10
االثنني املوافق 1من حزيران 2015العدد 3221ـ ال�سنة الثانية ع�شرة
ثقافية
Monday ,1 June 2015 No. 3221 Year 12
33شخصية حاورها ودونها في 160صفحة
زيد احللي يقلب �أوراقه ليحكي ذكريات �سنينه حسين عمران َم���ن ه��و ال�����ص��ح��ف��ي ال����ذي �أ���ص��ب��ح رئي�سا جلمهورية العراق؟ ومن هي ال�صحفية التي خاطبت الرئي�س ال��راح��ل احمد ح�سن البكر بـ(جاللة امللك املفدى)! وم��ن ه��و الطالب ال���ذي مل مي��د ي��ده للملك ف��ي�����ص��ل ال���ث���اين ح��ي��ن��م��ا ح�����ض��ر احتفالية التخرج؟ ومن هو املفكر الذي قال عنه ال�شاعر الكبري نزار قباين (ال احد يعرف قيمة �شعري �أكرث مما تعرف انت)؟ وكيف ومتى و�أي���ن "�شتم" الدكتور علي الوردي ال�صحفيني؟ �أ�سئلة كثرية �ستجدون اجابتها يف كتاب زميلنا ال�صحفي الرائد واملبدع زيد احللي حيث جل�س ل�شهور طويلة ليخرج علينا برائعته (ال�سنني �إن حكت) ويف كتابه كان الزميل احللي يقلب اوراق الذاكرة ليكتب ع��ن � 33شخ�صية حملية وعربية تنوعت بني االديب وال�صحفي واملو�سيقي والفنان وامل�ؤرخ والر�سام. ا���س��رار وخ��ف��اي��ا يك�شفها احل��ل��ي ب�أ�سلوبه الر�شيق عن ال�شخو�ص الذين التقى بهم، فها هو يك�شف لنا مثال ان اال�ستاذ حممد ح�سنني هيكل حينما ت�سنم من�صب رئا�سة حترير �صحيفة االهرام كانت توزع � 50ألف ن�سخة وحينما غادرها كان توزيعها قد بلغ املليون ن�سخة! اغلب ال�شخ�صيات التي التقى بها احللي تعود اىل �سنوات ال�ستينات وال�سبعينات ليت�أكد لنا م��ن خ�لال ذل��ك ان نحو خم�سني عاما ام�ضاها احللي �صحفيا عا�شقا ملهنته وحمبا لها (والهثا) للح�صول على ال�سبق
ال�صحفي لذا لي�س غريبا حينما تقول عنه الزميلة العزيزة انعام كجه جي (�إن زيدا ي�شرتي اخل�بر بدينار) وطبعا حينما كان للدينار قيمة!! واحللي حينما يبحث عن ال�صيد الثمني من خ�لال ح��وار او لقاء مع �شخ�صية مهمة فانه ال يكل وال ميل ،لذا فاننا نعرف خالل قراءتنا لـ(ال�سنني �إن حكت) �إن احللي اراد ان يلتقي الدكتور عبد احل�سني �شعبان منذ منت�صف ال�ستينات ويف كل مرة تكون هناك (عرثة) حتول دون حتقيق ذلك ال��ل��ق��اء ،لكن احللي مل يكل ول��ن مي��ل حتى حتقق له لقاء الدكتور �شعبان يف منت�صف ال��ع��ام ،2013ليكت�شف احل��ل��ي ان���ه لي�س فقط كان يتابع اخبار الدكتور �شعبان بل ان االخ�ير ك��ان يتابع كتابات احللي التي
اعجب بها لذا لي�س غريبا ان الدكتور �شعبان هو ال��ذي ن��ادى على زيد احللي حينما كان موفدا اىل الريا�ض ،اذ يف �صبيحة احد ايام ني�سان من عام 2013وحينما كان الزميل احللي يف باحة مطعم فندق ماريوت لتناول فطوره �سمع �صوتا يناديه با�سمه ليلتفت ليجد احللي نف�سه وجها لوجه مع الدكتور �شعبان فكان اللقاء الذي ام�ضى احللي نحو ن�صف قرن لتحقيقه. واحللي وهو ي�سرد ذكرياته فانه مل ين�س اح��دا ،حيث حت��دث حتى عن ال�شخ�صيات امل�شهورة التي غادرتنا اىل العلي القدير وذل���ك م��ا مل�سناه حينما حت��دث احل��ل��ي عن القا�ص موفق خ�ضر ،وكم كان احللي موفقا وحري�صا وهو يتحدث عن املبدعة الفنانة
ابت�سام فريد التي مل تطرق ب��اب اح��د من املنتجني او املخرجني ،النها كانت تعرف موهبتها وقيمتها الفنية ،لذا كان ح�ضورها الفني قليال ،لكنها ان ح�ضرت فانها متلأ ال�شا�شة او امل�سرح عنفوانا يذكرك بكربياء الفنانات املبدعات .نعم ابدع الزميل احللي يف اختيار عناوين حواراته ولقاءاته ،ففي كتاباته ال��ت��ي مل تتعد االرب���ع او اخلم�س �صفحات عن كل �شخ�صية نعرف ما الذي ي��ري��د ق��ول��ه ال��زم��ي��ل احل��ل��ي وه���ذه موهبة ينفرد بها الزميل احللي ال��ذي اح�سه بانه مل ي�ستطع ت��رك ا�سلوب (التحقيق) الذي ابدع ومتيز به الزميل احللي خالل �سنوات عمله ال�صحفي .واعرتف ....انه يف �صباح الثامن من �أيار املا�ضي وحينما دخلت مقر
اجلريدة وجدت ثالث ن�سخ من كتاب الزميل زي��د احللي معنونة اىل الزميلني الدكتور حميد عبدالله رئي�س حترير �صحيفة امل�شرق واىل الزميل �شامل عبدالقادر نائب رئي�س حترير ال�صحيفة والن�سخة الثالثة يل مذيلة ب��اه��داء جميل من الزميل زي��د احللي ،لذا اخ�برت الزميلني رئي�س التحرير ونائبه باين �ساكتب عن الكتاب الين ات�شرف باين تتلمذت وع��م��ل��ت م��ع ال��زم��ي��ل ال��ع��زي��ز زيد احللي حيث عملنا معا ل�سنوات يف مكانني خمتلفني وخاللهما تعلمت الكثري والكثري من ا�سرار مهنة ال�صحافة. ن��ع��م ...احللي ك��ان وم��ا ي��زال وا�ضحا يف كتاباته ،ب�سيطا وانيقا يف ا�سلوبه قبل ان يكون انيقا يف هندامه ،لذا و�صفته الروائية ان��ع��ام كجه ج��ي التي كتبت مقدمة لكتاب احللي فقالت (وه��و – وتق�صد زيد احللي مل يحاول يوما ان يتفل�سف يف ا�سلوبهوال ان يتورط يف حترير املقاالت التنظريية التي ال يفهم القارئ ر�أ�سها من ا�سفلها) ،ومن هنا نعرف مل��اذا قالت الإع�لام��ي��ة الناجحة انعام كجه جي ان زي��د احللي هو الوحيد ال��ذي يناف�سني مناف�سة �شريفة يف ع�شق ال�صحافة. لكن ...ملاذا كانت االوراق االوىل من كتاب زي��د احللي ملونة وم��زده��رة بكلمات �شيخ ال�صحفيني اال�ستاذ �سجاد ال��غ��ازي؟ وملاذا حر�ص احللي ان تكون االوراق االخرية من ذكرياته هي االخرى مذيلة ومزدانة باريج كلمات الزميل �سجاد الغازي؟ حينما ن��ق��ر�أ يف ك��ل��م��ات وذك���ري���ات احللي وهو يقلب اوراقه مع الزميل �سجاد الغازي نعرف حجم العالقة التي تربط الزميلني الكبريين فها هو احللي يقول (كم انا �سعيد
ترجمة للإلياذة تثري �أ�سئلة حول حق املرتجم يف الت�صرف
ُت��ث�ير ط��ب��ع��ة ج���دي���دة ل�ترج��م��ة ملحمتي (الإلياذة) و(الأودي�سة) لل�شاعر الإغريقي ه��وم�يرو���س �أ�سئلة ع��ن ح��ق امل�ترج��م يف الت�صرف حني يخت�صر م�شاهد من العمل الأدب������ي �أو ي��ن��ط��ق الأب���ط���ال بتعبريات ا�ستحدثت بعد قرون من �سياق الأحداث. والطبعة اجلديدة التي �صدرت يف �سل�سلة (كال�سيكيات) عن الدار امل�صرية اللبنانية يف ال��ق��اه��رة تقع يف � 440صفحة كبرية القطع وهي مزيدة بال�شروح يف الهام�ش ح��ي��ث حققها ك��ل م��ن ع��ب��د ال��ع��زي��ز نبوي و�أحمد حممد زايد و�أحمد حممد ف�ؤاد. وترجمة (الإل���ي���اذة) و(الأودي�����س��ة) التي مل ت��ك��ن ع��ن ال��ل��غ��ة ال��ي��ون��ان��ي��ة و�إمن����ا عن
أدونيس
(ر�سالة �إىل �صديق مي�ضي الأيّام الباقية من حياتِه يف ال�سٍّ جن) ال�صديق، �أيّها ّ العبوديّة التي َ ال�س َلف �شبا َكها ال�صطياد ن�شر ّ التاريخ ،ين�ش ُرها ال ّت ُ اريخ اليوم ال�صطياد ا َ وبخا�ص ٍة يف �سوريّة والعراق. خل َلف، ّ ً ال�صديق ،جند � ّأن «الهويّة» ا�ستطرادا �أيّها ّ يف هذين الب َل َد ْين ،كانت �أو���س��ع ،تاريخ ّي ًا، من �أن ت�ستوعبها ال ّر�ؤي ُة الوحدانيّة .وهذا ال�سبب الأ���س��ا���س لتحوّ ل »ال��ه��ويّ��ة» يف ه��و ّ ����ر»� ،أو جم ّر ِد هذين ال َب َلدَين �إىل جم��� َّر ِد «�أ َث ٍ ذاك���رةٍ تتغ ّذى بالتنابذ وال�� ّت��ذا ُب��ح .غ�ير � ّأن ا���ص��ط��دام ال��ت��اري��خ احل�������ض���اريّ يف هذين البلدين بخواء اخلالفة العثمانيّة ،من جهة، وهيمنة اال�ستعمار م��ن ج��ه�� ٍة ث��ان��ي��ة� ،أيقظ ال��ب ْ��ح َ��ث م��ن ج��دي��د ع��ن» ال��ه��و ّي��ة ّ ال�ضائعة». ولئن كانت املُما َر�سة «الوحدانيّة» يف �سورية َلي والعراق َت�صدُر يف املا�ضي عن «م َ ُ�ص ّغر» قب ّ رقي ،ف�إ ّنها يف حا�ضرنا اليوم ،تت�أرجح عِ ّبني «تركيا العثمانيّة» وال��غ��رب امل�س َتعمِ ر، وبينهما �إ�سرائيل .ومل يكن ّ «ال�شعب» يف هذه املراحل ك ّلها �إ ّال «ك ّم ًا ع َد ِد ّي ًا .كانت هذه اللفظة إيديولوجي، يا�سي -ال يف اال�ستخدام ّ ّ ال�س ّ ال��ي��وم ّ��ي ،جم��� ّرد ه�شيم� ،أو ل��ك��ي ن�ستخدم حروفها ذاتها ،جم ّرد «ع�شب». منذ البداية كانت امل�شكلة العربيّة الأوىل م�شكلة الإن�سان -ال َفرد ،وحقوقه وح ّريّاته. أ�سباب �أخرى ،تبدو احل ّريّة ،يف هذين لهذا ول ٍ ��وب ال يُلبَ�س :فهو �إمّ��ا �أنهّ الب َلدين ،ك�أ ّنها ث ٌ ري ج ّد ًا ،و�إمّا �أ ّنه طوي ٌل جد ًا. ق�ص ٌ
الإجنليزية قام بها املرتجم امل�صري دريني خ�شبة ( )1964-1903وهي ترجمة حتفل ب��ع��ب��ارات م����أخ���وذة م��ن ال���ق���ر�آن وال�شعر والأم��ث��ال العربية على نحو ق��د ي��رى فيه ال��ب��ع�����ض خ���روج���ا ع���ن ال�����س��ي��اق الثقايف للأحداث. ففي �أح��د امل�شاهد يتخفى �أبوللو ويذهب �إىل �إينيا�س لكي يثريه على القائد �أخيل “ويلهب فيه نخوة اجلاهلية التي �سداها ال��ت��ف��اخ��ر ب��الأن�����س��اب وحل��م��ت��ه��ا التباهل ب��الأح�����س��اب والتبجح ب���أن��ا اب��ن م��ن �سمك ال�سماء ودح��ا الأر���ض و�أنبت فيها من كل زوج بهيج!” كما ج��اء يف الرتجمة التي اع��ت��م��د فيها خ�شبة ع��ل��ى ث�ل�اث ترجمات
�إجنليزية. ويف م�شهد �آخ��ر حتنو ابنة �سيد الأوملب ميرنفا ربة العدالة واحلكمة على تليماك وتن�صحه بب�ضع كلمات وتعقب «وعلى الله ق�صد ال�سبيل» ثم يتفاءل ن�سطور مبيرنفا ويناجيها «و�سن�صلي ل��ك ون��ذب��ح با�سمك خري بقرة ال ذلول تثري الأر���ض وال ت�سقي احل���رث م�سلمة ال �شية فيها” يف تنا�ص �أي�ضا مع �آيات من القر�آن. �أما �أودي�سيو�س الذي �أ�صبح ا�سمه عنوانا مللحة «الأودي�سة» فكان يعاين يف تيه رحلة العودة وهو فوق �سفينة «ت�أخذ �سبيلها يف البحر �سربا» وحني عاد ليث�أر لنف�سه وقف هاليتري نا�صحا �أبناء �إيثاكا ب���أال يذهبوا
ال��واح��د� ،أو القبيلة ال���واح���دة� ،أو العائلة ال���واح���دة� .أو ب�ين ه��ذا احل���زب وذاك ،هذه ّ الطائفة وتلك ،هذا الفرد وذلك. و�أع ُ ���رف �صديق ًا ك��اد ي ّ ُجن عندما ر�أى حب ًال ط��وي ً �لا م��ن ال���ر�ؤو����س ال��ب�����ش��ر ّي��ة املقطوعة يت�أرجح بينها قاطعوها ويتناق�شون يف هل ُي َع ُّد ذبحُ الب�شر ف ّن ًا �أم علم ًا �أم دين ًا؟ �أذكر �أ ّنني يف �ضوء هذا اخلوف ،غيرّ ت من نقا�ش مع بع�ضهم� ،أ َر ْد ُت���ه لهجتي كثري ًا يف ٍ و ّديّ���� ًا وب�سيط ًا ،وق�صدت منه �أن �أتخ ّل�ص جهلي الكبري يف ّ كل ما يتع ّلق ولو قلي ًال من َ ّيني. ب�ش�ؤون ال َغيب، ّ وبخا�ص ٍة يف جانبه الد ّ جلهلي �أرج��و �أن ي ّت ِ�سع ���ص��د ُرك �أن��تَ �أي�ض ًا َ أرجح الفا�ضح .فقد �س�ألتُ بينهم َمن ر�أي ُته ال َ و�صدْر ًا .قلتُ له: عق ًال ،والأو�سع معرف ًة َ ً مل��اذا يا �أخ��ي نن�سى غالِبا � ّأن ال�سماءَ ،كمثل الأر�ض ،مليئ ٌة بالقاطنني؟ وملاذا ال نتذ ّكر �إ ّال الذين يغادروننا الآن وي�صعدون �إليها؟ تع ّل ْمنا منذ ّ الطفولة � ّأن املوتى عندنا نحن ال َع َرب ميوتون يف الدّنيا ،على الأر�ض ،لكي ال�سماء .امل��وتُ عندنا ِ يوا�صلوا احليا َة يف ّ ً بيت �أك َ �ثر ا ّت�ساعا ،ومن انتقا ٌل من بيت �إىل ٍ أر�ض �أكرث جما ًال. أر�ض �إىل � ٍ � ٍ �أرجوك� ،إن كنتَ متوا�ضع ًا �أو ال تريد �أن ُتفتي ِ ُ تطرحها� ،أو ت�ساعِ دَين يف هذه الأم��ور� ،أن َ يف ط ْرحها على ب�ضع ٍة خمتارةٍ من العلماء راجي ًا �آمِ ً العارفني الأج ّ �لا �أ ّال ُي َع ّد جهلي �لاءِ ، يف هذه الأمور جرمي ًة �أو كفر ًا. �أيّها ال�صديق، ��س��ي ،جريالد � �� ن ��ر ف ��ي ع ��ا م �� ت �� ج ا ي��ق��ول ع����ا ٌمل ّ ّ برو ّنري ،يف كتابه الأخ�ير« :كوكب الب�شر»، ما معناه� :إذا راق ْبنا احلا�ضر وف َر�ضنا عليه
ال�صمت ،ف�إ ّننا نقطع الأمل بامل�ستقبل .وهو ّ ٌ العربي الذي نعي�ش فيه. الواقع ُ�ضيء ي ل قو ّ فنحن �أبناء ح�ضارةٍ ن�ستخدم �أدواتها ذاتها لكي ن��خ��رج منها .و�إىل �أي���ن؟ �إىل «هناك». �إىل «ما وراءها» .ولي�س لنا �أن ن�س�أل عن هذا الأمر �أو نناق�ش فيه. حا�ضر نمُ َنع من الكالم عليه، هكذا نعي�ش يف ٍ نمُ َ َ م ّتجهني نحو م�ستقبل نع كذلك من طرح �أيّ �س� ٍؤال يُ�ش ّك ُك يف وجوده. نعي�ش ك�أ ّننا ل�سنا يف حاجة �إىل الكالم. وامل�����س���أل��ة ه��ي �أ ّن���ه ال ميكنك �أن ت��دخ��ل �إىل «هناك» �إال بعد �أن متوت .وبعد �أن تدخل ال ميكنك �أن تخرج. ً احلياة احلقيقيّة هي� ،إذا ،بعد املوت. ��و���ص��ف��ون بـ ك����ان ب��ع�����ض ال��ب�����ش��ر ال���ذي���ن ي َ
قناديل من ّ الدمع ُ ال�سيا�سي تاريخنا هكذا ،تبع ًا لذلك :يبدو ّ �ضخم ال يدخل �إليه الإن�سان �إ ّال ق�صر كمثل ٍ ٍ قات ًال �أو قتيالً. ل��ك ّ��ن اجل����راح غ����ا َرتْ ب��ع��ي��د ًا ب��ع��ي��د ًا يف هذا العربي� ،أو الأ�صحّ :يف ما تب ّقى منه، اجل�سم ّ وو�ص َلت �إىل قلبهّ : ال�شعر .ونعرف � ّأن ال�شعر ي�شفي ج��راح�� ًا ك��ث�يرة ،لكن ال ���ش��يء ي�شفي جراحه .نعرف �أي�ض ًا � ّأن ال�شعرِّ ، ال�شعر يف داللته الكيانيّة ال ّر�ؤيويّة� ،إذا مات يف الب�شر ماتوا ،كما كان يقول �أ�سال ُفنا. الكواكب �إ ّال عندما ُت�ضيء ،يقول لنا ال تتك ّل ُم ُ ال�ضوء ت�صنع الكواكب �أبجد ّيةً ال�شعر .من ّ ��ا���ص��ة .م��ن �أ���ش��عّ��ة ه���ذه الأب��ج��ديّ��ة ت�صنع خ ّ ً خا�صة بها. كلماتها .ت�صنع كذلك مو�سيقى ّ والكلماتُ ُتل َف ُظ �ضوئ ّي ًا� .إ�ضاف ًة �إىل كونها ُت ْل َف ُظ ب�ألْ ِ�سن ٍة و�شفاهٍ . متني م ّر ًة ر�أيت هذه الكلمات ترق�ص على ٍ حبل ٍ ميت ّد بني ال�تراب ّ وال�شم�س .نعم ر�أي��ت ذلك. ور�أيتُ كيف � ّأن لهذه الكلمات قدر ًة عجيب ًة ،ال ف�س وحدها ،و�إنمّ ا تخرتق �أي�ض ًا تخرتق ال ّن َ املادّة. ويقول لنا ّ ال�شعر :عندما ُتخطئ الريح يف الهبوب� ،أو ُتخطئ الغيوم يف توزيع املطر على احل��ق��ول ا َ جل����رداء ،ت��ق��وم الكلمات مبا ُ ينبغي لكي تع ّم العدالة وامل�ساواة. ل�سبب �أو �آخ��ر ،في�سود قد يت� ّأخر هذا الأم��ر ٍ ً ً ّ الطغيان وال��ع��ن��ف .ن��رى م��ث�لا ف���أ���س��ا عتيقة ��ور مل ي�� َك�� ْد ي��خ��رجُ من ت�سحق ر�أ�����س ع�����ص��ف ٍ ً ً رحم �أمِّه الطبيعة .ونرى �سيفا مفلوال يروح غزال مل ي َ ُفطم .ونرى �س ّكين ًا ويجيء يف عنق ٍ ُ تغو�ص يف �أح�شاء وردةٍ مل ي َِحن قطافها. رث ّ وما �أك َ الطغيان والعنف بني �أبناء الوطن
“و�أال جتعلوها فتنة ال ت�صينب الذين ظلموا منكم خا�صة”. وتنتهي امللحمة بعقد ال�صلح بني الفريقني “ودخل النا�س يف ال�سلم كافة” كما ي�سجل ال�سطر الأخري. ويف طبعة �سابقة منذ 25عاما قال الناقد واملرتجم امل�صري �سامي خ�شبة (-1939 )2008يف امل��ق��دم��ة �إن �أب����اه “�آثر� ..أن يلخ�ص بع�ض املقاطع التي ال تروي حادثة متعلقة مبا�شرة بحبكة امللحمة �أو بوقائعها ال��رئ��ي�����س��ي��ة .ك��م��ا ح����ذف م��ق��اط��ع �أخ����رى ر�أى �أن��ه��ا ق��د ت����ؤذي ال�سياق اجل��دي��د يف ال�صيغة العربية ب�إبعاد القارئ عن جمرى الأحداث"..
��وح�����ش» يع ِّلقون على اجل����دران �أمعاء «ال��ت ُّ الغزالن التي ي�صيدونها ،طلب ًا لعفو الطبيعة ورحمتها وبركاتها الكونيّة. ال��ي��وم ي��ع�� ِّل ُ��ق ُ بع�ض الب�شر ال��ذي��ن ينتمون �إىل احل�ضارة احلديثة ،ر�ؤو� َ��س الب�شر على الأعمدة ويف ال�شوارع. احتقار الإن�سان واحتقار الأر�ض التي يعي�ش عليها يط ــرحان على ك ّ��ل ذي ب�ص ــريةٍ هذا ال�سـ ـ�ؤال :هل الإن�سان يف حاج ٍة �إىل الأر�ض؟ وهو �سـ�ؤا ٌل �سرعان ما يتجدّد ،لكن يف �صيغة ثانية هي التالية :هل الأر���ض يف حاج ٍة �إىل الإن�سان؟ ال�صديق� .أرج��و �أن ربمّ��ا � َأط�� ْل��تُ عليك �أ ّي��ه��ا ّ تعذرين .و�س�أحاول �أن �أزورك يف �سجنك ،يف الأيّام القريبة املقبلة..
لأين حظيت ب��ا���س��ت��اذ حت���ول اىل �صديق ���ص��دوق فالب�صداقة احل��ق��ة ت��ك��ون احلياة امامنا جميلة حتى ل��و اع�تران��ا خطب او امل او م��ع��ان��اة ،فال�صديق احل��ق ال يجعل النف�س تهرب اىل الظالم لتحاكيها خل�سة ب��ل �ستجد م��ن حت���اوره وي��ح��اوره��ا وتلك اهم ميزات احلياة اجلميلة ف�شكرا لال�ستاذ �سجاد الغازي �صحفيا كبريا وا�ستاذا قديرا يف مدر�سة ال�صحافة العراقية .على مدى عقود. اما ا�ستاذنا الكبري �سجاد الغازي فقد قال عن احللي (االخ الزميل زيد احللي �صحفي المع ،مار�س �شتى فنون التحرير ال�صحفي وم�س�ؤولياته ،وعلى م�شارف الكهولة حتول اىل �سرد الذكريات /حلوها ومرها با�سلوب ادبي ر�صني بعد جتربة ن�صف قرن يف مهنة املتاعب). ولي�سمح يل اال�ستاذ الكبري �سجاد الغازي ان اختلف معه قليال ،حينما قال (ان زيدا وه���و ع��ل��ى م�����ش��ارف ال��ك��ه��ول��ة حت���ول اىل ���س��رد احل��ك��اي��ات) فمن ي��رى ���ص��ور الزميل زي���د احل��ل��ي وه���و يلتقي اب���ان ال�ستينات وال�سبعينات بال�شخ�صيات التي حتدث عنها يف كتابه ،يعرف ان زيدا مل يتغري كثريا عن �شخ�صيته احلالية فهو مل يزل انيقا بهندامه وانيقا ب�شخ�صيته وانيقا با�سلوبه ،بل هو مل ي��زل يحمل عنفوان ال�شباب يف مهنته وع�شقه لها ،فكيف واحلالة هذه نقول انه على (م�شارف الكهولة)؟ واخ�ي�را رمب��ا �سي�سال بع�ضكم ،م���اذا عن اج��وب��ة ا�سئلتك ال��ت��ي طرحتها يف مقدمة املو�ضوع؟ اقول �ستجدون االجوبة حينما ت��ب��د�أون ب��ق��راءة كتاب (ال�سنني �إن حكت) لتجدوا االجوبة ولتجدوا املتعة معا..
الر�ؤى بقايــا ُّ
شعر :مالك الواسطي – نابولي
طر الأَ ِز َّق ِة ِع ُ اب ،ال َتد ِْري َلي ال َب َ َط َر َقتْ ع َّ �أَكَانَ ال َّل ْي ُل َي ْ�س ِب ُقهَا �أَ ِم الأُ ُف ُق َّ الظلِي ْل َفال ِّر ْي ُح َت ْ�ص َر ُخ يف الأَ ِز َّقةِ وح يف َك َر ٍب َو َوي ْل َوال ُب ُيوتُ َت ُن ُ ات َب ْيتِي َخ ْي َم ٌة َواملَ ْوتُ يف ُج ُن َب ِ َ�س َف ٌر َي ُط ُ وف ِب َنا عِ َر ْ اق َوال ِّر ْي ُح َت ْ�ص َر ُخ بي عِ َر ْ اق َوعَلى ال َّنوَافِذِ ، لمَ ْ َي َز ْل عِ ْط ُر الأَ ِز َّقةِ عَا ِل ًقا فِيهِ ال ُف َر ْ اق اب َ ،ما َب ِر َحتْ َت ُقو ُل َلها ُّ الظ ُنونْ َلي ال َب َ َط َر َقتْ ع َّ ا ُ حل ْز ُن َي ْ�س ِب ُقنِي �أَ ِم الو ََط ُن اخل�ؤُونْ . يا حُ ُّب َح َّط املَ َ�سا ُء َم َتاعِ َب ال َي ْو ِم َّ الطوي ْل احت َِّي َتروُّحً ا ، يف َر َ ف�إِف َت َّ �ض يف َق ْل ِبي ال َك َد ْر ال�س َف ْر و ِا ْن َتا َبنِي ُح ْز ُن املَ َقاهِ ي و ِا ْك ِت َئا َباتُ َّ َوتجَ َ َّمعَتْ �آهَ اتُ َذ َ َ�ص ِر يف �أُ ُف ٍق َن ِحي ْل اك الع ْ َوعَلى املَ َقاعِ دِ يف الأَ ِز َّقةِ لمَ ْ َت َز ْل ني َي ْح َتطِ َب ِان يف َو َج ٍع َبلِي ْل �أَ َحال ُم َنا طِ ْف َل ِ ال�ص ْب ُح َي ْغ ُفو لمَ ْ َي َز ْل مِ ْثلي على َد ْر ٍب َطوي ْل َو ُّ َيا ُح ُّب ،ال َ لوالك لمَ ْ �أَهْ ِب ْط �إىل ِب ْئ ٍر َيتِي ُه بهِ ال َّدلِي ْل يا َدا ُر خف � َ َيا دَا ُر َّ ا�سمِ ني أليك عِ ْط ُر ال َي َ يا دا ُر َما َلكِ َت ْن َح ِب ْ ني ؟ وب َ�ص ِب َّي ٍة َ�ص ُر َث ُ والع ْ َت ْر ُ�سو عَلى �أَ ْكمَامِ هِ لُ َغ ُة املَ َحبَّةِ وا َ حلنِني وال َّل ْي ُل هَ ذا ال َّلي ُل احلني َل ْي َ�س ِ�سوَ ى محَ َ َّطةِ َر ِ يا دَا ُر َخ َ اجل ْ�س ِر َ ،ق ْد َو َق َفتْ ُخ َطاي َتو َُّج ًفا لف ِ ال�سواقي هَ ائِجً ا َو ْنهَا َل َدمْعِ ي َك َّ َا�شقِني. َي ْر ِوي َم َز ِارعَ ع ِ