نصف شهرية ،سياسية ،ثقافية ،مستقلة
العدد 79 2016 / 10 / 27
مجلة مستقلة ،تعنى بشؤون الثورة السورية ،نصف شهرية ،تطبع وتوزع داخل سوريا ويف عدد من مخيامت اللجوء والتجمعشات السورية يف الخارج
جواب لسؤال
2
افتتاحية بقلم د .هيثم الحموي
العدد 2016 / 10 / 27 - 79 -
يروى أن سيدة يف قرية كانت ماهرة يف صناعة طبق من أطباق السمك ،وعندما كانت ترشح طريقة إعداد الطبق إلحدى جاراتها ،قالت إنها تقطع رأس السمكة وذيلها قبل وضعها يف مقالة الزيت .سألتها جارتها عن السبب ،فقالت السيدة إنها ال تعلم السبب لكنها تعلمت الطريقة من والدتها .امتلك الفضول الجارة ،فذهبت إىل والدة السيدة لتسألها عن سبب قطع الرأس والذيل ،فأجابت الوالدة أنها هي أيضاً ال تعرف السبب ،وأنها تعلمت طريقة صنع طبق السمك من والدتها التي ال تزال عىل قيد الحياة .ذهبت الجارة من فورها إىل الجدة، وعندما حدثتها بالقصة ،وسألتها عن سبب قطع الرأس والذنب ،انفجرت الجدة ضاحكة ،وقالت لها إن السبب أن مقالتها كانت صغرية ،وكانت تضطر لقطع الرأس والذنب حتى تتسع املقالة للسمكة! كثرية هي ترصفاتنا املشابهة لقطع الرأس والذنب، ذهبت الحاجة لكن بقي السلوك ،والسبب ببساطة غياب السؤال. بعد سن الثالثة يبدأ الولد بإرهاق أهله بسؤاله املتكرر املتوايل (ملاذا؟) وكل جواب يج ّر (ملاذا؟) أخرى ،حتى يكتفي الولد ويهز رأسه ليعيد الكرة يف موقف جديد بعد وقت قصري .يتالىش هذا السؤال من أذهاننا مع تقدمنا يف العمر ،وتتح ّول سلوكياتنا إىل عادات غري مفهومة تأرسنا بقوة ،وحتى لو أحسسنا منها بالضجر ،فال نجرؤ أن نعود إىل سؤالنا
الطفويل (ملاذا؟)! كنت يف حديث مع صديق إنجليزي عن بعض عادات اإلنجليز ،وبعد عدة أسئلة قال يل“ :هل تعرف أنني مرسور بأسئلتك ألنها جعلتني أفكر بأمور كثرية أفعلها وفق العادة ،ومل أفكر بها يوماً” .األمر ذاته حدث معي عندما سألتني صديقتي األملانية“ :ملاذا الوشم حرام يف اإلسالم؟” فقلت لها الجواب الذي حفظته من صغري :ألنه تغيري لخلق الله ،فأجابتني بابتسامة ساخرة“ :ولكنكم تثقبون آذان بناتكم وتطهرون أوالدكم الذكور ،وهذا تغيري لخلق الله”. كثرياً ما أف ّكر أن إحسايس بالضياع يف أمر ما سببه عدم وضوح السؤال يف ذهني ..بل إنني استخدمت طريقة السؤال ألتخ ّلص من ضيق يصيبني ،بأن أقف مع نفيس بوضوح سائ ًال إياها :ملاذا أنت يف ضيق اآلن؟ وبعد أن أضع الجواب ،أسأل نفيس :وملاذا هذا األمر يسبب لك الضيق ،ومن ثم سؤال :وماذا اآلن؟ هل ميكنك تغيري يشء نحو األفضل ..أم أن األمر حدث وانتهى؟.. ثقافتنا عموماً تقدّس اإلجابة وتكره السؤال؛ مندح إنساناً ألن عنده جواب لكل سؤال ،مع أن هذا الرجل قد ال يكون يوماً فكر بسؤال واحد من تلقاء نفسه ،وإمنا حفظ األسئلة واألجوبة كالببغاء. بعد كل جلسة نقاشية مثرية ألسئلة ها ّمة ،يخرج معظم الحضور منزعجني ألننا مل نصل إىل جواب لألسئلة املطروحة ،وكأنه لو كان األمر بهذه السهولة
www.freedomraise.net
ملا بقي للسؤال معنى! دخلت يف حوارات كثرية مع ناس من مختلف األجناس ،ويف مختلف املوضوعات ،ويف كل مرة أجد أن أساس أي أمر هو إثارة السؤال ،وأنك إن مل تستطع إثارة السؤال يف نفس اإلنسان ،فال معنى ألن تبادر بإعطاء الجواب. واليوم وبعد كل ما حدث يف سورية ،ال يزال كثريون يرفضون السؤال عن سبب ما يحدث؛ فاألجوبة جاهزة ،وكل منّا عنده أجوبته لـ (ال أسئلته)! مل نتساءل بعد بصدق وحرقة ،سؤاالً يتعدى دمدمة اللسان إىل إعامل الجوارح والفؤاد بكل الوسع والطاقة :ملاذا ّ تحل بنا كل هذه املصائب؟ ملاذا ظهرت داعش؟ ملاذا ال تقوم للمسلمني قامئة يف كل أنحاء املعمورة؟ ملاذا ال يعرف املسلمون طريقاً إىل العمل الجامعي؟ كل هذه األسئلة وغريها ال تنتظر إجابات بعد ،فهي مل ُتسأل أص ًال حتى اآلن! لكنني متفائل بأننا سنبدأ قريباً بالعودة إىل إنسانيتنا ،وبالعودة إىل سؤالنا الطفويل الربيء :ملاذا؟
تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت
كلمة
املقاالت املنشورة تعرب عن آراء أصحابها أوالً وال تعرب بالرضورة عن آراء هيئة التحرير
مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية ويف بعض مخيامت اللجوء معاون رئيس التحرير قسم حقوق اإلنسان نصار أنور البني أسامة ّ
قسم املرأة يارا بدر
املجلة غري ملزمة بنرش كل ما يردها من مواد
رئيس التحرير ليىل الصفدي املحرر االقتصادي وائل موىس
الغالف سمري خلييل
؟
facebook.com/freeraise twitter.com/freedomraise info@freedomraise.net
كاريكاتري سمري خلييل
زمالء مختطفون يف الغوطة الرشقية رزان زيتونة -ناظم حامدي
الحــرب العالمية على الزومبي 3 عماد الع ّبار
والفيلم مبجمله يتامهى مع النظرة األمريكية لإلرهاب، وكيفية التعاطي معه ،دون التطرق إىل األسباب السياسية واالقتصادية املحلية التي أدت إليه ،وبالتأكيد دون اإلشارة ولو من بعيد إىل دور السياسات العاملية يف
العدد 2016 / 10 / 27 - 79 -
أو مبعنى آخر :كائنات متحولة ،ال تستحق أن تعامل كبرش.
توليد التطرف ،أو تعزيزه ،يف مجتمع من املجتمعات. ألن أي إشارة من هذا النوع متثل إدانة للعامل ككل، وتجعله املسؤول األول عن تحول التطرف ،واملوجود باملناسبة يف كل املجتمعات ،إىل ظاهرة عاملية ،ومراكز تستقطب اليائسني ،واملرىض النفسيني ،وأصحاب الدوافع اإلجرامية ..وهم موجودون أيضاً يف املجتمعات كافة. للضحايا وجهة نظر مختلفة ،وميلكون تعريفاً مختلفاً للزومبي ،قد ال يروق كثرياً ملعتنقي وجهة النظر األمريكية ولتصوراتها عن العامل؛ فالزومبي يف نظر هؤالء هو كائن (مهاجر) أباد سكاناً أصليني ليقيم حضارته عىل أرضهم ،ومل َ يتوان عن إبادة مدن بأكملها يك يعلن نفسه قوة نووية ال تقهر ،وهو كائن دعم ديكتاتوريات يف دول العامل الثالث ،وعقد معها صفقات ليمتص خريات بالدها مقابل دعمه لها .ثم وحني قرر أن يزيح نظاماً ما، لسبب أو آلخر ،فلم يرتدد يف احتالل ذلك البلد ،وقتل مئات اآلالف من شعبه تحت ستار نرش الدميقراطية ،أو مكافحة اإلرهاب.. يرى الضحايا ّأن اإلرهاب الذي تقوم به كائنات مريضة، ما هو إال نتيجة طبيعية للتخريب الذي قام به نظام (الزومبي) العاملي الجديد. ---------------مقتبس من الفيلم “ :مشكلة معظم الناس أنهم ال يصدقون أن شيئاً ما سيحدث ،إال بعد أن يحدث بالفعل ..إنه ليس غباء أو ضعفاً ،بل هي طبيعة البرش وحسب.”..
مقاالت
تساعدنا بعض أفالم هوليود عىل فهم الطريقة التي يفرس بها اآلخرون العامل .فحني تشاهد فيل ًام ما ،فأنت أمام وجهة نظر مختلفة ،ومن غري املستبعد أن تجد مجتمعك وثقافتك ضمن دائرة االتهام ،سيام يف بعض والحساسة التي تظنها محسومة املواضيع الشائكة ّ ً ّ ومتفقاً عليها إنسانيا ،ثم تكتشف أن آخرين لديهم رواية منافية متاماً لروايتك .وتجد اآلخر ،الذي تعده متورطاً يف كارثة عندك ،يس ّوق لفكرة مناقضة تجعل منك مته ًام ،وتجعله مستهدفاً ال حول له وال قوة. يعد فيلم حرب الزومبي العاملية ،World War Z الصادر يف العام ،2013املأخوذ من رواية تحمل نفس االسم للكاتب ماكس بروكس ،واحداً من بني أفالم كثرية جسدت الرصاع األمرييك ضد خطر أو وباء أو هجوم شامل ،يستهدف الوجود األمرييك ،والبرشي بشكل عام، وهو هنا :هجوم الزومبي. يأيت الفيلم ضمن سياق تاريخي تهيمن الحرب عىل اإلرهاب عىل مجمل حيثياته ،إن كان يف الخطاب السيايس الغريب ،أو التناول اإلعالمي ،مام جعل هذا املوضوع الحديث األول للشارع الغريب ،ومجاالً للتداول السيايس بني األحزاب املتنافسة عىل السلطة. فالعقل الغريب ،األمرييك أكرث من غريه ،يسوق لحربه هذه بذات الطريقة التي تم فيها التسويق للحرب العاملية ضد الزومبي يف الفيلم .حيث يتعامل هذا العقل مع من يضعهم ضمن خانة اإلرهاب ،بذات الطريقة التي تعامل بها الروايئ مع كائنات غري برشية، أو غري حية ،فاقدة للمشاعر .فالزومبي جسد م ّيت، ال ميتلك روحاً ،وال مشاعر ،ونقتله دون أي إحساس بالذنب أيضاً. ومبجرد أن يتحول اإلنسان الطبيعي يف الفيلم إىل (زومبي) ،يفقد ما كان يتمتع به من حرمة برشية، ويصبح قتله أسهل ،وأقل وطأة عىل ضمري القاتل .وهذا ما تم فعله (واقعياً) مع أولئك األشخاص الذين كانوا برشاً طبيعيني .ثم ،ومبجرد أن اعتنقوا فكراً متشدداً ،أو ارتكبوا أعامالً عنفية ،أصبحوا يف نظر مكافحي اإلرهاب كائنات غري برشية ،ميكن مامرسة أي فعل معهم، تعذيباً أو ترهيباً ،النتزاع االعرتاف .وقد يصل األمر حد التصفية ،للتخلص من هذا الوباء ،وباء العنف اإلرهاب! يبدأ الفيلم وينتهي ،دون أن تكتشف البرشية السبب
الرئييس لهذا الوباء .املهم يف النهاية ّأن املنقذ ،وهو موظف أمرييك طبعاً! كان يعمل لدى األمم املتحدة، استطاع أن يجد عالجاً للمرض ،وهو العالج بالتمويه، من خالل حقن البرش األصحاء بأنواع محددة من الجراثيم أو الفريوسات ،مام يجعل األجساد املصابة بها بعيدة عن دائرة االستهداف من قبل كائنات الزومبي، والتي ال تستهدف سوى األجسام السليمة من املرض. أيضاً ،ال يخلو الفيلم من إشارة إلرسائيل ،بل كان مشهد القدس هاماً واستثنائياً ،وبالذات حني تم تصوير جدار الفصل العنرصي عىل أنه سبق إرسائييل يستحق االهتامم ،كونه يدل عىل نبوءة إرسائيلية سليمة، وحكمة يف االستنتاج ،حيث تم االنتهاء من بنائه قبل انتشار الوباء بأسبوع ،بحسب الفيلم. يظهر الجدار كفاصل بني عاملني ،عامل الناس األصحاء: وهم إرسائيليون ،وعرب مساملون تم متريرهم من الحواجز لعدم ظهور عالمات املرض عىل مالمحهم؛ فهم طبيعيون ،مساملون ،يرقصون مع اإلرسائيليني ،ويشكلون معهم جبهة واحدة. أما العامل اآلخر :ويضم كل من هو خارج السور ،وهم أشخاص متح ّولون ،دمو ّيون ..كائنات غري برشية، باختصار شديد ،تسعى إىل اقتحام السور لنقل وبائها لجميع األصحاء ..وتنجح بذلك يف نهاية املطاف ،برغم كل االحتياطات والتحصينات .وهو ما يحصل (واقعياً) حني يعجز السور عن ص ّد بعض عمليات املقاومة الفلسطينية! يف مشهد السور ،تظهر الرواية إرسائيلية بامتياز .لكنها تحايك أيضاً وجهة النظر األمريكية يف تصنيفها املعتمد لإلرهاب ،ويف طريقة حكمها عىل فصائل املقاومة إن كان يف فلسطني أو غريها من البلدان ..لكنّ السياق يعطي لإلرسائيليني أفضلية ،فهم أول من بنى الجدار، لص ّد هجوم الكائنات املتحولة .ويف الواقع ،هذا إقرار بأسبقية اإلرسائيليني يف الحكم عىل العرب واملسلمني عموماً بوصفهم إرهابيني محتملني ،أو إرهابيني فعليني،
4
غســان كنفاني ..معتقالً في مطار المزة العسـ ّ ـكري! عروة المقداد
العدد 2016 / 10 / 16 - 79 -
مقاالت
املصباح األبيض املضاء طيلة النهار والليل يجعل من “الهنغار” املحشورين فيه مرشحة متعفنة .إنها املرة الوحيدة التي ُيطفأ فيها هذا املصباح اللعني .كان بياضه الرخيص يغيش عيني ،ويجعل من الدم األحمر املتخرث يف رأيس صعقات كهربائية تفتح فيه “عامء”* حليبياً ممزوجاً بأرق طويل ال ينتهي. كنت أرقد يف زاوية الهنغار .متك ّوراً عىل نفيس ،ألعق جروحي كقط فزع .هل كنت أتكئ عىل كتفه؟ كان بالقرب مني وال شك ..األجساد هنا تطوي بعضها البعض ،يعجنها االنتظار املمزوج بدهشة املوت، وصدمة األمل .تتداخل الرؤوس مع األرجل كأنها جسد مشوه ِخيطت أطرافه عىل عجلة .ت ُّنئ دون أفواه، برك من الرمل. تنتفض وتتلوى مثل أسامك ُألقيت يف ٍ ٍ بتعب يف ذرات الغبار التي ولدت مع انطفاء أحدق ٍ الضوء .ترقص الذرات كام ننتفض ،تدور عىل نفسها، ثم تتالىش .تتوسع حدقة عيني ،تلحق ذرات الغبار العشوائية ،أفكر :كل ما يحدث يشبه هذا الغبار ،يف النهاية سنستحيل جميعنا إىل ذرات .يدي املهشمة فوق قدمي ،أضمها إىل صدري .ال أستطيع تحريك عظامي .لكنني أتكئ برأيس عىل كتفه ،وأحرك عيني متتبعاً الضوء .هذا الهنغار هو الحد الفاصل يف كل يشء .هذا املكان هو املسافة التي ال نستطيع قياسها أو محوها من ذاكرتنا .أنا أبتهل .أغمض عيني وأشعر باألمل يتدفق يف عروقي حتى املساماتُ .أخزّن األمل يف ذاكريت ،ال أريد نسيانه .أنا لن أنىس :أصابع محمود املتفجرة من صاعق الكهرباء .بول أبو عدنان الذي لعقه ،انتفاخ جروحه من مرض السكري .رائحة الروح الواخزة عند خروجها من الجسد .تح ّلل الذكريات واألسامء وتشوهها .تحطم الزمن ونقره كغراب يلتهم أطرايف ويطاردين يف الكوابيس. خارج الهنغار ،بدأنا بسامع رصاخ عال ورضبات متوالية تصدر من عرشات الرجال والشباب .يف بادئ األمر اعتقدت أنها تصفية جامعية للمعتقلني ،لكننا عرفنا الحقاً أنها حملة اعتقال يف مدينتي املعضمية وداريا. كنت أسمع أصوات تكسري العظام ،يتلوها رصاخ األمل املفزع .األقدام ّ تهشم جمجمة الرأس ،وتطحن األضلع.. تك ّورت عىل ذايت غائصاً يف حوض من الرعب والخوف. كان الضوء خافتاً رمادياً ينحدر من مكان ما وميتزج
ذيله مع سواد األجساد التي طمستها العتمة. أنا أسقط يف ب ٍرئ عميق .تبتلعني العتمة والخوف. أترنح عىل خيط رفيع بني الجنون والهسترييا .أشعر بحركة كتفه فأعود إىل الهنغار .أنظر نحوه فيلتفت إيل .يطيل التحديق ثم يبتسم ابتسامة رقيقة تبعث الدفء ،يهمس إيل“ :هل تعرف أن األسلوب مسألة معقدة يف الكتابة؟ وقليل من الكتاب تستطيع أن متيزهم بأسلوبهم”. ال أعرف متى بدأ ذلك الحوار بيننا حول الكتابة واألسلوب .كيف استطعنا وسط ذلك الجحيم أن نبدأ حديثاً حول الشخصيات والروايات التي قرأناها .افرتقنا كل واحد يف معتقل داخل املطار وها نحن نلتقي مرة أخرى يف هذه املرشحة املتعفنة. كان األنني يأيت من كل مكان؛ من األجساد املمدّدة فوق بعضها البعض تتلوى من األمل ،من األجساد التي ُتسحق عظامها يف الخارج ..من األجساد التي دفنت غيلة يف قبور مجهولة .من صمت الوجوه املرتسم ببالهة حني يجر كل هؤالء الشباب إىل حتفهم دون أن يحرك أحد ساكناً .من النسيان ..النسيان الذي يقرتفه كل يوم أبناء هذا البلد اللعني. همست له :هل قرأت رواية “من قتل ليىل الحايك”؟ املرة األوىل التي التقيته فيها ،كان ضمن دفعة كبرية قادمة من مدينة داريا .كان هزيل الجسد مثيل. ابتسمت يف نفيس وقلت هذا شاب آخر هزيل الجسد يرعب .هذه ثورة هزييل األجساد الخارقني. كنا مشتتي التفكري .املرة األوىل التي التقيته فيها ،كانت يف سجن آخر من املطار .أظن أن كلينا غري ملفتني؛ أجساد هزيلة ،نظرات ساهمة ..كنت أفكر حينها :ملاذا السجن؟ ملاذا كل هذا األمل .ملاذا مثة مكان فيه كل ذلك الرعب؟ وكنت أفكر أن من يقيم ويرشف ويعذب يف هذا املكان الشك وأنهم أكرث رعباً منا. أجابني“ :كانت هذه الرواية ،واحدة من الروايات التي كنت ُأدرس طاليب فيها “األسلوب”؛ فأنت تالحظ فور القراءة ،أنها لغسان كنفاين أو رمبا تتوقع ذلك. األسلوب املحكم واملتقن الذي يخطف األنفاس ،رغم أنها رواية مل تتناول القضية الفلسطينية”. طال التعذيب خارج الهنغار ،مل نعرف عددهم بالضبط ولكنهم كانوا كرث ،حاولنا سامع أي كلمة لنفهم ما يحدث .كانت أصوات أملهم أشد قسوة من
التعذيب ،رمبا كان اإلصغاء إىل صوت األمل أحد أقىس أنواع التعذيب .يف تلك اللحظات من العجز ورعب االنتظار يصبح املوت أمنية حقيقية لتوقف العبثية غري املفهومة .تبعرثت نظراتنا ،ورسحنا يف ذرات الضوء، ومن ثم خ ّيم الصمت عىل الهنغار .صمت قاتل يشبه صمت القبور. عاود االلتفات إ ّيل مر ًة ُأخرى ،فنظرت إليه بيأس تام ومتلكتني رغبة كبرية يف البكاء .شعرت بأنني أتداعى وأن جسدي وعقيل لن يستطيعا التحمل أكرث من ذلك. أطال النظر إ ّيل ثم سالت دمعة عىل خده .مسحها بكم قميصه فافرتت شفتيه عن ابتسامته الرقيقة. اقرتب مني هامساً“ :أحيك لك كيف أحببنا أنا وزوجتي بعضنا؟”. ابتسمت له وانا أحاول تهدئة غول الرعب الذي ولد يف معديت ،وراح يهمس يف أذين قصة زواجه .كنت أنصت والرصاخ يعلو أكرث .صوته يزداد دفئاً مع كل رضبة تنهال ومتزق الجلد .أبتسم وأستعيد املعنى الذي أوشكت عىل فقدانه وأنا أترنح عىل حافة االنهيار. ها أنا أجلس اآلن وأراقب البدر املع ّفر بالطحني. ينحدر ضوءه فوق أسطح األبنية التي دارت يف حواريها معارك طاحنة ،وتركت األجساد فيها للتعفن .رائحة القاممة املتعفنة تنخر صدري ،وتغرقني يف سعال ال نهايئ .هذه الرائحة ومراجعات األمن العام املتكررة تدفعني للجنون. أفتح الكومبيوتر ثم أشاهد خرب قصف مكتب مجلة طلعنا عالحرية .أحدّق يف الصورة جيداً ثم تعود يب الذاكرة إىل مطار املزة. يكتب أسامة عىل صفحته رغم القصف سنستمر يف إصدار الجريدة.. مل أستطع الكتابة منذ زمن ،لكنني مل أمتكن من منع نفيس من كتابة هذه الذكريات التي تشاركتها مع أسامة ،وال ّ تكف عن مداهمتي كلام شارفت عىل فقدان صوايب ،وكلام فكرت باأليام التي جمعتنا سوية يف مطار املزة العسكري. *”عامء” التوصيف مستوحى من رواية “العمى” للكاتب الربتغايل جوزيه رسماغو
أحالم..
5
عبداهلل الحافي*
العدد - 79 -
واملصداقية .ولتم ّد أيديها للجميع يف سبيل إنقاذ اإلنسان .وأصبح لهؤالء الشبان اسم له الكثري من املصداقية عند وكاالت األنباء العاملية ،وأصبح أي خرب تسبقه عبارة “نق ًال عن الدفاع املدين السوري” يعني عند الجميع الصحة والصدق والحيادية. فتم ترشيحهم للعديد من املناسبات؛ كشهادة ّ قائد الدفاع املدين رائد الصالح يف األمم املتحدة.. حتى نال الدفاع املدين يف عام 2016جائزة نوبل وتم ترشيحهم لجائزة نوبل للسالم ،وهنا البديلةّ ، عاد مسلسل األحالم واألمنيات؛ فجميع العاملني يف الدفاع املدين يستحقون هذه الجائزة ،بل رمبا يستحقون أكرب منها؛ فهم الباحثون عن الحياة، وأصحاب القلوب والقبعات البيضاء الذين أنقذوا خالل أقل من عام 62ألف إنسان من تحت ركام قصف النظام املجرم.. ً وبدأ الوقت مير بطيئا ،وتجمدت العقارب صباح يوم الجمعة ،7-10-2016والكل يرتقب يف مراكزه خرب الساعة الثانية عرش ظهراً ،وهو شبه متيقن أن الحلم سيتحقق.
ولكن الحلم كان حل ًام ،وحصل رئيس كولومبيا عىل الجائزة.. بكيت ملدة ساعتني وراجعت كل معلومايت وذكريايت ..هل هي مؤامرة جديدة ضد الشعب والثورة السورية؟ أم هو املنطق والواقع؟ ماذا قدم هذا الشخص أكرث من الدفاع املدين؟ هل هو يستحقها أكرث منا؟!.. هنا تذكرت قصة األحالم يف الثورة ،وكيف استطاعوا بسبب قلة خربتنا إيصالنا إىل نشوة الحلم وإسقاطنا بعدها يف برئ الواقع. ولكن بعد أول استهداف للمدنيني من قبل النظام وجدت كل الوحدات يف الدفاع املدين من إسعاف وإطفاء وإخالء وإنقاذ ..تتوجه إىل تحت الركام، وكأنها تبحث عن الجائزة! وفع ًال تذكرت أننا وجدناها يف أول ركام منزل خرج منه ناجون.. وكانت الجائزة شعارنا :ومن أحياها فكأمنا أحيا الناس جميعاً! * متط ّوع يف الدفاع املدين السوري -الغوطة الرشقية
مقاالت
وهنا بدأت الحكاية وولد الحلم األجمل عندما تحول الناشطون املدنيون العاملون يف مجاالت شتى من أعاملهم وحرفهم ومؤسساتهم اإلغاثية والخدمية والطبية إىل باحثني عن الحياة تحت الركام ،لتولد يف حلب وإدلب وريف دمشق وخمس محافظات سورية أخرى حكاية القبعات البيضاء.. تأسس الدفاع املدين كحالة عفوية ،وتطور ليتحول إىل املؤسسة السورية الوحيدة التي تنترش من شاميل إدلب إىل جنويب درعا بنظام واحد وشعار واحد وهدف واحد “ومن أحياها فكأمنا أحيا الناس جميعاً” .وقدمت هذه املؤسسة الغايل والنفيس من الجهود والدماء، لتكسب قلوب وثقة السوريني ،مدنيني وعسكريني ،اللتزامها مبدأ الحيادية واإلنسانية
2016 / 10 / 27
عندما انتقلت الثورة السورية من مرحلة التفكري إىل مرحلة التظاهر تحولت كثري من األحالم إىل واقع ..أحالم التغيري والتأثري والتطوير ..وبدأ الشعب السوري الحر يحلم بغ ٍد أجمل ،باعتقاد بسيط ،ورمبا ساذج ،أن نظام البعث األسدي سيتخىل عن كرسيه الذي احتله قبل خمسني عاماً استجابة ملطالب مظاهرات شعبية يف معظم األرايض السورية. ولكن الحلم تحول إىل كابوس عندما اختار النظام السالح يف مواجهة الحراك املدين، فاضطر الحراك املدين إىل االنتقال إىل مرحلة الدفاع عن النفس ،وبدأ حلم جديد أننا سنستطيع ببضع أسلحة فردية تحرير سورية. ولكن هذا الحلم أيضاً انقلب إىل كابوس عندما رد النظام بالسالح الثقيل ،وانتقل حلم املناطق املحررة واإلدارة الثورية إىل كابوس أكرب؛ وهو القصف املركز والتدمري املمنهج واملجازر اليومية..
بعد خمس ســنوات أين هو اإلعالم الثوري البديل؟!
6 زهرة محمد
العدد 2016 / 10 / 27 - 27 -
تقارير
رغم بداياته الخجولة ببعض الهواتف النقالة والقلة من النشطاء الشباب ،إال ّأن اإلعالم البديل أو الثوري صح التعبري كان من أقوى األسباب التي جعلت إن ّ الثورة السورية تصل لكل بعيد ،وكان نقل الصورة من الشارع يعترب مفهوماً جديداً للشعب الذي فقد ثقته باإلعالم ا ُملس ّيس ،والذي غ ّيب الشارع وهتف لشخص واحد. سنوات م ّرت عىل قيام ثورة إعالمية تج ّلت بقلب املفاهيم املحدودة ،ورفض الخضوع لكلمة السلطة التي متثلت بالنظام ذي السطوة الشديدة عىل اإلعالم السوري طوال عقود .كان اإلعالم البديل هو صوت الشارع السوري ،واستطاع جذب عيون العامل إىل ما يحدث يف سوريا ،ولكنه وحسب رأيّ الكثريين ما لبث وخالل السنوات التي تلت أن تف ّرق شعباً وتبعيات ،ومل يحاول رغم بعض التجارب القوية الفردية أو القليلة أن يكون بدي ًال عن وسائل إعالمية عاملية أو عربية، ِّ مصاف تلك الوسائل .وحكمته ومل يرتق ألن يكون بني ً من جديد التبعية لجهات التمويل حينا والخضوع للسلطة التي متلكه حيناً آخر ،باإلضافة إىل قل ّة املهنية والحرفية من جهة أخرى ،حيث كان معظم من ميتهن اإلعالم من النشطاء غري املؤهلني الذين مل يستطيعوا االنخراط أكادميياً ليعكسوا رؤية حيادية أو مهنية صحافية حقيقة. هل يرتقي اإلعالم الثوري إىل مراتب اإلعالم األخرى؟وما أسباب عدم تقدمه خالل سنوات؟ كثرية هي األسباب التي جعلت اإلعالم الثوري يتف ّرع ويخبو ويعكس وجهات نظر ُتض ِعف الرسالة الثورية، وقد ألبس ثوباً غري ثوبه ،بانعكاسات كبرية دخلت وغيت مفاهيمه التي خلق ألجلها ،ويبدو ّأن اإلعالم ّ ً ً الثوري مل يعد قادرا أحيانا عىل التواصل مع الشارع الذي خرج منه .ورغم اتهامه من قبل البعض بعدم الحرفية ّ ألن من يعمل فيه نشطاء أو هواة ،فالحقيقة ً قد تكون مغايرة متاما ،ألنه وعىل الصعيد الفردي ما يزال الشارع يؤمن بهؤالء الذين يبخسهم البعض حقهم ،أ ّال وهم الناشطني/ات. يف حني وإن تكلمنا عن الصعيد املؤسسايت ،فحتى اآلن ورغم إمكانيات الكثري من املنابر ،نرى تجييشاً لفكر
معني ،وانحرافاً كبرياً عن املصداقية واملهنية ،هذا عدا عن عدم وجود آل ّية سياسية موحدة كحكومة االئتالف السوري والتي يقع عىل عاتقها تدعيم الوجود اإلعالمي املحرتف ،أو متويل وإيجاد جهات تعليمية قادرة عىل تحريك عجلة اإلعالم بشكل إيجايب ،يضاهي اإلعالم العريب والغريب. األستاذ “أكرم األحمد” رئيس “املركز الصحفي السوري” يرى ّأن“ :هناك مقومات ،كانت لتساعد عىل إقامة مؤسسات إعالمية مهنية ذات رؤية حيادية بعيدة عن التجنيد ،مفقودة يف أغلب املنابر اإلعالمية؛ من أهمها عدم عمل اإلعالميني وهجرة العقول الخبرية إىل الخارج ،وعدم عملها ضمن نقل األحداث السورية ،ونظراً لهذا مل يتبق يف الساحة الداخلية إال الهواة والشجعان من الناشطني والناشطات” .ويتابع: “التمويل من أهم الدعائم القوية ،والذي لألسف ُيعطيك ليأخذ أكرث ،ويستنفد فكرك ومنربك كإعالمي لتخدم مصلحته .واملنظامت التي فضلت أن تساعد املنابر الخارجية عىل أن تغرق نفسها مع مؤسسات ضمن سوريا رغم محاولة الكثري من هذه املؤسسات الحيادية وتقيص الخرب عن قرب ،ونظراً ّ ألن غالبية اإلعالم حالياً يعتمد عىل ممولني ،فهو يكون عرضة لالنهيار يف أي وقت .وقد حصل هذا للكثري من املواقع واملؤسسات”. ُيق ّيم الكاتب “حافظ قرقوط” العمل اإلعالمي الثوري بعدم االرتقاء للمفهوم الصحيح لإلعالم الحقيقي قائ ًال: “اإلعالم الثوري خارج التصنيف ،ومازال منفع ًال وليس فاع ًال ،وأقرب إىل اإلعالم التجريبي منه إىل اإلعالم املهني أو املحرتف ،ما عدا بعض االستثناءات الفردية وليست املؤسساتية!”. أ ّما بالنسبة للكاتب واملخرج “زياد الحلو” فرأيه كان كاتهام ّ لكل املنابر اإلعالمية الثورية ،حيث قال“ :ليس هناك إعالم ثوري ،وما كان من اإلعالم الثوري ُخطف مع الثورة حيث خطفت!!” ،وحسب رأيه ّ فإن “اإلعالم املوجود اآلن ما هو إال أجندات تخدم مصالح كبرية أو صغرية ،وتنجرف نحو التطرف تارة ونحو العلامنية تارة أخرى ،وال تعكس صوت الشارع السوري ،وال ترقي ملستوى الثورة أص ًال”ُ .مضيفاً ّأن “اإلعالم املوجود هو
وأن الناس ُم ّ متاماً كإعالم النظام السوريّ ، ضطرة أن تتابعه نظراً لعدم وجود البديل ،كام كانت تتابع منابر اإلعالم السوري قبل الثورة وهي (الحول لها والقوة) فهي تسمع وترى وتقرأ املتاح فقط! وهذا اإلعالم البديل يلزمه عقود وأجيال لريتقي إىل مصاف اإلعالم الغريب ،وأن يصل لحريته وتعاطيه مع الحدث والخرب، ورفع سقف الحريات بعيداً عن التسييس والسلطة”. يف حني يعزو الفنان الكاريكاتريي “يارساألحمد” موحداً حتى عام ،2012 ّأن “الخطاب اإلعالمي كان ّ تم ش ّد البساط من تحته ،وبدأت الرؤية تتف ّرق ثم ّ ّ وتترشذم ،وكان هذا من أهم أسباب انحدار املستوى والذي اختلف كثرياً ّ عم بدأ” .وهنا أشار األحمد ّأن “فن (الكاركاتري) مل يخرج كذلك من (التابوهات) التي كانت ُمدرجة تحت ظل التبع ّية ملا كان أيام النظام األسديّ ، وأن هناك الكثري من اإلعالميني يف املجال خيين أحياناً ،وأنه يجب التخ ّلص من سيين ال ُم ّ ُم ّ عقدة الخط األحمر ،ورفع سقف الحر ّيات التي ما تزال ترزح تحت ما يريد األعىل سلطة منك أن تنفذه، وساد تغي ّيب صوت القلم والفكر من قبل السالح عىل عموم أشكال الثورة وليس فقط اإلعالم!”. أين اإلعالم الثوري من املهنية والحياد؟ً يف الواقع ّإن تغي ّيب الحيادية قد يكون قاتال يف هذه املهنة ،ورغم أنه رشط أسايس ،يرى البعض من أهل اإلعالم ّأن الوقوف عىل الحياد يف اإلعالم الثوري صعب، ويف بعض األحيان مستحيل ،ألنه انطلق من رحم الثورة وهي التي صنعته. ّ للبعض من أهل االختصاص ،فإن اإلعالم الثوري ما زال بعيداً عن أن يكون ضمن املنابر العربية ،وأنه بعد خمس سنوات ما زال يف معظمه إعالماً هاوياً، ومازال أغلب الفاعلني فيه مجموعة من األفراد غري األكادمييي ،ويفتقرون للخربة وللمهنية. ّ يرى األستاذ “حافظ قرقوط” ّأن هناك فجوة يف ط ُرق ُمخاطبة العامل ،ومخاطبة الداخل السوري وحتى مخاطبة القوى الثورية“ :نحن يف ثورة والحياد ّية هنا كمن يضع السم بالدسم ،لوال هذا الدم الزيك ولوال الثورة العظيمة لكان الجميع يرتقب من ّية النظام عليه. ولكن يجب عىل هذا اإلعالم أن يتسم أكرث باملهنية،
7
العدد - 78 - 2016 / 10 / 27
تقارير
التي تعني الصدق باملعلومة ،والصدق حك ًام سيجعل املادة اإلعالمية يف مصلحة الوطن السوري” ،ويتابع حديثه“ :وهنا ال بد من اإلشارة إىل أنني شخص ّياً أعرف بعض القامئني عىل مؤسسات إعالمية باإلضافة لبعض ُمقر ّري التمويل اإلعالمي ورؤساء تحرير ال عالقة لهم باإلعالم ،ومل يقدموا يف تجربتهم اإلعالمية سطراً واحداً”. أما بالنسبة لألستاذ “م-ف” مراسل ألحد القنوات العربية والذي ّ فضل عدم ذكر اسمه الكامل، فهو يرى ّأن “اإلعالم البديل كان يعطي انعكاساً للحالة الثورية التي تج ّلت بالشباب النشطاء، وأ ّنه ورغم بساطة األدوات إال ّأن الخرب كان يصل بقوة ،فقد كانت التغطية ليست حرفية ولكنها مستمرة للمظاهرات وتحركات الجيش السوري ،وقصف املدن السورية” .وبرأيه ّ فإن العمل مع بعض األقنية الشهرية ساعد عىل صقل الخربات وزيادة الحرفية للمراسلني داخل األرايض السورية ،من حيث تغطية الخرب ونقله بالصورة الصحيحة. ولكنه يرى أيضاً ّأن “عدم الحيادية والتبعية التي اتخذها اإلعالم الثوري طريقاً أحياناً، والذي يقلد فيه إعالم النظام ،يعكس صورة سلبية ،حيث هناك نوع من التدليس واملحاباة وتلميع صورة بعض األطراف والتبعية الجارفة التي تقدّم إعالماً غري مهني ويفتقر كثرياً للصورة التي ينشدها اإلعالمي الحقيقي”. ّ ولكن األمر ليس دامئاً سلبياً؛ فرغم أن من يجعل حركة اإلعالم الثوري تدور هم بالغالبية نشطاء، فهناك آراء أنهم هم من استطاعوا حتى اآلن ش ّد نظر العامل إىل ما يجري عىل الساحةّ ، وأن األمر قد يؤيت مثره ّ ألن الوضع داخل سوريا يفرض حالة تختلف عن كامل الساحات التي يعمل فيها اإلعالميون اآلخرون. ويرى “هادي العبدلله” الذي يعترب من أهم النشطاء اإلعالميني الذين ظهروا يف الثورة ّأن اإلعالم الثوري رغم عدم مهنيته الكبرية مازال بخري حسب رأيه ،حيث قال“ :استطاع اإلعالم الثوري أن يتحدّى إمكانيات إعالمية قوية
وكبرية ومنها آلة النظام والقنوات التي تؤيده ،عىل تم رسقة فيديو ألحداث يف حلب مؤخراً سبيل املثال ّ وكنت قد صورته أنا ،وبثته القناة الروسية عىل أنه من إنتاجها وتصويرها ،وكانت فضيحة كبرية بالنسبة لهم يف الساحات اإلعالمية العاملية ،ونحن كناشطني رغم عدم متكننا من دراسة اإلعالم وخضوعنا لتدريبات أو دورات إعالمية ،وبالرغم من كل السلبيات واملضايقات من النظام وتهديد حياتنا من عدة أطراف استطعنا نقل الحقيقة ..ما زلنا صوت الشارع ،ألننا منلك قضية تجعل لدينا هدفاً سامياً ،ولو كنا غري محرتفني”. ما الذي ينتظر اإلعالم البديل؟ وهل توجد حلول؟ُيشري األستاذ “طه الرحبي” الصحفي يف جريدة “القبس الكويتية” أنه مازال هناك وقت لوجود مرجع ّية إعالم ّية موضوع ّية مج ّردة من أيّ غاية؛ ويكمل رأيه من مقالته يف أحد املواقع ،والتي أراد االستشهاد بها: “الدول العظمى لها إعالم ُمنضبط يف املعارك ،لديها القدرة عىل توحيد الخطاب اإلعالمي ونقل املعاناة التي يتعرض لها الشعب يف الداخل والخارج ،ويعمل بنفس الوقت عىل إثراء عقول املواطنني لرفع مستوى إدراكهم وثقافتهم وإيضاح ما يحاط بهم من مخاطر ومكائد،
ويقوم بتوجيه رسائل ُمنتقاة إىل املجتمعات الدولية تخدم قضايا وتطلعات الثورة”ُ ،مضيفاً أ ّنه “البد من وحدة ومنرب واحد ُمحرتف قادر وجود رؤية إعالم ّية ُم ّ عىل املنافسة والتعامل مع املوقف املعقد لألحداث والتسويق اإلعالمي والسيايس للثورة ،واملناط به التأثري عىل الرأي العام”. يدرك القارئ أو املتابع من خالل ما سبقّ ،أن اإلعالم الثوري البديل قد يكون ُمته ًام من قبل الغالبية بأنه ال يرقى لتلك املكانة التي يتمناها كل من يتط ّلع إليجاد إعالم قوي ُمتامسك قادر عىل رصد ومتابعة وتحليل ما يجري بعني الحياد واملهنية والشفافية ،وأ ّنه ليس حرفياً باملعنى الدقيق للمهنة التي يقع عىل عاتقها الكثري، تغيياً جذر ّياً يف قلب األمور يف والتي ميكن أن تحدث ّ الكثري من األحيان ،إ ّال ّأن الكثري من األساتذة أشادوا مبحاوالت كثرية ،قد تكون فردية إمنا قد تحدث فرقاً عىل املدى البعيد ،وهي تعكس واقع ما يجري وتحاول خوض غامر املعرتك الصحايف إذا صح التعبري .وهناك آراء تقول ّإن اإلعالم ليس وحيداً بل ّإن الثورة كلها ما زالت يف مرحلة مخاض ثوري ،وغربلة وإعادة حسابات، وهي مهمة صعبة ولكنها ليست متسحيلة.
8
حراس شبكة ّ حماية الطفل في ظروف الطوارئ طلعنا عالحرية
العدد 2016 / 10 / 27 - 79 -
يتعرض األطفال السوريون إىل أنواع كثرية من انتهاكات اتفاقية حقوق الطفل ،فقد يكون االنتهاك هو يف حرمان الطفل من التعليم ،أو عدم وصوله إىل الخدمات الصحية، أو تعرضه لألذى الجسدي والنفيس أو للتحرش الجنيس ،أو العاملة االستغاللية ،باإلضافة إىل االستغالل اإلعالمي للطفل. كيف ميكن توفري بيئة آمنة وسعيدة ،تضمن لألطفال كافة حقوقهم وتسعى إلحداث تغيري حقيقي ومستدام يف املجتمع؟ مبا يضمن حصول األطفال عىل الرعاية التي يستحقونها يف املجاالت النفسية واالجتامعية والتعليمية والصحية وغريها. رياض النجم املدير التنفيذي لشبكة حراس الطفولة ،يتحدث عن عمل املنظمة يف حامية الطفل ،والتي “تؤمن وتسعى أن يحصل جميع أطفال املجتمع السوري عىل حقوقهم املقررة يف اإلعالن العاملي لحقوق الطفل ،من خالل العمل مع املجتمع نفسه؛ حيث يقوم مدربو شبكة حراس ،املنترشون يف املناطق السورية ،يقومون بتدريب أفراد املجتمع كالوالدين واملعلمني وأجهزة الدولة البديلة يف املجالس املحلية ومديريات التعليم واملنظامت األهلية التي تنشط يف املناطق نفسها ،وتقدم خدمات الرعاية لألطفال مثل املدارس واملراكز الصحية ومراكز ترفيه األطفال”. ويقدم قسم بناء القدرة تدريب “درع الحارس” يف حامية الطفل؛ وهو حزمة تدريبات تتضمن األساسيات املرشدة يف حامية الطفل والتواصل مع األطفال وأوليات يف الدعم النفيس الذايت؛ باإلضافة إىل تدريبات تخصصية أخرى .فكان اإلنجاز وفق إحصائية التقرير نصف السنوي للقسم لعام 309 :2016متدرب ومتدربة يف مكتب إدلب ،بينام د ّرب مكتب الغوطة الرشقية 319متد ّرب ومتد ّربة ،وكان العدد 78متدرباً ومتد ّربة يف د ّرعا. ويحصل هؤالء املتد ّربون عىل مبادئ يف حامية الطفل وأنواع االنتهاكات التي ميكن أن يتعرض لها األطفال واآلثار السلبية عىل الطفل ،كام يتعلمون مجموعة من البدائل التي تساعدهم للتخيل عن هذه املامرسات املؤذية ،باإلضافة إىل آلية التعامل حيالها وإحالتها للجهات املختصة من خالل نظام اإلحالة ،الذي يتضمن دراسة الحالة وتحديد املسببات األساسية لألذى .ويقوم املختصون بتصميم خطة لهذه الحالة، ومشاركة املنظامت الرشيكة وأجهزة الدولة البديلة فيها لالستجابة لها ،ومتابعتها معهم ،يف محاولة لتأمني ّ حل دائم ومستدام.
حيث وثق قسم الرصد والسياسات 98حالة انتهاك منها 8حاالت استغالل إعالمي ،وقد أصدر 3تقارير حول االنتهاكات وأحداث القصف يف مناطق (ريف حلب الغريب وإدلب) ،كام تم تدقيق 16مدونة سلوك للعاملني مع األطفال. كام تؤسس شبكة حراس مراكز مرافقة ملكاتب الحامية ،تقوم عىل تأمني خدمات الرعاية لألطفال مبارشة ،لتكون كاملخترب الذي يصمم النموذج السوري للتعامل مع حامية الطفل ،وفق الخصوصية املرتبطة بالطفل السوري ،ثم يصار إىل تعميم التجربة مع املراكز التي تقدم الخدمات املشابهة. فكان عدد األطفال املستفيدين يف مكتب الغوطة الرشقية من أنشطة الدعم النفيس 903طفل و 182يافع ،باإلضافة إىل 133إدارة حالة من االنتهاكات ،و 608طفل مستفيد من برنامج التعليم املرسع لألطفال املنقطعني عن التعليم، وكان عدد املستفيدين من جلسات التوعية من األهل والقامئني عىل رعاية األطفال 1242شخص. وفق التقرير نصف السنوي لعام 2016م. كام يوضح رياض املدير التنفيذي لشبكة حراس أنه “يف ظروف الطوارئ التي يعمل فيها مقدمو الرعاية ،تجعل من الصعب جداً تقديم خدمات ذات جودة عالية لألطفال ،تحت خطر القصف والتدمري التي يتعرض له الشعب السوري يومياً، مام يجعل جودة العمل أقل وكلفته أعىل ،وبالتايل عدد املستفيدين من األطفال أقل .كام أنه من املستحيل االستجابة لجميع األطفال السوريني
املعرضني للخطر ،لذلك نؤمن بأهمية العمل مع الرشكاء واملبادرات املجتمعية جنباً إىل جنب لالستجابة ألكرب عدد من األطفال مبستوى الجودة التي يستحقها أطفالنا”. وأيضاً وفق التقرير نصف السنوي إلنجاز مكتب الحامية يف الغوطة الرشقية لعام 2016م كانت تكلفة الطفل الواحد يف برنامج الدعم النفيس 2.27$يف الشهر ،بينام تكلفة برنامج التعليم املرسع للطفل الواحد 9.47$شهرياً ،وارتفعت كلفة إدارة حالة طفل واحد إىل 28.53$يف الشهر، ومل تتع ّد كلفة املستفيد الواحد من أنشطة التوعية للقامئني عىل رعاية األطفال 1.19$يف الشهر. يعلن القامئون عىل املنظمة أن أهداف العمل يف حامية الطفل هي أهداف بعيدة املدى ،وسيكون من الصعب قياس األثر يف الوقت الحايل .بينام أمكننا تقييم التجربة عىل مستوى املجتمعات الصغرية التي تعمل عليها شبكة حراس .وقد كانت نسبة تحقيق األهداف املرحلية جيدة ،بل مذهلة يف حالة تفهم املجتمع وحرصه عىل أطفاله ،مام يساعد يف إيجاد التغيري اإليجايب برسعة ،ويفوق ما نتصور. يذكر أن فريق شبكة حراس مك ّون من 250شخصاً بني موظف بدوام كامل وجزيئ ومتطوع ،موزعني يف مناطق درعا وإدلب وريف دمشق الرشقي، باإلضافة إىل مدينة غازي عينتاب الرتكية ،وقد بدأت مبجموعة من األفراد املتطوعني يف مجال الدعم النفيس االجتامعي وحامية الطفل ،مطلع عام 2012يف مدينة داريا يف ريف دمشق.
عمل األطفال مشكلة أم حل؟
9
شبكة حراس
متى يعترب عمل الطفل استغاللياً؟
عند تحديد ما إذا كان يجب اعتبار عمل األطفال يف تفحص وضع األطفال سياق ّ املهم ّ معي استغالل ّياً ،من ّ املهم النظر يف مثل هذه العوامل: ومن شامل. بشكل ّ عمر الطفل ،ساعات العمل كل يوم ،مستوى اإلجهاد االجتامعي الذي ينتج عن العمل ،ظروف والنفيس البد ّين ّ ّ العمل ،مقدار األجر ،مستوى املسؤول ّية ،إن كان الطفل مداوماً يف املدرسة ،مستوى الكرامة /االعتداد بالنفس النفيس عند األطفال ،إذا كان العمل يسهم يف التط ّور ّ االجتامعي والبد ّين للطفل أو ّ يرض به. ّ التوصل إىل افرتاضات شاملة، املهم يف أيّ وضع عدم ّ من ّ وإنا التقرير بناء عىل املصلحة الفضىل ّ ّ لكل طفل عىل حدة .وللقيام بذلك ،يكون لتص ّورات الطفل نفسه وآرائه أه ّم ّية مركز ّية .وتحظى مسألة ما إذا كان عمل الطفل مينعه من االلتحاق باملدرسة ـأو يسهّل التحاقه بهاـ بأه ّم ّية كربى.
النزوح وعاملة األطفال
يش ّكل األطفال واملراهقون نصف إجام ّيل النازحني تقريباً .وعندما يقتلعون من منازلهم و ُيجربون عىل ترك أقاربهم وأصدقائهم ومحيطهم املألوف والشبكات االجتامع ّية الراسخة وراءهم .وميكن أن يواجه األطفال واملراهقون النازحون مخاطر متزايدة ألسباب متن ّوعة؛ وقد تشمل هذه املخاطر االنفصال عن األرس ،وفقدان فرصة الوصول إىل التعليم ،والحاجة إىل ّ تول مسؤول ّيات البالغني مثل العناية باإلخوة.
كام ّأن املراهقني يجدون يف الغالب ّأن الربامج التي تتعامل مع احتياجات الالجئني والنازحني تغفلهم ،وأ ّنها متيل إىل الرتكيز عىل البالغني كصانعني للقرارات أو األطفال الصغار الذين ينظر إليهم عىل أ ّنهم األكرث حاجة وعوزاً.
العدد - 79 -
باملقابل ،هناك بعض أنواع األعامل استغالل ّية دون ريب ،مثل العاملة االسرتقاقية أو العمل ّ بصحة األطفال أو رفاههم. املرض ّ
2016 / 10 / 16
يؤدّي معظم األطفال عم ًال ما يف كثري من املجتمعات، داخل املنزل أو ضمن عمل األرسة عىل سبيل املثال. ويرى الكثري ّأن ذلك العمل يسهم ـضمن حدود مع ّينةـ وبخاصة إن كان ميكن يف تط ّور األطفال وتعليمهم، ّ الجمع بني ذلك العمل والتعليم .ويف بعض األوضاع ،قد ال تستطيع األرسة تح ّمل رسوم املدرسة إ ّال إذا عمل الطفل.
املهني وصلتهام بفرص عمل الطفل تنقطع األرس النازحة عن البنى االقتصاد ّية ملجتمعها املدرسة والتدريب ّ ّّ املحل السابق ،وغالباً ما ُتحرم من الفرص االقتصاد ّية يف يف املستقبل يؤ ّثران عىل هذا القرار. املجتمع ّ املحل املضيف .ويقود انخفاض دخل كاسبي ورمبا مييل اآلباء الذين مل يتع ّلموا أو تل ّقوا القليل من األجر التقليد ّيني األرس إىل السعي إىل كسب دخل إضا ّيف التعليم إىل اإلقالل من تقدير الفرص التعليم ّية املتاحة من أعضاء آخرين .ويف الوقت نفسه ،يكون كثري من ألطفالهم .يف بعض األوضاع ،قد تكون الصورة املك ّونة وبخاصة املراهقون ،قد بلغوا س ّناً مي ّكنهم عن نوع ّية املدرسة ومالءمتها رديئة ج ّداً بحيث يعتقد األطفال، ّ ّ بدن ّياً من أداء العمل الذي يؤدّيه البالغون .ويطلب األطفال وعائالتهم عىل السواء أن تجربتهم يف العمل من العديد منهم ّ تول مسؤول ّية أكرب من أجل البقاء تع ّلمهم أكرث من الحضور إىل املدرسة. االقتصاديّ ألرستهم ،أو ُيطلب منهم العمل بدون أجر يف ّإن االفتقار إىل الوصول إىل التعليم املالئم ميكن أن يكون املنزل إلتاحة املجال ليك يعمل األعضاء اآلخرون .وغالباً عام ًال مساه ًام يف سبب عمل األطفال ،وتوفر التعليم ما تؤدّي الفتيات هذا العمل فيمضني ساعات طويلة يف يقدم اسرتاتيجية فعالة للوقاية من املشكلة وعالجها. العمل املنز ّيل ورعاية اإلخوة الصغار ،مام يؤ ّثر ايضاً عىل اسرتاتيجيات وقائية ملواجهة العمل االستغاليل قدرتهنّ عىل الحضور إىل املدرسة. ّإن تسهيل وصول األطفال إىل التعليم -مبا يف ذلك التعليم مهم يف خفض مخاطر االستغالل. ّإن الفقر واالفتقار إىل التعليم سببان شائعان لعمل األطفال ،الثانويّ واملهنيّ - ّ لكنّ ذلك ال ي ّربر التغايض عن العمل ّ املرض واالستغال ّيل .وتعليم األطفال عن حقوقهم مع األشكال املختلفة من التدريب عىل املهارات االجتامع ّية ومهارات الحياة كيف تؤ ّثر عاملة الطفل عىل األطفال؟ التوصل إىل استنتاجات مفادها ّأن يساعد الفتيان يف اتباع خيارات أفضل للحياة ويط ّور املهم تجنّب ّ من ّ ّ املهم رفع قيام األطفال بالعمل يعترب بشكل تلقايئ مشكلة يجب مهارات حامية أنفسهم من االستغالل .من ّ ّّ املحل بشأن استغالل التعامل معها .فالعمل بالنسبة لكثري من العائالت ال الوعي داخل مجتمع النازحني الجنيس .وتلعب النساء دوراً عاملة األطفال واالستغالل يش ّكل مشكلة بقدر ما يش ّكل ح ًّال ملشكلة. ّ من جهة ،قد يكون األطفال أكرث عرضة ملخاطر العمل رائداً يف النشاطات املتع ّلقة بالوقاية من االستغالل من البالغني ،أل ّنهم يف مرحلة النم ّو ولديهم احتياجات واالستجابة له. خاصة .ومن جهة أخرى ،فالعاملون ميكن أن ّإن التعامل مع احتياجات األطفال املنفصلني عن تط ّور ّية ّ يكون لديهم قدرة غري عاد ّية عىل تقدير التكاليف والديهم دون توانٍ ،من خالل تت ّبع األرسة وتأمني أشكال املع ّقدة والفوائد التي ينطوي عليها العمل .ويف محاولة الرعاية املالمئة واملحم ّية ّ (يفضل ضمن العائالت) ،أمر لتحديد ما إذا كان العمل ّ مرضاً باألطفال أم ال ،من املهم رضوريّ .باإلضافة للتشديد عىل األسباب التي تجعل ّ عدم تحديد الظروف املوضوع ّية لعملهم فحسب ،وإنا األطفال بحاجة للعمل وتوفري البدائل ذات املغزى أيضاً القيمة الذات ّية التي يعطيها األطفال أنفسهم للعمل. لألطفال والعائالت. األطفال قد يكونون مرنني ج ّداًّ ، وإن املزايا التي ميكن أن تعزّز النشاطات اإلنتاج ّية واالقتصاد ّية ملساعدة يتص ّورونها قد تفيد يف وقايتهم من بعض النتائج ّ املرضة .الفتيان يف إيجاد عمل أجزل عطاء أو أكرث مالءمة .وقد باملقابل ،يجب أ ّال تكون املرونة سبباً لعدم مواجهة تشمل هذه عنرصاً تدريب ّياً (يف إدارة األعامل مثال)ً، العمل ّ املرض واالستغال ّيل بشكل واضح. وتوفري قروض للمشاريع الصغرية ،وفرص العمل التي العمل والتعليم تتمتّع بالحامية ،وإنشاء تعاون ّيات للعمل وما إىل هنالك. ّ ّ البديهي أن من األفضل اتخاذ خطوات للوقاية من عندما تتّخذ األرس القرارات فيام يتعلق بالتخل عن من ّ ً التعليم لصالح العمل ،فإ ّنهم يوازنون أه ّم ّية كسب االستغالل بدال من التعامل مع عواقبه ،ويجب أن يصبح املزيد من الدخل يف الحارض مقابل احتامل تأمني من البديهي أيضاً أن التعليم ودعم املبادرات املجتمعية دخل أكرب يف املستقبل من خالل التعليم .لذا ّ فإن تو ّفر التعليمية حاجة إغاثية كالحاجة إىل الغذاء والدواء.
10
تجنيد األطفال في القانون الدولي اإلنساني
العدد 2016 / 10 / 27 - 79 -
لطاملا كان املدنيون يشكلون النسبة األكرب من ضحايا أي نزاع مسلح عىل كافة األصعدة ،وتأيت النساء واألطفال وكبار السن يف مقدمة املدنيني كضحايا هذه النزاعات ،وباإلضافة إىل الحامية العامة املنصوص عليها يف القانون الدويل اإلنساين ،للمدنيني أو املقاتلني، يستفيد األطفال يف النزاعات املسلحة من أحكام خاصة تقر بحالة االستضعاف واالحتياجات الخاصة لألطفال يف النزاعات املسلحة .ورغم هذه الحامية املمنوحة لألطفال ،إال أنهم معرضون بشكل خاص للخطر يف النزاعات املسلحة ،حيث يستمر تجنيدهم عىل يد القوات املسلحة والجامعات املسلحة ،بعد أن يتم فصلهم غالباً عن عائالتهم أو انتزاعهم من بيوتهم ومجتمعاتهم املحلية ،أو يتعرضون للقتل أو التشويه أو االعتداء الجنيس أو أي شكل آخر من أشكال االستغالل. ونتيجة الضغوطات ينتهي املطاف باألطفال يف الكثري من الحاالت ،إىل حمل السالح واملشاركة مشاركة فعلية يف القتال .ناهيك عن إمكانية استخدامهم لدعم القوات والجامعات املسلحة ،بحمل اإلمدادات مبا فيها الذخائر أو الجنود املصابني ،أو جمع املعلومات االستخبارية العسكرية ،حيث يتم استخدامهم كمستطلعني أو ُر ُس ًال أو طهاة أو لألغراض الجنسية أو وضع وإزالة األلغام األرضية ،أو غري ذلك .وميكن أن نضيف إىل ذلك خاصة بالنسبة للطفالت ،املعاناة من حالة االستضعاف ،فيتم استغاللهن لألغراض الجنسية كمحظيات او زوجات بشكل قرسي ،وحديثاً انترشت ظاهرة استخدام األطفال ألعامل اإلرهاب مبا يف ذلك كانتحاريني.
تعريف الطفل الجندي :
“هو أي شخص تحت سن الثامنة عرش يكون فرداً يف أي نوع من الجامعات املسلحة أو القوات املسلحة النظامية أو غري النظامية بأي صفة أو وظيفة كانت ،مبا يف ذلك الطباخني واملراسلني ،واملرافقني لهكذا جامعات، الذين تتعدى صفتهم االجتامعية كونهم أعضاء يف أرسة. ويشتمل هذا أيضاً عىل الفتيات املجندات ألهداف جنسية وزواج قرسي .فهو ،بالتايل ،ال يشري فقط إىل الطفل الذي يحمل سالحاً أو سبق له أن حمل سالحاً”. ويتم تجنيد بعض األطفال بالقوة ،وينضم أطفال آخرون إىل القوات املسلحة أو الجامعات املسلحة بدافع الفقر، ويصبح أطفال كثريون مسلحني نتيجة الظلم والتعسف وسوء املعاملة التي يتعرضون لها أو ذويهم عىل يد سلطات الحكومة.
حامية األطفال يف القانون الدويل :
سن تجنيد األطفال : متت معالجة هذا املوضوع ضمن نصوص الربوتوكولني اإلضافيني إىل اتفاقات جنيف لعام 1977املعاهدتني الدوليتني األولني ،حيث نص الربوتوكوالن عىل حظر
تجنيد األطفال دون سن الخامسة عرشة وإرشاكهم يف األعامل العدائية .واشرتط الربوتوكول األول يف حالة التجنيد العسكري لألطفال الذين بلغوا سن الخامسة عرشة ومل يبلغوا بعد الثامنة عرشة يف النزاعات الدولية املسلحة ،إعطاء األولوية ملن هم أكرب سناً. ولكن الربوتوكول االختياري لعام ،2000واملضاف التفاقية حقوق الطفل لعام ،1989رفع سن التجنيد اإلجباري إىل الثامنة عرشة ،وال يجوز للجامعات املسلحة استخدام األطفال دون سن الثامنة عرشة يف أي حال من األحوال .ومبوجب هذا الربوتوكول ،تقوم الدول األطراف التي تسمح بالتطوع يف قواتها املسلحة الوطنية دون سن الثامنة عرشة بالتمسك بالضامنات لكفالة ما ييل كحد أدىن: أ) أن يكون هذا التجنيد تطوعاً حقيقياً؛ ب) أن يتم هذا التجنيد الطوعي مبوافقة مستنرية من اآلباء أو األوصياء القانونيني لألشخاص؛ ج) أن يحصل هؤالء األشخاص عىل املعلومات الكاملة عن الواجبات التي تنطوي عليها هذه الخدمة العسكرية؛
د) أن يقدم هؤالء األشخاص دلي ًال موثوقاً به عن سنهم قبل قبولهم يف الخدمة العسكرية الوطنية. -ويستثنى رشط العمر عىل املدارس التي تديرها القوات
املسلحة يف الدول األطراف أو تقع تحت سيطرتها.
حامية األطفال األرسى
يستفيد األطفال من القواعد العامة الواردة يف القانون الدويل اإلنساين بشأن حامية األرسى ومعاملتهم، وبالنظر لصغر سنهم ،يحظون مبعاملة خاصة يف حالة االعتقال أو الوقوع يف األرس. - 1الحامية العامة لألطفال األرسى: حيث تطبق عىل األطفال اتفاقية جنيف الثالثة لعام ،1949املتعلقة مبعاملة أرسى الحرب ،التي تكفل حامية األرسى منذ لحظة وقوعهم يف األرس ،وحتى اإلفراج عنهم والعودة إىل الديار ،حيث يقع عىل عاتق الدولة الحاجزة لألرسى ،إبعادهم عن جبهات القتال وساحات املعارك ،وتأمني حاميتهم وتقديم الخدمات الرضورية لهم ،ومتكينهم من تبادل الرسائل مع ذويهم، والسامح ملندويب اللجنة الدولية للصليب األحمر بزيارتهم ،وعدم إرغامهم عىل القيام بأعامل عدائية ضد بلدهم ،أو حشدهم يف صفوف قوات الدولة الحاجزة، وحقهم الثابت يف العودة إىل أوطانهم فور انتهاء العمليات الحربية. - 2الحامية الخاصة لألطفال األرسى: بالرغم من حظر القانون الدويل اإلنساين ملشاركة األطفال يف النزاعات ،إال أن الواقع يثبت عكس ذلك، لذلك يتمتع األطفال املقاتلني األرسى باحرتام خاص، ويتمتعون بحامية خاصة كفلها لهم الربوتوكول األول،
المحامي إبراهيم القاسم حيث ينص بهذا الخصوص عىل أنه“ :إذا حدث يف حاالت استثنائية ،أن اشرتك األطفال ممن مل يبلغوا بعد سن الخامسة عرشة يف األعامل العدائية بصورة مبارشة، ووقعوا يف قبضة الخصم ،فإنهم يظلون مستفيدين من الحامية الخاصة التي تكلفها هذه املادة ،سواء أكانوا أرسى حرب أم مل يكونوا “. وينطبق عىل األطفال املجندين يف القوات املسلحة النظامية – الحكومية -أو املشاركني مع جامعات مسلحة أخرى صفة املقاتلني ،ويتمتعون بوضع أرسى الحرب القانوين إذا وقعوا يف قبضة الخصم ،فال يجب إدانة األطفال املقاتلني دون الخامسة عرشة الذين اعتقلوا ،ملجرد أنهم حملوا السالح ،وال يتحملون أية مسؤولية ،نتيجة مشاركتهم يف األعامل العدائية ،وتقع املسؤولية يف هذه الحالة وفق الربوتوكول ،عىل عاتق الطرف املشارك يف النزاع الذي جند هؤالء األطفال. ولكن الحامية العامة والخاصة القانونية لألطفال املقاتلني كأرسى الحرب ،ال مينع من تطبيق األحكام الجنائية عن املخالفات الجسيمة التي يرتكبها هؤالء األطفال ،واملخالفة ألحكام القانون الدويل اإلنساين، خاصة جرائم الحرب ،أو املخالفات التي تخل بالقانون الوطني للدولة الحاجزة ،لكن مع تقدير مسؤولياتهم حسب أعامرهم ،وعموماً تتخذ يف حقهم إجراءات تربوية ،مع إمكانية فرض عقوبات جنائية وفقاً لضامنات قضائية ،أهمها عدم تطبيق حكم اإلعدام بحق األطفال دون الثامنة عرش.
احرتام حقوق األطفال:
عىل الرغم من أن املادة 88من الربوتوكول األول نصت يف فقرتها األوىل: “يجب أن يكون األطفال موضع احرتام خاص وأن تكفل لهم الحامية ضد أي صورة من صور خدش الحياء، ويجب أن تهيء أطراف النزاع الحامية والعون للذين يحتاجون إليها ،سواء بسبب سنهم أم ألي سبب أخر”. وأن املادة الرابعة من الفقرة الثانية من الربوتوكول الثاين ،نصت عىل أنه يجب” :يجب توفري املعونة والرعاية لألطفال بالقدر الذي يحتاجون له”. ورغم التأكيد عىل هذا األمر يف االتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل يف عام 1989وملحقاتها ،والتي جعلت من حقوق الطفل حقوقاً إنسانية وعاملية ال ميكن التغايض عنها ،عىل الرغم من كل هذه النصوص القانونية التي تحمي األطفال يف النزاعات املسلحة ال يزال األطفال األبرياء ضحية من قبل الحكومات والجامعات املسلحة التي تستغل األطفال يف نزاعاتها املسلحة ،مام يجعلهم يتعرضون لخطر أكرب مام هو الحال عليه قبل إرشاكهم يف نزاعات الكبار ،حيث تؤدي مشاركتهم يف النزاع إىل آثار خطرية عىل صحتهم الجسمية والنفسية.
ٌ مدن في “عين” األمم المتحدة
11
جمال الشوفي
العدد - 79 - 2016 / 10 / 27
مقاالت
ال يخفى عىل أحد من متتبعي السياسات الدولية أن األمم املتحدة أسرية سياسات الدول الرئيسة فيها ،وأن مواثيقها الدولية واإلنسانية ليست للتطبيق يف مجتمعات ودول تعترب هامشية فيها؛ ومبعنى آخر تعترب حقول تجارب ومناطق نزاع نفوذ لها ،ويرعى كل طرف فيها أدوات هيمنته يف هذه الدول ويغذيه ،بغية تحقيق مصالحها وأمنها القومي واسرتاتيجيتها .فمنذ وضعت الحرب العاملية الثانية وزرها ،تشكلت هيئة األمم املتحدة عىل خلفية عصبة األمم املتحدة .عصبة األمم تلك ،التي رعت ونفذت سياسة الوصاية الدولية عىل دول املنطقة بني الحربني العامليتني األوىل والثانية .فهل انتهى الدور املناط مبنظمة األمم املتحدة يف الحفاظ عىل السالم العاملي واستقراره ،وانتقلت ملرحلة جديدة إلعادة رسم خارطة العامل الذي نعيشه: رشق املتوسط تحت وصاية متعددة األطراف تحت مرأى من “عينها”؟! األمم املتحدة التي وضعت يف مواثيقها وأعرافها الدولية :صيانة حق الشعوب يف تقرير مصريها وحاميتها كأولوية يف استقرار األمن والسالم العاملي ،لدرجة التدخل تحت الفصل السابع ملجلس األمن عند تهديد املدنيني يف دولة ما أو يف أي رقعة من العامل! األمن والسالم العاملي الذي دأبت كل رشائع األرض ومنظامتها الحقوقية لرتسيخها ثقافة وسلوكاً عاملياً ،بغية تجاوز عقبات وويالت الحروب ،خاصة بعد الحربني العامليتني يف مطلع القرن العرشين، هي ذاتها اليوم تقف مكتوفة األيدي “طوعاً”، ال بل وتساهم ،يف اقتالع سكان املدن السورية من جذورها مدينة تلو األخرى ،وتقف شاهدة فعلية عىل مؤرشات التغيري الدميوغرايف فيها، فهل كانت داريا واملتبقي من سكانها خطراً عىل السالم العاملي وأمنه واستقراره؟ وهل كانت قبلها حمص كذلك؟ وهل باقي املدن السورية املصطفة عىل قامئة التهجري كذلك أيضاً؟ وماذا عن حلب اليوم؟
منذ العام 2012تتالت البعثات الدولية األممية إىل سوريا؛ بدءاً من بعثة الفريق الدايب ،إىل كويف عنان فاألخرض اإلبراهيمي ،إىل ستيفان دي مستورا اليوم .وأيضاً البعثات الدولية للتحقيق يف استخدام األسلحة الكياموية، واملحظورة دولياً .وكلها دأبت “حسبام تدعي علناً” البحث والتقيص عن ّ حل سلمي سيايس يف سوريا! األمم املتحدة ذاتها التي رصحت مراراً وتكراراً عن عجزها عن تنفيذ البنود األوىل التفاق جنيف 2218والذي ضمنه قرار مجلس األمن 2245/2015الخاصة بإيصال املساعدات الغذائية والطبية واإلنسانية ،إىل املدن املحارصة منذ أعوام ،كبوادر حسن نية للتفاوض املزمع بغية إيجاد الحل السيايس القايض بتشكيل هيئة حكم انتقايل كاملة الصالحيات .األمم املتحدة ذاتها التي تراقب عن كثب نزوح وتهجري املاليني السوريني عرب قوارب املوت البحرية إىل كل شتات العامل وأرضها بحثاً عن ملجأ آمن من املوت املحتم يف سوريا. بعد جوالت التفاوض األممية الثانية يف عام ،2014رعت األمم املتحدة وتحت “مرمى نظرها” إخالء األحياء املحارصة من حمص، وكانت حينها تدّعي أن رشوط التفاوض هي ّ فك الحصار ال تهجري السكان ،وبعدها اتفاق الزبداين -الفوعة! وهي أيضاً من حاولت مترير بالس عىل -إخالء األحياء ورمبا الزالت تعمل ّالحلبية املحارصة يف اآلونة األخرية .وال تعفيها ترصيحاتها املتتالية عرب مفوضها السامي السيد دي مستورا بأنها مل ترعَ ومل تطلع عىل رشوط االتفاق إلخالء املتبقي من سكان داريا ،أو عدم استطاعتها إيصال املساعدات لحلب ،أو حامية املدنيني يف مدن أخرى كاملعضمية والهامة وقدسيا واملتبقي من حي الوعر الحميص ،بعد اتفاقات عىل خروج معارضتها املسلحة! ولرمبا مثة ما يدور يف الخفاء عن خارطة الطريق املرسومة لهذه املدن ،ومثلها بعض أحياء دمشق أيضاً ،التي رمبا يف طريقها للتهجري القرسي
وتحت “عني” األمم املتحدة .تلك العني التي ال تريد أن ترى من املشهد السوري حاجات البرش الحقيقية يف االستقرار والسالم وضامن عدم انتهاك أعراضهم ومورثوهم التاريخي املادي واالجتامعي والروحي املكثف ،يف بقعة جغرافية تسمى مدينة ،هي تاريخ وروح شعب ومسكن وحارات وسهرات وملّات ،هي عنوان ملجتمع عام اسمه سوريا وكل سوريا! هذا ليس نقداً بالعمق لهيئة األمم املتحد ًة، وال ملعايريها املزدوجة ،وال لسياسات الغرف املقفلة ،لكنه تساؤل علني يؤرق يومنا :هل استنفدت هيئة األمم املتحدة وسائلها وأهدافها األوىل ،وانتقلت ملرحلة جديدة ولرمبا تسمية جديدة ستفصح عن نفسها قريباً؟ فكل من عصبة األمم وهيئة األمم تشكلت عقب حرب عاملية كربى ،فهل الحرب السورية حرب عاملية تتسرت قواها العظمى خلف الستارة لتفتح هيئة األمم املتحدة ومنظامتها عيناً وتغمض أخرى عن واقع ودمار املدن السورية املدينة تلو األخرى؟ وهل سننتقل قريباً إىل منوذج الوصاية املشرتكة عىل أرض وواقع وحطام املدن السورية ،ونصحو عىل مسمى جديد ،لالتحاد الدويل املتناقض هوي ًة واملتفق مصلح ًة عىل الدمار السوري وتغيري دميوغرافيته ووأد الربيع العريب فيها؟ ً ستبقى املدن السورية املنكوبة مخرزا يف عني كل الهيئات واملنظامت الدولية ،فإن املدن وإن هجرناها تبقى هي التي تسكننا ،فلم تكن املرة األوىل التي تدمر بها املدن السورية يف التاريخ، ومع هذا عصيت عن الفناء .هي مدن عىل قارعة األمم اليوم ،وشعب ما تبقى له عىل الصرب سوى حلم وا ٍه يف السامء ،أو قرب بسعة مرتين من األرض فقط! من حلمه الوردي يبني مدينة يف عامل أرجواين مغاير ،ومن موته املعلن يبني مدينة لألشباح، وبينهام يحاول البقية منا الحفاظ عىل ترشده حتى ال نختار إحداها عنوة..
12
النسوية والكتابة ّ الرغبوية والتنظير والواقع ّ يارا بدر
العدد 2016 / 10 / 27 - 79 -
نرشت الروائ ّية اإلنكليزية “فرجيينا وولف” مقالها النقدي الطويل “غرفة املرء الخاصةA Room of - ”One’s Ownبتاريخ 24أكتوبر ،1929وحاولت فيه التط ّرق إىل سؤال “الكتابة والنسو ّية” مبستوياته ا ُملتعدّدة .عنونت مقالها بأول النقط وأكرثها أساس ّية أي “الغرفة الخاصة” التي تحتاجها املرأة /الكاتبة للقيام بعملها ,تحتاج مساحتها الخاصة ذات الرشط الزماين واملكاين املالئم ,وهو أمر لطاملا ُحرمت منه النساء ,املسحوقات تحت وطأة أدوار منط ّية تشغل وقتهنّ وحياتهنّ أ ّولها العناية الال ُمنته ّية بالزوج والبيت واألطفال ,وهي عناية نفس ّية وصح ّية ومعنو ّية ومادية, ويف زمننا املعارص أضيف املعنى النقدي لكلمة “عناية مادية” ,حيث أصبح مطلوباً من املرأة /الزوجة واألم املشاركة يف أعباء املنزل وتكاليف الحياة املالية. أشارت “وولف” كذلك إىل القيود اإلجتامعية املفروضة سلفاً عىل املرأة وا ُملثقلة بوزنها التاريخي ويف بعض األحيان األسطوري أو ا ُملنتج من الخيال والثقافة الجمع ّيني ,حيث ّأن الخيال أ ّول منافذنا إىل التح ّرر عملت السلطات البطرك ّية مبختلف أشكالها عىل قمع املرأة ومنعها من الحلم ومن الخيال ومن التفكري ولعقود طويلة ويف مختلف دول العامل ُمنعت املرأة من التعليم كام من االختيار وسواهام من أبسط الحقوق اإلنسان ّية األساس ّية. ّ عاملنا العريب من أشد بقاع األرض ظلمة بحق املرأة إىل يومنا هذا ,رغم املحاوالت التنوير ّية الشحيحة التي ظهرت يف نهاية القرن التاسع عرش وبداية القرن العرشين مع مفكرين من طراز “قاسم أمني 1863- 1908م” الذي وضع مؤ ّلفي “تحرير املرأة ”1899 - و”املرأة الجديدة .”1901 -إ ّال ّأن االنتكاسة التي د ّمرت مرشق املنطقة العربية باستالم الديكتاتوريات لحكم البالد بعد نيل دوله االستقالل بزمن قصري جداً أ ّتت كذلك عىل كل يشء ,كالنار التهمت األخرض واليابس وح ّولته رماداً ,قضت عىل الح ّريات العامة والصحف وحر ّية الفكر والطباعة والنرش وحر ّية التج ّمع واالعتقاد والنقاش والفنون وحقوق املرأة ,ومسختها إىل شكل عبثي سخيف. ظاه ّري ّ كان وضع املرأة الحقيقي من األمور التي احتجنا يف سوريا ومرص واليمن إىل ثورة حقيقة وإىل دماء كثرية لتوضع تحت املجهر ُمجدداً ,وعىل الرغم من جميع الكوارث عىل املستوى اإلنساين والثمن الباهظ إ ّال ّأن استطالة أمد الرصاع سمحت لنا بكشف ما هو أبعد من مج ّرد األساس ّيات ,فعىل مستوى الكتابة عن قضية املرأة وجدنا أنفسنا نعيد طرح سؤال “وولف” بعد قرابة مئة
عام من طرحها له .فام هي الكتابة عن “قضايا املرأة”؟ منصة للقول؟ هل يكفي توفري ّ نب بالقول ,وهنّ وفق إذ لطاملا اعتقدنا ّأن النساء يرغ ّ موروثنا الجمعي الشفهي املتوارث أكرث قوالً من الرجال :,هنّ “الرثثارات” وهنّ “كثريات الكالم” وهنّ “الجدات قاصات الحكايا” وهنّ “شهرزاد”ّ , وأن أحد أكرث أوجه املشكل أصالة هو يف امتالك الرجل غالباً وتاريخياً ملنصة “القول” وأدواته .فهل علينا السعي لتوفري منصة لكل امرأة تريد القول ,بكل مت ّيز جندريّ سلبي بحق الرجل ,ليس ألهم ّية وخصوص ّية ما تقول بل ومن حيث منطلق أ ّنها امرأة ,ولو كان ما تقوله معادياً للنسو ّية ولقضايا املرأة. هل يكفي اإلميان ّ بأن التجربة واملامرسة سوف تتط ّور كل هذا الكم؟ قد يكون هذا صحيحاً لت ّولد نوعاً من ّ أوجهه ,لكن ال ميكن الركون إليه وحدهّ ,مام يف أحد ّ يقودنا إىل املالحظة الثانية حول الكتابة النسو ّية ,والتي هي متاماً ما ذكرت “وولف” ,إذ وبحكم ظروف املهجر تعيش نساء كثريات كاتبات ومفكرات من مردود عملهنّ الكتايب فقط ,لكن وكام أشارت الزميلة “رشا عمران” يف مقالها يف هذا القسم ّ فإن الكاتبة هنا ُمج ّردة غالباً من أي مساحة خاصة بها ,وهي متارس كتابتها مبكانيك ّية فرضتها الحاجة قبل الرغبة ,أ ّما القسم اآلخر الذي استسلم لرشوط اللجوء ومعضلة تع ّلم اللغة األجنبية الغريبة كخطوة أ ّول ّية ال مف ّر منها وال بديل عنها لبدء حياة جديدة ,فقد تح ّولت رغبتها بالكتابة إىل ترف ثقايف وشخيص ,يصعب االعتامد عليه كأحد عنارص ماكينة اإلنتاج ,وإن اكتسب برشطه الرتّيف مت ّيزاً تتيحه الكتابة وفق الرغبة ويتيحه الوقت ا ُملعطى لتجربة الكتابة هذه. أ ّما إن نظرنا إىل مضمون القول ,إىل اللغة والفكرة, فغالباً ما نجد أنفسنا ُنساق إىل تفضيل الخربة الذكورية التي أنتجها تاريخ طويل من مامرسة القراءة والكتابة والتفكري والعمل اإلعالمي واألديب والفني ,تاريخ ك ّونته عوامل متعددّة منها عىل سبيل املثال ال الحرص ّأن عدد الرجال الحاصلني عىل تعليم عال والذين مارسوا الكتابة الصحفية أو اإلبداعية أو املرتبطني باهتاممات ثقافية هو أكرب من عدد النساء يف مجتمعاتنا البطرك ّية هذه. هنا أضع مالحظة عىل الهامش ,وليس أكرث من مالحظة ّأن النصوص التي ّ نحت إىل مناقشة األفكار خطها رجال َ العريضة واملبادئ األساس ّية تاريخياً أو قانونياً أو ثقافياً املرتبطة باملرأة وقضايا الجندر ،وإن هذه الكتابة تتم ّيز يف كثري من األحيان مبستواها اللغوي ومستوى طرح األفكار وجرأة النقاش .يف حني نجد ّأن كتابات النساء
وإن وضعت ذات األفكار تحت الدراسة مثل وضع املرأة يف قوانني األحوال الشخص ّية أو النساء وأوضاعهنّ يف املهجر ,مت ّيزت ككتابة ولغة بلغتها الواقع ّية وتفاصيلها اليوم ّية ,هي لغة بسيطة ومبارشة وأقل ثق ًال بكثري ,تشبهنا أكرث كام نحن ,وحتى كام نستخدم لغتنا العربية ,بفصاحة أقل ,وكثافة أقل. النقطة الثالثة التي أ ّود اإلشارة إليها تبتعد عن املستوى الجندري إىل املستوى املهني ,فغالباً ما نجد يف معظم كتاباتنا الصحف ّية ا ُملنتجة عرب عقود غياباً كلياًّ لثقافة مؤسسة “حزب البعث” يف األرقام ,وهذا ما ع ّلمتنا إياه ّ مختلف نواحي حياتنا ودراستنا وعملنا .نصوص إعالمنا تعلو فيها معظم األوقات شعر ّية النص وكأنها تصبو ّ نصاً نرث ّياً ومل تجد مدخ ًال للنرش سوى باب ألن تكون ّ الصحافة واإلعالم ,هذه الخاص ّية املرتبطة باألرقام ال تيش فقط بااللتباس بني مفهوم الكتابة ومفهوم العمل الصحفي ,بل باالضطراب بني مفهوم املقال والتحقيق والتحقيق االستقصايئ ,األمر املؤسف حقيقة بعد ست سنوات اغتنى سوريون ُكرث -نظر ّياً عىل األقل -بدورات متعدّدة لتطوير مهاراتهم يف الحقل اإلعالمي. ُيضاف إىل هذا وعىل مستوى املهن ّية النقطة املتع ّلقة بالجدّية بالعمل ,باملثابرة ,واملامرسة كام أشارت لها الزميلة “عمران” ,األمر الذي ُيع ّلمنا إياه العمل يف صحيفة يوم ّية ,إذ ّأن ُكرثاً ,رجاالً ونسا ًء ,يرغبون بالكتابة والنرش ,ونسمع هذه الرغبة من معارفنا واألصدقاء رمبا بشكل متك ّرر ولو م ّرة يف األسبوعُ .كرث يبحثون عن سبيل لتأمني دخل إضايف وسط فوىض الحرب والتهجري واللجوء ,لكن حني تدق الكتابة باب أحدهم يأيت الجواب ُمج ّل ًال برفاهية شخص ّية للغالب ّية ,وتصطدم الكتابة بجدار من أجوبة مثل :سوف أجهّز شيئاً الحقاً لكن اليوم ال أستطيع ,أنا متعب وبحاجة للراحة, وهلم ج ّرا ..يف حني ّأن أحد أرسار الكتابة وغوايتها حني تتح ّول إىل مامرسة يوم ّية رس ّية أو علن ّية لكنها مع الوقت تغدو جزءاً من شخصيتنا وهويتنا ,وكل تج ّربة, ّ كل كتابة ولو منقوصة ,ولو غري ُمعلنة ,ال تقل أهم ّية, ً ً أو إبهارا ,او تشويقا عن نظريتها املنشورة كام روايات الجدّات وحكاياهنّ التي صاغت موروثاً ُمتخ ّي ًال ثقافياً ألجيال بأكلمها يف مختلف بالد العامل ،لكن الكتابة هي السجل الذي يقاوم الزمن من النسيان ،واليوم نطمح ألن نتدّرب أكرث عىل القول كنساء ,وعىل توثيق هذا ثم إعادة قراءته ومحاكمته ،فقد يكون يف القول ،ومن ّ ُ الخيال ا ُملغلق خلف أسوار املمنوع واملح ّرم من الرحابة ما يكفي لبناء مستقبل أفضل.
النساء في وسائل اإلعالم السورية الناشئة تحليل نقدي للخطاب روال أسد
الكثرية املتعلقة بتصوير النساء يف وسائل اإلعالم ،هناك دليل عىل الجهود املبذولة لتحدي الصورة النمطية للنساء ،وهناك اتجاه صغري ،لكنه مهم ،لتغطية تجارب النساء وقصص نجاحهن .ويبدو أيضاً ّأن هناك عالمات إيجابية عىل أن بعض وسائل اإلعالم الناشئة متلك فه ًام جيداً للتحيزات الجندرية ض ّد النساء ،ويبقى السؤال متى سترتجم هذه النوايا الطيبة إىل أفعال وكيف. وقد لوحظ ّأن حجم تغطية املواضيع الخاصة بقضايا النساء صغري (بالكاد يبلغ 200مقالة يف السنة يف أفضل الحاالت) ،وتزداد هذه التغطية يف مناسبات معينة مثل يوم املرأة وعيد األم ،لكنها تعود إىل النسيان من جديد بعدها ،ويبدو أن القرارات املتعلقة بهذه التغطية هي، عىل األغلب ،قرارات مخصصة ملناسبة معينة وبحسب الظروف عىل األرض .وكان معظم القامئني عىل اتخاذ القرارات رجال ،وإليهم يرجع قرار التغطية. تلعب األيديولوجيات السائدة يف كيفية تقديم النساء، ويف الحالة اإلعالمية السورية الناشئة يبدو من الصعب تحديد املواقف اإليديولوجية لتلك الوسائل ،إذ غالباً ما تبدو الخطوط بينها غري واضحة ،حيث إن عدداً منها مايزال يف مرحلة جنينية ،وال ميتلك هوية واضحة. واالتجاهان األيديولوجيان العامان اللذان لوحظ أنهام يؤثران يف تصوير النساء هام :األيديولوجيا الليربالية/ العلامنية ،واأليديولوجيا الدينية .وغالباً ما تتشابك الخطابات القومية والبطريركية مع كل منهام. كذلك أظهر االتجاهان افرتاضات متشابهة حول النساء تعتمد ،عىل األغلب ،عىل املواقف االجتامعية ومواقف الكتّاب من مساواة النساء بالرجال .وتنطوي املواقف الشائعة عىل :نقص اإلميان بقدرات النساء ،والقناعة
ّ بأن النساء تابعات للرجال ،والتفكري بأ ّنه من املمكن استخدام النساء بوصفهنّ أداة مفيدة لزيادة التعاطف يف حال ُص ّ ورن عىل أنهنّ ضحايا. اليقف تحليل الخطاب اإلعالمي اليوم عند حدود النص؛ فاألدوات األخرى املرافقة كالفيديو والتصوير الفوتوغرايف تلعب دوراً كبري يف رسم منط معني يف أذهان تبي وجود نقص يف الجمهور حول قضية معينة .وقد ّ وسائل اإلعالم الناشئة من حيث االستخدام الفعال للغة البرصية .والتفسريات املمكنة لذلك قد تكون التصورات الخاطئة حول وظيفة الصور املرفقة بالنص ،أو نقص التمويل املستهدف .فقد بالغت الصور املستخدمة يف وسائل اإلعالم الناشئة عموماً يف تصوير النساء الالجئات كضعيفات وفقريات ومنكرسات ،مقدمة بذلك صورة منطية محدّدة عن النساء السوريات ،وبالتايل هناك حاجة ألن يويل منتجو وسائل اإلعالم الناشئة ومحرروها مزيداً من االهتامم بالسياق ،وأن ينتقوا الصور األكرث مالءمة له .كام ّأن هناك حاجة أيضاً ألن يكتسب العاملون يف وسائل اإلعالم الناشئة واملكلفون بانتقاء الصور مزيداً من املعرفة والخربة يف هذا املجال. كل هذا الينكر الجهد الذي تبديه وسائل اإلعالم السورية الناشئة يف إنشاء موجة جديدة من إعالم ثوري وح ّر ،مع إيالء أهمية خاصة لقضايا الحقوق والحريات ،إ ّال أنها تعمل يف سياق معقد وصعب وغري آمن سواء داخل سوريا أو خارجها ،وسواء كانت قادرة عىل التحكم يف تأثري السياق الخارجي أم ال ..ويف حني كانت قادرة عىل التأثري يف إنتاج الخطاب الخاص بها، فإن القضية الكربى تكمن يف فشل الخطاب يف تحدي املظامل البنيوية.
العدد 2016 / 10 / 27 - 79 -
لفهم السياق السوري فيام يتعلق باملساواة بني الجنسني وتصوير النساء يف وسائل اإلعالم بشكل خاص، البد من النظر وفهم تاريخ وسائل اإلعالم يف سوريا قبل ثورة ،٢٠١١عىل مدى مايزيد عن خمسة عقود، كان قطاع اإلعالم يف سوريا محتكراً ومملوكاً من قبل نظام حكم تسلطي ،وكان خطابه مك ّرساً لخدمة حكم الحزب الواحد ،حزب البعث ،وعىل الرغم من ّأن العقد األخري شهد بعض االنفتاح لكن اإلعالم بقي خاضعاً لذلك النظام وبشدة .تج ّلت نتائج التسلط يف التعامل مع قضايا النساء عىل أنها مواضيع ثانوية كغريها من املواضيع املتعلقة بالحقوق والحريات والتنوع القومي واإلثنّي يف سوريا ،وعند تغطية هذه املواضيع من قبل اإلعالم كانت الصور النمط ّية للنساء هي السائدة ،وقد عنى ذلك حرص النساء بعدد محدود من املواضيع ،مثل الصحة اإلنجاب ّية قضايا العائلة ،الصحة وبشكل خاص ّ وقضايا الجامل عىل منط “لك فقط سيديت”. من جهة ثانية ،ساهم السياق السوري الحايل يف إبراز القضايا ال ُبنيو ّية املرتبطة بالحقوق والعدالة واملساواة بني الجنسني ،وأث ّر صعود الجامعات املسلحة واستبدادها يف محتوى ونطاق تغطية وسائل اإلعالم الناشئة بعد ،2011واملطبوعة منها عىل وجه الخصوص. حتى املجموعات املسامة “معتدلة” هي أيضاً استبدادية عندما يتعلق األمر بالنساء ،فهي عىل سبيل املثال ،تح ّد من عمل الصحفيات عرب منع حركتهن ما مل يكنّ برفقة ذكر محرم ،كام تراقب الكثري من هذه الجامعات وسائل اإلعالم الناشئة عىل األرض ،وال سيام ما يتعلق من عملها بتغطية قضايا النساء .وهذا أكده 20%من وسائل اإلعالم الناشئة املشمولة بالبحث الذي أجرته “شبكة الصحفيات السوريات” لعام ،2016أي أنها ال تستطيع نرش مواضيع معينة حول النساء إ ّال عرب املواقع اإللكرتونية بسبب تلك الرقابة ،يف حني يلتزم عدد من تلك الوسائل نوعاً من الرقابة الذاتية مقدماً. يف حني يبدو ّأن الحديث عن النساء وحقوقهن وحتى تم التطرق له كثرياً ،إال ّأن النظر تصويرهن موضوعاً قد ّ لكيفية تعاطي اإلعالم مع هذه القضايا مي ّر عرب مراحل متعددة ،ليس فقط عىل صعيد املحتوى وفهم السياق العامّ ، وإنا أيضاً عىل صعيد عمليات اإلنتاج ،والتي تؤثر يف تصوير النساء بدءاً من اختيار املوضوع ،ويتجىل ذلك يف تغطية مواضيع تتمركز عىل العنف وإظهار النساء عىل أنهنّ ضحايا .وعىل الرغم من القيود والنواقص
13
14
المرأة في مؤسســات الثورة بين التمكيــن والتنميط نصار أسامة ّ
العدد 2016 / 10 / 27 - 79 -
قال :الزالت صورتها يف عيني ..تقف يف شارع القوتيل معرتضة الباص املحشو باملعتقلني.. رصخت بهم“ :ال أتزحزح حتى ينزل كل الشباب”. ثم مل تتزحزح حتى كان لها ذلك. مل تكن صفقة تبادل أرسى ،وال وجدت وساطات من منظامت ودول وكواكب أخرى ..كانت أم عامد وحدها تقف قبالة ضباط وشبيحة مسعورين، أنهوا لت ّوهم قمع إحدى مظاهرات دوما املبكرة.. استخدموا كعادتهم الرصاص الحي وقنابل الغاز، وكانوا يه ّمون مبغادرة املدينة ،مع باص ملؤوه مبتظاهرين شباب هتفوا للحرية والكرامة. أقسم أحد الحارضين“ :نفس املشهد صار بامليدان،عند جامع الد ّقاق ..نفسه نفسه!”. جميع من يف السهرة اتفقوا أن الحادث تك ّرر بالفعل أكرث من مرة؛ يف دوما ويف غريها ،ومع أم عامد ومع غريها .واتفقوا أيضاً بوصف األخرية“ :ال ّ متل ،وال تتعب”! لكن أحدهم ع ّقب“ :بدك تفهم هالحيك اليوم لصبيان املكاتب األمنية ليرتكوها بحالها”! الكالم أدناه ليس يف سياق دعوة (فمنست) تغريبية ،لعلك موضوع تحرير املرأة وحقوق النساء يف السياسة ،أو الستحضار معارك افرتاضية عن تويل املرأة رئاسة الدولة (أي دولة؟) أو خطابة الجمعة يف الحرم ّ املك! ..وليس أيضاً للتغنّى بنون النسوة والتاء املربوطة ،فيام ال تزال كل أبجديتنا مصادرة.. ال ننشد هنا شيئاً أبعد من ّ الكف عن إقصاء النساء عن أماكن وجودهن الطبيعية .وخاصة يف حال وجدن بالفعل .فال تخلو مدينة أو قرية أو بلدة من “أم عامد” ومن نشاط نسوي مهام كان صغرياً أو كبرياً؛ منظ ًام أو فرادى ومثاين. يف مؤسسات ما بعد الثورة ،ال زالت معظم طروحات عمل املرأة تتالزم مع أفكار مثل الخياطة وشغل الصوف والكوافري ..ومؤخراً -وهذا رمبا هو األكرث إسهاماً يف التنميط( -مكتب املرأة)! ويختلف تعريف مكاتب املرأة هذه ووظيفتها من مؤسسة إىل أخرى؛ لكن ميكن إجاملها بأنها تعمل يخص املرأة ،وال تعمل مبا تفرتض مبا تفرتض أنه ّ
يخص املرأة؛ فالرتبية واحتياجات األطفال أنه ال ّ وزوجات الشهداء واملعتقلني والتوعية عن النظافة والصحة العامة يف البيت، وصحة األوالد ّ والغسيل ّ أمور تخص املرأة .املحاسبة وإدارة املشاريع واإلعالم والتواصل والعالقات العامة أمور تقترص عىل مكاتب الرجال! تداوم مؤسسات املناطق املحررة عىل الشكوى من هجرة الكفاءات ،نحو السالح أو خارج البلد، وقلي ًال ما يطرح وجود نساء مؤهالت (أو ممكن تأهيلهنّ ) لس ّد الحاجة .رغم أنه وبحسب إحصاء للبنك الدويل ،فإن النسبة املئوية لإلناث إىل الذكور يف االلتحاق بالتعليم العايل يف سوريا :يف 2011كانت 0.99بينام يف 2012صارت ،1.04وال تحديثات منشورة عندهم عن السنوات الالحقة، لكن املتوقع أن ظروف البلد تؤدي لزيادة نسبة اإلناث يف التعليم العايل عىل حساب الذكور. والنسبتان أعىل من نظريتيهام يف دول متقدمة علمياً مثل أملانيا وتركيا. مشاهدات ذات صلة ،معظمها من الغوطة الرشقية: يف الغوطة الرشقية ،ال يوجد متثيل للمرأة يف جميع املجالس املحلية ،باستثناء املجلس املحيل لدوما؛ حيث ُو ِجد (مكتب املرأة) ضمن مكاتب املجلس. والحقاً أنشئ مكتب بنفس االسم يف مجلس محافظة ريف دمشق. يف انتخابات املجالس املحلية ال تشارك النساء ال يف ّ الرتشح وال يف االنتخاب (متنع إن أرادت يف بعض الحاالت) ،لكن ال ب ّد هنا من تسجيل سابقة للمجلس املحيل يف زملكا؛ حيث ّ نظمت انتخابات عامة مبشاركة جميع الراشدين من الس ّكان مبن فيهم النساء ،ويذكر أيضاً أن النظام استهدف مركز االنتخاب الخاص بالنساء بالقصف. بعض مرشوعات متكني املرأة انتهت باملحاكم الرشعية أو غري الرشعية ،أو بفضائح فساد وسوء أمانة وغريها ..ناهيك عن خناقات نسوان مقيتة عىل طريقة كناين باب الحارة املقيت! وهذا باملناسبة يحدث يف مرشوعات نسوية وغري نسوية، لكن ملا يتع ّلق األمر باملرأة ،فمثل هذه البهدلة
تهدي مستنقعاً من املاء العكر لصيادين ذكوريني: “هاد ييل بيشتغل مع النسوان ..قلنا مكانها البيت ..املرا بنص عقل ..إن كيدهنّ عظيم.”.. يف مؤسسات فاعلة يف الغوطة الرشقية ،ال تشارك النساء يف االنتخابات( ،يف حال وجدت نساء أو يصح ذلك عىل كل من وجدت انتخابات أص ًال) ّ الصحة ،واملكتب الطبي مديرية الرتبية ومديرية ّ املوحد ،واملكتب اإلغايث املوحد ،ومكتب الخدمات ّ ّ املوحد ،ورابطة إعالميي الغوطة الرشقية.. ّ الهيئة العامة يف الغوطة الرشقية ،وهي أكرب تجمع للمؤسسات املدنية ،أيضاً ال يوجد يف مجلسها التأسييس ويف توسعتها وال امرأة من أصل أكرث من 200عضو .والزالت تسعى من خالل مرشوع “الرتميم” لخلق “كوتا” للنساء. أحد أهم املحاوالت (األكادميية) للتعليم العايل البديل يف الغوطة الرشقية ال تستهدف اإلناث من الطلبة ،وال يوجد يف كوادرها التدريسية واإلدارية أي امرأة .ويع ّلل القامئون عليها ذلك بأن “املرشوع يف بدايته ويعاين من نقص الكوادر التدريسية و-طبعاً -عجز يف التمويل ،وهناك خطة لتوسيع العمل ليضم قس ًام لإلناث” ،لكن األكادميية بعد نجاح سنتها الدراسية األوىل ،توسعت يف السنة الثانية بإضافة أقسام أخرى أيضاً تقترص عىل الذكور. تتعرض بعض املؤسسات ملضايقات من (املكاتب األمنية) يف مناطقها ملجرد كون القامئات عليها تخص املرأة. نساء ،أو أنها تنشط يف مجاالت ّ ال تزال ثقافتنا املحافظة ذريعة تجهيل ومتييز سلبي ض ّد املرأة ،ونقول (ذريعة) ألن معظم حاالت إقصاء املرأة وقهرها ال عالقة لها بالثقافة أو باإلسالم أو حتى بالتقاليد املحافظة .بل إن الثقافة املحافظة نفسها تقتيض متكيناً ومزيداً من مشاركة املرأة الحقيقية يف مختلف مجاالت العمل .يف مجزرة الكياموي مث ًال ،أدى عدم وجود مسعفات وكوادر نسائية ميدانية يف الدفاع املدين ويف النقاط الطبية إىل زيادة يف عدد الضحايا من النساء؛ فكل املسعفني من الشباب ،وغارات الكياموي كانت بعد منتصف الليل يف ع ّز الصيف والح ّر ،فحال
السرية خلف باب الغرفة ّ شيء ما ضاع إلى األبد بشرى البشوات
يستمر طرح مشاركة املرأة يف الحياة العامة والعمل املدين عىل أنه (إقحام) تكمييل ،كإكسسوار، أو من أجل تقوية “الربوفايل”، أو ألنه أفضل الستقبال التمويل.. لتبدأ أكرث املرشوعات بالرجال ثم لتضم بعض النساء تتوسع ّ ميكن أن ّ ضمن هوامش أو زوايا محدودة ومقيدة تس ّمى مبسميات مختلفة منها (مكتب املرأة) أو لجنة املرأة أو مكتب األرسة أو التوسعة أو حتى (السدّة)
ذكره باعرتاف رصيح ،فمثلام ال ميكننا رؤية اإلله دون أن منوت ،كذلك ال ميكننا أن نواجه حيوانية اإلنسان دون رؤية الفزع”. ّ رسه ال ينظر البرش إال إىل ما ال ميكنهم رؤيته ،وال أحد ميلك ّ الخاص قط ،تلك هي غلطة “نرسيس” يف نص “أوفيد”: (يجب أن ال تعرف نفسك ،كل ما ينتزعك من نفسك الرس ونشوتك) .وهنا نتذكر ّأن ّ رس ،ال ميكنك التمي ّيز بني ّ اخرتاع “الرتاجيديا الديونيزية” واخرتاع “البورنوغرافيا” واللوحات التي سميت “ ”libidinesيعود إىل اإلغريق، وتنازع الرومان واليهود أ ّيهام األسبق يف اخرتاع الرسوال الذي غطى األعضاء الجنسية. ً عب باباً ضيقا نحو غرفة رسية تعود وحده الحلم من َي ِ بنا إىل الرحم .وحده الحلم يف الليل الذي يغرق فيه كل يوم ،كل البرش ،يكشف جزءاً من هذا العامل الذي تدير له اللغة ظهرها .وحده الفن ،حني يطلع النهار ،يقرتب من حافة الفيض ،وحدهم العشاق حني يخلعون عنهم كل ما يرسقهم من عريهم ،يقرتبون من أرض الرغبة ،هنا تصنع دارة من الجالل والجامل .يف لوحة “عزبة األرسار” الرومانية ّمثة بيت ريفي له نافذة ّ تطل عىل األشجار ،يفتح بابه عىل سلة تقبع فيام وراء الظل ،يف الس ّلة كان الفاتن بالرس ,ليس الفاتن هو الجميل بل هو األجمل وقد ُمج ّل ًال ّ تج ّلل بالفزع. بحسب “باسكال كينيار” وحده الفن يستطيع أن ُيعيد يف شباكه بقايا من تلك املشاهد التي تعود إىل العامل األخر للعامل .إننا نرى ،دوماً ،شيئاً ضائعاً ُيعطي معنى ملا هو باق ،معنى نتأوله يف الحلم والفن ،عود أبدي إىل أول زمان وأول مكان ،سبحت فيهام ذرة املاء تلك .نتأ ّول ّ وكل تأ ّول هذيانّ ، ألن شيئاً ما ضاع إىل األبد
العدد 2016 / 10 / 27 - 79 -
خجل املسعفني أو غرية أهايل النساء املصابات أو حتى املصابات أنفسهن ..دون إسعافهن. ليست كل األمثلة سلبية ومخ ّيبة؛ فهناك نشاط نسوي -أو تشارك فيه نساء بفاعلية -معترب مثل تجربة مراكز النساء اآلن ،نساء الغوطة ،مركز نور لكرس الحصار، مؤسسة يد واحدة ،منظمة أسس، شبكة ح ّراس ..ومؤسسات وتجارب فردية أخرى تش ّكل قصص نجاح نسايئ مهمة ومحرتمة. نتابع: أحد املؤسسات املذكورة سبقت زمنياً -كل املبادرات يف منطقتها،فكانت أول مؤسسة عاملة يف مدينتها ،وكان السكان يراجعونها للسؤال عن أمور ليست من اختصاصها ملجرد أنها (الجهة) الوحيدة يف املدينة. توجد سيدتان يف مجلس محافظة ريف دمشق متثالن منطقتني فيه، وقد وصلت إحداهام للمكتب التنفيذي ملجلس املحافظة.
مل يكن يف وسع ذرة املاء ،تلك الحاملة تكويني، أن تفهم اآليت من تاريخها أو املايض .مل تفهم أنها بالذات معنى التاريخ ،وأنني وأ ّنك أيها اإلنسان لسنا سوى تنويعة بحث أليم ،بحث مسكون بالفزع عن مكانها وزمانها الخاصني، وسيبقى ذلك الطفل الثاوي يف قاعنا باحثاً عن الرس العظيم ،كامناً فيام وراء باب ما ،يسرتق ّ النظر لريى الذي ضاع إىل األبد ،والذي ضاع كان سفر تكوين وخروج عظيمني (دخول ذرة املاء ثم املكوث ثم الخروج من الرحم)، تس ّلسل كاريث للقدر(الذي لن أراه) سيختزن املجهول حتى آخر املسافات. معه سأكون (حام) امللعون ،وسيحمل تاريخي ،جنباً إىل جنب ،عورة أمي وأيب التي ُ ستنقش عورة ال يف الجس ِد ،بل يف الروح. سيكون تاريخي تاريخ العورة ،وحلمي عوداً أبدياً عىل مكانها وزمانها األصليني .لن تكون اللغة والعقل سوى متو ّيه وحجب ،كل ما فعلته البرشية يف لحظتها الرومانية (التي أقصت فرح اإلغريق) وما بعدها ،أنها غطت عورة املصلوب بفائض الخيبة ،وأنتجت الفن ع ّلها تستعيد تلك اللحظة األصلية. كان “غورجياس” أول من تأ ّمل يف اللغة، كقابلية َترمي إىل بناء حقيقة ذاتية ُمستقلة يف داخل الواقع الحقيقي عىل ما يذكر “باسكال كينيار”ّ .مثة مكان يعرف ُه كل إنسان دون أن يعرفه أي أحد ،رحم األم ،ولكل إنسانٍ زمانٍ ومكانٍ ممنوعان ،هام زمان ومكان الرغبة املطلقة ،تلك التي مل تكن رغبتنا ،رغم أنها أم رغبتنا. تتوسد روحنا يوتوبيا شخص ّية وأخرى دوماً ّ تاريخ ّية ،دوماً كان هناك زمن للرس .يف الس ّلة ا ُملقدّسة هناك يشء مفارق يف الزمان واملكان، َيفنت أبناءه ويتوارى خلف ظالل اللغة ،هنالك دوماً ،خلف باب الغرفة الرسية طفل ُيصغي ليسمع صوت اليشء الذي ال يراه ،ومثلام يكمن الرسام خلف اللوحة يكمن مشهد خلف خطاب اللغة ،يقول أرنست رينان “ هناك يشء ُمهم يف مايض البرش ال نستطيع
15
16
حيًا مازال ّ مريم الح ّ الق
العدد 2016 / 10 / 27 - 79 -
تقارير
تر ّوض نفسك عىل قبول الواقع؛ ّأن ابنك قد استشهد يف املعتقل! و ُتوهم من حولك بأ ّنك تأقلمت مع غيابه ،عىل الرغم من قسوة ذلك .وتعيش حياتك العادية أو ما ُيشبهها ،تخرج ،تتحدّث ،تساير يف “لعب الورق” وطاولة الزهر .تضحك وتسمع صوت ضحكتك الجوفاء ،فتستغرب الصوت“ :كم من الزمن مل تضحك ضحكة صافية صادقة؟! والجميع يحسبك تأقلمت”!! ً ً وفجأة يظهر أحدهم قائال“ :مازال ح ّيا!” ،وتعود اآلالم واألشجان واألحزان لتظهر عىل سطح ما كنت تخبئه وتخفيه ،تحاول التامسك واستخدام العقل، فيخونك كل ذلك .تصبح ضعيفاً ّ هشاً أمام أيّ كلم ٍة عيني وفم الكبري أو الصغري. تسمعها أو تبرصها يف ّ ً ويبدأ األمل الذي مل تفقده يوما بالنمو والتش ّعب يف جميع خاليا جسدك؛ يف تفاصيل دقات قلبك، واآلهات التي يصدرها تنفسك ،وتغرقك األسئلة: هل ستلمح وج ّهه الجميل مر ًة أخرى؟ هل ستضمه بني ذراعيك ثاني ًة؟ هل ستجلسان يف الصباح وترتشف قهوتك بينام هو يرشب كأس الحليب ممزوجاً بالنسكافيه ،وتتحدثان بينام ًتنصتا لصوت فريوز القادم من غرفته؟! هل؟ وهل؟ ..وهل؟! تسرتق السمعّ .. ُ لعل أحدهم عنده خرب ومل يشأ أن ُيخربك به ،أل ّنه غري ُمتأك ٍد من صحته .تنظر إىل الهاتف الصامت يف إحدى زوايا الغرفة ،ويخنقك السؤال :هل ّ سرين يوماً ما ويحمل الرنني خرباً تنتظره؟ وج ّوالك ال ّ يفارق يدك ،حتى وأنت نائم .لعله سيكون هو من يحمل البشائر. وتنتظر ..وتنتظر ،ويطول االنتظار .ويف كل صباح ُتنّي نفسك :سيكون هذا هو اليوم املوعود ،ويأيت الليل لتقول غداً صباحاً سيتحقق األمل. تقيض الليل ُم ّ ترضعاً لله؛ تدعو ُه بكل ما يختلج يف نفسك ،وترجوه أن َير ّد إليك ولدك الذي فقدت.. ترجوه أن ُيطمئنك عنه ،ويعيده إليك ساملاً ،وبأرسع وقت. لكن الليايل مت ّر ،ويخبو األمل ،ليعود إىل مكانه يف داخلك ،ولتعود الحياة إىل يومياتها ،وتعود أنت لرت ّوض نفسك من جديد عىل العيش فيها..
لوحة للفنانة دمية نشاوي
نشرة اقتصادية وائل موسى
مزيد من الحصار وارتفاع األسعار في دير الزور
العدد - 79 -
األسواق بأسعار مرتفعة. بعض أسعار املنتجات األساسية: كيلو الطحني األبيض 1000لرية ،كيلو الشعريية محلية الصنع 1200لرية ،علبة دبس البندورة وزن 830غ 5600لرية ،كيلو الزيت 3500لرية ،كيلوالسكر 3000لرية 100 ،غ ورق شاي الكرزة 1500لرية ،كيلوالبصل اليابس 6000لرية ،كيلو لحم الضآن 10000لرية ،الفروج (غري متوفر) ،سعر البيضة العربية 400لرية. يدعم الطريان الرويس قوات النظام املحارصة يف املدينة مبساعدات تلقى عرب الجو ،ومن بني املساعدات شحنات من الوقود ،وبحسب شهود أكدوا أنه وللمرة الثانية تسقط احدى شحنات الوقود امللقاة من الطريان الرويس بيد تنظيم الدولة.
25 / 10 / 27
وفق سياسة تشديد الحصار عىل املناطق املحارصة تتزايد معاناة املدنيني بتزايد األسعار الناتجة عن األوضاع العسكرية، فلم يعد العنف املسلح وحده ما يشكل خطراً عىل حياة املدنيني. استهدفت قوات التحالف منتصف شهر سبتمرب/متوز املايض عدداً من الجسور التي تشكل رشياناً حيوياً لربط مناطق املحافظة ببعضها البعض ،وقد نقل موقع حملة “دير الزور تذبح بصمت” خرباً عن استهداف طريان التحالف لجرس السكة يف محيط قرية أبو حامم وجرس الري يف ناحية أبو الخاطر وجرس عىل الطريق العام الواصل بني قرية هجني وأبو الحسن وجرس بني السوسة والشعفة وجرس يف ناحية الهري. يأيت استهداف قوات التحالف لجسور دير الزور فيام يبدو أنه ضمن خطة الحملة الهادفة إلخراج قوات تنظيم الدولة (داعش) من املوصل يف العراق ،حيث بني عدد من املحللني والحقوقيني من بينهم
املحامي “نبيل الحلبي” أن خطة تحرير املوصل من داعش هي دفعهم باتجاه األرايض السورية. وقد نرش موقع حملة “دير الزور تقتل بصمت” الئحة بآخر أسعار املواد الغذائية واألساسية املتوفرة يف األحياء املحارصة، وتبني الالئحة ارتفاعاً كبرياً يف أسعار السلع. وصل سعر كيلو الثوم إىل 30ألف لرية ويباع يف األسواق بالغرامات مبا يعادل 25ضعفاً من سعره يف البلدان املجاورة لسوريا ،كام شهدت األحياء نقصاً حاداً يف الخبز نتيجة فقدان الوقود وتوقف األفران عن العمل يف أغلب األوقات. تأثرت عملية نقل البضائع يف مناطق سيطرة تنظيم داعش بسبب استهداف الجسور ،وتقوم داعش بدورها يف حصار مناطق سيطرة قوات النظام الذي يساهم بدوره يف زيادة املعاناة ضمن األحياء املحارصة من خالل استغالل متسلطي النظام وشبيحته عىل األسواق ،باإلضافة إىل رسقة املساعدات اإلغاثية وبيعها يف
17
تفعيل نقل الذهب بضوابط لعدم وصوله إلى المناطق المحررة
اقتصاد
بعد انقطاع عمليات نقل الذهب إىل القامشيل، وضع مرصف سورية املركزي آلية لنقل الذهب داخلياً عرب املطارات ضمن ضوابط كثرية لضامن عدم وصوله إىل املناطق املحررة. عدد كبري من الصحف والوكاالت تناولت خرب إعادة تفعيل نقل الذهب التي شكلت أزمة يف القامشيل خالل الفرتة املاضية ،إال أن تفاصيل االتفاقية وما تخفيه تفاصيلها غابت بشكل واضح ،ونرشت صحيفة الثورة الرسمية للنظام التفاصيل بعد أن وردها نسخة عن اآللية املحددة من قبل املركزي ،وتنحرص عمليات النقل وفق قيود وضوابط كثرية ،حيث يسمح بنقل السبائك والذهب الكرس من قبل الحريف املنتسب لجمعية الصاغة حرصاً مع ابراز وثيقة تسجيل وبراءة ذمة تجاه وزارة املالية إضافة لوثيقة نقل الذهب ضمن األرايض السورية
املعتمدة من قبل املركزي. مبوجب االتفاقية الجديدة ،يسمح بنقل الذهب من مطار القامشيل والالذقية باتجاه مطار دمشق الدويل بكافة األنواع والعيارات ويف حال رغبة الحريف بإعادة الذهب بعد التصنيع يسمح له بذلك ضمن مدة ال تتجاوز 30يوماً من وصوله إىل دمشق ،وبنفس الكمية التي جلبها معه من عيار 21أو 24عىل أال ينقل لخارج دمشق سوى الذهب املصنع من عيار 21حرصاً. تبدوا تفاصيل االتفاقية املوضحة أنها ال تسعى لحل مشكلة ،بل تساهم يف خلق العديد من املشاكل اإلضافية ،فانخفاض الذهب يف السوق لن يسمح بتعوضيه ،كام أن اآللية ستساهم يف اختفاء الذهب النقي من عيار 24من األسواق خارج دمشق واستبدالها بعيار ،21حتى أن استبعاد العيار 18يعني فقدان قطع الحيل
املميزة مبتانتها. وفيام يتعلق بالحيل الشخصية فقد سمحت اآللية للشخص الواحد مبا ال يتجاوز 200غرام من الذهب املصاغ كحيل عرب مطار دمشق الدويل إىل مطاري القامشيل والالذقية مع عدم اعتبار اللريات الذهبية السورية واالنكليزية والسبائك من الحيل الشخصية إال إذا كانت مصاغة بشكل حيل.
تحدي المنجز منير الشعراني في ّ 18
الشعراني لـ ”طلعنا عالحرية”: “ أدعو في أعمالي إلى وطن يساوي بين أبنائه جمي ًعا” طلعنا عالحرية
العدد 2016 / 10 / 27 - 79 -
ثقافة
ُيبدع الخطاط والتشكييل السوري املعروف منري الشعراين (مواليد دمشق )1952يف استنطاق خامات الحروف واإلشتغال عىل التفاصيل الدقيقة ليبدو منجزه البرصي وكأنه يرسم ال يكتب ..وهو يف كل أعامله غري منفصلٍ عن واقع بالده هناك حيث دمر الطغاة أكرث من ثلث عمران البلد ،وقتل واعتقل مئات اآلالف من السوريني ورشد املاليني. ومن دمشق ،من قلب الوجع السوري واألحداث الدام ّية تخرج لوحات ضيفنا ،لتكون سفرية القيم واألفكار السورية النبيلة والعطاء الفني املشبع بالحرية ،والرافض لالستبداد واالستبداد املضاد والظالمية ..فكان أن شارك يف العديد من املعارض خارج وطنه النازف يف السنوات األخرية ،والتي كان آخرها معرض “إيقاعات خطية” ،الذي تحتضنه صالة “أروبيا” يف العاصمة الفرنسية (باريس) ،يف الفرتة مابني ( 15أيلول /سبتمرب وحتى 28أكتوبر/ ترشين أول الحايل) ،وهو ما أتاح لنا فرصة الجراء هذا الحوار.. بداية كيف استقبل الجمهور الفرنيس معرضك هذا، َ منجزك البرصي الذي تعمل من الذي قدمت فيه خالله عىل إحياء املايض بالحارض ،وهنا أسألك :كيف تنتقي العبارات التي تبني عليها هذا املنجز؟ أستطيع القول إنني يف االفتتاح ويف األيام األوىلالتي كنت متواجدًا خاللها يف املعرض ملست حضو ًرا ً عب يل كثري واهتام ًما وإقبال جيدًا لفرنسيني ،وقد ّ منهم عن إعجابهم مبا عرضت ،وكان بينهم عدد من املتابعني واملهتمني بتجربتي وخصوصيتها وقد سبق لبعضهم اقتناء أعامل يل. أ ّما عن املنجز البرصي فأنا ال أسعى إىل إحياء املايض بالحارض ،بل أسعى إىل اإلنطالق من املنجز البرصي الذي توقف عن التطور والتجديد بشكل متواز مع التدهور الحضاري وحلول الجمود والسلفية والجهل محل النهوض الحضاري الذي سبقه ،أسعى إىل البحث عن املسكوت عنه واملج ّهل واملغ ّيب من هذا املنجز يف غيابات املتاحف ويف سجن القدس ّية الذهبي الذي وضعه فيه العثامنيون بعد أن أهملوا معظمه ّ مم مل يتّفق مع ذائقتهم وجمودهم وتخلفهم الحضاري ،وقننوا استخدام ما تبقى وربطوه باملقدّس وحده بعدما كان يضفي جامله عىل الحياة يف نواحيها املختلفة ،أعمل عىل االنطالق من الجذور العميقة لدوحة الخط العريب الغنية بالثامر إىل التطوير والتجديد واإلضافة إلعادة هذا
الفن شديد الخصوصية والتم ّيز إىل مكانته الطبيعية الالئقة بني الفنون الجميلة. يف ما يخص العبارة التي أبني عليها فهي بالنسبة يل املحتوى الذي يقوم عليه الشكل وهام –املحتوى والشكل -يتكامالن ويفعل كل منهام يف اآلخر ليحققا املنجز البرصي ،ليس يف العمل الواحد فحسب بل يف مجمل األعامل التي تشكل هذا املنجز وتصب فيه وتنتمي إليه ،ليأيت مع ًربا عني وعن فكري وعن تطلعايت ّ وعم أهتم به وأحفل له، لذا أقوم دو ًما أثناء قراءايت بتدوين ما أراه يصب يف
رؤيتي ويعرب عن أفكاري يف ما يخص الحق والخري والجامل وما يرتبط بها من قضايا اإلنسان وتوقه إىل الحرية والعدل والحب وغريها من املسائل. يرى متابعون ملسريتك الفنية أن الجديد من لوحاتك يف سنوات الجمر السور ّية ،يصلح ألن يكون خطا ًبا سياس ًيا واجتامع ًيا متخف ًفا من الخطابة والفجاجة. فهل فرض عليك الحدث املزلزل يف بلدنا هذا النوع من العمل؟ يستطيع املتتبع ألعاميل ولتسلسلها منذ بداية تجربتي وحتى اليوم أن يرى بوضوح أن ماذكرته يف الفقرة األخرية من جوايب السابق حول العبارة ينطبق مع مجمل إنتاجي الذي عملت خالله عىل تحرير فن الخط العريب من قفص القدسية الذهبي ومن الغيبيات واملاورائيات وحرصت عىل إعادته إىل الحياة والوجود وكل ماميس اإلنسان بشكل مغاير
ملا آل إليه حاله بعد قرون من الجمود والسلفية والتقليدية ،وما أعاميل األخرية إال حلقة يف سلسلة أعاميل املعنية واملهمومة مبا ذكرت لكن رمبا كان بعضها أكرث مبارشة من حيث املحتوى من أعاميل األخرى ،رمبا أصبح هناك تركيز يف اختيار العبارات امللحة الساخنة ،رمبا شعرت بحاجة عىل القضايا ّ إىل إعالء الصوت يف طلب الحرية ورفض االستبداد واالستبداد املضاد والظالمية والظلم والتبعية والتعصب الديني واملذهبي والقومي والجنيس ويف السعي إىل وطن يساوي بني أبنائه جمي ًعا بغض النظر عن جنسهم أو دينهم أو مذهبهم أو إثنيتهم ،لكني كنت يف كل أعاميل التي أنتجتها يف حريصا كل هذا السياق وعىل مدى هذه السنوات ً الحرص عىل عدم التفريط بالشكل والبناء الفني وعىل إنتاج أعامل يتكامل شكلها ومحتواها وتليق مبا تنادي به يف سبيل الوطن وناسه. تقول“ :يقيني أن ليس هناك نقطة أخرية يف الفن، واقتناعي أن عىل الفنان أن ال يعمل عىل تجاوز نجز فحسب ،بل عليه أن يعمل دو ًما عىل تجاوز ا ُمل َ منجزه ً أيضا” .هل استطعت بعد كل مواسم العطاء هذه أن تحقق ما كنت تصبو له يوم بدأت رحلة الفن واألمل؟ نعم ليس هناك نقطة أخرية أو ذروة يف الفن، وتاريخ الفن يشهد بذلك ويعلمنا أن املنجز الفني العام يتطور باستمرار عرب تراكامت من اإلنجازات الفردية تؤول إىل إضافات ونقالت نوعية عىل أيدي فنانني إستثنائيني اليتجاوزون منجز من سبقوهم فحسب بل ويتجاوزون منجزهم ويؤسسون ملرحلة جديدة رسعان ما تضاف إليها إنجازات أخرى.. وهكذا دواليك ،ليبقى قلب الفن ً نابضا ح ًيا متجددًا ً منعشا لها .أعتقد أنني استطعت ومجددًا للحياة أن أعمل بجد ودأب وإرصار عىل اإلضافة والتجديد وتجاوز املنجز يف فن الخط العريب نظر ًيا وعمل ًيا بعد زمن طويل م ّر عليه من الجمود والتقليدية والسلفية ،وأعتقد أنني قمت بإنجاز ال ميكن إنكاره يف هذا املجال عىل الرغم من كل العقبات املتنوعة التي اعرتضت مسرييت يف سبيل ذلك ،لكنني أرى أنه مايزال هناك الكثري مام أصبو إليه وأو ّد وأقدر عىل القيام به ،فأنا عىل قناعة بـقول الحكم بن أيب الصلتّ : “إن العزائم من أنصارها القدر” ،أما الحكم عىل مدى نجاحي يف ذلك وعىل تجربتي بكليتها فهو ليس وال ميكن أن يكون يل.
نشرة ثقافية
إبداعات ونشاطات سورية المخرج أسامة محمد يتس َلم جائزة “جسر حوض المتوسط”
ً حديثا في صدر القاهرة“ ..غادة ٌ امرأة من السمان ّ كلمات”
استضاف “غالريي املرشق” بالعاصمة األردنية ّ (عمن) املعرض الفردي للفنانة التشكيلية السورية ريم يسوف ،تحت عنوان “حكاية ما قبل النوم” ،وذلك ما بني الخامس والعرشين من الشهر الجاري .تقول ريم يف تقدميها للمعرض“ :حكاية َ لكم حكاي َة ،ما قبل النوم :لنْ أَرويَّ ْ َ ْ صبحت عىل قبل النوم ..فحكايايت أ َ قصاصات من ورقٍ صغريَ ،سك َنتْها ٍ ٌ وأصواتَ ،ر ْ فضت وجو ٌه وأجسادٌ َ دخول كابوسنا اليومي ..و َر ْ فضت َ ابتلع جن ّيات أَ ْن ترى الوحش ،و َق ْد َ َ ٌ اختطف وحش َق ْد ُأمنياتنا ا ُملل ّونة، ّ كل ابتسام ٍة من وجو ِه أطفايلٌ ، وحش
مشاريع الكتابة اإلبداعية الحاصلة على المنح من “مختبر الفنون”
أعلنت مؤسسة “اتجاهات -ثقافة مستقلة” عن املشاريع الحاصلة عىل املنح اإلنتاجية ضمن الدورة الثالثة من “مخترب الفنون :برنامج دعم الفنانني السوريني” ،بالتعاون مع “معهد غوته” .ضمن فئات السينام والرسوم املتحركة ،املرسح وفنون العرض ،الفنون البرصية والتشكيلية ،املوسيقى ،إضافة للكتابة اإلبداعية ،حيث وقع اختيار كتاب “حكاية الجئ ..قصص وشهادات سورية” لدميا ونوس، ومرشوع “أنطولوجيا صوتية للشعر السوري ما بعد تجربة اللجوء” ألحمد قطليش ،ومرشوع “محنة اللجوء ولعنة االغرتاب” لكتاب “أجاثا كريستي ..تعايل أقل لك كيف أعيش” للروايئ والناقد السوري الكردي هيثم حسني.
غي َ وغي َ صوت أ ّمي وأيب األرضَ َّ ، َّ َ لون ِ ّ وكل رائح ِة من جد ٍة حنونةَ ..ف ُ أخذت ُقصاصايت و َنرث ُتها للعصافري ،و ِمنها َ تحت وساديت ،ووساد َة ما َو َض ْع ُت ُه ً َ أَطفايل ،لتكون نافذة لنو ٍر ،يف الغرف ِة ا ُملعتمة ،فهناك ..مثة ٌ أحبة َتنت َِظرنا”.
ايتل عدنان في أنطولوجيا شعرية ضد اإلرهاب
سياق مواجهة “ثقافة املوت” و ً رفضا يف لألعامل اإلرهابية التي رضبت فرنسا وأوروبا هذا العام ،انربى مجموعة من الشعراء العرب واألوروبيني إلصدار نصوص شعرية ونرثية يف عمل أديب مشرتك ،يعلنون فيه انتصارهم لثقافة الحياة ورفضهم العنف والكراهية .وقد صدر الكتاب تحت عنوان “نحب الحياة أكرث مام تحبون أنتم املوت” ،وشاركت فيه الشاعرة اللبنانية السورية الكونية ايتل عدنان ( 90عا ًما) بنص يفتتح األنطولوجيا ،بعنوان “نحن متعبون من املوت” ،وال تقصد الشاعرة هنا املوت الطبيعي املحتم ،بل ذلك الناتج عن العنف األعمى املتف ّش يف عاملنا العريب والذي تعتربه األخطر “ألنه ال يقتل أيضا الفكر. الجسد فقط ،بل يشوه ً وحني تفسد عنارص الفكر ،تتضاءل إمكانيات النجاة ،أو تتوارى”.
ثقافة
صدر حدي ًثا يف القاهرة كتاب بعنوان “غادة ّ السمن امرأ ٌة من كلامت” ،يتضمن ّ شهادات يف أدب السمن بأقالم أدباء وكتّاب عرب وكذلك حوا ًرا أجراه املؤلف الشاعر والناقد العراقي عذاب الركايب مع الكاتبة السورية الكبرية يف أواخر العام املايض ،ودا َر حول تفاصيل حياتها اإلبداعية والثقافية واإلنسانية ،رأته الكاتبة الكبرية أهم وأطول الحوارات التي أجر َيت من ّ معها خالل حياتها .ومام جاء عىل الغالف األخري للكتاب بقلم املؤلف“ :هي غادة السامن وكفى ،كلامتها وأعاملها وإبداعاتها مترين صويف عىل الوالدة واملوت .غادة ّ السمن مخلوق بياين ،أمهر وأمتع َمن يلهو باالستعارات ،أردت أن أحتفي بها فوجدتها تقيم ً بهيجا لكلاميت.”.. ُ كرنفال ً
التشكيلية ريم يسوف في معرض بعمان فردي ّ العدد 2016 / 10 / 27 - 79 -
للحرية والعدالة .يؤلِفون عىل الهواء َ حقوق -إنسانِهم الجوهرية ..الخط ُر اليوم أكرب فالفاشية تقوم بتحديث نفسها. الفاشية تحدّث حتى لغتها .الفاش ّية ترسق معجم رشعة حقوق االنسان وتعيد تدوير تسلَم املخرج السوري أسامة محمد يف مفردة “العدالة” إىل ضدّها .تطلق عىل 19الشهر الحايل ،جائزة “جرس حوض ضحاياها مفردة “اإلرهاب” بقوة دما ٍر املتوسط” ا لتي مينحها مهرجان ڤاالنسيا شامل ..لتكرر قتلهم.”.. السيناميئ ،وذلك “ملا قدمه للسينام وللقيم وأضاف أسامة مخاط ًبا اللجنة والحضور: الثقافية والوجود املشرتك لشعوب البحر “أنتم اليوم متنحونني مترير ًة بَين َّي ًة كرمية.. األبيض املتوسط” ،بحسب ما جاء يف بيان تضعني من جديد يف مواجهة الهدف. لجنة املهرجان ،وأضاف الب يان :أن “موسرتا إن هذه (الجائزة -املنحوته -املخلوق ڤيڤا ڤاالنسيا تريد أن ت ؤكد من خالل اإلنساين) التي أحملها بيرساي تعني يل تكرميه وقوفها مع الشعب السوري”. الكثري ..أشعر اآلن أنني أتشاركها مع وقد أهدى صاحب “مياه فض ّية” تكرميه زماليئ السينامئيني السوريني الذين قاومنا يف احتفالية خاصة باملنا سبة ،إىل“ :سوريا الفاشية م ًعا .وعملنا زمنا مديداً ..نحو لغة موطنُ الشعراء الق تىل .شعراء قتىل ..ألن سينامئية ح ّرة و ٍ طن ُحر ..إنني أتذكر عمر أولئك السوريني كانوا يتظاهرون طل ًبا أمرياالي”.
طلعنا عالحرية – القسم الثقافي
19