طلعنا عالحرية / العدد 66

Page 1

‫نصف شهرية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬مستقلة‬

‫العدد ‪66‬‬

‫تجديد الثورة‪ ..‬وتجديد أنفســنا‬ ‫‪2016 / 3 / 7‬‬

‫مجلة مستقلة‪ ،‬تعنى بشؤون الثورة السورية‪ ،‬نصف شهرية‪ ،‬تطبع وتوزع‬ ‫داخل سوريا ويف عدد من مخيامت اللجوء والتجمعات السورية يف الخارج‬


‫‪2‬‬

‫تجديد الثورة‪ ..‬وتجديد أنفســنا‬ ‫افتتاحية بقلم إبراهيم األصيل‬ ‫الحراك السلمي السوري‬

‫العدد ‪2016 / 3 / 7 - 66 -‬‬

‫الثورة ليست لحظة‪ّ ،‬‬ ‫وإنا مسرية حياة‪ ..‬هذا ما‬ ‫تأ ّكد م ّرة أخرى مع انطالق املظاهرات السلمية‬ ‫يف أرجاء سور ّيا بعد رسيان الهدنة وخل ّو السامء‬ ‫من طائرات العنف واملوت والدمار التي حاولت‬ ‫بشتّى الوسائل ّيل إرادة السوريني بالتغيري والسعي‬ ‫نحو الحر ّية والعدالة والدميوقراطية‪ .‬ولكن‬ ‫ذلك مل يكن الدرس الوحيد الذي جدّدته هذه‬ ‫املظاهرات‪ ،‬فهناك الكثري ّ‬ ‫مم ميكننا استخالصه‪،‬‬ ‫وما جرى يف يوم ‪ 4‬آذار ‪ 2016‬هو دعوة لنا جميعاً‬ ‫للوقوف والتأ ّمل‪ ،‬يف مسريتنا وأهدافنا ووسائلنا‪.‬‬ ‫ف ّمام نستطيع مالحظته بوضوح هو ميل السوريني‬ ‫للوسائل السلمية بطبيعتهم‪ ،‬واستمتاعهم بها‬ ‫وحنينهم لها‪ ،‬لكنّ مستوى العنف الدائر ألغى‬ ‫البدائل السلمية وحرص الطريق بالسالح‪ ،‬وهنا‬ ‫ال أناقش “العسكرة يف الثورة”‪ّ ،‬‬ ‫وإنا “عسكرة‬ ‫الثورة ككل”‪ ،‬وحرصها بالسالح واالستهزاء بأي‬ ‫وسيلة أخرى أو خيار آخر متيل له مجموعة ما‪.‬‬ ‫ّإن محارصة “الخيار السلمي” الضعيف أص ًال من‬ ‫أواخر ‪ 2012‬وحتّى يومنا هذا كان له آثاراً سلبية‬ ‫عىل الجميع‪ ،‬سوا ًء املؤمنني بالعمل السلمي أو‬ ‫املس ّلح أو حتّى م ّمن يرون رضورة الجمع بينهام‪.‬‬ ‫شعرنا جميعاً بعودة الثورة مع عودة املظاهرات‬ ‫السلمية‪ ،‬ألن الحراك الشعبي مبفهومه الثوري‬ ‫هو السعي نحو التغيري يف سوريا عىل املستويني‬ ‫االجتامعي والسيايس‪ ،‬وضياع هذه البوصلة يعني‬ ‫تح ّول كافة الجهود‪ ،‬سياسية أو عسكرية‪ ،‬لبندقية‬ ‫تائهة‪ ،‬قد تقتل صاحبها‪ ،‬أو أهله ورفاقه‪ ،‬كام‬ ‫ميكن أن تقتل أعداءه‪.‬‬

‫تخفيض درجة العنف تعطي فسحة للمجتمع‬ ‫املدين للعمل‪ ،‬ومساحة للسوريني والسوريات‬ ‫ليعبوا عن مطالبهم بوسائل مختلفة‪ ،‬بوسائل‬ ‫ّ‬ ‫اختاروها يف ‪ 2011‬وط ّوروها مع مرور الوقت‪،‬‬ ‫وسيستم ّر إبداعهم ما استم ّر وجودهم‪،‬‬ ‫وسيستم ّر وجودهم ما استم ّرت ثورتهم‪.‬‬ ‫وتخفيض درجة العنف أيضاً سيكون املنفذ الذي‬ ‫ستعرب منه املرأة السورية لتعود عنرصاً فاع ًال يف‬ ‫حراكنا وحارضنا ويف عملية التغيري والتحدّي‪.‬‬ ‫املظاهرات السلمية جدّدت هذا التحدّي‪ ،‬عىل‬ ‫املستوى املدين والسيايس‪ .‬فأمام الناشطني تحدّي‬ ‫تجديد الخطاب ليكون جاذباً وشام ًال‪ ،‬وتحدّي‬ ‫البحث عن وسائل جديدة تناسب املرحلة‬ ‫وتكون قادرة عىل التعبري عن مطالب النّاس‪،‬‬ ‫دون االستخفاف بخياراتهم مهام كانت‪ ،‬ودون‬ ‫التح ّول للصدام مع من اختار الخيار املس ّلح‬ ‫ألسباب كثرية ومع ّقدة لسنا بصدد مناقشتها‬ ‫هنا‪ .‬وأمام السياسيني تح ّد للمناورة إليطال‬ ‫فرتة الهدنة والوصول لرتتيبات تسمح بالعمل‬ ‫املدين باالستمرار‪ ،‬فذلك هو الوسيلة الوحيدة‬ ‫ملواجهة كافة أنواع االستبداد‪ ،‬السيايس والديني‬ ‫واالجتامعي واالقتصادي‪.‬‬ ‫النظام وداعش والنرصة مل يهدأ لهم بال منذ‬ ‫رسيان الهدنة‪ ،‬وما أ ّرقهم أضعافاً مضاعفة‬ ‫هو رؤية املظاهرات السلمية تعود م ّرة أخرى‬ ‫ّ‬ ‫لتغطي الخريطة السورية‪ ،‬وليس ذلك فقط‪ ،‬بل‬ ‫بأعالم مل ّونة تعكس تل ّون السوريني بانتامءاتهم‬ ‫لتعج بالراقصني‪،‬‬ ‫وأفكارهم‪ ،‬عادت الساحات‬ ‫ّ‬ ‫وكل رقصة أقىس عىل داعش والنرصة من ألف‬

‫كلمة‬

‫للنشر أو مراسلة فريق التحرير‬

‫معركة‪ ،‬وكل رضبة طبل أقىس عىل النظام من‬ ‫رضبات املدافع‪ .‬السبب هو “روح الحياة” يف‬ ‫وجه “ثقافة املوت”‪ ،‬وهو الدليل أن كل الرصاع‬ ‫الذي يخوضه السوريون اليوم هدفه تأمني حياة‬ ‫أفضل لهم وألبنائهم‪ ،‬ال االعتداء وال االنتقام‪،‬‬ ‫وهذا ما تأ ّكد مجدداً‪ ،‬مؤكداً طبيعة املعركة‬ ‫ووسائل االنتصار‪.‬‬ ‫لن يكون الحفاظ عىل هذه الفسحة الضيقة‬ ‫تتغي نواياه وطبيعته‪،‬‬ ‫سه ًال‪ ،‬فهناك‬ ‫ٌ‬ ‫نظام مل ّ‬ ‫وهناك متط ّرفني أصبحوا يرون سوريا ح ّقهم‬ ‫وأرضهم‪ ،‬وكل أولئك سيسعون لتغيري الظروف‬ ‫التي سمحت بالعودة للتظاهرات‪ ،‬سوا ًء بتفجري‬ ‫النزاعات الجانبية واملحل ّية‪ ،‬أو باستهداف‬ ‫الناشطني‪ ،‬أو قادة الحراك‪ ،‬وتفادي كل ما سبق‬ ‫يتط ّلب تضافر الجهود من الجميع‪ ،‬املنخرطني يف‬ ‫العمل املدين ومامريس السياسة وحاميل السالح‬ ‫يف تلك املناطق‪ ،‬لتفادي تحويل الطريق مجدداً‬ ‫وحرف البوصلة‪.‬‬ ‫ويف النهاية‪ ،‬ال شك أن التامس الجامل يف هذه الثورة‬ ‫هو ما يساعدنا عىل االستمرار‪ ،‬فخمس سنوات‬ ‫والثورة السور ّية تهزّنا‪ ،‬تفاجئ أبناءها وبناتها قبل‬ ‫غريهم بقدرتها عىل االستمرار وتجديد نفسها‪،‬‬ ‫وريح ال مبدأ وال مستق ّر‬ ‫بح ٌر موج ُه ال ُيحىص ٌ‬ ‫لها‪ ،‬املظاهرات اليوم كأنها خفقة الثورة األوىل من‬ ‫جديد‪ ،‬هذا الكائن أسطوري وهذا العشق أزيل‪،‬‬ ‫ال تستطيع ّإل أن تكون مريداً صوفياً يف حرضة‬ ‫ّ‬ ‫تصطف مع ّ‬ ‫عشاقها جنباً إىل جنب‪،‬‬ ‫هذه الثورة‪،‬‬ ‫تضع ذراعيك عىل صدرك وتنحني بر ّقة ا ُملحب‪..‬‬ ‫طريق منك وإليك ّ‬ ‫وتدور‪ّ ..‬‬ ‫كل درب‪..‬‬ ‫فكل‬ ‫ٍ‬ ‫تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت‬ ‫‪www.freedomraise.net‬‬

‫‪freedomraise@gmail.com‬‬

‫‪facebook.com/freeraise‬‬

‫مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة‬ ‫تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية‬ ‫ويف بعض مخيامت اللجوء‬ ‫رئيس التحرير‬ ‫ليىل الصفدي‬

‫معاون رئيس التحرير‬ ‫نصار‬ ‫أسامة ّ‬

‫‪twitter.com/freedomraise‬‬

‫املحرر الثقايف‬ ‫رامي العاشق‬

‫املحرر االقتصادي‬ ‫وائل موىس‬

‫زمالء مختطفون يف الغوطة الرشقية‬ ‫رزان زيتونة ‪ -‬ناظم حامدي‬


‫مآل الهدنة وضبابيتها‬ ‫شوكت غرزالدين‬

‫العدد ‪- 66 -‬‬ ‫‪2016 / 3 / 7‬‬

‫مقاالت‬

‫إذا ما رسمنا خطاً بيانياً لدراسة الهدنة خالل‬ ‫عب عن انخفاض‬ ‫ستة أيام نجده خطاً تنازلياً ُي ِّ‬ ‫عدد الضحايا‪ ،‬وانخفاض تدفق الالجئني من جهة‬ ‫عب‬ ‫أوىل‪ .‬ومن جهة ثانية نجده خطاً تصاعدياً ُي ِّ‬ ‫عن زيادة يف إيصال املساعدات الغذائية والطب ّية‬ ‫للمناطق املحارصة‪ ،‬وعودة تدريج ّية للتظاهر‬ ‫السلمي يف بعض املناطق املحررة‪ .‬وهذا يعني َّأن‬ ‫الهدنة لصالح السوريني نسبياً ال باملطلق‪.‬‬ ‫وبالرغم من هشاشة هذه الهدنة‪ ،‬وانخفاض‬ ‫سقف التوقعات واآلمال منها‪ّ ،‬إل أنها أسهمت‬ ‫بتغيري املزاج العام الذي كان محبطاً ويائساً‬ ‫وانتقامياً لصالح بعض التفاؤل والسلم والتسامح‪.‬‬ ‫وهذا يعني من جملة ما يعنيه قابلية هذه الهدنة‬ ‫متنام‪.‬‬ ‫للتمديد وااللتزام فيها بشكل ٍ‬ ‫رمبا الضبابية يف قرار الهدنة تتيح تأويالت‬ ‫متعددة تتضمن وعوداً تجعل منها هدنة ال‬ ‫تنهار‪ .‬فالوضوح الكامل يجعل األطراف يف حالة‬ ‫“مانوية”‪ :‬أي خيارين ال ثالث لهام‪ ،‬هام الرفض‬ ‫والقبول‪ ،‬األسود واألبيض‪ ،‬بينام الضبابية تؤدي‬ ‫ملوقف ملتبس ومتداخل وتضعنا وجهاً لوجه مع‬ ‫السياسة والواقع‪ .‬وهنا نجد َّأن للضبابية الكامنة‬ ‫يف قرار الهدنة وظيفة يف مآلها االستمراري ويف‬ ‫متديديها الحقاً؛ فقرار الهدنة يحمل وعوداً مختلفة‬ ‫ألطراف متخالفة ومتصارعة تجعل من جميع‬ ‫األطراف رابحني يف آن‪.‬‬ ‫وبني املجهول واملعلوم‪ ،‬يف قرار الهدنة‪ ،‬تستمر‬ ‫الهدنة بتثاقل وال تنهار بالرغم من الخرق املو ّثق‬ ‫لها‪ ،‬ملا تح ِمله من وعود وضامنات من جهة‪،‬‬ ‫وألنها ال تتضمن آليات رادعة وفورية تلجم‬ ‫صاحب الخرق من جهة ثانية‪ .‬بل عىل العكس‬ ‫من ذلك‪ ،‬ستتجدد هذه الهدنة وستواكب العودة‬ ‫إىل العملية التفاوضية التي تأجل انطالقها إىل ‪9‬‬ ‫آذار ‪.2016‬‬ ‫َي ِعدُ قرار الهدنة ويضمن عدم استهداف قوات‬ ‫النظام والقوى الداعمة لهذا النظام مستقب ًال ْإن‬ ‫هي التزمت بقرار الهدنة‪ .‬واملقصود “بالقوى‬ ‫الداعمة للنظام” يبقى حتى اآلن مجهوالً‪ :‬فهل‬ ‫تشمل حزب الله والحرس الثوري اإليراين وأبو‬ ‫الفضل العباس وكتائب الحامية الكردية وقطعان‬ ‫الشبيحة واللجان الشعبية وكتائب البعث ولجان‬ ‫الحامية الذاتية‪...‬؟! ومن املعروف َّأن النظام مييل‬ ‫لعدم تدويل قضاياه ليقينه َّأن من يسقطه هو عمل‬ ‫دو ّيل فقط‪ .‬فلذلك من مصلحة هذه القوى والنظام‬ ‫الذي تدعمه ْأن تظهر مبظهر امللتزم بالهدنة يك‬ ‫تتجنب استهدافها دولياً وإقليمياً‪ .‬وبذلك تكتفي‬

‫هذه القوى ّ‬ ‫رش ما يسميه األمريكيون “الخطة ب”‪،‬‬ ‫والتي سينفذها التحالف الدو ّيل بقيادة الواليات‬ ‫اإلسالمي بقيادة‬ ‫املتحدة األمريكية جواً و التحالف‬ ‫ّ‬ ‫اململكة العربية السعودية وتركيا براً‪.‬‬ ‫وحتى اآلن يبقى مجهوالً كذلك َمنْ هو سوى‬ ‫داعش والنرصة عىل قامئة اإلرهاب‪ ،‬وهذا يزيد‬ ‫من الضبابية التي تغ ِّلف قرار الهدنة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫للمصري املجهول أيضاً للمناطق التي فيها تداخل‬ ‫من جهة املعارضة يف بعض مناطقها مع داعش‬ ‫أو النرصة‪ ،‬ومن جهة النظام والتداخل مع مناطق‬ ‫حزب االتحاد الدميقراطي الكردي أو حزب الله‪...‬‬ ‫والحق يقال َّإن الهدنة برزت للوجود إثر االستعصاء‬ ‫السوريّ الذي ّ‬ ‫لف الجميع مبا فيهم الروس‬ ‫أوالً‪ ،‬ولقطع الطريق عىل تصعيد بريّ سعوديّ ‪/‬‬ ‫تر ّ‬ ‫يك ثانياً‪ ،‬واستنكار شعوب العامل للتامدي يف‬ ‫القتل والقصف والرباميل والحصار؛ وهو اليشء‬ ‫لذي ينتج عنه تصاعد يف تدفق الالجئني وعدم‬ ‫احتامل الضمري العاملي ملشاهد املوت جوعاً وغرقاً‬ ‫وتحت التعذيب ونتيجة للقصف‬ ‫الرويس‪/‬السوريّ‬ ‫ّ‬ ‫املجنون ثالثاً‪.‬‬ ‫ورغم هذا الربوز املعقد للهدنة‪ ،‬عىل أكرث من‬ ‫صعيد‪ ،‬يبقى املرجح استمرار الهدنة ومتديدها‬ ‫ملا فيها من ضبابية وعدم تعيني‪ ،‬وللوعود التي‬ ‫تحملها‪ ،‬ولغياب الردع املبارش والفوري وحضور‬ ‫التوعد والوعيد بخطط‬ ‫بديلة جو ّية وبر ّية و َتع ُرض‬ ‫للهجوم‪ ،‬فعىل ما يبدو أنها‬ ‫هدنة بدأت لتبقى وتتمدد‬ ‫ال لتنهار‪.‬‬ ‫وبتدقيق أكرب لفحوى‬ ‫الهدنة عموماً نجد َّأن‬ ‫الهدنة رمت بعدم تعيينها‬ ‫(للقوى الداعمة للنظام‪،‬‬ ‫وملناطق التداخل‪ ،‬وللقوى‬ ‫اإلرهابية باستثناء داعش‬ ‫والنرصة‪ ،‬ولهوية املشاركني‬ ‫يف الحرب املستمرة عىل‬ ‫داعش والنرصة وسواهام‬ ‫ممن سيحدده مجلس األمن‬ ‫الحقاً) مشاكل السوريني إىل‬ ‫األمام وإىل املستقبل القريب‬ ‫واملتوسط‪ .‬وهو ما سيتم‬ ‫تعيينه مستقب ًال حسب‬ ‫موازين القوى واملصالح‬ ‫ومفاعيل الزمن‪ .‬وهذا يعني‬

‫فيام يعنيه َّأن عىل السوريني وضع ّ‬ ‫كل ثقلهم يف‬ ‫ليتم تعيني املجهول واملعلوم يف معادلتهم‬ ‫املعادلة ّ‬ ‫ً‬ ‫للمساهمة يف متديد الهدنة‪ ،‬وصوال لوقف شامل‬ ‫إلطالق النار‪ ،‬ولزحزحة العمل ّية التفاوض ّية‪.‬‬ ‫ويف ظل هذا يحاول رأس النظام تصعيد رغباته‬ ‫املنفصمة عن الواقع لقناعته بأنه رشيك يف‬ ‫محاربة داعش والنرصة ومن سيسميهم مجلس‬ ‫األمن الحقاً‪ ،‬بهدف إيهام حلفائه ومنارصيه أ َّنه‬ ‫مركز القضية السور ّية ومركز املنطقة وأ َّنه سيعيد‬ ‫كامل األرايض السور ّية إىل سيطرته مع مرور‬ ‫الوقت وأ َّنه سيصدر عفواً عمن يلقي السالح من‬ ‫خصومه ويصدر قراراً باالنتخابات الترشيعية يف‬ ‫‪ 13‬نيسان‪ ...‬وكأن الروس واإليرانيني واألمريكيني‬ ‫واألتراك والسعوديني يعملون عنده وحسب‬ ‫رغباته وأوهامه!!‬ ‫ّ‬ ‫سيتحطم عىل صخرة الواقع والسياسة‪،‬‬ ‫وهذا كله‬ ‫كام تحطمت منزلة اإلنسان بوصفه مركز الكون‬ ‫عىل يد “كوبرنيكوس”‪ .‬وعندها يثبت للجميع َّأن‬ ‫ّ‬ ‫هاميش من القضية‬ ‫رأس النظام ما هو ّإل جزء‬ ‫السور ّية قياساً بواقعها ومستقبلها‪ .‬فعىل السوريني‬ ‫ومعارضتهم تجاوز أوهام رأس النظام باتباع منهج‬ ‫ميكافييل الذي مفاده‪“ :‬لنخرج رأسنا من الواقع‬ ‫بدالً من أن نخرج الواقع من رأسنا‪ ،‬ولنذهب‬ ‫مبارشة إىل الواقع بدالً من االكتفاء بتخيله”!‬

‫‪3‬‬


‫وقف إطالق النار في ســوريا‬ ‫توقــف القصف بالصواريخ والطيران‬ ‫ومناوشات محدودة على األرض‬

‫‪4‬‬ ‫طلعنا عالحرية‬

‫العدد ‪- 66 -‬‬ ‫‪2016 / 3 / 7‬‬

‫تقارير‬

‫حاولت مجلة طلعنا عالحرية استطالع األوضاع يف‬ ‫مختلف املناطق السورية عقب اإلعالن عن اتفاق‬ ‫وقف إطالق النار‪ ،‬ملعرفة مدى التزام األطراف بها‪،‬‬ ‫كام حاولنا سرب آراء عدد من الناشطني واملواطنني‬ ‫باالتفاق وفرص نجاحه‪ ،‬وبعض األمور اإلشكالية‬ ‫فيه كاستثناء جبهة النرصة‪.‬‬ ‫اتفق الناشطون من مختلف املناطق عىل التزام‬ ‫جميع األطراف النسبي باالتفاقية؛ حيث أكد‬ ‫الناشط اإلعالمي محمد الرفاعي من درعا أن‬ ‫“هناك التزام إىل حد كبري قد يصل إىل ‪ 90%‬إضافة‬ ‫إىل توقف طلعات الطريان” وكذلك يف ريف درعا‬ ‫الغريب قال الناشط واإلعالمي إبراهيم حمد إن‬ ‫“االلتزام يف املنطقة من قبل جميع األطراف يقارب‬ ‫نسبة ‪ ،75%‬رغم تسجيل بعض الخروقات اليومية‬ ‫والتي أدى بعضها إىل سقوط شهداء”‪ ،‬وأفاد‬ ‫حمد بأنه مل يتم تسجيل حاالت قصف طريان إمنا‬ ‫كان هناك طلعات جوية متفرقة‪ .‬ويف الحسكة‪،‬‬ ‫قال الصحفي فرهاد أحمد إنه مل يكن هناك‬ ‫قصف بالطريان عىل منطقته أص ًال‪ .‬وقد أعلنت‬ ‫القوات املسيطرة عىل األرض هناك (قوات سوريا‬ ‫الدميقراطية) من جانبها االلتزام بهذا االتفاق‪ .‬ويف‬ ‫ريف إدلب قال الناشط اإلعالمي محمد فتوح‪“ :‬مل‬ ‫يكن هناك قصف إال يف منطقة واحدة فقط”‪.‬‬ ‫بيان ريحان‪ ،‬موظفة يف املجلس املحيل يف مدينة‬ ‫دوما‪ ،‬تقول إن “هناك نوع من االلتزام بوقف‬ ‫إطالق النار من قبل املعارضة‪ ،‬أما النظام فقد‬ ‫مارس بعض الخروقات يف أطراف الغوطة” ويوافق‬ ‫ذلك ما نقله السيد خالد قاقيش من مدينة دوما‬ ‫ويعمل يف القطاع الصحي‪ ،‬الذي رأى أن “املعارضة‬ ‫التزمت بشكل كامل ألنها شعرت بوجع الشعب‪،‬‬ ‫إال أن النظام مل يلتزم متاماً بالهدنة”‪ .‬وأيضاً وافق‬ ‫معتصم وهو ناشط يف إحدى مجموعات متابعة‬ ‫وقف إطالق النار أن الخروقات األكرب من جهة‬ ‫النظام‪ ،‬فقال‪“ :‬مع نهاية األسبوع األول من وقف‬ ‫العمليات العدائية حسب االتفاق الرويس األمرييك‬ ‫لوحظ وجود خروقات من قبل قوات النظام يف‬ ‫ريف إدلب وريف الالذقية وريف دمشق وريف‬ ‫حامة الجنويب”‪ ،‬بينام أكد أن “االلتزام من طرف‬ ‫كتائب املعارضة كان أكرب بكثري”‪.‬‬ ‫وفصل الناشط والصحفي مصعب الحامدي‬ ‫ّ‬

‫حلول يطرحها ناشطون‪:‬‬

‫ العمل على فك ارتباط جبهة النصرة بالقاعدة وجعلها أقرب‬‫إلى الثورة السورية والسوريين‬ ‫ آخرون‪ :‬خروج جبهة النصرة من سوريا‪ ،‬أو خروجها من بين‬‫المدنيين‪ ،‬أو حلها وإعادة استيعاب عناصرها السوريين في‬ ‫كتائب الجيش الحر‬

‫ابن حامة بقوله “إن منطقة سهل الغاب بريف عن متديد الهدنة‬

‫حامة تشهد اشتباكات محدودة يف الجزء الشاميل‬ ‫القريب من مدينة جرس الشغور بسبب أهمية‬ ‫هذه املنطقة للنظام‪ .‬ويف أول يوم للهدنة قصف‬ ‫النظام قرية الناجية التابعة لريف جرس الشغور‬ ‫واملحاذية لسهل الغاب فراح جيش التحرير التابع‬ ‫للمعارضة يقصف مواقع النظام يف قرية جورين يف‬ ‫سهل الغاب بصواريخ غراد‪ ..‬عدا عن ذلك مل تسجل‬ ‫خروقات مهمة للهدنة‪ ،‬والطريان الرويس مل يقصف‬ ‫سهل الغاب بعد الهدنة” ويضيف مصعب‪“ :‬يف‬ ‫إحدى الحاالت قصفت دبابة تابعة للنظام قذيفة‬ ‫بالخطأ‪ -‬باتجاه قلعة املضيق فقدم الضابط املسؤول‬‫من طرف النظام االعتذار لألهايل عرب وسيط”‪.‬‬

‫عن خرق االتفاقية وإمكانية نجاحها‬

‫قال فرهاد من الحسكة‪“ :‬وإذا كان من طرف قد‬ ‫يخرق الهدنة فهو النظام كونه املستفيد الوحيد‬ ‫من الرصاع املس ّلح”‪ .‬كام أعرب عن اعتقاده أن “نجاح‬ ‫االتفاقية مرهون بقدر ما تتحقق مصالح الدول الكربى”‪.‬‬

‫الناشط اإلعالمي محمد الرفاعي من درعا بدا‬ ‫متشامئاً من نجاح الهدنة معترباً أن “املترضر األكرب‬ ‫هو الشعب السوري والهدنة هي فرصة للنظام‬ ‫وإطالة يف عمره”‪.‬‬ ‫وتتوقع بيان نجاح االتفاقية بشكل عام‪ .‬فيام‬ ‫ربط حامدي ذلك بحال “بقي التنسيق األمرييك‬ ‫الرويس يف حالة جيدة”‪ ،‬وكذلك رأى معتصم أن‬ ‫النجاح يعتمد عىل “جدية املجتمع الدويل بدعمها‬ ‫وإيقاف الجهات التي تقوم بخرقها”‬ ‫وأردف معتصم أنه “يجب البناء عىل استمرار‬ ‫الهدنة من أجل الوصول إىل حل سيايس وليس‬ ‫اإلبقاء عىل الهدن بدون وجود تحركات سياسية ال‬ ‫تقترص عىل مداوالت ال تفيض إىل نتيجة”‪.‬‬

‫عرب معظم من شملهم استقراؤنا عن تأييدهم‬ ‫للتمديد‪ ،‬وش ّكك حمد من ريف درعا بإمكانية‬ ‫التمديد “ألن املجتمع الدويل وحتى األطراف‬ ‫التي سعت من أجل الهدنة مل تتعامل مع امللف‬ ‫بجدية‪ ،‬وكانت كل مبادراتها خجولة مل َ‬ ‫ترق إىل‬ ‫أبسط تطلعات الشعب السوري” وعرب عن تأييده‬ ‫للتمديد “يف حال كان هناك خطوات عملية‬ ‫تتبعها بهدف وضع نهاية لهذه الحرب؛ بحيث‬ ‫تلبي مطالب الشعب يف الحرية‪ ،‬أما إذا مل يحصل‬ ‫ذلك فال ميكن ضامن استمرار التزام أي طرف من‬ ‫األطراف بالهدنة‪ ،‬ومن املمكن أن يتطور الوضع‬ ‫إىل ما هو أسوأ”‪ .‬وع ّلل فرهاد أحمد من الحسكة‬ ‫تأييده للتمديد بأن “ذلك يفتح مجاالً للعملية‬ ‫السياسية وتجنيب السوريني املزيد من الدماء”‪.‬‬ ‫واشرتط محمد فتوح من ريف إدلب تأييده بالتزام‬ ‫النظام بعدم القصف‪ ،‬مرجحاً شكوكه مبصداقية‬ ‫النظام وقدرته عىل االلتزام‪ .‬يف حني كان تعليل‬ ‫محمد من درعا لذلك بأن “مقاتيل الجيش الحر‬ ‫بحاجة إىل راحة وإعادة ترتيب صفوفهم” بعكس‬ ‫مروان من الغوطة الرشقية الذي توقع عدم متديد‬ ‫الهدنة أو وقف الهجامت عىل مناطق الغوطة‪،‬‬ ‫بل برأيه أن “التهدئة هي عبارة عن راحة لقوات‬ ‫النظام” وعادت بيان من دوما لتؤكد تأييدها‬ ‫“بشدة لتوسيع الهدنة ووقف إطالق النار”‪،‬‬ ‫واعترب خالد قاليش من الغوطة أيضاً أن “بداية‬ ‫الحل هي الهدنة ويجب أن تستمر”‪ .‬وأشارة‬ ‫معتصم إىل أن‪“ :‬انخفاض العمليات العسكرية‬ ‫والهجامت بالطريان الحريب ساعد املدنيني بالعودة‬ ‫اىل التحرك الثوري يف الكثري من املناطق السورية‬ ‫املحررة وإعالء صوت الثورة‪ ،‬خاصة أننا قريبون‬ ‫من الذكرى السنوية الخامسة النطالق الثورة”‪.‬‬ ‫‪ ...‬تتمة يف الصفحة التالية >>>‬


‫وقف إطالق النار في ســوريا‬ ‫‪5‬‬ ‫حول استثناء جبهة النرصة‬

‫العدد ‪- 66 -‬‬ ‫‪2016 / 3 / 7‬‬

‫جبهة النرصة من سوريا”‪ .‬ويف نفس املدينة عربت‬ ‫بيان عن تخوفها من استثناء النرصة ألنها “متثل‬ ‫جزءاً كبري من املوجودين عىل األرض وأصحاب‬ ‫التأثري‪ ،‬واستثناؤها يعطي حجة للنظام لقصف‬ ‫مناطق وجودها”‪ .‬أما معتصم فريى أن مسألة‬ ‫النرصة مجرد ذريعة‪“ :‬لقد تم استخدام جبهة‬ ‫النرصة كحجة من أجل استمرار بعض العمليات‬ ‫العسكرية كام استخدمت من قبل داعش كحجة‬ ‫لبدء الرضبات الجوية الروسية عىل املدنيني‬

‫واملشايف وفرق الدفاع املدين السوري باإلضافة إىل‬ ‫كتائب الجيش الحر دون وجود رضبات حقيقية‬ ‫عىل قوات داعش”‪ .‬معترباً أن الطريق إىل حل‬ ‫هذه اإلشكالية بالنسبة إىل املنتسبني السوريني هو‬ ‫“العمل عىل توعيتهم بخطورة التفكري القاعدي‬ ‫عىل أنفسهم وعىل املجتمع السوري‪ ،‬وتهيئة‬ ‫األجواء لدمجهم من جديد يف املجتمع‪ ..‬حيث من‬ ‫املمكن إعادة استقطابهم من قبل كتائب الجيش‬ ‫الحر أو الكتائب االسالمية املعتدلة”‪.‬‬

‫تقارير‬

‫قال حمد‪ :‬إن “القرار مل يعجب الكثري من الناس‬ ‫خصوصاً يف املناطق التي كانت جبهة النرصة سبباً‬ ‫يف تحريرها من قبضة النظام وهي مناطق كثرية يف‬ ‫حوران”‪ .‬وأضاف يف سياق رؤيته للحلول املمكنة‬ ‫أن “جبهة النرصة من مكونات الثورة السورية‪،‬‬ ‫واستثناؤها يسبب مشاكل كبرية ويجعل منها‬ ‫حجة للنظام املدعوم بالطريان الرويس لقصف‬ ‫ّ‬ ‫املناطق التي توجد فيها والتي هي أساساً مناطق‬ ‫مدنية‪ ،‬لذلك أمتنى عدم استثنائها بل محاولة تغيري‬ ‫مواقفها والعمل عىل ّ‬ ‫فك ارتباطها بالقاعدة وجعلها‬ ‫أقرب إىل الثورة السورية والسوريني”‪ .‬وكذلك قال‬ ‫محمد من درعا إن “الكثري من األهايل معارضون‬ ‫الستثناء جبهة النرصة ألنها تسيطر وتنترش‬ ‫يف الكثري من املناطق املدنية واستهدافها هو‬ ‫استهداف للمدنيني”‪ .‬معترباً أن الترصف األفضل‬ ‫هو “ابتعاد النرصة عن املناطق السكنية وعدم‬ ‫وضع مقرات لها بني املدنيني‪ ،‬وعدم إعالنها تبعية‬ ‫أي مناطق لها”‪ .‬وقريباً من ذلك ما ذهب إليه‬ ‫فتوح من ريف إدلب الذي اعترب “أغلب الناس‬ ‫غري موافقني” ألن النرصة “موجودة ضمن مناطقنا‬ ‫ومنترشة بشكل واسع” عىل ح ّد قوله‪ ،‬ويرى‬ ‫فتوح أن شملها ضمن االتفاقية هو الحل‪ .‬وقال‬ ‫مروان عن النرصة‪“ :‬جبهة النرصة إخواننا وبغض‬ ‫النظر أنهم غرباء أو أقرباء‪ ،‬يجب أن نقف معهم‬ ‫ألنهم دافعوا عنا‪ ،‬والحل هو إما تغيري االسم أو أن‬ ‫ينضموا لباقي الفصائل”‪ .‬بخالف باقي النشطاء يف‬ ‫االستطالع حيث قال فرهاد من الحسكة‪“ :‬الناس‬ ‫بشكل عام تؤيد استثناء جبهة النرصة من هذه‬ ‫االتفاقية طاملا هي تعترب نفسها فرعاً للقاعدة يف‬ ‫سوريا‪ ،‬وقد يكون عزلها من هذه االتفاقيات وأية‬ ‫تسويات سياسية هو الترصف األفضل‪ .‬فكلام زاد‬ ‫الضغط عليها ستضعف وسيكون ذلك أفضل من‬ ‫إنهائها عسكرياً”‪ .‬وعرب مصعب حامدي عن موقفه‬ ‫النهايئ من النرصة باعتباره “النرصة تنظي ًام إرهابياً‪،‬‬ ‫وهو تابع لتنظيم القاعدة العاملي”‪ ،‬وأعرب عن‬ ‫اعتقاده بوجوب “معاملته معاملة داعش”‪،‬‬ ‫مضيفاً أنه “حتى السوريون الذين يف النرصة إما‬ ‫يعبثون بالدماء ألجل املال والسلطة أو تكفرييني‬ ‫يريدون ذبح كل األقليات باإلضافة لثالثة أرباع‬ ‫السنة كونهم مرتدين!”‪ .‬وبنفس االتجاه ذهب‬ ‫ّ‬ ‫“الحل الوحيد هو إخراج‬ ‫خالد من دوما فربأيه‬


‫‪64‬‬

‫الهدنة التي أذلت‬ ‫النظام وصفرت العداد‬ ‫نبيل شوفان‬

‫‪- 66‬‬ ‫العدد ‪53 -‬‬ ‫‪2016 // 83 // 27‬‬ ‫‪2015‬‬

‫مقاالت‬ ‫لقاءات‬

‫لقد اختار النظام إعالن الحرب عىل شعب ضعيف هتف للحرية ال‬ ‫لإلسالمية‪ ،‬للدميقراطية ال للخالفة‪ ،‬للعدل ال للقتل‪ ،‬مل يكن السوريون‬ ‫الشباب ميلكون قطعة سالح واحدة‪ ،‬أنا أذكر كيف دافع أهل الخالدية‬ ‫يف حمص عن مظاهراتهم بالحجارة‪ ،‬لكن وفيام بعد وحني رفض بشار‬ ‫األسد فكرة املصالحة‪ ،‬وخاف من العدل‪ ،‬واسترشس دفاعاً عن منصبه غري‬ ‫الرشعي‪ ،‬وأمر الجيش مبحاربة الشعب‪ ،‬تس ّلح الشباب السوري‪ .‬فيام بعد‬ ‫طالت الحرب وتس ّلحت الثورة بعد سنة من مقاومتها ‪-‬سلمياً‪ -‬جيش‬ ‫النظام‪ ،‬ثم ظهرت النرصة ثم داعش ثم قوات الحامية الكردية وغريها‪.‬‬ ‫من يذكر الضابط يف “الجيش السوري” الذي تقدم إىل عنارص “الجيش‬ ‫السوري الحر” يف الغوطة الدمشقية حني أعطوه األمان فقال لهم‪“ :‬أنا‬ ‫درست يف الكلية الحربية عىل حسابكم ونحن إخوة لكن يأيت ابن حرام‬ ‫ويخربها علينا كلنا”‪ ،‬ثم عاد الضابط إىل صفوف قواته وعقدت شبه هدنة‬ ‫عىل تلك الجبهة‪ ،‬ليتم اغتياله من قبل قوات النظام يف األيام القليلة التي‬ ‫تلت هذه الحادثة‪ .‬من يذكر أبو الفرات حني قال‪“ :‬والله إين حزين فهؤالء‬ ‫إخوتنا وهذه دباباتنا”‪ ،‬ثم تم اغتياله يف األيام القليلة التي تلت هذا‬ ‫التسجيل أيضاً!‬ ‫نعم يف تلك املرحلة كان ما يزال هناك وجود لوعي سوري بني األطراف‬ ‫املتحاربة يفوق وعي من ميولهم‪ ،‬إن كان النظام وإن كان مقاتلو املعارضة‬ ‫ولو أن من قاتل مع النظام فهو من بدأ الظلم‪ ،-‬ولكن كان علينا أن‬‫نعرف أن اغتيال أبا الفرات والضابط النظامي هو تحول يف مجرى األحداث‬ ‫إىل حرب دولية؛ فأمريكا وبأدواتها العربية تريد حل مشاكلها الداخلية‬ ‫والخارجية بإشعال حرب‪ ،‬وكان هذا بالضبط ما يريده النظام الذي أرشك‬ ‫حزب الله بأمر إيراين‪ ،‬ثم تدخلت روسيا التي تخوفت عىل مصالحها من‬ ‫إيران نفسها‪.‬‬ ‫جرت العادة أن يقوم أحد األطراف املتحاربة –األكرث خسارة‪ -‬بالتقدم‬ ‫بطلب هدنة إىل الطرف املعادي‪ ،‬وبعد عدة مفاوضات ولقاءات يتم‬ ‫التوقيع عىل الهدنة من قبل األطراف املتنازعة التي قامت بالتفاوض‪ .‬ال‬ ‫يهدف الطلب إىل وضح ح ّد إىل الحرب ولكن لوقف العمليات‪ ،‬لتجنب‬ ‫اإلذالل من الطرف اآلخر‪ ،‬وهي تجرب الطرف األضعف عىل التخيل عن جزء‬ ‫من أهداف حربه األصلية‪.‬‬ ‫لكن يف الحالة السورية ليس للسوريني عالقة بالحرب وال بالهدنة‪ ،‬فأمريكا‬ ‫وروسيا هام من تهادنتا والنظام السوري هو من تع ّرض ّ‬ ‫للذل؛ ألنه ظهر‬ ‫مبظهر الضعيف أمام مؤيديه‪ ،‬بدءاً من جنيف وحتى إعالن الهدنة‪.‬‬ ‫تظاهر السوريون ‪-‬عوداً عىل بدء‪ -‬لريموا خمس سنني من الحرب واملوت‬ ‫واألمل خلف ظهورهم‪ ،‬منادين مبا نادوا به من اليوم األول “الشعب يريد‬ ‫إسقاط النظام”‪ ،‬لذلك فالسوريون مع الهدنة التي أذلت بشار األسد‬ ‫وجعلت رحيله عرب عملية سياسية أكرث سهولة‪ ،‬وهذا ما ستثبته املفاوضات‬ ‫إذا كانت املعارضة شاطرة‪ ،‬فالشعب عاد للتظاهر يف مناطق سيطرة الجيش‬ ‫السوري الحر‪ ،‬وبزخم غري متوقع من قبل أكرث املتفائلني‪ ،‬ودون رصاص‬ ‫وبراميل هذه املرة‪ ،‬بل مع هتاف واحد واحد واحد الشعب السوري واحد!‬ ‫ومع ابتسامة رسمها من رصخ متندراً “لك دخيلو الصاروخ الواقف باإلرنة‬ ‫شو مو داخل بالهدنة”‪.‬‬ ‫ويبدو فع ًال أن الثورة مستمرة‪ ،‬ويبدو أن عودها عىل بدئها أزعج وأحرج‬ ‫املرجفني املشككني يف هتاف الشعب يريد إسقاط النظام‪.‬‬

‫المعارضة مهددة بخســران آخر‬ ‫منافذ شرعيتها‬ ‫مرقاب‬ ‫أصبح من املسلم به منذ زمن وجوب حصول شكل ما من التفاهم الدويل‬ ‫قبل أي مفاوضات بني الفرقاء السوريني‪ ،‬وقد كان هذه التفاهم صعب‬ ‫املنال دامئاً‪ ،‬ولكن ثالثة عوامل حدثت خالل العام املايض جعلت التواصل‬ ‫بني القوى الدولية ممكناً‪ ،‬وهذه العوامل هي‪ :‬صعود تنظيم الدولة كعدو‬ ‫مشرتك‪ ،‬وذوبان الجليد يف العالقات األمريكية اإليرانية‪ ،‬والتدخل العسكري‬ ‫الرويس يف سوريا‪.‬‬ ‫خالفاً لبعض التحليالت‪ ،‬أثبت التدخل الرويس قدرته عىل قلب املوازين‬ ‫العسكرية داخل سوريا‪ ،‬فخالل مفاوضات جنيف ‪ 3‬وفيام يشبه الفخ‪،‬‬ ‫أطلقت القوات السورية بغطاء من الطريان الرويس حملة عسكرية ضخمة‬ ‫عىل حلب‪ ،‬استطاعت فيها فك الحصار عن مدينتي نبل والزهراء‪ ،‬ولتتجه‬ ‫الستعادة الريف الشاميل خالل فرتة وجيزة‪ ،‬كام كشفت يف الوقت ذاته‬ ‫ضعف الدفاعات الهندسية والتكتيكية للمعارضة املسلحة بالرغم من‬ ‫سيطرتها عىل هذه املنطقة لسنوات‪ .‬وتظهر الحملة العسكرية أن لها عدة‬ ‫أهداف‪ :‬حامية املنطقة العلوية الساحلية‪ ،‬ودفع الثوار بعيداً عن املدن‬ ‫الكربى‪ ،‬وقطع خطوط اإلمدادات الخارجية لهم‪ .‬وهو ما حققته روسيا إىل‬ ‫اليوم إىل حد كبري‪.‬‬ ‫من األكرث ترجيحاً أن تكتفي حملة النظام السوري مبحارصة مدينة حلب‬ ‫وحصارها ومن ثم التعامل معها كجيب معزول مشابه لحالة الغوطة‬ ‫الرشقية‪ ،‬ولكن يبقى األخطر أن تفقد كتائب املعارضة جبهاتها مع تنظيم‬ ‫الدولة اإلسالمية يف حلب لصالح النظام السوري‪ ،‬وحينها سيكون النظام‬ ‫الرشيك الوحيد يف محاربة التنظيم‪ ،‬يف حني ستبقى املعارضة محصورة يف‬ ‫إدلب وريف حامه مع جبهة النرصة‪.‬‬ ‫أىت إعالن الهدنة بتوافق رويس أمرييك‪ ،‬وميكن القول إن هناك عاملني‬ ‫أساسيني وراء هذا االتفاق‪ ،‬أوالً الرضا الرويس عن ما حققه النظام السوري‬ ‫يف حملته األخرية عىل حلب يجعله ال ميانع ببعض الراحة‪ ،‬ويقيه من‬ ‫تكاليف االستمرار مبواجهة الغضب الرتيك السعودي‪ ،‬وثانيهام اإلحراج‬ ‫األمرييك من االنطباع بأن روسيا تالعبت عىل أمريكا يف جنيف‪.‬‬ ‫ملحاً للفصائل املعارضة التي أنهكتها‬ ‫بالرغم من كون الهدنة كانت مطلباً ّ‬ ‫الحرب‪ ،‬إال أن قراءة متأنية للبيان تيش أن الهدنة ملصلحة روسيا واألسد‬ ‫إىل حد كبري؛ فالبيان يؤكد تسليم واشنطن دفة قيادة مسار الحل النهايئ‬ ‫ملوسكو‪ ،‬كام يصدر جيش النظام السوري عىل أنه القوة الرشعية الوحيدة‬ ‫للدولة السورية‪ ،‬كام فصل مسار وقف إطالق النار عن املسار التفاويض‪.‬‬ ‫ويضاف إىل ذلك أن التداخل ما بني النرصة وفصائل املعارضة يف شامل‬ ‫سوريا سيعفي النظام عملياً من مسؤولية الخروقات املتعمدة للهدنة‪.‬‬ ‫وأخرياً تهدد الهدنة باندالع حرب أهلية داخل فصائل املعارضة نفسها عىل‬ ‫خلفية املوقف من جبهة النرصة‪.‬‬ ‫يجب عىل املعارضة أن تضغط حتى يراعي قرار وقف إطالق النار هواجسها‬ ‫وإشكاالتها‪ ،‬كام يجب عىل كتائب املعارضة أن تحاول أن ال تخرس جبهاتها‬ ‫مع تنظيم الدولة تحت أي ظرف‪ ،‬فوفقاً للظروف الدولية الحالية‪ ،‬يعترب‬ ‫قتال تنظيم الدولة الطريقة الوحيدة لكسب الرشعية الدولية‪ ،‬وخسارة‬ ‫املعارضة لهذه الجبهات يعني خسارتها آلخر منافذها عىل الرشعية الدولية‪.‬‬


‫أهالي إدلب وحلب‬ ‫مــاذا يقولون عن الهدنة ؟‬ ‫سمير كرم ‪ -‬إدلب‬

‫العدد ‪- 66 -‬‬

‫بدوره أكد الناشط اإلعالمي “ياسني األخرس”‬ ‫(ريف إدلب ‪ -‬كفرنبل) أن الهدنة هشة والكل‬ ‫يعلم أن الروس ونظام األسد لن يلتزموا بها‪ ،‬الفتاً‬ ‫أنها محاولة إلنعاش األخري املتفكك أمنياً وعسكرياً‪.‬‬ ‫واعترب “األخرس” أن الحد من الرصاعات يف سوريا‬ ‫عىل حساب املعارضة املعتدلة وتحديداً الجيش‬ ‫الحر‪ ،‬أفرزت انعكاسات سلبية عىل الثورة‪ ،‬وذلك‬ ‫عقب سيطرة النظام عىل عدة مناطق قبل الهدنة‬ ‫بأيام‪.‬‬ ‫ومىض بالقول أن النظام ال يهمه أمر املدنيني الذين‬

‫من جانبه يرى “يوسف منديل” أحد عنارص‬ ‫الجيش الحر ( ريف إدلب ‪ -‬معرة النعامن)‪ ،‬أن‬ ‫الهدنة يف صالح النظام بعد استحواذه عىل مناطق‬ ‫شاسعة يف الفرتة األخرية‪ ،‬كان أهمها فتح الطرق‬ ‫لنبل والزهراء بريف حلب‪ .‬وأشار إىل أن النظام‬ ‫لن يلتزم بالهدنة‪ ،‬رغم أن ذلك ليس يف صالحه‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫إضعاف لدوره أمام الرأي العام العاملي الذي‬ ‫بل‬ ‫يراقب عن كثب تطورات الرصاع يف الداخل‬ ‫السوري‪.‬‬ ‫استطاع السوريون إيصال صوتهم للمجتمع‬ ‫ات عربوا‬ ‫الدويل خالل فرتة الهدنة‪ ،‬بعدة مظاهر ٍ‬ ‫خاللها عن أصل القضية (الحرية والكرامة)‪ ،‬إال أن‬ ‫دكتاتورية األسد ح َّرفت أنظاراملجتمع الدويل إىل‬ ‫ربيبه تنظيم داعش‪.‬‬ ‫لكن السؤال ماذا بعد الهدنة‪ ،‬هل سنشهد دوامة‬ ‫عنف جديدة تلف املشهد السوري من جديد‪ ،‬أم‬ ‫ٍ‬ ‫أن مثة تحركاً دولياً‪ ،‬أشار إليه الس ِّيد جون كريي‬ ‫وزير خارجية الواليات املتحدة بقوله؛ إن لدى‬ ‫واشنطن “خطة بديلة” جاهزة يف حال مل تنجح‬ ‫الجهود املبذولة إلنشاء حكومة انتقالية يف سوريا‪،‬‬ ‫يف إشار ٍة إىل شبح التقسيم‪ ،‬األمر الذي ن َّوهت إليه‬ ‫موسكو يف صيغة الدولة الفيدرالية‪.‬‬

‫تقارير‬

‫الصحفي “عبد الوهاب عايص” (حلب ‪ -‬إعزاز)‬ ‫أكد لـ”طلعنا عالحرية” أن الهدنة خ َّفضت من‬ ‫منسوب العنف‪ ،‬وأعادت نشاط املظاهرات‬ ‫السلمية‪ ،‬لكنها تبقى منفعة جزئية للثورة يقابلها‬ ‫مصلحة أكرب للنظام السوري وأتباعه؛ الفتاً أن‬ ‫وقف القصف ال يشمل ما أسمتها موسكو املنطقة‬ ‫الخرضاء‪ ،‬فال يزال سالحها الجوي يقصف مناطق‬

‫الباحث والناشط “عيل قسوم”(ريف إدلب‪-‬‬ ‫كفرسجنة) أكد أن الهدنة رمبا إبرة مخدر‪ ،‬مضيفاً‬ ‫أنها الخيار األفضل من املجتمع الدويل الذي مل‬ ‫يكن جدياً يف تعاطيه مع الثورة‪ ،‬ون َّوه “قسوم” إىل‬ ‫أن الهدنة لكسب الوقت من قبل روسيا والنظام‪.‬‬ ‫وأردف قائ ًال إن ذلك من شأنه التحرك السلمي‬ ‫واستمرار املظاهرات‪ ،‬كام أوضح يف الوقت ذاته‬ ‫أن الهدنة خطوة للحل السيايس واالنتقال السلمي‬ ‫للسلطة‪ ،‬مح َّذراً من تكرار العنف بدون ذلك‪.‬‬ ‫ويوافقه الرأي “سامل املصطو “(مدينة إدلب ‪ -‬نازح‬ ‫من ريف حلب)‪ ،‬بقوله إن الهدنة قنبلة موقوتة‪،‬‬ ‫ومهددة باإلنفجار يف أي لحظة‪ .‬وطالب الجيش‬ ‫الحر بااللتزام بها‪ ،‬مؤكداً أنها الخيار الوحيد أمام‬ ‫الثورة حتى تحمي من تبقى من املدنيني‪ ،‬كام‬ ‫ح َّذر من تكرار فصول املعاناة‪.‬‬

‫أما ا ُملد ِّر َسة “سهام أ‪.‬م” (ريف إدلب – معرة‬ ‫النعامن)‪ ،‬فتقول ببساطة ‪“ :‬قبل ما يبحثوا الثوار‬ ‫عىل أي نرص ‪ ..‬الزم يتذكروا املجازر ييل صارت‬ ‫باملعرة وأريحا وإدلب‪ ،‬ما فيهن يوقفوا املجازر‪،‬‬ ‫وان شاء الله مع الهدنة تتوقف‪ ،‬أحسن ما ترجع‬ ‫ليال الشامل الحزينة وميوتوا الناس من طريان‬ ‫األسد وروسيا‪ ،‬إصحوا بقى‪”...‬‬

‫‪2016 / 3 / 7‬‬

‫دخل اتفاق وقف العمليات العدائية يف سوريا‪،‬‬ ‫الذي توسطت فيه الواليات املتحدة وروسيا حيز‬ ‫التنفيذ منتصف ليل الجمعة ‪ -‬السبت ‪ 27‬فرباير‬ ‫املايض‪ ،‬وشملت الهدنة عموم البالد‪ ،‬باستثناء‬ ‫مناطق يتواجد فيها “تنظيم داعش” و”جبهة‬ ‫النرصة”‪.‬‬ ‫وتعترب الهدنة بداية ملرحل ٍة جديدة‪ ،‬تشمل إىل‬ ‫جانب وقف العمليات القتالية‪ ،‬السامح بوصول‬ ‫املساعدات إىل املناطق املحارصة وإخراج املعتقلني‬ ‫والبدء مبرحلة املفاوضات بشأن عملية انتقالٍ‬ ‫سيايس‪.‬‬ ‫وتراقب الواليات املتحدة وروسيا وقف العمليات‬ ‫القتالية عن طريق مراكز يف واشنطن وموسكو‬ ‫وعامن ومدينة الالذقية السورية ومقر األمم‬ ‫املتحدة يف جنيف‪ ،‬فيام القت الهدنة قبوالً لدى‬ ‫املعارضة السورية بعد الوساطة الدولية‪.‬‬ ‫وتنفس السوريون الصعداء بعد خمس سنوات‬ ‫من الحرب مع رسيان الهدنة‪ ،‬فيام عادت‬ ‫املظاهرات السلمية إىل األوساط الشعبية الثورية‬ ‫سجل ناشطون ‪ 104‬نقطة تظاهر‬ ‫بكثافة‪ ،‬حيث ِّ‬ ‫يوم الجمعة املايض‪ ،‬يف مشه ٍد هو األول من نوعه‬ ‫منذ أشهر عدة‪.‬‬ ‫عن الهدنة استطلعت مجلة “طلعنا عالحرية”‬ ‫آراء عد ٍد من الشباب يف الداخل السوري‪( ،‬حلب‬ ‫وتوجهت إليهم باألسئلة التالية‪:‬‬ ‫وإدلب)‪ّ ،‬‬ ‫‪ - 1‬ما رأيك بالهدنة التي أق َّرتها الواليات املتحدة‬ ‫وروسيا يف سوريا ؟‬ ‫‪ - 2‬آال تعتقد أن الهدنة رغم كل املآخذ عليها‬ ‫تعترب خطوة متقدمة يف ِخ َض َّم الرصاع السوري؟‬ ‫‪ - 3‬هل يع ِّول النظام السوري وحلفاؤه عىل الحرب‬ ‫أكرث من الهدنة؟‬ ‫‪ - 4‬هل فرص نجاح الهدنة ضئيلة وهل ستؤدي إىل‬ ‫املزيد من العنف والعنف املضاد؟‬

‫محددة ضمن بنك أهدافها‪.‬‬ ‫وأضاف عايص أن النظام السوري يعول عىل‬ ‫الحرب خالل الهدنة‪ ،‬ضمن قواعدها املفروضة؛‬ ‫مشرياً إىل ن ِّيته التحرك من ريف الالذقية “كنسبا”‬ ‫إىل جرس الشغور بريف إدلب‪ ،‬هذا من طرف‪.‬‬ ‫وكذلك الوصول للطبقة من خالل التقدم عرب دير‬ ‫حافر بحلب‪ ،‬وهلم ج ّراً‪ ...‬بالتايل هناك مخطط‬ ‫حريب مؤطر بالهدنة تعمل عليه روسيا والنظام‪.‬‬ ‫وعن نجاح الهدنة من عدمه أوضح عايص أن‬ ‫مثة فرص لفشلها‪ ،‬لوجود خالف داخل املجموعة‬ ‫الدولية لدعم سوريا‪ ،‬فهناك الطرف األورويب ومعه‬ ‫الرتيك وبعض دول الخليج غري راضية بالحل الرويس‬ ‫– األمرييك الحايل‪ ،‬لكنهم مجربين للقبول به لقاء‬ ‫التهديد بالخطة (ب) أو مرشوع الفدرالية‪.‬‬

‫جاءت الهدنة ألجلهم‪ ،‬كام يقول البعض‪ ،‬الفتاً أن‬ ‫األيام القادمة ستشهد مزيداً من العنف من كافة‬ ‫األطراف املتنازعة التي ترمم جبهاتها‪.‬‬ ‫ويخالفه الرأي امل ِّمرض”يونس العثامن” (ريف‬ ‫إدلب ‪ -‬كفر عويد)‪ ،‬والذي يرى أن الهدنة مشجعة‬ ‫حيث خففت كثرياً من القصف عىل الشعب‬ ‫السوري‪ ،‬ويراهن عىل استمرارها وبالتايل إيقاف‬ ‫نزيف الدم‪ ،‬رغم أن النظام السوري يواصل قصفه‬ ‫عىل حد قوله‪.‬‬

‫‪7‬‬


‫‪8‬‬

‫إضراب المعتقلين في ســجن‬ ‫طرطوس المركزي‬ ‫من مصدر خاص‬

‫‪2016‬‬ ‫‪2016//23//17‬‬ ‫العدد ‪7 - 66 -‬‬

‫أعلن املعتقلون السياسيون يف سجن طرطوس‬ ‫ارضاباً مفتوحاً عن الطعام حتى تحقيق مطالبهم‬ ‫املتمثلة مبا ييل ‪:‬‬ ‫ إعادة النظر يف أحكامهم ووضعهم أمام محكمة‬‫قضايا اإلرهاب ومحكمة جنايات قضايا اإلرهاب‬ ‫حيث تم إعادة تجريم معظمهم بتهم جديدة‬ ‫ملنعهم من االستفادة من مرسوم العفو آيار –‬

‫‪ ، 2014‬كام أنه تتم محاكمتهم بناء عىل ضبوط أمنية‬

‫مقاالت‬ ‫تقارير‬

‫ملفقة أو بناء عىل أقوال منتزعة تحت التعذيب‪.‬‬ ‫ مقابلة وزير الداخلية‪ ،‬لوقف االنتهاكات‬‫من قبل السجناء الجنائيني يف سجن طرطوس‪ ،‬أو‬ ‫تحويلهم إىل سجون قريبة من أماكن سكن أهلهم‪.‬‬ ‫حيث أن سجن طرطوس وقبل العام ‪ 2015‬مل‬ ‫يكن فيه إال عدد من املعتقلني السياسيني املتهمني‬ ‫بتهم تتعلق باإلرهاب‪ ،‬وكانوا معزولني يف غرفة يف‬ ‫الطابق األريض عن بقية نزالء السجن‪ ،‬ولكن ويف‬ ‫بداية العام ‪ 2015‬وتحديداً يف الشهر الثاين (شباط)‬ ‫من العام ‪ ،2015‬قامت وزارة الداخلية ‪ -‬إدارة‬ ‫السجون ‪ -‬بتحويل حوايل ‪ 200‬معتقل من املعتقلني‬ ‫املوجودين يف سجن عدرا املركزي معظمهم من‬ ‫أبناء محافظتي دمشق وريفها بشكل تعسفي إىل‬ ‫سجن طرطوس املركزي‪ ،‬وتبع ذلك نقل تعسفي‬ ‫ملجموعة من املعتقلني من سجن حامة املركزي‬ ‫إىل سجن طرطوس عىل خلفية االستعصاء الذي‬ ‫قام به املعتقلون‪ ،‬ويف نهاية العام ‪ 2015‬وبداية‬ ‫عام ‪ 2016‬تم تحويل دفعتني جديدتني إىل سجن‬ ‫طرطوس من سجن عدرا ولكنهام كانتا أقل عددا‬ ‫ومن املنقولني سجناء جنائيني أيضاً أي مل تقترص‬ ‫عىل معتقلني سياسيني فقط‪.‬‬ ‫(أسباب النقل املعلنة وجود اكتظاظ يف السجن‪،‬‬ ‫ولكن الحقيقة أن إدارة السجن تخىش من تكتل‬ ‫السجناء املحكومني واملوقوفني من أبناء املدينة‬ ‫الواحدة يف سجن قريب من أماكن سكنهم ووجود‬ ‫معارفهم لذلك تعمدت نقل املعتقلني من أبناء‬ ‫دمشق وريفها حرصاً خالل دفعات النقل التعسفي‬ ‫إىل سجون السويداء وحامة وطرطوس والالذقية)‪.‬‬ ‫عاىن املعتقلون املنقولون إىل سجن طرطوس‬ ‫تحديداً من ظروف معيشية صعبة للغاية متثلت‬ ‫مبا ييل‪:‬‬ ‫ اكتظاظ شديد ألن العدد اإلجاميل للمعتقلني‬‫املنقولني إضافة لنزالء السجن بات يفوق القدرة‬

‫االستيعابية للسجن‪.‬‬ ‫ سوء التهوية واإلضاءة يف الجناح الذي يتواجد‬‫به العدد األكرب من املعتقلني السياسيني‪ ،‬خالف‬ ‫الطابق العلوي الذي يحاول السجناء الجنائيني منع‬ ‫وجود املعتقلني السياسيني فيه ويستخدمون لذلك‬ ‫أساليب قذرة منها االعتداء بالرضب أو الوشايات‬ ‫الكيدية ملفرزة األمن السيايس يف السجن‪.‬‬ ‫ سوء وقلة الطعام املقدم من إدارة السجن‪.‬‬‫ التضييق عىل زيارات األهايل من قبل إدارة‬‫السجن‪ ،‬وعدم السامح ببعض الحاجيات األساسية‬ ‫للمعتقل كاألغطية مث ًال ‪.‬‬ ‫ تدخل املفرزة التابعة لألمن السيايس بكل شاردة‬‫وواردة تتعلق باملعتقلني السياسيني بحجة التهم‬ ‫املوجهة للمعتقلني السياسيني وهي تهم من قانون‬ ‫اإلرهاب‪.‬‬ ‫ معاملة السجناء الجنائيني ومحاولتهم إثارة‬‫الخالفات وافتعال املشاكل مع املعتقلني السياسيني‬ ‫وذلك عىل خلفيات طائفية وسياسية ومن األمثلة‬ ‫عىل هذه الحاالت ‪:‬‬ ‫ الفرز الطائفي يف غرف السجن‪ ،‬حيث ال يتم‬‫توزيع املعتقلني السياسيني عىل غرف السجن إال‬ ‫بعد موافقة السجناء الجنائيني ووفقاً لهواهم‪،‬‬ ‫ومن يدخل الغرفة من املعتقلني السياسيني وال‬ ‫يرغب به الجنائيون لتدينه أو ملظهره أو لفقره‬ ‫يقومون بافتعال مشكالت معه والتضييق عليه‬ ‫حتى ينتقل من الغرفة طوعاً أو قرساً بالتواطؤ مع‬ ‫عنارص الرشطة‪.‬‬ ‫ متييز باستخدام الحصاالت (الهواتف يف السجن)‬‫لصالح الجنائيني حيث يتم تعيني مرشف عىل‬ ‫استخدامها من الجنائيني‬ ‫ومينح الجنائيني الوقت‬ ‫الذي يرغبون به لالتصال‬ ‫عىل حساب السياسيني‪.‬‬ ‫ تلفيق تهم جاهزة‬‫السياسيني‬ ‫للمعتقلني‬ ‫عند أقل ترصف يبدر من‬ ‫املعتقلني وأقل هذه التهم‬ ‫“شتم الرئيس “‬ ‫كان الرتفاع وترية هذه‬ ‫الترصفات األثر اليسء‬ ‫عىل املعتقلني السياسيني‬

‫وصحتهم ونفسيتهم حيث أنهم يعيشون بشكل‬ ‫دائم يف جو من العنرصية السياسية والتمييز‬ ‫الطائفي‪ ،‬وأي معتقل منهم معرض يف أي لحظة‬ ‫لالعتداء أو استدعائه للتحقيق معه يف مفرزة‬ ‫األمن السيايس‪ ،‬يضاف إىل ذلك عدم قدرة إدارة‬ ‫السجن وعنارص الرشطة عىل ضبط أمور السجناء‬ ‫الجنائيني خوفاً أو تواطؤاً‪ ،‬وزيادة سطوة السجناء‬ ‫الجنائيني بعد سجن املدعو “ سليامن األسد “ ابن‬ ‫عم بشار األسد املتهم بالقتل يف سجن طرطوس‬ ‫ومشاركته يف التضييق عىل املعتقلني السياسيني‪،‬‬ ‫األمر الذي دفع باملعتقلني السياسيني ملحاولة‬ ‫تحصيل حقوقهم وإيصال صوتهم باستخدام‬ ‫االرضاب عن الطعام حتى تحقيق مطالبهم التي‬ ‫تعترب بسيطة ومحقة‪.‬‬ ‫بدأ املعتقلون ارضابهم صباح يوم الثالثاء ‪1-3-‬‬ ‫‪ ، 2016‬ومرت األمور بشكل اعتيادي‪ ،‬ولكن‬ ‫شهد اليوم الثاين ثالثة حاالت الفتعال مشاكل مع‬ ‫معتقلني سياسيني من قبل سليامن األسد وشبيحته‬ ‫من السجناء الجنائيني يف السجن واالعتداء عىل‬ ‫املعتقلني بالرضب‪ ،‬إضافة لبدء االستدعاءات‬ ‫للمعتقلني السياسيني من قبل مفرزة التحقيق‪.‬‬ ‫واليوم الجمعة يدخل املعتقلون يف سجن طرطوس‬ ‫يومهم الرابع من اإلرضاب‪ ،‬وهم مرصون عىل‬ ‫مواصلة ارضابهم بالرغم من التعب الذي نالهم‬ ‫حتى تحقيق مطالبهم‪ ،‬وذلك أمام صمت إعالمنا‬ ‫الثوري ويف ظل عدم وجود وسائل اتصال غري‬ ‫الحصاالت التي يرشف عليها السجناء الجنائيون‬ ‫وهم بذلك ال يستطيعون أن يوصلوا صوتهم‬ ‫وصدى ارضابهم‪.‬‬


‫أرض الكالم‬ ‫ماهر مسعود‬ ‫مل تفارق مخيلتي مشاهد فيلم “وداعاً لينني”‪ ،‬وأنا‬ ‫أرافق أمي املصابة باللوكيميا يف مشفى البريوين‬ ‫يف دمشق عام ‪ .2011‬أمي التي كانت تعيش أملها‬ ‫بصمت‪ ،‬وتراقب انطفاءها بصمت‪ ،‬رحلت يف ذلك العام‬

‫الذي بدأت فيه سوريا تنتفض‪ ،‬وتخرج عن صمتها‪.‬‬

‫العدد ‪- 66 -‬‬ ‫‪2016‬‬ ‫‪2016//23//17‬‬ ‫‪7‬‬

‫شهادات‬ ‫مقاالت‬

‫يف الفيلم‪ ،‬قام األوالد باملستحيل ليك يخفوا عن‬ ‫أمهم املصابة مبرض عُ ضال انهيار جدار برلني‪،‬‬ ‫وانهيار النظام الشيوعي الشمويل يف أملانيا الرشقية‬ ‫معه‪ ،‬فقد أرادوا أن ترحل أمهم دون أن ترى‪ ،‬أو‬ ‫تعرف‪ ،‬أن عاملها الذي كانت جزءاً عضوياً منه‬ ‫ينهار‪ .‬أما نحن‪ ،‬أوالد الخوف‪ ،‬فقد كنّا نلعب مع‬ ‫أمنا لعبة اإلخفاء املتبادل‪ ،‬كنا نخفي عنها‪ ،‬بطريقة‬ ‫تبدو ساذجة‪ ،‬طبيعة مرضها‪ ،‬وطبيعة ما يحدث‬ ‫يف سوريا‪ ،‬وكانت تخفي عنّا أنها تعرف وتستشعر‬ ‫األمر‪ ،‬كنّا نعرف وتعرف أن مرضها قاتل‪ ،‬وأن مرض‬ ‫سوريا بنظامها املتوحش مخيف كالرسطان‪ .‬كانت‬ ‫تستمع لي ًال بوجل لصوت الرصاص من نافذة‬ ‫غرفتها يف املشفى‪ ،‬الذي ال يعني سوى أن دمشق‬ ‫تحت الرصاص‪ .‬هي تخفي مخاوفها ونحن نبادلها‬ ‫اإلخفاء‪ ،‬لكن األمل كان يعجن الخوف ليظهر إىل‬ ‫السطح‪ ،‬واملوت كان هو الطريق‪ ،‬وهو املعرب إىل‬ ‫عامل آخر مل نكن لنعرف عنه شيئاً‪.‬‬ ‫عندما رحلت أمي يف الشهر التاسع عام ‪ ،2011‬مل‬ ‫تكن تعرف أين قد ُفصلت من عميل‪ ،‬وأن رفاقي‬ ‫يف العمل جازفوا بتهريبي من أيدي األمن عندما‬ ‫جاؤوا للقبض ع ّ‬ ‫يل يف مكان عميل‪ ،‬ومل تكن تعرف‬ ‫أين كنت أخرج يف املظاهرات يف دمشق‪ ،‬وال أين‬ ‫أكتب يف الصحف اللبنانية ضد “امرباطورية‬ ‫الخوف” التي بدأت تتصدع يف قلوبنا‪ ،‬وال أين‬ ‫كنت مطلوباً يف الوقت ذاته لخدمة االحتياط‬ ‫للمشاركة يف قتل السوريني‪ ،‬يف أسوأ فرع أمني‬ ‫يف سوريا‪ :‬فرع املخابرات الجوية‪ ،‬وعند سهيل‬ ‫الحسن (صاحب فكرة الرباميل املتفجرة‪ ،‬وطريقة‬ ‫األرض املحروقة)‪ .‬ما زلت أذكر كيف كان يجمعنا‬ ‫أثناء الخدمة اإللزامية عام ‪ ،2006‬ويطلب منا‬ ‫معلومات عن مجموعة أحزاب “التجمع الوطني‬ ‫الدميقراطي”‪ ،‬ثم يوبخنا ويرصفنا ألننا “جامعيون‬ ‫حمري” ال نفيده بيشء ذي قيمة يف خدمة الوطن‬ ‫املخابراتية‪ .‬سهيل الحسن الذي كنا نسم ّيه تن ّدراً‬ ‫“ساسويك”‪ ،‬نظراً لجسمه الريايض النحيل‪ ،‬وحركاته‬ ‫البهلوانية املضحكة رغم كل ما فيها من جد ّية‪،‬‬ ‫كانت كلمته ال تصبح اثنتني عند رئيس الفرع‬ ‫“جميل الحسن” صاحب نظرية قتل مليون سوري‬

‫ألجل سيادة الرئيس‪ ،‬وقاتل “غياث مطر” أجمل‬ ‫أيقونات الثورة السلمية‪...‬‬ ‫لكني مل ألتحق وقتها‪ ،‬ومل أخرب أمي بيشء‪.‬‬ ‫هي رحلت عن هذا العامل‪ ،‬وأنا بكيت حتى فاضت‬ ‫روحي بطعم الفقد املرير‪ ،‬كنت طوال عمري‬ ‫أخىش من تلك اللحظة‪ ،‬وأرتعب من التفكري‬ ‫فيها‪ .‬لكن‪ ،‬مع رحيلها‪ ،‬انتبهت إىل شعور غريب‬ ‫رافق الحزن‪ ،‬شعور بالتحرر من عبء الخوف من‬ ‫مويت الخاص‪ .‬رمبا كانت تلك آلية دفاعية الواعية‬ ‫ألقاوم األمل‪ ،‬ال أعلم‪ ،‬لكن فكرة االعتقال أو املوت‬ ‫كنت أخشاها سابقاً بشكل مضاعف‪ ،‬ليس ألين‬ ‫عب يوماً محمود‬ ‫“أخجل من دمع أمي” فقط‪ ،‬كام ّ‬ ‫درويش‪ ،‬بل ألين أخىش من حرستها الكبرية‪ ،‬هي‬ ‫التي أشبعتها الحياة حرسات‪ ،‬مل يكن لها إالنا‬ ‫عزاء‪ .‬يف ما بعد‪ ،‬كانت تقتلني أملاً بشكل خاص‬ ‫قصص األمهات السوريات الاليت فقدن أوالدهنّ يف‬ ‫الحرب‪ ،‬ففي بلد مثل سوريا‪ ،‬حيث القهر الذكوري‬ ‫هرمي يبدأ بالسلطة‪ ،‬ومير بالدين‪ ،‬وينتهي‬ ‫نظام‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫محط إسقاط‬ ‫باملجتمع‪ ،‬كانت أمهات سوريا هنّ‬ ‫القهر‪ ،‬ومركز الصرب املديد‪ ،‬وباملحصلة مركز‬ ‫التعويض الدافئ واالحتضاين عن الخوف واالغرتاب‬ ‫الذي يفرضه االستبداد املنترش يف هواء البلد ومائه‬ ‫وترابه‪.‬‬ ‫يف سن العارشة‪ ،‬شكاين مخرب صغري يف املدرسة‬ ‫للمدير‪ ،‬وأعطاه رسالة مزيفة قال إين كتبتها‬ ‫لزميلتي‪ ،‬حبيبتي وقتها‪ ،‬ومعروف أن مدارس‬ ‫البعث كانت مصانع للمخربين والوشاة الذين‬ ‫ُتكا َفأ وشايتهم بأن يصبحوا عرفاء للصف‪ .‬وعندما‬

‫أرسل املدير خلفي إىل غرفة اإلدارة للتحقيق‪،‬‬ ‫كان يهددين بالرشطة التي كانت للمصادفة فع ًال‪،‬‬ ‫موجودة يف البلدة وتظهر من شباك اإلدارة بشكل‬ ‫واضح‪ ،‬واعرتفت بكل يشء أمام ضحك األساتذة‬ ‫وخويف‪ ،‬وبالفعل مل أعد إىل الكالم معها أبداً‪،‬‬ ‫لكنني تعلمت من وقتها أن الحب ذنب‪ ،‬وأنه‬ ‫ُمراقب من السلطة‪ ،‬وأن االعرتاف ليس خالصاً‪ ،‬بل‬ ‫وقوعاً يف فخ الخضوع والخوف وانعدام القيمة‪،‬‬ ‫الرسية عندي شك ًال من أشكال‬ ‫لذلك أصبحت ّ‬ ‫ً‬ ‫التمرد‪ ..‬كل يشء كان رسيا يف “سوريا األسد”‪:‬‬ ‫رسي؛ هو‬ ‫رسي‪ ،‬والقهر ّ‬ ‫األحزاب رسية‪ ،‬والحب ّ‬ ‫تعاقد اجتامعي عىل اإلخفاء‪ ،‬إخفاء الواقع وحجبه‬ ‫وإظهار آخر مغاير له‪ .‬الواقع املحجوب كان هو‬ ‫الواقع املطلوب من السلطة دامئاً االعرتاف به‬ ‫وعنه‪ ،‬والخربة األهم يف سوريا أن الجميع مذنب‬ ‫حتى “يعرتف” ويثبت براءته‪ ،‬الضامئر منهكة من‬ ‫حجم الكبت وحجم املراقبة الذاتية قبل الكالم‬ ‫وبعده وأثناءه‪ .‬تلك الثقافة الرس َّية امللعونة هي‬ ‫التي انفجرت عام ‪ ،2011‬وهي املارد الذي ما زال‬ ‫يستعيص عىل اإلعادة إىل القمقم؛ رغم كل الحرب‬ ‫والقتل والتدمري‪ ،‬بعد خروجه العظيم‪.‬‬ ‫وتكست ثورتنا وحارصها‬ ‫رمبا فشلنا يا أمي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الظالم‪ ،‬وتشتتنا يف بقاع األرض‪ ،‬لكننا لن نعود إىل‬ ‫إمرباطورية الصمت القدمية‪ .‬هل تتخيلني معي ما‬ ‫أصعب الكالم‪ ،‬وما أكرب أمثانه يف عامل يريدنا أن‬ ‫نصمت؟ فأنت عرفت وخربت جيداً معنى الصمت‬ ‫وقهره‪ .‬أظنك حزينة‪ ،‬ولكني أسمع صوتك يف‬ ‫داخيل ينادي‪ :‬تكلموا!‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫‪10‬‬

‫الب ْي ِن َّية‬ ‫ظاهرة اإلســاموفوبيا َ‬ ‫أو الخوف اإلســامي من اإلسالم!‬ ‫يوسف المنجد‬

‫العدد ‪- 66 -‬‬ ‫‪2016 / 3 / 7‬‬

‫مقاالت‬

‫شاع مصطلح اإلسالموفوبيا يف الغرب يف مثانينات‬ ‫القرن املنرصم كتعبري عن حالة خوف الغربيني‬ ‫من اإلسالم وكعنوان للنشاطات التي تستهدف‬ ‫تخويفهم منه ‪ ،‬وبث كراهيته يف نفوسهم‪ .‬وقد‬ ‫شاع استخدامه بكرثة يف أعقاب هجامت الحادي‬ ‫عرش من سبتمرب عام ‪.2001‬‬ ‫لكن نشأة اإلسالموفوبيا كمصطلح وانتشاره يف‬ ‫الغرب ال يعني أنه مل يكن له وجود داخل البلدان‬ ‫اإلسالمية‪،‬بل لقد ُو ِجد فيها الكثري منه‪،‬غري أن‬ ‫األمر كان محصورا ضمن نطاق ضيق يقترص عىل‬ ‫بعض املثقفني والسياسيني‪ ،‬وخصوصا بعد حوادث‬ ‫االغتيال التي طالت البعض منهم ‪.‬‬ ‫لكن التطور الجديد يف ظاهرة اإلسالموفوبيا‬ ‫‪،‬متثل يف شيوعها يف أوساط املسلمني أنفسهم‪.‬‬ ‫فبالرغم من أن غالبية كبرية منهم ميارسون شعائر‬ ‫دينهم‪،‬ويلتزمون تعاليمه‪،‬إال أن ذلك مل مينع تفيش‬ ‫اإلسالموفوبيا يف صفوفهم‪.‬وبعد أن كانت نسبة‬ ‫كبرية منهم يتوقون إىل نظام حكم إسالمي‪،‬يأيت‬ ‫بالحلول ملشكالتهم ‪،‬انعكس األمر‪،‬وباتت فكرة‬ ‫نظام الحكم اإلسالمي تتسبب لهم بخوف يصل‬ ‫عند بعضهم ح َّد الرعب ‪.‬‬ ‫حدث هذا التحول‪،‬بعد أن عاين الناس منوذجا‬ ‫دمويا مش َّوها عن الدولة اإلسالمية متثل يف (داعش‬ ‫) وغريها من التنظيامت التي أرادت بناء نظام حكم‬ ‫إسالمي‪،‬فبدأت من السقف قبل القواعد‪،‬فكان‬ ‫الخوف بدل األمن‪،‬والظلم بدل العدل‪،‬والكراهية‬ ‫بدل املحبة‪،‬والعبودية بدل الحرية‪،‬كنتيجة طبيعية‬ ‫ملخالفة السنن االجتامعية‪.‬‬ ‫مل يعد الخوف من اإلسالم إذن يقترص عىل‬ ‫الغرب‪،‬أو عىل فئات محدودة يف بالد املسلمني‬ ‫‪،‬فقد شاع الخوف ورسى‪،‬وغدا هاجسا لدى‬ ‫الكثريين‪،‬وظهرت لهذا املرض عالمات وأعراض مل‬ ‫تكن تخطر يف بال‪،‬فاالنبهار بالغرب والنظر إليه‬ ‫باعتباره النموذج الحضاري األمثل بات أقوى اليوم‬ ‫بأضعاف‪،‬وترسب إىل فئات مل تكن ترى يف الغرب‬ ‫إال االستعامر واالستغالل والتآمر واالنحالل الخلقي‬ ‫واالجتامعي‪.‬وموجات اللجوء إىل دوله ال ميكن‬ ‫تفسريها فقط بدافع النجاة من الحرب‪،‬أو الطمع‬ ‫بحياة رغدة مرفهة‪،‬بل إنها تحمل يف تضاعيفها‬

‫خوفا ونفورا من النموذج اإلسالمي‪،‬واستعدادا‬ ‫لتقمص النموذج الحضاري الغريب بكل أبعاده‪.‬‬ ‫والنفور من مظاهر الدين وشعائره‪،‬والشعور‬ ‫بالنقص والخجل من االنتامء إليه لدرجة وصلت‬ ‫بالبعض إىل اإللحاد‪،‬هو إىل تزايد مستمر بعد أن‬ ‫كان العكس هو الصحيح‪،‬إضافة إىل الكثري من‬ ‫املظاهر األخرى التي تيش بتفاقم هذه الظاهرة‪.‬‬ ‫وال شك أن الصورة املرعبة لإلسالم التي أرستها‬ ‫داعش وأخواتها‪،‬والتي أظهرته كجالد قاس يطارد‬ ‫الناس ليسلبهم حرياتهم ‪،‬ويجربهم عىل إتيان‬ ‫الفرائض والشعائر الدينية عىل الرغم منهم‪ ،‬كان‬ ‫لها الدور األكرب يف شيوع ظاهرة اإلسالموفوبيا‬ ‫البين َّية كام قدمنا‪،‬غري أن ذلك وإن كان السبب‬ ‫املبارش واألبرز‪،‬إال أنه مل يكن السبب األوحد‪،‬بل‬ ‫إن هذا السبب رمبا ليس سوى نتيجة ألسباب‬ ‫أخرى غري مبارشة سبقت وجوده وشكلت األساس‬ ‫له‪.‬ولعل منها ‪:‬‬ ‫ عرض التدين املوروث من عهود األمويني‬‫والعباسيني والعثامنيني عىل أنه اإلسالم الصحيح‬ ‫وال إسالم غريه دون مالحظة الظروف السياسية‬ ‫واالقتصادية واالجتامعية التي كان لها أثر كبري يف‬ ‫تكوينه الذي متظهر به‪،‬ودون األخذ بعني االعتبار‬ ‫الطبيعة املتغرية للمجتمعات‪،‬والطبيعة املرنة‬ ‫لإلسالم التي تجعله قابال للتعايش مع مختلف‬ ‫الظروف‪،‬ومناسباً ملختلف البيئات‪.‬فهذا اإلرصار‬ ‫عىل تلك الصورة النمطية املتوارثة‪،‬جعل الناس ال‬ ‫يتصورن إمكانية وجود إسالم مختلف‪،‬فهو إما أن‬ ‫يكون بالصورة التي كان عليها يف املايض وإما فال‬ ‫إسالم‪.‬‬ ‫ وهذا األمر هو نتيجة منطقية لتغييب دور‬‫العقل وتحريم التفكري النقدي يف املوروث‬ ‫الثقايف(التدين) الذي اكتسب القداسة بالتقادم‬ ‫فصار هو الدين‪،‬وصارت أقوال مفكري الرتاث‬ ‫الذين كانوا ‪ -‬كام أرشنا ‪ -‬صنيعة الظروف‬ ‫التاريخية والسياسية التي ُو ِجدوا فيها ‪ ،‬صارت‬ ‫نصوصا ُتبنى عليها األحكام الرشعية‪،‬وصار فهمهم‬ ‫لنصوص الدين هو املسطرة التي ال يصح اإلتيان‬ ‫مبخالفتها‪َ ،‬ف َح َبست أقوالهم واجتهاداتهم النصوص‬

‫األصلية يف ظروف تاريخية بعينها‪،‬وحجبت‬ ‫َّ‬ ‫مكنوناتها‪،‬وأطرت كذلك العقل املسلم يف صندوقها‬ ‫فلم يعد يرى اإلسالم ويفهمه إال من خاللها‪.‬‬ ‫ولذلك يدفعه إميانه إىل العمل عىل إعادة إحيائها‬ ‫بشتى السبل‪،‬مع أنها يف األصل اجتهادات برشية‬ ‫محكومة مبا يطرأ عىل البرش من نقص وخطأ‬ ‫وتأ ُّث ٍر بالظروف املحيطة وتواطؤ وغري ذلك‪،‬مام‬ ‫يعني أن فيها الكثري من االنحرافات عن جوهر‬ ‫الدين‪،‬واغرتاب عن مقاصده وغاياته‪.‬ويف الجهة‬ ‫املقابلة جعلت هذا الصورة املتحجرة للدين بعضا‬ ‫من أولئك الذين هيأت لهم ظروفهم االنعتاق‬ ‫من سطوة التقليد‪،‬ومن ثم التفكري نقديا‪،‬ولكن‬ ‫بعيون ثقافية مغايرة؛جعلتهم ينفرون من‬ ‫الدين نفسه ويخافونه ويخوفون منه‪،‬ويرمونه‬ ‫بكل نقيصة‪،‬ويتهمونه بالوقوف خلف كل عبث‬ ‫وتخريب‪،‬وجهل وتخلف‪،‬دون أن يتمكن هذا‬ ‫البعض من الفرز بني التدين الذي تصح أوصافهم‬ ‫للدين عىل الكثري منه ‪،‬وبني الدين نفسه ‪،‬الربيء‬ ‫من كل ذلك‪.‬‬ ‫ وال ننىس أخريا أثر اإلعالم مبختلف أنواعه‪،‬حني‬‫يعمل بال ضمري وال مسؤولية‪،‬فعن طريقه‬ ‫عرض املتطرفون أفالمهم املرعبة‪،‬وتهديداتهم‬ ‫املفزعة‪.‬وعن طريقه بث شيوخ الفتنة‬ ‫ردحهم الطائفي‪،‬وثقافة الكراهية لكل ما هو‬ ‫مختلف‪،‬وبواسطته قام دعاة يعيشون بيولوج َّيا يف‬ ‫عرصنا‪،‬وعقليا ومعرفيا يف عصور سحيقة‪،‬برتسيخ‬ ‫صورة متحجرة لإلسالم تضعه يف مواجهة‬ ‫عدائية مع الحياة برمتها‪.‬وعن طريقه أيضا َّ‬ ‫بث‬ ‫املعادون لإلسالم سموم كراهيتهم له‪،‬وعملوا‬ ‫عىل إلصاق كل ما هو قبيح به‪،‬وعىل السخرية‬ ‫من رموزه ومقدساته‪،‬ونسبوا له كل رشور العامل‬ ‫وآثامه‪،‬وصوروه من دونه فردوساً دانياً ‪.‬‬ ‫إن ظاهرة اإلسالموفوبيا بين َّيا ‪ ،‬ظاهرة خطرية‪،‬‬ ‫تفوق يف خطورتها اإلسالموفوبيا غري َّيا‪ ،‬ألنها تهدد‬ ‫ثقافة األمة وهويتها يف الجذور ‪،‬وما مل يتم التصدي‬ ‫لها بحركة ثقافية توعوية تجديدية نقدية‪،‬تفوقها‬ ‫قوة ورسعة واتساعا‪،‬فإنها ستلتهم هوية األمة‬ ‫وشخصيتها‪،‬وستفاقم من تدهورنا ومن تبعيتنا‬ ‫عىل مختلف األصعدة ‪،‬وال نلومنَّ إال أنفسنا ‪.‬‬


‫في تحرير الشعوب‪..‬‬ ‫هل يفشل األنبياء؟‬

‫العدد ‪- 66 -‬‬

‫وس”؛ كيف‬ ‫قيل له‪َ “ :‬و َمآ أَ ْع َج َل َك عَن َقو ِم َك ٰ ُي َ ٰ‬ ‫تركتهم وراءك ومل تكن معهم خطوة بخطوة يف‬ ‫لحظات مصريية كهذه؟!‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قال‪ “ :‬هُ ْم ُأ ْوال ِء ع َ ٰ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َل أث ِري َوع َِجلت إِل ْيك َر ِّب‬ ‫ْض”‪ ..‬ومل يكن ّمثة ّ‬ ‫لِ َت َ ٰ‬ ‫شك يف نوايا موىس‪ ،‬ولكنّ‬ ‫حسن النوايا ال يغري من حتمية ما هو كائن‪..‬‬

‫‪2016 / 3 / 7‬‬

‫ّ‬ ‫بأن النكسة الفكرية مستبعدة بعد أن عرب بهم البحر‪..‬‬

‫ألقى موىس األلواح املقدسة‪ ،‬وأخذ برأس أخيه‬ ‫يعنّفه عىل تراخيه مع الذين عادوا إىل ابتكار‬ ‫شكل جديد من أشكال العبودية‪ .‬وينبغي اإلشارة‬ ‫إىل ّأن بني إرسائيل مل يتعرضوا يف ذلك التوقيت‬ ‫إىل أيّ مؤثرات أو تدخالت خارجية‪ ،‬فال حروب وال‬ ‫وصاية من أحد عليهم‪ ،‬مبعنى كانت مشكلتهم مع‬ ‫أنفسهم وحسب‪ ،‬ومع ذلك فشلوا يف مواجهتهم‬ ‫األوىل مع ذواتهم بعد نجاتهم من فرعون‪ ..‬وهم‪،‬‬ ‫بطبيعة الحال‪ ،‬مل يحققوا نجاحاً يف الخالص من‬ ‫استعباد فرعون لهم بدون تدخل إلهي يف تفاصيل‬ ‫خارقة للعادة‪ ..‬وميكن اليوم فهم سبب حدوث‬ ‫تلك الخوارق‪ ،‬والتدخل اإللهي إلنقاذ شعب ما‬ ‫وتحريره من جالده‪ّ :‬‬ ‫وكأن القرآن يريد منا أن نؤمن‬ ‫ّ‬ ‫بأن التحرير إن مل يكن مبنياً عىل مقومات داخلية‬ ‫فإ ّنه لن يفلح يف تحقيق غايته النهائية‪ ..‬لن يفلح‪،‬‬ ‫وإن ز ّود الرسل بكل األدوات الخارقة للعادة‪..‬‬ ‫أماطت التداعيات األخرية لثورات املنطقة اللثام‬ ‫عن حقائق مل يأخذها دعاة التغيري يف الحسبان‪،‬‬ ‫فلقد كشفت التصدعات التي تعرضت لها‬ ‫مجتمعات املنطقة‪ ،‬س ّيام يف سوريا‪ ،‬عن ضعف‬ ‫يف مفاهيم التحرر عند رشائح واسعة من الناس‪..‬‬ ‫لقد غرقت بعض الجامعات يف مستنقع العصبيات‬ ‫القومية والطائفية التي تعود إىل مرحلة ما قبل‬ ‫املواطنة والدولة الحديثة‪ ،‬واستبدل كثري من‬ ‫الناس رموز الفساد السابقني برموز جديدة‪ ،‬وحل‬ ‫مستبدون جدد يف حني ّأن املستبد األول مل يرحل‬ ‫بعد‪ ..‬وعدنا إىل السؤال الذي كان مطروحاً منذ‬ ‫البداية‪ :‬هل نريد فع ًال التحرر من االستبداد‪ ،‬أم أن‬ ‫العملية هي مج ّرد تغيري أسامء؟!‬

‫مقاالت‬

‫التغيري يف النفس البرشية عملية معقدة للغاية‪،‬‬ ‫ولينظر ّ‬ ‫كل منّا إىل مدى الصعوبة الكامنة يف تغيري‬ ‫عادة من العادات املهيمنة عىل حياتنا‪ ،‬وهي كثرية‪،‬‬ ‫بعضها اخرتناها مبحض اإلرادة‪ ،‬يف حني ّأن أكرثها‬ ‫ال نعرف كيف ومتى بدأنا اكتسابها واالعتياد‬ ‫عليها‪ ..‬لنتأمل لربهة يف مدى املعاناة التي نشعر‬ ‫بها عند مواجهة فكرة من األفكار التي توارثناها‬ ‫حيال أبسط األمور يف الحياة وليس أعقدها‪ ..‬فإن‬ ‫كان التغيري عىل مستوى النفس صعباً إىل هذا‬ ‫الحد‪ ،‬فالتغيري عىل مستوى املجتمع إذاً مسألة ال‬ ‫تقارن من حيث صعوبتها‪ ،‬وبذلك ميكن أن نفهم‬ ‫حجم خيبات األمل التي يعاين منها اليوم‪ ،‬كام يف‬ ‫كل عرص‪ ،‬الداعون إىل إصالح املجتمعات من خالل‬ ‫عملية تغيري سلمية أو بثورة جذرية عىل أنظمة‬ ‫وهياكل الفساد‪..‬‬ ‫خيبات األمل املصاحبة ألحالم التغيري ليست وليدة‬ ‫اليوم أو األمس‪ ،‬بل الزمت اإلنسان منذ بداية‬ ‫تأسيس أوىل املجتمعات اإلنسانية‪ .‬التاريخ ينقل‬ ‫لنا الكثري من اإلخفاقات التي عانت منها حركات‬ ‫اإلصالح‪ .‬والنصوص الدينية قامت بدورها بتسجيل‬ ‫بعض هذه اإلخفاقات وأعطتها قدراً كبرياً من‬ ‫االهتامم‪ ،‬ويف ذلك داللة عىل ّأن الكالم عن إخفاق‬ ‫حركات التغيري يحظى مبكانة نصوصية ال تقل‬ ‫عن املكانة التي يحظى بها نجاح بعض الحركات‬ ‫األخرى‪ ،‬وهذا إن ّ‬ ‫دل عىل يشء فهو يدل عىل ّأن‬ ‫النجاح ال ميكن الوصول إليه ما مل مت ّر الحركات‬ ‫اإلصالحية‪ ،‬والثورية بطبيعة الحال‪ ،‬عىل أسباب‬ ‫اإلخفاق‪ ،‬الوارد دوماً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولعل قصة بني إرسائيل من بني القصص التي‬ ‫شغلت ح ّيزاً كبرياً مل تشغله أي قصة أخرى يف‬ ‫القرآن‪ .‬وهي تحيك كام هو معلوم عن شعب عاىن‬ ‫الكثري من االضطهاد والجور‪ ،‬وسعى إىل الخالص‬ ‫والتحرر‪ ،‬ولكن سالسة الكلمة “التحرر” تعكرها‪،‬‬ ‫دوماً‪ ،‬وعورة الطريق املوصل إليها‪ ..‬فبعد كل‬ ‫الرباهني والب ّينات القاطعة التي قدمها موىس أمام‬ ‫قومه يف مسرية تحريرهم من خوفهم ومن سيطرة‬ ‫فرعون‪ ،‬وبعد أن كان بنو إرسائيل قد قطعوا الجزء‬ ‫األكرب‪ ،‬واألصعب‪ ،‬من مسرية الحر ّية بدأ الحنني‬ ‫للعبودية يراود الرشيحة األكرب منهم‪ ،‬إىل أن طغى‬ ‫هذا الحنني‪ ،‬يف غياب النبي موىس وعجز أخيه‬ ‫هارون‪ ،‬عىل نزعة التحرر ورجع بالواقع الجديد‬ ‫القهقرى‪..‬‬ ‫فعلياً‪ ،‬مل يكن بنو إرسائيل عىل استعداد كامل‬ ‫للحرية‪ ..‬لقد عاىن هذا الشعب من آالم االضطهاد‬ ‫يف أبشع صورة له‪ ،‬لكنّ األمل قد ال يكون وحده‬

‫كفي ًال بإنضاج الفهم السليم للحرية‪ .‬األمل ينضج‬ ‫القابلية للثورة فحسب‪ ،‬ويجعل من صاحبه قادراً‬ ‫ثم االنفجار يف وجه مضطهديه‪،‬‬ ‫عىل الرصاخ ومن ّ‬ ‫لكن ليس ّمثة ضامنة عىل ّأن االنفجار يكفي وحده‬ ‫للعبور نحو حالة أفضل‪..‬‬ ‫يتعجل دعاة التغيري األحداث يف معظم األحيان‪،‬‬ ‫هذا ما حدث مع بعض األنبياء أيضاً‪ ،‬فقدرة بعض‬ ‫األشخاص عىل الخالص الفردي من وطأة العادة‬ ‫والفكرة السلبية قد يوقعهم يف تضليل أنفسهم‬ ‫باالعتقاد ّ‬ ‫بأن الخالص الجامعي ميلك نفس الدرجة‬ ‫من السهولة‪ ،‬أو الصعوبة‪ ..‬وهذا اعتقاد أبعد ما‬ ‫يكون عن الواقع‪ ،‬الذي هو عادة أعقد من ذلك‬ ‫بكثري‪ ..‬فث ّمة تعقيدات مركبة تحكم عملية التغيري‬ ‫يف الجامعة‪ ،‬وال يحيط بها التصور الفردي البسيط‪.‬‬ ‫هذه التعقيدات تحكمها قوانني مختلفة عن تلك‬ ‫التي تحكم التغيري الفردي‪ ،‬وهي قوانني ال تحايب‬ ‫وال ترحم أحداً عىل اإلطالق‪ ،‬حتى ولو كان هذا‬ ‫األحد مبنزلة نبي من أويل العزم من الرسل‪ ..‬ويف‬ ‫حالة بني إرسائيل‪ ،‬التي هي حالة من البؤس‬ ‫املرتاكم الذي كان يحتاج إىل نهضات متعاقبة‬ ‫إلحداث التغيري‪ ،‬مل يكن قرار النبي صائباً حني خطا‬ ‫خطوات أوسع تاركاً املجتمع بعيداً خلفه‪ ..‬ظاناً‬

‫عماد العبار‬

‫‪11‬‬


‫‪12‬‬

‫َ‬ ‫أسقطته الثورة‬ ‫النظام الذي‬ ‫مصعب الحمادي‬

‫العدد ‪- 66 -‬‬ ‫‪2016 / 3 / 7‬‬

‫مقاالت‬

‫تزعجني األصوات املث ّبطة التي تنطلق لتقول‬ ‫إن الثورة ليست موجودة‪ ،‬وأننا إزاء مشهد من‬ ‫العبث الدموي واالقتتال الطائفي والحرب األهلية‪.‬‬ ‫ويستفزين بعض دعاة االستكانة بشتم “الحرية”‬ ‫كقيمة إنسانية ألن مناداة السوريني بها قد أدت‬ ‫لخراب بلدهم وترشيد أهلها‪ .‬ويتفق الفريقان أن‬ ‫النظام قد انترص‪ .‬فاألسد ما يزال يف سدة الحكم‬ ‫يف سورية بكل طائفيته وعاملته وبطشه وجربوته‪،‬‬ ‫بينام تقطعت السبل مبواطني سورية يف ال ّرب‬ ‫ملجئ من املحرقة التي‬ ‫والبحر وهم يبحثون عن‬ ‫ٍ‬ ‫تجري يف بلدهم‪.‬‬ ‫لكنني أرى خالف ذلك متاماً‪ .‬الثورة انترصت‬ ‫والنظام سقط منذ أول رصخة وكل ما حصل‬ ‫بعد الشهور األوىل من انطالق التظاهرات وحتى‬ ‫اليوم بعد خمس سنني هو مجرد تداعيات محلية‬ ‫وإقليمية ودولية لحقيقة سقوط نظام أدا ّيت‬ ‫عميل‪ ،‬ومحاولة املترضرين اإلقليميني والدوليني‬ ‫تطويق هذا النجاح وإبقاء النظام عىل قيد الحياة‪،‬‬ ‫حتى وإن عن طريق التنفس االصطناعي‪.‬‬ ‫عندما نفكر بسورية فنحن نفكر بذلك العمق‬ ‫اإلنساين والحضاري املمتد الثنتي عرشة ألف سنة‪.‬‬ ‫هذا العمق الذي قطعته عائلة طائفية رجعية‬ ‫حاقدة فكان ال بد من تصحيح املسار بربوز جيل‬ ‫شجاع مستعد لدفع التضحيات لرد االعتبار لبلده‬ ‫وتاريخه‪ ،‬ووضع قطار الحضارة يف سورية عىل‬ ‫السكة من جديد‪ .‬إن هذا الجيل هو جيلنا نحن‪.‬‬ ‫نحن اليوم منوت و ُن ّ‬ ‫حاص ونجوع‬ ‫رشد و ُنقتَل و ُن َ‬ ‫فج عميق‬ ‫ويجتمع علينا شذاذ اآلفاق من كل ٍ‬ ‫ليحارصونا ويقتلونا‪ .‬نحن الجرس الذي ستعرب عليه‬ ‫مئات األجيال القادمة إىل العال بعيداً عن الظلم‬ ‫والقمع والفساد حيث يرتقي شعب سورية من‬ ‫حضيض الطائفية إىل يفاع املواطنة؛ من جحيم‬ ‫اإلقصاء إىل جنة املشاركة‪ ،‬ومن مرارة اإلهانة‬ ‫إىل حالوة الكرامة‪ .‬إننا الجيل الذي صنع ثور ًة‬ ‫سامها العامل “ثورة الكرامة” ويحق لنا أن نفتخر‬ ‫بصنيعنا ونرفع رؤوسنا ال أن نجلد ذواتنا ونته ّيب‬ ‫االرتدادات التي نجمت عن كبري أفعالنا‪.‬‬ ‫نعم مات نظام األسد الشمويل الطائفي القمعي‬ ‫الحاقد الفقري املتخ ّلف‪ ...‬مات ومل يبق إال تشييع‬ ‫جثامنه‪ .‬مات منذ أول رصخة ومل يبق مواطن‬ ‫سوري تعرض لإلهانة عىل يد عنرص مخابرات‬ ‫إال ونزل للشارع ورصخ بتحد “يلعن روحك يا‬

‫حافظ”‪ .‬هذه الرصخة عىل فجاجتها هي رد اعتبار‬ ‫لكرامة ما برحت ُتهدر لستني سنة حيث ماتت‬ ‫أجيال وأجيال حنَقاً دون أن تتمكن من ردها لبيت‬ ‫األسد‪ .‬نحن رددناها لهم‪ .‬بضاعتهم ُردّت إليهم‬ ‫يوصف بشار األسد من باب‬ ‫بفضل الثورة‪ .‬واليوم َ‬ ‫االستهزاء بأنه مختار ركن الدين‪ .‬فالرئيس الذي‬ ‫أباد والده مدينة حامه يف الثامنينيات وأباد هو‬ ‫مئات البلدات والقرى يف هذه الثورة ال يجرؤ عىل‬ ‫مغادرة الحي الذي يقيم فيه بالعاصمة دمشق‪.‬‬ ‫والثوار الذين يطوقونه من كل جانب بإمكانهم‬ ‫إيصال قذائف الهاون والصواريخ إىل أي مكانٍ‬ ‫يوجد فيه يف دمشق‪ .‬فهل النظام ما يزال قامئاً‬ ‫فع ًال؟ هل هناك سوري عىل وجه األرض اليوم‬ ‫يتخ ّيل أن عنرص األمن ممكن أن يصفعه كفاً أمام‬ ‫زوجته هكذا بسهولة كام كان الوضع عرب ستني‬ ‫سنة؟ طبعاً ال يوجد‪ .‬فكيف نقول إن الثورة مل‬ ‫تنجح؟ هل هناك واحد منا اليوم يل ّقن أطفاله‬ ‫عرشات الكلامت والعبارت املحظورة ويهمس‬ ‫يف أذنه “ال ترفع صوتك الجدران لها آذان”؟‬ ‫هل هناك مثقف أو سيايس أو ناشط أو كاتب‬ ‫يستبطن ذلك الحمل الثقيل من الرقابة الداخلية‬ ‫شحط كالرصصور‬ ‫عىل كلامته وآرائه خشية أن ُي َ‬ ‫و ُيلقى يف أعمق قبو من أقبية التعذيب والتنكيل؟‬ ‫هل متكنت جبهة النرصة أو داعش أو غريها من‬ ‫تنظيامت القاعدة التي زرعها الالعبون يف الشأن‬ ‫السوري من خنق الصوت الذي صاح “حرية” يف‬ ‫آذار عام ‪2011‬؟ قد أوافق أن الصوت يف كث ٍري من‬

‫ومتنحياً مؤقتاً‬ ‫املناطق قد صار همساً وموارباً‬ ‫ّ‬ ‫بعد أن أدرك النشطاء أن هذه التنظيامت هي‬ ‫حصان طروادة النظام يف املناطق املحررة‪ ،‬لكن‬ ‫الصوت خرج والجوهرة التي تج ّمعت فوقها‬ ‫األوساخ ما تزال تلمع بقوة والسوريون األحرار ال‬ ‫يخطئون ملعانها ّ‬ ‫كل عىل قدر حظه من االنعتاق‬ ‫الذي بات يرفل فيه‪ .‬إنني أزعم أن حتى تلك‬ ‫التنظيامت الطائفية البغيضة سواء السنية منها‬ ‫أم الشيعية هي فرصة نادرة يف التاريخ لتجديد‬ ‫دماء الفكر عند السوريني‪ .‬السوريون شهدوا‬ ‫ات وزالزل جعلتهم يضعون‬ ‫أهواالً وظواهر وهز ٍ‬ ‫أنفسهم وهوياتهم الفكرية والقومية والدينية‬ ‫تحت مبضع البحث‪ .‬هم بصدد اكتشاف ذواتهم‬ ‫ومتحيص معتقداتهم ومساءلة تاريخهم وعلامئهم‬ ‫ومشايخهم ومفكريهم‪ .‬كم مثقف كبري سقط مع‬ ‫النظام اليوم وصار رمزاً للعار بعد أن اعتقد طوي ًال‬ ‫أنه منار ًة للفكر؟ أليس هذا التطور وحده ثورة‬ ‫كربى؟ هل حصل يف التاريخ أن تحولت كوكبة‬ ‫من املفكرين والشعراء والفنانني إىل زمرة من‬ ‫املوتورين الناعقني فانحطوا يف نظر شعوبهم ألنهم‬ ‫وقفوا مع الظامل وانحازوا لصاحب السلطان؟‬ ‫الثورة السورية أهانت نظام األسد وأجرت له‬ ‫عملية خصاء مؤملة‪ .‬والسوريون أدركوا ثأرهم من‬ ‫الظامل ّ‬ ‫كل عىل طريقته‪.‬‬ ‫الثورة انترصت والصنم انهار والنظام سقط‬ ‫يف األرض ويف السامء‪ .‬أما قضية تش ّكل الدولة‬ ‫الجديدة فهي مسألة وقت‪ ..‬ليس إال‪.‬‬

‫مصدر الصورة انرتنت‬


‫يوميات ياسمين (‪)4‬‬

‫‪13‬‬

‫سالم الغوطاني‬

‫عىل صوت األغاين أغلق محمد الباب‪ ،‬كنت أرتجف‬ ‫كدجاج ٍة مذبوح ٍة‪ ،‬أحسست أن قدماي ال تحمالين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ووقعت عىل األرض‪ ،‬ساعدين محمد عىل النهوض‬ ‫تعث ُت‬ ‫وأجلسني بجانبه عىل الرسير‪ ،‬و صار ينظ ُر إ ّيل‪ ،‬وينتظر‪،‬‬ ‫وأنا الأدري ماذا ينتظر‪ ،‬زمن انتظاره أنها ُه صوته املفاجئ‬ ‫يل‪“ :‬يال بديل مالبسك ياسمني”‪ .‬االستغراب والخوف‬ ‫ٌ‬ ‫وسؤال يخرتق رأيس‬ ‫تناوباين و أنا أحد ُّق يف عينيه‪،‬‬ ‫العاجز عن التفكري‪ ،‬فكرة الزواج بكاملها مل تخطر يل‬ ‫يوماً‪ ،‬واآلن كيف أصبحت زوجة؟!‬ ‫“يال ياسمني شو بيك‪ ،‬بديل أواعييك‪ ،‬الناس عبتستنانا برا‪،‬‬ ‫ما بنا نتأخر عليهن”‪ ،‬بنـزقٍ جارف بدأت بنـزع الدبابيس‬ ‫عن شعري ورميها عىل األرض‪ ،‬صامت ًة و محدِّث ًة محمد‬ ‫بعيني “ليش الناس عبتستنا‪ ،‬شو بدهن مني بعد”؟! بعد‬ ‫أن نكشت شعري‪ ،‬رمقني محمد بنظر ٍة تائهة و خرج من‬ ‫ٌ‬ ‫بسمة بريئة بأن‬ ‫الغرفة‪ ،‬عندها الحت لنفيس الصغرية‬

‫العدد ‪- 66 -‬‬

‫لوحة للفنان ديالور عمر بعنوان “قصة الجئة”‬

‫‪2016 / 3 / 7‬‬

‫جدا ٌر من األلوان كان يفصلني عن وجهي‪ ،‬ويدفعني‬ ‫للنظر خلف املرآة كيام أراه‪ .‬ما كان تربجاً ما فعلوه‪،‬‬ ‫بل هو أقرب إىل إعادة رسمي كام يريدون وأظن أنهم‬ ‫نجحوا! مل أعد أذكر من ألبسني ثوب الزفاف‪ ،‬لكن‬ ‫ما أتذكره أنني ضحكت بطريقة غريبة ألول مرة منذ‬ ‫يومني‪ ،‬مل يكن الفستان عىل مقايس فقد ُف ّصل للعروس‬ ‫السابقة التي هي أضخم مني‪ ،‬أخرجوين بالقوة اىل بهو‬ ‫الصالة املكتظة بالنساء‪ ،‬ما رأيته كان وجوهاً متشابه ًة‬ ‫متهامس ًة‪ ،‬يعلوها كذلك ا ُملبالغ فيه من األلوان‪ ،‬ت ّيقنت‬ ‫حينها أن هذه املبالغة هي محاولة لطمس الرمادي يف‬ ‫حياتنا‪ ،‬اللون الحقيقي الذي نعيش‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬الكثري من األضواء واأللوان هي تعبريات الفرح‬ ‫البديل عن فرحنا املرسوق من اعتقال أرواحنا‪ ،‬بعض‬ ‫همسهم كان ييش باستغراب صغر سنّي ووجهي‬ ‫الطفويل‪ ،‬وبعضه اآلخر استهزا ًء وسخري ًة تخص‬ ‫جسدي الصغري الساكن داخل الفستان‪ ،‬ما طغى عىل‬ ‫غربتي وارتجايف من الربد مشهد استنفار النسوة لقدوم‬ ‫العريس‪ ،‬التغطية الرسيعة واملحمومة بالحجاب‬ ‫واملالطو خوفاً من اعتداء عينيه عىل أجسادهنّ ‪،‬‬ ‫حركاتهن االنفعالية كانت تفضح اتحاد رغبة التغطية‬ ‫برغبة التع ّري وأنهام من نفس النبع‪ ،‬النبع املل ّوث‬ ‫بظلمة وحوش الرغبات وتح ّوالتها الوقورة‪.‬‬ ‫دخل العريس الذي هو عرييس بهو الصالة‪ ،‬كنت أول‬ ‫مرة أراه منذ الطفولة‪ ،‬مالمحه ذاتها مع زيادة البأس‬ ‫بها بالحجم‪ ،‬لوهل ٍة أحسست أنه مثيل مجرباً‪ ،‬عىل وقع‬ ‫الطبول واألهازيج زفوين إىل منزل والد العريس كأنني‬ ‫أشاهد فيل ًام عن أرسى الحرب‪ ،‬وصعدوا يب إىل غرف ٍة‬ ‫تس ّمرت قدماي عىل بابها رافض ًة الدخول‪ ،‬سمعت‬ ‫ترغيباً وتهنئ ًة وتوبيخاً‪ ،‬أمسك محمد بيدي وحاول‬ ‫إدخايل‪ ،‬لكني مل أتزحزح من مكاين‪ ،‬جاء ع ّمي األكرب‬ ‫س ّناً “أبو عمر” وبلهج ٍة حازمة قال يل‪ّ :‬‬ ‫“يل يا بنت‬ ‫ال تفضحينا‪ ،‬عيب يال دخيل مع زوجك” وج ّرين إىل‬ ‫الداخل‪.‬‬

‫ّ‬ ‫كل هذا سينتهي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫يتقصدُ إرهايب‪،‬‬ ‫دقائقُ معدودة وفتح الباب‬ ‫ٍ‬ ‫بعنف ّ‬ ‫ُ‬ ‫أدركت ّأن ال‬ ‫كانتا أ ّمي و عمتي‪َ ،‬م َع صوتهام العايل‬ ‫أعني لهام شيئاً‪ ،‬رصاخ أ ّمي لن أنساه ما حييت‪“ :‬أنتي‬ ‫يا بنت بدك توطي راسنا و راس أبويك”! وانهالت ع ّ‬ ‫يل‬ ‫بالرضب‪ ،‬لوال أن عمتي حالت بيننا واستطاعت تخلييص‬ ‫بصوت خافت‪“ :‬يال حبيبتي ال تكوين غبية‪،‬‬ ‫وهمست‬ ‫ٍ‬ ‫ساوي شو بقلك محمد وكوين طيبة ومطيعة معو‪ ،‬يال‬ ‫ياسمني خيل هاليوم مير عىل خري”‪.‬‬ ‫استجاب ًة إلميايئ اليائس لهام باملوافقة‪ ،‬غادرتاين‪ ،‬حملٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ثقيل أرهقني رافقهام‪ ،‬شعرت أنني ُ‬ ‫بدأت أفقد وعيي‬ ‫ً‬ ‫وأمسكني عن ذلك إدرايك بأن ما يحدث ليس حلام بل‬ ‫واقعي أنا‪ ،‬مل أفقه شيئاً مام قالتاه “وطي راس أيب”‪،‬‬ ‫“وما كون غبية”‪ ،‬يومها مل أكن أعرف أن صك براءيت‬ ‫و انتصار محمد برجولته تجمعهام “خرقة” قامش‬ ‫عليها بقعة دماء مني‪ ،‬وأن االحتفاالت تبدأ بعد خروج‬ ‫محمد حام ًال علم رجولته وعفتي‪.‬‬ ‫عاد محمد مبتس ًام‪ ،‬وبحنانٍ غ ّل َف صوته‪“ :‬كثري عادي‬ ‫تكوين هيك‪ ،‬بدي تثقي َّيف‪ ،‬هالشغلة ما رح تكون‬ ‫صعبة”‪ ،‬اقرتب مني وجلس بجانبي ممسكاً بيدي‪:‬‬ ‫“إهدي‪ ،‬إهدي ‪ ،‬ليش عبرتجفي‪ ،‬ال تخايف‪ ،‬اسرتخي‪،‬‬ ‫خوفك وتوترك بصعب شغلتنا عليي وعلييك”‪.‬‬ ‫ترسب الهدوء‬ ‫ت ّلمس شعري وض ّمني إليه‪ ،‬رويداً رويداً ّ‬ ‫إىل كياين و شعرت بالدفء‪“ :‬ال تخايف‪ ،‬إهدي”‪ .‬وانتهى‬ ‫األم ُر بسامعي صوت إطالق النار احتفاالً بدمايئ‬ ‫عىل “الخرقة “ القامشية‪ ،‬وعلت زغاريد النساء وأنا‬ ‫مستلقية أبحث عن نومي‪ٌ .‬‬ ‫ٌ‬ ‫خط وا ٍه بني جفني أظه َر‬ ‫تغي “مربوك بنتي حبيبة قلبي”‪،‬‬ ‫وج ُه أمي الذي ّ‬ ‫عجزت عن الرد‪ ،‬أغمضت عيني وكأنني مل أنم منذ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أسلمت جسدي و روحي‬ ‫استسلمت و‬ ‫ألف عام‪،‬‬ ‫لراح ٍة غمرتني حتى الصباح حني استيقظت عىل صوت‬ ‫محمد املستلقي بجانبي‪“ :‬صباح الخري يا عروس”‪.‬‬

‫‪ ...................................‬يتبع يف العدد القادم‬

‫الثامن من آذار‬ ‫يوم املرأة العاملي‬

‫شهادات‬

‫فقط عندما تصبحين شريكة حقيقية‪..‬‬ ‫سترتسم مالمح السالم‬


‫عمالة األطفال‪ ،‬بين الحاجة والمخاطر‬ ‫‪14‬‬ ‫وائل موسى‬

‫العدد ‪2016 / 3 / 7 - 66 -‬‬

‫اقتصاد‬

‫تشكل عاملة األطفال جزءاً أساسياً من أزمات‬ ‫الحروب‪ ،‬حيث يصعب تأمني احتياجات العائلة‪،‬‬ ‫وغالباً ما يفقد عدد كبري من األطفال أحد أبويه أو‬ ‫كالهام ألسباب عديدة‪ ،‬خروج الرجال نحو ساحات‬ ‫القتال‪ ،‬تشتت العائلة‪ ،‬فقدان حياة أو فقدان‬ ‫القدرة عىل الحركة نتيجة اإلصابات‪ ،‬كلها عوامل‬ ‫متوفرة يف الحرب مام يضطر األطفال للعمل لسد‬ ‫احتياجات العائلة‪.‬‬ ‫رغم تحذيرات منظمة األمم املتحدة للطفولة‬ ‫(يونيسف) من أن عاملة األطفال السوريني وصلت‬ ‫إىل مستويات خطرية‪ ،‬ورغم دخول الثورة السورية‬ ‫عامها السادس إال أن برامج الدعم املخصصة‬ ‫لألطفال مل تستطع حتى اآلن استيعاب األطفال‬ ‫السوريني املترضرين من الحرب سواء كان ذلك‬ ‫ضمن سوريا أو يف دول الجوار ‪.‬‬ ‫حركة النزوح داخل سوريا وخارجها أفرزت حالة‬ ‫احتياج كبري للعائالت نتيجة فقدانهم لكافة‬ ‫ممتلكاتهم وباتوا بحاجة لكل يشء‪ ،‬ونتيجة‬ ‫التغريات االقتصادية عىل السوريني‪ ،‬سواء داخل‬ ‫سوريا بفعل تغيريات اقتصادية يف األسعار وفقدان‬ ‫املواد‪ ،‬أو خارجها بفعل اختالف الجو العام لطبيعة‬ ‫التعامالت املالية من أجور أماكن اإلقامة وفواتري‬ ‫الخدمات وأسعار السلع األساسية وغريها‪ ،‬بات‬ ‫من الصعب عىل فرد أن يعيل أرسة‪ ،‬وحتى يف‬ ‫حال وجود رب األرسة كثري ما يضطر األطفال‬ ‫للعمل ملساعدة العائلة يف تأمني احتياجاتهم‪،‬‬ ‫ويعمل األطفال لقاء مبالغ مادية بسيطة ضمن‬ ‫ظروف صعبة مام يعرضهم للعديد من املخاطر‪،‬‬ ‫بد ًء من حرمانهم من فرص التعليم وليس انتهاء‬ ‫باالعتداءات التي تواجههم أثناء تواجدهم يف‬ ‫أماكن بعيدة عن رعاية األهل‪.‬‬ ‫بحسب إحصائيات مكتب تنسيق الشؤون‬ ‫اإلنسانية لألمم املتحدة‪ ،‬فإن ما يزيد عن ‪12.2‬‬ ‫مليون سوري بحاجة للمساعدات اإلنسانية‪،‬‬ ‫ويقدر عدد األطفال بينهم ب ‪ 5.6‬مليون طفل‪،‬‬ ‫وتعترب أزمة النزوح السوري هي األكرب يف العامل مع‬ ‫‪ 7.6‬مليون نازح وحوايل ‪ 4‬ماليني الجئ مسجل يف‬ ‫دول الجوار‪ 4.8 ،‬مليون شخص بحاجة للمساعدة‬

‫صورة من مكتب األمم املتحدة لتنسيق الشؤون اإلنسانية يف سوريا توضح خريطة تنقل النازحني يف سوريا منتصف عام ‪2015‬‬

‫اإلنسانية يف املناطق التي يصعب الوصول إليها‬ ‫ضمن املناطق املحارصة‪.‬‬ ‫ربع مدارس األطفال ترضرت‪ ،‬إضافة الستخدام‬ ‫الكثري من املدارس ألغراض مختلفة‪ ،‬ومع حركة‬ ‫النزوح الكبرية وحالة عدم االستقرار‪ ،‬يكاد يكون‬ ‫من الصعب التحاق األطفال يف املدارس نتيجة‬ ‫التنقل املتكرر وخصوصاً بالنسبة للنازحني داخلياً يف‬ ‫املناطق الساخنة‪ ،‬وقد ورد يف الخطة االسرتاتيجية‬ ‫لالستجابة اإلنسانية لعام ‪ 2015‬أن ‪ 9.8‬مليون‬ ‫نسمة يعانون من انعدام األمن الغذايئ‪ ،‬وبحسب‬ ‫اليونيسيف فإن (‪ 770‬ألف طفل استفاد من شكل‬ ‫من أشكال التعليم)‪ ،‬وبحسب تعبريهم هذا‪ ،‬فإن‬ ‫ما ال يزيد عن ‪ 13.75%‬من األطفال السوريني‬ ‫املعلن عن حاجتهم للمساعدات اإلنسانية‬ ‫هم فقط من حصل عىل بعض أشكال التعليم‪،‬‬ ‫وبهذا تكون نسبة األطفال غري املستفيدين من‬ ‫أي مساعدة للتعليم هم الغالبية العظمى من‬ ‫األطفال‪ ،‬وهذه النسبة تعيش يف ظروف معقدة‪،‬‬ ‫قد تدفعهم غالباً نحو سوق العمل‪.‬‬ ‫يف أسوأ األحوال‪ ،‬ونتيجة لظروف استثنائية‪ ،‬قد‬ ‫يعترب عمل األطفال ضمن بعض املهن مرحلة أشبه‬ ‫بالتعليم‪ ،‬حيث يكتسب األطفال العاملني خربة‬ ‫يف الورشات واملصانع واألسواق‪ ،‬ورغم املخاطر‬ ‫املحدقة بهم إال أنها تكاد تكون من أقل املخاطر‬ ‫إذ ما قارناها مع استغالل األطفال لتجنيدهم‬ ‫وتشغيلهم يف أعامل خطرية أو غري رشعية‪.‬‬

‫يف املناطق املحارصة ينشط العديد من األطفال يف‬ ‫أعامل التهريب ما بني القوات عىل طريف النزاع‪،‬‬ ‫ويضطر هؤالء األطفال إىل العبور مع البضائع‬ ‫ضمن مناطق خاضعة لرقابة قناصني‪ ،‬عدد كبري‬ ‫من األطفال لقى حتفه أثناء تهريبه لربطة خبز‬ ‫يف مناطق مثل مخيم الوافدين عىل أطراف مدينة‬ ‫دوما‪ ،‬يف املناطق الشاملية وعىل الحدود السورية‬ ‫الرتكية‪ ،‬يشارك العديد من األطفال يف أعامل‬ ‫التهريب‪ ،‬وغالباً ما يتم االعتامد عىل األطفال‬ ‫لتهريب الحبوب واملهدئات وسجائر القنبز‬ ‫والحشيش‪ ،‬ومتتد املخاطر إىل خارج سوريا‪ ،‬حيث‬ ‫أرشنا يف مقالة سابقة (تجارة الالجئني بالالجئني يف‬ ‫تركيا) إىل تقرير صادر عن وكالة الرشطة األوروبية‪،‬‬ ‫يتحدث عن اختفاء أكرث من ‪ 10‬آالف طفل سوري‬ ‫أثناء انتقالهم إىل أوروبا دون مرافقة ذويهم‪.‬‬ ‫عاملة األطفال تهدد جي ًال كام ًال نحن يف أشد الحاجة‬ ‫إىل تأهيله وتعليمه ليبني الوطن املستقبيل‪ ،‬حالة‬ ‫العجز بات من الصعب تداركها دون توحيد‬ ‫للجهود من الجميع‪ ،‬ويف حني تهتم حكومات العامل‬ ‫بشكل مكثف مبا يسمى الحرب عىل اإلرهاب‪،‬‬ ‫نجد أن مئات آالف األطفال يعيشون حياة مليئة‬ ‫باإلرهاب االجتامعي واالقتصادي‪ ،‬وال يجد من‬ ‫التعليم سوى ما يكتسبه من متابعة أخبار الحرب‬ ‫عىل وسائل التواصل االجتامعية‪.‬‬ ‫خمسة ماليني طفل سوري نعلق آمالنا عليهم‬ ‫ليكونوا بناة سوريا املستقبل‪.‬‬


‫نشرة اقتصادية‬

‫طلعنا عالحرية ‪ -‬القسم االقتصادي‬

‫اهم املستجدات التي تهم السوريني يف الشتات والداخل‬

‫بنك كويت ترك يمدد المهلة للسوريين‬

‫تاريخ املهلة الجديدة ما يزال متاح ألصحاب‬ ‫الحسابات االستفادة من كافة خدمات البنك‪ ،‬مع‬ ‫التأكيد عىل رضورة تحصيل إقامة رسمية‪ ،‬ويواجه‬ ‫الالجئون السوريني يف تركيا أزمة حقيقية يف تحصيل‬ ‫أوراق رسمية بسبب صعوبة الحصول عىل جواز‬ ‫سفر سوري أو تجديده إضافة إلرصار الحكومة‬ ‫الرتكية يف اعتبار السوريني ضيوفاً ال الجئني مام قلص‬ ‫اآلمال يف إيجاد حلول ملشاكل األوراق الرسمية مام‬ ‫يعرقل الكثري من أعاملهم ويسبب املزيد من الرتاجع‬ ‫يف أوضاعهم االقتصادية‪.‬‬

‫تغيير في مواقع‬ ‫السيطرة مترافق مع‬ ‫حملة تعفيش (سرقة)‬ ‫جديدة‪.‬‬

‫بحسب رئيس اتحاد غرفة الزراعة‬ ‫وبالتنسيق مع وزارة االقتصاد والتجارة‬ ‫الخارجية‪ ،‬تم بدء استرياد ‪ 25‬ألف‬ ‫طن من البطاطا املالحة من مرص لسد‬ ‫الفجوة الحاصلة يف انخفاض اإلنتاج‬ ‫املحيل‪ ،‬وقد سمحت وزارة االقتصاد‬ ‫والتجارة الخارجية باسترياد البطاطا من‬ ‫مرص تحديداً‪ ،‬وقد وصل سعر البطاطا‬ ‫إىل ‪ 250‬لرية سورية ومن املتوقع أن‬ ‫ينخفض السعر إىل ‪ 150‬لرية سورية‬ ‫تقريباً‪ ،‬وقد شهدت األسواق مؤخراَ‬ ‫ارتفاعاً مفاجئاً يف أسعار الدجاج والبيض‬ ‫وقد وصل سعر صحن البيض إىل ‪1000‬‬ ‫لرية سورية‪ ،‬ويعود ارتفاع األسعار‬ ‫لفقدان عبوات تعبئة البيض بسبب‬ ‫توقف العديد من املنتجني املحليني‬ ‫بحسب مستشار اتحاد غرفة الزراعة‬ ‫السورية والخبري يف تربية الدواجن‪،‬‬ ‫كام أن لرتاجع اإلنتاج وصعوبة التنقل‬ ‫وارتفاع تكاليف اإلنتاج أثر بالغ األهمية‬ ‫يف ارتفاع األسعار‪ ،‬وقد بات العديد من‬ ‫السوريني يف دمشق يسخرون من ارتفاع‬ ‫األسعار بشكل جنوين‪ ،‬فقد باتت دعوة‬ ‫األهل واألصدقاء لتناول وجبة من املقايل‬ ‫تعترب عزمية فاخرة نظراً لتكاليفها‪ ،‬أما‬ ‫البيض فلم يعد من أساسيات اإلفطار‪.‬‬

‫اقتصاد‬

‫تغريت خالل األسبوعني املاضيني خريطة‬ ‫املواقع التي تسيطر عليها القوات‬ ‫العسكرية يف سوريا‪ ،‬تقدمت قوات سوريا‬ ‫الدميقراطية ضمن بعض من مناطق ريف‬ ‫حلب الشاملية مبساندة جوية روسية‬ ‫عنيفة ضد قوات الجيش السوري الحر‪.‬‬ ‫وتلت بعد هذه الحملة العسكرية حملة‬ ‫تعفيش (رسقة) للممتلكات العامة‬ ‫والخاصة‪ ،‬وتناقل عدد من الناشطني اخباراً‬ ‫عن رسقة مولدات الطاقة وتجهيزات‬ ‫منزلية إضافة إىل أخبار حول نقل كافة‬ ‫محتويات مستودع تخزين القمح التابع‬ ‫لوحدة تنسيق الدعم‪ ،‬ألف طن من‬ ‫القمح باإلضافة إىل تجهيزات املطاحن‬

‫واألفران تم رسقتها ونقلها بحسب ناشطني‪ ،‬إال‬ ‫أن وحدة تنسيق الدعم مل تصدر أي بيان بهذا‬ ‫الخصوص‪.‬‬ ‫بات من املتعارف عليه ان كل حملة عسكرية‬ ‫يرافقها حملة رسقة‪ ،‬وقد أطلق السوريني عىل‬ ‫هذه الحالة عبارة “تعفيش” ألنها غالباً ما تشمل‬ ‫مقتنيات املنازل الخاصة‪ ،‬وبرزت هذه الحالة‬ ‫بشكل متالزم مع الحمالت العسكرية التي تشنها‬ ‫عصابات األسد عىل مناطق املعارضة‪ ،‬وباتت هذه‬ ‫الحالة شبه مالزمة لقوات حامية الشعب مؤخراً‪،‬‬ ‫أما حمالت املعارضة فهي عىل الرغم من كونها‬ ‫تساهم يف السيطرة عىل العديد من املمتلكات‬ ‫العامة إال أنها ال تشمل عادة املمتلكات الخاصة‬ ‫للمنازل مام يعفيها من صفة التعفيش‪.‬‬

‫الفجوة‬

‫العدد ‪2016 / 3 / 7 - 66 -‬‬

‫أعلن البنك الرتيك “كويت ترك” يف نهاية‬ ‫عام ‪ 2015‬عن توقف فتح حسابات بنكية‬ ‫للسوريني بدون وجود إقامة رسمية وجاء‬ ‫هذا االجراء بعد الهجامت اإلرهابية يف‬ ‫باريس مام دفعه للتوقف عن التسهيالت‬ ‫يف فتح الحسابات للسوريني‪ ،‬أما أصحاب‬ ‫الحسابات املفتوحة مسبقاً فقد تم تحديد‬ ‫مهلة حتى تاريخ ‪ 18/02/2016‬ليتمكن‬ ‫أصحاب الحسابات من توثيق إقاماتهم‬ ‫الرسمية وإال سيتم تجميد العمليات املالية‪،‬‬ ‫ومع انقضاء املهلة املحددة يف ظل صعوبة‬ ‫تحصيل اإلقامة الرسمية‪ ،‬قمنا بالتواصل‬ ‫هاتفياً مع قسم خدمة الزبائن بعد انقضاء‬ ‫املهلة املحددة مسبقاً بيومني للسؤال عن‬ ‫وضع الحسابات املفتوحة حالياً‪ ،‬وقال لنا‬ ‫املوظف أن إدارة البنك قررت متديد املهلة‬ ‫حتى الشهر السابع من عام ‪ ،2016‬وحتى‬

‫استيراد من مصر لسد‬

‫‪15‬‬


‫‪16‬‬

‫ُ‬ ‫لغةالحلم‬ ‫فادي جومر‬

‫العدد ‪- 66 -‬‬ ‫‪2016 / 3 / 7‬‬

‫ثقافة‬

‫بعيدًا عن الفكر النقدي للقصيدة املكتوبة باملحيك‪،‬‬ ‫وعن تح ّفظي الشديد للمعالجة النقدية لتجربة‬ ‫متتد لثالثة قرون عىل األقل‪ ،‬بشكلها الراهن‪ ،‬ومييل‬ ‫نص عىل حدى‪ ،‬أو دراسة تجربة شاعر‬ ‫لدراسة كل ٍّ‬ ‫بعينه يف أحسن األحوال ريثام يتشكل املخزون‬ ‫النقدي الكايف‪ ،‬الذي مل يبدأ تش ّكله بعد‪ ،‬مبا يسمح‬ ‫بدراسات نقد ّية حقيقية‪ .‬وهذا مجال له أهله‬ ‫وأخصائيوه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بعيدًا عن كل ما سبق‪ ،‬يواجه تقييم النص الشعري‬ ‫املكتوب باللغة املحك ّية‪ ،‬ثالث إشكاليات فكر ّية‬ ‫مبدئ ّية أكرث منها “نقد ّية”‪ ،‬قد يكون حسمها‬ ‫رضور ًّيا قبل البدء مبرشوع نقدي يفي هذا الجنس‬ ‫األد ّيب ح ّقه‪.‬‬ ‫يف تعريف اللهجة املحك ّية‪:‬‬ ‫ ‪-‬‬ ‫تبدو األسس التي يعتمدها تصنيف النصوص‬ ‫غامض ًة بالنسب ِة إيل‪ ،‬فاللهجة املحك ّية هي نتاج‬ ‫تطور طبيعي‪ ،‬وهي ليست ظاهر ًة طارئ ًة عىل‬ ‫العرب ّية أو سواها‪ .‬األصل يف اللغة – أيّ لغ ٍة – هو‬ ‫النطق‪ ،‬وقد ساد عند العرب ٌ‬ ‫عرف بعد اختالطهم‬ ‫بالشعوب املجاورة هو إرسال أبنائهم إىل القبائل‬ ‫التي ظ ّلت بعيدة عن املدن ومراكز االختالط‬ ‫بالعجم‪ ،‬ليحكوا مع أبنائها‪ ،‬وليأخذوا عنهم النطق‬ ‫الصحيح والقواعد الدقيقة للغة‪ ،‬إذ كانت الفصاحة‬ ‫من معايري التقييم العامة لإلنسان يف ذلك الزمان‪.‬‬ ‫وتطور اللغة عمو ًما يتكئ عىل ما “ ُيحىك” منها‪،‬‬ ‫والسيام عند العرب‪ ،‬فنتاجهم اللغوي ّ‬ ‫ظل قرو ًنا‬ ‫مرهو ًنا بالشعر‪ ،‬الشعر الذي “ ُيحىك” أو “ ُيروى”‪.‬‬ ‫ومل تظهر املؤلفات املكتوبة ّإل يف فرت ٍة ّ‬ ‫متأخرة‬ ‫نسب ًّيا مقارن ًة بالشعر “املح ّ‬ ‫يك”‪.‬‬ ‫بالعودة إىل أسس املقارنة لتمييز املحيك عن غريه‬ ‫ملحة ال بد لها من‬ ‫من النصوص‪ ،‬تظهر أسئلة ّ‬ ‫إجابات –ال أزعم ّأن أملكها– لوضع قواعد علمية‬ ‫ثم النقد‪ّ ،‬‬ ‫ولعل أهمها‪:‬‬ ‫للتمييز‪ ،‬ومن ّ‬ ‫ات‪:‬‬ ‫تط ّور اللغة‪:‬‬ ‫مفردات‪ ،‬وصو ًرا‪ ،‬وتعاب َري‪ ،‬ومجاز ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫هل هو َو ٌ‬ ‫فرع واحد منها؟ هل من املنطق‬ ‫قف عىل ٍ‬ ‫اعتبار الفتح الذي حققه أبو متام مث ًال‪ ،‬وتاله املتنبي‪،‬‬ ‫نصاً “محك ًّيا”‬ ‫يف استخدام املفردات واملجازات‪ّ ،‬‬ ‫مقارن ًة بامرئ القيس أو النابغة؟ وعليه أبني‪ :‬أتكون‬ ‫اللغة التي استخدمها الس ّياب‪ّ ،‬‬ ‫وكل من جاء بعده‬ ‫وأخذ من منهله‪ ،‬مج ّرد لغ ٍة “محك ّية” مقارن ًة بأيب‬ ‫متام واملتنبي؟‬ ‫اللغة أداة أم معيار؟‬ ‫ ‪-‬‬ ‫هل من املنطق تقييم املنتَج اإلبداعي أو حتى غري‬ ‫اإلبداعي‪ ،‬اعتامدًا عىل األداة املستخدمة يف إنتاجه؟‬

‫أيعقل أن نسأل رسا ًما عن نوع الريشة‪ ،‬واأللوان‪،‬‬ ‫والورق أو القامش‪ ،‬وغريها من األدوات التي‬ ‫استخدمها يف إنتاج لوحته لتق ّيم جاملها؟ أو لتقرر‬ ‫إن كانت لوح ًة من أصله؟‬ ‫أو أن تسأل موسيق ًّيا عن نوع الخشب املستخدم‬ ‫يف صنع آلته‪ ،‬لتقرر إن كانت املقطوعة التي أ ّلفها‬ ‫موسيقا أو مجرد ضجيج؟‬ ‫أرى أن من السذاجة مبكان‪ ،‬تقييم القصيدة‪،‬‬ ‫اعتامدًا عىل اللغة املستعملة يف رسم صورها‪،‬‬ ‫وأخيلتها‪ ،‬وبناء موسيقاها‪ ،‬وإيصال روحها بدل‬ ‫الرتكيز عىل الصور‪ ،‬واألخيلة‪ ،‬واملوسيقا والروح‬ ‫ذاتها‪ .‬فاالعتامد عىل اللغة للبدء بالتقييم‪ ،‬ال يقل‬ ‫سطح ّية عن االعتامد عىل شكل اآللة املوسيق ّية يف‬ ‫تقييم جامل مقطوع ٍة ما‪.‬‬ ‫القنزعة*‬ ‫ ‬‫يخرتع بعض “املثقفني” ألقا ًبا‪ ،‬وأوصا ًفا‪ ،‬للقصيدة‬ ‫املحكية‪ ،‬محاولني جهدهم حرمانها من صفة‪:‬‬ ‫مفردات أقرب للعنرصية كـ‬ ‫الشعر‪ ،‬مختلقني‬ ‫ٍ‬ ‫“النظم الشعبي” وما شابه دون أي أسس نقد ّية‬ ‫أو علم ّية يف التوصيف‪ ،‬أو يقعون يف الخلط املرعب‬ ‫املغرق يف الجهل مطلقني وصف “الزجل” عىل كل‬ ‫ما ُيقال بغري الفصحى‪ ،‬ولعلهم مل يسمعوا ً‬ ‫زجل‬ ‫وروحا‪ ،‬مميزة ال‬ ‫يف حياتهم‪ ،‬إذ إن للزجل أوزا ًنا‪ً ،‬‬ ‫يخطئها ّإل من مل يكلف نفسه يو ًما عناء سامعه‪.‬‬ ‫ولعل أهم أسباب هذه “القنزعة” هي افتقار‬ ‫النخب إىل االنتامء الحقيقي‪ ،‬فهم يف نهاية املطاف‬ ‫أبناء هذه “الشعوب”‪ّ ،‬إل ّأن املسافة بينهم وبني‬ ‫أهلهم‪ ،‬تغدو أبعد كل لحظة‪ ،‬فهم ق ّلام يكتبون‬ ‫عنهم‪ ،‬أو لهم‪ ،‬أو بأصواتهم وأرواحهم‪ .‬املتعبون ال‬ ‫يعرفون البنفسج يف القصائد‪ ،‬فلون البنفسج الذي‬

‫رسخ يف أعينهم هو اللون ّ‬ ‫“النيل” للجلد بعد الرضب‪.‬‬

‫وإن حاول بعض هؤالء الـ “بعض” تصنّع االقرتاب‬ ‫من الناس سوا ًء بالرثثرة عن أوجاعهم‪ ،‬أو بطرح‬ ‫القضايا اإلشكالية يف تحديد الهوية واالنتامء‬ ‫واملستقبل‪ :‬مبا يوافق امليول الشعبية املتوترة‬ ‫املتح ّفزة العدوانية نتيجة السحق الديكتاتوري‬ ‫بالتواطؤ مع النخب لكل روح “شعبية”‪ ،‬رغم ّ‬ ‫كل‬ ‫هذا التك ّلف‪ ،‬تسقط األقنعة كلها حني يصل األمر‬ ‫إىل ممتلكات املثقف الخاصة‪ :‬الشعر واألغنية‬ ‫واملرسح واملوسيقا‪ ،‬وكل وجوه اإلبداع‪ .‬فهذه‬ ‫مملكته التي ال يسمح لـ “الشعب والشعبيني”‬ ‫باالقرتاب منها‪ ،‬هو يحب الناس‪ ،‬لكن لبيقوا بعيدًا‬ ‫عن اإلبداع‪ ،‬هو يحبهم كمقتنيات يف (فرتينة) ورثها‬ ‫من جدته‪ .‬هم التحف اللطيفة التي يعرضها عىل‬ ‫زواره “املثقفني” أصحاب املشاريع الحقيقية‪ ،‬كام‬ ‫يعرض مكح ًال من الفضة‪ ،‬أو “جرن الك ّبة”‪.‬‬ ‫كيف يستقيم ادعاء االنتامء لشعب‪ ،‬مع تهميش‬ ‫أداة ذات الشعب األوىل يف التعبري عن روحه؟‬ ‫كيف يستقيم ادعاء االنبهار بشعب‪ ،‬ال تبهرنا‬ ‫أغنياته؟‬ ‫ّ‬ ‫أكانت أهازيج جدّاتنا التي دفأت أرواحنا‪ ،‬وح ّملتنا‬ ‫قيم الصفاء مج ّرد‪“ :‬نظم شعبي”؟‬ ‫قد يطول البحث يف “سيكولوجيا القنزعة” وقد‬ ‫يودي إىل أماكن تورث العداء وهذا ما ال أحبه‪،‬‬ ‫أحلم باللغة املحكية‪،‬‬ ‫ولكني ختا ًما‪ ،‬أوجز فأقول‪ :‬أنا ُ‬ ‫ولغة تصلح للحلم‪ ،‬هي ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫لغة أكرب من كونها مجرد‬ ‫لغة “صالح ٍة للشعر” بال جدال‪.‬‬ ‫‪----------‬‬‫*القنزعة‪ :‬مصطلح شعبي يُقال ملن يبالغ يف غروره واستخفافه بالناس‪ ،‬مع‬ ‫مسحة من التصنع األجوف‪ .‬مل أجد له معاد ًال يف العربية “الفصحى”‪.‬‬


‫نشرة ثقافية‬

‫سوريون يحصدون جوائز ويحققون نجاحات‬ ‫طلعنا عالحرية – القسم الثقافي‬

‫“محارص مثيل” فيلم جديد لهالة عبد الله‬ ‫عن فاروق مردم بك‬

‫يف الفريق الطبي لحي بستان القرص‪.‬‬

‫ثقافة‬

‫فاز الناشط اإلعالمي واملصور السوري (فؤاد‬ ‫حالق) بالجائزة البالتينية عن فيلمه “وراء‬ ‫الكواليس ‪ ”Backstage‬يف مهرجان صانعي‬ ‫األفالم العاملي “‪Filmmakers world‬‬ ‫‪ ”Festival‬الذي يصور مشاهد ال تلتقطها‬ ‫عدسات الكامريا عادة‪ ،‬خاصة يف املعارك‪،‬‬ ‫حيث تهتم وسائل اإلعالم بصور املقاتلني‬ ‫يف املعارك وتوثق عملهم‪ ،‬إال أنها ال تهتم‬ ‫باملسعفني وال توثق عملهم رغم أهميته‪.‬‬ ‫وحاز الفيلم عىل الجائزة باملشاركة مع‬ ‫مصورين من سبع دول أخرى كل عن فيلمه‪.‬‬ ‫فؤاد حالق ‪ 27‬سنة‪ ،‬من مواليد حلب‪ ،‬عمل‬

‫ني اضطروا ملغادرة‬ ‫ن موسيقيني سوري‬ ‫‪2‬م‬ ‫دمت “صبا بردى”‬ ‫‪ 014‬للجوء إىل تركيا‪ ،‬وق‬ ‫نهم وا‬ ‫يات يف مدن تركية‬ ‫سيم مقداد يف غازي عنتاب وط ن الحفالت واألمس‬ ‫حارث مهيدي وو‬ ‫الكثري م‬ ‫ت الحفل “نهتم‬ ‫وذكرت منشورا‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ور السوري والرتيك‬ ‫مختل وسيقانا لكل الجمه‬ ‫بتقديم م‬ ‫ني كباقي شعوب‬ ‫لنقول إن السوري‬ ‫جنبي‬ ‫واإلنتاج والحياة”‬ ‫واأل طمحون إىل الفرح‬ ‫ضي‬ ‫ملقطوعات‪“ :‬ابنن‬ ‫األر ن برنامج الحفل ا‬ ‫م‬ ‫ض‬ ‫ة‪ ،‬أنت يا أما كافر‬ ‫كام ت‬ ‫فراتي‬ ‫أنا‪ ،‬بس اضحيك‪ ،‬وصلة ذكري‪ ،‬كيف بتحب‬ ‫بتت‬ ‫تصوير أسامة ع‬ ‫ووزوسيم يا إرهايب‪ ،‬أسمر‪ ،‬عودة‪ .” ،‬جدير بالذكر أن‬ ‫مواطن‪ ،‬رقصة كرد‬ ‫ي‬ ‫وسيقيان السوريان حارث مهيد دينة منوت يا‬ ‫و ًرا واس ًعا وتغطية‬ ‫مل‬ ‫“بيتنا سوريا” يف م‬ ‫ى إقبا ًال كب ًريا وحض‬ ‫أقام ا ًال موسيق ًّيا غنائيًا يف‬ ‫ت الحفل الق‬ ‫مقداد حف‬ ‫الجاري‪ ،‬تح‬ ‫عدة وسائل إعالم‪.‬‬ ‫ازي عنتاب الرتكية يف الرابع من آذار كلت عام من‬ ‫غ‬ ‫ى” الفرقة التي تش‬ ‫م فرقة “صبا برد‬ ‫اس‬ ‫الجئني يف مهرجان‬ ‫رية” عىل جائزة ال‬ ‫م “قصة حب سو‬ ‫شهر شباط‪ /‬فرباير‬ ‫عىل حاز فيل‬ ‫ملقام سنو ًّيا خالل‬ ‫حصل‬ ‫ا‬ ‫من أجل السالم”‬ ‫ون مكاليسرت‪ ،‬وهو‬ ‫“قصة حب سورية” ي سينام “سينام‬ ‫فيلم من إخراج ش‬ ‫جئني يف مهرجان “‬ ‫ني‪ .‬ال‬ ‫ي عام‪ ،2011‬عندما‬ ‫الال‬ ‫يف العاصمة األملانية برل زة أمن النظام السور‬ ‫ني‬ ‫جائزة جل السالم” يف برل‬ ‫ريطاين اعتقلته أجه‬ ‫طيل الفيلم (عامر‬ ‫أ‬ ‫من‬ ‫جب‬ ‫ه عىل تسجيالت لب‬ ‫مخر ريا‪ ،‬حني عرثت مع‬ ‫وري ويشاركان يف‬ ‫كان يف سو‬ ‫م الس‬ ‫ورغدة حسن) وهام ينتقدان النظا سوريني التقيا قبل‬ ‫داوود‬ ‫جني‬ ‫هرات ضده‪ .‬ويحيك الفيلم قصة زو ويرصد حياتهام مع‬ ‫لتظا‬ ‫جهزة األمن السوري‪،‬‬ ‫اللجوء إىل فرنسا‪،‬‬ ‫ا ن عا ًما يف سج ٍن أل‬ ‫ىل لبنان ثم‬ ‫عرشي‬ ‫أوالدهام‪ ،‬بعد أن متكنا من الهرب إ د لخمس سنوات‪.‬‬ ‫وير فيلمه الذي امت‬ ‫ث تابع املخرج تص‬ ‫حي‬

‫العدد ‪- 66 -‬‬

‫فؤاد حالق يحصل عىل جائزة مهرجان‬ ‫صانعي األفالم العاملي‬

‫أعلنت جائزة الشارقة لإلبداع العريب‬ ‫(اإلصدار األول) نتائج الدورة التاسعة‬ ‫عرشة (‪ ،)2015-2016‬وذكر بيان النتائج‬ ‫أن املخطوطات التي تقدمت للمسابقة‬ ‫كانت من ‪ 17‬دولة عربية‪ ،‬أ ّولها مرص‬ ‫(‪ )82‬مشاركة‪ ،‬تليها سوريا (‪ )51‬ثم‬ ‫الجزائر ثال ًثا‪ .‬وفاز باملركز األول يف جائزة‬

‫‪2016 / 3 / 7‬‬

‫أعلنت املخرجة السورية‬ ‫هالة عبد الله عن فيلمها‬ ‫الجديد “محارص مثيل”‬ ‫الذي يحيك قصة الكاتب‬ ‫واملؤرخ السوري فاروق‬ ‫مردم بيك املولود يف‬ ‫دمشق ‪ ،1944‬والذي‬ ‫تخرج من كلية الحقوق‬ ‫‪ ،1965‬كرس مردم بيك حياته لتعزيز الثقافة العربية يف‬ ‫أوروبا‪ ،‬وعمل مستشا ًرا ملعهد العامل العريب يف باريس‪،‬‬ ‫ويرشف عىل سلسلة سندباد منذ ‪ 1995‬يف دار نرش‬ ‫أكت سود‪ .‬نرش بالفرنسية باالشرتاك مع سمري قصري‬ ‫كتا ًبا بعنوان “مسالك بني باريس والقدس‪ ،‬فرنسا‬ ‫والرصاع العريب‪-‬اإلرسائييل‪ ،‬وباالشرتاك مع إلياس صنرب‬ ‫“أن تكون عرب ًيا” ‪ .‬الفيلم الذي تم اختياره للمشاركة‬ ‫يف املسابقة الدولية الرسمية ملهرجان سينام الواقع يف‬ ‫باريس‪ ،‬سيتم عرضه األول يف ‪.18-3-2016‬‬

‫سوريون‬ ‫يف جائزة‬ ‫الشارقة‬ ‫لإلبداع‬ ‫العريب‬

‫النقد الكاتب السوري محمد طه العثامن عن دراسته‬ ‫(البعد الثاين‪ /‬قراءة يف آفاق الشعرية العربية)‪،‬‬ ‫وحازت مشاركات السوريني األخرى عىل تنويه لجنة‬ ‫التحكيم يف املجاالت‪:‬‬ ‫الشعر‪ :‬مجموعة (خائف كرشفة يف الحرب) للشاعر‬ ‫السوري حيدر محمد هوري‪.‬‬ ‫القصة القصرية‪ :‬مجموعة (دموع الزنزانة رقم ‪)23‬‬ ‫للكاتب السوري نورس إبراهيم‬ ‫لرواية (أرواح برائحة الغاردينيا) للكاتب السوري‬ ‫محمد سامر حلو‬ ‫أدب الطفل‪ :‬مجموعة (الصياد) للكاتبة السورية دالل‬ ‫محمد فاضل‪ ،‬ومجموعة (دارين والكوكب الحزين)‬ ‫للكاتب السوري مصطفى محمد عبد الفتاح‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫الحكاية الناقصة للحمار‬

‫‪18‬‬

‫محمد هوري‬ ‫حيدر‬ ‫ّ‬ ‫ُالعوانس ‪)..‬‬ ‫(األحالم ‪ ,‬عاد ُة الفقرا ِء ومهنة‬ ‫ِ‬ ‫هكذا قال جدي‬

‫مشهد تقليدي‬

‫العدد ‪- 66 -‬‬ ‫‪2016 / 3 / 7‬‬

‫كعادت ِه الشتا ُء يراو ُد شوارعَ القرى عن ترابها‪.‬‬ ‫يجعلها موحل ًة وخالي ًة من العابرين ‪ ،‬وكعادت ِه‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وحافل بحكايا‬ ‫طويل‬ ‫الليل يف شتا ِء القرى‬ ‫البيوت‬ ‫ّات‪ ،‬وأرسا ِر العشاقِ عىل أسطح ِة‬ ‫ِ‬ ‫الجد ِ‬ ‫ويف حظائرها النائي ِة‪.‬‬ ‫كان ُ‬ ‫النجامت التي َبد َْت خجل ًة‬ ‫يحاكم‬ ‫الليل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وخائف ًة فاقتصدت يف بريقها‪ ،‬فالشتا ُء هذا العام‬ ‫ٌ‬ ‫مختلف متا ًما‪ .‬املدافئ نامئة‪ .‬سكان القرية متلكهم‬ ‫الهدوء‪ ،‬فقد اعتادوا الربد بعد أزمة املازوت يف‬ ‫البالد وقد اعتادوا عىل الجوع واملوت والخراب‪.‬‬ ‫لقد أصبحت الحياة هاجسهم الوحيد واملفرتض‪.‬‬ ‫هي الحرب مكيدة الشياطني ولعبة الوحوش‬ ‫وقد رصنا من الالعبني دون إرادتنا‪ ،‬أيتها الحرب‬ ‫خذي ما تشائني لكن ال تتنكري لنهيق الحامر‪.‬‬

‫عن حال الحامر عىل لسانه‬

‫يف الليل‪ ،‬بعيدًا عن الناس‪ ،‬وسط الحقول‬ ‫تحديدًا‪ ،‬أشتم البرش ّ‬ ‫بكل جرأ ٍة وشجاعة ال‬ ‫يستطيع أحدهم أن ير ّد بوجهي‪ ،‬أو أن يواجهني‬ ‫ً‬ ‫خصم لخصم‪ .‬نهيقي صار‬ ‫يف معرك ٍة عادل ٍة‬ ‫أرواح تلك‬ ‫يفزعهم ويرعبهم‪ .‬شاع بني الناس‪ :‬إن َ‬ ‫ْ‬ ‫أعدمت صارت تحوم يف شوارع‬ ‫الحمري التي‬ ‫البالد جميعها مطالب ًة بالثأر‪ُ .‬‬ ‫لست خار ًقا أو‬ ‫متلبسا بجن من الشياطني‪ ،‬لست كائنًا أسطور ًيا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أنا مجر ُد حام ٍر يقف عىل الحيا ِد يف هذه الحرب‪.‬‬ ‫أنا الناجي الوحيد من مجزرة الحمري‪.‬‬

‫ثقافة‬

‫الحكاية الناقصة للحامر‬

‫مل تتحرك األواسط السياسية واإلعالمية بشكل‬ ‫كاف للدفاع عنا بعد مجزرة الحمري‪ .‬الصور عالقة‬ ‫يف ذاكريت كرشيط لفيلم قصري ال تتجاوز مدته‬ ‫جرح ين ُّز ولن‬ ‫الثالث دقائق‪ ،‬لكنه يف حسابايت ٌ‬ ‫يلتئم‪ .‬كيف يل أن أنىس الجنود وهم يجردون‬ ‫أمي وأخويت من رسوجهم‪ ،‬أو أن أتجاوز عن‬ ‫وقاحة أولئك الجنود الذي حشو نصال حرابهم‬ ‫يف فروج العذروات من الحمري! مل ير أحدكم‬ ‫قائدهم وهو يركلني عىل وجهي‪ ..‬مل تسمعو‬ ‫شتامئهم‪ .‬مل ومل‪..‬‬ ‫واآلن أنا الشاهدُ الوحيد عليهم‪ ،‬والشاهد‬

‫اللييل عىل جرامئهم‪ .‬لدي رشيط طويل منها‪.‬‬ ‫شاهدت القتل واالغتصاب والتعذيب وشاهدت‬ ‫وشاهدت ‪...‬إلخ‪ ،‬لكن وألجل طفلة قدمت يل‬ ‫(طشتا) من (التنب) أسعى جاهدًا لحل هذه‬ ‫األزمة وإنهاء الحرب التي فعلت ما مل تفعله‬ ‫حتى الشياطني‪ .‬فبعدما كنت مشاهدًا ً‬ ‫نهم‬ ‫ملسلسلهم الطويل‪ ،‬سأحاول مساعدة البرش‪.‬‬ ‫لكن نهيقي ال يعجبهم‪ ،‬لذا يدّعون عدم فهمهم‬ ‫ملطالبي وحلويل‪ ،‬لغتهم ليست صعبة‪ ،‬هي‬ ‫بسيطة جدًا لكن عدم امتاليك لألصابع وقف‬ ‫حائال أمامي وأمام تعلم اللغة البرشية‪.‬‬ ‫بدأت املؤامرات تحاك من حويل‪ .‬تعرضت ألكرث‬ ‫من عملية اغتيال ونجوت‪ ..‬من كان يريد لهذه‬ ‫الحرب االستمرار كان يهاجمني عىل شاشات‬ ‫التلفاز ويف املواقع اإللكرتونية‪ ،‬باألمس سخر‬ ‫أحدهم مني وقال‪ :‬كيف ملخلوق مييش عىل‬ ‫أربع أرجل أن ينهي هذه الحرب؟‬ ‫ً‬ ‫هذه العبارة أيقظتني من حلمي‪ ،‬حقا لن‬ ‫أستطيع أن أفرق بني األطراف املتحاربة بال يدين‬ ‫كانتا تصفقان باألمس القريب للسلطان وهو‬ ‫يصدر أحكا ًما باإلعدام بحق األبرياء مثلهم‪ ،‬ولن‬ ‫أستطيع مسح دموعي يف حرضة السلطان لو‬ ‫قتل أحد أقربائه‪ ،‬بال أصابع‪.‬‬ ‫حقيق ًة‪ ،‬هذه الحرب لن تنتهي‪ ،‬لكني حلمت‬ ‫كث ًريا أن أقف عىل رجلني ليك أحتضن تلك‬ ‫الصغرية من كل قلبي‪ ،‬صدقوين لقد نسيت‬ ‫أهيل وأقربايئ الذين ماتوا برصاصاتكم‪ ،‬ألجلكم‪.‬‬ ‫صدقوين حلمت أن أقف عىل رجلني ليك أسلم‬ ‫عليكم من كل قلبي ال ألضغط عىل زناد املوت‪.‬‬ ‫ساعدوين ألقف مثلكم وسأنىس شتامئكم‪،‬‬ ‫وسأصفح عن سارق الرسن‪ ،‬وعن األطفال الذي‬ ‫حشوا الفلفل الحار يف مؤخريت وعن الضابط‬ ‫الذي ركلني عىل وجهي‪ ،‬وعن الجندي الذي‬ ‫طاردين يوم مجزرة الحمري‪ .‬ساعدوين فقد قالت‬ ‫عرافة من الغجر عندما مييش الحامر عىل قدمني‬ ‫ستنتهي الحروب بني البرش‪.‬‬ ‫وبدأ الحامر ينهق بصوت عالٍ ساعدوين‪..‬‬ ‫ساعدوين‪ ..‬كان عىل وشك الوقوف عىل قدمني‪..‬‬ ‫لكن رصاصة غادرة اخرتقت صدغه‪ .‬عندها‬ ‫رصخ الجندي ‪:‬سيدي‪ ..‬سيدي‪ ،‬لقد قتلت الحامر‬ ‫الذي قد هرب‪.‬‬

‫الوقوع في السماء‬ ‫ساره هنيدي‬

‫لوحة للفنانة مروى نجار‬

‫أريد الوقوع يف هذه البحرية‪ ..‬مرآة السامء‪ ..‬أريد‬ ‫الوقوع يف السامء‪.‬‬ ‫***‬ ‫قلبي النحيل من ذاك الجذع اليتيم‬ ‫أريد انتشال َ‬ ‫يف القاع‪..‬‬ ‫شخصا آخر‬ ‫أريد أن أصبح ً‬ ‫أن أشلح ج ْلدي عنّي‬ ‫وأن أنتزع تلك الذاكرة من لفافات رأيس‬ ‫أن أرميها بعيدًا كطفل يرمي حج ًرا فوق املاء‬ ‫ليثب م ّرتني‬ ‫ويغرق إىل األبد‬ ‫أريد أن أميش بخ ّفة ورقة ّ‬ ‫متأخر ٍة ج ّفت طوال‬ ‫السنة‬ ‫وسقطت فور مجيء الربيع‬ ‫أريد الوقوع يف هذه البحرية‪ ،‬يف السامء‪..‬‬ ‫وتجفيف أرقي بغيمة‬ ‫ترميم خويف بال ُّزراق‬ ‫تعطري ن َفيس برائحة الندى الشفيف‬ ‫الذي تسبح عليه تلك البجعات املتعجرفات‬ ‫أريد أن ُأمطر بغزار ِة حرب‬ ‫أن ُأثلج بقساوة وطن‬ ‫وأن ألتحف الغطاء الثلجي الذي يغطي تلك‬ ‫البحرية‬ ‫لعل قلبي يربد قليالً‬ ‫ّ‬ ‫ويكف عن إصدار كل هذا العويل!‬ ‫أريد لهذا الفؤاد أن ميسح عنه دموع دمائه‬ ‫وأن يلتفت إىل سعادته‬ ‫كام تلتفت زهرة عباد الشمس‬ ‫إىل محبوبها‬ ‫ّ‬ ‫دون أن تتفكر‪.‬‬


‫من هو معجبك السري‪:‬‬ ‫االختبار البريء الذي ال يحمل أيا من معاني البراءة!‬ ‫باسل مطر‬ ‫مشروع سالمتك‬

‫ ‬ ‫المعتقل وليد‬

‫المشهد ‪1‬‬ ‫لسعات من ماء بارد تنهمر عىل جسمه‪ ،‬تدخل‬ ‫لتنخر عظمه‬ ‫فيرصخ من األمل حتى تختفي رصخاته‪..‬‬ ‫ “شو فقت يا ***‪ .‬عم تتمرجل عىل أسيادك‪،‬‬‫والله ألعملك فرجة لكل ابن ***‪ ،‬لسا لعرفك‬ ‫مني نحنا”‬ ‫ “والله يا سيدي ما بعرف ليش أنا هون”‬‫ “هاد الحيك ابتحكيه بالتحقيق مو عندي‬‫هون”‬ ‫ً‬ ‫يستدير خلفا ويخرج‪ ،‬يطبق الباب خلفه‪ ،‬أصوات‬ ‫أقدامه ترحل بعيداً ليبقى الصمت الذي تتخلله‬ ‫الرصخات وآثار ماء تلسع الجلد من برودتها‪.‬‬

‫مقاالت‬

‫استفاق من غيبوبته يحاول أن يعرف مصدر‬ ‫األمل‪ ،‬هل هو من ظهره أم من رقبته‪.‬‬ ‫معتصم أبو الشامات‬ ‫يشعر بآثار كدمات عىل وجهه والدم يسيل من‬ ‫يده‪..‬‬ ‫كان مييش مع صديقته خارجاً من باب الكلية‪ ،‬ماذا جرى!!‪ ....‬أين سلمى!!!‪ ....‬أين أنا!!!!‬ ‫وفجأة‪ ...‬استوقفته مجموعة من مسلحي ميليشيا سمع من بعيد أصوات ناس تتعذب‪ ..‬تتأمل‪،‬‬ ‫الدفاع الوطني‪:‬‬ ‫شتائم وكالم بذيء‪ ،‬كلامت تنتهك كل ما هو‬ ‫ “هوياتكون”‬‫مقدس‪ ،‬مسبات تنال من الرشف والعرض‬ ‫ “مني حرضتك”‬‫والكرامة‪ ،‬وأصوات سياط تنهش من جلود البرش‪.‬‬ ‫واطي”‬ ‫يا‬ ‫ “كسار راسك‬‫خاف أن يرصخ‪ ،‬كتم أنفاسه حتى ال يعرف أحد‬ ‫ “ليش هيك عام تحيك؟!”‬‫باستيقاظه‪ ،‬سمع أصواتاً قادمة‪ ،‬فتح الباب‪..‬‬ ‫‪“ -‬شو ما ابتعرف مني نحنا‪ ،‬والله لرنيب العراعري فيك” أغمض عينيه حتى ال يشعر أحد بصحوته‪،‬‬

‫العدد ‪2016 / 3 / 7 - 66 -‬‬

‫يقول الخرباء أن ال يشء مجاين يف عامل التجارة‬ ‫واإلنرتنت‪ .‬إن مل تكن تدفع مثن خدمة ما فاعلم أنك‬ ‫أنت السلعة التي تباع وتشرتى وتدر األرباح عىل‬ ‫مقدمي هذه الخدمات‪ .‬مامعنى هذا الكالم؟‬ ‫تنرش خدمات مجانية ال تنتهي عىل اإلنرتنت‪ ,‬وال‬ ‫نريد القول أن جميعها له هدف تجاري‪ ،‬فبعضها‬ ‫ال يحمل مثل هذه األهداف بالتأكيد‪ ,‬لكن الغالبية‬ ‫الساحقة منها تديرها رشكات تريد الربح‪ .‬يعني هذا‬ ‫ببساطة أن هذه الرشكات تستفيد من املعلومات‬ ‫التي تقدمها لها عن نفسك‪ ,‬وعملك ومعارفك‪,‬‬ ‫وقد تبيعها لرشكات أخرى تعمل يف مجال اإلعالن‬ ‫والتسويق‪ .‬هناك الكثري من الطرق التي تستطيع‬ ‫رشكات التسويق واإلعالن الحصول من خاللها عىل‬ ‫معلومات عنك‪ ,‬ويف اآلونة األخرية انترشت اختبارات‬ ‫فيسبوك االجتامعية التي تخربك عن أكرث الناس قربا‬ ‫إليك‪ ,‬أكرث صورك شعبية‪ ,‬والشخصية العامة التي‬ ‫تشبهك والبلد الذي تنطبق صفاته عليك! هل‬ ‫توقفت ولو قليال عند هذه االختبارات؟ ناهيك عن‬ ‫مدى الجدية واملصداقية التي تحملها‪ ,‬ونحن نؤكد‬ ‫لك أنها ال تتمتع بأي من ذلك عىل اإلطالق‪ ,‬فهي‬ ‫وسيلة مكشوفة الخرتاق خصوصيتك والولوج إىل‬ ‫بياناتك عىل حسابك عىل فيسبوك والترصف مبا يف‬ ‫ذلك بيعها ألطراف أخرى‪ ,‬قد تبيعها بدورها ألطراف‬ ‫جديدة‪ ,‬وهو أمر ال نعرف أين ينتهي! فأنت السلعه‬ ‫التي ال تراها وتعتقد أنك تحصل عليها مجانا!‬

‫لنأخذ مثاال عىل ذلك لرشح الفكرة‪ .‬منذ فرتة انترش‬ ‫عىل فيسبوك اختبار بعنوان “من هو معجبك‬ ‫الرسي؟” الذي تقدمه رشكة ميو والتي تقدم املئات‬ ‫من االختبارات املشابهة‪ .‬من املدهش أن املاليني‬ ‫من املستخدمني قاموا بإجراء االختبار وشاركوه عىل‬ ‫صفحاتهم عىل فيسبوك دون إيالء االنتباه إىل حجم‬ ‫املعلومات التي يحصل عليها االختبار‪.‬‬ ‫عند النقر عىل الرابط تصل إىل صفحة االختبار التي‬ ‫تعرض عليك الصالحيات التي يطلبها هذا التطبيق‪,‬‬ ‫وإليك هذه الصالحيات‪:‬‬ ‫ بروفايلك العام والذي يشمل اسمك وتاريخ‬‫ميالدك واملدينة التي تعيش فيها وجنسك وبريدك‬ ‫اإللكرتوين ورقم هاتفك‬ ‫ قامئة أصدقاءك كاملة عىل فيسبوك‬‫ كل ما نرشته من صور ونصوص وروابط ومنشورات‬‫وفيديوهات منذ أنشأت حسابك‬ ‫ الصفحات واملنشورات والصور والفيديوهات التي‬‫أعجبت بها منذ أنشأت حسابك‬ ‫تقول الرشكة يف بيان يف أسفل صفحة االختبار‬ ‫أن املعلومات التي تجمع تستخدم فقط للتسليه‬ ‫وإلجراء االختبار‪ ,‬لكن القصه ال تنتهي هنا‪ ,‬فعند‬ ‫مطالعة سياسة الخصوصية الخاصة بالرشكة نجد‬ ‫أنها تتيح لها الترصف بهذه املعلومات‪ ,‬وهذا يعني‬ ‫أنها تستطيع بيعها لرشكات اإلعالن‪ ,‬لكن السلسلة‬ ‫ال تنتهي هنا أبدا‪.‬‬ ‫تجمع الرشكة من خالل التطبيق ماليني عناوين‬ ‫الربيد اإللكرتوين‪ ,‬وهي ثورة من البيانات التي‬ ‫تحتاجها الرشكات لتسويق منتجاتها‪ ,‬وهي أيضا‬

‫تستطيع معرفة شبكة معارفك وأصدقاءك‪ ,‬ونحن‬ ‫نعلم أن مستخدمي شبكات التواصل االجتامعي ال‬ ‫يجيدون الحفاظ عىل خصوصيتهم‪ ,‬مام يعني أن‬ ‫الرشكة ستحصل عىل معلومات عن هؤالء أيضا‪.‬‬ ‫تقول الرشكة أن سياسة الخصوصية هذه ال تنطبق‬ ‫عىل األطراف األخرى التي قد تحصل عىل هذه‬ ‫املعلومات‪ ,‬وهذا أمر يثري الكثري من الريبة‪ ,‬حيث ال‬ ‫تحدد هذه األطراف‪.‬‬ ‫يف زاوية أخرى من سياسة الخصوصية تقول الرشكة‬ ‫بأن املعلومات الشخصية التي تجمع تعالج عىل‬ ‫مخدمات عديدة يف دول مختلفة‪ ,‬مام يعني أن‬ ‫معايري الخصوصية واألمان تختلف حسب البلد‪,‬‬ ‫وهو أمر ثان يدعونا للتفكري مليا مبصري هذه‬ ‫املعلومات وكيف تتم املحافظه عليها ومن يستطيع‬ ‫الوصول إليها‪.‬‬ ‫قد تبدو هذه االختبارات مغريه للتسليه‪ ,‬فمعرفة‬ ‫من هو الصديق الذي يحبك أكرث من غريه‪ ,‬أو معرفة‬ ‫معجبك الرسي ال تخلو من اإلغراء‪ ,‬لكن الثمن هو‬ ‫خصوصيتك‪ ,‬والنتيجة مئات الرسائل اإلعالنية يف‬ ‫بريدك اإللكرتوين‪ ,‬وعدد ال متناه من الرشكات التي‬ ‫تعرف عنك أكرث مام يعرفه املقربون منك‪.‬‬ ‫من الصعب إقناع املستخدم بدرجة الخطر التي‬ ‫تحملها مثل هذه االختبارات والسامح لها باجتياح‬ ‫خصوصيتنا ومعرفة كل صغرية وكبرية عنا‪ .‬فيسبوك‬ ‫شبكة للتواصل االجتامعي تعرف عنك كل يشء‪,‬‬ ‫وهي متتلك كل ما تنرشه عليها‪ ,‬لكن هذا ال يربر‬ ‫أبدا السامح لرشكات أخرى ذات أهداف غري واضحة‬ ‫بالوصول إليها‪.‬‬

‫‪19‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.