طلعنا عالحرية / العدد 84

Page 1

‫نصف شهرية‪ ،‬سياسية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬مستقلة‬

‫العدد ‪84‬‬

‫‪2017 / 1 / 16‬‬

‫مجلة مستقلة‪ ،‬تعنى بشؤون الثورة السورية‪ ،‬نصف شهرية‪ ،‬تطبع وتوزع داخل‬ ‫سوريا ويف عدد من مخيامت اللجوء والتجمعشات السورية يف الخارج‬


‫لمــاذا يجب أن يتظاهر‬ ‫السوريون‬

‫‪2‬‬

‫افتتاحية بقلم د‪ .‬محمد العمار‬

‫العدد ‪2017 / 1 / 16 - 84 -‬‬

‫لقد وجد السوريون أنفسهم يف اللحظة التي خرجوا‬ ‫فيها للتظاهر؛ فقبل آذار ‪ 2011‬مل يكن للسوريني‬ ‫وجود‪ ،‬كانت صورة الطاغية متتد عىل مساحة الوطن‬ ‫حتى ال يكاد يبدو يف الوطن أحد غريه‪ ،‬وال يظهر‬ ‫يف سوريا غري الطاغية‪ ،‬ولذلك كانت تسمى سورية‬ ‫األسد!‬ ‫أحس السوريون أنفسهم‬ ‫لكن يف لحظة من الزمان ّ‬ ‫كذوات حرة مريدة‪ ،‬فخرجوا إىل الساحات وهتفوا‬ ‫للوطن‪ ،‬وغنوا للحرية‪ ،‬وتحدثوا عن الكرامة‪ ،‬ووصفوا‬ ‫أنفسهم بأنهم شعب واحد‪ ،‬يطمح ملثل ما تطمح‬ ‫إليه شعوب العامل‪ :‬العيش يف وطنهم بأمان وحرية‬ ‫وكرامة‪ ،‬تحكمهم سلطة يختارونها ويستطيعون‬ ‫محاسبتها‪ ،‬ويستطيعون أن ميارسوا هذا الحق‬ ‫الدستوري املقدس يف التعبري الجمعي عن الرأي دون‬ ‫خشية أو مثن‪.‬‬ ‫لكن النتيجة كانت مؤملة‪ ،‬لقد شعر الطاغية وعصبته‬ ‫أن أمراً جل ًال يحدث يف الوطن‪ ،‬يوشك أن يحطم‬ ‫أسطورة “سورية األسد”‪ ،‬فقابل هذه املطالب‬ ‫بالرصاص الحي‪ ،‬ودفع كثريون مثن مامرسة هذا‬ ‫الحق الذي يبيحه لهم الدستور‪ ،‬بل يجعله لهم‬ ‫حقاً مقدساً‪ ..‬واستمر القمع والقتل وتتالت قوافل‬ ‫الشهداء‪ ،‬ولكن الساحات مل تفرغ‪ ،‬واملتظاهرين‬ ‫مل يرتاجعوا‪ ،‬ومل يخلوا الساحات‪ ،‬بل أضافوا إىل‬ ‫مطالبهم القولية‪ ،‬أفعاالً عملية؛ فمزقوا صور الطاغية‬ ‫وحطموا متاثيله وحرروا وجه الوطن‪.‬‬ ‫وفاء لدماء الذين ماتوا لرتسيخ هذا الحق‪ ،‬علينا أن‬

‫ال نتنازل عن هذا الحق‪ ،‬علينا أن ال نفرط فيه‪ ،‬وال‬ ‫نرتاجع عنه‪ ،‬لقد كان هذا الحق من أهم مكتسبات‬ ‫ثورة آذار‪ ..‬بل هو أهم إنجازاتها‪ ،‬وكانت الساحات‬ ‫أول مساحات الوطن التي حررها الشباب الثائر‬ ‫بالصدور العارية والدماء الطاهرة‪ ،‬قبل أن يكون‬ ‫نرص عىل‬ ‫لديهم قطعة سالح واحدة‪ ،‬ولذلك علينا أن ّ‬ ‫مامرسة هذا الحق‪ ،‬وأن نرسخ هذه املامرسة حتى‬ ‫تتحول لطقس سلويك عند شعب سوريا‪.‬‬ ‫يجب أن يصل للذين فقدوا دماءهم لتحرير هذه‬ ‫املساحة يف املجال العام‪ ،‬أن التضحيات التي قدموها‬ ‫مل تذهب سدى‪ ،‬وأن دماءهم تركت أثراً ال متحوه‬ ‫السنون يف حياة السوريني‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مل يكن فعل التظاهر اليوم ممكنا من غري التضحيات‬ ‫التي قدمها شباب صدقوا ما عاهدوا الله عليه‪ ،‬وما‬ ‫دام هذا الفعل أصبح ممكناً بفضل تضحياتهم‪،‬‬ ‫فعلينا أن نعض عليه بالنواجذ‪ ،‬ونحوله ملامرسة‬ ‫طقوسية‪ ،‬إذا كانت األديان لها مناسك وطقوس فإن‬ ‫املواطنة واملجتمع املدين له طقوس أيضاً‪ ،‬والتظاهر‬ ‫أهم هذه الطقوس‪ ،‬واملجتمع الذي يفقد منتسبوه‬ ‫القدرة عىل التظاهر يشبه متاماً اإلنسان الذي يفقد‬ ‫القدرة عىل النطق‪ ،‬إنه يفقد أهم رشوط إنسانيته‪.‬‬ ‫ولقد كانت صورة تتويج الوريث القارص عام‬ ‫ألفني غاية يف الداللة والتعبري عىل فقدان األهلية‬ ‫االجتامعية‪ ،‬وغياب الرشط اإلنساين يف القدرة عىل‬ ‫االعرتاض عىل التوريث يف أعىل املستويات‪.‬‬ ‫وبالنسبة لنا‪ ،‬وفاء لهذه الدماء‪ ،‬علينا أن نحافظ عىل‬ ‫هذه املساحة حر ًة من أي هيمنة‪ ،‬عصية عىل كل‬ ‫تطويع‪ ،‬بحيث تصبح وجوداً دامئاً يف حياة الناس‪،‬‬ ‫وحتى يصبح تنادي الناس للساحات مثل الفعل‬ ‫املنعكس الرشطي عند الفرد العادي‪ ،‬تلجأ إليه‬

‫‪www.freedomraise.net‬‬

‫خطب أو دعت حاجة أو برز‬ ‫الجموع كلام ادلهم‬ ‫ٌ‬ ‫تحد‪.‬‬ ‫يف ساحات التظاهر تعرف السوريون عىل بعضهم‪،‬‬ ‫وترصفوا كجامعة متضامنة‪ ،‬وتجاوزوا سياسة التذرير‬ ‫التي كان يفرضها عليهم املركب األمني الحاكم‪.‬‬ ‫وعندها اكتشفوا قوتهم ورأوا قدرتهم عىل زلزلة‬ ‫الطاغية‪ ،‬تنافسوا يف البذل والتضحية والفداء‪ ،‬ويف‬ ‫إبراز أنبل املشاعر وأعظم القيم‪ ،‬التي ظهرت يف‬ ‫لحظات فداء اآلخرين إخوة الوطن بالروح والدم‬ ‫قوالً وفع ًال‪.‬‬ ‫لقد تفجرت القيم التي تسكن صدور الشباب إىل‬ ‫عزمية تتحدى الدبابات التي اقتحمت املدن؛ فاملشهد‬ ‫الذي صورته الشاشات لشباب بانياس حدث مثله‬ ‫يف كل بلدة وكل مدينة‪ ،‬يف بلدتنا الصغرية “منر” يف‬ ‫جنوب غرب سوريا حدث هذا املشهد كام حدثوين‬ ‫فقد كنت حينها يف السجن‪.‬‬ ‫كانت الثورة سلمية‪ ،‬وانحرفت بفعل الضغط عن‬ ‫خطها األصيل‪ .‬والفرصة اآلن أمامنا لنعيدها سريتها‬ ‫األوىل‪ ،‬ونحيي من خالل التظاهر‪ ،‬واالجتامع يف‬ ‫الساحات روح الثورة األوىل‪ ،‬روح التضحية والفداء‬ ‫واإليثار التي شوهتها ولوثتها قيم الحرب‪.‬‬ ‫إن الثورة تستثري أعىل ما يف النفس من قيم وغرائز‬ ‫ونبل‪ ،‬بينام الحرب تستثري أدىن ما يف النفس من‬ ‫غرائز وقيم‪ ،‬إنها تحيي فينا غريزة العنف ومشاعر‬ ‫الغضب والحقد والكراهية واالنتقام‪ ،‬بينام تنمي فينا‬ ‫الثورة قيم املحبة والتضحية واإليثار‪ .‬وإن أهم قيم‬ ‫الثورة هي التضحية والفداء واإليثار‪ ،‬بينام أهم قيم‬ ‫الحرب هي العنف واالنتقام والغنيمة‪ ،‬لذلك فعلينا‬ ‫أن نعيد مامرسة طقس التظاهر حتى نتحرر من أثر‬ ‫مامرسة طقوس الحرب يف القتل والثأر والغنيمة‪.‬‬

‫تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت‬

‫كلمة‬

‫املقاالت املنشورة تعرب عن آراء أصحابها أوالً‬ ‫وال تعرب بالرضورة عن آراء هيئة التحرير‬

‫مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة‬ ‫تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية‬ ‫ويف بعض مخيامت اللجوء‬ ‫معاون رئيس التحرير قسم حقوق اإلنسان‬ ‫نصار‬ ‫أنور البني‬ ‫أسامة ّ‬

‫قسم املرأة‬ ‫يارا بدر‬

‫املجلة غري ملزمة بنرش كل ما يردها من مواد‬

‫رئيس التحرير ليىل الصفدي‬ ‫املحرر االقتصادي‬ ‫وائل موىس‬

‫الغالف‬ ‫سمري خلييل‬

‫‪facebook.com/freeraise‬‬ ‫‪twitter.com/freedomraise‬‬ ‫‪info@freedomraise.net‬‬

‫كاريكاتري‬ ‫سمري خلييل‬

‫زمالء مختطفون يف الغوطة الرشقية‬ ‫رزان زيتونة ‪ -‬ناظم حامدي‬


‫إنســانية مبتورة األطراف‬

‫مجزرة ‪ 13‬كانون األول‪ /‬ديســمبر ‪2015‬‬ ‫بيان ريحان‬

‫العدد ‪2017 / 1 / 16 - 84 -‬‬

‫مقاالت‬

‫“الدماء منترشة يف كل مكان‪ ..‬قدمها بالكاد تكون‬ ‫معلقة بساقها ومرمية عىل أرض الغرفة‪ ،‬يتدىل من‬ ‫يدها أنبوب يربطها بكيس السريوم‪..‬‬ ‫ثالث أرسة غصت بأجساد فتيات ال تتجاوزن‬ ‫العارشة من عمرهن”‪.‬‬ ‫كانت الساعة الثامنة صباحاً‪ .‬بدأ اجتامعنا يف قاعة‬ ‫إدارة املعهد الذي تحيط به خمس مدارس لطالب‬ ‫الحلقة األوىل‪ ..‬كنا نتابع سري حملة أطلقناها عن‬ ‫التعليم يف مدينة دوما الذي كان يف خطر بسبب‬ ‫القصف العنيف الذي تتعرض له املدينة‪..‬‬ ‫كنا نعمل يف السلك التعليمي‪ ،‬ومن إحساسنا‬ ‫بأهمية التعليم أردنا تسليط الضوء العاملي عىل‬ ‫أوضاع طالب مدينة دوما‪ ،‬فاتخذنا شعاراً لحملتنا‪:‬‬ ‫“من حقي أن أتعلم”‪.‬‬ ‫بعد عرش دقائق من بداية االجتامع سمعنا صوت‬ ‫انفجار صاروخ عنقودي‪ ،‬تبعه عرشة انفجارات‬ ‫متتالية للقذائف التي بداخله‪.‬‬ ‫قالت يل فايزة‪ :‬سأغادر قبل أن تبدأ حفلة القصف‪.‬‬ ‫فضحكنا لكالمها‪ ،‬حيث أردف حسان قائ ًال‪ :‬أال‬ ‫تؤمنني بأن حصتك من الصواريخ ستلحق بك أينام‬ ‫كنت؟ فردت عليه‪ :‬بال‪..‬‬ ‫مل تكد تكمل فايزة كلمتها عندما انفجر الصاروخ‬ ‫الثاين الذي كان أقرب بكثري من الصاروخ السابق‪.‬‬ ‫قفزنا من أماكننا وارمتيت عىل فايزة وأنا أضحك‬ ‫بشكل هستريي‪ ،‬قائلة‪“ :‬فايزة نفدنا هي املرة‬ ‫كامن”‪.‬‬ ‫ولكن فايزة رصخت بصوت عنيف ممسكة بيدي‬ ‫مشرية إىل رأسها‪ ،‬ألرى الدماء تسيل وشظايا‬ ‫انترشت يف املكان‪ ..‬حسان كان ارمتى يف الجانب‬ ‫اآلخر‪.‬‬ ‫ضغطت عىل جرح صديقتي وركضنا نطلب‬ ‫اإلسعاف واالنفجارات تتتاىل‪..‬‬ ‫الطالبات يف املعهد أرسعن إىل املمر الذي يعد آمناً‬ ‫أكرث من الصف‪ ،‬والرصاخ يعلو بينهن‪.‬‬ ‫صعدنا السيارة التي جاء بها حسان لننطلق برسعة‬ ‫جنونية‪ ،‬ولكن مل تكن إال لحظات حتى استوقفنا‬ ‫شخص يحمل طفلتني وينادي‪ :‬إسعاف!‬ ‫نزل حسان وحمل واحدة ووضع الثانية معي يف‬ ‫الخلف‪ ،‬ولكنها كانت قد فارقت الحياة‪ .‬رأيت‬ ‫الشظايا قد مزقت بطنها واخرتقت جسدها!‬ ‫نزلنا إىل بهو اإلسعاف‪ ،‬لنجد أكرث من عرش جثث‬

‫يف انتظارنا‪ ..‬أشالء ودماء هم ضحايا الصاروخ األول‬ ‫الذي عرفت فيام بعد أنه نزل يف السوق الشعبي‪.‬‬ ‫ال يوجد إال طبيبان ومسعفون متطوعون‪ ..‬مصابون‬ ‫كرث‪ ..‬وقادمون جدد يتعرضون للفرز إما للعمليات‬ ‫مبارشة أو ينتظرون دورهم حسب درجة إصابتهم‪.‬‬ ‫أشار يل املسعف بأن أتجه إىل قسم النساء‬ ‫واألطفال‪ ،‬حيث دخلت ألرى مشهداً سرييالياً‪ ،‬ال‬ ‫توجد كلامت يف اللغة تستطيع وصفه‪..‬‬ ‫ما يقارب من ثالث عرشة طفلة محمالت‬ ‫بحقائبهن املدرسية!‬ ‫رنيم عىل أرضية الغرفة قدمها معلقة بساقها‬ ‫والدماء تنزف منها‪ ،‬وهي مصدومة ال تتكلم سوى‬ ‫دموعاً تنهمر من عينيها تفضح أملها املكتوم‪..‬‬ ‫تستند إىل حقيبتها املدرسية حيث وضع بجانبها‬ ‫كيس السريوم املوصول إىل يدها‪ ..‬كانت تنتظر‬ ‫نقلها إىل غرفة العمليات ليبرتوا لها ساقها!‬ ‫النا كانت أكرث الفتيات رصاخاً‪ ..‬إصابتها يف‬ ‫البطن‪ ..‬ليىل وخولة شقيقتان متسكان ببعضهام‪.‬‬ ‫إصابة ليىل أكرب من أختها لذلك كانت تحتضنها‬ ‫ومتسكها‪ ..‬محظوظتان حيث كان لهام مكان عىل‬ ‫الرسير!‬ ‫البقية مل يتسنَّ يل الوقت ألتعرف عىل أسامئهن‪..‬‬ ‫بحثت عن الطبيب ألجده غارقاً بني عدة أجساد‬ ‫ممزقة‪ ،‬يق ّيم حاالتها ويوجه املسعفني‪ .‬رفعت‬ ‫صويت ألناديه فاستجاب برسعة وفحص صديقتي‬ ‫برسعة وقال يل‪“ :‬سطحية‪ ..‬لتنتظر دورها يف‬ ‫التضميد”‪ .‬ولكن فايزة قاطعته‪“ :‬دكتور إنه رأيس‪،‬‬ ‫وهناك‪ ”..‬فقاطعها وذهب وقال “سطحية” ليعود‬ ‫إىل بهو اإلسعاف‪.‬‬ ‫بدأ األهل يتوافدون إىل النقطة‪ ،‬مع أن القصف‬ ‫اشتد ومل يتوقف‪ ،‬باحثني عن أوالدهم‪ ،‬ولكن‬ ‫النقطة ال ميكن أن تحتمل أي فوىض إضافية‪..‬‬ ‫سألت خولة الطفلة أن تعطيني ورقة وقل ًام‬ ‫ألسجل بها أسامء الطالب املوجودين‪ ،‬ولكنها‬ ‫رفضت وقالت أمي أوصتني بأن أحافظ عىل‬ ‫تنس خولة مع هول املوقف نصائح‬ ‫دفاتري‪ ..‬مل َ‬ ‫أمها يف حفاظها عىل أدواتها التي أمنتها بصعوبة‬ ‫حيث خنق الحصار الجميع‪..‬‬ ‫أخربتها بأين آنسة‪ ،‬وسوف آيت لزيارتها وأشرتي لها‬ ‫دفرتاً جديداً‪ ،‬وبأنني أريد أن أوصلها ألمها‪ .‬وهنا‬ ‫بدأت الفتيات يبكني وينادين‪“ :‬آنسة بدنا نروح‬

‫عىل البيت” وعلت أصواتهن‪ ،‬فابتسمت وقلت‬ ‫لهن سأعيدكن إىل املنازل ولكن برشط أن تهدأن‪..‬‬ ‫سأسجل أسامؤكن عىل الورقة‪..‬‬ ‫ارتاحت وجوههن بعد معرفتهن مبهنتي‪ .‬أحسست‬ ‫بعظم عميل يف هذه اللحظة! سجلت األسامء‬ ‫والعناوين وذهبت إىل املدخل ألسجل الشهداء‬ ‫وأوثق اإلصابات التي تم نقلها‪ ،‬وألخرب األهايل عن‬ ‫املوجودين ونوع اإلصابات‪ ..‬وهناك رصخ أحد‬ ‫املسعفني يطلب مني أن أساعده بتضميد مصابة‪،‬‬ ‫وآخر يعطيني اس ًام‪ ،‬ومصور يحمل كامريته ليوثق‬ ‫املجزرة يتجول يف األرجاء ويسألني عن األطفال‪..‬‬ ‫والقصف مستمر‪ ،‬والصواريخ بدت أقرب إىل‬ ‫مكاننا‪.‬‬ ‫ومن ثم أعود إىل الجناح ألطمنئ عىل صديقتي‬ ‫واألطفال‪..‬‬ ‫وبعد ثالث ساعات هدأت وترية القصف‪ ،‬و‬ ‫بدأنا بالتعاون مع املسعفني بإيصال الطالب إىل‬ ‫منازلهم‪ ،‬ومن ثم عدت إىل منزيل مرضجة بالدماء‪،‬‬ ‫حيث فزعت أمي عندما رأتني‪ ،‬ولكنني طأمنتها‬ ‫وأخربتها بأنها دماء مصابني‪..‬‬ ‫انترش خرب مجزرة الطالب‪ ،‬وبدأت تظهر أسامء‬ ‫الشهداء واملصابني ألعلم بأن مديرة املدرسة‬ ‫استشهدت و‪ 45‬شخصاً آخر‪ ،‬و ُب ِتت أقدام ثالث‬ ‫فتيات من صواريخ العنقودي‪..‬‬ ‫وسائل اإلعالم بحاجة إىل شاهد عن املجزرة‪،‬‬ ‫فكانت فرصتي ألخرج غضبي من داخيل‪ ،‬وأروي‬ ‫ما حدث يف هذه املدينة املنكوبة‪.‬‬ ‫سألتني مراسلة البي يب يس الربيطانية عن املجزرة‬ ‫مستفرسة‪“ :‬هل النظام قصف املدرسة؟” ورسدت‬ ‫لها ما حدث فأجابتني‪“ :‬ملاذا ما زلتم يف مدينتكم‬ ‫ومل تخرجوا؟‪ ..‬هل داعش موجودة يف هذه‬ ‫املدرسة؟‪ ..‬هل النظام السوري من قصف املدرسة‬ ‫أم املسلحون؟‪.”..‬‬ ‫رصخت‪“ :‬ال‪ ..‬ال يوجد داعش! إنها صواريخ‬ ‫عنقودية‪ ،‬وهذه مدارس أطفال‪ ،‬والطريان الرويس‬ ‫من رمى بها عىل رؤوسنا”‪.‬‬ ‫قاطعتني‪“ :‬وكيف تتأكدين من أن النظام من‬ ‫قصف املدرسة؟ وملاذا األطفال يف مدارسهم؟”‪.‬‬ ‫أدركت أن الجرمية التي حدثت يف مدينتي ال تعني‬ ‫أحداً‪ ،‬وأن هؤالء األطفال لن يجدوا من يهتم بهم‬ ‫لذلك‪ ..‬قطعت االتصال!‬

‫‪3‬‬


‫‪4‬‬ ‫جالل مراد‬

‫العدد ‪2017 / 1 / 16 - 84 -‬‬

‫(‪)4‬‬ ‫ملحق‪:‬‬

‫دراسات‬

‫يف هذا امللحق مثال مفصل للنشاط الوطني املجدي‬ ‫الذي ميكن االحتذاء به مع مراعاة خصوصية كل منطقة‬ ‫يف سورية‪.‬‬ ‫مرشوع البلديات‪:‬‬ ‫الدولة والسلطة‬ ‫الدولة مبؤسساتها يجب أن تكون هدفاً للنشاط من‬ ‫خالل‪ - :‬العمل عىل فصلها عن السلطة يف مناطق‬ ‫سيطرة النظام‪.‬‬ ‫ العمل عىل تنظيم عقود ضامنة الستقالل الدولة‬‫ومؤسساتها عن الكتائب‪.‬‬ ‫ العناية بأن يتم تفعيل نظام اإلدارات املحلية‬‫وقيوميتها عىل البلديات‪.‬‬ ‫ العمل ولو بنسب ومقادير معينة عىل إعطاء السلطة‬‫للبلديات التي يحكمها مجلس إدارة وطني بسلطات‬ ‫عىل الرشطة‪ ،‬الكهرباء‪ ،‬الربيد‪ ،‬ومؤسسات الدولة يف‬ ‫املنطقة املعنية‪.‬‬ ‫ االحتفاظ وتكريم والعناية وتقديم كل سبل الدعم‬‫املادي واملعنوي للموظف النزيه‪.‬‬ ‫ العمل عىل تشكيل مجلس أمناء يف كل محافظة‪،‬‬‫مهمته تدوين انتهاكات الفساد‪ ،‬تدوين وحفظ‬ ‫مقدرات وموارد مؤسسات الدولة‪ ،‬إيالء عناية خاصة‬ ‫بأمالك الدولة وحفظ مستنداتها من أرض مشاع ومبانٍ‬ ‫ومعدات وموارد برشية ومادية وعينية‪.‬‬ ‫ كل تلك الجهود بهدف الحفاظ عىل الدولة مبؤسساتها‬‫وتحريرها من الفاسدين يف البلد‪.‬‬ ‫إن ضبط عمل البلديات ونظام الرضائب كفيل‬ ‫باستقطاب املسلحني لتكون رواتبهم من البلديات‬ ‫نفسها‪ .‬هذه بداية ستمكن األهايل عرب مجلس البلدة يف‬ ‫السيطرة عىل املسلحني وتوجيههم مبا يخدم‪.‬‬ ‫ إن هذه العملية مهمة جداً يف سحب القوة من‬‫املستغلني واملنتفعني من واقع الحرب سواء يف داخل‬ ‫سوريا أو الدول والجهات خارج سوريا‪.‬‬ ‫ إن التدرج يف إعطاء رواتب من البلدية ممثلة مبجلس‬‫البلدة سينمي والءاً عند العسكري للمدين‪.‬‬ ‫ ال ميكن بحال من األحوال القيام بهذا األمر دون‬‫التمهيد يف سحب الرشعية عن األجهزة األمنية يف‬ ‫مناطق سيطرة النظام والرشعية من الكتائب املنفلتة‬

‫يف املناطق األخرى‪.‬‬ ‫ هذه العملية حتام تحتاج لتدرج ولجهد ثقايف ‪-‬‬‫اجتامعي يف املرحلة األوىل لتنضيج الفكرة واستقطاب‬ ‫مريدين لها‪.‬‬ ‫ هذا التنضيج ميكن أن يرتافق مع تشكيل جامعات‬‫تطوعية لحل ملفات محلية مثل ملف املياه‪ ،‬والتعليم‪،‬‬ ‫أو الخدمات‪.‬‬ ‫ إن الخربة الجامعية يف هذه امللفات الصغرية ميكن‬‫أن تكسب املجموعة متاسكاً وشعبية‪ ،‬ال سيام أن هذه‬ ‫امللفات متثل حاجة ماسة للناس‪.‬‬ ‫ بخطوات متالحقة من هذه املشاريع الجزئية‬‫بالتنسيق مع البلدية ستصبح مجموعة العمل فاعلة‪،‬‬ ‫وستحيد تدريجياً سيطرة املفسدين‪ .‬وصوالً نحو تشكيل‬ ‫مجلس بلدي نزيه مستقل نسبياً عن املستغلني‪.‬‬ ‫إن تحقيق هذا املطلب يستلزم كام ذكرنا تغيرياً نوعياً‬ ‫يف شكل العمل الثوري يف هذه املرحلة‪ .‬ما يجعل هذا‬ ‫العمل مثمراً‪ ،‬وإمكانية استقطابه لعدد وكم كبري من‬ ‫الناس غري الناشطة بسبب املصلحة املرتتبة عىل هذا‬ ‫العمل والتي من شأنها تشكيل قوة دفع كبرية لتحقيق‬ ‫الغاية النهائية وهي الحفاظ عىل الدولة مبؤسساتها‬ ‫واستعادة ملكيتها للشعب‪.‬‬

‫املرحلة األوىل‪:‬‬

‫العمل ميكن أن يبدأ بتشكيل خاليا مكونة من شخصني‬ ‫أو ثالثة يف كل قرية ومنطقة تابعة لبلدية‪ ،‬يقومون‬ ‫بالنشاطات الخدمية آنفة الذكر‪ .‬تشكيل من خالل تلك‬ ‫النشاطات فريق عمل أهيل متاميز‪ ،‬غيور عىل املصلحة‬ ‫العامة لديه القدرة الذاتية عىل التخطيط والتنفيذ‪.‬‬ ‫يضع خطة مكونة من مراحل لتمكني الرشفاء يف كل‬ ‫منطقة من زمام البلديات بالرتافق مع عزل املستغلني‪.‬‬

‫املرحلة الثانية‪:‬‬

‫تتم إعادة تفعيل النظام الرضيبي‪ .‬وذلك عرب حملة‬ ‫توعوية‪ ،‬ونشاط اجتامعي مقرون بحامية الجهاز‬ ‫التنفيذي‪ .‬عندما متتلك البلدية رصيداً معقوالً وحرية‬ ‫قرار تبدأ باستخدام املسلحني برواتب معلومة‪ ،‬وثابتة‬ ‫قدر املستطاع‪ .‬وتكليف هؤالء املسلحني بوظائف‬ ‫خدماتية تفيد يف تنمية املنطقة‪ .‬من الرضوري أن يتم‬ ‫زيادة عدد املعينني مع ازدياد سلطة البلدية وإال تم‬ ‫السيطرة عليها من قبل املسلحني بيرس وسهولة‪.‬‬

‫املرحلة الثالثة‪:‬‬

‫الدعوة من قبل البلدية لحمالت أعامل تطوعية‬ ‫لتحسني املرافق‪ ،‬وزراعة األشجار‪ ،‬وتنظيف الشوارع‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تحث عىل التعاون‬ ‫وتوزيع مناشري دورية توعوية‬ ‫والتعاضد وتبني الحسنات الكبرية من ذلك عرب الرفاه‬ ‫والتحسن املايل‪.‬‬

‫املرحلة الرابعة‪:‬‬

‫التواصل مع املغرتبني عرب إحداث مشاريع آمنة مادياً‬ ‫وبضامنات عقارية لالستثامر وتشغيل األيدي العاملة‬ ‫يف املنطقة‪ .‬هذا يحتاج القتصاديني وقانونيني يضمنون‬ ‫حسن سري العملية‪.‬‬ ‫من الواجب عرب الوقت تعيني املسلحني بجهاز الرشطة‬ ‫عن طريق عقود مؤقتة سنوية‪ ،‬أو شهرية وعزل املخفر‬ ‫عن أي سلطة مستغلة خارج حدود املنطقة أو داخلها‪ .‬وتحل‬ ‫نسبياً مشكلة السالح إما من خالل رشائه من املسلحني‪ ،‬أو‬

‫حجزه يف الجهة الوظيفية وتسليمه عند الحاجة‪.‬‬ ‫من الواجب أن يشعر املواطن العادي بالتغريات‬ ‫املفيدة له بالنسبة للامء‪ ،‬الكهرباء‪ ،‬النظافة‪ ،‬التعليم‬ ‫وغري ذلك من امللفات الخدماتية‪.‬‬ ‫تستطيع البلدية عرب مجلس البلدة التواصل مع‬ ‫البلديات يف املناطق القريبة جغرافياً للتنسيق يف‬ ‫مشاريع وتعاون مشرتك‪ .‬وميكن عمل عقود لضامن‬ ‫وتوثيق تلك العهود واملواثيق‪.‬‬ ‫تساهم البلديات يف املناطق القريبة من املناطق‬ ‫املختلفة يف عقد هدن‪ ،‬وعقود تضبط ما أمكن‬ ‫العمليات العسكرية عرب وسطاء من الطرفني أو بشكل‬ ‫مبارش إن أمكن‪.‬‬ ‫تشكيل مجلس رقابة عىل املؤسسات الحكومية للحد‬ ‫من الرشاوي واألعامل التي تتناىف مع سالمة لوائح‬ ‫األنظمة العامة‪.‬‬ ‫تشكيل فرق ملتابعة االتجار باملمنوعات وتزويد‬ ‫املستوصفات باختصاصيني مدربني للحد من اإلدمان‪.‬‬ ‫بالتنسيق مع املراكز الثقافية يتم إعداد دراسات علمية‬ ‫مبنية عىل استبيانات واضحة لرصد األمراض السارية‪،‬‬ ‫ظواهر الطالق‪ ،‬اإلدمان‪ ،‬التسيب الدرايس‪ ،‬الهجرة‪،‬‬ ‫وغريها من الدراسات االستبيانية الدقيقة لتعتمد‬ ‫كأساس للخطط التنموية واالجتامعية وجميع األعامل‬ ‫املفيدة للمجتمع‪.‬‬


‫ـورة يقودها أبو يزيد‪..‬‬ ‫عن ثـ ٍ‬ ‫علي فاروق‬

‫العدد ‪- 84 -‬‬ ‫‪2017 / 1 / 16‬‬

‫“أبو يزيد” وأصدقاؤه‪ ،‬مبلغاً من املال لعائلة الطفل الجميل‪..‬‬ ‫وعند العودة م ّر “أبو يزيد” عىل مخيم “مرميني” للنازحني‪،‬‬ ‫واصطحب معنا “سيدرا” وأشقاءها الثالثة‪ ،‬وهم أيضاً أبناء‬ ‫ثياب جديد ٍة‪،‬‬ ‫شهداء‪ ،‬حيث أخذهم “أبو يزيد”‪ ،‬وصديقه لرشاء ٍ‬ ‫ومن ثم دعونا جميعاً لتناول الغداء‪ ،‬يف مطعم البلدة الصغري‪..‬‬ ‫خالل الطريق كان “أبو يزيد” يحدثني عن رؤيته‪ ،‬وتطلعاته‬ ‫ملرشوعه الجميل “صدقة”‪ ،‬وهي جمعية أسسها “أبو يزيد”‬ ‫ومجموعة من أصدقائه‪ ،‬حيث يقتطعون جزءاً من رواتبهم‪،‬‬ ‫ويطوفون عىل معارفهم وأصدقائهم‪ ،‬يجمعون املال‪ ،‬ومن ثم‬ ‫يقدمون املبلغ لألشخاص األشد احتياجاً‪ ،‬يف مختلف أرجاء‬ ‫املناطق املحررة‪ ،‬وقد أطلعني “أبو يزيد” عىل معظم أعامل‬ ‫دعم‪ ،‬وال‬ ‫ونشاطات “منظمتهم” الواعدة‪ ،‬والتي ال تحظى بأي ٍ‬ ‫متويلٍ ‪ ،‬وال يبتغي أعضاؤها الوصول إىل الشهرة‪ ،‬وال تحقيق‬ ‫املكاسب؛ فهم يقومون بذلك العمل‪ ،‬من منطلق إحساسهم‬ ‫بالواجب تجاه إخوتهم وأشقائهم‪ ،‬الذين أفقدهم عدوان‬ ‫النظام وبطشه‪ ،‬األهل والبيت وسبل الحياة‪ ،‬وحولهم إىل أيتام‬ ‫مستضعفني‪ ،‬أو مرشدين معوزين‪..‬‬ ‫بعد أسبوعني أيقظني “أبو يزيد” باكراً مجدداً‪ ،‬هذه املرة‬ ‫لزيارة عيادة نفسية‪ ،‬يف بلدة الدانا‪ ،‬حيث اعتاد “أبو يزيد”‬ ‫عىل اصطحاب بعض املرىض من بلدته والبلدات املجاورة‪ ،‬مر ًة‬ ‫أو مرتني شهرياً‪ ،‬لتلقي العالج والدواء املجاين يف تلك العيادة؛‬ ‫يتطوع “أبو يزيد” الصطحاب أولئك املحتاجني من تلقاء‬ ‫نفسه‪ ،‬بسيارته الخاصة‪ ،‬وعىل نفقته الشخصية‪ ،‬ومن ثم يقوم‬ ‫بإعادتهم إىل منازلهم‪..‬‬ ‫ما رأيته من “أيب يزيد”‪ ،‬وأصدقائه يف إدلب‪ ،‬مثال ألبطالٍ‬ ‫وثوا ٍر عظامء يصعب أن نؤمن بوجودهم حقاً‪ ،‬وخصوصاً بعد‬ ‫ما أصابنا التعب‪ ،‬واليأس خالل السنوات األخرية‪ ،‬ويف الحقيقة‬ ‫أواجه صعوب ًة كبري ًة يف الحديث عام رأيته من ذلك الشاب‬ ‫الشجاع الطيب “السلفي” وأمثاله‪ ،‬لكن رمبا يكفي القول‪،‬‬ ‫إنه حني وطئت قدمي األرايض املحررة‪ ،‬مهجراً‪ ،‬كان شعوري‬ ‫بالعجز‪ ،‬واالنكسار غامراً‪ ،‬وقد شارفت عىل االنهيار كلياً‪ ،‬لوال أين‬ ‫التقيت “أبا يزيد”‪ ،‬وعايشت ثورته‪.‬‬

‫مقاالت‬

‫كل يش ٍء مختلف يف محافظة إدلب‪ ،‬بيئة جديدة‬ ‫ومغايرة كلياً؛ البيوت‪ ،‬الشوارع‪ ،‬حياة الناس‪..‬‬ ‫قطيعة تامة مع كل ما ميت للنظام‪ ،‬مل أعهد مثل‬ ‫تلك القطيعة الحادة يف مناطقنا؛ يف مدينتنا التي‬ ‫بقيت “محررة” ألكرث من ثالث سنوات‪..‬‬ ‫استمرت املؤسسات الحكومية بالعمل؛ املدارس‪،‬‬ ‫البلدية‪ ،‬املحكمة‪ ،‬مقسم الهاتف‪ ،..‬والتزم‬ ‫الطالب واملوظفون بدوامهم املعتاد‪ .‬أنا نفيس‬ ‫تم‬ ‫كنت موظفاً يف إحدى الهيئات العامة‪ ،‬إىل أن ّ‬ ‫اعتقايل‪ ،‬وفصيل من العمل‪ .‬أما يف إدلب فال يوجد‬ ‫يش ٌء من ذلك؛ يف مدينتنا أيضاً استمر “املؤيدون”‬ ‫باإلقامة بصور ٍة طبيعي ٍة‪ ،‬وكانوا يستطيعون اإلعالن‬ ‫عن مواقفهم‪ ،‬وكان تعاملنا معهم اعتيادياً؛ بينام‬ ‫يف إدلب يستحيل أن ترى أثراً لـ”املؤيدين”‪ ،‬كام‬ ‫ال يكاد يخلو ٌ‬ ‫بيت يف إدلب من وجود ابن أو أكرث‪،‬‬ ‫يرابط عىل إحدى الجبهات‪ ،‬ولكل عائل ٍة العديد‬ ‫من الشهداء واملعتقلني واملصابني‪..‬‬ ‫حني تزور إدلب يتملكك شعو ٌر أنه لوالها ملا‬ ‫إحساس بالخجل عندما‬ ‫كانت هناك ثورة‪ ،‬يغمرك‬ ‫ٌ‬ ‫تقف أمام أحد رجالها أو فتيانها أو نسائها؛ فلديهم‬ ‫مخزون ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫هائل من الطيبة والشجاعة والكرم‪ ،‬وهم‬ ‫يضحون من أجل الثورة‪ ،‬وينادون بالحفاظ‬ ‫ال زالوا ّ‬ ‫عىل قيمها وشعاراتها األوىل‪ ،‬ويحلمون بالحرية‬ ‫والعدالة‪ ،‬ويدافعون عن وجودهم وأرضهم‪ ،‬كام‬ ‫يدافعون عنا جميعاً‪..‬‬ ‫انترش يف السابق العديد من التصورات‬ ‫واالنطباعات الخاطئة عن إدلب‪ ،‬كام أن الكثري‬ ‫من وسائل اإلعالم مل تنصفها‪ ،‬ال وبل ساهم بعضها‬ ‫أحياناً بتعميم أفكار سلبية عن طبيعة الناس‬ ‫وتوجهاتهم هناك؛ ال شك أن معظم سكان إدلب‬ ‫محافظون‪ ،‬ومتدينون‪ ،‬لكنهم وسطيون‪ ،‬بعيدون‬ ‫عن التشدد والتطرف الديني‪ ،‬وهم أيضاً أبعد ما‬ ‫يكونون عن السلوكيات املنحرفة‪ ،‬وألنهم يعلمون‬ ‫ما ُيشاع عنهم‪ ،‬كان أول ما يوجهونه يل دامئاً‪ :‬ما‬ ‫الذي تعرفه عن إدلب؟ وهل تطابق ما عاينته مع‬ ‫ما كنت تسمعه قب ًال؟‬ ‫أول ما يلفت انتباه زائر إدلب‪ ،‬تلك اللوحات‬ ‫والالفتات الكبرية‪ ،‬باألبيض واألسود‪ ،‬املوجودة يف‬ ‫الساحات الرئيسة‪ ،‬وعىل جوانب الطرقات‪ ،‬والتي‬ ‫تحمل شعارات وتعاليم إسالمية‪ ،‬وتتساءل يف‬

‫نفسك‪ :‬ما هذه الشعارات؟ وملاذا هي موجودة؟‬ ‫وهل تعرب حقاً عن تطلعات السكان‪ ،‬ورغباتهم‬ ‫السياسية والدينية هنا؟‬ ‫ال يوافق أغلب من التقيتهم يف إدلب عىل‬ ‫وجود تلك اللوحات‪- ،‬وإن كانوا ال ُينا ِزعون يف‬ ‫مضمونها‪ ،-‬ويعتقدون أن وجودها بهذا الشكل‬ ‫إمنا يخدم دعايات النظام‪ ،‬ويتفقون عىل أنه‬ ‫يساهم يف تعزيز مقوالته‪ ،‬يف وصم الثورة‬ ‫باملخطط واملؤامرة “اإلرهابية”‪ ،‬النتزاع أجزاء من‬ ‫سوريا‪ ،‬وإقامة “إمارة متشددة” فيها‪..‬‬ ‫يف اليوم األول لوصويل إىل إدلب‪ ،‬توجهت إىل‬ ‫ريف رساقب‪ ،‬حيث تقيم عائلة صديقي‪ ،‬الذي‬ ‫تعرفت عليه يف السجن‪ ،‬استقبلني شقيقه األوسط‬ ‫بحفاو ٍة‪ ،‬وقضيت يف منزله يوماً ونصف‪..‬‬ ‫يف اليوم الثاين أرسل صديقي‪ ،‬الضابط املنشق‬ ‫“أبو محمود”‪ ،‬شخصاً مل أكن أعرفه‪ ،‬الصطحايب إىل‬ ‫ريف مدينة جرس الشغور‪ ،‬وكانت تلك هي املرة‬ ‫األوىل التي ألتقي فيها “أبا يزيد”‪..‬‬ ‫ملتزم‪ٌ ،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وخلوق‪ ،‬يف مطلع‬ ‫لطيف‪،‬‬ ‫شاب ٌ‬ ‫“أبو يزيد” ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫متزوج‪ ،‬وله ٌ‬ ‫جميل؛‬ ‫طفل‬ ‫العقد الثالث من عمره‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫كان مقات ًال‪ ،‬وقائداً سابقا لكتيبة ثورية‪ ،‬وآخر‬ ‫مشاركاته العسكرية كانت “االنغامس” يف مشفى‬ ‫جرس الشغور‪ ،‬أثناء عملية تحريره الشهرية‪ ..‬اعتزل‬ ‫“أبو يزيد” العمل العسكري‪ ،‬بعد تحرير مدينة‬ ‫جرس الشغور‪ ،‬وتفرغ للعمل اإلغايث واإلنساين‪..‬‬ ‫“سلفي”‪ ،‬لكنه‬ ‫شاب‬ ‫ُيع ِّر ُف “أبو يزيد” نفسه بأنه ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫يطرح‪ ،‬مع العديد من أصدقاءه الذين التقيتهم‪،‬‬ ‫آرا ًء غري تقليدي ٍة تخص الشعارات املرفوعة من‬ ‫قبل الفصائل اإلسالمية‪ ،‬كام أن لهم تصور مختلف‬ ‫للمفاهيم التي تسعى الفصائل والحركات‬ ‫لتعميمها أو تطبيقها‪ ،‬كمفهوم “الجهاد”‪ ،‬ومفهوم‬ ‫“الدولة اإلسالمية”‪ ،‬وهم يعتقدون أن الطرح‬ ‫قارص وانتقا ٌيئ‪ ،‬وأن الهدف‬ ‫الذي تقدمه الفصائل ٌ‬ ‫من طرحها بذلك الفهم الخاطئ‪ ،‬والظروف‬ ‫غري املالمئة‪ ،‬ما هو إال محاولة لتحقيق مكاسب‬ ‫خاصة‪ ،‬أو لفرض أجندات خارجية رمبا‪..‬‬ ‫صباح يوم الجمعة أيقظني “أبو يزيد” باكرا‪ً،‬‬ ‫واصطحبني لزيارة منزل “جامل”‪ ،‬يف قري ٍة تابع ٍة‬ ‫ملدينة أريحا‪ ،‬و”جامل” ٌ‬ ‫ألب شهي ٍد‪ ،‬وهو‬ ‫طفل ٍ‬ ‫ُيعاين منذ الوالدة‪ ،‬من فتحة يف القلب‪ ،‬هناك قدم‬

‫‪5‬‬


‫أنا والجيش‬

‫‪6‬‬ ‫حسن عارفة‬ ‫العدد ‪2017 / 1 / 16 - 84 -‬‬

‫مقاالت‬

‫بني عامي ‪ 1997‬و ‪ُ ،2002‬‬ ‫كنت عىل عداء‬ ‫كروي كبري مع نادي “الجيش السوري”‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫الذي هيمن عىل بطولة دوري كرة القدم‬ ‫أعوام متتالية‪ ،‬بتشكيلته املدججة‬ ‫ألربعة‬ ‫ٍ‬ ‫بأفضل الالعبني‪ ،‬وغالباً ما قهر فريق الوحدة‬ ‫الدمشقي الذي كنت‪ ،‬وال زلت‪ ،‬أح ّبه‬ ‫وأشجعه‪.‬‬ ‫مل تقف هيمنة فريق الجيش عىل البطولة‪،‬‬ ‫بل كان معظم العبي املنتخب من أعضائه‪.‬‬ ‫وقتها كان الجيش مغناطيس أهم الالعبني‬ ‫السوريني‪ ،‬لكن ليس ألنه عريق‪ ،‬أو يدفع‬ ‫أموا ًال كبرية‪ ،‬أو ألنه متميز عن باقي الفرق‬ ‫السورية بأكادمييته وتدريباته وعقوده وما‬ ‫إىل ذلك‪ ..‬لكن‪ ،‬الخدمة فيه كانت إجبارية!‬ ‫وكام الشائع يف تلك األوقات‪ ،‬وكام كنّا نسمع‬ ‫يف الشارع‪ ،‬أي العب سوري يف أي ناد‪ ،‬يُطلب‬ ‫للخدمة العسكرية بجيش النظام‪ ،‬عليه أن‬ ‫يقيض أوقات خدمته بني أروقة نادي الجيش‪.‬‬ ‫وهو خيار مفضل لدى أولئك الالعبني‪.‬‬ ‫بقي كرهي لكلمة “الجيش” مالزماً يل‪ ،‬لكن‬ ‫توسع‪ ،‬ومل يعد يقترص عىل الكره الريايض‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يف أول تجربة صحفية عام ‪ ،2008‬ودخويل‬ ‫يف ساحة املهنة‪ ،‬اصطدمت بالثالوث املحرم‬ ‫صحفياً يف سوريا‪“ ،‬الجنس‪ ،‬الدين‪ ،‬السياسة”‪،‬‬ ‫كان عيل‪ ،‬وعىل غريي من املبتدئني واملحرتفني‬ ‫بعامل الصحافة‪ ،‬الرقص بأخبارهم ومقاالتهم‬ ‫بعيداً عن تلك الخطوط‪ ،‬لكن مثة خط أخطر!‬ ‫هو “املؤسسة العسكرية يف سورية”‪.‬‬ ‫بعد قبض حافظ األسد عىل السلطة عام‬ ‫‪ ،1971‬وكرسه لعظام حراك السوريني وحراك‬ ‫اإلخوان املسلمني يف الثامنينات‪ ،‬أصبحت‬ ‫املؤسسة العسكرية الخط األحمر األكرب‬ ‫يف البالد‪ ،‬وخاصة صحفياً؛ فجمجمة “خطر‬

‫املوت” بانتظار من يقرتب من هذه املؤسسة‪.‬‬ ‫وكذلك‪ ،‬عتم الزنزانة وما فيها من ويالت‬ ‫بانتظاره‪.‬‬ ‫كلنا كسوريني‪ ،‬كنا نعرف أن معظم ميزانية بلدنا‬ ‫تذهب للجيش والقوات املسلحة‪ ،‬ال أحد يتجرأ‬ ‫عىل السؤال عن نتائج هذه املقدمة‪ ،‬ومجرد‬ ‫التفكري بهذا األمر كان ال يخطر عىل بال أي‬ ‫صحفي عامل يف سوريا‪.‬‬ ‫تراكم الحقد عندي عىل هذه املؤسسة‪ ،‬من كرة‬ ‫القدم‪ ،‬إىل كونها عقبتي األكرب بعد الجامعة‪،‬‬ ‫مروراً بأنها الخط األحمر األكرب الذي ال أستطيع‬ ‫التفكري فيه كصحفي‪ ،‬وإىل مشاهدة ماكينتها‬ ‫تدور لترضب درعا وحامة واملدن األخرى التي‬ ‫ثارت‪.‬‬ ‫جاء موعد انضاممي للمكان الذي أكره‪ ،‬ففي‬ ‫تاريخ ‪ 7-11-2012‬كان موعد سحبي لخدمة‬ ‫العلم‪ ،‬فليس لدي خيارات أخرى سوى ترك‬

‫دمشق؛ ذاكريت‪ ،‬حيايت‪ ،‬انتاميئ‪ ،‬وكل ما عندي‪.‬‬ ‫أجربين جيش بلدي عىل ترك بلدي! وال عودة‪ ،‬إال‬ ‫باالنضامم له‪ ،‬أو دفع ‪ 8‬آالف دوالر لخزانه امليلء‬ ‫بالرباميل التي تقتل املدنيني‪.‬‬ ‫سوري آخر‪،‬‬ ‫شاب‬ ‫يف سنوات الجامعة‪ ،‬كنت كأي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫معظمنا كرسنا ما قاله نابليون بونابرت‪ ،‬القائد‬ ‫العسكري الفرنيس الذي عاش بني عامي ‪1769‬‬ ‫و‪ ،1821‬وأكد أنه يخاف من قاعات االمتحان‬ ‫أكرث من ساحات املعارك‪ .‬بيد أننا كنا نخاف من‬ ‫الجيش بعد الجامعة‪ ،‬أكرث من قاعات االمتحانات كلها!‬

‫كل ما سبق ميكن تجاوزه‪ ،‬لكن بعد الثورة عام‬ ‫‪ ،2011‬رصنا نرى جيشنا يف شوارعنا‪ .‬يهاجم من‬ ‫ينادي ض ّد بشار األسد؛ يدمر ما يدمر‪ .‬يع ّفش‬ ‫ما يع ّفش‪ ،‬ويقوم مبا يستطيع لحامية قائده‪.‬‬ ‫وللحديث عن أفعال الجيش يف هذه الحقبة‪،‬‬ ‫أحتاج إىل صفحات كثرية قد ال يتّسع لها أي‬ ‫موقع الكرتوين!‬


‫بعد استشــهاد نبيل شربجي‪..‬‬ ‫الترحــم على البوطي؟!‬ ‫هل يجوز‬ ‫ّ‬

‫‪7‬‬

‫عماد العبار‬

‫العدد ‪- 84 -‬‬ ‫‪2017 / 1 / 16‬‬

‫البقية يف الصفحة ‪....9‬‬

‫مقاالت‬

‫تلقينا قبل أيام خرب استشهاد الصديق الصحفي والثائر‬ ‫السلمي نبيل الرشبجي يف أيار من العام ‪ ،2015‬وهو‬ ‫املعتقل يف سجون النظام منذ العام ‪ ،2012‬تنقل‬ ‫خاللها بني فرع املخابرات الجوية والفرقة الرابعة‬ ‫وسجن عدرا‪ ،‬ثم أخرياً يف سجن صيدنايا‪ ،‬ذاق خالل‬ ‫تلك الفرتة أقىس أصناف التعذيب البدين والنفيس‪ ،‬كام‬ ‫كانت تدل رسائله املرسبة من سجن عدرا‪.‬‬ ‫تصلح قصة الشهيد نبيل ألن تكون حكاية منوذجية‬ ‫تعرب عن حال رشيحة كبرية من السوريني؛ أولئك الذين‬ ‫مل يتجاوزوا يف ر ّد الظلم عن أنفسهم‪ ،‬فلم يردّوا عىل‬ ‫النظام باملثل‪ ،‬وكان سالحهم الوحيد هو سالح الكلمة‬ ‫يف مواجهة الرصاص‪ ،‬وهي جزء من حكاية أكرب حملت‬ ‫عنوان االنتقام من السوريني الذين كانوا عىل هامش‬ ‫الرصاع الدموي‪ .‬هذا االنتقام مل يبدأ بعد ثورة ‪،2011‬‬ ‫بل قبلها بعقود‪ ،‬وكان قد وصل حداً ال معقوالً يف‬ ‫الثامنينات‪ ،‬وما تالها من سنوات مظلمة‪ ،‬اقتيد خاللها‬ ‫عرشات اآلالف من السوريني إىل املعتقالت ظل ًام‪،‬‬ ‫دون أن يكون لهم أي ارتباط أو مشاركة مبا حدث‬ ‫من مواجهات بني النظام ومعارضيه‪ ..‬غالبيتهم ماتوا‬ ‫بصمت تحت قسوة التعذيب أو بسبب اإلهامل‬ ‫واملرض‪ ،‬وقليل منهم خرجوا إىل عامل غ ّيبوا عنه‪،‬‬ ‫ليكملوا ما تبقى من حياتهم يف سجن أكرب قلي ًال‪ ،‬وال‬ ‫يقل قسوة عن سابقه‪..‬‬ ‫يف لحظات انتصاره عىل املجتمع‪ ،‬مل يكن نظام األسد‬ ‫يبحث عن سند رشعي ملامرساته القمعية‪ ،‬فلم يبحث‬ ‫عن فتوى لتدمري حامة عىل سبيل املثال‪ ،‬وإمنا كان‬ ‫مشغوالً بالبحث عن غطاء دويل وتوازنات تحميه من‬ ‫املساءلة‪ ،‬فكانت تلك سياسته قبل أن يخوض يف أي‬ ‫مغامرة داخلية أو إقليمية‪ ..‬لكنّ بعض املشايخ‪ ،‬الذين‬ ‫يصح فيهم وصف “مشايخ السلطة” كانوا يت ّربعون‬ ‫للسلطة بالسند الرشعي طواعية‪ ،‬كمحاولة للتقرب‬ ‫رمبا‪ ،‬أو انتقاماً من الخصوم يف الدين‪ ،‬أصحاب الرأي‬ ‫الفقهي أو السيايس املخالف‪.‬‬ ‫يعد الشيخ البوطي أحد أكرث الذين و ّرطوا أنفسهم مع‬ ‫السلطة‪ ،‬والظاهر أ ّنه أدّى دوراً أكرب مام كان مطلوباً‬ ‫منه بكثري‪ .‬ففي كتابه املعروف “الجهاد يف اإلسالم”‬ ‫والصادر عن دار الفكر يف العام ‪ ،1993‬قدّم البوطي‬ ‫تربيراً لجميع األعامل الدموية التي قام بها النظام‬ ‫خالل العقد الذي سبق تأليف الكتاب‪ .‬يومها مل يكن‬

‫النظام مهت ًام بالبحث عن سند رشعي ملامرساته‪ ،‬فلقد‬ ‫كان قد دمر بشكل مسبق جزءاً كبرياً من مدينة حامة‪،‬‬ ‫وقتل عرشات اآلالف من أهلها‪ ،‬كام انتقم من كل‬ ‫سوري يشتبه مبيوله اإلسالمية أو املعارضة لنظام األسد‪،‬‬ ‫فض ًال عن قتله آلالف األبرياء الذين مل يكن لديهم أي‬ ‫نشاط سيايس أو ديني‪.‬‬ ‫كان قد مىض عىل سياسة االعتقال والقتل واإلذالل‬ ‫عرشة أعوام كاملة حني جلس البوطي مستجمعاً‬ ‫حذلقته اللغوية‪ ،‬وكامل معارفه الفقهية‪ ،‬بعيداً عن أي‬ ‫ضغوط كام يبدو من طريقة التحليل وتوقيته‪ ،‬ليكتب‬ ‫ما ميليه عليه ضمريه! فقام‪ ،‬وبكل برود‪ ،‬بتسييس‬ ‫أحكام الحرابة‪ ،‬بعد أن أسبغ عىل السلطة رشعية‬ ‫ال تستحقها‪ ،‬وعمل عىل املبالغة يف تجريم الفئات‬ ‫املعارضة للسلطة أو الخارجة عليها‪.‬‬ ‫يف كتابه املشار إليه‪ ،‬ج ّرد الدكتور البوطي الخارجني‬ ‫عىل السلطة (يف زمانه) من كل مخ ّففات األحكام‬ ‫الرشعية بح ّقهم‪ ،‬رافضاً وضعهم ضمن خانة البغاة‪.‬‬ ‫والبغاة هم فئة خرجت ملقاتلة إمام املسلمني اعتامداً‬ ‫عىل رأي اجتهادي‪ ،‬مع تو ّفر الشوكة واملنعة والزعيم‬ ‫املطاع‪ ،‬وهذه الرشوط (بحسب البوطي) تفرض عىل‬ ‫الدولة آداباً مع ّينة يف قتالهم‪ ،‬فال يجوز للدولة عىل‬ ‫سبيل املثال تع ّقب املنهزمني منهم بالقتل‪ ،‬وال اإلجهاز‬ ‫عىل الجريح منهم‪ ،‬وال مصادرة أموالهم‪ ،‬كام ال يجوز‬ ‫قتل أرساهم بل يؤدبوا بالسجن إىل أن يتوبوا‪ ،‬وال ُيقام‬ ‫عليهم القصاص يف قتل األنفس‪ ،‬وال يغرمون بدفع‬ ‫الد ّيات‪..‬‬ ‫لكنّ البوطي رفض منح املعارضني لنظام األسد صفة‬ ‫البغاة التي ُتلزم الدولة (وإن كانت رشعية) بحدود‬ ‫وضوابط صارمة أثناء مقاتلتهم‪ ،‬بل جعلهم من‬ ‫املحاربني (وهم بحسب التعريف الفقهي‪ :‬أهل الحرابة‬ ‫أو قطاع الطرق أو املفسدين يف األرض) الذين يحق‬ ‫للحاكم أن ين ّفذ فيهم عقوبة الحرابة‪ ،‬وهؤالء بحسب‬ ‫تعريفه لهم‪“ :‬الذين خرجوا عىل إمام املسلمني‪ ،‬دون‬ ‫االعتامد عىل رأي اجتهادي له وجه ميكن قبوله ولو‬ ‫بوجه ضعيف‪ ،‬أو دون أن تكون لهم شوكة وزعيم‬ ‫مطاع فيهم‪ ،‬فليس عىل الدولة أن تتق ّيد يف مقاومتهم‬ ‫بيشء من تلك الضوابط واآلداب‪ ،‬بل يعدون عندئذ من‬ ‫أهل الحرابة‪ ،‬وبوسع الدولة أن تعاملهم كمعاملتهم”‪..‬‬ ‫جاء البوطي بعد ميض عقد من االعتقال التعسفي‪،‬‬

‫والقتل واالغتصاب يف األقبية‪ ،‬أي بعد أن فرغت السلطة‬ ‫من اإلجهاز عىل معارضيها‪ ،‬ليقول لنا وللسلطة أيضاً‬ ‫ّإن ّ‬ ‫كل الذي مىض كان وفق املعايري الرشعية الدقيقة!‬ ‫فمن حق السلطة أن تقتل أو تص ّلب أو تقطع أطراف‬ ‫أولئك املفسدين يف األرض‪ ،‬بحسب فهم البوطي‪..‬‬ ‫ظهر التخ ّبط بشكل أوضح عندما بدأ البوطي‬ ‫بالتفريق بني التط ّرف اإلسالمي يف مرص‪ ،‬إ ّبان توقيع‬ ‫اتفاقية السالم املرصية اإلرسائيلية‪ ،‬وبني تط ّرف‬ ‫الجامعات اإلسالمية يف الجزائر‪ ،‬فم ّيز بذلك بني‬ ‫الخروج عىل كامب ديفيد باعتباره خروجاً ّ‬ ‫أقل سوءاً‪،‬‬ ‫أو أكرث منطقية‪ ،‬من خروج اإلسالميني يف الجزائر‪ ،‬أو‬ ‫خروج اإلسالميني يف سوريا‪ ،‬وساق املربرات التي تدعم‬ ‫فكرته إلثبات ذلك‪ ..‬ولكن هذه املربرات التي ساقها‬ ‫للتفريق ما بني حرابة مرشوعة (وهي بحسب رأيه‬ ‫تعد مقاومة للحرابة اإلرسائيلية) وحرابة غري مرشوعة‬ ‫تصب مبجموعها يف‬ ‫تستوجب أقىص درجات العقاب‪ّ ،‬‬ ‫إطار التسييس الفقهي الصارخ‪ ،‬ضمن مناخ سيايس عام‬ ‫يجعل من الرصاع اإلرسائييل مقدماً عىل أي مطلب‬ ‫آخر يف مجتمعاتنا‪.‬‬ ‫وهذا الرؤية كانت قد فرضتها السلطة عىل املجتمع‪،‬‬ ‫ومل يستطع البوطي أن يخالفها يف ذلك‪ ،‬مام ّ‬ ‫اضطره‬ ‫ملخالفة منهجه املتّبع يف الكتاب! فمنح أهل الحرابة‬ ‫الذين يرفعون شعار مقاومة “إرسائيل”‪ ،‬أو الخروج‬ ‫عىل من يصالحها‪ ،‬املخففات الفقهية لعقوبة الحرابة‪،‬‬ ‫بالرغم من أنهم قاموا بقتل رئيس دولة بعد ذلك‪..‬‬ ‫بينام مل تطاوعه نفسه عىل منح الخارجني عىل سلطة‬ ‫ظاملة قتلت من أهل البلد نفسه أضعاف الذين قتلهم‬ ‫الكيان الصهيوين املعتدي‪ ،‬منذ األيام األوىل الحتالله‬ ‫فلسطني!‬ ‫ينتمي البوطي إىل ذلك النوع من املشايخ الذين‬ ‫ال يقيمون وزناً للدم املسفوك عىل يد سلطة ظاملة‪،‬‬ ‫ويجعلون الكفر اللفظي البواح مسألة أش ّد خطورة‬ ‫عىل الدين واملجتمع من سفك دماء املئات أو اآلالف‬ ‫من األبرياء‪ ،‬وهذا ما يتعارض مع أبسط بديهيات‬ ‫اإلسالم‪ ،‬ففي الحديث‪“ :‬لن يزال املؤمن يف فسحة‬ ‫من دينه ما مل ُيصب دماً حراماً” (البخاري)‪ ،‬ويف رواية‬


‫‪8‬‬

‫النشطاء الســلميون ونشطاء‬ ‫اإلعالم في بؤرة االســتهداف‬ ‫المحامي أنور البني‬

‫العدد ‪2017 / 1 / 16 - 84 -‬‬

‫النشطاء السلميون ونشطاء اإلغاثة‪ ،‬وخاصة النشطاء‬ ‫اإلعالميون هم الهدف األول بل األسايس للنظام وجميع‬ ‫املجموعات املسلحة يف سوريا؛ حيث الجميع يسعى‬ ‫إلسكاتهم ووقف نشاطهم‪ ،‬إما باالعتقال أو القتل أو‬ ‫التهديد‪ ،‬فالحقيقة وصوت اإلنسان وصوت الحرية هي‬ ‫ألد أعدائهم‪.‬‬ ‫وإذا كانت جرائم النظام ض ّد اإلعالم واإلعالميني هي‬ ‫األكرب واألشد فظاعة‪ ،‬فاالنتهاكات والجرائم التي ارتكبها‬ ‫النظام بحق اإلعالميني من سوريني وأجانب‪ ،‬من‬ ‫استهداف املراكز اإلعالمية بالقصف والرباميل املتفجرة‪،‬‬ ‫واإلعالميني بالقنص‪ ..‬فقد تم توثيق ‪ 379‬حالة قتل‬ ‫لنشطاء إعالميني منذ عام ‪ 2011‬حسب املركز السوري‬ ‫للحريات اإلعالمية‪.‬‬ ‫ولكن ما يتزايد هي االنتهاكات التي تطال النشطاء‬ ‫يف املناطق الخارجة عن سيطرة النظام وتحت سيطرة‬ ‫مجموعات مسلحة؛ حيث تزايدت بشكل كبري‬ ‫االنتهاكات والتهديدات وحاالت اختطاف النشطاء‬ ‫اإلعالميني‪ ،‬وخاصة يف مناطق سيطرة وحدات الحامية؛‬ ‫حيث مازال عدد من اإلعالميني معتقلني لديهم وعىل‬ ‫رأسهم أمري حامد الذي مييض سنته الثالثة يف االعتقال‪.‬‬ ‫وأيضاً مناطق ريف دمشق؛ حيث ما زالت املحامية‬ ‫رزان زيتونة وزوجها وائل حامدة واملحامي ناظم‬ ‫حامدة والناشطة سمرية الخليل مغيبون منذ أكرث من‬ ‫ثالث سنوات‪ .‬ومناطق جبهة فتح الشام وبقية مناطق‬ ‫سيطرة مجموعات مسلحة أخرى؛ حيث نذكر منها‬ ‫انتهاكات تعرض لها كل من حسام بدرخان وأنور أبو‬ ‫الوليد وأبو أسعد الحميص وطارق بدرخان وسيف الله‬ ‫األحمد وغريهم كثريون‪ ،‬باإلضافة طبعاً ملناطق سيطرة‬ ‫داعش التي تسيطر سيطرة تامة عىل اإلعالم‪ ،‬واعتقالها‬ ‫العديد من النشطاء‪ ،‬وعىل رأسهم املحامي عبد الله‬ ‫خليل املختفي لديها منذ أكرث من أربعة سنوات واألب‬ ‫باولو باإلضافة إىل قيامها باستهداف وقتل النشطاء‬ ‫اإلعالميني خارج مناطق سيطرتها كام حصل يف اورفا‬ ‫باغتيال عامد عبد القادر وفارس حامدي من مؤسيس‬ ‫حملة الرقة تذبح بصمت‪ ،‬ومقدم الربامج يف محطة‬

‫“حلب اليوم” زاهر الرشقاط‪ ،‬وناجي الجرف‬ ‫مدير مجلة “حنطة “ يف غازي عنتاب‪.‬‬ ‫ووثقت الشبكة السورية لحقوق اإلنسان‬ ‫يف تقريرها لنصف عام ‪ 27 2016‬حالة‬ ‫بني اعتقال وخطف؛ إذ اعتقلت القوات‬ ‫َ‬ ‫إعالميي اثنني وسبعة إعالميني‬ ‫الحكومية‬ ‫اعتقلهم “تنظيم الدولة”‪ ،‬بينام سجل‬ ‫التقرير اعتقال فصائل املعارضة املسلحة‬ ‫ستة‪ ،‬واعتقلت الوحدات الكردية أربعة‬ ‫خالل النصف األول من العام الحايل‪.‬‬ ‫وتطرق التقرير لعدد اإلعالميني املصابني‬ ‫موثقاً إصابة ‪ 38‬إعالمياً‪ 211 ،‬منهم عىل يد‬ ‫القوات الحكومية‪ ،‬وستة استهدفتهم القوات‬ ‫الروسية‪ ،‬إضافة إىل ثالثة عىل يد “تنظيم‬ ‫الدولة” واثنني أصيبوا عىل يد فصائل‬ ‫املعارضة املسلحة‪ ،‬يف حني أصيب خمسة‬ ‫إعالميني آخرين ونسبت الشبكة إصابتهم‬ ‫إىل جهات مجهولة‪.‬‬ ‫إن استهداف النشطاء السلميني هو حقيقة‬ ‫استهداف لروح الثورة السورية وشعلتها‬ ‫املتأججة التي مل تخبو أبداً رغم كل ما‬

‫تعرضوا له‪ ،‬وصوتهم أصبح مستهدفاً من‬ ‫كل األطراف‪ ،‬وكلام زادت جرائم أحد‬ ‫األطراف كلام ازداد استهدافه للنشطاء‬ ‫السلميني ونشطاء اإلعالم الذين يقومون‬ ‫بفضح هذه الجرائم‪ ،‬وإذا كنا نعرف‬ ‫الحجم الهائل للجرائم التي ارتكبها النظام‪،‬‬ ‫امللحة لقمع أي صوت يقوم بفضح‬ ‫وحاجته ّ‬ ‫هذه الجرائم‪ ،‬فإن ازدياد االنتهاكات ضد‬ ‫النشطاء واإلعالميني يف املناطق الخارجة‬ ‫عن سيطرة النظام يؤرش إىل ازدياد الجرائم‬ ‫ضد اإلنسانية وجرائم الحرب التي ترتكبها‬ ‫املجموعات املسلحة التي تسيطر عىل تلك‬ ‫املناطق‪.‬‬ ‫إن اإلعالم هو صوت الحقيقة وصوت‬ ‫الواقع‪ ،‬وهو الذي ينقل آمال الناس‬ ‫وآالمهم باإلضافة إىل أن النشطاء اإلعالميني‬ ‫هم أول املوثقني ألي حدث أو جرمية أو‬ ‫انتهاك‪ ،‬وهم من يكونون يف موضع الخطر‬ ‫واستهداف النشطاء اإلعالميني هو جرمية‬ ‫حرب حسب القوانني الدولية‪ ،‬وحاميتهم‬ ‫واجب دويل‪.‬‬


‫قضيــة المعتقلين لغم في‬ ‫مسار التســوية السياسية‬ ‫المحامي ميشال شماس‬ ‫‪ ...‬تتمة من الصفحة ‪7‬‬

‫العدد ‪- 84 -‬‬ ‫‪2017 / 1 / 16‬‬

‫أخرى‪“ :‬لزوال الدنيا أهون عند‬ ‫الله من دم امرئ مسلم”‪..‬‬ ‫يف اللحظة التي كان البوطي‬ ‫ّ‬ ‫يحض فيها كتابه عن الجهاد‪،‬‬ ‫مل يكن الجالد قد فرغ بعد‬ ‫من صلب ضحاياه‪ ..‬وبينام كان‬ ‫الشيخ يتقرب إىل السلطة بفقه‬ ‫مش ّوه وافرتاء رصيح‪ ،‬وبخدمات‬ ‫مل تخطر عىل بال السلطة‪ ،‬وال‬ ‫حتى عىل بال الشياطني‪ ،‬كان‬ ‫السجان يؤدي دوراً ال يقل‬ ‫ّ‬ ‫بشاعة عن الدور الذي يؤدّيه‬ ‫اليوم‪ ،‬وكانت أرواح آالف‬ ‫الشباب تصعد إىل السامء‪..‬‬ ‫شباب كانوا يحملون‬ ‫غالبيتهم‬ ‫ٌ‬ ‫ُنبل الشهيد نبيل‪ ،‬وطموحاته‬ ‫وأمله مبستقبل أفضل يليق‬ ‫بسوريا‪..‬‬ ‫أرواح صعدت إىل السامء تحمل‬ ‫معها قهراً يكفي إلهالك كل من‬ ‫عىل وجه األرض‪ ،‬ودعوات كبتها‬ ‫االعتقال والتعذيب تصيب‬ ‫الطغاة‪ ،‬وكل من واالهم‪ ،‬أو‬ ‫ح ّرضهم‪ ،‬أو ز ّين لهم الجرمية‪..‬‬ ‫الرتحم‬ ‫أ ّما عن سؤال‪“ :‬هل يجوز ّ‬ ‫عىل البوطي؟”‬ ‫َ‬ ‫فالجواب‪َ “ :‬و َمنْ أ ْظ َل ُم ِم َّم ِن‬ ‫ا ْف َ َتىٰ ع َ​َل ال َّل ِه َك ِذ ًبا ُأو ٰلَ ِئ َك‬ ‫َل َر ِّب ِه ْم َو َي ُق ُ‬ ‫ون ع َ ٰ‬ ‫ُي ْع َر ُض َ‬ ‫ول‬ ‫ْالَ ْشهَا ُد َٰه ُؤ َل ِء ا َّل ِذينَ َك َذ ُبوا‬ ‫عَٰ‬ ‫َل َر ِّب ِه ْم أَ َل لَ ْع َن ُة ال َّل ِه ع َ​َل‬ ‫َّ‬ ‫الظالِ ِمنيَ” (هود‪.)18 :‬‬

‫تستمر مأساة املعتقلني يف سجون وأقبية النظام‬ ‫السوري منذ أكرث من خمس سنوات دون أي اهتامم‬ ‫دويل وال حتى من قبل القوى املعارضة للنظام التي‬ ‫تلهث وراء رساب الحل السيايس الرويس‪ .‬هذه املأساة‬ ‫التي مل يشهد لها التاريخ مثي ًال‪ ،‬سواء من حيث األعداد‬ ‫الهائلة التي تكتظ بها معتقالت النظام‪ ،‬أو من حيث‬ ‫حجم اآلالم الهائلة التي يعانيها املعتقلون نتيجة‬ ‫االعتقال والتعذيب يف ظروف شديدة القساوة‪ ،‬يضاف‬ ‫إليها معاناة أهاليهم وأقاربهم والذين يعيشون يف حالة‬ ‫قلق وبحث دائم‪ ،‬يف ظل عدم متكنهم من معرفة مصري‬ ‫أبنائهم‪ ،‬يتعرضون لالبتزاز والنصب واالحتيال‪ ،‬وهم‬ ‫مستعدون لفعل املستحيل ليس إلطالق رساح أبنائهم‪،‬‬ ‫بل عىل األقل ملعرفة مصريهم‪ ،‬وهل مازالوا عىل قيد‬ ‫الحياة أم ال؟!‬ ‫معاناة املعتقلني كبرية وهائلة‪ ،‬وهي تحتاج إىل‬ ‫مجلدات لرشحها ووصفها؛ فمن مات مات وارتاح‪،‬‬ ‫ومنْ يعيش خارج السجون والزنازين وأقبية املخابرات‪،‬‬ ‫لديه عىل األقل خيارات أخرى ميكن أن يلجأ إليها‬ ‫للتخفيف من معاناته؛ سواء بجهده أو مبساعدة‬ ‫اآلخرين‪ .‬ولكن من يقبع يف املعتقالت ليس لديه أي‬ ‫خيار؛ فهو يعيش وحيداً‪ ،‬ال حول له وال قوة‪ ،‬يف مواجهة‬ ‫سجان ال يعرف أي نوع من الرحمة أو الشفقة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ويتفنن بتعذيبه ومعاملته بقسوة ال تخطر عىل بال‬ ‫إنسان‪ .‬بحيث ال ميكن بأي حال تصور الوضع اإلنساين‬ ‫والنفيس والجسدي املأساوي للمعتقلني املعرضني يف‬ ‫كل ساعة ولحظة للموت املحقق‪ .‬ووصلت األمور‬ ‫داخل املعتقالت والزنازين إىل حد أن املوت أصبح‬ ‫أمنية حقيقية يتمناها كل معتقل للخالص من العذاب‬ ‫والتعذيب الذي يعيشه يف كل لحظة وحني عىل مدار‬ ‫اليوم‪.‬‬ ‫أمام هذا املشهد املأساوي املغ ّيب لعرشات اآلالف‬ ‫من املعتقلني‪ ،‬يجري الحديث عن ٍّ‬ ‫حل سيايس للقضية‬ ‫السورية التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم‪ ،‬السيام بعد‬ ‫سقوط حلب واستمرار عمليات التهجري التي يفرضها‬ ‫النظام عىل مناطق كثرية يف سوريا‪ ،‬وسياسة االستفراد‬ ‫باملناطق الخارجة عن سيطرة النظام وعزلها عن بعضها‬ ‫متهيداً الستعادتها‪ ،‬وغياب تام ملا يسمى باملعارضة‬ ‫السورية‪ ..‬ويزداد الوضع قتامة مع بداية العام ‪2017‬‬

‫يف ظل استفراد تام لروسيا بالوضع السوري‪ ،‬واستمرار‬ ‫هيمنتها عىل مجلس األمن بفعل الفيتو ومنعه من‬ ‫اتخاذ أي قرار ال يراعي مصالحها يف سوريا‪ ،‬يقابله‬ ‫استمرار الرتدد يف املوقف األمرييك والغريب عموماً‪،‬‬ ‫وعجزه املستمر عن مواجهة املوقف الرويس الداعم‬ ‫لنظام األسد‪ .‬ومل يتوقف األمر عند هذا الحد‪ ،‬بل إن‬ ‫دوالً غربية عديدة بدأت ترتاجع عن مواقفها السابقة‬ ‫املطالبة برضورة رحيل نظام األسد لصالح “محاربة‬ ‫اإلرهاب”‪.‬‬ ‫إن تغييب قضية املعتقلني يف جميع املشاورات‬ ‫واللقاءات الدولية الجارية حالياً‪ ،‬هو أمر غري مقبول‬ ‫ومرفوض‪ ،‬وإن استمرار تغييبها سيلحق الرضر‬ ‫مبستقبل الحل السيايس يف سوريا‪ ،‬وإذا كان تغييب‬ ‫قضية املعتقلني من جانب نظام األسد وروسيا أمراً‬ ‫مفهوماً‪ ،‬لكن من غري املقبول ومن املستغرب جداً أن‬ ‫يتم تغييب هذه القضية اإلنسانية من قبل أطراف‬ ‫املعارضة السورية بشقيها السيايس والعسكري‪.‬‬ ‫عىل اعتبار أن ملف املعتقلني بات ميس حياة أغلب‬ ‫السوريني نظراً لألعداد الهائلة التي مازالت تقبع يف‬ ‫الزنازين‪ ،‬وهو سيتحول إىل لغم كبري سينفجر يف وجه‬ ‫أي تسوية سياسية للملف السوري‪ ،‬ما مل يتم النظر إليه‬ ‫بجدية‪ ،‬ورضورة لحظه كرشط إلنجاز أي اتفاق يفيض‬ ‫إىل حل سيايس للقضية السورية‪.‬‬ ‫إن قبول ما يس ّمى املعارضة السورية برؤية موسكو‬ ‫للمشاركة يف مفاوضات أو محادثات األستانة مع‬ ‫نظام األسد‪ ،‬دون األخذ بعني االعتبار قضية املعتقلني‬ ‫وعملية االنتقال السيايس التي تفيض إىل قيام دولة‬ ‫دميقراطية‪ ،‬سيؤدي بها املطاف إىل توريطها باملشاركة‬ ‫يف حكومة وحدة وطنية تحت قيادة نظام األسد‪ ،‬وهذا‬ ‫ما سيجعلها رشيكة أساسية مع نظام األسد يف استمرار‬ ‫املأساة السورية‪ ،‬ألن نظام األسد معروف أنه لن يسمح‬ ‫بأي تغيري حقيقي يف طبيعة نظام الحكم يف سوريا‪،‬‬ ‫وهو دم ّر سوريا واستجلب التدخالت الدولية من كل‬ ‫حدب وصوب‪ ،‬رافضاً أي تغيري أو حتى إصالح يف بنيته‬ ‫من أجل أن يبقى يف كريس الحكم‪.‬‬ ‫لنعمل ما بوسعنا‪ ،‬ولنرصخ بأعىل أصواتنا‪ ،‬طاملا يوجد‬ ‫معتقل واحد سواء يف سجون وزنازين النظام أم يف‬ ‫سجون املعارضة املسلحة!‬

‫‪9‬‬


‫كيف هي أحوال األشــوريين في‬ ‫الجزيرة السورية؟!‬

‫‪10‬‬ ‫كمال شيخو‬

‫العدد ‪2017 / 1 / 16 - 84 -‬‬

‫مقاالت‬

‫جلست “مرثا رسجون” وهي سيدة آشورية يف‬ ‫بداية عقدها الخامس‪ ،‬تروي قصة اختطافها وتلك‬ ‫اللحظات العصيبة التي مرت بها؛ حيث بقيت‬ ‫عرشة أشهر محتجزة لدى عنارص “تنظيم الدولة‬ ‫اإلسالمية” بني ‪ 23‬شباط‪ /‬فرباير عام (‪ )2015‬حتى‬ ‫ّ‬ ‫‪ 23‬كانون األول‪ /‬ديسمرب من العام نفسه‪ .‬قضتها‬ ‫يف سجن مبدينة الرقة معقل التنظيم الرئييس يف‬ ‫سوريا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كانت تلبس شاال وثوبا أسود اللون؛ بقيت متّشحة‬ ‫به طيلة العام املايض عندما تم اإلفراج عنها‪ ،‬حيث‬ ‫كانت ال تزال ترتديه خشي ًة من عودة الجهاديني‬ ‫اىل منطقتهم‪ .‬أما اليوم فكان األسود ميأل قلبها‬ ‫وجسدها حداداً عىل وفاة ابنها “زيا” ذي العرشين‬ ‫ربيعاً قبل شهرين‪ ،‬حيث كان مقات ًال يف “قوات‬ ‫حرس الخابور” التي تحمي القرى اآلشورية يف بلدة‬ ‫تل متر (أقىص شامل سوريا)‪.‬‬ ‫تنتمي “مرثا رسجون” إىل األقلية الرسيانية‪-‬‬ ‫اآلشورية املسيحية وتنحدر من قرية تل شمريام‬ ‫الواقعة جنوب غرب بلدة تل متر‪ ،‬والتي تبعد نحو‬ ‫‪ 40‬كيلومرتاً إىل الشامل الغريب من مدينة الحسكة‪.‬‬ ‫ذاكرة مثقلة‬ ‫اختطفت وزوجها صموئيل رسجون مع ‪234‬‬ ‫آشورياً من قبل عنارص “تنظيم الدولة” املتطرف‪،‬‬ ‫إثر هجوم شنه األخري فجر يوم ‪ 23‬شباط‪ /‬فرباير‬ ‫من العام (‪ ،)2015‬عىل قرى نهر الخابور ويدين‬ ‫سكانها الرسيانية اآلشورية‪.‬‬ ‫ولدى حديثها مع مجلة (طلعنا عالحرية) نقلت‬ ‫مرثا أنها وزوجها قررا السفر واللجوء إىل إحدى‬ ‫الدول األوربية‪ ،‬وقالت‪“ :‬ملا كنت مختطفة ورهينة‬ ‫عند تنظيم داعش ما كنت أصدق أن يفرجوا عني‪،‬‬ ‫وترجع يل حريتي‪ .‬أما اليوم وبكل أسف ننتظر‬ ‫وبفارغ الصرب الهجرة لدولة غربية تؤمن لنا حياة‬ ‫أفضل”‪.‬‬ ‫ونقلت مرثا كيف إنها صدمت بعدما خرجت من‬ ‫السجن‪ ،‬إذ نقل لها زوجها ّأن عنارص التنظيم أرضموا‬ ‫النار يف منزلهم يف قرية ّ‬ ‫تل شمريام إىل جانب الكثري‬ ‫وعبت عن مشاعرها‬ ‫من املنازل‪ ،‬وأحرقوا كنيستها‪ّ .‬‬ ‫بحرقة قائلة‪“ :‬إىل اآلن‪ ،‬ما طلعت عىل قريتنا‪ ،‬قلبي‬

‫ال يحتمل شوف بيتنا وهو محرتق‪ ،‬حرقوا ّ‬ ‫كل‬ ‫ذكرياتنا‪ ،‬وحرقوا كنيستنا‪ ،‬ما تركوا لنا يشء”‪.‬‬ ‫ويسكن معظم الرسيان اآلشوريني يف القرى‬ ‫املحيطة بنهر الخابور يف مدينة الحسكة وبلدة‬ ‫تل متر‪ ،‬وينترشون يف مدينتي القامشيل واملالكية‬ ‫(أقىص شامل رشق البالد)‪ ،‬لكن الكثري منهم نزحوا‬ ‫جراء استمرار الحرب الدائرة يف بالدهم منذ ستة‬ ‫أعوام‪.‬‬ ‫وتابعت مرثا حديثها ومظاهر الحزن بادية عىل‬ ‫وجهها لتقول‪“ :‬عانينا األم ّرين هنا خالل السنوات‬ ‫املاضية‪ ،‬خطف وسجن وحرق‪ ،‬فوق ّ‬ ‫كل ذلك‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فقدنا ابننا الوحيد‪ ..‬سنسافر إىل وطن يوفر لنا‬ ‫األمن والحامية ونكمل بقية حياتنا بعيداً عن هذه‬ ‫الحروب والرصاعات”‪.‬‬ ‫نزوح وهجرة‬ ‫تشري معظم الدراسات الصادرة حول املسيحيني يف‬ ‫سوريا إىل ّأن عددهم يف تناقص‪ .‬ففي بداية القرن‬ ‫كانت نسبتهم نحو ‪ 20‬باملئة من تعداد السكان‬ ‫العام والبالغ ‪ 22‬مليون نسمة‪ ،‬أي ّأن أكرث من اثنني‬ ‫مليون مسيحي كان يعيش قبل العام (‪،)2011‬‬ ‫وانخفضت أعدادهم كثرياً وتقدر نسبتهم يف الوقت‬ ‫الراهن بأقل من عرشة باملئة‪.‬‬ ‫ويعزو الكاتب والباحث يف شؤون األقليات سليامن‬ ‫اليوسف يف لقائه مع مجلة (طلعنا عالحرية) ّأن‬ ‫اآلشوريني وباقي األقليات يف سوريا وقعوا ضحية‬ ‫رصاعات وحروب اآلخرين عىل السلطة وعىل من‬ ‫يحكم املنطقة‪.‬‬ ‫ويف حديثه اعترب ّأن‪“ :‬ما يخشاه الكلد واآلشوريون‬ ‫خصوصاً‪ ،‬واملسيحيون عموماً ليس سقوط النظام‬ ‫ورحيل األسد كام يظن البعض؛ وإمنا سقوط الدولة‬ ‫السورية التي شكلت عرب تاريخها الطويل مالذاً‬ ‫آمناً لهم ولجميع األقليات”‪ ،‬منوهاً‪“ :‬مثة شعور عام‬ ‫لديهم بأنهم الحلقة األضعف يف املجتمع السوري‪،‬‬ ‫خالفاً ملعظم األقليات األخرى‪ ،‬سيام إذا انفلت‬ ‫الوضع األمني أكرث يف البالد”‪.‬‬ ‫وبعد هجوم عنارص “تنظيم الدولة” يف شباط‪/‬‬ ‫فرباير عام ‪ ،2015‬عىل قرى حوض الخابور يف‬ ‫بلدة تل متر‪ ،‬قاموا بتفجري كنيسة “السيدة مريم‬

‫العذراء” يف قرية تل نرصي‪ ،‬وطال الدمار والخراب‬ ‫كنيسة “الربان بثيو” يف قرية تل هرمز‪ ،‬وحدثت أرضار‬ ‫مادية جسيمة بعد حرق عنارص التنظيم كنيسة “قرب‬ ‫شامية” املعروفة باسم “مار جرجس”‪ ،‬كام أصيب عدد‬ ‫من كنائس ريف الحسكة الغريب بالحرق والدمار‪.‬‬ ‫صمت وحنني‬ ‫صمتت أجراس الكنائس بسبب الخراب والدمار الذي‬ ‫لحق بها يف بلدة تل متر وقرى محيط الخابور‪ ،‬وينذر‬ ‫هذا املشهد بقتل التنوع يف مدينة الحسكة السورية‬ ‫وإرغام األقليات الدينية واملذهبية عىل املغادرة نهاية‬ ‫األمر‪.‬‬ ‫“شمعون قرياقوس” وهو رجل يف منتصف عقده الرابع‬ ‫ومن سكان قرية تل مساس والتي تبعد نحو ‪ 7‬كيلو مرتات‬ ‫جنوب بلدة تل متر‪ ،‬قرر البقاء يف قريته‪ ،‬وقام بزراعة‬ ‫أراضيها مبحصول القمح والشعري‪ .‬وعن السبب الذي‬ ‫دفعه لهذه الخطوة قال ملجلة (طلعنا عالحرية)‪:‬‬ ‫“قبل سنوات كانت قرانا تعطي الخري لسكان الحسكة‬ ‫والجزيرة السورية‪ ..‬اآلن‪ ،‬وبعد ما سافر أغلبية أبنائها‬ ‫رجعت وزرعت هذه األرايض ليتذكر أصحابها ّأن‬ ‫لهم جذوراً هنا”‪ ،‬ويأمل أن يأيت يوم ويعود أصدقاؤه‬ ‫وأقرباؤه‪ .‬وعرب عن مشاعره املختلطة بالقول‪“ :‬من أصل‬ ‫‪ 150‬بيت وعائلة بالقرية ما بقي غري ثالثة بيوت‪ .‬رحلوا‬ ‫وتركوا لنا ذكرياتهم”‪.‬‬ ‫فيام أ ّكد “سليامن اليوسف” يف ختام حديثه‪“ :‬دخلت‬ ‫دول املنطقة يف حروب أهلية وداخلية مفتوحة وطويلة‪،‬‬ ‫ما يهدد وجود األقليات واملطلوب توفري الحامية الدولية‬ ‫وإال سرنى رشقاً من غري آشوريني ومسيحيني ومن غري‬ ‫اليزيدين‪ ،‬ألنهم سيبحثون عن أوطان بديلة توفر لهم‬ ‫األمان واالستقرار واملستقبل ألجيالهم”‪.‬‬


‫آمال عظيمة‬

‫‪11‬‬

‫زياد إبراهيم‬

‫العدد ‪- 84 -‬‬ ‫‪2017 / 1 / 16‬‬

‫يسهل ع ّ‬ ‫يل التفاعل مع قضيتهم”‪.‬‬ ‫يف منتصف الصالة انتصب عمل تركيبي؛ وهو‬ ‫عبارة عن جزء من خيمة مصنوعة من أقمشة‬ ‫مهرتئة محاكة ببعض األلبسة القدمية‪ ،‬بني هذه‬ ‫األلبسة والقامش املهرتئ يظهر شعار املفوضية‬ ‫السامية لشؤون الالجئني‪ ،‬يف عمل ينقل بيئة‬ ‫املخيامت بشكل حقيقي إىل صالة املعرض‪.‬‬ ‫أمام الخيمة التقينا “ميلودي” ومعها طفل‬ ‫صغري‪ ،‬وسألناها عن انطباعها عن املعرض‬ ‫فأجابت‪“ :‬مل أتوقع أن أتفاعل مع الصور إىل‬ ‫هذا الحد‪ ،‬وبالرغم من أن هذه الصور الجميلة‬ ‫لألطفال تعكس معاناتهم‪ ،‬إال أننا نراهم فرحني‬ ‫ويلعبون رغم كل الصعوبات التي تحاوطهم”‪.‬‬ ‫ثم تتابع‪“ :‬بالتأكيد رأيت الكثري من الصور‬ ‫حول املعاناة السورية عىل شبكات التواصل‬ ‫االجتامعية وعرب وسائل اإلعالم ‪ ،‬ولكن بزيارة‬ ‫هذا املعرض شعرت بالقرب من هؤالء‬ ‫األطفال‪ ،‬وخاصة أنني أزور املعرض مع طفل‬ ‫من العائلة‪ .‬وال شك بأين متفهمة أبعاد القضية‬ ‫السورية‪ ،‬إال أن زيارة املعرض منحتني بعداً‬ ‫آخر ملنظوري الشخيص حول ذلك”‪.‬‬ ‫وعن مدى املسؤولية والتضامن مع األطفال‬ ‫السوريني قالت “ميلودي”‪“ :‬نحن عادة نرى‬ ‫هذه الصور وتؤثر فينا كثرياً‪ ،‬ومن ثم نذهب‬ ‫ونتابع حياتنا الطبيعية وننىس‪ .‬ولكن سأحاول‬ ‫كبداية أن أتكلم عن هذا املعرض وعن القضية‬

‫السورية لكل من حويل”‪.‬‬ ‫بني صور املعرض برزت صورة لطفل وطفلة‬ ‫يفصل بينهام حاجز من األسالك يقسم املخيم‬ ‫الكبري إىل قسمني‪ ،‬و ُكتب تحت الصورة باللغة‬ ‫الفرنسية‪“ :‬أحمد ينتظر صديقته عبري حتى‬ ‫تنهي فرتة لعبها يف مركز يونيسيف‪ ،‬إنهم يف‬ ‫ذات املخيم وتفصلهم حواجز”‪.‬‬ ‫تجمع الكثري من الزوار حول الصورة؛ فالصالة‬ ‫امتألت عىل غري ما توقع صاحب املعرض الذي‬ ‫قال لنا‪“ :‬رصاحة مل أكن أتوقع مجيء هذا‬ ‫العدد الكبري‪ ،‬أنا مرسور جداً باإلقبال‪ ،‬وخاصة‬ ‫إيصال الفكرة لكثري من الزوار”‪.‬‬ ‫أما “نافيه دومينيك” أحد الزوار فقال لنا‪:‬‬ ‫“نعم‪ ،‬أعلم بوجود هذه املخيامت‪ ،‬ولكن‬ ‫هذه املرة األوىل التي أرى فيها صوراً مليئة‬ ‫باملشاعر والحميمية‪ ،‬وتتيح لك االقرتاب من‬ ‫هؤالء األطفال‪ ..‬هذا املعرض ميثل شهادة عن‬ ‫حياة األطفال السوريني يف مخيامت اللجوء”‪.‬‬ ‫باب قديم‪،‬‬ ‫يف إحدى زوايا الصالة انتصب ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫أصوات ألطفال يلعبون‪،‬‬ ‫تصدر من خلفه‬ ‫مرتافقة مع موسيقى عزف عىل البيانو‪ ،‬حيث‬ ‫يرى الناظر من الشقوق التي تتوسط الباب‬ ‫صوراً لألطفال مع إضاءة خفيفة‪ ،‬يف مشهد‬ ‫تعبريي عن الحاجز الذي يفصل األطفال عن‬ ‫هذا العامل‪ .‬لكن هذا السجن الكبري مل مينعهم‬ ‫من حمل كل تلك اآلمال العظيمة‪.‬‬

‫تقارير‬

‫هو عنوان معرض الصور الفوتوغرافية التي تم عرضها يف‬ ‫مرسح أورليان الوطني يف فرنسا للمصور منار بالل‪ ،‬والذي ضم‬ ‫أكرث من ثالثني صورة تم التقاطها يف مخيم الزعرتي األردين يف‬ ‫عام ‪ .2013‬حيث ضم املعرض أيضاً ثالثة أعامل تركيبية شكلت‬ ‫دع ًام ملجموعة الصور‪ ،‬يف محاولة إليصال الرسالة املرجوة لزوار‬ ‫املعرض‪.‬‬ ‫“طلعنا عالحرية” زارت املعرض وكان لها لقاء مع منار بالل‬ ‫وزوار املعرض الذي ركزت صوره عىل األطفال املقيمني ضمن‬ ‫املخيم‪ ،‬لتقف عىل الفعاليات وردود فعل الزوار والرسالة التي‬ ‫استطاع املعرض تقدميها للمجتمع الفرنيس‪.‬‬ ‫وعن رسالة املعرض سألنا املصور “منار” فأجاب‪“ :‬أعمل من‬ ‫خالل هذه الصور عىل تسليط الضوء عىل الكارثة اإلنسانية‬ ‫التي تعصف بجيل كامل من األطفال السوريني‪ ،‬يف ظل انعدام‬ ‫التعليم‪ ،‬وتحت أقىس الظروف املعيشية‪ ،‬ما يهدد هذا الجيل‬ ‫بالتطرف أمام قلة الخيارات املتوفرة أمامه”‪ .‬ويتابع‪“ :‬يأيت‬ ‫املعرض يف سياق عميل املتواصل يف إطالق الحمالت‪ ،‬بالتعاون‬ ‫مع الفرق التطوعية واملجموعات اإلنسانية يف دول الجوار‪،‬‬ ‫واكتشاف قدرة هؤالء األطفال والتخفيف من معاناتهم”‪.‬‬ ‫أما عن تنظيم املعرض والصالة فالتقينا بالسيد “فرانسوا‬ ‫إكزافييه” مدير املرسح الوطني يف مدينة أورليان والذي قال‬ ‫بدوره (بالفرنسية كام باقي زوار املعرض الذين التقيناهم)‪:‬‬ ‫“يهمنا كثرياً ‪-‬ضمن إطار عملنا يف املرسح‪ -‬أن نقدم املساعدة‬ ‫تعب‬ ‫للفنانني السوريني املوجودين يف فرنسا‪ ،‬وخاصة عندما ّ‬ ‫أعاملهم الفنية عن قضية إنسانية‪ ،‬لذلك مل نوفر أي جهد يف‬ ‫سبيل إقامة هذا املعرض‪ ،‬ألننا نتحمل جزءاً من املسؤولية‬ ‫تجاه هؤالء األطفال‪ ،‬وليس هناك أقل من عرض هذه الصور‬ ‫التي تظهر أوضاع هذه املخيامت للفرنسيني‪ ،‬وأن نرتك أثراً‬ ‫لديهم ليقوموا بتقديم املساعدة املمكنة”‪.‬‬ ‫وعىل الصعيد الشخيص يتابع “إكزافييه” القول‪“ :‬بشكل‬ ‫شخيص‪ ،‬أكرث األشياء التي أذهلتني يف هذه الصور هو السعادة‬ ‫عند هؤالء األطفال عىل الرغم من الظروف الصعبة التي‬ ‫يعيشونها‪ .‬إين حزين للغاية ملا يحدث للشعب السوري‪ ،‬وأنا‬ ‫أيضاً حزين عىل ما حصل ويحصل ملدينة حلب‪ .‬إنها مدينة‬ ‫عظيمة حافلة بالتاريخ القديم واملوسيقا”‪.‬‬ ‫يف مدخل الصالة انتصبت شجرة تدلت خيوطها من السقف‬ ‫وحملت هذه الخيوط صوراً لألطفال السوريني بأبعاد مختلفة‪،‬‬ ‫مع قابلية رؤية الصور من كل الجهات‪ ،‬تقول “ماريويل فيرتي”‬ ‫إحدى الزائرات‪“ :‬املعرض مؤث ٌر جداً‪ ،‬فهو يصور لنا براءة هؤالء‬ ‫األطفال يف املخيامت‪ ،‬أشعر أنهم قريبون جداً مني وهذا‬


‫من إضراب الكرامة إلى إضراب‬ ‫الحقوق والرواتب والمطالب‬

‫‪12‬‬

‫وائل موسى‬ ‫إرضاب عن العمل‬

‫اإلرضاب ومشاكل املنظامت السورية‬

‫العدد ‪- 84 -‬‬ ‫‪2017 / 1 / 16‬‬

‫أعلن فريق راديو روزنة عن إرضابهم من تاريخ‬ ‫‪ 10‬كانون الثاين‪ /‬يناير ‪ ،2017‬وجاء إعالن اإلرضاب‬ ‫عقب “قرار تعسفي من املديرة التنفيذية لينا‬ ‫الشواف”‪.‬‬ ‫اعترب املرضبون رسالة اإلدارة مبثابة “التهديد بفصل‬ ‫الفريق كام ًال”‪ ،‬وذلك رداً عىل عدة مطالب تقدموا‬ ‫بها بعد “قرار مفاجئ بتخفيض رواتبهم”‪ ،‬لتبادر‬ ‫إدارة الراديو باإلعالن عن وظائف شاغرة يف مدينة‬ ‫غازي عينتاب فيام يبدو أنه سعي واضح الستبدال‬ ‫أعضاء الفريق‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جاء اإلرضاب مطالبا بتحسني “وضع املوظفني‬ ‫القانوين كصحفيني‪ ،‬وطلب حصولهم عىل عقود‬

‫الحقوق والرواتب واملطالبة يف تحسني أوضاع‬ ‫العمل هي من أولويات العامل واملوظفني‪ ،‬ويعترب‬ ‫اإلرضاب من أهم اآلليات التي يستخدمها العامل‬ ‫واملوظفون للدفاع عن مصالحهم‪ ،‬كام يعمل عىل‬ ‫التأثري يف الرأي العام من جهة‪ ،‬والحياة االقتصادية‬ ‫من جهة أخرى‪.‬‬ ‫أقرت املعاهدة الدولية للحقوق االقتصادية‬ ‫واالجتامعية حقّ اإلرضاب رشيطة مامرسته وفقاً‬ ‫لقوانني الدولة‪.‬‬ ‫من رشوط اإلرضاب املرشوع أن يكون مرتبطاً‬ ‫مبطالب ميكن تنفيذها‪ ،‬لترتك املعاهدة للدول أن‬ ‫تضع ما يناسبها لتحديد منط اإلرضاب املرشوع؛‬ ‫حيث يستثني عدد من الدول بعض القطاعات‬ ‫الحكومية أو كلها من حق اإلرضاب مام قد يلحقه‬ ‫من رضر عام عىل الشعب يف حال فقدان الخدمات‬ ‫األساسية مثل املياه والصحة واألمن‪.‬‬ ‫عىل املؤسسات والرشكات إصدار قوانني داخلية‬ ‫توافق ما ينص عليه قانون الدولة بحق العاملني‬ ‫وذلك ينطبق عىل حقهم يف اإلرضاب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مشاكل فريق راديو روزنة متثل جزءا أساسيا من‬ ‫مشكلة عامة يف كافة املنظامت السورية‪ ،‬وبشكل‬ ‫خاص يف تركيا‪ ،‬حيث الكثري من املخالفات القانونية‬ ‫والفساد اإلداري ومظاهر التسلط وسوء اإلدارة‪،‬‬ ‫سبق أن تناولنا مظاهرها يف مادة بعنوان املنظامت‬

‫األسد‪.‬‬ ‫يف أوىل تجارب الثورة مع حركات اإلرضاب‪ ،‬سعى‬ ‫إرضاب الكرامة إىل تفعيل النضال السلمي بهدف‬ ‫إسقاط بشار األسد‪ّ ،‬‬ ‫كحل بديل عن اللجوء إىل‬ ‫طلب التدخل الدويل يف سوريا كام عرب شعار‬ ‫“إرضاب شهر وال ناتو دهر” إال أن النتائج مل تكن‬ ‫كام هو متوقع‪.‬‬ ‫فشل إرضاب الكرامة يف تحقيق أهم رشوطه وهو‬ ‫استقطاب العامل واملوظفني يف مؤسسات الدولة‬ ‫والرشكات الخاصة‪ ،‬كام أن بدء العصيان من طالب‬ ‫املدارس ترك أثراً سلبياً يف تخلف الطالب عن‬ ‫الدراسة‪.‬‬ ‫مل تنجح مساعي إرضاب الكرامة‪ ،‬إ ّال أن للتجربة أثر‬ ‫يف تعرية مامرسات النظام وقمعه الدموي‪.‬‬

‫الخلط يف املنظامت السورية ما بني التوظيف‬ ‫والتطوع يف األنشطة أدى إلقناع موظفيهم بأن‬ ‫أعاملهم خدمة للشعب السوري يف محاولة‬ ‫واضحة إلسقاط الصفة الوظيفية وحرمانهم من‬ ‫الحقوق املكفولة يف نظام الدولة املستضيفة‬ ‫لهم‪ ،‬حيث تسعى العديد من املنظامت لاللتفاف‬ ‫عىل القوانني املحلية بشتى الوسائل للحلول دون‬ ‫تسجيل موظفيها‪ ،‬ويتخذ العديد منهم ذريعة‬ ‫بالتشبه باملنظامت الدولية التي توظف السوريني‬ ‫وفق عقود تسلبهم مسبقاً كافة حقوقهم تحت‬ ‫مسميات عقود مؤقتة بصفة مستشار‪ ،‬أو بوصفه‬ ‫عىل أنه عمل حر‪ ،‬رغم اختالف طبيعته متاماً‬ ‫عن طبيعة األعامل الحرة التي تقوم وفق اتفاق‬ ‫عىل تقديم منتج محدد ضمن فرتة زمنية محددة ملعالجتها‪ ،‬ويلقي آخرون باملسؤولية عىل املانحني‪.‬‬

‫عمل”‪ ،‬وغريها من الحقوق األساسية بحسب وصفهم‪.‬‬

‫استدركت إدارة الراديو بعد ثالثة أيام من اإلرضاب‬ ‫بنرش بيان يربر فيه تخفيض الرواتب ووعد بإجراء‬ ‫مفاوضات مع الفريق سعياً لتلبية ما هو ممكن من‬ ‫مطالبهم‪ ،‬كام أشار البيان إىل أن “الحق باإلرضاب‪،‬‬ ‫يخضع لضوابط زمنية وإجرائية لضامنه من جهة‬ ‫وضامن عدم اإلرضار باملؤسسة من جهة أخرى”‪،‬‬ ‫وهو ما يخالف نص املعاهدة الدولية للحقوق‬ ‫االقتصادية واالجتامعية يف أن تقع مسؤولية تحديد‬ ‫ضوابط اإلرضاب من قبل الدولة وفقاً لقوانينها‪.‬‬

‫إرضاب الكرامة‬

‫يف الشهر التاسع من الثورة السورية ولِ َد إرضاب‬

‫الكرامة ليعلن عن تجربة غري مسبوقة يف حكم السورية‪ ،‬مظاهر إنسانية تفتح أبواباً مقنعة للعبودية‪.‬‬

‫مسبقاً‪ ،‬دون وجود روتني وظيفي ثابت‪ ،‬بخالف‬ ‫عقود األجانب يف املنظامت الدولية‪ ،‬ممن يحصل‬ ‫عىل كافة الضامنات االجتامعية والصحية والعديد‬ ‫من املزايا والتعويضات‪ ،‬لتشمل اإلقامة والتنقالت‬ ‫مبا فيها السفر الدويل واإلجازات وفقاً للتوصيف‬ ‫الوظيفي املناسب‪.‬‬ ‫يثري التناقض الكبري ما بني مطالب الثوار السوريني‬ ‫ومامرساتهم الكثري من التساؤالت حول دورهم يف‬ ‫محاربة ثقافة الفساد بدل تعميمها‪.‬‬ ‫من حرية وكرامة وضامن للحقوق إىل مامرسات‬ ‫خاطئة يف إدارة املنظامت أو الرشكات املنشأة حالياً‬ ‫يف دول الجوار‪ ،‬بداية من عدم احرتام قوانني البلدان‬ ‫املضيفة والتحايل عليها والتهرب من املسؤوليات‬ ‫الرسمية‪ ،‬وصوالً لتغييب حقوق املوظفني بشكل كامل‪.‬‬

‫اقتصاد‬

‫مربر توفري الوظائف للسوريني بد ًال من األتراك‬ ‫ينسف كامل الحقوق الوظيفية التي ال تزيد عن‬ ‫بضعة آالف فرصة ال أكرث‪.‬‬ ‫ما تزال املنظامت تعتمد عىل الجهات املانحة دون‬ ‫سعي إليجاد بدائل استدامة‪ ،‬تضمن استمرارية‬ ‫العمل فيام لو توقف الدعم املايل عنه‪ .‬إغفال هذه‬ ‫اإلشكالية يف املنظامت السورية‪ ،‬حيث غياب الفكر‬ ‫االقتصادي يجعل منهم مجرد أدوات تنفيذية غري‬ ‫مؤهلة إلعادة إعامر البلد مستقب ًال‪ .‬وبات الوضع‬ ‫يتطلب الكثري من الجهود لتدارك هذه األخطاء‬ ‫وتصحيح املسار‪.‬‬ ‫يرى بعض الناشطني يف اإلرضاب األخري فرصة‬ ‫ملناقشة هذه اإلشكاليات يف كافة املنظامت السورية‬


‫نشرة اقتصادية‬ ‫سوريا في بيانات الموقع الجديد للبنك الدولي ‪TCdata360‬‬

‫املطلوبة إلنجاز تأسيس رشكة رسمية إىل ‪ 42‬يوماً‪،‬‬ ‫كام قدم التقرير الحايل خالصة متوسطات حسابية‬ ‫ما بني ‪ 2003‬حتى ‪ 2012‬لتظهر فيها حقيقة‬ ‫إصالحات بشار االقتصادية يف خسارة امليزان‬ ‫التجاري بشكل مستمر‪ ،‬ويصل متوسط نسبة‬

‫مساهمة االستثامر من الناتج املحيل اإلجاميل إىل ‪.24%‬‬

‫أعىل ‪ 5‬واردات تصدير عام ‪:2010‬‬ ‫النفط‪ ،49.89 :‬األنسجة واأللبسة‪ ،10.56 :‬الخضار‪:‬‬

‫العدد ‪2017 / 1 / 16 - 84 -‬‬

‫ألجل التجارة والتنافسية‪ ،‬أطلق البنك الدويل موقعاً‬ ‫جديداً للبيانات املفتوحة‪ ،‬وتعد هذه اإلحصاءات‬ ‫مكوناً أساسياً يف مجال التنمية العاملية‪.‬‬ ‫تقدم البيانات خدمة عالية الجودة لدراسة‬ ‫السياسات االقتصادية لكل دولة‪ ،‬حيث ميكن تتبع‬ ‫مسار التقدم‪ ،‬وتقييم األثر‪ .‬وتساهم يف تحديد‬ ‫طريق االستثامرات الخاصة‪ ،‬حيث توفر البيانات‬ ‫املفتوحة املساعدة للرشكات واملواطنني من تتبع‬ ‫األوضاع االقتصادية ومعرفة ما تفعله الحكومات‪،‬‬ ‫وميكن للبيانات الشفافة أن تساعد يف تعزيز الثقة‪.‬‬ ‫أما القطاع العام فيستعمل البيانات بطرق شتى‪،‬‬ ‫منها تتبع التقدم مبقارنته مبا حققه النظراء‪،‬‬ ‫وتحديد املجاالت التي قد تتميز فيها البلدان أو‬ ‫تتخلف عن الركب‪.‬‬ ‫تعمل العديد من الحكومات الفاسدة عىل إخفاء‬ ‫كافة املؤرشات االقتصادية عن مواطنيها‪ ،‬وال ترصح‬ ‫عن حقيقة بياناتها‪.‬‬ ‫ما تقدمه بوابة ‪ TCdata3600‬من بيانات وأدوات‬ ‫سيتيح للجميع متابعة املؤرشات بشكل شفاف‬

‫واالستفادة منها يف كافة املجاالت‪ ،‬حيث يعتمد‬ ‫البنك الدويل عىل عرشات املصادر املدققة‪ ،‬منها‬ ‫مجموعة البنك الدويل‪ ،‬واألمم املتحدة‪ ،‬ومنظمة‬ ‫التجارة العاملية‪ ،‬واملنتدى االقتصادي العاملي‪،‬‬ ‫ومنظمة التعاون والتنمية يف امليدان االقتصادي‪،‬‬ ‫لتجتمع كلها يف موقع تفاعيل سهل االستخدام‪.‬‬ ‫وبوسع واضعي السياسات والعاملني يف حقل‬ ‫التنمية واألكادمييني وأخصائيي الصناعة استخدام‬ ‫هذا املوقع للحصول الفوري عىل املعلومات‬ ‫ومقارنتها وتنزيلها بشأن ما يقرب من ألفي مؤرش‬ ‫ترتبط مبوضوعات شتى من التجارة والتنافسية‪،‬‬ ‫كالخدمات اللوجستية للتجارة‪ ،‬وسالسل القيمة‬ ‫العاملية‪ ،‬ومناخ االستثامر‪ ،‬وريادة األعامل‪ ،‬وتكلفة‬ ‫العمليات التجارية‪.‬‬ ‫بات من السهولة الحصول عىل تقرير حديث شامل‬ ‫ألي دولة‪ ،‬ومن خالل تجربة البوابة الجديدة بحثنا‬ ‫عن البيانات املرتبطة بسوريا‪:‬‬ ‫حصلت سوريا عىل املرتبة ‪ 173‬يف سهولة مامرسة‬ ‫األعامل التجارية لعام ‪ ،2017‬وقد وصلت املدة‬

‫‪13‬‬

‫‪ ،9.93‬منتجات غذائية‪ ،6.999 :‬منتجات كياموية‪.4.87 :‬‬

‫نظراً ألهمية البيانات املتوفرة يف املوقع ندعو‬ ‫جميع االقتصاديني والباحثني واملهتمني السوريني‬ ‫لزيارة املوقع واالستفادة من بياناته‪.‬‬

‫لزيارة املوقع من خالل الرابط التايل‪http://tcdata360.worldbank.org :‬‬

‫هل ستعود مياه بردى إلى دمشق بعد اغتيال أحمد الغضبان؟‬ ‫نهاية املفاوضات‬

‫وعود حكومة نظام األسد حول عودة مياه‬ ‫بردى مرهونة باملستجدات العسكرية التي‬ ‫توضح عدم التزام النظام‪ ،‬واالغتيال األخري ينهي‬ ‫االتفاقية‬ ‫بعد العديد من املحاوالت الفاشلة القتحام‬ ‫أرايض وادي بردى وتركيز القصف عىل منطقة‬ ‫بسيمة رغم بدء اتفاق وقف إطالق النار‪ ،‬ويف‬ ‫ظل استمرار انقطاع املياه عن دمشق‪ ،‬تقدمت‬ ‫أخرياً حكومة اإلجرام بإجراء خطوات تفاوضية‬ ‫سع ًيا للتوصل إىل اتفاق مع الثوار لوقف إطالق‬ ‫النار مقابل ادخال ورشات صيانة إلعادة ضخ‬ ‫املياه إىل العاصمة‪.‬‬ ‫تضاعفت أسعار املياه يف دمشق لتصل إىل‬ ‫أسعار خيالية حيث تباع عبوة لرت من املياه‬ ‫مببلغ يصل إىل ‪ 300‬لرية يف بعض األحيان‪،‬‬ ‫وتقنني شديد لوصول املياه إىل املنازل عل ًام أنها‬ ‫من آبار ملوثة غري خاضعة ألي عملية تكرير‬ ‫وتنقية لتكون صالحة للرشب‪ ،‬ونتيجة الكثري من تدخل إيجايب وهمي‬ ‫الضغوطات من أهايل دمشق وبعد فشل كل أعلنت املؤسسة العامة للخزن والتسويق عن‬

‫إطالق حملة تدخل يف السوق بداية من يوم الجمعة ‪13/01/2017‬‬ ‫لتقوم بتوزيع صناديق مياه معدنية واسطوانات غاز يف مناطق‬ ‫محددة بالسعر الرسمي‪.‬‬ ‫الحملة األخري املسامة بالتدخل اإليجايب تستهدف بضعة مناطق‬ ‫محددة ال تطال عدد بسيط من العائالت يف دمشق‪ ،‬فيام يبدوا‬ ‫أنه أقىص ما تستطيع تقدميه الحكومة الحالية للمواطنني موهمة‬ ‫إياهم باهتاممها بشؤون املواطنني‪.‬‬ ‫تبقى أزمة املياه يف دمشق رهينة آلة القتل العسكرية املباركة‬ ‫إيرانياً ومشاركة مليشيات حزب الله اإلرهابية‪.‬‬

‫اقتصاد‬

‫محاوالت النظام يف السيطرة عىل منطقة وادي‬ ‫بردى‪ ،‬بدئت مفاوضات ما بني النظام والثوار‪.‬‬ ‫رغم االتفاق عىل وقف إطالق النار ورفع العلم‬ ‫عىل منشئة نبع عني الفيجة إال أن النريان مل‬ ‫تتوقف‬ ‫بدء وصول ورشات الصيانة التي مل تسلم من‬ ‫استمرار عمليات القصف‪ ،‬حيث تم استهداف‬ ‫الوفد املفاوض اثناء تواجده بالقرب من نبع‬ ‫عني الفيجة مام اضطرهم إىل االختباء لدى‬ ‫األهايل‪ ،‬كام تعطلت سيارات تابعة لورشات‬ ‫الصيانة نتيجة استهدافها‪ ،‬فيام يبدوا أن الوعود‬ ‫املقدمة مجرد أكاذيب‪ ،‬لتنتهي األمور إىل‬ ‫اغتيال رئيس الوفد التفاويض عن أهايل وادي‬ ‫بردى اللواء املتقاعد أحمد الغضبان أمام وفد‬ ‫النظام بيد العميد قيس فروة أحد قادة الحرس‬ ‫الجمهوري الذي مل يتواىن للحظة عن استمرار‬ ‫القصف بالتعاون مع حزب الله اإلرهايب رافضني‬ ‫ألي مصالحة وطنية‪.‬‬


‫‪14‬‬

‫ليس دفا ًعا عن “فنان الشعب”‬ ‫رفيق سبيعي‬ ‫غسان ناصر ‪-‬طلعنا عالحرية‬

‫العدد ‪2017 / 1 / 16 - 84 -‬‬

‫ثقافة‬

‫مل يكن إعالن املخرج سيف سبيعي بعد‬ ‫رحيل والده “فنان الشعب” رفيق سبيعي‬ ‫الشهري بـ”أبو صياح”‪ ،‬حول عدم وضع اسم‬ ‫شقيقه األكرب عامر يف ملصق النعوة (املعروف‬ ‫بانخراطه يف الثورة السورية منذ أيامها األوىل‪،‬‬ ‫والذي تويف باإلسكندرية يف ‪ 19‬ترشين األول‪/‬‬ ‫أكتوبر ‪ ،)2015‬مل يكن هذا اإلعالن إال لوضع‬ ‫ح ّد ملا أثري يف الفضاء االفرتايض من قبل أبناء‬ ‫الثورة ومنارصيها‪ ،‬ممن اعتربوا أن سيف‬ ‫واملرحوم والده من املواالة‪ ،‬بينام املرحوم‬ ‫عامر “أبو رفيق” وشقيقه بشار من املعارضة‪.‬‬ ‫سيف‪ ،‬الذي اختار اإلقامة يف بريوت إثر اندالع‬ ‫الثورة‪ ،‬قال عرب صفحته يف موقع “فيسبوك”‪:‬‬ ‫إن “عدم وضع اسم عامر بالنعوة ليس‬ ‫بسبب الرتاث والعادات بل سببه املنطق‪..‬‬ ‫ألن األسامء والهيئات واملؤسسات التي تذكر‬ ‫قبل اسم املتوىف تتبعها عبارة تقول؛ ينعون‬ ‫إليكم مبزيد من التسليم لقضاء الله وقدره‪،‬‬ ‫فهذا يعني أن هؤالء األحياء هم الذين ينعون‬ ‫إليكم هذا املتوىف‪ ،‬ولو كان غري ذلك لكان‬ ‫األحرى بنا أن نضع أسامء أشقاء أيب الثالثة‬ ‫املتوفني أيضاً‪ ،‬هذا أوالً‪ .‬ثانياً‪ :‬وضعنا اسم‬ ‫أخي بشار وأبناء عامر الثالثة املعارضني أيضاً‬ ‫يف خانة األحفاد؛ أي أننا ال نخىش من ذكرهم‬ ‫كونهم معارضني‪ .‬ثالثاً‪ :‬لقب رفيق سبيعي‬ ‫الذي يعرفه العامل العريب هو أبو صياح‪ ،‬ولو‬ ‫كنّا نريد أن نهرب من ذكر أخي املعارض‬ ‫عامر ملا كنّا وضعنا لقب أبو عامر تحت اسم‬ ‫رفيق سبيعي‪ .‬رابعاً‪ :‬نحن كرمنا عامر حني‬ ‫وفاته وطبعنا نعوة باسمه وأقمنا له العزاء يف‬ ‫دمشق‪ ،‬وتلقى رفيق السبيعي العزاء بولده‪،‬‬ ‫أي أننا ال نخىش من ذكر عامر وال نتنكر له‪،‬‬ ‫حتى لو اختلفت مواقفنا”‪.‬‬

‫شهادة لله وللتاريخ‪..‬‬

‫رفيق سبيعي‪ ،‬الذي غيبه املوت يوم الخميس‬

‫‪ 5‬كانون الثاين‪ /‬يناير‪ ،‬عن ‪ 86‬عاماً‪ ،‬بعد رصاع مع املرض‪ ،‬من‬ ‫مآخذ أبناء الثورة عليه‪ ،‬قولهم إنه أدى أغنية لسفاح دمشق‬ ‫بشار األسد‪ ،‬ويف هذا مغالطة كربى‪ ،‬كشف عنها املخرج املنشق‬ ‫عن تلفزيون النظام كريم عبد الرحيم‪ ،‬الذي رصح لصحافة‬ ‫املعارضة‪ ،‬إثر رحيل سبيعي‪ ،‬قائ ًال‪“ :‬إن التاريخ الحقيقي إلنتاج‬ ‫أغنية “نحنا جنودك يا بشار”‪ ،‬التي أداها الفنان الراحل متغنياً‬ ‫ببشار األسد‪ ،‬تعود إىل سنة ‪ 2007‬وليست مرتبطة بظروف‬ ‫الثورة”‪.‬‬ ‫وأضاف عبد الرحيم أن رفيق سبيعي رفض مع بداية الحراك‬ ‫الثوري أداء أغنية متجد بشار‪ .‬موضحاً‪“ :‬مع بدايات الحراك‬ ‫الثوري يف سوريا كلفت من املؤسسة اإلعالمية التي كنت‬ ‫أعمل بها بإخراج أغنية بطلها الراحل رفيق سبيعي وكان هذا‬ ‫العمل عبارة عن منولوج ميجد الطاغية بشار األسد ويستعرض‬ ‫منجزاته‪ ،‬فذهبت إىل منزله يف املزة وعرضت عليه ما كلفت‬ ‫به‪ ،‬فتبسم الراحل متسائ ًال‪ :‬وهل الوقت مناسب لذلك؟‬ ‫هب مطالباً بالحرية والعدالة‬ ‫كيف يكون هذا والشعب كله ّ‬ ‫والكرامة”‪ .‬وأردف املخرج السوري مؤكداً أن كالمه “شهادة‬ ‫لله وللتاريخ”‪“ :‬اعتذر رفيق سبيعي بدماثته املعهودة وصعب‬ ‫ع ّ‬ ‫يل مهمة تربير موقفه أمام إدارة تلك املؤسسة‪ ،‬فكيف أبرر‬ ‫عدم موافقته عىل هذا املرشوع بشكل ال يؤذيه”‪.‬‬

‫مواجهة ض ّد الشمولية والحزبية‬

‫من جهته ذكر الناقد الفني نضال قوشحة‪ ،‬فصوالً من مواجهات‬ ‫الفنان الراحل مع نظام البعث و”نقابة فناين النظام”‪ ،‬ورصاع‬ ‫الفنانني ض ّد السلطة الشمولية والحزبية يف عهد األسد األب‪،‬‬ ‫سارداً بعضاً مام رصح به رفيق سبيعي يف حوار منع من النرش‬ ‫يف الصحافة املحلية لوال تدخل كبار املسؤولني‪ ،‬بعد مشوار‬

‫طويل من الجهد والعناء واملامنعة والضغط‪،‬‬ ‫بحسب نضال قوشحة‪.‬‬ ‫يف هذا الحوار يكشف رفيق سبيعي كيف‬ ‫كانت بدايات تدخل حزب البعث يف شؤون‬ ‫النقابات املهنية ومنها نقابة الفنانني‪ ،‬وكيف‬ ‫زور الحزب انتخابات النقابة ليمنع وصوله‬ ‫ملنصب “نقيب الفنانني”‪ ،‬ويحل محله‬ ‫مسؤول أمني ال عالقة له بالفن‪ ،‬وكيف ُمنع‬ ‫ُ‬ ‫وغيب عن العمل الفني بعد ما آثر االبتعاد‬ ‫عن حزب البعث والجهات األمنية‪ ،‬التي ظلت‬ ‫تضايقه فرتة مثانينات القرن املايض‪.‬‬ ‫إىل ذلك كشفت تقارير صحفية أخرى‪ ،‬كيف‬ ‫اختار رفيق سبيعي وهو يف سن متأخرة من‬ ‫العمر حرص حضوره يف املشهد السوري عىل‬ ‫أداء ما يروق له من أدوار يف بعض املسلسالت‬ ‫السورية التي تتناول تاريخ الحارة الدمشقية‬ ‫يف مواجهتها مع االحتالل الفرنيس‪ ،‬أو يف فرتة‬ ‫االستقالل والنهوض الوطني‪.‬‬ ‫كام كشف تقرير صحفي نرش قبل أيام‪ ،‬أبرز‬ ‫محطات الخالف بني الفنان الراحل ورفيق‬ ‫دربه الفنان دريد لحام‪ ،‬الذي خان تاريخه‬ ‫الفني وغدر بأصحابه‪ ،‬وكان موقفه واضحاً يف‬ ‫االنحياز للقتلة والطغاة‪.‬‬ ‫ويف هذا التقرير يبني الراحل رفيق سبيعي‬ ‫كيف أن “دريد” رسق ماله ونصب عليه‪،‬‬ ‫وهذا ليس بغريب عمن يعرف دريد لحام‪.‬‬ ‫أما فنان الشعب الراحل رفيق سبيعي‪ ،‬فقد‬ ‫سعى ألن يكون يف ما قدمه من فن وابداع‬ ‫سورياً بكل ما تعني هذه الكلمة من معان‬ ‫سامية ونبيلة‪ ،‬ويكفيه أنه تحدى وهو يف‬ ‫عامه الرابع والثامنني أجهزة نظام األسد‪،‬‬ ‫عندما أرص عىل فتح باب عزاء البنه البكر‬ ‫عامر‪ ،‬الذي تغنى بالثورة السورية بصوته‬ ‫الشجي‪ ،‬ما اضطره للهروب من بطش النظام‬ ‫مع عائلته إىل أن وافته املنية هناك‪.‬‬


‫نشرة ثقافية‬

‫إبداعات ونشاطات سورية‬ ‫طلعنا عالحرية – القسم الثقافي‬

‫يصدر قري ًبا‪ ..‬موجز تقرير “دعم‬ ‫الفن السوري في المهجر”‬

‫“وطـأة اليقين” أول إصدار روائي‬ ‫للشاعر هوشنك أوسي‬

‫وشاعر كردي سوري‪ ،‬من مواليد‬ ‫‪ ،1976‬يقيم حال ًيا يف بلجيكا‪ .‬صدر‬ ‫له حتى اآلن ستة دواوين شعرية‬ ‫باللغتني الكردية والعربية‪.‬‬

‫تواصل ممثلة هوليود األمريكية‪،‬‬ ‫“كارال أورتيز”‪ ،‬اشتغالها عىل‬ ‫إنتاج فيلم يتناول دور املرأة‬ ‫يف الحرب السورية‪ .‬وكانت‬ ‫“أورتيز” قد بدأت اإلعداد‬ ‫لرشيطها الوثائقي هذا يف شهر‬ ‫آذار‪ /‬مارس املايض‪ ،‬حيث قامت‬ ‫بزيارة إىل سوريا بدأتها بجولة‬ ‫عىل عدد من وزارات النظام‪،‬‬ ‫لتنتقل بعدها لزيارة املناطق‬ ‫املحررة الواقعة تحت سيطرة‬ ‫املعارضة‪.‬‬ ‫وخالل زيارتها األخرية إىل البالد‬ ‫زارت املمثلة الهولودية رفقة‬ ‫طاقمها الفني حلب لتقدم‬ ‫نسخة من املواد املفقودة‪ ،‬وقد‬ ‫تزامنت زيارتها مع األيام التي‬ ‫كانت تحرر فيها املدينة‪.‬‬ ‫ويتحدث الفيلم الوثائقي‬ ‫“صوت سوريا”‪ ،‬وهو من إنتاج‬

‫دولة بوليفيا‪ ،‬وف ًقا لـ”أورتيز”‪ ،‬عن الحرب “بأفواه‬ ‫مواطنني سوريني حقيقني” وسيعرض يف سوريا‬ ‫وبوليفيا يف شهر حزيران‪ /‬يونيو عام ‪.2017‬‬ ‫وقالت “كارال أورتيز” لوكالة “سبوتينك”‪ ،‬ردًا عىل‬ ‫سؤال حول كيف تصف الشعب السوري‪ ،‬قالت‪:‬‬ ‫“إن السوريني يحبون أرضهم‪ ،‬ال يهتمون باألديان‪،‬‬ ‫بل كيف يعاملون الناس‪ ،‬واملتطرفني األجانب‬ ‫الذين تسللوا إىل سوريا شوهوا سمعة السوريني‪.‬‬ ‫وخلفوا لدينا انطباعًا بأن السوري إنسان منعزل‬ ‫مجنون متشبث بدينه‪ .‬أنا رأيت يف سوريا املسيحي‬ ‫يرافق املسلم والسني يصاحب الشيعي”‪.‬‬

‫‪ 40‬ألف لوحة عن تدمر تعرض‬ ‫في متحف اللوفر بتقنية الـ‪3D‬‬ ‫ذكرت صحيفة “نيويورك‬ ‫تاميز” أن أكرث من ‪40‬‬ ‫ألف صورة تم التقاطها‬ ‫ملدينة تدمر السورية‬ ‫األثرية سيتم عرضها بتقنية‬ ‫الـ‪ D 3‬ضمن معرض يف‬ ‫متحف اللوفر يف باريس‪،‬‬ ‫مام يسلط الضوء عىل السورية يف مارس‪/‬آذار املايض‪ ،‬عندما كان‬ ‫التهديدات التي متثلها تنظيم “داعش” اإلرهايب عىل وشك الخروج‬ ‫الحرب عىل الرتاث العاملي‪ .‬من مدينة تدمر‪ ،‬ليأيت إليها رسي ًعا‪ ،‬حيث كان‬ ‫وأشارت الصحيفة يف تقرير قد عمل هناك قبل الحرب‪ .‬ويقود “إبيلامن”‬ ‫مرفق ببعض الفيديوهات فري ًقا من املهندسني وعلامء اآلثار والرياضات‬ ‫الخاصة باملعرض‪ ،‬عىل واملصممني لتنفيذ مرشوع يهدف إىل املحافظة‬ ‫موقعها اإللكرتوين‪ ،‬إىل أن عىل اآلثار املهددة بالدمار جراء الحرب يف‬ ‫املهندس املعامري الشاب سوريا والعراق‪ ،‬وتشري الصحيفة إىل أن فريق‬ ‫“إيف إبيلامن”‪ ،‬تلقى “إيبلامن” عملوا عىل إنتاج نسخ رقمية من‬ ‫دعوة من مدير اآلثار املواقع التاريخية املهددة‪.‬‬

‫ثقافة‬

‫صدر حدي ًثا عن “دار سؤال”‪ ،‬يف‬ ‫مدينة بريوت‪ ،‬رواية “وطأة اليقني‪..‬‬ ‫محنة السؤال وشهوة الخيال”‬ ‫للكاتب والشاعر السوري هوشنك‬ ‫أويس‪.‬‬ ‫أتت الرواية وهي األوىل ألويس‪ ،‬يف‬ ‫‪ 380‬صفحة من القطع املتوسط‪،‬‬ ‫وتدور أحداثها عن الثورة السورية‬ ‫منذ انطالقتها ولغاية ‪ .2013‬وال‬ ‫يوجد فيها بطل مركزي‪ .‬فكل‬ ‫شخصية من شخصيات الرواية‪ ،‬ميكن‬ ‫عدّها ً‬ ‫بطل مركزيًا‪ .‬وتجري احداثها‬ ‫يف رقعة جغرافية واسعة ومتنوعة‪:‬‬ ‫بلجيكا‪ ،‬املغرب‪ ،‬سويرسا‪ ،‬أمريكا‪،‬‬ ‫تونس‪ ،‬مرص‪ ،‬إرسائيل‪ ،‬سورية‪ ،‬لبنان‪،‬‬ ‫تركيا‪ ،‬العراق‪ ،‬وتنتهي يف بلجيكا‪.‬‬ ‫يشار إىل أن هوشنك أويس كاتب‬

‫“صوت سوريا” فيلم أمريكي‪ /‬بوليفي‬ ‫عن الحرب في سوريا‬

‫العدد ‪2017 / 1 / 16 - 84 -‬‬

‫أنهى مؤخرا‬ ‫ً الباحث والصحايف وتطوير مرشوعات اإلنتاج الفني‬ ‫موريس عائق‪،‬‬ ‫موجز تقرير عن والثقايف السوري املهاجر من مانحني‬ ‫سياسات برنامج‬ ‫“دعم الفن السوري وخرباء وأصحاب قرار عىل املستوى‬ ‫يف املهجر”‪،‬‬ ‫الذي ترشف عليه املحيل واإلقليمي والدويل‪ .‬ويتناول‬ ‫مؤسسة “اتجا‬ ‫هات‪ -‬ثقافة مستقلة”‪ ،‬اقرت ًاحا لبعض البدائل السياساتية‬ ‫والذي كان “عائق”‬ ‫كريسا لبعضها‬ ‫قد أعده بالرشاكة الحالية‪ ،‬أو بلورة وت ً‬ ‫مع فريق عمل مرشوع “ابتكر اآلخر‪.‬‬ ‫سوريا”‪ ،‬حيث ُق‬ ‫دّمت املسودة األوىل وينطلق املوجز من واقع دعم‬ ‫من املوجز‬ ‫ضمن ملتقى “ابتكر اإلنتاج الفني الثقايف السوري الحايل‬ ‫سوريا” الذي‬ ‫عُ قد يف ختام النسخة يف املهجر‪ ،‬يف لبنان (أ ً‬ ‫منوذجا) خالل‬ ‫التجريبية من امل‬ ‫رشوع يومي ‪ 16‬و‪ 17‬السنوات الراهنة‪ ،‬ويعتمد عىل‬ ‫أيلول‪ /‬سبتمرب ا‬ ‫ملايض يف بريوت‪ ،‬قبل تجربة مجموعة مرشوعات أنجزت‬ ‫أن يجري نقاش‬ ‫وتطوير املوجز خالل يف الفرتة ما بني كانون الثاين‪ /‬يناير‬ ‫شهري ترشين ا‬ ‫ألول‪ /‬أكتوبر وترشين وآب‪ /‬أغسطس ‪ 2016‬يف لبنان‪ ،‬ضمن‬ ‫الثاين‪ /‬نوفمرب‬ ‫مع رشكاء اتجاهات يف إطار “بتكر سوريا” مرشوع متكني‬ ‫مرشوع “ابتكر‬ ‫سوريا” قبل الوصول الفن السوري يف املهجر الذي أطلقته‬ ‫إىل صيغته الن‬ ‫هائية التي ستُنرش قري ًبا‪ .‬مؤسسة “اتجاهات‪ -‬ثقافة مستقلة”‪،‬‬ ‫ويتوجه هذا ا‬ ‫ملوجز إىل املؤسسات بالرشاكة مع املجلس الثقايف الربيطاين‪،‬‬ ‫واألفراد‬ ‫أصحاب املصالح يف دعم ومؤسسة “أنرتناشيونال ألريت”‪.‬‬

‫‪15‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.