طلعنا عالحرية / العدد 85

Page 1

‫نصف شهرية‪ ،‬سياسية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬مستقلة‬

‫محادثات األستانة‬

‫العدد ‪85‬‬

‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫مجلة مستقلة‪ ،‬تعنى بشؤون الثورة السورية‪ ،‬نصف شهرية‪ ،‬تطبع وتوزع داخل‬ ‫سوريا ويف عدد من مخيامت اللجوء والتجمعشات السورية يف الخارج‬


‫األستانة‪..‬‬

‫‪2‬‬

‫محاولة الخروج بأقل الخســائر‬ ‫افتتاحية طلعنا عالحرية‬

‫العدد ‪- 85 -‬‬ ‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫يبدو غريباً شبه انعدام اهتامم السوريني‬ ‫مبحادثات األستانة‪ ،‬مقارنة باهتاممهم بشطحات‬ ‫ترامب عىل سبيل املثال‪ ،‬لكن هذه الغرابة‬ ‫تجد تفسريها املبارش من خالل تغييب صوت‬ ‫السوريني املتع ّمد يف هذه املحادثات‪ ،‬ومن خالل‬ ‫الشعور العام املتزايد بانعدام سيطرتهم عىل‬ ‫مصريهم ومصري بالدهم‪.‬‬ ‫أول ما يلفت االنتباه يف تركيبة الوفد املفاوض‬ ‫باسم الثورة السورية‪ ،‬هو غياب الثورة نفسها‪،‬‬ ‫حيث ال دور للمدنيني‪ ،‬وال دور للمؤسسات‬ ‫املدنية‪ ،‬وحيث العمود الفقري للوفد املفاوض‬ ‫ورأسه من العسكر‪.‬‬ ‫لكن املفارقة تبدو منطقية بالنسبة للرعاة‬ ‫الروس‪ ،‬فهم يعلمون كام يعلم الجميع‪ ،‬أن‬ ‫الفصائل العسكرية الثورية هي يف الواقع‬ ‫أضعف ما عند الثورة! وأنها تواجه النظام بنفس‬ ‫مامرساته؛ صحيح أن حجم هذه املامرسات‬ ‫وفاعليتها ال يقارنان مع حجم إجرام النظام‬ ‫وحلفائه‪ ..‬لكن لنتذكر أن الوفد يظن أنه يتكلم‬ ‫باسم ثورة السوريني من أجل الحرية والكرامة‪..‬‬ ‫بالكم‬ ‫باسم ثورة الكرامة! مام يجعل القياس‬ ‫ّ‬ ‫بحد ذاته مسيئاً‪.‬‬ ‫قد تطالب الفصائل العسكرية النظام بإطالق‬

‫رساح املعتقلني وهم مبئات اآلالف‪ ،‬وبتفكيك‬ ‫أجهزته األمنية وهي النواة الصلبة لوجوده‪،‬‬ ‫بينام متتلئ سجون للفصائل ‪-‬مع الفارق الواضح‬ ‫بالحجم والقدرات‪ -‬مبعتقلني ومخطوفني سوريني‬ ‫متس أصل‬ ‫أيضاً‪ .‬كام أنها أصبحت متتلك أسباباً ّ‬ ‫للتمسك مبكاتبها األمنية التي ال تختلف‬ ‫وجودها‬ ‫ّ‬ ‫باملامرسة والوظيفة والجوهر القمعي عن‬ ‫الفروع األمنية للنظام ذاته!‬ ‫يتكلم وفد املعارضة عن معاناة السوريني‬

‫‪www.freedomraise.net‬‬

‫يف ريف حلب وإدلب ويف قرى درعا وبلدات‬ ‫الغوطة الرشقية‪ ..‬يتكلم باسم تلك املناطق‬ ‫التي تس ّمى “مناطق املعارضة”‪ ،‬وال يتكلم عن‬ ‫معاناة السوريني يف املناطق التي تس ّمى “مناطق‬ ‫النظام”‪ ،‬أو عن معاناة حقيقية للسوريني يف الرقة‬ ‫ودير الزور؛ “مناطق داعش”‪ !..‬أو عن معاناة‬ ‫سكان دمشق مث ًال؛ حيث يوجد أكرث من نصف‬ ‫السوريني الباقني يف سوريا اليوم! إنه منطق أمراء‬ ‫الحرب‪ ،‬منطق متزيق سوريا والسوريني‪ ،‬ومنطق‬

‫تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت‬

‫كلمة‬

‫املقاالت املنشورة تعرب عن آراء أصحابها أوالً‬ ‫وال تعرب بالرضورة عن آراء هيئة التحرير‬

‫مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة‬ ‫تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية‬ ‫ويف بعض مخيامت اللجوء‬ ‫معاون رئيس التحرير قسم حقوق اإلنسان‬ ‫نصار‬ ‫أنور البني‬ ‫أسامة ّ‬

‫قسم املرأة‬ ‫يارا بدر‬

‫املجلة غري ملزمة بنرش كل ما يردها من مواد‬

‫رئيس التحرير ليىل الصفدي‬ ‫املحرر االقتصادي‬ ‫وائل موىس‬

‫الغالف‬ ‫سمري خلييل‬

‫‪facebook.com/freeraise‬‬ ‫‪twitter.com/freedomraise‬‬ ‫‪info@freedomraise.net‬‬

‫كاريكاتري‬ ‫سمري خلييل‬

‫زمالء مختطفون يف الغوطة الرشقية‬ ‫رزان زيتونة ‪ -‬ناظم حامدي‬


‫الحياة بوجــوه مختلفة‬ ‫عماد العبار‬

‫تتمة اإلفتتاحية‪..‬‬

‫مقاالت‬

‫رغم كل يشء‪ ،‬ال مفر من القول إنه‬ ‫إذا كان هناك بصيص من أمل أمام‬ ‫هذه املحادثات يف إمكانية إيقاف‬ ‫القتل والتدمري والتهجري‪ ،‬فهذا عىل‬ ‫كل حال إنجاز كبري وإن تأخر كل هذا‬ ‫التأخري‪ ،‬ورمبا بات علينا بعد كل تلك‬ ‫الخيبات واالنكسارات والكوارث أن‬ ‫نقيس املكاسب مبحاولة الخروج بأقل‬ ‫الخسائر‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومهام يبدو مضحكا‪ ..‬أو مؤملا الحديث‬ ‫عن أقل الخسائر‪ ..‬بعد كل هذه األمثان‬ ‫التي دُفعت والتي ال ميكن استعادتها‪،‬‬ ‫لكن أن نخرس كثرياً يبقى أفضل من أن‬ ‫نخرس كل يشء‪ ،‬ومن دون أن يستعيد‬ ‫السوريون صوتهم ودورهم ال يشء‬ ‫مبقدوره أن يرمم خسائرهم الفادحة‪،‬‬ ‫أو أن يعدهم مبستقبل أقل فظاعة‬ ‫ألوالدهم‪.‬‬

‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫لكن‪ ..‬ماذا كان عىل الوفد أن يفعل‬ ‫أو أن ال يفعل؟ ال يشء يسلمه من‬ ‫انتقادات مح ّقة وموضوعية أحياناً‪،‬‬ ‫وباطلة وذاتية يف أغلب األحيان‪.‬‬ ‫السوريون ال يعجبهم العجب! وأفضل‬ ‫نصيحة نتذكرها اليوم هي أن علينا‬ ‫أن نقلل من توقعاتنا حتى ال تكرب‬ ‫إحباطاتنا؛ لتصري نظرة قوية عىل وجوه‬ ‫الوفد وهو قبالة وفد النظام‪ ،‬إحدى‬ ‫اإلنجازات التي نهلل لها‪ ..‬وهزة بدن‬ ‫لوفد النظام بعد خطاب رنان من وفد‬ ‫الثوار أحد أهم مخرجات املؤمتر‪..‬‬

‫العدد ‪- 85 -‬‬

‫ارتهان السكان للقوى القامعة التي‬ ‫تجثم فوق صدورهم‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫متوحش إن‬ ‫عجيب هو هذا العامل‪ ،‬غريب‬ ‫وموحش‪ّ ،‬‬ ‫ٌّ‬ ‫أردت أن تراه بعني‪ ..‬لكنه عقالين ومثري إن أردت أن‬ ‫تراه بعني مغايرة‪..‬‬ ‫التعايش مع مجريات أحداثه فنٌّ ال يتقنه معظم‬ ‫الناس‪ .‬التعايش أم ٌّر صعب‪ ،‬ليس أل ّنه يتط ّلب الكثري‬ ‫من الذكاء؛ بل عىل العكس متاماً‪ ،‬أل ّنه قد يتطلب منك‬ ‫قدراً ال يحتمل من تب ّلد املشاعر‪ ..‬قدراً ال ُيحتمل عىل‬ ‫اإلطالق!‬ ‫مثرية لالهتامم صورة العامل‪ ،‬وهو مييش بسريورة التط ّور‬ ‫دون أيّ مباالة‪ٌ .‬‬ ‫صلب من اإلنجازات واالبتكارات‬ ‫تاريخ ٌ‬ ‫والفلسفات‪ .‬ال يكرتث لآلالم التي تحدث‪.‬‬ ‫املوت ليس عقبة يف طريق هذا التاريخ‪ ،‬مل يكن كذلك‬ ‫قط‪ ..‬العكس رمبا هو الصحيح‪ ،‬الحياة هي التي كانت‬ ‫عقبة يف طريق التط ّور يف كثري من األحيان! أقصد‬ ‫هنا حياة كثري من البسطاء‪ ،‬الذين باتوا عبئاً ثقي ًال‬ ‫عىل اإلنتاج والفاعلية‪ ،‬وهم يرزحون تحت ركام ّ‬ ‫الذل‬ ‫والفقر والتهميش؛ حيث بات العامل ينظر إليهم كزائدة‬ ‫دود ّية‪ ..‬مهام حاولنا تجميل الصورة أو تجاهلها‪ ،‬هي‬ ‫كذلك متاماً‪ ،‬هؤالء عالة عىل البرشية يف نظر األقوياء‬ ‫وامللحقني أو املتش ّبهني بهم‪ ..‬وهؤالء املتش ّبهون صاروا‬ ‫عنرص ّيني بأقنعة شتّى‪ :‬سياس ّيون‪ ،‬أو رجاالت دين‪ ،‬أو‬ ‫أقالم فكر‪ ،‬أو تنمية برشية‪..‬‬ ‫أقالم احرتفت ارتكاب الجرمية مع فنجان قهوة‪ ،‬يف‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫صبيحة كل يوم‪ ،‬وقبل أن تنطلق إىل أشغالها‪ ،‬متارس‬ ‫كل يوم‪ ،‬بدون كلل أو ملل‪ ،‬وطبعاً‬ ‫تقريع املكلومني ّ‬ ‫بدون وجدان‪..‬‬ ‫ما أسهل أن تلقي بالالمئة عىل الضعفاء‪ ،‬فهؤالء لن‬ ‫يصلهم كالمك‪ ،‬ولن ينتبه غالبيتهم لوجودك أص ًال‪،‬‬ ‫فلديهم من املوت والجوع والفقر ما يشغلهم عنك‪.‬‬ ‫ما أسهل أن تعقد الندوات التي تتحدّث عن كسل‬ ‫شعوب‪ ،‬عن قابليتها لالستضعاف‪ ،‬عن ضعف إنتاجيتها‪،‬‬ ‫أو حتى عن ح ّبها لثقافة املوت‪ ،‬عن مورثات الكسل‪،‬‬ ‫والزهد والعجز‪ ،‬أو القتل‪ ،‬املستحكمة يف ثقافتها‪..‬‬ ‫ندوات كهذه تحتكر مسبقاً أوصاف التنوير‪ ،‬والتطوير‬ ‫والتجديد‪ ،‬وأصحابها يضعون أنفسهم فوق النقد‪..‬‬ ‫ما أسهل مواجهة الضعيف‪ ،‬الغائب عن مجريات‬ ‫األحداث‪ ،‬وتحميله كامل املسؤولية‪ ،‬وما أصعب‬ ‫مواجهة املجرمني الكبار!‬ ‫يخ ّيل إ ّيل أحياناً ّ‬ ‫بأن الحياة أسهل من أن نع ّقدها بهذا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشكل‪ ..‬ملاذا ال نفكر كام يفكر امللحقون باألقوياء؟‬ ‫ملاذا ال نسلك الطريق األكرث راحة واألقل تكلفة‪ ،‬والذي‬ ‫قد مينحنا الكثري من مشاعر الفوقية؟ ملاذا ال نرى‬ ‫الوجه اآلخر والجميل للحياة؟‬ ‫ّ‬ ‫فالضعفاء ميوتون أل ّنهم يستحقون املوت‪ ،‬هذا ما‬

‫ستقرؤه بني سطور الكثريين تلميحاً أو ترصيحاً؛‬ ‫فالضعيف يعاين من قابلية االستضعاف‪ ،‬الع ّلة هنا‬ ‫محض ذاتية‪ ،‬وهو بضعفه هذا املسؤول األول عن‬ ‫استدراج غرائز القتل عند األقوى‪..‬‬ ‫ال يشء يدعو إىل القلق كثرياً‪ ،‬فالقتل سينتهي تلقائياً‬ ‫حني يتو ّقف الضعيف عن استدراج القاتل‪ ،‬حني‬ ‫يتوقف عن كونه قاب ًال لالستضعاف واالستباحة؛ أي‬ ‫حني يتخلص من قابل ّيته ألن يكون مقتوالً‪ .‬عليه أن‬ ‫يتخ ّلص إذاً من عشقه ألن يكون مقتوالً‪ ،‬أو فقرياً‪ ،‬أو‬ ‫واقعاً تحت االستبداد أو االحتالل‪..‬‬ ‫ما أسهل ذلك التفسري البارد لألحداث‪ ..‬يقولون ّإن هذا‬ ‫هو صوت العقل املج ّرد‪ ،‬لكنّ التفسري البارد يف حقيقة‬ ‫األمر ال ميت إىل العقل بصلة‪ ،‬هذا ما يحاولون دامئاً‬ ‫إيهامنا به‪ ،‬لكنه مل يكن صحيحاً قط‪ .‬العقل ليس بارداً‪،‬‬ ‫ومل يكن بارداً قط‪ .‬التفسري البارد هو تفسري القوي‪،‬‬ ‫أو تفسري كل امللحقني به‪ ،‬أي هي وجهة نظر الجاين‬ ‫يف جميع األحوال‪ ..‬وال ميكن للجاين أن يتعاطف مع‬ ‫الضحية أبداً‪ ،‬وال ميكنك التن ّكر للضحية إال يف حالة‬ ‫وحيدة‪ :‬أن تكون يف ّ‬ ‫صف القوي الجاين‪ ..‬هذه هي‬ ‫القضية باختصار شديد‪..‬‬ ‫التاريخ هو حصيلة مجموعة من التحوالت والقضايا‬ ‫املتداخلة‪ .‬مل يكن ّمثة قضية ب ّينة ينفصل فيها طرفا‬ ‫ّ‬ ‫والرش إىل أبيض وأسود‪ ..‬مل يتح ّقق ذلك ّإل يف‬ ‫الخري‬ ‫زمن ق ّلة من األنبياء‪ .‬أ ّما السواد األعظم من األحداث‬ ‫فكان متداخ ًال‪ ،‬حتى ال تكاد ترى خيوطاً بيضاء‬ ‫وسوداء‪ ،‬وتكاد تضيع املسؤوليات واألخطاء بني‬ ‫األطراف املتصارعة‪.‬‬ ‫بني‬ ‫ما‬ ‫للتفريق‬ ‫دامئة‬ ‫إمكانية‬ ‫ولكن كان ّمثة‬ ‫جانٍ‬ ‫وضحية‪ ،‬كان ميكن االعتامد دوماً عىل لغة األرقام التي‬ ‫ال ميكن لها أن تكذب‪ ،‬فالضحية باختصار‪ ،‬وببساطة‬ ‫شديدة‪ ،‬هي التي ينترش املوت يف صفوفها أضعاف‬ ‫ما نراه يف صفوف اآلخرين‪ّ ،‬‬ ‫بغض النظر عن أخطاء‬ ‫الضحية وضعف خربتها‪ ،‬وسهولة استجرارها وتوريطها‬ ‫يف ارتكاب مزيد من األخطاء‪ ،‬مبا يش ّوه صورتها‬ ‫ويضعف من عدالة قض ّيتها‪.‬‬ ‫ال توجد جامعة برشية من غري أخطاء وتجاوزات‪،‬‬ ‫واملؤكد ّأن من يطلب ذلك ال يعرف الكثري عن‬ ‫التاريخ البرشي‪ ،‬وعىل األغلب سيكون معزوالً ومحاطاً‬ ‫مبجموعة من األفكار والتص ّورات املغلقة التي ال تقبل‬ ‫الكثري من النقاش‪ ،‬هذا إن أحسنّا الظن‪ .‬ولكن الحقيقة‬ ‫التي تصدمنا دوماً ّأن اإلرصار عىل تفسري األحداث‬ ‫تفسرياً منحازاً للجاين ال يعكس ضعفاً يف قراءة‬ ‫األحداث‪ ،‬بقدر ما يعكس قراراً مسبقاً باالصطفاف مع‬ ‫حلف األقوياء‪ ..‬القتلة!‪..‬‬

‫‪3‬‬


‫‪4‬‬ ‫جالل مراد‬

‫العدد ‪- 85 -‬‬

‫(‪)5‬‬

‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫دراسات‬

‫معيقات متوقعة‬ ‫من املؤكد أن هناك قوى متمثلة بأشخاص‪ ،‬وكتل‪،‬‬ ‫وكتائب‪ ،‬وأجهزة أمنية‪ ،‬وفاسدين من مستغيل‬ ‫األزمة‪ ،‬لن يسمحوا بتمرير عمليات التنظيم‬ ‫والبناء “املوصوفة يف الجزء السابق”‪ .‬وقد نجد عىل‬ ‫الطريق عقبات أخرى أيضاً‪.‬‬ ‫من املهم تحديد تلك العقبات يف البداية وتحديد‬ ‫مكامن القوة التي متتلكها تلك العقبات‪ ،‬والعمل‬ ‫عىل استنباط الحلول املناسبة القابلة للتحقيق‪.‬‬ ‫إن وضوح الرؤية‪ ،‬والعمل اإليجايب الوطني‬ ‫االجتامعي النزيه سيجرد هذه القوى من الكثري‬ ‫من أسلحتها‪ .‬إن إكساب هذا الجهد معنى‬ ‫اجتامعي‪ ،‬وخدمي سيزود القامئني عىل هذه‬ ‫الجهود بتأييد اجتامعي (من املناسب عدم وجود‬ ‫أي طرح سيايس أو أيديولوجي يف هذه الجهود)‬ ‫إن الجهود الدعوية والتوعوية للعمل ستزيد حجم‬ ‫القبول والدعم االجتامعي لفريق العمل‪ .‬ميكن من‬ ‫خالل هذا الجهد الدعوي التوعوي بداية العمل أن‬ ‫يفيض النخراط العديد من الشخصيات االجتامعية‬ ‫يف ذلك النشاط‪.‬‬ ‫من الواحب عدم حشد كل العقبات معا يف‬ ‫البداية‪ ،‬فالتوجه مث ًال نحو حل مشكلة املياه‬ ‫(ما قبل الوصول لعزل البلديات عن السلطات‬ ‫املستغلة أو غري الكفوئني) سيؤلب الفاسدين‬ ‫املتعلقني بهذا امللف فقط‪ ،‬ولن يؤلب الفاسدين‬ ‫يف باقي القطاعات‪ ،‬إن إنجاز ونجاح ملف كملف‬ ‫املياه سيجمع عدداً أكرب من الناس حول الناشطني‪،‬‬ ‫ويزيد الكم العددي للمهتمني‪ ،‬وهذا يعطي دفعاً‬ ‫ثان‪.‬‬ ‫أقوى للبداية بالعمل لحل ملف جزيئ ٍ‬ ‫إن هذه الجهود بتعاقبها‪ ،‬وتوسعها‪ ،‬واتساع‬ ‫الرشيحة االجتامعية الداعمة لها‪ ،‬ستشكل لها‬ ‫قوة تستطيع من خاللها التوجه للبلديات والبدء‬

‫بالعملية املهمة وهي استقالل البلديات عن‬ ‫السلطات الفاسدة‪ .‬وهذا يوازي عىل مستوى‬ ‫وطني عزل الدولة عن السلطات الجائرة‪.‬‬ ‫املعرفة املوضوعية‪:‬‬ ‫ما ذكر سابقاً هو مثال‪ ،‬وباعتقادي أنه يصلح‬ ‫ليكون أيضاً برنامج عمل مهم الستعادة الدولة‬ ‫املخطوفة‪.‬‬ ‫لكن من املهم بكل األحوال أن يتحىل الفاعل‬ ‫مبعرفة موضوعية للواقع‪ .‬هذه املعرفة التي بينا‬ ‫يف استهالل ومنت الدراسة جانباً منها‪ .‬وجانباً من‬ ‫أدوات البحث أيضاً املالمئة لهذه املعرفة‪.‬‬ ‫سرنى اآلن بيرس أن كل الجهود التي بُذلت يف حالة‬ ‫االنفجار األول نحو تنظيم الحراك كانت محكومة‬ ‫بالفشل‪ ،‬ألن صفة الحركة كانت باالبتعاد عن أي‬ ‫شكل من أشكال الوصاية أو الجمعية‪ ،‬بحكم أن‬ ‫اللحظة السابقة لالنفجار كانت لحظة التحكم‬ ‫الشمويل باملجتمع‪.‬‬ ‫إن الجهود الحثيثة والعنيدة لدى الحاملني‬ ‫والدونكشوتيني يف معاندة الحركة العامة للواقع‬ ‫وقواه تشبه حالة شخص يقف أمام قطار منطلق‬ ‫برسعة يف محاولة منه إليقافه‬ ‫ويف مرحلة توازن القوتني‪ ،‬االنفجارية والجاذبة‬ ‫املركزية‪ ،‬بدأت الناس بالتحلق حول هوياتها‬ ‫الجزئية كام نوهنا‪ .‬وبدأ بالتوازي مع ذلك بروز‬ ‫األعالم املناطقية‪ ،‬والعائلية‪ ،‬والطائفية‪ ،‬والعرقية‪،‬‬ ‫وغريها من األعالم مقابل انحسار ظهور الهوية‬ ‫الوطنية املركزية بانحسار العلم السوري سواء‬ ‫العلم الخاص بالنظام أو العلم الخاص باملعارضة‪.‬‬ ‫أيضا كانت الجهود يف هذه املرحلة التي تعيل من‬ ‫العلم الوطني محفوفة باملخاطر‪ ،‬والتحجيم‪ ،‬ورمبا‬ ‫القتل بسبب طبيعة املرحلة‪ .‬الفكرة العامة من‬ ‫كل ذلك االستعراض تتلخص برضورة فهم الواقع‪،‬‬

‫حركة القوى يف الواقع‪ ،‬مساره‪ ،‬متهيداً للقيام بفعل‬ ‫مؤثر يقود للهدف اإلنساين‪.‬‬ ‫إذاً إن فهم الواقع فه ًام موضوعياً رضورة إلحداث‬ ‫تغيري حقيقي وإنساين يف الواقع‪ ،‬وهذا ما كان‬ ‫غائباً عن املثقف السيايس الذي اكتفى بطرح املآل‬ ‫والهدف األيديولوجي‪ ،‬دون وضع برنامج يتوافق‬ ‫مع روح الواقع يف لحظاته املتعاقبة‪.‬‬ ‫الجهد املثمر‪:‬‬ ‫بعد أن رأينا أن للواقع حركته الخاصة‪ ،‬التي‬ ‫تدفع بقوة ال ميكن لإلرادة الذاتية تغيريها‪ ،‬بل‬ ‫إنها تحطم أي إرادة ال تتوافق معها‪ ،‬وجب علينا‬ ‫التفكري بالكيفية املجدية ليك تقوم اإلرادة الذاتية‬ ‫يف تغيري مسار األحداث‪ ،‬ثم هل من الرضوري‬ ‫القيام بذلك‪ ،‬أم أن كل الجهود اإلراداوية املوجهة‬ ‫من قبل يوتوبيا ما ال حاجة لها‪ .‬ثم هل فع ًال حرف‬ ‫األحداث باتجاه يوتوبيا ما وتصور ذهني عن‬ ‫األفضل هو فع ًال أفضل للناس‪.‬‬ ‫سأضع كل تلك األسئلة املرشوعة جانباً‪ ،‬وأركز فقط‬ ‫عىل أمر مهني إجرايئ يتلخص بالكيفية املمكنة‬ ‫لتدخل اإلرادة الذاتية يف تغيري مسار حركة واقعية‬ ‫ذاهبة باتجاه ما‪.‬‬ ‫الحقيقة أن هذا التأثري ممكن‪ ،‬فكام سبق وقلنا‬ ‫ليس مبقدور شخص إيقاف قطار مندفع برسعة‪،‬‬ ‫لكن ميكن ليد خبرية تغيري مسار القطار بتغيري‬ ‫اتجاه سكته‪.‬‬ ‫فالتحليل السابق أظهر أنه مهام كان الشكل‬ ‫الخارجي للدولة السورية‪ ،‬فإن عامل االزدهار‬ ‫مرهون بالجهد اإلرادي‪ .‬ومن الواضح أن أي إرادة‬ ‫يقبع خلفها فكر محرك وقصدية واضحة‪ ،‬لكن ما‬ ‫طبيعة هذا الفكر وما هو وما محاوره ومحتواه؟‬

‫يتبع ‪.....‬‬


‫بيــن تدمير غليون‪..‬‬ ‫ورئاسة قسيس‬ ‫أبو القاسم السوري‬

‫العدد ‪- 85 -‬‬ ‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫وعليه ميكن القول إنه من سعى لتدمري برهان‬ ‫غليون فمن الرضوري أن يناقش اليوم هل من‬ ‫املمكن أن يطرح اسم رندة قسيس ملنصب‬ ‫معني! وأنا هنا ال أستهدف تلميع صورة شخص‬ ‫أو مهاجمة شخص‪ ،‬وإمنا ما أناقشه هو رضورة‬ ‫خروجنا من حالة التدمري الذايت الذي نتبناه؛‬ ‫فاليوم لدينا هيئة عليا للمفاوضات‪ ،‬دعونا نقف‬ ‫خلفها ص ّفاً واحداً كقوى ثورة وفصائل عىل‬ ‫املستوى الخارجي‪ .‬أما عىل املستوى الداخيل‪،‬‬ ‫أيضاً يجب علينا تكرار األمر؛ فلنقف صفاً واحداً‬ ‫خلف املؤسسات التي أنتجناها‪ ،‬ليس فقط‬ ‫لنبني مؤسسة سلطات أمر‪ ،‬بل لنكون جزءاً من‬ ‫مؤسسات ثورية عىل مستوى سورية‪ ،‬ونقبل‬ ‫الطاعة مبا يحقق مصلحة الثورة‪.‬‬

‫مقاالت‬

‫يقول الدكتور محمد طه بدوي بأن كل إنسان‬ ‫يحمل يف ذاته ما يسميه بـ “جوهر السياسة”‬ ‫ويشمل حالتني متناقضتني هام‪:‬‬ ‫أ‪ -‬األمر‪ :‬مبعني كل إنسان سوي لديه درجة من‬ ‫السيطرة عىل اآلخرين‪.‬‬ ‫ب‪ -‬الطاعة‪ :‬مبعنى لديه درجة من االستعداد‬ ‫لطاعة اآلخرين‪.‬‬ ‫وطبعاً إذا كان القائد السيايس يرى أن سيطرته‬ ‫عىل اآلخرين وقدرته عىل األمر هي غري مقيدة‪،‬‬ ‫ومنطلقة أساساً من عوامل ذاتية قهرية‬ ‫وتسلطية‪ ،‬وأنه غري خاضع لطاعة‪ ،‬وحتى لو كان‬ ‫من املجموع الشعبي أو الرشعي هو الذي أعطاه‬ ‫سلطة األمر‪ ،‬إذاً نكون حينها أمام ديكتاتورية‬ ‫مستبدة كام هو حال بشار األسد وغريه من‬ ‫املستبدين‪ .‬بينام إذا كان القائد السيايس يرى أن‬ ‫سلطته اآلمرة هي ليست منطلقة من ذاته‪ ،‬وهو‬ ‫خاضع لطاعة املجموع الذي رشعن وجوده يف‬ ‫سدة السلطة‪ ،‬نكون أمام منوذج تشاريك رشعي‬ ‫كام حال القادة السياسيني يف الدول الدميوقراطية‬ ‫املتقدمة‪.‬‬ ‫ملاذا ابتدأت بهذه املقدمة النظرية؟‬ ‫حتى أصل إىل استنتاج معاش خالل ست سنوات‬ ‫من الثورة‪ ،‬وهو منطلق أساساً من حالة التصحر‬ ‫السيايس الذي عاشه املجتمع السوري ملا يزيد عن‬ ‫‪ 40‬عاماً‪ ،‬والذي أثر عىل ماهية جوهر السياسة‬ ‫يف داخل املواطن السوري‪ ،‬والذي اقترص خالل‬ ‫فرتة ما قبل الثورة عىل طاعة عمياء فقط‪ .‬وبعد‬ ‫تحرر مناطق عدة يف سورية من النظام‪ ،‬انقلبت‬ ‫هذه الحالة داخل املناطق املحررة إىل حالة‬ ‫تتمرتس وراء ظاهرة األمر فقط‪ ،‬دون أي طاعة‪،‬‬ ‫وبالتايل الجنوح الكبري نحو مشاريع السلطة‬ ‫والهيمنة‪ ،‬وخاصة أن هذه املشاريع أ ُلبست‬ ‫لبوسات دينية ومنهجية لرشعنتها‪ .‬وعليه كانت‬ ‫النتيجة الحتمية لهذه الحالة هي إنتاج حالة من‬ ‫العطالة الدامئة‪ ،‬أدت إىل فشل بناء أي جسم‬ ‫قيادي أو إيجاد قيادة مرجعية للثورة‪ ،‬وطبعاً‬

‫املربرات يف كل مرحلة تختلف بحسب الظروف‬ ‫السائدة‪ ،‬فإذا ما حاولنا اسرتجاع تجارب إنتاج‬ ‫قيادة للثورة السورية سنصطدم بتلك الحقيقة‬ ‫املرة‪.‬‬ ‫فمع بداية ترشين األول‪ /‬أكتوبر ‪ 2011‬أنشئ‬ ‫املجلس الوطني السوري يف محاولة الستنساخ‬ ‫تجرية املجلس الوطني الليبي‪ ،‬والذي استطاع‬ ‫ومبساعدة غربية‪ -‬إسقاط نظام القذايف‪ .‬وترأس‬‫املجلس الوطني كأول رئيس الدكتور برهان‬ ‫غليون أستاذ علم االجتامع يف السوربون يف‬ ‫فرنسا‪ ،‬لتبدأ عملية إسقاط املجلس من قبلنا‬ ‫قبل غرينا بحجج متعددة! كالقول إن املجلس‬ ‫الوطني “معارضة خارجية” وأن برهان غليون‬ ‫شخص علامين‪ ..‬ليدخل املجلس الوطني بحالة‬ ‫من الشلل‪.‬‬ ‫ويف ترشين الثاين‪ /‬نوفمرب ‪ 2012‬أنشئ االئتالف‬ ‫الوطني السوري‪ ،‬لريأسه رجل الدين الدمشقي‬ ‫معاذ الخطيب‪ ،‬ولنعيد نفس الكرة ولكن هذه‬ ‫املرة بحجج جديدة‪.‬‬ ‫ويف ديسمرب ‪ 2015‬أنشئت الهيئة العليا‬ ‫للتفاوض‪ ،‬برئاسة أكرب شخصية مدنية منشقة‬ ‫عن النظام الدكتور رياض حجاب‪ ،‬لنعيد نفس‬ ‫الكرة يف تدمري مؤسسات قيادة الثورة‪ ،‬وتدمري‬ ‫أشخاصها‪ .‬ولعل أخطر طعنة تلقتها الهيئة‬ ‫العليا للمفاوضات هي ما حصل أخرياً من‬ ‫قبول الفصائل السورية الذهاب ملؤمتر األستانة‬ ‫باعتبارها فصائل متفرقة وليست تحت عباءة‬ ‫هيئة جامعة لها‪ ،‬عل ًام أن غالبية هذه الفصائل‬ ‫ممثلة بالهيئة العليا للمفاوضات‪.‬‬ ‫إذاً حالة الخلل ما زالت موجودة‪ ،‬وهي ظاهرة‪.‬‬ ‫االمتناع عن االنخراط يف أي جسم أو مؤسسة‬ ‫تجرب طالب السلطة عىل الخضوع أو الطاعة مبا‬ ‫يحقق مصلحة املجموع‪.‬‬ ‫وعليه ميكن فهم حالة العجز التي وصلنا إليها يف‬ ‫عدم القدرة عىل إنتاج أجسام قيادية حقيقية‪،‬‬ ‫وهذا األمر ال ينطبق عىل املؤسسات السياسية‬

‫الكربى التي ذكرناها سابقاً‪ ،‬بل هي حالة منترشة‬ ‫يف كل املناطق املحلية املحررة يف سورية‪ .‬فإذا ما‬ ‫استعرضنا واقع مناطقنا املحررة‪ ،‬نجد أننا فشلنا‬ ‫يف إنتاج أجسام قيادية موحدة لهذه املناطق‪،‬‬ ‫ولذلك انحرص اهتامم القوى املوجودة يف هذه‬ ‫املناطق بالحفاظ عىل ذاتها‪ ،‬دون أن تنظر‬ ‫بشكل أوسع من ذلك‪ ،‬وبالتايل تج ّذرت حالة من‬ ‫العطالة وعدم الفاعلية لالستجابة للتهديدات يف‬ ‫مناطق أخرى‪.‬‬ ‫ولعل جمود جبهات عدة مناطق يف سورية‪،‬‬ ‫يف حني كانت املعارك مشتعلة عىل أشدها يف‬ ‫مناطق أخرى‪ ،‬كنموذج حلب ووادي بردى‪،‬‬ ‫خري دليل عن هذه العطالة‪ .‬ولعل هذه الحالة‬ ‫أوصلت العديد من السوريني لحالة من اليأس‬ ‫بأن تستطيع قوى الثورة إنتاج قيادة حقيقية‪.‬‬ ‫وميكن من هنا فهم حالة التفاعل ‪-‬ولو كان من‬ ‫الناحية الهزلية‪ -‬لدى الكثريين إبان ترسيب اسم‬ ‫“رندة قسيس” كرئيسة لسورية؛ فأعتقد أنه يف‬ ‫داخل نسبة كبرية من السوريني باتوا يعتقدون‬ ‫أن توحد قوى الثورة لن يكون من الداخل‪ ،‬وإمنا‬ ‫بإمالء من الخارج‪.‬‬

‫‪5‬‬


‫‪6‬‬

‫إدوارد ســعيد وترياق الكراهية‬ ‫يوسف المنجد‬

‫العدد ‪- 85 -‬‬ ‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫مقاالت‬

‫عىل الرغم من األهمية البالغة ألفكار وكتابات‬ ‫املفكر العريب الراحل إدوارد سعيد‪ ،‬واالنتشار‬ ‫العاملي لها‪ ،‬وخصوصاً يف مجال فهم العالقة بني‬ ‫األعراق والثقافات‪ ،‬ومنها العالقة بني الغرب‬ ‫والعامل اإلسالمي‪ ،‬إال أن تلك األفكار والكتابات‬ ‫ظلت‪ ،‬يف املجال الثقايف العريب تحديداً‪ ،‬وقفاً‬ ‫عىل النخبة املثقفة‪ ،‬هذا إذا مل نقل عىل نخبة‬ ‫النخبة‪ ،‬ومل يكن هنالك أي جهد لتعميمها ‪-‬إن‬ ‫صح التعبري‪ -‬عىل مختلف فئات املثقفني‪ .‬ورمبا‬ ‫يرجع السبب يف نخبوية كتابات سعيد‪ ،‬إىل‬ ‫الصعوبة التي تكتنفها؛ سواء من حيث الشكل‬ ‫أو املضمون‪ ،‬تلك الصعوبة التي ميكن إسنادها‬ ‫إىل الثقافة املتنوعة واملتعمقة يف آن‪ ،‬التي‬ ‫كان يحوزها الراحل سعيد‪ ،‬األمر الذي يجعل‬ ‫أمر تلقف أفكاره مهمة تحتاج إىل جهد وصرب‬ ‫كبريين‪ ،‬مع مستوى ثقايف عال‪.‬‬ ‫إضافة إىل كون كتاباته كلها قد ُترجمت عن‬ ‫اللغات األجنبية من قبل مثقفني ذوي تخصص‬ ‫رفيع املستوى يف النقد األديب‪ ،‬وخصوصاً الرتجمة‬ ‫األوىل لكتابه “االسترشاق” والتي نهض بها‬ ‫الناقد األديب املعروف كامل أبو ديب‪ُ ،‬م ْؤثراً‬ ‫فيها االبتعاد عن املصطلحات األجنبية‪ ،‬ونحت‬ ‫مصطلحات عربية بديلة‪ .‬ومع أن ترجمة “أبو‬ ‫ديب” لالسترشاق ال ميكن أن توصف بكونها‬ ‫مجرد ترجمة‪ ،‬بل مام ميكن أن يصنف ضمن‬ ‫خانة اإلبداع مع اإلبداع‪ ،‬إال أن ذلك النهج‬ ‫رغم دوافعه الحضارية املرموقة‪ ،‬ساهم يف‬ ‫زيادة صعوبة تناول الكتاب كام رأى كثريون‪.‬‬ ‫األمر الذي تم تجنبه يف الرتجمة العربية الثانية‬ ‫لالسترشاق‪ ،‬والتي توالها الدكتور محمد العناين‪،‬‬ ‫حيث تم تقديم الكتاب بلغة سلسة ومعارصة‪.‬‬ ‫ولعل أفضل ما ميكن أن يوصف به فكر الراحل‬ ‫سعيد‪ ،‬هو أنه فكر إنساين بكل ما يف هذه‬ ‫معان جميلة نبيلة‪ ،‬وفكر‬ ‫الكلمة من عمق ومن ٍ‬ ‫موضوعي ُمنصف إىل أقىص ما يستطيعه إنسان‬ ‫من لحم ودم وهوية وثقافة‪.‬‬ ‫وجوهر رسالته هو غرس الوعي بحقيقة املساواة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬من خالل مقته الشديد للمركزية‬

‫واالستعالئية والشوفينية وتسامي األعراق‬ ‫وتفاضل القوميات والثقافات‪.‬‬ ‫ينصب أكرث ما ينصب‬ ‫وصحيح أن هجومه‬ ‫ُّ‬ ‫عىل استعالئية الغرب‪ ،‬وعنرصيته وإرادة‬ ‫الهيمنة عىل الشعوب التي يعتربها يف مرتبة‬ ‫أدىن؛ إال إن هجومه ذاك موجه يف الحقيقة إىل‬ ‫عموم االستعالئية وادعاءات الفرادة والنقاوة‬ ‫والجوهرانية أياً كان مصدرها‪.‬‬ ‫فهو ال يرمي إىل استبدال مركزية الغرب مبركزية‬ ‫أخرى‪ ،‬أو استعالئية الغرب باستعالئية العرب‬ ‫(مث ًال)‪ ،‬وإمنا هو ض ّد االستعالئية والتاميزية‬ ‫باملطلق‪ .‬فالثقافات عنده منشبكة متداخلة‪،‬‬ ‫متكئة عىل بعضها‪ ،‬متكاملة فيام بينها‪ ،‬وال وجود‬ ‫لثقافة نقية خالصة بالكامل‪ .‬وهي (الثقافات)‬ ‫دنيوية تاريخية‪ ،‬مبعنى أنها من إنتاج البرش ومن‬ ‫مثار الخربات اإلنسانية‪ ،‬فهي بالتايل ليست منزَّلة‬ ‫وال منزَّهة وال مقدَّسة‪ ،‬بل هي تخضع باستمرار‬ ‫للنقد والفحص واملراجعة‪ .‬وهي كذلك ليست‬ ‫جوهرية ثابتة بل متغرية متطورة‪.‬‬ ‫ويف نظر سعيد فإن أكرث ما يؤجج الرصاعات‬ ‫والعداوات بني األمم ويغذيها بالكراهية والنفور‪،‬‬ ‫هو التعصب والتباهي الثقايف‪ ،‬وتغذية األجيال‬ ‫مبآثر األجداد‪ ،‬ونحت شخصيات أسطورية منهم‪.‬‬ ‫يف مقابل تبخيس اآلخر ورفضه والحط من قيمه‬ ‫وثقافته ورموزه‪ ،‬وإن قبول اآلخر عم ًال ال نظراً‪،‬‬ ‫والتعرف عليه كن ٍّد وليس كصنف منحط‪ ،‬لكفيل‬ ‫باستبدال ثقافة الكراهية والعداوة والبغضاء‬ ‫والنفور‪ ،‬التي تعد الوقود الذي يؤجج الرصاعات‬ ‫ويخلق الحروب ويخ ِّلف الدماء واملآيس واآلالم‪.‬‬ ‫والسبيل إىل ذلك يف نظره هو تغذية األجيال‬ ‫بالروح النقدية املتشككة التي ال تس ِّلم بكل ما‬ ‫يقدم إليها‪ ،‬وباالنفتاح عىل الثقافات ودراستها‪،‬‬ ‫وعدم االقتصار عىل الثقافة القومية‪.‬‬ ‫ومع محدودية االهتامم عربياً بإدوارد سعيد؛ إال‬ ‫أنه كثرياً ما تم فهمه بخالف مقصده‪ ،‬أو ُأ ِخذ‬ ‫يف طرق مغايرة لتلك التي أراد سلوكها‪ ،‬إذ كثرياً‬ ‫ما ُتستثمر كتبه ودراساته كوثائق إدانة للغرب‬ ‫وحلفائه من باب “وشهد شاهد من أهلها”‬

‫باعتباره مسيحياً‪ ،‬ويحمل الجنسية األمريكية‪،‬‬ ‫وعاش ّ‬ ‫جل حياته يف الغرب‪ .‬كام ويُفهم كمدافع‬ ‫رصح يف أكرث من مكان من‬ ‫عن اإلسالم‪ ،‬رغم أنه َّ‬ ‫كتبه أنه مل يكن يقصد ال يف “االسترشاق” وال يف‬ ‫“تغطية اإلسالم” وال يف غريها من كتبه ومقاالته‬ ‫الدفاع عن اإلسالم؛ وإمنا الذي كان يقصده هو‬ ‫الهجوم عىل تزييف الوعي‪ ،‬وكشف الغطاء‬ ‫عن ادعاءات العلمية واملوضوعية والنزاهة‬ ‫والحيادية والرباءة التي كان يزعمها الغرب‬ ‫ألعامله عن الرشق عامة وعن اإلسالم والعامل‬ ‫اإلسالمي خاصة‪ ،‬بهدف وضع القبول لترصفاته‬ ‫لدى جمهوره تجاه الرشق‪ ،‬من احتالل وهيمنة‬ ‫واستعامر ونهب للرثوات‪ ،‬وبيان أن تلك األعامل‬ ‫األدبية والفكرية التي كانت تستهدف الرشق‪،‬‬ ‫إمنا كانت تنطلق من دوافع إمربيالية استعامرية‪.‬‬ ‫فمن مبادئ سعيد األساسية احرتام جميع األديان‬ ‫والثقافات والقوميات‪ ،‬وكثرياً ما يورد عبارة‬ ‫“إمييه سيزر”‪“ :‬مثة متسع للجميع يف ميدان‬ ‫النرص” كتعبري عن إمكانية التعايش السلمي‬ ‫وإنه ليس رشطاً ليك تزدهر ثقافة أن تقوم بالقضاء‬ ‫عىل الثقافات األخرى‪.‬‬

‫كذلك فإن أفكار سعيد التي تدعو إىل االنفتاح‬ ‫والتامزج الحضاري‪ ،‬كثرياً ما تم استعاملها‬ ‫كمؤيدات للدعوة إىل االنغالق والتنافر الثقايف‪،‬‬ ‫وأفكاره التي تدعو الغرب إىل مراجعة تصوراته‬ ‫عن اإلسالم والعامل اإلسالمي‪ ،‬كثرياً ما تستعمل‬ ‫يف العامل اإلسالمي لتأجيج الكراهية والعدائية‬ ‫للغرب وحضارته‪ ،‬كام تؤخذ يف العامل الغريب‬ ‫أحياناً كدعوة ملعاداة السامية والتحريض عىل‬ ‫اإلرهاب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫إن فكر سعيد مهم جدا كعالج للكثري من األمراض‬ ‫الفكرية والثقافية والحضارية يف العقلني العريب‬ ‫والغريب عىل حد سواء‪ ،‬وال سيام مرض الكراهية‬ ‫الذي يعد من أكرب مصادر الرش يف العامل‪ ،‬ومن‬ ‫الرضوري ليك ُتفهم كلامته كعالج لتلك األمراض‪،‬‬ ‫ال كمصادر لها‪ ،‬وتساهم بالتايل يف تقديم ترياق‬ ‫لسمومها‪ ،‬أن تكرث حولها الدراسات والنقاشات‬ ‫لتتمكن األجيال من تطويرها واالستفادة منها‪.‬‬


‫دستور من خاطركم‪..‬‬ ‫بــول بريمر لن يتكرر في ســوريا‬

‫‪7‬‬

‫سامي الساري‬ ‫العدد ‪- 85 -‬‬ ‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫مقاالت‬

‫منذ بدء توارد األنباء عن قيام روسيا بكتابة‬ ‫“دستور” للسوريني بدون (ال إحم وال دستور)‬ ‫من السوريني أنفسهم‪ ،‬حتى بدأت بعض األصوات‬ ‫القومجية العروبية تشعر بالخطر الرويس‪،‬‬ ‫فطوال سنوات الثورة مل نسمع منهم أي إدانة‬ ‫للمجازر التي يرتكبها الروس واإليرانيون والنظام‬ ‫الدكتاتوري بحق السوريني والسوريات‪ ،‬بل عىل‬ ‫العكس من ذلك فقد صدعوا رؤوسنا باملامنعة‬ ‫واملقاومة‪ ،‬وأن هذا النظام وحلفاءه هم الحصن‬ ‫املنيع وقلعة الصمود األوىل ضد “إرسائيل”‪ ،‬فظهر‬ ‫أحد القومجيني العرب يحذر من هذا “الدستور”‬ ‫تخص الجيش السوري تقول‬ ‫وأن هنالك فقرة ّ‬ ‫ً‬ ‫رصاحة إن الجيش ليس مكلفا بخوض معارك‬ ‫خارج الحدود‪ ،‬ويحذر هذا القومجي أنه بهذه‬ ‫الفقرة لن يتمكن الجيش السوري املامنع من‬ ‫تحرير فلسطني واستعادة األندلس‪ ،‬وقد نيس أو‬ ‫تناىس هذا القومجي املامنع أن هذا الجيش مل‬ ‫يكن يوماً جيشاً وطنياً؛ بل جيشاً مجرماً عندما‬ ‫بدأ بقتل املتظاهرين السلميني‪ ،‬وقصف بيوت‬ ‫املدنيني باألسلحة الثقيلة‪ ،‬وتهجري وترشيد‬ ‫السكان ورسقة ممتلكاتهم‪.‬‬ ‫بالعودة إىل الدستور الرويس املقرتح‪ ،‬فعىل م ّر‬ ‫التاريخ سمعنا وقرأنا أن العديد من الدول قد‬ ‫قامت باحتالل دول أخرى واستعامرها وفرض‬ ‫هيمنتها‪ ،‬أما أن تقوم دولة بكتابة دستور لدولة‬ ‫أخرى فهذا ال يذكرنا إال مبرشوع “بول برمير” يف‬ ‫العراق الذي زرع بذور الطائفية األوىل يف العراق‪،‬‬ ‫وقسمه إىل أقاليم‪ ،‬بل ود ّمره وم ّهد لظهور‬ ‫ّ‬ ‫التنظيامت اإلرهابية كتنظيم داعش والحشد‬ ‫الشعبي‪ ،‬اللذين يرتكب كالهام أفظع الجرائم‬ ‫بحق الشعب العراقي‪ ،‬باإلضافة إىل نشوء دولة‬ ‫ضعيفة يشوبها الفساد السيايس واالقتصادي‪ ،‬بل‬

‫أصبح العراق دولة تابعة ومحتلة من قبل إيران‪،‬‬ ‫ومهددة بانفصال إقليم كامل عنها (كردستان)‪.‬‬ ‫مرشوع الدستور السوري الذي صاغته روسيا‪،‬‬ ‫وقدمته إىل فصائل املعارضة خالل اجتامعهم‬ ‫يف العاصمة الكازاخية أستانة ‪ ،‬أثار عاصفة من‬ ‫الجدل لدى مختلف فئات الشارع السوري‪ .‬وعىل‬ ‫الرغم من تأكيد املعارضة التي اجتمعت يف أستانة‬ ‫أن مرشوع الدستور مل يناقش‪ ،‬بل إنها تركت‬ ‫املسودة عىل الطاولة‪ ،‬فقد عاد وزير الخارجية‬ ‫الرويس سريغي الفروف إىل محاولة تسويقه من‬ ‫جديد خالل لقائه يف موسكو وفوداً معارضة مل‬ ‫تشارك يف محادثات أستانة‪ ،‬وغابت عنه أبرز‬ ‫التكتالت السياسية املعارضة‪ .‬يف هذا االجتامع؛‬ ‫دافع الفروف برشاسة عن مرشوع الدستور‪،‬‬ ‫موضحاً أنه سيتم تقدميه للجميع (بالغصب)‪:‬‬ ‫النظام والفصائل والقوى السياسية السورية‪،‬‬ ‫وأنه من الخطأ مقارنة مرشوع الدستور الرويس‬ ‫لسوريا‪ ،‬بالدستور األمرييك الذي وضعه بول برمير‬ ‫للعراق‪ ،‬معترباً أن مرشوع برمير الطائفي قد‬ ‫وضعه املحتلون‪ ،‬وفرضوه عىل الشعب العراقي‪،‬‬ ‫وأن بالده ال تحاول فرض اقرتاحاتها عىل أحد‪ ،‬وأن‬ ‫السوريني هم أصحاب القرار األخري يف املوافقة‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫وقالت ماريا زاخاروفا‪ ،‬الناطقة باسم وزارة‬ ‫الخارجية الروسية‪ ،‬إن الهدف من طرح ما‬ ‫أطلق عليه “املرشوع الرويس” للدستور السوري‬ ‫الجديد‪ ،‬هو تشجيع السوريني عىل بدء املناقشة‬ ‫حول املوضوع‪ .‬وأوضحت زاخاروفا‪ ،‬يف ترصيح‬ ‫صحفي‪ ،‬الخميس ‪ 26‬يناير‪/‬كانون الثاين‪“ :‬طبعاً‪،‬‬ ‫ليس هناك أي مساع لإلجبار‪ ،‬وهو ليس برنامجاً‬ ‫ثابتاً للخطوات‪ ،‬إمنا يدور الحديث عن مجموعة‬ ‫أفكار متنوعة‪ ،‬والهدف من طرحها هو مجرد‬

‫البدء يف الحديث حول هذا املوضوع”‪.‬‬ ‫لكن من خالل املعطيات والدور الذي تقوم به‬ ‫روسيا‪ ،‬عرب إنشاء قواعد بحرية وبرية داخل‬ ‫األرايض السورية‪ ،‬بالتأكيد إن هذا الدستور الرويس‬ ‫سيعمل عىل معالجة تلك الهواجس الروسية‬ ‫التي تحدثت عنها وسائل اإلعالم الروسية‪ ،‬والتي‬ ‫حذرت من تكرار التجربة يف فيتنام؛ حيث‬ ‫سمحت الحكومة يف هانوي بإقامة قاعدة بحرية‪،‬‬ ‫رسعان ما تراجعت عن دعم وجودها فيام بعد‪،‬‬ ‫ما أفىض إىل إغالقها ووقف العمل عىل تطويرها‬ ‫يف حينه‪.‬‬ ‫فالضامن الحقيقي ليست االتفاقات املتغرية‪ ،‬بل‬ ‫الدساتري وما تتضمنه من بنود لرتسيخ النفوذ‬ ‫والحفاظ عليها‪ ،‬ومحاولة الهيمنة عرب التحكم‬ ‫مبفاصل الدولة‪.‬‬ ‫وإن كان عكس ذلك‪ ،‬أيعقل أن يفرض الروس أهم‬ ‫وثيقة وطنية عىل السوريني أال وهي الدستور؟!‬ ‫وبعيداً عن مناقشة هذا الدستور من الناحية‬ ‫القانونية‪ ،‬وهو باطل باألساس؛ ألنه ُكتب بأياد غري‬ ‫سورية‪ ،‬فحقّ الشعب يف كتابة دستوره هو بداية‬ ‫االنطالق من أجل تحقيق دولة عرصية متقدمة‪..‬‬ ‫وهذا الحق يعنى حق الشعب يف اختيار أدوات‬ ‫حكمه‪ ،‬وتحديد كيفية ورشوط العمل السيايس‬ ‫يف البالد‪ .‬إذ ال ميكن ألي شعب من الشعوب أن‬ ‫يكون حراً إذا فقد هذا الحق‪.‬‬ ‫أما عن دستور برمير الجديد يف سوريا (دستور‬ ‫من خاطركم) فلن مير عىل السوريني؛ فالشعب‬ ‫السوري قد اتخذ قراره منذ أن بدأ ثورة الحرية‬ ‫والكرامة لتكون سورية هي دولة املواطنة‬ ‫والعدالة واملساواة‪ ،‬ولن ترشق الشمس ال من‬ ‫موسكو وال من الرياض أو طهران‪ ،‬فالشمس لن‬ ‫ترشق إال من دمشق‪ ..‬بالد الشمس‪.‬‬


‫اللعبة الروســية ومشروع الدستور‬ ‫‪8‬‬ ‫المحامي أنور البني‬

‫العدد ‪- 85 -‬‬ ‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫قامت روسيا وبخطوة مفاجئة نسبياً بتسليم‬ ‫مرشوع دستور سوري جديد للوفود التي‬ ‫اجتمعت يف أستانة‪ .‬ومع أن الحديث عن‬ ‫وجود هذا املرشوع للدستور كان متداوالً‬ ‫منذ فرتة طويلة‪ ،‬إال أن خروجه بشكل رسمي‬ ‫للعلن وتداول كل محتوياته أطلق عاصفة من‬ ‫االحتجاجات والنقاشات حول الدستور ومن‬ ‫يضعه ومرشوعيته‪ ..‬وأثارت جملة من االتهامات‬ ‫والجدل حول املسائل اإلشكالية يف املواد‬ ‫الدستورية؛ وهي هوية الدولة ودينها واإلدارات‬ ‫املحلية ودورها‪ ..‬واشتعلت حرب حقيقية بني‬ ‫مكونات املجتمع السوري حول هذه املفاهيم‪،‬‬ ‫يف ّ‬ ‫ظل احتقان وجد خالل الست سنوات التي‬ ‫مضت وقام النظام وحلفاؤه بتغذيته بالعنف‬ ‫الهائل الذي شهده املجتمع السوري‪ ،‬لوضع‬ ‫الجميع تحت ضغط هذا العنف وردات الفعل‪.‬‬ ‫وانقسمت املجموعات السورية (التي مل تكن‬ ‫متحدة أساساً) مجدداً حول املفاهيم األساسية‬ ‫التي أطلقها مرشوع الدستور‪ ،‬وهذا بالضبط ما‬ ‫كان هدف إطالق مثل هذا املرشوع من قبل‬ ‫روسيا‪..‬‬ ‫فإطالق نقاش حول مفاهيم الدولة األساسية‬ ‫بهذا الوقت‪ ،‬وتحت كل هذا االحتقان والعنف‪،‬‬ ‫وتسليمه ليد زعامء مجموعات مسلحة مل يكن‬ ‫لديهم سابقاً أي فكرة أو رؤية أو حتى ثقافة‬ ‫قانونية بسيطة‪ ،‬هدفه متاماً إشعال حرب جديدة‬ ‫بني مكونات املجتمع السوري‪ ،‬لرصف النظر عن‬ ‫الحرب األساسية‪ ،‬وخلق مجرمني وجرائم أخرى‬ ‫إلبعاد التفكري عن املجرمني األساسيني والجرائم‬ ‫الكربى‪.‬‬ ‫بغض النظر عن مواد مرشوع الدستور الرويس‬ ‫وكيفية مقاربته للوضع السوري مبا يحقق‬ ‫مصالح روسيا وحلفائها‪ ،‬وبغض النظر عن من‬ ‫ميكن أن يصيغ مواد دستور سوريا الجديد؛‬

‫فالثقافة الحقوقية هي ثقافة عاملية أساساً‪،‬‬ ‫ويتوجب علينا االستفادة من التجارب العاملية‬ ‫حت ًام عند إنجاز أي جديد‪ ،‬ليكون بالصياغة‬ ‫األمثل واألفضل ملستقبل سوريا‪ ،‬وبغض النظر‬ ‫أن هناك اختالفاً كبرياً يف رؤية السوريني ملرشوع‬ ‫دستور يحكم مستقبلهم‪ ،‬وحت ًام سيكون هناك‬ ‫رصاع بني كل التيارات واالتجاهات السياسية‬ ‫والقومية والدينية حول كيفية رسم العالقة‬ ‫بينهم يف مستقبل سوريا‪.‬‬ ‫بغض النظر عن كل ذلك‪ ،‬فإن إطالق مرشوع‬ ‫دستور من قبل روسيا اآلن هدفه إحداث فتنة‬ ‫حقيقية بني مكونات الشعب السوري واستثامر‬ ‫كل هذا االحتقان والغضب واليأس لدى الشعب‬ ‫السوري لحرف الثورة السورية عن هدفها‪،‬‬ ‫وتغيري فحوى الرصاع وأطرافه‪ ،‬وتغيري مواقع‬ ‫األطراف لتنتقل روسيا إىل حكم بينام هي‬ ‫خصم‪ ،‬وتنتقل إىل موقع الحياد بعد كل اإلجرام‬ ‫والجرائم التي ارتكبتها يف سوريا‪.‬‬ ‫رصاعنا اآلن ليس عىل كيفية رسم مستقبل‬ ‫سوريا؛ فالشعب السوري م ّر مبراحل كثرية كان‬ ‫هناك رصاع كبري عىل رسم هوية ومستقبل‬ ‫الدولة السورية‪ ،‬وأنجز عدداً يتجاوز الخمسة‬ ‫دساتري يف ّ‬ ‫ظل وجود نفس مكونات الشعب‬ ‫السوري وتشكيالته السياسية والدينية والقومية‬ ‫املوجودة حالياً‪ ،‬وتجاوز خالفاته وأنجز دساتري‬ ‫كانت قدوة يف كل املنطقة‪ ،‬ومل تحصل حروب‬ ‫بني هذه املكونات‪ ،‬ومل ُي َح أو يباد أي مكون من‬ ‫مكونات الشعب الذي مازال موجوداً‪ .‬لذلك ال‬ ‫خوف عىل الشعب السوري أن يتجاوز خالفاته‬ ‫وينجز مستقب ًال دستوراً مميزاً‪ ،‬يحفظ حقوق كل‬ ‫مواطني دولته دون أي متييز‪.‬‬ ‫رصاعنا بدأ وما زال مستمراً مع االستبداد‬ ‫والديكتاتورية‪ .‬رصاعنا كان وما زال مع مجرمي‬ ‫الحرب واملجرمني ض ّد اإلنسانية‪ .‬رصاعنا مع دول‬

‫احتالل تتمدد وتتمدد‪ ،‬وتنشئ مناطق سيطرة‬ ‫ونفوذ عىل حساب سوريا والشعب السوري‪.‬‬ ‫بوصلتنا هي الحرية والكرامة والوطن لكل‬ ‫مواطنيه مهام اختلفت قوميتهم أو دينهم أو‬ ‫طائفتهم أو جنسهم‪ ،‬وهذا لن يكون بوجود‬ ‫الديكتاتورية أو االحتالل‪ ،‬ولن يتم مبشاركة‬ ‫مجرمي الحرب الذين ارتكبوا أفظع الجرائم‬ ‫بحق سوريا والسوريني؛ فهؤالء ال وجود لهم‬ ‫يف مستقبل سوريا حت ًام وهؤالء املجرمون هم‬ ‫الطائفة الوحيدة التي تستحق أن ُتحى ويتم‬ ‫استئصالها من مستقبل سوريا‪.‬‬ ‫إن اللعبة الروسية بإطالق مرشوع دستور‬ ‫لتغيري جوهر الرصاع ال يجب أن تنطيل علينا‪،‬‬ ‫وأن نسارع للركض للملعب الرويس ملناقشة ما‬ ‫يطرحونه‪ ،‬ونلعب لعبتهم التي وضعوا رشوطها‬ ‫وقواعدها وأحكموا الحصار عىل الالعبني‪.‬‬ ‫إن الدساتري‪ ،‬وإن كانت نخبة قانونية متثل كل‬ ‫مكونات الشعب تضعها وال يعيبها أن تستفيد‬ ‫من كل التجارب‪ ،‬ولكنها ال متر إال عرب استفتاء‬ ‫شعبي يوافق فيه الشعب عىل مستقبله‪ ،‬وهذا‬ ‫ال يتم إال يف زمن السلم واألمان واالطمئنان‪،‬‬ ‫ويف ظل وجود قوى وأحزاب سياسية وفكرية‪،‬‬ ‫وليس بزعامء ميليشيات مسلحة! وال ميكن أن‬ ‫يتم تحت ظل السالح ودوي الرباميل املتفجرة‪،‬‬ ‫وال الطائرات القاذفة وال االنتحاريني‪ ،‬وال بظل‬ ‫دول احتالل ومناطق نفوذ‪ ..‬وال ميكن أن يطرح‬ ‫عىل شعب أكرث من نصفه نازح أو الجئ‪ ،‬وثالثة‬ ‫أرباعه تحت خط الفقر‪ ،‬وبلد أكرث من ثلثه مدمر‬ ‫متاماً‪ ،‬وأكرث من خمسمئة ألف ضحية‪ ،‬ومليوين‬ ‫مصاب‪ ،‬وربعه دون أي سكن‪ ،‬ونصف أطفاله‬ ‫دون تعليم‪ ،‬واألهم مازال املجرمون الذين قاموا‬ ‫بكل ذلك يطرحون بكل صفاقة مرشوع دستور‬ ‫للنقاش!‬ ‫هل هناك مهزلة أكرث من ذلك؟!‬


‫الفئــات المحمية في‬ ‫القانون الدولي اإلنســاني‬

‫‪9‬‬

‫المحامي إبراهيم القاسم‬

‫العدد ‪- 85 -‬‬ ‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫منذ بدء الثورة السورية‪ ،‬عمد النظام إىل قتل البرش‬ ‫والشجر والحجر‪ ،‬واستعان باملرتزقة من كل مكان‬ ‫عىل شكل ميليشيات طائفية ارتكبت برفقته جرائم‬ ‫حرب وجرائم ض ّد اإلنسانية بحق الشعب السوري‪،‬‬ ‫سيام النساء واألطفال‪ .‬وبعد ذلك استعان النظام‬ ‫بإيران وروسيا ليفتك بالشعب السوري‪ .‬ويف سبيل‬ ‫تحقيق ذلك‪ ،‬استخدم النظام وحلفاؤه كل األسلحة‬ ‫التقليدية والبيولوجية والكياموية واألسلحة الحارقة‪،‬‬ ‫ذات القدرة التدمريية العالية واملحظورة دولياً‪.‬‬ ‫وليضمن النظام وحلفاؤه القضاء عىل أكرب عدد‬ ‫ممكن من املدنيني‪ ،‬عمد إىل استخدام أسلوب‬ ‫التجويع والحصار‪ ،‬ومنع دخول املساعدات اإلنسانية‬ ‫الغذائية والطبية‪ ..‬وفوق ذلك كله استهدف بشكل‬ ‫مبارش كل الطواقم الطبية واإلغاثية والصحفية‪،‬‬ ‫وطواقم الدفاع املدين يف كل أنحاء سورية‪ ،‬حتى‬ ‫يحرم املدنيني من أي أمل يف إنقاذ أو نجاة أو عالج‬ ‫أو حياة‪ ،‬ضارباً بعرض الحائط بكل االتفاقيات‬ ‫الدولية التي تضمن حامية املدنيني واألطقم الطبية‬ ‫واإلغاثية‪.‬‬ ‫حيث جاءت اتفاقيات جنيف وبروتوكوالها‬ ‫اإلضافيان لحامية مجموعة واسعة من األشخاص‬ ‫واملمتلكات‪ ،‬أثناء النزاعات املس ّلحة‪ ،‬وأرسى الحرب‬ ‫واألشخاص املحتجزين اآلخرين‪ ،‬باإلضافة إىل املدنيني‬ ‫واألعيان املدنية‪ ،‬باإلضافة إىل الالجئني والنازحني‬ ‫واألشخاص املفقودين نتيجة نزاع مس ّلح‪.‬‬ ‫كام يحمي القانون الدويل اإلنساين العاملني يف‬ ‫املنظامت اإلنسانية؛ كاألشخاص املسؤولني عن توفري‬ ‫الرعاية البدنية واملعنوية؛ أي أفراد الخدمات الطبية‬ ‫وموظفي الدعم اإلداري وأفراد الهيئات الدينية‬ ‫الذين ينبغي أال يكونوا هدفاً ألي هجوم‪ ،‬ويجب‬ ‫السامح لهم بأداء واجباتهم‪ ،‬سواء أكانت يف املجال‬ ‫الطبي أم الديني‪ّ .‬‬ ‫ويوطد القانون الدويل اإلنساين‬ ‫بصورة شاملة ومفصلة يف نصوصه الحامية املمنوحة‬ ‫للطواقم الطبية ووسائل النقل واملعدات‪ ،‬مثل‬ ‫موظفي اللجنة الدولية وجمعيات الصليب األحمر‬

‫والهالل األحمر‪ .‬وتستفيد هذه املنظامت أيضاً من‬ ‫استخدام شارات الحامية‪ ،‬املعرتف بها من قبل‬ ‫اتفاقيات جنيف واملتمثلة بالصليب األحمر والهالل‬ ‫األحمر والكريستالة (البلورة) الحمراء‪ ،‬وشارة الدفاع‬ ‫املدين واألعيان الثقافية املحمية‪.‬‬ ‫وقد جاءت هذه الحامية وفق ما نصت عليه‬ ‫اتفاقيات جنيف األربع وهي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬اتفاقية جنيف األوىل (‪ )1949‬تحمي أفراد‬ ‫القوات املس ّلحة الجرحى واملرىض يف امليدان‪.‬‬ ‫‪ - 2‬اتفاقية جنيف الثانية (‪ )1949‬تحمي أفراد‬ ‫القوات املس ّلحة الجرحى واملرىض والغرقى يف‬ ‫البحار‪.‬‬ ‫‪ - 3‬اتفاقية جنيف الثالثة (‪ )1949‬تحمي أرسى الحرب‪.‬‬ ‫‪ - 4‬اتفاقية جنيف الرابعة (‪ )1949‬تحمي األشخاص‬ ‫املدنيني‪.‬‬ ‫‪ - 5‬الربوتوكول اإلضايف األول (‪ )1977‬يعزز الحامية‬ ‫املكفولة لضحايا النزاعات املسلحة الدولية‪.‬‬ ‫‪ - 6‬الربوتوكول اإلضايف الثاين (‪ )1977‬يعزز الحامية‬ ‫املكفولة لضحايا النزاعات املسلحة غري الدولية‪.‬‬ ‫‪ - 7‬الربوتوكول اإلضايف الثالث (‪ )2005‬يعزز الحامية‬ ‫للشارات الدولية‪.‬‬ ‫وتأيت أهمية ضامن سالمة العاملني يف مجال اإلغاثة‬ ‫الطبية والغذائية وأفراد الدفاع املدين‪ ،‬الذين يقومون‬ ‫بعمليات اإلجالء‪ ،‬ومكافحة الحريق‪ ،‬وتطهري جثث‬ ‫املوىت‪ ..‬يف ّ‬ ‫ظل الرصاعات املس ّلحة‪ ،‬وما ترتكه من آثار‬ ‫وأرضار عىل املجتمعات‪.‬‬ ‫وحسب القانون الدويل اإلنساين‪ ،‬ال يجوز ارتكاب‬ ‫أي هجوم عىل العاملني يف مجال اإلغاثة الطبية‬ ‫والغذائية وأفراد الدفاع املدين‪ ،‬طاملا أنهم ال‬ ‫وينص القانون‬ ‫يشاركون يف العمليات العدائية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الدويل أيضاً عىل توفري الحامية للمعدات والسيارات‬ ‫واملباين املستخدمة من قبل هذه الفئات‪.‬‬ ‫فنصت اتفاقيات جنيف عىل أنه من واجب الدول‬ ‫ّ‬ ‫وقت النزاعات املسلحة “أن تكفل حرية مرور‬ ‫جميع إرساليات األدوية واملهامت الطبية‪ ،‬املرسلة‬

‫حرصاً إىل سكان طرف متعاقد آخر من املدنيني‪،‬‬ ‫حتى لو كان خص ًام‪ .‬ويتعني لها السامح بحرية‬ ‫مرور أي إرساليات من األغذية الرضورية واملالبس‬ ‫واملقويات املخصصة لألطفال دون الخامسة عرشة‬ ‫من العمر والنساء الحوامل أو النفاس”‪.‬‬ ‫ال يوجد أي مربر الستهداف هذه الفئات مهام كانت‬ ‫األعذار والحجج‪ ،‬وحتى مبدأ الرضورة الحربية‪ ،‬ال‬ ‫ميكن اعتامده يف استهداف هذه الفئات‪ ،‬فعمل هذه‬ ‫الفئات ال يشكل تهديداً مبارشاً أو غري مبارش عىل قوة‬ ‫املتحاربني‪ ،‬وهذا ما يتطلب من القوات املتحاربة‬ ‫حتى يف حالة الرضورة الحربية اختيار وسائل حربية‬ ‫تتناسب مع غاية الرضورة الحربية؛ فوفق مبدأ‬ ‫التناسب‪ ،‬عىل سبيل املثال يجب أن تتالءم أعامل‬ ‫القصف والتدمري والتخريب للممتلكات الخاصة‪،‬‬ ‫أو العامة أو لألرايض الزراعية‪ ،‬مع متطلبات سكان‬ ‫اإلقليم املدنيني‪ ،‬واحتياجاتهم‪ ،‬فال يجوز بأي حال‬ ‫من األحوال أن تستخدم القوات املتحاربة ‪-‬حتى يف‬ ‫ظل قيام مربرات الرضورة الحربية وتوافرها‪ -‬ما قد‬ ‫يؤدي إىل املساس باحتياجات قد تؤدي إىل وضعهم‬ ‫يف ظروف معيشية صعبة أو التأثري عىل استقرارهم‪،‬‬ ‫كاستهداف الفئات املحمية واألعيان املحمية‪ ،‬سيام‬ ‫الفئات التي تقوم بالعمل اإلنساين‪.‬‬ ‫ويف سورية رفض النظام السوري االعرتاف بأن‬ ‫الوصف القانوين للحالة يف سورية هي حالة نزاع‬ ‫مس ّلح غري دويل‪ ،‬وادعى دوماً أن ما يقوم به يأيت‬ ‫يف إطار محاربة اإلرهاب‪ ،‬وهذا األمر وضع الفئات‬ ‫املحمية أمام تداعيات خطرية منها‪ :‬عدم خضوع‬ ‫الدولة للقانون الدويل اإلنساين يف إدارة عملياتها‬ ‫القتالية ض ّد املعارضة املس ّلحة‪ ،‬وبالتايل عدم السامح‬ ‫لهيئات العمل اإلنساين بالقيام بعملها يف سورية‪ ،‬ويف‬ ‫كثري من األحيان عدم السامح أساساً بوجود هيئات‬ ‫العمل اإلنساين عىل األرض‪ ،‬باعتبار أن القضية “شأن‬ ‫داخيل” يف إطار مكافحة اإلرهاب‪ ،‬وإطار التطبيق‬ ‫القانوين لها هو القانون الوطني السوري الداخيل‬ ‫وليس الدويل‪.‬‬


‫‪10‬‬

‫جديد‪،‬‬ ‫بحاجة دســتو ٍر‬ ‫هل نحن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫إعالن دستوري؟‬ ‫أم‬ ‫ٍ‬ ‫المحامي ميشال شماس‬

‫العدد ‪- 85 -‬‬ ‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫قبل اإلجابة عىل هذا السؤال‪ ،‬البد من إيضاح‬ ‫املوقف من الخطوة الروسية األخرية‪ ،‬التي متثلت‬ ‫باستغالل روسيا ملؤمتر األستانة‪ ،‬وطرح مرشوع‬ ‫دستور سوري “بنكهة روسية” عىل املجتمعني‪.‬‬ ‫والسؤال الذي يطرح نفسه هنا‪ ،‬هو ملاذا طرحت‬ ‫موسكو مرشوعها للدستور السوري يف اجتامع‬ ‫املخصص أساساً ليس لبحث قضايا سياسية‪،‬‬ ‫األستانة ّ‬ ‫بل لتثبيت وقف إطالق النار؟!‬ ‫ً‬ ‫مام الشك فيه أن روسيا تريد رسيعا استثامر‬ ‫سيطرتها العسكرية يف سورية‪ ،‬من خالل حاميته‬ ‫سياسياً‪ ،‬عرب فرض حلٍ سيايس يخدم مصلحتها‪ ،‬قبل‬ ‫أن ينتهي ترامب من إنجاز تشكيلته إلدارة السياسة‬ ‫األمريكية الجديدة‪ .‬كام ويأيت طرح موسكو ملرشوع‬ ‫الدستور السوري لقطع الطريق أمام أي حديث‬ ‫عن املطالبة مبرحلة انتقالية يف سورية ال تريدها‬ ‫موسكو‪ ،‬وجمع ما أمكنها من أطراف سورية‬ ‫معارضة ومتعارضة تحت قيادة األسد‪ ،‬يف حكومة‬ ‫واحدة مع منحها بعض الصالحيات الشكلية‪،‬‬ ‫وهو ما يعني إعطاء ّ‬ ‫صك براءة لنظام األسد من‬ ‫جرامئه التي ارتكبها بحق الشعب السوري‪ ،‬وإعادة‬ ‫تكريسه ليس كام كان قامئاً قبل آذار عام ‪،2011‬‬ ‫وبل عىل نحو يشبه اتفاق الطائف اللبناين الذي‬ ‫ك ّرس سلطة أمراء الحرب األهلية اللبنانية‪.‬‬ ‫فام نحتاجه يف هذه املرحلة‪ ،‬ليس صياغة دستور‬ ‫جديد لسورية‪ ،‬عىل أهميته‪ ،‬بل إىل االتفاق عىل‬ ‫مرحلة انتقالية تيل تثبيت وقف إطالق النار؛‬ ‫فالبالد يف حالة دمار وخراب شبه كامل برشياً‬ ‫واقتصادياً‪ ،‬وهي تحتاج بالتأكيد إىل فرتة عالجية‬ ‫ملساعدتها عىل وقف االنهيار يف املجتمع‪ ،‬وسلوك‬ ‫طريق التعايف من املأساة الرهيبة التي تعيشها‪.‬‬ ‫هذه الفرتة العالجية تحتاج إىل مدة ال تقل عن‬ ‫سنتني‪ .‬ولن تتعاىف سورية من محنتها‪ ،‬إن بقي يف‬ ‫الحكم من ساهم يف تدمريها وكان بإمكانه تفادي‬ ‫ذلك ومل يفعل‪.‬‬

‫تفرتض املرحلة االنتقالية بداية وقف العمل يف‬ ‫الدستور الحايل‪ ،‬ووقف العمل بالقوانني املقيدة‬ ‫للح ّرية واملحاكم االستثنائية‪ ،‬وإصدار إعالن‬ ‫دستوري مؤقت‪ ،‬يتضمن عدداً من املبادئ‬ ‫األساسية ال تتعدى أصابع اليدين‪ ،‬ويف مقدمها‬ ‫التأكيد عىل االلتزام بوحدة واستقالل سورية‬ ‫وتنوعها الثقايف والقومي والديني‪ ،‬والتأكيد عىل‬ ‫مدنية ودميقراطية الدولة‪ ،‬ومبدأ تداول السلطة‬ ‫سلمياً‪ ،‬ومبدأ سيادة القانون واملساواة فيه وأمامه‬ ‫لجميع السوريات والسوريني‪ ،‬وااللتزام مببادئ‬ ‫حقوق اإلنسان املنصوص عليها يف كافة االتفاقيات‬ ‫واملواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫والسيام املتعلقة بحقوق الطفل واملرأة وحرية‬ ‫الرأي والتعبري والفكر واالعتقاد‪ ،‬وعدم التمييز‬ ‫بني السوريات والسوريني ألي سبب كان‪ ،‬والتأكيد‬ ‫عىل استقاللية القضاء بصفته الضامن للح ّريات‬ ‫والحقوق‪ ،‬وعدم إصدار أي قانون أو ترشيع ينتهك‬ ‫هذه املبادئ‪.‬‬ ‫ويتضمن اإلعالن الدستوري طريقة تشكيل‬ ‫الحكومة املؤقتة إلدارة البالد خالل املرحلة‬ ‫االنتقالية عىل أن يراعي يف تشكيلها التنوع‬ ‫السيايس والقومي والديني للسوريني‪ .‬ومنحها‬ ‫مجتمعة كافة الصالحيات التنفيذية وبعض‬ ‫الصالحيات الترشيعية‪ ،‬مبا ال يتناقض وأحكام‬ ‫اإلعالن الدستوري‪ .‬وفور تشكيل الحكومة تعلن‬ ‫قبولها كافة املساعدات الخارجية غري املرشوطة‪،‬‬ ‫وتبارش بإعادة بناء ما تهدم‪ ،‬وتهيئ الظروف املالمئة‬ ‫لعودة كافة الالجئني بأقىص رسعة ممكنة‪ ،‬وتعيد‬ ‫تأهيل وتشغيل اإلدارات واملؤسسات‪ ،‬وضبط‬ ‫األمن‪ ،‬وعمل كل ما من شأنه أن يخفف املعاناة‬ ‫عن كافة السوريني‪ .‬وتعيد هيكلة السلطة القضائية‬ ‫وتأمني استقاللها‪ ،‬كام تبارش بسحب السالح وحرص‬ ‫استخدامه بقوى الجيش واألمن‪ ،‬عىل أن ُيعاد‬ ‫تأهيلهام عىل أسس وطنية احرتافية‪ ،‬وإخضاعهام‬

‫لسلطة الحكومة ورقابة السلطة القضائية‪ ،‬وإحالة‬ ‫من ت ّورط منهم بقتل السوريني إىل املحاكم‪.‬‬ ‫ويتضمن اإلعالن الدستوري أيضاً النص عىل‬ ‫إنشاء هيئة للعدالة االنتقالية يأيت يف مقدمة‬ ‫مهامها إطالق رساح كافة املعتقلني والكشف عن‬ ‫املفقودين‪ ،‬وإنشاء صندوق لتعويض الضحايا‪،‬‬ ‫وإجراء مصالحة وطنية وتخليد ذكرى الضحايا‪،‬‬ ‫والنظر يف تشكيل محاكم وطنية ملحاكمة مرتكبي‬ ‫جرائم الحرب أو الجرائم ض ّد اإلنسانية وغريها من‬ ‫االنتهاكات الخطرية لحقوق اإلنسان‪ ،‬وتستمر هذه‬ ‫الهيئة يف عملها حتى إمتام عملها‪.‬‬ ‫ينص اإلعالن الدستوري عىل‬ ‫وأخرياً يجب أن ّ‬ ‫تشكيل جمعية وطنية‪ُ ،‬ينتخب نصف أعضائها‬ ‫من الشعب‪ ،‬تعمل عىل إصدار قانون لالنتخابات‪،‬‬ ‫وصياغة مرشوع دستور جديد للبالد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وحال االنتهاء من صياغة مرشوع الدستور‪ ،‬تسلمه‬ ‫للحكومة املؤقتة التي تقوم بعرضه عىل االستفتاء‬ ‫الشعبي‪ ،‬وبعد أن يحوز الدستور عىل موافقة‬ ‫الشعب‪ ،‬تبارش الحكومة املؤقتة بتهيئة األجواء‬ ‫األمنية والسياسية واإلعالمية إلجراء االنتخابات‬ ‫النيابية والرئاسية‪ ،‬بإرشاف ورقابة منظامت املجتمع‬ ‫األهيل املحيل والعريب والدويل وفقاً ملواد الدستور‬ ‫الجديد؛ حيث تنتهي مهمة الحكومة املؤقتة حك ًام‬ ‫بعد إعالن نتائج االنتخابات النيابية والرئاسية‬ ‫وتشكيل الحكومة الجديدة‪.‬‬ ‫السوريات والسوريون ليسوا عاجزين عن صياغة‬ ‫دستور‪ ،‬ولديهم ما يكفي من الكفاءات لصياغة‬ ‫دستور للبالد‪ ،‬وهم ليسوا بحاجة ملن يفرض‬ ‫عليهم دستوراً غريباً عنهم‪ ،‬فام يحتاجونه اليوم‬ ‫من املجتمع الدويل هو ّ‬ ‫الكف عن دعم من ساهم‬ ‫بتدمري البالد‪ ،‬ومساعدتهم عىل مللمة جراحهم‬ ‫وإعادة بناء دولتهم بعيداً عن القتل والتدمري‬ ‫واالستبداد والتطرف‪.‬‬


‫أنت حلبي ؟!‬

‫‪11‬‬

‫نبيل سايس*‬

‫العدد ‪- 85 -‬‬ ‫• جدبه‪ :‬مجنون‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫• مية السالمة‪ :‬كلمة للرتحيب‪ ،‬وال تستعمل إل يف‬ ‫مدينة حلب‪.‬‬ ‫• كني‪ :‬يا هل ترى؟‬ ‫• قليط‪ :‬اسم فرع من فروع نهر بردى يف دمشق‪،‬‬ ‫مياهه ال تجري وتحمل الكثري من األوساخ لتتحول إىل‬ ‫مصدر للروائح الكريهة‪.‬‬ ‫• متل عامود رصمدا‪ :‬املقصود وقفت بال حول وال قوة‪.‬‬ ‫واالسم األصيل هو عمود رسمدا؛ وهو نصب تاريخي‬ ‫يف قرية رسمدا التابعة ملنطقة حارم األثرية يف إدلب‪.‬‬ ‫• بروك‪ :‬اجلس‪.‬‬ ‫*مخرج مسرحي ‪ .‬بيروت‬

‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫وبعد سنتني دخلت إليها ألول مرة يف حيايت‪،‬‬ ‫كانت هناك رائحة غريبة تداعب أنفي‪ ..‬قال‬ ‫يل بعض األصدقاء من أصدقايئ الحلبيني مازحاً‬ ‫يف ما بعد‪:‬‬ ‫ هي ريحة قليط*!‬‫فكرت كثرياً يف تلك الرائحة حتى عمري هذا‪..‬‬ ‫مل تكن رائحة “قليط” بل كانت رائحة حلب!‬ ‫بدون أي مبالغة‪ ..‬وكانت تلك الرائحة تدخل‬ ‫إىل مسامي أكرث فأكرث يف كل يوم كنت أعيشه‬ ‫يف تلك املدينة‪ ..‬ويف كل يوم كنت أمر فيه‬ ‫بأسواقها القدمية قدم التاريخ ذاته‪ ..‬يف كل‬ ‫كأس من الشاي رشبته يف مقاهيها أو عىل‬ ‫عتباتها‪ ..‬ويف كل فنجان قهوة احتسيته يف‬ ‫حدائقها وحاراتها وعىل أدراج كنائسها‪ ..‬ويف‬ ‫كل آذان كنت أسمعه من الجامع الكبري أو أي‬ ‫جامع فيها‪ ..‬تلك الرائحة مل تخرج مني يوماً‪..‬‬ ‫حتى وإن سافرت إىل جميع أصقاع األرض يف‬ ‫ما بعد‪ ..‬بقصد أو بدونه‪ ،‬ما زلت أستعمل‬ ‫مصطلحايت الحلبية أينام ذهبت‪ ،‬وإن كانت‬ ‫مم) أي باقِ ‪ ،‬أو‬ ‫غريبة بعض اليشء مثل (ت ْي ْ‬ ‫( ُك ْه ْنهْ) أي هذا هو‪ ،‬أو ( ِد ْيهْ) مبعنى ه ّيا‪ ،‬ألقف‬ ‫أحياناً يف مواقف مضحكة؛ كأن يقف الشخص‬ ‫الذي أحدثه ‪-‬عند إحدى تلك الكلامت‪-‬‬ ‫مستغرباً وكأين أحدثه بلغة سنسكرتية ألعود‬ ‫مكرراً يف غضب‪:‬‬ ‫ ديه ّإش َب ْ‬‫ـك ‪ْ ..‬‬ ‫أش رصلَ ْك قلبت عمود‬ ‫ص َمدَا*؟!‬ ‫َ ْ‬ ‫ثم استطرد بعد أن أدرك أنه لن ينهض‪:‬‬ ‫ ديه بروك* خليك‪.‬‬‫ً‬ ‫ليقف مرة أخرى مستغربا أكرث‪ ،‬ثم يضحك‬

‫حني يعلم ّإن كنت أتع ّمد التحدث بكلامت‬ ‫غريبة‪.‬‬ ‫وحتى اآلن‪ ،‬وأعتقد أين سأبقى كذلك حتى‬ ‫آخر يوم يف عمري‪ ،‬ال أرمي أظافري يف املنزل‬ ‫ألنها “بتعمل مشاكل” وال أترك أحداً يعبث‬ ‫باملقص أمامي؛ أي يفتحه ويغلقه دون أن‬ ‫يقص به شيئاً‪“ :‬ألنه بيجيب رش”‪ ..‬مع أين أعلم‬ ‫ّ‬ ‫بأن ال يشء علمياً يف ذلك الحديث‪ ،‬ولكني‬ ‫مقتنع داخ ّياً بذلك! ويف أكرث من موقف كان‬ ‫أحدهم يقول يل‪:‬‬ ‫ إنت حلبي؟!‬‫نعم‪ ،‬أنا حلبي‪ ..‬وقد تجدد حلمي أن أعود إىل‬ ‫حلب‪ ،‬ومازال حلمي أن أدخل قبل الجميع‬ ‫إىل قلعتها‪ ،‬هذه املرة ليس ألحكم املدينة‪ ،‬بل‬ ‫ألفتح الباب لكل الناس‪ ،‬متاماً مثلام قال يل أيب‬ ‫رحمه الله‪.‬‬ ‫‪---------------------‬‬

‫مقاالت‬

‫بدأت هذه القصة عندما كنت يف الثامنة من عمري يف اليمن‪..‬‬ ‫علمت بأن طف ًال سورياً آخر غريي يف املدرسة‪ ،‬وهو من الشعبة‬ ‫“د”‪ ،‬فانتظرته طوي ًال عىل باب ص ّفه‪ ،‬أنا وصديقي‪ ،‬وحني خرج‬ ‫قال يل صديقي اليمني‪ :‬هذا هو‪.‬‬ ‫فاستقبلته ضاحكاً‪ ،‬وأكاد أرصخ ألنه أول من سوف أتحدث معه‬ ‫بلهجتي‪ ،‬ويف املدرسة‪:‬‬ ‫ لك أهلني وسهلني وميت السالمة‪.‬‬‫تركنا الجميع‪ ،‬تحدثنا طوي ًال‪ ،‬كان الحديث حمي ًام جداً‪ ،‬وخاصة‬ ‫عندما اكتشفت أنني صديقه السوري األول يف اليمن‪ ،‬وأنه ولد‬ ‫مثيل يف صنعاء‪ ..‬قال يل‪:‬‬ ‫ أنا من اعزاز‪ ،‬هي بعد حلب‪ ،‬أنت من وين؟‬‫ ما بعرف أنا من وين‪ ..‬أنا وال مرة رحت لسوريا‪.‬‬‫ أنت حلبي‪ ..‬بس من وين من حلب؟‬‫ شلون عرفت أين حلبي؟!‬‫ أنت عم تحيك حلبي!‬‫ شلون يعني؟‬‫ أشو شلون يعني؟ جدبة* يش انت كني*؟‬‫حينها عدت إىل املنزل وسألت والدي‬ ‫ من وين نحن؟‬‫ من سوريا‪.‬‬‫ أي‪ ..‬أي‪ ..‬بعرف من سوريا لكان من السودان؟ قصدي من أي‬‫مدينة؟‬ ‫ضحك أيب حتى احمرت وجنتاه‪ .‬ثم أجابني‪.‬‬ ‫ من حلب‬‫ أص ًال أنا عرفت إين من حلب‪ .‬اليوم صار عندي رفيق سوري قيل‬‫أنت من حلب‪ ..‬ألنو عم تحيك حلبي‪.‬‬ ‫بدأ والدي حينها يحيك يل أن حلب مدينة عظيمة‪ ،‬قال يل إنها‬ ‫أقدم مدينة يف العامل! ثم بدأ يحيك يل عن تاريخها العريق‪ ،‬وعن‬ ‫قلعتها‪ ..‬كم كان خرباً غريباً بالنسبة يل حني قال يل بأن مدينتك‬ ‫تقبع يف منتصفها قلعة مهيبة واسمها قلعة حلب!‬ ‫ أوف حتى القلعة اسمها حلب؟!‬‫ إي لكان‪ ..‬وما ضل حدا بالتاريخ إال وبدو يدخل عليها‪ ..‬ويحكم‬‫حلب من جواتها‪.‬‬ ‫ وه ًال مني قاعد فيها؟‬‫ ما حدا‪ ..‬أي حدا بيقدر يدخل‪ ،‬يعني كل الناس!‬‫وحينها فقط تحولت أحالمي إىل حلب‪ ،‬حني أكرب سوف أذهب‬ ‫إىل حلب‪ ،‬وسوف أسكن يف قلعتها‪ ،‬ألنها “لكل الناس”‪ ..‬وسوف‬ ‫أحكم املدينة‪ ..‬ألين سوف أسكن يف القلعة‪ ..‬ولكن‪ ..‬كل الناس يف‬ ‫القلعة! اذاً عيل أن أذهب باكراً وأسبق الجميع!‬


‫حقوق المرأة وحقوق االنسان‬ ‫‪12‬‬ ‫د‪ .‬مارية العبدة‬

‫العدد ‪- 85 -‬‬ ‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫يدعو بعض الكتّاب إىل النظر يف قضية املرأة مبنطقتنا‬ ‫العربية من زاويا مغايرة أو مختلفة‪ ،‬ومنها طرح ّأن‬ ‫مشكلة املرأة غري قابلة للفصل عن قض ّية اإلنسان‬ ‫املقهور‪ ،‬وهذا أمر ال شك فيه‪ .‬ولكن يذهب بعض‬ ‫الكتّاب إىل القول ّ‬ ‫بأن حصول املرأة عىل حقوقها‬ ‫هو أمر ٌ‬ ‫منوط بحصول الرجل عىل حقوقه ونتيجة‬ ‫طبيعية لذلك‪ ،‬وعليه ال داعي للمطالبة بحقوق‬ ‫خاصة بالنساء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أسايس من قض ّية‬ ‫جزء‬ ‫هي‬ ‫املرأة‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫قض‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫األكيد‬ ‫من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان وال ميكن فصل حقوق املرأة عن حقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬ولذلك ال ميكن اعتبار نظام إجرامي يدعم‬ ‫حق املرأة باملشاركة السياس ّية‪ ،‬سواء باالنتخاب أو‬ ‫ّ‬ ‫الرتشح‪ ،‬نظاماً منارصاً للمرأة‪ ،‬وقد وقعت العديد‬ ‫من املدافعات عن حقوق املرأة السوريات يف هذا‬ ‫املطب‪.‬‬ ‫من جهة أخرى ال ُب ّد من أن نتذ ّكر حني نتبنّى قض ّية‬ ‫تالزم حقوق املرأة واإلنسان‪ ،‬أن نتبناها باالتجاهني؛‬ ‫مبعنى أنه يجب أن ندرك ّأن منع أي حق من حقوق‬ ‫اإلنسان عن املرأة لكونها امرأة هو انتهاك لحقوق‬ ‫اإلنسان‪ ..‬وهنا يأيت الجزء الصعب‪ .‬هل سندافع‬ ‫عن حق املرأة ّ‬ ‫بالرتشح واالنتخاب يف املناطق التي‬ ‫ُم ِن َع ْت منها؟ هل سندافع عن ح ّقها بالوصاية عىل‬ ‫أطفالها أو منحهم هو ّيتها؟ هل سنعترب ذلك انتهاكاً‬ ‫لحقها اإلنساين ونكتفي بحصول الرجل عىل هذه‬ ‫الحقوق؟ أو نعتربها مرحلة أخرى‪ ،‬وكأ ّنه يجب‬ ‫أن يأخذ الرجال حقوقهم بداية لتحصل املرأة‬ ‫عىل حقها الحقاً؟! وأال ميكن لالثنني الحصول عىل‬ ‫حقوقهام سو ّية؟‬ ‫مع ّأن التاريخ العريب واإلسالمي يذخر بأمثلة لنساء‬ ‫واضح ورصيح بأمور‬ ‫قمن وطالنب بحقوقهنّ بشكلٍ‬ ‫ٍ‬ ‫خاصة بهنّ ‪ ،‬رمبا ال متتلك نساء اليوم الجرأة عىل‬ ‫ّ‬ ‫الخوض فيها‪ ،‬كـ”خولة بنت ثعلب الخزرجية” التي‬ ‫ذهبت لتجادل الرسول (ص) عن ح ّقها الذي حرمها‬

‫زوجها منه حني ظاهرها‪ ،‬وبقيت تجالده حتى نزلت‬ ‫اآلية الكرمية التي خلدت الحادثة‪ ،‬وحكمت بقسوة‬ ‫عىل مرتكبي فعل الظهار‪ ،‬ووصفت قولهم باملنكر‬ ‫والزور‪:‬‬ ‫“قد سمع الله قول التي تجادلك يف زوجها وتشتيك‬ ‫إىل الله والله يسمع تحاوركام إن الله سميع بصري‬ ‫[‪ ]1‬الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن‬ ‫أمهاتهم ّإن أمهاتهم إ ّال الاليئ ولدنهم وإن ّهم ليقولون‬ ‫منكراً من القول وزوراً ّ‬ ‫وإن الله لَ َع ّف ٌو غفور” [سورة‬ ‫املجادلة‪ .]1-2:‬مل تو ّبخ خولة عىل مطالبتها بحقها‪،‬‬ ‫بل بقيت قصتها محفوظة يف القرآن الكريم لتكون‬ ‫منوذجاً ُيحتذى‪.‬‬ ‫حتّى يف حالة الحقوق املتساوية‪ ،‬مل تقبل السيدة “أم‬ ‫سلمة” أن يتم تضمني النساء يف القرآن الكريم ضمن‬ ‫موجه للرجال‪ ،‬ولو ّأن جمع املذكر يشمل‬ ‫خطاب ّ‬ ‫ٍ‬ ‫املذكر واملؤنث يف اللغة العربية‪ ،‬وأتت تشتيك‬ ‫لرسول الله (ص)‪( :‬يا رسول الله‪ :‬يذكر الرجال وال‬ ‫خاصة تذكر املؤمنني واملؤمنات‪،‬‬ ‫ٌنذكر)‪ .‬فنزلت آيات ّ‬ ‫ومختلف صفاتهم بصيغتي املذكر واملؤنث؛ “إن‬ ‫املسلمني واملسلامت واملؤمنني واملؤمنات‪[ ”..‬سورة‬ ‫األحزاب‪.]35:‬‬ ‫بنا ًء عىل هذا التاريخ اإلسالمي‪ ،‬نشطت حديثاً‬ ‫العديد من الحركات النسو ّية اإلسالم ّية املعارصة‪،‬‬ ‫خاصة يف املغرب العريب‪ ،‬والتي تهتم بقضايا نسائ ّية‬ ‫ّ‬ ‫ونسو ّية‪ ،‬وتعمل هذه الحركات عىل إيجاد حلول‬ ‫لهذه القضايا من زاوية مرجعيتهن الدينية‪ ،‬وتالقي‬ ‫أولئك النساء بالغالب هجوماً من مختلف األطراف‬ ‫الدين ّية وغري الدين ّية؛ إذ تتهمهنّ األطراف الدين ّية‬ ‫خاصة بهنّ ‪،‬‬ ‫التقليد ّية بالعاملة لبحثهنّ عن حقوق ّ‬ ‫و لطرح أسئلة غري مريحة‪ ،‬يف حني تتهمهنّ األطراف‬ ‫غري الدين ّية بالتخ ّلف بسبب البحث عن التح ّرر من‬ ‫خالل الدين!‬ ‫ّإن عدم التق ّبل للمطالب واملراجعات النسائ ّية هو‬

‫أمر شائع يف كل املجتامت‪ ،‬فهناك أمثلة كثرية عن‬ ‫حركات نسائ ّية حوربت بسبب مطالبتها بحقوقها‪،‬‬ ‫وهي ضمن مجموعة مضطهدة طبق ّياً‪ ،‬عرق ّياً أو‬ ‫دين ّياً‪ّ .‬‬ ‫لعل أبرزها هو نضال النساء السود يف الواليات‬ ‫املتحدة ض ّد القوانني التمييز ّية ض ّد السود والنساء‬ ‫يف الخميسنيات والستينيات من القرن املايض؛ حيث‬ ‫كان الرجال السود يتهمون النساء اللوايت يطالنب‬ ‫بحقوقهن بالخيانة للقضية السوداء‪ ،‬وتشويه صورة‬ ‫الرجل األسود‪ ،‬لكن يف الحقيقة هؤالء النسوة حملن‬ ‫القضية السوداء ضمن ملف حقوقي أكرب وأعم هو‬ ‫ملف حقوق اإلنسان والحقوق املدن ّية‪.‬‬ ‫تذكر إحدى املؤ ّرخات ّأن بعض مركبات القطارات‬ ‫كانت تحمل عبارات‪“ :‬ممنوع ركوب النساء‬ ‫والسود” فكانت النساء السود ممنوعات مرتني‪،‬‬ ‫ولذلك كان ال ُب ّد لهنّ من خوض معركة تح ّرر واحدة‬ ‫كامرأة سوداء‪ ،‬ومل يكن هناك مجال لفصل القضيتني‬ ‫عن بعضهن البعض‪ ،‬فالحق ال ُيجزّأ بوجهة نظرهنّ ‪،‬‬ ‫و بذلك قدن نضاالً تح ّرر ّياً ُمتعدّد الطبقات‪.‬‬ ‫هكذا أصبحت الشابة السوداء “روزا بارك” أيقونة‬ ‫للكرامة والنضال ض ّد القوانني التمييز ّية يف الواليات‬ ‫املتحدة بعد مخالفتها القانون التمييزي ورفضها‬ ‫الوقوف لرجل أبيض ليجلس مكانها يف الباص عام‬ ‫‪ .1955‬كانت “روزا” إحدى املتم ّردات اللوايت خالفنّ‬ ‫عادات وتقاليد املجتمع التمييزي الذي وجدت‬ ‫نفسها فيه‪.‬‬ ‫للنساء املظلومات مرتني حق برفع أصواتهنّ مرتني‬ ‫أسايس من حقوق‬ ‫وأكرث‪ ،‬وحقوق املرأة هي جزء‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان؛ ال يستقيم أحدهام دون اآلخر‪ .‬وبالتأكيد‪،‬‬ ‫الرجل ليس خص ًام للمرأة‪ ،‬ولكن بالتأكيد أيضاً ّ‬ ‫فإن‬ ‫املرأة ليست تابعاً للرجل‪ .‬كالهام فاعل ومسؤول‬ ‫عن مصريه‪ ،‬وال ُب ّد لهام من العمل معاً لبناء مجتمع‬ ‫مؤسسات ّية دميقراطية تصون حقوق الجميع‪.‬‬ ‫ودولة ّ‬


‫بورتريه‪:‬‬

‫ثريا الحافظ‬ ‫ونسوية‬ ‫وطنية‬ ‫رائدة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪13‬‬

‫المحامية منى أسعد‬

‫فيام ض ّمت جمعية “خريجات دار املعلامت”‬ ‫أملع الوجوه النسائ ّية السورية لتلك املرحلة‪.‬‬ ‫وزاوجت الحافظ بني نضاالتها الوطن ّية وبني‬ ‫نشاطاتها االجتامع ّية لخدمة املرأة وتطوير‬ ‫قدراتها والتعريف بحقوقها‪ ،‬فأسهمت‬ ‫عام ‪ 1943‬بتأسيس “جامعة نساء العرب‬ ‫القوميات” للمطالبة بحق املرأة يف املساهمة‬ ‫بالحياة السياس ّية‪.‬‬ ‫وبهدف االهتامم ببنات الشهداء وتقديم‬ ‫الرعاية والتعليم والتوجيه لهنّ ‪ ،‬ومساعدتهنّ‬ ‫عىل االعتامد عىل أنفسهن‪ ،‬ومتكينهنّ من‬ ‫القيام بدور منتج يف املجتمع‪ّ ،‬أسست الحافظ‬ ‫عام ‪ 1945‬جمعية “دار كفالة الفتاة” التي‬ ‫ابتدأت أعاملها برعاية عرشين فتاة‪ ،‬واستم ّرت‬ ‫حتى عام ‪ ،1965‬وقد بلغ عدد طالباتها عند‬ ‫إغالقها ‪ 400‬طالبة‪ .‬كام أسهمت عام ‪،1956‬‬ ‫بتأسيس جمعية “رعاية الجندي السوري عند‬ ‫الحدود” وجمعيات أخرى مثل “جمعية نقطة‬ ‫الحليب” و”جمعية الفنون”‪.‬‬ ‫مل تهمل الحافظ تلك النسوة اللوايت فاتهنّ‬ ‫قطار التعلم‪ ،‬وكنّ يشكلن الغالبية العظمى‬ ‫من مجموع السكان‪ ،‬فعمدت منذ ‪ 1918‬إىل‬ ‫تعليم األميات مبادئ القراءة والكتابة‪ ،‬كخطوة‬ ‫أوىل يف محاربة الجهل ونرش العلم واملعرفة‪،‬‬ ‫وبذلك عُ دّت ثريا الحافظ من أوائل العامالت‬

‫العدد ‪2017 / 2 / 1 - 85 -‬‬

‫ولدت “ثريا الحافظ” يف دمشق عام ‪ ،1911‬وتيتّمت‬ ‫وهي يف الخامسة من عمرها‪ ،‬إث ّر إعدام األتراك والدها‬ ‫الشهيد األمرياالي أمني لطفي الحافظ‪ ،‬مع مجموعة‬ ‫“األحرار العرب” يف ‪ 6‬أيار ‪ .1916‬نشأت ثريا يتيمة يف‬ ‫كنف أمها ورعاية عمها األمري مصطفى الشهايب‪ ،‬وورثت‬ ‫مقارعة ا ُملستَعمر باكراً وهي ال تزال طالبة يف “دار‬ ‫املعلامت”‪ ،‬إذ شاركت يف أ ّول مظاهرة نسائ ّية خرجت‬ ‫تندّد باالنتداب الفرنيس عام ‪ .1928‬فيام بعد شاركت‬ ‫يف العمل العسكري‪ ،‬فحملت السالح وأسعفت املصابني‬ ‫وم ّرضت الجرحى وأغاثت الثكاىل ورعت أطفال‬ ‫الشهداء‪ .‬كام شاركت عام ‪ 1929‬يف أ ّول مظاهرة نسائ ّية‬ ‫لتشجيع الناخبني عىل اختيار ممثليهم‬ ‫سورية‪ ،‬خرجت ّ‬ ‫ّ‬ ‫من قامئة “الكتلة الوطن ّية” املؤلفة من فوزي الغزي‬ ‫وفارس الخوري وسعد الله الجابري وهاشم األتايس‪.‬‬ ‫بعد تخ ّرجها من “دار املعلامت” عام ‪ ،1928‬عملت‬ ‫ثريا مد ّرسة لألدب العريب‪ ،‬ثم مديرة يف مدارس دمشق‪،‬‬ ‫وتز ّوجت من الصحفي والكاتب منري الريس رئيس‬ ‫تحرير جريدة “بردى” التي صدرت أواخر األربعينيات‬ ‫واستم ّرت حتى مطلع الستينيات‪ .‬وقد كان لعملها يف‬ ‫مجال التعليم ودعم زوجها “الريس لها الدور البارز‬ ‫يف تحديد أطر نضاالتها؛ إذ ومن خالل عملها عايشت‬ ‫ثريا الحافظ معاناة وضعف وعجز املرأة يف املجتمع‬ ‫الذكوري املتخ ّلف‪ ،‬وتل ّمست أوجاعها‪ ،‬فسكنها هاجس‬ ‫رضورة تغيري هذا الواقع‪ ،‬عرب النهوض مبستوى املرأة‬ ‫والرجل معاً‪ ،‬وبالتايل النهوض باملجتمع ككل‪ .‬فعمدت‬ ‫طيلة حياتها وبكل ما أوتيت من قوة‪ ،‬إىل صياغة واقع‬ ‫جديد للمرأة‪ ،‬سواء عرب األحاديث اإلذاع ّية واملقاالت‬ ‫الصحف ّية واملحارضات األدب ّية يف األندية الثقاف ّية‪ ،‬أو عرب‬ ‫العمل يف الجمعيات الخري ّية والثقاف ّية والنهضو ّية التي‬ ‫تأسيسها‪.‬‬ ‫ّأسستها‪ ،‬أو ساهمت يف ّ‬ ‫ُتعدُّ جمع ّية “خريجات دار املعلامت”‪ ،‬التي ّأسستها‬ ‫ثريا الحافظ عام ‪ 1929‬من أوئل الجمعيات النسائ ّية‬ ‫الشعبية السورية املعنية بتوعية املرأة السورية‬ ‫بقدراتها‪ ،‬وتعريفها بإمكاناتها واألخذ بيدها لتقوم‬ ‫بدورها يف الحياة واملجتمع‪ ،‬إذ مل يسبق أن عرفت سوريا‬ ‫يف تلك الحقبة إ ّال جمعية ّأسسها الفرنسيون يف سوريا‪،‬‬ ‫وأخرى للطبقة الحاكمة املرتبطة باالستعامر الفرنيس‪،‬‬

‫يف محو األم ّية‪.‬‬ ‫أقامت السيدة الحافظ عام ‪ 1946‬بالتعاون مع السيدة‬ ‫زهراء العابد زوجة رئيس الجمهورية السورية آنذاك‪،‬‬ ‫ضم‬ ‫صالونها األديب “حلقة الزهراء األدبية” الذي ّ‬ ‫العديد من الشخصيات األدب ّية والسياس ّية‪ .‬حتى كان‬ ‫يوم ‪ 26/12/1953‬حيث ُأشهر “صالون سكينة األديب”‪،‬‬ ‫بعد ميض عام عىل افتتاحه‪ ،‬والذي اعتربته الراحلة من‬ ‫أهم انجازاتها يف خدمة الثقافة واألدب‪ .‬لعب “صالون‬ ‫سكينة األديب” دوراً ُمتم ّيزاً يف الحياة الثقاف ّية واألدب ّية‬ ‫والسياس ّية من خالل شخصياته املعروفة مبواقفها‬ ‫وتأثريها يف املجتمع‪ ،‬أمثال‪ :‬خليل مردم بك واألمري‬ ‫مصطفى الشهايب وفخري البارودي وفؤاد الشايب وعبد‬ ‫السالم العجييل وعزيزة هارون وألفة إدلبي وسامي‬ ‫الدهان وإبراهيم كيالين وغريهم كرث‪.‬‬ ‫أوقف املنتدى عام ‪ ،1963‬فانتقلت السيدة الحافظ‬ ‫واملنتدى معها إىل مرص لتتابع نشاطها من هناك حتى‬ ‫عام ‪ 1970‬حيث توقف املنتدى نهائياً‪.‬‬ ‫مت ّيزت السيدة الحافظ ليس بالجرأة يف طرح أفكارها‬ ‫فحسب‪ ،‬بل أيضاً‪ ،‬يف الدفاع عنها‪ .‬ففي معرض إميانها‬ ‫بحق املرأة يف املساهمة بالحياة السياس ّية‪ ،‬وحني منحت‬ ‫املرأة يف سوريا حق الرتشيح واالنتخاب عام ‪ 1953‬كانت‬ ‫ثريا الحافظ أ ّول سيدة ّ‬ ‫ترشح نفسها لشغل مقعد نيايب‪،‬‬ ‫وهي ُتدرك ّأن املجتمع السوري غري جاهز إلنجاح هذه‬ ‫الخطوة‪ ،‬لكنها مل تلبث أن نالت ثقة الناخبني إ ّبان‬ ‫الوحدة بني مرص وسوريا‪ ،‬إذ دخلت املجلس النيايب بعد‬ ‫حصولها عىل الرتتيب الثاين يف عدد األصوات يف منطقتها‪،‬‬ ‫وكانت عضواً يف “االتحاد القومي” الذي استمدّت منه‬ ‫أفكارها القوم ّية‪.‬‬ ‫تو ّفيت ثريا الحافظ يف الثاين من شهر حزيران عام‬ ‫‪ ،2000‬ودفنت يف دمشق‪ .‬مخ ّلفة وراءها إرثاً غن ّياً للمرأة‬ ‫العرب ّية بشكل عام‪ ،‬وللسورية بشكل خاص‪ .‬باإلضافة‬ ‫إىل كتابني‪“ :‬حدث ذات يوم” وهو مجموعة قصص ّية‬ ‫إصدار دمشق عام ‪ .1961‬تتض ّمن قصصاً ومواقف‬ ‫نضال ّية عاشتها الراحلة نفسها‪ .‬وكتاب “الحافظ ّيات”‬ ‫الذي صدر عام ‪ ،1979‬ويتض ّمن سلسلة مقاالت كتبتها‬ ‫حول أنشطتها ومواقفها وحوارات صالونها‪ ،‬وبعض‬ ‫املواقف الطريفة التي تع ّرض لها مرتادوا الصالون‪.‬‬


‫النجاح بدأ مع نسرين من قرارها‪:‬‬ ‫‪14‬‬

‫جددا للوراء‬ ‫سأبدأ من هنا ولن أعود ُم ّ‬ ‫بشرى البشوات‬

‫العدد ‪- 85 -‬‬ ‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫مل يكن ذلك قراراً صائباً‪ ،‬هكذا خمنتهُ‪ ،‬لكنه‬ ‫يستحق املجازفة‪ .‬هذا الهروب إىل املجهول‪ ،‬هرويب‬ ‫املزدوج محفوف بالربد والفقد واملخاطرة الكبرية‬ ‫بالنسبة المرأة وأ ّم لثالثة أطفال أصغرهم يف الرابعة‬ ‫والنصف من عمره‪.‬‬ ‫“نرسين‪ .‬ش” الطبيبة السورية التي قدمت إىل‬ ‫الكويت بعقد عمل كاختصاصية يف االمراض‬ ‫الصدرية تبدأ حديثها بالقول‪“ :‬ظننت بأنني‬ ‫استطيع أن أحصل عىل راحة قلبي أخرياً‪ ،‬عىل االقل‬ ‫أنا يف دولة عربية‪ ،‬وبعد فرتة قد أمتكن من احضار‬ ‫األوالد‪ ،‬لكن يقيني مل يكن يف محله)‪.‬‬ ‫إذ وفجأة ق ّررت إدارة املشفى الذي تعمل به‬ ‫متوجباً‬ ‫“نرسين” عدم متديد عقد عملها‪ ,‬وأصبح ّ‬ ‫عليها مغادرة الكويت‪ .‬استطاعت “نرسين” االختباء‬ ‫ّ‬ ‫خاطرن بفتح‬ ‫لشهرين أو أكرث يف بيوت زميالت لها‬ ‫ّ‬ ‫املجال لها لرسقة الوقت ريثام أو رمبا لتتمكن من‬ ‫أخذ موافقة كفيل جديد األمر الذي ي ّؤمن بقائها‬ ‫يف الكويت‪ ،‬أو بانتظار قانون جديد يصدر عن‬ ‫غي وضعها وأوضاع‬ ‫“مجلس األ ّمة الكويتي” قد ُي ّ‬ ‫أمثالها ومثيالتها من الوافدين للعمل‪ ,‬لكن‪ -‬طبعا‪ً-‬‬ ‫ذلك مل يحدث‪.‬‬ ‫طوال هذا الوقت مل تفكر “نرسين” ولو للحظة‬ ‫بالعودة إىل سورية‪ ،‬ويف املقابل ق ّررت الخوض يف‬ ‫(زوج يف دمشق وثالثة أبناء‪،‬‬ ‫مغامرة جديدة‪ .‬تقول‪ٌ :‬‬ ‫وال أستطيع العودة إىل سورية بعد استصدار مذكرة‬ ‫توقيف بحقي بسبب نشاطي املؤ ّيد للثورة يف‬ ‫ضيعتي يف بداية الثورة)‪ .‬وتتابع‪( :‬تركت يف دمشق‬ ‫زوجي وأوالدي ‪ ،‬يعمل زوجي ُمد ّرساَ يف أحدى‬ ‫ثانويات دمشق‪ ،‬لذلك قلت سأبدأ من هنا ولن‬ ‫أعود ُمجدّدا للوراء)‪.‬‬ ‫استطاعت “نرسين” يف الكويت تأمني أمورها مبا‬ ‫ثم انطلقت مع مجموعة من‬ ‫يكفي لتصل إىل تركيا‪ّ .‬‬ ‫العائالت السورية من هناك بالطائرة إىل الربازيل‪،‬‬

‫حيث قضت يف مدينة “كوبا باال” إسبوعاً كام ًال‬ ‫لتعود وتتابع رحلتها منه إىل مدينة “ساو باولو”‪،‬‬ ‫ومن مطار داخيل يف هذه املدينة غادرت “نرسين”‬ ‫مع عائلة سورية أخرى إىل “السلفادور”‪.‬‬ ‫تقول “نرسين” عن هذه املرحلة من رحلتها‪( :‬هنا‬ ‫شاهدت ما مل أشاهده سابقاً‪ ،‬وش ّكل أكرث أيام حيايت‬ ‫ُرعباَ وغرابة ‪ ،‬شاهدت مدينة مسكونة باملجرمني‬ ‫وا ُمل ّ‬ ‫رشدين واللصوص)‪.‬‬ ‫من مطار السلفادور طارت “نرسين” إىل إسبانيا‪،‬‬ ‫ووصلت العاصمة “مدريد” التي قضت يف فندق‬ ‫صغري فيها ست ساعات ال أكرث‪ ،‬من السادسة مسا ًء‬ ‫حتى الثانية عرشة لي ًال‪ ،‬حني انطلقت إىل وجهة‬ ‫الرحلة الرئيس ّية “برلني”‪ ،‬العاصمة األملان ّية‪.‬‬ ‫(سافرت من مدريد إىل برلني‪ ،‬طبعاً خالل ّ‬ ‫ُ‬ ‫كل هذه‬ ‫الرحالت كنت قد استدنت مبالغ كبرية من املال‪،‬‬ ‫وساعدين أخويت بجزء منها‪ ،‬حني وصلت محطة‬ ‫“قطارات برلني الرئيس ّية” طلبت من أحدهم أن‬ ‫يقطع يل بطاقة يف القطار إىل مدينة “إيسن” حيث‬ ‫سألتقي هناك بأقاريب)‪.‬‬ ‫رغم صعوباتها مل تخل رحلة “نرسين” ّ‬ ‫مم اعتربته‬ ‫طرائف‪ ،‬وتقول عن أظرفها‪( :‬أطرف ما حدث معي‬ ‫أنني حني أردت التخ ّلص من جواز سفري مل استطع‬ ‫أن أرميه هكذا بالطريق‪ ،‬فكل الشوارع نظيفة‬ ‫وأنيقة‪ .‬لذلك قمت بتقطيعه ووضعته يف جيبي‪،‬‬ ‫وبينام كنت أميش كنت أرمي ورقة يف كل حاوية‬ ‫للقاممة أجدها)‪.‬‬ ‫تم تحويل “نرسين” إىل أحد‬ ‫يف مدينة “إيسن” ّ‬ ‫خصصة لالجئني‪ ,‬وكانت قد احتفظت‬ ‫املخيامت ا ُمل ّ‬ ‫ب (فالشة) نسخت عليها صورة هويتها الشخص ّية‬ ‫وأوراق ثبوت ّية أخرى‪ .‬يف املخيم كان الوضع مأساو ّياً‪،‬‬ ‫واضط ّرت “نرسين” والجئون آخرون إىل االنتظار‬ ‫من منتصف الليل حتى السادسة صباحاً قبل أن‬ ‫ُيسمح لهم بالدخول‪ .‬تقول “نرسين” بقهر‪( :‬نقعنا‬

‫خارجاً يف الربد ومع درجة حرارة تقارب الصفر)‪.‬‬ ‫بعد ‪ 26‬يوماً قضتها “نرسين” يف املخيم جاء الفرز‪،‬‬ ‫وحصلت عىل إقامتها يف آذار ‪ ،2015‬لتبدأ برسم‬ ‫فسجلت يف أ ّول‬ ‫وعيش تفاصيل حياتها الجديدة‪ّ ،‬‬ ‫دورات تع ّلم اللغة األملان ّية يف آيار ‪ 2015‬وانهت‬ ‫األسايس (‪ )B1‬يف ترشين ‪،2015‬‬ ‫املستوى اإلجباري‬ ‫ّ‬ ‫يف نفس الوقت الذي وصلت به عائلتها إىل أملانيا‬ ‫بعد أن ّمتت املوافقة عىل طلب “ ّمل الشمل” الذي‬ ‫تقدّمت به “نرسين”‪ ،‬لكن يف هذه األثناء تع ّرضت‬ ‫“نرسين” ألزمة صح ّية اضط ّرتها إلجراء عمل ّية‬ ‫دسك يف الرقبة‪ ،‬خالل فرتة النقاهة تابعت دراستها‬ ‫وتقدّمت المتحان املستوى الثاين يف اللغة (‪)B2‬‬ ‫ونجحت فيه‪.‬‬ ‫خطوة “نرسين” الثالثة يف حياتها الجديدة كانت‬ ‫بتعديل شهادتها‪ ,‬فقامت مبراسلة أصدقائها يف‬ ‫الكويت الذي أرسلوا شهادتها إىل اخوتها يف دمشق‪،‬‬ ‫وقام أحد أخوتها بتصديق الشهادات وترجمتها‬ ‫وارسالها إليها‪ .‬فاتصلت مبعهد “ننبورغ الطبي”‬ ‫إلجراء دورة طب ّية‪ ،‬لكن املعهد اعتذر‪ .‬الحقاً‬ ‫نجحت “نرسين” بااللتحاق بدورة تدريب ّية من‬ ‫نيسان ‪ 2016‬حتى أيلول من العام ذاته‪ ،‬وحصلت‬ ‫عىل شهادة القيادة يف العام نفسه كذلك‪.‬‬ ‫تم االعتذار‬ ‫بعد أن تقدّمت لثالث مقابالت عمل‪ّ ،‬‬ ‫عن اثنتني منهام‪ ،‬قبلت “نرسين” يف مشفى “‬ ‫ثم استلمت‬ ‫‪ ”würzburg‬لفرتة تجريب ّية مدة شهر‪ّ ،‬‬ ‫عم ًال ثابتاً يف بداية ‪ ،2017‬وحال ّياً تعمل “نرسين”‬ ‫رئيسة لقسم األمراض الصدرية يف املشفى‪.‬‬ ‫تقول “نرسين”‪( :‬يقوم رئييس املبارش بدعمي‬ ‫بشكل كبري‪ ،‬أعاين أحياناً من مشاكل اللغة املحكية‬ ‫التي يستخدمها زماليئ األملان أحيانا لكنني أسري‬ ‫بخطوات جيدة)‪.‬‬ ‫نرسين جازفت واستحقت هذه املجازفة هذا‬ ‫النجاح ‪.‬‬


‫كمال شيخو‬

‫ُمدن وبلدات سورية ُيطرد منها‬ ‫اإلسالمية”‬ ‫تنظيم “الدولة ّ‬

‫وعاد مسلحو التنظيم ليسيطروا مرة ثانية عىل‬ ‫مدينة تدمر الصحراوية يف ‪ 12‬كانون األول‪ /‬ديسمرب‬ ‫العام املايض‪ ،‬فيام كانوا قد استولوا عليها أول مرة‬ ‫بتاريخ ‪ 21‬أ ّيار‪ /‬مايو ‪.2015‬‬ ‫واستعادت فصائل “درع الفرات” يف ‪ 15‬ترشين‬ ‫األ ّول‪ /‬أكتوبر العام املايض‪ ،‬السيطرة عىل بلدة‬ ‫دابق التي تبعد حوايل ‪ 10‬كيلومرتات عن الحدود‬ ‫الرتك ّية‪ ،‬وكانت تحمل داللة رمز ّية وتاريخية لدى‬ ‫عنارص التنظيم‪ ،‬إذ أطلقوا اسمها عىل مجلتهم‬ ‫الصادرة باللغة اإلنكليز ّية‪.‬‬ ‫وكان الجيش الرتيك قد أطلق عمل ّية “درع الفرات”‬ ‫يف ‪ 24‬آب‪ /‬أغسطس العام املايض‪ ،‬بهدف تنظيف‬ ‫املنطقة الحدود ّية من الطرف السوري من عنارص‬ ‫“تنظيم الدولة”‪ ،‬ومنع تقدّم املقاتلني األكراد‪ ،‬وربط‬ ‫وأوضح العقيد هيثم العفييس قائد “اللواء ‪”51‬‬ ‫وهو ضابط يف غرفة عمليات “درع الفرات” ّإن‬ ‫“الهدف الرئييس من الحملة إنشاء منطقة آمنة يف‬ ‫الشامل السوري”‪.‬‬ ‫جرابلس والراعي‬ ‫وذكر العفييس ّأن الوجهة التالية للحملة العسكرية‬ ‫هي مدينة الباب‪ ،‬وتع ّد آخر جيب بيد مقاتيل‬

‫تقارير‬

‫مناطق نفوذهم الواقعة بني رشق نهر الفرات وغربه‪.‬‬

‫العدد ‪- 85 -‬‬

‫استعادة النظام السوري السيطرة عىل مدينة حلب”‪.‬‬

‫يف جنوب محافظة الحسكة يف ‪ 19‬شباط‪ /‬فرباير‬ ‫من العام املايض‪ ،‬وقبلها بلدة الهول يف ‪ 13‬ترشين‬ ‫الثاين‪ /‬نوفمرب ‪.2015‬‬ ‫وانتزعت هذه الق ّوات مدينة ّ‬ ‫تل أبيض الحدود ّية‬ ‫التابعة ملحافظة الر ّقة يف ‪ 15‬حزيران‪ /‬يونيو‬ ‫‪ ،2015‬كام طردت “وحدات حامية الشعب”‬ ‫الكرد ّية وتشكل العامد العسكري لقوات “سورية‬ ‫الدميقراطية”‪ ،‬عنارص التنظيم من مدينة كوباين‪/‬‬ ‫عني العرب يف ‪ 26‬شباط‪ /‬فرباير ‪.2015‬‬ ‫مصادر التمويل‪:‬‬ ‫توسع نفوذ تنظيم‬ ‫ويعزو الكاتب منصور العمري ّ‬ ‫اإلسالمية” يف سوريا لعوامل عدّة‪ .‬ورشح‬ ‫“الدولة ّ‬ ‫يف ترصيحه لـ “طلعنا عالحرية”‪ ،‬أه ّمها‪“ :‬انسحاب‬ ‫النظامي من نقاط عسكر ّية اسرتاتيج ّية‬ ‫الجيش‬ ‫ّ‬ ‫تضم مخازن أسلحة وذخائر‪ ،‬مثل مطار‬ ‫كثرية ّ‬ ‫الطبقة العسكريّ بالرقة”‪ ،‬مضيفاً‪“ :‬تنظيم داعش‬ ‫اض يف سوريا والعراق منذ صيف‬ ‫سيطر عىل أر ٍ‬ ‫‪ ،2014‬أي ما يعادل مساحة اململكة املتّحدة‬ ‫الربيطانية”‪.‬‬ ‫واستخلص العمري مصادر متويله التي يستمد منها‪،‬‬ ‫وذكر ّأن‪“ :‬تجارة النفط إثر سيطرته عىل منابعه يف‬ ‫رشق سوريا‪ ،‬إضافة إىل أموال الرهائن التي تل ّقاها‬ ‫من حكومات أوروب ّية‪ ،‬والتمويل املبارش من أفراد‬ ‫يف دول الخليج وغريها من دول العامل‪ ،‬كل ذلك‬ ‫أسهم يف ق ّوة التنظيم املال ّية”‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ومع قرب حسم التحالف الدويل معركة املوصل‬ ‫يف شامل العراق‪ ،‬تتّجه األنظار إىل معركة الر ّقة‬ ‫والتي ح ّولها التنظيم إىل عاصمته االفرتاضية‪ ،‬ويشري‬ ‫“كولومب سرتاك” مدير مؤسسة “‪”IHS Markit‬‬ ‫ّأن‪“ :‬الرقة متثل قلب التنظيم لذلك لن يرتكها بدون‬ ‫قتال‪ ،‬واستعادتها تتطلب تدخ ًال برياً كبرياً”‪.‬‬

‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫عىل الرغم من الخسائر التي ُمني بها تنظيم‬ ‫“الدولة اإلسالمية” يف الريف الشاميل ملدينة حلب‬ ‫وريف محافظة الرقة‪ ،‬وطرد مقاتليه من ُمدن‬ ‫وبلدات سورية عديدة‪ ،‬كشف محللون وخرباء يف‬ ‫األمن والدفاع مبؤسسة “ ‪ ”IHS Markit‬ملتابعة‬ ‫الرصاعات‪ ،‬أن التنظيم مل يخرس ّإل ثلث األرايض‬ ‫التي كان يسيطر عليها؛ مقارن ًة مع تلك املساحات‬ ‫التي امت ّد نفوذه إليها بعد إعالنه ما س ّمي وقتذاك‬ ‫بـ “الخالفة اإلسالمية” يف ‪ 29‬حزيران‪ /‬يونيو ‪.2014‬‬ ‫وذكرت املؤسسة الدولية يف آخر تقرير صدر عنها‬ ‫بتاريخ ‪ 18‬من شهر كانون األول‪ /‬يناير الفائت‪ّ ،‬أن‬ ‫التنظيم‪ُ “ :‬مني العام املايض بخسائر غري مسبوقة يف‬ ‫األرايض‪ ،‬مبا يف ذلك مناطق رئيسية وحيوية ملرشوع‬ ‫الحكم الخاص به”‪.‬‬ ‫بلدة دابق التاريخية‬ ‫وقال “كولومب سرتاك” مدير املؤسسة البحثية يف‬ ‫ترصيحات صحفية‪ّ ،‬إن التنظيم‪“ :‬نجح رغم هذه‬ ‫الخسائر باستعادة مدينة تدمر األثرية‪ ،‬بالتزامن مع‬

‫التنظيم يف ريف حلب‪.‬‬ ‫ولدى لقائه مع مجلة‬ ‫“طلعنا عالحرية” قال العقيد‬ ‫العفييس‪“ :‬نعمل عىل إنشاء‬ ‫منطقة آمنة مساحتها ‪5‬‬ ‫آالف كيلومرت مر ّبع مبحاذاة‬ ‫الحدود الرتك ّية”‪ ،‬مضيفاً‪:‬‬ ‫املهجرين‬ ‫“ليتمكن أهلنا‬ ‫ّ‬ ‫والنازحني من العودة إىل‬ ‫منطقة سور ّية آمنة خالية‬ ‫من التنظيامت اإلرهاب ّية”‪.‬‬ ‫ومت ّكنت فصائل “درع الفرات” من انتزاع أبرز‬ ‫معاقل التنظيم من عىل الحدود السور ّية‪ -‬الرتك ّية‪،‬‬ ‫باستيالئها عىل بلدة الراعي الحدود ّية يف ‪ 27‬آب‪/‬‬ ‫أغسطس العام املايض‪ ،‬وسيطرت عىل مدينة‬ ‫جرابلس يف ‪ 24‬من الشهر نفسه‪ ،‬وكانت ترزح‬ ‫تحت حكم التنظيم منذ كانون الثاين‪ /‬يناير ‪.2014‬‬ ‫وقبل عام ونصف كان يسيطر التنظيم عىل نصف‬ ‫مساحة سوريا‪ .‬وقد ش ّكل سبع واليات داخل مناطق‬ ‫سيطرته وهي‪ :‬والية الر ّقة ووالية حلب‪ ،‬إضاف ًة إىل‬ ‫والية الربكة واملقصود بها محافظة الحسكة‪ ،‬أما‬ ‫والية الفرات فكان يقصد بها محافظة دير الزور‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل واليات دمشق وحامة وحمص‪.‬‬ ‫ووفقاً لبيانات مؤسسة “ ‪ّ ”IHS Markit‬‬ ‫فإن‬ ‫التنظيم فقد ‪ 23%‬من أراضيه خالل ‪ ،2016‬بينام‬ ‫خرس يف ‪ 2015‬حوايل ‪ 14%‬فقط‪.‬‬ ‫كوباين ومنبج وتل أبيض‬ ‫ومت ّكنت ق ّوات “سوريا الدميقراط ّية” من انتزاع‬ ‫الرشقي‪ ،‬يف ‪ 13‬آب‪/‬‬ ‫مدينة منبج بريف حلب‬ ‫ّ‬ ‫أغسطس العام املايض‪ ،‬من قبضة مقاتيل التنظيم‬ ‫املتشدّد‪.‬‬ ‫وذكر رئيس إدارة منبج الشيخ فاروق املايش يف‬ ‫لقائه مع مجلة “طلعنا عالحرية” ّأن‪“ :‬منبج كانت‬ ‫عص ّية عىل ّ‬ ‫كل املحت ّلني‪ ،‬مبن فيهم تنظيم داعش‬ ‫والفكر اإلرهايبّ”‪ ،‬منوهاً إنها مدينة الثقافة والشعر‬ ‫والشعراء “حيث عاش فيها الشاعر عمر أبو ريشة‬ ‫ّ‬ ‫وتول‬ ‫والبحرتي‪ ،‬ولهذا تكنّى مبدينة البحرتي‪،‬‬ ‫إمارتها إ ّبان عهد الدولة الحمدان ّية الشاعر األمري‬ ‫أبو فراس الحمداين”‪.‬‬ ‫أ ّما يف شامل رشق سوريا‪ ،‬فقد طردت ق ّوات “سورية‬ ‫الدميقراط ّية” عنارص التنظيم من بلدة الشدادي‬

‫‪15‬‬


‫‪16‬‬

‫بين مطرقة حرس الحدود التركي‬ ‫المهربين‬ ‫وسندان ابتزاز‬ ‫ّ‬ ‫محمد هشام‬

‫العدد ‪- 85 -‬‬ ‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫تقارير‬

‫ليس إمعاناً يف جلد ونقد السياسة‬ ‫الرتكية يف التعاطي مع املتهربني‬ ‫والفارين من انسداد األفق يف سوريا‪ ،‬وال‬ ‫فرص‬ ‫لوماً ألولئك املتهربني الباحثني عن ٍ‬ ‫أفضل للعيش والدراسة يف مدن وواليات‬ ‫تركيا‪ ،‬وإمنا تسليطاً للضوء عىل قضية‬ ‫مؤملة ال تزال تشكل هاجس أملٍ ومعاناة‬ ‫ُ‬ ‫وتخلف من ورائها عرشات‬ ‫للكثريين‪،‬‬ ‫القصص من سيناريوهات الرسقة‬ ‫واألمراض وضياع األوراق الشخصية‪،‬‬ ‫ظروف صعبة جداً يف‬ ‫وإقامة الالجئني يف‬ ‫ٍ‬ ‫بيوت املهربني عدة أيام‪ ،‬قبل أن يجتازوا‬ ‫الحدود السورية الرتكية ويحملوا اسم‬ ‫الالجئني‪.‬‬ ‫طلعنا عالحرية قامت بجولة عىل‬ ‫املهربني‪ ،‬والعديد من األشخاص الذين‬ ‫خذلهم الحظ‪ُ ،‬فألقي القبض عليهم أو‬ ‫عادوا دون أن يتمكنوا من االجتياز‪،‬‬ ‫وآخرين ممن حالفهم الحظ ومتكنوا من‬ ‫العبور دون أن ُيلقي جنود الحرس الرتيك‬ ‫(الجندرما) القبض عليهم‪ ،‬ويعيدوهم‬ ‫إىل سوريا من معرب باب الهوى بعد‬ ‫وض ِعهم عدة ساعات يف املخفر الرتيك يف‬ ‫ظروف سيئة و ُمخزية‪.‬‬ ‫“عرب عالقايت وأصدقايئ‪ ،‬يتواصل معي‬ ‫أكرث من ‪ 200‬شخصاً كل يوم‪ ،‬عوائل‬ ‫بأكملها وأفراد يريدون العبور إىل تركيا”‬ ‫قال “عبدو ناجي” أحد األسامء الالمعة‬ ‫العاملة بقطاع التهريب يف بلدة طول‬ ‫الها الواقعة عىل الحدود السورية‬ ‫الرتكيا يف محافظة إدلب‪ ،‬وتابع‪“ :‬نقوم‬ ‫بجمعهم يف منزل من طابقني‪ ،‬غري‬ ‫مكيس أو مفروش بالطبع‪ ،‬هناك بعض‬ ‫البطانيات‪ ،‬بإمكانهم استخدامها كغطاء‪.‬‬ ‫وبإمكانهم أن يذهبوا ويشرتوا أطعمتهم‬ ‫ومستلزماتهم عند الحاجة‪ ،‬أسفل املنزل‬ ‫هناك مرحاض‪ ،‬وبجانبه برميل ماء‪ ،‬كل‬ ‫ما يريدونه متوافر يف املنزل”!‬ ‫مل يكن “جمعة عيل” االسم الالمع يف‬ ‫التهريب يف بلدة حارم‪ ،‬أحسن حاالً من‬ ‫ناجي يف عدم شعوره باالستياء أو الحرج‬

‫خالل وصفه ظروف املنزل الذي يجمع به النساء واألطفال والرجال‬ ‫قبل أن يحاول اجتياز الحدود بهم‪ .‬فاملنزل الذي يستخدمه جمعة‬ ‫ألغراض شبيهة ال يقل سوءاً عن منزل عبدو‪ ..‬إال أنه كان لدى جمعة‬ ‫أهتم بظروف املنزل أكرث؟ إذا كانوا لن يقيموا‬ ‫تفس ٌري لذلك‪“ :‬ملَ عيل أن َ‬ ‫يف هذا املنزل أكرث من ليلتني أو ثالث‪ ،‬و بحد أقىص أسبوع قبل أن‬ ‫أجتاز بهم الحدود؟”‪.‬‬ ‫“مالك الغضبان” إحدى الناجيات من جحيم حلب‪ ،‬ووصلت إىل تركيا‬ ‫مع والدتها وشقيقاتها بعد معاناة طويلة عىل الحدود وإجراءات‬ ‫املهربني‪ ،‬عربت عن تجربتها مع املهربني‪“ :‬لن تكون هناك معاملة‬ ‫أسوأ من املعاملة التي تلقيناها من النظام وميليشياته خالل خروجنا‬ ‫من حلب‪ ،‬بعدها بتنا نتقبل كل معاناة مهينة من غريه مهام بلغت‪،‬‬ ‫مقابل تحصيل الحياة”‪.‬‬ ‫رأيها مل يكن بعيداً عن رأي “محمد” أحد الذين مل ييأسوا من فشلهم‬ ‫يف عبور الحدود الرتكية‪ ،‬واستمر يحاول طوال عرشة أيام متتالية مع‬ ‫مختلف املهربني‪ ،‬إىل أن متكن أخرياً بعد معاناة شديدة‪ ،‬وليالٍ قضاها‬ ‫يف الوحل والثلج والطني‪ ،‬مع مثانية وعرشين شخصاً آخرين‪ ،‬ج ّلهم من‬ ‫النساء واألطفال وكبار السنّ يف اجتياز الحدود‪:‬‬ ‫“أنت بني مطرقة املهربني وسندان حرس الحدود الرتيك؛ األول ال يتواىن‬ ‫عن الرصاخ يف وجهك وابتزازك باملال‪ ،‬والثاين ال يتواىن عن إهانتك‬ ‫وسجنك عندما يلقي القبض عليك‪ ،‬ملقياً مبعاناتك وفرارك من الجحيم‬ ‫ُ‬ ‫ستفضل تحمل االبتزاز وسوء‬ ‫السوري عرض الحائط‪ ..‬خالل الطريق‬ ‫أخالق املهرب مقابل وصولك بأمان إىل األرايض الرتكية”‪.‬‬ ‫من جهتها “آمنة” تحدثت عن صعوبات الطريق قائلة‪“ :‬حاولت‬ ‫العبور إىل تركيا عرب قرية خربة الجوز‪ ،‬كان الجو ماطراً‪ ،‬وسامكة‬ ‫الوحل نصف مرت والطريق جبلية‪ ،‬وعليك أن تجتاز نهراً يغمرك حتى‬ ‫فخذيك‪ ..‬مشينا عدة ساعات عىل الرغم من أن املهرب أخربنا بأننا ال‬ ‫منيش أكرث من ساعة‪ ،‬كنا ثالثني شخصاً‪ ،‬أطفال ونساء وشباب‪ ،‬انزلقنا‬ ‫عىل الوحل عدة مرات‪ ،‬وأصبنا بجروح‪ ،‬بعض الطرقات كانت بزاوية‬ ‫‪ 60‬درجة صعوداً‪ ،‬علقت أحذيتنا بالوحل‪ ،‬وأكملنا طريقنا حفاة وسط‬ ‫بر ٍد قارس ومطر ب ّلل كل ما نحمله‪ ،‬مام دفعنا للتخيل عن الكثري من‬ ‫أشيائنا بعد اتساخها ومتزقها‪ ،‬ولدى وصولنا للحدود كنا قد استغرقنا‬ ‫أكرث من خمس ساعات من منتصف الليل وحتى الخامسة صباحاً”‪.‬‬ ‫محمد‪ ،‬باعتباره خبرياً مبحاوالت التهريب واملهربني‪ ،‬تحدث عن‬

‫التكلفة املالية للوصول إىل تركيا قائ ًال‪:‬‬ ‫“سيخربك املهرب السوري أنه يتعامل‬ ‫مع مهرب تريك‪ ،‬وأنه يتعامل مع حرس‬ ‫الحدود‪ ،‬ولذا سيطالبك مببلغ يرتاوح‬ ‫بني ‪ 250$‬و ‪ ،450$‬وغالباً ستكتشف‬ ‫أن ‪ 800%‬مام يقوله مجرد كذب‪ ،‬وأنك‬ ‫ستقفز فوق جدران‪ ،‬وتتنصل من أسالك‬ ‫شائكة‪ ،‬وتجري طوي ًال يك ال يتم إلقاء‬ ‫القبض عليك‪ .‬وأن شخصاً سورياً آخر‬ ‫من تجار األزمات هو من ينتظرك يف‬ ‫الجانب الرتيك ليق ّلك إىل منزل ال يقل‬ ‫سوءاً عن املنزل الذي أقمت فيه عىل‬ ‫الجانب السوري‪ ،‬هناك ستتفاجأ بأنه‬ ‫يطالبك مببلغ إضايف من املال قيمته بني‬ ‫‪ 50$‬و‪ ،100$‬وأنه من صلب االتفاق‪،‬‬ ‫ستحاول أن تبدو قوياً وأن ال ترضخ‬ ‫له‪ ،‬لكن مع جهلك بالظروف املحيطة‪،‬‬ ‫وتحت تلميحاته بتسليمك لحرس‬ ‫ستضعف‬ ‫الحدود الرتيك‪ ،‬ولكونك وحيداً‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وتعطيه ما يريد‪ ،‬وأنت تستذكر القصص‬ ‫التي رواها لك أشخاص فشلوا يف اجتياز‬ ‫الحدود وألقت الجندرما القبض عليهم‬ ‫كيف تلقوا معاملة سيئة‪ ،‬وسلب بعض‬ ‫حرس الحدود أموالهم وهواتفهم‬ ‫النقالة‪ ،‬وأعادوهم إىل سوريا من معرب‬ ‫باب الهوى‪ ،‬بعد تصويرهم وتوقيعهم‬ ‫عىل أوراق مل يفهموا محتواها غالباً”!‬ ‫لعل معاناة السوريني لدى عبورهم إىل‬ ‫تركيا ال تضيف شيئاً جديداً عىل قامئة‬ ‫معاناتهم املمتدة عىل شتى الجوانب‪،‬‬ ‫ولعله من غري املمكن لو ُمهم عىل‬ ‫هجرتهم ولجوئهم للمهربني‪ ،‬إال أن‬ ‫سياسة املهربني باالبتزاز والظروف‬ ‫السيئة التي يجربون من يلجأ إليهم‬ ‫عىل معايشتها ُتع ّد ظاهرة مستفزة‪،‬‬ ‫تستحق الوقوف عندها‪ ،‬وتح ّمل من‬ ‫يقفون موقف املسؤولية من الجهات‬ ‫األمنية للفصائل مهمة كبرية يف وضع‬ ‫ح ّد لهذه التجاوزات األخالقية‪ ،‬وتطبيق‬ ‫نظام عقوبات بحق هؤالء املهربني إزاء‬ ‫تجاوزاتهم األخالقية وسلوكياتهم‪.‬‬


‫نشرة اقتصادية‬ ‫مشروع بحثي في تركيا لدعم الشركات السورية‬

‫العدد ‪- 85 -‬‬

‫أصحاب الرشكات من السوريني املوجودين يف مدينة غازي‬ ‫عنتاب لرتخيص رشكاتهم بشكل رسمي‪ ،‬ووعد بتقديم‬ ‫منحة يتكفل فيها بكامل الرسوم املطلوبة للتسجيل لدى‬ ‫الحكومة الرتكية‪ ،‬يف سبيل توعية املستثمرين وأصحاب‬ ‫الرشكات مبدى أهمية الرتخيص وما قد يوفر لهم من فرص‬ ‫ويبعد عنهم شبح اإلغالق ملخالفة القوانني‪.‬‬ ‫يوجد يف مدينة غازي عينتاب أكرث من ألف وخمسمئة‬ ‫نقطة بيع للسوريني‪ 32% ،‬منها فقط مرخص ويعمل‬ ‫بشكل قانوين‪.‬‬ ‫بالتعاون مع عدد من املنظامت املحلية والدولية يبادر‬ ‫املنتدى إىل الرتكيز عىل بناء القدرات‪ ،‬واالهتامم يف مجال‬ ‫ريادة األعامل‪.‬‬

‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫أطلق ‪#‬املنتدى_االقتصادي_السوري مرشوع‬ ‫بحثه امليداين الجديد لدراسة واقع الرشكات‬ ‫السورية املسجلة يف تركيا‪ ،‬والفاعلة عىل‬ ‫مستوى النشاط التجاري؛ وذلك لتحديد‬ ‫املشاكل والصعوبات التي تواجههم‪ ،‬وما هي‬ ‫برامج الدعم التي يحتاجونها‪.‬‬ ‫ويدعو املنتدى رجال األعامل من السوريني‬ ‫يف كل من مدينتي اسطنبول وغازي عنتاب‬ ‫الراغبني باملشاركة بهذا الربنامج لتعبئة منوذج‬ ‫طلب املشاركة الذي ميكن الوصول إليه من‬ ‫خالل الضغط عىل الرابط التايل‪:‬‬ ‫‪https://goo.gl/HdGFe5‬‬ ‫وعد املنتدى بإصدار أول دليل إلكرتوين‬ ‫للرشكات السورية يف تركيا‪ ،‬رغب ًة منهم ببناء‬ ‫قاعدة بيانات وتشبيك قطاع األعامل السوري‬ ‫يف تركيا مع باقي الشبكات التجارية اإلقليمية‬ ‫والعاملية‪.‬‬ ‫لالطالع عىل تفاصيل برنامج دعم الرشكات‬ ‫الصغرية واملتوسطة للسوريني يف تركيا‪ ،‬اضغط‬ ‫عىل الرابط أدناه‬

‫‪https://goo.gl/1mQOYG‬‬ ‫ما هو املنتدى االقتصادي السوري؟‬ ‫بحسب تعريفهم عىل موقعهم ‪syrianef.org‬‬ ‫ؤس ٌ‬ ‫سة فكرية‬ ‫ا ُملنتدى االقتصادي السوري هو ُم ّ‬ ‫بحثية ابتكارية‪ُ ،‬تك ّرس عملها لبناء وطن ُح ٍّر‪،‬‬ ‫َتعدّدي و ُمستقل يعتمد عىل اقتصاد قوي‬ ‫يهدف إىل ضامن تحقيق حياة ُح ّرة وكرمية‬ ‫للسوريني كاف ًة‪.‬‬ ‫يسعى املنتدى للعمل كمصدر للمعلومات‬ ‫لجميع املسائل ذات العالقة باالقتصاد السوري‪،‬‬ ‫وإجراء أبحاث اقتصادية ونرش تقارير علمية‪.‬‬ ‫يقود املنتدى االقتصادي السوري ‪ 133‬عضواً‬ ‫من أعضاء مجلس اإلدارة‪ ،‬ويرتأس املجلس أمين‬ ‫الط ّباع‪ ،‬إىل جانب كل من متام البارودي وريم‬ ‫عالف وهند قبوات ورياض سيف كعضو رشف‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل عدد من رجال األعامل األعضاء‬ ‫املقيمني داخل سوريا‪.‬‬ ‫ينشط املنتدى ضمن مدينة غازي عنتاب‬ ‫الرتكية‪ ،‬ويقوم بعدة نشاطات‪ ،‬حيث أطلق‬ ‫مؤخراً مرشوع (رخصتي) بهدف مساعدة‬

‫‪17‬‬

‫تقدير األضرار في سوريا‬

‫إىل ما بني ‪ 7.3 - 5.9‬مليار دوالر‪ ،‬وشهدت حلب‬ ‫وحدها نحو ‪ 60%‬من تكاليف األرضار‪.‬‬

‫كام ُتعد الالذقية املدينة األقل تأثراً‪ ،‬لكن‬ ‫تأثري الرصاع عليها يظهر يف زيادة الضغوط‬ ‫عىل مرافق البنية التحتية والخدمات جراء‬ ‫زيادة السكان الناجمة عن عمليات النزوح‬ ‫داخلياً‪ .‬وفيام بني القطاعات‪ ،‬كان قطاع‬ ‫اإلسكان األكرث ترضراً عىل اإلطالق‪.‬‬

‫الرسمي للتعويض عن فقدان الدخل ألرسهم‪.‬‬ ‫وتذهب التقديرات إىل أن ثلثي السوريني يعيشون يف فقر‬ ‫مدقع‪ ،‬وغري قادرين عىل تلبية االحتياجات األساسية الغذائية‬ ‫وغري الغذائية‪ .‬وتتمثل األسباب الرئيسية للفقر يف فقدان‬ ‫املمتلكات والوظائف‪ ،‬وعدم التمكن من الحصول عىل‬ ‫الخدمات العامة‪ ،‬مبا يف ذلك خدمات الرعاية الصحية ومياه‬ ‫الرشب النظيفة‪ ،‬وارتفاع أسعار الغذاء‪.‬‬ ‫وتعد معدالت الفقر األعىل يف املحافظات األكرث ترضراً من‬ ‫الرصاع‪ ،‬والتي كانت يف السابق األكرث فقراً يف البالد‪.‬‬ ‫املصدر‪ :‬البنك الدويل‬

‫اقتصاد‬

‫وفقاً لتقدير أجراه البنك الدويل عن ُبعد‬ ‫عن األرضار يف سوريا التي خلفها الرصاع‬ ‫عىل البنية التحتية يف ست مدن‪ ،‬هي حلب‬ ‫ودرعا وحامة وحمص وإدلب والالذقية‪،‬‬ ‫حتى كانون األول‪/‬ديسمرب ‪ ،2014‬ألحق‬ ‫الرصاع أرضاراً واسعة باملمتلكات العامة‬ ‫والخاصة ترتاوح قيمتها ما بني ‪ 3.7‬و ‪4.5‬‬ ‫مليار دوالر‪.‬‬ ‫وكانت األرضار التي تسبب بها الرصاع يف عام‬ ‫‪ 2015‬أكرث فداحة عن السنوات السابقة‪،‬‬ ‫وارتفعت تقديرات األرضار يف أحدث تقرير‬

‫وتقترص تلك األرقام عىل األرضار املتعلقة‬ ‫بتكلفة النزوح والترشد باألسعار السابقة‬ ‫للرصاع يف املدن الست‪ ،‬وستزيد احتياجات‬ ‫التعايف وإعادة اإلعامر يف املستقبل أضعافاً‬ ‫مضاعفة‪.‬‬ ‫وقد أدى الرصاع إىل سقوط املاليني يف براثن‬ ‫البطالة وهوة الفقر‪.‬‬ ‫وتذهب تقديرات املركز السوري لبحوث‬ ‫السياسات (‪ )SCPR‬إىل أن أكرث من ‪60%‬‬ ‫من األيدي العاملة (حوايل ‪ 3.5‬مليون)‬ ‫باتت متعطلة عن العمل‪ ،‬وفقد نحو ‪3‬‬ ‫ماليني وظائفهم نتيجة للرصاع‪ .‬ويف حني مل‬ ‫يجر البنك الدويل تقديرات ألوضاع الفقر يف‬ ‫سوريا منذ عام ‪ ،2007‬يقدر املركز السوري‬ ‫لبحوث السياسات أن معدل الفقر الكيل‬ ‫بلغ ‪ 83%‬يف عام ‪( 2014‬مقارنة بنسبة‬ ‫‪ 12.4%‬يف عام ‪.)2007‬‬ ‫اضطر الكثري من السوريني‪ ،‬مبا يف ذلك‬ ‫أطفال‪ ،‬للبحث عن عمل يف القطاع غري‬


‫‪18‬‬

‫المعلم الوطني النبيل حسين‬ ‫العودات‪ ..‬الجائزة والكتاب‬ ‫غسان ناصر ‪-‬طلعنا عالحرية‬

‫العدد ‪- 85 -‬‬ ‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫ثقافة‬

‫يف السابع من نيسان‪ /‬ابريل املايض‪ ،‬خرست سورية‬ ‫والعامل العريب معها‪ ،‬برحيل املناضل املفكر والكاتب‬ ‫والنارش وكبري الصحفيني السوريني‪ ،‬حسني العودات‬ ‫(رحمه الله)‪ ،‬رائدًا من رواد النهضة الحديثة والحداثة‪،‬‬ ‫وواحدًا من كبار نخبها الفكرية‪ ،‬وقامة مديدة من‬ ‫قامات الفكر والثقافة واإلعالم‪ ،‬ممن حملوا يف حياتهم‪،‬‬ ‫منذ مطالع الشباب وحتى الرمق األخري هموم الوطن‪،‬‬ ‫وانشغلوا بقضاياه الصغرية والكبرية‪ ،‬واإلميان ميأل‬ ‫صدورهم باألمل بأن إرادة املخلصني من أبناء الشعب‬ ‫السوري الثائر ضد االستبداد والطغيان‪ ،‬قادرة عىل‬ ‫الوصول بسورية إىل شاطئ األمان‪ ،‬وهي تنعم بالحرية‬ ‫والعدل والكرامة‪ ،‬رغم كل العواصف العاتية وأهوال‬ ‫الواقع املعاش‪.‬‬ ‫وتقدي ًرا ملكانة ودور الراحل الكبري‪ ،‬أعلن مركز‬ ‫(حرمون) للدراسات املعارصة بعد واحد وعرشين‬ ‫يو ًما عىل وفاة صاحب “دار األهايل للنرش” عن احداث‬ ‫جائزة سنوية للصحافة باللغة العربية‪ ،‬تحمل اسمه‪،‬‬ ‫أطلق عليها اسم “جائزة حسني العودات للصحافة‬ ‫العربية”‪ ،‬تقدي ًرا لـ”إسهامات العودات الكبرية‬ ‫يف العمل الصحفي عىل امتداد الخارطة العربية‪،‬‬ ‫وألخالقياته النبيلة التي أرساها يف اإلعالم العريب بشكل‬ ‫عام”‪.‬‬ ‫مؤسسة سورية بحثية‬ ‫وقبل أيام‪ ،‬أعلن املركز وهو ّ‬ ‫وثقافية وإعالمية مستقلة‪ ،‬مركزها الرئييس يف الوقت‬ ‫الحايل يف مدينة غازي عنتاب الرتكية‪ ،‬عن موضوعات‬ ‫الجائزة للعام الجاري ‪ ،2017‬وحددها بثالثة موضوعات‬ ‫أساسية هي‪ً :‬‬ ‫أول‪“ :‬حزب الله”‪ .‬ثان ًيا‪“ :‬ثقافة احرتام‬ ‫الرأي واالختالف”‪ .‬ثال ًثا‪ ”:‬املرأة السورية”‪ .‬وسيبدأ‬ ‫موقع املركز بتلقي الرتشيحات واملشاركات خالل الفرتة‬ ‫من ‪ 1‬إىل ‪ 28‬شباط‪ /‬فرباير املقبل‪.‬‬ ‫وجدد املركز‪ ،‬التأكيد عىل أن الجائزة ستكون مفتوحة‬ ‫يف دورتها األوىل للصحافيني واإلعالميني الشباب ما دون‬ ‫عمر ‪ 40‬سنة فحسب‪ ،‬كام ستكون مقصورة عىل فئة‬ ‫مقاالت الرأي‪ ،‬السياسية والثقافية واالجتامعية‪ ،‬عىل‬ ‫أن ُيعلن اسم الفائز يف ‪ 7‬نيسان‪ /‬أبريل من كل عام‪،‬‬ ‫ذكرى رحيل العودات‪.‬‬ ‫ومن رشوط االشرتاك يف الجائزة التي تبلغ قيمتها عرشة‬

‫آالف دوالر‪ ،‬وشهادة تقدير ودرع‪ ،‬والتي تشرتط تقديم‬ ‫الصحايف املرتشح للجائزة مقالة غري منشورة حول واحد من‬ ‫املوضوعات السابقة من أي زاوية يريد وبالطريقة التي‬ ‫يرغبها‪ ،‬إضافة إىل تقديم ثالثة مقاالت منشورة يف صحيفة‬ ‫عربية‪ ،‬يومية أو أسبوعية أو دورية معروفة وذات صدقية‪،‬‬ ‫خالل الفرتة من ‪ 1‬أيار‪ /‬مايو إىل ‪ 31‬كانون األول‪ /‬ديسمرب‬ ‫‪ 2016‬بغض النظر عن موضوعاتها ونوعها‪.‬‬ ‫ويف سياق إعالنه عن مواضيع هذه الجائزة‪ ،‬التي سيرشف‬ ‫عىل تحكيمها خرباء يف اإلعالم ومختصني يف هذا املجال‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مستقبل لتشمل الفروع‬ ‫أشار املركز إىل أنه سيطورها‬ ‫األخرى‪ ،‬كاملقاالت االقتصادية واملقاالت االستقصائية‬ ‫والتحقيقات والحوارات الصحفية‪ ،‬إضافة إىل اإلعالم املريئ‬ ‫والصورة والكاريكاتري وغريها‪.‬‬ ‫عن “رحلة القلق واألمل” ‪..‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫العودات (طيب الله ثراه)‪ ،‬باق حضوره بيننا رغم الغياب‬ ‫الجسدي‪ ،‬بذكراه العطرة‪ ،‬وبتاريخه الحافل مبواسم العطاء‬ ‫الثقايف والفكري واإلبداعي‪ .‬وهو ما أكد عليه املفكر‬ ‫السوري فايز سارة‪ ،‬يف تقدميه لكتاب أعده عن الراحل‬ ‫بعنوان‪“ :‬حسني العودات رحلة القلق واألمل‪ ..‬مقاالت‬ ‫وشهادات”‪ ،‬الصادر يف العام ‪ 2016‬عن “منشورات بيجز”‬ ‫يف اسطنبول‪.‬‬ ‫يحتوي الكتاب بني دفتيه مقاالت وشهادات بأقالم من‬ ‫عرفوا الراحل‪ ،‬إضافة ملختارات من أعامله‪ ،‬وذلك لتسليط‬ ‫الضوء عىل موقعه اإلنساين والقيادي يف حركة النضال‬ ‫السوري‪ ،‬وعىل ما ميثله من وعي خاص حورب ً‬ ‫طويل‪،‬‬ ‫و ُبذلت جهود مضنية للتعتيم عليه‪ ،‬نظ ًرا ملا ميثله من خطر‬ ‫عىل مستقبل االستبداد يف بالده‪.‬‬ ‫ومام جاء عىل غالف الكتاب الخارجي‪“ ،‬يحمل هذا الكتاب‬ ‫الذي يراد به تكريم الراحل (حسني العودات)‪ ،‬عنوان‬

‫“رحلة القلق واألمل”‪ ،‬وهي عبارة قد تلخص حياته عىل‬ ‫نحو من األنحاء‪ ،‬ألنها كانت يف أغلبها قل ًقا عىل الواقع‬ ‫ً‬ ‫املعاش‪ً ،‬‬ ‫مستقبل‪ .‬وقد تعزز‬ ‫وأمل باألفضل الذي سيأيت‬ ‫األمل لدى العودات بانطالقة الثورة السورية عام‬ ‫‪ ،2011‬حيث كان عىل يقني من أنها ثورة منترصة مهام‬ ‫كانت التحديات‪ ،‬ألنها ثورة حق”‪.‬‬ ‫ً‬ ‫والحقيقة أين مثل كثريين غريي‪ ،‬ال أعرف رجل أجمع‬ ‫عليه السوريون مثل حسني العودات‪ٌ .‬‬ ‫وطني‬ ‫رجل‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫نبيل‪ .‬وهو بالفعل كام جاء يف الكتاب‪“ :‬العودات‬ ‫منوذج للشخصية الصلبة التي دفعت أمثا ًنا باهظة‬ ‫ملواقفها إىل جانب إرادة الناس يف التغيري‪ ،‬وحقهم يف‬ ‫أن يعيشوا حياتهم ضمن مناخات طبيعية تضمن لهم‬ ‫الحرية والعدالة واملساواة”‪.‬‬ ‫وكان العودات قد شارك قبل اندالع ثورة شعبه بست‬ ‫سنوات‪ ،‬مع عدد من النشطاء يف تأسيس “لجان إحياء‬ ‫املجتمع املدين” يف سورية‪ ،‬وأسهم بفعالية يف ما عرف‬ ‫بـ«ربيع دمشق»‪ ،‬ثم مع آخرين عام ‪ 2005‬يف كتابة‬ ‫«إعالن دمشق للتغيري الدميقراطي»‪ ،‬ويف أيار‪ /‬مايو‬ ‫من نفس العام اعتقله األمن السوري مثانية أيام‪ ،‬إثر‬ ‫تخطيطه مع اثنني من رفاقه‪ ،‬لندوة حول “اإلصالح‬ ‫السيايس يف سورية”‪ .‬غري أن بطش نظام األسد مل يثنه‬ ‫عن مواصلة دربه النضايل فساهم يف العام ‪،2006‬‬ ‫مع مجموعة من السياسيني واملثقفني اللبنانيني‬ ‫والسوريني‪ ،‬يف كتابة «إعالن بريوت‪/‬دمشق ـ إعالن‬ ‫دمشق‪/‬بريوت»‪.‬‬ ‫والعودات‪ ،‬مجاز يف الجغرافيا واللغة الفرنسية وحائز‬ ‫عىل دبلوم يف الصحافة‪ .‬وقد نشط لسنوات طويلة يف‬ ‫إطار مؤسسات عربية مثل املنظمة العربية للرتبية‬ ‫والثقافة والعلوم (ألكسو)‪ ،‬واملعهد العريب للدراسات‬ ‫االسرتاتيجية‪ ،‬و اتحاد إذاعات الدول العربية‪.‬‬ ‫أسس “دار األهايل للنرش”‪ ،‬وكتب يف كربيات الصحف‬ ‫واملجالت العربية‪ ،‬ونرش العديد من األبحاه والكتب يف‬ ‫مجال الفكر السيايس والتاريخ واإلعالم‪ ،‬منها‪“ :‬املوت‬ ‫يف الديانات الرشقية”‪ ،‬و”وثائق فلسطني”‪ ،‬و”العرب‬ ‫النصارى”‪ ،‬و”املرأة العربية يف الدين واملجتمع”‪،‬‬ ‫و”اآلخر يف الثقافة العربية”‪ ،‬و”النهضة والحداثة‪ ،‬بني‬ ‫االرتباك واإلخفاق”‪.‬‬


‫نشرة ثقافية‬

‫إبداعات ونشاطات سورية‬ ‫طلعنا عالحرية – القسم الثقافي‬

‫“يوميات الحصار”‪ :‬أوراق سميرة‬ ‫الخليل باإلسبانية‬

‫ويشتمل الكتاب ً‬ ‫أيضا عىل ثالثة مقاالت كتبها‬

‫قضية اختطافها وتغييبها مع رفاقها‪.‬‬

‫هذا ويذكر أن “منشورات‬ ‫الرشق واملتوسط” ُتعنى بآداب‬ ‫دول املتوسط واملنطقة العربية‬ ‫وجوارها‪ ،‬وقد قدّمت للمكتبة‬ ‫اإلسبانية عرشات العناوين من‬ ‫اليونانية‪ ،‬واإليطالية‪ ،‬والفرنسية‪،‬‬ ‫والعربية‪ ،‬والفارسية‪ ،‬وغريها‪.‬‬

‫حياة مدينة تدمر التي أصبحت يف‬ ‫عرص ملكها أذينة عاصمة إمرباطورية‬ ‫املرشق‪ .‬لتيضء جوانب غامضة من‬ ‫تاريخ تلك املدينة التي تحولت يف‬ ‫عهد ملكتها زنوبيا إىل مرشوع مدينة‬ ‫فاضلة مل تأذن الظروف لها أن تكتمل‪.‬‬

‫وفاة الفنان‬ ‫ممتاز البحرة‬ ‫مبدع شخصيتي‬ ‫“باسم” و”رباب”‬

‫صدور “حلم‬ ‫يغفو على مطر”‬ ‫لغفران طحان‬

‫ويكفيني بأين‪ /‬سأخرج رغم قتيل‪/‬‬ ‫بقلبك ينبض ّيف‪ /‬وأبقى عىل قيد‬ ‫الحلم‪ /‬أفض اشتباكات الغياب‪/‬‬ ‫بتأويل صمت وغيمة طهر”‪.‬‬ ‫يُشار إىل أنه صدر للكاتبة‬ ‫مجموعتان قصصيتان ‪“ :‬كحلم‬ ‫أبيض” ‪“ – 2009‬عامل آخر يخصني”‬ ‫‪.2014‬‬

‫غيب املوت صباح األثنني‬ ‫(‪ ،)16/1/2017‬الفنان التشكييل‬ ‫ورسام الكاريكاتري ممتاز البحرة‬ ‫الذي لون ذاكرة األطفال السوريني‬ ‫وألهم مخيلتهم لسنوات طويلة‬ ‫برسومهالشيقة‪.‬‬ ‫يع ّد “البحرة” من أهم رسامي‬ ‫أدب األطفال يف سورية والوطن‬ ‫العريب‪ ،‬وقد رحل عن عمر ناهز‬ ‫ال ‪ 79‬عا ًما‪ ،‬بعد نصف قرن من‬ ‫مسرية فنية غنية بالعطاء واالبداع‪،‬‬ ‫وهو األب الروحي ملجلة “أسامة”‬ ‫التي أسسها علم ‪ 1969‬مع الكاتب‬

‫املرسحي سعد الله ونوس والقاص زكريا تامر‪.‬‬ ‫ومؤسس مجلة “الطفل العريب” فأمتع األطفال‬ ‫بشخصيات مثل أسامة وشنتري وماجد وسندباد‪.‬‬ ‫وكان الراحل أول رسام كاريكاتري يعتقل بسبب‬ ‫رسومه يف سوريا حيث صدر حكم ميداين عسكري‬ ‫تعسفي بال محاكمة باعدامه مع عدد من املعتقلني‬ ‫السياسيني اآلخرين مثل الصحايف نرصالدين البحرة‬ ‫وعباس الصوص وغريهم وقد الغي حكم اإلعدام‬ ‫قبل تنفيذه بساعات اثر تغلب املجموعة البعثية‬ ‫عىل النارصيني آنئ ٍذ يف انقالب ‪ 8‬آذار‪ .‬ويف بداية‬ ‫الثامنينات كان قد اعتزل رسم الكاريكاتري بعد أن‬ ‫تعرض من نظام األسد لعدة مضايقات وتهديدات‬ ‫طالت عائلته وشخصه‪.‬‬

‫ثقافة‬

‫صدر مؤخ ًرا عن “دار أرواد”‪ ،‬يف‬ ‫مدينة طرطوس‪ ،‬كتاب “حلم يغفو‬ ‫عىل مطر” (همسات نرثية) لغفران‬ ‫طحان‪.‬‬ ‫يقع الكتاب الذي قدّم له األديب‬ ‫املغريب عبد العزيز غوردو‪ ،‬يف ‪79‬‬ ‫صفحة من القطع املتوسط‪ ،‬ويضم‬ ‫(‪ً )24‬‬ ‫نصا نرثيًا‪ ،‬ومن عناوينه (ذات‬ ‫وطن‪ ،‬مأسايت معك‪ ،‬وبالورد كان‬ ‫يلونها عىل مسمعي‪ ،‬تراتيل ساموية‪،‬‬ ‫ما زلت أحلمك‪ ،‬رشفة أخرى‪.)..‬‬ ‫ونقرأ من الكتاب‪”“ :‬أحبك جدًا‪/‬‬ ‫وأعرف أين مهزومة البوح‪ /‬مكسورة‬ ‫جناح الفرح‬

‫أعلن يف العاصمة االماراتية أبوظبي‪،‬‬ ‫االثنني املوافق (‪ ،)1 /16‬عن القامئة‬ ‫ّ‬ ‫املرشحة لنيل‬ ‫الطويلة للروايات‬ ‫الجائزة العاملية للرواية العربية لعام‬ ‫‪ ،2017‬والتي تشتمل عىل ‪ 16‬رواية‬ ‫صدرت أخ ًريا خالل االثني عرش شه ًرا‬ ‫املاضية‪ ،‬والتي تم اختيارها من بني‬ ‫‪ 186‬رواية ينتمي كتابها إىل ‪ 19‬دولة‬ ‫عربية‪ ،‬من قبل لجنة تحكيم مكونة‬ ‫من خمسة أعضاء‪ ،‬برئاسة الروائية‬ ‫الفلسطينية سحر خليفة‪ .‬وكان من‬ ‫بني قامئة الروائيني الستة عرش الذين‬ ‫وصلت أعاملهم إىل القامئة الطويلة‪،‬‬ ‫الروايئ السوري تيسري خلف (املقيم‬ ‫يف ديب)‪ ،‬عن روايته مذبحة الفالسفة”‪،‬‬ ‫ليكون بذلك صاحب العمل الروايئ‬ ‫السوري الوحيد الذي يصل للقامئة‬ ‫الطويلة‪.‬‬ ‫وترصد الرواية‪ ،‬السنوات األخرية من‬

‫العدد ‪- 85 -‬‬

‫اليومي الذي يعانون منه‪.‬‬

‫الحاج صالح عن رشيكته سمرية‬ ‫الخليل تتناول يف جوانب منها‬

‫وصول “مذبحة الفالسفة” للسوري‬ ‫تيسير خلف للقائمة الطويلة للبوكر‬ ‫‪2017‬‬

‫‪2017 / 2 / 1‬‬

‫تستع ّد “منشورات الرشق واملتوسط” يف مدريد‪،‬‬ ‫إلطالق الرتجمة اإلسبانية لكتاب “يوميات الحصار‬ ‫يف دوما ‪ ”2013‬لـ سمرية الخليل‪ ،‬الصادر بالعربية‬ ‫يف أيلول‪ /‬سبتمرب املايض عن “املؤسسة العربية‬ ‫للدراسات والنرش”‪ .‬ويف الثاين من شباط‪ /‬فرباير‬ ‫يشارك سانتياغو ألبا ريكو (‪ ،)1960‬وهو مفكر‬ ‫وكاتب يساري إسباين يقيم يف تونس منذ عرشين‬ ‫سنة‪ ،‬يف تقديم الرتجمة اإلسبانية التي أنجزتها‬ ‫ناومي رام ِريث ديّاث‪ ،‬يف ندوة ّ‬ ‫ينظمها “البيت‬ ‫ويضم‬ ‫العريب” يف مدريد‪ ،‬مبناسبة صدور الكتاب‪ّ .‬‬ ‫العمل الذي ح ّرره وقدّم له ياسني الحاج صالح‬ ‫شذرات ومذكرات ويوميات دوّنتها زميلتنا سمرية‬ ‫الخليل قبل نهاية العام ‪ ،2013‬تاريخ اختطافها‬ ‫ورفاقها رزان زيتونة ووائل حامدة وناظم حامدي‬ ‫يف غوطة دمشق‪.‬‬ ‫نصوص املجموعة تش ّكل وثيقة ها ّمة عن‬ ‫األوضاع يف دوما والغوطة الرشقية يف الفرتة التي‬ ‫تلت املجزرة الكياموية‪ ،‬إذ تحيك عىل لسان‬ ‫السكان املحارصين عن القصف والجوع وعن القهر‬

‫‪19‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.