طلعنا عالحرية / العدد 80

Page 1

‫نصف شهرية‪ ،‬سياسية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬مستقلة‬

‫العدد ‪80‬‬ ‫‪2016 / 11 / 15‬‬

‫مجلة مستقلة‪ ،‬تعنى بشؤون الثورة السورية‪ ،‬نصف شهرية‪ ،‬تطبع وتوزع داخل‬ ‫سوريا ويف عدد من مخيامت اللجوء والتجمعشات السورية يف الخارج‬

‫أوهــام اإلنتخابات األمريكية‬


‫‪2‬‬

‫أوهام اإلنتخابات‬ ‫األمريكية‬ ‫افتتاحية بقلم ليلى الصفدي‬

‫العدد ‪2016 / 11 / 15 - 80 -‬‬

‫كإنسانة سورية عايشت مجريات األحداث خالل‬ ‫السنوات الست املاضية‪ ،‬ال يشء قادر عىل استفزازي‬ ‫أكرث من الكالم املكرر لسياسيني وناشطني سوريني‬ ‫حول “أخطاء” أوباما‪ ،‬أو ضعفه وتردده يف اتخاذ‬ ‫القرارات تجاه ما يحدث يف سوريا‪.‬‬ ‫هي “أخطاء” و”ضعف” و”تردد” فقط من منظور‬ ‫املخدوعني من املثقفني ومن النخب السياسية‬ ‫السورية‪ ،‬أما من منظور الواقع واملصالح األمريكية‬ ‫ومصالح حلفائها يف املنطقة فهي عىل اإلطالق‬ ‫ليست أخطا ًء‪ ..‬هم يحققون ما يريدون بال خسائر‬ ‫وبال تورط مبارش‪ ،‬وبالطبع بال أدىن شعور بالذنب‬ ‫أو التعاطف مع الضحايا واملعتقلني واملهجرين من‬ ‫املدنيني السوريني‪ ،‬فام خال مشاعر القلق التي كانت‬ ‫تساور األمني العام لألمم املتحدة بان كيمون بني‬ ‫حني وآخر‪ ،‬ال مكان للعواطف يف حساب السياسات‬ ‫الدولية‪.‬‬ ‫وال تتعلق القرارات يف الدول الدميوقراطية مبيول‬ ‫الرئيس أو نزواته‪ ،‬فمن يدير الواليات املتحدة‬ ‫إدارة وليس فرد‪ ،‬وهي تستند يف ذلك إىل مؤسسات‬ ‫وتقارير وبحوث ومراكز متخصصة إضافة إىل‬ ‫جامعات الضغط التي ال نربع يف تنظيمها نحن‬ ‫العرب مهام ازدادت أعدادنا‪ ،‬وباملحصلة ال تتخذ‬ ‫القرارات إال وفق مصالح الدولة‪ ،‬أو بتعبري أدق وفق‬ ‫مصالح الرأسامل املتحكم يف عجالت الحياة األمريكية‪،‬‬ ‫وبالطبع مصالح الحلفاء وعىل رأسهم “إرسائيل”‬

‫واألنظمة القمعية التابعة يف الرشق األوسط‪.‬‬ ‫وبناء عليه‪ ،‬فإنه ملن املثري للعجب أن يعلق سياسيون‬ ‫ومثقفون سوريون آمالهم عىل وصول كلينتون أو‬ ‫غريها إىل الرئاسة‪ .‬فام كانت ستفعله كلينتون للقضية‬ ‫السورية سيفعله منافسها ترامب الذي أمىس رئيساً‬ ‫اليوم‪ ،‬وسوف يتابع بكل أمانة طريق سلفه أوباما يف‬ ‫إدارة الحرب املستمرة يف سوريا بشكل خفي وصوالً‬ ‫إىل تحلل سوريا الكامل وسهولة تقسيمها من جديد‬ ‫ضمن توازن املصالح القائم‪ ،‬آخذاً بعني االعتبار كام‬ ‫رصح مراراً املصالح اإلرسائيلية أوالً‪.‬‬ ‫وال أظن أن التدخل الرويس السافر يف املعضلة‬

‫‪www.freedomraise.net‬‬

‫السورية يقع خارج سيطرة اإلرادة األمريكية‪.‬‬ ‫الواليات املتحدة تستخدم إىل حد كبري الجالفة‬ ‫الروسية لتسوية األرض لحل قادم‪ ،‬للجميع حصة‬ ‫فيه إال السوريني أصحاب القضية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫هو درس أرادوا له جميعاً أن يكون قاسيا‪ ،‬ليس‬ ‫للسوريني فقط‪ ،‬إمنا لكل الشعوب املقموعة التي‬ ‫تطمح إىل حياة تليق بالبرش‪.‬‬ ‫يبدو أن قيم الحرية والعدالة والدميوقراطية والكرامة‬ ‫ال تتسع للجميع‪ ،‬وسوف تبقى إىل أجل غري معلوم‬ ‫حكراً عىل الشعوب املتقدمة التي تعتقد أن أمنها‬ ‫وثرائها ورغد عيشها رهناً بتأخر اآلخرين وضعفهم‪.‬‬

‫تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت‬

‫كلمة‬

‫املقاالت املنشورة تعرب عن آراء أصحابها أوالً‬ ‫وال تعرب بالرضورة عن آراء هيئة التحرير‬

‫مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة‬ ‫تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية‬ ‫ويف بعض مخيامت اللجوء‬ ‫معاون رئيس التحرير قسم حقوق اإلنسان‬ ‫نصار‬ ‫أنور البني‬ ‫أسامة ّ‬

‫قسم املرأة‬ ‫يارا بدر‬

‫املجلة غري ملزمة بنرش كل ما يردها من مواد‬

‫رئيس التحرير ليىل الصفدي‬ ‫املحرر االقتصادي‬ ‫وائل موىس‬

‫الغالف‬ ‫سمري خلييل‬

‫‪facebook.com/freeraise‬‬ ‫‪twitter.com/freedomraise‬‬ ‫‪info@freedomraise.net‬‬

‫كاريكاتري‬ ‫سمري خلييل‬

‫زمالء مختطفون يف الغوطة الرشقية‬ ‫رزان زيتونة ‪ -‬ناظم حامدي‬


‫ماركس في أميركا‬

‫‪3‬‬

‫ماهر مسعود‬

‫العدد ‪2016 / 11 / 15 - 80 -‬‬

‫مقاالت‬

‫ألننا نعيش يف زمن العوملة‪ ،‬تحول الربيع العريب أكرث للهمجية ضدنا وض ّد نفسها‪ .‬فام اختيار ترامب‬ ‫إىل ظاهرة كونية‪ ،‬لكن هذا التحول مل يرس باتجاه إال اختياراً للهمجية التي تريد حامية نفسها من‬ ‫نقل الحرية إىل عامل سبقنا يف تجربة التحرر‪ ،‬بل اآلخرين “أمريكا أوالً” واختياراً لالنغالق بدل‬ ‫بالعكس‪ ،‬توقف الربيع العريب يف سوريا‪ ،‬وارت َّد االنفتاح‪ ،‬والتعصب بدل التسامح‪ ،‬والواحدية بدل‬ ‫باتجاه معاكس نتيجة ثورة مضادة‪ ،‬قادها النظام التعدد واالختالف‪.‬‬ ‫السوري أوالً‪ ،‬وانضمت له كل األنظمة العربية تنبأ كارل ماركس قبل قرن ونصف بأن الرأساملية‬ ‫واإلقليمية القلقة من تجربة التحرر الواعدة التي تحفر قربها بيديها‪ ،‬وساهمت حلول االقتصاديني‬ ‫أطلقتها الشعوب‪ ،‬ونتائجها الكارثية عىل األنظمة الذكية منذ “كينز” بتأجيل تلك الجنازة‪ ،‬وقبل‬ ‫القامئة ومصالحها‪ ،‬ونتائجها السيئة املحتملة ماركس كان هيغل يعتقد أن املسار العقيل للتاريخ‬ ‫لـ”إرسائيل”‪ ،‬مثلام تحولت الثورة املضادة لتصبح قد يسلك مسارات غري عقالنية ليحقق ذاته‪ ،‬وما‬ ‫عاملية خوفاً من الفوىض والالجئني واإلرهاب‪ ،‬وإن نراه اليوم من العقالنية أوصلت ترامب للحكم‪،‬‬ ‫كانت يف العمق ال تفعل سوى تعزيز الثاليث املذكور يجمع االقتصاد واالجتامع والسياسة معاً‪ ،‬ليميض‬ ‫أعاله‪.‬‬ ‫رمبا‪ ،‬وبطريقة ماكرة‪ ،‬نحو ما قاله ماركس؛ ففي‬ ‫وصول ترامب لسدّة الحكم يف أمريكا هو انعكاس ترامب والقوة الشعبية التي يعرب عنها والتي‬ ‫سيايس ناعم‪ ،‬للحرب الخشنة الدائرة يف بالدنا‪ ،‬والتي أوصلته للرئاسة‪ ،‬تجتمع املتناقضات بطريقة‬ ‫أوصلت أبو بكر البغدادي لسدّة الخالفة يف املوصل ساخرة وتراجيدية يف آن‪ ،‬فهو رأساميل كبري‪ ،‬لكن‬ ‫والرقة‪ .‬وهي ولوج أويل يف نتائج الربيع العريب معا ٍد لروح الرأساملية القامئة عىل انفتاح األسواق‬ ‫الذي أغلق العامل أفقه يف سوريا‪ ،‬وهو ما مينحنا والتجارة الحرة والرشكات متعددة الجنسيات‪ ،‬وهو‬ ‫مشاركة عاملية تطرح إشكالية الحرية والدميقراطية مييل لالنغالق القومي ضداً عىل النزعة االمربيالية‬ ‫والعدالة االجتامعية والسياسية بقوة عىل مستوى التوسعية للرأساملية‪ ،‬وهو متعصب شعبوي للق َّوة‬ ‫عاملي‪ ،‬وتجعل خيار الهروب من الحرية ومن والغنى ضداً عىل روح الكينزية التي أعادت تدوير‬ ‫تلك االلتزامات فيام يخصنا‪ ،‬مرتدّة نحو العامل االحتكار الرأساميل عرب الضعفاء و”الربوليتاريا”‬ ‫الذي ساهم بشكل ف َّعال يف عزلنا ومنعنا من أنفسهم‪ .‬ومن انتخب ترامب‪ ،‬ليس الطبقات‬ ‫استكامل طريق التحرر الذي ابتدأ مع البوعزيزي‪ .‬الوسطى‪/‬الدنيى األكرث حاجة لتحسني االقتصاد‬ ‫حيث يثبت خيار العزل ودعم الديكتاتوريات فحسب‪ ،‬بل هم فئات اجتامعية يتداخل فيها‬ ‫الذي اختاره أوباما بتزكية شعبية غربية‪ ،‬وانتشاء العرق مع الدين مع الغنى مع التعليم املتوسط‬ ‫انتصاري لدى بوتني وخامنئي وبشار‪ ،‬دون أن ننىس مع أبناء الريف وكبار السن‪ ،‬ومن يثور ويتظاهر‬ ‫فرحة األنظمة الخليجية بتوقف الربيع العريب يف بغضب اليوم ضد ترامب هم الطبقات الوسطى‬ ‫سوريا رغم خيبتها الالحقة‪ ..‬يثبت خيار العزل إذاً “ليس الربوليتاريا” وهم امللونون واملهاجرون‬ ‫أنه خيار فاشل وغري ممكن يف زمن التعومل‪ ،‬والسيام والسود واألقليات واملثليون‪ ..‬وهؤالء جميعاً هم‬ ‫أن خيار الحرية الذي اختارته شعوبنا مل يكن خياراً من ذكرهم وع َّول عليهم هربرت ماكوز يف كتابه‬ ‫أيديولوجياً مخططاً‪ ،‬وال خياراً مفروضاً بالقوة “اإلنسان ذو البعد الواحد” كفئات ستقود الثورات‬ ‫الخارجية االحتاللية مثلام كان األمر يف العراق‪.‬‬ ‫القادمة‪.‬‬ ‫ونشاهد اليوم بالتتابع كيف أن الدول األساسية لقد عاشت الطبقات الوسطى الغربية خالل العقود‬ ‫التي مضت يف طريق عزلنا‪ ،‬تتجه هي نفسها الثالثة األخرية نوعاً من التهميش السيايس الذايت‬ ‫لالنعزال القومي‪ ،‬والتي خافت من همجيتنا تتجه الناتج عن الوفرة والراحة املادية التي أمنتها دول‬

‫الرفاه الرأساملية‪ ،‬وهو ما أدى لكسلها وابتعادها‬ ‫وعدم تدخلها‪ ،‬كام عدم اهتاممها يف السياسة‪،‬‬ ‫والتفاتها للفردانية واالستهالك واملجتمع املدين‬ ‫والجامعات والسياحة واملشكالت االجتامعية‬ ‫املابعد حداثية‪ ،‬ورمبا يأيت انتخاب ترامب َّ‬ ‫كخضة‬ ‫سياسية تعيد تلك الفئات لساحة الفعل والتغيري‪،‬‬ ‫تلك الساحة التي بدأت بقضمها روح االنعزال‬ ‫القومي املتفشية يف الغرب وممثليها السياسيني‬ ‫املختلطني يساراً ومييناً‪ ،‬والتي تقضم معها الحريات‬ ‫السياسية والعدالة االجتامعية وقيم الدميقراطية‬ ‫التي ترتاجع واحدة تلو األخرى‪ .‬وإذا أخذنا يف‬ ‫اعتبارنا أن جزءاً مه ًام ممن انتخب ترامب‪ ،‬هم‬ ‫من األرياف والفقراء املتح ّمسني للتغيري االقتصادي‬ ‫والسيايس‪ ،‬سنجد أن هؤالء هم أكرث من سيدفع مثن‬ ‫وعيهم الزائف بالتغيري؛ فمن غري املمكن لرأساميل‬ ‫يضع أوىل أولياته تقليل الرضائب عىل األغنياء‬ ‫حسن من وضع الفقراء‬ ‫والرشكات الكربى أن ُي ِّ‬ ‫الذين انتخبوه‪ ،‬وبالتايل لن يطول الوقت قبل أن‬ ‫ينضم هؤالء للفئات الوسطى املصدومة اليوم من‬ ‫الظاهرة الرتامبية القابلة للتكرار يف أوروبا‪.‬‬ ‫مرة أخرى‪ ،‬ورغم كل االنقسام الحضاري الهنتغتوين‪،‬‬ ‫فنحن نعيش يف عامل واحد أكرث من أي وقت مىض‪،‬‬ ‫واإلغالق الذي تم إحكامه علينا‪ ،‬انفتح ليصبح‬ ‫إغالقاً عىل صعيد عاملي‪ ،‬ولذلك فإن الخيارات عىل‬ ‫مستوى الكبائر ليست واسعة‪ ،‬فإما ننحدر معاً‬ ‫لحرب ثالثة‪ ،‬أو نتشارك معاً أفق التغيري الذي بات‬ ‫اليوم رضورة عاملية ض ّد تحالف املافيات والرعاع‬ ‫القائم‪.‬‬


‫‪4‬‬

‫هــل ماتت الحرب حقًا؟‬ ‫د‪ .‬عماد العبار‬

‫العدد ‪2016 / 11 / 15 - 80 -‬‬

‫مقاالت‬

‫تعد نظرية انتهاء الحرب من أكرث النظريات‬ ‫إشكالية عند أنصار منهج الال عنف‪ .‬املقولة هي يف‬ ‫األصل لألستاذ جودت سعيد‪ ،‬وكام هو معروف‪ ،‬هو‬ ‫أحد أشهر مناهيض الحرب ودعاة الال عنف والسالم‬ ‫يف العامل اإلسالمي‪.‬‬ ‫يك ّرر جودت سعيد املقولة يف كل مناسبة تقريباً‪،‬‬ ‫وهي تنبع من إميان عميق لديه بفشل منظومة‬ ‫الحرب عرب التاريخ‪ ،‬ويعتمد يف إثبات مقولته تلك‬ ‫عىل شواهد تاريخية عديدة‪ ،‬منها‪ّ :‬أن القنبلة‬ ‫النووية مل تستخدم سوى م ّرة واحدة يف التاريخ‪،‬‬ ‫وبذلك تكون الحرب بني الكبار قد ماتت من وجهة‬ ‫نظره‪ ،‬الستحالة استخدام أسلحة الدمار الشامل م ّرة‬ ‫أخرى‪.‬‬ ‫يرى جودت أيضاً ّأن الكبار تن ّبهوا إىل موت فكرة‬ ‫الحرب‪ ،‬لذلك مل يدخلوا يف حروب جديدة بعد‬ ‫الحرب العاملية الثانية‪ ،‬ويرى أيضاً ّأن الحروب‬ ‫املتب ّقية هي حروب الصغار ملصلحة الكبار‪ ،‬الذين‬ ‫باتوا يح ّلون مشاكلهم‪ ،‬أو يص ّفون حساباتهم بدون‬ ‫حرب‪ّ ،‬‬ ‫ألن “الحرب ماتت”‪..‬‬ ‫تجانب الفرض ّية الواقع إىل ح ّد كبري‪ ،‬ويقع أنصارها‬ ‫يف خطأ تقسيم العامل إىل عاملني منفصلني متاماً‪ :‬عامل‬ ‫الكبار الذين تع ّلموا من تجربة الحرب‪ ،‬وعامل الصغار‬ ‫الذين مل يتع ّلموا‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫من حيث التوصيف‪ ،‬مثة دول عامل أول‪ ،‬ودول‬ ‫عامل ثانٍ وثالث‪ .‬و ّمثة غرب أورويب متقدّم ورشق‬ ‫ّ‬ ‫متأخر‪ .‬أو بحسب تعبري القرآن‪ :‬عامل مستكرب‪ ،‬وعامل‬ ‫ُمستض َعف‪ .‬ولكنّها عوامل غري منفصلة بعضها عن‬ ‫بعض‪ .‬فتو ّرط العامل األول يف حروب القسم اآلخر‪،‬‬ ‫ينسف من حيث املبدأ فرضية موت فكرة الحرب‬ ‫يف ذلك العامل‪ ،‬ويضعه يف مرمى تداعيات الحرب‬ ‫بشكل الحق‪.‬‬ ‫تاريخياً‪ ،‬مل تتورط أي إمرباطورية قدمية بحرب‬ ‫عىل أطرافها البعيدة‪ّ ،‬إل قرعت الحرب أبوابها‬ ‫من الداخل‪ .‬فالحرب هي الحرب‪ ،‬سواء أخضتها‬ ‫بعيداً عن حدودك‪ ،‬أو يف عقر دارك‪ .‬والعامل اليوم‬ ‫أصبح متداخ ًال أكرث من ذي قبل بكثري‪ .‬فالتداخالت‬ ‫السياسية واالقتصادية وثورة االتصاالت‪ ،‬جعلت من‬ ‫العامل كتلة واحدة‪ .‬مام يعني حتمية انتشار التوتر‬

‫من بلد إىل آخر‪ ،‬وهذا ما جعل اإلنسان متأثراً مبا‬ ‫يجري من أحداث يف بلدان رمبا مل يسمع باسمها‬ ‫من قبل!‬ ‫ولقد الحظنا مؤخراً القلق يف الداخل األورويب نتيجة‬ ‫أزمة الالجئني السوريني‪ ،‬وكيف أثارت األزمة نقاشاً‬ ‫داخلياً واسعاً يف العديد من دول أوروبا حول بلد‬ ‫مل يكن كثري من األوروبيني قد سمعوا باسمه من‬ ‫قبل‪ .‬وكيف ميكن لتداخالت مصالح الدول الكربى‪،‬‬ ‫يف منطقة بعيدة عن مراكزها‪ ،‬أن تحدث توترات‬ ‫وتعارض يف املصالح بني املراكز نفسها؛ كالتوتر‬ ‫الحاصل بني كل من االتحاد األورويب وروسيا وتركيا‪،‬‬ ‫والذي كان عىل وشك أن يتحول إىل صدام حقيقي‬ ‫يف أكرث من مناسبة‪.‬‬ ‫ينبغي عىل أصحاب مقولة “ماتت الحرب” إثبات‬ ‫ّأن العامل الذي استفاد من تجربة الحرب قد توقف‬ ‫فع ًال عن خوض الحروب بكافة أشكالها‪ .‬ليس مجرد‬ ‫التوقف عن الخوض املبارش وحسب‪ ،‬بل والقيام‬ ‫بدور إيجايب مناهض لفكرة الحرب‪ .‬وهذا ما ال نراه‬ ‫حقيقة عىل أرض الواقع‪ ،‬ال يف سوريا‪ ،‬وال يف أي بقعة‬ ‫ساخنة أخرى‪..‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫املقولة نفسها‪ ،‬تشري ضمنا إىل توقف التاريخ‪ ،‬أو إىل‬ ‫نهايته ّربا‪ ،‬كنتيجة للتأثر أو االنبهار باإلنجاز الغريب‪.‬‬ ‫يك ّرر أصحابها ّأن القنبلة النووية مل يتك ّرر استخدامها‬ ‫منذ سبعني عاماً‪ .‬ولكنّ سبعني عاماً ليست فاص ًال‬ ‫طوي ًال بعد حرب أوشكت عىل القضاء عىل أوروبا‪،‬‬ ‫ثم ّإن الحروب مل تتوقف عىل اإلطالق منذ ذلك‬ ‫ّ‬ ‫الوقت‪ ،‬ومل تقترص كوارثها عىل الدول الضعيفة‪ ،‬بل‬ ‫عانت الدول الكربى أيضاً من نزف الحروب‪ ،‬لسبب‬ ‫بسيط‪ :‬وهو أ ّنها مل تقتنع أص ًال بفكرة موت الحرب‪،‬‬ ‫كام يفرتض أصحاب املقولة!‬ ‫ففي الرصاع غري املبارش مع امل ّد السوفييتي‬ ‫الشيوعي‪ ،‬خاضت أمريكا حرب فيتنام بني األعوام‬ ‫‪ 1965‬و ‪ ،1975‬وتجاوزت خسائرها الخمسني ألف‬ ‫قتيل‪ ،‬بحسب اإلحصائيات األمريكية‪ ،‬ثم شنّت حرباً‬ ‫عىل العراق‪ ،‬بدأت منذ العام ‪ ،2003‬وفقدت أمريكا‬ ‫خاللها حوايل الخمسة آالف جندي من جيشها‪،‬‬ ‫يف حني فقدت الدول الغربية األخرى املشاركة يف‬ ‫التحالف بضع مئات من مقاتليها‪ ..‬وخاض االتحاد‬

‫السوفييتي حرباً يف أفغانستان ما بني األعوام ‪1979‬‬ ‫و‪ ،1989‬تجاوزت خسائره أثناءها الخمسة عرش‬ ‫ألف قتيل‪ ،‬وأكرث من خمسني ألف مصاب‪ ،‬يف حني‬ ‫ّأن خسائره يف الحرب الشيشانية تجاوزت الثالثني‬ ‫ألف جندي‪.‬‬ ‫خرست فرنسا أثناء استعامرها للجزائر‪ ،‬فقط يف‬ ‫الفرتة ما بني ‪ 1954‬و‪ ،1962‬ما يزيد عن العرشين‬ ‫ألف قتيل‪ ،‬مع العلم ّأن احتاللها للجزائر دام ‪132‬‬ ‫ْ‬ ‫خرست‬ ‫عاماً! بينام كانت الهند الصين َّية أكرث منطقة‬ ‫فيها فرنسا جنوداً‪ ،‬ما ب َ‬ ‫ني ‪ 1945‬و‪ ،1954‬حتى إن‬ ‫أزيد من ‪ 57‬ألفاً منْ جنودها هناك‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مل تنته الحرب إذاً‪ ..‬بل مل تتو ّقف يوما منذ سبعني‬ ‫عاماً‪.‬‬ ‫وطاملا ّأن العامل يشهد صعوداً لليمني املتطرف‪ ،‬بدأ‬ ‫يف األمس مع فوز دونالد ترامب يف انتخابات الرئاسة‬ ‫األمريكية‪ ،‬ونتوقع استمرار صعوده يف أوروبا أيضاً‪،‬‬ ‫فذلك يعني ّأن العامل ما يزال يقرع طبول الحرب‪،‬‬ ‫ومل يتعلم شيئاً من املايض‪.‬‬ ‫تصلح املقولة ألن تكون أمنية ال فرضية‪ ،‬وال حتّى‬ ‫حقيقة ميكن تفسري العامل من خاللها‪ .‬تحتاج األمنية‬ ‫إىل عمل جاد مع جميع مناهيض الحرب يف العامل‪،‬‬ ‫ملواجهة الخلل يف السياسات العاملية‪ ،‬بعيداً عن‬ ‫تقديس تجربة العامل األول بسبب التقدم الذي‬ ‫ح ّققه عىل الصعيد التكنولوجي‪ ،‬أو يف مجال حقوق‬ ‫اإلنسان الغريب (األبيض!) أو بعض حقوق الذين‬ ‫استضافهم الغريب داخل حدوده‪ ،‬نتيجة موجات‬ ‫الهجرات والنزوح الناجمني عن اختالل العامل‪.‬‬ ‫وال ب ّد أن نذ ّكر أيضاً ّ‬ ‫بأن نزعة السلم مل تقرتن‬ ‫تاريخياً بالنهضة التقنية‪ ،‬فال ال عنف غاندي‪ ،‬وال الال‬ ‫عنف اإلسالمي يف م ّكة‪ ،‬اقرتنا بتطور علمي أو رخاء‬ ‫اقتصادي‪ ،‬بل العكس كان هو الصحيح!‬ ‫للحرب أسبابها املوضوعية‪ ،‬وهي ما تزال فاعلة‬ ‫اليوم‪ ،‬كام كانت يف السابق‪.‬‬ ‫بناء عليه ّ‬ ‫فإن الحرب مل متت‪ ،‬وال مؤرشات عىل موتها‬ ‫يف املستقبل القريب‪ ..‬وإىل أن تنقلب املوازين‪ ،‬تبقى‬ ‫املقولة محض خيال‪ ،‬وأمنية‪ ،‬ورمبا املقولة األكرث قرباً‬ ‫إىل واقعنا‪ ،‬هي مقولة ستانيل بالدوين‪:‬‬ ‫“تنتهي الحرب يف حال عاد املوىت”‪..‬‬


‫متطــرف جديد يولد من رحم‬ ‫السياســة األمريكية‬

‫‪5‬‬

‫أحمد حبيب‬

‫العدد ‪- 80 -‬‬

‫ليستنتج محللون بأن الحكومة األمريكية‬ ‫بسياستها السلبية بالتعاطي مع ما يحدث يف‬ ‫سوريا هي من فتحت الباب عىل مرصاعيه‬ ‫لجرائم النظام السوري والتدخل الرويس‪ ،‬ووالدة‬ ‫العنارص املتطرفة وتغلغل تنظيم الدولة “داعش”‬ ‫بالنسيج االجتامعي يف بعض مناطق سوريا‪ .‬كام‬ ‫يجزم املحللون العسكريون بأن استهداف القوات‬ ‫املعادية بسالح الطريان الحريب ال يكفي لحسم‬ ‫املعركة معه‪ ،‬ولكن يساعد بالنرص‪ .‬وهذا يوضح‬ ‫بأن الحرب التي فتحتها قوات التحالف الدويل‬

‫‪2016 / 11 / 15‬‬

‫بأن ال جدية لدى اإلدارة األمريكية إلزاحة بشار األسد‪.‬‬

‫مقاالت‬

‫يف عام ‪ 2007‬ويف الذكرى األوىل لتس ّلم الكاتب‬ ‫اإلنكليزي هارولد بنرت جائزة نوبل لآلداب‬ ‫قال وبكل وضوح يف خطاب له‪ ،‬ناقداً السياسة‬ ‫األمريكية الخارجية يف مراجعة تاريخية شاملة‬ ‫لجرامئها يف العامل‪“ :‬الواليات املتحدة أيدت‬ ‫وأنشأت كل ديكتاتورية عسكرية ميينية يف العامل‪،‬‬ ‫منذ نهاية الحرب العاملية الثانية‪ .‬وأنا أشري هنا إىل‬ ‫إندونيسيا واليونان وأرغواي وهايتي وبارغواي‬ ‫والربازيل وتركيا والفلبني وغواتيامال والسلفادور‬ ‫وتشييل‪ .‬إن الرعب الذي مارسته الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية يف تشييل لن ميحى أو ينىس‪ .‬مئات‬ ‫ألوف الوفيات وقعت يف هذه البلدان إال أنكم‬ ‫مل تعرفوا بوجودها‪ .‬إن جرامئها منظمة ووحشية‬ ‫ومستمرة غري أن قلة من الناس تتحدث عنها”‪.‬‬ ‫ذلك الكاتب اإلنكليزي الذي ولد يف لندن لوالدين‬ ‫يهوديني من الطبقة العاملة‪ ،‬رشح بوضوح دعم‬ ‫السياسة األمريكية للديكتاتوريات يف دول العامل‬ ‫الثالث والدول النامية؛ حيث كانت تلك خاضعة‬ ‫لحكومات وصلت إىل الحكم عن طريق انقالبات‬ ‫عسكرية ومتسكت بكريس السلطة بيد من حديد‪.‬‬ ‫أسوأ ما يف التاريخ أنه ما يلبث أن يعيد نفسه‬ ‫بفواصل زمنية مختلفة‪ ،‬ليظن بعض املتابعني‬ ‫أن روسيا ‪-‬سليلة االتحاد السوفيتي‪ -‬هي القوة‬ ‫الوحيدة العاملة عىل األرايض السورية‪ ،‬و يغيب‬ ‫عن كثري من املحللني والسوريني الدور الذي‬ ‫لعبته اإلدارة األمريكية يف إشعال الحرب الدائرة‬ ‫تحت وطأة نريان الروس‪ .‬ال تغيب عن الذاكرة‬ ‫الترصيحات الطنانة للرئيس األمرييك باراك أوباما‬ ‫يف تاريخ ‪ 20‬أيلول‪/‬سبتمرب عام ‪ 2012‬حول‬ ‫السالح الكياموي الذي ميلكه نظام األسد ويصف‬ ‫استخدامه بـ”الخط األحمر” لنشهد بعد ذلك أكرب‬ ‫مجزرة يف القرن الواحد والعرشين‪ ،‬والتي راح‬ ‫ضحيتها ‪ 1500‬مدين سوري يف ليلة واحد‪ ،‬ونلحظ‬ ‫فيام بعد ردود أفعال ملونة لإلدارة األمريكية‪ ،‬مل‬

‫تستخدم إال لحفظ أمن دول الجوار‪ ،‬والضغط‬ ‫الضئيل عىل نظام األسد‪ ،‬وبعد فرتة نجد القاتل‬ ‫بريئاً متاماً من دم الضحية‪.‬‬ ‫مل يقف الدعم األمرييك لألسد بالتغايض عن‬ ‫أفعاله وحسب‪ ،‬بل ذهب ألبعد من ذلك لتنقل‬ ‫قناة ‪ NBC‬التلفزيونية‪ ،‬عن مصدر يف إدارة‬ ‫االستخبارات املركزية األمريكية ‪ CIA‬بأن األخرية‬ ‫مفصلة‬ ‫عرضت عىل الرئيس باراك أوباما خطة ّ‬ ‫لعملية رسية لإلطاحة بالرئيس السوري بشار‬ ‫األسد يف العام ‪ 2012‬ولكن الرئيس األمرييك مل يقر‬ ‫الخطة‪ .‬يف حني رصح “دوغ لوكس” مؤلف الخطة‪،‬‬ ‫وهو ضابط سابق يف االستخبارات األمريكية‪:‬‬ ‫“أملح البيت األبيض وكذلك االستخبارات منذ‬ ‫البداية إىل أن هدف مجموعتنا امليدانية‪ ،‬حرمان‬ ‫األسد من السلطة‪ .‬وكان لدينا ‪ 50‬خياراً لتحقيق‬ ‫ذلك‪ .‬وتم رسد تفاصيل تنفيذ هذه العملية يف‬ ‫خطتي‪ .‬ولكن القيادة السياسية مل متنحنا أي‬ ‫فرصة للقيام بذلك”‪.‬‬ ‫كام أضاف “لوكس” يف مقابلته مع املحطة‬ ‫األمريكية ‪ NBC News‬أن خطته نالت موافقة‬ ‫الكونغرس ورؤسائه يف االستخبارات‪ ،‬إال أن باراك‬ ‫أوباما “رفض السامع أو حتى مناقشة الخطة”‪.‬‬ ‫استقال “لوكس” من الوكالة بعد وصوله الستنتاج‬

‫والدول التي هي خارج ذلك التحالف بسالحها‬ ‫الجوي ال تهدف به إىل حسم املعركة مع التنظيم‬ ‫املتطرف‪ ،‬ليدعم ذلك ما رصح به وزير الدفاع‬ ‫الربيطاين مايكل فالون‪“ :‬إن رضبة جوية واحدة‬ ‫بني كل ‪ 20‬رضبة روسية يف سوريا تستهدف‬ ‫تنظيم داعش اإلرهايب” محذراً من أن بوتني‬ ‫يقتل املدنيني دع ًام لبشار األسد‪ .‬يف حني مل تكن‬ ‫روسيا فقط هي من تستهدف املدنيني السوريني‬ ‫بدالً من تنظيم الدولة “داعش” حيث ارتقى‬ ‫منذ أشهر ‪ 125‬مدنياً سورياً يف غارات لطائرات‬ ‫التحالف بقيادة الواليات املتحدة عىل قرية‬ ‫توخار التي تؤوي نازحني قرب منبج رشق حلب‪،‬‬ ‫وأفاد ناشطون ميدانيون أن القتىل غالبيتهم نساء‬ ‫وأطفال‪ ،‬بينهم عائالت بكاملها‪.‬‬ ‫وبني ش ّد وجذب‪ ،‬ومرور الوقت عرب ترصيحات‬ ‫سياسية فضفاضة‪ ،‬ال يزال املوت يطارد السوريني‪،‬‬ ‫واليزال األسد متمسكاً بالسلطة ومستمراً بقتل‬ ‫املدنيني مبساندة الروس‪ .‬والحرب عىل الساحة‬ ‫السورية مستمرة‪ ،‬وأصبح بإمكاننا القول بأن‬ ‫السياسة األمريكية البليدة تجاه ما يحصل بسوريا‬ ‫هي من سمحت بوالدة متطرف جديد مييني أو‬ ‫داعيش أو حتى ديكتاتور‪.‬‬ ‫ويف ظل ذلك يبقى هناك سؤال وحيد يطرح‬ ‫نفسه مع التصارع الدميوقراطي عىل سدة الحكم‬ ‫يف البيت األبيض مع مفارقة رهيبة حيث أن‬ ‫أوباما سيغادر كريس السلطة األمرييك قبل بشار‬ ‫األسد‪ ،‬وهو الذي كان دامئاً ما يقول يف خطاباته‪:‬‬ ‫“أيام األسد يف السلطة باتت معدودة”‪.‬‬ ‫والسؤال يقول ما الذي سنجنيه من سياسة‬ ‫كلينتون الدميقراطية املحنكة أو من عدوانية‬ ‫ترامب الجمهوري العنيف يف رصاعنا السوري‬ ‫الدائر يف أحياء مدننا؟ وما هو اليشء الذي استفدنا‬ ‫فيه من أوباما لنحتفي ونستبرش بخليفته؛ الرئيس‬ ‫األمرييك القادم؟!‬


‫مظلة الحماية‬ ‫نظرة شــمولية الحتياجات الطفل‬

‫‪6‬‬

‫عالء ظاظا‬ ‫مدير البرامج في شبكة حراس‬

‫العدد ‪2016 / 11 / 15 - 80 -‬‬

‫ما الفرق بني حامية الطفل والدعم النفيس للطفل؟‬ ‫إن الدعم النفيس للطفل مهم جداً يف ظروف الطفل‬ ‫السوري‪ ،‬لكن تكمن املشكلة بالنظر إىل الطفل‬ ‫كـ”حالة”! بينام يف التعامل مع الطفل ضمن نظام‬ ‫الحامية‪ ،‬الذي يضمن له جميع الجوانب الرضورية‬ ‫لنم ٍو سليم‪ ،‬تجعل من الحامية مظ ّلة لجميع‬ ‫الخدمات املقدمة لألطفال؛ حيث يكون الدعم‬ ‫النفيس جزءاً منها‪ ،‬ففي نظام الحامية نتعامل مع‬ ‫الطفل كـ “شخص” ونحدد نقاط القوة والضعف‬ ‫لديه‪ ،‬وعند األشخاص القامئني عىل رعايته‪ ،‬حتى‬ ‫نزيد يف قدرته ومرونته يف التعامل مع التحديات‬ ‫يف حياته‪.‬‬ ‫أما إذا تعاملنا مع الجانب النفيس فقط‪ ،‬ونجحنا‬ ‫فيه‪ ،‬فسيبقى لديه جوانب أخرى تعيقه عن النمو‬ ‫السليم؛ فالتعامل مع كل هذه املعوقات يعمل عىل‬ ‫زيادة استقاللية الفرد واستدامة قدرته عىل التكيف‪.‬‬

‫هل حامية الطفل أولوية؟‬

‫مقاالت‬

‫حقيقة قطاع الحامية قطاع مظلوم ألنه من جهة‬ ‫غري مفهوم ومع ّقد‪ ،‬فهو ليس واضح كقطاع الغذاء‬ ‫أو املياه أو الصحة‪ ،‬ومن جهة أخرى هو مفهوم‬ ‫جديد عىل مجتمعنا‪.‬‬ ‫باإلضافة إىل أنه قطاع مكلف نسبياً‪ ،‬مادياً وبرشياً؛‬ ‫تلم شمل طفل بأرسته‪ ،‬فهذا قد‬ ‫فمث ًال لو أردت أن ّ‬ ‫يكلفك مساهمة من عرشين شخصاً ولعدة أشهر‪،‬‬ ‫من أجل طفل واحد! بينام لو أردت أن تحفر برئاً‪،‬‬ ‫فخمسة أشخاص سيقومون باملهمة خالل أسبوعني‪،‬‬ ‫ويخدم البرئ آالف األشخاص‪.‬‬ ‫تفضل الناس أن ترى األثر املبارش الف ّعال بالشكل‬ ‫البسيط‪ ،‬من هنا يظن الناس أن حفر البرئ أهم‬ ‫وأوىل!‬ ‫بينام ألن اإلنسان هو األساس! فحامية الطفل‬ ‫املعرض للخطر هو األمر األوىل‪ ،‬والعدل يقتيض أن‬ ‫تفكر باإلنسان األكرث حاجة أوالً‪ ،‬ألنك لو أنقذت‬ ‫شخصاً واحداً كأنك أنقذت اإلنسانية‪ .‬خاصة عندما‬ ‫تكون أمله الوحيد واألخري‪.‬‬

‫نظرة شمولية الحتياجات الطفل‬

‫من هنا تكون الحامية هي منهج أو طريقة يف‬ ‫التفكري ملقاربة احتياجات الطفل بشكل شامل‪.‬‬ ‫وتنسق بني مختلف قطاعات العمل‬ ‫والحامية تجمع ّ‬ ‫اإلنساين‪ ،‬لضامن استجابة تحقق أثراً مستداماً‪ ،‬وتقلل‬ ‫من احتامل إلحاق األذى‪ .‬من هذا املنطلق‪ ،‬فإن‬ ‫مفاهيم الحامية وقواعدها مهمة لكل القطاعات‬ ‫ليتم التفكري مبا يحقق مصلحة الطفل كفرد‪ ،‬وليس‬

‫التفكري عىل مستوى تقديم الخدمات فقط‪ .‬فقد‬ ‫يكون التدخل من جهة لتأمني خدمة واحدة مع‬ ‫غياب بقية االحتياجات ال يعطي أي أثر‪ ،‬وقد يسبب‬ ‫األذى للطفل‪.‬‬

‫كيف ميكن أن تتسبب اإلغاثة باألذى لألطفال؟‬

‫يوضح هذا األمر مثال منظامت دعم األيتام‪ ،‬التي‬ ‫تقدم فقط املساعدة املالية للطفل اليتيم‪ ،‬دون النظر‬ ‫يف وضع الطفل وأرسته أو القامئني عىل الرعاية‪ ،‬بينام‬ ‫تركز عىل الخدمة (واختصاص املنظمة) وال تركز عىل‬ ‫احتياجات الطفل‪ .‬قد يجعل األرسة الراعية للطفل‬ ‫أو الطفل نفسه معتمدين عىل هذه املساعدة‪ ،‬مام‬ ‫قد يعرض الطفل لالستغالل أو يقلل من فرصته يف‬ ‫التكيف مع وضعه‪.‬‬ ‫قد يكون الطفل يتي ًام لكن لديه أرسة داعمة غنية‬ ‫وليس بحاجة للمساعدة املالية‪ ،‬وقد يكون لديه‬ ‫احتياجات أخرى‪ ،‬واملنظمة فقط تقدم له املساعدة‬ ‫املالية‪ .‬من املهم أن تنظر للطفل بشكل كامل‪ ،‬هل‬ ‫لديه فرصة للتعليم؟ هل يتوفر له الغذاء؟ هل لديه‬ ‫أرسة داعمة؟ هل يحصل عىل فرص اللعب؟ “ماذا‬ ‫يحتاج بالضبط؟” فمنهج الحامية يبحث يف وضع‬ ‫الطفل‪َ ،‬من ِمن أرسته يستطيع املساعدة؟ فنعمل‬ ‫عىل متكني األرسة من دورها‪ ،‬بدل أن نلعب دورها‪.‬‬

‫من يستطيع العمل يف حامية الطفل؟‬

‫يف الوضع الطبيعي ويف حالة السالم متتلك الدولة‬ ‫القوانني والترشيعات والسياسات املتعلقة بحامية‬ ‫الطفل‪ ،‬ويختص بها العاملون يف الحامية‪ .‬مث ًال‬ ‫يف حاالت التفكك األرسي‪ ،‬تستعني املحكمة‬ ‫باالختصاصيني االجتامعيني إلبداء الرأي يف وضع‬ ‫الطفل‪ ،‬حتى ال يكون عرضة للخطر نتيجة حكم‬ ‫املحكمة بدون هذه االستشارة التخصصية‪ .‬وهناك‬ ‫قصور واضح يف األنظمة والسياسات عىل املستوى‬ ‫الوطني حتى قبل الثورة‪ ،‬مع غياب البدائل‬ ‫املجتمعية نتيجة ضعف الالمركزية وانعدام مساحة‬

‫العمل املدين‪.‬‬ ‫أما يف سياق الطوارئ‪ ،‬فهناك الجانب املختص‬ ‫بالحامية املتعلق بالقانون الدويل اإلنساين‪ ،‬الذي‬ ‫تراكمت فيه الخربة اإلنسانية نتيجة الحروب‪ ،‬وتم‬ ‫وضع معايري الحامية يف ظروف الطوارئ‪ ،‬ومن‬ ‫ضمنها الحد األدىن ملعايري الحامية يف حالة الطوارئ‪،‬‬ ‫والذي تعتمده شبكة حراس‪.‬‬ ‫تقدم املعايري اإلطار العام لالستجابة لوضع طارئ‪،‬‬ ‫وتقدم خربات اآلخرين يف مجتمعات أخرى‪ ،‬واجهت‬ ‫سياقات مشابهة لوضعنا‪ ،‬كيف ترصفوا؟ وماذا كانت‬ ‫أفضل املامرسات؟‬

‫هل االختصاص مطلوب للعمل يف املجال‬ ‫اإلنساين؟‬

‫حيث نالحظ أن هناك تخوف لدى الناس‪ ،‬والتصور‬ ‫مختصاً حتى تستطيع‬ ‫العام أنه يجب أن تكون‬ ‫ّ‬ ‫العمل يف املجال اإلنساين‪ .‬نعم‪ ،‬ينبغي أن تكون‬ ‫مختصاً حتى تستطيع تشخيص الحالة وتضع‬ ‫ّ‬ ‫خطة فردية للطفل‪ ،‬وهذا يعترب جزء بسيط‬ ‫من العمل‪ ،‬لكن الجزء األكرب يعتمد عىل تقديم‬ ‫الدعم لآلخرين‪ ،‬ولهذا يكفي أن يكون لديك الدافع‬ ‫اإلنساين للمساعدة ويكون قلبك يف املكان الصحيح‪.‬‬ ‫أخرياً‬ ‫أحب أن أوضح أنه يف مجال العمل اإلنساين إجامال‪ً،‬‬ ‫الكثري من األجوبة هي أجوبة بديهية‪ ،‬والكثري من‬ ‫القواعد هي منطقية‪ ،‬وكل إنسان يستطيع بيشء‬ ‫من الرتكيز عىل مصلحة الطفل أن يعرف ما يجب‬ ‫وميكن فعله‪.‬‬ ‫لكن تم وضع اإلطار لتجنيبك أخطاء قد تندم‬ ‫عليها الحقاً‪ ،‬أخطاء يف استخدام املوارد مث ًال‪ ،‬التي‬ ‫هي يف الواقع محدودة جداً‪ ،‬أو أخطاء يف حاالت‬ ‫خاصة تتطلب إدراكاً أعمق لإلطار القانوين أو لوضع‬ ‫الطفل‪.‬‬


‫مبادرة جيــش اإلنقاذ الوطني‬ ‫احتمالية النجاح والفشــل‬

‫‪7‬‬

‫أبو القاسم السوري‬

‫العدد ‪- 80 -‬‬ ‫‪2016 / 11 / 15‬‬

‫املعادلة التي كانت قامئة‪ ،‬ويعيد تصحيح بوصلة‬ ‫الثورة من جديد‪ ،‬من خالل طرح وطني وفق بنية‬ ‫عسكرية مؤسساتية‪.‬‬ ‫ولكن السؤال األهم واألسايس الذي يؤرق سكان‬ ‫الغوطة الرشقية وكل غيور يف سورية‪ :‬هل سيكتب‬ ‫النجاح لهذه املبادرة؟‬ ‫الحقيقة إن املعيار األسايس الذي سيحدد احتاملية‬ ‫النجاح والفشل لهذه املبادرة يرتبط بعدة عوامل‬ ‫رئيسية أساسية وهي‪:‬‬ ‫‪ - 1‬الوعي الحقيقي لكل الفصائل بأن املشاريع‬ ‫الفصائلية مل تؤ ّد إىل نتيجة‪ ،‬وليس مصريها سوى‬ ‫الفشل وإنهاء الثورة‪ ،‬وبالتايل هناك حاجة لدى‬ ‫الجميع إلعادة تصحيح املفاهيم واالندماج ضمن‬ ‫مرشوع وطني تشاريك‪ .‬أما إذا ما بقيت عقلية‬ ‫الفصائلية هي السائدة‪ ،‬فسيكون مصري هذه‬ ‫املبادرة كمصري العديد من املبادرات التوحيدية‬ ‫السابقة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الظرف الخطري الذي متر به الغوطة؛ واملتمثل‬ ‫أساساً بوصول النظام إىل مناطق حساسة جداً يف‬ ‫الغوطة‪ ،‬وبالتايل فعىل الجميع أن يدرك أن خطر‬ ‫النظام تعلو أهميته مبئات املرات من الرصاع‬ ‫السيايس بني الفصائل ليكونوا قوى مهيمنة يف‬ ‫مناطقهم‪ ،‬وبالتايل إن مل يكن خطر النظام قادر‬ ‫عىل توحيد فصائل الثورة فال يوجد أي عامل قادر‬ ‫عىل توحيدهم‪.‬‬

‫‪ - 3‬التبني الشعبي واملؤسسايت للمبادرة‪ ،‬والذي‬ ‫ظهرت بوادره من خالل املظاهرات يف أغلب‬ ‫بلدات الغوطة الرشقية تأييداً للمبادرة‪ ،‬وبالتايل‬ ‫يبدو أن الشارع بدأت تعود له حيوية الحراك‬ ‫الثوري التصحيحي‪ ،‬وهو عامل يجب العمل عىل‬ ‫تفعيله ليكون رافعة إلنجاح املبادرة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬التبني اإلقليمي والدويل لهذه املبادرة‪ ،‬من‬ ‫خالل دمج قنوات الدعم للمؤسسة العسكرية‬ ‫الجديدة املزمع إنشاؤها‪ ،‬وهو أمر يجب عىل‬ ‫القوى الصادقة مع الثورة السورية دعمه بكل‬ ‫قوتها‪ ،‬ألنه يساعد عىل تسويق مرشوع وجود‬ ‫البديل الوطني الحقيقي‪.‬‬ ‫طبعا هذه العوامل لن يؤثر أحدها بشكل منفصل‬ ‫عىل مصري املبادرة‪ ،‬بل سيكون تفاعل جميع هذه‬ ‫العوامل إىل أن ترى هذه املبادرة النور‪ ،‬أو العكس!‬ ‫ولكن أخىش ما أخشاه هو أن يبقى البعض يعطي‬ ‫أذنه إىل الخارج معتقداً أن ما يسمعه من نصائح‬ ‫من الدول الخارجية هو سبيل النجاة‪ .‬وحقيقة أن‬ ‫هذا األمر يودي بسورية عموماً والغوطة الرشقية‬ ‫خصوصاً إىل املزيد من الدمار‪.‬‬ ‫وعليه يجب عىل الجميع أن يدير سمعه باتجاه‬ ‫حاضنه الشعبي‪ ،‬وأن تكون محددات الثورة‬ ‫هي محددات الجميع‪ ،‬وأن يقتنع الجميع مببدأ‬ ‫التشاركية‪ ،‬وإال فإن مصري الجميع لن يكون إال‬ ‫مصرياً أسود‪.‬‬

‫مقاالت‬

‫قامت الهيئة السياسية املنبثقة من الهيئة العامة يف‬ ‫الغوطة الرشقية‪ ،‬وهي املؤسسة املدنية التمثيلية‬ ‫األكرب والتي توجد فيها غالبية البنى املدنية العاملة‬ ‫يف الغوطة الرشقية‪ ،‬من مجالس محلية وهيئات‬ ‫رشعية وخدمية وطبية وإغاثية وتعليمية‪ ،‬بإطالق‬ ‫مبادرة جيش اإلنقاذ الوطني؛ وهي مبادرة هادفة‬ ‫إىل دمج الفصائل العاملة يف الغوطة الرشقية‬ ‫ضمن جيش واحد بقيادة جديدة‪ ،‬تؤول إليه كافة‬ ‫األسلحة واملقرات واإلمكانيات املادية والبرشية‪،‬‬ ‫يحمل علم الثورة ويتبنى أهدافها‪ .‬وسيتكون‬ ‫الجيش من أربعة مكونات وهي هيئة سياسية‬ ‫مدنية‪ ،‬ومجلس شورى عسكري‪ ،‬وأركان واحدة‪،‬‬ ‫ومرجعية رشعية واحدة‪ ،‬وفق نسب مئوية‬ ‫للفصائل الكربى العاملة يف الغوطة‪.‬‬ ‫وطبعاً أتت هذه املبادرة بعد حالة من التدهور‬ ‫املستمر يف الغوطة الرشقية‪ ،‬أدت إىل تبلور حالة‬ ‫من الضعف العام ظهرت واضحة من خالل النقاط‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫االنقسام يف املشاريع السياسية يف الغوطة‪ ،‬والذي‬ ‫أدى إىل انقسامات عىل عدة مستويات‪ ،‬عسكرية‬ ‫ومدنية‪ ،‬أدت يف النهاية إىل صدام بني الفصائل‪،‬‬ ‫وخاصة بني جيش اإلسالم وفيلق الرحمن‪ ،‬وكانت‬ ‫نتائجه انهيار الثقة بني الفصائل يف الغوطة‪.‬‬ ‫غياب املرشوع السيايس الجامع القادر عىل تجاوز‬ ‫معضلة الفصائلية‪.‬‬ ‫تقلص مناطق سيطرة الثورة عىل حساب سيطرة‬ ‫النظام‪ .‬‬ ‫متلمل نسبة من سكان الغوطة من أداء الفصائل‬ ‫العسكري‪ ،‬ومن طول أمد الحرب وما يرافقه من‬ ‫دفع فواتري عالية عىل كل مستويات‪.‬‬ ‫نتيجة لكل ذلك كان هناك شعور بالخطر املحدق‬ ‫يف الغوطة الرشقية‪ ،‬وخاصة أن النظام قد استطاع‬ ‫إنهاء ملفات مناطق أخرى يف ريف دمشق‪،‬‬ ‫وبالتايل ميكن له أن يتفرغ للغوطة بزج قوة‬ ‫عسكرية جديدة له عىل تخومها‪ ،‬مام سينعكس‬ ‫تصعيداً عسكرياً أكيداً‪ .‬ونتيجة لكل ذلك كان ال‬ ‫بد من أن يكون هناك طرح سيايس يستطيع تغري‬


‫شرعية التدخل الروسي في سوريا‬ ‫‪8‬‬

‫المحامي أنور البني‬

‫العدد ‪2016 / 11 / 15 - 80 -‬‬

‫التدخل العسكري لروسيا يف سوريا يثري الكثري‬ ‫من التساؤالت حول مرشوعيته ومدى اتفاقه‬ ‫مع القوانني الدولية‪ ،‬وتربر الحكومة الروسية‬ ‫هذا التدخل بأنه بناء عىل طلب الحكومة‬ ‫السورية‪ ،‬وبناء عىل اتفاقيات موقعة بينهام‪،‬‬ ‫فهل ميكن االعتامد عىل ذلك ملنح رشعية‬ ‫قانونية لهذا التدخل؟‬ ‫ميكن أن نقسم هذه االتفاقيات إىل قسمني‪:‬‬ ‫أولهام املوقعة بني الحكومة السورية واالتحاد‬ ‫السوفيتي والحكومة الروسية التي ورثته قبل‬ ‫اندالع الثورة السورية عام ‪ ،2011‬واالتفاقيات‬ ‫املوقعة بعد هذا التاريخ‪.‬‬ ‫فاالتفاقيات املوقعة قبل تاريخ الثورة السورية‬ ‫هي اتفاقيات سياسية بني ممثيل دولتني حسب‬ ‫القانون الدويل العام‪ ،‬وليس بني أشخاص‬ ‫بصفتهم الشخصية‪ ،‬وبالتايل ال ميكن التمسك‬ ‫بها قانوناً مبواجهة خالف داخيل عليها‪ ،‬وال‬ ‫ميكن استخدامها لدعم طرف داخيل مبواجهة‬ ‫الطرف اآلخر‪ ،‬وإال فقدت مرشوعيتها القانونية‬ ‫كاتفاقية دولية‪ ،‬وانتقلت إىل مصاف االتفاقيات‬ ‫الشخصية التي ال يحميها القانون الدويل‪ ،‬وال‬ ‫ميكن التمسك بها يف مواجهته‪ ،‬مام يعني أن‬ ‫كل الدعم العسكري والسيايس الذي قدمته‬ ‫روسيا االتحادية للنظام السوري هو ال يخضع‬ ‫لقواعد القانون الدويل واالتفاقيات‪ ،‬وليس‬ ‫دع ًام لسوريا البلد والدولة‪ ،‬وإمنا دعم طرف‬ ‫ض ّد آخر‪ ،‬وبالتايل لديها مسؤولية جزائية عندما‬ ‫يستخدم هذا الدعم الرتكاب جرائم حرب أو‬ ‫جرائم ضد اإلنسانية‪.‬‬ ‫أما االتفاقيات التي تم توقيعها بعد اندالع‬ ‫الثورة يف سوريا‪ ،‬فإنها فاقدة ألي رشعية قانونية‬ ‫حت ًام مبوجب القانون الدويل‪.‬‬ ‫تنص قوانني األمم املتحدة عىل أنه يتوجب عىل‬ ‫الدول أن تودع االتفاقيات املوقعة بينها لدى‬ ‫األمم املتحدة حتى يصبح ملزماً‪ .‬واملعاهدة‬ ‫هي اتفاق دويل يتم إبرامه بني شخصني أو أكرث‬ ‫من أشخاص القانون الدويل‪ ،‬وهي تعني وجود‬ ‫اتفاق بني دولتني أو أكرث لتحديد الحقوق‬

‫والواجبات املتبادلة‪ ،‬أو لحل مسألة‪ ،‬أو تعديل‬ ‫عالقة‪ ،‬أو وضع قواعد وأنظمة تتعهد الدول‬ ‫باحرتامها‪.‬‬ ‫من رشوط املعاهدة الدولية أنه ال بد أن يكون‬ ‫جميع أطرافها متمتعني باألهلية القانونية‪،‬‬ ‫الدولة كاملة السيادة تتمتع باألهلية الكاملة‪،‬‬ ‫وتستطيع إبرام كافة أنواع املعاهدات‪ ،‬ولكن‬ ‫األمر يختلف بالنسبة للدول ناقصة السيادة أو‬ ‫الدول الفاشلة‪ ،‬التي ال ميكن أن تربم اتفاقيات‬ ‫دولية‪ ،‬وال يعتد بأي اتفاقيات ميكن أن تربمها‪.‬‬ ‫كام يتوجب عدم قيام التعارض بني مضمون‬ ‫املعاهدة أو غايتها وبني أي من قواعد القانون‬ ‫الدويل العام اآلمرة؛ إذ أن من شأن قيام مثل‬ ‫هذا التعارض أن يجعل املعاهدة تتصف‬ ‫نصت اتفاقية فيينا‬ ‫بالبطالن‪ .‬وىف هذا الشأن ّ‬ ‫للمعاهدات عىل أنه “تقع باطلة بطالناً مطلقاً‬ ‫كل معاهدة تتعارض يف لحظة إبرامها مع‬ ‫إحدى قواعد القانون الدويل العام اآلمرة”‬ ‫لذلك ال ميكن للمعاهدات الدولية أن تتضمن‬ ‫القيام بجرائم حرب أو جرائم ض ّد اإلنسانية‪،‬‬ ‫وجرائم إبادة وتطهري عرقي واستيالء عىل‬ ‫قواعد عسكرية‪.‬‬ ‫وحيث أن سوريا هي دولة فاشلة مبوجب‬ ‫املعايري الدولية التي تنص عىل أن الدولة تصبح‬ ‫فاشلة إذا ظهر عليها عددٌ من األعراض‪ ،‬أولها‬ ‫أن تفقد السلطة القامئة قدرتها عىل السيطرة‬ ‫الفعلية عىل أراضيها‪ ،‬أو أن تفقد احتكارها‬

‫لحقّ استخدام العنف املرشوع يف األرايض التي‬ ‫تحكمها‪ .‬وثانيها هو فقدانها لرشعية اتخاذ‬ ‫القرارات العامة وتنفيذها‪ .‬وثالثها عجزها‬ ‫عن توفري الحد املعقول من الخدمات العامة‪.‬‬ ‫ورابعها عجزها عن التفاعل مع الدول األخرى‬ ‫كعضو فاعل يف األرسة الدولية‪.‬‬ ‫لكل ذلك وكام يظهر أن الوجود الرويس عىل‬ ‫األرايض السوري هو وجود غري مرشوع‪ ،‬وال‬ ‫ميكن وضعه تحت بند اتفاقيات دولية أو‬ ‫إعطائه بعداً رشعياً قانونياً‪.‬‬ ‫إن كل ما تسوقه الحكومة الروسية من أعذار‬ ‫أو تربيرات لتدخلها العسكري يف سوريا هي‬ ‫خاطئة ومخالفة للحقيقة وللقانون الدويل‪،‬‬ ‫وهي حقيقة وقانوناً تدخل غري مرشوع‪ ،‬ووجود‬ ‫عسكري يشكل قوة احتالل مبارش يف ظل دولة‬ ‫فاشلة‪ ،‬وبالتايل من حق السوريني اعتبار روسيا‬ ‫االتحادية عدواً عسكرياً مبارشاً محت ًال لبلدهم‪،‬‬ ‫والرئيس الرويس وأعضاء حكومته والعسكريني‬ ‫الروس هم مجرمني يتوجب محاكمتهم‪ .‬وعىل‬ ‫األمم املتحدة رفع الرشعية عن أي معاهدة‬ ‫أو اتفاق بني روسيا والشخصيات السورية‬ ‫املتحالفة معها‪ ،‬واتخاذ كل اإلجراءات الالزمة‬ ‫إلجبار روسيا عىل االنسحاب من سوريا ورفع‬ ‫االحتالل‪ ،‬ومحاكمة املجرمني الذين ارتكبوا‬ ‫الجرائم يف سوريا واملسؤولني الذين أعطوا‬ ‫األوامر بهذه الجرائم‪.‬‬


‫أهمية دور‬ ‫القضاء في‬ ‫مستقبل سوريا‬ ‫المحامي ميشال شماس‬

‫‪9‬‬

‫طلعنا عالحرية‬ ‫العدد ‪- 80 -‬‬

‫يقوم املركز السوري للدراسات واألبحاث القانونية الذي يرأسه املحامي‬ ‫أنور البني‪ ،‬مبساهمة من كوادر املركز من املحامني بأملانيا‪ ،‬وبالتعاون مع‬ ‫عدد من املنظامت األملانية واألوروبية منها املركز األورويب لدراسات حقوق‬ ‫اإلنسان والشبكة األورومتوسطية لحقوق اإلنسان‪ ،‬ومحامني أملان‪ ،‬مبحاولة‬ ‫إلقامة دعوى حول جرائم التعذيب واإلخفاء القرسي يف سوريا‪ ،‬وخاصة‬ ‫حول جرائم التعذيب واإلخفاء القرسي لدى شعبة األمن العسكري‪،‬‬ ‫وباألخص بالفروع األمنية فرع فلسطني وفرع املنطقة ورسية املداهمة‪.‬‬ ‫وبني املحامي أنور البني حيثيات هذه الدعوى بقوله‪:‬‬ ‫“إن الواقع القضايئ يف الدول األوروبية ال يسمح بإقامة دعاوى عىل متهمني‬ ‫تخص جرائم حدثت يف سوريا‪ ،‬ما مل يكن أحد الضحايا أو‬ ‫موجودين يف سوريا ّ‬ ‫تم استثامره بالدعوى عىل أجهزة األمن‬ ‫ما‬ ‫وهذا‬ ‫جنسيتني‪،‬‬ ‫املجرمني يحمل‬ ‫ّ‬ ‫الجوي‪ ،‬التي متت إقامتها بباريس بفرنسا منذ حوايل الشهر‪ ،‬بسبب وجود‬ ‫ضحايا يحملون الجنسيتني الفرنسية والسورية‪ .‬وبجهود كبرية لكثريين‬ ‫أحدثت ثغرات وحاالت جديدة ميكن استخدامها إذا كان املجرم قد وصل‬ ‫إىل أرايض الدول األوروبية كمقيم أو كالجئ‪ .‬هذا ما تم إنجازه بالدعوى‬ ‫املقامة بالسويد منذ فرتة ونحاول تعميمها عىل كل الدول األوروبية‪ ،‬كام‬ ‫نحاول فتح ثغرة جديدة باستخدام اتفاقيات مناهضة التعذيب والنصوص‬ ‫الدستورية األوروبية لنؤسس لدعاوى ض ّد املجرمني يف سوريا‪ .‬وابتدأنا اآلن‬ ‫بدعوى يف أملانيا‪ .‬واخرتنا هذه األفرع األمنية بسبب الفظائع الكبرية جداً‬ ‫التي ارتكبت فيها‪ ،‬وبسبب األعداد الكبرية جداً للمعتقلني الذين مروا‬ ‫عليها‪ .‬ويف حال نجاحنا ستكون أول لبنة وسابقة متكننا من فتح دعاوى‬ ‫جديدة عىل املجرمني يف الفروع األمنية ومراكز االعتقال األخرى‪ ،‬ريثام‬ ‫يتمكن السوريون من بناء قضائهم وعدالتهم الخاصة بهم يف سوريا”‪.‬‬ ‫وقد أطلق البني عىل صفحته يف الفيس بوك نداءاً إىل الالجئني السوريني‬ ‫يف أملانيا خصوصاً أو يف أوروبا‪ ،‬ممن اعتقل لدى فرع فلسطني ‪ 235‬أو‬ ‫فرع املنطقة ‪ 227‬أو فرع املداهمة ‪ 215‬يف عام ‪ 2011‬وما بعد‪ ،‬و يرغب‬ ‫أن يكون شاهداً أو مدعياً أمام القضاء‪ ،‬أن يراسله لرتتيب اللقاء معه وأداء‬ ‫شهادته‪ ،‬وتوكيل املحامني الذين سيتابعون الدعوى‪.‬‬ ‫وأضاف البني لـ طلعنا عالحرية‪“ :‬أنه من املبكر اآلن الحديث عن مآل‬ ‫الدعوى ونتائجها ونحن باملرحلة التحضريية لها‪ ،‬ولكني متفائل بنجاحنا‪،‬‬ ‫وأصبح لدينا عدد جيد من املعتقلني الجاهزين لالدعاء والشهادة‪ ،‬بفضل‬ ‫تعاون وحامس الجميع”‪ .‬وأضاف” “من املؤكد أن فتح باب العدالة بسبب‬ ‫قضية واحدة هو عدالة للجميع‪ ،‬املهم أن ال يبقى املجرمون طلقاء‪ ،‬وأن‬ ‫ال يشعروا باألمان والحامية‪ ،‬إنها رسالة واضحة وقوية للمجرمني‪ :‬أننا لن‬ ‫ننساهم وسنبذل كل ما نستطيع لجلبهم لقفص العدالة عاج ًال أم آج ًال‪..‬‬ ‫ومهام امتدت الجرائم فالعقاب قادم‪ ،‬وال راحة لهم مهام امتد الزمن‪ ،‬وال‬ ‫حلوالً سياسية ميكن أن تحميهم يف أي وقت‪ ،‬وال مهرب لهم بأي مكان يف‬ ‫األرض”‪.‬‬

‫‪2016 / 11 / 15‬‬

‫ملحة‪،‬‬ ‫أصبح اليوم الحديث عن القضاء القوي العادل وحقوق اإلنسان أكرث من رضورة ّ‬ ‫ويكتسب أهمية بالغة بالنسبة للشعب السوري‪ ،‬السيام يف ظل املأساة الرهيبة التي يعيشها‬ ‫منذ ما يقرب من خمس سنوات وما قبلها‪ ،‬عىل امتداد أكرث من خمسني سنة من العسف‬ ‫والظلم والحرمان‪.‬‬ ‫ففي الوقت الذي ازدادت فيه أهمية دور القضاء يف تطور املجتمعات وتقدمها‪ ،‬بعد أن أصبح‬ ‫يقوم بوظيفة حفظ االستقرار والسلم االجتامعي‪ ،‬وامتصاص التوترات املجتمعية التي ميكن‬ ‫أن تحدث نتيجة عدم إيجاد حلول جدية للمشاكل االقتصادية واالجتامعية‪ ،‬والسيام مشكلة‬ ‫الفساد والتضييق عىل ح ّريات الناس‪ ،‬وذلك يف إطار مجموعة من املبادئ والدميقراطية‬ ‫الحديثة‪ ،‬املرتكزة عىل قضاء مستقل وقوي‪ ،‬وعىل سيادة القانون‪ ..‬نجد العكس متاماً قد جرى‬ ‫ومازال يجري يف سوريا؛ حيث تح ّول القضاء إىل مجرد هيكل بال طعم وال لون‪ ،‬بسبب التدخل‬ ‫السافر يف شؤونه والتعدي عىل اختصاصاته‪ ،‬فتحول من مؤسسة عدل وإنصاف إىل وسيلة بيد‬ ‫النظام الحاكم لتثبيت حكمه وقمع الشعب‪ ،‬والسيام خصومه السياسيني‪ ،‬وكذلك املدافعني‬ ‫عن حرية اإلنسان وحقوقه‪ ،‬وهو األمر الذي ساهم بشكل مبارش يف اندالع انتفاضة السوريني‬ ‫ضد النظام املستبد والجائر‪.‬‬ ‫ففي هذا الزمن بات يقاس تطور الدول مبدى سيادة القانون واستقالل قضائها‪ ،‬عىل اعتبار أن‬ ‫الدولة يف املجتمعات الحديثة تخضع للقانون‪ ،‬فال ميكن أن تقوم سيادة القانون أو تتحقق إال‬ ‫حيث يكون اإلقرار بحقوق اإلنسان واحرتامها متوافراً عىل أكمل وجه‪ ،‬وكام قال رئيس مجلس‬ ‫شورى الدولة الفرنيس السابق رينيه كاسان‪“ :‬وإنه ألمر جوهري أن يحمي هذه الحقوق نظام‬ ‫قانوين‪ ،‬حتى ال يكون املرء مضطراً يف النهاية إىل الثورة ضد الطغيان والظلم”‪.‬‬ ‫فالسلطة القضائية ال ميكنها لوحدها أن تحقق العدالة وتحفظ االستقرار والسلم األهيل‪ ،‬إال‬ ‫إذا ما وضعت السلطات القامئة نفسها تحت أمرة القانون‪ ،‬واحرتمت ح ّرية وحقوق جميع‬ ‫املواطنني واملواطنات‪ ،‬وآمنت بأن املواطن يشكل أساس كل التعاقدات االجتامعية والسياسية‪.‬‬ ‫ومفهوم العدالة ال يخرج عن هذا اإلطار بل يك ّرسه‪ .‬يقول الفليسوف األملاين إميانويل كانط‪:‬‬ ‫“تعترب العدالة اإلنسان األساس املحوري ألي تنمية مستدمية‪ ،‬باعتباره كائناً مستق ًال قادراً‬ ‫عىل أن يحدد بنفسه القانون الذي يجب أن يخضع له”‪ ،‬وفكرة “سلطان اإلرادة” مستبطنة‬ ‫من عمق مفهوم العدالة‪ ،‬غري أنه ال ميكن لإلنسان أن يطمنئ إىل جهاز عدالة إال إذا كان‬ ‫هذا الجهاز يق ُّر له فعلياً حق املساواة بني الفقري والغني؛ صاحب السلطة ومفتقدها‪ ،‬العامل‬ ‫بالقانون والجاهل به‪ ..‬وبعبارة أوضح وأدق‪ :‬أن تحفظ هذا العدالة كرامة اإلنسان باعتبارها‬ ‫تشكل الدافع األسايس لتقدم وازدهار العدالة‪.‬‬ ‫ويف دولة القانون‪ ،‬تقترص سلطة الدولة عىل حامية املواطنني من املامرسة التعسفية للسلطة‪.‬‬ ‫يف دولة القانون يتمتع املواطنون بالحريات املدنية قانونياً‪ ،‬وميكنهم استخدامها يف املحاكم‪ .‬و‬ ‫ال ميكن لبلد أن تكون فيه حرية ودميقراطية بدون أن يكون فيه أوالً دولة قانون‪.‬‬ ‫وإن حقوق اإلنسان ال ميكنها أن ترتسخ يف سوريا إال إذا ما ضمنّا لقضائنا وقضاتنا الحرمة‬ ‫والفعالية‪ ،‬والخضوع ألحكام القضاء‪ ،‬يضاف إليها تنمية روح الح ّرية واحرتام القانون لدى‬ ‫الحكام واملحكومني عىل السواء‪ .‬فام قيمة النصوص والقوانني إذا خمدت روح الحرية واحرتام‬ ‫القانون وحقوق اإلنسان يف قلوب الناس؟ فالحرية تعلو باإلنسان‪ ،‬وبدونها لن نستطيع أن‬ ‫نفتح باباً‪ ،‬أو نرفع ظل ًام أو نص ّد عدواناً‪.‬‬ ‫باختصار‪ ،‬إن ضامن قيام سلطة قضائية قوية وفاعلة وف ّعالة ومستقلة‪ ،‬تؤمن أن ح ّرية اإلنسان‬ ‫تشكل األساس الذي ترتكز عليه يف كل قراراتها وأحكامها سيساعدنا كثرياً يف إعادة بناء سوريا‬ ‫املستقبل بعيداً عن أي استبداد أو تطرف‪.‬‬

‫دعوى قضائية حول‬ ‫جرائم التعذيب‬ ‫واإلخفاء القسري‬ ‫في سوريا‬


‫مدينة التل المنسية‪..‬‬ ‫على خطى داريا !!‬

‫‪10‬‬ ‫سامي الساري‬

‫العدد ‪2016 / 11 / 15 - 80 -‬‬

‫تعترب مدينة التل من أشهر مدن ريف دمشق؛ فهي‬ ‫بوابة منطقة القلمون‪ ،‬ونقطة الوصل مع العاصمة‬ ‫دمشق‪ .‬وتعترب من أوائل املدن التي شاركت بالحراك‬ ‫السلمي الذي بدأ يف آذار‪ /‬مارس ‪ 2011‬ض ّد النظام‬ ‫الديكتاتوري‪ ،‬فنالها ما نالته بقية املدن األخرى من‬ ‫املدن الثائرة‪ ،‬من قصف ودمار واعتقاالت‪.‬‬ ‫وعىل الرغم من أن املدينة تشهد حالة هدنة مع‬ ‫النظام منذ منتصف عام ‪ ،2013‬إال أن األخري ال يزال‬ ‫يتبع سياسة “الجوع أو الركوع” إلخضاع املناطق‬ ‫الخارجة عن سيطرته‪ ،‬عىل غرار ما حصل يف العديد‬ ‫من املدن السورية؛ فال تزال مدينة التل تقبع تحت‬ ‫حصار خانق يستهدف أكرث من ‪ 600‬ألف محارص‬ ‫داخل املدينة‪ ،‬وذلك عرب إغالق جميع مداخل ومخارج‬ ‫املدينة الخمسة‪ ،‬وإطباق الخناق عىل األهايل‪.‬‬

‫أوضاع إنسانية صعبة يعيشها السكان يف املدينة‬

‫تقارير‬

‫“عبادة س” أحد ناشطي املدينة‪ ،‬والذي فضل عدم‬ ‫ذكر اسمه الحقيقي تحدث لـ طلعنا عالحرية عن‬ ‫األوضاع اإلنسانية فقال‪“ :‬نعاين من أوضاع إنسانية‬ ‫يف غاية الصعوبة بسبب الحصار الهمجي الذي‬ ‫تفرضه قوات النظام علينا منذ أكرث من عام ونصف؛‬ ‫فاألسواق فارغة متاماً من املواد الغذائية‪ ،‬وإن وجدت‬ ‫فيكون مثنها باهضاً جداً بسبب احتكار بعض تجار‬ ‫األزمات لحاجة السكان الذين يصل عددهم إىل أكرث‬ ‫من ‪ 600‬ألف إنسان بني السكان األصليني والنازحني‬ ‫من باقي املناطق‪ ،‬والذين يسكن أغلبهم يف بيوت غري‬ ‫جاهزة (عىل العظم) ويف املدارس وحتى يف العراء‪،‬‬ ‫فتزداد معاناتهم مع قدوم فصل الشتاء‪ .‬ومن املعلوم‬ ‫للجميع أن الشتاء يف هذه املدينة قاس جداً‪ ،‬ألن‬ ‫الربد هنا (سليامين) ويرافق فصل الشتاء انتشار عدة‬ ‫أمراض كنزالت الربد خصوصاً لدى النساء واألطفال‪،‬‬ ‫يف ظل النقص الكبري للكوادر الطبية واملستلزمات‬ ‫الطبية واألدوية‪ ،‬وانتشار األمراض الحادة واملزمنة‪،‬‬ ‫ال سيام التهاب الكبد الوبايئ‪ .‬كام أن قوات النظام‬ ‫متنع املنظامت الطبية من دخول املدينة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إىل منع دخول املحروقات كاملازوت الذي نحتاجه‬ ‫للتدفئة‪ ،‬والغاز الذي يصل مثن الجرة منه إىل أكرث من‬ ‫‪ 4500‬ل‪.‬س‪ .‬باإلضافة إىل النقص الكبري مبادة الطحني‪،‬‬ ‫مام يؤدي إىل أزمة خبز كبرية‪ ،‬كام عمد األهايل إىل‬ ‫زراعة الطرقات ورشفات وأسطح املنازل لتأمني ما‬ ‫يسد الرمق‪.‬‬ ‫أما عن الكهرباء فال تأيت سوى ساعتني خالل اليوم‪،‬‬ ‫“فقد نسيناها منذ زمن”‪ ..‬ويكمل “عبادة” ساخراً‪:‬‬ ‫“أما مياه الرشب فهي بحالة جيدة ألنها تأيت مرتني يف‬ ‫األسبوع‪ ،‬أي أن املاء انترصت عىل الكهرباء”‪ .‬ويتابع‬

‫عبادة حديثه فيقول‪“ :‬أحد بنود الهدنة الرئيسية مع‬ ‫النظام هو ضامن عدم التعرض للطالب واملوظفني أثناء‬ ‫الخروج من املدينة‪ ،‬إال أن النظام يتعمد اعتقال بعضهم‬ ‫وإهانتهم وخصوصاً النساء” ويختم “عبادة” مستغرباً‪:‬‬ ‫“أال تستحق هذه املدينة أن يتم تسليط الضوء عىل‬ ‫معاناة سكانها‪ ،‬والوقوف بجانبهم ضد النظام الذي‬ ‫يتجه إىل تهجري سكانها؟ أم أن النواح والتمجيد ال يبدأ‬ ‫إال بعد أن نصعد يف الباصات الخرضاء؟!”‪.‬‬ ‫“ماجد الحسن” أحد املسلحني داخل املدينة يتحدث‬ ‫قائ ًال‪“ :‬تلقينا رسالة من النظام عن طريقة لجنة‬ ‫املفاوضات‪ ،‬مفادها أنه يجب علينا تسليم سالحنا‬ ‫والخروج مع عائالتنا من املدينة‪ ،‬وإال سوف يدخلونها‬ ‫كام دخلوا داريا‪ .‬مع أننا توقفنا عن قتال النظام‬ ‫يرص عىل مطالبه‪ ،‬فهو‬ ‫منذ عام ‪ ،2013‬إال أن النظام ّ‬ ‫مل يلتزم ببنود الهدنة‪ ،‬وتتعرض املدينة للقصف بني‬ ‫الحني واآلخر‪ .‬ونحن اآلن نتشاور مع األهايل يف املدينة‪،‬‬ ‫وننتظر ما سيقررونه‪ ،‬ولن نخرج عن قرارهم‪ ،‬ألننا مل‬ ‫نحمل السالح بإرادتنا‪ ،‬بل حملناه مجربين‪ ،‬فأنا كنت‬ ‫طالباً يف قسم الفلسفة‪ ،‬لكنني تفاجأت بفصيل بسبب‬ ‫خروجي مبظاهرة سلمية يف املدينة‪ ،‬ومل أكن أتخيل‬

‫أنني سأحمل سالحاً يف يوم من األيام‪ ،‬لكنني اليوم أجد‬ ‫نفيس مضطراً للدفاع عن مدينتي التي يريد النظام أن‬ ‫يهجرنا منها عىل غرار ما فعل يف داريا والوعر وغريهام‪.‬‬ ‫ويزج بهم‬ ‫ولن يكتفي بترشيدنا‪ ،‬بل سيعتقل شبابنا ّ‬ ‫يف معارك ض ّد الشعب السوري يف املناطق األخرى”‬ ‫ويعرب “ماجد” عن قلقه ممن أسامهم بدواعش التل؛‬ ‫ويقصد املجموعات التي بايعت تنظيم داعش فيقول‪:‬‬ ‫“أعتقد أن هؤالء سيكونون السبب والذريعة التي‬ ‫سيقصفنا النظام بحجة وجودها يف املدينة؛ فهؤالء ال‬ ‫يستشريون أحداً‪ ،‬وال نعرف من أين تأيت قراراتهم‪ ،‬فهم‬ ‫خطر كبري علينا‪ ،‬مثلهم مثل النظام”‪.‬‬ ‫يبدو أن النظام ماض يف طريقه لتهجري سكان مدينة‬ ‫التل‪ ،‬لكن ليس عىل طريقة داريا وباقي املناطق‪ ،‬وإمنا‬ ‫عن طريق اتباع سياسة املوت البطيء والتضييق عىل‬ ‫األهايل‪ ،‬وعن طريق افتعال املشاكل داخل املدينة عرب‬ ‫أتباعه‪ .‬لكن يبقى السؤال األهم إىل متى سيبقى النظام‬ ‫يتبع سياسة التغيري الدميوغرايف والتهجري القرسي عىل‬ ‫مرأى ومسمع العامل أجمع؟ أمل يحن الوقت ليتحمل‬ ‫العامل مسؤولياته األخالقية واإلنسانية؟ أم أننا نسري‬ ‫نحو املزيد من الجنون عىل هذا الكوكب!‬


‫من دمشق إلى غروزني‪..‬‬

‫‪11‬‬

‫علي فاروق‬

‫العدد ‪- 80 -‬‬ ‫‪2016 / 11 / 15‬‬

‫مقاالت‬

‫ُيخطئ من يعتقد أن املرشوع كان عفوياً‪ ،‬أو‬ ‫لحظياً؛ (مرشوع املصالحات‪ ،‬والهدن)‪ ،‬وصوالً إىل‬ ‫عمليات التهجري القرسي للسكان واملقاتلني إىل‬ ‫الشامل السوري‪ ،‬ومحافظة إدلب تحديداً‪.‬‬ ‫يستطيع املتتبع ملجريات الثورة السورية‪ ،‬متييز‬ ‫هذه املحطة البارزة باعتبارها تبدالً نوعياً‪ ،‬جوهرياً‬ ‫يف مسار الرصاع ومجرياته‪ ،‬كام ميكنه تلمس‬ ‫مؤرشات دامغة عىل ارتباط هذا املرشوع بوجود‬ ‫رغبة وإرادة‪ ،‬ورمبا قرار الدويل بتنفيذه‪ ،‬وليس‬ ‫أق ّلها علم “الدول الصديقة” به‪ ،‬ومشاركة األمم‬ ‫علني‪ ،‬من‬ ‫املتحدة يف تنفيذه‪ ،‬وتبنيه الحقاً بشكلٍ ٍ‬ ‫قبل السيد “ستيفان دي ميستورا”‪ ،‬من موقعه‬ ‫دويل‪ ،‬كرشطٍ لوقف العدوان عىل مدينة‬ ‫ٍ‬ ‫كمبعوث ٍ‬ ‫حلب‪.‬‬ ‫مىض عىل خروجنا من مدينة قدسيا‪ ،‬ووصولنا إىل‬ ‫محافظة إدلب شهر تقريباً‪ ،‬وكان مقاتلو مدينة‬ ‫داريا قد وصلوا قبلنا بشه ٍر أيضاً‪ ،‬فيام كان وصول‬ ‫بأسبوع‪ ،‬وجئنا‬ ‫مقاتيل مدينة املعضمية بعدنا‬ ‫ٍ‬ ‫جميعاً من محافظة ريف دمشق‪ .‬وفيام من‬ ‫املتو ّقع أن يتواىل وصول ثوار ومقاتلني من بقية‬ ‫مناطق دمشق وريف دمشق املنتفضة؛ كبلدة‬ ‫خان الشيح‪ ،‬وحي برزة‪ ،‬ومدينة التل‪ ،‬ومنطقة‬ ‫وادي بردى‪ ،‬وغريها من املناطق واألحياء التي‬ ‫يتوعدها النظام بـ”الحافالت الخرضاء”‪.‬‬ ‫كان خروج مقاتيل مدينة حمص املحارصة إىل‬ ‫الريف الشاميل‪ ،‬ومحافظة إدلب قبل هذا الوقت‬ ‫بسنتني تقريباً؛ فالتهجري ليس جديداً‪ ،‬وما عاد‬ ‫خافياً إذاً‪.‬‬ ‫والسؤال املطروح اآلن‪ :‬ملاذا لجأ النظام إىل‬ ‫“املصالحات” وعمليات التهجري إىل إدلب؟‬ ‫انتقال زمام املبادرة‪..‬‬ ‫ات سلمية‪ ،‬منتصف‬ ‫عندما بدأت الثورة مبظاهر ٍ‬ ‫آذار ‪ ،2011‬استعاد السوريون وللمرة األوىل منذ‬ ‫خمسني عاماَ‪ ،‬قياد حياتهم ومصريهم‪ ،‬وأصبحت‬ ‫السياسة‪ ،‬واملجال العام الذي حرموا منه لعقو ٍد‪،‬‬ ‫بني يديهم؛ فحاولوا اتخاذ قراراتهم‪ ،‬وتحديد‬ ‫مساراتهم‪ ،‬واختيار اتجاهاتهم‪ .‬وقد استطاعوا‬ ‫خالل العامني األولني توجيه دفة الحراك بطريق ٍة‬ ‫مقبولة‪ ،‬وإن شابتها العفوية وغياب التنظيم‬ ‫وانعدام القيادة املركزية‪ ..‬رمبا كانت تلك طبيعة‬ ‫انتفاضات الشعوب‪ .‬ورمبا ناسبت تلك العفوية‬ ‫حراكاً شعبياً عاماً‪ ،‬بطابعه السلمي‪ .‬ورمبا يكون‬

‫ذاك ما مكنه من االستمرار والتمدّد أفقياً وعمودياً‬ ‫داخل املجتمع‪ .‬وقد استمر الوضع عىل ذلك النحو‬ ‫حتى تحول الثورة نحو الكفاح املسلح‪..‬‬ ‫بعد تحول الثورة للعمل املسلح‪ ،‬جرى ما ميكن‬ ‫تسميته بتبدل املواقع بني َمن ميسك بزمام‬ ‫املبادرة‪ ،‬و َمن يقوم بردات الفعل؛ فالنظام األمني‪،‬‬ ‫وحلفاؤه يجيدون الحروب العسكرية‪ ،‬ولطاملا‬ ‫اتخذوا الجيوش وأجهزة األمن‪ ،‬وسائل شبه وحيدة‬ ‫لحكم مجتمعاتهم‪ ،‬وإدارة ملفات عالقاتهم‬ ‫الدولية‪ .‬لذلك حاول النظام منذ اليوم األول‬ ‫للثورة‪ ،‬وبتخطيطٍ من قادته األمنيني‪ ،‬وتوجي ٍه‬ ‫من حلفائه‪ ،‬لدفع املنتفضني عليه لحمل السالح‪،‬‬ ‫وكان ذلك بصور ٍة رئيس ٍة عرب استخدام قوة مفرطة‪،‬‬ ‫وممنهجة يف عمليات القمع‪ ،‬وعرب العمل عىل‬ ‫تحريض النعرات اإلثنية والطائفية أيضاً‪..‬‬ ‫فالنظام السوري وحلفاؤه يعلمون بأنهم‬ ‫سيتفوقون يف الحرب‪ ،‬طاملا هم ميتلكون السالح‬ ‫والتنظيم ومصادر التمويل‪ .‬كام يعلمون أن حراكاً‬ ‫حرب‬ ‫منظم وال‬ ‫شعبياً غري‬ ‫مدعوم َي ْسهُل جره إىل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫غري متكافئ ٍة‪ ،‬تنهي ثورته وتقوض أهدافها كليا‪ً.‬‬ ‫أيام املظاهرات كانت قوات األمن ومليشيات‬ ‫الشبيحة ُتصاب بالتشتت واالستنزاف؛ ففي كل‬ ‫جمعة تخرج نقاط تظاه ٍر جديد ٍة مل تكن تخرج‬ ‫من قبل‪ .‬وقد شكل هذا قوة الثورة‪ ،‬وكان وسيلتها‬ ‫لالستمرار‪..‬‬ ‫لكن مع تحول الثورة للعمل املسلح تغري الحال‪،‬‬ ‫وانتقل زمام املبادرة؛ فأصبح النظام هو من يحدد‬ ‫مكان املعارك وتوقيتها وسالحها‪.‬‬ ‫حدد النظام يف البداية مناطق معينة (بابا عمرو‪،‬‬ ‫الزبداين‪ ،‬دوما)‪ ،‬وعمل عىل تضخيم صورتها‪،‬‬ ‫والرتويج لها باعتبارها مراكز ثقل الثورة‪ ،‬وتوعد‬ ‫بتصفيتها والقضاء عليها‪ ،‬وحني يتحقق له ذلك‪،‬‬ ‫تكون الثورة “خلصت”‪..‬‬ ‫إال أن تلك املقاربة فشلت‪ ،‬بسبب الزخم الشعبي‬ ‫الذي كانت تحظى به الثورة‪ .‬ومع نهاية العام‬ ‫‪ ،2012‬وبداية العام ‪ ،2013‬كان النظام عىل شفا‬ ‫االنهيار‪ ،‬لذلك تدخل اإليرانيون يف تلك اللحظة‪،‬‬ ‫واجرتحوا مقاربة أخرى مختلفة؛ وتتمثل بتقسيم‬ ‫تام‪ ،‬وتحديد‬ ‫املناطق الثائرة‪ ،‬والفصل بينها بشكلٍ ٍ‬ ‫املناطق االسرتاتيجية ذات األهمية السياسية‬ ‫والعسكرية‪( ،‬حمص القدمية‪ ،‬القصري‪ ،‬القلمون‪،)..‬‬ ‫والتي يجب استعادتها برسع ٍة‪ ،‬وإخضاعها للسيطرة‬

‫بشكلٍ كاملٍ ‪ .‬ومناطق أخرى ُتطبق عليها أنواع‬ ‫متدرجة من الحصار والتضييق‪ ،‬و ُتفرض عليها‬ ‫“تسويات” و”مصالحات” و”هدن مؤقتة”‪ ،‬ريثام‬ ‫يحني الوقت وتكتمل الظروف وتنضج التوافقات‬ ‫الدولية‪ ،‬ويحصل النظام عىل الضوء األخرض من‬ ‫القوى املسؤولة عن امللف السوري‪ ،‬والتي بات‬ ‫همها األسايس محصوراً مبحاربة “اإلرهاب”‪..‬‬ ‫سيناريو “غروزين”‪..‬‬ ‫بعد إمتام الجزء األكرب من الخطة اإليرانية‪ ،‬جاء‬ ‫دور الخطة الروسية املك ِّملة‪ ،‬والتي تقيض بتحييد‬ ‫الجبهات الجنوبية‪ ،‬وإحكام السيطرة عىل مناطق‬ ‫الوسط (حمص‪ ،‬حامة)‪ ،‬وغرب البالد (طرطوس‪،‬‬ ‫الالذقية)‪ ،‬وتصفية جيوب الثورة واملقاومة يف‬ ‫محيط العاصمة دمشق وغوطتيها الغربية‬ ‫والرشقية‪ ،‬ونقل املقاتلني والثوار إىل محافظة‬ ‫إدلب بحدودها الجديدة‪ :‬من ريف حلب الغريب‬ ‫شامالً‪ ،‬إىل ريف حامة الشاميل جنوباً‪ ،‬ومن بلدة‬ ‫كباين يف شامل جبال الالذقية غرباً‪ ،‬إىل ريف حلب‬ ‫الجنويب‪ ،‬حيث يسيطر تنظيم “داعش” رشقاً‪،‬‬ ‫متهيداً للخطوة التالية‪ ،‬والنهائية‪..‬‬ ‫يكاد ُيجمع كل من التقيت بهم يف محافظة‬ ‫إدلب‪ ،‬أن غاية النظام وإيران وروسيا من عمليات‬ ‫التهجري‪ ،‬هي تجميع املعارضني واملقاتلني يف مكانٍ‬ ‫واح ٍد‪ ،‬استعداداً لشن حملة عسكرية كبرية‪،‬‬ ‫تستخدم فيها روسيا ترسانتها الهائلة‪ ،‬كام فعلت‬ ‫يف العاصمة الشيشانية غروزين شتاء العامني‬ ‫(‪ .)1999-2000‬وهم يستبعدون أي سيناريو آخر؛‬ ‫كأن يكون التهجري مقدم ٍة للتقسيم أو الفيدرالية‪،‬‬ ‫أو القبول مبناطق حكم ذايت للمعارضة تحظى‬ ‫بحامية دولية أو إقليمية‪ .‬كام يستبعدون أن يكون‬ ‫هدف النظام هو السعي للسيطرة عىل “سوريا‬ ‫املفيدة” فقط‪ ،‬فيام يرتك جزء من البالد تحت‬ ‫سيطرة الثوار‪ ،‬كام جرى يف سريالنكا مع متمردي‬ ‫“التاميل”‪ ،‬أو يف كولومبيا مع عصابات “فارك”‪،‬‬ ‫وهم يتوقعون أن تبدأ ضدّهم‪ ،‬وض ّد املهجرين‬ ‫إليهم‪ ،‬حملة إبادة شاملة‪ ،‬بعد القضاء عىل الثوار‬ ‫يف مدينة حلب‪.‬‬ ‫بكل األحوال‪ ،‬ومهام كانت السيناريوهات التي‬ ‫يعد لها النظام‪ ،‬فإن األكيد أن الثورة والثوار‬ ‫السوريني‪ ،‬قد وصلوا إىل مرحلة بالغة الصعوبة‬ ‫والتعقيد‪ ،‬وأن ما بعد هذه املرحلة لن يكون كام‬ ‫قبلها عىل اإلطالق‪.‬‬


‫التغيير الموؤدة‬ ‫المرأة السورية وأحالم‬ ‫ّ‬ ‫‪12‬‬

‫أنور بدر‬

‫العدد ‪2016 / 11 / 15 - 80 -‬‬

‫مع ميض الثورة السورية يف عامها السادس‪ ،‬نستطيع‬ ‫االعرتاف ّأن الثورة عىل النظام السيايس يشء‪ ،‬والثورة‬ ‫عىل النظام اإلجتامعي مبا يشكله من أيديولوجيا وأمناط‬ ‫سلوك وعادات ومفاهيم يشء مختلف‪ .‬بل ميكن القول‬ ‫إن إسقاط النظام السيايس ال يعني بالرضورة إسقاط‬ ‫النظام االجتامعي أو تفكيكه‪ ،‬خاصة وأن أنظمة الفساد‬ ‫والديكتاتورية التي تقوم الثورة يف مواجهتها كانت‬ ‫معنية‪ ،‬خالل عقود من سيطرتها البائسة عىل املجتمع‬ ‫ومجمل الحياة املدنية والسياسية فيه‪ ،‬بتكريس كل‬ ‫ما هو متخ ّلف ومش ّوه يف الفكر والثقافة والعادات‬ ‫والتقاليد واملفاهيم‪ ،‬حتى وهي تدّعي العلامنية‬ ‫والحداثة‪.‬‬ ‫ونحن إذ نتحدث عن الثورة فإ ّننا نقصد هذا املصطلح‬ ‫يف مواجهة االنقالبات العسكرية والسياسية التي كانت‬ ‫عب محمد املاغوط‬ ‫تكتفي بتغيري “الطربوش”‪ ،‬كام ّ‬ ‫يف مرسحية “ضيعة ترشين” التي قدمها عىل املرسح‬ ‫عام ‪ُ 1974‬بعيد انقالب حافظ أسد‪ .‬فالثورة ال تعني‬ ‫تغيري “الطربوش” فقط‪ ،‬بل هي تغيري يشمل كل البنى‬ ‫الفكرية والثقافية يف الحياة‪ ،‬مبا فيها اللغة والخطاب‬ ‫واألعراف وأمناط السلوك وصوالً إىل منظومة القيم‬ ‫واألخالق‪.‬‬ ‫وإن كانت الثورة السورية مل تبلغ غايتها بعد يف إسقاط‬ ‫وتغيي بنى الفساد والديكتاتورية التي أسسها‬ ‫النظام‬ ‫ّ‬ ‫ورعاها خالل عقود خمسة‪ ،‬إال ّأن هذا املستوى‬ ‫املتقدم من الثورة الذي أرشنا إليه تراجع كثرياً مع تقدّم‬ ‫مستويات العسكرة‪ ،‬وتداخل القوى اإلقليم ّية والدول ّية‬ ‫التي جهدت لتحويل الثورة باتجاهات الحرب األهلية‪،‬‬ ‫وإلعطائها طابعاً طائفياً مل يكن يف وارد من اندفع إىل‬ ‫التظاهرات األوىل للثورة السورية‪.‬‬ ‫واألكيد أيضاً ّأن هذا الرتاجع انعكس وما زال عىل دور‬ ‫املرأة يف الثورة‪ ،‬وعىل طموحاتها باتجاه التغيري والحرية‪،‬‬ ‫حتى بات مصري املرأة السورية أكرث مأساوية باعتبارها‬ ‫جزءاً من الهامش يف منظومتنا القيمية التي ُتكرس‬ ‫رص عىل اعتبارها “عورة”‪ .‬دون أن ننتيش مبا‬ ‫تخلفها‪ ،‬و ُت ّ‬ ‫يكتب عن مشاركة املرأة السورية يف الثورة‪ ،‬واإلشادة‬ ‫بنضاالتها املتعددة‪ ،‬ودون أن ننتيش أيضا مباً نالته بعض‬ ‫األسامء من الجوائز والتكريم‪ّ ،‬‬ ‫ألن البنية القيمية أو‬ ‫املعيارية الحاكمة لوضع املرأة ما زالت دون تغيري‪.‬‬ ‫أذكر يف هذا الصدد تساؤالً مبكراً طرحته الدكتورة‬ ‫شهال العجييل‪ ،‬حول املساحة التي يشكلها النضال‬

‫النسوي من جملة النضاالت التي تشارك فيها النساء‬ ‫املنخرطات يف سياق ماعُ َ‬ ‫رف بالربيع العريب‪ ،‬لتثري فينا‬ ‫الشكوك حول توظيف نضاالت املرأة يف سياقات عامة‬ ‫ما تزال تخضع لسيطرة ذكورية‪ ،‬تسحق الفرد وكل‬ ‫الهوامش لصالح أنساق عليا سياسية وأيديولوجية‪.‬‬ ‫وميكن لنا حالياً أن نتابع نحن السؤال عن حال املرأة‬ ‫الليبية مث ًال‪ ،‬أو سواها من بلدان الربيع العريب‪ ،‬مع‬ ‫أمل ضئيل بأن تنجح املرأة السورية بكرس هذا اإليقاع‬ ‫أو النسق‪.‬‬ ‫فواقع املرأة العربية بعد الربيع العريب “مل يتغري‬ ‫كثرياً رغم وقوفها بالصفوف األمامية يف االحتجاجات‬ ‫الشعبية التي أطاحت بطغاة يف الرشق األوسط وشامل‬ ‫أفريقيا”‪ ،‬كام قالت “ويدين براون” من منظمة العفو‬ ‫الدولية “أمنستي”‪ ،‬والتي أضافت‪“ :‬إننا نشهد سيطرة‬ ‫حكومات جديدة يف بعض دول الربيع العريب‪ ،‬غري ّأن‬ ‫املرأة فيها ال تزال مواطناً من الدرجة الثانية”‪.‬‬ ‫وهذا يؤكد ّأن قضية املرأة يف مجتمعاتنا كانت وال‬ ‫تزال تنتمي إىل نسق الهامش والتفاصيل الصغرية التي‬ ‫تسحق دامئاً تحت وطأة القضايا أو األنساق الكربى‬ ‫السياسية واأليديولوجية بكل تبايناتها الدينية أو‬ ‫القومية أو الطبقية‪ ،‬والتي يجري تسخيفها وإرجاعها‬ ‫دوماً إىل توصيفها الجنيس يف إطار املحرمات الثالث‪،‬‬ ‫الجنس والدين والسياسة‪ ،‬التي مل يكن ُيسمح التداول‬ ‫فيها أو نقاشها‪.‬‬ ‫وإن كانت ثورات الربيع العريب قد فتحت بالرضورة‬ ‫إطار النقاش يف حقل السياسة‪ ،‬فإنها ما زالت تتلكأ‬ ‫فيام يخص حقيل الدين والجنس‪،‬‬ ‫اللذين تتضافر منظومتيهام‬ ‫للتعمية عىل قضية املرأة وتح ّررها‬ ‫بشكل عام‪ .‬ويبقى مطلوباً من‬ ‫املرأة أن تكون مع الثورة‪ ،‬لكنّ‬ ‫أغلب الث ّوار اليفكرون برضورة‬ ‫أن تكون الثورة مع املرأة‪ ،‬وأي‬ ‫ثائر ال ُيسأل عن حياته الشخصية‪،‬‬ ‫لكنّ املرأة مطلوب منها باستمر‬ ‫أن تقدم شهادات حسن السلوك‬ ‫وطاعة ألويل األمر‪.‬‬ ‫املشكلة ّأن ُبنى املجتمع املتخلفة‬ ‫التي حامها النظام بق ّوة‪ ،‬ك ّرست‬

‫نفسها حتى يف أطر النخب السياسية والثقافية‬ ‫للمعارضة السورية‪ ،‬التي سعت ل ّلحاق بعربة الثورة ومل‬ ‫تنجح يف قيادتها ودفعها لألمام‪ ،‬بقدر ما شكلت عائقاً‬ ‫حقيقياً أمامها‪ .‬كام تابعت كل التعبريات السياسية التي‬ ‫ظهرت باسم الثورة الحقاً‪ ،‬باستثناء التنسيقيات وبعض‬ ‫أطر العمل املدين‪ ،‬نهج قوى املعارضة وفشلها يف قيادة‬ ‫التغيري الحقيقي يف املجتمع‪ ،‬كونها نخب تتكئ عىل كل‬ ‫األعراف االجتامعية والثقافية التي تح ّد من قدرتها عىل‬ ‫الفعل والتغيري‪ .‬وأعتقد ّأن من يفتقد الحرية بداخله لن‬ ‫يكون قادراً عىل تحرير مجتمعه‪.‬‬ ‫هذا التغيري وتلك الحرية املنشودة لن تحصل دون‬ ‫مشاركة املرأة يف الحياة السياسية والعامة ملجتمعاتنا‪.‬‬ ‫ودون تكافؤ حقيقي بالفرص‪ ،‬ودون التقيد الكامل‬ ‫باتفاقية القضاء عىل جميع أشكال التمييز ضد املرأة‪،‬‬ ‫التي صدّقت عليها كل دول املنطقة منذ أمد بعيد‪،‬‬ ‫لكنها عطلتها بالتحفظات حيناً وبالتجاهل وعدم‬ ‫تطبيقها حيناً آخر‪ .‬وهذا يشكل التحدي األكرب أمام‬ ‫النخب الثقافية والسياسية لتطور من أدائها ومن وعي‬ ‫كوادرها‪ ،‬بل ومن الذهنية العامة تجاه دور املرأة يف‬ ‫الحياة‪ ،‬واملجتمع‪ ،‬ونرش ثقافة املساواة‪.‬‬ ‫يف استطالع لوكالة “رويرتز” أواخر عام ‪ 2013‬جاءت‬ ‫سوريا يف املرتبة الرابعة كأسوأ دولة عربية فيام يتعلق‬ ‫بحقوق املرأة‪ ،‬لكننا نستطيع القول اآلن وبثقة كبرية‪،‬‬ ‫ّإن سوريا هي األسوأ‪ ،‬فهل تستطيع الثورة أن تنترص‬ ‫للمرأة أخرياً‪ ،‬وتغري ثقافتنا وخطابنا الذي يكبل املرأة‬ ‫ويشل املجتمع و َي ِئدُ أحالم التغيري؟‬


‫الذكرى الثانية إلعدام اإليرانية‬ ‫ضحى عاشور‬

‫أب أو عم وخال باإلضافة إىل بقية األقارب واألصدقاء‬ ‫الحميمني للعائلة)‪.‬‬ ‫كام ّأن الدين والعرف مل يستطعا لوحدهام تكوين‬ ‫رادع اجتامعي صارم تجاه االغتصاب؛ حيث خرجت‬ ‫إىل العلن قضايا كثرية كان مجرميها من قلب املؤسسة‬ ‫الدينية املسلمة واملسيحية (قضية االعتداء الجنيس عىل‬ ‫رجال داخل الفاتيكان)‪ ،‬ومؤخراً ُرفعت دعاوى اغتصاب‬ ‫عىل موظفي األمم املتحدة (أصحاب القبعات الزرق)‬ ‫املكلفني بحامية املدنيني يف رواندا‪ .‬األمر الذي يشري‬ ‫بوضوح إىل ّأن املشكلة ليست يف املرأة نفسها وال يف‬ ‫لباسها أو خروجها‪ ..‬القضية هي يف وجود فئة متوحشة‬ ‫من البرش متتهن االعتداء وتستسهل االغتصاب ّيف ظل‬ ‫قوانني متساهلة وثقافات متييز ّية ض ّد الضعيف‪ ،‬تجعل‬ ‫االعتداء عليه يسرياً وبال تبعات‪َ .‬من يجب حجبه هو‬ ‫املجرم‪ ،‬سواء عرب إعادة تربيته وتأهيله أو سجنه أو ردعه‬ ‫بعقوبات قصوى وإدانته وفضحه اجتامعياً وقضائياً‪.‬‬

‫أما الجانب األدهى واأل ّمر فهو الذي يقيض بأن يتزوج‬ ‫كحل ينقذها من الفضيحة ويجعل‬ ‫ا ُمل ِ‬ ‫غتصب الضحية ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فعلته ُم ّربرة دينيا (أي حالال)! هذه الفتوى العار التي‬ ‫تتجرأ عىل الكذب والتالعب عىل الله بذريعة إرضاء‬ ‫الله! ناهيك عن انعدام أي منطق أو عدالة أو مراعاة‬ ‫للحس اإلنساين العفوي يف فتاوى كهذه‪ ،‬والتي ال تهدف‬ ‫إ ّال إىل الوقوف يف ّ‬ ‫صف املجرم وإنقاذه من جرميته‪.‬‬ ‫األمر الذي جرى إلغاؤه مؤخراً يف الترشيعات املغربية‬ ‫بفضل نضاالت الحركات النسوية‪ ،‬والذي يستلزم العمل‬ ‫من أجل إزالته من كافة الترشيعات املشابهة‪.‬‬ ‫ال ميكن ألحد تربير القتل‪ ،‬ولكن إعدام ضحية مثل‬ ‫“رجوي” هو رسالة تهديد سافر تجاه كل امرأة تنوي‬ ‫مواجهة ُمغت َِصبها‪ ،‬فام الذي تستطيع فعله امرأة تجد‬ ‫نفسها وحيدة يف مواجهة ُمجرم يريد اغتصابها؟! أليس‬ ‫من حقها الدفاع عن نفسها؟‬ ‫ال ميكن االعتقاد ّ‬ ‫بأن أي ُمغت َ​َصبة تريد الت ّورط يف‬ ‫ّ‬ ‫جرمية قتل‪ ،‬ورمبا من البداهة أن أقىص ما تبتغيه هو‬ ‫الخروج من املوقف وإنقاذ نفسها والهرب‪ ،‬ألنها تدرك‬ ‫بفعل الرتبية والقوانني الجائرة أنها ستتعرض للفضيحة‬ ‫وستكون يف متناول ألسنة الجميع‪ ،‬نساء ورجاالً ملجرد‬ ‫خاصة ّ‬ ‫وأن سلطات املجتمع كلها‬ ‫أن تذكر الحادثة‪ّ .‬‬ ‫ستقف ضدّها‪ ،‬وستكون لها باملرصاد بقية حياتها‪ .‬وعىل‬ ‫فرض ّأن املرأة التي تع ّرضت لالغتصاب واجهت فجأة‬ ‫رغبتها باالنتقام من ا ُملغت َِصب وقتله‪ ،‬أال ينبغي أن ُيعترب‬ ‫ّأن الظرف الذي وجدت نفسها فيه سبب ُمخ ِفف عند‬ ‫الحكم عليها؟ أليس للنساء “فورة دم”؟ فورة دم حرصاً‬ ‫عىل أجسادهن التي هي ملكهنّ ؟ وكيف يكون للرجل‬ ‫مث ًال سبب مخفف عندما يقتل قريبته بداعي فورة‬

‫الدم‪ ،‬كام هو الحال مع ما ُيس ّمى “جرائم الرشف”‪ ،‬وال‬ ‫يكون لها هي أن تحرص عىل جسدها وتدافع عنه؟!‬ ‫الجواب بسيط يف مجمل الثقافة الذكورية التي تريد‬ ‫اإليهام ّ‬ ‫بأن للرجل دم يفور‪ ،‬أ ّما املرأة فليس لها إ ّال أن‬ ‫ُ‬ ‫تصمت وتقبل وتتحكم بردود أفعالها املحتملة‪ ،‬حتى يف‬ ‫حال الدفاع الغريزي عن النفس!‬ ‫وخاصة‬ ‫هذه األسئلة تعيد طرحها قضية “ريحانة”‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يف ّ‬ ‫ظل تزايد بؤر التوتر يف العامل واستخدام االغتصاب‬ ‫بشكل ممنهج كوسيلة للنيل من العدو يف سوريا‬ ‫وغريها‪.‬‬ ‫قضية أخرى ذات صلة بواقعنا السوري تطرحها مسألة‬ ‫إعدام “ريحانة”‪ ،‬وهي ما قالته ألمها يف رسالتها الصوتية‬ ‫املؤثرة والبليغة قبل إعدامها؛ حني طلبت منها أن متنح‬ ‫أعضاء جسدها ملن يحتاج‪ ،‬دون أن تذكر شيئاً عنها‪،‬‬ ‫فهي ال تريد شكراً وال ذكراً‪ ،‬فقط تريد أن ينتفع أحد مبا‬ ‫هو غالٍ عليها لكنها مل تعد بحاجته‪ .‬وقد أبدت حرصها‬ ‫عىل دموع أمها‪ .‬وعزاؤها بأنها ستحاكم قتلتها أمام الله‪.‬‬ ‫مل تكن “ريحانة” مناضلة وال نسوية‪ ،‬كانت شابة‬ ‫متعلمة يف أوج تفتحها عىل الحياة‪ ،‬لكنها ويف رسالتها‬ ‫تفصح عن قدر من الحكمة والتسامح واملعرفة ّ‬ ‫قل‬ ‫نظريه‪ .‬فمن يت ّوقع من صبية ذاهبة إىل املوت وقد‬ ‫عانت من الظلم والتعذيب والسجن والقهر‪ ،‬أن متتلك‬ ‫هذا الشعور باملسؤولية تجاه إخوتها البرش لتمنحهم‬ ‫أعضاء جسدها؟!‬ ‫هذه الروح الشجاعة واملؤمنة بالخري‪ ،‬املرتّفعة عن‬ ‫الحقد واالنتقام بذريعة وحشية العدو‪ ،‬هذه روح ح ّية‬ ‫واقعية أصيلة نحتاجها‪ ،‬خاصة وأنه شاعت عندنا عادة‬ ‫تربير الجرائم التي ترتكبها فصائل أو أفراد محسوبني‬ ‫عىل املعارضة بالقول‪ :‬إن العدو مجرم‪ ،‬أو بأن إجرام‬ ‫العدو يح ّرض عىل إجرام مقاوميه‪.‬‬ ‫اليوم وإذ نتذكر “ريحانة رجوي”‪ ،‬ينبغي أن نعيد‬ ‫التأكيد عىل الوقوف يف وجه كل أشكال االغتصاب‪:‬‬ ‫اغتصاب األرض والسلطة والجسد والكرامة والرأي‬ ‫والحقوق‪ ،‬ويف مقدمتها اغتصاب حق الحياة وضامن‬ ‫حق التقايض للناس جميعاً دون أن يصل إىل القتل أو‬ ‫اإلعدام‪.‬‬

‫العدد ‪2016 / 11 / 15 - 80 -‬‬

‫“ريحانة” كانت ابنة ‪ 19‬عاماً عندما استدرجها ضابط‬ ‫املخابرات إىل منزله ألجل العمل يف الديكور (مجال‬ ‫تخصصها)‪ ،‬وهناك حاول اغتصابها‪ ،‬وكان ُمتع ّمداً؛ حيث‬ ‫ّ‬ ‫تقول التحقيقات إنها وجدت رشاباً ُمسكراً‪ ،‬وحسب‬ ‫اعرتافات “ريحانة” فإ ّنها طعنته يف ظهره وليست‬ ‫مسؤولة عن موته!‬ ‫لسنا قضاة ولن ندخل يف التفاصيل الجنائية للقضية‬ ‫التي أثري حولها الكثري عرب ما يزيد عن خمس سنوات‬ ‫أرص النظام اإليراين عىل إعدام “ريحانة”‬ ‫تلت الحادثة‪ّ .‬‬ ‫شنقاً‪ ،‬رغم ّ‬ ‫تدخل منظامت حقوق اإلنسان والحكومة‬ ‫األمريكية‪ ،‬باإلضافة إىل ما يفوق مئتي ألف توقيع من‬ ‫مختلف الجنسيات ناشدت السلطات اإليرانية الرتاجع‬ ‫عن الحكم‪ ،‬ومل تفعل‪.‬‬ ‫زرعت ح ّبه يف داخيل مل يكن يريدين‬ ‫“هذا البلد الذي‬ ‫ِ‬ ‫أبداً” هذا ما قالته ريحانة ألمها قبل إعدامها‪.‬‬ ‫رمبا قصدت ريحانة ّأن “السلطة” ال تريدها أبداً‪ ،‬عندما‬ ‫قالت “البلد”‪ّ ،‬‬ ‫ألن األمر والنهي بيد السلطة وهي‬ ‫تستطيع التساهل لو أرادت األخذ باألسباب ا ُملخ ّففة‬ ‫يف قضية “ريحانة”‪ ..‬التساهل فقط‪ ،‬يف حال مل تكن‬ ‫التغيي أو مجرد التخفيف‬ ‫تريد (السلطة) االنفتاح أو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫من وحشتيها‪ .‬لكن يبدو أن ريحانة قصدت البلد كله‪،‬‬ ‫ليس بسلطته الدينية ا ُملنغلقة والتمي ّيزية ض ّد النساء‬ ‫فقط‪ ،‬وإ ّمنا أيضاً بثقافته السائدة وعاداته وتقاليده ذات‬ ‫املرجعية الدينية ا ُملتشدّدة أيضاً‪.‬‬ ‫املعارضة‬ ‫يف كتابها “أشياء كنت ساكتة عنها” تروي‬ ‫ِ‬ ‫اإليرانية وأستاذة األدب اإلنكليزي يف جامعات الواليات‬ ‫املتحدة “آذر نفييس” ّأن‪“ :‬مربيتي كانت ترفض منادايت‬ ‫باسمي‪ ،‬فتناديني البنت‪ ،‬فهي تكره البنات وتقول إنهنّ‬ ‫مثل الشمعة يف النهار‪ ،‬أ ّما الصبيان فهم مصباح الليل‬ ‫وكانت قد عزمت عىل مغادرة منزلنا إن ولدت أمي‬ ‫بنتاً أخرى”‪.‬‬ ‫هذا ما درج عليه القول يف منطقتنا ويف كثري من‬ ‫بقاع العامل‪ ،‬وإن كان البد أن تولد البنات‪ ،‬وال سبيل‬ ‫إىل وأدهنّ جميعاً‪ ،‬فقد جرى ويجري قتلهنّ معنوياً‪،‬‬ ‫عرب تربية صارمة تنتزع منهنّ كل رغبة وتخنق كل‬ ‫فرصة بالتعبري والتعليم والعمل‪ ،‬بل تصادر حتى حق‬ ‫اختيار مالبسهن أو رشيكهن أو الدفاع عن أجسادهن‬ ‫يف حال التع ّرض لألذى أو االغتصاب‪ .‬وغالباً ما ُتح ّمل‬ ‫املرأة املسؤولية عن اغتصابها بدعوى ّأن طريقة لبسها‬ ‫(ريحانة محجبة) أو حركتها أو ُمج ّرد وجودها يف مكان‬ ‫واملحرض للمجرم عىل االغتصاب!‬ ‫الجرمية هو الدافع ّ‬ ‫خاصة ّأن‬ ‫هذا جانب عجيب يف النظر إىل القضية‪ّ ،‬‬ ‫تقارير عديدة ذكرت ّأن معظم حاالت االغتصاب يف‬ ‫العامل كله وبدرجات متفاوتة يرتكبها األقرباء (أخ أو‬

‫“ريحانة رجوي”‬

‫‪13‬‬


‫التوعية وأهميتها للحركة النسوية‬ ‫‪14‬‬ ‫رفيف جويجاتي‬

‫العدد ‪2016 / 11 / 15 - 80 -‬‬

‫النسوية يف نظري تتمثل باملساواة بني الرجال‬ ‫والنساء اجتامعياً وقانونياً وسياسياً‪ ،‬ومن هذا‬ ‫املنطلق‪ ،‬النسوية تساوي اإلميان بحق املساواة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫لعل تلك املقولة واضحة نظرياً‪ ،‬ومن السهل تبنيها‬ ‫وترديدها كشعار‪ .‬لكن الواقع العميل يقول ّ‬ ‫بأن‬ ‫النسوية‪ ،‬أو املساواة الكاملة بني الجنسني‪ ،‬هي‬ ‫حلبة رصاع يتم فيها تحدي العادات االجتامعية‬ ‫بشكل ُيهدّد الوضع الراهن للمؤسسات االجتامعية‬ ‫وهياكل القوى‪.‬‬ ‫يقترص دور النساء يف العديد من املجتمعات عىل‬ ‫أدوار تقليدية‪ ،‬يأيت يف طليعتها دور األم املحبة‬ ‫والزوجة الحانية‪ .‬وعىل مدى السنني ومع ازدياد‬ ‫املتطلبات االقتصادية والوعي االجتامعي أخذت‬ ‫نب‬ ‫النساء تتحدينّ محدود ّية أدوارهنّ وتطال ّ‬ ‫بالتغيي االجتامعي والسيايس‪ .‬اليوم تضغط نساء‬ ‫ّ‬ ‫العامل عىل مجتمعاتهن وحكوماتهن لتبني مبدأ‬ ‫املساواة بني الجنسني يف جميع املجاالت‪ ،‬وقد‬ ‫نجحنّ يف ذلك عىل عدة أصعدة‪ ،‬فباتت النساء‬ ‫حول العامل اليوم يف مراكز قيادية يف الحكومات‬ ‫والرشكات وأصبحن خبريات محرتفات‪ .‬تلك هي‬ ‫النسوية ‪ :‬تجسيد املساواة وإن مل تطبق بشكل‬ ‫مثايل‪.‬‬ ‫يف سوريا أدت مطالب الشعب باملساواة والحرية‬ ‫إىل مامرسة النظام للقتل الجامعي بشكل يرقى‬ ‫إىل مرتبة اإلبادة‪ ،‬فيام استمرت املعارضة من‬ ‫مؤسسات ونشطاء مستقلني بدعمها للثورة‬ ‫وتبني شعارات املساواة والكرامة والحرية لجميع‬ ‫السوريني‪ .‬ولكن ما مدى مالمسة تلك الشعارات‬ ‫للواقع؟ عندما ننظر إىل معارضتنا “الرسمية” نجد‬ ‫ّأن الغالبية العظمى فيها من الرجال‪ .‬وإن نظرنا‬ ‫إىل معظم منظامت املجتمع املدين نرى ّأن معظم‬ ‫رؤسائها رجال‪ .‬فهل انعدام التوازن هذا هو نتيجة‬ ‫عوامل ومسلامت اجتامعية أم أ ّنه خوف من أن‬ ‫يؤدي تويل النساء ملناصب السلطة إىل تهميش‬ ‫الرجال؟‬ ‫أعتقد أنه الخوف وليس املجتمع‪ ،‬ولو ّأن النظرة‬ ‫السائدة للنساء تلعب دوراً بالتأكيد‪ .‬ولكن بغض‬ ‫النظر عن السبب‪ ،‬ال بد أن نعرتف بوجود نقص‬ ‫حاد يف متثيل النساء السوريات‪ -‬وهنّ أكرث من‬

‫نصف الشعب السوري‪ ،‬ليس بسبب عدم تفاعلنا‬ ‫بل أل ّننا ُمه ّمشون‪ .‬ومن باب الحرص عىل عدم‬ ‫تحويل “الحرية واملساواة لكل السوريني” إىل‬ ‫مجرد شعار‪ ،‬يجدر بنا أن نتبنى النسوية كأحد‬ ‫املبادئ التي تنري طريقنا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬يالحظ املتمعن بالصور النمطية‬ ‫للجنسني يف سوريا ّ‬ ‫بأن املرأة الذكية ذات اآلراء‬ ‫املستقلة والتي ترفض الرضوخ للرتهيب توصف‬ ‫بأنها “قوية”‪ ،‬وهي صفة سلبية يقصد بها اإلهانة‬ ‫واإليحاء بأنها “ال تتمتع باألنوثة”‪ .‬إذ تؤكد ثقافتنا‬ ‫عىل أهمية “األنوثة الضعيفة” التي ترضخ للرجل‬ ‫يف أدوار تتلخص بالزوجة أو األم أو األخت أو‬ ‫االبنة‪ .‬فلم ال ندعم النساء الناجحات والقويات‬ ‫يف البيت ويف أماكن العمل؟ وملاذا يع ّرف الرجال‬ ‫األنوثة بأنها انعدام صفات “ذكورية” كاالستقاللية‬ ‫والجرأة؟‬ ‫ال بد من االعرتاف بدور النساء ومتكينهنّ كقوى‬ ‫سياسية واقتصادية عندما تنتقل سوريا إىل مرحلة‬ ‫إعادة البناء‪ ،‬ويتوجب علينا يف مرحلة ما بعد‬ ‫األسد أن نستفيد من جميع موارد سوريا البرشية‬ ‫بغض النظر عن الجنس‪ .‬كام أنه ال ميكن للحكومة‬ ‫الجديدة أن تهمش أكرث من نصف شعبها وهي‬ ‫يف طور الطفولة‪ .‬كذلك يجب علينا كسوريني أال‬ ‫نكتفي برتديد أهداف الثورة‪ ،‬بل أن نطبقها‪ ،‬وأن‬ ‫نجعل الحرية والكرامة والدميقراطية للجميع أكرث‬ ‫من مجرد شعارات مبتذلة‪ ،‬ونعمل عىل أن تشمل‬ ‫تلك املثل النساء عىل جميع األصعدة‪ .‬ال ميكن‬ ‫للمساواة أن ُتنح من قبل نظرائنا الذكور ولكن‬ ‫يجب أن يعرتفوا بها‪ ،‬وإن تقبلنا مبدأ املساواة‬ ‫نكون قد تقبلنا مبدأ النسوية‪.‬‬ ‫علينا كذلك أيضاً أن نكون واضحني يف تعريف‬ ‫النسوية كجزء أسايس من املساواة بني السوريني‪،‬‬ ‫وأن نعمل عىل تطبيقها فيام نكتب ونقول‪ ،‬فال‬ ‫نفرتض تلقائياً مث ًال ّأن املدير أو املسؤول املنتخب‬ ‫هو ذكر بالرضورة‪ ،‬ويف ذات السياق يجب أن‬ ‫نتخلص من فكرة ّأن األعامل اإلدارية واملكتبية‬ ‫هي حكر عىل اإلناث‪.‬‬ ‫ميكننا من خالل الحيادية الجنسانية والدعوة‬ ‫غي النظرة السلبية للنساء‪ .‬النظرة‬ ‫إىل العلم أن ُن ّ‬

‫القائلة بأنهنّ غري مؤهالت ألعامل معينة ألنهنّ‬ ‫“عاطفيات”‪ .‬أمامنا فرصة يف سوريا املستقبل‬ ‫لدحض االدعاء ّ‬ ‫بأن النساء “ضعيفات”‪ ،‬سوريا‬ ‫التي نسعى إليها مبطالبنا املشرتكة‪ ،‬إذ سيتطلب‬ ‫ذاك البلد الذي ينزف من أجل املساواة والحرية‬ ‫للجميع مشاركة فعاّلة من جميع مواطنيه يف كافة‬ ‫املجاالت بغض النظر عن جنسهم‪.‬‬ ‫ميكن لرجال ونساء سوريا من خالل التعليم‬ ‫والتدريب والتمكني أن يساهموا بتغيري النظرة‬ ‫االجتامعية السورية وأن يأتوا بالتغيري الالزم حول‬ ‫املفاهيم املرتبطة بالجنس‪ .‬وعلينا جميعاً كرشكاء‬ ‫متساوين أن نضطلع مبهام منزلية وإدارية إضافة‬ ‫إىل أدوار قيادية يف مجال األعامل واملجتمع‬ ‫والحكومة‪.‬‬ ‫ح ّبذا لو نرى نساء سوريات يف مناصب سياسية‬ ‫واحرتافية كرئيسات رشكات وطبيبات ورئيسات‬ ‫بلدية وحاكامت ووزيرات وحتى رئيسات دولة‪.‬‬ ‫دعونا ننظر إىل املرأة كن ّد للرجل تعمل معه جنباً‬ ‫إىل جنب‪ .‬وليساهم الرجل يف األعامل املنزلية‪،‬‬ ‫ولنكن جميعاً متساويني عرب جميع رشائح‬ ‫املجتمع‪ .‬دعونا نرى النساء السوريات يتمتعن‬ ‫بنفس الحقوق التي يتمتع بها الرجال سواء يف‬ ‫األحوال الشخصية أو فرص العمل والدراسة أو‬ ‫التمثيل السيايس‪.‬‬ ‫أ ّما عىل الصعيد املجتمعي‪ ،‬فلنتخلص من األفكار‬ ‫القدمية التي توجب حجب النساء وعزلهنّ لحامية‬ ‫رشف العائلة‪ .‬ومبا أ ّننا جميعاً منوطني مبهمة إعادة‬ ‫بناء مجتمعنا وثقافتنا ودولتنا‪ ،‬لع ّله من األحرى بنا‬ ‫أن نعيد بناء تفكرينا أيضاً‪ ،‬لن ِقس الرشف بأخالق‬ ‫العمل ومعاملة الغري وبإنجازاتنا عوضاً عن قياسه‬ ‫بالعذرية أو التقوى‪ .‬علينا كسوريني جدد أن نقوم‬ ‫بذلك ليس فقط يف بيوتنا‪ ،‬بل أيضاً يف املشايف‬ ‫واملدارس ومواقع البناء ومجلس الشعب ومكتب‬ ‫رئيس الدولة‪ .‬فلنطور ونصقل مقاييسنا للقيادة‬ ‫وللمؤهالت لنتمكن من استخالص األفضل‪.‬‬ ‫ولنكرم أخواتنا السوريات ليس فقط ألنهن فقدن‬ ‫أزواجاً أو آباء أو أبناء أو إخوة خالل الثورة‪ ،‬بل‬ ‫ألنهنّ ُي ّ‬ ‫هدن الطريق نحو دولة جديدة للنسويني‬ ‫السوريني األحرار‪.‬‬


‫السوريون هويات مكسورة‬ ‫‪15‬‬

‫إباء منذر‬

‫*‪ -‬خالص فردي أم خراب؟‬ ‫نحن الالجئون الباحثون عن “مالذنا الفردي” يف‬ ‫بال ٍد رمبا يف جعبتها لنا الكثري الذي ال نريد منه‬ ‫سوى وطن‪ ،‬مغادرون وحقائبنا خاوية إ ّال من‬ ‫رائحة من نحب‪ ،‬هاربون من حلمنا ببلد نحيا فيه‬ ‫بقليلٍ من الكرامة‪ ،‬ما لبث حلمنا أن تحول لفيلم‬ ‫رعب طويل ال ينتهي‪ ،‬أبطاله أولئك القابعون تحت‬ ‫ٍ‬ ‫حصار الجوع وقصف الحمم الساموية واألرضية‬ ‫من طاغي ٍة ال يرحم‪ ،‬أ ّما نحن بتنا مشاهدون دماؤنا‬ ‫ثقيلة كغصة الحلق‪ ،‬أولئك فقط املقتولون يف بالدي‬ ‫وعىل الهواء مبارش ًة دماؤهم خفيفة تطري برسع ٍة‬ ‫إىل السامء‪.‬‬ ‫كنت أعتقد ّأن سقوط الطاغية قريب‪ ،‬قاومت‬ ‫االعتياد عىل خبز الباكيت الفرنيس‪ ،‬ومل أرتب‬ ‫بيت املساعدة حتى اآلن كام يجب‪ ،‬مازلت أعتقد‬ ‫أنني يف زيار ٍة لعائل ٍة أخرى تركت لنا بيتها وتنتظر‬ ‫خروجنا منه‪.‬‬ ‫يف الحروب متيش املفاهيم عىل حد السيف‪ ،‬تضيق‬ ‫االحتامالت واالختيار يصبح بني مع وضد‪ ،‬بني أبيض‬ ‫وأسود‪ ،‬بني وطني وعميل‪ ،‬يف املحرقة السورية‪ ،‬من‬ ‫ينادون بالدفاع عن “السيادة الوطنية” والحفاظ‬ ‫عىل “الوطن”‪ ،‬تضعهم مفاهيمهم يف نهاية التحليل‬ ‫يف موقع االتهام بخدمة النظام‪ ،‬والدفاع عنه‪ ،‬ويف‬ ‫املقابل من ينادون ويقبلون االستعانة بـ”الشيطان”‬ ‫إلسقاط النظام يتهمون بالعاملة والال وطنية‪.‬‬ ‫*‪ -‬الهويات القاتلة‬ ‫بني هذا وذاك‪ ،‬بني العميل والوطني‪ ،‬هناك أهل‬ ‫وشوارع ورائحة ياسمني‪ ،‬ذكريات جريان‪ ،‬ومالمح‬

‫*‪ -‬وطن مبساحة جسد‬ ‫ً‬ ‫ق ّررت أن أخرب ابني بالحقيقة مرة واحدة دون‬ ‫مواربات فلسفية‪ ،‬مل يعد لنا وطن‪ .‬وإن كان ال بد‬ ‫من وطن فقد بات “مساح ًة صغرية جداً حدودها‬ ‫كتفني” هذه الحدود التي تحدّث عنها يوماً غسان‬ ‫كنفاين‪ .‬أو رمبا نتوسع قلي ًال وفق األفكار الوجودية‬ ‫لنجعل من املساحة التي تشغلها أجسادنا وطناً‬ ‫نحمله يف الال بالد‪ ،‬فهل يكفي أن تحرتم هذه البالد‬ ‫آدميتنا ليصبح لدينا وطن بديل‪ ،‬هل يكفي أن‬ ‫تعطينا حقوقنا كاملة لننىس أوطاننا ونقطع حبل‬ ‫الرسة‪!..‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫كالم لن يعني ألبنايئ شيئا‪ ،‬فهم‬ ‫لعل كل ما سبق من ٍ‬ ‫صح التعبري‪،‬‬ ‫األقدر عىل تجاوز الحالة (الوطنية) إن ّ‬ ‫والتي إن تشكلت يف ذواتهم مصدرها ما ننقله لهم‬ ‫من مخزوننا ال ّ‬ ‫مم عايشوه فع ًال‪ ،‬فسوريا مل تكن‬ ‫لهم يوماً مسقط رأس‪ ،‬سريسمون مالمحها فقط من‬ ‫قصصنا وذكرياتنا‪ ،‬ومن بداهة الحياة أن يجدون يف‬ ‫هذه البالد وطن بديل‪.‬‬

‫العدد ‪2016 / 11 / 15 - 80 -‬‬

‫“حيث تكون الحر ّية يكون الوطن”‪ ,‬هذا ما اعتقده‬ ‫“فرانكلني” يوماً‪ ،‬لكن حتى اآلن وبعد عامني من‬ ‫إقامتي كالجئة يف فرنسا‪ ،‬أجد نفيس وأبنايئ خارج‬ ‫الزمان واملكان ال وطن يل يف بالد الحر ّيات هذه‪،‬‬ ‫وما زالت روحي معلقة هناك‪ ،‬عىل الضفة األخرى‬ ‫من املتوسط‪ ،‬حيث تختنق األصوات‪ ،‬يف ما تبقى‬ ‫من وطني‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مل أبلغ سن الفطام بعد‪ ،‬اعتقدت يوما أنني أملك‬ ‫من الديناميكية ما يكفيني ألتح ّرر من أي قيد مبا‬ ‫يف ذلك قيود الوطن‪ ،‬كانت تجذبني أفكار ما بعد‬ ‫الحداثة‪ ،‬وكنت أرغب بتحطيم مفهوم الوطن‪،‬‬ ‫كنت اعتقد ّأن اإلنسان القوي هو من يعترب كل بلد‬ ‫وطناً له‪ ،‬واألكرث قوة من يتعاىل إىل حدود اإلنسانية‪،‬‬ ‫ويكون عابراً لألوطان‪ ،‬لكن هل من وجود لهذا‬ ‫االنسان ا ُملتخ ّيل ا ُملتح ّلل من كل ارتباط؟!‪.‬‬

‫أماكن ومدن تحارصين‪ ،‬وجوه مكدرة‪ ،‬وعيون‬ ‫خائفة‪ ،‬أطفال أعرفهم وأحفظ ضحكاتهم‪ ،‬مطارح‬ ‫عشت فيها ما يكفي لتكون جزء من كياين‪ ،‬هناك‬ ‫لغة أرقص عىل إيقاع كرستها وضمتها‪ ،‬يف أي‬ ‫تصنيف تجد مكانها كل هذه األلفة املفتقدة يف‬ ‫صقيع الغرب‪ ،‬وأي جواب سأحمل ألوالدي عن بالد‬ ‫تحمل كل هذا العشق والقتل عىل حد سواء‪ ،‬هل‬ ‫بات الوطن ندبة يف القلب ال شفاء منها أبداً؟‪.‬‬ ‫وعىل ذكر الهوية والوطن‪ ،‬عمد رجال األمن يف‬ ‫بداية الثورة إىل اعتقال كل شخص يحمل هوية‬ ‫مكسورة‪ ،‬العتقادهم أنه فعل ذلك استجاب ًة لنداء‬ ‫“الشيخ العرعور” يف ذلك الوقت بكرس الهويات‬ ‫كنوع من أنواع االحتجاج‪( ،‬جميل) لسوء حظه كان‬ ‫أحد هؤالء‪ ،‬ما جعله عرضة الحتامل االعتقال عىل‬ ‫أحد الحواجز املنترشة عىل طول البالد وعرضها‪ ،‬ومل‬ ‫يسلم من حقد رجال األمن حتى أثبت مسيحيته‬ ‫ورفع صليبه‪ ،‬واعت ّد بهويته الوطنية‪ ،‬لعلنا اليوم‬ ‫هويات مكسورة ومشوهة وال منلك‬ ‫جميعاً نحمل‬ ‫ٍ‬ ‫لها بدائل‪.‬‬ ‫قبل ثالثة أعوام خرجت من سوريا مل أدرك حينها‬ ‫ورغم كل الخراب أنني أسلك طريق الالعودة‪ ،‬مل‬ ‫أمأل صدري كفاي ًة من هواء‪ ،‬يكفيني مؤون ًة لهذا‬ ‫االغرتاب الخانق‪ ،‬غادرت ويف رحمي روح ستخرج‬ ‫إىل الحياة يف الال بالد‪.‬‬ ‫طفيل أصبح واحداً من آالف الوالدات التي س ّببت‬ ‫قلقاً للعامل بوصفه ولداً بال هوية‪ ،‬ولد يف دول‬ ‫الجوار دون أوراقٍ رسمية باستثناء شهادة ميالده‬ ‫الصادرة عن املشفى وما ستمحنه إياه مفوضية‬

‫األمم املتحدة لشؤون الالجئني من وثيقة سف ٍر‬ ‫خاصة بالالجئني‪ ،‬وصلت إىل فرنسا ووضعت طفلتي‬ ‫الثانية‪ ،‬أيضاً مل أمتكن امن لحصول عىل هوية ووطن‬ ‫لها‪ .‬اآلن أصبحنا الكائن “املثايل” التي تنادي به‬ ‫مفاهيم ما بعد الحداثة‪ ،‬عائلة مؤلفة من أشخاص‬ ‫بال وطن وبال هويات‪ ،‬لعلنا نتخلص من حيث ال‬ ‫ندري من “الهويات القاتلة”‪ ،‬التي تحدث عنها أمني‬ ‫معلوف‪ ،‬أو ّأن “الال هويات” و”الال أوطان” هي ما‬ ‫سيقتلنا يوماً ما‪!..‬‬


‫تأثر األسواق العالمية في االنتخابات األمريكية‬

‫‪16‬‬

‫تأثير دونالد ترامب على اإلقتصاد!!‪..‬‬

‫وائل موسى‬

‫العدد ‪2016 / 11 / 15 - 80 -‬‬

‫انشغلت الناس يف الحديث عن االنتخابات‬ ‫األمريكية يف كافة أنحاء العامل فيام انعكست‬ ‫التوترات بشكل واضح عىل األسواق العاملية‪.‬‬ ‫بني مؤيد ومعارض ومقتنع ومتخوف لوصول‬ ‫ترامب للرئاسة األمريكية تبدو الحالة اشبه‬ ‫بثورة عاملية جديدة قد تغري معامل العامل‪.‬‬ ‫سادت أسواق العمالت العاملية حالة من عدم‬ ‫الوضوح ومن املتوقع ان تنتهي مع افتتاح‬ ‫األسبوع التايل لالنتخابات‪.‬‬ ‫بالرغم من املظاهرات التالية لظهور نتائج‬ ‫االنتخابات وما قد ينتج عنها حقق الدوالر‬ ‫مكاسب مقابل سلة من العمالت العاملية‪.‬‬ ‫وتشهد األسهم االمريكية تحقيق مكاسب‬ ‫تصل ألرقام قياسية جديدة‪ ،‬ويتوقع الكثري من‬ ‫املستثمرين بارتفاع مستوى التضخم فيام لو‬ ‫نفذ ترامب وعوده‪ .‬فام هي هذه الوعود؟!‬ ‫ترصيحات‪:‬‬ ‫سارعت العديد من الدول للترصيح بعد تأكيد‬ ‫وصول ترامب إىل الرئاسة وكان من أهمها‪:‬‬ ‫كوريا الشاملية رصحت بأنها‬ ‫ ‬‫ستتعامل مع الواليات املتحدة األمريكية بشكل‬ ‫أو بآخر‪ ،‬وقد سبق أن أبدت كوريا الشاملية‬ ‫اعجابها برتامب‪ ،‬ورصح ترامب برغبته يف زيارة‬ ‫زعيم كوريا الشاملية‪.‬‬ ‫كام رصح وزير رويس بأن بالده‬ ‫ ‬‫ستعمل كل ما بوسعها إلعادة العالقات التجارية‬ ‫واالقتصادية مع الواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬

‫اقتصاد‬

‫يتوقع وزير املالية الربيطاين وجود‬ ‫ ‬‫حوار بناء للغاية مع الرئيس األمرييك املنتخب‬ ‫ترامب وقال إن بريطانيا ملتزمة بالتجارة الحرة‬ ‫واألسواق املفتوحة مع الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫يرى ترامب أن اتفاقية التجارة الحرة عرب‬ ‫األطليس املزمعة مع االتحاد األورويب ترض‬ ‫بالعامل األمريكيني وتؤثر سلباً عىل قدراتهم‬ ‫التنافسية‪ ،‬مام شكل لدى االتحاد األورويب‬ ‫مخاوف من ترصيحاته أثناء الحملة االنتخابية‬ ‫حول اتفاقيات التجارة ورغبته يف وضع سياسات‬ ‫حامية تجارية‪ ،‬ويخىش األوروبيني من الغاء‬

‫هذه االتفاقيات‪.‬‬ ‫يف حال نفذ ترامب وعوده سينتج عنها تأثر كبري يف‬ ‫األسواق العاملية‪.‬‬ ‫يعتقد كثريون أن كل األقوال والترصيحات قبل االنتخابات‬ ‫هي مجرد دعاية وستختلف كلياً بعد االنتخابات‪ ،‬إال أن‬ ‫هذه التوقعات قد تكون خائبة كام خابت قبلها توقعاتهم‬ ‫بفوز هيالري كلينتون‪.‬‬ ‫االهتامم املرافق لالنتخابات األمريكية يعكس حقيقة‬ ‫أهمية دور الواليات املتحدة األمريكية عىل العامل بكافة‬ ‫املستويات السياسية واالقتصادية‪.‬‬ ‫من خالل متابعة ترصيحات كبار االقتصاديني‪ ،‬يبدو أن‬ ‫املستقبل سيشهد اضطراب اقتصادي كبري‪.‬‬

‫الذهب والنفط‪:‬‬

‫انخفض سعر الذهب ألدىن مستوى منذ خمسة أشهر‬ ‫إىل ‪ 1222.38‬دوالر لألونصة ورافقه يف االنخفاض بقية‬ ‫املعادن النفيسة من الفضة والبالتني والبالديوم ويعود‬ ‫انخفاض الذهب بشكل أسايس لفقدان أهميته كمالذ‬ ‫آمن نتيجة القوة اإليجابية التي ظهرت يف األسواق بعد‬ ‫ظهور نتائج االنتخابات‪.‬‬ ‫انخفضت أسعار النفط متأثرة بإعالن منظمة أوبك‬ ‫حول زيادة يف انتاجها لشهر أكتوبر ‪/‬ترشين الثاين ليصل‬ ‫ملستويات قياسية يف وقت تعاين منه األسواق من تخمة يف‬ ‫العرض قد أدى إىل تدين سعر النفط بشكل كبري‪.‬‬ ‫وقد رصح ترامب حول رغبته يف فتح جميع األرايض‬ ‫واملياه التابعة للواليات املتحدة أمام رشكات التنقيب عن‬ ‫النفط والغاز دون قيود يف دعوة رصيحة لزيادة مستوى‬ ‫اإلنتاج األمرييك‪ ،‬وعىل الرغم من شدة تأثري ذلك عىل‬ ‫زيادة العرض إال أن منظمة أوبك تشعر باالرتياح بعض‬ ‫اليشء تجاه عداء ترامب إليران والتشدد املتوقع فرضه‬

‫عليها الحقاً‪.‬‬ ‫قال دانييل يرجني نائب رئيس مؤسسة آي‪.‬إتش‪.‬‬ ‫إس سريا لألبحاث وهو محلل اقتصادي أمرييك‬ ‫“تأهبوا ملزيد من الغموض واالضطرابات‬ ‫القادمة يف االقتصاد العاملي”‪.‬‬ ‫من ضمن الترصيحات والوعود املثرية للرئيس‬ ‫األمرييك الجديد كانت موجهة للصني تحديداً‪،‬‬ ‫حيث وعد ترامب برفع الرضائب إىل أضعاف‬ ‫تجاه املستوردات الصينية ملحاربتها‪ ،‬وعىل‬ ‫الرغم من صعوبة األمر إال أن الصني ردت‬ ‫بتخفيض قيمة عملتها لتقول إن بضائعها‬ ‫ستبقى هي األرخص‪ ،‬وتعترب األسواق األمريكية‬ ‫من أكرب املستهلكني للبضائع الصينية يف العامل‪.‬‬

‫إىل أين تتجه األسواق؟‬

‫يف تحليل موضوعي ملا جرى يف األسواق‬ ‫وأسباب ارتفاع األسهم‪ ،‬يرى عدد من املحللني‬ ‫االقتصاديني يف أسواق املضاربة وبشكل خاص‬ ‫تجاه أسعار داو جونز الذي حقق أعىل‬ ‫مستويات ارتفاع له يعود ذلك لدعم الكثري من‬ ‫املستثمرين واملضاربني يف األسواق األمريكية‬ ‫بشكل إيجايب وارتفاع نسبة الطلب عىل األسهم‪،‬‬ ‫ويحذر املحللني من مغبة هذه االرتفاعات إىل‬ ‫أنه من املحتمل جداً أن تشهد انخفاضات حادة‬ ‫الحقاً نتيجة تحقيق املكاسب مام يتسبب يف‬ ‫حركات تصحيح عنيفة مؤقتة‪.‬‬ ‫ما تزال السياسات املتوقع ان يتبعها الرئيس‬ ‫الجديد غري واضحة حتى اآلن إال أن التغيريات‬ ‫املتوقعة قد تكون كبرية وذات تأثري واسع‪.‬‬ ‫عىل الصعيد السوري مل تظهر أي تأثريات عىل‬ ‫اللرية السورية ويعود ذلك لعدم وجود أي‬ ‫عوامل اقتصادية مهمة تتأثر بحركة األسواق‬ ‫العاملية‪ ،‬فانخفاض او ارتفاع قيمة اللرية السورية‬ ‫بات يتحرك وفق عوامل سياسية وعسكرية‬ ‫بشكل عام‪ ،‬بينام تستمر أسعار الذهب بالتأثر‬ ‫بشكل مبارش بالسعر العاملي ليصل سعر الغرام‬ ‫عيار ‪ 21‬مع اغالق األسواق العاملية يوم الجمعة‬ ‫‪ 11/11/2016‬إىل ‪ 18700‬لرية سورية‪ ،‬يف وقت‬ ‫يتم رصف الدوالر الواحد يف دمشق مقابل ‪542‬‬ ‫لرية‪.‬‬


‫نشرة اقتصادية‬ ‫حملة لتسويق الحمضيات والفساد سبق المواطنين إليها‬ ‫الحمضيات ب‪ 50‬ليرة وحصة الفرد ‪ 60‬كيلو‬

‫العدد ‪- 80 -‬‬

‫هذه املرة األوىل التي يصل فيها انتاج الحمضيات‬ ‫يف سوريا إىل هذا املستوى‪ ،‬ونظراً لصعوبة تصديره‬ ‫سينعكس مستوى اإلنتاج سلباً عىل املنتجني نظراً‬ ‫الرتفاع التكاليف دون القدرة عىل تحقيق عائدات‬ ‫مناسبة‪.‬‬ ‫بشكل مخترص‪ ،‬ماذا يعني تسويق مليون طن يف‬ ‫األسواق املحلية؟! يعني أن حصة الفرد الواحد‬ ‫تصل إىل ‪ 60‬كيلو من الحمضيات عىل فرض وجود‬ ‫‪ 16‬مليون مواطن يف سوريا حالياً‪.‬‬

‫‪25 / 11 / 15‬‬

‫ذكرت عدة صفحات من مواقع التواصل االجتامعي‬ ‫خرباً عن حملة أطلقتها وزارة التجارة الداخلية‬ ‫وحامية املستهلك اليوم الحملة الوطنية لتسويق‬ ‫الحمضيات اعتباراً من ‪ 10‬الشهر الحايل‪ ،‬والتي‬ ‫تتضمن تسويق الحمضيات مبارشة من املزارع‬ ‫للمستهلك‪ ،‬وبسعر ‪ 50‬لرية للكيلو‪.‬‬ ‫وذكرت صحيفة االقتصادي وفق خرب خاص لها‬ ‫من مدير عام ” املؤسسة العامة للخزن والتسويق‬ ‫” حسن مخلوف أوضح يف ترصيح له أن الحملة‬ ‫جاءت نتيجة وجود إنتاج كبري للحمضيات هذا‬ ‫العام يتجاوز مليون طن‪ ،‬ووجود صعوبة كبرية يف‬ ‫التصدير نتيجة إلغالق املعابر الربية‪ ،‬وخاصة مع‬ ‫العراق الذي كان يستهلك نسبة كبرية من الفائض‬ ‫عن االستهالك املحيل‪.‬‬ ‫وبي مخلوف أن هذا األمر انعكس عىل انخفاض‬ ‫ّ‬ ‫السعر لدى املزارع ملادون الكلفة‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫بقي السعر مرتفعاً عىل املواطن‪ ،‬مؤكداً أن كافة‬ ‫مؤسسات الوزارة تشارك يف هذه الحملة‪ ،‬من خالل‬ ‫تقديم السيارات واملراكز واملستودعات لدعم هذه‬ ‫الحملة‪ ،‬واستجرار أكرب كمية ممكنة من اإلنتاج‬

‫وتقدميه للمواطنني بأسعار مناسبة‪.‬‬ ‫يستطيع املسؤولني لدى حكومة النظام السوري‬ ‫تربير صعوبات التصدير بإغالق املعابر الربية‪،‬‬ ‫وبشكل خاص مع العراق يف وقت يسهل فيه استرياد‬ ‫آالف العنارص من امليليشيات العراقية واإليرانية‬ ‫واألفغانية لقتل الشعب السوري‪ ،‬مام يوضح ان‬ ‫السياسة االقتصادية لحكومة النظام املجرم ليس‬ ‫لديها نوايا إليجاد سبل تصدير جوية مقارنة بسبل‬ ‫استرياد املقاتلني الذين يكبدون الوطن كم هائل‬ ‫من األموال والدماء‪.‬‬ ‫من املفرتض وبحسب ترصيحات مخلوف أن‬ ‫السيارات تتجول يف احياء دمشق لبيع الحمضيات‬ ‫بشكل مبارش للمواطنني ولكن‪.‬‬ ‫كثري من املواطنني تساءل عن حقيقة وجود الحملة‬ ‫حيث يبلغ سعر كيلو الليمون لدى املحالت‬ ‫التجارية ‪ 300‬لرية وكثريون قالوا انهم بحثوا عن‬ ‫هذه الشاحنات ومل يجدوها‪ .‬وأفاد عدد من‬ ‫املواطنني مشاهدته لشاحنات تنقل الحمضيات‬ ‫وتقوم بتفريغ حمولتها لدى تجار بدالً من بيعها‬ ‫للمواطنني بشكل مبارش‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫طائرة صالحة لألكل إليصال المساعدات اإلنسانية‬

‫الشحنات هدفها‪.‬‬ ‫يف آذار املايض قام برنامج األغذية العاملي التابع لألمم املتحدة بإلقاء‬ ‫‪ 21‬حاوية محملة باملواد الغذائية ألكرث من ‪ 200‬ألف من السوريني‬ ‫املحارصين يف دير الزور من تنظيم الدولة (داعش)‪ ،‬وانتهت املهمة‬ ‫بالفشل‪ ،‬حيث تدمرت ‪ 4‬حاويات بسبب أخطاء يف املظالت‪،‬‬ ‫وهبطت ‪ 7‬حاويات بعيدة عن الهدف‪ ،‬وتم فقدان أثر ‪ 10‬حاويات‪،‬‬ ‫وبحسب بعض الناشطني أنها قد سقطت يف أيدي تنظيم داعش‪.‬‬ ‫يأمل جيفورد يف أن يحقق “املنقض” العديد من احتياجات املنكوبني‪،‬‬ ‫ويخطط إلنشاء مستودعات حول العامل لتلبية االحتياجات عند‬ ‫ظهورها‪.‬‬

‫اقتصاد‬

‫أحدث اخرتاع إليصال املساعدات بأمان‬ ‫اخرتاع جديد مطور من قبل الربيطاين جيفورد‬ ‫أطلق عليه اسم “‪“ ”Pouncer‬املنقض”‪ ،‬وعىل‬ ‫الرغم من انه ما يزال حديث العهد إال أنه‬ ‫يسعى لحل العديد من املشكالت املوجودة‬ ‫يف أنظمة القاء املساعدات اإلنسانية عرب الجو‪.‬‬ ‫الطائرة ذات أجنحة محشوة باإلمدادات‬ ‫الغذائية واألدوية واملستلزمات الطبية للبعثات‬ ‫اإلنسانية‪.‬‬ ‫هيكل الطائرة مصنع من مواد قابلة للتحلل‬ ‫ومهيئة إلعادة تركيبها واستخدامها كأموى‬ ‫مؤقت‪ ،‬والعجالت ميكن استخدامها كبديل‬ ‫للوقود يف الطهي‪ ،‬وميكن القائها عرب الجو‪،‬‬ ‫أو من خالل قاذف عىل األرض وتستمر يف‬ ‫التحليق لتسقط الحقاً ضمن دائرة قطرها ‪25‬‬ ‫ميل ‪ 40 /‬كيلو مرت من الهدف إىل أن تصل‬ ‫لهدفها‪ ،‬وسيبدأ انتاجها ضمن عام ‪.2017‬‬ ‫جيفورد هو املهندس الذي نجح سابقاً يف بيع‬

‫رشكته التي اوجدت مناطيد طائرة بالطاقة‬ ‫الشمسية‪ ،‬وقد اشرتت فيسبوك رشكته مببلغ‬ ‫‪ 20‬مليون دوالر لتطوير املناطيد وجعلها‬ ‫تطوف حول األرض لتوزيع االنرتنت مجاناً‪.‬‬ ‫وقال إن “املنقض” ميكنه تويل املهامت العاجلة‬ ‫والصعبة لتوصيل املساعدات الطارئة فوق‬ ‫املناطق التي يصعب الوصول إليها‪.‬‬ ‫وبحسب موقع الرشكة املطورة للمرشوع‬ ‫‪ http://www.windhorse.aero‬إن كل طائرة‬ ‫قادرة عىل إنقاذ ‪ 50‬شخص‪ ،‬وميكن للطائرة ان‬ ‫تصل إىل أهدافها بدقة عىل عكس األساليب‬ ‫التقليدية التي ميكن ان تكون غري دقيقة أو‬ ‫من املستحيل استخدامها‪.‬‬ ‫ذكرت صحيفة مييل ديل الربيطانية أنه يف‬ ‫العادة تستخدم الطائرات الناقلة العسكرية‬ ‫إللقاء املساعدات عرب فتح البوابة الخلفية‬ ‫وإطالق الشحنات‪ ،‬إال أسلوب االنزال الجوي‬ ‫هذا مكلف جداً وغري دقيق وغالباً ما تفقد‬


‫«عين الشرق» إلبراهيم الجبين ‪..‬‬ ‫‪18‬‬

‫رواية عن دمشق المدينة والتاريخ ما قبل‬ ‫وبعد انفجار الجسد السوري‬

‫غسان ناصر ‪-‬طلعنا عالحرية‬

‫العدد ‪2016 / 11 / 15 - 80 -‬‬

‫ثقافة‬

‫«عني الرشق ‪ -‬هايربثيميسيا‪ ،»21‬عنوان الرواية‬ ‫الثانية للشاعر والكاتب السوري إبراهيم الجبني‬ ‫(املقيم يف أملانيا)‪ ،‬والتي صدرت قبل أيام عن‬ ‫املؤسسة العربية للدراسات والنرش (بريوت‪/‬‬ ‫ّ‬ ‫عمن)‪.‬‬ ‫جاءت الرواية يف ‪ 360‬صفحة من القطع‬ ‫املتوسط‪ ،‬وقد صمم الغالف الذي احتوى عىل‬ ‫رسم للفنان التشكييل السوري يوسف عبدليك‪،‬‬ ‫الشاعر والفنان الفلسطيني زهري أبو شايب‪.‬‬ ‫يستهل املؤلف روايته باآلية األوىل من “سفر‬ ‫إشعيا – اإلصحاح السابع عرش” من التوراة‬ ‫والتي تقول‪َ “ :‬و ْح ٌي ِمنْ ِج َه ِة ِد َم ْشقَ ‪ :‬هُ َو َذا‬ ‫ي ا ْل ُمدُ نِ َو َت ُك ُ‬ ‫ون ُر ْج َم َة َرد ٍْم”‪.‬‬ ‫ِد َم ْشقُ ُتز َُال ِمنْ َب ْ ِ‬ ‫ويف الصفحة التي يليها يشري الجبني” إىل أن “‪20‬‬ ‫حالة من مرض الهايربثيميسيا فقط تم اكتشافها‬ ‫يف أنحاء العامل حتى اللحظة”‪ .‬و”الهايربثيميسيا”‬ ‫يف لغة العلم هي مرض نادر جداً‪ ،‬وبحسب‬ ‫العلامء فـ”الهايربثيميسيا” تطلق عىل حالة فرط‬ ‫االستذكار أو متالزمة فرط االستذكار أو الذاكرة‬ ‫السريية ‪ -‬الذاتية بالغة القوة‪ ،‬وهي ُتعد حالة‬ ‫مرضية نادرة تجعل الشخص املصاب بها يتذكر‬ ‫ينس شيئاً‬ ‫كل لحظة يف حياته بكل تفاصيلها وال َ‬ ‫مهام مرت السنوات‪.‬‬ ‫السارد ما بني الواقع والخيال ‪..‬‬ ‫تبدأ الرواية بعالقة جمعت السارد مع رسام‬ ‫عجوز يف مرسمه يف التكية السليامنية يف‬ ‫دمشق‪ ،‬مهووس بجمع األشياء القدمية‪ ،‬كان قد‬ ‫عمل يف الشعبة الثانية (املخابرات السورية)‬ ‫يف الخمسينيات‪ ،‬وأطلق بيده رصاصة الرحمة‪،‬‬ ‫كام يقول‪ ،‬عىل الكثريين من معاريض السلطات‬ ‫التي حكمت سوريا وبالد الشام‪.‬‬ ‫ويف مسارات ثالثة (املايض والحارض واملستقبل)‪،‬‬ ‫نعيش يف «عني الرشق» مع شخصيات هي‬ ‫حارضة بيننا اليوم وأخرى ارتحلت‪ ،‬ومع من‬ ‫استقدمهم الكاتب من عمق التاريخ‪ ..‬ومع‬ ‫ملل ونحل وطوائف وأعراق ومذاهب فكرية‪..‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضا مع شوارع وأمكنة كثرية يف دمشق‪..‬‬ ‫ليقدم كل هذا يف لحظة ملتهبة من تاريخ‬ ‫سوريا املعارص مؤكدًا ّأن “ما يحدث يف دمشق‬

‫عادة يغري املرشق كله”‪.‬‬ ‫هنا يستحرض “الجبني” شيخ اإلسالم ابن تيمية‪ ،‬واألمري عبد‬ ‫القادر الجزائري‪ ،‬والرئيس الراحل أديب الشيشكيل‪ ،‬وحافظ‬ ‫األسد (إله البساطة‪ ،‬إله األرض‪ ،‬إله العلويني)‪ ،‬وصديق عمره‬ ‫صالح جديد الذي طعنه (اإلله) بالظهر‪ ،‬ونور الدين األتايس‪،‬‬ ‫وعصام العطار ونجاح العطار (الوزيرة يف عهد األسد األب‬ ‫ونائبة الرئيس الوريث)‪ ،‬واليهودي إخاد الذي هاجر من‬ ‫دمشق‪ ،‬والجاسوس اإلرسائييل إيليا كوهني‪ ،‬والزعيم الكردي‬ ‫عبدالله أوجالن‪ ،‬وأبو القعقاع السوري (محمود قول أغايس)‬ ‫الذي أسس تنظيم “داعش”‪ ،‬ولؤي كيايل‪ ،‬وصبحي الحديدي‪،‬‬ ‫ومظفر النواب‪ ،‬وأدونيس‪ ،‬وغريه من النخب التي تواطئت‬ ‫ضد الشعب‪ ..‬وضحايا وقتلة ورجال حكم وضباط ومثقفني‬ ‫وفنانني ونساء جميالت)‪ ،‬شخوص كثرية جمعها يف مكان‬ ‫واحد عرب أزمنة مختلفة من التاريخ‪ ،‬الرابط بينها كلها “عني‬ ‫الرشق” دمشق‪.‬‬ ‫وبني الحقيقة وخيال السارد ُيخربنا إبراهيم الجبني كيف‬ ‫أن حافظ األسد الذي وصفه بـ”الدكتاتور العجوز”‪ ،‬مل ميت‪،‬‬ ‫كام أعلنت أرسته‪ ،‬لكنه وبعد أن خرف ومل يعد قادراً عىل‬ ‫الرتكيز‪ ،‬تم توريث الحكم البنه وهو حي‪ ،‬وتم وضعه يف‬ ‫غرفة معزولة تحت عناية طبية مشددة‪ ،‬فهو بني الغيبوبة‬ ‫والصحو‪ ،‬بني الذاكرة والغضب‪ ،‬بني الرغبة باالنتحار والرغبة‬ ‫بالعودة إىل لذة الحكم والقدرة عىل القتل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫رصدت‬ ‫يقول الكاتب عن عمله الجديد‪“ :‬يف هذه الرواية‪،‬‬ ‫يوميات عشتُها يف دمشق‪ ،‬ما بني الخيال والواقع‪ ،‬ورمبا بهام‬ ‫معاً‪ ،‬وقد ال أميز مرات‪ ،‬أيّ منهام هو الواقع‪ ،‬الخيال أم‬ ‫الواقع ذاته‪ .‬مبدتئاً من مدن سورية عديدة‪ ،‬أشخاص قدموا‬ ‫من ثقافات عديدة‪ ،‬محملني ببضائعهم اإلنسانية والوحشية‬ ‫معاً‪ ،‬فاخرتقوا عوامل الفكر واألدب والفنون‪ ،‬مغرقني املدينة‬

‫يف التهتك‪ ،‬مواصلني رجم املجتمع السوري‬ ‫العريض الذي اشتهر بتعدده وبساطته‬ ‫وتعقيده يف الوقت ذاته‪ ،‬وهو ذاته املجتمع‬ ‫الذي ّ‬ ‫سمه النظام السوري الحقاً “البيئة‬ ‫الحاضنة لإلرهاب” مربراً كل أشكال اإلبادة التي‬ ‫طبقها عىل س ّكانه يف مدنه وأريافه”‪.‬‬ ‫ويؤكد الراويئ أن “كثريون سيعرفون أنفسهم يف‬ ‫«عني الرشق ‪ -‬هايربثيميسيا‪ .»21‬ولرمبا تغريت‪،‬‬ ‫أحيا ًنا‪ ،‬أسامء ومالمح‪ ،‬إال أن اللحظة الطويلة‬ ‫التي سبقت انفجار الجسد السوري‪ ،‬مل تكن‬ ‫بال مقدمات وال أبطال ساهموا يف زيادة تلك‬ ‫التضاريس وعورة‪ ،‬وكانوا من بني أسباب كتابة‬ ‫هذه الرواية”‪.‬‬ ‫جدير بالذكر أن العمل الروايئ األول للجبني‬ ‫“يوميات يهودي من دمشق” (دمشق ‪)2007‬‬ ‫قد أثار الكثري من الجدل بسبب تناوله‬ ‫ملوضوعني اعتربا حني صدوره من املواضيع‬ ‫املحرمة؛ يهود دمشق‪ ،‬وعالقة قادة تنظيم‬ ‫القاعدة مع األجهزة األمنية السورية‪ .‬وكان أبو‬ ‫القعقاع السوري أحد أبطال “يوميات يهودي‬ ‫من دمشق” قد اغتيل يف حلب‪ ،‬بعد ستة‬ ‫أشهر من صدور الرواية‪ ،‬بعد أن كان مقرباً‬ ‫من السلطة يف دمشق‪ ،‬وعرف عنه دوره املبكر‬ ‫يف تصدير املجاهدين عرب الحدود السورية‪،‬‬ ‫وتأسيس ما بات يعرف الحقاً باسم “الدولة‬ ‫اإلسالمية يف العراق والشام”‪.‬‬ ‫و”الجبني” كاتب وشاعر وإعالمي سوري‪ ،‬يعمل‬ ‫محرراً يف صحيفة “العرب” اللندنية‪ .‬ويشغل‬ ‫مدير تحرير مجلة “دمشق” (املجلة الفكرية‬ ‫الثقافية السورية الصادرة يف لندن) ‪ .2012‬وهو‬ ‫ينرش مقاالته يف الصحف واملجالت العربية منذ‬ ‫أواسط الثامنينات‪ .‬وكان أن شارك يف إعداد‬ ‫وتقديم برامج حوارية‪ ،‬منها الربنامج الحواري‬ ‫“الطريق إىل دمشق”‪ ،‬قناة اورينت ‪2012‬ـ كام‬ ‫شارك يف إعداد عدة أفالم وثائقية منها “أبو‬ ‫القعقاع السوري”‪ ،‬قناة الجزيرة ‪ .2015‬والفيلم‬ ‫الوثائقي “أسامة بن الدن يف سوريا” من إخراج‬ ‫املخرج السوري نبيل املالح‪ .‬مدته ساعتان‬ ‫وعرش دقائق ‪.2001 ،‬‬


‫نشرة ثقافية‬

‫إبداعات ونشاطات سورية‬

‫ات‬ ‫حاد الك ّتاب العرب يطالب‬ ‫ت‬ ‫جميد اتحاد ك ّتاب النظام‬

‫“كارتون على اإلسفلت” معرض لهاني‬ ‫عباس في “فريبورغ” السويسرية‬

‫هادي العبدهلل يفوز بجائزة‬ ‫“مراسلون بال حدد”‬

‫فاز الناشط اإلعالمي السوري هادي‬ ‫العبد الله قبل أيام‪ ،‬بجائزة منظمة‬ ‫“مراسلون بال حدود” لحرية الصحافة‬ ‫للعام الحايل‪ ،‬وذلك بعد عام من فوز‬ ‫إحدى مواطناته (الصحفية زينة ارحيم)‬ ‫بالجائزة‪ .‬وقالت املنظمة إن العبد الله‬ ‫وهو صحفي مستقل‪“ -‬ال يتواىن عن‬‫املجازفة يف مناطق خطرية ال يتوجه‬ ‫إليها أي صحفي أجنبي‪ ،‬من أجل تصوير‬ ‫وسؤال أفرقاء يف املجتمع املدين”‪.‬‬ ‫وأضافت أن العبد الله “واجه املوت‬ ‫مرا ًرا”‪ ،‬الفتة إىل أن ً‬ ‫زميل مصو ًرا له‬ ‫ُقتل بانفجار قنبلة محلية الصنع يف‬ ‫شقة كان يتقاسمها مع العبد الله الذي‬

‫أصيب يومها بجروح بالغة‪ .‬وتعلي ًقا‬ ‫عىل فوزه بالجائرة‪ ،‬قال املراسل الحريب‬ ‫الذي اشتهر بتغطيته املعارك من خط‬ ‫الجبهة األمامي‪ ،‬عىل حسابه يف موقع‬ ‫“تويرت” إنه يهدي جائزته إىل “خالد‬ ‫العيىس وطراد الزهوري وباسل شحادة‬ ‫ووسيم (العدل) وشامل (األحمد)‪ ،‬إىل‬ ‫دماء الشهداء وكل من مييض حامال‬ ‫عدسته يقاتل بها ويقاوم”‪ُ .‬يشار إىل‬ ‫أن هادي العبد الله من مواليد ‪،1987‬‬ ‫واقرتن اسمه بالثورة السورية حيث نقل‬ ‫معاناة السوريني وما يتعرضون له من‬ ‫قبل قوات النظام عرب وسائل اإلعالم‬ ‫املختلفة‪.‬‬

‫عبد الكريم‬ ‫عمرين ُيصدر أول‬ ‫كتاب در من قلب‬ ‫حمص المحاصرة‬ ‫أصدر الكاتب والشاعر واملرسحي‬ ‫عبد الكريم عمرين مؤخ ًرا‪ ،‬كتابه‬ ‫املوسوم بـ” حمص‪ ،‬للحب وقت‪..‬‬ ‫وللموت وقت”‪ ،‬وهو أول كتاب‬ ‫يصدر من قلب حمص املحارصة من‬ ‫قبل النظام السوري‪.‬‬ ‫جاء الكتاب الصادر عن “دار أرواد‬ ‫للطباعة والنرش” يف ‪ 180‬صفحة‬ ‫من القطع املتوسط‪ ،‬وقد احتوى‬ ‫عىل مجموعة من النصوص كتب‬ ‫“عمرين” معظمها من حي الوعر‬ ‫أثناء الحصار‪ ،‬وقصائد عن تركه‬ ‫لبيته‪ ،‬وتفاصيل يومية وسط الحرب‪.‬‬

‫ومن عناوين النصوص الشعرية التي‬ ‫احتواها الكتاب والتي متوج باألىس‪:‬‬ ‫“هنا يرقد من مات يف حمص‬ ‫عش ًقا‪ ،‬دائرة الطباشري الحمصية‪،‬‬ ‫أعيش وحيدًا وسط الحرب القذرة‪،‬‬ ‫جمعت البحر يف كفي‪ ،‬ألقي نظرات‬ ‫الوداع عىل بيتي‪ ،‬الجندي الطيب‬ ‫عىل الحاجز‪ ،‬الوالد املفجوع‪ ،‬عرس‬ ‫حميص يف زمن الحرب‪ ،‬رأيت الكثري‬ ‫من األشالء والقتىل‪ ،‬كل مساء بعد‬ ‫دفن الشهداء”‪.‬‬

‫ثقافة‬

‫افتتح رسام الكاريكاتري الفنان الفلسطيني‬ ‫السوري هاين عباس‪ ،‬معرضه الشخيص‬ ‫األول يف بلد اللجوء (سويرسا)‪ ،‬تحت عنوان‬ ‫«كارتون عىل اإلسفلت»‪ ،‬يوم الجمعة‬ ‫املوافق ‪ ١١‬من الشهر الحايل‪ ،‬ليستمر إىل‬ ‫‪ 12‬شباط‪ /‬فرباير من العام القادم‪ ،‬بتنظيم‬ ‫من مؤسسة ‪ APCd‬يف مدينة “فريبورغ”‬ ‫السويرسية‪ ،‬وهو املعرض األول من نوعه‬ ‫عامل ًيا حيث يكون اإلسفلت ً‬ ‫قامشا لل ّرسم‪.‬‬ ‫يقول “عباس” عن معرضه هذا‪ :‬قبل ثالثة‬ ‫أعوام‪ ...‬كانت الصدفة التي قادتني للميش للحظة أنني قد أسبب أذية له إن دست‬ ‫يف إحدى قرى مدينة فريبورغ السويرسية‪ ..‬عليه! هل له روح مثلنا؟ هنا بدأت تراودين‬ ‫هذه الطرق الفرعية املكملة لطريق اللجوء فكرة استخدام هذه األيقونات الصفراء يف‬ ‫الطويل‪ ..‬حني انتبهت يف اللحظة األخرية تصميم فني‪ ..‬وككل األوقات التي مررنا بها‬ ‫أنني كنت سأدوس عىل شخص أصفر خالل الخمس سنوات املاضية‪ ..‬كان مشهد‬ ‫اللون مستلق بهدوء عىل الرصيف وميسك القتل والقصف اليومي يف سوريا مالز ًما‬ ‫ابنه الصغري بيده‪ ..‬ابتعدت ً‬ ‫قليل وتابعت لنا‪ ..‬فرسمت وقتها هذا الشخص األصفر‬ ‫سريي‪ ..‬إال أن السؤال الذي ظل يرتدد يف وهو يحمل ابنته الصغرية املدماة ويركض‬ ‫رأيس هو سبب اتخاذي لهذا القرار الرسيع هر ًبا من قصف الطائرات‪ ..‬وأصبح هذا‬ ‫بعدم الدوس عىل هذا الشخص األصفر‪ ..‬التصميم بوس ًرتا ملعرض الحق يل بعد فرتة‬ ‫الجامد‪ ..‬الصورة‪ .‬ما الذي دفعني ألعتقد من ذلك الوقت‪.”..‬‬

‫‪19‬‬

‫العدد ‪2016 / 11 / 15 - 80 -‬‬

‫رفع األمني العام لالتحاد العام للكتّاب‬ ‫واألدباء العرب رئيس اتحاد كتّاب‬ ‫وأ‬ ‫قرتحا‬ ‫دباء اإلمارات حبيب الصايغ م ً‬ ‫إىل‬ ‫ا‬ ‫جتامعات املكتب الدائم يف الجزائر‬ ‫بتجميد عضوية اتحاد الكتاب العرب يف‬ ‫سوريا‪ ،‬وذلك بنا ًء عىل نص املادة ‪ 24‬من‬ ‫النظام األسايس‪.‬‬ ‫وأشار إىل أن هذا املقـــــرتح جــــاء‬ ‫نتيجة مقاالت عــــــدة واف‬ ‫تـــتاحيات الكتّاب السوريني يف املنفى تقدمت‬ ‫من قبل رئيس اتحاد الكتّاب‬ ‫العرب يف بطلب لالنضامم إىل اتحاد الكتّاب‬ ‫ســــوريا نضال الصالح تضم‬ ‫نت تشويهًا واألدباء العرب‪ ،‬وأن طلبها قيد الدرس‪.‬‬ ‫لكثري من الحقائق‪ ،‬وعدم اح‬ ‫رتام ثقافة كان طالل الرمييض رئيس رابطة األدباء‬ ‫االختالف‪ ،‬والتخوين والسب‬ ‫العلني‪ ،‬يف الكويت قد طالب يف وقت سابق‬ ‫إضافة إىل ما ورد يف بيانهم‬ ‫ضد بيان بالعمل عىل طرد اتحاد كتاب النظام‬ ‫اتحاد الكتّاب العرب حول ما ي‬ ‫جري يف السوري يف اجتامع االتحاد يف شباط ‪/‬‬ ‫حلب‪ .‬وأشار “الصا‬ ‫يغ” إىل أن رابطة فرباير املقبل يف الجزائر‪.‬‬

‫طلعنا عالحرية – القسم الثقافي‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.