نصف شهرية ،سياسية ،ثقافية ،مستقلة
العدد 78 2016 / 10 / 16
مجلة مستقلة ،تعنى بشؤون الثورة السورية ،نصف شهرية ،تطبع وتوزع داخل سوريا ويف عدد من مخيامت اللجوء والتجمعشات السورية يف الخارج
2
بتر اإلحساس افتتاحية بقلم ليلى الصفدي
العدد 2016 / 10 / 16 - 78 -
مجدّداً ،يتعرض مكتب مجلة طلعنا عالحرية يف مدينة دوما للقصف موجه أطلقته طائرات النظام ،يف تصعيد عسكري جديد بصاروخ فراغي ّ وقصف متواصل يطال األحياء السكنية يف بلدات الغوطة الرشقية املحارصة. وقد أسفر القصف املستمر يوم األربعاء املايض عن ارتقاء ثالثة شهداء عىل ٌ األقل بينهم طفلة ،وعرشات الجرحى يف مدينة دوما وحدها .كام أدى إىل خروج مكتب مجلتنا عن الخدمة مؤقتاً مع العديد من املكاتب نصار مدير مكتب املدنية العاملة يف مدينة دوما كام أكد الزميل أسامة ّ مجلة طلعنا عالحرية ،وكان من بني املكاتب املترضرة مكتب دعم التنمية واملشاريع الصغرية ،مكاتب شبكة حراس ،ومكتب مركز توثيق االنتهاكات يف سوريا. هذه املرة الثانية التي يستهدف فيها النظام هذه املكاتب خالل أقل يضم مكتب املجلة مع تم استهداف املجمع الذي ّ من شهرين ،حيث ّ املؤسسات املدنية األخرى بتاريخ 22متوز املايض. عىل املستوى العقيل والواعي واللفظي ندين جميعاً هكذا اعتداءات، وخاصة أن كل العاملني بهذه املكاتب يعملون يف املجاالت املدنية وباملشاريع اإلنسانية ،وال عالقة لهم بأي نشاط عسكري .لكن من املؤسف االعرتاف أن تعاملنا جميعاً نحن السوريني الذين مل يطالنا القصف الهمجي هذه املرة ،عىل املستوى الوجداين والعاطفي يثري الخجل ،ال مبا يخص هذا “الخرب” بالذات ..إمنا بكل أخبار القتل واملجازر والتدمري.. كيف أصابتنا البالدة وتحجرت مشاعرنا وكأننا نتناول أحداثاً عادية ال تنتهك أبسط البديهيات اإلنسانية ،وال تتعلق مبصري وحيوات البرش؟! إنها من خسائرنا الكربى بعد تحول ثورة الحرية والكرامة إىل حرب مفتوحة ال أفق لها؛ فباإلضافة إىل أننا فقدنا الكثري من األهل واألصدقاء
واألحبة بني شهيد ومعتقل ومختطف ..وخرسنا البلد بني تدمري وتهجري، إال أننا خرسنا أيضاً قدرتنا عىل اإلحساس بكافة أشكاله .لقد تم فع ًال خالل السنوات املاضية برت جزء هام من إنسانيتنا. رمبا قد نحتاج إىل أجيال لنتخلص من ندوب وآالم هذه الحرب ،ولتعود لنا القدرة عىل اإلحساس باألمل والحزن والفرح وكل املشاعر الخاصة باإلنسان. عبثاً ننرث األخبار هنا وهناك عىل صفحات العامل االفرتايض ،ع ّلها تحظى ببعض االهتامم والتعاطف ..يبدو أنه قد بات من الصعب حتى عىل السوريني قبل غريهم إعالن التضامن الكالمي أو الوجداين. قد يبدو من الحكمة نسيان األمل والصرب عىل الشدائد ،لكن ليس من الحكمة أن تصبح املصائب عادة يومية نتقبلها ببالدة وبال مباالة .يجب أن تبقى فينا بقايا إنسانية تح ّثنا عىل عدم تقبل الواقع املرير ،وهذا رشط أويل ملواصلة النضال من أجل التغيري.
www.freedomraise.net
تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت
كلمة
facebook.com/freeraise
مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية ويف بعض مخيامت اللجوء معاون رئيس التحرير قسم حقوق اإلنسان نصار أنور البني أسامة ّ
قسم املرأة يارا بدر
رئيس التحرير ليىل الصفدي املحرر االقتصادي وائل موىس
twitter.com/freedomraise info@freedomraise.net
كاريكاتري الغالف زمالء مختطفون يف الغوطة الرشقية سمري خلييل سمري خلييل -هاين عباس رزان زيتونة -ناظم حامدي
سورية؟ ورطة روسـ ّـية أم ّ 3 شوكت غرز الدين
العدد 2016 / 10 / 16 - 78 -
مقاالت
نجحت روسيا يف متكني متوضعها يف سور ّية حتى اللحظة ،ولكنها فشلت يف الحسم .بينام يفشل السوريون يف إعادة متوضعهم يف بلدهم ويحتفظون بحقهم يف الحسم .وهذه حالة متقدمة حققها الروس العاملي من يف سريورة إعادة متوضع روسيا يف النظام ّ البوابة السور ّية ،ورمبا يف سريورة إعادة بناء عالقات العاملي من جديد .وأما عن حالة تراجع النظام ّ السوريني فتحتاج وقفة مراجعة ومبادئ عمل جديدة. تتقدم روسيا بالرغم من العقوبات االقتصاد ّية وتدين سعر النفط .فالخلل بني قدرتها االقتصادية وبني قدرتها العسكرية واملرتكز إىل َف َرض َّأن الخلل بني القدرتني يضعف فاعلية الدور الدو ّيل لروسيا ،غري صحيح .إنها تتقدم يف منع املواجهة الدول ّية وتبقيها يف حدود كالم ّية، ومنع ْأن يطالها الجهاديون ضمن حدودها ،وتتقدم يف احتالل سور ّية .بينام ترتاجع املعارضة السور ّية بكافة ألوانها لتفقد ما كانت قد حققته باألمس القريب. فيرتاجع الجهاديون مث ًال من مرحلة “إدارة التوحش” ،يف املناطق التي سيطروا عليها ،ومن مرحلة “التمكني” أي إقامة الدولة اإلسالم ّية ،إىل اسرتاتيجية سابقة ومرحلة سابقة هي “شوكة النكاية” واالستنزاف املرتبط بالصرب والزمن لرياكم خسائر العدو .وكذلك يرتاجع املعتدلون من مرحلة إسقاط النظام واملجالس املحل ّية ،إىل مرحلة صب اللعنات عىل العامل وإسقاط دي مستورا .فالحسم ّ بحالتنا السور ّية يأيت بالنقاط املرتاكمة ال بالرضبة القاضية. كانت إمرباطورة روسيا “كاترين الثانية” قد قالت مجازياً ،يف القرن الثامن عرش“ :سور ّية مفتاح بيتي وغرفة نومي” وكانت تقصد جعل سور ّية بوابة روسيا ونافذتها عىل العامل ،وجعل أمن روسيا من أمن سور ّية. وجاء “بوتني-الفروف” بالتطبيق الحريف ملا هو مجازي يف القرن الواحد والعرشين. فتحولت سور ّية إىل غرفة نوم للروس ال للسوريني. ومتكنت روسيا من املفتاح السوريّ الذي يفتح أبواب العاملي من جديد مبا يتناسب إعادة بناء عالقات النظام ّ مع مصالح روسيا. وبالرغم من هزمية االتحاد السوفييتي سابقاً يف الحرب الباردة تواكباً مع هزميته يف أفغانستان ،إال أنه تق ّلص
إىل روسيا التي ما زالت عضواً دامئاً يف مجلس األمن، يستخدم الفيتو خمس مرات متتالية ضد الشعب السوري ولصالح مصالحه الخاصة مع ش ّلة من السوريني. تلك الهزمية التي تتمثل آنذاك يف تفيش املافيات ،وبيع السالح النووي يف السوق السوداء ،وبيع القطاع العام بأرخص األسعار ،وإرسال اليهود إىل إرسائيل مقابل القمح ،عىل الرغم من أنها كانت أكرب دولة منتجة للقمح قبل الهزمية ،وتغيري عَلم املنجل واملطرقة، وتحطيم متاثيل لينني وستالني وماركس ،وانفصال عدة جمهوريات عنها ،وتقلص مساحتها من 22مليون كم إىل 16مليون كم ،وانتشار املواطنني الروس يف دمشق لبيع األدوات الكهربائية واأللبسة للسوريني عىل البسطات ،وتوجه أعداد كبرية من فتياتها للمواخري اإلماراتية ،وبروز حرب الشيشان والديون الروس ّية.. إال أن بوتني نجح بتقليص الدين ولجم املافيات وإنهاء الحرب الشيشانية بهمج ّية .واآلن ينجح يف سور ّية ألسباب عديدة ال مجال للخوض فيها يف سياق توصيف الحالة. وإذا كان الحال كام وصفناَّ ، فإن عىل السوريني من أجل هزمية الروس اآلن وهنا بدء العمل مببادئ ثالثة هي: الوطني ،ال مبدأ الوالء فوق - 1العمل مببدأ الوالء ّ
والديني .وبالوقت واإلقليمي الوطني؛ أي الوالء الدو ّيل ّ ّ ّ الوطني؛ أي نفسه رفض العمل مببدأ الوالء تحت ّ املذهبي والقب ّ يل والعشائريّ . ّ - 2مبدأ السيادة املحايد للدولة تجاه مكوناتها االجتامع ّية والقوم ّية والدين ّية والسياس ّية. - 3مبدأ التواصل والتعامل الدو ّيل ،ال إدارة الظهر للعامل واالكتفاء بلعنه. وقد بات هذا رضورة إزاء التالعب بالجغرافيا السياس ّية السور ّية .فنادراً ما اختفت دولة وطن ّية عن الوجود منذ معاهدة وستفاليا 1648التي أرست الدولة الوطنية وسيادتها بالرغم من االستعامر والفوىض يف العالقات الدول ّية بعدها .ولكن اختفت إمرباطوريات كالروس ّية والنمساو ّية والسويد ّية والعثامن ّية.. وإذا ما راجعنا أنفسنا نجد أنه ال ب ّد من الفصل بني سورية والعراق وبينها وبني ليبيا وبينها وبني اليمن.. أي إعادة الوطن ّية السور ّية بوصلة يهتدي الجميع بها؛ الكتفاء رش اآلخرين وبدء مقاومة وطن ّية تستنزف الروس وتجعل التكاليف باهظة ،وتطال ديارهم بخلخلة األمن واالستقرار ،لتشكيل رأي عام رويس يقول باالنسحاب من سور ّية ،وعندها يستقيم متوضع السوريني يف بلدهم ويف العامل من جديد.
4
ال نريد مزيدًا مــن الناجحين عماد الع ّبار
العدد 2016 / 10 / 16 - 78 -
مقاالت
قد يبدو الكالم للوهلة األوىل وكأنه دعوة إىل الرتاخي والتقاعس عن السعي لبلوغ النجاح يف مجاالت الحياة .لكنه يف الحقيقة ليس كذلك عىل اإلطالق ،إذ ميكن اعتباره إعادة تقييم لفكرة النجاح ،بعد أن نكون قد أعدنا النظر بطريقة مختلفة يف النتائج العملية لفهمنا السابق للنجاح، ويف وسائل سعينا املحموم لتحقيقه. يف حياتنا ،تنترش الشعارات أكرث ،مبا ال يقارن ،من انتشار املعاين .والكلامت الجميلة التي نتداولها قد ال تحمل مضمونها الحقيقي ،املضمون األول الذي رافقها مع لحظات إطالقها أول مرة .تخضع مفردة (النجاح) لذلك النوع من التفريغ الجوهري، فتتحول إىل مجرد كلمة براقة تخفي أشياء قذرة.. يشكل العمل مطلباً ،وتحدياً كبرياً أمام اإلنسان، ولعله بات املضامر األوسع الختبار قدرتنا عىل النجاح ،فإن صدف و تنقلت يف عملك بني عدة رشكات ،فال ب ّد وأنك صادفت مدراء كرث حافظوا عىل مواقعهم لسنوات طويلة ،وتنقلوا يف الس ّلم الوظيفي برسعة ،وكان الواحد منهم يعترب منوذجاً حياً للنجاح ،وقدوة تقدمه اإلدارة لسائر املوظفني. ولكن ،الحقيقة قد ال تكون بهذا الصفاء املتخ ّيل، فكثرياً ما يكون هذا الشخص مجرد منوذج للوصولية واالنتهازية ،وللتم ّلق ملن هم أعىل منه مرتبة يف التسلسل الوظيفي ،ومثاالً للوشاية مبن حوله ،ومصدراً لألذى يصيب كل من قد يشكل خطراً مستقبلياً عىل موقعه .وسرتى ّأن كثرياً من املوظفني الباحثني عن نجاح (بأي مثن) ،يقومون بتسخري أنفسهم ،فيتحولون إىل مجرد أدوات بيد مدير “ناجح” ،يف سبيل الوصول إىل ما وصل إليه، أو رمبا احتالل مكانه.. عىل مستوى السلطة ،نرى أمامنا مناذج ماثلة للعيان لرؤساء أنظمة ،رشدوا شعوبهم ،بعد أن قتلوا منهم واعتقلوا نسبة كبرية ،ولكن هل ميكن أن ننكر أو نتجاهل حقيقة نجاحهم يف البقاء والنجاة ،ولو فوق أكوام مكدسة من الجامجم؟ ولو عدنا بالذاكرة قلي ًال إىل الوراء ،لوجدنا ّأن النجاح يف املجتمع مل يكن يتطلب القيام بقدر كبري من األفعال النزيهة .بل عىل العكس متاماً، كان يعتمد بدرجة كبرية عىل أساليب تتعارض
مع النزاهة ،ويتم إلباسها مسميات مختلفة كـ “الشطارة” و “الفلهوية” و“معرفة من أين تؤكل الكتف” ..الخ. كنا نرى ذلك ضمن الفئات التي تقع يف قمة الهرم االجتامعي واألكادميي والسلطوي .فإذا كان مفهوم النجاح مشوهاً يف مجاالت القضاء واملحاماة، وعىل مستوى أساتذة الجامعات وإدارات الدولة، وإذا كانت شبكة عالقات الفساد ،واالرتباطات بالسلطة ،والقدرة عىل التآمر عىل اآلخرين، تتفوق عىل مقومات النزاهة ،والكفاءة الشخصية والعلمية ،فال ب ّد وأ ّننا أمام حالة تشويه للمفاهيم وقلبها رأساً عىل عقب ،وما يتبع ذلك من تعميم للمفاهيم املشوهة عىل الفئات األخرى من املجتمع.. فإذا كان هذا هو املعنى الطاغي للنجاح يف ق ّمة الهرم ،فال شك ّ بأن املهن األوسع انتشاراً يف جسم الهرم لن تكون بحال أفضل .لقد تم تفريغ فكرة “النجاح” من مضمونها بشكل كامل تقريباً ،إال عند أولئك الذين ميلكون درجة عالية من الرقابة الذاتية ،وهؤالء سيجدون أنفسهم يف لحظة ما ،يف
مواجهة مع تيار جارف ،يحارب املعنى الجوهري للمفردة،
ساعياً إىل تعميم التفريغ وتحويله إىل حقيقة.. مل يكن تغيري الواقع السيايس كافياً لتبديل حال هذه الفوىض العاتية يف املفاهيم؛ يف مفهوم النجاح عىل وجه الخصوص ..إذ مل نجد حاالً أفضل عىل مستوى املعارضة السياسية ،والتي بات النجاح فيها مبنياً عىل معرفة مراكز القوى ،وليس بالرضورة عىل الكفاءة يف العمل السيايس ،أو عىل امتالك مرشوع يناسب طبيعة املرحلة ،وأيضاً عىل القدرة عىل بناء شبكة عالقات خارجية ،حتى وصل الحال بكثريين إىل االرتهان الكامل لبعض األطراف ..وهؤالء أصبحوا ،و يا للمصادفة! األكرث نجاحاً ،وثباتاً يف مواقعهم ،من بني الجميع.. اختلفت الوجوه ومل تختلف املفاهيم واألساليب، وما يزال تشويه املعنى سارياً .وال يختلف األمر، مع األسف ،يف مجاالت اإلغاثة ،أو اإلعالم ،أو الثقافة والبحث العلمي ..فأصل الفساد واحد. ففي سوق مثقفي املعارضة اليوم ،تجد ألقاباً وهمية ،تم رشاؤها أو منحها من جامعات غري
معرتف بها ،وتجد تجمعات ملثقفني يفتقر أغلبهم إىل الصدقية والكفاءة ،يقومون بتكريم واحد “من بينهم تحديداً” فيحصل عىل لقب ومركز ،وهنا تحدث عملية إعادة تدوير ألنظمة الفساد ،مع تواطؤ عىل احتكار األلقاب والسلطة ،وتكريس هذا الشكل الجديد من الفساد ثقافياً ،ليصبح لدينا يف عامل الثقافة عصابات موازية لعصابات السياسة، ال تختلف عنها يف أساليب االحتيال واالنتهازية، وبناء عالقات الفساد ،والطعن يف الظهر ،وخيانة األصدقاء ورفاق الدرب.. علينا اإلقرار بأن بعض النجاحات كانت تكلفتها هائلة ..وال أقصد هنا الكالم عن التكلفة كجهد مبذول ،أو عمر مهدور ،أو أموال طائلة .بل لعل هذه الخسائر (الكبرية وال شك) تعدُّ (وليس العمر مقصوداً هنا) من النوع القابل للتعويض .لكني أقصد النوع اآلخر من النجاحات ،والتي تك ّلف خسائر ال ميكن تعويضها بأي حال من األحوال.. فالنجاح الذي يتطلب التذ ّلل وإهراق الكرامات، وبيع القيم يف مزادات رخيصة ،أو التآمر عىل املحيطني ،يف سبيل الوصول إىل مركز أو سلطة، هو نوع من النجاح الذي يخرس معه الناجح الجزء األهم من إنسان ّيته .هنا يصبح النجاح هدفاً ونهاية ،وال يشء بعده ،أو ألجله.. وهو منط يحدث فيه تفريغ لإلنسان من محتواه، كنوع من انتقام القيمة لذاتها ،حني قام اإلنسان بتفريغها من جوهرها .فال يشء يجري بدون ثأر ،والقيم تثأر لذاتها .فحني نف ّرغها ،ستقوم هي بتفريغنا أيضاً .وهكذا يضيع املعنى ،وتضيع الجدوى من أي يشء.. نجحنا يف السلطة ،يف العمل ،يف التعليم ،يف املهن.. لكنه نجاح بدون أي جدوى ،ألنه باألصل بال معنى. فهو قائم ،أص ًال ،عىل تزوير الكلامت ،وحني تز ّور الكلمة ال يبقى يشء بعد ذلك ميكن البناء عليه.. من عالمات فشلنا ،كرثة الناجحني عندنا ،لكنها كرث ٌة مالزمة لسقوط مجتمعي متسارع ،وانهيار شامل عىل املستويات كافة ،ثم ضياعٌ لكل يشء م ّرة واحدة.. مبدئياً ،وإىل أن يتم استعادة املعنى ،توقفوا عن النجاح رجا ًء ..ال نريد مزيداً من الناجحني..
ريف دمشــق ....مخاض عسير 5 ابو القاسم السوري
العدد - 78 - 2016 / 10 / 16
مقاالت
بعد تحول الثورة إىل العمل العسكري ،كان السؤال الرئييس الذي دامئاً يشغل الجميع هو :متى إطالق معركة إسقاط النظام؟ والتي ستكون ال محالة هي معركة دخول العاصمة، ورضب رأس األفعى هناك .وطبعاً ،ومن املنطقي أن تكون محافظة ريف دمشق بتقسيامتها املتعددة (الغوطة الرشقية -الغوطة الغربية -القلمون -الزبداين وما حولها) هي املناطق التي ستتحمل تبعات هذه املعركة ،ولكن بسند من املحافظات القريبة ،وخاصة الجبهة الجنوبية درعا. ومع نهاية عام 2012وصلت قوات الثورة يف هذه املناطق إىل رصيد من القوة لو أمكن تجميعه وتوحيده حينها -مع حالة النظام الضعيفة جداً يف حينها -لكان باإلمكان إسقاط النظام وإنهاؤه .ولكن واقع الرصاعات الداخلية بني الفصائل املقاتلة ،وتبنيها ملشاريع بأجندات حزبية ،وغياب مرشوع وطني جامع ،جعل أكرب طموحات هذه الفصائل السيطرة عىل منطقة معينة ،وفرض نفسها هيئات حاكمة ضمنها. وقد استشعر النظام وحلفاؤه الخطر الحقيقي املنبعث من ريف دمشق عىل وجود النظام يف العاصمة ،فعمل عىل تفكيك مصادر قوة هذه املناطق من خالل ما ييل: أوالً :قطع التواصل الجغرايف بني هذه املناطق ،من خالل إحكام سيطرته عىل الطرق الرئيسية التي تساعده عىل ذلك .مثل إحكام سيطرته عىل طريق املطار وإنشاء حزام أمني عىل طوله ،مبا يعيق اتصال الغوطة الرشقية مع الغوطة الغربية. ثانياً :محارصة املناطق املحررة وتجويع أهلها ،مام يجعل موضوع الطعام والرشاب واحداَ من أهم أولويات سكان هذه املناطق ،ويدفع قس َام منهم إىل الخروج منها ،وبالتايل إفراغ هذه املناطق من مصدر قوة برشي أسايس. ثالثاً :انتهاج سياسة تدمري شامل لهذه املناطق وجعل هذه املناطق غري قابلة للسكن ،مام يدفع قس ًام من سكان هذه املناطق للخروج منها. دس أشخاص ومجموعات داخل مناطق املعارضة رابعاًّ : يكون شغلها الرئييس ّ بث الفنت وإظهار عيوب وأخطاء املؤسسات والفصائل الثورية. خامساً :عقد هدن مع بعض املناطق وإغداق الخدمات عليها ،ما يجعل هذا النموذج جذاباً لباقي مناطق الريف الدمشقي املحارصة.
سادساً :اعتامد اسرتاتيجية عسكرية قامئة عىل مبدأ دبيب النمل ،لالقتطاع املستمر ملناطق جغرافية ضمن املناطق املحررة ،وبالتايل تقليص املساحة الجغرافية للمعارضة يف ريف دمشق. سابعاً :الحسم العسكري للمعارك الرئيسية التي تقطع أي اتصال بني مناطق الريف الدمشقي، وأي عمق مع باقي املحافظات السورية .كحسم معركة القلمون ،واقرتاب حسم معارك الزبداين وما حولها. نتيجة لكل ذلك وصلنا إىل حالة أصبحت املناطق املحررة يف الريف الدمشقي عبارة عن جزر منعزلة عن بعضها ،وأصبحت لقمة سائغة للنظام ،وطبعاً النظام عمل عىل تخصيص أساليب متعددة للتعامل مع هذه الجزر؛ فمث ًال يف داريا عمد إىل سياسة اإلخضاع والتدمري الشامل ،بينام يف مناطق أخرى كالهامة وقدسيا فهو يعرف محدودية القوة العسكرية للفصائل املوجودة هناك ،لذلك هو يكفيه التهديد إلخضاع هذه املناطق ،وطبعاً االسرتاتيجية التي اتبعها النظام تأيت متناسقة مع مشاريع دولية ترى أن ّ الحل يف سورية يقوم أساساً عىل إنشاء فصل دميوغرايف بني مؤيدي النظام ومعارضيه .لذلك مل نشهد حالة من االستنكار الدويل الحقيقي ملا حدث يف داريا مث ًال .وهذه رسالة عىل ما يبدو عن حالة الرضا الدويل عن سياسة التغري الدميوغرايف.
وطبعاً النظام يستهدف من كل ذلك الوصول إىل حالة من تأمني العاصمة ،وبالتايل إرسال رسالة للجميع بأنه أصبح منيعاً يف العاصمة السياسية، وبالتايل أي طرح حول إسقاط النظام أصبح بعيد املنال .وقد استشعر النظام حالوة مذاق االنتصارات التي يحققها من خالل إنهاء هذه الجزر املنعزلة ،وخاصة موضوع إنهاء داريا. وعليه فإن النظام مقدم المحالة نحو العمل عىل إنهاء ملف ريف دمشق كام ًال .وبالتايل فإن باقي مناطق الريف الدمشقي هي أمام مخاض عسري يف املدة القادمة. ولكن ،هل يجب االستسالم لهذا الواقع املرير؟ أعتقد أننا أمام سؤال مصريي ،ال يتصل مبصري مناطق الريف الدمشقي فقط ،بل مبصري الثورة بشكل كامل .وطبعا لتغيري هذا الواقع املرير أعتقد أننا أيضاً يجب أن نخوض مخاضنا الحقيقي ،عىل أن ينتج تجاوز الفصائلية املقيتة، والتنازل عن املشاريع املنهجية التي مل توصل إىل أي نتيجة .ويف نفس الوقت رضورة العمل عىل االنفتاح عىل الجبهة الجنوبية مهام كان الثمن. مع إدراكنا أننا أمام صورة ساعة رمل ،يف كل يوم يقل عدد الحبات فيها؛ أي أن الوقت محدود إلنجاز ذلك ،وإال سيكون مصري باقي مناطق ريف دمشق كمصري داريا والهامة وقدسيا ،ومصري الثورة السورية حينها سيكون يف نفق مظلم.
6
الثورة ليست صورة ثابتة في الرأس أيها الشاعر الكبير د .جمال الشوفي
العدد 2016 / 10 / 16 - 78 -
مقاالت
الشاعر السوري “الكبري” عيل أحمد سعيد إسرب، واملعروف كناية باألسطورة “أدونيس” ،والذي قال يف حديث لوكالة فرانس برس الفرنسية عىل هامش معرض غوتنربغ للكتاب ،وبكل ثقة“ ،الشعر ال ميكنه ذبح طفل أو مامرسة القتل أو تهديم املساجد”، لكنه نيس أو تناىس أن الكلمة يف تأسيسها املعريف وببعدها الفكري والوجداين أشد فتكاً من وابل الرصاص واملدافع .ففي منتصف عام ،2014حسب األنبار الكويتية ،دعا إىل تغيري املجتمع جذرياً ال النظام ،فـ”عَلامنيته” مل تقده للفصل بني تغيري املجتمع وبني تغيري منظومته املعرفية بالتدريج والرتاكم املجتمعي ،وأن رشط بدايتها حرية التعبري وإطالق كوامن املجتمع الفعلية وزجها يف معادلة الدولة الوطنية ،ال تحت وصاية وهيمنة القوى األمنية وعقائدية البعث السياسية .وأيضاً مل يقده شعره للتعبري التضامني مع املجازر املرتكبة يف سوريا وال مع مرشديها يف شتات األرض! جون لوك، الذي نارص الثورة االنكليزية ،وهرب أمنياً عىل أساسها ،أسس مفهومياً للوظيفة العليا للدولة يف حامية الرثوة والحرية ،وأن عىل الشعب أن يغري الحكومة ،و “عَلامنية” أدونيس الشعرية مل ت َر ذلك أبداً! ال تكاد متر فرتة زمنية إال ويطالعنا بعض “ال َعلامنيني” أو”اليساريني” مبقوالتهم املنحوتة معنى ،خاصة كالمياً ،الباردة روحاً ،ولرمبا القاتلة ً فيام يتعلق بتقييمهم ملجريات ثورات الربيع العريب والثورة السورية خاصة .وليت فكر ما كان يسمى بـ”التقدمي” ،اتقد بجملة مفاهيمية محدثة يف العامل السيايس والفكري تحقق أحد رشطيه عىل األقل :التأسيس املفهومي ،والنقد املعريف الذايت الذي كون صورة مسبقة عن عامل اليوم ومتغرياته املتسارعة .فكام غريه من “اليساريني” أو”ال َعلامنيني” العرب ،يأخذ أدونيس عىل الثورات أنها شوهت جامليتها وحقيقتها ،وال ميكنه أن يرى الثورة تخرج من مظامل الناس املسحوقني وال من بساطة مطامحهم يف الحياة الحرة الكرمية ،دون الخضوع ملرجعيات قهرية وآليات هيمنة عقائدية سياسية واقتصادية تحكم وتحيص أنفاسهم.
فالثابت “ال َعلامين” لديه منعه من رؤية متحول وطني أو حتى مفهومي يف الحريات ولقمة العيش الكرمية ،ويبدو أن الثابت الوحيد الذي يراه هو ثابت وجودي محض ،يتمثله يف بعده الشخيص السابق عىل كل معرفة وكل متغري واقعي. وقد يتفق كثري من النخب السياسية معه يف نقده للمعارضة السورية ،وهذا حق ،لكن أن يقدم مجازفة سياسية منقطعة عن جذورها املعرفية، فهذا خلط مفهومي .فتحقيق االستقرار املدين والتأسيس للحريات السياسية واالنتصار ملظامل الشعوب ،ستقود لالتفاق مع مسلمته الذهنية الثابتة يف تحقيق العلامنية يف املنطقة العربية مثلام حققتها الواليات املتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا ،ما يقود بكل لحظة لفتح حوار عن املوروث البطريريك ملجتمعات األرسة ومجتمعات التدين يف عمقها املعريف والسيكولوجي ،ومل يكن هذا بعيداً عن مثقفينا يوماً ،ال أن ُتصدر هذه األقنومة الصلدة يف صورة موقف سيايس مخاتل ال مييز بني حرية تنقله يف دول العامل منظراً للعلامنية، التي نريدها أيضاً ،وللشعر ،الذي نتذوقه أيضاً، طمعاً يف ترشيحه لجائزة عاملية ،وبني منع اآلالف من السفر أمنياً واعتقالهم وترشيد املاليني! يف املنطق ،قد تبدأ مبسلامت صحيحة فتقودك احتامالً إىل خطأ أو صواب ،ومرد هذا للمنهج والطريقة يف التفكري ولرمبا لنفعية محضة اتفاقاً مع الفيلسوف الكبري املرحوم إلياس مرقص ،فلن نختلف مع الفكر “ال َعلامين” هذا أو “اليساري” ذاك الذي يضعنا أمام بديهية ومسلمة كربى :أن التجمعات البرشية األوىل للثورة السورية بدأت من الجوامع ،لكن هل تساءل أصحاب املنهج “ال َعلامين” ذات يوم ،ولرمبا تساءلوا وآثروا االستكانة إلجابة
قابعة يف الرأس أوالً و آخراً ،متى كان مسموحاً للشباب السوري التجمع ألكرث من ثالثة؟ وهل ترك األمن ونظام الرقابة املحكم مكاناً لتجمع البرش غري املحافل الدينية دون أن مينعه أو يقفله أويعتقل أصحابه؟ ورمبا يتناسون تجربة ربيع دمشق ومنتدياتها .وهل ُسمح للشباب السوري التجمع يف أي مكان آخر غري الجامع يضمنون به حامية تجمعهم من غزو همجي ألجهزة األمن وغريها قبل انطالقة أصواتهم والتعبري عن طلباتهم ورفع شعارتهم املنادية بالتغيري الدميوقراطي ،بالحرية والكرامة واإلنسانية ،بعدالة الفرصة املجتمعية والقانونية والعلمية والعملية؟ وحيث أين ال أظن أن يقصد ملرات الجامع باملكان، بقدر قصده البنية الذهنية .وهنا مأخذ أكرب لعلامين العرص ،فمتى كانت العلامنية إلغاء للدين؟ فكونها فصل بني الدين والدولة ،فهي تثبت الدين واعرتاف به وبحرية االعتقاد داخل منابره املتنوعة؛ فالتغيري املطلوب هو تغيري يف بنية الدولة ومؤسساتها ال يف مكنون الدين ،وهذا من حيث املبدأ دون الدخول يف نقاش ديني أص ًال. يبدو أن ثبات الزمن يف مرشوعه “الثابت واملتحول” هو امليزة املعرفية الكربى ألدونيس أمام صدمة متغريات الواقع؛ فلم يتسع صدره لسامع اآلخرين ومل يسعفه ِشعره وال فلسفته املتحولة أليديولوجية نفعية من التوقف مع سؤال الهوية واملواطنة والعقد االجتامعي بالرضورة .فلم ي َر الثورات سوى صورة ثابتة يف مخيلته ،باردة لدرجة املوات الروحي ،فال هو أنتج معرفياً ،وال أقر برضورة تراكمه ومبساواة التجربة الحسية للكل املجتمعي، وال نأى بنفسه عن تصدير موقف سيايس “عَلامين” موارب ال يوصف نحتاً إال بال َعلام-لوجي
عاد الشتاء يا دمشق ولم تعدي 7
يارا شامية
العدد - 78 - 2016 / 10 / 16
فمع كل شتاء تتحول معظم املخيامت إىل مستنقعات عشوائية موحلة ،نتيجة األمطار وتضاؤل املساحات اإلسمنتية فيها ،كام تداهم املياه عدداً من الخيام ،بينام تتطاير أخرى بسبب الرياح والطقس العاصف. تقول “أم خالد” من أحد املخيامت“ :ميكننا التأقلم مع صعوبات الحياة نوعاً ما يف فصل الصيف ،أما صعوبات الشتاء فهي فوق إمكاناتنا املحدودة”. وتضيف“ :أفضل لو لقيت وأرسيت املوت يف سوريا عىل حياة الشتات والنوم يف العراء التي نحياها هنا”. هذه القضية اإلنسانية تخطت قدرات املجتمع الدويل املحدودة عىل تخفيف معاناة الالجئني، الذين فاقت مأساتهم ما تعرض له كل الالجئني منذ الحرب العاملية الثانية. املازوت كنز الشتاء ً أصبحت هذه املادة حلام لكثري من العائالت السورية ،بسبب عدم توفرها وغالء سعرها ،نتيجة حظر الدولة لبيع املازوت بغرض التدفئة ،وحرص الحصول عليه بالتسجيل عىل قسائم يف البلديات التابعة لكل منطقة. حيث خصصت 200ليرت للعائلة الواحدة تعطى
عىل دفعتني بسعر 180لليرت الواحد. لكن تلك القسيمة مجرد حرب عىل ورق ،فالسيد هشام يقول“ :وقفت لساعات العام املايض يف طوابري طويلة ألسجل عىل قسيمة تدفئة ،لكن مل يأت دوري حتى شهر حزيران أي يف فصل الصيف”. هذا ما أدى النتشار تجارة املازوت ،التي بات لها سوقاً سوداء يباع فيها الليرت بـ 250وأحياناً ب 300 لرية ،أي ما يكلف األرسة الواحدة 75ألف لرية للحصول عىل 300ليرت فقط أي ما يعادل تقريباً راتب املوظف ملدة ثالثة شهور. يضيف هشام“ :قررت هذا العام أن أخصص مرتبي لتأمني مادة املازوت حتى لو كان ذلك عىل حساب بعض الحاجات املعيشية الرضورية ،فالجوع وضيق الحال أهون من الربد الذي مل يرحم أحداً العام املايض” حسب تعبريه. ً عل ًام أن وضع الكهرباء يصبح أكرث سوءا يف فصل الشتاء ،فال ميكن االعتامد عليها كوسيلة تدفئة ،ما دفع الكثريين لالعتامد عىل الحطب للتدفئة بدالً من املازوت ،رغم أنه يسبب مشاكل صحية فهو يطلق غاز أحادي أكسيد الكربون الذي يؤدي يف بعض الحاالت لالختناق ،لكن يضطر السوريني الستخدامه للتأقلم مع قساوة الحياة.
تقارير
مل يبق سوى زخة لتعلن قدوم فصل الشتاء ،الذي تحول يف سوريا من نعمة إىل نقمة عىل أولئك الذين يقطنون يف بيوت ال تتوفر فيها أدىن مقومات الحياة .بيوت نزحوا إليها هرباً من ويالت الحرب ،بعضها بأسقف مستعارة ،وأخرى بال نوافذ تقي برد الشتاء ،ناهيك عن آالف األرس التي تقطن يف بيوت “عىل الهيكل” ال يخجل أصحابها من تقايض أجرتها. فشتاء السوريني تحول من فصل الخري والعطاء لـ” نذير شؤم” كام عرب عنه “أبو محمد” املعيل ألرسة مؤلفة من مثانية أفراد تقطن يف بيت “عىل الهيكل” يف صحنايا ،فيقول“ :عانيت وأرسيت األمرين يف الشتاء املايض؛ فلم أمتكن من توفري وقود للتدفئة يف بيت نوافذه مؤلفة من نايلون وشوادر قامشية، وأبوابه مجرد ستائر أو ألواح خشبية وسقوف تدلف مع كل عاصفة” .يضيف“ :استأجرت هذا املنزل بعرشة آالف ،واليوم رفع مالكه األجرة لـ 15ألف!”. يف حني قىض محمد االبن األكرب كامل العام الدرايس املايض مبعطف مرقع وحذاء قديم ال يحمي أقدامه املتجمدة من الربد. ً أما والدته فتقول“ :متنيت أن أرى نور املدفأة متقدا ولو ليوم واحد ..أن أفتح صنبور املاء فأحصل عىل ماء ساخن ..كنا نعتمد عىل الغاز لتسخني املياه”. ً تلك القصة ليست مشهداً كرتونيا خرجت به بائعة الكربيت ليلة امليالد لتبحث عن مشرت يقيها برد الشتاء ويسد رمقها بوجبة طعام ،إمنا هي واقع يعيشه ماليني السوريني املهجرين الذين هربوا من املناطق الساخنة ألخرى أكرث هدوءاً. أيضاً هناك آالف األرس السورية تعيش حياة قاسية يف مراكز اإليواء تحت مظلة النظام السوري ،فهي عبارة عن مدارس تحولت لسكن جامعي ،غالباً ال يضم إال دوريت مياه وأربعة صنابري باردة فقط ،فيام تنعدم وسائل التدفئة من وقود وسجاد ومدافئ وغري ذلك ،لكن ضيق الحال دفع البعض للحصول عىل غرفة صغرية بتلك املراكز رغم افتقارها ملقومات الحياة. األكرث سوءاً حال الالجئني يف املخيامت ،املقدر عددهم وفقاً ملفوضية األمم املتحدة لشؤون الالجئني بأكرث من أربعة ماليني الجئ ،بينهم مليون طفل موزعني يف لبنان واألردن وتركيا وكردستان العراق ،يف خيام ال تقي برداً والريحاً ويف ظروف معيشية تفتقد أبسط أساسيات الحياة اإلنسانية الكرمية.
بين الظلم والمظلومية 8 المحامي أنور البني
العدد 2016 / 10 / 16 - 78 -
يرتدد كثرياً يف النقاشات العامة ،وخاصة خالل الفرتة املاضية ،مصطلح املظلومية ،ويتم تداول هذا املصطلح كمفهوم بديل عن الظلم الذي لحق بفئة أو مجموعة دينية أو قومية أو اجتامعية. وحسب رأيي هناك خطأ كبري بتداول هذا املصطلح ،لوجود فارق كبري بني مفهوم الظلم ومصطلح املظلومية؛ فاملظلومية هي تعبري سيايس ،بينام الظلم هو تعبري قانوين .ففيام ميكن الحديث عن ظلم أو عدم عدالة ألي فئة أو مجموعة كبداية لرفع الظلم والتعويض عن الرضر ،فإن مصطلح املظلومية يستخدم كمفهوم سيايس ،ليس أمام القضاء أو أي جهة قادرة عىل رفع الظلم ،وإمنا لشد عصبية وقيادة املجموعة نفسها التي تعرضت للظلم تحت رغبة االنتقام للظلم الالحق بها ،وغالباً ما يستخدم هذا املصطلح قيادات تفرض نفسها عىل املجموعة، وتقمع كل صوت معارض مستخدمة هذا الشعار كتربير لجرامئها. لذلك وحسب رأيي فإن مستخدم مصطلح املظلومية ال يهدف بالنهاية لرفع الظلم عن الفئة التي تعرضت للظلم ،وإمنا الستخدام هذا الظلم لتحقيق أهداف أخرى أهمها السلطة .بل رمبا يرى أن من مصلحته تعميق هذا الظلم وزيادته حتى يربر أكرث اسئثاره بالسلطة ويربر جرامئه. ويقوم مستخدم هذا املصطلح بالتلويح به كأداة ابتزاز داخلية تجاه معارضيه ،وخارجية تجاه األطراف األخرى غري الجهة التي ألحقت الظلم لتثبيت سلطته وربح مكاسب أكرب. وميكن أن نسقط هذا التفسري عىل الكثري من القضايا واملسائل التي عايشناها ،ابتداء من موضوع القومية العربية التي تعرضت ،حسب مستخدمي مفهوم املظلومية ،إىل هجوم إمربيايل غريب صهيوين قسمها ومنع وحدتها وأبقاها فريسة الجهل والتخلف ،ولكن حاميل هذا الشعار
الذين استولوا عىل السلطات ببلدانهم من أجله فعلوا كل يشء إال رفع الظلم وقيادة بالدهم نحو الوحدة والعلم والحضارة ،ارتكبوا كل الجرائم بحق بعضهم وبحق شعوبهم ،وحاربوا الجميع إال من ادعوا أنهم سبب مصائبهم ،ومازلنا كشعوب عربية نتباىك عىل أنفسنا ونحمل مظلوميتنا كقميص عثامن ،نحمله سبب مأساتنا وال نحمل القيادات املجرمة املسؤولية عنها. وكذلك املظلومية الفلسطينية التي حملتها كل قيادات الدول العربية لتزيد يف قمع شعوبها وتثبت سلطاتها ،دون أن تحرك ساكناً تجاه املسؤول عن هذا الظلم .والشعب الفلسطيني املظلوم أكرث من دفع مثن شعار املظلومية من دمه ،ومع أن حاميل شعار مظلومية الشعب الفلسطيني هادنوا الجهة الظاملة “إرسائيل” ووقعوا اتفاقات معها ،إال أنهم أبدا مل يهادنوا أو يتفقوا مع رفاقهم من الشعب الفلسطيني ،وبقي القتال بينهم دون هوادة. والظلم الالحق بالكورد يف الرشق ،إن كان بسوريا أو العراق أو تركيا أو إيران ،استخدم تحت شعار املظلومية لبناء أحزاب منغلقة قمعية حديدية حاربت الجميع وأولهم األكراد أنفسهم ،وكانت أداة بيد الجميع ،تخدم أجندات ال عالقة لها بالشعب الكوردي ،تحت شعار املظلومبة نفسه، وتحت هذا الشعار تم التالعب بالشعب الكوردي وبحلمه بدولة قومية ،ودفع الشعب الكردي من دمه ومعاناته الكثري .وكذلك يف الوقت التي يقوم به حاميل هذا الشعار ببناء هدن وتحالفات مع من ألحق الظلم بالشعب الكوردي ،فإنه ال تتم املهادنة أو االتفاق مع األكراد الذين يعارضون هذه األحزاب ،ووجهت بنادقها وجهودها ضد الجميع إال الجهة التي ألحقت الظلم بها. وحكاية الظلم الذي لحق بالعلويني يف سوريا مبرحلة ما من الزمن ،حسب ما يشعر العلويون،
استخدمت كشعار مظلومية لتسلط فئة من العلويني عىل السلطة يف سوريا ،وتحت هذا الشعار تم قتل وتهجري الشعب السوري ،وتدمري سوريا انتقاماً لهذه املظلومية املفرتضة ،وحت ًام كان االنتقام من العلويني املع ّرضني لهذه السلطة أشد وأقىس ،بسبب أنهم من املظلومني أساساً ويتوجب عليهم االنصياع ،وحت ًام مل تقم هذه الفئة أبداً برفع الظلم عن الطائفة املظلومة ،بل عمقت إحساسها بالظلم ،بل زادت من ظلمها ،إال من انصاع والتزم معها بشكل كامل وأصبح وقوداً يف مشاريعها السلطوية. واملظلومية الشيعية يف العراق أثناء حكم صدام حسني جعلت نظام املاليل املجرم بطهران ينتقم بأبشع صورة من البيئة السنية التي ال ناقة لها وال جمل بهذه املظلومية ،بعدما وضع يده عىل السلطة ببغداد. واملظلومية الشيعية يف لبنان كذلك جعلت من حزب الله يضع يده عىل كل مقدرات لبنان، وقمع وقتل وهجر كل معارضيه وخاصة من الشيعة أنفسهم. شعار املظلومية هو شعار يهدف لالنتقام للظلم، ليس برفعه بل بإلحاق ظلم أكرب باآلخرين .وليس بالرضورة أبداً أن يكون بحق الجهة الظاملة ،بل غالباً ال يكون كذلك ،بل غالباً يكون هذا االنتقام من جهات أخرى ال عالقة لها بهذا الظلم. شعار املظلومية الذي حملته القيادات السياسية والقومية والدينية والطائفية لتجييش الناس هو من أوصل الشعب السوري لهذا الوضع ،ودفع باالحتقان إىل مستويات عليا. يجب العودة إىل معالجة الظلم بالعدالة وليس بظلم اآلخر ،وما دامت أبواب العدالة مغلقة، فدعوات االنتقام ستظل ترفرف وتستدعي الدماء ،وأول الخطوات محاكمة املجرمني وإعادة االعتبار للحقوق.
أربعة أعوام على اعتقال المحامي خليل معتوق
9
المحامي ميشال شماس
العدد - 78 - 2016 / 10 / 16
مىض عىل اعتقال صديقي وأستاذي املحامي خليل معتوق أربع سنوات ،مل ولن تستطيع أن متحو طيفه من ذاكريت ،فحضوره مازال قوياً رغم ابتعاده القرسي ،هو بعيد بجسده يف زنزانته وحيداً ،لكنه قريب بطيفه وروحه. طلب منّي ال زلت أذكر يف إحدى ليايل صيف َ 1992 األستاذ خليل أن أرافقه إىل مكتبه القريب من ساحة الشهبندر بدمشق لكتابة مذكرة دفاع عن عرشة معتقلني اتهموا بتشكيل “لجنة الدفاع عن حقوق اإلنسان يف سوريا” ،كان يتلو ع ّ يل نص املذكرة ،وأنا أخطها حرفاً حرفاً وكلمة كلمة عىل آلة كاتبة صغرية، وكان الخوف يتسلل إىل نفيس مع ّ كل كلمة ُ كنت أخطها ملا فيها من جرأة غري معهودة يف الدفاع عن هؤالء العرشة ،ومع الوقت بدأ الخوف يتالىش رويداً رويداً بعد أن اندمجت كلياً يف روح تلك املذكرة التي فتحت عيوين وعقيل عىل ما يعانيه أصحاب الرأي الحر والكلمة الحرة ..ورضورة الوقوف معهم ومساندتهم والدفاع عنهم.. أربعة أعوام مضت عىل اعتقال صديقي واستاذي دون أن يربح مخيلتي ،يأتيني يف املنام ،يحدثني.. يناقشني يف قضايا املعتقلني ..مل أستطع أن أنساه، وكيف يل أن أنساه وهو الذي فتح يل مكتبه وقلبه وأخذ بيدي يف مهنة املحاماة ،وزادين بعلمه وخربته الكثري الكثري؟ وحتى عندما ُ نلت لقب أستاذ يف املحاماة مل أستطع الفكاك عنه ،فبقيت يف مكتبه، ُ تقاسمت معه عمل املكتب وانخرطت معه يف قضايا الدفاع عن حقوق اإلنسان السوري وحرياته.. يف العام 2000أعلن نهائياً تفرغه للعمل يف مجال الدفاع عن حقوق اإلنسان بعيداً عن أي عمل سيايس، فكان قراره اعتزاله العمل السيايس ،بعد أن شعر أن اشتغاله بالسياسة سوف يضعف من حامسته يف الدفاع عن حقوق اإلنسان السوري ويضعف من استقاللية موقفه ،وقال حينها“ :إن العمل يف مجال حقوق اإلنسان يجب أن يكون منزهاً عن أي ميل أو هوى يف السياسة ألي اتجاه كان” .وفتح قراره الهام باعتزال العمل السيايس لصالح التفرغ التام للعمل
يف الدفاع عن حقوق اإلنسان يف سورية ،الطريق أمام تعزيز عمل املدافعني عن حقوق اإلنسان. ومع انطالقة ربيع دمشق بعد موت األسد األب وخالفة ابنه بشار الحكم ،وانتشار املنتديات السياسية يف مختلف املحافظات السورية ،كان أبرزها يف دمشق منتدى األتايس ،و”مركز حقوق اإلنسان” الذي أنشأه األستاذ خليل معتوق يف منزله، لكن مل ميض شهران عىل فتح ذلك املركز حتى بادرت السلطات السورية إىل إغالقه وجميع املنتديات األخرى ،يف حملة أمنية غري مسبوقة طالت أبرز نشطاء املجتمع املدين يف سورية ،حيث تم اعتقال العرشات يف مقدمتهم األستاذ رياض الرتك واألستاذ حبيب عيىس والدكتور عارف دليلة وغريهم ،ومتت إحالتهم إىل محكمة أمن الدولة العليا ،وهنا انربى األستاذ خليل معتوق مع ثلة من املحامني للدفاع عنهم بكل قوة وعزم. وكان للمحامي خليل معتوق دور بارز يف الدفاع أيضاً عن مجموعة معتقيل إعالن دمشق بريوت -بريوت دمشق ،ويف مقدمتهم املحامي األستاذ أنور البني والشهيد مشعل متو ،هذا اإلعالن الذي دعا إىل إعادة تصحيح العالقات بني سوريا ولبنان ..وبينام كانت املحاكامت جارية يف القرص العديل بدمشق ،شنت السلطات السورية حملة اعتقاالت واسعة طالت عدداً من قيادة التجمع الوطني إلعالن دمشق إثر اجتامع عقدوه يف دمشق ،مام دفع باملحامي خليل معتوق إىل بذل جهود حثيثة من أجل تنظيم الدفاع عنهم مع عدد من املحامني الذين تطوعوا للدفاع عنهم ،من بينهم كاتب هذه السطور واملحامون حسني عيىس وجيهان أمني واملحامية رزان زيتونة واملحامي ناظم حامدي اللذين خطفا يف دوما منذ ثالث سنوات وغريهم. ومع بداية الثورة السورية ازداد الضغط عىل األستاذ خليل معتوق ورفاقه الذين ضاعفوا من جهودهم نظراً لألعداد الكبرية التي كان يتم اعتقالها يومياً عىل خلفية التظاهرات واالعتصامات التي كانت تشهدها البالد .واستمر األمر عىل هذه الحالة حتى تاريخ
2/10/2012عندما فوجئنا بخرب اعتقال املحامي خليل معتوق مع صديقه محمد ظاظا بعد خروجه من منزله بصحنايا متجهاً إىل مكتبه الكائن بدمشق. ليتحول من مدافع عن املعتقلني إىل معتقل يحتاج إىل من يدافع عنه. خليل معتوق هذا املحامي اإلنسان الذي ميثل ضمري كل سوري وسورية ،وكل إنسان يتطلع نحو الكرامة والحرية ،هذا اإلنسان الذي انحاز منذ نعومة أظفاره للدفاع عن املظلومني واملضطهدين ،وهو الذي أمىض أكرث من عرشين عاماً يف طريق معركة الدفاع عن معتقيل الرأي والضمري ،ساهم خاللها مع العديد من رفاقه يف الدفاع عن آالف من املعتقلني السياسيني ومعتقيل الرأي والضمري من شيوعيني ونارصيني وإسالميني وبعثيني ونشطاء حقوق إنسان، هو اآلن يحتاج كعرشات اآلالف من املعتقلني إىل دعمنا جميعاً. خليل معتوق وزمالؤه املعتقلني من زنزاناتهم وكل املؤمنني بح ّرية الشعب السوري مستمرون يف النضال ض ّد االستبداد والطغيان مل ولن يتوقفوا ،حتى يتحرر كل املعتقلني وتتحرر معهم كل السوريات والسوريني.
قانون العقوبات السوري والمرأة 10 المحامية دعد موسى
العدد 2016 / 10 / 16 - 78 -
ال يعترب قانون العقوبات السوري العنف ض ّد املرأة جرمية ،بل يشجع عىل ارتكاب العنف ضدّها يف العديد من مواده ،ونشري هنا إىل بعضها: فصل االعتداء عىل العرض الوارد يف املواد - 1 489إىل 508 املادة “ :489من أكره غري زوجه بالعنف أو التهديد عىل الجامع عوقب باألشغال الشاقة خمس عرشة سنة عىل األقل”. (االغتصاب الزوجي) :هذه املادة ال تعرتف باالغتصاب يف إطار الزوجية؛ مبعنى أنها تعطي للزوج حق اغتصاب زوجته قانوناً ،لذلك ال بد من تعديل نص املادة وحذف كلمة “غري زوجه” من تعريف االغتصاب. املادة - 508زواج ضحايا العنف من مرتكب الجرمية: إذا عقد زواج صحيح بني مرتكب الجرائم - 1 الواردة يف هذا الفصل وبني املعتدى عليها أوقفت املالحقة ،وإذا كان صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض عليه. يعاد إىل املالحقة أو إىل تنفيذ العقوبة - 2 قبل انقضاء ثالث سنوات عىل الجنحة وانقضاء خمس سنوات عىل الجناية إذا انتهى الزواج إما بطالق املرأة دون سبب مرشوع أو بالطالق املحكوم به ملصلحة املعتدى عليها. وهذه املادة تم تعديلها لتصبح عىل الشكل التايل: املادة :9تلغى املادة 508ويستعاض عنها بـ “إذا عقد زواج صحيح بني مرتكب إحدى الجنايات الواردة يف هذا الفصل وبني املعتدى عليها: يستفيد من العذر املخفف وفق أحكام - 1 املادة 241عىل أن ال تقل العقوبة عن الحبس سنتني، ويعاد إىل محاكمة الفاعل إما بطالق املرأة دون سبب مرشوع أو بطالق املحكوم ملصلحة املعتدى عليها قبل انقضاء خمس سنوات.”.. ألغيت املادة ( )508والتي كانت تعفي املعتدي عىل الضحية من العقوبة يف حال زواجه منها بعقد زواج، ويحبس سنتني فقط و 5سنوات إذا طلقها .الزواج مكافأة وتشجيع ملرتكبي العنف الجنيس ض ّد النساء، وانتهاك لكرامة وحرية النساء وحقهن باختيار الزوج،
وال بد من معاقبة املجرمني عىل جرامئهم وعدم إكراه الفتيات عىل الزواج ملنع الفضيحة والسرتة. وهنا نشري إىل تعدد املصطلحات املستخدمة يف هذا الفصل من قانون العقوبات لناحية توصيف الجرم ووسائل االثبات وحق الشكوى ،وبالنتيجة االتهام والعقوبة .حيث أن هناك العديد من األحكام القضائية يف قضايا االعتداءات الجنسية تختلف من حالة ألخرى؛ فمرة تعترب الفعل اغتصاباً وأخرى ّ فض بكارة وثالثة فحشاء ورابعة فع ًال مناف للحشمة ..وبالتايل قد يستخدم املعتدون تلك املواد والتفسريات كوسيلة دفاع ويتملصون من العقاب ،أو ينالون عقاباً بسيطاً يف أحسن األحوال. األعذار املخففة واألسباب املخففة - 2 التقديرية التي تستخدم كدفاع للتخفيف من العقوبة يف قضايا ما يسمى “جرائم الرشف”: املادة 548معدلة“ :يستفيد من العذر املخفف من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته يف جرم الزنا املشهود ،أو يف صالت جنسية فحشاء مع شخص آخر فأقدم عىل قتلهام أو إيذائهام أو عىل قتل أو إيذاء أحدهام بغري عمد ،عىل أن ال تقل العقوبة عن الحبس مدة سنتني يف القتل”. املادة 548من قانون العقوبات بعد التعديل باملرسوم الترشيعي رقم 37لعام 2009وطرأ تعديل آخر عىل هذه املادة باملرسوم رقم 1لعام 2011برقم مادة :15 “يستفيد من العذر املخفف من فاجأ ..وتكون العقوبة الحبس من 5سنوات إىل 7سنوات عىل األقل”. التعديل يعطي عذراً مخففاً للرجل ،ويعترب الجرم جنحة ،عل ًام أنه جناية قتل .ويخفض من العقوبة يف حال قتله أو إيذائه زوجته أو أحد أصوله أو فروعه أو أخته عند مفاجأتهم بجرم زنا مشهود أو صالت جنسية فحشاء مع رجل. الدافع الرشيف الوارد يف املادة :192 املادة “ : 192إذا تبني للقايض أن الدافع كان رشيفاً، قىض بالعقوبات التالية :االعتقال املؤبد بدالً من اإلعدام ،االعتقال املؤبد أو لخمسة عرش سنة بدالً من األشغال الشاقة املؤقتة ،الحبس البسيط بدالً من
الحبس مع التشغيل”. ً ً هذه املادة تعطي عذرا مخففا إذا ارتكبت الجرمية بدافع رشيف ،لكنها مل تحدد ماهية الدافع الرشيف، مام يؤدي إىل إعطاء الحق للرجال يف العائلة يف مامرسة العنف ض ّد النساء (قت ًال أو إيذاء) بحجة الدافع الرشيف .ال بد من تعديل هذه املادة واستبعاد جرائم الرشف املرتكبة ض ّد النساء يف العائلة من نطاق تطبيقها ،ألنها تشجع عىل قتل النساء بذريعة الرشف. االستفزاز الوارد يف املادة 242من قانون العقوبات: “ما يسمى الجرائم املرتكبة باسم العاطفة”. املادة “ : 242يستفيد من العذر املخفف فاعل الجرمية الذي أقدم عليها بسورة غضب شديد ناتج عن عمل غري محق ،وعىل جانب من الخطورة أثاره املجني عليه”. هذه املادة التي تعطي عذراً مخففاً لفاعل الجرمية التي يقدم عليها بسورة غضب شديد ،وتتحول الجرمية من جناية إىل جنحة ،وتنخفض فيها العقوبة بشكل كبري .والعلة من التخفيف هنا هي أن مرتكب الجرمية أقدم عليها بدون التحكم بإرادته ،بسبب عمل غري محق أىت به املجني عليه ،وتستخدم هذه املادة للتخفيف من العقوبات يف الجرائم التي ترتكب بحجة وبدواعي الدفاع عن العرض والرشف .فال بد من تعديلها واستبعاد تطبيقها عىل مثل هذه الجرائم، وذلك للحد من العنف ضد النساء.
سراطين تلتهم الطفولة 11
قصي األحمد
العدد - 78 - 2016 / 10 / 16
تقارير
بنظراتها الطفولية الربيئة ،وبوجهها الشاحب، استقبلتنا الطفلة تسنيم ،ابنة الثامنية أعوام، وهي مستلقية عىل رسير املرض ،ويف يدها النحيلة إبرة تتلقى من خاللها جرعة كيميائية ملرضها. بجانب تسنيم لعبتها الصغرية ،التي ال تكاد تقوى عىل حملها ،واللعب بها. حاولنا الكالم معها ،لكن كالمها كان متقطعاً، تبدو فيه عالمات التعب والوهن. بجانب تسنيم تجلس جدتها ،تنظر إليها بعني الرأفة أحياناً ،وبعني القلق أحياناً أخرى .تقول: “قبل أربع سنوات ،الحظنا تغرياً طرأ عىل صحة الطفلة ،حيث أصيبت بوهن عام يف جسدها. اعتقدنا يف البداية أنه مرض عادي ،مام يصيب األطفال عادة .غري أن التحاليل كشفت لنا ،أنها قد أصيبت مبرض رسطان الدم ،أو ما يعرف باالبيضاض اللمفاوي الحاد.. كان هذا الخرب صدمة كبرية لنا ،غري أن ما خفف عنا وقعته ،هو أن املرض كان يف بدايته ،واليزال معنا متسع من الوقت لعالجها”. يف مشفى البريوين بدمشق ،بدأت تسنيم رحلة عالج صعبة؛ فطريقها الطويل من مسكنها يف مدينة دوما إىل املشفى ميلء بحواجز لقوات النظام عليها اجتيازها ،وكثرياً ما تستهلك رحلتها هذه أكرث من عرش ساعات! بدأت الطفلة تتامثل للشفاء شيئاً فشيئاً رغم كل هذا ..غري أن انقطاعها عن العالج ،سبب تراجعاً يف حالتها الصحية ،ذلك أن قوات النظام أطبقت حصارها عىل الغوطة ،ومنعت أي أحد من الدخول والخروج منها. ً أصبحت حالة تسنيم تزداد سوءا ،وبدأت عالمات تطور املرض تظهر عليها“ :ونحن ننظر إليها وال ندري ما نفعل ..إىل أن علمنا بافتتاح مركز رحمة ألمراض الدم واألورام يف الغوطة ،فتوجهنا إليه مبارشة ،وبدأنا فيه رحلة عالج أخرى.”..
إال أن استجابة تسنيم هذه املرة ،كانت ّ أقل من املرة املاضية ،بسبب النقص الكبري يف األدوية واألغذية الالزمة لها. تع ّلق الجدة“ :ولكن عىل األقل ،هذا أفضل من بقائها بال عالج”. بدأت عالمات التحسن تظهر عىل الطفلة ببطء ،وساعدها يف ذلك ،وجود عائلتها بالكامل بجانبها ،فعناية أبيها بها ،وحنان أمها عليها، ومواساة إخوتها لها ،كلها ساعدت بشكل كبري، بتحسن حالة الطفلة ،ومتاثلها للشفاء. غري أن األقدار شاءت غري ذلك ،فمن حرمها من الخروج الستكامل عالجها أول مرة كان نفسه السبب يف تأخر شفائها هذه املرة ،لكن بطريقة أشد. ذلك أن الطفلة تلقت صدمة كبرية -لن تشفيها الجرعات الكيميائية ومراكز العالج -أدت لتدهور حاد يف صحتها ،بل إىل تدهور يف حالتها النفسية واالجتامعية ..إنها صدمة استشهاد والدها ،يف قصف لقوات النظام ،عىل مدينة دوما.
دخلت تسنيم بعدها ،يف حالة نفسية مزرية، فأصبحت شديدة البكاء ،وصارت استجابتها للشفاء أقل من قبل. تسنيم هي واحدة من 170طفل ،مصابني بالرسطان يف الغوطة الرشقية ،بحسب الدكتورة وسام الرز مديرة مركز رحمة ألمراض الدم والرسطان ،واملرىض يعانون من نقص كبري باألدوية وعدم توفر األجهزة الالزمة لعالجهم. بل إن بعضهم فارق الحياة بسبب العديد من هذه الصعوبات ،وأحياناً أقل منها.. ال تزال تسنيم تتابع عالجها يف مركز رحمة ،وهي تشعر باستمرار أنها ليست كبقية األطفال الذين يف سنها ،خصوصاً وأن املرض يؤثر عىل نشاطها اليومي ،ويش ّكل وهناً يف جسدها ،ناهيك عن آالم املرض والعالج ،كوخزة اإلبرة ،والجرعة الكيميائية ،وغريها.. وأشدها صورة والدها ،التي ال تزال يف مخيلتها، إىل اليوم.
النساء في حظيرة السلطة 12 إباء منذر
العدد 2016 / 10 / 16 - 78 -
كنت يف الخامسة من عمري حني أدخلتني أمي روضة تابعة لالتحاد النسايئ ،كثري من أطفال جييل سجلوا يف روضة “الرباعم” لكنني اختلفت عنهم ،اعتقدت لفرت ٍة طويلة ّأن يف ذلك امتياز ما ،وكنا كأطفال نشارك يف أنشطة تابعة لهذا االتحاد املجهول بالنسبة يل ،فهمت الحقاً وبالتدريج ّأن للنساء اتحاد يف بلدي من املفرتض أن يحمل همومهن. يف مراهقتي كثرياً ما كنت أنصح صديقتي التي تتعرض للرضب من قبل أهلها لزيارة هذا االتحاد ،كانت تضحك ساخرة وأنا أحاول إقناعها مبا أتخيله عن هذا املكان: أخربها أنه معني بكل النساء يف سوريا ،ص َورته كأحد مؤسسات املدينة الفاضلة“ :ال تقلقي جريب لن تخرسي شيئاً” هذا ما أقوله لها ،لكنها تضحك وهي تردّد“ :رش البلية ما يضحك” ،ال أدري ملاذا انطبعت يف ذهني كل هذه الصورة الوردية عن هذا املكان ،ال أعلم بدقة من صاحب الغرس الذهني األول لهذه الفكرة ،مع أنه من بربنامج تلفزيوين خاص االتحادات القليلة التي مل تنعم ٍ عىل القناة األوىل. عندما ازددت وعياً أعدت املونولوج الداخيل لصديقتي، وفكرت مبا كان يدور يف ذهنها وأنا كالبلهاء أقنعها بجدوى الشكوى التحادنا نحن النساء ،لعلها اعتربتني خارج الزمان واملكان ،أو رمبا ابتلعت كلامتها خوفاً من التهمة الجاهزة لكل من ال يؤمن مبؤسسات الدولة: “إضعاف الشعور القومي ،ومعاداة أهداف الثورة، والطعن مبنجزات الحركة التصحيحة ،”..وهي من التهم التي كانت توجه للمعتقلني السياسيني. تأخرت بعض اليشء يف فهم “منجزات الحركة التصحيحة” ،ال سيام االتحاد النسايئ الذي من خالله قدّم النظام نفسه عىل أنه األكرث انفتاحاً يف املنطقة لناحية حقوق املرأة ودورها يف املجتمع ،وهو ما حاول تكريسه مؤخراً عرب تعيني امرأة (هدية عباس) رئيساً ملجلس الشعب السوري.
فشل قانوين
املؤسسة التي حملت شعارات حامية املرأة وتوحيد طاقاتها وإزالة القيود الحائلة أمام تطورها مل تفلح يف تغيري القوانني مبا يحفظ كرامة املرأة السورية ويحمي حقوقها ،رمبا قدمت بعض النصائح فيام يخص تحديد النسل والصحة اإلنجابية ،إىل جانب رشيكتها يف
األهداف (الهيئة السورية لتنظيم األرسة التي تأسست يف العام )2003إال ّأن كلتا الجهتني عجزتا عن انتزاع قانونٍ يعطي املرأة السورية املتزوجة من أجنبي الحق يف منح أطفالها الجنسية. كذلك الحال فيام يخص قانون -ما ُيس ّمى -جرائم الرشف ،الذي يهدر دم النساء ملجرد الشبهة ،ويضعهن تحت رحمة الذكور؛ فبعد حمالت متواصلة من قبل تم إجراء بعض جمعيات أهلية وحقوقية إللغائهّ ، التعديالت الشكلية عليه مع االحتفاظ مبضمونه ،حيث نص آخر تعديل عام 2011عىل الحد األقىص للعقوبة ّ ُ (سبع سنوات) مع اإلبقاء عىل العذر املخ ِفف ملرتكب مرشعاً الجرم وفق املادة 548من قانون العقوباتّ ، الباب أمام الجاين للتنصل من جرميته. أما فيام يتعلق باالغتصاب ،فبدالً من ردع املعتدي، وحامية النساء وخاصة القارصات منهن ،يف مجتمع محافظ يحمل املرأة املسؤولية حتى وإن كانت هي الضحية ،جاء القانون ليخفف عقوبة الجاين ويكتفي بالسجن ملدة عامني ملرتكب جرم االغتصاب ،واألنىك من هذا ،أنه يتيح للجاين (الذكر) الحق بالزواج من الضحية. واألسوأ ّأن ّ املرشع السوري اعت ّرب ّأن فعل االغتصاب يقع فقط عىل غري الزوجة! حتى اآلن مل ينظر القضاء السوري إىل املرأة عىل أنها كيان كامل؛ فشهادتها أمام القضاء ما زالت منقوصة، شهادة كل امرأتني تعادل شهادة رجل واحد وفق املادة 12من قانون األحوال الشخصية ،ويف بعض الحاالت (كام موضوع الزىن) ال ُتقبل شهادة املرأة مطلقاً حتى لو كنّ خمسني امرأة! ويحق للرجل الزواج بأربعة باالستناد إىل الرشع والقانون حسب املادة رقم 17 من قانون األحوال الشخصية ،وكذلك قانون التوريث؛ فللذكر دامئاً حظ األنثيني ،وال والية لألم عىل أطفالها يف القانون السوري؛ فالوالية لألب ومن بعده ذكور العائلة، وال ميكنها السفر بأطفالها دون إذن الويل ،والطالق التعسفي واإلداري معمول به يف القانون السوري رغم كل ما فيه من امتهانٍ ملكانة املرأة. نص عليه دستور النظام هذا غيض من فيض ،رغم ما ّ الجديد الصادر يف العام 2012من مساواة يف الحقوق والواجبات بني املرأة والرجل ،ورغم وجود 30امرأة يف مجلس الشعب السوري من أصل 250عضواً إ ّال أنهنّ
عاجزات عن مترير أي مرشوع قانون يضمن حقوق املرأة األساسية. ً ورغم ّأن النظام السوري وقع عددا من االتفاقيات الدولية ،وأهمها االتفاقية الخاصة بإزالة كافة أشكال التمييز ضد املرأة (سيداو) إال أنه تحفظ عىل البنود األساسية يف املعاهدة بوصفها تتعارض مع قوانينه ،ما أفرغ املعاهدة من محتواها ،وجعل كل ادعاءاته عن املساواة بني الجنسني مزيفة وال قيمة عملية لها.
دمية لالستعراض السيايس
استخدم النظام املرأة كدمية لالستعراض أمام العامل وإدعاء الحداثة ،حيث دفع ببعض النساء إىل بعض املواقع الهامشية ضمن سلطة أمنية مخابراتية ال تعرتف بأي حصانة ألي موقع مهام بلغ شأنه ،فكيف هو الحال بعضوات مجلس شعب أو رئيسة اتحاد نساء أو عضوات قيادات قطرية يف الحزب ،أو مديرة مشفى... الخّ ، ظل متثيل املرأة يف املفاصل السياسية التابعة للنظام ال يتعدى كونه متثي ًال كرتونياً. مؤخراً ،عمد النظام وتحت ضغط احتياجاته للدفاع عن سلطته ،إىل الزج يف النساء ليستخدمهن كوقود يف حربه الداخلية ضد شعبه ،حيث استطاع تجنيد ما يسمى (لبوات الدفاع الوطني) ،باملقابل استخدم النساء املعتقالت لديه للطعن يف “املعارضة” ،عرب بث اعرتافات تحت اإلكراهّ ، تم عم ُس ّمي بـ”جهاد النكاح” ،هذا ما ّ تعريته مراراً من قبل وسائل اإلعالم. أما الحياة السياسية التي ظلت مغلقة أمام السوريني طيلة الخمسني سنة املاضية من حكم آل األسد ،فقد شهدت ظاهرياً بعض الحراك (تحت سقف الوطن)، بتشكيل عدة تجمعات وأحزاب يغلب عليها العنرص النسايئ ،وال تعدو كونها واجهات كرتونية دون أي عمق شعبي أو وطني ،ومل ينس النظام الدفع ببعض الوجوه النسائية للمشاركة يف الوفد املفاوض لحل األزمة السورية ،لتكون الرسالة واضحة إىل عاملٍ تزداد حساسيته تجاه قضايا الجندر ،أن ال متييز لديه عىل قاعدة الجنس ،يف حني أن القرار األول والنهايئ سيعود للسلطة ،واملرأة هنا ليست أكرث من دمية لالستعراض السيايس. ويف املقابل مل يسمح النظام للجمعيات األهلية بالعمل بشكلٍ جدي يف قضايا املرأة الجوهرية ،حيث تم حل
الدعارة السرية تمأل أحياء دمشق ومنظمات وجمعيات خيرية تطلب الجسد مقابل المال (جمعية املبادرة االجتامعية) القرتابها من التابويات املحرمة كقانون األحوال الشخصية وموضوع تعدد الزوجات.
عنف سافر
وال فعل لـ(ملاريونيت) عىل املرسح السوري.
زهرة محمد تعيش دمشق ظروفاً مل متر عليها منذ السفربرلك ،من غالء املعيشة والفقر املدقع الذي يعصف بأهلها .ست سنوات كانت كفيلة بقلب املعادلة من تحول دمشق ملقصد لجميع من أراد (الرخص) إىل بلد تسوده طبقتان مع انعدام الطبقة الوسطى؛ ففي دمشق باتت اآلن طبقة األثرياء وهم من مل متر عندهم الحرب إال مرور الكرام، وفقري سلبته سنوات عجاف كل ما ميلك ،حتى لقمة عيشه. ومع ازدياد هجرة الشباب واستشهاد الكثريين وفقدان الكثريين أيضاً ،باتت دمشق مدينة تعج بالنساء الوحيدات اللوايت ليس لهن معيل ،وقد أتت الظروف عليهن حتى تقطعت السبل وأصبح العمل شحيحاً واملورد معدوماً ،ومل تكن للكثريات إال امتهان الدعارة وبيع أجسادهن والعيش مبورد لو كان زهيدا مقابل امتهان كل واحدة منهن. تقول سمرية( :لقد أجربتني الظروف ألن أرضخ لبعض الرجال كوين وحيدة وال معيل يل خاصة مع سفر طليقي وأخي الوحيد ,وذلك بعد نزوحي لعدة مناطق يف دمشق بني السبينة مخيم الريموك وركن الدين ,وصوال إىل الغرفة التي أسكن فيها حاليا ،وهي لزوجات املفقودين والشهداء, والكثري من النساء يعشنّ هنا ويفعلن ما يريد القائم عىل الجمعية أن يأمرهن وهو مامرسة الجنس معهن ،هناك فتيات صغريات ونساء أرامل رضخن ،وال أخفي أن بعضهنّ كنّ راغبات مبا يفعلن!!) وتضيف( :كنت أعمل يف معمل لأللبسة وكان املسؤول أيضا ميارس الجنس مقابل املال مع بعض النساء والفتيات، اللوايت سرياهن ضعيفات ويختار من تعجبه ،مقابل 2000 لرية للم ّرة الواحدة .ق ّررت حينها أن أحاول تغيري عميل والسفر ،سافرت إىل لبنان وتعرفت عىل سائق يعمل عىل الخط بني لبنان والشام ,يف الرحلة سألني إن كان يوجد يل أقرباء يف لبنان ،عندما عرف أنه ليس يل أحد وال أعرف أحداً ،قال يل أنه يود مساعديت وحاول االتصال يب مرة ثانية وقال إنه يريد أن يتعرف عيل ،ذهبت معه بعد عدة أيام إىل شقته يف الربامكة وحدث أن ما رس الجنس معي مقابل 7000لرية سورية ،ولكني بعد ذلك غريت رقم هاتفي ومل أعاود ذلك معه). يف هذه األوقات التي تعم فيها الفوىض يبدو ّأن الدعارة هي العملة الثمينة بنظر بعض الشبان أبناء أصحاب املاليني يف أحياء دمشق املعروفة مثل حي التجارة والذي
تابعت سمرية رسدها ملا شاهدت بعينها كونها انتقلت اىل العمل يف تنظيف الشقق ,وتقول( :كنت أشاهد هؤالء الشبان وهم يحرضون الفتيات ,منهن من كانت تخاف ألنها (مستحدثة أو جديدة) عىل هذه املهنة ،وأذكر تلك الفتاة الحمصية ذات 19عاما عندما أتت كانت خائفة وترصخ ولكن الشباب أجربوها). الجمعيات الخريية والتي ينبغي لها أن تكون عوناً ملن طحنتهم ظروف الحرب القاسية كان بعضها رشيكاً يف الجرم ,وكان الطعام وتأمني السكن هو الثمن البخس التي تجري (البيعة) فيه ،وهناك مراهقات مل يبلغن سن الرشد ّ أجربن عىل مامرسة البغاء مقابل الطعام واملال ،منهن ّ أجربن بالقوة. فتيات عمرهن 15سنة فقط ,وهناك فتيات الكثري من الظروف قد أجربت وط ّوعت نساء قد يكن مهيئات نفسيا وجسديا ملامرسة الدعارة ،وهناك الكثري من الفتيات والنساء اللوايت رفضن كثريا وأجربن ضمن ما يحيط بهن من قسوة وفقر عىل املحافظة عىل طهارتهن التي قهرتها آلة حرب أتت عىل الجسد والرشف والعفة للبعض، ودمرت كل يشء جميل يف دمشق وغريها من املدن يف سورية .عل ًام أ ّنه وبحسب أنباء أفادت ّأن وزارة الداخلية رصحت رسم ّياً ومن خالل إحصائياتها أنها ضبطت السورية ّ ما يقارب 110بيوت دعارة بني عامي 2012و,2013 ترص الداخلية السورية ّأن عدد وبحسب ذات املصدر ّ حاالت الدعارة يف معظم املحافظات السورية ال يتجاوز الـ 600حالة .و ُيذكر ّأن فضيحة هزّت الصحافة العربية يف نيسان من هذا العام عندما ف ّككت ق ّوات األمن اللبنانية شبكة ما قالت إنه أكرب شبكة للدعارة يف البالد وأطلقت رساح 75امرأة معظمهن سوريات ،بحسب مصدر أمني لبناين.
العدد 2016 / 10 / 16 - 78 -
الصورة التي يروجها النظام لنفسه عرب نسائه األنيقات أو املقاتالت ،تجد نقيضها داخل املعتقالت؛ حيث االنتهاكات الصارخة التي يتعرض لها جميع املعتقلني بشكلٍ عام واملرأة بشكلٍ خاص بوصفها امرأة؛ حيث وثقت (املنظمة السورية لحقوق اإلنسان) ما يقارب أربعني ألف حالة تعرضت خاللها املرأة لالعتداء الجنيس “بصورة ممنهجة ومتعمدة كسياسة عقابية سواء كانت بهدف الحصول عىل املعلومات ونزع االعرتافات، أو بغرض التلذذ واإلذالل والتشفي بالرتهيب بدافع ثأري وانتقامي من أحد أفراد العائلة” وفق ما أفاد تقرير املنظمة. إىل جانب التنكيل الذي تتعرض له النساء خالل عمليات املداهمة ،ووثقت املنظمة حالة اغتصبت خاللها األم بحضور أفراد العائلة ،ويف املنزل ذاته وثقت املنظمة اغتصاب أصغر البنات والتي مل يتجاوز عمرها 16عاماً. ووفق “الشبكة السورية لحقوق اإلنسان” هناك نحو 6580حالة اعتقال تعسفي تعرضت لها املرأة السورية منذ بدء الثورة بينهن ما ال يقل عن 225حالة دون سن الـ.18 االتحاد النسايئ بوصفه راعياً وحيداً لقضايا املرأة السورية أهدر حقوقها القانونية ،ومل يسمح بظهور بدائل عن هذه املؤسسة السلطوية .وسياسياً تحولت املرأة إىل دمية لخدمة املصالح السياسية للنظام ،أما املعتقالت فتعبق برائحة املوت والدماء لنسا ٍء ال بد سمع بهن االتحاد النسايئ والتكتالت النسائية األخرى التي أفرزها النظام لكن ال صوت
13
المرأة العربية و االغتراب 14 أحمد برقاوي
العدد 2016 / 10 / 16 - 78 -
ما املرأة؟ سؤال بدأناه مبا وليس مبن .وآية ذلك نزوعنا نحو تحديد املاهية ُ الكل ّية للمرأة ،ومن ثم تحديد ماهية املرأة العربية. لو قلنا :املرأة إنسان ذو عضو مؤنث فهذا يعني بأننا قدمنا تعريفاً بيولوجياً للمرأة يشبه متاماً قولنا الرجل إنسان ذو عضو مذكر ،لكن هذا يعني أمراً يف غاية األهمية أال وهو ّأن املرأة والرجل يشرتكان يف صفة ماهوية هي اإلنسان ،وبالتايل هناك ماهية واحدة للمرأة والرجل واختالف يف وظيفة كل منهام يف بعض وظائف الجسد .وكل تعريف لإلنسان تعريف يشمل املرأة والرجل. فإذا قلنا اإلنسان حيوان ناطق ،عاقل ،ح ّر ،إرادي، ضاحك ،عامل ..الخ ،فهذه تعريفات تنسحب عىل الذكر واألنثى من البرش. ّ إذا كان األمر كذلك ،وهو كذلك ،فكيف تأت أن يكون هناك متايز يف الوعي والواقع بني املرأة والرجل ،يصل ح ّد فقدان املرأة ألهم الصفات اإلنسانية ملاهية اإلنسان؟ وفقدان اإلنسان ألي صفة من صفات ماهيته يعني بأنه كائن مغرتب، إنه ليس هو. ّ حقيقة واقعنا العريب تقول بأن املرأة “خطاب”. هو َذا جوهر القضية .وكل خطاب سلطة. ولتحديد األمر أكرث ،املرأة خطاب ذكوري حول املرأة متناقض مع ماهية املرأة؛ أي أننا بنينا تص ّوراً عن املرأة بحسب ما رآها الرجل ،وبحسب ما صاغ هذا الرجل رؤيته والجواب عن سؤاله“ :ما هي املرأة؟”. ّ ُيضاف إىل هذا أن الخطاب الالهويت اإلسالمي حول املرأة هو الذي وضعها يف حال اغرتاب مطلق عن ذاتها ،ذلك ّأن الالهوت اإلسالمي الذي تك ّون عرب مئات السنني انطلق من ماهية مختلقة للمرأة، ؤسسة عىل فكرتني خطريتني :املرأة عورة ،واملرأة ُم ّ فتنة .وكل حياة املرأة يجب أن تتأسس عىل هاتني الفكرتني.
العورة يف اللغة العربية تعني “العيب يف اليشء”، وبالتايل قولنا املرأة عورة معناه بأنها ُمع ِي َبة، وا ُملع ِي ْب هو كل ما ُيستحى من إظهاره ،والعورة هنا مرتبطة بالفتنة ،أي ّأن اليسء يف املرأة هو أنها تفنت الرجل إن رآها .يرتتب عىل هذا الخطاب أن تسترت املرأة يف بيتها أو ما شابه ذلك بوصفها عورة، خوفاً من أن تغري الذكر. ّإن خطورة هاتني الفكرتني الذكوريتني تتأىت من االعتقاد بأنهام صادرتان عن أم ٍر إلهيّ ، مم ُيزيد من سلطة الخطاب الذي يتحول إىل مامرسة يوم ّية ،وإىل مصدر هائل من مصادر القول حول كل ما يتعلق بحياة املرأة من زواجها و ملبسها
وسلوكها وواجباتها وعقوباتها وحقوقها ومستقبلها كله.
تحوالت ورغم ّأن وضع املرأة العربية شهد ٍ متن ّوعة يف مستوى حضورها يف الحياة العامة ،لكن الذهنية املتكونة عرب مئات السنني مازالت تقف وراء املوقف الذكوري من املرأة من جهة ،ومازال هذا الخطاب السابق ُيش ّكل جزءاً من وعي أكرث ّية
النساء بذواتهن من جهة ثانية. بل ّإن روح الحداثة التي ه ّبت عىل البلدان العربية وبخاصة يف بالد الشام والعراق واملغرب العريب، والتي امتدت من الستينات حتى نهاية السبعينات يف القرن املايض ،وانعكست عىل الخطاب حول املرأة وعىل سلوك املرأة وتح ّررها النسبي ،نشهد اآلن تراجعها؛ أي هذه الروح يف كل املنطقة ،األمر الذي يدّل عىل الذهنية املعندة التي تحتاج إىل نوع من التح ّوالت الكربى والجذر ّية لتحطيمها. ولهذا ال ميكن عزل حال املرأة ودرجة حضورها الفاعل وحريتها ،رغم رضورة أن يكون لها خطاب خاص ،عن مجمل التح ّول املجتمعي العامّ ، ألن الذهنية الحاكمة كموقف من الحياة قضية كلية، وألنها قضية كلية فإنها تدخل كجزء ال يتجزأ من التحوالت الثورية وكفاح البرش من أجل حريتهم. أي ّأن انتصار الذهنية املؤسسة عىل فكرة اإلنسان الحر هو انتصار مبارش للمرأة اإلنسان ،وهزمية للمرأة العورة والفتنة.
القتل من الحاجة إلى الشهوة بشرى البشوات
نفسها متقدمة ،وما ينعكس عنه من اختالل يف الرتكيب الكوين للكوكب ،إذا ما أخذنا باالعتبار ما ّ يلف الكوكب من إشعاعات نووية وانبعاث غازات وأبخرة عمقت جرح األوزون وأحدثت خل ًال يف مزاج الطبيعة ،قاد بدوره إىل احتباس حراري وتصحر وذوبان قطبي وجفاف ..ويف املحصلة مات اإلنسان والحيوان معاً ومازال املوت سارياً)، ما تقوله اإلحصاءات ّأن عدد الضحايا يف الفرتة املمتدة من اكتشاف األمريكيتني وغزوهام من قبل البيض ،مروراً بالحربني العامليتني األوىل والثانية إىل اآلن ،يعني بحدود خمسة قرون ،يعادل ضحايا آالف السنني ،تلك اآلالف التي نعدها جزءاً من املتوحش .هذا مع أننا نعترب ّأن اإلنسان تاريخنا ّ قد غدا حديثاً ومدنياً ومتقدماً وعقالنياً وأخالقياً وإنسانياً ..وغادر مرة واحدة وإىل األبد تلك الغابة. رافقت التح ّوالت الكمية للموت يف تاريخ اإلنسان، تح ّوالت أخرى عىل مستوى الدافع أيضاً؛ فقدمياً كان اإلنسان يقتل إما بسبب الجوع وإما بسبب األمن دفاعاً عن النفس ،كمعظم الحيوانات ،ومل يكن يحتاج لتربير هذا الفعل بصناعة إيديولوجية تزيف الوعي وتقلب الحقائق وتهدم الحياة .لكن اإلنسان ح ّول دافع القتل من أجل الجوع إىل القتل من أجل الرثوات واملصالح االسرتاتيجية والسيطرة عىل املوارد واألسواق ،وأخذ الرصاع يتلون بألوان عدة ،ويتخذ أشكاالً متجددة .وأخذنا نشهد صنوفاً من الحرب منها اإللكرتوين ومنها الثقايف ومنها النظامي ومنها الفضايئ ومنها األريض ومنها النووي
وسواها.
كذلك تح ّول دافع القتل من أجل البقاء أو األمن إىل دافع من أجل الهيمنة والسيطرة واإلخضاع، وأخذت ترسم مسارات القتل عرب االسرتاتيجيات، ووفقاً لربامج مدروسة يف أهم وأكرب املراكز البحثية التخصصية ،عىل يد التكنوقراط املختصني .وصار للقتل آلة إعالمية جبارة تضخ فيها رساميل تكفي إلنقاذ ماليني البرش من الجوع والعراء .وصار هناك منظومات إيديولوجية تربر القتل مبفاهيم العقل كم دعايئ يكفي لغسل وترشيعاته ،و صار هناك ّ وعي أجيال وشعوب كنا نعتقد أنها لن تقف مكتوفة األيدي يف مغرب األرض إذا تعرض من يف مرشقها للقتل والتهجري والحصار. صار اإلنسان كقيمة سلعة بني سلع ،لكنها سلعة من نوع برشي ،ذكية ومشتهية ومتطلبة ورشهة، ينبغي ألرباب الصناعة والتسويق أن ُيعدّوا الدراسات والخطط والبحوث النفسية والذهنية من أجل حشوها بسلعة تلو األخرى ،من أجل أن ترتكز الرثوة ورأس املال يف أيدي الصفوة املختارة من بني البرش ،هي الصفوة نفسها من تدير لعبة القتل يف بالدنا من وراء الستار ،ثم مزقت الستار وأخذت تديرها عىل مرأى ومسمع العامل. فهل مازال باإلمكان الحديث عن األخالق واإلنسانية والحق والخري والجامل يف هذه اللحظة من تاريخ اإلنسان؟ وهل مازال باإلمكان اعتبار اإلنسان قد ّ كف -يف سياق الحداثة -عن كونه صائداً ومفرتساً ليغدو قات ًال محرتفاً؟!
العدد 2016 / 10 / 16 - 78 -
منذ أن أخذ اإلنسان بالتحول عن كونه صائداً ومفرتساً فقد ّ كف عن اصطياد وافرتاس األنواع األخرى من الحيوانات ،بدافع الغذاء واألمن، وأصبح صائداً ومفرتساً لإلنسان والحيوان معاً ،عىل الرغم من كل االدعاءات التي تحملها الترشيعات الحديثة من حامية حقوق اإلنسان والحيوان معاً ،وهي الشك تعترب قفزة هائلة نحو املَدنية واألخالق ،وتحديث وعقلنة وأنسنة وعي وسلوك البرش .لكن من املؤسف حقاً ّأن هذه الترشيعات بقيت يف إطار نخبوي ملنظامت مح ّلية ودولية تفتقر ألنياب تح ّد من غول التوحش ،لنكتشف ّأن اإلنسان يف الحقيقة مل يتح ّول عن الصائد واملفرتس الذي هو ،بل ضاعف مئات املرات من طرائق الصيد واالفرتاس ،وع ّقد من آلياته وأساليبه عىل هذا الصعيد ،وأحدث نقلة ليس يف مستوى الكم فقط ،ال بل حتى عىل مستوى النوع ،فض ًال عن النقلة النوعية املحدثة عىل مستوى الدافع. وعىل الرغم من الثقافة اإلنسانوية التي شملت العطف عىل الحيوان ،ويفرتض من باب أوىل عىل اإلنسان ،إال أننا نالحظ ،ويف سياق الكارثة الرشق أوسطية ،إن كان يف سوريا أو العراق أو… أنها مل تتحول إىل قوة ضغط شعبي من أجل حمل الدول القوية عىل التدخل لوقف كارثة صيد وافرتاس اإلنسان والحيوان معاً. يغضب اإلنسان الغريب ويحزن ويقيم العزاء من أجل كلبه وهذا حق ،لكن ملاذا ال يغضب ويحزن ويقيم العزاء عىل الكلب واإلنسان معاً يف الرشق؟ إنها اإلنسانوية املفتقرة لبعدها الكوين الذي يتجىل فيه اإلميان بوحدة املصري اإلنساين ،ووحدة تاريخ اإلنسان كذلك. الكم عىل مستوى الصيد واالفرتاس يحدّثنا إحصاء ّ عن أرقام مرعبة حقاً تقول ّإن اإلنسان أصبح قاتالً أكرث احرتافية يف العرص الحديث؛ فيمكن القول إن ما قتلته آالت التقدم التقني البرشي يف الحربني العامليتني وما بعدهام ،فض ًال عن طريق القتل باملجاعات والكوارث الطبيعية التي يالحظ فيها وجود اإلنسان القاتل أيضاً (من ُمسب ّبات هذه الكوارث السباق الصناعي بني الدول التي تسمي
15
الموازنة السورية بين زيادة المبلغ وانخفاض قيمتها وانعكاسها على مؤسسات الدولة
16 وائل موسى
العدد 2016 / 10 / 16 - 78 -
تقارير
النظام السوري فقد السيطرة عىل 71%من مؤسسات الدولة كثرياً ما نسمع يف أيامنا هذه عن كذبة املحافظة عىل مؤسسات الدولة ،وكأن هذه املؤسسات هي من تحمي املجتمع السوري وتعينه يف تسيري شؤونه ،فهل حقاً ما يزال هناك مؤسسات يف الدولة السورية؟ بعيداً عن تقييم ما يسمى مبؤسسات لدى الحكومة السورية من حيث فعاليتها وفسادها وتسخريها لخدمة السلطة الحاكمة تحت شعار “إىل األبد” ،ومن خالل نظرة عىل واقع ميزانية الدولة ،سنحاول البحث عن مؤسسات الدولة التي يحاول املجتمع الدويل الحفاظ عليها. كام هو معتاد من كل عام ،يتم إقرار موازنة الدولة للعام التايل ،حيث تبني املوازنة بشكل مسبق خطة الحكومة يف توزيع املوازنة ومقدرات اإليرادات املتوقعة ،ومن أهم ما تبينه املوازنات الحكومية هي التغيريات يف نسب الدعم للقطاعات املختلفة من صحة وتعليم وبنى تحتية ومشاريع اقتصادية وغريها. إال أن يف الحالة السورية تغيب دامئاً النسب ،وتختفي التفاصيل لتصدر موازنة برقم مع عدد كبري من املواد املرقمة والفقرات التابعة لها ،محشوة بكلامت وتوجيهات اشبه بالطالسم ،فال يعلم قارئ هذه املوازنة كيف يتم توجيهها وما هي النتائج املرجوة منها. فاصل ترفيهي: من املضحك ان نرى يف إقرار املوازنة لدولة مادة مخصصة للتأكيد عىل وجوب دفع مؤسسات هذه الدولة لفواتري املياه والكهرباء ورسوم الخدمات املختلفة التي تقدمها مؤسسات الدولة نفسها ،هذا ما ورد عىل سبيل املثال يف إقرار قانون موازنة عام ،2011 نقتبس منها التايل: “املادة ()6 أ -تعترب نفقات الربيد والربق والهاتف واستهالك القدرة الكهربائية واملياه من النفقات االلزامية واليجوز النقل منها وترصف خالل مدة ال تتجاوز خمسة أيام من تاريخ تقديم مستندات الرصف العائدة لها. ب -يجوز لوزير املالية تحريك حسابات الجهات املدنية للغايات املحددة يف الفقرة( أ ) مبا يعادل
االلتزامات املرتتبة عليها. ج -تطبق أحكام الفقرتني( أ -ب) من هذه املادة عىل الوزارات واإلدارات العامة والهيئات العامة ووحدات اإلدارة املحلية والبلديات والدوائر الوقفية والجهات العامة ذات الطابع االقتصادي واإلنشايئ”. وبعد هذه الفقرة يستوجب السؤال حول قوانني عقود االشرتاك يف الخدمات إن كانت مخصصة لتحصيل مستحقاتها من املواطنني فقط حتى استدعى األمر أن تصدر مادة مخصصة ضمن املوازنة تؤكد عىل وجوب دفع املؤسسات لفواتريها ،مع مالحظة أن هذا اإللزام كام يبدو خاص باملؤسسات ذات الطابع املدين ،ومبعنى آخر ميكن تفسريه عىل اعفاء املؤسسات األمنية والعسكرية من هذه االلتزامات. وبعيداً عن التدقيق يف التفاصيل املموهة التي تضيع فيها الكثري من األموال وترشع الفساد ،لنلقي نظرة عىل املوازنات العامة ،حيث أصدرت العديد من الصحف واملواقع اإلعالمية املتخصصة باالقتصاد خرباً عن تحديد مجلس الوزراء السوري بشكل أويل ملوازنة الدولة السورية لعام ،2017وقد بلغ حجم املوازنة 2660مليار لرية سورية ،منها 1982مليار لرية لإلنفاق التجاري ،و 678مليار لرية لإلنفاق االستثامري. وبنظرة رسيعة عىل موازنات األعوام السابقة نرى ما ييل: عام :2011اجاميل املوازنة 835مليار لرية سورية عام :2012اجاميل املوازنة 1326.55مليار لرية عام :2013اجاميل املوازنة 1383مليار لرية عام :2016اجاميل املوازنة 1980مليار لرية ومن خالل النظرة األولية ملوازنات األعوام املاضية نجد ما ييل: يف بداية عام 2011كان سعر رصف الدوالر األمرييك 48لرية تقريباً ،وبذلك كانت موازنة عام 2011بالدوالر األمرييك 17مليار و 359مليون دوالر ويف الربع األول من عام 2012تأرجح سعر رصف الدوالر األمرييك ما بني 60إىل 95لرية ،أي مبتوسط تقريبي 77.5لرية للدوالر الواحد ،وبذلك كانت موازنة عام 2012بحسب متوسط سعر الرصف بالدوالر األمرييك 17مليار و 116مليون دوالر ،أي بواقع نسبة
زيادة عن العام السابق 58.86%بالعملة السورية لكنها بواقع انخفاض 1.39%بالدوالر األمرييك. جدير بالذكر أن ميزانية عام 2012كانت تعترب ميزانية تحدي بالنسبة للحكومة السورية ،وقد شهد مطلع عام 2012قرارات مرعبة عىل الواقع االقتصادي السوري، منها طرح ماليني الدوالرات من االحتياطي النقدي للبيع لتفادي انخفاض قيمة اللرية السورية ،مام دفع الكثري من التجار وعوام الناس إىل تبديل أموالهم خوفاً من القادم املجهول ،ويقدر حجم االحتياط النقدي للبنك املركزي السوري قبل عام 2011ما بني 16إىل 18مليار دوالر ،ويف آخر عام 2011كان البنك املركزي قد فقد ثلث االحتياطي بحسب رويرتز ،وبذلك تظهر أن الزيادة الجنونية يف عام 2012تحديداً كانت مبثابة مرحلة تسعى فيها الحكومة إلنقاذ اقتصادها ،ليتبعها االنهيار كام سرنى الحقاً. بداية عام 2013وصل الدوالر إىل 94لرية ،لتبلغ قيمة اجاميل املوازنة 14.71مليار دوالر ،بواقع انخفاض 14%عن العام السابق ،وهكذا تتواىل زيادة امليزانية باللرية كل عام مقابل انخفاض قيمتها وصوالً إىل ميزانية العام 2017املقدرة حالياً ب 2660مليار لرية، والتي تساوي 4.94مليار دوالر أمرييك ،وبالتايل تكون ميزانية العام 2017قد انخفضت عن مستوى ميزانية عام 2011مبا يعادل .71.54% وبتوضيح مبسط ميكننا القول بأن النظام السوري مل يعد بإمكانه متويل 71%من متطلبات مؤسسات الحكومة السورية مقارنة بعام ،2011فام هي هذه املؤسسات التي يجب املحافظة عليها؟! تبدوا املحافظة عىل 29%من بقايا مؤسسات الدولة الفاسدة أشبه بإعادة اعامر بناء مدمر عىل نسبة 29% فقط من بقاياه املتهالكة ،فهل يصح ذلك؟
نشرة اقتصادية وائل موسى
نصيب حلب من مؤتمر الطاقة العالمي الثالث والعشرين تقارب تركي روسي بدواع اقتصادية
العدد - 78 -
من الجانب الرويس قال بوتني إنهم قضوا وقتاً طوي ًال للبحث يف املشاكل اإلقليمية وعىل رأسها الوضع يف سوريا ،حيث تتفق كل من روسيا وتركيا عىل وقف نزيف الدم ،وقال :موقفنا مشرتك لفعل كل ما لدينا إليصال املساعدات اإلنسانية إىل حلب وحفظ أمن املساعدات وأمن وصولها ،وأوضح أن األمريكيني يرفضون خطة سحب كل من قوات النظام وقوات املعارضة من طريق الكاستيلو لتأمني طريق املساعدات ،ويرى أنهم إما ال يستطيعون القيام بذلك أو هناك أسباب أخرى لرفضهم ،كام أن هذه املباحثات ستستمر يف االجتامع املقبل يف سويرسا. وقال أيضاً أنه اتفق مع الرئيس الرتيك عىل مساندة مبادرة دميستورا إلخراج املجموعات املسلحة التي ال ترغب بتسليم سالحها من املدينة لوقف نزيف الدم.
25 / 10 / 16
مع بدء اعامل مؤمتر الطاقة العاملي الثالث والعرشين يف إسطنبول ،لقاء بني الرئيسني الرتيك رجب طيب أردوغان والرويس فالدميري بوتني يفتح مباحثات اقتصادية وسياسية ملصالح البلدين مبا فيها األوضاع السورية. مؤمتر الطاقة العاملي بدورته ال 23والذي يعترب من أهم الفعاليات الدولية ،ويتم تنظيمه تحت ارشاف مجلس الطاقة العاملي، ويشارك يف املؤمتر أكرث من 10آالف خبري من 85بلداً ،من بينهم وزراء وصناع قرار وممثيل العديد من رشكات الطاقة يف العامل. وقد افتتح املؤمتر بخطاب للرئيس الرتيك الذي أكد عىل أن املؤمتر يهدف ملشاركة الخربات واملساهمة يف إحالل السالم العاملي، كام أكد عىل أن من أولويات أهدافهم هو إيصال مصادر الطاقة إىل القارة األفريقية بعيداً عن مطامع االستعامر ألرايض العامل، مشرياً إىل وجود مليار وستامئة مليون إنسان موجودين يف القارة األفريقية محرومني من التيار الكهربايئ ومصادر العيش الكريم ووسائل الرفاهية. وطلب أردوغان أثناء افتتاح املؤمتر جميع
الحارضين والدول بالتعاون إلحالل السالم يف سوريا والعراق وجميع دول املنطقة وإيجاد حلول جذرية ،وأشار إىل ما تعانيه حلب من قصف عرب الطريان وبشكل خاص معاناة اطفالها الذين يشاهدون الحوامات والطائرات تقصفهم ،كام أشار إىل معاناة أهايل املوصل وأطفالها من تنظيم الدولة (داعش) إىل جانب الضغط من القوات الشيعية. ويف لقاء خاص بني الرئيسني الرتيك والرويس تم التوقيع عىل اتفاقيات اقتصادية مهمة لكال البلدين ،أهمها ترسيع مرشوع “السيل الرتيك” والذي يهدف إىل نقل الغاز الرويس عرب األرايض الرتكية ،باإلضافة إىل اتفاق لترسيع عملية بناء محطة “آكويو” الكهرذرية. ويف ما يخص األوضاع السورية خالل املؤمتر الصحفي قال أردوغان أنهم بحثوا األوضاع العسكرية واإلنسانية يف سوريا ،وقد وجهوا األوامر للمنظامت واألجهزة املعنية التابعة لكال البلدين ملتابعة التواصل لتحديد اسرتاتيجيات تكفل يف إيصال املساعدات اإلنسانية وبشكل خاص إىل حلب.
17
الذهب مفقود في القامشلي ومخاوف من اللجوء إلى الذهب التركي منع نقل الذهب تسبب باحتكار ومضاعفة ألجور الصاغة
اقتصاد
أكدت صحيفة الثورة التابعة رسمياً لحكومة النظام السوري أن قضية نقل الذهب من دمشق إىل القامشيل عالقة بني نقابة الصاغة ومرصف سورية املركزي ،عىل الرغم من أن اجتامعاً جرى برعاية حكومة النظام اتفق خالله بإعادة السامح بنقل الذهب مرة أخرى ضمن ضوابط يضعها املرصف املركزي. يف منتصف آب املايض تم إيقاف السامح بنقل الذهب إىل القامشيل بأمر من دريد درغام حاكم املرصف املركزي ،حيث يسمح لدخول الذهب عرب مطار دمشق الدويل ومينع خروجه باستثناء الحيل الشخصية مبا ال يزيد عن 200غ فقط. وتسببت قلة الذهب يف القامشيل واحتكار الكميات املوجودة فيها إىل مضاعفة أجور
الصياغة لتصل إىل 7أضعاف ،وعىل الرغم من انخفاض أسعار الذهب مؤخراً يف األسواق العاملية إال أن هذا االنخفاض مل ينعكس عىل أسواق القامشيل نتيجة ارتفاع أجور الصاغة. انخفض سعر الذهب عاملياً ليصل سعر األونصة يف 07/10/2016إىل مستوى 1250دوالر، وانخفض غرام الذهب من عيار 24يف سوريا بحدود ألف لرية سورية عن بداية الشهر ليباع بتاريخ 11/10/2016ب 20855لرية سورية. يتزايد الطلب عىل الذهب يف القامشيل نتيجة انتهاء موسم الحصاد ويسعى املزارعون إىل رشاء الذهب لتأمني أموالهم ،ويف ظل قرار منع نقل الذهب إىل القامشيل باتت الخيارات املتاحة يف تبديل األموال إىل الدوالر األمرييك مام قد يساهم يف اضعاف قيمة اللرية السورية ،أو
االعتامد عىل رشاء الذهب الرتيك. كال الخيارين املتاحني سيتسببان باملزيد من الرضر عىل اقتصاد حكومة النظام املتهالك ،وقد بدأ عدد من صفحات التواصل االجتامعية املوالية للنظام بنرش االشاعات لتشويه سمعة الذهب الرتيك عىل انه غري صاف وال قيمة له وال يوجد فيه عيارات منضبطة.
18
كتاب جماعي يبحث في أسئلة “العمل الثقافي السوري في سنوات الجمر” طلعنا عالحرية
العدد 2016 / 10 / 16 - 78 -
ثقافة
صدر مؤخ ًرا كتاب بعنوان “عن العمل الثقايف السوري يف سنوات الجمر” ،أرشفت عىل انجازه املؤسسة السورية “اتجاهات .ثقافة مستقلة”، بالتعاون مع “مجموعة العمل عىل أولويات العمل الثقايف السوري” ،و”دار نرش ممدوح عدوان”، وبدعم من مؤسسة “املورد الثقايف” ضمن برنامجها “السياسات الثقافية يف املنطقة العربية”. دعم الثقافة يف مرحلة إعادة البناء .. يتضمن الكتاب الذي قدّم له الباحث السوري يف العلوم السياسية سالم الكواكبي رئيس مجلس أمناء مؤسسة “اتجاهات .ثقافة مستقلة” ،عىل 253 صفحة ،ويحوي ثالثة أبحاث ،يتناول أولها“ :اآلليات الثقافية واإلنتاج الثقايف يف فرتة األزمة .سوريا والعراق ولبنان” ،من إعداد الباحثة األكادميية د. ماري إلياس .فيام يتناول البحث الثاين“ :دور الثقافة والفنون يف تحقيق املصالحة والسلم األهيل يف الدول التي شهدت نزاعات عنيفة” ،أنجزته الباحثة راما نجمة .بينام تطرق البحث الثالث ،الذي أنجز من قبل “املركز السوري لبحوث السياسات” ،إىل “تطوير البنى الثقافية يف سوريا”. يبني الكواكبي يف مقدمة الكتاب أنه “يحتوي عىل ثالثة أبحاث غنية املحتوى ورفيعة التحليل ،ويجيب بتواضع محمود عىل الكثري من األسئلة املطروحة سور ًيا وعرب ًيا حول دور الثقافة وأثرها املهيمن”. مش ًريا إىل أن “هذا الكتاب الجامع لهذه البحوث الق ّيمة يف مرحلة تتواىل فيها مشاريع نظرية وبحثية عن عملية إعادة البناء املؤسسايت واإلقتصادي يف سوريا ،وميكن اعتباره مبثابة اإلضافة الرضورية إىل كل هذه الدراسات التي ،تجنبت غال ًبا الخوض يف املجال الثقايف والفني لرسوخ اعتقادات خاطئة تعترب بأن الثقافة والفن ليسا من األلويات يف مرحلة الخروج من األزمة أو مرحلة إعادة البناء .ويظهر بشكل واضح وجيل من خالل قراءة صفحات الكتاب أن إهامل الحوامل الثقافية يف أي مجتمع خصوصا هو إهامل الكتامل عملية البناء والتشكيل. ً يف مجتمعات متنوعة كانت إدارة تنوعها من أسوأ اإلدارات يف العامل وأدت هذه اإلدارة إىل تفتتها وتناحرها وترشذمها”.
جاء البحث األول ملاري إلياس ،مقارنة تحليلية بني وضع لبنان الثقايف بعد الحرب األهلية ووضع العراق بعد سقوط نظام صدام حسني ،وذلك “السترشاف مجموعة من األسئلة التي تخص الواقع السوري اليوم” ،بحسب إلياس ،التي تشري هنا أنه “بالنسبة إىل الثقافة يف سوريا ،أو لنقل الثقافة السور ّية، ألن العديد من املثقفني والعاملني يف مجاالت لها عالقة بالثقافة من قريب أو بعيد ،أصبحوا يف بالد الشتات ،يبدو استرشاف املستقبل أم ًرا معقدًا جدًا،
فالواقع السيايس والعسكري يتغري بشكل كبري كل يوم ،وهذا املستقبل يتوقف قبل كل يشء عىل مدى امتداد األزمة التي يعيشها الشعب السوري ،وكيفية تطور األحداث يف البالد” .وال تخفي إلياس يف سياق دراستها ،أنه “مل يكن من السهل رصد ما يجري يف سوريا ،فالصورة غن ّية لكنها مشوشة ،إمنا املؤكد تحج ًرا يف التعامل مع املثقفني أن هناك ،من جهة ّ واستمرا ًرا يف استخدام خطاب ماضوي من قبل السلطة وغريها من الالعبني عىل الساحة” .الفت ًة يف الخامتة إىل أنه “منذ بداية األحداث يف سوريا ومهام اعتربنا أو سمينا هذه األحداث ،برزت مجموعة من
اإلشكاليات واألسئلة حتى عىل مستوى (الثورة)، فخارجا عن الشعارات األولية التي طرحت ،مل ُيطرح ً خطاب متامسك وواحد ،من جهة أخرى ،متسكت السلطة بخطاب جامد انغلقت عليه وأغلقت الباب أمام كل حوا ٍر ممكن وهذا سيكون كارث ًيا عىل الوضع لو استمر الحال”. رسم خارطة قيم جديدة .. فيام تطرق البحث الثاين إىل “دور الثقافة والفنون يف تحقيق املصالحة والسلم األهيل يف الدول التي شهدت نزاعات عنيفة” ،وفيه تستعرض الباحثة السورية راما نجمة أدوات وأشكال التدخل الثقايف خالل وقت األزمات ،مبينة أن “املجتمع السوري الذي متيز بالتعددية والتباين العرقي والديني واللغوي بني فئاته .بقي التعايش بني مجموعاته املتنوعة مرهو ًنا مبا توفره الفئة الحاكمة من حامية، وليس نتيجة لصيغة قانونية ودستورية قامئة عىل املساواة بني املواطنني وعىل عقد اجتامعي يجمع بينهم عىل أساس املواطنة” .لتؤكد “فشل النظام البعثي يف وضع املجتمع يف بوتقة انصهار واحدة”. ،معللة ذلك أن “النظام األمني الذي استحكم يف مفاصل املجتمع السوري وبنيته الثقافية لعقو ٍد، َّ تحمل أعبائه يف عطل الدور اإليجايب للمجتمع يف ُّ الحفاظ عىل السلم األهيل وقيم العيش املشرتك التي تتعرض اليوم لخطر حقيقي”. أما البحث الثالث الذي أنجزه “املركز السوري لبحوث السياسات” بإرشاف الباحث جاد الكريم الجباعي ،فقد تطرق إىل سبل تطوير البنى والهياكل الثقافية يف سوريا. محددًا أكرث من عرش نقاط لرسم مالمح السياسة الثقافية لسوريا الجديدة .مع التأكيد أنه وانطال ًقا من منهجية البحث التشاركية فإنه يفرتض العمل عىل بناء اسرتاتيجية ثقافية مستقبلية مبشاركة جادة ومنضبطة معرف ًيا من قبل رشائح واسعة من املجتمع بالرغم من الظروف الصعبة لألزمة الحالية، ألن تجاوز األزمة يف جذورها يتطلب ً عمل جامع ًيا مبشاركة حقيقية للوصول إىل تصور مبني عىل تطلعات وطموحات السوريني ،مرتكزًا إىل احرتام إنسانيتهم وحفظ حقهم بالتمكن واإلبداع والتنوع.
نشرة ثقافية
إبداعات ونشاطات سورية
منع عر ض فيلم األخوين ملص في “مهرجان بيروت السينمائي الدولي”
“روشميا” لسليم أبو جبل يفوز بجائزة “المهرجان الدولي للفيلم العربي” بتونس
نظمت مؤسسة “العمل لألمل” ومؤسسة “اتجاهات -ثقافة مستقلة” احتفالية خاصة بالفن السوري يف أوروبا ،بعنوان “مساحات األمل”، وذلك؛ من 1وحتى 3من الشهر الجاري ،يف مدينة برلني .وكان أن تعرف الجمهور األملاين يف هذه االحتفالية عىل تجربة الكاتبة والصحفية السورية الشابة رشا عباس التي سعت لتقديم صورة مختلفة عن أبناء بلدها ،إذ نرشت كتا ًبا باألملانية والعربية عنوانه “اخرتاع قواعد اللغة األملانية” .وهو عبارة عن قصص قصرية مرسودة بأسلوب كوميدي وساخر ليوميات الجئ سوري يف أملانيا وما يواجهه من صعوبات بريوقراطية ولغوية“ .كنت أدون يوم ًيا خواطري يف شكل طرائف عىل صفحتي عىل فيسبوك” .النارشة األملانية ساندرا هيتزل كانت ضمن أصدقاء رشا عىل فيسبوك وعرضت عليها فكرة نرش هذه التدوينات يف شكل كتاب .ويرسد الكتاب التحديات
التي يواجهها سوري ،وجد نفسه يف مجتمع ثقافته غريبة عنه“ ،لكن ليس الالجئ فقط هو من يواجه صعوبات ،املثقف ً أيضا” عىل حد تعبري رشا .وتضيف“ :ليس من السهل عىل أي كاتب أن يتأقلم يف محيط جديد وأن يكتب عنه بلغة أخرى غري اللغة السائدة فيه .أول وصويل إىل أملانيا قبل سنتني عشت أزمة معرفية وطرحت تساؤالت عديدة ،فهل أكتب للقارئ األملاين أم للعريب وبأي لغة وأي أسلوب؟” .ويذكر أن االحتفالية ُختمت بحفل موسيقي ألساتذة “العمل لألمل” للموسيقى يف لبنان ،بقيادة فواز باقر بعنوان “أصول” ،ويقدم الحفل د. جوشيم بريتاور من “معهد غوته” .كام تضمنت االحتفالية جلستني تعريفيتني، خالل اليومني :الثاين والثالث ،بأعامل عدد من الفنانني السوريني ،بعنوان “لقاء مع فنان”ً . فضل عن ذلك ،اشتمل برنامج االحتفالية عىل عرض حي لفن الطهي ،بعنوان “ما وراء الح ّمص”.
يئ السوري فوزات واية “أنتيكا” ،للروا ر يف 305صفحات من صدور رواية رزق .وتتناول الرواية السورية التي عاشها لقطع املتوسط ،الحالة أنتيكا ا داية سبعينيات القرن املواطن السوري ،منذ ب لفوزات رزق طالق الثورة السورية ملايض ،وإىل ما قبل ان ا و”رزق” تولد مدينة يف آذار /مارس .2011 حصل عىل إجازة يف .194 السويداء عام 5عة دمشق عام .1971 اللغة العربية من جام دة اللعة العربية يف عمل يف تدريس ما لي ويف السعودية وليبيا املحافظات السورية غ للعمل األديب .ومن بنان .وهو اآلن متفر ول وائية“ :عواد الحمد”، أعامله القصصية والر .1992و”الحصار”، (مجموعة قصصية)، فازت بجائزة املزرعة (رواية) .2003 ،وقد العام .و”طربق ،”90 املركز األول يف نفس ـ روايتان تحت الطبع (رواية) .2010 ،ولديه را عن “دار كتابوك” عادلية” و”أبناء الظل”. صدرت مؤخ ً باريس ،هام“ :ال لكرتونية السورية يف اإل
ثقافة
“روشميا” للمخرج السوري سليم أبو جبل بجائزة “الواحة توج فيلم ألفالم الطويلة يف ختام املهرجان الدويل للفيلم العريب بـ”قابس” الذهبية” ل يف تونس. لفيلم قصة الزوجني املسنني يوسف وآمنة اللذين يعيشان يف هدوء يتناول ا 1956يف كوخ بوادي حيفا إىل أن تقرر السلطات شق طريق جديد منذ عام معه هدم الكوخ وإجبارهام عىل العثور عىل منزل جديد .وكان أن يستلزم لدورة الثانية للمهرجان مبدينة قابس يف جنوب تونس يف الفرتة من أقيمت ا يلول /سبتمرب املنرصم تحت شعار “وتستمر الحكاية” مبشاركة 24إىل 30أ كام وفاز الفيلم العراقي “حسن يف بالد العجائب” للمخرج عيل 19دولة. كريم عبيد بجائزة “الواحة الذهبية” لألفالم القصرية.
رشا عباس تشهر كتابها الجديد في احتفالية “مساحات األمل” في برلين
العدد 2016 / 10 / 16 - 78 -
طغت السياسة عىل “مهرجان بري وت الله اإلرهايب .والفيلم اإليراين “ليايل شارع السيناميئ الدويل” الذي افتتح نشا طاته زايندة” للمخرج محسن مخملباف بحجة يف الخامس من الشهر الجاري بع رض أنه يتضمن إساءة إىل الدولة اإليرانية، فيلم “الفتاة يف القطار” للمخرج ب يت والفيلم الثالث املمنوع هو فيلم “شؤون تايلور .وذلك من خالل املنع الذي طال شخصية” للمخرجة الفلسطينية مهى ثالثة من األفالم التي كانت مدرجة عىل الحاج ،وجاء يف خلفية أسباب املنع أن الئحة العروض املقررة يف املهرجان، هي :الفيلم هو من إنتاج إرسائييل وأن عرضه الفيلم السوري “كأس العامل” لألخوين يناقض مبدأ مقاطعة إرسائيل. ملص املعارضني للنظام السوري ،و كان وأشارت مصادر مقربة من مجلة “طلعنا سبب منع هذا الفيلم الذي يعد أول ع مل عالحرية” أن لجنة تحكيم املهرجان ،كانت روايئ للفنانني السوريني ،بحسب األمن ّ تضم أسام ًء ثقافية تعمل يف أجهزة الحزب العام اللبناين تضمينه نقدًا قاسيا لب ً عض املوالية إليران والنظام السوري ،وهو ما األحزاب السياسية اللبنانية ،وخاصة ح زب فرض قرار منع الفيلمني السوري واإليراين.
طلعنا عالحرية – القسم الثقافي
19