىل‬ ‫السلطات السعودية إليقاف الحكم ّإل أن السلطات‬ ‫السعودية مل تتحرك بهذا الخصوص بعد ومل تستجب‬ ‫لكل املناشدات!‬

‫‪13‬‬

‫غطفان غنوم يدير املهرجان االسكندنايف‬ ‫الدويل للسينام‬

‫وقفة تضامنية مع الشاعر أرشف فياض‬ ‫يف باريس‬

‫شارك مجموعة من الشعراء والفنانني العرب‬ ‫واألجانب‪ ،‬يف وقفة تضامنية مع الشاعر‬ ‫أقام موسيقيون أملان من فرق موسيقية مختلفة الفلسطيني أرشف فياض الذي يواجه حكم‬ ‫بينهم أطفال ً‬ ‫حفل موسيق ًيا يف مدينة كولونيا األملانية اإلعدام يف السعودية بسبب اتهامات باطلة‪،‬‬

‫أعلن املخرج والكاتب السوري غطفان غنّوم عن‬ ‫إطالق الدورة األوىل من املهرجان االسكندنايف الدويل‬ ‫للسينام يف مدينة هلنسيك الفنلندية السنة القادمة‪،‬‬ ‫ينطلق املهرجان بدعم من املركز الثقايف الفنلندي‪،‬‬ ‫وبالتعاون مع األكادميية السينامئية‪ ،‬ويبدأ التقديم‬ ‫لدورته األوىل يف الشهر الثاين من العام الجديد‪ ،‬أما‬ ‫فعالياته فستكون يف الشهر التاسع‪ ،‬وتضمن فريق‬ ‫عمل املهرجان ّ‬ ‫كل من‪ :‬غطفان غنوم‪ ،‬وفا أمييل‪،‬‬ ‫رائد غنوم‪ ،‬خلف عيل خلف‪ ،‬صالح حميد‪ ،‬وسوزانة‬ ‫املاريهاين‪ ،‬ويتضمن املهرجان عدة أنواع من األفالم‬ ‫كالتسجيلية الطويلة‪ ،‬الوثائقية‪ ،‬القصرية‪ ،‬وأفالم‬ ‫الرسوم “األنيميشن” ويعنى يف دورته األوىل باألفالم‬ ‫التي تهتم بالشأن اإلنساين وحقوق اإلنسان‪.‬‬

‫ثقافة‬

‫أطلق مجموعة من الزمالء السوريني يف أملانيا‬ ‫أ ّول صحيفة باللغة العرب ّية‪“ ،‬أبواب” وهي‬ ‫شهرية‪ ،‬سياسية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬مجتمعية‪ ،‬خدمية‪،‬‬ ‫مستقلة‪ ،‬موجهة لالجئني‪ ،‬وتوزع مجا ًنا‪ .‬وتهتم‬ ‫“أبواب” بالقادمني الجدد إىل أملانيا وتحاول‬ ‫مساعدتهم يف الحصول عىل املعلومات التي‬ ‫تفيدهم‪ ،‬ومتابعة أخبارهم ونشاطاتهم‪ ،‬وتفتح‬ ‫لهم الباب ملشاركة إبداعتهم ومشاكلهم يف‬ ‫البداية الجديدة‪.‬‬


‫‪14‬‬

‫هل تغير النصوص السورية‬ ‫مفهوم الكتابة العربية؟‬ ‫جميل جرعتلي‬

‫العدد ‪- 62 -‬‬ ‫‪2016 / 1 / 3‬‬

‫ثقافة‬

‫هل تغري النصوص السورية‪ ،‬مفهوم الكتابة العربية‬ ‫من أساسه؟ سؤال يحرض بقوة كلام قرأنا الشعراء‬ ‫الشباب الذين يبدون خارجني للت ّو من مصنع‬ ‫القصائد الساخنة مع األحداث وتشكل املعاجم‬ ‫الجديدة غري املألوفة مع الصور والرتاكيب وكل ما‬ ‫درجنا عىل تسميته ببنية القصيدة ككل؟‪ .‬قط ًعا‬ ‫ليست املسألة مرتبطة بالشكل فقط‪ ،‬فقد ًميا كان‬ ‫الجميع يقولون إن األزمة يف الشكل‪ ،‬أما األفكار‬ ‫فهي “موجودة عىل قارعة الطريق”‪ ،‬لكن ما هو‬ ‫واضح اليوم أن األزمة هي يف األفكار ً‬ ‫أيضا ناهيك‬ ‫عن األساليب التي يفرتض أن تحملها‪ ،‬فمفهوم‬ ‫الرتاث والحداثة واألصالة وهل األدب مرآة أم منارة‬ ‫باإلضافة إىل العالقة مع الدين واملجتمع والسياسة‬ ‫واالقتصاد‪ ،‬كلها أفكار تحتاج إىل إعادة تحديد‬ ‫ونقاش من أجل بلورتها ورمبا إصالح املوقف منها‪،‬‬ ‫ذلك أن األدب ليس حياد ًيا بل مسترش ًفا وفاتح آفاق‬ ‫رمبا ال يقدر عىل تخيلها الساسة والباحثون والقادة!‬ ‫من يتابع اإلصدارات الشعرية السورية املتوفر‬ ‫معظمها عىل االنرتنت يف مواقع دور النرش‪ ،‬يكتشف‬ ‫هذه الحقيقة النقدية‪ ،‬هذه النصوص املكتوبة عىل‬ ‫عجل يف أتون الحرب‪ ،‬تحمل بذور تغيري كبري يف‬ ‫املستقبل‪ ،‬خاصة من جهة املعجم والصور الشعرية‬ ‫التي تدخل القصيدة العربية للمرة األوىل‪ ،‬وهذا‬ ‫ليس غري ًبا فالشعراء السوريون تاريخ ًيا كان لهم‬ ‫الفضل الكبري يف إحداث االنعطافات الكبرية يف‬ ‫مسرية الكتابة العربية‪ .‬نعم‪ ،‬مل تكن تحرض بقوة‬ ‫مفاهيم خطرية مثل الدين والوطن والسياسة‪،‬‬ ‫وكذلك جريئة مثل الحب‪ ،‬فشعراء وشاعرات‬ ‫امللتقيات األدبية يعلنون قصائدهم العاطفية عىل‬ ‫فيس بووك وينرشون صورهم وهم يدفعون بالحب‬ ‫أوردة دمشق الرازحة تحت وابل مرهق وصعب‬ ‫جدًا من الحرب‪.‬‬ ‫هل كانت األحداث الخطرية مبثابة الصخرة الضخمة‬ ‫التي سقطت يف بحرية ساكنة فحركت كل تلك الدوائر‬ ‫املتالحقة من الكتابة والفن واإلبداع؟ فاملعروف أن‬ ‫مختلف الفنون تشهد هذا الحراك والبحث الدؤوب‬ ‫عند الشباب عىل مرافئ مختلفة عن السائد‪ ،‬كأن‬ ‫هاجسا عند الجميع دون‬ ‫االنقالب والتغيري أصبح‬ ‫ً‬ ‫استثناء!‪ .‬يف هذا الفضاء قلنا إن التحديث والتغيري‬

‫اللوحة للفنانة مروة النجار‬

‫عىل صعيد البنية واألفكار لن يكون أقل شأنا من‬ ‫األساليب‪ ،‬فالشاعر السوري حسم أمره نهائ ًيا خارج‬ ‫أوزان الخليل بن أحمد الفراهيدي‪ ،‬وهو اآلن يكتب‬ ‫قصيدة النرث التي ميكن أن يغادرها الح ًقا إىل أوزان‬ ‫يبتكرها ويتبناها ألنها ستكون االبنة الرشعية للبيئة‬ ‫السورية يف نهاية األمر‪ .‬فهل يحتاج العقل السوري‬ ‫اليوم إىل عمليات تفكيك كربى يجريها تجاه املفاهيم‬ ‫الفلسفية التي بقيت حتى فرتة طويلة مصنفة ضمن‬ ‫املحرمات املمنوع االقرتاب منها؟ وهل من املمكن‬ ‫أن ترفع هذه الحرب منسوب الجرأة إىل درجة عالية‬ ‫جدًا بحيث ال يبقى أي يشء مستبعدًا عن البحث‬ ‫العقيل والحوار املوضوعي واملنطقي؟‬ ‫يف قصائد الشباب السوريني نكتشف كل هذه‬ ‫االحتامالت‪ ،‬ورمبا يكون انفالت الروح املتوثبة الشابة‬ ‫من عقال الرقابة هو أحد األسباب يف اكتشاف هذه‬ ‫اآلفاق الجديدة‪ ،‬فاألخبار تقول إن طباعة الكتب‬ ‫يف دمشق يف هذه املرحلة مت ّر دون املرور يف حلقة‬ ‫الرقابة ودون االنصياع ملقص الرقيب‪ ،‬ولهذا فإن‬ ‫ازدهار األفكار يبدو مفهو ًما‪ ،‬ذلك أن الرقيب ال‬ ‫ينشغل باألساليب بل باألفكار ألن مهمته اغتيالها‬ ‫واملحاسبة عليها‪ ..‬يقول البعض إن الذائقة الشابة‬ ‫مل تعد تطيق الرزوح أكرث من ذلك تحت املفاهيم‬ ‫الكالسيكية‪ ،‬وأصبح يلزمها نفضة جذرية ترتك املجال‬ ‫مفتوحا لنمو األغصان الجديدة والرباعم التي كان‬ ‫ً‬ ‫يخنقها الضغط مبختلف أشكاله‪ ،‬فهناك يف دمشق‬ ‫اليوم سباق يف اختيار العناوين الغريبة والفريدة‪،‬‬ ‫وكتابة الصور النادرة باإلضافة إىل اتباع الطقوس غري‬ ‫املستخدمة يف السابق‪ ،‬هذه الحيوية جعلت بعض‬

‫الشعراء يخرتعون عىل صعيد توقيع كتبهم ً‬ ‫أيضا‪ ،‬ويف‬ ‫كل هذا حرضت املرأة الشاعرة بنصوص فريدة مل‬ ‫تكن متتلكها يف السابق‪ ،‬فالكل يعرف أن هناك أزمة‬ ‫ما يف نصوص الشاعرات‪ ،‬وبأدىن تعبري هنّ قليالت أو‬ ‫نادرات جداً لألسف‪!..‬‬ ‫معظم مطبوعات الشعر اليوم تخرج من إطار‬ ‫الشكل التقليدي للكتابة‪ ،‬ويقول الشعراء يف‬ ‫لقاءاتهم الصحفية وعىل صفحاتهم الشخصية يف‬ ‫االنرتنت‪ ،‬إنهم يبحثون عن االختالف ويحاولون‬ ‫إضافة الجديد عىل اإلرث الشعري الذي بقي زمنًا‬ ‫طوي ًال يكرر نفسه من حيث املقدرة عىل هز الروح‬ ‫البرشية ورفدها بالحيوية والنشاط‪ .‬تلك الحالة‬ ‫يقول النقاد إنها ترتبط بهول املجريات عىل األرض‪،‬‬ ‫فتب ًعا لخطورة األحداث واحتامالت املوت أو النجاة‬ ‫حتى عند الفرد الشاعر‪ ،‬فإن الجرأة مل تعد تنتظر‬ ‫إجراء الحسابات يف األساليب الشعرية‪ ،‬كذلك فإن‬ ‫التفاعالت داخل النفس واملحيط املجتمعي قد‬ ‫اختلفت كث ًريا كام يقول الشعراء أنفسهم‪ ،‬وكأن‬ ‫املشهد السوري راح يعيد مناقشة الحب والوطن‬ ‫واالنتامء والجسد واملرأة بروح جديدة‪ ،‬وعقل‬ ‫منفتح رغم الظالم الذي يلف املشهد بفعل الحركات‬ ‫الدينية املتطرفة‪ ،‬واتضاح الرؤيا بأن السلطة مل تكن‬ ‫يوما معنية بالوطن‪ ،‬فاملعروف أن املشهد الشعري‬ ‫السوري ميتلك أسباب تطوره يف داخله‪ ،‬وهو فضاء‬ ‫يختلف عن الرشائح املكبلة من املجتمع لذلك فإن‬ ‫املراهنة عىل ابتكاراته املدهشة يف املراحل القادمة‪،‬‬ ‫مسألة تتفق مع منطق التاريخ الطبيعي إذ إن هذه‬ ‫الكتابة كث ًريا ما صنعت االنعطافات!‪.‬‬


‫إلى الشهيدة رقم ‪ ..2935‬رحاب تقري ًبا‬

‫‪15‬‬

‫أالء حسانين‬

‫“القشعريرة”‬ ‫عالء عودة‬

‫تنتا ُبني ّ‬ ‫ني؛ أرى فيها‬ ‫مؤخ ًرا نبوء ُة يق ٍ‬ ‫ُ‬ ‫يحمل صلي ًبا كثي ًفا من ِّ‬ ‫كل‬ ‫هاج ًرا‬ ‫ُم ِ‬ ‫درب‬ ‫املشاع ِر اإلنسان ّية‪ ،‬و يس ُري عىل ٍ‬ ‫طويلٍ من القشعريرة‪....‬‬

‫عربات كثرية متر‬ ‫مالئكة‪ ،‬وحفارون‪ ،‬مصابو حرب‪ ،‬وناجون‬ ‫يجمعون الجثث من فوق التالل‬ ‫من املنازل‬ ‫من فصول املدرسة‬ ‫من البارات‬ ‫من السجون‪،‬‬ ‫من قاعات املحاكم‬ ‫والحدائق العامة‪..‬‬ ‫يلتقطون األطراف من فوق األغصان‬ ‫يسحبون األطفال املوىت من تحت أغطيتهم‬ ‫يحملون النساء من أمام املرايا املهدمة‪ ..‬يف‬ ‫املنازل املهدمة‪..‬‬ ‫النساء امليتات بفساتني جميلة‬ ‫وترسيحات شعر مرتبة‬ ‫وكأنهن كن ذاهبات إىل حفل‪.‬‬

‫لوحة للفنانة بتول محمد‬

‫تسقي األزهار يف الرشفة‬ ‫تجمع املالبس من فوق حبل الغسيل‬ ‫تقرأ كتابا‬ ‫تعد كو ًبا من القهوة‪ ،‬وال ترشبه‬ ‫ترتك دامئا عىل الطاولة‬ ‫كوب قهوة باردا وكتابا‬ ‫رحاب تستيقظ من موتها كل صباح‬ ‫تستيقظ يف فراشها‬ ‫بأقدام باردة‬ ‫وحزن خفي ال تعرف سببه‬ ‫تتفقد املنزل‬ ‫وتعد طعاما لكل أفراد األرسة‬ ‫إنها متأكدة‬ ‫أن إخوتها‬ ‫– حتى وإن ماتوا‪-‬‬ ‫فلن يتوقفوا عن العودة من مدارسهم‬ ‫وأن والدها‬ ‫– وإن كان مستلقيا يف قربه‪-‬‬ ‫فسيعود ً‬ ‫حتم من عمله بعد قليل‪.‬‬

‫يجمعون شع ًبا بأكمله‬ ‫بأحالمه‬ ‫بنقوده املدخرة أليام سوداء كهذه‪ ،‬بفساتني‬ ‫أعراسه‬ ‫وبألعاب أطفاله وكتبه املدرسية‪.‬‬

‫وقبل أن تغادر رحاب‬ ‫قبل أن تعود لجسدها امللقى ميتًا‬

‫جثة وحيدة ملقاة عىل رصيف‪..‬‬ ‫جثة بجانب محل تجاري مهدم‪..‬‬ ‫جثة مل ينتبه إليها أحد‬ ‫مل يحملها ملك يف عربة‬ ‫مل يقرأ أحد عىل روحها الفاتحة‬ ‫ومل يطبع أحد قبلة أخرية‬ ‫فوق جبينها‪.‬‬

‫تحرص أن ترتك األضواء مضاءة‬ ‫الباب مفتوحا عىل آخره‬ ‫الطعام عىل الطاولة‬ ‫وكوب قهوة باردا‪..‬‬ ‫لرمبا مر قائد عسكري من هنا‬ ‫ليحيص قتاله‪،‬‬ ‫ويصفق لنفسه‪..‬‬

‫رحاب مل متت‬ ‫إنها تستيقظ كل صباح‬ ‫تقرأ رسائل بريدها اإللكرتوين‬

‫عىل رحاب‪..‬‬ ‫أن تظل حية دامئًا‬ ‫يك تخيب ظنه‪.‬‬

‫ثقافة‬

‫هبي‬ ‫حقيق ًة‪ ،‬أعتقدُ َّأن املعيا َر ال ّذ َّ‬ ‫فيلم أو‬ ‫يف‬ ‫تقييم قصيد ٍة ما‪ ،‬أو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫حدث َّ‬ ‫معي‪،‬‬ ‫أو‬ ‫ة‬ ‫لوح‬ ‫أو‬ ‫ة‬ ‫معزوف‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫هو قشعرير ُت َك إزا َءه‪ُ ،‬‬ ‫حيث أ ّن ُه فقط‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الحقيقي؛‬ ‫الحزن‬ ‫الحقيقي‪ ،‬أو‬ ‫الجامل‬ ‫ُّ‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫ا ّلذي ه َو ً‬ ‫جامل من منظو ٍر‬ ‫أيضا‬ ‫صاب بال ّرهبة‪ ،‬وحدَهام‬ ‫خجولٍ ُم ٍ‬ ‫يرتُكان يف بيولوج َّي ِت َك ّ‬ ‫ات آن ّي ًة من‬ ‫زخ ٍ‬ ‫النّشو ِة عىل شكلِ قشعريرة‪ .‬مثال؛ً‬ ‫أد ِر ُك متا ًما َّأن مشاعري نح َو َ‬ ‫تلك‬ ‫خام ال ل َب َس فيه‪َ ،‬‬ ‫ذلك‬ ‫الفتا ِة ٌّ‬ ‫حب ٌ‬ ‫ألن أقشع ُّر عن َد ِّ‬ ‫ّ‬ ‫كل محاول ٍة فاشل ٍة‬ ‫اف لها‪.‬‬ ‫لالعرت ِ‬

‫عربات كثرية‬ ‫تتدىل منها أيد وأقدام مدماة‬ ‫ورؤوس ممتلئة باألحالم‬ ‫وعيون‬ ‫تحت جفونها‪ ..‬نظر ٌ‬ ‫ات كثرية‪.‬‬

‫العدد ‪2016 / 1 / 3 - 62 -‬‬

‫أحب‬ ‫اف ّأن‬ ‫أشع ُر بحاج ٍة لالعرت ِ‬ ‫ُّ‬ ‫قشعريريت‪ ،‬وأثقُ بها أك َرث من أيِّ يش ٍء‬ ‫آخر‪ .‬القشعرير ُة ٌ‬ ‫حالة ال ل َب َس فيها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أنت أما َم َخيارين‪ :‬إ ّما أن تقشع َّر‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫أو ال‪ .‬ليس مثة وسط رماديٌ هنا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫متاسيح‬ ‫هنالك‬ ‫القشعرير ُة ال ُتجامل‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ائسها‪ ،‬و قت ٌَلة‬ ‫تذ ِر ُف الدّموعَ عىل فر ِ‬ ‫َ‬ ‫يسريون يف جنائ ِز قتالهم مصط ِنع َ‬ ‫ني‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫كل االبتذالِ البرشيِّ املتاح‪ ،‬لكن لن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هنالك أبداً مم ِّث ٌل يقشع ُّر أثنا َء‬ ‫يكون‬ ‫أدا ِئ ِه لدو ٍر محاي ٍد ال ِمي ُّس مكمناً ما‬ ‫يدفعنا‬ ‫داخ ِله‪ .‬سيبقى لدينا ما‬ ‫ُ‬ ‫يف ِ‬ ‫َّ‬ ‫األرض‬ ‫للتّفاؤلِ طاملا ظل عىل وج ِه‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫يستطيع أن يقشع ّر!!‬ ‫إنسان واحدٌ‬ ‫ُ‬

‫عربات كثرية‬ ‫محملة بالجثث‬ ‫تجرها الخيول إىل مكان بعيد‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.