الصحابة المعتزلون للفتنة الكبرى

Page 1

‫بسم ال الرح ن الرحيم‬ ‫إل الوخوة القائمي على هذا الوقع‬ ‫السل م عليكم و رح ة ال تعال و بركاته‬ ‫إليكم هذه الكتب م ن مؤلفات الدكتور وخالد كبي عل ل ‪ ،‬م ن‬ ‫عنده شخصيا‬ ‫لتستفادة الفردي ة ف الوقع و وخارجه ‪،‬و ل يوز اتستغلهلا‬ ‫للرغراض التجاري ة ‪ ،‬و السل م عليكم و رح ة ال تعال و بركاته‬ ‫‪.‬‬


‫دراسات نقدية هادفة عن مواقف الصحابة‬ ‫بعد وفاة الرسول الكريم –ص –‬

‫الصحابة المعتزلون للفتنة الكبرى‬ ‫مواقفهم منها ‪ ،‬و دورهم في الحد منها –‬‫الدكتور خالد كبير علل‬ ‫‪-‬دكتوراه دولة في التاريخ السلمي من جامعة الجزائر‪-‬‬

‫الطبعة الولى‬

‫دار البل غ‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪2‬‬


‫‪1424-‬ه‪2003/‬م ‪-‬‬

‫‪-‬الجزائر‪-‬‬

‫الهداء‬ ‫إلى ابنتي إكرام‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪3‬‬


‫أهدي هذا الكتاب‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬ ‫المقدمة‬ ‫المد ل رب العالي و الصلة و السل م على الرتسو ل الكري ‪ ،‬و‬ ‫بعد ‪ :‬هذا هو البحث السابع م ن تسلسل ة دراتسات نقدي ة هادف ة ع ن‬ ‫مواقف الصحاب ة بعد وفاة الرتسو ل‪-‬عليه الصلة و السل م‪ . -‬و قد‬ ‫وخصصته لدراتس ة مواقف الصحاب ة العتزلي للفتن ة ‪ ،‬لا هلا م ن أهي ة بالغ ة‬ ‫ف نظرتنا للفتن ة و حوادثها ‪ ،‬و ف التعّر ف على مواقف و أدل ة كبار‬ ‫الصحاب ة العتزلي هلا م ن السابقي الولي م ن الهاجري ن و النصار ‪،‬‬ ‫لتكون لدينا نظرة متزن ة و شامل ة و صحيح ة ‪ ،‬لكل م ن العتزلي للفتن ة و‬ ‫الائضي فيها ‪ ،‬م ن الصحاب ة الكرا م ‪ ،‬رضوان ال عليهم أجعي ‪.‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪4‬‬


‫و قد اتبعت ف بيثي هذا منهجا علميا موضوعيا ‪ ،‬جع بي نقد‬ ‫التسانيد و متونا حسب منهج أهل الديث ‪ ،‬و قد اجتهدت ف‬ ‫اللتزا م به قدر الستطاع ‪ ،‬و حسب ما تسمح به طبيع ة الروايات‬ ‫التاريي ة الت لتصل ف ضبطها و تدوينها ما وصلت إليه الحاديث‬ ‫النبوي ة ‪ ،‬م ن عناي ة فائق ة تدوينا و ضبطا ‪ ،‬على مستوى التسانيد و التون‬ ‫‪.‬‬ ‫و بيثي هذا هو ماول ة لعادة كتاب ة حوادث الفتن ة الكبى ‪ ،‬وفق‬ ‫منهج علمي صحيح ‪ ،‬لتنقيتها م ن الباطيل ‪،‬و وضعها ف مسارها‬ ‫التاريي الصحيح ‪.‬و أرجو أن يد قبول لدى الختصي و اليثقفي على‬ ‫حد تسواء ‪ .‬و أن يفتح أفاقا للبحث العلمي الوضوعي ف تاريخ صدر‬ ‫التسل م و قضاياه ‪ .‬و ال تعال أتسأ ل أن يعله وخالصا لوجهه الكري‬ ‫‪،‬و أن ينفع به قارئه و كل م ن تسعى ف إوخراجه و توزيعه ‪،‬و أن يوفقن‬ ‫لمتا م إصدار باقي بوث السلسل ة ‪ ،‬إنه تعال سيع ميب ‪،‬و على كل‬ ‫شيء قدير ‪،‬و بالجاب ة جدير ‪.‬‬ ‫وخالد كبي عل ل‬ ‫‪-‬أتستاذ جامعي‪-‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪5‬‬


‫الفصل الول‬

‫الصحابة المعتزلون للقتال في الفتنة‬ ‫تباين مواقف الصحابة من القتال في الفتنة ‪:‬‬ ‫لا قتل الليف ة عيثمان ب ن عفان –رضي ال عنه – اوختلف‬ ‫الصحاب ة ف أمر قتلته ‪ ،‬فطائف ة طالبت الليف ة الديد ‪ :‬علي ب ن أب‬ ‫طالب‪-‬رضي ال عنه – بالتسراع ف القتصاص م ن هؤلء القتل ة ‪،‬و‬ ‫طائف ة ثاني ة طالبت عليا بالقتصاص م ن القتل ة و جعلته شرطا لبايعته ‪،‬‬ ‫و طائف ة ثاليث ة وافقت هؤلء ف ضرورة القتصاص م ن قتل ة الليف ة الشهيد‬ ‫‪ ،‬لكنها كانت ترى ضرورة تأوخيه حت تتهيأ الظرو ف لتنفيذه ‪. 1‬‬ ‫فالطائف ة الول مّيثلها الصحابيان ‪ :‬طلح ة ب ن عبيد ال ‪،‬و الزبي‬ ‫ب ن العوا م –رضي ال عنهما – و كانا قد طلبا م ن علي أن يعينهما‬ ‫واليي ليجمعان له العساكر فلما ل يستجب هلما ‪ ،‬التحقا بك ة الكرم ة‬ ‫و با اتستنفرا الناس و جعوهم للمطالب ة بد م الليف ة الشهيد القتو ل ظلما‬ ‫‪ 1‬اب ن كيثي ‪ :‬البداي ة و النهاي ة ‪ ،‬ط ‪ 3‬بيوت ‪ ،‬مكتب ة العار ف ‪، 1981 ،‬ج ‪ 7‬ص‪،228 :‬‬ ‫‪. 229‬و اب ن تيمي ة ‪ :‬منهاج السن ة النبوي ة ‪ ،‬بيوت الكتب ة العلمي ة ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 1،2 :‬و الطب‪:‬ي‪:‬‬ ‫تاريخ المم و اللوك ‪ ،‬بيوت الكتب ة العلمي ة ‪ ، 1991 ،‬ج ‪ 2‬ص‪.703-702 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪6‬‬


‫و عدوانا‪ . 1‬و الطائف ة اليثاني ة هي أهل الشا م ‪،‬و ف مقدمتها ‪ :‬معاوي ة ب ن‬ ‫أب تسفيان و عمرو ب ن العاص و النعمان ب ن بشي –رضي ال عنهم‪. 2-‬‬ ‫و أما الطائف ة اليثاليث ة فمّيثلها الليف ة علي ب ن أب طالب‪ ،‬و م ن معه‬ ‫كاب ن عباس ‪،‬و عمار ب ن ياتسر ‪،‬و الس ن و السي‪-،‬رضي ال عنهم‬ ‫– و با أن عليا هو الليف ة فإنه أصر على موقفه ف تأجيل القصاص ‪،‬و‬ ‫عز م على اتستخدا م القوة تاه م ن وخالفه و ل يبايعه م ن الطائفتي‬ ‫السابقتي ‪،‬و أعل ن لنده أن قراره هذا هو مرد اجتهاد شخصي و رأ‪:‬ي‬ ‫رآه أنه يقق الطاع ة و وحدة الماع ة ‪ ،‬و ل يدع أن معه نصوصا سعها‬ ‫م ن رتسو ل ال – ‪-‬عليه الصلة و السل م‪. 3-‬‬ ‫فهذا التباي ن ف وجهات النظر ‪،‬و الصرار على الواقف ها اللذان‬ ‫جرا الطوائف اليثلث إل القتتا ل ‪ ،‬ما أدى إل ظهور طائف ة رابع ة‬ ‫اعتزلت الميع و نأت بنفسها بعيدا ع ن القتا ل ‪،‬و عدّته فتن ة ‪،‬و دعت‬ ‫‪ 1‬الطب‪:‬ي‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 2‬ص‪. 703 :‬و اب ن كيثي‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 7‬ص‪، 228 :‬‬ ‫‪ 230 229‬و ما بعدها ‪.‬‬ ‫‪ 2‬الذهب ‪ :‬اللفاء الراشدون ‪ ،‬حققه حسا م الدي ن القدتسي‪ ،‬بيوت دار اليل ‪،1992 ،‬ص‪:‬‬ ‫‪. 331‬و تسّي أعل م النبلء ‪ ،‬حققه ممد البجاو‪:‬ي‪ ،‬مصر دار العار ف د ت‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 334 :‬و‬ ‫ط بيوت ‪ ،‬مؤتسس ة الرتسال ة‪ 1985 ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 91 :‬‬ ‫‪ 3‬الذهب‪ :‬اللفاء الراشدون ص‪. 390 ،389 ،388 ،329 :‬و اب ن كيثي ‪ :‬الصدر السابق ج ‪7‬‬ ‫ص‪. 229،230 ،228 :‬و اب ن تيمي ة ‪ :‬الصدر السابق ج ‪3‬ص‪، 221 ،220 ،156 :‬و ج‬ ‫‪4‬ص‪. 121 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪7‬‬


‫الناس إل عد م الشارك ة فيه ‪ .‬فم ن مّيثل هذه الطائف ة ؟ و ما هي مبراتا‬ ‫و أدلتها الت اعتمدت عليها ف اعتزاهلا للفتن ة ؟ ‪.‬‬

‫أشهر الصحابة المعتزلين للقتال في الفتنة ‪:‬‬ ‫اعتز ل أكيثر الصحاب ة القتا ل‪ 1‬ف موقعت المل و صفي ف تسنت‪:‬‬ ‫‪37-36‬ه ‪ ،‬و أبوا أن يوضوا ف دماء السلمي ‪ ،‬فمنهم م ن اعتز ل‬ ‫الفتن ة عزل ة مطلق ة ‪،‬و منهم م ن اعتزهلا و اجتهد ف دعوة الناس إل‬ ‫اعتزاهلا ‪ ،‬و منهم م ن انتسب إل إحدى الطائفتي التنازعتي ث انسحب‬ ‫كلي ة م ن الفتن ة ‪ ،‬و منهم م ن اعتزهلا ف المل و صفي ث انظم إل علي‬ ‫ف حربه للخوارج ‪ ،‬و منهم م ن حد ال تعال على ذهاب بصره قبل أن‬ ‫يراها ‪.‬‬ ‫فم ن الذي ن اعتزلوا الفتن ة مطلقا ‪ :‬تسعد ب ن أب وقاص ‪ ،‬و عبد ال ب ن‬ ‫عمر ‪،‬و ممد ب ن مسلم ة النصار‪:‬ي ‪،‬و تسلم ة ب ن الكوع ‪،‬و تسعيد ب ن‬ ‫زيد‪، 2‬و صهيب ب ن تسنان الرومي ‪،‬و أتسام ة ب ن زيد ‪،‬و أبو هريرة‪ ،‬و‬ ‫هبيب ب ن مغفل ‪،‬و الغية ب ن شعب ة‪ ، 3‬و عبد ال ب ن تسعد ب ن أب تسرح‬ ‫‪،‬و تسعيد ب ن العاص ‪ ،‬و معاوي ة ب ن حديج المي‪ ،‬و زيد ب ن ثابت ‪ ،‬و‬ ‫‪ 1‬ع ن عددهم ‪،‬و ع ن الائضي ف الفتن ة ‪ ،‬أنظر الفصل اليثان ‪.‬‬ ‫‪ 2‬الذهب‪ :‬تسي أعل م النبلء ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 128 :‬و اب ن حجر ‪ :‬فتح البار‪:‬ي ‪ ،‬حققه مب الدي ن‬ ‫الطيب ‪ ،‬بيوت ‪ ،‬دار العرف ة ‪1379 ،‬ه ‪ ،‬ج ‪13‬ص‪. 42 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪8‬‬


‫كعب ب ن عجرة ‪، 1‬و تسليمان ب ن ثام ة ب ن شراحيل ‪،‬و عبد ال ب ن‬ ‫مغفل ‪،‬و عبد ال ب ن تسل م ‪،‬و أهبان ب ن صيفي ‪،‬و الكم ب ن عمرو‬ ‫الغفار‪:‬ي‪ -2‬رضي ال عنهم ‪. -‬‬ ‫و م ن مواقفهم ف اعتزا ل الفتن ة ‪ :‬موقف الصحاب الليل تسعد ب ن‬ ‫أب وقاص ‪ ،‬فقد جاء ف وخب صحيح التسناد ‪ ،‬ع ن عبد الرزاق ‪ ،‬ع ن‬ ‫معمر ب ن راشد ‪ ،‬ع ن أيوب السختيان ‪،‬و ع ن ممد ب ن تسيي ن ‪ ،‬أنه قيل‬ ‫لسعد ‪ :‬أل تقاتل ‪ ،‬فانك م ن أهل الشورى ‪،‬و انت أحق بذا المر م ن‬ ‫رغيك ؟ قا ل ‪ )) :‬ل أقاتل حت تأتون بسيف له عينان ‪،‬و لسان و‬ ‫‪ 3‬الذهب ‪ :‬نفس الصدر ج ‪ 2‬ص‪. 504 ،18 :‬و اب ن تيمي ة ‪ :‬الصدر السابق حققه ممد رشاد‬ ‫تسال ‪ ،‬ط ‪ ،1‬د م ‪ ،‬مؤتسس ة قرطب ة ‪ ،‬ج ‪ 8‬ص‪. 146 :‬و اب ن حجر ‪ :‬الصاب ة ف معرف ة الصحاب ة‪،‬‬ ‫ج ‪ 6‬ص‪ . 529 ،198 :‬و تعجيل النفع ة ‪ ،‬ط ‪ ،1‬بيوت ‪ ،‬دار الكتب العلمي ة ‪ ،‬د ت ‪ ،‬ج ‪1‬‬ ‫ص‪. 429 :‬‬ ‫‪ 1‬الذهب ‪ :‬الصدر السابق ج ‪3‬ص‪. 445 :‬و تذكرة الفاظ حققه حد‪:‬ي السلفي ‪ ،‬ط ‪ 1‬الرياض ‪،‬‬ ‫دار الصميعي ‪1415 ،‬ه ج ‪1‬ص‪. 30 :‬و اب ن عبد الب‪ :‬التستيعاب ‪ ،‬ط ‪ ،1‬بيوت دار اليل‬ ‫‪ 1412‬ج ‪2‬ص‪. 537 :‬و النوو‪:‬ي‪ :‬تذيب الساء ط ‪ 1‬بيوت‪ ،‬دار الفكر ‪ 1996 ،‬ج ‪ 1‬ص‪:‬‬ ‫‪. 254‬‬ ‫‪ 2‬اب ن حجر‪ :‬الصاب ة ‪ ،‬ج ‪3‬ص‪، 137 :‬و ج ‪ 4‬ص‪ . 119 :‬اب ن كيثي‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 7‬ص‪:‬‬ ‫‪. 234‬و ممد أمزون ‪ :‬تقيق مواقف الصحاب ة ف الفتن ة ‪ ،‬ط ‪ 3‬الرياض‪ ،‬دار طيب ة الرياض ‪،‬‬ ‫‪1420‬ه ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 170 :‬و اب ن ماج ة ‪:‬السن ن بيوت دار الفكر ‪،‬دت ج ‪2‬ص‪. 1309 :‬و‬ ‫الذهب ‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 2‬ص‪. 474 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪9‬‬


‫شفتان ‪ ،‬يعر ف الكافر م ن الؤم ن ‪،‬و قد جاهدت و أنا أعر ف الهاد ‪،‬و‬ ‫‪1‬‬ ‫ل أبع نفسي إن كان رجل وخيا من ((‬ ‫و ورد ف رواي ة أوخرى أن أحد أبناء تسعد ب ن أب وقاص ‪ ،‬قا ل لوالده‬ ‫‪ :‬نزلت ف إبلك و رغنمك و تركت الناس يتنازعون اللك ‪ ،‬فضرب تسعد‬ ‫ت رتسو ل ال – صلى ال‬ ‫صدر ولده عمر و قا ل له ‪ )) :‬اتسكت سع ُ‬ ‫‪2‬‬ ‫عليه وتسلم‪-‬يقو ل ‪:‬إن ال يب العبد التقي الغن الفي (( ‪ .‬و ف رواي ة‬ ‫لحد ب ن حنبل أن تسعدا قا ل لبنه عمر ‪ )) :‬أ‪:‬ي بن أف الفتن ة تأمرن‬ ‫أن أكون رأتسا ‪ ،‬ل و ال حت أعطي تسيفا إن ضربت به مؤمنا نبا عنه‬ ‫‪،‬و إن ضربت به كافرا قتلته ‪،‬و قد سعت رتسو ل ال –صلى ال عليه و‬ ‫تسلم‪ -‬يقو ل ‪)) :‬إن ال عز وجل يب الغن الفي التقي (( ‪. 3‬‬ ‫ص عليه مناما رآه ع ن الفتن ة‬ ‫و جاء رجل إل تسعد ب ن أب وقاص ‪،‬و ق ّ‬ ‫‪ ،‬ث قا ل له ‪ :‬مع أ‪:‬ي الطائفتي أنت ؟ فقا ل تسعد ‪ :‬ما أنا مع واحدة‬ ‫منهما ‪ ،‬فقا ل الرجل ‪ :‬فما تأمرن ؟ قا ل ‪ :‬هل لك م ن رغنم ؟ قا ل ‪ :‬ل‬ ‫‪4‬‬ ‫‪ ،‬فقا ل له تسعد ‪ :‬فاشت رغنما ‪ ،‬فك ن فيها حت تنجلي الفتن ة‬

‫‪ 1‬معمر ب ن راشد ‪ :‬الامع ‪ ،‬ط ‪ 2‬بيوت الكتب التسلمي‪ ،‬ج ‪ 11‬ص‪. 357 :‬‬ ‫‪ 2‬مسلم ‪ :‬صحيح مسلم ‪ ،‬بيوت دار إحياء التاث العرب د ت‪ ،‬ج ‪ 4‬ص‪2277 :‬‬ ‫‪ 3‬أحد ب ن حنبل ‪ :‬السند ‪ ،‬مصر مؤتسس ة قرطب ة ‪ ،‬د ت ج ‪ 1‬ص‪. 177 :‬‬ ‫‪ 4‬إتسناد هذا الب صحيح على ما ذكره القق ‪ .‬الذهب ‪ :‬تسي أعل م النبلء ج ‪ 1‬ص‪. 120 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪10‬‬


‫و روى الؤرخ شس الدي ن الذهب –بل إتسناد‪ -‬أن علي ب ن أب‬ ‫طالب –رضي ال عنه‪ -‬كان يغبط تسعد ب ن أب وقاص ‪،‬و عبد ال ب ن‬ ‫عمر –رضي ال عنهم – و يقو ل ‪ )) :‬ل منز ل نزله تسعد و اب ن عمر‬ ‫‪ ،‬لئ ن كان ذنبا لصغي ‪،‬و لئ ن كان حسنا إنه لعظيم ((‪ . 1‬و قوله هذا‬ ‫صحيح العن و جدير بالتنويه و العتبار ‪ ،‬لن الفتن ة جّرت على‬ ‫السلمي مصائب كيثية ‪،‬و أورثتهم الفرق ة و العداوة ‪،‬و البغضاء و‬ ‫القتتا ل ‪،‬و ل ينج منها إل الذي ن اعتزلوها ‪.‬‬ ‫و أما ممد ب ن مسلم ة النصار‪:‬ي –رضي ال عنه – فقد اعتز ل‬ ‫موقعت المل و صفي و اتذ تسيفا م ن وخشب ‪ ،‬و وخرج م ن الدين ة إل‬ ‫بادي ة الّربذة و أقا م با ‪ ،‬و كان ذلك بأمر نبو‪:‬ي ‪ ،‬على ما ذكره الافظ‬ ‫الذهب ‪.‬و هو م ن نباء الصحاب ة ‪ ،‬شهد بدرا و الشاهد الوخرى ‪ . 2‬و‬ ‫هو الذ‪:‬ي قا ل فيه رتسو ل ال –صلى ال عليه و تسلم‪ )) :-‬ل تضّره‬ ‫الفتن ة (( و ف رواي ة )) ل تضّرك الفتن ة ((‪. 3‬‬ ‫‪ 1‬الذهب ‪ :‬تذكرة الفاظ ج ‪ 1‬ص‪. 22 :‬و نفس الصدر ج ‪ 1‬ص‪. 122 :‬‬ ‫‪ 2‬الذهب‪:‬السيج ‪ 2‬ص‪. 369 ،266 :‬و الكاشف ‪ ،‬حققه ممد عوام ة ‪ ،‬ط ‪ 1‬جدة‪ ،‬دار اليثقاف ة‬ ‫التسلمي ة ‪ 1413 ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 222 :‬‬ ‫‪ 3‬رواه الاكم و صححه ‪ .‬الستدرك على الصحيحي ‪ ،‬حققه عبد القادر عطا ‪ ،‬ط ‪ 1‬بيوت ‪ ،‬دار‬ ‫الكتب العلمي ة ‪ ، 1990 ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 492 :‬و رواه أيضا أبو داود ‪،‬و صححه اللبان ‪ ،‬تسن ن أب‬ ‫داود ‪،‬بيوت دار الفكر دت ‪ ،‬القرص الضغوط ‪ :،‬مكتب ة البيت السلم الشامل ة ‪ ،‬مؤتسس ة الطيب‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪11‬‬


‫و ف رواي ة‪ 1‬للتابعي أب بردة ب ن أب موتسى )ت ‪104‬ه( أنه مر‪-‬‬ ‫أيا م الفتن ة‪ -‬بحمد ب ن مسلم ة بالربذة ‪ ،‬فقا ل له ‪ :‬لو وخرجت إل الناس‬ ‫فأمرت و نيت ‪ ،‬فقا ل له ‪ :‬قا ل ل النب –عليه الصلة و السل م‪ )) -‬يا‬ ‫ممد تستكون فرق ة و فتن ة و اوختل ف ‪ ،‬فاكسر تسيفك ‪،‬و اقطع وترك ‪،‬و‬ ‫اجلس ف بيتك (( ففعلت ما أمرن‪ . 2‬و هناك أربع ة أحاديث أوخرى‬ ‫متشاب ة التون ‪ ،‬فيها أمر نبو‪:‬ي صريح ‪ ،‬لمد ب ن مسلم ة باعتزا ل الفتن ة‬ ‫و عد م الوض فيها ‪ ،‬أوهلا أن الرتسو ل –صلى ال عليه و تسلم – قا ل له‬ ‫‪ )) :‬إذا رأيت الناس يقتتلون على الدنيا فاعمد بسيفك على أعظم‬ ‫صخرة ف الرة ‪ ،‬فاضربه با ‪ ،‬ث اجلس ف بيتك حت تأتيك يد وخاطئ ة‬ ‫‪ ،‬أو مني ة قاضي ة (( ‪ ،‬ث قا ل ممد ب ن مسلم ة ‪ :‬ففعلت ما أمرن به‬ ‫رتسو ل ال –صلى ال عليه و تسلم ((‪. 3‬‬

‫للبميات ‪ ،‬الردن ‪.‬‬ ‫‪ 1‬رواتا كلهم ثقات ما عدا ‪ :‬علي ب ن زيد ب ن جدعان ‪ ،‬ففيه لّي و ليس باليثبت ‪.‬الذهب ‪ :‬الكاشف‬ ‫ج ‪1‬ص‪،313 ،178 :‬ج ‪2‬ص‪. 40 :‬و اب ن حجر ‪ :‬تقريب التهذيب ‪ ،‬حققه ممد عوام ة ‪ ،‬ط ‪1‬‬ ‫تسوريا ‪ ،‬دار الرشيد ‪. 1986 ،‬‬ ‫‪ 2‬أحد ب ن حنبل ‪ :‬الصدر السابق ‪ ،‬ج ‪3‬ص‪. 493 :‬و الذهب ‪:‬السي‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 371 :‬و‬ ‫البخار‪:‬ي ‪ :‬التاريخ الكبي ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪. 11 :‬‬ ‫‪ 3‬الديث رواه الطبان ف العجم الوتسط ‪ ،‬و رجاله ثقات ‪ .‬علي ب ن أب بكر اهلييثمي ‪ :‬ممع الزوائد‬ ‫‪ ،‬القاهرة دار الريان للتاث ‪ ، 1407 ،‬ج ‪ 7‬ص‪. 301 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪12‬‬


‫و الديث اليثان ‪ ،‬فيه أن رتسو ل ال –صلى ال عليه و تسلم‪ -‬أعطى‬ ‫تسيفا لمد ب ن مسلم ة ‪- ،‬رضي ال عنه – و قا ل له ‪ )) :‬جاهد بذا ‪،‬‬ ‫ف تسبيل ال ‪ ،‬فإذا اوختلفت أعناق الناس ‪ ،‬فاضرب به الجر ‪ ،‬ث ادوخل‬ ‫بيتك ‪ ،‬فك ن حلسا ملقى ‪ ،‬حت تأتيك يد وخاطئ ة ‪ ،‬أو مني ة قاضي ة‬ ‫((‪. 1‬‬ ‫و ف الديث اليثالث ‪ ،‬أن علي ب ن أب طالب – رضي ال عنه‪-‬‬ ‫جاء –أيا م الفتن ة‪-‬إل ممد ب ن مسلم ة ‪ ،‬و قا ل له ‪ )) :‬ما وخلفك ع ن‬ ‫هذا المر ؟ فقا ل له ‪ :‬دفع إل اب ن عمك –يعن الرتسو ل – تسيفا و‬ ‫قا ل ل ‪ :‬قاتل به ما قوتل العدو ‪ ،‬فإذا رأيت الناس يقتل بعضهم بعضا ‪،‬‬ ‫فاعمد به إل صخرة فاضربه با ‪ ،‬ث ألز م بيتك حت تأتيك مني ة قاضي ة ‪،‬‬ ‫أو يد وخاطئ ة (( فقا ل علي وخّلو عنه ‪. 2‬‬ ‫و آوخرها –أ‪:‬ي الديث الرابع‪ -‬فيه أن رتسو ل ال –عليه الصلة‬ ‫و السل م – قا ل لمد ب ن مسلم ة‪ )) :‬إنا تستكون فتن ة و فرق ة و‬ ‫اوختل ف ‪ ،‬فإذا كان كذلك فأت بسيفك ُأحدا فاضربه حت ينقطع ‪،‬‬ ‫ث اجلس ف بيتك حت تأتيك يد وخاطئ ة ‪ ،‬أو مني ة قاضي ة (( ‪ ،‬ث قا ل‬ ‫‪ 1‬رواه الطبان ف العجم الكبي ‪ ،‬و رجاله ثقات ‪ .‬نفسه ج ‪ 7‬ص‪. 301 :‬‬ ‫‪ 2‬أحد ب ن حنبل ‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 4‬ص‪. 225 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪13‬‬


‫ممد ب ن مسلم ة –أيا م الفتن ة‪ : -‬فقد فعلت ما قاله ل رتسو ل ال –‬ ‫عليه الصلة و السل م ‪. 1-‬‬ ‫و منهم –أيضا‪ -‬أتسام ة ب ن زيد –رضي ال عنه‪ -‬فإنه عندما أرتسل‬ ‫موله حرمل ة إل علي ب ن أب طالب زم ن الفتن ة ‪ ،‬قا ل لوله ع ن علي ‪،‬‬ ‫إنه يسألك ع ن تلفي عنه ‪ ،‬فقل له يقو ل لك ‪ )) :‬لو كنت ف شدق‬ ‫التسد لحببت أن أكون معك فيه ‪ ،‬لك ن هذا المر ل أره ((‪. 2‬و ف‬ ‫رواي ة أوخرى ع ن معمر ب ن راشد ع ن الشهاب الزهر‪:‬ي ‪ ،‬أن عليا لقي‬ ‫أتسام ة –رضي ال عنهما – فقا ل له ‪ :‬ما كنا نعدك إل م ن أنفسنا يا‬ ‫أتسام ة ‪ ،‬فلم ل تدوخل معنا –أ‪:‬ي ف القتا ل‪ -‬فقا ل له ‪ :‬يا أبا حس ن‬ ‫‪ ،‬إنك و ال لو أوخذت بشفر –أ‪:‬ي الشف ة‪ -‬التسد لوخذت بشفره‬ ‫الوخر معك حت نلك جيعا ‪ ،‬أو نيا جيعا ‪ ،‬و أما هذا المر الذ‪:‬ي‬ ‫أنت فيه ‪ ،‬فو ال ل أدوخل فيه ((‪. 3‬‬ ‫و أما الصحاب تسلم ة ب ن الكوع ‪ - ،‬رضي ال عنه‪ -‬فإنه لا‬ ‫اتستشهد عيثمان –رضي ال عنه‪ -‬و حدثت الفتن ة اعتز ل الناس ‪،‬و‬ ‫‪ 1‬رواه الطبان ف العجم الوتسط ‪،‬و رجاله ثقات ‪ .‬اهلييثمي ‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 7‬ص‪. 301 :‬و‬ ‫رواه أيضا اب ن ماج ة ‪،‬و صححه اللبان ‪ ،‬تسن ن اب ن ماج ة ‪ ،‬القرص الضغوط ‪ :‬مكتب ة البيت‬ ‫السلم الشامل ة ‪ ،‬مؤتسس ة الطيب للبميات ‪ ،‬الردن ‪.‬‬ ‫‪ 2‬البخار‪:‬ي ‪ :‬صحيح البخار‪:‬ي ط ‪ 3‬بيوت‪ ،‬دار اب ن كيثي ج ‪ 6‬ص ‪. 2602 :‬‬ ‫‪ 3‬الذهب ‪ :‬تسي أعل م النبلء ج ‪ 2‬ص‪. 504 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪14‬‬


‫وخرج م ن الدين ة إل بادي ة الّربذة و تسكنها ‪ ،‬و تأهل با و ل يلبس‬ ‫شيئا م ن الفتن ة ‪ .‬و عندما قيل له ‪ :‬لاذا تعّربت –أ‪:‬ي أصبح أعرابيا‪-‬‬ ‫قا ل ‪ :‬إن رتسو ل ال –صلى ال عليه و تسلم‪ -‬أذن ل ف التعّرب و‬ ‫تسك ن البادي ة ‪. 1‬‬ ‫و منهم الصحاب الليل ‪ :‬أبو هريرة ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬فقد اعتز ل‬ ‫الفتن ة و ل يلبسها ‪، 2‬و يبدوا أنه اتذ هذا الوقف متسكا بالديث‬ ‫الشهور ع ن اعتزا ل الفتن ة ‪ ،‬لنه هو أحد رواته ‪ ،‬فقد جاء ف صحيح‬ ‫البخار‪:‬ي ع ن أب هريرة ‪ ،‬أن رتسو ل ال –صلى ال عليه و تسلم‪ -‬قا ل ‪:‬‬ ‫)) تستكون فت القاعد فيها وخي م ن القائم ‪،‬و القائم فيها وخي م ن‬ ‫الاشي ‪ ،‬و الاشي فيها وخي م ن الساعي ‪،‬و م ن تشّر ف هلا تستشرفه ‪،‬‬ ‫فم ن وجد فيها ملجأ أو معاذا فليعذبه ((‪. 3‬‬ ‫و منهم –أيضا‪ -‬الصحاب أهبان ب ن صيفي البصر‪:‬ي –رضي ال‬ ‫عنه‪ -‬فإنه عندما اعتز ل الفتن ة ‪ ،‬جاءه علي ب ن أب طالب‪-‬رضي ال‬ ‫عنه‪ -‬و طلب منه أن يلتحق به ‪ ،‬فقا ل له ‪ :‬نعم ث دعا جاري ة له بأن‬ ‫تأتيه بسيفه ‪ ،‬فأوخرجته فإذا هو م ن وخشب ‪ ،‬و قا ل لعلي ‪ )) :‬إن‬ ‫وخليلي اب ن عمك ‪-‬صلى ال عليه و تسلم‪-‬عهد إل إذا كانت الفتن ة بي‬ ‫‪ 1‬البخار‪:‬ي ‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 8‬ص ‪ . 2597 :‬و اب ن حجر ‪ :‬فتح البار‪:‬ي ‪ ،‬ج ‪ 13‬ص‪. 42 :‬‬ ‫‪ 2‬اب ن تيمي ة ‪ :‬منهاج السن ة ط رشاد تسال ج ‪ 8‬ص‪146 :‬‬ ‫‪ 3‬صحيح البخار‪:‬ي ‪ ،‬ج ‪ 6‬ص‪. 2594 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪15‬‬


‫السلمي ‪ ،‬فاتذ تسيفا م ن وخشب ‪ ،‬فإن شئت وخرجت معك ‪ ،‬قا ل‬ ‫علي ‪ :‬ل حاج ة ل فيك و ل ف تسيفك ‪. 1‬‬ ‫و منهم الصحاب عبد ال ب ن عمر –رضي ال عنهما‪ ، -‬فقد‬ ‫حرص على أل يقتب م ن الفتن ة أبدا ‪،‬و ل يكون تسببا ف قتل أحد ‪ ،‬و‬ ‫كان يقو ل ‪ :‬م ن قا ل حي على الصلة أجبته ‪ ،‬و م ن قا ل ‪ :‬حي على‬ ‫قتل أوخيك السلم و أوخذ ماله ‪ ،‬فل ‪. 2‬و عندما كّلفه علي ب ن أب‬ ‫طالب‪-‬بعدما بايعه الناس‪ -‬بالذهاب إل الشا م ليتول إمارته ‪ ،‬اعتذر له‬ ‫و ترجاه بأن يعفيه ‪ ،‬فلم يقبل منه ‪ ،‬فظل اب ن عمر يبحث ع ن العاذير ‪،‬‬ ‫و اتستعان عليه بأوخته حفص ة أ م الؤمني –رضي ال عنها‪ -‬ث وخرج ليل‬ ‫إل مك ة فارا دون علم م ن علي ‪ ،‬فلما سع بأمره تسك ن‪. 3‬‬ ‫و آوخرهم الصحاب عبد ال ب ن تسعد ب ن أب تسرح –رضي ال‬ ‫عنه‪ ، -‬كان واليا لعيثمان ب ن عفان‪ -‬رضي ال عنه‪ -‬على مصر ‪ ،‬فلما‬ ‫‪ 1‬روى الب احد ب ن حنبل ‪ :‬السند ج ‪5‬ص‪ ،69 :‬و ج ‪ 6‬ص‪. 393 :‬و اب ن ماج ة ‪،‬و التمذ‪:‬ي ‪،‬‬ ‫و صححه اللبان ‪ .‬تسن ن اب ن ماج ة كتاب الفت ج ‪ 2‬ص‪. 1309 :‬و تسن ن التمذ‪:‬ي ‪ ،‬كتاب‬ ‫الفت ج ‪ 4‬ص‪ ، 490 :‬القرص الضغوط ‪ :‬مكتب ة البيت السلم الشامل ة ‪ ،‬مؤتسس ة الطيب‬ ‫للبميات ‪ ،‬الردن ‪.‬‬ ‫‪ 2‬إتسناد هذا الب حس ن ‪،‬قاله القق ‪. .‬الذهب‪ :‬السي‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 228 :‬‬ ‫‪ 3‬رجا ل هذا الب ثقات ‪ ،‬و هم ‪ :‬اب ن عيين ة ‪،‬و عمر ب ن نافع ‪ ،‬ع ن أب ‪ ،‬ع ن اب ن عمر ‪ .‬نفس‬ ‫الصدر ج ‪ 3‬ص‪. 224 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪16‬‬


‫سع باتستشهاده تسن ة ‪35‬ه اعتز ل الفتن ة ‪،‬و التحق بفلسطي فرارا م ن‬ ‫منها ‪ -‬أ‪:‬ي الفتن ة‪ -‬فبقي با إل أن وافته الني ة ‪ ،‬و هو ف الصلة ‪ ،‬تسن ة‬ ‫‪36‬ه ‪. 1‬‬ ‫و م ن مظاهر العتزا ل الماعي للفتن ة ‪ ،‬أنه رو‪:‬ي أن علي ب ن أب‬ ‫طالب عندما ندب أهل الدين ة للخروج معه للقتا ل ل يوافقوه ‪،‬و أبوا‬ ‫الروج معه ‪ ،‬فكّلم عبد ال ب ن عمر شخصيا للخروج معه ‪ ،‬فقا ل له ‪:‬‬ ‫أنا رجل م ن الدين ة ‪ .‬ث كرر عليهم دعوته للسي معه عندما سع بروج‬ ‫أهل مك ة إل البصرة ‪ ،‬فتيثاقل عنه أكيثرهم ‪،‬و اتستجاب له ما بي ‪-4 :‬‬ ‫‪ 7‬م ن البدريي‪. 2‬‬ ‫و أما الصحاب ة الذي ن اعتزلوا الفتن ة ‪،‬و كان هلم فيها نشاط بارز‬ ‫ف دعوة الناس إل اعتزاهلا ‪ ،‬فأوهلم أبو موتسى الشعر‪:‬ي –رضي ال عنه‬ ‫– فكان يمع الناس ف الكوف ة ‪،‬و يذرهم م ن الشارك ة ف الفتن ة ‪،‬و‬ ‫يذّك ررهم با سعه م ن رتسو ل ال –صلى ال عليه و تسلم‪ -‬ف دعوته‬ ‫لعتزا ل الفت ‪ .‬فم ن ذلك أنه كان يقو ل هلم ‪ :‬يا أيها الناس إن هذه‬ ‫الفتن ة ‪ ،‬فتن ة باقرة كداء البط ن ‪ ،‬ل ندر‪:‬ي أن تؤتى ‪ ،‬تأتيكم م ن مأمنكم‬

‫‪ 1‬البخار‪:‬ي ‪ :‬التاريخ الكبي ‪ ،‬ج ‪ 5‬ص‪. 29 :‬و النوو‪:‬ي ‪ :‬تذيب الساء ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 254 :‬‬ ‫‪ 2‬اب ن كيثي ‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 7‬ص‪. 234 ، 231 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪17‬‬


‫‪،‬و تدع الليم كأنه اب ن أمس ‪ ،‬قّطعوا أرحامكم ‪ ،‬و انتصلوا رماحكم‬ ‫‪.‬‬ ‫و عندما حل عمار ب ن ياتسر –رضي ال عنه – بالكوف ة و شرع ف‬ ‫اتستنفار الناس ليلتحقوا بيش علي ‪ ،‬أنكر عليه أبو موتسى الشعر‪:‬ي ‪ ،‬و‬ ‫أبو مسعود البدر‪:‬ي –رضي ال عنهما – فعله ‪ ،‬و قال له ‪ :‬ما رأينا‬ ‫منك أمرا منذ أتسلمت أكره عندنا م ن إتسراعك ف هذا المر ‪ .‬فقا ل‬ ‫عمار ‪ :‬ما رأيت منكما منذ أتسلمتما أمرا أكره عند‪:‬ي م ن إبطائكما ع ن‬ ‫هذا المر‪. 2‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 1‬روى هذا الب اب ن أب شيب ة ‪ ،‬ع ن رغندر ممد ب ن جعفر ‪ ،‬ع ن شعب ة ‪ ،‬ع ن عاصم ب ن تسليمان ‪،‬‬ ‫ع ن أب وائل شقيق ب ن أب مسلم ة ‪ ) .‬اب ن أب شيب ة‪ :‬الصنف ‪ ،‬حققه كما ل الوت ‪ ،‬ط ‪ 1‬الرياض‬ ‫‪ ،‬مكتب ة الرشد ‪ 9-140 ،‬ه ‪ ،‬ج ‪ 7‬ص‪ (. 524 :‬و هؤلء الرواة ثقات ‪ .‬الذهب ‪ :‬السي ج ‪9‬‬ ‫ص‪، 101، 100 ،99 :‬و ج ‪4‬ص‪. 161 :‬و تذكرة الفاظ ‪ ،‬حققه حد‪:‬ي السلفي ‪ ،‬ط ‪1‬‬ ‫الرياض ‪ ،‬دار الصميعي ‪1415 ،‬ه ‪ ،‬ج ‪1‬ص‪. 150-149 :‬و رواه أيضا نعيم ب ن حاد بإتسناد‬ ‫رجاله ثقات ‪ .‬كتاب الفت ‪ ،‬حققه سي الزهي‪:‬ي ‪ ،‬ط ‪ 1‬القاهرة ‪ ،‬مكتب ة التوحيد ‪ 1412 ،‬ه ‪ ،‬ج‬ ‫‪1‬ص‪. 66 :‬و الذهب ‪ :‬تذكرة الفاظ ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 294 :‬و ميزان العتدا ل ‪ ،‬حققه علي معوطي ‪،‬‬ ‫ط ‪ 1‬بيوت ‪ ،‬دار الكتب العلمي ة ‪ ، 1995 ،‬ج ‪3‬ص‪. 315 :‬و اب ن حبان ‪ :‬اليثقات ‪ ،‬حققه‬ ‫السيد شر ف الدي ن أحد ‪ ،‬ط ‪ 1‬بيوت ‪ ،‬دار الفكر ‪ ، 1975 ،‬ج ‪ 7‬ص‪. 442-441 :‬‬ ‫‪ 2‬روى ذلك الاكم ف الستدرة ‪،‬ج ‪ 3‬ص‪ . 127 :‬و اب ن أب شيب ة ع ن رغندر ممد ب ن جعفر ‪ ،‬ع ن‬ ‫شعب ة ‪ ،‬ع ن عمرو ب ن مرة ‪ ،‬ع ن أب وائل ‪ ،‬و رجاله ثقات ‪ .‬اب ن أب شيب ة ‪ :‬الصدر السابق ج ‪7‬ص‪:‬‬ ‫‪. 546‬و الذهب ‪ :‬تذكرة الفاظ ج ‪1‬ص‪. 121 :‬و تسي أعل م النبلء ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص‪، 161 :‬و ج ‪9‬‬ ‫ص‪. 101 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪18‬‬


‫و م ن الحاديث النبوي ة الت رواها أبو موتسى الشعر‪:‬ي ف صده‬ ‫للناس ع ن الفتن ة ثلث ة أحاديث ‪ ،‬أوهلا أن رتسو ل ال –صلى ال عليه و‬ ‫تسلم‪ -‬قا ل ع ن أيا م الفتن ة ‪ )) :‬كّس رروا قسّيكم ‪،‬و قّطعوا أوتاركم ‪،‬و‬ ‫ألزموا أجوا ف البيوت ‪ ،‬و كونوا فيها كالّي م ن بن آد م ((‪ . 1‬و ثانيها‬ ‫أن أبا موتسى الشعر‪:‬ي وخطب ف الناس زم ن الفتن ة ‪ ،‬فكان ما قاله هلم ‪:‬‬ ‫)) قا ل رتسو ل ال –صلى ال عليه و تسلم‪ -‬إن م ن بي أيديكم فتنا‬ ‫كقطع الليل الظلم ‪ ،‬يصبح الرجل فيها مؤمنا و يسي كافرا ‪ ،‬و يسي‬ ‫مؤمنا و يصبح كافرا ‪ ،‬القاعد فيها وخي م ن القائم ‪،‬و القائم فيها وخي‬ ‫م ن الاشي ‪ ،‬و الاشي فيها وخي م ن الساعي ((‪ . 2‬و ثاليثها قوله عليه‬ ‫الصلة و السل م ‪ )) :‬إذا التقى السلمان بسيفهما ‪ ،‬فالقاتل و القتو ل‬ ‫ف النار (( ‪ ،‬فقيل‪ :‬يا رتسو ل ال هذا القاتل فما با ل القتو ل ؟ قا ل ‪:‬‬ ‫)) إنه كان حريصا على قتل أوخيه ((‪. 3‬‬ ‫‪ 1‬رواه أحد ف السند ج ‪4‬ص‪. 408 :‬و التمذ‪:‬ي ‪،‬و صححه اللبان ‪ .‬تسن ن التمذ‪:‬ي ج ‪ 4‬ص‪:‬‬ ‫‪. 490‬‬ ‫‪ 2‬رو‪:‬ي هذا الديث م ن عدة طرق ‪ ،‬منها رواي ة أحد ‪ :‬السند ج ‪ 4‬ص‪. 408 :‬و ورواي ة البخار‪:‬ي‬ ‫ع ن أب هريرة ‪ ،‬و هي قريب ة م ن رواي ة أب موتسى‪،‬و قد ذكرت ‪.‬‬ ‫‪ 3‬رواه اب ن ماج ة و صححه اللبان ‪ .‬السن ن ‪ ،‬كتاب الفت ج ‪2‬ص‪. 1311 :‬و رواه ع ن أب بكرة‬ ‫البخار‪:‬ي ‪،‬و مسلم ‪ ،‬و أحد ‪ ،‬و أبو داود ‪ ،‬و النسائي ‪ .‬العجلون ‪ :‬كشف الفاء ‪،‬بيوت ‪،‬مؤتسس ة‬ ‫الرتسال ة ‪1405‬ه‪،‬ج ‪1‬ص‪. 86 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪19‬‬


‫و ُرو‪:‬ي أن عليا و أصحابه كانوا منزعجي م ن نشاط أب موتسى‬ ‫الشعر‪:‬ي ‪ ،‬ف دعوته للناس باعتزا ل الطائفتي الؤمنتي التقاتلتي ‪ ،‬لن‬ ‫عمله هذا كان يصد الناس ع ن اللتحاق بم ‪ .‬فم ن ذلك وخبان ‪،‬‬ ‫أوهلما ما رواه الطب‪:‬ي بقوله ‪ :‬حدثنا عمر ب ن شّب ة ‪ ،‬حدثنا أبو الس ن‪-‬‬ ‫الدين‪ -‬حدثنا بشي ب ن عاصم ع ن اب ن أب ليلى ‪ ،‬ع ن أبيه أنه قا ل ‪:‬‬ ‫لا سع علي ب ن أب طالب بأن واليه على الكوف ة أبا موتسى الشعر‪:‬ي‬ ‫يدعوا الناس إل اعتزا ل الفتن ة ‪ ،‬بعث إليه كتابا مع هاشم اب ن عتب ة ‪،‬‬ ‫يبه فيه أنه أرتسل إليه هاشم ب ن عتب ة ليحّرض أهل الكوف ة على‬ ‫اللتحاق به ‪ ،‬ث قا ل لب موتسى ‪ )) :‬فإن ل أولك الذ‪:‬ي أنت فيه إل‬ ‫لتكون م ن أعوان على الق (( ‪ ،‬فلما وصل الكتاب إل أب موتسى ل‬ ‫يستجب لعلي فيما أمره به م ن تميع الناس و الوقو ف معه ‪ .‬فكتب‬ ‫هاشم ب ن عتب ة إل علي يقو ل له ع ن أب موتسى ‪ )) :‬إن قد قدمت على‬ ‫رجل رغا ل ظاهر الغل و الشنآن ((‪ -‬أ‪:‬ي البغض‪ -‬فأرتسل إليه علي ب ن‬ ‫أب طالب ‪ ،‬ابنه الس ن و عمار ب ن ياتسر –رضي ال عنهم‪ -‬ليستنفرا له‬ ‫الناس ‪ ،‬و بعث قرظ ة ب ن كعب النصار‪:‬ي أميا على الكوف ة وخلفا لب‬ ‫موتسى و كتب إليه يقو ل ‪ )) :‬إل أب موتسى ‪ ،‬أما بعد فقد كنت أرى‬ ‫أن بعدك ع ن هذا المر ‪ ،‬الذ‪:‬ي ل يعل لك منه نصيبا ‪ ،‬تسيمنعك م ن‬ ‫رد أمر‪:‬ي ‪ . . .‬فاعتز ل عملنا مذموما مدحورا ‪،‬و فإن ل تفعل فإن قد‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪20‬‬


‫أمرته –أ‪:‬ي قرظ ة ب ن كعب‪ -‬أن ينابذك‪ ، 1‬فإن نابذته فظفر بك أن‬ ‫يقّطعك آرابا (( ‪ ،‬فلما وصل الكتاب إل أب موتسى اعتز ل المارة ‪. 2‬‬ ‫فهذه الرواي ة صري ة ف أن أبا موتسى الشعر‪:‬ي كان يعمل على‬ ‫عكس تسياتس ة علي ب ن أب طالب ‪ ،‬ما جعله ينزعج منه و يذمه ‪،‬و‬ ‫يهدده باتستخدا م القوة ضده ‪ ،‬إن هو ل يعتز ل إمارة الكوف ة ‪ .‬و أن أبا‬ ‫موتسى قد أزعج عليا و أصحابه عندما حث الناس على اعتزا ل الفتن ة ‪،‬و‬ ‫عد م القتا ل مع أ‪:‬ي طائف ة م ن الطائفتي التنازعتي ‪ .‬لكنن مع ذلك‬ ‫اتستبعد هذه الرواي ة ‪،‬و اعتقد أنا رغي صحيح ة ف كيثي ما ذكرته ‪ ،‬و‬ ‫ذلك لمري ن ‪ ،‬أوهلما أن ف إتسنادها ‪ :‬اب ن أب ليلى ع ن أبيه ‪ ،‬و هو‬ ‫ليس بالقو‪:‬ي ‪،‬و مضطرب الديث ‪،‬و ل يسمع م ن والده شيئا ‪ ،‬لنه ل‬ ‫يدركه ‪ ،‬فقد توف والده و هو طفل صغي‪ . 3‬و هذا يعن أن إتسناد الرواي ة‬ ‫ضعيف ‪ ،‬فيه انقطاع و إرتسا ل ‪.‬‬ ‫و اليثان أن مت الرواي ة فيه ما ينكر و يستهج ن و يستبعد ‪ ،‬فهي‬ ‫زعمت أن أبا موتسى الشعر‪:‬ي –رضي ال عنه‪ -‬كان ظاهر الغل و‬ ‫‪ 1‬النابذة هي الفارق ة ع ن وخل ف و بغض ‪ ،‬و م ن معانيها أيضا الاهرة بالرب ‪ .‬علي ب ن هادي ة و‬ ‫آوخران ‪ :‬القاموس الديد ‪ ،‬الزائر ‪ ،‬الؤتسس ة الوطني ة للكتاب ‪ ، 1991 ،‬ص‪. 1180 :‬‬ ‫‪ 2‬الطب‪:‬ي ‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 3‬ص‪. 35 :‬‬ ‫‪ 3‬الذهب ‪ :‬تذكرة الفاظ ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 171 :‬و أبو تسعيد العلئي ‪ :‬جامع التحصيل ‪ ،‬ط ‪ 2‬بيوت‬ ‫‪ ،‬عال الكتب ‪ ، 1986‬ص‪. 266 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪21‬‬


‫البغض لعلي و أصحابه ‪ ،‬و هذا رغي صحيح ‪ ،‬لن أبا موتسى تسبق و‬ ‫أن ذكرنا أنه ل يك ن يذ م أحدا م ن السلمي ‪ ،‬و إنا كان يّذ ررهم م ن‬ ‫الفتن ة ‪،‬و ييثّبطهم ع ن الشارك ة فيها شفق ة عليهم ‪.‬‬ ‫كما أن ف جواب علي لب موتسى –رضي ال عنهما‪ -‬شدة و‬ ‫مبالغ ة ف الذ م و التهديد و التوّعد بعزله و ماربته و تقطيعه إربا إربا إن‬ ‫هو أصر على بقائه أميا على الكوف ة ‪ .‬و هذا التصّر ف‪-‬ف اعتقاد‪:‬ي‪ -‬ل‬ ‫مبر له و بعيد أن يصدر ع ن صحاب جليل كعلي ب ن أب طالب ‪ ،‬تاه‬ ‫صحاب جليل مسال يدعوا إل حق ن دماء السلمي ‪.‬‬ ‫و الرواي ة اليثاني ة هي الوخرى للطب‪:‬ي ‪،‬و فيها أن نصر ب ن مزاحم قا ل‬ ‫‪ :‬حدثنا عمر ب ن تسعيد ‪ ،‬قا ل حدثن رجل ع ن نعيم ‪ ،‬ع ن أب مري‬ ‫اليثقفي ‪ ،‬قا ل ‪ :‬عندما كان عمار ب ن ياتسر و أبو موتسى الشعر‪:‬ي‬ ‫يتجادلن ف مسجد الكوف ة دوخل رغلمان لب موتسى السجد و هم‬ ‫يصروخون ‪،‬و يقولون أن الشت النخعي‪ 1‬دوخل قصر المارة و ضربم و‬ ‫أوخرجهم ‪ ،‬فخرج أبو موتسى م ن السجد و دوخل قصر المارة ‪ ،‬فصاح‬ ‫عليه الشت قائل ‪ :‬اوخرج م ن قصرنا ‪ ،‬ل أ م لك ‪ ،‬أوخرج ال نفسك ‪،‬‬ ‫‪ 1‬هو أحد كبار رؤوس الفتن ة الذي ن قادوا اليثورة على عيثمان ب ن عفان ‪ ،‬و هو أيضا أحد كبار قادة‬ ‫جيش علي ب ن أب طالب ‪.‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪22‬‬


‫فو ال إنك ل ن النافقي قديا (( ‪ ،‬فقا ل له أبو موتسى ‪ :‬اجلن هذه‬ ‫العشي ة ‪ ،‬فقا ل ‪ :‬هي لك ‪،‬و ل تبيت ف القصر الليل ة ‪ .‬ث دوخل الناس‬ ‫القصر ينتهبون متاع أب موتسى ‪ ،‬فمنعهم الشت و أوخرجهم م ن القصر‬ ‫‪،‬و قا ل ‪ :‬إن قد أوخرجته ‪ ،‬فكف الناس عنه ‪. 1‬‬ ‫هذه الرواي ة هي الوخرى فيها تصوير ‪ ،‬لا كان يقو م به أبو موتسى‬ ‫الشعر‪:‬ي ف التصد‪:‬ي للفتن ة و دعوة الناس إل اعتزاهلا ‪،‬و رد فعل بعض‬ ‫أصحاب علي تاه ما يقو م به ضد تسياتستهم ؛ لكنها –أ‪:‬ي الرواي ة‪ -‬ل‬ ‫تصح ‪ ،‬لن ف إتسنادها ‪ :‬نصر ب ن مزاحم ‪ ،‬وهو كذاب متوك ‪ ،‬واهي‬ ‫الديث رافضي جلد‪ . 2‬و ف التسناد – أيضا‪ -‬مهو ل ‪ ،‬قا ل عنه‬ ‫عمر ب ن تسعيد ‪ :‬حدثن رجل ع ن نعيم ‪ .‬فم ن هو هذا الرجل ؟ فهو إذن‬ ‫مهو ل العي و الا ل ‪.‬‬ ‫و م ن نشاط أب موتسى الشعر‪:‬ي –رضي ال عنه‪ -‬ف تسكي‬ ‫الفتن ة بي الطائفتي الؤمنتي التقاتلتي ‪ ،‬إنه قبل أن يكون أحد الكمي‬ ‫ف قضي ة التحكيم بعد معرك ة صفي ‪ ،‬فمّيثل أهل العراق ف اجتماعه‬

‫‪ 1‬الطب‪:‬ي ‪ :‬الصدر السابق ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص ‪. 28 :‬‬ ‫‪ 2‬الذهب ‪ :‬ميزان العتدا ل ‪ ،‬مصر دار العار ف ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص‪. 254-253 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪23‬‬


‫بميثل أهل الشا م عمرو ب ن العاص –رضي ال عنه‪ -‬فقا م الثنان بدورها‬ ‫كامل ‪،‬و اتفقا على و ثيق ة عمل لوضع حد للفتن ة‪. 1‬‬ ‫و أما الصحاب اليثان ‪ ،‬فهو عمران ب ن حصي –رضي ال عنه‪-‬‬ ‫فقد اعتز ل الفتن ة و دعا الناس إل اعتزاهلا ‪ ،‬و ناهم ع ن بيع السلح‬ ‫فيها‪. 2‬و قا ل اب ن جرير الطب‪:‬ي ‪ :‬حدثنا عمرو ب ن علي‪ -‬أبو حفص‬ ‫الصيف‪ -‬حدثنا يزيد ب ن زريع ‪ ،‬حدثنا أبو نعام ة العدو‪:‬ي ‪ ،‬ع ن حجي‬ ‫ب ن الربيع‪ ، 3‬أنه قا ل ‪ :‬قا ل ل عمران ب ن حصي ‪ ،‬تسر إل قومك و‬ ‫اجع ما يكونون ‪ ،‬فقم فيهم قائما ‪ ،‬فقل أرتسلن إليكم عمران ب ن‬ ‫حصي صاحب رتسو ل ال –صلى ال عليه و تسلم‪ -‬يقرأ عليكم‬ ‫السل م ‪ ،‬ث ادعوهم إل اعتزا ل الفتن ة ‪ ،‬و إن اعتزاهلا على رأس جبل‬ ‫لرعي العز ‪ ،‬هو أحب إل عمران ب ن حصي‪ ،‬م ن أن يرمي بسهم واحد‬ ‫‪ 1‬ما يكى ع ن أب موتسى أنه كان مغفل ‪،‬و أن اب ن العاص كان داهي ة مكارا ‪ ،‬و أنما تسابا و‬ ‫افتقا عليه ‪ ،‬و رغيها م ن الزاعم هي أوخبار ل تيثبت أما م التحقيق و النقد العلميي ‪ ،‬و للتوتسع ف‬ ‫هذا الوضوع أنظر لكاتب هذه السطور كتاب ‪ :‬قضي ة التحكيم قي موقع ة صفي ‪ ،‬ط ‪ 1‬الزائر ‪،‬‬ ‫دار البل غ ‪ 1423 ،‬ه‪ 2002/‬م‪ ،‬ص‪ 30 :‬و ما بعدها ‪.‬‬ ‫‪ 2‬الذهب ‪ :‬تسي أعل م النبلء ‪ ،‬ط مصر ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 509 :‬و البخار‪:‬ي ‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 2‬ص‪:‬‬ ‫‪. 741‬و البيهقي ‪ :‬السن ن الكبى ‪ ،‬ج ‪ 5‬ص‪. 327 :‬و الطب‪:‬ي ‪ :‬الصدر السابق ‪ ،‬ج ‪3‬ص‪37 :‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ 3‬هؤلء الرواة كلهم ثقات ‪ ،‬و عنهم أنظر الذهب ‪ :‬تذكرة الفاظ ‪ ،‬ج ‪1‬ص‪ ، 256 :‬و ج ‪2‬ص‪:‬‬ ‫‪. 487‬و ميزان العتدا ل ‪ ،‬ج ‪ 5‬ص‪. 338 :‬و اب ن حجر ‪ :‬تذيب التهذيب ‪،‬ج ‪ 2‬ص‪. 189 :‬و‬ ‫اب ن حبان ‪ :‬اليثقات ‪ ،‬ج ‪4‬ص‪. 187 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪24‬‬


‫بي الفريقي ‪ .‬فلما ذهب إل قومه و أوخبهم با قاله هلم عمران ب ن‬ ‫‪1‬‬ ‫حصي ل يسمعوا له ‪،‬و أصروا على الوض ف الفتن ة و القتا ل فيها‬ ‫و الصحاب اليثالث هو أبو بكرة نفيع ب ن الارث – رضي ال عنه‬ ‫– اعتز ل الفتن ة و ل ينظم إل أي ة طائف ة ‪. 2‬و عندما التقى بالحنف ب ن‬ ‫قيس حامل تسيفه ‪،‬و متوجها إل اللتحاق بيش علي ب ن أب طالب ‪،‬‬ ‫أوقفه و أقنعه بالعدو ل ع ن رأيه ‪ ،‬بعدما أوخبه أن رتسو ل ال –صلى ال‬ ‫عليه و تسلم‪ -‬قا ل ‪ )) :‬إذا تواجه السلمان بسيفهما ‪ ،‬فالقاتل و القتو ل‬ ‫ف النار ‪ ،‬فقيل ‪ :‬يا رتسو ل ال ‪ ،‬هذا القاتل فما با ل القتو ل ؟ قا ل ‪ :‬إنه‬ ‫أراد قتل صاحبه (( و ف رواي ة ‪ )) :‬إنه كان حريصا على قتل صاحبه‬ ‫((‪. 3‬‬ ‫و هو قد رو‪:‬ي حدييثا نبويا فيه أمر باعتزا ل الفتن ة ‪ ،‬و مفاده أن‬ ‫الرتسو ل ‪-‬عليه الصلة و السل م – قا ل ‪ )) :‬تستكون فتن ة يكون‬ ‫الضطجع فيها وخيا م ن الالس ‪،‬و الالس وخيا م ن القائم ‪،‬و القائم‬ ‫وخيا م ن الاشي ‪،‬و الاشي وخيا م ن الساعي ‪ (( ،‬فقا ل له أبو بكرة ‪ :‬يا‬ ‫‪ 1‬الطب‪:‬ي ‪ :‬الصدر السابق ‪ ،‬ج ‪3‬ص‪. 38-37 :‬‬ ‫‪ 2‬اب ن عبد الب‪ :‬الصدر السابق ج ‪4‬ص‪. 1430 :‬و اب ن تيمي ة‪ :‬منهاج السن ة ج ‪ 8‬ص‪ . 146 :‬و‬ ‫أبو الجاج الز‪:‬ي ‪ :‬تذيب الكما ل ‪ ،‬ج ‪1‬ص‪. 141 :‬‬ ‫‪ 3‬البخار‪:‬ي ‪ :‬الامع الصحيح ‪ ،‬كتاب اليان ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ ،20 :‬و ج ‪ 6‬ص‪. 2594 :‬و أبو داود ‪:‬‬ ‫الصدر السابق ج ‪ 4‬ص‪. 103 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪25‬‬


‫رتسو ل ال ما تأمرن ؟ قا ل ‪ )) :‬م ن كانت له إبل فليلتحق بإبله ‪،‬و م ن‬ ‫كانت له رغنم فليلتحق بغنمه ‪،‬و م ن كانت له أرض فليلتحق بأرضه ‪((،‬‬ ‫فقا ل له أبو بكرة ‪ :‬فم ن ل يك ن له شيء م ن ذلك ؟ قا ل ‪ )) :‬فليعمد‬ ‫إل تسيفه فليضربه بده على حرة ‪ ،‬ث لينجوا ما اتستطاع النجاء ((‪. 1‬‬ ‫و الصحاب الرابع هو عبد ال ب ن تسل م –رضي ال عنه‪ -‬فقد‬ ‫اعتز ل الفتن ة و ل يلبسها ‪ ،‬و عندما رأى علي ب ن أب طالب –رضي‬ ‫ال عنه‪ -‬قد قرر الروج إل العراق و تيأ له ‪ ،‬ناه ع ن ذلك ‪،‬و قا ل له‬ ‫‪ :‬ألز م منب رتسو ل ال –صلى ال عليه و تسلم‪ -‬فإن تركته ل تراه أبدا ‪.‬‬ ‫فقا ل علي لصحابه ‪ :‬إنه رجل صال منا ((‪. 2‬و ف رواي ة أوخرى أنه‬ ‫نصحه بعد م الروج م ن الدين ة ‪،‬و قا ل له ‪ :‬لئ ن وخرجت منها ل ترجع‬ ‫إليها ‪،‬و ل يعود إليها تسلطان السلمي ‪ .‬فلم يعجب قوله بعض‬ ‫أصحاب علي ‪ ،‬فسبوه فتدوخل علي و قا ل هلم ‪ :‬دعوه فنعم الرجل م ن‬ ‫أصحاب الرتسو ل –عليه الصلة و السل م‪. 3-‬‬ ‫و أما الصحاب ة الذي ن انتسبوا إل إحدى الطائفتي ث انسحبوا كلي ة‬ ‫م ن الفتن ة ‪ ،‬فمنهم اثنان ها ‪ :‬أبو مسعود عقب ة ب ن عمرو النصار‪:‬ي‬ ‫البدر‪:‬ي ‪،‬و جرير ب ن عبد ال البجلي –رضي ال عنهما‪ ، -‬الو ل وله‬ ‫‪ 1‬رواه أبو داود ‪ ،‬و صححه اللبان ‪ .‬تسن ن أب داود ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص‪. 99 :‬‬ ‫‪ 2‬هذا الب إتسناده جيد ‪ ،‬على ما ذكره اب ن حجر ف الصاب ة ‪ ،‬ج ‪4‬ص‪. 119 :‬‬ ‫‪ 3‬اب ن كيثي ‪ :‬البداي ة ‪ ،‬ج ‪ 7‬ص‪. 134 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪26‬‬


‫علي ب ن أب طالب –رضي ال عنه‪ -‬إمارة الكوف ة عندما انصر ف إل‬ ‫صفي‪ . 1‬لك ن أبا مسعود ل يك ن راضيا عما ير‪:‬ي ف هذه الفتن ة ‪،‬‬ ‫فكان يطب ف الناس و يقو ل هلم إنه ل يب أن تقتتل الطائفتان ‪،‬و‬ ‫أنه يرجو أن يق ن ال تعال دماءهم ‪ ،‬و يصلح ذات بينهم‪ . 2‬و كان‬ ‫يقو ل أيضا ‪ )) :‬ما أود أن تظهر إحدى الطائفتي على الوخرى ‪ ،‬فقيل‬ ‫له ماذا تريد ؟ قا ل ‪ :‬أن يكون بينهم الصلح ‪ .‬فلما قد م علي إل الكوف ة‬ ‫‪،‬و سع به ‪ ،‬قا ل له ‪ :‬اعتز ل عملنا ‪ .‬فقا ل له أبو مسعود لا ؟ قا ل علي‬ ‫‪ :‬إنا وجدناك ل تعقل عقل ة ‪ .‬قا ل أبو مسعود ‪ :‬أما أنا فقد بقي م ن‬ ‫عقلي أن الوخر شر ((‪. 3‬‬ ‫و أنه أيضا وقف مع أب موتسى الشعر‪:‬ي –رضي ال عنهما‪-‬‬ ‫ف دعوة الناس إل اعتزا ل الفتن ة ‪ ،‬متسكا با ورد م ن الحاديث النبوي ة ف‬ ‫اعتزا ل الفتن ة و عد م حل السلح على السلم‪ . 4‬و قد صّح أنما أنكرا‬ ‫على عمار ب ن ياتسر –رضي ال عنه‪ -‬عندما قد م إل الكوف ة ليستنفر‬ ‫الناس على القتا ل ‪ ،‬فقال له ‪ :‬ما رأينا منك أمرا منذ أتسلمت ‪ ،‬أكره‬ ‫‪ 1‬الاكم ‪ :‬الصدر السابق ج ‪3‬ص‪. 126 :‬‬ ‫‪ 2‬الذهب ‪ :‬اللفاء الراشدون ‪،‬ص‪. 403 :‬و تسي أعل م النبلء ط بيوت ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 495 :‬‬ ‫‪ 3‬الذهب ‪ :‬تسي أعل م النبلء ج ‪2‬ص‪. 495 :‬‬ ‫‪ 4‬اب ن حجر ‪ :‬الصاب ة ‪ ،‬ج ‪ 13‬ص‪. 59 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪27‬‬


‫عندنا م ن إتسراعك ف هذا المر ‪ .‬فقا ل عمر ‪ :‬ما رأيت منكما منذ‬ ‫أتسلمتما ‪ ،‬أمرا أكره عند‪:‬ي م ن إبطائكما ع ن هذا المر‪. 1‬‬ ‫و أما اليثان‪ :‬جرير ب ن عبد ال ‪ ،‬فقد أرتسله علي ب ن أب طالب ‪ ،‬إل‬ ‫معاوي ة ب ن أب تسفيان –رضي ال عنهما‪ -‬يدعوه لبايعته ‪ ،‬ث اعتز ل‬ ‫الفريقي و ل يشارك ف الفتن ة‪. 2‬و يروى أن جريرا عندما اعتز ل الطائفتي‬ ‫‪ ،‬أرتسل إليه علي ب ن أب طالب ‪ ،‬يقو ل له ‪ :‬نعم ما رأيت م ن مفارقتك‬ ‫معاوي ة ‪ ،‬و إن أنزلك بنزل ة رتسو ل ال –صلى ال عليه و تسلم – الت‬ ‫أنزلكها (( ‪ ،‬فرد عليه جرير بقوله ‪ )) :‬إن رتسو ل ال – صلى ال عليه‬ ‫و تسلم‪ -‬بعيثن إل اليم ن أقاتلهم حت يقولوا ل إله إل ال ‪ ،‬فإذا قالوا‬ ‫‪3‬‬ ‫حرمت دماؤهم و أمواهلم (( ‪ ،‬لذا فأنا ل أقاتل م ن يقو ل ل إله إل ال‬ ‫‪.‬‬ ‫و أما الصحاب الذ‪:‬ي اعتز ل القتا ل ف الفتن ة ث التحق بعلي ب ن أب‬ ‫طالب –رضي ال عنه‪ -‬ف النهروان ‪ ،‬فهو أبو أيوب وخالد ب ن يزيد‬ ‫النصار‪:‬ي –رضي ال عنه‪ -‬و ذلك أنه اعتز ل الطائفتي التقاتلتي ف‬ ‫‪ 1‬اب ن أب شيب ة ‪ :‬الصنف ج ‪ 7‬ص‪ . 546 :‬و هذا الب صحيح التسناد و قد تسبق تريهر ‪.‬‬ ‫‪ 2‬الذهب ‪ :‬السي ج ‪ 2‬ص‪. 530،531 :‬و اب ن حجر ‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 1‬ص‪ . 475 :‬و‬ ‫الاكم ‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 3‬ص‪225 :‬‬ ‫‪ 3‬الذهب ‪ :‬نفس الصدر ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪. 530 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪28‬‬


‫معركت المل و صفي ‪ ،‬ث التحق بعلي عندما أرتسلته إليه أ م الؤمني أ م‬ ‫تسلم ة –رضي ال عنها – فحضر معه معرك ة النهروان ف حربه‬ ‫للخوارج‪. 1‬‬ ‫و وختاما لواقف الصحاب ة العتزلي للفتن ة ‪ ،‬أذّك رر هنا بأن الصحاب الذ‪:‬ي‬ ‫فرح بذهاب بصره قبل حدوث الفتن ة ‪ ،‬هو ‪ :‬أبو أتسيد مالك ب ن ربيع ة‬ ‫الساعد‪:‬ي ‪-‬رضي ال عنه‪ ، -‬و ذلك أنه فقد بصره قبل اتستشهاد‬ ‫عيثمان ب ن عفان‪ -‬رضي ال عنه‪ -‬فلما حدثت الفتن ة قا ل ‪ )) :‬المد ل‬ ‫الذ‪:‬ي متعن ببصر‪:‬ي ف حياة النب‪-‬صلى ال عليه و تسلم‪ ، -‬فلم أراد ال‬ ‫الفتن ة ف عباده كف بصر‪:‬ي عنها ((‪. 2‬‬ ‫و يتبّي ما ذكرناه ع ن الصحاب ة العتزلي للقتا ل ف الفتن ة ‪ ،‬أنم اتذوا‬ ‫موقفا مغايرا للطائفتي الؤمنتي التقاتلتي ‪ ،‬فتميزوا به و مدحتهم‬ ‫الحاديث النبوي ة لجله ‪ ،‬و صّوبت موقفهم م ن الفتن ة ‪ .‬و أنم تساهوا‬ ‫ف تجيم الفتن ة و التخفيف م ن حدتا ‪ ،‬بفضل جهودهم ف دعوة‬ ‫‪ 1‬الطيب البغداد‪:‬ي ‪ :‬تاريخ بغداد ‪ ،‬بيوت ‪ ،‬دار الكتب العلمي ة ‪ ،‬د ت ‪ ،‬ج ‪1‬ص‪ . 153 :‬و‬ ‫الذهب ‪ :‬نفس الصدر ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 410 ،406 :‬و الطب‪:‬ي ‪ :‬تاريخ المم ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 6 :‬و ممد‬ ‫أمزون ‪ :‬الرجع السابق ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 171 :‬‬ ‫‪ 2‬روى هذا الب الاكم ) الستدرك ج ‪ 3‬ص‪. ( 591 :‬و الطبان ‪،‬و رجاله ثقات ‪ .‬اهلييثمي ‪ :‬ممع‬ ‫الزوائد ‪ ،‬ج ‪ 9‬ص‪. 363 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪29‬‬


‫الناس إل اعتزاهلا ‪،‬و تنيبهم الكتواء بنارها ‪.‬و أن م ن بي العتزلي للفتن ة‬ ‫صحاب ة كبار م ن السابقي الولي م ن الهاجري ن و النصار ‪ ،‬كسعد‬ ‫اب ن أب وقاص ‪،‬و عبد ال ب ن عمر ‪،‬و ممد ب ن مسلم ة ‪ ،‬و تسعيد ب ن‬ ‫زيد –رضي ال عنهم‪ -‬و قد كانت معهم أحاديث نبوي ة صحيح ة‬ ‫صري ة ف ذ م الفتن ة و الث على اعتزاهلا ‪.‬‬ ‫مقارنة بين الصحابة المعتزلين للفتنة و الخائضين فيها ‪:‬‬ ‫ذكرنا فر البحرث السرابق طائفر ة مر ن الصرحاب ة العرتزلي للفتنر ة ‪ ،‬و قرد‬ ‫بلغ عددهم تستا و عشري ن ) ‪ (26‬صحابيا ‪ ،‬م ن بينهم ‪ :‬خس ة عشررر )‬ ‫‪ (15‬صرحابيا ‪ ،‬هررم مر ن أعيران الصرحاب ة و أعلمهررم ‪ ،‬مر ن الهرراجري ن و‬ ‫النصار ‪ ،‬و للتذكي بم و مقارنتهم بالصحاب ة الائضي ف الفتن ة ‪ ،‬نورد‬ ‫جرردول مقارن ا يضررم أشررهر أولئررك و هررؤلء ‪ ،‬كمررا هررو مرربّي ف ر الرردو ل‬ ‫اليت ‪:‬‬

‫جدول مقارن لشهر الصحابة المعتزلين للفتنة و الخائضين‬

‫المعتزلون للفتنة‬

‫أهل الكوفة‬

‫تسعد‬ ‫تسعيد ب ن زيد‬

‫علي‬ ‫اب ن عباس‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫أصحاب الجمل و الشام‬ ‫طلح ة‬ ‫الزبي‬

‫‪30‬‬

‫فيها‬


‫اب ن عمر‬ ‫أتسام ة ب ن زيد‬ ‫ممد ب ن مسلم ة‬ ‫عبد ال ب ن تسل م‬ ‫جرير ب ن عبد ال‬ ‫أبو موتسى الشعر‪:‬ي‬ ‫أبو مسعود البدر‪:‬ي‬ ‫أبو هريرة‬ ‫أبو بكرة‬ ‫أهبان ب ن صيفي‬ ‫عمران ب ن حصي‬ ‫زيد ب ن ثابت‬ ‫‪1‬‬ ‫صهيب ب ن تسنان‬

‫عمار ب ن ياتسر‬ ‫الس ن ب ن علي‬ ‫السي ب ن علي‬ ‫تسهل ب ن حنيف‬ ‫عيثمان ب ن حنيف‬ ‫جابر ب ن عبد ال‬ ‫وخوات ب ن جبي‬ ‫عد‪:‬ي ب ن حات‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫عبد ال ب ن الزبي‬ ‫معاوي ة‬ ‫عمرو ب ن العاص‬ ‫عبد ال ب ن عمرو ب ن العاص‬ ‫النعمان ب ن بشي‬ ‫أبو رغادي ة الهن‬ ‫حبيب ب ن مسلم ة‬ ‫أبو العور السلمي‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫واضح م ن الدو ل أعله أن الصحاب ة العتزلي للفتن ة هم أكيثر‬ ‫عددا ‪،‬و فيهم أعيان مشهورون ل يوجد ميثلهم ف الطائفتي الوخريي ‪،‬‬ ‫كسعد ب ن أب وقاص ‪،‬و أب هريرة ‪،‬و عبد ال ب ن عمر‪،‬و أب موتسى‬ ‫الشعر‪:‬ي ‪،‬و صهيب ب ن تسنان الرومي ‪،‬و عمران ب ن حصي ‪،‬و أتسام ة‬

‫‪ 1‬مصادر العتزلي الفتن ة تسبق ذكرها ‪،‬أما مصادر الائضي فيها فهي كاليت و تص رغي الشهوري ن ‪.‬‬ ‫الذهب ‪ :‬اللفاء ‪،‬ص‪ .331،389 ،329 :‬و السي ‪ ،‬ط مصر ج ‪2‬ص‪ 343 :‬و ج ‪3‬ص‪.91:‬و‬ ‫اب ن تيمي ة‪ :‬منهاج السن ة ج ‪3‬ص‪،156،220،221 :‬ج ‪4‬ص‪. 121 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪31‬‬


‫ب ن زيد –رضي ال عنهم‪ -‬و م ن بينهم ثلث ة مشهود هلم بالن ة ‪ ،‬و هم‬ ‫‪1‬‬ ‫‪ :‬تسعد ب ن أب وقاص ‪ ،‬و عبد ال ب ن تسل م ‪ ،‬و تسعيد ب ن زيد‬ ‫و أما الصحاب ة م ن أهل العراق –أصحاب علي‪ -‬فالشهور منهم‬ ‫قليل ‪ ،‬كما هو موضح ف الدو ل ‪ ،‬على رأتسهم ‪ :‬علي ب ن أب طالب‬ ‫‪،‬و اب ن عباس ‪،‬و عمار ب ن ياتسر ‪،‬و الس ن و السي – رضي ال‬ ‫عنهم‪ -‬م ن بينهم واحد مشهود له بالن ة هو الما م علي ‪.‬‬ ‫و نفس الشيء يقا ل ع ن الصحاب ة م ن أصحاب المل و الشا م ‪،‬‬ ‫فالشهور منهم قليل كما هو مبّي ف الدو ل ‪ ،‬و على رأتسهم ‪ :‬طلح ة‬ ‫ب ن عبيد ال ‪،‬و الزبي ب ن العوا م ‪ ،‬و معاوي ة ب ن أب تسفيان ‪،‬و عمرو ب ن‬ ‫العاص ‪ - ،‬رضي ال عنهم – و يوجد م ن بينهم اثنان مشهود هلما‬ ‫بالن ة ‪ ،‬ها ‪ :‬طلح ة و الزبي‪، 2‬و ها بالضبط م ن أصحاب المل ‪ ،‬أما‬ ‫أهل الشا م فل يوجد فيهم م ن هو مشهود له بالن ة ‪.‬‬ ‫و وختاما هلذا الفصل يتبي لنا منه ‪ ،‬أن الصحاب ة الكرا م قد تباينت‬ ‫مواقفهم م ن القتا ل ف الفتن ة ‪ ،‬فطائفتان وخاضتا فيها ‪،‬و طائف ة ثاليث ة‬ ‫اعتزلتها ‪،‬و دعت الناس إل اعتزاهلا ‪ ،‬متمسك ة بأحاديث نبوي ة صحيح ة‬ ‫‪ 1‬انظر ‪ :‬الذهب‪ :‬تسي أعل م النبلء ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ 92 :‬و ما بعدها و ‪ 124‬و ما بعدها ‪،‬و ج ‪ 2‬ص‪:‬‬ ‫‪ 296‬و ما بعدها ‪.‬‬ ‫‪ 2‬الذهب ‪ :‬الصدر السابق ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ 23 :‬و ما بعدها ‪،‬و ‪ 41‬و ما بعدها ‪.‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪32‬‬


‫صري ة ف ذ م الفتن ة و الث على اعتزاهلا ‪ ،‬و تصويب موقف العتزلي‬ ‫هلا ‪ .‬و أن م ن بي هذه الطائف ة ‪-‬أ‪:‬ي اليثاليث ة‪ -‬صحاب ة كبار م ن‬ ‫السابقي الولي م ن الهاجري ن و النصار ‪ ،‬تساهوا ف تفيف حدة‬ ‫الفتن ة ‪ ،‬و مّيثل موقفهم بديل ع ن الرب تبناه كيثي م ن السلمي و‬ ‫وجدوا فيه السلم ة و المان ‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬ ‫ردود و مناقشات حول الصحابة المعتزلين للفتنة‬ ‫وخصصت هذا الفصل لدراتس ة و مناقش ة خس قضايا هام ة تص‬ ‫الصحاب ة العتزلي للفتن ة ‪ ،‬نتطّرق إليها فيما يأيت تباعا ‪ ،‬إن شاء ال‬ ‫تعال‪.‬‬ ‫أول ‪ :‬مجموع الصحابة المعتزلين للفتنة ‪:‬‬ ‫ذكر الافظ اب ن حجر العسقلن‪ ،‬أن جهور الصحاب ة وخاضوا ف‬ ‫الفتن ة ‪،‬و قاتلوا فيها‪ . 1‬و هذا يعن أن قل ة م ن الصحاب ة اعتزلت القتا ل‬ ‫‪،‬و أكيثريتهم وخاضته ‪ .‬فهل قوله هذا صحيح ؟‬

‫‪ 1‬الصاب ة ‪ ،‬ج ‪ 13‬ص‪. 41 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪33‬‬


‫ل أوافقه فيما قاله ‪،‬و اعتقد أنه أوخطأ ف فيما ذهب إليه ‪ ،‬لن ة‬ ‫‪1‬‬ ‫توجد شواهد تاريي ة صحيح ة تالفه ‪ .‬أوهلا رواي ة صحيح ة التسناد‬ ‫ذكرها معمر ب ن راشد ‪ ،‬ع ن أيوب السختيان ‪ ،‬ع ن ممد ب ن تسيي ن أنه‬ ‫قا ل ‪ :‬لا حدثت الفتن ة كان عدد الصحاب ة عشرة آل ف ‪ ،‬ل )) يف‬ ‫منهم أربعون رجل ((‪. 2‬و نفس الرواي ة ذكرها أبو بكر الل ل بإتسناد‬ ‫صحييح ‪ ،‬ع ن عبد ال ب ن أحد ب ن حنبل ‪ ،‬ع ن أبيه ‪ ،‬ع ن اساعيل‪-‬اب ن‬ ‫علي ة‪ -‬ع ن أيوب‪ -‬السختيان‪ -‬ع ن ممد ب ن تسيي ن ‪ ،‬أن قا ل ‪:‬‬ ‫)) هاجت الفتن ة و أصحاب رتسو ل ال –صلى ال عليه و تسلم‪ -‬عشرة‬ ‫آل ف ‪ ،‬فما حضر فيها مائ ة ‪ ،‬بل ل يبلغوا ثلثي ((‪ . 3‬فهتان الروايتان‬ ‫صريتان ف أن م ن جل ة عشرة آل ف صحاب ل يشارك منهم ف الفتن ة‬ ‫إل قل ة قليل ة ل تصل إل أربعي شخصا ‪.‬‬ ‫و أما ما رواه الاكم النيسابور‪:‬ي بإتسناده ع ن ممد ب ن علي الصنعان‬ ‫‪ ،‬ع ن اتسحاق ب ن إبراهيم ‪ ،‬ع ن عبد الرزاق ‪ ،‬ع ن معمر ‪ ،‬ع ن أيوب ‪،‬‬ ‫ع ن ممد ب ن تسيي ن ‪ ،‬أنه قا ل ‪ :‬ثارت الفتن ة و الصحاب ة عددهم ‪10‬‬ ‫آل ف ‪ ،‬ل يف فيها منهم إل أربعون رجل ‪ .‬و وقف مع علي ب ن أب‬ ‫‪ 1‬إتسنادها ظاهر الصح ة ‪ ،‬لن رواتا معروفير ‪،‬و هم م ن كبار العلماء اليثقات ‪.‬‬ ‫‪ 2‬معمر ب ن راشد ‪ :‬الامع ‪ ،‬ج ‪11‬ص‪. 357 :‬‬ ‫‪ 3‬الل ل ‪ :‬السن ة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 466 :‬و احد ب ن حنبل ‪ :‬العلل و معرف ة الرجا ل ‪،‬‬ ‫‪. 182‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪34‬‬

‫ج ‪ 3‬ص‪:‬‬


‫طالب مائتان و بضع و أربعون رجل م ن أهل بدر ‪ ،‬منهم ‪ :‬أبو أيوب‬ ‫‪،‬و تسهل ب ن حنيف ‪،‬و عمار ب ن ياتسر‪. 1‬فهو وخب ل يصح ‪-‬بذه‬ ‫الصيغ ة ‪ ،-‬متنا و ل إتسنادا ‪ ،‬فمتنها متناقض ‪ ،‬لنه نص على أنه ل‬ ‫يشارك ف الفتن ة إل أربعون صحابيا ‪ ،‬ث يذكر مباشرة أن أكيثر م ن ‪240‬‬ ‫صحابيا بدريا و قفوا مع علي ب ن أب طالب ! أليس هذا تناقض صارخ ؟‬ ‫! و هذا الت التناقض ترده أيضا ‪ ،‬الروايتان الصحيحتان اللتان تسبقا‬ ‫ذكرها ع ن ممد ب ن تسيي ن ‪.‬‬ ‫و أما إتسنادها ‪ ،‬فم ن رجاله ‪ :‬إتسحاق ب ن إبراهيم ب ن عباد الدير‪:‬ي‬ ‫‪2‬‬ ‫)ت ‪283‬ه( ‪ ،‬و هو ضعيف ‪ ،‬روى ع ن عبد الرزاق أحاديث منكرة‬ ‫و رواي ة الاكم هذه تعرضت –على ما يبدو‪ -‬للتلعب و التحريف على‬ ‫يد بعض رواتا ‪ ،‬قد يكون إتسحاق ب ن إبراهيم ب ن عباد الدير‪:‬ي ‪ ،‬و ربا‬ ‫تعرضت لذلك وخطأ ل عمدا ‪ .‬و ذلك أن الرواي ة ف أصلها عند معمر‬ ‫ب ن راشد تتلف ع ن رواي ة الاكم ‪ ،‬و فيها أن ممد ب ن تسيي ن قا ل ‪ :‬لا‬ ‫حدثت الفتن ة ‪ ،‬كان عدد الصحاب ة ‪ 10‬آل ف ‪ ،‬ل )) يف منهم‬ ‫أربعون رجل (( ‪ ،‬ث قا ل معمر‪ -‬مباشرة – و قا ل رغيه وخف مع علي‬ ‫ب ن أب طالب ‪ ،‬مائتان و بضع ة و أربعون ‪ ،‬م ن أهل بدر ‪ ،‬منهم ‪ :‬أبو‬ ‫‪ 1‬الستدرك ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص‪. 486 :‬‬ ‫‪ 2‬الذهب ‪ :‬ميزان العتدا ل ‪ ،‬ج ‪1‬ص‪. 332 :‬و الغن ف الضعفاء ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ . 69 :‬و اب ن عد‪:‬ي‬ ‫‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 1‬ص‪. 344 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪35‬‬


‫أيوب ‪،‬و تسهل ب ن حنيف ‪ ،‬و عمار ب ن ياتسر‪ . 1‬فرواي ة معمر الصلي ة ‪،‬‬ ‫فيها روايتان ‪ ،‬الول ع ن ممد ب ن تسيي ن و فيها مموع الصحاب ة و‬ ‫عدد م ن شارك منهم ف الفتن ة ‪ .‬و اليثاني ة وخاص ة بالذي ن قاتلوا مع علي‬ ‫م ن الصحاب ة ‪ ،‬و قد رواها معمر ع ن رغي ممد ب ن تسيي ن ‪ ،‬و هذا الغي‬ ‫مهو ل ‪ ،‬و قد عب عنه معمر بقوله ‪ )) :‬و قا ل رغيه (( دون أن يعرفنا به‬ ‫‪ .‬لك ن رواي ة الاكم أدمت البي ن ف رواي ة واحدة هي لب ن تسيي ن ‪،‬‬ ‫لذلك جاءت متناقض ة ‪ .‬مع العلم أن الب اليثان الذ‪:‬ي ورد ف رواي ة‬ ‫معمر ‪ ،‬ل يصح لنه يفتقد إل التسناد ‪،‬و متنه ترده الروايتان‬ ‫الصحيحتان اللتان تسبقا ذكرها ‪،‬و لنه أيضا يرده الب الو ل الصحيح‬ ‫ع ن اب ن تسيي ن ف رواي ة معمر ب ن راشد ‪.‬‬ ‫و الشاهد اليثان ‪ ،‬ما رواه أبو بكر الل ل بإتسناد صحيح ‪ ،‬ع ن عبد‬ ‫ال ب ن أحد ب ن حنبل ‪ ،‬ع ن أبيه ‪ ،‬ع ن تسفيان ‪ ،‬ع ن منصور ب ن عبد‬ ‫الرح ن ‪ ،‬ع ن الشعب أنه قا ل ‪ )) :‬ل يشهد المل م ن أصحاب النب‬ ‫– عليه الصلة و السل م‪ -‬رغي علي ‪،‬و عمار ‪،‬و طلح ة ‪،‬و الزبي ‪ ،‬فإن‬ ‫جاؤوا بامس فأنا كذاب ((‪ . 2‬و نفس الرواي ة ذكرها احد ب ن حنبل ‪،‬‬ ‫‪ 1‬الامع ‪ ،‬ج ‪ 11‬ص‪. 357 :‬‬ ‫‪ 2‬السن ة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 466 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪36‬‬


‫ع ن إساعيل ب ن علي ة ‪ ،‬ع ن منصور ب ن عند الرح ن ‪ ،‬ع ن الشعب‪ . 1‬و‬ ‫رواها أيضا اب ن أب شيب ة ع ن اب ن علي ة ‪ ،‬ع ن منصور ب ن عبد الرح ن ‪،‬‬ ‫ع ن الشعب‪. 2‬‬ ‫هذه الرواي ة أتسانيدها صحيح ة ‪ ، 3‬و قد نصت على أنه ل‬ ‫يشارك م ن الصحاب ة ف موقع ة المل إل أربع ة فقط ‪ ،‬ل وخامس هلم ‪ .‬و‬ ‫هذا يعن أن الغالبي ة الساحق ة م ن الصحاب ة قد اعتزلوا الفتن ة ف هذه‬ ‫الوقع ة ‪ .‬لك ن مع ذلك فإن هذه الرواي ة –أ‪:‬ي رواي ة الشعب‪ -‬بعيدة ع ن‬ ‫القيق ة و يصعب قبوهلا بتلك الصيغ ة ‪ ،‬و ذلك أن الشعب أكد على أنه‬ ‫ل يشارك ف المل إل أربع ة م ن الصحاب ة ‪ ،‬فإن جاء رغيه بامس فهو‬ ‫–أ‪:‬ي الشعب – كذاب ‪ .‬لك ن ن ن نعلم أنه م ن العرو ف أن صحاب ة‬ ‫آوخري ن كانوا مع علي ب ن أب طالب ف موقع ة المل ‪ ،‬و منهم ‪ :‬عبد‬ ‫ال ب ن عباس ‪ ،‬و الس ن و السي ‪ ،‬و تسهل ب ن حنيف ‪ ،‬و عيثمان ب ن‬ ‫‪ 1‬أنظر ‪ :‬العلل و معرف ة الرجا ل ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 45 :‬‬ ‫‪ 2‬أنظر ‪ :‬الصنف ‪ ،‬ج ‪ 7‬ص‪. 538 :‬‬ ‫‪ 3‬هي ظاهرة الصح ة ‪ ،‬لن فيها ‪ :‬عبد ال ب ن أحد ب ن حنبل ‪ ،‬و أحد ب ن حنبل ‪ ،‬و تسفيان‬ ‫اليثور‪:‬ي‪ ،‬أو تسفيان ب ن عيين ة ‪ ،‬و أما الباقون و هم ‪ :‬اب ن علي ة ‪،‬و منصور ب ن عبد الرح ن ‪ ،‬و الشعب‬ ‫‪ ،‬فهم ثقات أيضا ‪ ،‬و عنهم أنظر ‪ :‬الذهب ‪ :‬السي ‪ ،‬ج ‪ 9‬ص‪ 107 :‬و ما بعدها ‪ .‬و الغن ف‬ ‫الضعفاء ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 678 :‬و أبو الجاج الز‪:‬ي ‪ :‬تذيب الكما ل ‪ ،‬ج ‪ 28‬ص‪. 540 :‬و اب ن‬ ‫حجر ‪ :‬لسان اليزان ‪ ،‬ج ‪ 7‬ص‪. 509 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪37‬‬


‫حنيف ‪ .‬و ل شك أن الشعب ل يك ن يهل أن هؤلء كانوا مع علي‬ ‫ب ن أب طالب ‪ ،‬يو م المل ‪ .‬فلماذا إذن قا ل ذلك ؟ ‪.‬‬ ‫قد يقا ل أن الشعب أراد بذلك كبار الصحاب ة السابقي م ن الهاجري ن‬ ‫و النصار ‪ ،‬و هم ‪ :‬علي و عمار ‪ ،‬و طلح ة و الزبي ‪ ،‬و ل يك ن‬ ‫يقصد صغارهم ‪ .‬و هذا احتما ل وارد جدا ‪ ،‬لك ن الرواي ة ترده ‪ ،‬فهي قد‬ ‫ذكرت الصحاب ة مطلقا دون متييز ‪ ،‬و حددتم بأربع ة ل وخامس هلم ‪.‬‬ ‫لك ن الذ‪:‬ي ييثبت ذلك الحتما ل ‪،‬و يفسر مقصود الشعب ‪،‬و يرجح بأن‬ ‫الرواي ة قد حدث فيها تسقط و التباس ‪ ،‬هو أن الطب‪:‬ي روى بإتسناده ع ن‬ ‫الشعب أنه قا ل ‪ )) :‬بال الذ‪:‬ي ل إله إل هو ما نض ف تلك الفتن ة‪-‬‬ ‫دون تديد للمعرك ة‪ -‬إل تست ة بدريي ما هلم م ن تسابع ‪ ،‬أو تسبع ة ما هلم‬ ‫ثام ن ((‪ . 1‬و ف رواي ة أوخرى ع ن الشعب أنه قا ل ‪ )) :‬بال الذ‪:‬ي ل إله‬ ‫إل هو ‪ ،‬ما نض ف ذلك المر إل تست ة بدريي‪ ،‬ما هلم م ن تسابع ((‪. 2‬‬ ‫فواضح م ن هاتي الروايتي أن الشعب ل يك ن يقصد مطلق الصحاب ة ‪ ،‬و‬ ‫إنا قصد البدريي فقط ‪ ،‬و قد حددهم بست ة إل تسبع ة ‪ ،‬شاركوا ف‬ ‫الفتن ة‪ -‬المل و صفي‪ -‬و كان قد حددهم بأربع ة فقط شاركوا ف‬ ‫موقع ة المل ‪ ،‬حسب روايته الول ‪ .‬و بذلك يكون ما رواه الشعب‬ ‫‪ 1‬تاريخ الطب‪:‬ي ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 6 :‬‬ ‫‪ 2‬نفسه ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 6 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪38‬‬


‫دليل آوخر على أن رغالبي ة كبار الصحاب ة قد اعتزلوا الفتن ة ‪،‬و ل يلبسها‬ ‫إل قليل منهم ‪.‬‬ ‫و الشاهد اليثالث هو أن الصحاب ة العروفي الذي ن شاركوا ف الفتن ة ‪،‬و‬ ‫الذكورة أساؤهم ف التواريخ و التاجم ‪ ،‬عددهم مدود جدا ‪ ،‬و قد‬ ‫أحصيت منهم نو ‪ 35‬صحابيا‪ . 1‬و هذا يعن أن رغالبيتهم قد اعتزلوا‬ ‫الفتن ة ‪ ،‬فلو كان عددهم فيها كبيا لعرفنا منهم أكيثر م ن ‪ 35‬صحابيا‬ ‫أضعافا مضاعف ة ‪ .‬و أما ما رواه اليعقوب )ت ‪ 292‬ه( م ن أنه شارك‬ ‫مع علي ‪1100‬صحاب ‪ ،‬و قدرهم السعود‪:‬ي ) ت ‪ 346‬ه( ب ‪:‬‬ ‫‪ 2800‬صحاب‪ . 2‬فهو زعم باطل ل دليل عليه ‪ ،‬لن الروايات‬ ‫الصحيح ة السابق ة الذكر ‪ ،‬تبطل ما زعمه اليعقوب و السعود‪:‬ي ‪ .‬و لن‬ ‫الصنفات الوخرى الت أروخت للفتن ة ل تذكر ذلك العدد الكبي ‪ ،‬ل م ن‬ ‫حيث الساء و ل م ن حيث العدد ‪ .‬كما أن مبالغ ة هذي ن الؤروخي ف‬ ‫العدد م ن و رائها النزع ة الشيعي ة ‪ ،‬فهما شيعيان متطرفان كما هو واضح‬

‫‪ 1‬بعضهم تسبق ذكرهم ‪،‬و ع ن الباقي أنظر ‪ :‬الذهب ‪ :‬اللفاء ص ‪. 329 :‬‬ ‫‪ 2‬تاريخ اليعقوب ‪ ،‬بيوت دار الفكر ‪ ، 1956 ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 134 :‬و مروج الذهب ‪ ،‬الزائر ‪ ،‬موفم‬ ‫للنشر ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 421 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪39‬‬


‫ف كتابيهما ‪ ،‬و الشيع ة عند القيقي ل وزن لرواياتم ‪ ،‬لنم يتعمدون‬ ‫الكذب‪. 1‬‬ ‫كما أنه ل يفى علينا أن الؤرّوخ ير اليعقوب و السعود‪:‬ي ‪ ،‬ل يذكرا‬ ‫للخب – الذ‪:‬ي زعماه‪ -‬إتسنادا ‪ ،‬لكي ننقده و نتعر ف على صحته م ن‬ ‫تسقمه ‪ .‬و با أنما ل يذكرا التسناد فروايتاها مردودتان ‪ ،‬لنما فقدتا‬ ‫شرطا أتساتسيا م ن شروط نقد الب لتمييز صحيحه م ن تسقيمه ‪ .‬و حت‬ ‫إذا افتضنا جدل صح ة ما زعمه اليعقوب و السعود‪:‬ي ‪ ،‬فإن عدد‬ ‫الصحاب ة الشاركي ف الفتن ة يبقى قليل ‪ ،‬و العتزلون هلا يبقى عددهم‬ ‫كبيا ‪ ،‬لن مموع عدد الصحاب ة –عند بداي ة الفتن ة‪ -‬قدر ب‪10 :‬‬ ‫آل ف ‪ ،‬فأي ن ‪ 2800‬صحاب الذي ن زعم السعود‪:‬ي أنم كانوا مع‬ ‫علي ‪ ،‬م ن ذلك الموع العا م ؟ ! ‪.‬‬ ‫و الشاهد الرابع هو أن علي ب ن أب طالب –رضي ال عنه‪ -‬لا‬ ‫طلب م ن أهل الدين ة الروج معه للتصد‪:‬ي لهل مك ة و الشا م ‪ ،‬تيثاقل‬ ‫عنه أكيثرهم ‪،‬و ل يستجب له إل ما بي ‪ 7-4 :‬م ن البدريي‪ . 2‬و هذا‬ ‫يعن أن الدين ة ‪ -‬عاصم ة اللف ة التسلمي ة ‪ ، -‬الت كان يسكنها‬ ‫كيثي م ن الصحاب ة ‪ ،‬ل يرج منهم مع علي إل عدد قليل ‪.‬‬ ‫‪ 1‬اب ن تيمي ة ‪ :‬منهاج السن ة ج ‪ 1‬ص‪. 1 :‬‬ ‫‪ 2‬اب ن كيثي ‪ :‬الصدر السابق ‪ ،‬ج ‪ 7‬ص‪231 :‬ن ‪. 234‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪40‬‬


‫و أوخيا ُيستنتج ما ذكرناه أن الغالبي ة العظمى م ن الصحاب ة قد اعررتزلوا‬ ‫الفتن ة ‪ ،‬ما عدا قل ة قليل ة منهم قد شراركت فيهرا ‪ ،‬يقردر عرددها برالربعي‬ ‫صحابيا ‪ ،‬و قد يزيد على ذلك أو يقل ‪.‬ما ييثبت أن ما قاله الافظ اب ن‬ ‫حجرر العسرقلن مر ن أن جهرور الصرحاب ة قرد شراركوا فر الفتنر ة ‪ ،‬هرو رغير‬ ‫صحيح متاما ‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬هل كان المعتزلون للفتنة على خطأ ؟ ‪:‬‬ ‫ذهب الباحث أبو العلى الودود‪:‬ي إل القو ل بأن الصحاب ة العتزلي‬ ‫للفتن ة ‪ ،‬كانت نواياهم حسن ة أمل ف درئها ‪ ،‬لك ن موقفهم منها أدى‬ ‫إل تفاقمها ‪،‬و بث الشك ف قلوب الناس ‪ ،‬و كان على الم ة أن‬ ‫تتعاون مع علي ب ن أب طالب لتستعادة الم ن و السل م للخلف ة‪ . 1‬و‬ ‫هذا يعن أن العتزلي كانوا على وخطأ ف اعتزاهلم للفتن ة ‪،‬و أنم تساهوا‬ ‫ف تفاقمها ‪ .‬فهل ما ذهب إليه الودود‪:‬ي صحيح ؟ ‪ .‬ل أوافقه على‬ ‫كل ما قاله ‪ ،‬و رد‪:‬ي عليه تسيتكز فيما يأيت ‪:‬‬ ‫أول إن كبار الصحاب ة العتزلي للفتن ة ‪ ،‬كانت معهم أحاديث نبوي ة‬ ‫صحيح ة صري ة – تسبق ذكرها – ف الث على اعتزا ل الفتن ة ‪،‬و قد‬ ‫مدحهم فيها رتسو ل ال –صلى ال عليه و تسلم‪ -‬و صّوبر موقفهم‬ ‫منها ‪ .‬لذا فهؤلء ل يك ن ف وتسعهم ترك الحاديث الت سعوها م ن‬ ‫‪ 1‬اللف ة و اللك ‪ ،‬الزائر ‪ ،‬دار الشهاب ‪ ،‬د ت ‪ ،‬ص‪. 77-76 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪41‬‬


‫النب‪ -‬عليه الصلة و السل م‪ ، -‬ث اللتحاق بالفتن ة ليخوضوا ف دماء‬ ‫السلمي ‪.‬‬ ‫و ثانيا أنه صح ع ن رتسو ل ال –صلى ال عليه و تسلم –أنه حث‬ ‫على اعتزا ل الفتن ة ‪ ،‬ف قوله ‪ )) :‬تستكون فت القاعد فيها وخي م ن القائم‬ ‫‪،‬و القائم فيها وخي م ن الاشي ‪ ،‬و الاشي فيها وخي م ن الساعي ‪ ،‬م ن‬ ‫تشّر ف هلا تستشرفه ‪ ،‬فم ن وجد ملجأ أو معاذا فليعذ به ((‪ . 1‬و ف‬ ‫حديث آوخر قا ل فيه عليه الصلة و السل م ‪ ،‬للحس ن ب ن علي ‪ )) :‬ابن‬ ‫هذا تسيد ‪ ،‬و لعل ال يصلح به بي فئتي م ن السلمي ((‪ . 2‬و واضح‬ ‫م ن هذي ن الدييثي أن اعتزا ل الفتن ة هو الصواب ‪ ،‬و هو الطلوب شرعا‬ ‫‪،‬و أن الصلح مبوب عند ال تعال ‪،‬و أول م ن القتا ل الذ‪:‬ي وخاضته‬ ‫الطائفتان الوخريان ‪.‬‬ ‫و ثاليثا أن العتزلي للفتن ة قد احتجوا بأحاديث نبوي ة صحيح ة متسكوا‬ ‫با دعما لوقفهم ‪ ،‬لك ن الائضي ف الفتن ة ل تك ن معهم نصوص‬ ‫شرعي ة كالت عند العتزلي ‪ ،‬تأمرهم بالقتا ل ف الفتن ة و إنا اعتمدوا‬ ‫على اجتهاداتم و آرائهم ‪ ،‬و ميثا ل ذلك أن علي ب ن أب طالب –‬ ‫رضي ال عنه – عندما رغادر الدين ة متوجها إل العراق ‪ ،‬قا ل له أحد‬ ‫‪ 1‬البخار‪:‬ي ‪ :‬صحيح البخار‪:‬ي ‪ ،‬ج ‪ 8‬ص ‪. 92 :‬‬ ‫‪ 2‬نفس الصدر ج ‪ 8‬ص‪. 99-98 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪42‬‬


‫أتباعه ‪ )) :‬اوخبنا ع ن مسيك هذا ‪ ،‬أعهد عهده إليك رتسو ل ال –‬ ‫صلى ال عليه و تسلم‪ -‬أ م رأ‪:‬ي رأيته ؟ فقا ل علي ‪ :‬ما عهد إلينا رتسو ل‬ ‫ال –صلى ال عليه و تسلم‪ -‬بشيء ‪ ،‬و لكنه رأ‪:‬ي رأيته ((‪ . 1‬و ف‬ ‫رواي ة أوخرى أن عليا وخطب ف الناس فقا ل ‪ )) :‬إن رتسو ل ال –صلى‬ ‫ال عليه و تسلم‪ -‬ل يعهد إلينا ف المارة شيئا ‪،‬و لك ن رأ‪:‬ي رأيناه‬ ‫((‪ . 2‬فم ن الول بالصواب ‪ ،‬العتزلون للفتن ة التمسكون بالحاديث‬ ‫النبوي ة ‪ ،‬أ م الائضون فيها العتمدون على الرأ‪:‬ي و الجتهاد و ل‬ ‫أحاديث معهم ؟ !‬ ‫و رابعا أن ما يد ل على أن العتزلي للفتن ة كانوا على صواب ف‬ ‫موقفهم منها ‪ ،‬هو أن بعض كبار الذي ن وخاضوا ف الفتن ة ‪ ،‬ندموا على‬ ‫وخوضهم فيها ‪ ،‬منهم ‪ :‬علي و ابنه الس ن – رضي ال عنهما ‪ -‬فقد‬ ‫صّح أن علي قا ل لبته الس ن –يو م المل‪ -‬يا حس ن ليت أباك مات‬ ‫قبل عشري ن تسن ة ‪ .‬فقا ل له الس ن ‪ :‬قد كنت أناك ع ن هذا ‪ .‬فرد عليه‬ ‫‪ :‬يا بن ل أر أن المر يبلغ هذا ‪ .‬و ف رواي ة أوخرى أنه ضم الس ن إل‬

‫‪ 1‬رواه أبو داود ‪،‬و صححه اللبان ‪ .‬تسن ن أب داود ج ‪ 4‬ص‪. 217 :‬و رواه عبد ال ب ن أحد ف‬ ‫السن ة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 561 :‬‬ ‫‪ 2‬رواه عبد ال ب ن أحد بإتسناد صحيح ‪ ،‬نفس الصدر ج ‪ 2‬ص‪ . 570 :‬و البخار‪:‬ي ‪ :‬التاريخ‬ ‫الكبي‪ ،‬ج ‪4‬ص‪. 33 :‬و الطيب البغداد‪:‬ي ‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 3‬ص‪. 165 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪43‬‬


‫صدره و قا ل ‪ :‬إن ل يا حس ن ‪ ،‬أ‪:‬ي وخي يرجى بعد هذا ؟‪ . 1‬و يروى‬ ‫أنه قا ل للحس ن ليال صفي ‪ :‬يا حس ن ما ظ ن أبوك أن المر يبلغ هذا‬ ‫‪ . 2‬هذا و رغيه هو الذ‪:‬ي أوجب على علي ب ن أب طالب أنه لو اتستقبل‬ ‫م ن أمره ما اتستدبر‪ ،‬ما فعل ما فعل‪. 3‬‬ ‫و وخامسا أن ما يصّوبر موقف العتزلي للفتن ة ‪ ،‬أن هذه الفتن ة ل‬ ‫تقق للمسلمي مصلح ة ف دينهم و ل ف دنياهم ‪ ،‬فنقص الي و ازداد‬ ‫الشر ‪،‬و تسفكت الدماء ‪،‬و قويت العداوة و البغضاء ‪ ،‬و تفّرقت الم ة‬ ‫شيعا و أحزابا ‪،‬و ل يتمع الناس على إما م واحد ‪ ،‬و ضعفت طائف ة‬ ‫علي الت كانت أقرب إل الق ‪،‬و قويت طائف ة معاوي ة ‪ .‬و معلو م أن‬ ‫الفعل الذ‪:‬ي تكون مصلحته راجح ة على مفسدته يصل به م ن الي‬ ‫‪4‬‬ ‫أعظم ما يصل م ن عدمه ‪ ،‬فتك القتا ل كان أفضل و أصلح و أوخي‬ ‫‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد ال ب ن أحد ‪ :‬نفس الصدر ج ‪ 2‬ص‪. 566 :‬و اب ن كيثي ‪ :‬البداي ة ‪ ،‬ج ‪ 7‬ص‪. 247 :‬و‬ ‫الاكم ‪ :‬الستدرك ‪ ،‬ج ‪3‬ص‪. 420 :‬و اب ن عبد الب ‪ :‬التستيعاب ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 1371 :‬‬ ‫‪ 2‬الذهب ‪ :‬السي ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 120 :‬و اللفاء الراشدون ‪ ،‬ص‪. 336 :‬و اب ن تيمي ة ‪ :‬الصدر‬ ‫السابق ‪ ،‬ط بيوت ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 180 :‬‬ ‫‪ 3‬اب ن تيمي ة ‪ :‬نفسه ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 180 :‬‬ ‫‪ 4‬نفس الصدر ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 223 ، 204 ،156 :‬و مموع الفتاوى ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص‪. 44 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪44‬‬


‫و تسادتسا أن ما يد ل على صواب موقف العتزلي للفتن ة ‪ ،‬أنم‬ ‫باعتزاهلم هلا فعلوا الأمور و الستحب شرعا ‪ ،‬اعتمادا على ما كان معهم‬ ‫م ن الحاديث النبوي ة ‪ ،‬عكس الائضي ف الفتن ة ‪ ،‬الذي ن ل يك ن‬ ‫وخوضهم فيها واجبا و ل مستحبا ‪ ،‬و كان تركهم له وخي م ن فعله ‪،‬‬ ‫لنه قتا ل فتن ة‪. 1‬‬ ‫و تسابعا أن كيثيا م ن كبار الصحاب ة السابقي م ن الهاجري ن و‬ ‫النصار ‪ ،‬كسعد ‪ ،‬و أب هريرة ‪ ،‬و اب ن عمر ‪ ،‬و تسعيد ب ن زيد ‪،‬و‬ ‫صهيب ‪ ،‬و ممد ب ن مسلم ة ‪ ،‬و رغيهم رضي ال عنهم ‪ ،‬قد اعتزلوا‬ ‫الفتن ة و ل يوافقوا عليا و طلح ة و الزبي –رضي ال عنهم‪ -‬ف وخوضهم‬ ‫للفتن ة ‪ .‬و هؤلء الكابر –العتزلون للفتن ة – على حبهم لعلي و‬ ‫تقديهم له ل يوافقوه على أمر القتا ل ‪ ،‬و ل ينظموا إليه‪ . 2‬فد ل كل‬ ‫ذلك على أن موقفهم هو الصح و الول بالتباع ‪.‬‬ ‫و بصف ة عام ة فان مشارك ة العتزلي للفتن ة ف القتا ل بانب علي ب ن‬ ‫أب طالب ‪ ،‬ما كانت لتضع حدا للحرب على ما ذهب إليه أبو العلى‬ ‫الودود‪:‬ي ‪ ،‬بل تزيدها ضراوة ‪ ،‬لن كل أطرا ف الرب كانت مصرة على‬ ‫مواقفها ‪ .‬أفليس عد م وخوضهم فيها أضعفها و جّنب كيثيا م ن الناس‬ ‫‪ 1‬اب ن تيمي ة ‪ :‬منهاج السن ة ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص‪. 448 ، 392 :‬‬ ‫‪ 2‬اب ن تيمي ة ‪ :‬الصدر السابق ‪ ،‬ج ‪ 6‬ص‪. 333 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪45‬‬


‫الكتواء با ؟ ‪ .‬مع العلم أن العتزلي للحرب ل ينكروا حق علي ف‬ ‫اللف ة و أهليته هلا ‪ ،‬و إنا وخالفوه عندما عز م على القتا ل ‪ ،‬و هم ل‬ ‫يكونوا على اتستعداد للخوض معه ف دماء السلمي ‪،‬و ترك قناعاتم و‬ ‫ما سعوه م ن رتسو ل ال –صلى ال عليه و تسلم‪، -‬و يتبعون عليا ف‬ ‫رأ‪:‬ي رآه ند م عليه فيما بعد ‪،‬و وخالفه فيه كيثي م ن كبار الصحاب ة ‪ .‬و‬ ‫هو –أ‪:‬ي علي – ف وخوضه للقتا ل ل يقق ما كان يرجوه ‪ ،‬فل هو‬ ‫اقتص م ن قتل ة عيثمان ‪،‬و ل انتصر على أهل الشا م ‪ ،‬و ل تّك مر ف‬ ‫جيشه ‪ .‬و لاذا ل يقا ل ‪ -‬أيضا‪ -‬إنه كان ف مقدور علي أن يضع يده‬ ‫مع العتزلي للقتا ل ‪ ،‬و يتعاون مع الطالبي بد م عيثمان ‪ ،‬ليقتص م ن‬ ‫الرمي ‪ ،‬و تسقط حج ة الطالبي بالقتصاص كشرط للبيع ة ‪ ،‬و بذلك‬ ‫يعود الم ن و السل م للخلف ة التسلمي ة ؟ ‪ ،‬لكنه ل يفعل ذلك ‪.‬‬ ‫و وختاما لا ذكرناه ف هذا البحث ‪ ،‬يتبي لنا منه أن موقف الصحاب ة‬ ‫العتزلي للقتا ل ف الفتن ة ‪ ،‬كان صوابا تدعمه أدل ة كيثية على مستوى‬ ‫النصوص الشرعي ة ‪،‬و الشواهد النظري ة و العملي ة ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬هل ندم ابن عمر على اعتزاله للفتنة ؟ ‪:‬‬ ‫ذكر اب ن عبد الب أن الوخبار صحت ‪ ،‬م ن أن الصحاب عبد ال ب ن‬ ‫عمر ‪ -‬رضي ال عنه – ند م على اعتزاله للفتن ة ‪،‬و أنه قا ل ‪ :‬ما آتسى‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪46‬‬


‫على شيء ‪ ،‬كما آتسى أن ل أقاتل الفئ ة البارغي ة مع علي ب ن أب طالب‬ ‫‪ .‬فهل صحيح أنه ند م على عد م مشاركته ف القتا ل مع علي ؟ هذا ما‬ ‫أجيب عنه م ن مناقشت لا قاله اب ن عبد الب ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫أول فقد رو‪:‬ي ع ن عبد ال اب ن عمر – رضي ال عنه – ما يعارض‬ ‫ذلك ‪ ،‬فإنه قا ل –بعد الفتن ة ‪ )) : -‬كففت يد‪:‬ي ‪ ،‬فلم اند م ‪،‬و القاتل‬ ‫على الق أفضل ((‪ . 2‬و ثانيا أن تلك الرواي ة ذكرها اب ن عبد الب بل‬ ‫إتسناد ‪ ،‬و هي إن صحت فم ن التمل جدا أن اب ن عمر يقصد بالفئ ة‬ ‫البارغي ة الوارج الذي ن وخرجوا على علي ب ن أب طالب و حاربم ‪ ،‬و هم‬ ‫‪3‬‬ ‫الذي ن صحت الحاديث النبوي ة ف ذمهم و تصويب موقف م ن قاتلهم‬ ‫‪.‬‬ ‫و ثاليثا أنه صّح الب ع ن اب ن عمر أنه قصد بالفئ ة البارغي ة الطارغي ة‬ ‫الجاج ب ن يوتسف اليثقفي ‪ ،‬فقد رو‪:‬ي‪ 4‬ع ن روح ب ن عباد ‪ ،‬ع ن العوا م‬ ‫ب ن حوشب ‪ ،‬ع ن عياش العامر‪:‬ي ‪ ،‬ع ن تسعيد ب ن جبي ‪ ،‬أنه قا ل ‪ )) :‬لا‬ ‫احتضر اب ن عمر ‪ ،‬قا ل ‪ :‬ما آتسى على شيء م ن الدنيا إل على ثلث ‪:‬‬ ‫‪ 1‬التستيعاب ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 77 :‬‬ ‫‪ 2‬الذهب ‪ :‬تسي أعل م النبلء ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 213 :‬‬ ‫‪ 3‬للتوتسع ف ذلك أنظر ‪ :‬اب ن كيثي ‪ :‬البداي ة و النهاي ة ‪ ،‬ج ‪ 7‬ص‪ 309 :‬و ما بعدها‬ ‫‪ 4‬التسناد صحيح ‪ ،‬على ما ذكره القق ‪ .‬الذهب ‪ :‬السي ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 232 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪47‬‬


‫ضمأ اهلواجر ‪،‬و مكابدة الليل ‪ ،‬و أن ل أقاتل الفئ ة البارغي ة الت نزلت‬ ‫بنا ‪ ،‬يعن الجاج ((‪. 1‬‬ ‫و رابعا أنه ل يك ن أن يتك عبد ل ب ن عمر الحاديث النبوي ة‬ ‫الكيثية ‪ ،2‬الت ذمت الفتن ة ‪ ،‬و حيثت على اعتزاهلا ‪ ،‬و صّوبت موقف‬ ‫العتزلي هلا ‪ ،‬ث هو يتخذ موقفا مغايرا لذلك و هو م ن أشد الصحاب ة‬ ‫متسكا بالسن ة كما هو مشهور عنه ‪.‬‬ ‫و وخامسا أنه ل يعقل و م ن الستبعد جدا أيضا ‪ ،‬أن يند م عبد ال‬ ‫ب ن عمر ‪-‬رضي ال ‪ -‬على عد م مشاركته ف الفتن ة بانب علي ب ن أب‬ ‫طالب ‪ ،‬و علي و ابنه الس ن – رضي ال عنهما – قد ندما على ما‬ ‫أقدما عليه ف الفتن ة ‪ ،‬و قد تسبق و أن أثبتنا ذلك‪. 3‬‬ ‫و تسادتسا أنه م ن الستبعد جدا أن يند م اب ن عمر على عد م فعل‬ ‫عمل مكروه ‪ ،‬طّه رر ال يده منه ‪ ،‬و هو فعل ليس بواجب و ل‬ ‫بستحب ‪ ،‬لنه قتا ل فتن ة رغي مأمور به ‪،‬و تركه وخي م ن فعله‪ . 4‬و لنه‬ ‫أيضا جّر على السلمي الويلت و الآتسي ‪ .‬فهل يند م اب ن عمر على‬ ‫‪ 1‬نفسه ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 232 :‬‬ ‫‪ 2‬تسبق ذكرها ف الفصل الو ل ‪.‬‬ ‫‪ 3‬أنظر ‪ :‬البحث اليثالث م ن الفصل اليثان ‪.‬‬ ‫‪ 4‬اب ن تيمي ة ‪ :‬الصدر السابق ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 220 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪48‬‬


‫ذلك و هو الذ‪:‬ي صح عنه أنه كان يقو ل – أيا م الفتن ة ‪ )) : -‬م ن قا ل‬ ‫حي الصلة أجبته ‪ ،‬و م ن قا ل ‪ :‬حي على قتل السلم ‪،‬و أوخذ ماله ‪،‬‬ ‫فل ((‪. 1‬‬ ‫و بناء على ما ذكرناه يتبي لنا منه أن ما رو‪:‬ي ع ن عبد ال ب ن عمر‬ ‫– رضي ال عنه – م ن أنه ند م على اعتزاله للفتن ة و عد م قتاله بانب‬ ‫علي ب ن أب طالب – رضي ال عنه – هو وخب مستبعدا جدا ‪ ،‬و أن‬ ‫الصح أنه ل يند م على موقفه ‪ ،‬وأنه قصد بالفئ ة البارغي ة الجاج ب ن‬ ‫يوتسف و حزبه ‪.‬‬ ‫رابعا ‪ :‬هل أخطأ سعد بن أبي وقاص في اعتزاله للفتنة ؟ ‪:‬‬ ‫روى الاكم النيسابور‪:‬ي ع ن أب زكريا يىي ب ن ممد العنب‪:‬ي ‪ ،‬ع ن‬ ‫إبراهيم ب ن أب طالب ‪ ،‬ع ن علي ب ن النذر ‪ ،‬ع ن اب ن فضيل ‪ ،‬ع ن مسلم‬ ‫اللئي ‪ ،‬ع ن وخيثيم ة ب ن عبد الرح ن ‪ ،‬أنه قا ل ‪ :‬سعت رجل قا ل لسعد‬ ‫ب ن أب وقاص – رضي ال عنه – أن عليا يقع فيك لتخلفك عنه ‪،‬‬ ‫فقا ل تسعد ‪ )) :‬و ال إنه لرأ‪:‬ي رأيته ‪ ،‬و أوخطأ رأ‪:‬ي (( ‪ ،‬ث قا ل تسعد ‪:‬‬ ‫ت إحداه ن أحب إل م ن الدنيا و‬ ‫إن عليا أعطي ثلثا لئ ن أكون أعطي ُ‬ ‫ما فيها ‪ ،‬منها قو ل الرتسو ل‪ -‬صلى ال عليه و تسلم – لعلي ‪ )) :‬م ن‬ ‫‪ 1‬اهلب ‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 3‬ص‪. 228 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪49‬‬


‫كنت موله فلي موله ‪ ،‬اللهم وا ل م ن واله ‪ ،‬و عاد م ن عاداه ((‪. 1‬‬ ‫فهل ما رواه الاكم ع ن تسعد ب ن أب وقاص صحيح ؟ ‪.‬‬ ‫أول إن إتسناد تلك الرواي ة رغي صحيح ‪ ،‬لن م ن رجاله ‪ :‬مسلم ب ن‬ ‫كيسان اللئي ‪ ،‬و هو ليس بيثق ة ‪،‬و متوك الديث‪ . 2‬و هذا وحده‬ ‫دليل كا ف لرد الرواي ة كلي ة ‪ ،‬لنا فقدت شرطا أتساتسيا م ن شروط‬ ‫صح ة الب ‪.‬‬ ‫و ثانيا أن الديث الذ‪:‬ي ورد ف الرواي ة أنكره كيثي م ن العلماء ‪ ،‬و م ن‬ ‫صححه منهم صحح منه القسم الو ل منه فقط ‪ ،‬و هو ‪ )) :‬م ن كنت‬ ‫موله فعلي موله (( ‪ ،‬و قالوا أن الزء اليثان زاده الناس‪ . 3‬و هذا يعن‬ ‫أن الرواي ة موضوع ة تلعب با الرواة و ادوخلوا فيها ذلك الديث رغي‬ ‫الصحيح ‪.‬و ما يزيد ذلك تأكيدا أنه لو صح ذلك الديث لا تلف‬ ‫تسعد ب ن أب وقاص ‪ ،‬و كبار الصحاب ة العتزلي للفتن ة ‪ ،‬ع ن اللتحاق‬

‫‪ 1‬الستدرك على الصحيحي ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 126 :‬‬ ‫‪ 2‬الذهب ‪ :‬ميزان العتدا ل ‪ ،‬ج ‪ 6‬ص‪. 419 :‬‬ ‫‪ 3‬أنظر ‪ :‬اب ن تيمي ة ‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 7‬ص‪. 320 ، 319 :‬و عبد ال ب ن يوتسف الزيلعي ‪:‬‬ ‫نصب الراي ة ‪ ،‬حققه يوتسف البنور‪:‬ي ‪ ،‬مصر ‪ ،‬دار الديث ‪، 1983 ،‬ج ‪ 1‬ص‪ ،360 :‬و الذهب‬ ‫‪ :‬السي ‪ ،‬ج ‪ 5‬ص‪. 415 :‬و أحد ب ن حنبل ‪ :‬فضائل الصحاب ة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 105 :‬و السند‬ ‫ج ‪ 1‬ص‪. 152 :‬و اب ن عد‪:‬ي ‪ :‬الكامل ف ضعفاء الرجا ل ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪. 80 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪50‬‬


‫بعلي ب ن أب طالب ؛ و با أنم تلفوا ع ن فعل ‪ ،‬دّ ل ذلك على بطلن‬ ‫الرواي ة و الديث معا ‪.‬‬ ‫و ثاليثا أنه ما يزيد تلك الرواي ة ضعفا و اتستبعادا أنا ذكرت أن تسعدا‬ ‫قا ل ‪ )) :‬إن عليا أعطي ثلثا لئ ن أكون أعطيت إحداه ن ‪ ،‬أحب إل‬ ‫م ن الدنيا و ما فيها (( و هذا كل م ل يصدق على تسعد ‪ ،‬لنه فعل‬ ‫أعطي أحس ن م ن ذلك ‪ ،‬و أعظم ما ف الدنيا ‪ ،‬و هي الن ة ‪ ،‬فقد‬ ‫بشره با رتسو ل ال ‪-‬عليه الصلة و السل م ‪. 1-‬‬ ‫و رابعا أن ما يضعف تلك الرواي ة أيضا ‪ ،‬أن تسعدا ف اعتزاله للفتن ة‬ ‫ل يك ن شاكا و ل متددا ف موقفه م ن الفتن ة ‪ ،‬بل كان مقتنعا به داعيا‬ ‫إليه ‪ ،‬فعندما جاءه ابنه عمر – و هو معتز ل للفتن ة ‪-‬يدعوه للمشارك ة ف‬ ‫الفتن ة ‪ ،‬ضرب على صدره ‪ ،‬و قا ل له ‪ :‬اتسكت ‪ ،‬سعت رتسو ل ال –‬ ‫عليه الصلة و السل م‪ -‬يقو ل ‪ )) :‬إن ال يب العبد التقي الغن الفي‬ ‫((‪ . 2‬و عندما جاءه رجل – أيا م الفتن ة – و قا ل له ‪ :‬مع أ‪:‬ي الطائفتي‬ ‫أنت ؟ قا ل ‪ :‬ما أنا مع واحد منهما ‪ .‬فقا ل الرجل ‪ :‬فما تأمرن ؟ قا ل‬

‫‪ 1‬الذهب ‪ :‬نفس الصدر ج ‪ 1‬ص‪. 103 :‬‬ ‫‪ 2‬مسلم ‪ :‬صحيح مسلم ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص‪. 2277 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪51‬‬


‫تسعد ‪ :‬هل لك م ن رغنم ؟ قا ل الرجل ‪ :‬ل ‪ ،‬فقا ل تسعد ‪ :‬فاشت رغنما‬ ‫فك ن فيها حت تنجلي الفتن ة ‪. 1‬‬ ‫و وخلص ة ما ذكرناه ‪ ،‬أن ما رواه الاكم النيسابور‪:‬ي م ن أن تسعد‬ ‫ب ن أب وقاص –رضي ال عنه – اعت ف بأنه كان على وخطأ ف اعتزله‬ ‫للفتن ة ‪ ،‬هو وخب رغي صحيح ‪ ،‬ل ييثبت إتسنادا و ل متنا ‪.‬‬ ‫خامسا ‪ :‬هل شارك الصحابي أبو أيوب في موقعتي الجمل و صفين‬

‫؟‬

‫تسبق و أن ذكرنا أن الصحاب أبا أيوب النصار‪:‬ي – رضي ال‬ ‫عنه – كان م ن بي الصحاب ة العتزلي للفتن ة ‪ ،‬لك ن اب ن عبد الب ذكر أن‬ ‫اب ن الكلب و اب ن إتسحاق قال أن أبا أيوب شهد المل و صفي مع‬ ‫علي اب ن أب طالب – رضي ال عنه‪ . 2‬و روى رغيه أن أبا أيوب ف‬ ‫التحاقه بعلي ف المل و صفي ‪ ،‬كان يردد حدييثا ع ن رتسو ل ال –‬ ‫عليه الصلة و السل م‪ -‬يقو ل فيه ‪ )) :‬إن رتسو ل ال عهد إلينا أن نقاتل‬ ‫مع علي الناكيثي ‪-‬أ‪:‬ي أصحاب المل – فقد قاتلناهم ‪ ،‬و القاتسطي‬

‫‪ 1‬انظر البحث اليثان م ن الفصل الو ل ‪.‬‬ ‫‪ 2‬التستيعاب ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص‪. 1606 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪52‬‬


‫أ‪:‬ي أهل الشا م –فهذا وجهنا إليهم ‪ ،‬و الارقي –أ‪:‬ي الوارج ‪ -‬فلم‬‫أرهم بعد ((‪ . 1‬فهل يصح ذلك ع ن أب أيوب ؟ ‪.‬‬ ‫أول إن رواي ة اب ن عبد الب ‪ ،‬ع ن اب ن الكلب ‪ ،‬و اب ن إتسحاق ‪،‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ضعيف ة التسناد ‪ ،‬لن هشا م ب ن ممد الكلب متوك رافضي ‪ ،‬ليس بيثق ة‬ ‫‪ .‬و ممد ب ن إتسحاق ب ن يسار متهم بالكذب ‪ ،‬و كيثرة التدليس ‪ ،‬و‬ ‫قا ل عنه الدارقطن ‪ :‬ل يتج به ‪. 3‬‬ ‫و ثانيا أنه توجد روايات تاريي ة أوخرى تالف ما رواه اب ن عبد الب ‪،‬‬ ‫و تؤكد على أن الصحاب أبا أيوب النصار‪:‬ي – رضي ال عنه – ل‬ ‫يشهد مع علي ب ن أب طالب – رضي ال عنه – معرك ة صفي ‪ ،‬و إنا‬ ‫التحق به عند قتاله للخوارج ف موقع ة النهروان‪. 4‬‬

‫‪ 1‬الذهب ‪ :‬السي ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 410 :‬‬ ‫‪ 2‬الذهب ‪ :‬ميزان العتدا ل ‪ ،‬ط مصر ‪ ،‬ج ‪ 4‬ص‪ . 304 :‬و اب ن الوز‪:‬ي ‪ :‬الضعفاء و التوكي ط‬ ‫‪ 1‬بيوت ‪ ،‬دار الكتب العلمي ة ‪ ، 1406 ،‬ج ‪ 3‬ص‪176 :‬‬ ‫‪ 3‬الذهب ‪ :‬الغن ف الضعفاء ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 553-552 :‬و السي ‪ ،‬ج ‪ 7‬ص‪. 33 :‬و السيوطي‪:‬ر‬ ‫طبقات الفاظ‪ ،‬ط ‪ 1‬بيوت ‪،‬دار الكتب العلمي ة ج ‪ 1‬ص‪. 82 :‬‬ ‫‪ 4‬أنظر ‪ :‬الطيب البغداد‪:‬ي ‪ :‬تاريخ بغداد ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪. 153 :‬و الذهب ‪ :‬السي ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪:‬‬ ‫‪ . 410 ، 406‬و الطب‪:‬ي ‪ :‬الصدر السابق ج ‪ 3‬ص‪. 6 :‬و ممد أمزون ‪ :‬تقيق مواقف‬ ‫الصحاب ة ف الفتن ة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪. 171 :‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪53‬‬


‫و ثاليثا أن الديث الذ‪:‬ي ُرو‪:‬ي أن أبا أيوب النصار‪:‬ي كان يردده ف‬ ‫قتاله مع علي ب ن أب طالب ‪ ،‬ف معركت المل و صفي ‪ ،‬هو حديث‬ ‫رغي صحيح ‪ ،‬رده أهل الديث‪ ، 1‬و ذكره بعضهم ‪- ،‬كاب ن الوز‪:‬ي ‪،‬و‬ ‫السيوطي ‪ ،‬و الشوكان ‪ -‬ف الحاديث الوضوع ة‪. 2‬‬ ‫و بذلك يتبي لنا جليا أن ما رواه اب ن عبد الب ع ن أب أيوب‬ ‫النصار‪:‬ي –رضي ال عنه – م ن أنه التحق بيش علي فبل معرك ة‬ ‫النهروان ‪ ،‬و أنه كان يردد حديث الناكيثي و القاتسطي ‪ ،‬هو وخب ل‬ ‫ييثبت ‪ ،‬و أن الصح أن أبا أيوب اعتز ل المل و صفي ‪ ،‬و ل يلتحق‬ ‫بعلي إل ف معرك ة النهروان تسن ة ‪38‬ه ‪.‬‬ ‫و وختاما لا ذكرناه ف هذا الفصل ‪ ،‬يتبي لنا منه أن الغالبي ة‬ ‫الساحق ة م ن الصحاب ة قد اعتزلوا الفتن ة ‪ ،‬و إن قل ة قليل ة منهم قد‬ ‫وخاضت فيها ‪.‬و أن هؤلء العتزلي هلا كانوا على صواب ف موقفهم‬ ‫‪ 1‬الذهب ‪ :‬نفس الصدر ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪ . 436 ،410 :‬و ميزان العتدا ل ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪ ، 138 :‬و ج‬ ‫‪ 5‬ص‪. 450 :‬و العقيلي ‪ :‬ضعفاء العقيلي ‪ ،‬حققه أمي قلعجي ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬بيوت مؤتسس ة الرتسال ة ‪،‬‬ ‫‪ ، 1404‬ج ‪ 2‬ص‪. 51 :‬‬ ‫‪ 2‬أنظر ‪ :‬اب ن الوز‪:‬ي ‪ :‬الوضوعات ط ‪ 1‬الدين ة النورة ‪ ،‬الكتب ة السلفي ة ‪ ،1386 ،‬ج ‪2‬ص‪11 :‬‬ ‫‪ .‬و السيوطي‪ :‬الللئ الصنوع ة ‪ ،‬ط ‪ ، 1‬بيوت دار الكتب العلمي ة‪ ، 1403 ،‬ج ‪ 1‬ص‪-410 :‬‬ ‫‪. 411‬و الشوكان ‪ :‬الفوائد الموع ة ‪،‬ط ‪ ، 3‬بيوت الكتب التسلمي‪1407 ،‬ه ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪:‬‬ ‫‪. 1183 ، 1136‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪54‬‬


‫منها ‪ ،‬متمسكي با كان معهم م ن الحاديث النبوي ة ع ن ذ م الفتن ة و‬ ‫اعتزاهلا ‪ .‬و تبي أيضا أن ما قيل ع ن ند م اب ن عمر ع ن اعتزاله للفتن ة ‪ ،‬و‬ ‫أن تسعدا اعت ف بطئه ف موقفه منها ‪ ،‬هو أمر ل ييثبت ‪ ،‬و أن‬ ‫الصحيح أنما بقيا على موقفهما الو ل م ن الفتن ة ‪.‬‬

‫الخاتمة‬ ‫توصلت م ن دراتس ة قضايا هذا البحث إل جل ة نتائج ‪،‬‬ ‫منها ‪ :‬إن الصحاب ة العتزلي للقتا ل ف الفتن ة ييثلون الغالبي ة‬ ‫الساحق ة م ن الصحاب ة الكرا م ‪ ،‬و كانت معهم أحاديث نبوي ة‬ ‫صحيح ة صري ة ف ذ م الفتن ة و الث على اعتزاهلا ‪ ،‬و تصويب‬ ‫موقف م ن ابتعد عنها ‪ .‬و قد كان على رأس هؤلء صحاب ة‬ ‫كبار م ن السابقي الولي م ن الهاجري ن و النصار ‪ ،‬تساهوا‬ ‫بفاعلي ة ف التخفيف م ن حدة الفتن ة ‪ ،‬و دعوة الناس إل اعتزاهلا‬ ‫‪ .‬و أما الصحاب ة الائضون فيها – أ‪:‬ي الفتن ة ‪ -‬فكان‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪55‬‬


‫عددهم قليل قد يصل إل أربعي صحابيا ‪ ،‬أو يقل ع ن ذلك و‬ ‫أو يزيد بقليل ‪.‬‬ ‫و تبي أيضا أن الصحاب ة العتزلي للفتن ة كان موقفهم منها‬ ‫صحيحا صوابا ‪ ،‬أيدته الحاديث النبوي ة الصحيح ة الكيثية الت‬ ‫تسبق ذكرها ‪ ،‬و دعمته الثار السلبي ة الدمرة الت انرت ع ن‬ ‫القتا ل ف الفتن ة ‪ ،‬فزاد الشر و قل الي ‪ ،‬و تفّرق الناس شيعا و‬ ‫أحزابا ‪ ،‬و أصبح بأتسهم بينهم شديد ‪ ،‬و تكبدوا ف أنفسهم‬ ‫وخسائر بشري ة كبية ‪.‬‬ ‫ت بمد ال تعال‬ ‫‪.‬‬ ‫)‪(-‬المقدمة ‪:‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫فهرس المحتويات‬ ‫الفصل الول‬

‫‪56‬‬

‫‪.‬‬


‫الصحابة المعتزلون للقتال في الفتنة‬ ‫ تباي ن مواقف الصحاب ة ع ن القتا ل ف الفتن ة‬‫ اشهر الصحاب ة العتزلي للفتن ة‬‫‪ -‬مقارن ة بي الصحاب ة العتزلي للفتن ة و الائضي فيها‬

‫الفصل الثاني‬

‫ردود و مناقشات حول الصحابة المعتزلين للفتنة‬ ‫أول ‪:‬مموع الصحاب ة العتزلي للفتن ة‬ ‫ثانيا‪ :‬هل كان العتزلون للفتن ة على وخطأ ؟‬ ‫ثاليثا ‪ :‬هل ند م اب ن عمر على اعتزاله للفتن ة ؟‬ ‫رابعا ‪:‬هل أوخطأ تسعد ف اعتزاله للفتن ة ؟‬ ‫وخامسا ‪:‬هل شارك أبو أيوب ف المل و صفي؟‬ ‫)‪ (-‬فهرس المحتويات ‪:‬‬

‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪57‬‬


‫الفسطاط ‪ :‬المجلة التاريخية‬

‫‪58‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.