طلعنا عالحرية / العدد 65

Page 1

‫نصف شهرية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬مستقلة‬

‫العدد ‪65‬‬ ‫‪2016 / 2 / 17‬‬

‫حلب تحت النار‬

‫مجلة مستقلة‪ ،‬تعنى بشؤون الثورة السورية‪ ،‬نصف شهرية‪ ،‬تطبع وتوزع‬ ‫داخل سوريا ويف عدد من مخيامت اللجوء والتجمعات السورية يف الخارج‬


‫‪2‬‬

‫الفرصــة األخيرة‪ ،‬والخيار األخير‬ ‫افتتاحية بقلم ماهر مسعود‬

‫العدد ‪2016 / 2 / 17 - 65 -‬‬

‫بعد أن أصبحت الثورة السورية حرب توازنات‬ ‫إقليمية ودولية‪ ،‬وبعد أن أصبح الشعب السوري‬ ‫مبجمله هو الخارس األكرب عىل املستويني القريب‬ ‫واملتوسط‪ ،‬وبعد أن أصبح تنظيم داعش هو‬ ‫املوجه األقوى للسياسات العاملية يف املنطقة‪ ،‬مل‬ ‫ّ‬ ‫يعد هناك خيارات متنوعة أمام الشعب السوري‪،‬‬ ‫واألهم أنه مل يعد هناك خيارات متنوعة أمام‬ ‫القوى التي س ّمت نفسها حليفة للثورة السورية‪،‬‬ ‫وبالتحديد هنا‪ ،‬تركيا والسعودية‪.‬‬ ‫أوالً‪ ،‬عىل العكس من ّ‬ ‫كل الكالم الديبلومايس‬ ‫الرائج‪ ،‬ليس هناك ّ‬ ‫حل سيايس مجرد للقضية‬ ‫السورية‪ ،‬أو ومبعنى آخر ميكن القول‪ :‬إن‬ ‫الحل السيايس الذي تقوده الطائرات الروسية‬ ‫والقصف الرويس الهمجي عىل الشعب السوري‪،‬‬ ‫ال يعني سوى أمراً واحداً بشقني؛ يف الشقّ األول‬ ‫هو هزمية الشعب السوري أمام نظام األسد‪،‬‬ ‫واالعرتاف الدويل باألسد كبطل حرب‪ ،‬ومنترص‬ ‫مطلق يف الحرب عىل الثورة اإلرهابية السورية‪،‬‬ ‫وثورات العامل العريب باملعية (طاملا أنه لن يجرؤ‬ ‫شعب عريب بعد اليوم عىل القيام بنصف ثورة‬ ‫بعد أن رأى ما حصل يف سوريا)‪ ،‬ويف الشق الثاين‬ ‫هو هزمية “املحور السني” الذي تقوده أنقرة‬ ‫والرياض‪ ،‬مقابل “املحور الشيعي” الذي تقوده‬ ‫طهران عىل املستوى اإلقليمي‪ ،‬وروسيا عىل‬ ‫املستوى الدويل‪.‬‬ ‫إن مترير “الحل السيايس” الذي ترعاه أمريكا‪،‬‬

‫وتقوده روسيا‪ ،‬وتؤديه طهران‪ ،‬ويلعبه األسد‪،‬‬ ‫وتزك ّيه إرسائيل‪ .‬هو إعالن دخول العامل يف‬ ‫مرحلة ظالمية من نوع جديد‪ ،‬عنوانها اإلرهاب‪،‬‬ ‫وحقيقتها تحطيم إرادة الشعوب‪ ،‬وتغييب كل‬ ‫القضايا العادلة يف العامل ووضعها‪ ،‬إىل أجل غري‬ ‫مسمى‪ ،‬تحت سلطة األقوياء واألغنياء وحدهم‪،‬‬ ‫املافيا الدولية املتحالفة عوملياً‪.‬‬ ‫إن دوالً مثل السعودية وتركيا‪ ،‬ليست بعيدة‬ ‫عن تحالف األقوياء‪ ،‬بل إن ما يجمع دوالً مثل‬ ‫السعودية وإيران أو تركيا وروسيا أكرب باملعنى‬ ‫املجرد مام يفرقها‪ ،‬ولكن لسوء حظ كل من‬ ‫تركيا والسعودية أن تلتقي مصالحهام مع‬ ‫مصالح الثورة السورية‪ ،‬وأن يحمال وزر قضية‬ ‫عادلة وجبارة مثل قضية الشعب السوري‪ ،‬بعد‬ ‫أن خرجت من مستواها املحيل إىل مستواها‬ ‫اإلقليمي والدويل بحكم الرضورة‪ ،‬وبعد أن‬ ‫استبدل أوباما الدم السوري باألسلحة الكياموية‬ ‫لنظام األسد‪ ،‬واستبدلت إيران برنامجها النووي‬ ‫بالسيطرة اإلقليمية عىل حساب الدم السوري‬ ‫ذاته‪.‬‬ ‫لذلك ال نرى خيارات متعددة أمام “حلفاء األمر‬ ‫الواقع” املمثلني بالسعودية وتركيا بشكل رئيس‪،‬‬ ‫فإما الدخول الربي؛ دون ضامنات أمريكية‪،‬‬ ‫عىل األرض يف حرب غري مضمونة النتائج ض ّد‬ ‫املحور اإليراين الرويس وتوابعه‪ ،‬وهو ما قد‬ ‫يؤدي فع ًال إىل حرب عاملية ثالثة‪ ،‬مع بقاء فرصة‬

‫كلمة‬

‫للنشر أو مراسلة فريق التحرير‬

‫تعديل موازين القوى إقليمياً ومحلياً وإيجاد ّ‬ ‫حل‬ ‫سيايس دون األسد قامئة أيضاً‪ .‬أو القبول بالهزمية‬ ‫اإلقليمية لهم‪ ،‬وعودة السوريني لحضن النظام‪،‬‬ ‫ثم املناورة عىل النتف التي قد يلقيها لهم النظام‬ ‫اإلقليمي والدويل الجديد‪.‬‬ ‫تبدو األمور يف طور الوصول إىل خواتيمها‪ ،‬لكنها‬ ‫تقف عىل مفرتق الطريق الصعب‪ ،‬والقرارات‬ ‫التاريخية‪ ،‬ففي حرب الوحوش الضارية التي‬ ‫تتكالب عىل الشعب السوري‪ ،‬ليس هناك خيارات‬ ‫جيدة‪ ،‬ويبدو أننا أمام الفرصة األخرية‪ ،‬والخيار‬ ‫األخري‪ ،‬فإما تسليم املنطقة إليران كأكرب مركز‬ ‫إقليمي مضبوط وقوي ومنضبط باملعايري الدولية‬ ‫التي ّ‬ ‫نظر لها هنتنغتون يف رصاع الحضارات‬ ‫الجديد‪ ،‬وما يحتّمه ذلك من االعرتاف بتقاسم‬ ‫النفوذ السيايس بني إيران وروسيا وإرسائيل يف‬ ‫رشق املتوسط‪ ،‬أو االنزالق إىل حرب مواجهة تغري‬ ‫وتعدّل موازين اللعبة السياسية والعسكرية‪،‬‬ ‫وتعيد فرز الالعبني الجدد عىل أسس جديدة‪.‬‬ ‫عىل عكس ما قاله كالوزفيتش‪ :‬إن الحرب هي‬ ‫امتداد للسياسة بطرق أخرى‪ ،‬اعترب ميشيل فوكو‬ ‫إن السياسة هي امتداد للحرب وليس العكس‪.‬‬ ‫ويرسمون‬ ‫هذا ما يفعله الروس عندما يرسمون‪ّ ،‬‬ ‫حدود السياسة عىل أرض الحرب‪ ،‬يف سوريا مثلام‬ ‫يف أوكرانيا‪ ،‬وال يتوهم أحد أننا مقبلني عىل تغيري‬ ‫مهم يف مسار األحداث دون مواجهة الحرب‬ ‫بالحرب‪ ،‬بحيث تصبح السياسة نتيجة ال منطلق‪.‬‬ ‫تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت‬ ‫‪www.freedomraise.net‬‬

‫‪freedomraise@gmail.com‬‬

‫‪facebook.com/freeraise‬‬

‫مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة‬ ‫تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية‬ ‫ويف بعض مخيامت اللجوء‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫ليىل الصفدي‬

‫معاون رئيس التحرير‬ ‫نصار‬ ‫أسامة ّ‬

‫‪twitter.com/freedomraise‬‬

‫املحرر الثقايف‬ ‫رامي العاشق‬

‫املحرر االقتصادي‬ ‫وائل موىس‬

‫زمالء مختطفون يف الغوطة الرشقية‬ ‫رزان زيتونة ‪ -‬ناظم حامدي‬


‫ـلفية الجهادية‬ ‫عن صعود السـ ّ‬ ‫وهبوط الثورة‬

‫‪3‬‬

‫عماد العبار‬

‫العدد ‪- 65 -‬‬

‫مصدر الصورة‪ :‬انرتنت‬

‫‪2016 / 2 / 17‬‬

‫عن مشاريعها املستقبل ّية‪ ،‬وعن كيف ّية إدارتها‬ ‫للدولة‪ ،‬وكيفية فهمها لنزعة السوريني بعد الثورة‬ ‫نحو التحرر والدميقراطية‪ ..‬أظهرت تلك النامذج‬ ‫التطبيق ّية املص ّغرة تضارباً بني تلك املناهج وبني‬ ‫تطلعات نسبة كبرية من السور ّيني املنخرطني يف‬ ‫الثورة‪ ،‬ما أدّى إىل ظهور سجاالت مل تسهم يف إغناء‬ ‫الحالة السور ّية‪ ،‬بل دفعت نحو رصاعات متزايدة‬ ‫ضمن صفوف الطرف الذي يقف يف وجه نظام‬ ‫األسد‪ ،‬يف حني ّأن جبهة النظام بقيت متامسكة إىل‬ ‫ح ّد بعيد عىل مستوى الخطاب والسلوك‪ ،‬فالنظام‬ ‫مل يطرأ عليه خالل مرحلة طويلة من عمر الثورة‬ ‫أي طارئ ييش بحدوث أي تغيريات عىل مستوى‬ ‫البنية واملنهج‪ ،‬اللهم إال بعض ما أثري حول سلوك‬ ‫اإليرانيني يف دمشق وحمص‪ ،‬األمر الذي بدا فع ًال‬ ‫استفزازياً أكرث من أن يكون عم ًال ممنهجاً يحمل‬ ‫داللة بعيدة‪..‬‬ ‫تقتيض املوضوعية منا االعرتاف ّ‬ ‫بأن صعود السلف ّية‬ ‫جاء ر ّداً عىل تصاعد العنف الدموي من قبل النظام‬ ‫ومليشياته‪ّ ،‬‬ ‫وأن خطابها املتشدّد ش ّكل للثوار يف‬ ‫لحظة ما دافعاً للمقاومة والصمود يف وجه عنف‬ ‫غري مسبوق‪ ،‬مبا يتض ّمنه هذا الخطاب من تنظ ٍري‬ ‫وآليات تح ّولها‬ ‫يعمل عىل استيعاب املظلوم ّية‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫إىل فعل ممنهج‪ ،‬ومبا متتلكه من قدرة عىل رشعنة‬ ‫دوافع االنتقام عند الفئة املظلومة‪ ،‬ومبا متتلكه من‬ ‫خربة طويلة يف مقارعة الجيوش املد ّربة وإنهاك‬ ‫األنظمة‪ ..‬ومع تف ّهم كامل للتفاصيل آنفة الذكر‪،‬‬ ‫ّإل ّأن املوضوعية تقتيض االعرتاف أيضاً ّ‬ ‫بأن هذا‬ ‫الصعود رافقه هبوط بكل ما عدا ذلك عىل صعيد‬ ‫الثورة‪ ..‬إن كان عىل مستوى التأييد الخارجي‪ ،‬أو‬ ‫عىل مستوى التضامن الشعبي الداخيل‪ .‬بل ّإن‬ ‫السلف ّية الجهادية كانت أحد أكرب العقبات أمام‬ ‫متدّد الفصائل ذات الخطاب الوطني املعتدل‪،‬‬

‫األكرث شبهاً بعموم السور ّيني‪ ،‬واألقرب إىل الخط‬ ‫العام للثورة ومطالبها األوىل‪ ،‬وعىل رأسها مطلب‬ ‫الحر ّية عىل مستوى املامرسة السياسية‪..‬‬ ‫وباإلضافة إىل الخالفات التي سببها التوجه‬ ‫السلفي الجهادي عىل مستوى وحدة الصف‪،‬‬ ‫فإ ّنها قدّمت الذريعة املناسبة لفصائل أخرى مل‬ ‫تشارك يف الثورة أص ًال‪ ،‬ولكنها أصبحت عدوانية‬ ‫تجاهها‪ ،‬ومضت يف مرشوعها االنفصايل بذريعة‬ ‫ّأن الثورة مل تعد ملكاً للسوريني‪ ،‬وإمنا ملرشوع‬ ‫جهادي معومل ال ميت للسوريني بصلة‪ ..‬وجدت‬ ‫هذه الفصائل االنفصالية‪ ،‬ممثلة بوحدات حامية‬ ‫الشعب الكردية‪ ،‬يف املرشوع الجهادي امل ّربر املالئم‬ ‫ملرشوعها االنفصايل‪ ،‬فكانت النتيجة ازدياداً يف‬ ‫وتوسعاً يف نطاق الحرب‬ ‫تفتّت املجتمع السوري ّ‬ ‫األهل ّية‪..‬‬ ‫تبدو سوريا‪ ،‬و رمبا املنطقة بأكملها‪ ،‬مع اإلعالن عن‬ ‫التحضري للدخول السعودي الرتيك املبارش يف الحرب‬ ‫الدائرة‪ ،‬عىل مشارف حقبة جديدة‪ ،‬قد تكون‬ ‫توحدت النريان الروس ّية مع‬ ‫األكرث خطورة‪ ،‬بعد أن ّ‬ ‫نريان النظام ونريان الفصائل االنفصالية‪ ،‬فيام يبدو‬ ‫أ ّنها حرب الجميع عىل الشعب السوري‪ ،‬الذي‬ ‫بات املعني األول باملوت والدمار‪ ،‬وآخر املعن ّيني‬ ‫يف تقرير مصريه‪ ..‬ومع ّأن األمر قد خرج من أيدي‬ ‫السوريني بنسبة كبرية‪ّ ،‬إل ّأن عودة الفصائل‬ ‫املس ّلحة إىل ما اتفق عليه السور ّيون يف البدايات‪،‬‬ ‫واجتامعهم عىل خطاب وطني معتدل‪ ،‬سيعيد إىل‬ ‫السوريني زمام املبادرة‪ ،‬وهذا ال يكون قبل عزل‬ ‫التوجهات الجهادية العاملية‪ ،‬واستيعاب السلفية‬ ‫املحلية ضمن كتلة وطنية‪..‬‬ ‫ً‬ ‫قد يبدو األمر متأخراً‪ ،‬وهو كذلك فعال‪ ،‬لكن املزيد‬ ‫من التأخري قد يعني مزيداً من التف ّكك‪ ،‬ليس عىل‬ ‫املدى املنظور‪ ،‬وإمنا البعيد أيضاً‪..‬‬

‫مقاالت‬

‫تضطرنا الحالة املرتد ّية التي وصلت إليها الحالة‬ ‫السورية للعودة إىل بدايات الثورة التي كانت‬ ‫الفتة بكل املقاييس‪ ،‬س ّيام يف شهورها األوىل‪،‬‬ ‫لدرجة ّأن عد ّوها احتار يف أمرها وأصابه العجز‬ ‫واالضطراب عىل مدى أشهر‪ ،‬هي ستة أشهر من‬ ‫السلم ّية بحسب ترصيح لرأس النظام‪ .‬العودة إىل‬ ‫البدايات يف حالتنا ليست عىل سبيل الوقوف عىل‬ ‫األطالل‪ ،‬بل للبحث عن األخطاء والوقوف عندها‬ ‫قلي ًال‪ ،‬فال ّ‬ ‫شك ّ‬ ‫وأن أخطاء كثرية ارتكبت‪ ،‬مام دفع‬ ‫األمور من تلك البداية التي كادت أن تكون مثالية‬ ‫لتصبح عند حافة هاوية‪ ،‬أو تكاد‪..‬‬ ‫ليس املراد هنا إعادة الجدل القديم بني السلمية‬ ‫والعسكرة‪ ،‬وحول دور الحراك املدين وعالقته بعمل‬ ‫الفصائل املس ّلحة‪ ،‬فذلك جدل تؤجله اضطرارياً‬ ‫حالة الحرب املفتوحة عىل املدنيني‪ ،‬والقصف‬ ‫الذي ال يتوقف ساعة من نهار‪ ..‬بل املراد هو‬ ‫إعادة تسليط الضوء عىل املشاريع التي طرحت‬ ‫نفسها بدي ًال عن املرشوع األول للثورة‪ ،‬وأسهمت‬ ‫إىل ح ّد بعيد يف الوصول إىل الحالة الراهنة‪ ،‬حيث‬ ‫انقسمت الفصائل املسلحة بني بعضها البعض‪،‬‬ ‫فتقاتلت فيام بينها تارة‪ ،‬أو عملت بدون تنسيق‬ ‫متبادل‪ ،‬أو باستقاللية قاتلة س ّهلت مه ّمة أعدائها‬ ‫من املليشيات التي استقدمها النظام للقضاء عىل‬ ‫الثورة‪ّ .‬‬ ‫لعل أكرث الخالفات التي ميكن أن نسجلها‬ ‫هنا هو الخالف حول علم الثورة‪ ،‬وهو خالف‬ ‫مل يسبق وأن أثري بهذا الشكل يف ثورة أخرى‪.‬‬ ‫والخالف حول العلم ليس خالفاً حول مج ّرد قطعة‬ ‫قامش‪ ،‬بل عكس خالفاً حول هو ّيات‪ ،‬وتضارباً بني‬ ‫مشاريع انتهزت حالة الفوىض وفرضت وجودها‬ ‫عىل السور ّيني تحت ذرائع مختلفة‪..‬‬ ‫بدأ الخالف مع ظهور الفصائل السلف ّية عىل‬ ‫الساحة‪ ،‬بشق ّيها السلفي املح ّ‬ ‫يل والجهادي العاملي‪،‬‬ ‫ومع الفارق الكبري بني السلفية املحلية ونظريتها‬ ‫العاملية يف التعامل مع الواقع السوري‪ ،‬إال أن‬ ‫كلتيهام أثارتا ريبة بخصوص مرشوع ونظرة كل‬ ‫منهام لطبيعة الرصاع الدائر‪ ،‬وتط ّلعاتهام ملستقبل‬ ‫سوريا ما بعد سقوط النظام‪ ..‬س ّيام بعد أن مت ّكنت‬ ‫الفصائل السلف ّية من بعض املناطق التي س ّميت‬ ‫بالـ “مح ّررة” مام أتاح لها إعطاء مناذج مص ّغرة‬


‫ٌ‬ ‫وطيف من األلوان الجديدة بطعم االحتالل ‪..‬‬ ‫كارثة الشهباء‪..‬‬

‫‪44‬‬

‫أيـــن الـحـقـيـقـة يـا حـلـب؟!‬ ‫سمير كرم‬

‫العدد ‪53 -‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫‪2015 // 28 // 17‬‬ ‫‪2 - 65‬‬

‫مل يعد أهايل مدينة الشهباء وريفها عىل قلب رجلٍ‬ ‫واحد‪ ،‬فمنهم من غادرها ومنهم من لقى حتفه‪،‬‬ ‫وآخرون تجمعهم رابطة الدم واألرض والتاريخ‬ ‫حرب‬ ‫يتصارعون يف ميادينها‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫بأجندات خارجية يف ٍ‬ ‫تذكر العامل مبعركة ستالينغراد الشهرية‪.‬‬ ‫بيد أن الكوارث التي تتعرض لها املدينة جراء‬ ‫قصف الطريان الرويس وقوات النظام وميليشياتها‪،‬‬ ‫كشفت القناع عن تجار السياسة‪ ،‬فض ًال عن ظهور‬ ‫مصطلحات حديثة ُيس ِّوق لها اإلعالم الرويس‬ ‫ٍ‬ ‫الرسمي‪ ،‬حني أعلن أن ُه ما من دول ٍة يف التاريخ‬ ‫اسمها “سوريا”‪ّ ،‬‬ ‫وأن هذه البقعة من األرض‬ ‫املسامة اآلن “سوريا” ستكون “روسيا الجديدة”‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫قاذفات فالدميري بوتني يف‬ ‫وبنا ًء عىل ما سبق‪ ،‬ردت‬ ‫حلب عىل العملية السياسية بجنيف‪ ،‬حني رفضت‬ ‫الهيئة السورية العليا للتفاوض قبول املفاوضات‬ ‫قبل إرسال املساعدات ووقف القصف‪.‬‬ ‫املحلل السيايس واالسرتاتيجي “محمود املؤيد”‬ ‫يؤكد لـ”طلعنا عالحرية”‪ ،‬أن نظام األسد يحتاج‬ ‫حلب كبعد اسرتاتيجي من نواحي عدة‪ ،‬أولها‬ ‫معنوي كون حلب تشكل مركزاً اقتصادياً‪ ،‬و ُبعداً‬ ‫عسكرياً يحرم املعارضة من حلب كخزان برشي‬ ‫ولوجستي‪ ،‬والبعد األخري أمني‪ ،‬فهو مينع املرشوع‬ ‫الرتيك “العمق االسرتاتيجي”‪.‬‬ ‫وأضاف أيضاً أن “أبعاد معركة حلب‪ ،‬توضح‬ ‫اللعبة الدولية التي التزال يف بداية الرتتيبات‪،‬‬ ‫فهي ال تشمل الخرائط الجيوسياسية فقط‪ ،‬بل‬ ‫الدميوغرافية التاريخية والسكانية والدينية”‪.‬‬

‫معادلة حلب‪ :‬أحالمٌ ثورية قيد االنتظار وواقع‬ ‫مشغول بتدمريها‬

‫تقارير‬ ‫لقاءات‬

‫تستميت قوات املعارضة يف مواجهة قوات األسد‬ ‫من جهة وامليليشيات القادمة من إيران والعراق‬ ‫ٌ‬ ‫ميليشيات كردية برزت للعلن‪،‬‬ ‫ولبنان وكذلك‬ ‫وأضحت تتوق للسيطرة عىل بلدات محررة‬ ‫قدمت أبناءها قرابني حتى نالت حريتها‪.‬‬ ‫وأكد أحد الضباط األحرار الرائد املظيل “عيل‬ ‫ترصيح خاص لـ”طلعنا عالحرية”‬ ‫جمعة” يف‬ ‫ٍ‬ ‫أنه “مثة لعبة كبرية تجري يف سوريا ما أدى إىل‬ ‫تفاقم األوضاع يف حلب وغريها”‪ ،‬ولفت إىل أن‬ ‫قادة الفصائل ا ُملعا ِرضة اتبعوا تعليامت الخارج‬ ‫وساندوا تلك اللعبة من أجل “تقسيم سوريا إىل‬ ‫دويالت (كردية ‪ -‬علوية ‪ -‬سنية ‪ -‬درزية)”‬ ‫أربع‬ ‫ٍ‬

‫عىل حد قوله‪.‬‬ ‫من جانبه أوضح العميد “أحمد فرزات” أن “األمور‬ ‫يف حلب تتجه لألسوأ جراء التفرقة”‪ ،‬مطالباً باتحاد‬ ‫موقف واحد‪.‬‬ ‫الفصائل وثباتها عىل‬ ‫ٍ‬ ‫بدوره أكد الصحفي “مرهف صوان” أن “النظام ال‬ ‫ميلك زمام املبادرة يف حلب‪ ،‬فالقوات التي ف ّكت‬ ‫الحصار عن نبل والزهراء هي عصابات طائفية‬ ‫والعمليات الجوية التي تقودها روسيا”‪.‬‬ ‫وأردف صوان قائ ًال‪“ :‬إن معركة حلب هي تصفية‬ ‫حسابات بني روسيا وتركيا‪ ،‬أما محلياً فإن مايحدث‬ ‫قد ميهد لتقسيم سوريا إال يف حال حصول تطور‬ ‫عسكري جديد يخلط األوراق من جديد”‪.‬‬

‫التهجري القرسي والخوف من األعظم (التغيري‬ ‫الدميوغرايف)‬

‫وقد تدفق عرشات اآلالف من الالجئني إىل الحدود‬ ‫وقت‬ ‫السورية الرتكية هرباً من القصف‪ ،‬يف‬ ‫ٍ‬ ‫طالبت فيه دول أوروبا برضورة استيعاب تركيا‬ ‫ملاليني الهاربني إليها‪ ،‬خوفاً عىل حدود “شينغن”‬ ‫األوروبية‪.‬‬ ‫ويوجد أكرث من ‪ 500‬ألف سوري موزعني عىل اعزاز‬ ‫وسجو‪ ،‬يف ‪ 10‬مخيامت عىل الرشيط الحدودي‬ ‫هجرتهم امليليشيا الكردية‬ ‫ويف معرب باب السالمة‪َّ ،‬‬ ‫وقوات النظام‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫تخوف‬ ‫وسكان محليون أنه مثة‬ ‫وأفاد ناشطون‬ ‫من التهجري و”تكريد” املناطق التي تتقدم نحوها‬ ‫امليليشيا الكردية‪ ،‬بهدف تغيري تركيبتها السكانية‪.‬‬ ‫قوات كردية‬ ‫ومام ال شك فيه أنه يبدو غريباً َنيل ٍ‬

‫ُتعترب فرعاً لحزب العامل الكردستاين وتقاتل ثواراً‬ ‫سوريني بريف حلب‪ ،‬ثقة واشنطن التي أشادت‬ ‫باملعارضة السورية مر ًة وخانتها مرات كثرية‪ ،‬فض ًال‬ ‫عن عالقات الحزب مع نظام دمشق وروسيا‪ ،‬ما‬ ‫أثار ريب ًة يف املنطقة مل تعد خافي ًة عىل أحد‪.‬‬ ‫مدير الرابطة السورية لحقوق الالجئني “محمد‬ ‫النعيمي” أكد “أن األسد وحلفائه ودوالً غربية‬ ‫(مل يس ِّمها) عملوا عىل تغيري دميوغرايف شامل‪ ،‬إن‬ ‫كان من ناحية مذهبية كام يف ريف دمشق أو‬ ‫من ناحية عرقية كام يجري اآلن يف شامل سوريا”‪.‬‬ ‫ولفت إىل أن أكراد سوريا ال ميلكون مقومات‬ ‫الدولة ال من حيث األكرثية وال من حيث املوقع‬ ‫الجغرايف‪ ،‬مشرياً إىل أن “أمريكا استغلت ذلك يف‬ ‫دغدغة حلم األكراد بالدولة‪ ،‬واستطاعت تجنيد‬ ‫صالح مسلم ومن خلفه األكراد‪ ،‬يف محاربة بقية‬ ‫الفصائل”‪.‬‬ ‫وقال القايض “حسني حامدة” لـ”طلعنا عالحرية”‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫حقيقة تأيت يف‬ ‫“إن ما يجري اليوم يف حلب‪،‬‬ ‫سياق املرشوع الذي تسعى إىل تحقيقه الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية (مرشوع رشق أوسط كبري أو‬ ‫جديد)” مضيفاً‪“ :‬لألسف متاهى هذا املرشوع مع‬ ‫قوى بالداخل السوري تحمل مرشوعية (عقدي‪-‬‬ ‫غياب كامل لقيادة سياسية‬ ‫كنتوين)‪ ،‬إىل جانب ٍ‬ ‫وتشتت يف صف قواها‪ ،‬وارتهان أغلبها‬ ‫للثورة‬ ‫ٍ‬ ‫لقوىً إقليمية ال يعنيها املرشوع الوطني بيشء”‪.‬‬ ‫وأوضح حامدة أن “هذا األمر سيكون له ارتدادات‬ ‫البقية يف الصفحة ‪9‬‬


‫ّ‬ ‫السوري‬ ‫إفالس االستعصاء‬ ‫‪5‬‬

‫شوكت غرزالدين‬

‫العدد ‪2016 / 2 / 17 - 65 -‬‬

‫مقاالت‬

‫استعصا ٌء سوريٌّ مرتبط بتعليق ّ‬ ‫الحل ّ‬ ‫يلف جميع‬ ‫القوى‪ .‬وقد أفلس هذا االستعصاء لوصول القوى‬ ‫إىل خواتيمها ما دامت القصد ّية الذاتية لهذه‬ ‫القوى؛ أي التضايف الذي ال ينقطع بني القوى‬ ‫املتضاربة وبني موضوعها‪ ،‬هي الركن األسايس يف‬ ‫الحالة السور ّية‪ .‬مام يؤكد لنا ‪-‬عىل النقيض مام‬ ‫يقوله الكثريون‪َّ -‬أن مرشوع بناء الدولة السور َّية‬ ‫كام أرادها املؤمتِرون أو املتآمرون باألحرى يف‬‫عدة مؤمترات‪ -‬عىل أسس راسخة من الوحدة‬ ‫والعلامنية والوطن ّية هو مرشوع مفلس سلفاً‪.‬‬ ‫وهكذا نجد تزامن تجميد مفاوضات “جنيف”‬ ‫بني النظام وبني املعارضة مع إعادة حيي “نبل”‬ ‫الحلبيي إىل سيطرة النظام‪ .‬وتال ذلك‬ ‫و”الزهراء”‬ ‫ّ‬ ‫رويس غري مسبوق عىل محافظة‬ ‫تصعيد جويّ‬ ‫ّ‬ ‫حلب وال س ّيام ريفها الشام ّيل؛ اليشء الذي أدى‬ ‫إىل نزوح عرشات األلوف يف أسبوعني من القصف‬ ‫إىل تركيا‪ ،‬وما زالوا عالقني حتى اللحظة أمام معرب‬ ‫“باب السالم” وتحاول تركيا مساعدتهم داخل‬ ‫الحدود السور ّية وتل ِّوح بإرسالهم مع غريهم‬ ‫إىل أوروبا لتبتّزها بإغراقها بالالجئني‪ ،‬وتجعل‬ ‫منهم “وسيلة إيضاح” عىل الهمج ّية الروس ّية‪،‬‬ ‫رسل للعامل من خالل مأساتهم أهمية دورها‬ ‫و ُت ِ‬ ‫يف االستعصاء السوريّ لتربير تدخلها الربيّ مبعية‬ ‫السعودية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتهدد السعودية داعش برا وجوا تحت مظلة‬ ‫التحالف األمرييك ولكن مع تردّد أمرييك سيزيد‬ ‫السالح للمعارضة السورية ومنها صواريخ غراد‪،‬‬ ‫فمتى تخرج السعودية عىل حلفائها وتنظر لنفسها‬ ‫أسايس وليست تابعة أو ثانوية‪ .‬وبالرغم‬ ‫كالعب‬ ‫ّ‬ ‫من إعالنها قتال داعش َّ‬ ‫فإن هذا القتال يزعج‬ ‫الرويس واإليراين! فالرويس سيح ِّرك ملف التدخل‬ ‫السعودي يف اليمن‪ ،‬واإليراين سيزيد من دعمه‬ ‫للحوثيني إذا مل تستجب السعودية لدعوتها يف‬ ‫العمل املشرتك يف سور ّية‪.‬‬ ‫ويهدِّد “ميدفيد” رئيس وزراء روسيا بحرب عاملية‬ ‫ثالثة وبحرب باردة ظاناً بنفسه أ َّنه ممسك بخيوط‬ ‫اللعبة‪ ،‬ومستهرتاً بالقوى األخرى‪ .‬والسؤال الذي‬ ‫يطرح نفسه هنا هو ملاذا تحولت السعودية وتركيا‬ ‫وروسيا إىل التصعيد العايل طاملا َّأن لكل منها قوى‬ ‫عىل األرض؟ أي ملاذا استنفدت وكالءها واضطرت‬ ‫للتدخل كأصالء؟ ألنها أفلست طوال الفرتة املاضية‬ ‫من إيجاد وخلق موا ٍز وطني لها‪ .‬فال مربر للتفاؤل‬ ‫بالتدخل السعودي الربيّ ألنه ض ّد داعش وبرعاية‬ ‫أمريكية‪ ،‬وال تفاؤل سوريّ بالتدخل الربيّ ‪ .‬وقد‬ ‫انخفض مستوى املراهنات حتى بات يقارب الصفر‪.‬‬

‫َّإن السوريني إزاء الالأدر ّية السياس ّية واإلرادو ّية‬ ‫يف صناعة مستقبل سور ّية‪ .‬فالالأدر ّية السياس ّية‬ ‫وتعليق الحل يف سور ّية وتعميق استعصاء‬ ‫‪/‬سيايس يف آن جعلت جميع القوى بحالة‬ ‫عسكريّ‬ ‫ّ‬ ‫استعصاء يف سورية النعدام القطب ّية الدول ّية‬ ‫وتعميم الفوىض وكرثة القوى املتدخلة وتضارب‬ ‫أجنداتها‪ .‬م َّر النظام باستعصاء فاستدعى اإليراين‪،‬‬ ‫فم ّر باستعصاء فاستدعى الرويس وما بينهام من‬ ‫مليشيات طائفية‪ .‬مي ُّر الرويس باستعصاء فيلجأ إىل‬ ‫القوة والتفاوض يف آن‪...‬ليم ّر السعودي باستعصاء‬ ‫فيلجأ للتدخل الربيّ وكذلك الرت ّ‬ ‫يك‪ ،‬وهذا مؤرش‬ ‫عىل عدم نجاح مراهناتهم السابقة‪.‬‬ ‫وما بيان مؤمتر ميونخ ّإل لتأجيل التدخل الربي‬ ‫أسايس‪،‬‬ ‫السعودي‪/‬الرتيك وفرملته مؤقتاً بشكل‬ ‫ّ‬ ‫وبالتايل إبقاء االستعصاء السوريّ تحت السيطرة‬ ‫الحرجة‪ .‬فال تتدحرج الحالة إىل حرب عامل ّية كام‬ ‫يحلو للبعض يف مبالغاتهم الكالمية‪ ،‬وال لحرب‬ ‫إقليمية كذلك‪ .‬إنها خطوة عىل طريق ترتيب‬ ‫النظام العاملي من جديد بعد نقطة الالتوازن التي‬ ‫عاشها يف الفرتة املاضية‪.‬‬ ‫والس ّيام َّأن اجتامع ميونخ قد تدحرج من وقف‬ ‫إطالق النار إىل وقف األعامل العدائية‪ ،‬ومن فك‬ ‫الحصار إىل إيصال املساعدات جواً وبراً بشكل‬ ‫متزامن بني مناطق املعارضة‬ ‫ومناطق النظام‪ ،‬ودعا للعودة‬ ‫إىل التفاوض لتقرير مصري‬ ‫سور ّية‪.‬‬ ‫والثابت يف هذا االستعصاء َّأن‬ ‫ال أحد يعرف مستقبل سور ّية‬ ‫ومصريها رغم محاوالت جميع‬ ‫القوى املحمومة التأثري يف‬ ‫مستقبلها بشكل أو بآخر؛‬ ‫َّ‬ ‫ألن الظواهر الفوضوية ال‬ ‫متتلك معدالً وسطياً ميكن تنبؤ‬ ‫املستقبل بواسطته! فهل متتلك‬ ‫ظاهرة ما يف سور ّية معدالً‬ ‫وسطياً لتغريها؟!‬ ‫لقد كان عامل الرياضيات‬ ‫“غاوس” صاحب “املنحني‬ ‫الجريس” اإلحصايئ يعتقد بأن‬ ‫الظواهر املتغرية واملتذبذبة‬ ‫واملضطربة وحتى الفوضوية‬ ‫منها‪ ،‬متتلك معدالً وسطياً‬ ‫للتغري‪ ،‬فيمكن دراسة هذه‬ ‫التغريات استناداً إىل هذا‬

‫املعدّل والتنبؤ مبستقبل الظاهرة بواسطته‪ .‬ولكن‪،‬‬ ‫ما معدل القتل يف سور ّية؟ ما معدل االعتقال؟ ما‬ ‫معدل القتل تحت التعذيب؟ ما معدل اللجوء‬ ‫والنزوح؟ ما معدل تغري رصف اللرية السور ّية مقابل‬ ‫الدوالر؟ ومثل هذه املتغريات ٌتك ِّذب “غاوس”؛ فال‬ ‫أحد يعرف طاملا ِّأن زمن الظاهرة مستمر ومتغري‪،‬‬ ‫وعند وقوف الزمن ميكن لنا معرفة معدّل التغري‬ ‫يف الظاهرة ولكن ال ُي ِّكننا هذا من معرفة التغري‬ ‫يف املستقبل استناداً إىل هذه املعرفة‪ .‬وبهذا يكون‬ ‫إفالس هذا االستعصاء‪.‬‬ ‫المخرج من هذا االستعصاء ّإل بالسعي إىل الحلِّ‬ ‫حسب روح قرار مجلس األمن ‪ 2254‬واالبتعاد‬ ‫عن تعليق ِّ‬ ‫الحل ملقاصد عدة‪ .‬فيشعر السوريون‬ ‫بالضياع وهم عاجزون إزاء هذا الهراء‪ .‬وكأن ما‬ ‫يحدث لهم هو من نواميس الطبيعة التي ال‬ ‫را ّد لها‪ .‬وتغيب عنهم القصدية الكامنة يف ثنايا‬ ‫القصف والقتل والتهجري والتدخل‪ ..‬ألنها قصدية‬ ‫غري معقولة بتاتاً والميكن قياسها عىل ما سبق من‬ ‫أحداث تاريخية‪ .‬فهي حالة جديدة كل الجدّة‬ ‫ويجب التعامل معها بعقل جديد وأدوات جديدة‪.‬‬ ‫فاحذروا تدحرج السوريني من طاولة املفاوضات‬ ‫إىل املزيد من التطرف واالستعصاء‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫ماذا كان ســيفعل لو قيض له قيادة‬ ‫المعارضة السورية ؟!‬

‫حوار مع لؤي حسين رئيس تيار بناء الدولة‬

‫حاورته ليلى الصفدي‬ ‫ما هو برأيك الوزن الحقيقي لـ “تيار بناء‬ ‫الدولة” الذي متثله‪ ،‬وهل ال زلت متثل هذا‬ ‫التيار؟‬ ‫العدد ‪2016 / 2 / 17 - 65 -‬‬

‫نعم ما زلت أمثل التيار‪ ،‬أما وزنه عىل األرض فال‬ ‫يتبع لرأي ولكن ملعلومة‪ ،‬واملفرتض أن من هو‬ ‫قادر عىل الحصول عىل هذه املعلومة هم إما‬ ‫مراكز دراسات أو وسائل إعالم صحفية قادرة عىل‬ ‫الوصول إىل جميع الجمهور السوري يف جميع‬ ‫املناطق ومن جميع الطوائف وجميع التوجهات‬ ‫السياسية وكافة املستويات العمرية‪ ،‬فتختار‬ ‫عينات مناسبة لتطرح عليهم سؤاالً واضحاً من‬ ‫دون التباس عن وزن التيار‪ .‬أو ميكننا حتى تحني‬ ‫لحظات دميقراطية ويكون لدينا صنادق اقرتاع‬ ‫محلية أو نقابية أو ترشيعية‪ ..‬فحينها ميكننا معرفة‬ ‫مدى وجود جميع القوى يف األوساط االجتامعية‪.‬‬ ‫لكن راج بني أوساط معارضة ثقافة منقولة عن‬ ‫طروحات النظام ترى أنه ال يجوز ملجموعة ما‬ ‫العمل يف الشأن العام إال إن كانت بحجم حزب‬ ‫البعث‪ ،‬وهذا بالتأكيد لن يكون متوفراً ألي‬ ‫مجموعة سياسية‪ ،‬هذا فض ًال عن أنه ال ميكن‬ ‫ملجموعة سياسية أن تولد مع أثر كبري يف املجتمع‬ ‫السوري‪.‬‬ ‫لكن تقديري أنه ال يوجد العديد من األحزاب‬ ‫السورية عدا حزب البعث أكرب بكثري من تيار‬ ‫بناء الدولة السورية‪ ،‬فهو أكرث انتشاراً وأثراً من‬ ‫أحزاب معارضة كثرية‪ .‬لكن علينا دوماً استثناء‬ ‫االئتالف الوطني وهيئة التنسيق؛ فهذان ليسا‬ ‫تنظي ًام سياسياً بل جمهرة سياسية عابرة مرهونة‬ ‫بوجود النظام‪ .‬فالكثريون ال يعلمون أنه يوجد يف‬ ‫االئتالف غري تنظيم اإلخوان املسلمني‪ .‬ولن أذكر‬ ‫هيئة التنسيق فهذه أمرها أكرث تعقيداً‪.‬‬

‫لقاءات‬

‫نسب إليك ولزمالء لك يف “التيار” الكثري من‬ ‫الكالم القايس‪ ،‬بل ورمبا أكرث‪ ،‬بحق الثورة‪،‬‬ ‫كام أنك تعلن رصاحة أن علمك هو العلم‬ ‫“األحمر” ورفضت الوقوف أمام علم الثورة‪،‬‬ ‫ما هو موقفك الحقيقي من الثورة السورية؟‬ ‫وهل تعتربها بالفعل ثورة؟‬ ‫ال أعرف كيف سأجيب عن سؤال مبني عىل‬ ‫معلومات مغلوطة‪ .‬فإن قلنا إنه ميكنك أن تقويل‬ ‫أي كالم غري دقيق وتقويل إنه نسب إليك‪ ،‬لكن‬

‫قولك إنني أعلن رصاحة أن علمي هو العلم‬ ‫األحمر وأرفض الوقوف أمام العلم األخرض هو‬ ‫قول مغلوط جملة وتفصي ًال وينم عن أنك تجرين‬ ‫مقابلة صحفية وكأنها جلسة مقهى‪ .‬لهذا اعذريني‬ ‫عن اإلجابة عن سؤال غري محقق الصدقية إىل‬ ‫أن تأتيني بترصيح يل أقول إن علمي هو العلم‬ ‫األحمر وأين أرفض الوقوف أمام العلم األخرض‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للثورة فهل هي إن كانت كذلك بحاجة‬ ‫لسؤال األشخاص إن كانت ثورة أم ال‪ .‬فهذا يدل‬ ‫إىل عدم ثقتها بنفسها عىل أنها ثورة‪ .‬فال أظنك‬ ‫تسألني الناس إن كانوا يعتربونك سيدة أم ال‪ ،‬إال‬ ‫إذا كان لديك ما يخفي مالمحك كسيدة‪ ،‬وكذلك ال‬ ‫تسألني الناس إن كنت أنا رج ًال أم ال‪ .‬فرمبا لو كانت‬ ‫الثورة ترى نفسها كذلك لكان السؤال‪ :‬هل تعجبك‬ ‫الثورة؟ أو ما الذي ال يعجبك بالثورة؟ وغري ذلك‬ ‫من األسئلة التي تق ّر مسبقاً بوجود الثورة‪.‬‬ ‫أما املوقف من الثورة فال ب ّد بداية أن تحددي عن‬ ‫أي ثورة تتحدثني فلدينا ثورات عدة يف البالد‪ .‬لهذا‬ ‫كان عليك أن تحددي يل من هي هذه الثورة أي‬ ‫من قادتها وما هي أهدافها وما هو جسدها وأين‬ ‫يتموضع‪ ،‬مباذا تعدنا كسوريني‪ ،‬أو مباذا تتوعدنا‪،‬‬ ‫عليك أن تع ّينيها يل فأنا ال أتحدث عن أمور‬ ‫إطالقية أو غري متعينة‪.‬‬

‫ما هو موقفك الحقيقي من النظام السوري‬ ‫يف ظل ما يرتدد عن والء طائفي مبطن يف‬ ‫مواقفك السياسية؟ وماذا تقول ملن يعتربك‬ ‫أداة للنظام بزي معارضة؟‬

‫أين يرتدد هذا االستبطان؟ وماذا يعني والء طائفي‬ ‫هنا‪ ،‬أهو والء للنظام مث ًال‪ ،‬أم والء للطائفة؟ فإن‬ ‫كان من يقول ذلك قد دخل باطني وتبني له هذا‬ ‫املخبوء فحقيقة عليك أن تسأليه هو عن ذلك‬ ‫وليس أنا‪.‬‬ ‫إن كان هذا الوالء للنظام فهذا ال ميكن أن يكون‬ ‫مبطناً‪ ،‬وملاذا يكون ّ‬ ‫ّ‬ ‫مبطنا؟ هل هناك طرف يف‬ ‫مواجهة النظام مخيف إىل درجة أين أخفي عنه‬ ‫واليئ للنظام؟ أم أين أكسب رزقاً أو ماالً أو جاهاً‬ ‫أو سلطة من هذا الطرف القوي ُفأظهر له غري ما‬ ‫ُأبطنه‪.‬‬ ‫أقول ملن يعتربين أداة للنظام‪ :‬كيف لك أن تثبت‬ ‫يل أنك أنت لست أداة للنظام؟ هل فقط ألنك‬

‫قليل التهذيب فتشتم بشار األسد بكالم بذيء‪ ،‬أم‬ ‫ألنك ال تجيد من السياسية سوى الشكوى والبكاء‬ ‫لتتكسب من دم السوريني؟ أمل تكن حتى األمس‬ ‫القريب تدبك يف ساحات البالد محتف ًال بسلطتك‬ ‫عندما كنت أنت النظام وكنت أنت تقمعني‬ ‫وتضطهدين؟ ألست أنت من رسق مالنا وجهدنا‬ ‫عندما كنت ركناً من أركان النظام؟ ألست أنت‬ ‫اآلن تتباهى مبرتبتك الوظيفية كوزير أو سفري‬ ‫أو ضابط التي منحك إياها النظام؟ ألست أنت‬ ‫تعترب أن كل ما فعله النظام كان سيئاً إال اعتامدك‬ ‫ركناً من أركانه؟ أمل تسمعي ياسيديت عمن ال يزال‬ ‫متمسكاً باللقب الذي منحه إياه النظام‪ ،‬وأنا مثيل‬ ‫مثلهم أتباهى أيضا مبا منحني النظام من مراتب؛‬ ‫هي أين مجرد سجني للنظام لسنوات طوال وملرات‬ ‫عديدة‪ ،‬وأنني ما زلت أحمل ندوباً عىل جسدي‬ ‫من تعذيب النظام قام به رمبا بعض أبطال اللحظة‬ ‫الراهنة‪.‬‬ ‫نعم أقول لهذا الذي يعتربين أداة للنظام إننا‬ ‫سنحاكمه بنفس املحاكم التي سنحاكم فيها كل‬ ‫من حمل النظام يوما عىل كتفيه‪ .‬فإن كنا نصمت‬ ‫عنه اآلن وعن خدماته للنظام وألجهزة مخابرات‬ ‫دولية أسوأ من النظام ألننا نريد أن نقلل من‬ ‫العرثات التي تعيقنا عن اإلطاحة بالنظام‪.‬‬

‫ما معنى “التغيري مع الحفاظ عىل مؤسسات‬ ‫الدولة” والذي ال زلت تنادي به منذ بداية‬ ‫الثورة‪ ،‬ونحن نعلم أن النظام يستخدم حتى‬ ‫مؤسسات الكهرباء واالتصاالت يف حربه ضد‬ ‫الشعب‪ ،‬هل تتضمن هذه املؤسسات الجيش‬ ‫واألجهزة األمنية مث ًال؟ وهل ال زلت ترى يف‬ ‫مثل هذا الطرح واقعية أو عقالنية؟‬ ‫ال أذكر أين قلت مثل هذه العبارة إطالقاً‪ .‬ولكني‬ ‫بالتأكيد مع االحتفاظ بكل يشء يف الدولة‪،‬‬


‫كيف تنظر اىل املواقف الدولية‪ ،‬وهل ترى‬ ‫اختالفاً جوهرياً بني مواقف الدول التي تسمي‬ ‫نفسها “أصدقاء الشعب السوري” من جهة‪،‬‬ ‫ومواقف روسيا وإيران من جهة أخرى؟‬ ‫بلدي محطم وأنا بحاجة إليقاف دماره ولست يف‬ ‫رخاء يتيح يل أن أقيم مقارنات بني الدول‪ .‬ولكن‬ ‫كل دولة ترض بشعبي لن أنىس لها رضرها هذا‬ ‫الحقاً‪.‬‬

‫ما هي برأيك أهم األخطاء التي وقعت فيها‬ ‫املعارضة؟ وما هي املواقف التي وفقت فيها؟‬

‫فشلنا يف إنتاج معارضة بشكل عام‪ ،‬وما هو بني‬ ‫يدينا أغلبه صناعة دوائر دولية للقيام مبهام‬ ‫محددة يف األوقات املناسبة‪ .‬لهذا فمن الظلم‬ ‫محاسبتنا كسوريني عىل طبقة املعارضة التي‬ ‫ُن ِّصبت لنا أو علينا‪ ،‬كام من الظلم لنا محاسبتنا‬ ‫عىل العنفيني الذين سيطروا عىل مساحات كبرية‬ ‫من البالد باسم املعارضة أو الثوار أو باسم مواجهة‬ ‫النظام‪.‬‬ ‫فمن غري الصحيح أن نجلس ونق ّيم أعامل ومواقف‬ ‫املعارضة السورية فهذا عمل من دون طائل‪ .‬وإذا‬

‫العدد ‪2016 / 2 / 17 - 65 -‬‬

‫مل أهتم يوماً مبن يستفيد من ترصيحايت أكرث أهو‬ ‫النظام أو الثورة‪ .‬ما يهمني أن أحمي شعبي من‬ ‫أي اعتداء عليه أو أي انتهاك لحقوقه وحرياته‬ ‫وكرامته حتى لو جاء هذا االعتداء تحت مسمى‬ ‫زائف عىل أنه الثورة‪ .‬بوصلتي هي شعبي مبجمله‬ ‫دون أدىن متييز عىل أساس الطائفة أو الدين أو‬ ‫الجنس أو العرق أو املوقف السيايس‪.‬‬ ‫ومع ذلك إن كان النظام يستفيد من ترصيحايت‬ ‫أكرث من الثورة فرمبا ألنه أشطر منها‪ ،‬فقد استفاد‬ ‫من كل يشء أكرث من الثورة‪.‬‬

‫األسئلة الصحفية التي تريد تشكيل إضافة معرفية‬ ‫عىل مجريات األحداث‪.‬‬ ‫لو قيض يل ذلك سأنطلق من معادالت بسيطة‪،‬‬ ‫مثل هل ما زال ميكنني تقديم ضحايا أكرث‪ ،‬إن كان‬ ‫من القتىل أو املهجرين واملرشدين يف سبيل قتال‬ ‫مع النظام غري معروف النتائج أو املدة؟ هل باتت‬ ‫خسائري كسوري تقتيض مني التوقف عن رضورة‬ ‫محاسبة النظام اآلن إىل تأجيل ذلك إىل وقت‬ ‫الحق‪ ،‬والعمل اآلن عىل إيقاف هذا النزيف الذي‬ ‫ال ميكن ألي حل الحق أن يعوضنا ما خرسناه‪.‬‬ ‫وهنا ال أتحدث عن القتىل بل عن الدمار وعن‬ ‫املهجرين‪ ،‬إذ أنه من الصعب علينا استعادة أكرث‬ ‫ّ‬ ‫من نصف الالجئني إن أنهينا األزمة اآلن‪ ،‬فكيف إن‬ ‫تأجل األمر لوقت الحق‪.‬‬ ‫بناء عىل ذلك سأنطلق من رضورة العمل عىل‬ ‫تغي شيئاً‬ ‫إيقاف هذه التضحيات املجانية التي مل ّ‬ ‫يف موازين الرصاع منذ ميض أقل من سنة عىل‬ ‫انطالق املظاهرات‪ .‬لكن هل يعني هذا اإليقاف‬ ‫إعادة إنتاج النظام‪ ،‬أو متكينه من نرص رصيح؟‬ ‫جوايب هو ال‪ .‬لكن هنا عيل العودة إىل أهدافنا‬ ‫األوىل يف املظاهرات وهي الحرية واملساواة‬ ‫والعدالة والكرامة‪ .‬والعمل الجاد عىل تحقيق‬ ‫هذه الرشوط خالل عملية تسوية ترىض بها الدول‬ ‫ذات العالقة املبارشة يف الرصاع السوري‪.‬‬ ‫فأنا أعترب أن األساس الذي يقوم عليه أي نظام‬ ‫استبدادي هو متكنه من انتهاك الحريات العامة‬ ‫والحقوق املتعارف عليها لجميع املواطنني‪ .‬لهذا‬ ‫يف حال استطعنا اخرتاق هذه البنية للنظام عرب‬ ‫وضع قوانني تنص عىل قدسية الحريات ووضع‬ ‫جميع املوانع التي تحول دون انتهاك السلطات‬

‫فيام لو أوكلت إليك املعارضة قيادة املفاوضات‬ ‫مع النظام ومع الدول األطراف املتدخلة يف‬ ‫الرصاع‪ ،‬وفيام لو امتلكت فع ًال سلطة القرار‬ ‫السيايس باسم الثورة واملعارضة‪ ،‬كيف كنت‬ ‫سرتى الحل لألزمة السورية؟ وما هي القرارات‬ ‫والخطوات الفعلية التي كنت ستتتخذها؟‬ ‫واألهم كيف تتصور النتائج يف ظل موازين‬ ‫أال ترى أن غالبية ترصيحاتك تفيد النظام أكرث القوى الحالية وإرادات الدول النافذة؟‬ ‫مام تفيد الثورة؟‬ ‫نعم هذا سؤال يفيد البرش‪ .‬هكذا يا سيديت تكون‬

‫لقاءات‬

‫مؤسساتها العسكرية واألمنية والكهربائية‬ ‫والزراعية واالقتصادية والتعليمية وكل ما دفعنا‬ ‫نحن وآباؤنا مثنه من جهدنا ومالنا؛ فهذه ملكنا‬ ‫لكن النظام استوىل عليها واستغلها بطريقة‬ ‫ما ملصلحته‪ .‬كام أين أريد االحتفاظ ليس فقط‬ ‫بالقصور الجمهورية بل باملؤسسة الرئاسية ذاتها‪.‬‬ ‫كل ما عىل هذه األرض يا سيديت هو ملكنا‬ ‫نحن السوريني‪ ،‬مبا يف ذلك الطائرة التي تقصفنا‬ ‫بالرباميل املتفجرة وذاك العلم األحمر الذي يعتربه‬ ‫البعض سذاجة أنه علم النظام بحجة أن قوات‬ ‫النظام تعمل تحت رايته‪ ،‬وكذلك نحن خرجنا‬ ‫طيلة األشهر األوىل نتظاهر تحت رايته‪.‬‬

‫أردنا أن يكون لنا عم ًال مجدياً عىل هذا الصعيد‬ ‫فهو أن نعمل لنطلق العرشات من التنظيامت‬ ‫السياسية التي ليس لها وزن حتى ميكننا من صنع‬ ‫بأمس الحاجة له إن كنا نريد‬ ‫حراك سيايس نحن ّ‬ ‫بناء بلدنا‪.‬‬

‫لهذه الحريات من خالل إقامة سلطة قضائية‬ ‫مستقلة عن السلطة التنفيذية بل وتكون أعىل‬ ‫شأناً دستورياً منها‪ ،‬وعدم إعطاء رئيس الجمهورية‬ ‫أو رئيس الوزراء صالحية تشكيل مؤسسات أمنية‬ ‫تتبع له ويسميها الضابطة العدلية‪ ،‬إضافة ألمور‬ ‫من هذا النوع التي تضمن إطالق الحريات عند‬ ‫السوريني‪ ،‬أظن أن ذلك ميكن أن يكون أساساً‬ ‫صالحاً ملرحلة انتقالية تحكمها سلطة محدودة‬ ‫الصالحيات ومحدودة املدة الزمنية‪ ،‬يكون من‬ ‫مهامها تهيئة البالد سياسياً وأمنياً النتخابات تقبل‬ ‫بها جميع األطراف‪.‬‬ ‫ال بد يل منذ البداية من االنطالق للدفاع عن‬ ‫حقوق جميع السوريني‪ ،‬موالني ومعارضني‪،‬‬ ‫والعمل عىل تأمني مصالحهم جميعاً‪ ،‬إذ أنه ال‬ ‫يجوز لنا أن نعتمد أسلوب بشار األسد الذي يقول‬ ‫إنه ليس رئيساً لجميع السوريني‪ ،‬فنحن علينا إنتاج‬ ‫سلطة لجميع السوريني‪ ،‬هي تلبي مصالحهم وهم‬ ‫يلتفون حولها ويحمونها‪.‬‬ ‫األمر ليس بسيطاً يف الحل أو اإلجابة‪ ،‬فهو أكرث‬ ‫تعقيداً من أن تتسع له صفحات مجلة أو ينتجه‬ ‫دماغ واحد‪ .‬ولكن ميكننا أن نعلم أننا ومنذ‬ ‫انطالق تدويل قضيتنا بشكل رصيح مع نهاية عام‬ ‫‪ 2011‬فقد صار عصياً عىل طرف أن ينترص عىل‬ ‫الطرف اآلخر‪ ،‬أو عىل األطراف األخرى بعد أن‬ ‫تعددت األطراف املتصارعة‪ .‬فباتت موازين القوى‬ ‫متعادلة‪ ،‬فكلام تلقت قوى املعارضة دع ًام يتلقى‬ ‫النظام دع ًام مقاب ًال‪ ،‬والعكس صحيح إال يف األشهر‬ ‫القليلة املاضية‪ ،‬وتحديداً بعد التدخل الرويس إذ‬ ‫حرمت املعارضة من الدعم و ُتركت تتلقى هزميتها‬ ‫أمام أعني الدول التي قالت إنها صديقتها‪.‬‬ ‫عبارة ختامية‪ :‬ما كان ميكن لبشار األسد أن يصمد‬ ‫كل هذا الوقت لو استطعنا الحفاظ عىل السلمية‬ ‫أسلوباً يف رصاعنا معه‪ .‬وما كان له أن يبقى كل‬ ‫وجد بديل له‪ .‬وما كان صار بنا‬ ‫هذا الوقت لو ِ‬ ‫الذي صار لو مل يهرب املعارضون وقادة املظاهرات‬ ‫إىل خارج البالد تاركني الساحة والشوارع للنظام‬ ‫وحده‪.‬‬ ‫لقد حققنا انتصارات مهمة يف األشهر األوىل ومل‬ ‫نحقق بعدها أي انتصارات مهمة‪ ،‬وما نراه عىل‬ ‫األرض من وجود فصائل مسلحة فهذه حالة لن‬ ‫تدوم‪.‬‬ ‫صمد النظام طوال هذا الوقت ألنه مل يكن يف‬ ‫مواجهته كيان ميكن له أن يحل محله يف حال‬ ‫سقط‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫الربيع العربي‪ ..‬أزمة الوالء والهوية‬ ‫الثورة السورية نموذجًا‬

‫‪8‬‬ ‫نذير صالح‬

‫العدد ‪2016 / 2 / 17 - 65 -‬‬

‫مقاالت‬

‫أصيبت شعوبنا وما تزال بداء االستبداد‪ ،‬الذي‬ ‫يخصها‪ .‬حتى كادت تبدو شعوباً بال‬ ‫مسح كل يشء ّ‬ ‫هوية‪ ،‬أو باتت يف أحسن األحوال ُتنسب ُلح ّكامها‪.‬‬ ‫ففي سورياً‪ ،‬لن ننىس شعارات من قبيل “سوريا‬ ‫األسد” و “جنود األسد” وأشبال ومساجد ومكتبات‬ ‫ومالعب وجامعات ومدن األسد!‬ ‫وحني اندلع الربيع العريب كانت أوىل غاياته هي‬ ‫االنعتاق من تلك التبع ّية‪ ،‬وكرس روابط الشعوب‬ ‫مع ُح ّكامها التي جعلها االستبداد روابط حديد ّية‬ ‫ُصنعت بالنار والبطش إلخضاع إرادة الشعب‬ ‫إلرادة الحاكم وليس العكس!‬ ‫وبطبيعة الحال‪ ،‬فإن كل بلد من بلدان الثورات‬ ‫له ظروفه وخصائصه التي يتف ّرد بها‪ ،‬وميتلك من‬ ‫املعايري املوضوعية ما جعل ثورته تأخذ مساراً يف‬ ‫مآالته يختلف كثرياً عن غريه من البلدان‪ .‬وما‬ ‫يوحد ثورات تلك البلدان اليوم رمبا هو فشلها يف‬ ‫ّ‬ ‫إحراز (االنعتاق املفيد) من االستبداد‪.‬‬ ‫فباعتقادي‪ ،‬بقدر ما مي ّثل مجرد اندالع الثورة‬ ‫الشعبية منعطفاً تاريخياً يف حياة املجتمعات‪،‬‬ ‫لوعي جديد بكل املعطيات واملفاهيم‪،‬‬ ‫وبداي ًة‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫فإن املسألة ال تنتهي هنا؛ مبعنى ّأن االنعتاق من‬ ‫يتم وينتهي بكرس الخوف منه‪.‬‬ ‫االستبداد ال ّ‬ ‫فاملد ّقق مبا حصل يف الحالة السورية مث ًال سريى‬ ‫حدوث أزمة حقيق ّية يف املجتمع السوري بخصوص‬ ‫تحديد هوية هذه الثورة؛ هل هي ثورة دينية أم‬ ‫علامن ّية‪ ،‬ثورة ض ّد االستبداد أم ض ّد الفساد‪ ،‬ثورة‬ ‫تجار‪ ،‬ثورة يسار أم ثورة‬ ‫جياع وكادحني أم ثورة ّ‬ ‫ميني‪ ..‬هل هي ثورة مؤدلجة منذ لحظة اندالعها‬ ‫أم أ ّنها ولدت عفوي ًة بامتياز؟‪..‬‬ ‫َ‬ ‫عرضت سؤاالً عىل السوريني اآلن بخصوص‬ ‫ولو‬ ‫هوية ثورتهم ستالحظ حدّة الجدل الذي سيحصل‬ ‫ّ‬ ‫واملنظامت التي‬ ‫بني مختلف الت ّيارات واملعارضات‬ ‫ظهر معظمها بعد الثورة‪ .‬وي ّربر معظم الذين قالوا‬ ‫ّإن أزمة الهوية هذه طبيعية يف مسار الثورات‬ ‫الشعبية ‪-‬يف الوقت الذي ما يزال فيه االستبداد‬ ‫يرضب هائجاً كالثور‪ -‬بقولهم برضورة تحديد‬ ‫هوية الثورة يك تتضح مالمح ومرجع ّية الدولة التي‬ ‫ستفرزها هذه الثورة بعد انعتاقنا من االستبداد‪.‬‬ ‫فرصت ترى ّ‬ ‫َ‬ ‫كل تيار معارض يضع الهوية التي‬ ‫تناسب فكره للثورة يك يتسنّى له جعل هوية‬

‫الدولة بعد الثورة عىل مقاس تياره ومبادئه‪،‬‬ ‫وبالتايل نشوب رصاعات بني مختلف تلك الت ّيارات‬ ‫حاصصة‪ ،‬ما زاد‬ ‫الثائرة التي وقعت بفخ منطق ا ُمل َ‬ ‫العبء حقيق ًة عىل الثورة نفسها وأدخل البالد يف‬ ‫استقطابات ال تقل خطور ًة عن نظام االستبداد‪.‬‬ ‫وليس إضعاف مناعة الثورات ض ّد تحدياتها الكثرية‬ ‫سوى واحدة من تلك املخاطر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وإن أصل املعضلة باعتقادي ليس الجدل الحاصل‬ ‫لتحديد هوية الثورات من قبل قوى تصدرت‬ ‫املشهد بتمثيلها سياسياً واجتامعياً‪ ،‬فهذه األزمة‬ ‫رغم خطورتها ‪-‬بوصفها باتت عقبة إضافية تواجه‬ ‫الثورات‪ -‬فهي النتيجة وليست السبب‪ ،‬فاألمر‬ ‫يخص بصورة مبارشة الثائرين أنفسهم؛ ففي‬ ‫ُّ‬ ‫الوقت الذي دامئاً يوجد أعداء محل ّيون ودول ّيون‬ ‫للثورات مل ينتبه الثائرون إىل الوسائل التي سيتّبعها‬ ‫عدوهم ملواجهتهم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكا ُد أكون عىل يقني أن أعداء الربيع أحسنوا‬ ‫متاماً مواجهة الثورات عرب معرفتهم الدقيقة ملاهية‬ ‫الوعي الجمعي املحرك ملجتمعاتنا والخلف ّيات‬ ‫املعرفية والثقافية التي ُبنيت انطالقاً منها مختلف‬ ‫التيارات واأليديولوجيات القامئة‪ .‬فمع األسف‬ ‫يدرك األعداء متاماً ّأن شعوبنا يقدّسون والءهم‬ ‫وانتامءاتهم ملرجع ّياتهم الفكرية أو الدينية أو‬ ‫السياسية أو القومية‪ ،‬وهذا التقديس يكون غالباً‬ ‫وراثياً وليس معرف ّياً‪ ،‬وبذات الوقت هي شعوب‬ ‫عاشت فرتات طويلة محروم ًة من التعبري عن‬ ‫انتامءاتها يف كنف االستبداد الذي حكمها بسيف‬ ‫الجهل‪ .‬وبالتايل ومن خالل إذكاء هذا الوالء لدى‬ ‫كل التيارات الشعبية املشاركة بالثورة الواحدة يف‬ ‫البلد الواحد املبتىل بعدو واحد‪ ،‬سوف يصطف ُّ‬ ‫كل‬ ‫ذي ت ّيار خلف رموز ت ّياره‪َ ،‬بي َد ّأن نظام االستبداد‬ ‫ّ‬ ‫سيظل متامسكاً وواحدًا يف مواجهتهم‪.‬‬ ‫وأعود ألن ّوه هنا أن السبب ليس من قاموا‬ ‫عمداً بإذكاء شعور الثائر برضورة االصطفاف‬ ‫األيديولوجي خلف رموزه السياسيني أو الفكريني‬ ‫أو الدينيني‪.‬‬ ‫بل السبب يكمن يف الثائرين؛ فمع االبتالء الطويل‬ ‫باالستبداد فقدت مجتمعاتنا ذاكرتها الثور ّية‬ ‫وانحرست متاماً ثقافتها العملية يف التغيري بشتّى‬ ‫أشكاله وأ ّولها التغيري الذايت‪ ،‬ومل يعد اإلنسان‬ ‫الرشق أوسطي قادراً عىل انتقاء انتامءاته وفقاً‬ ‫ملنهج معريف ومنطقي س ّيام وهو يعيش يف ظروف‬

‫ُسحق فيها اإلنسان و ُقطع لسان الحق وأصبح‬ ‫كالعبد يف قرص السلطان الذي أصدر فرماناته التي‬ ‫ق ّررت ّأن التفكري بدعة والرفض حرام!‬ ‫غياب تام للغة املعرفة‬ ‫ويف حال ٍة كهذه من‬ ‫ٍ‬ ‫وضع باتت‬ ‫وج ّو الرتبية املجتمعية الصح ّية‪ ،‬ويف ٍ‬ ‫املجتمعات رهينة إلرادة ّ‬ ‫جلديها‪ ،‬فقد الفرد قدرته‬ ‫عىل التعامل مع انتامءاته مهام كانت طبيعتها‪،‬‬ ‫وبات ال يف ّكر أص ًال بطريق ٍة ترسم له شخصيته‬ ‫وتوجهاته الفكرية‪،‬‬ ‫املستق ّلة وتبني خلفيته الثقافية ّ‬ ‫وقت اجتاحت رياح الثورات املنطقة ومل تنتظر‬ ‫يف ٍ‬ ‫أحداً حتى يعالج ما أفسده االستبداد يف الفرد‬ ‫واملجتمع‪ ،‬األمر الذي خلق عند الثائر أثناء نشاطه‬ ‫الثوري أزم َة تقدير يف توجيه والئه بصورة حكيمة‬ ‫ومنسجمة مع مبدأ الثورات املناهضة لالستبداد‪،‬‬ ‫خصوصاً ّأن موقفه املبديئ رسمته عفويته الفطرية‬ ‫برفض الظلم بعيداً عن أية اعتبارات إيديولوجية‪،‬‬ ‫فوقع برشك التخبط وهو يضع انحيازاته عىل س ّلم‬ ‫أولوياته يف خضم الثورة‪ ،‬فبتنا نشهد استقطابات‬ ‫ذات طابع أيديولوجي‪ .‬وبات الثائر الذي دفعته‬ ‫عفو ّيته اإلنسانية يف البداية يقدم الوالء لجامعته‬ ‫الحزبية أو الفكرية أو العسكرية بقدر أكرب من‬ ‫والئه للثورة نفسها‪ ،‬ظناً منه ّأن جامعته هي‬ ‫البوصلة صوب املسار الثوري الصحيح‪ ،‬وهذا ما‬ ‫جعل مستوى هشاشة الثورات عالياً حتى اللحظة‬ ‫يف مواجهة الثورات املضادّة‪ .‬ووقفت الثورات‬ ‫عاجز ًة عن إصالح نفسها وتنظيفها من مخلفات‬ ‫االستبداد‪ .‬وخلق بالرضورة أزمة هوية فشلت‬ ‫أغلب القوى الثورية يف تحديدها بسبب (عمى‬ ‫الوالء) الذي ّ‬ ‫حل عليها‪.‬‬ ‫ملحة إلنقاذ الثورات‪،‬‬ ‫إذاً نحن أمام رضورة ّ‬ ‫وهي االنعتاق من الوالء املؤدلج‪ ،‬والتحرر من‬ ‫االنحيازات املقولبة‪ ،‬والعودة بالوالء نحو الجهة‬ ‫الصحيحة‪ ..‬الوالء لإلنسان‪.‬‬ ‫فال انعتاق من االستبداد وال نرص للشعوب‬ ‫دون االنعتاق املبديئ من الوالءات العمياء‪،‬‬ ‫ودون توجيه والئنا صوب الحق وصلب القضية‪،‬‬ ‫فالثورات الحالية من الرضوري أال تكون مؤدلجة‬ ‫وأال تحمل أ ّياً من طبائع االستبداد‪ ،‬وحني يكون‬ ‫والء الثوار لإلنسان ستكون بال شك هوي ُة ثوراتهم‬ ‫إنسان ّية فقط‪ ،‬ترفض االصطفافات املغ ّلفة ومتيض‬ ‫قدماً نحو هدفها إلنقاذ اإلنسان رافع ًة شعار‪:‬‬ ‫الوالء لإلنسان‪ ..‬والهو ّية إنسان ّية‪.‬‬


‫يوميات ياسمين (‪)3‬‬ ‫سالم الغوطاني‬

‫“هذا املرشوع وإن ُن ِّفذ فإنه مل ولن يدوم”‪.‬‬

‫حلب أم رساييفو سوريا ضمن اسرتاتيجية‬ ‫الحصار واللهاث وراء املعابر‬ ‫أفرزت التطورات األخرية ما تريده األطراف‬ ‫املتحركة اليوم بريف حلب الشاميل‪ ،‬فالنظام‬ ‫بارع يف الحصار ولديه تجارب عديدة‪ ،‬وامليليشيا‬ ‫الكردية تحركت نحو عزاز بعد ساعات من‬ ‫سيطرتها عىل مطار وبلدة منغ‪ ،‬وبالتايل التوجه‬

‫نحو املناطق الحدودية وصو ًال إىل معرب باب‬ ‫السالمة‪ ،‬األمر الذي أكده املرصد السوري لحقوق‬ ‫وقت سابق‪.‬‬ ‫اإلنسان يف ٍ‬ ‫صفيح ساخن‪ ،‬واأليام‬ ‫بالتأكيد ستكون حلب عىل‬ ‫ٍ‬ ‫واقع صارم رمبا‬ ‫أمام‬ ‫القادمة حبىل باملفاجآت‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُيعيد ُ لألذهان فرتات املظاهرات الثورية السلمية‬ ‫شعب صاح مراراً عاشت سوريا‬ ‫وشعارات‬ ‫ٍ‬ ‫ويسقط األسد‪..‬‬

‫العدد ‪- 65 -‬‬

‫مللمت مالبيس وأشيايئ وعجزت عن مللمة ياسمني‪،‬‬ ‫ومع كل قطعة مالبس أضعها بأكيايس كان ضياعي‬ ‫يترسب من بني أصابعي كدخان يرسم شبحاً يشبهني‪،‬‬ ‫يخيفني ألنه أنا‪ .‬ودعت كتبي‪ ،‬دفاتري وأقالمي كمن‬ ‫يودع نفسه‪ ،‬وجلست قلي ًال يف املكان الذي اعتدت‬ ‫الجلوس فيه ورشيط حيايت مي ّر أمام عيني‪ ،‬لحظات‬ ‫الفرح والحزن والقوة والتعب‪ ،‬ارصاري عىل النجاح‪،‬‬ ‫وألول مرة أعرف الشعور بالوحدة‪ ،‬وحيدة‪....‬‬ ‫وحيدة‪ ...‬رددتها‪ ،‬أدركت ما معنى أين ال أملك نفيس‪،‬‬ ‫وأنني كشاة تقاد للذبح‪.‬‬ ‫والغصة ترافقنا‬ ‫غادرت دوما مع جدي وجديت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتصنع صمتنا الذي دام طوال الطريق‪ ،‬اىل منزل‬ ‫والدي‪ .‬كان الجميع مشغوالً باالستعداد ليوم الغد‬ ‫الذي هو زفايف‪ ،‬كنت أتابع تحركاتهم بنظرات تعبة‪،‬‬ ‫تائهة ومبهمة وكأن كل هذا ال يعنيني‪.‬‬ ‫اقرتبت مني أمي وبصوت عال كأنها توقظني‪“ :‬شو‬ ‫بيك ياسمني بكرا عرسك‪ ،‬حريك حالك عنا شغل‬

‫شهادات‬

‫‪ ..‬تتمة من الصفحة ‪4‬‬ ‫سلبية كبرية قد تنهي الثورة إىل حني”‪ ،‬الفتاً أن‬ ‫حلب يف جزء من وطن أكرب وأرحب وليس لها‬ ‫خصوصية‪ ،‬مشرياً إىل أنها “آجال أو عاج ًال ستكون‬ ‫مع بقية إجراء الوطن وحدة متامسكة تشبه‬ ‫وجهها التاريخي”‪.‬‬ ‫وح َّذر أيضاً من أن تقسيم وتوزيع سورية “ ُي َعمل‬ ‫به خارحيآ”‪ ،‬لكنه أجزم يف الوقت نفسه‪ ،‬بأن‬

‫لوحة للفنان ديالور عمر بعنوان “قصة الجئة”‬

‫‪2016 / 2 / 17‬‬

‫كفراش ٍة تنتقل من زهرة اىل أخرى‪ ،‬وبقلب تتدفق‬ ‫فيه أنغام عذبة‪ ،‬كان التفكري بخيارات سنوات‬ ‫عمري القادمة يقفز يب من حلم اىل آخر بألوان‬ ‫زاهية‪ ،‬تحاول أن تلغي قلق الواقع الذي أعيش‪.‬‬ ‫شعرت أن حيايت بدأت بالتفتح مبجرد أن أنهيت‬ ‫امتحان الصف التاسع يوم االربعاء‪ ،‬بفرح ويقني‬ ‫كبريين بالنجاح‪.‬‬ ‫َم َّر عىل وجودي يف منزل جدي والد أمي مبدينة‬ ‫دوما حوايل السنة والنصف‪ ،‬تخللتها زيارات‬ ‫متقطعة ملزرعة والدي القابعة عىل أطراف الريف‬ ‫الجنويب املنيس ملدينة دمشق‪ ،‬دوما الشامخة اآلن‬ ‫كانت تشبه فتاة تغادر سن املراهقة للنضج بني‬ ‫ريفها ومدنيتها‪ ،‬بني مزارعها وأبنيتها الحديثة‪.‬‬ ‫دوما التي منحتني شعوراً بالعلو عىل صديقايت‬ ‫وأقربايئ القاطنني ببلدتنا الريفية الصغرية املنسية‬ ‫حيث عدد االبقار والدواجن يفوق عدد السكان‪،‬‬ ‫أفرحني أن يقولوا “رصيت يا ياسمني دومانية”‪،‬‬ ‫أبهجني انصاتهم يل وانا أحدثهم عنها‪ ،‬عن‬ ‫مدارسها ومطاعمها وبيوتها ورائحة االزدحام التي‬ ‫تشعرنا بصخب الحياة‪.‬‬ ‫احسايس بالعلو منحني الثقة بالقادم من حيايت‪،‬‬ ‫رسمني باملستقبل كسيدة مجتمع راقٍ ‪ ،‬أدركت‬ ‫طريقي‪ ،‬وتلمسته مع نهاية امتحانات الشهادة‬ ‫االعدادية‪ ،‬يف ذلك اليوم وأنا عائدة اىل بيت جدي‪،‬‬ ‫كان نبض قلبي يستولد ّيف الطريان‪ .‬استقبلتني‬ ‫عيص عىل التفسري يعلن‬ ‫جديت بوجه عابس‬ ‫ّ‬ ‫وقوعي وارتطامي عىل أرض قاسية كارسة روحي‬ ‫قبل عظامي “عجيل ضبي أواعييك وغراضك‪ ،‬ما‬ ‫معنا وقت‪ ،‬اتصل أبويك وقلنا نجي برسعة‪ ،‬الجمعة‬ ‫زفافك‪.”...‬‬ ‫وقفت أمامها بال حراك‪ ،‬وبعينني مفتوحتني بذهول‬ ‫غادرتهام رمويش‪ ،‬بدأ وعيي يغيب‪ ،‬هي النهاية‪،‬‬ ‫هي موت أحالمي‪ ،‬وانكسار أجنحتي واسوداد‬ ‫ألواين‪ .‬أحسست بتوقف قلبي وامتالء جسدي‬ ‫بالربودة‪ .‬رصخة جديت أعادت شهيق وزفري دون‬ ‫هواء‪ ،‬دون وجود‪ .‬وبات اختفايئ عنواين‪...‬‬

‫كثري‪ ....‬يا حرام ابن عمتك‪ ،‬جهز لعرسو وعزم‬ ‫الناس‪ ،‬واشرتى ج ْهاز ودبايح وقبل العرس بيوم‬ ‫اختلف مع عروستو وصار بال عروس‪ ،‬فكرنا انو‬ ‫تكوين انتي بدالها ويظل العرس مايش”‪.‬‬ ‫وبفم قد غزاه الجفاف‪“ :‬أنا‪ ....‬مني ابن عمتي”؟‬ ‫“ابن عمتك سعاد‪ ،‬محمد”‪.‬‬ ‫“ما بعرفو”‪.‬‬ ‫“طيب وابن حالل وكسيب”‪.‬‬ ‫“ما بعرفو”‪.‬‬ ‫“محمد جمعة ابن عمتك كان يشتغل بلبنان واجا‬ ‫من اسبوع ليتجوز ويا حرام شو صار معو”!!‬ ‫“امي اسمعيني ما بعرفو‪”...‬‬ ‫“خلص بكرا بتتعريف عليه وبتشويف‪ ،‬كثري طيب”‪.‬‬ ‫انتابتني قوة غريبة احتلت كياين ورصت أرصخ‪:‬‬ ‫“ال ال ال ما بدي اتجوز”‪.‬‬ ‫“لك شو عبتقويل ويل”؟!‬ ‫“عبقلك ما بدي اتجوزو”‪.‬‬ ‫قويت تحولت اىل جنون‪ ،‬هيسرتيا محمومة حركت‬ ‫كل جسدي ومع رصخة الـ”ال” كانت حركايت غري‬ ‫اإلرادية ترمي أغراض املطبخ‪ ،‬كرست الكثري من‬ ‫األواين‪ ،‬كنت أرميها لعل صوت تحطم الزجاج يبدّد‬ ‫وحديت وعجزي وقلة حيلتي‪.‬‬ ‫بدأت امي برضيب وهي ترصخ‪“ :‬غصنب عنك‬ ‫يا فاجرة بدك تتجوزي”!! جثتي التي بني يديها‬ ‫كانت تتوسلها‪“ :‬ببوس ايدك يا امي سمعيني‪،‬‬ ‫ما بدي‪ ،‬منشان الله‪ ،‬بتحبي الله‪ ،‬ما بدي‪،”...‬‬ ‫وترضبني وترضبني‪ .‬ال أعرف كيف مىض الوقت‬ ‫وجاء الصباح‪ ،‬وكيف وصلت إىل غرفتي‪ ،‬ومن‬ ‫وضعني عىل رسيري‪ .‬كنت غري قادرة عىل الحركة‪،‬‬ ‫كاملشلولة‪ ،‬دخلت أمي ومعها كيس كبري‪ ،‬صوتها‬ ‫كان بعيداً وهي تقول‪“ :‬قومي تحممي وهاي‬ ‫الكيس فيه فستان العرس والكندرة واالواعي‬ ‫الدواخل”‪ .‬بعد مرور وقت قصري امتأل البيت‬ ‫بالناس‪ ،‬أحرضوا “كويفريا” لتساعد مبراسيم زفتي‪.‬‬ ‫بعد ان انتهت من شعري‪ ،‬لونت وجهي‪...‬‬ ‫‪ ...................................‬يتبع يف العدد القادم‬

‫‪9‬‬


‫‪10‬‬

‫تجارة الالجئين غير المشروعة‬ ‫بالالجئين في تركيا‬ ‫وائل موسى‬

‫العدد ‪2016 / 2 / 17 - 65 -‬‬

‫اقتصاد‬

‫بات للتهريب سوق ضخمة يف تركيا‪ ،‬ولها حالتني؛‬ ‫الحالة األوىل من التهريب هي لدخول تركيا بداية‬ ‫من الحدود السورية الرتكية وصوالً إىل الحدود‬ ‫اإليرانية‪ ،‬وعىل الرغم من أن إغالق الحدود له‬ ‫أثر كبري يف اضطرار األشخاص للعبور بوسائل‬ ‫غري مرشوعة‪ ،‬إال أنني أذكر جيداً أثناء نشاط‬ ‫الحدود بشكل رسمي كيف كان التهريب كثيفاً‪،‬‬ ‫وخصوصاً بالقرب من البوابات الرسمية‪ ،‬ويتم من‬ ‫خالله تهريب األشخاص الذين ال ميلكون جواز‬ ‫سفر باإلضافة إىل تهريب الشاي واملخدرات‪ ،‬بعد‬ ‫إغالق الحدود ارتفعت أجرة تهريب األشخاص‬ ‫لترتاوح ما بني ‪ 100‬إىل ‪ 300‬دوالر للشخص‬ ‫الواحد‪ ،‬ورغم املخاطر املحدقة بالعابرين بالطرق‬ ‫غري املرشوعة‪ ،‬إال أن املهربني دامئاً ما يدعمون‬ ‫أعاملهم بدعاية لتلطيف الحالة وتخفيف وصف‬ ‫املخاطر لتبدو كأنها رحلة مسري بسيطة ومتيض‬ ‫بسالم مبجرد تجاوز الرشيط الشائك ببضعة أمتار‬ ‫فقط‪.‬‬ ‫الحالة الثانية هي التهريب للخروج من تركيا‬ ‫نحو أوروبا‪ ،‬وهذا النوع من التهريب فيه أرباح‬ ‫خيالية حيث يدفع الشخص ما بني ‪ 700‬إىل عرشة‬ ‫آالف دوالر للشخص الواحد وتختلف األسعار‬ ‫حسب وسيلة النقل‪ ،‬ومن أشهر هذه الوسائل‬ ‫هو أرخصها (البلم) حيث يصعد يف البلم الواحد‬ ‫حوايل ‪ 40‬شخصاً ليصل معدل دخل املهرب عىل‬ ‫البلم الواحد ما يقارب ‪ 30‬ألف دوالر عىل أقل‬ ‫تقدير‪ ،‬وقد يصل يف موسم الصيف إىل ما يزيد‬ ‫عن ‪ 90‬ألف دوالر‪ ،‬رغم أن تكلفة البلم ال تتجاوز‬ ‫‪ 2000‬دوالر أمرييك فقط‪.‬‬ ‫ليس البلم وحده مكسب تجار البرش واملهربني‪،‬‬ ‫حيث يضاف إليهم التهريب الربي‪ ،‬ويكون عادة‬ ‫عرب دليل من أشخاص يتم تجهيزهم لعبور‬ ‫الحدود عرب الغابات‪ ،‬ويتخللها ركوب لسيارات‬ ‫نقل أو لشاحنات نقل غري مخصصة لنقل البرش‪،‬‬ ‫كتلك الشاحنة التي قىض فيها جميع الالجئني‬ ‫اختناقاً‪ ،‬وترتاوح تكلفة التهريب عرب الرب ما بني‬ ‫‪ 700$‬لتصل إىل ما يزيد عن ‪ 8000$‬إن كانت‬ ‫عرب صناديق شاحنة مغلقة‪ ،‬أما التهريب األكرث‬ ‫أماناً وأكرث تكلفة هو السفر الرسمي عرب املطارات‬

‫‪2‬‬

‫بأوراق مزورة‪ ،‬حيث يتم تزوير تأشرية دخول‬ ‫وغالباً ما تكون إىل إيطاليا أو رصبيا‪ ،‬وقد تصل‬ ‫الكلفة إىل ما يزيد عن عرشة آالف يورو‪.‬‬ ‫رغم اختالف وسائل التهريب وتفاوت املخاطر‬ ‫إال أنها جميعاً تتشابه يف النهاية باستغالل حاجة‬ ‫الالجئني واملتاجرة بهم‪ ،‬وبحسبة تقديرية يتبني‬ ‫أن واردات املهربني سنوياً ترتاوح ما بني ‪50-‬‬ ‫‪ 100‬مليون دوالر سنوياً وهو رقم كفيل بتجهيز‬ ‫مشاريع واعدة لصالح الالجئني‪.‬‬ ‫أما عن مساهمة بعض الالجئني يف مثل هذه‬ ‫التجارة‪ ،‬ومن خالل البحث يف أسواق املهربني‬ ‫يتبني لنا أن جل السامرسة هم أساساً من الالجئني‬ ‫السوريني والعراقيني‪ ،‬ويشكل هذا التشابه يف‬ ‫الجنسية واللجوء ما بني السمسار والراغبني‬ ‫بالهرب وسيلة مهمة جداً إلقناع زبائنهم عىل‬ ‫أن رحالتهم آمنة وال تحتوي عىل املخاطر‪ ،‬كام‬ ‫أن السامرسة يحاولون دامئاً أن يظهروا عىل أنهم‬ ‫يقدمون خدماتهم مساعدة ألخوتهم الالجئني‬ ‫حفاظاً عىل مصالحهم وسعياً لتأمني مستقبل‬ ‫أفضل لهم‪ ،‬ورغم كل األكاذيب املختلقة‬ ‫واملكشوفة أمام الجميع عىل أنها مجرد طعم‬ ‫لإليقاع بالزبائن من الالجئني‪ ،‬إال أن الالجئني ال‬ ‫سبيل لديهم سوى الخضوع لهؤالء التجار‪.‬‬ ‫ترتاوح نسبة السمسار عىل كل زبون ما بني ‪50‬‬ ‫إىل ‪ 100‬دوالر وكثرياً ما يستغل هذا السمسار‬ ‫عالقاته االجتامعية باألصدقاء واألقارب لتأمني‬

‫املزيد من الزبائن وطأمنتهم عىل أنهم بني أيد‬ ‫معروفة ولن تشكل عليهم أي خطر‪ ،‬إال أن الواقع‬ ‫له وجه مختلف‪ ،‬حيث تنتهي عالقة السمسار‬ ‫بالزبون عند مغادرته للمكان املتفق عليه لبداية‬ ‫الرحلة‪ ،‬وكثرية هي األخبار التي تصلنا عن إجبار‬ ‫املهربني لالجئني للصعود إىل البلم بأعداد كبرية‬ ‫ومهام كانت الظروف حيث ال خيار آخر لدى‬ ‫الالجئ وال ميكنه الرتاجع حتى لو تم استخدام‬ ‫العنف معهم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كل ما سبق ليس إال جز ًء بسيطا من سوق‬ ‫التهريب والتجارة بالبرش غري الرشعية والتي ال‬ ‫تقترص فقط عىل تركيا‪ ،‬واملؤمل أن يساهم فيها‬ ‫عدد ال يستهان به من الالجئني أنفسهم إىل جانب‬ ‫تجار البرش من جنسيات متعددة‪ ،‬وجدير بالذكر‬ ‫أن شبكات تجارة البرش والتهريب ال تقترص‬ ‫فقط عىل نقل البرش‪ ،‬إمنا يتبعها خطف لألطفال‬ ‫واستغالل للقارصين‪ ،‬وقد صدر مؤخراً تقرير من‬ ‫وكالة الرشطة األوروبية يتحدث عن اختفاء أكرث‬ ‫من عرشة آالف طفل أغلبهم سوريون‪.‬‬ ‫يستمر نشاط التجارة بالبرش دون أي تدخل‬ ‫من الحكومات بشكل جاد لردعها‪ ،‬حيث تبدوا‬ ‫بالنسبة للحكومة الرتكية مبثابة ورقة ضغط عىل‬ ‫االتحاد األورويب‪ ،‬يف الوقت الذي يتجاهل فيه‬ ‫املجتمع الدويل بشكل متعمد أنه بإمكانهم وقف‬ ‫هذه املهزلة وإيجاد وسائل آمنة الستقبال من‬ ‫يستحق اللجوء‪.‬‬


‫نشرة اقتصادية‬

‫طلعنا عالحرية ‪ -‬القسم االقتصادي‬

‫اهم املستجدات التي تهم السوريني يف الشتات والداخل‬

‫المهدئات والمسكنات هي األرخص بين األدوية‬

‫احتوائها عىل نسب ضئيلة من املواد املخدرة‬ ‫والتي يؤدي استخدامها بكميات زائدة وبشكل‬ ‫مستمر إىل اإلدمان‪ ،‬وال يعترب تداول األدوية‬ ‫بشكل خاطئ هو نتاج فوىض الحرب القامئة يف‬ ‫السنوات املاضية فقط‪ ،‬حيث يتوفر العديد من‬ ‫األدلة عىل انتشار استخدام األدوية كمخدرات‬ ‫يدمن عليها العديد من الشباب دون حسيب‬ ‫أو رقيب‪.‬‬

‫‪ 6‬مليار دوالر لعام‬ ‫‪ 2016‬من مؤتمر‬ ‫المانحين لسوريا‬

‫حققت عصابات األسد تقدماً ملحوظاً‬ ‫يف الفرتة األخرية يف املناطق الشاملية‬ ‫من سوريا‪ ،‬وجاء هذا التقدم عىل‬ ‫حساب قوات املعارضة السورية‬ ‫مبشاركة جوية روسية مكثفة عىل‬ ‫محافظتي حلب وإدلب‪ ،‬وتعمدت‬ ‫القوات الجوية الروسية استهداف عدد‬ ‫من املستشفيات يف حلب باإلضافة إىل‬ ‫مخيامت للنازحني بالقرب من الحدود‬ ‫السورية الرتكية‪ ،‬مام دفع أكرث من مئة‬ ‫ألف من املدنيني للنزوح مجدداً نحو‬ ‫الحدود الرتكية‪.‬‬ ‫تزامنت اعتداءات الطريان الرويس‬ ‫وتقدم عصابات األسد مع تراجع‬ ‫رسيع يف قيمة اللرية السورية لتتخطى‬ ‫حاجز ال ‪ 400‬لرية وتصل إىل ‪ 440‬لرية‬ ‫سورية مقابل الدوالر الواحد‪ ،‬وحاول‬ ‫حاكم البنك املركزي (أديب ميالة)‬ ‫تربير هذا الهبوط املفاجئ يف قيمة‬ ‫اللرية السورية بأنه نتيجة النسحاب‬ ‫(اإلرهابيني) بحسب تعبريه‪ ،‬مربراً أن‬ ‫كل عائلة تحتاج إىل ما يقارب ‪ 10‬آالف‬ ‫دوالر لالنتقال إىل أوروبا عرب تركيا‪.‬‬ ‫تربير ميالة تناقض مع الواقع كام‬ ‫تناقض مع وعوده السابقة‪ ،‬حيث سعى‬ ‫يف تربيره للقول بأن آالف الالجئني‬ ‫العالقني عىل الحدود الرتكية (ممن‬ ‫هربوا من قصف الطريان الرويس)‪،‬‬ ‫قد حملوا معهم كميات ضخمة من‬ ‫القطع األجنبي رغم أن غالبية النازحني‬ ‫خرجوا من مخيامتهم إليجاد مناطق‬ ‫آمنة تأويهم‪ ،‬متناسياً وعده بأن سعر‬ ‫رصف الدوالر لن يتخطى حاجز ال‬ ‫‪ 400‬لرية سورية‪.‬‬

‫اقتصاد‬

‫انتهت أعامل مؤمتر املانحني لسوريا‬ ‫يف العاصمة الربيطانية لندن‪ ،‬وتخطت‬ ‫التعهدات بالتربعات يف املؤمتر ‪10‬‬ ‫مليارات دوالر‪ ،‬منها ‪ 6‬مليار دوالر‬ ‫مخصصة لعام ‪ ،2016‬وقد تم تخصيص‬ ‫معظمها للمعونات الغذائية واملأوى‪ ،‬إال‬ ‫أن أحد أسباب وصول حجم التعهدات‬ ‫إىل رقم قيايس هذا العام هو لتغطية‬ ‫النقص الحاصل يف العام املايض حيث مل‬ ‫يتم تأمني سوى ‪ 43%‬من ‪ 2.9‬مليار دوالر‬ ‫وهو ما سبق أن تعهدت فيه عدد من‬

‫الدول املانحة لكنها مل تلتزم‪ .‬كام يبدو واضحاً تركيز‬ ‫املانحني عىل دعم مشاريع التعليم لألطفال السوريني‬ ‫يف البلدان املجاورة بعد أن تلقت الدول املانحة وعوداً‬ ‫من لبنان واألردن وتركيا يف العمل الجاد لتقديم‬ ‫التعليم لألطفال‪ ،‬ويف هذا السياق بدأ مرشوع إحصايئ‬ ‫يف مدينة غازي عينتاب يسعى ملعرفة أعداد األطفال‬ ‫السوريني وتحديد أماكن تواجدهم للبدء يف عملية‬ ‫تسجيلهم لتأمني انضاممهم للصفوف الدراسية‪ ،‬إال‬ ‫أن هذه الخطوة ما تزال حتى اآلن عىل نطاق ضيق‬ ‫بالنظر إىل انتشار السوريني يف العديد من الواليات‬ ‫الرتكية‪.‬‬

‫والليرة السورية تتراجع‬

‫العدد ‪2016 /2 / 17 - 65 -‬‬

‫من خالل البحث عن توفر األدوية ونوعيتها‬ ‫وأسعارها يف املناطق الشاملية من سوريا‪ ،‬تبني‬ ‫لنا أن أهم األدوية شبه مفقودة‪ ،‬وتحديداً‬ ‫منها األدوية الخاصة باألمراض املزمنة كالسكر‬ ‫والضغط والربو‪ ،‬بينام تتوفر بشكل عام‬ ‫املسكنات واملهدئات وبأسعار رخيصة‪ ،‬وميكن‬ ‫إيجاد مثل هذه األدوية خارج الصيدليات‬ ‫ليتم استخدامها بشكل اعتيادي‪ ،‬ورغم أهمية‬ ‫املسكنات واملهدئات يف املناطق الساخنة‬ ‫نتيجة زيادة اإلصابات بني املدنيني‪ ،‬إال أن‬ ‫تداول األدوية بني غري املختصني أصبح له وجه‬ ‫آخر ليتم استخدام هذه األدوية بطريقة سيئة‪،‬‬ ‫وبشكل خاص بني الشباب العاملني يف النقاط‬ ‫الطبية ممن تطوعوا دون سابق خربة أو أدىن‬ ‫معرفة باملعلومات الطبية‪.‬‬ ‫تعترب املسكنات والعديد من املهدئات من‬ ‫األدوية التي ال تخضع للرقابة الطبية رغم‬

‫عصابات األسد تتقدم‬

‫‪11‬‬


‫‪12‬‬

‫طلعناعالحرية‬ ‫لينة عطفة‬

‫العدد ‪2016 / 2 / 17 - 65 -‬‬

‫ثقافة‬

‫ماذا لو أ ّننا أغلقنا األبواب عىل أنفسنا وانتظرنا معجز ًة تشبه أحالم األطفال‪،‬‬ ‫تفتح باب الحلم‪/‬الواقع لنشهد أننا تخ ّلصنا من الخوف والذكريات املريعة‬ ‫والكوابيس‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يهب من جهة مل نعرفها‪ ،‬ذات املايض لكن مع األشياء‬ ‫مباض ّ‬ ‫تأيت األخيلة مح ّملة ٍ‬ ‫التي أحببناها فقط‪ ،‬يف الصف الثاين االبتدايئ تو ّفيت مع ّلمتي برسطان الدم‪،‬‬ ‫كنت أح ّبها‪ ،‬كانت نجمتي العالية وحني ماتت كانت أ ّول م ّرة أعرف فيها املوت‪،‬‬ ‫ماذا يعني ماتت؟! لن أراها م ّرة أخرى!! فقط يف قلبي‪ ،‬وماذا يعني قلبي؟‬ ‫ً‬ ‫مرشوخا وبقي املوت رعبي األول ألنني مل أفهمه‪ ،‬لقد كان يعني يل‬ ‫بقي قلبي‬ ‫أحب ثاني ًة‪ ،‬يجب عىل معلامت املرحلة االبتدائية‬ ‫أ ّنني لن أمتكن من عناق من ّ‬ ‫أال مينت‪ ،‬وإذا شطح خيايل صوب من أحبهم ح ّد الجنون أقول‪ :‬يجب عىل الحياة‬ ‫أن تسري بال نهاية بال موت‪ ،‬املرارة هي ّأن البرشيّ ال يستطيع أن يثبت جدواه‬ ‫إال من خالل موته!‬ ‫إذن هل الثورات مثلنا ال تستطيع أن تثبت جدواها إال من خالل عبورها‬ ‫أرض املوت؟ مل أعرف ثورة ماتت وعادت بديلتها بكيانها وأحالم أبطالها الذين‬ ‫رحلوا‪ ،‬كل ما أكتبه هذيان ودوائر حول دوائر‪ ،‬أحاول رصد ما يدفعني إىل‬ ‫العدم ّية‪ ،‬أتذ ّكر الخوف من اسم الطاغية‪ ،‬صورته‪ ،‬صوته‪ ،‬عسسه‪ ،‬األبنية الرسمية‬ ‫التي تعني سطوته‪ ،‬الوصول إىل النوم آمنني لليلة جديدة يف بالد الخطف من‬ ‫أغص حني أتذكر املظاهرات يف سلم ّية‪ ،‬كنّا نتصل مبكتب التاكيس‪:‬‬ ‫الشوارع‪ّ ،‬‬ ‫صوب ق ّبة تامر للمظاهرة!‬ ‫صوت الحرية فاتحة ّ‬ ‫كل يشء‪ ،‬الشوارع التي رأيتها منذ اليوم األول يف حيايت‪ ،‬مع‬ ‫رصخة الحرية كنت أراها للمرة األوىل‪ ،‬مل أكن أعرف ما هي حتى رصخت بها‬ ‫مع الناس يف الشوارع‪ ،‬إنها قبل ّ‬ ‫كل يشء الصوت‪ ،‬إذ إننا نكون يف عزلة األرحام‬ ‫ونخرج للعامل فنرصخ‪ ،‬شهقة الحياة أوىل بصامت كياننا‪ ،‬كأن الصوت رشطه‬ ‫أس الحر ّية‪ ،‬لذا فإن االستبداد يضعنا يف هيواله معزولني عن‬ ‫املخالطة التي هي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫مسوخا أو نبقى فيها إىل األبد! حني نكون تحت‬ ‫كل يشء حتى عن ذواتنا لنخرج‬ ‫ٌ‬ ‫وطأة البطش نلوذ بالغيب واإلنسان ل ّواذ قبل أن يكون بطش‪ ،‬فكيف به وهو‬ ‫يذوق مرار القهر يف ّ‬ ‫كل نفس من أنفاسه؟!‬ ‫لقد سمعت القصص التي عاشها اإلنسان السوريّ ‪ ،‬كانت الصور مفجعة‬ ‫والتفاصيل رهيبة لدرجة أنه مل يخطر يل يو ًما أن أكتب ّ‬ ‫عم سمعت ورأيت‪،‬‬ ‫دو ًما شعرت أن اللغة ّ‬ ‫أقل أمام الكارثة‪ ،‬لكنني لطاملا سألت نفيس هل كانت‬ ‫البرش ّية دو ًما تعيش أهواالً كهذه؟ وإن عاشت‪ ،‬فلامذا بعد خمسة آالف عام‬ ‫صحيح ّأن العامل‬ ‫من األبجد ّية مل نجد طر ًقا نوقف بها هذا العنف الجامح؟! هل‬ ‫ٌ‬ ‫ك ّله سيدفع مثن مآالتنا نحن السوريني؟ حني أردّد ذلك بيني وبني نفيس أشعر‬ ‫صحيحا‪ ،‬ال نريد مآالت تكرسنا‪ ،‬وال أريد أن‬ ‫بالعدل لكن هذا ليس عدالً وال سيا ًقا‬ ‫ً‬ ‫أكذب عىل نفيس وأقول إن العامل سينكرس إذا انكرسنا‪ ،‬ببساطة‪ ،‬ثورتنا جعلت‬ ‫عزلة العامل أوضح‪ ،‬إننا ال أحد‪ ،‬لكنّنا نريد أن نكون فحسب‪ ،‬وحني يكون ّ‬ ‫كل‬ ‫يشء ض ّد تحقيقنا رشطنا اإلنسا ّين بالحياة أ ّوالً ثم الحرية‪ ،‬فذلك يعني أن البرش‬ ‫كل ما اخرتعوه وابتكروه وقالوه مل يجدوا ّ‬ ‫عرب ّ‬ ‫حل لإلشكال اإلنساين األول يف‬ ‫الوجود وهو الخوف!‬ ‫ّ‬ ‫يجتمع رجال السياسة عىل هذا الكوكب ليتباحثوا حل قض ّيتنا‪ ،‬وإننا إذ نعلم‬ ‫مآس‪ّ ،‬‬ ‫فإن حالنا‬ ‫أ ّنهم فقط يض ّيعون الوقت غري عابئني بكل ما رأوه و يرونه من ٍ‬ ‫كحال ّ‬ ‫الفلح العجوز حني مرضت ابنته وقال الطبيب له ال دواء لها إال أن تحبل‪،‬‬ ‫فز ّوجها أل ّول رجل قرع بابه وكان نصا ًبا‪ ،‬ديو ًثا‪ ،‬نذالً‪ ،‬وعندما عاتبه الناس قال‪:‬‬ ‫َ‬ ‫وتشف ولو حبلت من بغل!‬ ‫ال أريدها أن متوت وشفاؤها يف الحبل‪ ،‬فلتحبل‬ ‫وإننا نقول ألوباش العامل وثعالبه الذين اجتمعوا عىل مدار السنوات الخمس‬ ‫املنرصمة‪ ،‬ال نعرف أين ستذهب بنا خطانا لكنها لن تعود بنا إىل ما قطعناه‪،‬‬ ‫نعرف أن ال منجاة لبالدنا ّإل أن تحبل ثورتنا وتنجب الخالص ولو حبلت منكم!‬

‫حروب عظيمة أشعلها تافهون‬ ‫نبيل شوفان‬ ‫يبدو أن طبول الحرب ما تزال مقروعة منذ الحرب العاملية األوىل ثم الثانية‬ ‫وحتى اللحظة‪ ،‬وما تزال كرة النار تتدحرج من بلد إىل آخر‪ٌ ،‬‬ ‫محموم‬ ‫سباق‬ ‫ٌ‬ ‫ومريض من أجل التسلح مل يبدأ بصناعة القنبلة النووية‪ ،‬ومل ينته يف محاولة‬ ‫السيطرة عىل البالد والعباد عرب دكتاتوريات مقيتة أهلكت شعوبها وأماتتها‬ ‫رسيرياً ألجيال‪ .‬اليوم تثور الشعوب‪ ،‬وتلتقط أقطاب الحروب التقليدية‬ ‫أنفاسها‪ ،‬تلعب لعبة املوت يف سوريا وأهلها؛ لتكون هذه الحرب بكل قذاراتها‬ ‫مجرد إرهاصات تشكل قنبلة‪ ،‬أو قدراً لطبخة فاسدة‪ ،‬وناراً توشك أن تنفجر‬ ‫بوجه العامل؛ فكل أدوات املوت عىل أهبة االستعداد وكل طباخي الحروب‬ ‫عبثوا بثورة نشدت الحرية‪.‬‬ ‫الوجوه ذا ُتها ‪-‬تقريبا‪ -‬مع اختالف بسيط يف التحالفات تدق ناقوس حرب‬ ‫ثالثة‪ ،‬ولعل مكابرة أوباما تاريخية وليست طارئة فقد دخلت الواليات‬ ‫املتحدة للحرب العاملية األوىل يف شهر أبريل ‪ ،1917‬بعد سنتان ونصف من‬ ‫جهود الرئيس األمرييك وودرو ويلسون يف إبقاء الواليات املتحدة ُمحايدة‬ ‫خالل الحرب العاملية األوىل بعد تعهده يف االنتخابات أن تبقى الواليات‬ ‫املتحدة عىل الحياد‪ ،‬ثم كانت هي من حسمت الحرب‪ ،‬وتكرر التأخري يف‬ ‫الحرب العاملية الثانية حتى حادثة بريل هاربر وإعالن فرانكلني دي روزفلت‬ ‫دخول الواليات املتحدة الحرب إىل جانب الحلفاء وأيضاً حسمت الحرب‪.‬‬ ‫تبدو أمريكا اليوم ضعيفة هزيلة خائفة ومرتبصة‪ ،‬وتبدو روسيا يف محاولتها‬ ‫إثبات نفسها كقطب قوي‪ ،‬وغسل ما يعتربه بوتني (عار هزمية تفكك االتحاد‬ ‫كدب منفلت ال‬ ‫السوفييتي) ‪-‬الذي حسمته أمريكا أيضاً‪ -‬ويهوج قزم هتلر ّ‬ ‫يجرأ أحد عىل محاسبته‪ ،‬ومع أنه من املفرتض أن تدور رحى الحرب العاملية‬ ‫الثالثة يف الفضاء؛ فنحن ال نعرف ما الذي حول حرب النجوم التي تحدث‬ ‫عنها الرئيس األمرييك رونالد ريغان إىل حرب ض ّد السوريني وعىل أرضهم‪.‬‬ ‫قال يل رئيس تحرير إحدى الصحف املغاربية‪ ،‬بعد خروجنا من إحدى حلقات‬ ‫النقاش عىل تلفزيون فرنيس إنه مستغرب ومتعجب من ثورة السوريني عىل‬ ‫بشار األسد وأنه ال يرى أسباباً مقنعة للثورة‪ ،‬وإمنا مؤامرة كاملة األركان عىل‬ ‫بطل قومي وذيك‪ ،‬متحججاً هذا املغريب‪ ،‬بأن حرباً عاملية ثالثة تكاد تشتعل‬ ‫بسببه‪ ،‬وينىس األخ الخمسيني الذي أكل رأسه الشيب والذي من املفرتض‬ ‫أن يكون عىل درجة مقبولة من الثقافة التاريخية أنه يف عام ‪ 1859‬دخلت‬ ‫القوات األمريكية يف مواجهة مع كندا بسبب حادثة إطالق نار عىل أحد‬ ‫الخنازير‪ ،‬وأنه ما بني سنة ‪ 1879‬و‪ ،1883‬اندلعت حرب بني إسبانيا وتشييل‬ ‫من أجل براز الطيور‪ ،‬وأن الطالب الرصيب املختل عقلياً واملتعصب قومياً‬ ‫“األهبل” الذي اغتال ويل العهد النمساوي جلب الويالت للعامل وأشعل‬ ‫الحرب العاملية األوىل التي أدت إىل ‪ 16‬مليون قتيل من الجنس البرشي‪ ،‬وال‬ ‫أعتقد أن الرجل املغريب ومثله مثل الكثريين من أغبياء القومجية األسدية‬ ‫القبيحة يعلم أنه يف عام ‪ 1925‬اندلعت حرب بني اليونان وبلغاريا بسبب‬ ‫كلب‪ ..‬أعزكم الله!‬ ‫يف النهاية لقد ربط ابن خلدون بني الغزاة والطغاة بشكل بسيط ومفهوم‬ ‫وحقيقي؛ حني قال الطغاة يجلبون الغزاة يف كل األحوال‪ ،‬إما يتدخل الغازي‬ ‫لنرصة الطاغية وإما بحجة نرصة الشعب عىل طواغيته‪ .‬لكن يف الحالة‬ ‫السورية الفريدة‪ ،‬ال أمريكا غزتنا بذريعة إنقاذنا من الطغيان‪ ،‬وال روسيا‬ ‫ستستطيع بغزوها إنقاذ الطاغية من الثوار‪.‬‬ ‫إجابتي لرئيس تحرير الصحيفة املغاربية مل تكن بذات التفصيل وال ذات‬ ‫الحقائق فالرجل يؤمن بنظرية املؤامرة ولن تنطيل عليه حقائقي‪ ،‬اكتفيت‬ ‫بتذكريه أن املرء يستطيع أن يكون مقاوماً ومامنعاً وبط ًال دون أن يدمر األرض‬ ‫والشعب والتاريخ واملستقبل‪.‬‬


‫نشرة ثقافية‬

‫سوريون يحصدون جوائز ويحققون نجاحات‬ ‫طلعنا عالحرية – القسم الثقافي‬

‫‪13‬‬

‫“سامء قريبة من بيتنا” رواية سورية يف القامئة‬ ‫القصرية للجائزة العاملية للرواية العربية‬

‫س نجحوا أو فشلوا‬ ‫ألنا‬ ‫من قصص واقعية عبور هو عبور بني‬ ‫منحة املورد الثقايف‬ ‫عبور إىل بر األمان‪ .‬ال‬ ‫د باشا يحصل عىل‬ ‫يف ال‬ ‫فيها تفاصيل حياة‬ ‫”‬ ‫ور‬ ‫أحم عن مرشوعه “العب‬ ‫لتني‪ :‬األوىل تجتمع‬ ‫شا عىل حا‬ ‫ل الحرب الطاحنة‪،‬‬ ‫السوري أحمد با‬ ‫وريني الدقيقة خال‬ ‫كاتب‬ ‫س‬ ‫رة الثانية ال‬ ‫يبة التي وصل إليها‬ ‫حصل مرشوع “العبور” لل لثقايف ‪ –2015‬الدو‬ ‫نية هي القارة الغر‬ ‫رد ا‬ ‫قصص والثا‬ ‫ت بواسطة “البلم”‪،‬‬ ‫املنحة اإلنتاجية ملؤسسة املو بارة عن مجموعة‬ ‫من أبطال الحكايا‬ ‫ع‬ ‫ريقهم عدد‬ ‫ع‬ ‫العراقيني واألفغان‬ ‫وذكر موقع املورد أن املرشو حر املتوسط كان ط‬ ‫مشوا طوي ًل مع‬ ‫لب‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫الها بأ‬ ‫ثم‬ ‫حتى أوروبا الحلم‬ ‫قصرية يشرتك معظم أبط كري يف ذلك‪ ،‬سواء مروا بالطائرات ألفارقة من اليونان‬ ‫مستوحاة وا‬ ‫لتف‬ ‫إىل أوروبا‪ ،‬أو أنهم يف طور ا ني‪ ،‬بعض األحداث‬ ‫وه مبساعدة املهرب‬ ‫فوقه أو عرب‬

‫شيل لدلري يوسف‬

‫كرونولوج القام‬

‫يوسف عن فيلمه‬ ‫دلري‬ ‫أعلن املخرج السوري شيل” وهو فيلم‬ ‫“كرونولوج القام‬ ‫ديد‬ ‫رسد أحداث الثورة‬ ‫الج صري (‪ 20‬دقيقة) ي‬ ‫وثائقي ق‬ ‫من العام ‪2011‬‬ ‫القامشيل ابتدا ًء‬ ‫‪ ،201‬جدير بالذكر‬ ‫ة‬ ‫دين‬ ‫عام ‪6‬‬ ‫عمل ضمن نظام‬ ‫يف م ً الفرتة الحالية وال‬ ‫لعيىس فرحان‪ ،‬ومن إنتاج ال سوريا‪ ،‬أخرج عددًا‬ ‫ىل‬ ‫إ‬ ‫ال‬ ‫من‬ ‫ىل مقابالت مع‬ ‫وصو ذاتيةـ معتمدًا ع‬ ‫أن دلري يوسف كاتب ومخرج النحل” و”منفى”‬ ‫رة ال‬ ‫أمراء‬ ‫يف املجتمع املدين‬ ‫اإلدا وناشطني وعاملني‬ ‫من األفالم السينامئ ّية منها‪ “ :‬المح دمشقية” وله‬ ‫ميني‬ ‫ر الفيلم جانب ًا من‬ ‫و”م‬ ‫إعال يف املدينة‪ .‬كام يظه‬ ‫و”لعب” و”بيتان وحكاية” ن هذا الزمن” صدر‬ ‫ني‬ ‫وفاعل‬ ‫إنتاج‬ ‫يات م‬ ‫ع املدينة ومظاهراتها‪ .‬الفيلم من د كتاب مطبوع بعنوان “حكا اليا يف برلني‪ -‬أملانيا‪.‬‬ ‫ار‬ ‫ت” بدعم من االتحا‬ ‫شو‬ ‫‪ - 2‬بريوت‪ .‬يقيم ح ً‬ ‫يف العام ‪014‬‬ ‫فريق “حكاية ما انحك مد ديبو‪ ،‬املوسيقى‬ ‫واإلرشاف العام ملح‬ ‫األورويب‬

‫ثقافة‬

‫أعلن الفنان السوري عبد الله غباش بدء مرشوعه‬ ‫املشرتك “موسيكاه” مع الفرقة األملانية“ “�‪Cu‬‬ ‫‪ ”erdas Salt Anda‬يف أملانيا‪ ،‬الذي يهدف إىل‬ ‫حوار املوسيقى الرشقية مع الغربية‪ .‬عبد الله‬ ‫أقام مثان حفالت موسيقية خالل الخمسة أشهر‬ ‫التي قضاها يف أملانيا بعد وصوله إليها يف أيلول‬ ‫العام املايض‪ ،‬يواصل عمله الفني ورسالته‪ ،‬ويقول‬ ‫لطلعنا عالحرية‪“ :‬أؤمن بالحوار املوسيقي أكرث من‬ ‫دمج املوسيقى الرشقية والغربية‪ ،‬بذلك تحافظ‬ ‫كل موسيقا عىل هويتها وخصوصيتها” وكان عبد‬ ‫الله منذ خروجه من سوريا قد أصدر ألبومني‬ ‫موسيقيني‪ ،‬وكان له برنامج إذاعي ساخر عىل إذاعة‬ ‫صوت راية السورية‪.‬‬

‫العدد ‪- 65 -‬‬

‫عبد الله غباش يبدأ مرشوع موسيكاه‬ ‫يف أملانيا‬

‫السورية ووجعها؛ تستعيد األمل الشخيص وتطل منه عىل‬ ‫ضمور الجسد بنربة أنثوية خافتة ال تفقد بطلتها األمل‬ ‫يف النهوض من جديد‪ .‬وقد شاركت العجييل يف ورشة‬ ‫الكتابة اإلبداعية “الندوة” التي تديرها الجائزة لتشجيع‬ ‫شباب الكتّاب الواعدين يف العامي ‪ 2012‬و‪.2014‬‬ ‫وكانت قد كتبت قسام من روايتها “سامء قريبة من بيتنا”‬ ‫خالل تواجدها يف ندوة عام ‪ ،2014‬وساعدتها تجربتها يف‬ ‫الورشة عىل إمتام كتابة الرواية‪.‬‬

‫‪2016 / 2 / 17‬‬

‫ُأعلنت القامئة القصرية للروايات ّ‬ ‫املرشحة لنيل‬ ‫الجائزة العاملية للرواية العربية للعام ‪.2016‬‬ ‫واشتملت القامئة عىل ست روايات‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫“نوميديا” للمغريب طارق بكاري‪“ ،‬عطارد” للمرصي‬ ‫محمد ربيع‪“ ،‬مديح لنساء العائلة” للفلسطيني‬ ‫محمود شقري‪“ ،‬سامء قريبة من بيتنا” للسورية شهال‬ ‫العجييل‪“ ،‬مصائر‪ :‬كونرشتو الهولوكوست والنكبة”‬ ‫للفلسطيني ربعي املدهون‪ ،‬و”حارس املوىت” للبناين‬ ‫جورج يرق‪ .‬وجرى اإلعالن يف مؤمتر صحفي عُ قد‬ ‫يف النادي الثقايف يف مسقط‪ ،‬سلطنة عُ امن‪ ،‬بحضور‬ ‫لجنة التحكيم الخامسية‪ ،‬والتي ترأستها الشاعرة‬ ‫والناقدة اإلماراتية الدكتورة أمينة ذيبان‪ .‬وتتحدث‬ ‫رواية “سامء قريبة من بيتنا” عن يقظة الذاكرة‬


‫كواليس‬ ‫‪14‬‬

‫العدد ‪2016 / 2 / 17 - 65 -‬‬

‫ثقافة‬

‫هكذا متوت الذكريات! حني ميسك أحدنا بالفأس‬ ‫ويرضب عنق الحب فيقطع رأسه‪ ،‬ويهيم اآلخر‬ ‫ً‬ ‫متسخا بدموعه الكثرية؛ ينظر إىل قلبك املصنوع من‬ ‫الخشب ويفكر ماذا يصنع اآلن‪ ،‬وكيف سيتخلص‬ ‫من التحف التي صنعها لك‪ ،‬وصورنا التي علقها يف‬ ‫كل زاوية من العامل‪ ،‬وأصنامك التي عبدها ناس ًيا‬ ‫أنك يف النهاية من حجر‪ ،‬وكلامتك التي حفظها عىل‬ ‫كرثة ما رددتها عليه‪ ،‬والتفاصيل التي عاش فيها‬ ‫طوال ثالثة أعوام وكلام كان يغرق فيها َ‬ ‫كنت تخرج‬ ‫منها وترتك له الوهم خلفك‪ .‬هكذا متوت الذاكرة!‬ ‫ال بطلقة مسدس‪ ،‬وال بطعنة مباغتة حني تستل‬ ‫سيفك لتغرزه يف صدر الحكاية‪ .‬متوت شيئًا فشيئًا‪،‬‬ ‫خيبة وراء خيبة‪ ،‬وساعة بعد ساعة‪ ،‬ورصي ًفا تسلكه‬ ‫بعد رصيف؛ وحني نراها عىل رسير املوت نشهق‬ ‫من الصدمة؛ وكأننا مل نخترب النهايات قبل اليوم‪.‬‬ ‫هكذا متوت الذاكرة! حني أسألك عام حدث قبل‬ ‫عامني فتجيب باقتضاب من ال يتذكر‪ ،‬أو ال يبايل!‬ ‫الذاكرة التي تتأمل ال تنفع معها املسكنات وال‬ ‫يسكت رصاخها مخدر‪ .‬والذاكرة التي انشق قلبها‬ ‫من امتالئها بنا ال ترتقها إبر الخياطة وال تصلحها‬ ‫مشارط الجراحني‪ .‬والذاكرة التي تنهشها محاوالت‬ ‫النسيان الكثرية للخروج عىل طغيان عاشق جاحد‬ ‫يقتلها يف النهاية رسطان الكره الذي يصيب الحب‬ ‫ويأكل خالياه بقرف من مل يعرفه لينقذ يف النهاية‬ ‫جسدًا ً‬ ‫سليم للرتاب املنتظر‪.‬‬ ‫أنت مل تحبني قط! رمبا أحببت قبيل امرأة كانت‬ ‫تحمل اسمي نفسه وهجرتك فاعتقدت أنك قد‬ ‫ُ‬ ‫أخطأت يف‬ ‫تحييها ّيف وأنا صدقت حيلتك‪ ،‬أو رمبا‬ ‫العد إذ ُ‬ ‫كنت أتلمس أضالع صدرك حني مارسنا‬ ‫ُ‬ ‫الحب ألول مرة؛ فاعتقدت أنك اكتملت يب‪،‬‬ ‫ناقصا عاد إىل مكانه ساملًا‬ ‫وأن الضلع الذي كان ً‬ ‫وخدعني ظالم الغرفة‪ .‬أنا ما اخرتت أن أحبك قط!‬ ‫قدمي العمياوين وقادين ألقع‬ ‫لكن الحب جرين من ّ‬ ‫بني ذراعيك فريسة ألنياب غرورك الحادة كسكاكني‬ ‫اللصوص التي يحملونها إلخافة ضحاياهم؛ غرورك‬ ‫الذي كان صغ ًريا وكرب عىل يديّ ‪ ،‬ربيته كام ربيت‬ ‫الريح عىل كتفيك‪ ،‬وأرضعته روحي التي كانت‬ ‫تضمر كلام طال ش ًربا‪ ،‬علمته امليش والركض حتى‬ ‫مل أعد أستطيع اللحاق به‪ ،‬وحني أصبح رج ًال هجر‬ ‫أمه وغادر حزنها‪.‬‬ ‫أنا الغريبة يا غريب‪ ،‬ال يوجعني غدرك‪ ،‬بل يشطرين‬ ‫امرأتني؛ إحداهام تلتمس لك العذر واألخرى تضمر‬ ‫من القهر‪ .‬ال يقتلني ظلمك‪ ،‬لكنه يشظيني كلوح‬ ‫زجاج سقط لتوه من علو وتناثر عىل البالط األبيض‬ ‫جارحا حتى نفسه‪ .‬أنا الغريبة يا غريب؛ تزوجت‬ ‫ً‬ ‫طيفك البكر وأنجبت منه أمنيات كفيفة مل تر النهار‬ ‫يو ًما‪ ،‬ومل تهمس يف أذن الشمس بأرسارها أو أسامئها‪.‬‬

‫سرى علوش‬ ‫ثالث سنوات بلياليهن حفظت فيها أسامءك‬ ‫وأحالمك وساعات نومك وأصدقاءك ووجوه البنات‬ ‫اللوايت تغازل فتنتهنّ والرساب الذي تسابقه وال‬ ‫تصل! ثالث سنوات عرفت فيها كيف يصبح الغرور‬ ‫بطولة‪ ،‬والقسوة رجولة‪ ،‬والتخيل نجاة‪ ،‬والعاطفة‬ ‫ضع ًفا‪ ،‬والحب خرا ًبا‪ .‬ثالث سنوات مرت وكأن‬ ‫عمري قبلها كان حكاية يرويها يل اآلخرون فأبيك‬ ‫تارة وأضحك تارة‪ ،‬دون أن أعي الصلة التي تربطني‬ ‫بها أو أعري اهتام ًما لتفاصيلها‪.‬‬ ‫ال تكمن الذاكرة يف املواعيد واألماكن‪ ،‬وال يف أشياء‬ ‫يخزنها العقل ويحتفظ بها ليواجهنا بها‪ .‬الذاكرة‬ ‫روح تتعرف إىل روح أخرى ومتيزها‪ .‬الذاكرة رائحة‬ ‫تعرفها أنفاسنا يف زحمة روائح أخرى كثرية‪ .‬الذاكرة‬ ‫خيط رفيع شفاف ال ُيرى‪ ،‬يربطنا باآلخر ويوصلنا‬ ‫إليه كلام فقدنا الطريق‪ .‬الذاكرة آثار أصابع أحدهم‬ ‫عىل أجسادنا‪ ،‬ال ميحوها زمن وال يوقف النزيف‬ ‫الذي خلفت ٌّيك أو حريق‪ .‬الذاكرة رجل وامرأة‬ ‫يتبادالن يف كل قبلة أعامرهام السابقة؛ وحني يهجر‬ ‫أحدهام اآلخر يذهب وحده ويرتك كل ما حدث‬

‫قبل اآلن شاهدًا عىل مروره‪ ،‬وخنج ًرا مسمو ًما يف ظهر‬ ‫املهجور‪ ،‬ال هو يقتله‪ ،‬وال هو يقتل ما يعرفه عمن مىض‪.‬‬

‫هكذا متوت الذاكرة إذن! حني أضع حزنك يف‬ ‫مزهرية أمام شباك غرفتي الوحيد‪ ،‬وأحبه حتى‬ ‫أنزعه من قلبك‪ ،‬وحني تبدد حزين بضحكات ساخرة‬ ‫وأصوات ال شكل لها‪ ،‬لكنها ترص عىل هزميتي‬ ‫أمامك‪ .‬هكذا متوت الذاكرة! حني أستيقظ باك ًرا‬ ‫ذات صباح يربطني بك وأبيك‪ ،‬وحني ينتصف النهار‬ ‫وأنتظر‪ ،‬وحني يأيت الليل بال رنني هاتف عابر أو‬ ‫رسالة نصية قد تعيد ترتيب الفوىض التي أحدثتها‬ ‫خيانتك‪ ،‬وحني أتناول حبويب املنومة ألغفو دون أن‬ ‫يحدث ما يجعلني أطمنئ إىل الغد‪ ،‬وأفرس أحالمي‬ ‫الكثرية املرتاكمة عنك وال أخاف املعنى‪ .‬إن امرأة‬ ‫ال تعرف حدود قلبها ستعرب به األسالك الشائكة‬ ‫وتعود دونه!‬ ‫هكذا متوت الذاكرة!‬ ‫حني نلعب الورق كل يوم ونلتزم بقواعد اللعبة‬ ‫ويصبح من الرضورة أن يخرس أحدنا حتى يربح‬ ‫اآلخر‪ .‬لنبتسم لصورنا القدمية إ ًذا‪ ،‬ونودع أنفسنا‬ ‫وابتساماتنا الواضحة‪ ،‬ودموعنا التي مل نخلدها‬ ‫بلقطة معينة‪ ،‬بل تركناها تنتظرنا خلف الكادر‪،‬‬ ‫وحبسنا صوتها يف كواليس القلب‪ ،‬حيث ال ميكن‬ ‫أن نلتقي بعد اآلن‪.‬‬

‫لغزال حجازي‬ ‫التجليــات األخيرة‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫“سأغمض روحي وأحلم بالبدو‬ ‫فيها‬ ‫ُ‬ ‫أب ّكة تلك؟‬ ‫أرى عندها ‪-‬ك ّلام ّ‬ ‫غض قلبي‬ ‫نبيض عني‪-‬‬ ‫عقيق‬ ‫يف‬ ‫أرى سدر ًة‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫سألعق عن سكر الرمل ريقي”‬ ‫ينام غزال عىل حزنه‬ ‫تلك ٌ‬ ‫بادية خاوي ْه‬ ‫وال ع ُني ماء هناك‬ ‫وال ٌ‬ ‫غيمة‬ ‫وال شج ٌر ط ّي ٌب أو خبيثٌ‬ ‫وال ٌّأم استو ِدعت يف القفار‬ ‫لتسعى وتبيك‬ ‫ينام غزال عىل حزنه‬ ‫تلك ٌ‬ ‫بادية خاوي ْه‬ ‫حاصب تكفأ الوقت فوق‬ ‫عىس‬ ‫ٌ‬ ‫الغزالْ‬ ‫عىس س ّكر الرمل يأخذه يف‬ ‫ْ‬ ‫الخيال‬

‫عجاف‬ ‫لغات‬ ‫ٍ‬ ‫“مىض زمنٌ من ٍ‬ ‫عىل رحلة الصيف‬ ‫ال وطئ الدا َر ُ‬ ‫أهل البل ْد‬ ‫وال أوقد النار فيها أح ْد‬ ‫أصاب النعاس الخالئقَ‬ ‫والنوم ميسح باملاء قلب الحزاىن‬ ‫ويسقي العطاش‬ ‫وينبت يف الروح زرعًا‬ ‫ويفتح فيها عيو ًنا دوافقْ‬ ‫أصاب النعاس الخالئقْ‬ ‫في ّم ُ‬ ‫روحي شطر السامء‬ ‫مت‬ ‫َ‬ ‫وجهي فيها سدى‬ ‫وق ّلبت‬ ‫َ‬ ‫قطرها ط ّي ٌب مشتهى‬ ‫ّ‬ ‫غضة حلمة املنتهى‬ ‫دار قلبي بها‬ ‫واستدار املدى”‬ ‫***‬ ‫ينام غزال عىل حزنه‬ ‫تلك ٌ‬ ‫بادية خاوي ْه‬ ‫ّ‬ ‫وال الريح حكت بأسنانها البادي ْه‬ ‫وال الليل ألقى بنجم عىل قري ٍة‬

‫محمد أبو جاسم‬

‫خاوي ْه‬ ‫***‬ ‫“متوت عىل أمسها البادي ْه‬ ‫متوت القرى الخاويهْ”‬ ‫يقول الرعاة وأهل القرى‬ ‫“ويخرجنا املحل من أرضنا‬ ‫ويخرجنا الطاغيهْ”‬ ‫كذلك ينكفئ الوقت فوق القرى‬ ‫كذلك ينكشف الوقت بادي ًة من‬ ‫هبا ْء‬ ‫***‬ ‫“سأغمض روحي وأحلم بالناس‬ ‫واملا ِء‬ ‫مل ّميحي رسم قريتهم بعد منّي‬ ‫أليس الذي تحت رأيس‬ ‫ألمس؟‬ ‫رمادٌ ِ‬ ‫لجة الحلم نفيس‬ ‫سأدفن يف ّ‬ ‫عىس زمنٌ من قصائد أخرى‬ ‫مير ببادية الحزن يو ًما‬ ‫مرور الهبا ْء”‬


‫ّ‬ ‫السل‪ ..‬تهديد يعود بسبب الحصار‬ ‫هيثم ّ‬ ‫بكار‬

‫العدد ‪2016 / 2 / 17 - 65 -‬‬

‫يعترب مرض السل (التدرن) السبب الرئييس للوفاة‬ ‫بعد مرض اإليدز حسب منظمة الصحة العاملية‪.‬‬ ‫وبفضل التطور التعليمي يف املجال الطبي وإيجاد‬ ‫عالجات باملضادات الحيوية قلت نسبة الوفيات إىل‬ ‫حد كبري‪.‬‬ ‫لكن بفضل نظام األسد وسياسته بقتل السوريني‬ ‫وحصارهم يف عموم مدن وبلدات سوريا والغوطة‬ ‫الرشقية خصوصاً‪ ،‬انترش مرض ّ‬ ‫السل بسبب توفر‬ ‫عوامل وظروف حضانة الفريوس‪.‬‬ ‫الطبيب أنس من املكتب الطبي ملدينة دوما وما‬ ‫حولها قال‪:‬‬ ‫“داء ّ‬ ‫السل هو مرض التهايب‪ ،‬ومشكلته أن عالجه‬ ‫طويل األمد‪ ،‬ترشف عليه أساساً الجمعية العامة‬ ‫ملكافحة السل؛ وهي جمعية تابعة لألمم املتحدة‪،‬‬ ‫ترسل األدوية وترشف بشكل مبارش عىل العالج‪،‬‬ ‫حتى إنها تأخذ أسامء املرىض وتاخذ توثيقات العالج‬ ‫وتضع برامج العالج‪ ،‬وهذا األمر ليس يف سوريا فقط‬ ‫بل يف جميع أنحاء العامل”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫“السل لديه ميزة؛ الجرثومة‬ ‫ويضيف د‪ .‬أنس‪:‬‬ ‫السلية نسميها (عُ صية السل) هي جرثومة ضعيفة‪،‬‬ ‫مشكلتها أننا إذا أخذنا العالج ملدة شهرين ‪-‬مث ًال‪ -‬ثم‬ ‫أوقفناه تط ّور نفسها ض ّد العالج؛ فال تستجيب له”‪.‬‬ ‫وعن مراحل عالج مرض السل وظروف حضانته‬ ‫وانتشاره يقول د‪ .‬أنس‪“ :‬عالج ّ‬ ‫السل يحتاج من ‪6‬‬

‫إىل ‪ 9‬أشهر للشفاء التام‪ ،‬يف حال وجدت ظروف‬ ‫االستشفاء من أدوية وغذاء وبيئة”‪.‬‬ ‫لكن الحصار ساهم بشكل مبارش يف ازدياد أعداد‬ ‫املصابني يف الغوطة الرشقية من عدة نواح‪ ،‬نجملها‬ ‫كام فهمناها من د‪ .‬أنس‪:‬‬ ‫أوالً‪ :‬الحصار مع القصف أجرب الناس عىل النزول إىل‬ ‫األقبية‪ ،‬وهو مكان فيه رطوبة ألن الشمس والهواء‬ ‫ال يدخالنه‪ ،‬ويضطر سكان البناء جميعهم للنزول‪،‬‬ ‫ويكون العدد كبرياً جداً واملكان صغرياً‪ ،‬وبالتايل‬ ‫ينتقل املرض بني األطفال والناس‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬التغذية السيئة التي فرضها الحصار ساهمت‬ ‫بضعف املناعة عند الناس وازدياد عدد املرىض‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬االعتقال؛ فهنالك عدد كبري من املعتقلني‬ ‫يخرجون مصابني ولكن ال تظهر أعراض مرض السل‬ ‫مبارشة ويتم التشخيص بعد مدة‪ ،‬ويكون املرض قد‬ ‫انترش بني الناس‪.‬‬ ‫ويؤكد الطبيب أن “القصف املستمر أجرب الناس‬ ‫عىل السكن يف أماكن بعيدة عن الشمس لفرتات‬ ‫طويلة‪ ،‬والتعرض للشمس هو أحد أهم وسائل‬ ‫املساعدة للقضاء عىل ّ‬ ‫السل وهذا غري متوفر”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫السل توزع‬ ‫وبحسب الطبيب أنس فأن أدوية‬ ‫حرصياً عن طريق جمعية مكافحة ّ‬ ‫السل‪ ،‬وتوزع‬ ‫عن طريق النظام‪.‬‬ ‫ويضيف د‪ .‬أنس‪“ :‬أدخل الهالل األحمر كم ّيات من‬ ‫األدوية‪ ،‬وحالياً هناك جزء من األنواع انقطع متاماً‪،‬‬ ‫وإذا طورت عُ ص ّية ّ‬ ‫السل مناعتها ض ّد األدوية التي‬

‫يستخدمها مرىض السل‪ ،‬ستسوء حالتهم وبالتايل‬ ‫يتأثر العامل كافة‪ ،‬وليس الغوطة فقط‪ .‬طبعاً هذا‬ ‫األمر لن تظهر نتائجه خالل فرتة قريبة‪ ،‬إمنا ستظهر‬ ‫املضاعفات عىل املدى الطويل‪ ،‬وبالنهاية سوف تصل‬ ‫هذه الجرثومة املقاومة لألدوية للعامل كله‪ ،‬وسوف‬ ‫يضطر العلامء إلنتاج أدوية جديدة ض ّد ّ‬ ‫السل”‪.‬‬ ‫وعن عدد مرىض ّ‬ ‫السل واألدوية املتوفرة يضيف‬ ‫د‪ .‬أنس‪“ :‬لدينا يف الغوطة ‪ 150‬إىل ‪ 160‬مريضاً‪،‬‬ ‫ويتم تشخيص من ‪ 7‬إىل ‪ 10‬شهرياً كمرىض جدد‪،‬‬ ‫كام ُسجلت حاالت شك ليست مؤكدة ‪100/100‬‬ ‫فلم يسعفنا الوقت إلجراء تحاليل‪ .‬كام أنه ال‬ ‫يوجد إحصائية دقيقة لألعامر‪ ،‬ولكن معظمهم‬ ‫من الشباب‪ .‬أما الدواء فهناك نوعان ثنايئ ورباعي؛‬ ‫الثنايئ متوفر أما الرباعي فغري متوفر”‪.‬‬ ‫وبعد مناشدات عديدة أطلقها املكتب الطبي منذ‬ ‫شهرين‪ ،‬وهي مستمرة إىل اآلن‪ ،‬ملنظمة الصحة‬ ‫العاملية واملنظامت الدولية واألمم املتحدة إلدخال‬ ‫األدوية واملساعدات اإلنسانية‪ .‬أعلن الهالل األحمر‬ ‫العريب السوري‪ -‬شعبة دوما يوم السبت ‪ 13‬شباط‬ ‫عرب صفحته عىل االنرتنت عن دخول ‪ 4‬سيارات‬ ‫تحوي عىل حليب ولقاحات‪ ،‬ومل تحو عىل أدوية‬ ‫ّ‬ ‫السل‪ ،‬وتم تأجيل دخولها “حتى إشعار آخر”‬ ‫بحسب البيان‪.‬‬ ‫وكانت الهيئة العليا للمفاوضات اشرتطت دخول‬ ‫املساعدات اإلنسانية إىل املناطق املحارصة يف سوريا‬ ‫لبدء عملية التفاوض مع النظام‪.‬‬

‫‪15‬‬

‫‪Rising for Freedom‬‬ ‫‪NOW in English‬‬ ‫‪A True Voice From Syria‬‬ ‫‪Syrian stories by Syrians‬‬

‫صحة‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.