طلعنا عالحرية / العدد 82

Page 1

‫نصف شهرية‪ ،‬سياسية‪ ،‬ثقافية‪ ،‬مستقلة‬

‫العدد ‪82‬‬ ‫‪2016 / 12 / 14‬‬

‫ملــف خاص في الذكرى الثالثة‬ ‫الختفــاء مختطفي دوما األربعة‬

‫مجلة مستقلة‪ ،‬تعنى بشؤون الثورة السورية‪ ،‬نصف شهرية‪ ،‬تطبع وتوزع داخل‬ ‫سوريا ويف عدد من مخيامت اللجوء والتجمعشات السورية يف الخارج‬


‫‪2‬‬

‫صاير شي؟!‬ ‫نصار‬ ‫افتتاحية بقلم أسامة ّ‬

‫العدد ‪2016 / 12 / 14 - 82 -‬‬

‫‪ 10‬كانون األول‪ ،‬يسألني صديقي‪“ :‬ع ّلقتم‬ ‫العمل باملكتب اليوم؟‪ ..‬خري‪ ..‬صاير يش؟”‪.‬‬ ‫ ال أبداً‪ ،‬وهنا املشكلة بالضبط‪“ :‬ما صاير‬‫يش”!‬ ‫‪--‬‬‫ثالث سنني طويلة‪ ..‬ال يفارقني الشعور‬ ‫بـ”ذنب البقاء”؛ ما يشعر به كل الناجني من‬ ‫القتل أو االعتقال أو العيش تحت الخطر‪..‬‬ ‫هل استثناين الخاطفون عمداً أم سهواً أم‬ ‫مصادفة؟ أم ‪-‬االحتامل األكرث إزعاجاً‪ -‬أين مل‬ ‫أش ّكل أهمية لهم لدرجة أن يتك ّلفوا عناء‬ ‫خطفي!‬ ‫‪--‬‬‫منذ صبيحة الجرمية‪ ،‬كانت إجابتي عن‬ ‫سؤال‪“ :‬من تتهم؟” مزعجة وقليلة اللياقة‪“ :‬ال‬ ‫أستثني أحداً؛ الجميع أصحاب سوابق”‪.‬‬ ‫ظهرت قرائن تشري إىل تورط جيش اإلسالم‪،‬‬ ‫نعم‪ .‬ولست فخوراً بذكر ذلك أيضاً‪.‬‬ ‫أعرف أن التعميم مجازفة‪ ،‬وأعرف أن البعض‬ ‫أقل سوءاً من بعض اآلخر‪ ..‬وأعرف اآلن أيضاً‬ ‫أن السلبية يف التعامل مع القضية التي اشرتك‬ ‫فيها مؤثرون أو مؤثرون محتملون‪ ،‬تتجاوز‬ ‫مج ّرد العجز لتصل ح ّد التواطؤ!‬

‫خالل الثالث سنوات‪ ،‬أكرث ما راكمته شاحنة‬ ‫كبرية من الخجل؛‬ ‫أخجل ‪-‬عىل وجه الخصوص‪ -‬من الخالة منرية‬ ‫“أم رزان”؛ رمبا طأمنت نفسها ‪-‬بعد أن عرفت‬ ‫بتهديد ابنتها بالقتل قبيل اختطافها‪ -‬بأن‬ ‫معها (رجال)!‬ ‫أخجل من ياسني “زوج سمرية”‪ ..‬أوصاين‬ ‫بزوجته عندما تركها معنا ‪-‬كام أوصاها يب‬ ‫وبزوجتي وابنتي‪..-‬‬ ‫‪..‬من أصدقايئ إخوان وائل‪ ..‬ومن والدهم‬ ‫املرحوم “أبو إياد” الذي لن يرى ابنه يف هذه‬ ‫الحياة‪ ،‬كام لن يرى املرحوم والد ناظم ابنه‬ ‫أبداً‪.‬‬ ‫أخجل طبعاً من رزان؛ لو تبادلنا املواقع هل‬ ‫كانت ستتعامل مع قضيتـ(ـي) كام تعاملت‬ ‫أنا مع قضيتـ(ـها)؟ أمنع نفيس من االستغراق‬ ‫يف التدليل عىل اإلجابة بالنفي؛ فمن التجارب‬ ‫السابقة‪ ،‬وعندما كنت أنا املغ ّيب فع ًال وهي‬ ‫الطليقة‪ ،‬مل تسكت‪ ،‬ومل ترتكني‪ .‬بل هي‬ ‫اعتربت قضيتي ‪-‬كام كل قضية مشابهة‪-‬‬ ‫قضيتها الشخصية وقضيتنا كلنا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ينفك يرضب رأيس‬ ‫أثناء الخجل واألمل‪ ،‬ال‬ ‫سؤال‪ :‬هل كانت إعادة افتتاح املكتب وتسيري‬

‫أعامله لصالح القضية أم ضدّها؟‬ ‫كان اجتهادنا وقتها أن نوصل رسالة للخاطفني‬ ‫وأمثالهم بالدرجة األوىل؛ أن التهديد والخطف‬ ‫والتغييب واألساليب املشابهة ال تثنينا عن‬ ‫متابعة العمل‪ .‬وألننا اعتربنا أن االستمرار‬ ‫بالعمل أفضل أشكال التضامن مع من بدأه‪.‬‬ ‫أم أن متابعة النشاط وتقديم “الخدمات”‬ ‫مرمغ املشكلة‪ ،‬ور ّقع الفراغ الذي تركه‬ ‫املخطوفون؟‬ ‫‪--‬‬‫رغم شهرة تستحقها رزان‪ ،‬ورغم نشاط ياسني‬ ‫أكرث من كل املعنيني بالقضية‪ ،‬نجهد يف تكرار‬ ‫حقيقة أن املخطوفني أربعة‪ ،‬أربعة أشخاص‪،‬‬ ‫أربعة أسامء‪ ،‬أربعة نشطاء معتربين‪ ،‬لكل‬ ‫واحد حياته وشخص ّيته وتاريخه وعمله‬ ‫وعائلته‪ ..‬مع تداخالت وحلقات كثرية تجمع‬ ‫األربعة وتجمعنا معهم‪ .‬ال تستطيع أن ال‬ ‫تشعر بالغنب عند إجامل الكل باختزال مثل‪:‬‬ ‫“رزان وأصدقاؤها”‪..‬‬ ‫‪--‬‬‫يأخذ البعض عىل ياسني أنه مبارش وغاضب‬ ‫يف طرحه وتوجيه اتهاماته‪ .‬هل كان عىل رجل‬ ‫فقد امرأته وأقرب أصدقائه‪ ،‬أن يكون هادئاً‬

‫‪www.freedomraise.net‬‬

‫تفاعل معنا عبر صفحاتنا على اإلنترنت‬

‫كلمة‬

‫املقاالت املنشورة تعرب عن آراء أصحابها أوالً‬ ‫وال تعرب بالرضورة عن آراء هيئة التحرير‬

‫مجلة نصف شهرية تعنى بشؤون الثورة‬ ‫تطبع وتوزع داخل املدن والقرى السورية‬ ‫ويف بعض مخيامت اللجوء‬ ‫معاون رئيس التحرير قسم حقوق اإلنسان‬ ‫نصار‬ ‫أنور البني‬ ‫أسامة ّ‬

‫قسم املرأة‬ ‫يارا بدر‬

‫املجلة غري ملزمة بنرش كل ما يردها من مواد‬

‫رئيس التحرير ليىل الصفدي‬ ‫املحرر االقتصادي‬ ‫وائل موىس‬

‫الغالف‬ ‫سمري خلييل‬

‫‪facebook.com/freeraise‬‬ ‫‪twitter.com/freedomraise‬‬ ‫‪info@freedomraise.net‬‬

‫كاريكاتري‬ ‫سمري خلييل‬

‫زمالء مختطفون يف الغوطة الرشقية‬ ‫رزان زيتونة ‪ -‬ناظم حامدي‬


‫‪ 9‬كانون األسود‬ ‫اختطاف النشــطاء األربعة‬ ‫المحامية الشــجاعة‬ ‫رزان زيتونة ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫ُملهم الحسني‬

‫العدد ‪2016 / 12 / 14 - 82 -‬‬

‫مساء هذا اليوم ‪ 9‬كانون األول‪ ،‬اليوم األسود‪ ،‬يكون‬ ‫قد م ّر ثالث سنوات عىل جرمية التغي ّيب القرسي‬ ‫لرزان زيتونة وسمرية الخليل ووائل حامدة وناظم‬ ‫حامدي‪ ،‬حيث اقتحم ملثمون ُيعتقد بارتباطهم بفصيل‬ ‫“جيش اإلسالم” املعارض ا ُملس ّلح مكتب “مركز توثيق‬ ‫االنتهاكات يف سوريا” يف منطقة دوما‪ ،‬وهو املركز‬ ‫الوحيد الذي كان يو ّثق االنتهاكات التي ُترتكب بحق‬ ‫السوريني وبحرف ّية عالية‪ ،‬وعىل مسافة واحدة من‬ ‫الجميع‪ّ .‬‬ ‫وإن اختطاف النشطاء األربع ما هو إ ّال جرمية‪،‬‬ ‫ليس فقط بحق املخطوفني األربعة‪ّ ،‬‬ ‫وإنا بحق الثورة‬ ‫ومبادئها التي قامت من أجلها‪ ،‬وهي الحرية والعدالة‬ ‫والكرامة لجميع السوريني‪.‬‬ ‫ثالث سنوات م ّرت من ذاك املساء‪ ،‬التاريخ الذي بات‬ ‫يعرفه جميع السوريني من تاريخ الثورة السورية‪ ،‬وال‬ ‫تزال قضية النشطاء األربعة تحظى باهتامم ومتابعة‬ ‫مختلف رشائح املجتمع السوري‪ ،‬نظراً لدورهم البارز‬ ‫يف الثورة السلم ّية التي قامت يف سوريا منذ آذار ‪.2011‬‬ ‫شخص ّياً‪ ،‬لقد نالني رشف معرفة رزان زيتونة عام‬ ‫‪ 2009‬حني كان أحد أشقايئ معتق ًال يف سجون نظام‬ ‫األسد بتهمة دفاعه عن حقوق اإلنسان‪ .‬مل أكن أعرف‬ ‫رزان قبلها‪ .‬وكان لرزان وقفة معنا كعائلة ال ميكن‬ ‫نسيانها ما حي ّيت‪ .‬كانت امرأة شجاعة ّ‬ ‫تتحل بجرأة‬ ‫كبرية وصاحبة مبادرة؛ تسارع دوماً لحضور محاكامت‬ ‫املعارضني‪ ،‬وتقف يف الصفوف األوىل لتقوم بواجبها‬ ‫كمحامية يف الدفاع عنهم‪ ،‬وعن حقهم يف التعبري عن الرأي‪.‬‬

‫عرفت رزان اإلنسانة‪ ..‬املرأة السورية الجسورة‪ ،‬القادرة‬ ‫عىل اقتحام املخاطر إلميانها ا ُملطلق ُ‬ ‫والك ّل بتحقيق‬ ‫العدالة والحرية والكرامة اإلنسانية للسوريني‪ .‬عىل‬ ‫الرغم من ّأن رزان تع ّرضت قبل اندالع الثورة السورية‬ ‫لخطر االعتقال‪ ،‬والتحقيق عدة مرات من قبل أفرع‬ ‫املخابرات السورية‪ ،‬بسبب دفاعها عن املعتقلني‬ ‫خاصة)‪ .‬وقد طردها رئيس محكمة أمن‬ ‫(اإلسالميني ّ‬ ‫الدولة االستثنائ ّية من قاعة املحكمة يف دمشق‪،‬‬ ‫و ُم ِن َعت من الدخول إليها بسبب مواقفها ا ُملح ّقة دامئاً‬ ‫يف الدفاع عن املعتقلني‪.‬‬ ‫ّإن عملية االختطاف لرزان ورفاقها من ِقبل ‪-‬بحسب‬ ‫ما ُيثار‪ -‬فصيل عسكري يسمي نفسه “جيش اإلسالم”‬ ‫و َيعترب نفسه تابعاً لثورة السوريني‪ ،‬ماهي ّإل طعنة‬ ‫غدر يف ظهر الثورة السورية‪ ،‬والسوريني الثائرين‬ ‫والثائرات األحرار الذين دفعوا‪ ،‬ومازالوا يدفعون‪ ،‬من‬ ‫دمائهم وأنفسهم وحياتهم ومستقبل أبنائهم أغىل ما‬ ‫ميلكون من أجل تحقيق العدالة للجميع‪.‬‬ ‫آخرياً‪ ،‬ال ُب ّد أن يعلم الخاطفون ّأن جرميتهم لن متر‬ ‫بال حساب‪ ،‬ولن يفلتوا من العقاب‪ ،‬مهام طال الزمان‪.‬‬ ‫ّإن ثورتنا قامت من أجل إحقاق الحق‪ ،‬ومهام حاول‬ ‫التنصل من جرميتهم النكراء والتي ُتعترب‬ ‫املجرمون ّ‬ ‫جرمية بحق الثورة السورية‪ ،‬فال ُب ّد من أن تتحقق‬ ‫العدالة‪ ،‬وينال املجرم عقابه ولو بعد حني‪ .‬ودوماً‬ ‫ننشد وسننشد الحر ّية لجميع املعتقلني واملعتقالت‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واملختطفات يف سوريا‪.‬‬ ‫واملختطفني‬

‫مقاالت‬

‫وأن يعتمد التلميح واملواربة يف عرض‬ ‫ما عنده من قرائن؟!‬ ‫‪--‬‬‫حتى يف كمية الخذالن وشكله‪ ،‬هذه‬ ‫القضية تشبه الثورة ك ّلها؛ كثريون‬ ‫يقولون إنهم أصدقاؤها‪ ،‬قليلون من‬ ‫يفعلون لها‪ ،‬البعض ّ‬ ‫كف حتى عن‬ ‫ذكرها وأصبح يتحفظ عىل تسميتها‬ ‫(قضية)! املتعاطفون الشجعان معها‬ ‫ليسوا ق ّلة‪ ،‬ولكن أق ّل ّية‪ ،‬ومن يؤمن بها‬ ‫يعاين من انسدادها‪ .‬ورغم أنها بدأت‬ ‫يف حارة من حارات دوما‪ ،‬صار التحرك‬ ‫فيها يقتيض تدخل دول وسفارات‬ ‫وخارجيات‪ .‬وقبل ذلك‪ :‬من يفرتض‬ ‫أنهم يحمونها هم أكرث من أساء إليها‬ ‫وض ّيعها!‬ ‫‪--‬‬‫الرسالة مفتوحة لطلب النصح‪ .‬يا أحباب‬ ‫املخطوفني‪ ،‬يا معارضة‪ ،‬يا من تهمهم‬ ‫هذه القضية‪ ،‬وتهمهم هذه الثورة‬ ‫وهذه البلد‪ ..‬من فضلكم ساعدونا‪،‬‬ ‫أشريوا علينا‪ ..‬عرضنا ما عندنا‪ ،‬تعرفون‬ ‫الهدف وتعرفون الظروف العامة‪.‬‬ ‫القضاء هنا مىش شوطاً ثم توقف (أو‬ ‫أوقف)‪ ،‬ثم انقسم! محدداتنا فقط أن‬ ‫القضية نبيلة‪ ،‬وال تستعمل إال الوسائل‬ ‫النبيلة‪.‬‬ ‫ال أقول إننا عجزنا وعدمنا كل الوسائل‬ ‫أو استنفدناها‪ ،‬ولكن ما ُبذل مل يرجع‬ ‫أحبابنا حتى اآلن‪.‬‬ ‫‪--‬‬‫ليس آخراً‪ :‬يؤذيني ناس عىل ضفاف‬ ‫القضية يرددون أشياء مبعنى‪“ :‬آخ لو‬ ‫كنت يف دوما‪ .”..‬لهؤالء بالذات مناشدة‬ ‫خاصة‪ ،‬بكل و ّد وصدق‪ :‬سيدي‪ /‬سيديت‪..‬‬ ‫لو كنت معنا يف دوما كيف ستعيد‪/‬ين‬ ‫أصدقاءنا؟ أرجوكم قولوا يل ما أفعل!‬

‫‪3‬‬


‫‪4‬‬

‫ومهمة الفلســفة‬ ‫عــن صادق العظم‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ماهر مسعود‬

‫العدد ‪2016 / 12 / 14 - 82 -‬‬

‫مقاالت‬

‫يجادل العديد من أهل الفكر والفلسفة‬ ‫يف أن صادق العظم مل يكن فيلسوفاً‪ ،‬عىل‬ ‫نصاً فلسفياً خاصاً‪ ،‬بل إن‬ ‫نب ّ‬ ‫اعتبار أنه مل ي ِ‬ ‫مجمل أعامله كانت بناء عىل نصوص كتبها‬ ‫كتّاب ومفكرون وفالسفة آخرون‪ ،‬وأن‬ ‫الفكر النقدي السجايل الذي اتبعه العظم‬ ‫ليس فكراً فلسفياً أصي ًال‪ ،‬بقدر ما هو فكر‬ ‫صح التعبري‪.‬‬ ‫عىل فكر إن ّ‬ ‫ويستشهد أصحاب هذا الرأي بكتب‬ ‫العظم نفسها‪ ،‬فام يجمع كتبه كلها‪ ،‬ابتداء‬ ‫من كتابه األشهر “نقد الفكر الديني” مروراً‬ ‫“بالنقد الذايت بعد الهزمية”‪ ،‬وصوالً إىل‬ ‫“ذهنية التحريم” أو “دفاعاً عن املادية‬ ‫والتاريخ” هو النقد؛ فالنقد بالتعريف هو‬ ‫نص‪ ،‬فلو مل يكتب سلامن‬ ‫نص عىل ّ‬ ‫بناء ّ‬ ‫رشدي رواية “آيات شيطانية” ملا عرفنا‬ ‫ذهنية التحريم أو ما بعدها‪ ،‬ولو مل يكتب‬ ‫إدوارد سعيد كتابه “االسترشاق” ملا سمعنا‬ ‫بـ”االسترشاق واالسترشاق املعكوس” ‪..‬الخ‪.‬‬ ‫علينا القول أوالً إن اإلبداع تعريفاً ينقسم‬ ‫إىل أنواع ثالثة‪ ،‬فهو إما ابتكار يشء مل يكن‬ ‫موجوداً بإطالق‪( ،‬وهو ما يقف عنده‬ ‫أصحاب األصالة الفلسفية‪ ،‬وهو أشبه‬ ‫بخلق يشء من عدم) أو اكتشاف يشء كان‬ ‫موجوداً دون أن ندري به‪ ،‬والنوع الثالث‬ ‫هو اكتشاف عالقات جديدة بني أشياء‬ ‫موجودة‪ ،‬وهذا األخري هو األقرب ملدار‬ ‫تفكري العظيم وإبداعه الفلسفي والنقدي‪.‬‬ ‫ثانياً إن اإلبداع الفلسفي ال ُّ‬ ‫يشذ عن‬ ‫صنوف اإلبداع األخرى يف العلم واألدب‬ ‫والفن والسياسة‪ ،‬وإن كان يحمل خصوصية‬ ‫العمل بالكل ّيات واملفاهيم‪ ،‬وإذا كان جيل‬ ‫دولوز قد “و ّرطنا” بتعريف الفلسفة عىل‬ ‫أنها “إنتاج املفاهيم”؛ وهو تعريف مط َّور‬

‫عن نظرية أفالطون يف تذكر ا ُملثل‪ ،‬فإن لذلك مكان وزمان‬ ‫آخرين‪ ،‬فاإلنتاج الفلسفي املفهومي ارتبط باإلنتاج العلمي‪،‬‬ ‫نقداً وسجاالً وتوليداً ومجابهة‪ ،‬منذ والدة الفلسفة‪ ،‬والحضارة‬ ‫املنتجة للعلم والفلسفة منذ الثورة الصناعية يف الغرب‪ ،‬فكيف‬ ‫تنتج مفاهيم فلسفية بلغة عربية ترفض منذ الفراهيدي‬ ‫وسيبويه إضافة مصطلح جديد دون موافقة َم ْجمع لغة عربية‬ ‫أكلته القدامة وفاته الزمن‪ ،‬ويرتجم الكمبيوتر عىل أنه حاسوب؟‬

‫وكيف تنتج املصطلحات العلمية والفلسفية الجديدة يف ظل‬ ‫أنظمة سياسية تع ّلم الخنوع يف املدارس‪ ،‬ثم تقصفها‪ ،‬وتقتل‬ ‫السؤال والدهشة (أساس الفلسفة) يف الخوف وثقافة الخوف‪،‬‬ ‫أنظمة‪ ،‬يحتاج تغيري رئيسها والتداول السلمي للسلطة فيها؛‬ ‫وهو أمر بسيط وبديهي عند غرينا‪ ،‬إىل ثورة ومليون قتيل وبلد‬ ‫مد َّمر دون أن تنجح بتغيريه؟ كيف تنتج املفاهيم الجديدة دون‬ ‫مناخ للحرية وحضارة س ِّيدة وصاعدة ومشاركة يف العامل وصناعة‬ ‫التاريخ؟‬ ‫ونحن ال نورد كل ما سبق لنقول بأن الفلسفة غري ممكنة‬ ‫وال موجودة يف الثقافة العربية املعارصة مثلام ّ‬ ‫يفضل الكثريون‬ ‫العقد الحضارية وتأليه الغرب‪ ،‬بل لنقول إن مهمة‬ ‫من أصحاب ُ‬ ‫الفلسفة ووظيفتها عندنا؛ كانت ورمبا ستبقى إىل أمد غري معلوم‪،‬‬ ‫عب عنها‪ ،‬وعاشها‬ ‫مختلفة؛ حيث إن مهمة الفلسفة األوىل كام ّ‬ ‫فلسفياً صادق العظم‪ ،‬هي النقد‪ ،‬لكن النقد ليس آلية ساذجة‬ ‫عىل طريقة خالف لتعرف‪ ،‬وال آلية رفض عدمية ونزقة ترفض‬ ‫الواقع ألنها مح ّملة بيوتوبيا خالصية وأحالم وردية‪ ،‬بل إن النقد‬ ‫كام م ّثله العظم كان تفلسفاً “برضبات املطرقة” إذا استعرنا‬

‫تعبري نيتشه‪ ،‬فهو تحليل وتفكيك وتأويل‬ ‫وتفسري منهجي ومنطقي‪ ،‬يطرق الحوائط‬ ‫الصلدة للتفكري املرتاح إىل مس ّلامته‬ ‫وبديهياته‪ ،‬ويهدم بقوة العقل الو ّقاد قالع‬ ‫الثقافة والسياسة والدين واألخالق والحب‬ ‫واألدب والفلسفة التي بنت واقعنا وبنينا‬ ‫هذا الواقع عليها‪.‬‬ ‫والعظم بهذا املعنى كان فيلسوفاً‬ ‫كوسموبوليتياً معارصاً يربط أع ّز مشكالتنا‬ ‫الواقعية والتاريخية بواقعها املعارص‪،‬‬ ‫فمن قرأ “يف الحب والحب العذري”‬ ‫يدرك كيف فنّد العظم تصوراتنا الثقافية‬ ‫الرومانسية عن الحب ليقول إن الحب‬ ‫العذري ليس سوى تعبرياً عن الشهوات‬ ‫املكبوتة‪ ،‬ومن قرأ “نقد الفكر الديني”‬ ‫سريى كيف أثبت العظم باملنطق الفلسفي‬ ‫املعارص كيف كانت مآساة إبليس بني‬ ‫أمر الله وإرادته من أعظم وأكرب املآيس‬ ‫يف التاريخ الثيولوجي‪ ،‬وكيف أن القوة‬ ‫الخارقة للعذراء مل تظهر إال بعد هزمية‬ ‫الـ ‪ ،67‬لتعوض خيالئياً وجمعياً عن القوة‬ ‫الواقعية املفقودة‪ ،‬ومن يقرأ “النقد الذايت‬ ‫بعد الهزمية” سيدرك أن املفعول السيايس‬ ‫لنكران الهزمية عرب تسميتها “نكسة” ليس‬ ‫سوى هرب من مواجهة الذات الجمعية‬ ‫املهزومة وتعالياً أجوف عن مشاكلنا‬ ‫الحقيقية بتحميلها لقوى خارجة عنا‪،‬‬ ‫وذلك بتكاتف سيايس ديني ال يغ ّيب سوى‬ ‫الحقائق ليبقى هو مخ ِّلصاً بارنوئياً يستغل‬ ‫الواقع ويركب عليه‪ .‬ثم يف مرحلة أخرى‬ ‫ينتقل العظم لريبط مشكالتنا مع العامل‬ ‫مبرآة متعاكسة‪ ،‬ومبعارصة َّ‬ ‫قل نظريها‪ ،‬فمن‬

‫البقية يف الصفحة ‪....11‬‬


‫كان علينــا جميعــً أن ال نغادر‬ ‫أرض المعركة‬

‫‪5‬‬

‫عروة المقداد‬

‫العدد ‪- 82 -‬‬ ‫‪2016 / 12 / 14‬‬

‫* اقتباس من عبارة قالتها أم ايب عبد الله الصغري عندما‬ ‫شاهدته يبىك سقوط االندلس‪.‬‬

‫مقاالت‬

‫الساعة الرابعة فجراً‪ .‬أفكر كثرياً يف استحضار ذلك‬ ‫رعب ال يشبه شيئاً آخر‪ .‬الصواريخ‬ ‫الرعب‪ ،‬لكنه ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫البالستية تنطلق من البوارج الروسية لتسقط‬ ‫كقذائف الهاون‪ .‬الراجامت والطريان واملدفعية‬ ‫تشعل األرض‪ .‬األجساد تتمزق‪ .‬إنه هول القيامة‪.‬‬ ‫يقول يل‪“ :‬جسدي مازال ّ‬ ‫هشاً من أثر اإلصابة‪.‬‬ ‫املعركة ستبدأ بعد قليل‪ .‬عائلتي كرسوا ظهري‪.‬‬ ‫ماذا سنفعل يا خاي؟”‪.‬‬ ‫عند الفجر ستتهيأ مجموعة لص ّد الهجوم‪ .‬أنا‬ ‫أعرفهم‪ ،‬أكاد أملح وجوههم الواجمة أمامي‪.‬‬ ‫ذهب الجميع وظ ّلوا يدافعون عن أحيائهم‪.‬‬ ‫خمس سنوات مضت منذ أن أعلن الرئيس فيها‬ ‫عن املعركة‪ .‬ومن يومها مازالت املعركة مستمرة‪..‬‬ ‫تسقط األحياء الواحدة تلو األخرى‪ .‬بدأت املعركة‬ ‫منذ خمس سنوات‪ .‬أستطيع تحديد تواريخ كثرية‬ ‫كان الرئيس ُيعلن فيها املعركة‪ ،‬مل يكن هنالك لبس‬ ‫فيها؛ فالنظام اختار السالح منذ اليوم األول الذي‬ ‫أطلق فيه الرصاص عىل املظاهرت‪.‬‬ ‫القلم سالح يف املعركة! الكامريا سالح يف املعركة!‬ ‫املوسيقا سالح يف املعركة! الرقص سالح يف املعركة!‬ ‫املنظامت سالح يف املعركة! السينام سالح يف‬ ‫املعركة! الدراسة والسفر والتخطيط للمستقبل‬ ‫سالح يف املعركة! الحب سالح يف املعركة!‬ ‫هل جربت املعركة؟‬ ‫ال يشء يشبه رعب الرصاص حني ينهمر قريباً‪.‬‬ ‫الرصاصة يشء غادر وسادي‪ّ .‬‬ ‫يتك كعقارب‬ ‫الساعة التي تومئ للموت بالدنو منك‪ .‬عميان‪،‬‬ ‫ينطلق الرصاص وينهمر‪ .‬عميان الجهات‪ ،‬عميان‬ ‫الذكريات‪ ،‬عميان الروح ينطلق‪ .‬برزخ من عدم‬ ‫يتحطم فيه الجسد مع الذكريات‪.‬‬ ‫يتهاوى وينسلخ نسغ الدهشة التي ال تعود مع‬ ‫شالل الدم‪.‬‬ ‫ال يشء يثري رعباً أكرث من طلقة تحفر حواف الجسد‬ ‫تخرتق اللحم الطري كأفعى تزحف بصمت‪ .‬يفح‬ ‫البارود يف جسدك ويشعل األوردة‪.‬‬ ‫انظر نحو حواف الجلد املهرتئ ونافورة الدم التي‬ ‫الخسة‬ ‫تسيل‪ .‬الطلقة عندما تخرتق الجسد بهذه ّ‬

‫تثري الرجفة يف الركب‪.‬‬ ‫“الحصار مرير” يقول يل‪“ .‬نحن نعيش الرعب‪،‬‬ ‫ملاذا ُتركنا وحدنا! ماذا يحدث؟ هل تستطيع أن‬ ‫تخربين ماذا يحدث‪ ،‬لنستطيع أن نفهم ماذا يجب‬ ‫أن نفعل؟”‪.‬‬ ‫بعد قليل سيخرجون ليصدوا الهجوم‪ .‬أقرأ الكثري‬ ‫من املقاالت‪ُ .‬أجمل نفيس وأقول‪ :‬سيمىض هذا‬ ‫الحصار‪ .‬ستصمد املدينة! انظر من خالل الزجاج‪.‬‬ ‫هنالك فارق بني الفكرة والحقيقة‪ .‬نحن نعيش‬ ‫فقط يف أفكار‪ .‬ثم أتذكر‪ :‬ستكون درعا بعد حلب!‬ ‫ترى ملاذا ترشذمنا يف أصقاع األرض نحن “الثوار”؟‬ ‫ملاذا تركناهم لهذا االحتالل‪ .‬كان االحتالل احتاللني‪.‬‬ ‫اتذكر جيداً كيف أن املدينة تهاوت من الداخل‪،‬‬ ‫ُنخرت كام ينخر السوس يف الخشب‪.‬‬ ‫“ ماذا سنفعل؟ خضنا املعركة معارك‪ .‬كان لزاماً‬ ‫عليناً ان نخرج يف املظاهرات‪ ،‬وأن نرضب وأن‬ ‫نعتقل ونقتل‪ ،‬ثم تقصف بيوتنا وحاراتنا‪ ،‬ثم كان‬ ‫الزاماً عليناً أن ندافع عن املدنيني وعن الشبيحة‬ ‫الجالسني يف املناطق املحررة وعن الجيش الحر‪،‬‬ ‫وان نجابه النرصة وداعش واملتطرفني والخونة‬ ‫والعمالء واملنظامت! خضنا هذه املعركة يا ابن‬ ‫عمي وحدنا وها هي املدينة تحتل أمام أعيننا”‬ ‫ّ‬ ‫احتل البلد منذ أمد بعيد‪ .‬تعرب البوارج الروسية من‬ ‫خالل املضائق وترسو يف شواطئ الالذقية‪ .‬ناقالت‬ ‫الجنود تطوي السهول لتنقلهم إىل الجبهات‪.‬‬ ‫تنصب الصواريخ‪ .‬تتهيأ املليشيات وتحتشد‪.‬‬ ‫يتنقل الجرناالت ويضعون الخطط‪ .‬هؤالء محت ّلون‬ ‫يحشدون أعوانهم‪ .‬غزاة مروا أمام أعيننا‪ ،‬ونحن‬ ‫نتحدث عن السينام وعن السياسية‪ ..‬عن اإلعالم‪.‬‬ ‫نلتقي ثم نشتم بعضنا ثم نكيد لبعضنا يف الخفاء‬ ‫ونختبئ يف الوجوه بابتسامات خبيثة‪ .‬نبتسم‬ ‫للكامريات‪ ،‬ثم ننوح بشكل جامعي‪ .‬ثم نرقص‬ ‫نغني نضحك‪ ،‬نضاجع‪ ،‬وننام لنحلم!‬ ‫منذ زمن مل أتحدث مع أخي يف الجنوب‪ .‬يقول‬ ‫يل مازحاً‪“ :‬أشعلتم الثورة ثم ذهبتم وتركتمونا‬ ‫وحيدين يف املعركة!” أخي يف الجنوب يتهيأ لص ّد‬ ‫الهجوم أيضاً‪ .‬ينقطع االتصال‪ .‬ماذا سيحدث؟‬

‫تتقدم قوات النظام بثبات! تنهار الخطوط‬ ‫الدفاعية‪ .‬نستدير وراء الخرائط ثم نحدد سري‬ ‫القوات‪ .‬نراقبها عرب األقامر االصطناعية وعرب‬ ‫االنرتنت‪ .‬نح ّلل بذكاء حاد ثم نكتب نصوصاً مؤثرة‬ ‫عن املجزرة‪ ،‬نجمع الصور يف املعارض‪ .‬نتنافس‬ ‫بخسة حول رشف التعبري وتصوير املقتلة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الضوء يقرتب‪ .‬ينتشل نفس الليل وينتشل أنفايس‪.‬‬ ‫ال بد أنهم يستعدون للخروج يف االقتحام‪ .‬أمس‬ ‫امتألت الطرقات بالجثث‪ .‬عقارب الساعة تتحرك‬ ‫ببطء‪ .‬منذ خمس سنوات بدأت املعركة‪ .‬الرئيس‬ ‫قال‪ :‬من أراد املعركة فنحن مستعدون لها‪ .‬لكننا مل‬ ‫نعي ماذا تعني املعركة‪ ،‬لقد آثرنا الخروج كام آثر‬ ‫الكثريون الصمت يف املظاهرات أو الفرجة‪ .‬يذهب‬ ‫صويت‪.‬‬ ‫تغص حنجريت‪ .‬أريد الرصاخ‪ .‬أختنق يف صويت‬ ‫واحرشج‪ .‬أعن كبقرة تساق للذبح‪ .‬أتكور عىل‬ ‫نفيس كجنني ‪ ..‬أبيك‪ ،‬ثم ابيك ثم “ابيك حل َام مضاعاً‬ ‫مل نحافظ عليه”*‬ ‫لقد خرجو رمبا‪ .‬أنا أحدّق يف يشء ما‪ .‬أفكر البد أن‬ ‫أصوغ تحلي ًال متكام ًال ملا حدث‪ .‬ما هي أخطاؤنا؟‬ ‫أفكر‪ :‬كيف تركنا كل ذلك يحدث؟‬ ‫الساعة تتوقف‪ .‬الرصاص اآلن يخرتق اجساداً‬ ‫كثرية‪ .‬املطر ينهمر‪ .‬الجثث تفيض‪ .‬هنا عربت هذا‬ ‫الطريق‪ .‬هنا تقاسمت الضحكات‪ .‬هنا أشعلنا‬ ‫القمر يف الغناء يف عتمة القصف‪ .‬هنا بكينا عىل‬ ‫أعامرنا وهتفنا‪ .‬هنا من وراء الشاشة تنهمر‬ ‫الذكريات كام ينهمر املطر‪.‬‬ ‫يتصل صديقي من بالد بعيدة‬ ‫ماذا علينا أن نفعل؟‬ ‫ماذا كان ينبغي أن أفعل؟‬ ‫يسود الصمت‪..‬‬ ‫الوجوه واجمة مثل غلس الليل‪ .‬الصواريخ‬ ‫البالستية تسقط كالهاون‪ .‬األنني ينعق يف الطرقات‬ ‫أجيبه‪:‬‬ ‫*كان ينبغي جميعنا‪ ،‬أن ال نغادر أرض املعركة‪.‬‬


‫‪6‬‬ ‫جالل مراد‬ ‫القوة الجاذبة‪:‬‬

‫العدد ‪2016 / 12 / 13 - 82 -‬‬

‫دراسات‬

‫يف واقع األمر فإن واقع االنفجار أدى لنشوء قوتني‪:‬‬ ‫قوة طرد مركزية تبعد كل العنارص عن بعضها‬ ‫البعض‪ ،‬وهي عينها القوة الدافعة لالنفجار التي‬ ‫تبعد املكونات عن الهوية املركزية السورية‪ ،‬وقوة‬ ‫أخرى وهي قوة الجذب املركزي التي تجذب كل‬ ‫العنارص إىل املركز‪ ..‬إىل الجوهر املشرتك للسوريني‪،‬‬ ‫املركز الحقيقي الذي تنعدم به القوى وهو حقيقة‬ ‫الهوية السورية‪.‬‬ ‫خالل السنة األخرية تقريبا ً باتت القوة االنفجارية‬ ‫تعادل يف الطاقة القوة الجاذبة املركزية‪ ،‬يف هذه‬ ‫املرحلة من انعدام الدفع أو السحب‪ ،‬وتكافؤ تلك‬ ‫القوتني بالقيمة نشأت قوة خاصة لكل هوية جزئية‬ ‫(ما قبل وطنية)‪ .‬تقاربت العنارص املنسجمة بالهوية‬ ‫الجزئية بقوة جذب الهويات الجزئية‪ ،‬وتنافرت‬ ‫العنارص املختلفة بالهويات الجزئية وفق تنافر‬ ‫الهويات الجزئية (قبوطنية) نفسها‪ .‬وبدأت متتد‬ ‫عالقات بني األشخاص ليشكلوا بنيات (من بنية)‬ ‫متعددة‪ ،‬وتجمعات متوامئة‪ ،‬مع هويتهم الجزئية‬ ‫القبوطنية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بدأت الكيانات العرقية تلتف حول هويتها‬ ‫العرقية‪ ،‬والعنارص الطائفية حول هويتها الطائفية‪،‬‬ ‫والتجمعات الجهوية املناطقية حول هويتها‬ ‫املناطقية‪ ،‬وغريها من التجمعات حول هويات‬ ‫قبوطنية‪َ .‬شعت هذه العالقات الرابطة بني العنارص‬ ‫املتحلقة حول هويتها الجزئية القبوطنية تتص ّلب‬ ‫قلي ًال قلي ًال لتبدأ باالنتقال من بنية إىل بواكري‬ ‫مؤسسات لها صفة متعالية عن األشخاص أي تابو‬ ‫(بواكري قانون)‪.‬‬ ‫لكن هل سيدوم األمر عىل هذه الحالة؟ ماذا‬ ‫عندما تصبح القوة الجاذبة املركزية أقوى من القوة‬ ‫االنفجارية الدافعة؟‬

‫الحركة العكسية‪:‬‬

‫إن الحركة العكسية نحو املركز (الهوية السورية‬ ‫املركزية) ستحصل بتسارع بعد هذا الحيز من‬ ‫السكون الذي تعادلت به القوتني (الدافعة والجاذبة‬ ‫املركزية)‪.‬‬

‫(‪)2‬‬

‫لن يتاح للكيانات الجزئية التي كانت يف طور‬ ‫التشكيل الحفاظ عىل متاسكها الكامل‪ ،‬ولن يتاح‬ ‫لها تشكيل مؤسسات قانونية مستقلة متاماً بسبب‬ ‫القوة الهائلة للهوية املركزية السورية‪ ،‬حيث ستقوم‬ ‫بجذب الكيانات القبوطنية‪ ،‬ولن تكون للقوى داخل‬ ‫الكيانات التي تتح ّلق حول هوياتها الجزئية أي دور‬ ‫يف كبح قوة الجذب املركزية باتجاه الهوية‪ .‬وبناء‬ ‫عىل قوة ومتاسك الكيانات الجزئية يتحدّد شكالن‬ ‫محتمالن من البنية الوطنية العامة‪:‬‬ ‫الشكل األول‪ :‬ويتمثل بفطر قوة الجذب للهوية‬ ‫املركزية السورية الهويات الجزئية‪ ،‬مام ينتج عن‬ ‫ذلك البقاء عىل سامت عامة للهويات الجزئية‬ ‫مع فقدانها للكثري من الترشيعات الجزئية‪ .‬وعدم‬ ‫قدرتها عىل إنجاز القوامية الدستورية املستقلة‪ .‬ما‬ ‫يتبقى منها فقط الترشيعات التي تحفظ متايزها‬ ‫االختاليف‪ .‬حيث ترفع هذه الترشيعات إىل التابو‬ ‫والدستور العام لسوريا‪.‬‬ ‫الشكل الثاين‪ :‬أن تكون قوى التنافر بني الهويات‬ ‫القبوطنية الجزئية أقوى من القوة الجاذبة للهوية‬ ‫الوطنية الكلية‪ .‬أو قوة التنافر بني الهوية الوطنية‬ ‫املركزية من جهة‪ ،‬وكم كبري من الهويات الجزئية‬ ‫من جهة ُأخرى كبرية وأقوى من القوة الجاذبة‬ ‫للهوية السورية املركزية‪ .‬يف هذا الشكل االحتاميل‬ ‫هناك خطر من تشكل دولة ذات سيادة عامة ومن‬ ‫املرجح وجود دويالت‪ ،‬أو فدراليات‪ ،‬بالتوازي مع‬ ‫وجود حكومة مركزية ليست كاملة السلطة‪ ،‬أي‬ ‫حكومة اتحادية‪.‬‬

‫معلوم ومجاهيل‪:‬‬

‫الشكل املستقبيل لسوريا يف هذه الفرتة هو‬

‫من املجاهيل‪ .‬وعموماً فإن هذا الشكل قد ميتد‬ ‫أو يتقلص‪ ..‬يتغري حسب االقتضاءات السياسية‬ ‫واالقتصادية والخارجية‪ .‬قد يكون برملانياً دستورياً‪،‬‬ ‫موحداً‪ ،‬أو طائفياً‬ ‫أو اتحادياً فدرالياً‪ ،‬أو جمهورياً ّ‬ ‫تحاصصياً‪ ،‬أو غري ذلك‪ .‬املعلوم الوحيد والذي ميكن‬ ‫لإلرادة (إرادة الناشطني) التأثري فيه هو املحتوى‬ ‫وليس الشكل‪.‬‬ ‫هناك العديد من أشكال الحكم يف العامل (املليك‪،‬‬ ‫املليك الدستوري‪ ،‬الجمهوري‪ ،‬الربملاين‪ ،‬الفيدايل‪،‬‬ ‫االتحادي‪ ،‬اإلمارايت‪ ،‬الربملاين‪ ..‬الخ)‪ .‬هذا الشكل‬ ‫تحدده غالباً الثقافة العامة للبلد املعني وظروف‬ ‫خارجة عن سيطرة اإلرادة‪ .‬وبشكل أدق تحدده‬ ‫طبيعة الهويات الجزئية للطوائف واألعراق‬ ‫والجهويات وغريها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫لكننا نالحظ أن كثريا من األنظمة ذات الشكل‬ ‫الواحد تختلف بنسبة النمو‪ ،‬والكفاية‪ ،‬واألمان‪ .‬فقد‬ ‫نجد نظاماً جمهورياً مث ًال مزدهراً بكل املجاالت‬ ‫الثقافية‪ ،‬واالقتصادية‪ ،‬واملعاشية‪ ،‬والعلمية وغري‬ ‫ذلك‪ .‬ونظاماً جمهورياً متهالكاً بفعل الفساد والفقر‬ ‫والعوز والجهل‪ .‬إذاً ليس شكل النظام هو الفيصل‬ ‫واملحدد ملعامل االزدهار بل محتوى النظام‪.‬‬ ‫محتوى النظام بغض النظر عن شكله هو الذي يقع‬ ‫نسبياً تحت يد اإلرادة اإلنسانية الفاعلة‪ ،‬وهو الذي‬ ‫ميكن أن يتقهقر أو يزدهر أو يأخذ حال بينهام تبعاً‬ ‫للنشاط اإلنساين‪ .‬يف هذه الجزئية (النشاط اإلنساين‬ ‫الفاعل) علينا أن نتبني ونحلل هذا املعطى الذي هو‬ ‫قبض اليد‪ ،‬والعامل املهم فعلياً بتوفري رشوط حياة‬ ‫صحية للفرد والجامعات داخل النظام الجديد‪.‬‬

‫يتبع‪..‬‬


‫“ألــف وثمانون يومًا” ورزان‬ ‫وناظم وسميرة ووائل‬ ‫مصيرهم مجهول‬

‫‪7‬‬

‫كمال شيخو (طلعنا عالحرية)‬ ‫العدد ‪- 82 -‬‬ ‫‪2016 / 12 / 14‬‬

‫أما ناظم حامدي عترب أحد أبرز الناشطني الحقوقيني‬ ‫الذين عملوا قبل الحراك الشعبي وبعده‪ .‬وهو محام‬ ‫وشاعر عمل يف الحقل املدين والحقوقي منذ بدايات‬ ‫ربيع دمشق‪ .‬وكان متطوعاً يف فريق الدفاع عن‬ ‫معتقيل ربيع دمشق وإعالن دمشق‪.‬‬ ‫بقي ناظم يف دمشق إىل صيف العام ‪ .2013‬يعمل‬ ‫ويتنقل بني أزقة دمشق‪ .‬يلتقي الناشطني والناشطات‬ ‫يف لجان التنسيق‪ .‬كان مطلوباً للمخابرات السورية‪،‬‬ ‫مام دفعه أخرياً لاللتحاق برفاقه يف مدينة دوما‪،‬‬ ‫وانضم لفريق مركز توثيق االنتهاكات يف دوما‪ .‬مل يكن‬ ‫قد مىض عىل وصوله إىل دوما سوى خمسة أشهر‬ ‫حتى اختطف مع باقي رفاقه‪.‬‬ ‫عمل ناظم يف بدايات شبابه ممث ًال مرسحياً‪ ،‬قدم‬ ‫مرسحيتني قام بدور البطولة فيهام‪ ،‬لكن مل تلقيا‬ ‫الصدى الذي متنّاه‪ .‬كام له ديوان شعر مطبوع‪.‬‬ ‫لرفاقي األربعة‪ ،‬رزان وناظم وسمرية ووائل‪ :‬الحرية‬ ‫لكم ولكل السوريني والسوريات‪ ،‬املختطفني‪/‬ات‬ ‫واملغيبني‪/‬ات واملختفني‪/‬ات‪.‬‬

‫مقاالت‬

‫قبل نحو ثالثة سنوات وتحديداً يف التاسع من شهر‬ ‫كانون األول (ديسمرب) من العام ‪ ،2013‬اقتيدت رزان‬ ‫زيتونة وناظم حامدي وسمرية الخليل ووائل حامدة‬ ‫إىل جهة مجهولة‪.‬‬ ‫اليوم مييض ثالثة أعوام عىل اختطافهم دون معرفة أية‬ ‫معلومات عنهم‪ .‬حتى هذه اللحظة اليزال مصريهم‬ ‫مجهوالً؛ وال يعلم أحد مكان احتجازهم أو إن كانوا‬ ‫اليزالون عىل قيد الحياة!‬ ‫الرفاق األربعة كانوا ناشطني بارزين يف مجال حقوق‬ ‫اإلنسان‪ .‬عملوا طيلة سنوات قبل وبعد اندالع حركة‬ ‫االحتجاجات يف سورية‪ ،‬لكنهم اختطفوا عشية ذكرى‬ ‫اليوم العاملي لحقوق اإلنسان؛ ومع احتفال العامل‬ ‫بهذه الذكرى يف ‪ 10‬كانون األول (ديسمرب) من كل‬ ‫عام‪ ،‬يكون قد م ّر (‪ )1080‬يوم عىل اختطافهم‪.‬‬ ‫رمزية تاريخ االختطاف وتوقيته‪ ،‬كانت مبثابة رسالة‬ ‫إىل نشطاء حقوق اإلنسان واملجتمع املدين يف سوريا‪،‬‬ ‫مفادها‪ّ :‬‬ ‫“أن العدالة والحريات ال مكان لها يف زمن‬ ‫الحروب”‪.‬‬ ‫يف سنة ‪ 2005‬انتقلت إىل العاصمة السورية دمشق‬ ‫طلباً للدراسة‪ ،‬وقتئذ كنت أنشط مبجال حقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وتعرفت عىل الشخصيات األربعة‪.‬‬ ‫املحامية واملدافعة عن حقوق اإلنسان رزان زيتونة‪،‬‬ ‫من مواليد دمشق سنة ‪ .1977‬تخرجت من كلية‬ ‫الحقوق بجامعة دمشق عام ‪ ،1999‬ويف سنة ‪2001‬‬ ‫بدأت عملها كمحامية تحت التدريب‪.‬‬ ‫منذ ذاك اليوم‪ ،‬وهبت رزان نفسها للدفاع عن‬ ‫املعتقلني واملعارضني السياسيني‪ ،‬كانت ترتافع أمام‬ ‫املحكمة العسكرية بدمشق‪ ،‬وتتابع قضاياهم يف‬ ‫دوائر القضاء املدين ومحكمة أمن الدولة العليا‪.‬‬ ‫ويف كل يوم إثنني من األسبوع كانت رزان تذهب إىل‬ ‫مقر محكمة أمن الدولة القريب من ساحة السبع‬ ‫بحرات وسط دمشق‪ ،‬لتستمع إىل شكاوى أهايل‬ ‫املعتقلني املحالني إىل املحكمة سيئة الصيت‪ ،‬وتوثق‬ ‫حاالتهم وطريقة االعتقال وجمع املعلومات الخاصة‬

‫بهم‪.‬‬ ‫وبعد انطالق االنتفاضة الشعبية املناهضة لنظام‬ ‫الحكم يف سوريا بداية ربيع عام ‪ ،2011‬كانت رزان‬ ‫من بني مؤسيس‪/‬ات لجان التنسيق املحلية‪ ،‬وفيام‬ ‫بعد أسست مركز توثيق االنتهاكات‪.‬‬ ‫إال أن املالحقة األمنية من قبل أجهزة املخابرات‬ ‫السورية‪ ،‬أفقدتها قدرتها عىل التحرك والتنقل؛ األمر‬ ‫الذي دفعها للهروب والنزوح إىل مدينة دوما‪ ،‬مسقط‬ ‫رأس رشيك حياتها وائل حامدة‪ ،‬وبقيت يف دوما قرابة‬ ‫مثانية أشهر‪ ،‬بعدها اختطفت مع زوجها وسمرية‬ ‫وناظم‪ ،‬وال يزال مصريهم مجهوالً لحد اآلن‪.‬‬ ‫أما الناشطة سمرية الخليل‪ ،‬وهي من مواليد قرية‬ ‫املخرم فوقاين ‪ ،1961‬والتي تنحدر من مدينة حمص‬ ‫وسط سوريا‪ ،‬فقد أمضت أربع سنوات يف سجون‬ ‫نظام األسد األب بني عامي ‪.1987-1991‬‬ ‫التقيت بها يف ‪ 17‬ترشين األول (أكتوبر) من العام‬ ‫‪ ،2006‬يومها كانت ذكرى اليوم الدويل للقضاء عىل‬ ‫الفقر‪ .‬نظمنا اجتامعاً مبكتب الصحايف والكاتب‬ ‫السوري فايز سارة‪ ،‬مع عدد آخر من األصدقاء للبحث‬ ‫يف إمكانية إطالق جمعية تعنى بالفقر‪ ،‬وتقديم‬ ‫مبادرات وأفكار ملشاريع صغرية ومتوسطة لتعيل‬ ‫األرس والعوائل الفقرية‪ ،‬سيام بالريف السوري‪ .‬سمرية‬ ‫وبحكم تجربتها بعد خروجها من املعتقل‪ ،‬كانت‬ ‫لديها عرشات األفكار‪.‬‬ ‫بيد ّأن سمرية بقيت متوارية عن األنظار بني عامي‬ ‫‪ 2011‬و‪ ،2013‬أل ّنها كانت مطلوبة ألجهزة املخابرات‬ ‫السورية‪ .‬ويف ‪ 18‬أيار (مايو) من العام ‪ 2013‬قررت‬ ‫سمرية الهروب إىل غوطة دمشق الرشقية‪ ،‬لتلتحق‬ ‫بزوجها الكتاب السوري ياسني الحاج صالح‪ ،‬ورفيقتها‬ ‫رزان زيتونة حيث سبقاها بفرتة قصرية‪.‬‬ ‫بدأت سمرية تعمل يف غوطة دمشق‪ ،‬تروج لحملة‬ ‫املشاريع والورش املنزلية الصغرية‪ ،‬وكانت نساء‬ ‫وفتيات الغوطة يرتددون إليها مبقر مركز توثيق‬ ‫االنتهاكات يف دوما‪ ،‬للتدرب والتعلم عىل إنشاء هذه‬

‫املشاريع‪.‬‬ ‫مل يدم عمل سمرية طوي ًال كونها اختطفت‪ .‬بقيت‬ ‫نحو سبعة أشهر فقط‪ .‬الكثري من األعامل‬ ‫هناك ّ‬ ‫توقفت‪ ،‬والكثري من النسوة افتقدنها‪.‬‬ ‫وائل حامدة‪ ،‬زوج رزان ورشيكها بالنشاط السيايس‬ ‫والحقوقي‪ .‬اعتُقل وعُ ّذب مرتني لدى املخابرات‬ ‫الج ّوية يف دمشق بداية الثورة‪ ،‬لكنه بقي يناضل‬ ‫باملجال الحقوقي‪ ،‬وعمل عىل توثيق االنتهاكات‬ ‫والجرائم التي يرتكبها النظام السوري‪ ،‬والفصائل‬ ‫املقاتلة‪.‬‬ ‫وائل من مواليد دوما التابعة لغوطة دمشق الرشقية‬ ‫سنة ‪ ،1976‬قرر أن ينتقل إىل دوما رفقة زوجته بعد‬ ‫خروجه من السجن‪ .‬وقبل اندالع االنتفاضة كان‬ ‫وائل يحرض بشكل دوري غالبية جلسات محاكامت‬ ‫املعارضني السياسيني ويتابع قضاياهم‪.‬‬


‫وقفــة تضامنية أمام مكتب‬ ‫المخطوفيــن في دوما‬

‫‪8‬‬

‫املتضامنون‪ :‬بعد ثالث سنوات‪ ،‬القضية لن تسقط بالتقادم !‬ ‫محمد الثائر‬

‫العدد ‪2016 / 12 / 14 - 82 -‬‬

‫تقارير‬

‫“رزان زيتونة‪ ،‬ناظم حامدي‪ ،‬وائل حامدة‪ ،‬سمرية الخليل”‬ ‫الفتة تحمل أسامءهم رفعت أمام مكتبهم يف مدينة دوما‬ ‫يف الغوطة الرشقية‪ ،‬يف وقفة تضامنية نظمها أصدقاؤهم‪،‬‬ ‫تطالب بإجراء عمل جدي إلطالق رساحهم يف الذكرى‬ ‫السنوية الثالثة الختطافهم‪.‬‬ ‫قد ال يعرف الكثريون ماذا قدم املختطفون من أعامل قبل‬ ‫وخالل الثورة‪ ،‬وما نالوه من أذى ومالحقة من قبل نظام‬ ‫البعث بسبب عملهم خاصة يف الثورة السورية‪ ،‬إال أن‬ ‫أصدقاءهم مل ييأسوا ومل مي ّلوا من املطالبة بهم والحديث‬ ‫عنهم يف كل قناة تؤدي إىل الوصول إليهم ومعرفة مصريهم‪..‬‬ ‫الدكتور أوس املبارك صديق املختطفني أكد أن “الوقفة اليوم‬ ‫كانت تجديداً لذكرى القضية التي لن متوت‪ ،‬وهي اختطاف‬ ‫النشطاء السلميني رزان زيتونة وناظم حامدي ووائل حامدة‬ ‫وسمرية الخليل”‪ ،‬وأشار أن املوضوع “ال نريده أن يتحول إىل‬ ‫مجرد ذكرى‪ ،‬ونحن مازلنا نطالب باإلفراج عنهم والكشف‬ ‫عن مصريهم”‪ ،‬ووجه املبارك حديثه للخاطفني بقوله‪“ :‬يجب‬ ‫أن يعلم الخاطفون أنه بعد ثالثة سنوات من الخطف‪،‬‬ ‫ونحن نرى كيف جرت األمور خالل هذه الفرتة من الثورة‪،‬‬ ‫أنهم ملا اعتدوا عىل أربعة أشخاص عزّل وأقاربهم وأهلهم‪،‬‬ ‫اتضح متاماً كم اعتدوا عىل الثورة وعىل أنفسهم‪ ..‬هم أرضوا‬ ‫بأنفسهم من خالل هذا العمل‪ ،‬وحالياً أظن أنهم علموا‬ ‫حجم الورطة التي أوقعوا أنفسهم بها‪ ،‬والرضر الذي سببته‬ ‫لهم وللثورة بشكل عام” ويتابع د‪ .‬أوس‪“ :‬هذه املشاكل‬ ‫التي كنا بغنى عنها‪ ..‬هذا الجرح املفتوح حتي يندمل‪ ،‬ال ّ‬ ‫حل‬ ‫أفضل لها من اإلفراج عنهم فوراً”‪.‬‬ ‫وكان الزوجان رزان زيتونة ووائل حامدة قد قدما إىل الغوطة‬ ‫الرشقية يف مطلع عام ‪ 2013‬بعد تحريرها من قوات األسد‪،‬‬ ‫تفادياً من مالحقة أجهزة األمن التابعة لنظام األسد‪ ،‬الفتتاح‬ ‫مكتب ملركز توثيق االنتهاكات يف سوريا “‪ ”VDC‬الذي بدأ‬ ‫عمله منذ بداية الثورة لتوثيق جرائم النظام وانتهاكاته بحق‬ ‫املدنيني يف سوريا‪ ،‬ثم ما لبثت أن انضمت لهام السيدة‬ ‫سمرية الخليل التي لحقت بزوجها الكاتب ياسني الحاج‬ ‫صالح‪ ،‬ومن بعدها وصل املحامي والشاعر ناظم حامدي‬ ‫ليلتحق باملجموعة‪ ،‬ويشارك يف نشاطاتهم‪.‬‬ ‫أحد األشخاص املشاركني اعتذر عن اإلدالء بترصيح للمجلة‬

‫قائ ًال‪“ :‬إذا بدي أحيك ما بدي خيل عىل حدا”!‬ ‫السيد محمد الدمشقي أحد املتضامنني‬ ‫الذين حرضوا الوقفة‪ ،‬تحدث عن سبب‬ ‫مشاركته اليوم يف الوقفة التضامنية فقال‪:‬‬ ‫“نتمنى أن يعودوا ساملني وأن نعلم ما هو‬ ‫مصريهم‪ ..‬طبعاً قمت باملشاركة يف الوقفة‬ ‫االحتجاجية ألنه مبنظوري الشخيص من‬ ‫يتم خطف‬ ‫املعيب عىل الثورة السورية أن ّ‬ ‫مثل هؤالء األشخاص الذين يطالبون بالحرية‬ ‫خاصة من منطقة محررة وتخضع‬ ‫والسالم‪ّ ،‬‬

‫لسيطرة فصائل سورية معارضة” واعترب‬ ‫الدمشقي بحديثه أنها نقطة سلبية عىل‬ ‫الثورة السورية التي هي ثورة كرامة‪ ،‬وطالب‬ ‫الدمشقي بهذا اليوم وبعد ثالث سنوات‬ ‫“بفتح تحقيقات حقيقية لنعلم من قام‬ ‫بهذا الفعل الذي ينايف كل القيم اإلنسانية”‬ ‫وجه رسالة للمختطفني أنفسهم “أن‬ ‫كام ّ‬ ‫هذه القضية لن تسقط بالتقادم” كام أكدّ‬ ‫عىل “رضورة إيجاد الخاطفني وأن ينالوا‬ ‫العقاب عىل فعلتهم”‪.‬‬


‫قطعة مسا‬

‫إىل رزان‪ ..‬باقة حرية‬

‫من مخطوط ديوان غري منشور للشاعر املختطف ناظم الحامدي‬

‫‪9‬‬

‫ناظم حمادي‬

‫العدد ‪- 82 -‬‬ ‫‪2016 / 12 / 14‬‬

‫صور‬

‫انحنا ُء يد األمس عىل كتف املستقبل‬ ‫ْ‬ ‫أمل‬ ‫…‬ ‫األحاديث الصغرية‬ ‫عن أمل خفيف يف الذاكرة‬ ‫وعن رغبة االنفالت‪ ..‬يف املساءات‬ ‫ْ‬ ‫الحجل‪..‬‬ ‫كطري‬ ‫ْ‬ ‫أمل‬ ‫…‬ ‫يأس ج ّالد من االبتسامة‬ ‫ومن حراسة األسامء التي‬ ‫طلعت حوله كالخزامى‬ ‫ومن خيانة الريح‪ ..‬بعد أجل‬ ‫ْ‬ ‫أمل‬ ‫…‬ ‫ونعاس ملك عىل كرس ّيه‪ ..‬بفعل امللل‬ ‫ْ‬ ‫أمل‬ ‫…‬ ‫وقوفنا سهواً‪ ،‬يف شارع كأنه‬ ‫فارق عطر الحبيبة‪ ..‬ت ّواً‬ ‫وارتباكنا عند اللقاء‪ ،‬بعذر البقاء‬ ‫دون ْ‬ ‫عمل‬ ‫ْ‬ ‫أمل‬ ‫…‬ ‫وتبادل عاشقني يف الزحام‬ ‫بضع قبل‬ ‫ْ‬ ‫أمل‬ ‫قراءة الشعر‪ ،‬كتعويذة لطرد الكآبة‬ ‫وانتحال صفة الحامم‪ ،‬وسط الركام‬ ‫لكنس البشاعة‪ ..‬دون كلل‬ ‫ْ‬ ‫أمل‬ ‫…‬ ‫كذلك‪ْ ..‬‬ ‫أمل‬ ‫ّ‬ ‫تعث اللسان‪ ،‬ومللمة الذكرى‬ ‫عىل ْ‬ ‫عجل‬ ‫عند حضور ْ‬ ‫األمل!‬

‫صور محمد عبد الله (ارتينو)‬


‫رواق‬ ‫‪10‬‬

‫يكتبها أنور عباس‬

‫العدد ‪2016 / 12 / 14 - 82 -‬‬

‫زاويــة شــهرية تســلط الضــوء‬ ‫عــى املــايض والحــارض‬ ‫وتداعــب املشــاعر والعقــل‬ ‫وتقــف يف وجــه اليــأس‪ ،‬وتضع‬ ‫النقــاط عــى الحــروف‪.‬‬

‫رواق‬

‫ال يكاد يذكر الزيتون أمام السوري حتى تقفز‬ ‫إدلب إىل مخيلته عىل الفور‪ ،‬متفوقاً بذلك عىل كل‬ ‫الشائعات املغرضة التي تطال هذه املحافظة‪ ،‬بدءاً‬ ‫باإلرهاب والتطرف‪ ،‬وانتها ًء ُ‬ ‫بالطرف التي تنال من‬ ‫أهلها تحبباً لهم وحباً بهم؛ فهي بالد الزيتون أوالً‪،‬‬ ‫وموطن من مواطن الثورة األوىل‪ ،‬وتشهد عىل ذلك‬ ‫الفتات كفرنبل‪ ،‬إحدى قراها الجميلة‪.‬‬ ‫والزيتون من الثامر األكرث شهرة يف التاريخ‪ ،‬فقد ذكر‪،‬‬ ‫دون غريه من الثامر‪ ،‬يف الكتب املقدسة الثالثة التي‬ ‫تختلف حول الكثري من املفاهيم‪ ،‬من صلب املسيح‬ ‫إىل طريقة الصالة والصيام‪ ،‬لكنها تجتمع عىل أهمية‬ ‫الزيتون‪ ،‬وهو أم ٌر عىل املتحذلقني وغري املتسامحني‬ ‫من جميع الديانات واملذاهب التمعن فيه‪.‬‬ ‫وقد احتل الزيتون مكانته يف الديانات الساموية‬ ‫لفوائده الصح ّية الج ّمة حسب أغلب الظنّ ‪ ،‬ولتوفره‬ ‫يف أرضها حسب اعتقادي‪ .‬وتف ّوق عىل الرمان‬ ‫والقمح يف سوريا والفول يف مرص والتمر يف العراق‬ ‫وتونس والجزيرة العربية واملنجا يف السودان‪ .‬ففي‬ ‫الديانة اليهودية متثل شجرة الزيتون األمل‪ ،‬رغم‬ ‫غيابه اليوم يف كل األصقاع التي تدين بها؛ فقد ورد‬ ‫بأن حامم ًة عادت إىل فلك نوح تحمل غصناً من‬ ‫الزيتون بعد رسوه عىل جبل الجودي يف األناضول‬ ‫اليوم‪ ،‬حيث العالقات مع إرسائيل عىل أفضل حال‬ ‫لها منذ أمد بعيد رغم كل ما تراه عىل الشاشات‬ ‫الصغرية والصغرية جداً‪ ..‬مروراً عىل جثث السوريني‬ ‫ومصالحهم‪ ،‬ويف شوارع مدنهم املدمرة‪ .‬وكانت‬ ‫وفرة الزيت‪ ،‬كام ورد يف املزامري‪ ،‬عالم ًة عىل الرخاء‬ ‫واالزدهار‪.‬‬ ‫ويف املسيحية‪ ،‬ذكر الزيتون يف مئة وأربعني موضعاً‬ ‫يف العهدين القديم والجديد‪ ،‬وهو يرمز إىل نهاية‬ ‫الطوفان كام ورد يف سفر التكوين‪ ،‬والذي يبدو أنه‬ ‫عاد اليوم عىل هيئة مخطط لتقسيم البالد‪ ،‬ومؤامر ٍة‬ ‫كوني ٍة للنيل من صمود محور املامنعة‪ ،‬والقومية‬ ‫العربية التي مل تعد تليق بالعرب‪ ،‬وأصبحت حكراً‬ ‫عىل السوريني املؤيدين من أصول رسيانية وفينيقة‬ ‫وآرامية‪ ..‬ينفرون من العروبة‪.‬‬

‫(‪)1‬‬ ‫الزيتون‬ ‫وقد ذكرت شجرة الزيتون يف القرآن ست مرات‪،‬‬ ‫واكتسبت من خالل ذلك مكانة هامة لدى املسلمني‪.‬‬ ‫والذين يكتفون اليوم بالحديث عنها يف هذا السياق‬ ‫دون وعي لدورها البيئي‪ .‬أو التاريخي الكبري‪،‬‬ ‫ويكرثون من أكل زيتها فتصيبهم السمنة وترتهل‬ ‫أجسادهم لتطابق حال عقولهم‪.‬‬ ‫وتعود أقدم الدالئل املخطوطة عن زيت الزيتون إىل‬ ‫قم عرث عليها يف مدينة إيبال السورية بالقرب من‬ ‫ُر ٍ‬ ‫حلب‪ ،‬التي تصارع البقاء اليوم يف وجه أعتى فاشيات‬ ‫وتعج بأشجار الزيتون أيضاً‪ .‬وقد احتوت هذه‬ ‫العامل‪ّ ،‬‬ ‫الرقم عىل معلومات تشري إىل أن الزيتون وزيته كان‬ ‫واحداً من أعمدة اقتصاد هذه املمكلة‪ ،‬وبأن األرسة‬ ‫املالكة كانت متتلك ما يقارب نصف جرار الزيت‬ ‫املتوفرة‪ ،‬مام يحدو إىل القول بأن زيت الزيتون‬ ‫حينها كان مرادفاً قوياً لرشكات االتصال الخلوي‪،‬‬ ‫ووكاالت السيارات وآبار النفط التي متتلك عائلة‬ ‫األسد معظمها‪.‬‬ ‫ومينح اإلغريق‪ ،‬الذين يالقي كثري من السوريني مصري‬ ‫الغرق أو االعتقال يف سبيل الوصول إيل بالدهم‬ ‫َ‬ ‫الزيتون مكانة عالية يف ثقافتهم؛ فشجرة‬ ‫اليوم‪،‬‬ ‫الزيتون هي رمز الحكمة‪ ،‬التي غابت عن العامل كلياً‬ ‫منذ استخدام األسد الكياموي ض ّد أطفال الغوطة‪،‬‬ ‫وإعالن أوباما عن ّ‬ ‫خطه األحمر الشهري‪.‬‬ ‫وغصن الزيتون هو رمز السالم‪ ،‬الذي مل ننعم به يوماً‪.‬‬

‫وكان زيت الزيتون يقدم كهدية فاخرة للملوك‪،‬‬ ‫وكانت رؤوس الرياضيني تزين بتيجان من أغصانه‪،‬‬ ‫وهي اليوم تقطع عىل يد جالدي األحزاب الفاشية‪.‬‬ ‫وقد احتلت شجرة الزيتون مكانة رفيعة عند‬ ‫الكنعانيني والفينيقيني‪ ،‬والفراعنة الذين يعدون أول‬ ‫من استخرج زيت الزيتون بطرق ميكانيكية‪ ،‬ال عالقة‬ ‫للسييس الذي عاش عىل املاء عرشة أعوام بها!‬ ‫ونرى غضن الزيتون اليوم يف أعالم األمم املتحدة‪،‬‬ ‫والجامعة العربية‪ ،‬ومؤسسات ومنظامت كثرية‬ ‫أخرى‪ ،‬ما يدل عىل مكانة هذه الشجرة يف ثقافات‬ ‫الكثري من الشعوب‪ ،‬وعىل ما آلت إليه أحوالها من‬ ‫مهانة يف ضوء قدرة تلك املنظامت عىل إحقاق‬ ‫السالم والعدل‪ّ ،‬‬ ‫وبث األمل الذي متثله الشجرة تلك‬ ‫يف حياة طفل سوري واحد ينتزع من تحت األنقاض‬ ‫ليموت من أنقذه يف غارة أخرى بعد قليل!‬ ‫والزيتون مصدر زيت الزيتون الذي ال يخلو‬ ‫منه بيت سوري‪ ،‬أو بيت يف حوض املتوسط عىل‬ ‫العموم‪ .‬ولزيت الزيتون مكانة رفيعة يف مطابخ هذه‬ ‫املنطقة‪ ،‬ويقرتن بالزعرت يف بالد الشام‪ ،‬وقد اشتهرت‬

‫حاص أبناؤها ويسامون أش ّد أنواع القتل‬ ‫حلب‪ ،‬التي ُي َ‬ ‫والفتك والتجويع‪ ،‬دون سواها من مدن سوريا‪ ،‬بصناعة‬ ‫األحمر منه‪ ،‬وهو يختلف عن الزعرت األخرض الذي تشتهر‬ ‫به مدن وقرى فلسطني‪ ،‬التي رسقتها “إرسائيل” ورشدت‬ ‫أهلها‪ .‬ومن الزعرت تصنع (املناقيش)‪ ،‬وهي خبز يوضع‬ ‫عليه مزيج من زيت الزيتون والزعرت‪ ،‬ويخبز ثم يؤكل‬ ‫ساخناً برفقة كوب من الشاي عىل األغلب‪ ،‬أو عبوة عصري‬ ‫(بونجوس) يف مدارس دمشق يف الثامنينات وما قبلها؛‬ ‫حيث حرمت الضائقة االقتصادية الناجمة عن سياسات‬ ‫حافظ األسد السوريني من أنواع العصائر والشوكوال‬ ‫والسمنة واملحارم واإللكرتونيات لعقدين كاملني‪.‬‬ ‫وشجرة الزيتون تع ّمر كثرياً‪ ،‬و ُيقال بأن غوطة دمشق‪،‬‬ ‫التي ثارت عىل القمع واالستبداد ودفعت مثناً باهظاً‬ ‫تضم أشجار زيتون الزالت حية‪ ،‬زرعت يف عهد‬ ‫لذلك‪ّ ،‬‬ ‫النبي محمد‪ ،‬و ُتسمى بالنبوية‪ ،‬وقد ض ّمت يف املايض أكرب‬ ‫عدد من هذه األشجار يف سوريا إىل أن تفوقت عليها‬ ‫إدلب‪ ،‬وحلب ودرعا يف ذلك‪.‬‬ ‫وقد طال أشجار الزيتون يف سوريا ما طال أهلها يف هذه‬ ‫تنج ممن جعلها حطباً للتدفئة‪،‬‬ ‫املحنة القاسية‪ ،‬فلم ُ‬ ‫ُ‬ ‫اإلهامل والتعب واملرض بسبب ظروف‬ ‫وطال الكث َري منها‬ ‫الحرب القاسية‪ ،‬وتراجع عددها عىل نحو كبري‪ ،‬كرفاق‬ ‫عمرها السوريني‪.‬‬ ‫لكن الزيتون بقي حارضاً يف الثورة كرمز للسالم والتغيري‬ ‫والحرية والقدرة عىل اإلبداع‪ ،‬و(زيتون وزيتونة) كانت‬ ‫أول مجلة للطفولة يف سوريا الثورة‪ ،‬و(زيتون) هي‬ ‫جريدة تعنى بشؤون السوريني وثورتهم‪ ،‬ونحن بانتظار‬ ‫مجلة جديدة يطلق عليها اسم (زيت وزعرت) الستكامل‬ ‫العالقة بني ثورة سوريا ومطبخها‪.‬‬ ‫أما زيتونة الثورة فهي رزان زيتونة‪ ،‬تلك الشجرة املثمرة‬ ‫أبداً‪ ،‬والتي فاضت خرياً ونب ًال وتضحي ًة عىل وطننا القتيل‪،‬‬ ‫وتشبثت بجذورها فيه طوي ًال حتى طالتها يد الغدر‪،‬‬ ‫ومتكن منها خفافيش الظالم‪ ،‬فغيبوها ألنها أكرث نضار ًة‬ ‫منهم‪ ،‬وأكرث صالبة منهم‪ ،‬لكنهم مل يغيبوا ظ ّلها‪ ،‬وال‬ ‫رائحتها‪ ،‬وال صوتها!‬


‫• ميــر القمــر يف ثالثــة أطــوار‪ ,‬ومتــر الثــورة يف خمســة‪,‬‬ ‫أمــا املــرأة فهــي أربعة فصــول‪ ,‬وهــذا رس جاملهــا وتألقها‪.‬‬ ‫• ليســت الحريــة منحــة إلهيــة‪ ,‬فحتــى األديــان‬ ‫العادلــة تقيدهــا‪ ,‬فهــي يشء ننتزعــه مــن براثــن‬ ‫املعتقــدات ومخالــب االســتبداد وقوالــب الفكــر املتحجر‪.‬‬ ‫ليــس كل مــن يهتــف للحريــة يســعى‬ ‫•‬ ‫بالــرورة نحــو ذات الهــدف‪ ,‬فالحريــة املطلقــة‬ ‫تصبــح نســبية عندمــا ينــادي بهــا اإلنســان‪.‬‬ ‫• يقــال إن مــن مل يســتطع االلتحــاق مبخابـرات األســد‪,‬‬ ‫التحــق ببعــض الفصائــل املســلحة وحقــق جميــع أحالمه‪.‬‬

‫مقاالت‬

‫• مــن يدعــي أن الحــرب يف ســوريا أهليــة جاهــل‬ ‫بدقائــق األمــور‪ ,‬كيــف تكــون أهليــه بوجــود روســيا‬ ‫وإيــران‪ ,‬إال أن كان بوتــن وخامنئــي واألســد أخــوة‬ ‫بالرضاعــة أو مــن عالقــة غــر رشعيــة ال نعــرف حقيقتهــا‪.‬‬

‫يقرأ “ذهنية التحريم” يدرك أن صمت املثقفني والثقافة العربية‬ ‫عن فتوى الخميني بهدر دم الروايئ العاملي سلامن رشدي ليس‬ ‫سوى صمت عن الفتوى غري املعلنة ألنظمتنا وسياسيينا بهدر‬ ‫دم كل من يفكر بالخروج عن املؤسسة التقليدية السياسية‬ ‫والدينية املتحالفة يف بالدنا‪ ،‬ومن يقرأ مقال العظم الذي أصبح‬ ‫كتاباً مبشاركة حسن حنفي “ما العوملة” يدرك كيف أن الكالم‬ ‫األيديولوجي الثقايف عن العوملة املنترش يف بالدنا وقتها‪ ،‬والذي‬ ‫يصف العوملة بأنها “نظام سيايس اقتصادي اجتامعي يبتلع‬ ‫الناس ليتقيأها سلعاً” أو أنها جزء من الغزو الثقايف الغريب‬ ‫يصب‬ ‫لرتاثنا وثقافتنا‪ ،‬هو كالم ال يعرف يشء عن العوملة‪ ،‬وال ّ‬ ‫يف املحصلة إال يف مصلحة األنظمة التي تريد تغييبنا بكل املعاين‬ ‫عن حركة التاريخ‪.‬‬ ‫وأخرياً من يقرأ “دفاعاً عن املادية والتاريخ” وهو الكتاب‬ ‫الفلسفي األهم للعظم‪ ،‬سيدرك أهمية نقاش العظم وتفنيده‬ ‫الحواري للتيارات الفلسفية منذ والدة الحداثة مع ديكارت‪،‬‬ ‫وحتى ما بعد الحداثة بتياراتها املتشعبة واملتشابهة منذ نيتشه‬ ‫مروراً بهايدغر ووصوالً لجاك ديريدا وميشيل فوكو وتوماس كون‬ ‫وبول فايرباند‪.‬‬ ‫رمبا يثبت العظم بطريقة سقراطية يف هذا الكتاب الكبري أن‬ ‫الفلسفة يف املحصلة ليست توليداً مطلقاً للجديد من ال يشء‬ ‫فحسب‪ ،‬بقدر ما هي حوار تهكمي وتوليدي ح ّر مع الفكر‬ ‫الفلسفي القديم واملعارص‪ ،‬لعرصنة الفكر وربطه بالواقع كام‬ ‫هو‪ ،‬وكام يجب أن يكون‪ ،‬وهذا ما عاشه أكرب الفالسفة يف بنائهم‬ ‫ونقدهم ملن كانوا قبلهم ومن عارصوهم‪ ،‬وهذا ما فعله العظم‪.‬‬ ‫يقول هيغل‪“ :‬إن الفلسفة هي زمانها وقد تم استيعابه عىل‬ ‫مستوى الفكر”‪ ،‬والفيلسوف السوري الراحل صادق جالل‬ ‫العظم مل يكن إال معارصاً لزمانه الفلسفي ومواكباً ألحداث زمانه‬ ‫يف أهم مفاصله التاريخية‪ ،‬والسيام زمن الثورة السورية الراهن‪،‬‬ ‫الذي عاشه العظم وساهم فيه قلباً وعق ًال وكتابة‪ ،‬وها هو اليوم‬ ‫ميوت واقفاً قرب شعبه‪ ،‬بعيداً عن بيته الدمشقي الكبري‪ ،‬وبعيداً‬ ‫عن دمشق التي يحتلها من نفاه‪.‬‬

‫‪2016 / 12 / 14‬‬

‫• كل مــا يشــاع عــن أن الساســة يدافعــون عــن‬ ‫القيــم هــو محــض خرافــة‪ ,‬فهــم ال يدافعــون‬ ‫إال عــن املصالــح‪ ,‬ويصلــون إىل مناصبهــم العليــا‬ ‫بالــدوس عــى رفــاق دربهــم قبــل منافســيهم‪.‬‬

‫‪ ...‬تتمة من صفحة ‪4‬‬ ‫العدد ‪- 82 -‬‬

‫زاويــة شــهرية‪ ,‬تســلط الضــوء‬ ‫عــى املــايض والحــارض‪,‬‬ ‫وتداعــب املشــاعر والعقــل‪,‬‬ ‫وتقــف يف وجــه اليــأس‪ ,‬وتضع‬ ‫النقــاط عــى الحــروف‪.‬‬

‫عن صادق العظم‪،‬‬ ‫ومهمة الفلســفة‬ ‫َّ‬

‫‪11‬‬


‫‪12‬‬

‫السوريات في مواجهة قمع كلمتهن‬ ‫الكلمة مقابل النار‬ ‫هنادي زحلوط‬

‫العدد ‪2016 / 12 / 14 - 82 -‬‬

‫مل يكن االنرتنت ومنذ بداية دخوله إىل سوريا سوى‬ ‫أداة جديدة من أدوات القمع املستعملة ض ّد‬ ‫املجتمع السوري عا ّمة‪ ،‬وض ّد النساء فيه بشكل‬ ‫خاص‪ .‬وبينام تش ّكل الضغوط العائلية واملجتمع ّية‬ ‫املطرقة التي كانت تهدد النساء يف بوحهن ّ‬ ‫عم‬ ‫يشغل بالهن ويف الكتابة عن هواجسهن‪ ،‬م ّثل‬ ‫قمع النظام السندان الذي اتكأت عليه كل هذه‬ ‫الضغوط‪ ،‬والركيزة األساس ّية لكل أشكال القمع‬ ‫األخرى‪.‬‬ ‫مدونات كرث‪ ،‬وكاتبات سوريات‪ ،‬مل يشفع لهن يشء‬ ‫يف تضييق السلطات وخوفها من سلطة الكلمة‪.‬‬ ‫رمبا تكون “طل امللوحي” أصغر املدونات‬ ‫السوريات اللوايت تعرضنّ لذلك‪ ..‬فقد الحقتها‬ ‫السلطات األمن ّية‪ُ ،‬مطالبة إ ّياها مبراجعتها بشكل‬ ‫دوري قبل أن تقوم باعتقالها تعسف ّياً ومحاكمتها‬ ‫وهي يف الثامنة عرش من عمرها‪ ،‬ليكون الحكم‬ ‫الصادر بحقها خمس سنوات‪ ،‬قضتها طفلة وشابة‪،‬‬ ‫وانقضت مدة حكمها دون أن تسمح السلطات‬ ‫املعن ّية بإطالق رساحها‪ُ ،‬مبقية إ ّياها رهينة لديها!‬ ‫كثري من الشابات السوريات اعتقلتهن السلطات‬ ‫السورية‪ ،‬أو هددت باعتقالهن‪ ،‬واستعملت‬ ‫الضغط عىل عائالتهن ضغطاً إضافياً إليقافهن عن‬ ‫الكتابة‪ ،‬هؤالء كنّ قبل اندالع الثورة السورية يف‬ ‫آذار من العام ‪ 2011‬معزوالت اجتامعياً‪ ،‬إن مل‬ ‫يكنّ معزوالت عائلياً‪ .‬منهنّ معتقالت سياسيات‬ ‫سابقات من مرحلة الثامنينات‪ ،‬مل ترتك األذرع‬ ‫املخابراتية للنظام فرصة لتشويه سمعتهنّ عرب‬ ‫الفضاء العام أو االلكرتوين إ ّال واستعملتها‪ ،‬لكن‬ ‫كثريات منهنّ بقني يكتنب‪ ،‬ويحلمن‪ ،‬ومنهن‬ ‫الكاتبة والسجينة السياسية السابقة “حسيبة عبد‬ ‫الرحمن”‪ ،‬وغريها كرث‪.‬‬ ‫كام ش ّكلت الثورة السورية أم ًال وفضاء جديداً‬ ‫لجميع السوريني‪ ،‬فقد كانت أيضاً فرصة للنساء‬ ‫السوريات لالنطالق بالعمل‪ ،‬كاتبات وناشطات‬

‫إغاثيات‪ ،‬وحقوقيات‪ ،‬وسياسيات‪ .‬وقد أعطت‬ ‫املظاهرات النسائية كام املظاهرات املختلطة التي‬ ‫خرجن فيها زخ ًام لصوتهن الذي بدأ يتعاىل يف‬ ‫الفضاء العام‪ ،‬مطالباً بإنصافهنّ من النظام ومن‬ ‫القانون‪ ،‬ومن املجتمع كذلك‪.‬‬ ‫نذكر جميعاً مع بداية الثورة املضايقات‬ ‫واالعتقاالت التي تع ّرضت لها أسامء بارزة يف‬ ‫الوسط اإلعالمي والفني السوري‪ ،‬بينهن املمثلة‬ ‫“مي سكاف”‪ ،‬واإلعالم ّية “لينا محمد”‪ ،‬والكاتبة‬ ‫“سمر يزبك”‪ ،‬وكثريات أخريات‪ .‬فيام واصلت‬ ‫كثريات مجابهة قمع النظام الذي خربنه عىل مدى‬ ‫عقود‪ ،‬فكانت الحقوقية والكاتبة “رزان زيتونة”‬ ‫والناشطة السياسية “سمرية الخليل” حارضات‬ ‫يف كثري من املظاهرات‪ ،‬وقد اعتدن مجابهة‬ ‫الديكتاتوية وأالعيبها األمنية القذرة‪.‬‬ ‫لب إىل املعتقالت من النساء كام طلب إىل‬ ‫ُط َ‬ ‫نظرائهنّ الرجال الترصيح عن كلامت املرور‬ ‫الخاصة بهنّ إىل علب بريدهنّ اإللكرتوين وإىل‬ ‫صفحاتهن الخاصة عىل مواقع التواصل االجتامعي‪،‬‬ ‫و ّمتت مصادرة حواسيبهن الشخصية‪ ،‬وترسيب‬ ‫صور خاصة‪ ،‬والتهديد بفضح رسائلهن‪ ،‬واطالع‬ ‫عائالتهن عليها‪ ،‬وكان التعذيب بانتظار من تحدّت‬ ‫ّ‬ ‫وفضلت أن تواجه الديكتاتورية حتى النهاية‪.‬‬ ‫أما النساء الطليقات فلم يسلمن من عبث أذرع‬ ‫النظام وقمعه للنساء‪ ،‬فكانت املالحقة والتفتيش‬ ‫سبيلها مرة‪ .‬وكان نرش الشائعات وتلفيق الصور‬ ‫أسلوبهم يف مرات عديدة‪ .‬وال ّ‬ ‫شك ّ‬ ‫بأن هذه‬ ‫األساليب كانت تعتمد عىل موروث اجتامعي ك ّرس‬ ‫وتم‬ ‫التمي ّيز ض ّد النساء‪ ،‬عىل مدى عرشات السنني‪ّ ،‬‬ ‫تكريسه حتى يف القوانني السورية‪ ،‬ومل تستطع‬ ‫الثورة الراهنة رغم الحضور الكثيف للنساء فيها‬ ‫أن تك ّرس نصوصاً وموروثاً ينترص للنساء السوريات‬ ‫ويقف معهنّ ض ّد رغبة النظام يف النيل منهن‪،‬‬ ‫بوصفهن معارضات وسيدات سوريات وأمهات‬

‫أعلني كلمة الوطن فوق كلمة املجرمني!‬ ‫قصص من مثل ما تع ّرضت له السيدة “سهري‬ ‫األتايس” يف قضية الصور املرسبة‪ ،‬مثال ّ‬ ‫عم تتعرض‬ ‫له السيدات السوريات فقط بوصفهن قياديات‬ ‫وسياسيات‪ ،‬وأسامء تتصدر املشهد‪ .‬وهنالك سواها‬ ‫الكثري من القصص التي حاكها النظام أو أسهم‬ ‫يف تنميتها إساءة منه لهؤالء النساء‪ ،‬ويف املحصلة‬ ‫إساءة لثورة ينتمني إليها‪ ،‬ثورة قارعت أدوات‬ ‫ظلمه وكشفت زيف كذبه‪ ،‬وكشفت م ّرات وم ّرات‬ ‫فساده وانعدام األخالق لدى كبار رجاالته‪.‬‬ ‫ولن يكون الرد عىل هذا السلوك التمي ّيزي سوى‬ ‫بتكريس قوانني مستقبل ّية تحمي حقوق النساء‬ ‫السوريات بوصفهن مواطنات‪ ،‬متساويات يف‬ ‫الحقوق والواجبات مع الرجال السوريني‪ ،‬يف‬ ‫دولة مواطنة وعدالة تنصف وتعيد الحقوق‬ ‫إىل أصحابها‪ .‬قوانني تتط ّرق بوضوح إىل الحر ّية‬ ‫وتشجع عىل حر ّية اإلعالم‪ ،‬وتكفل يف‬ ‫اإللكرتون ّية‬ ‫ّ‬ ‫الوقت ذاته خصوص ّية الكاتب وعدم التع ّرض له‬ ‫إ ّال مبوجب انتهاكه للقانون‪.‬‬ ‫قوانني مثل هذه نحتاجها‪ ،‬كام نحتاج قانوناً‬ ‫منصفاً لألحوال الشخصية ينترص لحق السوريات‬ ‫كمواطنات ورشيكات يف الوطن وبناء البالد‪ ،‬ولن‬ ‫تغيي هذا النظام الذي أساء‬ ‫يتم ذلك إ ّال بعد ّ‬ ‫للبالد‪ ،‬بل وقتل أو يكاد‪ ،‬كل ما هو جميل فيها‪.‬‬ ‫مع نهاية العام ‪ ،2016‬نبدأ عاماً جديداً بأمل أنه‬ ‫تبقى متسع للكلمة الحرة‪ .‬كل عام والسوريات‬ ‫ُمتم ّيزات‪ ،‬و ُمم ّيزات يف مواجهة كل متييز‬


‫التمكين المستدام للمرأة‬ ‫( ‪ -1‬اقتصاديًا )‬

‫‪13‬‬

‫علي جبر‬

‫ورفع سو ّية مهاراتها‪ُ .‬يضاف أيضاً سعي بعض‬ ‫املنظامت ا ُملم ّولة لتحقيق السبق اإلعالمي‬ ‫دون النظر إىل تحقيق متكني ُمستدام يف‬ ‫قدرات املرأة‪ُ ،‬يح ّقق هدف تحسني املستوى‬ ‫تحسن‬ ‫الحايل‪ ،‬ويضمن املساهمة يف استمرار ّ‬ ‫وضع املراة التي خضعت للربنامج ا ُملم َّول دون‬ ‫أن تخرس من مهاراتها التي تكون قد اكتسبتها‬ ‫عند انتهاء الرعاية من قبل الربنامج الذي‬ ‫ساعدها عىل رفع مؤهالتها‪.‬‬ ‫إذ ّإن التنم ّية ا ُملستدامة كفيلة بتأهيل كادر‬ ‫نسايئ مؤ ّثر‪ ،‬ليس فقط عىل املدى القصري‬ ‫بل عىل املدى الطويل أيضاً‪ ،‬سواء طالت حالة‬ ‫اللجوء أو انتهى األمر بالعودة إىل سوريا‪ ،‬كادر‬ ‫نسايئ قادر عىل املساهمة يف صناعة املستقبل‬ ‫يف سوريا يف املرحلة االنتقالية ويف مرحلة‬ ‫إعادة البناء التي ستحتاج إىل الكثري من الق ّوة‬ ‫ا ُملؤهّ لة‪ ،‬خاصة مع الفقد الكبري يف الطاقات‬ ‫البرشية الذي أصبحت سوريا تعاين منه نتيجة‬ ‫عمليات الهروب والهجرة‪ ،‬أو بسبب الفقدان‬ ‫الجسدي الكيل أو الجزيئ نتيجة العمليات‬ ‫العسكرية التي استهلكت الكثري من الطاقات‬ ‫الشابة من الذكور خاصة ومن النساء بالدرجة‬ ‫الثانية‪.‬‬ ‫لذلك ّ‬ ‫فإن املعايري التي تعمل مبوجبها مشاريع‬ ‫التمكني االقتصادي التي تنفذها معظم‬ ‫املنظامت النسو ّية ومنظامت التنّمية التي‬ ‫تنشط يف مناطق الحروب والرصاعات‪ ،‬التي‬ ‫ال تشكل الحالة يف لبنان أو تركيا بالنسبة‬ ‫لآلجئات السوريات إستثنا ًء يذكر‪ ،‬يجب عىل‬ ‫هذه املعايري أن تتط ّور بحيث يصبح تركيزها‬

‫بالدرجة األوىل عىل بناء املهارات وزيادة‬ ‫القدرات لدى النساء عىل ما يحتاجه ذلك‬ ‫من استمرار ّية وتخطيط طويل املدى ّميكن‬ ‫من تحقيق متكني ُمستدام‪ .‬استدامة مت ّكن‬ ‫النساء املعن ّيات من املنافسة يف سوق العمل‬ ‫الحايل‪ ،‬وتسمح لهنّ باالحتفاظ باملهارات‬ ‫التي اكتسبنها‪ّ ،‬‬ ‫مم يتيح لهنّ العمل بأجر‬ ‫مكافئ ملهارتهن يف الظروف الحالية‪ ،‬وميكنهنّ‬ ‫من اكتساب خربة نتيجة عملهن هذا دون‬ ‫االضطرار إىل بيع قوة عملهن بأجر بخس ال‬ ‫يساوي الجهد املبذول‪ ،‬وال يسد رمق األفواه‬ ‫الجائعة التي تنتظر من يطعمها‪ ،‬أو ليمكنهنّ‬ ‫من العمل عىل مشاريعهن الخاصة التي‬ ‫يستطعن االستمرار يف إدارتها بنجاح سواء‬ ‫من خالل العمل مع حواضن مشاريع تسمح‬ ‫للمشاريع بالتقدم يف خطواتها األوىل‪ ،‬أو من‬ ‫خالل تقديم استشارات مستقلة للحيلولة‬ ‫دون أن يفعل اإلحباط فعله فيها‪.‬‬ ‫عل ًام ّأن التمكني السيايس والقانوين ال ينفصل‬ ‫بحال من األحوال عن التمكني االقتصادي‪،‬‬ ‫لكنه يكون تالياً للتمكني االقتصادي؛ إذ ال‬ ‫تستطيع النساء اللوايت ال يتمتعن باالستقالل‬ ‫االقتصادي املشاركة بحر ّية كاملة يف نشاطات‬ ‫منظامت املجتمع املدين‪ ،‬واملنظامت أو‬ ‫تتغي املعايري التي‬ ‫األحزاب السياسية‪ .‬وال ّ‬ ‫تح ّقق التمكني االقتصادي املستدام عنها يف‬ ‫حالة التمكني القانوين والسيايس إذا ما أردنا‬ ‫بناء مجتمع ُمتقدّم‪ ،‬وبناء أفراد قادرين عىل‬ ‫املساهمة بالحد األعىل ا ُملمكن يف صناعة‬ ‫وبناء املستقبل الذي ننشده‪.‬‬

‫العدد ‪2016 / 12 / 14 - 82 -‬‬

‫تعمل غالب ّية املنظامت النسوية عىل أهداف عدّة غايتها زيادة‬ ‫الوعي‪ ،‬ومتكني املرأة سياسياً واقتصادياً‪ ،‬خاصة يف ظروف اللجوء‬ ‫والتهجري التي تعاين منها النساء السوريات حالياً‪ّ .‬‬ ‫مم يضع‬ ‫املرأة أمام واقع يحمل الكثري من التحدّيات والعقبات‪ .‬فقد‬ ‫فرض الواقع الجديد عىل النساء تح ّمل أعباء كثرية جداً‪ ،‬وقد‬ ‫تكون كامل أعباء األرسة التي أصبحت هي الوحيدة املسؤولة‬ ‫عن إعالتها وتد ّبر شؤونها‪ .‬وضع أخضع املرأة لرشوط معيش ّية‬ ‫مل تعتدها من قبل‪ ،‬إذ ّأن غالب ّية النساء يف املجتمع السوري‬ ‫كانت خارج قوة العمل الرسمية بحكم العادات والتقاليد التي‬ ‫تحكم أعظم ّية املجتمع‪ ،‬وبالتايل غالب ّية النساء ال ميلكن من‬ ‫املهارات ما يؤهّ لهن لدخول سوق العمل‪ .‬أ ّما القسم الذي‬ ‫يعمل فهو إ ّما يعمل كقوة عمل غري ماهرة ورخيصة‪ ،‬أو يعمل‬ ‫يف قطاعات العمل الحكومي املحكوم بالبريوقراطية‪ ،‬والذي‬ ‫اليحتاج إىل مهارة وبنفس الوقت ال ينجز املوظفون فيه عم ًال‬ ‫حقيقاً مقارنة بالعمل يف قطاعات أخرى كالقطاع الخاص‪،‬‬ ‫الذي يندر أن يوظف نساء يف مجاالت تتط ّلب الكثري من‬ ‫املهارات إن وجدت من متتلكها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وهكذا وجدت املرأة نفسها مضطرة لقبول العمل يف أعامل ال‬ ‫تتطلب مهارة عالية‪ ،‬ويف نفس الوقت ال تقدّم املقابل املكافئ‬ ‫لقيمة عملها الذي غالباً ما يكون عضلياً وبأجر رمزي‪ ،‬وخاصة‬ ‫يف قطاع الزراعة‪.‬‬ ‫يف املقابل تعمل الكثري من املنظامت السورية النسو ّية عىل‬ ‫متكني النساء يف مختلف القطاعات‪ ،‬من السيايس إىل االقتصادي‬ ‫مروراً بالقانوين‪ ،‬ويش ّكل التمكني االقتصادي حجر الزاوية يف‬ ‫أي عمل ّية متكني‪ ،‬وأساساً للبناء عليه يف تغيري وضع املرأة يف‬ ‫مجتمعات دول العامل الثالث عا ّمة الذي ال يشكل وضع املرأة‬ ‫السورية والعربية فيها حالة خاصة أو استثنا ًء يذكر‪.‬‬ ‫لكن املنطلق للتمكني االقتصادي للمرأة دامئاً ما ينطلق من‬ ‫منطي اليتجاوز‬ ‫اإلمكانات واملهارات املتوفرة‪ ،‬وغالباً يف إطار ّ‬ ‫حدود املتعارف عليه لجهة القطاعات التي تعمل بها املرأة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مم يشكل تكريساً بالدرجة األوىل وتثبيتاً ملوقع املرأة يف البنية‬ ‫البطريركية الذكور ّية للمجتمع‪ ،‬من حيث الرتكيز عىل املهارات‬ ‫التقليدية األمر الذي اليقدم جديداً للمرأة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫اإلشكال الثاين الذي تعاين منه مشاريع التمكني أ ّنها غالبا ما‬ ‫تكون محكومة بسياسات وأجندات الجهات ا ُملم ّولة التي‬ ‫تستهدف تحقيق برامج ملدة قصرية ال تتجاوز يف حدّها األقىص‬ ‫سنة واحدة‪ ،‬األمر الذي ُيض ّيق الفرص بزيادة قدرات املرأة‬


‫‪14‬‬

‫التعنيــف اإللكترونــي يزحف‬ ‫الســوريات‬ ‫نحو واقع‬ ‫ّ‬ ‫بشرى البشوات‬

‫العدد ‪2016 / 12 / 14 - 82 -‬‬

‫ميكن إدراج العنف اإللكرتوين باعتباره إلحاقا‬ ‫ُمتع ّمدا بقصد إحداث رضر نفيس ومعنوي‬ ‫واجتامعي بالغري‪ ،‬تحت وصف جرمية‪ ،‬وقد‬ ‫انتقلت من مرسح العامل الواقعي إىل سامء العامل‬ ‫االفرتايض‪ ،‬الذي يشهد ترحيل القصور األخالقي‬ ‫من عامل البرش العياين‪ ،‬مبا هو عامل أسايس بني‬ ‫عوامل أخرى إلحداث الجرمية وإمتام أركانها‪،‬‬ ‫إىل فضاء العالقات االفرتاض ّية الذي متثله وسائل‬ ‫التواصل االجتامعي عىل اختالف ُمسمياتها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولعل ما يحدث للناشطات السوريات (أو للبعض‬ ‫منهنّ ) عىل الصعيد السيايس واإلعالمي ُيعترب من‬ ‫العالمات البارزة عىل هذا الصعيد‪ ،‬وهو يندرج‬ ‫يف سياق العنف ُمتعدّد األشكال ض ّد املرأة يف‬ ‫مجتامعاتنا التي تعاين عىل صعيد العالقات بني‬ ‫الرجال والنساء أوجه قصور ُمتعددة‪ ،‬واختالﻻت‬ ‫فادحة يف نسيج اجتامعي هو ُمعتل أساساً‪،‬‬ ‫ويعاين نقصاً فادحاً وتاريخياً يف منسوب الوعي‬ ‫الحدايث‪ ،‬يسنده تخ ّلف ورثاثة املد ّونة القانونية‬ ‫التي اعتمدتها السلطة السياسية‪ ،‬لتغدو ُمج ّرد‬ ‫هيكل ورقي ُمفرغ من أي مضمون واقعي‪،‬‬ ‫تدوسه السلطة متى شاءت‪.‬‬ ‫يف هذا اإلطار ميكن فهم العنف ض ّد املرأة‪،‬‬ ‫والعنف اإللكرتوين كجزء منه‪ ،‬بوصفه إنعكاساً‬ ‫لرتابط ثالثة مستويات عىل نحو منظومي‪ ،‬هي‬ ‫مستويات الوعي العام ما دون حدايث الذي‬ ‫يعي عالقة ُمتخ ّلفة وتس ّلطية بني الرجل واملرأة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وغياب املدونة القانونية الفاعلة التي من شأنها‬ ‫الح ّد من جرائم العنف ُمتعدّد األشكال‪ ،‬وكذلك‬ ‫غياب الحداثة السياسية عن الدولة ومؤسساتها‪،‬‬ ‫مبا فيها السلطة التي أغلقت املرسح السيايس عىل‬ ‫نفسها وصادرت الوعي والقانون‪ ،‬وبهذا ل ّوثت‬ ‫املناخ الذي ميكن للوعي والقانون أن يتط ّورا‬ ‫وينموا يف ظله‪.‬‬

‫ﻻ يعني الحديث عن العنف ض ّد املرأة‪ ،‬ومنه‬ ‫التشهري‪ّ ،‬أن بقية املجتمعات تخلو متاماً من هذا‬ ‫الراسب الجرمي؛ فالوقائع تشري إىل وجود مثل‬ ‫هذا الخلل حتى يف مجتمعات تعترب متقدمة‬ ‫علينا يف كل النواحي‪ ،‬لكن هذه املجتمعات‬ ‫قطعت أشواطاً هائلة عىل طريق الحداثة‪ ،‬ومن‬ ‫ذلك أنها ط ّورت آليات قانونية للحد من هذه‬ ‫الجرائم‪ ،‬فض ًال عن منو هائل يف مستوى الوعي‬ ‫العام‪ ،‬ومنه عالقة الرجل باملرأة‪ ،‬أو لنقل عالقة‬ ‫الكل بالكل عىل نحو يح ّد من االنتهاكات بحق‬ ‫الغري‪ .‬وهذه املجتمعات‪ ،‬إىل ذلك‪ ،‬تعيش سريورة‬ ‫منو دامئة‪ ،‬قانون ّية وسياس ّية وحقوق ّية وأخالق ّية‪،‬‬ ‫تستطيع بآلياتها املختلفة عىل األصعدة املذكورة‬ ‫أن تسيطر عىل ما قد ينجم عن الصعود التقاين‪،‬‬ ‫وما يرافق هذا من خلل يف البنية االجتامعية‪.‬‬ ‫يف حني ّأن مجتمعاتنا تهمني عليها ثقافة العنف‬ ‫ألسباب مختلفة‪ ،‬وبالتايل ميكن الحديث عن‬

‫التشهري أو العنف اإللكرتوين بوصفه جزءاً من‬ ‫ظاهرة العنف العام‪.‬‬ ‫يف قضية التشهري ّمثة استبطان لعدم االعرتاف‬ ‫باآلخر املختلف‪ ،‬وﻻ سيام حني يكون املختلف هو‬

‫املرأة‪ ،‬طبعاً ﻻ يعني هذا أ ّنه ليس هناك تشهري‬ ‫بحق رجال أيضاً‪ّ ،‬إنا قد تكون املرأة هي األوفر‬ ‫خاصة وأ ّنها‬ ‫حظاً عىل صعيد العنف اإللكرتوين‪ّ ،‬‬ ‫غالباً من ُيعاين من اضطهاد مزدوج أل ّنها مختلفة‬ ‫أو ًﻻ‪ ،‬وأل ّنها امرأة ثانياً يف مجتمع أو مجتمعات‬ ‫تسيطر عليه السلطة الذكور ّية‪.‬‬ ‫هل يكفي امتالك وعي االختالف لتصحيح‬ ‫مسار العالقة بني الرجل واملرأة؟ أو مبعنى‬ ‫أوسع‪ :‬هل ميكن إلرساء ثقافة االعرتاف باآلخر‬ ‫ا ُملختلف واحرتام ح ّريته وخصوصيته وح ّقه يف‬ ‫التعبري للقضاء عىل جملة أشكال العنف ﻻ سيام‬ ‫اإللكرتوين منها؟‬ ‫ما من شك ّأن هذا الوعي سيكون له دور يف غاية‬ ‫األهمية للحد من هذه االختالﻻت‪ ،‬لكن الوعي‪،‬‬ ‫مبا أنه عمل ّية تراكم تاريخي‪ ،‬فلن يكون أمر‬ ‫إحرازه يف مستطاع مجتمعاتنا اليوم‪ .‬هذا يعني‬ ‫أنه ﻻبد من مداخل قانونية من قبل ومن بعد‬ ‫ملكافحة الجرمية بأشكالها‪.‬‬ ‫لكن بالنظر إىل حالة عدم‬ ‫االستقرار التي يعيشها‬ ‫مجتمعنا السوري يغدو‬ ‫االنتقال السيايس مدخ ًال‬ ‫رضورياً ليس فقط لالستقرار‬ ‫بل للتوثب نحو جدل ّية‬ ‫ينتجها املجتمع السوري‬ ‫بشأن الحر ّية والقانون‪ .‬ميكن‬ ‫لهذه الوثبة أن تح ّول الوعي‬ ‫باآلخر واالعرتاف به إىل‬ ‫ظاهرة ثقافية ُمستدامة يف‬ ‫رحاب املجتمع السوري‪ ،‬تشكل ردعاً ذاتياً يتعزز‬ ‫بالردع القانوين الذي تبثه مدونة قانونية ثابتة‬ ‫ومستقرة ومتطورة وذات أنياب‪.‬‬ ‫يف سياق الثورة السورية قفزت املرأة إىل متوضعها‬


‫عائشة وزيجاتها األربعة‬ ‫الزواج األول‬

‫‪15‬‬

‫مريم الحالق‬

‫حني سمعنها‪ ،‬وأدركت الزوجات وبنات الزوج‬ ‫ماحصل؟ يف حني هرعت الزوجة األوىل لتزف‬ ‫البرشى للشيخ العريس‪.‬‬ ‫بعد أسبوع كانت عائشة عىل موعد مع الزواج‬ ‫الحقيقي يف هذه املرة‪ .‬هيأت خديجة العروس‬ ‫باللباس والزينة والطيب وأدخلتها للخلوة الرشعية‬ ‫مع عريسها الذي يكربها بخمس وأربعني عاماً‪.‬‬ ‫فزعت حني رأته وقد خلع عاممته وتج ّرد من‬ ‫قفطانه‪ ،‬فمنذ الليلة ستكون زوجته املفضلة التي‬ ‫يسكن إليها‪ .‬م ّرت شهور ثالثة عىل زواج عائشة‬ ‫والكل يحسدها عىل محبة واهتامم الشيخ بها‪،‬‬ ‫ولكن ذلك مل يدم فقد استيقظت صبيحة ذات يوم‬ ‫لرتى زوجها إىل جانبها جثة هامدة‪.‬‬ ‫استيقظ الجميع عىل رصاخها ونحيبها‪ ،‬وألبستها‬ ‫خديجة الثوب األسود‪ ،‬ول ّونت وجهها باألسود‪ ،‬ملَ ال‪،‬‬ ‫وهي العروس األرملة ذات السنوات االثنتي عرشة!‬

‫العدد ‪2016 / 12 / 14 - 82 -‬‬

‫الطبيعي‪ ،‬بوصفها كائنا اجتامعيا سياسيا‬ ‫له الحق يف التعبري ويف إبداء املوقف املؤثر‬ ‫والفاعل‪ ،‬وعليه واجب اإلسهام يف صناعة‬ ‫الحرية ونيلها‪.‬‬ ‫ومن هنا كان انتقالها من قاع املجتمع إىل‬ ‫واجهة الحدث السيايس واإلعالمي واإلغايث‬ ‫للثورة‪ ،‬وأصبحت يف قلب املشهد السوري‬ ‫العام والثوري منه‪ ،‬ودفعت مثناً باهظاً‬ ‫يف سياق التضحيات التي بذلها املجتمع‬ ‫السوري لبلوغ الحرية من سلطة االستبداد‬ ‫واإلجرام‪ ،‬فكانت ضحية االعتقال الرهيب‬ ‫والحصار املميت والقصف الهمجي الذي‬ ‫ﻻ يبقي وﻻ يذر‪ ..‬وأخرياً طالتها جرمية‬ ‫التشهري وهذا ما يبعث عىل السؤال‪:‬‬ ‫هل تكافئ املرأة بعد كل ذلك بالتعنيف‬ ‫إلكرتونياً؟‬ ‫يبدو أنها ستبقى إىل أمد ليس بالقصري‬ ‫ضح ّية وعي عام ّ‬ ‫رث ومتخلف‪ ،‬ووعي‬ ‫ذكوري متس ّلط ومستب ّد يقبع يف أساس‬ ‫البنى التقليدية العنيفة واملتخلفة‪.‬‬ ‫بكثري من اليقني نستطيع القول إن الجهد‬ ‫الثوري لبلوغ الحرية هو جهد أنثوي‬ ‫يف أحد أبرز مضامينه؛ ألن املرأة هي‬ ‫املترضر األكرب من غياب الحريات وطغيان‬ ‫االستبداد بأشكاله املختلفة‪ ،‬وبهذا املعنى‬ ‫يغدو الحديث عن املرأة التي تخوض يف‬ ‫ثورتني‪ ،‬حديثاً مرشوعاً‪ :‬ثورة ضد االستبداد‬ ‫بحق عموم املجتمع‪ ،‬وثورة ضد الطغيان‬ ‫الذكوري عىل املرأة‪.‬‬ ‫هذا يعني أن وعي الحرية هو أفق الوعي‬ ‫االجتامعي الذي يفسح يف املجال لتغيري‬ ‫معادﻻت العالقة االجتامعية والسياسية‬ ‫والقانونية واألرسية بني الرجل واملرأة‪،‬‬ ‫سواء يف عامل الواقع أو يف عامل االفرتاض‪،‬‬ ‫حينئذ رمبا سينتفي العنف والتشهري بحق‬ ‫الناشطات‪.‬‬

‫يف تلك القرية الصغرية التي تحتضنها جبال‬ ‫القلمون ُولدت عائشة‪ .‬رضيعة كانت حني حملها‬ ‫الشيخ ذو اللحية الطويلة ونظر إىل وجهها األبيض‪،‬‬ ‫وقال ستكونني من نصيبي! دُهشت األم وتساءلت‬ ‫كيف؟! هي رضيعة‪ ،‬وعمرها اليتجاوز الشهرين‪،‬‬ ‫وأنت رجل كبري ولديك زوجات وأوالد! نظر الشيخ‬ ‫إليها وه ّز رأسه وغادر‪.‬‬ ‫مرت سنوات تسع عىل تلك الحادثة‪ ،‬وإذا بالشيخ‬ ‫يعود لزيارتهم قادماً من قريته القريبة‪ .‬دخل‬ ‫الدار‪ ،‬وكان قد ملح عائشة تلعب عىل باب البيت‪.‬‬ ‫قامت أمها بواجب الضيافة وقدّمت الطعام‬ ‫والرشاب للشيخ‪ ،‬بينام كان األب والشيخ يتحادثان‪،‬‬ ‫أنهت عملها وعادت لتجالس زوجها والضيف‪،‬‬ ‫وإذا بزوجها يطلب منها املباركة للشيخ بخطبته‬ ‫لعائشة! رصخت األم‪ :‬عائشة مازالت طفلة‪ ،‬كيف‬ ‫تزوجها؟ أجاب األب‪ :‬سيصرب عليها حتى تبلغ‪.‬‬ ‫بكت األم‪ ،‬وقالت‪ :‬ليصرب عليها وهي يف بيتنا‪ ،‬لكن‬ ‫نظرات األب أسكتتها‪.‬‬ ‫قال الشيخ سأعود يوم الخميس آلخذ زوجتي‪،‬‬ ‫وغادر بعد أن نقدهم مبلغاً بسيطاً لرشاء مالبس‬ ‫للعروس‪.‬‬ ‫حاولت األم ثني األب عن هذا الزواج غري املتكافئ‪،‬‬ ‫ولكنه أقنعها ّ‬ ‫بأن النبي محمد تز ّوج عائشة وهي يف‬ ‫عمر ابنتها‪ .‬ج ّهزت األم العروس (الطفلة) مبا يلزمها‪،‬‬ ‫وأقامت لها حفلة صغرية لتوديعها‪ ،‬جاء يف نهايتها‬ ‫الشيخ العريس ليصطحب عروسه‪.‬‬ ‫استقبلت العروس الصغرية زوجات الشيخ الثالث‬ ‫وأوالده العرشة بالزغاريد وأدخلنها غرفة خاصة بها‪.‬‬ ‫إىل ذلك الحني وعائشة مازالت تظن أنها تلعب دور‬ ‫العروس يف لعبة (عريس وعروس) وستخلع عنها‬ ‫الثوب األبيض وتعود لتنام يف حضن أمها‪.‬‬ ‫مل يقرتب العريس من عروسه فهو سينفذ االتفاق‬ ‫الذي أبرمه مع والدها‪ ،‬لن يقرتب حتى تبلغ أنثاه‬ ‫ويأتيها الطمث‪.‬‬ ‫م ّرت سنوات ثالث وعائشة تعيش كإحدى بنات‬

‫زوجها السبع تلعب معهن وتقيض معهنّ أوقاتها‪،‬‬ ‫كانت “خديجة” وهي الزوجة الثالثة تهتم كثرياً‬ ‫بعائشة فهي مل ترزق بأوالد فكانت عائشة كابنتها‪.‬‬ ‫وترسح شعرها‪ ،‬وتجمل‬ ‫يف صباح كل يوم توقظها‪ّ ،‬‬ ‫ضفائرها برشائط ملونة‪ ،‬وتصبغ وجنتيها باللون‬ ‫الوردي وعيناها بالكحل العريب‪.‬‬ ‫إىل أن استيقظت عائشة ذات صباح لتجد ثيابها‬ ‫الداخلية ملوثة بالدم فهرعت إىل خديجة لتعلمها‬ ‫ففاجأتها بزغرودة اجتمعت نسوة الدار حولهام‬


‫‪16‬‬

‫هجرة العقول واأليدي العاملة الماهرة‬ ‫وائل موسى‬

‫العدد ‪2016 / 12 / 14 - 82 -‬‬

‫كشفت دراسة أطلقها البنك الدويل تحت عنوان “التدفقات‬ ‫العاملية للمواهب” أين يكمن طريق هجرة العقول واأليدي‬ ‫العاملة املهمة والدول املستفيدة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫العامل ذوو املهارة العالية يلعبون دورا محوريا وبطوليا يف‬ ‫اقتصاد املعرفة اليوم ‪.‬‬ ‫قال الرئيس األمرييك باراك أوباما بعد اإلعالن عن الفائزين‬ ‫بجائزة نوبل “نحن األمة التي فاز منها ستة من علامئنا وباحثينا‬ ‫بجائزة نوبل وكان ٌ‬ ‫كل منهم من املهاجرين”‪.‬‬ ‫وقد نرش البنك الدويل ورقة بحثية مؤلفة من ‪ 36‬صفحة باللغة‬ ‫اإلنكليزية‪ ،‬وعمل عىل هذه الورقة البحثية كل من‪:‬‬ ‫‪Sari Pekkala Kerr, William Kerr, Çaglar Ozden, and‬‬ ‫‪Christopher Parsons‬‬ ‫تطرق البحث ملناقشة العديد من األشكال واإلشكاليات لهجرة‬ ‫العقول واأليدي العاملة املاهرة ودور الدول املستقطبة لها‬ ‫وسياساتها وتأثري املهاجرين باالقتصاد‪.‬‬ ‫وكتب بسام سبتي تحت عنوان “إىل أين تهاجر املواهب يف‬ ‫العامل؟” ملخصاً ملوقع البنك الدويل باللغة العربية نقتبس منه‬ ‫بعض األجزاء‬ ‫“حوايل ‪ 28‬مليون مهاجر من أصحاب املهارات العالية يقيمون‬ ‫يف بلدان منظمة التعاون االقتصادي والتنمية يف عام ‪ ،2010‬أي‬ ‫بزيادة قدرها حوايل ‪ 130%‬منذ عام ‪ .1990‬وهناك أربعة بلدان‬ ‫فقط هي وجهة ما يقرب من ‪ 70%‬من هؤالء املهاجرين‪ .‬وهي‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية وكندا وأسرتاليا وبريطانيا‪.‬‬ ‫الواليات املتحدة تستضيف عادة نصف املهاجرين ذوي‬ ‫املهارات العالية املتوجهني لبلدان منظمة التعاون االقتصادي‬ ‫والتنمية وثلث املهاجرين ذوي املهارات العالية حول العامل‪ .‬ويف‬ ‫عام ‪ ،2010‬استضافت الواليات املتحدة ‪ 11.4‬مليونا من هؤالء‬ ‫املهاجرين املهرة‪ ،‬أي ‪ 41%‬من إجاميل من استضافتهم منظمة‬ ‫التعاون االقتصادي والتنمية‪.‬‬

‫اقتصاد‬

‫وأوضح الباحثون أن األسباب الكامنة وراء االرتفاع الضخم يف‬ ‫عدد املهاجرين ذوي املهارات العالية إىل بلدان منظمة التعاون‬ ‫االقتصادي والتنمية تشمل زيادة الجهود لجذب املواهب من‬ ‫قبل صانعي القرار الذين يستثمرون يف رأس املال البرشي‪،‬‬ ‫واآلثار غري املبارشة اإليجابية الناتجة عن تجمع املهارات‪،‬‬ ‫وانخفاض تكاليف النقل واالتصاالت‪ ،‬وزيادة سعي الشباب‬ ‫وراء التعليم األجنبي‪.‬‬ ‫هذه العوامل‪ ،‬كام أكد الباحثون‪ ،‬تشري أيضا إىل أن “هجرة‬ ‫ذوي املهارات العالية غالبا ما تكون مثرية للجدل”‪ .‬وأضافوا‬

‫أنه بالنسبة للبلدان املرسلة‪ ،‬فإن فقدان العامل‬ ‫ذوي املهارات العالية تثري املخاوف‪ ،‬ولكن‬ ‫الجانب اإليجايب هو أن أولئك املهاجرين “ميكن‬ ‫أن يكونوا مبثابة روابط مطلوبة بشدة للمصادر‬ ‫العاملية من املعارف ورؤوس األموال والسلع ‪-‬‬ ‫وسيعود بعضهم يف نهاية املطاف إىل أوطانهم‬ ‫األصلية مبستويات أعىل من حيث املركز‬ ‫االجتامعي ورأس املال البرشي”‪.‬‬ ‫دور املرأة‬ ‫وأشار البحث إىل دور النساء “امللحوظ وغري‬ ‫املسبوق” يف هذا االرتفاع يف هجرة أصحاب‬ ‫املهارات العالية‪ ،‬مشريا إىل ان عدد املهاجرات‬ ‫الاليت يتمتعن مبهارات عالية يف بلدان منظمة‬ ‫التعاون االقتصادي والتنمية ارتفع بنسبة ‪152%‬‬ ‫بني عامي ‪ 1990‬و‪ ،2010‬من ‪ 5.7‬مليون إىل‬ ‫‪ 14.4‬مليون‪ .‬ويف عام ‪ ،2010‬فاق عدد املهاجرات‬ ‫ذوات املهارات العالية أقرانهن من الذكور‪.‬‬ ‫وأوضح البحث أن إفريقيا وآسيا شهدتا أعىل‬ ‫معدل منو للمهاجرات ذوات املهارات العالية‪،‬‬ ‫مشريا إىل أن التفاوتات بني الجنسني وتحديات‬ ‫سوق العمل هناك لعبت دورا محتمال بالتحول‬ ‫إىل قوى طاردة‪.‬‬ ‫وحذر أوزدن قائال “إن فقدان املتعلامت تعليام‬ ‫عاليا مشكلة ألن األمهات لهن أكرب األثر عىل‬ ‫األطفال‪ .‬وستكون هناك خسائر عىل املدى البعيد‬ ‫ألن األمهات املتعلامت هن أطفال متعلمون”‪.‬‬ ‫يشكل املهاجرون ذوو املهارات العالية يف البلدان‬ ‫املضيفة نسبة كبرية يف املراكز املؤثرة‪ ،‬حيث ورد‬ ‫عىل سبيل املثال أن نسبة العلامء نحو ‪ 57‬يف‬

‫املئة من املقيمني يف سويرسا‪ 45 ،‬يف املئة يف‬ ‫اسرتاليا و‪ 38‬يف املئة يف الواليات املتحدة‪ ،‬وأن ‪27‬‬ ‫باملئة منهم هم أطباء وجراحون‪.‬‬ ‫ميثل املهاجرون أيضا أكرث من ‪ 35‬يف املئة من‬ ‫عدد املسجلني يف مجاالت الهندسة والرياضيات‪،‬‬ ‫مع نسب عالية جدا يف مجاالت محددة‬ ‫مثل الهندسة الكهربائية (‪ 70‬يف املئة)‪ ،‬علوم‬ ‫الحاسوب (‪ 63‬يف املئة) واالقتصاد (‪ 55‬يف املئة)‬ ‫التي أبلغ عنها أندرسون (‪.)2013‬‬ ‫أحد اإلشكاليات التي وردت يف البحث هي‬ ‫العثور عىل املهاجرين ذوي املهارات العالية‬ ‫األكرث عرضة للعودة إىل ديارهم مقابل ذوي‬ ‫املهارات املتدنية‪ ،‬وقد تشكل هذه املالحظات‬ ‫إشكالية إذ علمنا أن أكرث من نصف رجال‬ ‫األعامل يف وادي السيليكون هم من املهاجرين‪،‬‬ ‫وإنتاجيتهم يف ريادة األعامل العاملية تعتمد‬ ‫عىل شبكة جغرافية ضيقة بحسب البلدان التي‬ ‫ينتمون إليها‪.‬‬ ‫جدير بالذكر أن كندا مؤخراً أبدت اهتامماً‬ ‫كبرياً يف استقطاب عدد من الالجئني السوريني‬ ‫مبا يتامىش مع تطلعاتها لتوفري عدد من األيدي‬ ‫العاملة املاهرة ضمن مجاالت متنوعة‪ ،‬فيام يرى‬ ‫عدد كبري من السوريني فيها الخالص من املعاناة‬ ‫يف دول الجوار‪ ،‬وتقترص عملية إعادة توطينهم‬ ‫عىل التعاون الوثيق بني الحكومة الكندية‬ ‫واملفوضية السامية لشؤون الالجئني وعدد من‬ ‫الجمعيات الرسمية املتعاقدة مع املفوضية‪.‬‬ ‫وسوم مقرتحة‪ :‬الفقر‪ ،‬الشباب‪ ،‬التعليم‪ ،‬املساواة‬ ‫بني الجنسني‪ ،‬الحامية االجتامعية والعمل‪،‬‬ ‫اململكة املتحدة‪ ،‬كندا‪ ،‬أسرتاليا‪ ،‬الواليات املتحدة‬


‫نشرة اقتصادية‬ ‫ارتفاع الدوالر وانخفاض الذهب وتقلب العمالت‬

‫الذهب عيار ‪ 21‬إىل ‪ 17‬ألف لرية‪ ،‬وسعر غرام‬ ‫الذهب عيار ‪ 18‬إىل ‪ 14571‬لرية‪.‬‬ ‫بالرغم من وصول الذهب إىل أسعار منخفضة إال‬ ‫أنه من املرجح أن ينخفض أكرث فيام لو تم رفع‬ ‫سعر الفائدة يف الواليات املتحدة‪ ،‬ومن املتوقع‬ ‫عدم استقرار األسعار إىل حني تسلم ترامب لكريس‬ ‫الرئاسة يف الشهر األول من العام القادم‪.‬‬ ‫نصيحة نقيب الصاغة يف دمشق برشاء الذهب‬ ‫لإلدخار جيدة فقط فيام لو كانت رحلة االنخفاض‬ ‫يف سعر الذهب قد انتهت‪.‬‬

‫العدد ‪2016 / 12 / 14 - 82 -‬‬

‫الذهب ينخفض إىل أدىن مستوى يف ‪ 10‬أشهر‬ ‫مع ارتفاع الدوالر‪ ،‬أغلقت األسواق العاملية ليوم‬ ‫‪ 09/12/2016‬مع هبوط الذهب إىل أدىن مستوى‬ ‫له يف عرشة أشهر مع ارتفاع الدوالر واألسهم‬ ‫العاملية‬ ‫وتابع الدوالر رحلة الصعود مقابل سلة من‬ ‫العمالت الرئيسية فيام يبدو التأثري األكرب عىل‬ ‫اليورو الذي خرس منذ يوم االنتخابات األمريكية‬ ‫ما يقارب ‪ 5%‬من قيمته وفقد كل من الياباين‬ ‫واللرية الرتكية ما يصل إىل ‪ 9%‬تقريباً‪.‬‬ ‫سبق أن أوضحنا بشكل تفصييل تأثري االنتخابات‬ ‫األمريكية عىل األسواق العاملية‬ ‫يتجه املعدن النفيس نحو الخسارة لألسبوع‬ ‫الخامس عىل التوايل تحت وطأة توقعات رفع‬ ‫الفائدة األمريكية األسبوع املقبل‪.‬‬ ‫تراجع السعر الفوري للذهب إىل ‪ 1158.54‬دوالر‬ ‫لألوقية بعدما هبط إىل أدىن مستوى منذ أوائل‬ ‫فرباير‪/‬شباط عند ‪ 1156.05‬دوالر لألوقية مع‬ ‫تسجيل العائد عىل السندات األمريكية التي أجلها‬

‫عرش سنوات أعىل مستوى خالل الجلسة‪.‬‬ ‫وبحسب رويرتز سيواجه الذهب ضغوطا وسط‬ ‫توقعات برفع أسعار الفائدة األمريكية خالل‬ ‫اجتامع مجلس االحتياطي االتحادي (البنك‬ ‫املركزي األمرييك) األسبوع املقبل‪.‬‬ ‫يتساءل موطنون سوريون حول ما إذا كان التغري‬ ‫غري املتوقع يف سعر اللرية السورية سببه تالعب‬ ‫الحكومة كام حصل سابقا ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حيث أن اللرية السورية مل تشهد تأثرا بحركة‬ ‫األسواق العاملية واالنتخابات االمريكية‪ ،‬وذلك‬ ‫لعدم ارتباط االقتصاد السوري باالقتصاد العاملي‪،‬‬ ‫إال أن تغرياً مفاجئاً حصل يف سعر الرصف‪ ،‬فبحسب‬ ‫موقع اللرية بتاريخ ‪ 11/12/2016‬وصل سعر‬ ‫اللرية مقابل الدوالر الواحد إىل ‪ 500‬لرية‪ ،‬فيام ال‬ ‫تزال السلع محافظة عىل أسعارها دون وجود أي‬ ‫انخفاض مقابل االمر الذي يعكس حقيقة سعر‬ ‫اللرية حتى اآلن‪.‬‬ ‫ً‬ ‫انعكس انخفاض سعر الذهب عامليا بشكل مبارش‬ ‫عىل األسواق السورية حيث وصل سعر غرام‬

‫‪17‬‬

‫اتفاق تاريخي قد يرفع أسعار النفط‬

‫كبري تخمة املعروض من النفط يف األسواق العاملية‪ ،‬ويقلص من‬ ‫حجم احتياطات الدول املستهلكة للنفط من كميات الخام لديها‪.‬‬ ‫وقد رصح ترامب حول رغبته يف فتح جميع األرايض واملياه التابعة‬ ‫للواليات املتحدة أمام رشكات التنقيب عن النفط والغاز دون‬ ‫قيود يف دعوة رصيحة لزيادة مستوى اإلنتاج األمرييك‪ ،‬وذلك قد‬ ‫يكون كفي ًال بتقويض كل جهود منظمة أوبك‬ ‫كانت أسعار النفط الخام قد تراجعت منذ منتصف ‪ ،2014‬من‬ ‫‪ 120‬دوالرا للربميل إىل حدود ‪ 27‬دوالرا مطلع العام الجاري‪ ،‬قبل‬ ‫أن يصعد إىل حدود ‪ 55‬دوالرا يف الوقت الحايل‪.‬‬

‫اقتصاد‬

‫‪ 11‬دولة من خارج أوبك تعلن خفض إنتاج‬ ‫النفط‬ ‫أعلنت وكاالت عاملية عن اتفاق وافقت فيه‬ ‫‪ 11‬دولة من منتجي النفط من خارج منظمة‬ ‫الدول املصدرة للنفط (أوبك) عىل خفض‬ ‫إنتاجها من النفط مبعدل ‪ 558‬ألف برميل‬ ‫يوميا‪ ،‬وذلك اعتبارا من األول من يناير‪/‬كانون‬ ‫الثاين املقبل‪.‬‬ ‫وأكد رئيس أوبك وزير الطاقة القطري محمد‬ ‫بن صالح السادة أن ‪ 11‬دولة من خارج أوبك‬ ‫اتفقت عىل تخفيض اإلنتاج مبعدل ‪ 558‬ألف‬ ‫برميل يوميا‪ ،‬وأشاد يف ختام اجتامع يف فيينا‬ ‫بـ”التوصل إىل اتفاق تاريخي”‪.‬‬ ‫وأوضح السادة أن املنظمة ستواصل العمل‬ ‫إلقناع منتجني آخرين ليسوا أعضاء يف املنظمة‬ ‫باملساهمة يف هذا االتفاق‪ ،‬وسقف الـ‪ 558‬ألف‬ ‫برميل يعد أدىن قليال من هدف ستمئة ألف‬ ‫برميل الذي كانت أعلنته أوبك يف اجتامعها‬ ‫األخري يف ‪ 30‬نوفمرب‪/‬ترشين الثاين‪.‬‬

‫وستكون روسيا أبرز الدول املساهمة‪ ،‬وسبق‬ ‫أن أعلنت أنها ستخفض إنتاجها مبعدل ثالمثئة‬ ‫ألف برميل يوميا‪ ،‬كام ستشارك دول أخرى‬ ‫بالتخفيض‪ ،‬وهي املكسيك وكازاخستان‬ ‫وماليزيا وسلطنة عامن وأذربيجان والبحرين‬ ‫وغينيا االستوائية وجنوب السودان والسودان‬ ‫وبروناي‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬أكد وزير الطاقة الرويس أن اتفاق‬ ‫اليوم يوضح التعاون بعيد املدى بني أوبك‬ ‫والدول غري األعضاء باملنظمة‪ ،‬بينام قال وزير‬ ‫النفط العامين محمد بن حمد الرمحي إن‬ ‫بالده ستخفض اإلنتاج مبعدل ‪ 45‬ألف برميل‬ ‫يوميا‪.‬‬ ‫وأعرب وزير الطاقة السعودي خالد الفالح‬ ‫عن اعتقاده أن االلتزام وتطبيق ما تم االتفاق‬ ‫عليه سيكون كبريا‪ ،‬مشريا إىل أن بالده قد تكون‬ ‫مستعدة لخفض اإلنتاج دون عرشة ماليني‬ ‫برميل يوميا‪.‬‬ ‫ومن شأن االتفاق ‪-‬إن تم‪ -‬أن يخفض بنحو‬


‫‪18‬‬

‫كتاب سميرة الخليل و”قضية مخطوفي دوما‬ ‫األربعة” في أمسية ثقافية في اسطنبول‬ ‫غسان ناصر ‪-‬طلعنا عالحرية‬

‫العدد ‪2016 / 12 / 14 - 82 -‬‬

‫شهدت صالة دار النرش “باغالم” يف اسطنبول‪،‬‬ ‫االثنني املايض (‪ ٥‬كانون األول ‪ ،)٢٠١٦‬أمسية ثقافية‬ ‫أدارتها اإلعالمية السورية زويا بستان بحضور‬ ‫الكاتب ياسني الحاج صالح‪ ،‬الذي قدم بدوره‬ ‫لكتاب “سمرية الخليل‪ :‬يوميات الحصار يف دوما‬ ‫‪ ”٢٠١٣‬الصادر قبل أسابيع عن املؤسسة العربية‬ ‫للدراسات والنرش يف بريوت‪ ،‬وتطرق الحاج صالح‬ ‫مع الحارضين إىل الرشح والنقاش حول قضية‬ ‫مخطويف دوما األربعة (سمرية الخليل ورزان زيتونة‬ ‫ووائل حامدة وناظم حامدي)‪ ،‬والقرائن عىل ضلوع‬ ‫“جيش اإلسالم” فيها‪ ،‬وذلك بعد مرور ‪ ٣‬سنوات‬ ‫عىل اختطافهم‪.‬‬ ‫وقبل الخوض يف قضية سمرية ورفاقها نتوقف قلي ًال‬ ‫قسمه محرره إىل ثالثة‬ ‫عند محتوى الكتاب الذي ّ‬ ‫أقسام‪ ،‬تضمن أولها محتوى أوراقٍ كتبتها سمرية‬ ‫ات لها عىل صفحتها‬ ‫بخط اليد‪ ،‬والثاين منشور ٍ‬ ‫الفيسبوكية‪ ،‬فيام يتكون القسم الثالث من ثالث‬ ‫مقاالت تعريفي ٍة كتبها الحاج صالح عن زوجته‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫املغ َّيبة قرسيا‪ ،‬مع رفاقها الثالثة‪ ،‬يف سجون “جيش‬ ‫اإلسالم” الرسية‪.‬‬ ‫ولعل من أبرز ما احتواه الكتاب هو ما كتبته‬ ‫املعتقلة السياسية السابقة املخطوفة‪ ،‬بعد مذبحة‬ ‫الكياموي يف الغوطة يف آب ‪ 2013‬وقبل خطفها يف‬ ‫كانون األول من العام نفسه‪ .‬إذ نراها ترصخ بقهر‬ ‫يف وجه عامل بال أخالق‪ ،‬ترك (أبو الكياموي) بعدما‬ ‫حدد مصري الكياموي‪“ :‬يف جرائم حرب يا أوالد‬ ‫الستني ألف كلب”‪.‬‬

‫اختطاف رموز “سورية الجديدة” ‪..‬‬

‫ثقافة‬

‫األمسية التي نظمها “البيت الثقايف السوري” يف‬ ‫اسطنبول‪ ،‬تخللها قراءة لزويا بستان مقاطع من‬ ‫كتاب سمرية‪ ،‬وتكلم فيها ياسني الحاج صالح‪ ،‬زوج‬ ‫سمرية ومحرر كتابها‪ ،‬عن هذا االصدار التوثيقي‪،‬‬ ‫وعن قضية مخطويف دوما األربعة يف الغوطة‬ ‫الرشقية‪ ،‬واملتاح من املعلومات عنها‪ ،‬وأحدث‬ ‫التفاعالت معها‪ .‬موردًا القرائن املرجحة الرتكاب‬ ‫“جيش اإلسالم” ‪-‬الذي كان آنذاك تحت قيادة‬ ‫زهران علوش‪ -‬الجرمية‪.‬‬

‫وأكد الحاج صالح أن قضية مخطويف دوما األربعة نالت ّ‬ ‫أقل مام‬ ‫تستحق من قبل الرأي العام‪ ،‬رغم أن هذه الواقعة شكلت أحد أكرب‬ ‫املنعطفات السلبية يف تاريخ كفاح السوريني الشاق للتخلص من‬ ‫حكم الطغمة األسدية‪.‬‬ ‫السيايس السابق يف سجون األسد‪،‬‬ ‫ويرى الحاج صالح‪ ،‬املعتقل‬ ‫ّ‬ ‫يوم يف دوما والغوطة الرشقية يف عام‬ ‫والذي قىض نحو ‪ٍ 100‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ ،2013‬أن لسمرية كمناضلة رمزية خاصة من أكرث من وجه‪ .‬فهي‪،‬‬ ‫كمعتقل ٍة سابق ٍة يف معتقالت النظام األسدي (بني ‪ 1987‬و‪ ،)1991‬ثم‬ ‫كمخطوف ٍة من قبل “جيش اإلسالم” اليوم؛ ترمز إىل استمرار كفاح‬ ‫منبت علويٍّ وكانت‬ ‫السوريني خالل جيلني‪ .‬وهي‪ ،‬كمنحدر ٍة من ٍ‬ ‫ّ‬ ‫تقيم يف دوما‪ ،‬وتعترب سكانها أهلها وتشاركهم مشاق حياتهم تحت‬ ‫الحصار‪ ،‬عىل ما ُيظهر الكتاب؛ ترمز إىل الصفة العابرة للطوائف‬ ‫للكفاح السوريّ ‪ .‬وهي‪ ،‬كامرأ ٍة‪ ،‬ترمز‪ ،‬مع رزان ومع نسا ٍء كثريات‪،‬‬ ‫إىل املرأة السورية املكافحة وما تحملته من عنا ٍء هائل‪ ،‬غري مر ٍّيئ‬ ‫سلفي‪ ،‬ترمز إىل‬ ‫غالباً‪ .‬وأخرياً‪ ،‬كمخطوف ٍة ومغيب ٍة من قبل تشكيلٍ‬ ‫ّ‬ ‫تعدد جبهات كفاح السوريني وعدم اقتصاره عىل املعتدي األسدي‪.‬‬ ‫كام أشار الحاج صالح يف أكرث من مناسبة إىل أن األربعة‪( ،‬سمرية‬ ‫ورزان ووائل وناظم)‪ ،‬كانوا مطلوبني من قبل “الدولة األسدية”‬ ‫وقت قدومهم إىل دوما بني ربيع وخريف العام ‪ ،2103‬وأنهم‬ ‫اطي واستيعا ٍّيب لسورية جديدة‪.‬‬ ‫يرمزون إىل تصو ٍر دميقر ٍّ‬

‫قرائن موثقة حول تورط “جيش اإلسالم” ‪..‬‬

‫يشدد الحاج صالح يف أحاديثه املتكررة حول هذه القضية‪ّ ،‬أن ليس‬ ‫ُ‬ ‫“لست‬ ‫لد ّيه مشكلة مع “جيش اإلسالم” يك يتهمهم جزافاً‪ ،‬قائ ًال‪:‬‬ ‫من يستخدم قضية خطف زوجته وأصدقائه للنيل من أيّ جهة”‪.‬‬ ‫ات‬ ‫لكنه ّبي أنه يستند يف اتهامه “جيش اإلسالم” إىل قرائن واعتبار ٍ‬ ‫السلفي‪ ،‬وهو سلطة األمر الواقع‬ ‫موثوقة‪ ،‬منها أن هذا التشكيل‬ ‫ّ‬

‫يف دوما‪ ،‬مل يحقق يف الجرمية يف أيّ وقت‪ ،‬ومنها‬ ‫أن شخصاً من “جيش اإلسالم” هو من دخل عىل‬ ‫حواسيب املخطوفني‪ .‬واألهم أننا نعرف باالسم‬ ‫الشخص الذي كتب تهديداً بالقتل لرزان يف أيلول‬ ‫أمني يف هذا‬ ‫(سبتمرب) ‪ ،2013‬حسني الشاذيل‪ ،‬وهو ٌّ‬ ‫الفصيل املتشدد‪ ،‬وأنه كتب التهديد بأم ٍر من سمري‬ ‫الرشعي يف “جيش اإلسالم”‪ ،‬وأن زهران‬ ‫كعكة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫لوقت قص ٍري‬ ‫علوش شخصيا زار الشاذيل الذي أوقف ٍ‬ ‫عام ‪ 2014‬عىل ذمة القضية‪ ،‬وتوعد بضامن إطالق‬ ‫رساحه‪ ،‬وبالفعل جرى تهريب الشاذيل من غرفة‬ ‫توقيفه بعد أيام‪.‬‬ ‫ويعرف املتابع لقضية املختطفني األربعة‪ ،‬وهم‬ ‫معارضون نشطوا يف فعاليات الثورة منذ أيامها‬ ‫األوىل‪ ،‬أن الحاج صالح وعدة جهات حقوقية كانوا‬ ‫ات الطالق رساح سمرية‬ ‫قد قاموا بسلسلة مبادر ٍ‬ ‫ورفاقها‪ ،‬غري أن “جيش اإلسالم” مل ُيستجب أليٍّ‬ ‫منها‪ ،‬وقد كان أول هذه املبادرات دعو ٌة للتحكيم‬ ‫املستقل ُقدّمت للعموم وقت زيارة زهران علوش‬ ‫إىل تركيا بني نيسان (ابريل) وأيار (ماي) من العام‬ ‫‪ ،2015‬ومنها ٌ‬ ‫رسالة سلمت باليد ملحمد مصطفى‪،‬‬ ‫السيايس لـ”جيش اإلسالم” يف‬ ‫رئيس املكتب‬ ‫ّ‬ ‫الريحانية‪ ،‬يف شباط (فرباير) ‪ ،2016‬بالضبط بعد‬ ‫مرور أربعني يوماً عىل مقتل علوش‪ ،‬ووقتها وعد‬ ‫الرجل ‪-‬الذي أق ّر باملسؤولية السياسية لجامعته عن‬ ‫واقعة الخطف‪ -‬بالرد‪ ،‬وهو ما مل يحدث إىل اليوم‪.‬‬ ‫علني من أجل العدل‬ ‫ويف آذار (مارس) ُو ّجه ندا ٌء ٌّ‬ ‫يطلب املساعدة يف معالجة القضية‪ ،‬وناله املصري‬ ‫نفسه‪.‬‬ ‫املجلس‬ ‫إىل‬ ‫ة‬ ‫رسال‬ ‫توجيه‬ ‫تم‬ ‫اإلسالمي السوريّ‬ ‫ٍ‬ ‫كام ّ‬ ‫ّ‬ ‫مبناسبة مرور عامني ونصف عىل االختطاف‪،‬‬ ‫تتضمن طلباً للمساعدة مل يحظ باستجاب ٍة بدوره‪.‬‬ ‫اض وجهت لرئيس‬ ‫ومثله كان حال رسالة اعرت ٍ‬ ‫االئتالف السوري يف حزيران (يونيو) املايض‪ ،‬عىل‬ ‫إدراج اسم محمد علوش (شقيق زهران) ضمن‬ ‫قامئة الهيئة العليا للمفاوضات‪ ،‬بوصف ذلك “إهان ًة‬ ‫للمخطوفني وذويهم”‪ ،‬غري أن هذه الرسالة كغريها‬ ‫ظلت بال رد‪.‬‬


‫نشرة ثقافية‬

‫إبداعات ونشاطات سورية‬ ‫طلعنا عالحرية – القسم الثقافي‬

‫“اتجا‬ ‫هات” تطلق جائزة صادق‬ ‫ج‬ ‫الل العظم للبحث الثقافي‬

‫“صور الجهاد ‪ -‬من تنظيم‬ ‫القاعدة إلى داعش” للمفكر‬ ‫سالمة كيلة‬

‫احتضن “غالريي تانيت” يف مدينة‬ ‫ميونيخ األملانية‪ ،‬ما بني العارش من‬ ‫الشهر املايض وحتى العارش من كانون‬ ‫األول‪ /‬ديسمرب الحايل ترشين الثاين‪/‬‬ ‫ً‬ ‫معرضا للفنان السوري‬ ‫نوفمرب الحايل‪،‬‬ ‫الحر األصيل‪ ،‬التشكييل يوسف‬ ‫عبدليك‪.‬‬ ‫عبدليك –صاحب الشهرة العاملية‪،-‬‬ ‫من أبناء الوطن الذين يعرفون‬ ‫جيدًا كيف ُيسترشف املستقبل‪،‬‬ ‫فهو املثقف اليساري املاركيس الرايئ‬ ‫والناقد والطامح إىل غد سوري أفضل‪،‬‬ ‫وقد سعى يف وقت شاعت فيه لغة‬ ‫الرصاص وقرقعة السالح إىل توثيق‬ ‫“تراجيديا املوت” من خالل منجزه‬ ‫البرصي‪ .‬وقد كان عبدليك –وال يزال‪-‬‬ ‫بلوحاته باألبيض واألسود ضمري الوطن‬

‫“المدن‬ ‫النساء” ‪..‬‬ ‫مجموعة‬ ‫قصصية‬ ‫صدرت‬ ‫بالشارقة‬ ‫لنجم‬ ‫الدين‬ ‫السمان‬ ‫صدر حدي ًثا عن “دار روايات” يف إمارة الشارقة‪ ،‬للقاص نجم‬ ‫الدين سامن (املقيم يف تركيا)‪ ،‬مجموعة قصصية بعنوان‬ ‫“ا ُملدُ ن ال ِن َساء”‪ .‬وقد كتب عىل غالف املجموعة‪“ :‬ك ّلام تذ ّك ُ‬ ‫رت‬ ‫مدينتي؛ أتذ ّك ُر منها أمرين‪ :‬أ ّمي؛ وابنة جرياننا التي أحببتها‬ ‫ثم أتذ َكر‪ ..‬ما تب ّقى من معاملها وأسواقها‬ ‫َ‬ ‫مطلع ُمراهقتي؛ َّ‬ ‫ّ‬ ‫وإيقاع الحيا ِة فيها‪ .‬مع كل مدين ٍة ُ‬ ‫عشت فيها؛ أو‪ُ ..‬زر ُتهَا؛ بع َد‬ ‫ِ‬ ‫دت َّ‬ ‫َمس ِقطِ رأيس‪ .‬حتى تأ ّك ُ‬ ‫بأن ا ُملدُ َن هي‪ ..‬نساؤها؛ وبأننا‬ ‫ً‬ ‫رجال‪ُ -‬مج َّر ُد أزمن ٍة عابر ٍة فيها؛ ّ‬‫وبأن مدين ًة ال تد ّلنَا امرأ ٌة منها‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫ستظل مدين ًة مجهول ًة‪ ..‬بالنسبة إلينا؛ حتى‬ ‫عىل أرسارها األوىل؛‬ ‫لو عشنا فيها دَه َر َنا؛ أو‪ُ ..‬زرناها م َّر ًة‪ِ ..‬تل َو م َّرة‪ .‬أليست ا ُملدُ ن‪ُ/‬‬ ‫أليس ال ِر َج ُال‪ /‬الدُ َو ُل‪..‬‬ ‫ال ِنسا ُء‪ ..‬أمكن ًة حتى ُي َ‬ ‫تاح لها زما ُنهَا؟! َ‬ ‫َ‬ ‫أرواح ِهم‪ ..‬تلك األمكنة؟! ‪.”..‬‬ ‫أزمن ًة؛ حتى تستق َّر يف ِ‬

‫املغتصب منذ نحو خمسة عقود‪،‬‬ ‫ومل يجنح يو ًما للعنف رغم تعرضه‬ ‫لالعتقال أكرث من مرة من قبل األجهزة‬ ‫األمنية لنظام األسدين (األب واالبن)‪،‬‬ ‫والتي كان آخرها يف مدينة طرطوس‬ ‫الساحلية يف متوز‪ /‬يوليو ‪.2013‬‬

‫“فلسفة‬ ‫القاع”‬ ‫‪ ..‬جديد‬ ‫الشاعر‬ ‫حسين‬ ‫جرود‬ ‫دار كتابك للنرش اإللكرتو ّين يف فرنسا‬ ‫صدر عن‬ ‫“فلسفة القاع”‪ ،‬وهو مجموعة شعرية‬ ‫كتاب‪:‬‬ ‫حسني جرود‪ .‬تتك ّون املجموعة من‬ ‫للشاعر‬ ‫يدة نرثية موزَّعة عىل ستة أقسام‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫‪ 24‬قص‬ ‫– طبيعة صامتة – صور – إنسانيات –‬ ‫(وتريات‬ ‫وب صغرية)‪ ،‬ينفرد كل منها بطريق ٍة يف‬ ‫بالد – قل‬ ‫التناول والبناء‪.‬‬ ‫قيم يف ريف إدلب‪ ،‬كتب قصائده ما‬ ‫الشاعر امل‬ ‫‪ ،2014‬ونيسان ‪ ،2016‬وهو يستمد‬ ‫بني أيلول‬ ‫عاته من الحدث السوري ومآسيه‪“ :‬هذا‬ ‫موضو‬ ‫طول من عمري‪ /‬يف سوريا‪ /‬يستطيع أيُّ‬ ‫الشارعُ أ ُ‬ ‫اق شجر ْة‪ /‬وهو مييش سا ً‬ ‫هم‬ ‫إنسان أن يقطع أور‬ ‫سوريا‪ /‬ترى أصدقا َء َك‪( ،‬غائبونَ‬ ‫بال اكرت ْ‬ ‫اث‪ /‬يف‬ ‫وإن غابوا)”‪.‬‬ ‫رضون ْ‬ ‫وإن ح َضوا وحا َ‬ ‫ْ‬

‫ثقافة‬

‫صدر حدي ًثا عن “منشورات املتوسط” يف ميالنو‬ ‫كتاب “صور الجهاد ‪ -‬من تنظيم القاعدة إىل‬ ‫داعش” للمفكر الفلسطيني السوري سالمة كيلة‪.‬‬ ‫وبعد ما يقارب الثالثني كتا ًبا‪ ،‬فقد صدر للكاتب‬ ‫يف السنوات األخرية ثالثة كتب عن الدار ذاتها‬ ‫تتناول القضية السورية هي‪“ :‬اليسار السوري‬ ‫يف واقعه الراهن”‪ ،‬و”الرصاع الطبقي يف سورية‪..‬‬ ‫الثورة يف صريورتها”‪ ،‬و”الرتاجيديا السورية‪ ..‬الثورة‬ ‫وأعداؤها”‪ .‬وعن كتابه األخري الذي تناول فيه‬ ‫املسألة الجهادية التي تتعدى الحالة السورية‪،‬‬ ‫وإن تر ّكزت فيها‪ ،‬فقد أشار الكاتب أن املقصود‬ ‫من كلمة ((صور)) يف العنوان‪ ،‬هو قوله أ ّنها فقط‬ ‫من أجل توضيح املنابع التي ينخرط منها من‬ ‫ُيسموا بـ”الجهاديني”‪ ،‬وبالتايل لتجاوز عزو كل‬ ‫املنخرطني إىل منبع وحيد هو “املتشددين”‪ ،‬فقد‬ ‫كان رضور ًيا اإلشارة إىل أن هذه الظاهرة مركبة‪،‬‬ ‫متعددة‪ ،‬رغم أن املح ّرك الفعيل هو ما تقوم به‬ ‫“أجهزة املخابرات” يف املنطقة ودول ًيا‪.‬‬

‫في برلين‪ ..‬يوسف عبدلكي يوثق‬ ‫بصريا‬ ‫“الوجع السوري”‬ ‫ً‬

‫العدد ‪2016 / 12 / 14 - 82 -‬‬

‫ومضمون االستجابة الفضىل‬ ‫لتكريم فكره ونتاجه؛ بالتزامن‬ ‫املؤسف مع تدهور حالته‬ ‫الصحية‪ ،‬وهو األمر الذي وضع‬ ‫عموم السوريني وغري السوريني‪،‬‬ ‫من ق ّراء ومتابعي فكر صادق‬ ‫جالل العظم يف حالة مستمرة‬ ‫من القلق والرتقب والتمني‬ ‫أطلقت‬ ‫مؤسسة “اتجاهات –ثقافة مستقلة” ج‬ ‫ائزة املستمر له بالصحة والشفاء‪.‬‬ ‫صادق جالل‬ ‫العظم االستثنائية للبحث الثقايف؛ تكرميًا‬ ‫وتهدف هذه الجائزة إىل اختيار‬ ‫لجهد ونتاج‬ ‫الباحث واملفكر السوري‪ ،‬صادق جالل‬ ‫با‬ ‫حث‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫حد‬ ‫ف‬ ‫قط‬ ‫إلن‬ ‫جاز‬ ‫ب‬ ‫حث‬ ‫العظم‪ ،‬و‬ ‫إلسهامه الكبري يف رفد الفكر العريب بالعديد ّ‬ ‫يركز عىل موضوعات املرحلة‬ ‫من الدرا‬ ‫سات واألبحاث الق ّيمة‪ .‬وتعلن مؤسسة‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫هنة‪.‬‬ ‫ق‬ ‫يمة‬ ‫الج‬ ‫ائزة‬ ‫خم‬ ‫سة‬ ‫اتجاهات‪ -‬ث‬ ‫قافة مستقلة عن فتح باب التقدم إىل‬ ‫آالف دوالر أمرييك‪ ،‬إضافة إىل‬ ‫جائزة بحثية‬ ‫استثنائية تحمل اسم املفكر صادق جالل‬ ‫نرش‬ ‫الب‬ ‫حث‬ ‫يف‬ ‫الن‬ ‫صف‬ ‫ال‬ ‫ثاين‬ ‫العظم‪ ،‬وتت‬ ‫وجه إىل الباحثني املتميزين يف مجاالت‬ ‫من العام ‪ 2017‬بالرشاكة مع دار‬ ‫الثقافة والف‬ ‫نون من السوريني والفلسطينيني السوريني‪.‬‬ ‫مم‬ ‫دوح‬ ‫عد‬ ‫و‬ ‫ان‬ ‫لل‬ ‫نرش‬ ‫و‬ ‫التو‬ ‫زيع‪.‬‬ ‫وجاء إط‬ ‫الق هذه الجائزة بعد تواصل مبارش‪ ،‬استمر‬ ‫وحدد يوم ‪ 31‬كانون الثاين‪/‬‬ ‫ألسابيع‬ ‫ع‬ ‫دة‪ ،‬بني فريق عمل اتجاهات وبني عائلة‬ ‫ي‬ ‫ناير‬ ‫‪7‬‬ ‫‪201‬‬ ‫كم‬ ‫وعد‬ ‫ن‬ ‫هايئ‬ ‫الس‬ ‫تالم‬ ‫املفكر والباحث صادق جالل الع‬ ‫ظم‪ ،‬للتفكر حول شكل الطلبات‪.‬‬

‫‪19‬‬



Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.