المجموعة الثالثة من كتاب آيات الكون وأحوال الآخرة-3

Page 1

‫عالــــم الغـــيب‬ ‫و َ‬ ‫ن اْلِق ْ‬ ‫منا َ‬ ‫غُد ّ‬ ‫ط سِر ۖ‬ ‫ه َ‬ ‫ح ُ‬ ‫رَحي َ‬ ‫ح َ‬ ‫عْي س َ‬ ‫وأ َ َ‬ ‫شْهٌر ۖ َ‬ ‫هنا َ‬ ‫وَر َ‬ ‫شْهٌر َ‬ ‫هنا َ‬ ‫سلَْي َ‬ ‫يقول ال عز وجــل ) َ‬ ‫س سْلَننا لَ س ُ‬ ‫ن ال ِّ‬ ‫وا ُ‬ ‫ول ِ ُ‬ ‫مسسن َحيَسِز ْ‬ ‫ب‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫عسَذا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫مِرنَسسنا ُنس ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫ن َربِ ّس ِ‬ ‫ه بِسِإْذ ِ‬ ‫ن َحيَسَدَْحي ِ‬ ‫و ِ‬ ‫و َ‬ ‫هۖ َ‬ ‫ل بَْيس َ‬ ‫من َحيَْع َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ذْق ُ‬ ‫مس ْ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫عس ْ‬ ‫مْنُهس ْ‬ ‫ن اْل ِ‬ ‫ج ِّ‬ ‫مس ُ‬ ‫ج َ‬ ‫مُلنو َ‬ ‫ن َ‬ ‫تۚ‬ ‫وُقسُدوٍر ّرا ِ‬ ‫نوا ِ‬ ‫و ِ‬ ‫شسسناُء ِ‬ ‫س ِ‬ ‫سسَينا ٍ‬ ‫فسسنا ٍ‬ ‫ب َ‬ ‫ج َ‬ ‫كسسناْل َ‬ ‫ل َ‬ ‫مناِثيس َ‬ ‫وت َ َ‬ ‫ب َ‬ ‫حسسناِرَحي َ‬ ‫م َ‬ ‫مسسنا َحيَ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عيِر‪َ .‬حيَْع َ‬ ‫ن لَس ُ‬ ‫مسسن ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫و َ‬ ‫كنوُر‪.‬‬ ‫ش ْ‬ ‫ا ْ‬ ‫داُوو َ‬ ‫ل َ‬ ‫ش ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عَبناِد َ‬ ‫كًرا ۚ َ‬ ‫مُلنوا آ َ‬ ‫ع َ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫ل ِّ‬ ‫قِلي ٌ‬ ‫د ُ‬

‫( ســبأ ‪ 13 -12‬ســليمان رسـول مــن‬

‫رسل ال عز وجل ونبي من أنبياءه كان قد دعا ال عز وجل وقال‬

‫) َ‬ ‫و َ‬ ‫بِ ا ْ‬ ‫ب لِسس ي‬ ‫غِفْر ِل ي َ‬ ‫قنا َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل َر ّ‬

‫ب‪َ .‬‬ ‫مْل ً‬ ‫نو ّ‬ ‫ث‬ ‫س ّ‬ ‫رَحي َ‬ ‫من بَْع ِ‬ ‫كنا ّل َ​َحينبَ ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫خناًء َ‬ ‫مِرِه ُر َ‬ ‫ف َ‬ ‫ت اْل َ‬ ‫ك َأن َ‬ ‫دي ۖ إِنّ َ‬ ‫غ ي ِل َ َ‬ ‫خْرَننا لَ ُ‬ ‫جِري بِأَ ْ‬ ‫ح تَ ْ‬ ‫ه ال ِّ‬ ‫د ِّ‬ ‫حْي ُ‬ ‫هنا ُ‬ ‫ُ‬ ‫فناِد‪َ ٰ .‬‬ ‫طناُؤنَسسنا َ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫ص َ‬ ‫م َ‬ ‫ن أَْو‬ ‫هَذا َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫شَينا ِ‬ ‫قّرِني َ‬ ‫خِرَحي َ‬ ‫وآ َ‬ ‫ص‪َ .‬‬ ‫ل بَّنناٍء َ‬ ‫طي َ‬ ‫ب‪َ .‬‬ ‫صنا َ‬ ‫أَ َ‬ ‫مُن ْ‬ ‫فسسنا ْ‬ ‫ف ي اْل َ ْ‬ ‫غ ّ‬ ‫ك ّ‬ ‫وال ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫نوا ٍ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫سنابٍ‪.‬‬ ‫غْيِر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫س ْ‬ ‫أَ ْ‬

‫( ص ‪ 39-35‬قال الحسن البصري ‪ ‬شغلت الخيل سـليمان عـن صـل ة‬

‫العصر فعلم أن ذلك إثم عظيم ووزر كبير فماذا يصنع لكي يتوب إلى ال قال فعقرها فعندما عقره ا‬ ‫كان في علم ال أنه تقي نقي ونبي ورس ول مـن ال نـبيـاء الشـاكرين فسـخر لـه الري ح تجـري بـأمره‬ ‫حيث يشاء ‪ ,‬ذلك الرسول إنما أعطاه ال من النعـم مــا لـم يــؤت أحــد مـن الرس ل ومنهــا أنـه أعطـاه‬ ‫النحـاس يسـيل مـن بـاطن الرض ويخـرج منهـا كـأنه عيـن مـاء وأسـلنا لـه عيـن القطـر ومـن الجـن‬ ‫سخر له من يعملون بأمره وتحت طاعته ومن يخالفه منهم يعــذبه الـ عــز وج ل فكـانوا مــذللين لــه‬ ‫ومسخرين يستصغرون أنفسهم أمام نبي ال سليمان حتى ل يعصون له أم ارً خوفاً من عـذاب الـ‬ ‫عز وجل إن خالفوه والذي يدل علــى أنهــم كــانوا يعملــون ليــس بــإرادتهم قــول الـ عــز وج ل‬

‫) َ‬ ‫منا‬ ‫فلَ ّ‬

‫هۖ َ‬ ‫َ‬ ‫ت اْلجِ ّ‬ ‫ن‬ ‫دابّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ضْيَننا َ‬ ‫ه إِّل َ‬ ‫منا َ‬ ‫ق َ‬ ‫خّر تَبَيَّن ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ض تَْأ ُ‬ ‫مْنوتِ ِ‬ ‫علَْي ِ‬ ‫منا َ‬ ‫من َ‬ ‫ى َ‬ ‫ت َ‬ ‫مْنو َ‬ ‫ه اْل َ‬ ‫سأَتَ ُ‬ ‫دلُّه ْ‬ ‫فلَ ّ‬ ‫علَ ٰ‬ ‫ك ُ‬ ‫ة اْل َْر ِ‬ ‫منو َ‬ ‫ن اْل َ‬ ‫َأن لّْنو َ‬ ‫ن‪ ( .‬سبأ ‪ 14‬فإن نبي ال ســليمان إنمــا‬ ‫ف ي اْل َ‬ ‫عَذا ِ‬ ‫منا لَِبُثنوا ِ‬ ‫ب َ‬ ‫غْي َ‬ ‫ب اْل ُ‬ ‫كناُننوا َحيَْعلَ ُ‬ ‫هي ِ‬ ‫م ِ‬

‫أرادها موعظة فهو الـذي دعـا رب ه وقـال رب عمـي عـن الجـن مــوتي حـتى تعلــم النــس أن الجـن ل‬ ‫يعلمون الغيب وكانت تلك حكمة من نبي ال ســليمان حكمــة فــي التعليــم والرس الة عنــدما علــم أنــه‬ ‫ميت أراد أن يكون موته موعظة ودرساً للناس من بعده فإن كثي ارً من ال نـس يعتقدون أن الجن لــه‬ ‫من الخوارق ما يجعله يعلم الغيب فأراد سليمان أن يبطل هذه العقيـد ة مـن عقـول النـاس فـدعا الـ‬ ‫‪1‬‬


‫عز وجل إن قبضه أن ل تعلم الجن موته فجعله ال مستنداً على عصاه حين مــات لـم يســقط علــى‬ ‫الرض وقد يقول قائل لماذا لم تتحلل الجثة ونجد الجابة عند رسول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم(‬ ‫الذي قال في حديث له إذا كان يوم الجمعـة فـأكثروا مـن الصـل ة علـّي فـإن صـل تـكم تصـلني حيثمـا‬

‫كنتم فقالوا يا رسول ال كيف تصلك صل تـنا وقد أرمت فقال إن ال عــز وج ل حــرم علــى الرض أن‬ ‫تأكل أجساد ال نـبياء " لذلك حفظت الرض جسد نبي ال سليمان ولم تأكله ولـم تتحلــل جثتــه وظـل‬ ‫واقف ـاً مســنداً علــى عصــاه والجــن يعملــون مــا أمره م بــه أن يعملــوه وظل ـوا فــي هــذا العمــل الشــاق‬ ‫يعملون تماثيل كبير ة ومحاريب وقدور راسيات ولم تعلم الجن أنــه ميــت ومـا كـان حــتى غيبـاً ولكنــه‬ ‫ل أمامهم ولكنهم ما استطاعوا أن يعلموه فكيــف يعلمــون الغيــب التــام ‪ ,‬وهنــاك حــديثاً عــن‬ ‫كان ماث ً‬ ‫رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( ولكنــه ضــعيفاً يقــول إن العصــى هــى مــن نبــات الخــروب تلــك‬ ‫العصـا الـتي اتخـذها سـليمان لكـي يسـتند عليهـا وه و واقـف كـانت مـن شـجر الخـروب ولعـل شـجر‬ ‫الخروب تكون مد ة تآكله أطول من غيره فكان ما جاء في معنى هذا الحديث أنه خــر بعــد أن أكلــت‬ ‫الرضة العصا بعد سنة والمد ة ل تعنينا حتى إوان كانت أياماً ولكنها قد تطول إلــى أكــثر مــن الســنة‬ ‫فلننظر إلى العصا من الخشب عندما يأكلها السوس تستمر مد ة طويلة قبل أن تنتهــي منهــا تمامـاً‬ ‫فقد قال رس ول الـ فـي هـذا الحـديث أن تلـك المـد ة سـنة ولكـن أهـل التفسـير قـالوا إن هـذا الحـديث‬ ‫ضعيفاً والمد ة التي مكثها نبي ال سليمان وهو واقف أمام الجن وهم يعملون ل يعلـم قـدرها إل الـ‬ ‫عز وجل وما نستخلصه من كل ذلك أن الجن ل يعلمون الغيب وما من أحد في السـماوات والرض‬ ‫يعلم الغيب إل ال عز وجل ‪ ,‬وقد جاء رجل أعرابي إلى رسول ال )صلي ال عليه وسلم( وقال له‬ ‫يا ُم حـمد امرأتي حبلى فاخبرني مــاذا تلــد وأرض نا مجدبــة أخــبرني مــتى ينــزل الغيــث إوانـي أعلـم يــوم‬ ‫مولدي فأخبرني متى أموت وأخبرني متى الساعة – ورسول ال )صــلي الـ عليــه وسـلم( مــا كــان‬ ‫يجيب إل بوحي من السماء إل بإذن من رب العالمين فنزل قول ال عز وجل‬

‫م‬ ‫)إ ِ ّ‬ ‫ن اللّ َ‬ ‫عن َ‬ ‫دُه ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫عْل ُ‬

‫ب َ‬ ‫منا َ‬ ‫ل اْل َ‬ ‫مسسنا َتسسْدِري‬ ‫ذا تَ ْ‬ ‫سنا َ‬ ‫ك ِ‬ ‫منا ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫غًدا ۖ َ‬ ‫و َ‬ ‫مۖ َ‬ ‫ف ي اْل َْر َ‬ ‫م َ‬ ‫ث َ‬ ‫غْي َ‬ ‫ة َ‬ ‫س ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫حنا ِ‬ ‫س ُ‬ ‫منا تَْدِري نَْف ٌ‬ ‫وَحيَْعلَ ُ‬ ‫وَُحيَن ِزّ ُ‬

‫‪2‬‬


‫س بِأَ ّ َ‬ ‫خِبيسٌر‪.‬‬ ‫ه َ‬ ‫ت ۚ إِ ّ‬ ‫ن اللّ َ‬ ‫م َ‬ ‫عِليس ٌ‬ ‫منو ُ‬ ‫ض تَ ُ‬ ‫نَْف ٌ‬ ‫يِ أْر ٍ‬

‫( لقمــان ‪ 34‬نزلـ ت تلــك اليــة فقــال رسـ ول ال ـ‬

‫)صلي ال عليه وسلم( مفاتيح الغيب خمسة ل يعلمهن إل ال وتل هــذه اليــة وقـد يقــول قائــل إن‬ ‫الطبيب اليوم يعلم ما في الرح ام بواســطة أجهـز ة الشـعة الحديثـة حيــن تحمـل المـرأ ة يعلــم إن كـان‬ ‫ذك ارً أو أنثى وما كان ذلك هو ما تعنيه الية فإنه جاء في تفسـير الطـبري قبـل مئـات السـنين وقبـل‬ ‫أن تكون أجهز ة أشـعة حديثـة أو غيره ا مـن أدوات المعرف ة والعلـم قـال قـد يكــون مـن التجـارب ومـا‬ ‫يعلمه البشر أن ذلـك الحمــل ذكـ ارً أو أنــثى جـاء ذلـك فــي بطـون الكتــب الــتي يســمونها صـفراء وه م‬ ‫صفراء ال لـوان خبثاء العقول إنها صفراء ولكن تحمل بين طياتها علماً وكنو ازً علينـا أن نبحـث فـي‬ ‫بطونها حتى نعلم إلى أي مدى وصل آباؤنا وكيف تخلفنا نحــن البنــاء ول نلـوم إل أنفســنا يعلـم مــا‬ ‫في الرحام شــقي أوسـعيد يعلــم هــو مــؤمن أم كـافر يعلــم أجلــه إلــى أي ســن يعيــش وفـي أي ســاعة‬ ‫يموت فإذا أخذنا واحد ة فقط شقي أوسعيد لو جئنا بأجهز ة العالم أجمع وكل ما توصـل إليــه العلمــاء‬ ‫في العالم من تكنولوجيا فـي كـل فـروع العلـم مـا اسـتطاع إنسـان أن يعلـم مـا بـداخله فـي ذلـك المـخ‬ ‫وكيف يفكـر وكيـف يعمــل والـذي يفكـر فيـه ل تسـتطيع آلــه أن ترص ده وتنطـق بمـا يـدور فــي ذهنـه‬ ‫فكان في الرحم أس ار ارً وعلماً ل يعلمه إل ال الذي يقول فـــي كتــابه‬

‫ب َ‬ ‫فَل َُحي ْ‬ ‫م اْل َ‬ ‫ى‬ ‫هُر َ‬ ‫) َ‬ ‫غْي ِ‬ ‫علَس ٰ‬ ‫عنالِ ُ‬ ‫ظ ِ‬

‫ل َ‬ ‫َ‬ ‫صًدا‪.‬‬ ‫ن اْرتَ َ‬ ‫خْلِف ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ن َحيَ​َدَْحي ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫ى ِ‬ ‫غْيِب ِ‬ ‫سنو ٍ‬ ‫ه َر َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه َ‬ ‫حًدا‪ .‬إِّل َ‬ ‫ه أَ َ‬ ‫فِإنّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َحيَ ْ‬ ‫ض ٰ‬ ‫سُل ُ‬ ‫من ّر ُ‬ ‫من بَْي ِ‬ ‫م ِ‬

‫( الجــن‬

‫‪ 27 – 26‬إل إذا أراد ال عز وجل أن يعلم أحداً من الرسل بأمر من المور وقد يكون غيباً فــإنه‬ ‫يعلمه إياه ‪.‬‬ ‫إن عبد ال بن عباس ‪ ‬قال خمس ل يعلمهن إل ال عز وجل ثم قال بعد هــذه الخمــس ثــم قــال ل‬ ‫يعلمها إل ال عز وجل ل يعلمها ملك مقرب ول نبي مرسل فمن ادعى فيها علمـاً فقــد كفــر ‪ ,‬الــذي‬ ‫يقول إنه عنده علم الساعة فقد كفر الذي يقول إنــه يعلـم مــا فـي الرح ام فقــد كفــر الـذي يقـول إنـه‬ ‫يعلم متى ينزل المطر فقد كفر الذي يقول إنه يعلم ساعة موته أو مكان موته فقد كفر ‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫جاء مسروق إلى أم المؤمنين عائشة رضي ال عنها فقال لها يـا أمـاه هـل رأى رس ول الـ )صـلي‬ ‫ال عليه وسلم( ربه ليلة أسري به فقالت لقد قف شعري مما قلت أين أنت من ثلث من قال لك أن‬ ‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( وقعت لـه فقـد كفـر مـن قـال لـك أن رس ول الـ )صــلي الـ عليــه‬ ‫وسلم( قد فعلها فقد كفر من قال لك أن رسول ال )صلي ال عليه وسـلم( رأى رب ه ليلـة أسـري بـه‬ ‫فقد كفر – فإن ال عز وجل تجلى لُم حـمد )صلي ال عليه وسلم( ولكنه ما اســتطاع أن ينظــر إليــه‬

‫وما استطاع أن يبصره كما قال لبي ذر يا أبا ذر نور أنى أراه – قــالت أم المــؤمنين قــد كفــر فلمــاذا‬ ‫قالت ذلك لن ال عز وجل‬

‫كنا َ‬ ‫شٍر َأن َُحي َ‬ ‫منا َ‬ ‫ب أَْو‬ ‫وَراِء ِ‬ ‫حًينا أَْو ِ‬ ‫جسسنا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫من َ‬ ‫ه إِّل َ‬ ‫كلِ ّ َ‬ ‫ن لِبَ َ‬ ‫و َ‬ ‫يقول ) َ‬ ‫ه اللّ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫و ْ‬

‫سنوًل َ‬ ‫م‪ ( .‬الشورى ‪ 51‬فكان من أنكــر آيـة مـن‬ ‫ه َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ ي بِ​ِإْذنِ ِ‬ ‫فُينو ِ‬ ‫َُحيْر ِ‬ ‫ ي َ‬ ‫منا َحيَ َ‬ ‫ه َ‬ ‫س َ‬ ‫شناُء ۚ إِنّ ُ‬ ‫عِل ّ‬ ‫كي ٌ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ح َ‬

‫كتاب ال عز وجل فقد كفـر ثـم قـالت ومـن قـال لـك أن رس ول الـ )صـلي الـ عليـه وسـلم( قـد كتـم‬ ‫شيئاً مما أوحي إليه فقد كفر – فإن الـذي يــأتي هــذه اليـام ويقـول نري د أن ننقــح فـي ديــن الســلم‬ ‫ونطور فيه الفقه أو نزيد عليه كذا أو ننقص منه كــذا حــتى يـواكب ويلئــم العصــر أو لي حجــة أو‬ ‫ذريعة فإنه يظن أن ُم حـمداً )صلي ال عليه وسلم( قد فرط في الرسالة أو منع شيئاً منها فقالت أم‬ ‫الؤمنين عائشة رضي ال عنها فإن ال عز وجل يقول‬

‫ل بَلِ ّ ْ‬ ‫مسسن‬ ‫ك ِ‬ ‫)َ​َحينا أَ​َحيّ َ‬ ‫ل إِلَْي س َ‬ ‫منا ُأن سِز َ‬ ‫غ َ‬ ‫سنو ُ‬ ‫هنا الّر ُ‬

‫ل َ‬ ‫دي اْل َ‬ ‫م‬ ‫س ۗ إِ ّ‬ ‫م تَْف َ‬ ‫ن اللّس َ‬ ‫ه َل َحيَْهس ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫ه َحيَْع ِ‬ ‫قسْنو َ‬ ‫مس َ‬ ‫م َ‬ ‫هۚ َ‬ ‫ت ِر َ‬ ‫منا بَلّْغ َ‬ ‫ف َ‬ ‫كۖ َ‬ ‫ّربِ ّ َ‬ ‫واللّ ُ‬ ‫سنالَ​َت ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫وِإن لّ ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫ن الّنسسنا ِ‬ ‫اْل َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫كنافِ​ِرَحي َ‬

‫( المائد ة ‪ 67‬ثم قالت أم المؤمنين ومن قال لك أن رسول ال )صلي ال عليه وسلم(‬

‫يعلم ما في غد فقد كفر – فإذا كان رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ل يعلم ما في غد فهل يعلمه‬ ‫إنسان أو جن أو غيره فهل يعلمه عراف أو كاهن – ثم قالت لن ال عز وجل يقــــول‬

‫ك‬ ‫)ُقل ّل أَ ْ‬ ‫مِل ُ‬

‫س ي نَْف ً‬ ‫م اْل َ‬ ‫مسسنا‬ ‫ن اْل َ‬ ‫سسَت ْ‬ ‫ت أَ ْ‬ ‫وَل َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ولَسْنو ُ‬ ‫لَِنْف ِ‬ ‫و َ‬ ‫خْيسِر َ‬ ‫مس َ‬ ‫غْيس َ‬ ‫هۚ َ‬ ‫منا َ‬ ‫را إِّل َ‬ ‫عنا َ‬ ‫شناءَ اللّ ُ‬ ‫ب َل ْ‬ ‫ض ًّ‬ ‫كَثْر ُ‬ ‫علَس ُ‬ ‫كنس ُ‬ ‫مُننو َ‬ ‫شيٌر لِ ّ َ‬ ‫سنوُء ۚ إِ ْ‬ ‫ ي ال ّ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫م َُحيْؤ ِ‬ ‫وب َ ِ‬ ‫ن أَ​َننا إِّل نَ ِ‬ ‫ذَحيٌر َ‬ ‫َ‬ ‫م ّ‬ ‫قْنو ٍ‬ ‫سِن َ‬

‫( الع ـراف ‪ 188‬فمــن ادعــى أنــه يعلــم‬

‫الغيب فقد كفر وعبد ال بن عباس ‪ ‬يقول في هذه الخمس أنـه ل يعلمهـا ملـك مقـرب ول نـبي ول‬ ‫رسول فمن ادعى فيها علماً فقد كفر ‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫إن ال عز وجل زين السماء الـدنيا بزينــة نراهــا بأعيننـا وه ى الكـواكب والنجــوم وجعــل لهـا وظـائف‬ ‫أخرى منها حفظ السماء من الشياطين المـرد ة وكـذلك ليهتـدي بهـا البشـر فـي ظلمـات الـبر والبحـر‬ ‫وما جعلها ال عز وجل لكي يعلم منهـا ال نـسـان الغيـب ومـا سـوف يحـدث ويكـون ومـا جعلهـا الـ‬ ‫محدد ة لعمـر أحـد مـن البشـر ول لكتابـة أجلـه وتفاصـيل حيـاته كمـا نـرى اليـوم الصـحف تفـرد لـذلك‬ ‫المر أبواباً كاملة تتحدث عن أن النجوم تقول كذا وكذا عن مواليد البرج الفل نـي ونجد مــن يشــطط‬ ‫في القول فينبأ بما سوف يكسبه الناس غداً وما يخسره وما يشقيه وما يسعده وكل مــا يقولـون بـه‬ ‫هو علم مـن الغيـب فـإنه الكـذب بعينـه والـدجل والشـعوذ ة والخبـال فـي العقـل لمـن يـدعي هـذا العلـم‬ ‫ولمن يصــدقه فمـن النـاس كـثير مــن يصـدقهم وينقـاد لهـم ول يتخـذ أمـ ارً فـي حيـاته إل بعـد الرج وع‬ ‫إليهم فأي جهل هذا ؟ لن كل تلك المــور هــى مــن أمــور الجاهليــة الــتي جــاء ديــن الســلم لينهــى‬ ‫عنها وليبين أن هذه المور هى من علم ال عز وج ل وح ده وأن مــن يــدعي علمهــا فقــد كفــر بــال‬ ‫عــز وج ل لمــا فــي ذلــك مــن صــالح للبشــر حــتى ل يــدعي إنســان أن لــه ســلطة علــى إنســان ول أي‬ ‫مخلوق من إنس أو جن له سلطة على حيا ة أحد من البشر أو يملــك لــه نفعـاً ول ضـ ارً حــتى يكــون‬ ‫الــ عـــز وجــل هــو الملجــأ والملذ لجميــع خلقــه والــ عـــز وجــل يقــول‬

‫مسسن فِسس ي‬ ‫م َ‬ ‫)ُقسسل ّل َحيَْعلَس ُ‬

‫ض اْل َ‬ ‫شُعُروَن أََّحيناَن َُحيْبَعُثنوَن‪ ( .‬النمل ‪ 65‬الـ عــز وج ل لــم‬ ‫وا ِ‬ ‫و َ‬ ‫هۚ َ‬ ‫غْي َ‬ ‫ت َ‬ ‫منا َ‬ ‫س َ‬ ‫ب إِّل اللّ ُ‬ ‫منا َحيَ ْ‬ ‫ال ّ‬ ‫واْل َْر ِ‬

‫يــأتي بــأرض فقــط ولكنــه أتــى قبلهــا بســماوات حــتى ل يقــول قائــل أن المل ئـكــة تعلــم أو أن الجــن‬ ‫يعلمون أو أن النجوم والكواكب تعلم ‪.‬‬ ‫وقـد كــان هنــاك رج ل مــن رج ال الســلم الــذين كــانوا يخوضـون المعــارك ويضــربون بالســيف كــان‬ ‫يســتعد للخــروج لقتــال الــروم فجــاءه واحــداً ممــن يقولـون عــن انفســهم منجميــن أو عرافيــن أو مــن‬ ‫العالمين ببواطن المور فقال له ل تخرج ل نـك إن خرجت فسوف تكون هزيمتك فقال له ‪:‬‬ ‫السيف أصدق أنباًء من الكـتب‬

‫في حده الحد بين الجد واللعب‬ ‫‪5‬‬


‫بيض الصحائف ل سود الصحائف‬

‫في بطونهن جلء الشك والريب‬

‫وخرج ذلك الرجل إلى المعركة وعاد منتص ارً فكذب المنجمون ولو صدقوا ‪ ,‬ورسول ال )صــلي ال ـ‬ ‫عليه وسلم( سأله الناس عن المنجمون والعرافة والكهان فقال إنهم ليسوا بشيء فقــالوا يــا رس ول‬ ‫ال إنا نسألهم عن الشيء فيكون أي يحدث ما يقولون فقال إن المل ئـكة تكون فــي عنــان الســماء‬ ‫فيكون الشيء في السماء ال عز وج ل بقــدرته يــذكر أن فلن ـاً ســوف يصــيبه فتــذكره المل ئـكــة فــي‬ ‫العنان والشياطين تســترق السـمع فيأخــذون تلـك الكلمـة فيقرونهــا فـي أذن وليهــم فــي أذن الكـاهن‬ ‫فيخلط معها مائة كذبة ‪ ,‬وهذا الذي يحدث إنما هو امتحان وفتنة من ال لكي يعلم من يؤمن ومن‬ ‫يكفر ويعلم من يتبع الحق واليقين ومن يتخلف عن الصراط المستقيم ‪.‬‬ ‫وهناك أمور قد تحدث بعيدا عن إنسان كأن تحدث حادثة في القاهر ة وأنت في الســكندرية فــأنت ل‬ ‫تعلمهــا وتكــون بالنســبة لــك غيب ـاً ولكــن قــد يعلمهــا إنســان آخــر إمــا بشــفافية روح تطلعــه عليهــا‬ ‫ل ولكنهـا‬ ‫المل ئـكة وهى غيب بالنسبة لك أو يكـون عنـده شـروح فتخـبره بهـا الجـن ل نـهـا حادثـة فع ً‬ ‫غيب عنك مثل هذا حدث أيام عمر ‪ ‬عندما كان يخطب الجمعة ثم قــال فــي وسـط كلمــاته يــا زنيــم‬ ‫الجبل الجبل فتحرك زنيم بعد أن سمع صوته ثــم قـال عمـر ‪ ‬يــا سـارية بـن زنيــم الجبـل فـإنه ظلـم‬ ‫من استرعى الذئب على الغنم ‪ ,‬فقد كان في المدينة وينظر إلى جيوشه التي هى في أقاصي البلد‬ ‫ما كان ذلك علماً للغيب ول بما سوف يحدث إنما هو شيء عارض أخبره به ملك من المل ئـكة وقد‬ ‫يكــون حــادث قبيــح يخــبره بــه جــن مــن أهــل الجــن أو مــن الشــياطين أمــا الــذي لــم يحــدث ويأتــك بــه‬ ‫إنسان ويقول بعد ساعة سوف يحدث كذا أو كـذا فـإن ذلـك ضـرباً بـالغيب فمـن قـاله فقـد كفـر ومـن‬ ‫صدقه فقد كفر حتى إوان كان يلهو ويلعب فــإنه ل تقبــل منــه صــل ة أربعيــن يومـ اً ‪ ,‬فــإن رس ول الـ‬ ‫)صلي ال عليه وسلم( يقول من أتى كاهناً ل تقبل له صل ة أربعين يوماً فإن صدقه بما يقول فقد‬ ‫كفر بما أنزل على ُم حـمد )صلي ال عليه وسلم(‬ ‫‪6‬‬


‫الدنـــــيا‬ ‫حَيناُة ال ّ‬ ‫وت َ َ‬ ‫وت َ َ‬ ‫كسسناُثٌر فِسس ي‬ ‫وِزَحيَن ٌ‬ ‫يقـــول الــ عـــز وجــل )ا ْ‬ ‫خٌر بَْيَن ُ‬ ‫دْنَينا لَ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة َ‬ ‫نو َ‬ ‫ب َ‬ ‫منا اْل َ‬ ‫منوا أَنّ َ‬ ‫كس ْ‬ ‫فسسنا ُ‬ ‫ولَْه ٌ‬ ‫ع ٌ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ح َ‬ ‫ل َ‬ ‫صس َ‬ ‫واْل َْوَلِد ۖ َ‬ ‫مسنا ۖ‬ ‫ك ّ‬ ‫ث أَ ْ‬ ‫طنا ً‬ ‫كسنو ُ‬ ‫م َحيَ ُ‬ ‫ب اْل ُ‬ ‫نوا ِ‬ ‫غْي ٍ‬ ‫هي ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ع َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫فناَر نَ​َبناُت ُ‬ ‫م ْ‬ ‫اْل َ ْ‬ ‫را ُثس ّ‬ ‫ه ُث ّ‬ ‫ف ًّ‬ ‫ن ُ‬ ‫فَتسَراُه ُ‬ ‫م َحيَ ِ‬ ‫مَث ِ‬ ‫حَيسناُة الس ّ‬ ‫غسُروِر‪.‬‬ ‫مْغِفَر ٌ‬ ‫خَرِة َ‬ ‫نوا ٌ‬ ‫ع اْل ُ‬ ‫وِر ْ‬ ‫ن الّلس ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫ف ي اْل ِ‬ ‫و ِ‬ ‫مَتسنا ُ‬ ‫دْنَينا إِّل َ‬ ‫مسنا اْل َ‬ ‫و َ‬ ‫نۚ َ‬ ‫ضس َ‬ ‫ه َ‬ ‫مس َ‬ ‫و َ‬ ‫د َ‬ ‫ب َ‬ ‫َ‬ ‫دَحي ٌ‬ ‫ة ِّ‬ ‫عَذا ٌ‬ ‫هنا َ‬ ‫مُنسسنوا‬ ‫ك َ‬ ‫ة َ‬ ‫ت لِلّس ِ‬ ‫ض ُأ ِ‬ ‫من ّربِ ّ ُ‬ ‫عس ّ‬ ‫جّن ٍ‬ ‫ضس َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫مناِء َ‬ ‫سس َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ى َ‬ ‫َ‬ ‫د ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ض ال ّ‬ ‫عْر ُ‬ ‫مْغِفَرٍة ِ ّ‬ ‫سنابُِقنوا إِلَ ٰ‬ ‫واْل َْر ِ‬ ‫ع سْر ِ‬ ‫ه ۚ َٰ‬ ‫ك َ‬ ‫ه ُذو اْل َ‬ ‫م‪.‬‬ ‫ل اْل َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ه َُحيْؤِتي ِ‬ ‫ل اللّ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫سِل ِ‬ ‫ِبناللّ ِ‬ ‫شناُء ۚ َ‬ ‫من َحيَ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ذل ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫واللّس ُ‬ ‫ظيس ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫وُر ُ‬ ‫ضس ِ‬

‫‪21‬‬

‫‪7‬‬

‫( الحديـــد ‪– 20‬‬


‫م َ‬ ‫واْل َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن‬ ‫قنطَ​َرِة ِ‬ ‫قَننا ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫نوا ِ‬ ‫ش َ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫واْلبَِني َ‬ ‫سناِء َ‬ ‫ن النِّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ويقول ال عز وجل )ُزَحيِ ّ َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫طيِر اْل ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ن ِللّننا ِ‬ ‫ث ۗ َٰ‬ ‫حيَسسناِة ال س ّ‬ ‫ذ َ‬ ‫ال ّ‬ ‫عن سَدُه‬ ‫واْل َْن َ‬ ‫واْل َ‬ ‫ه ِ‬ ‫حْر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫مَتنا ُ‬ ‫واْلِف ّ‬ ‫دْنَينا ۖ َ‬ ‫ع اْل َ‬ ‫ك َ‬ ‫ذل ِ َ‬ ‫واْل َ‬ ‫م َ‬ ‫ة َ‬ ‫نو َ‬ ‫م َ‬ ‫ة َ‬ ‫ب َ‬ ‫واللّس ُ‬ ‫س ّ‬ ‫عنا ِ‬ ‫ل اْل ُ‬ ‫خْي ِ‬ ‫مبآبِ‪.‬‬ ‫ن اْل َ‬ ‫ح ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ُ‬

‫( آل عمران ‪14‬‬

‫ولقد قال رسول ال في حديث لــه الـدنيا ملعونـة ملعــون مــا فيهــا إل مــا كــان لـ عــز وج ل " وكـذلك‬ ‫يقول في حديث آخر إن ال عز وجل ما خلق خلقاً أبغض إليه مــن الــدنيا إوانــه لــم ينظــر إليهــا منــذ‬ ‫خلقها " اللهم صل وسلم عليك يا رسول ال يريد أن يعلمنا أن نأخذ مــن الــدنيا العــبر ة والعظــة وأن‬ ‫ل تكون هى أكبر همنا ول مبلغ علمنا وأن تكون الدنيا بالنسبة لنا هى قنطر ة نعبر بها وعليها إلــى‬ ‫الدار الخر ة التي هى الحيوان وقد مر رسول ال ومعه جمع مــن أصـحابة بطريـق ووج دوا بـه شــا ة‬ ‫ميتة فقال لهم أترون هذه هينة على أهلها – أي ل تساوي شــيئاً بعــد ان مــاتت – قــالوا نعــم لــو مــا‬ ‫تكن هينة ما ألقوا بها في الطريق فقال لهم إن الدنيا لهون على ال عز وجل من هذه الشا ة على‬ ‫أهلها ولو كانت الـدنيا تسـاوي عنــد الـ عــز وج ل جنـاح بعوضـة مـا ســقى كـافر منهـا شـربة مــاء "‬ ‫ولكن هذه الدنيا ل تساوي عنـد الـ شـيئاً وه ى أهـون عليـه مـن هـذه الشـا ة الميتتــة النتنـة الملقـا ة‬ ‫على الطريق التي تركها أهلها مرتعاً للذباب والحشرات ولو كـان بهـا شـيئاً نافعـاً مـا تركوه ا ‪ ,‬وأبـو‬ ‫بكر الصديق ‪ ‬وضـع أمـامه طبقــان مــن أطبــاق الطعــام فـإذا بــه يبكــي ويـرد طبقـاً منهــا فيقــول لــه‬ ‫الجلوس ما أبكاك يا خليفة رسول ال قال لقد كنت مع رسول ال )صلي الـ عليــه وسـلم( وقـدمت‬ ‫إليه صحفتان فردهما ثم قال يا دنيا غري غيري ثم قــال لــه لقــد عرض ت لــي الــدنيا وقـالت لــي تفلــت‬ ‫منــي فلــم يفلــت منــي مــن بعــدك " إن الــدنيا دار مــن ل دار لــه لن الــدار الحقيقيــة هــى دار الخ ـر ة‬ ‫والدنيا مال من ل مال له ولها يجمع من ل عقل له وعليها يعادي من ل علم له وعليها يحســد مــن‬ ‫ل تطلع له ولها يسعى من ل حــظ لــه ‪ ,‬ودخــل عليــه أميــر المــؤمنين عمــر بــن الخطـاب ‪ ‬فــإذا بــه‬ ‫ينام على حصير وقد أثر في جسده أي تــرك علمــات علــى جســده مــن شــد ة خشــونته فبكــى أمــامه‬ ‫فقال له ما يبكيك يا عمر قال يا رسول ال كسرى وقيصر يرفلون في الحريـر وأنــت تنـام علـى هــذا‬ ‫‪8‬‬


‫الحصير قال يا عمر هؤلء عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا وهم محرمون مــن طيبــات الخـر ة‬ ‫" لن رسول ال يقول في حديث له الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر يرتع فيهــا يمينـاً ويســا ارً فهــو‬ ‫يلبس الحرير وينام على الديباج ويرفل في النعيم بينما المؤمن قابع فيها كل اهتمامه بمــا يحصــله‬ ‫للدار الخر ة ول تعنيه الدنيا فــي شـيء ول تــؤثر فيـه مغرياتهـا ‪ ,‬والخـر ة هــى جنــة المـؤمن وسـجن‬ ‫الكافر ليس له أبواب ومغاليق ل نـه يكون في قاع جهنم والعياذ بال خالداً فيها أبداً ‪.‬‬ ‫وخبــاب بــن الرت ‪ ‬حــدث لــه مــا حــدث لبــي بكــر الصــديق ‪ ‬فــي يــوم مــن اليــام ُو ضـــعت أمــامه‬

‫صحفتان من الطعام فـإذا بـه يبكــي – فقــط نـوعين أو صــنفين مـن الطعـام ولـو قارن ا بينـه وبيـن مـا‬ ‫يوضع أمامنا الن مــن أصــناف متعــدد ة مــن الطعــام ول نحــرم ذلــك ول نطلــب أن يمتنــع النــاس عـن‬ ‫الطيـب مـن الطعـام وع ن مــا أحــل الـ للنـاس ولكنـا نقــول ننظــر ونأخـذ العـبر ة والعظــة ونتعلــم كيــف‬ ‫تعامل هؤلء الناس مع شهوات الدنيا وملذاتها ونجعلهم قدو ة لنــا ل نـهــم فــازوا بــالخر ة عنــدما وج د‬ ‫خباب هذا الطعام لمـاذا بكــى قــال أرى أنــه قــد ُع جـلــت لنـا حســناتنا لقــد خشــي أن يكــون هــذا الطبــق‬

‫الواحد الزائد من الطعام قد عجل ال له به في الدنيا مقابل حسناته ثــم يقــول لقــد استشــهد مصــعب‬

‫بن عمير ‪ ‬فلم نجد عليه إل برد ة إذا غطينا بها رأسه بدت رجله إواذا غطينا بها رجله بدى رأسه‬ ‫فقال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( غطوا وجهه واجعلوا على رجليه ال زـخر ومصعب هــذا كــان‬ ‫قبل أن يسلم ويـؤمن برس ول الـ يرف ل فـي الحري ر فقـد كـان فـتى مـدلل لوالـديه وكـان فـي نعمـة مـا‬ ‫بعدها نعمة من الزاد والمال ولكنه آثر الدار الخر ة على الدار الدنيا حتى أنه في يوم من اليام كما‬ ‫يروي لنا علي بن أبي طالب ‪ ‬يقول دخل مصعب بن عمير ‪ ‬علينا المسـجد وعليــه ثــوب مرق وع‬ ‫فبكى رسول ال )صلي ال عليه وسلم( لما رأى ما به من فاقة بعد ما كان في نعمــة ثــم قـال أرأيتــم‬ ‫إن وضـعت أمــام أحــدكم صــحفة ورفعــت أخــرى – وكـأنه يحــدثنا نحــن فــي يومنــا هــذا إوالــى أن تقــوم‬ ‫الساعة ذلـك المثـل ماثـل أمامنـا كـأن ُيوضـع أمامنـا أطبـاق الطعـام ثـم ترف ع وتوضـع بعـدها أطبـاق‬

‫الفاكهه ثم يليها غيرها وهكذا وصفاً لحالة الرفاهية والتنعم الــتي يعيشــها النــاس وكـذلك الحــال فــي‬ ‫‪9‬‬


‫الملبس يبدل الواحد منا ملبس الصباح غير ملبس المساء وه ى مـن افخـر الن ـواع أو حـتى مـن‬ ‫أقلها – إواذا غدا أحدكم في حلة وراح في حلـة أخـرى وكسـوتم بيــوتكم ممــا تكســى بـه الكعبـة كيــف‬ ‫أنتم يومها قالوا يا رسول ال نحن يومها أحسن منا اليوم نؤتى المؤونة ونتفرغ لعباد ة ربنــا – كــان‬ ‫ذلك قولهم أيام رسول ال )صــلي الـ عليــه وسـلم( فـإنهم كـانوا فــي ضــيق مــن العيــش وشـد ة فـإذا‬ ‫كانت وتيسرت لهم تلك النعـم الـتي عـددها لهـم رس ول الـه فـإنهم ل يخرج ون للعمـل إنمـا يتفرغ ون‬ ‫لعباد ة ال عز وجل ورسول ال الذي علمه علم الغيوب الذي يعلم ما يحــدث فــي الرض إلــى يــوم‬ ‫القيامة قال لهم بل أنتم اليوم أحسن منكم في حينها ‪.‬‬ ‫إن المؤمن بين مخافتين ما كان يدري مـا يصـنع بـه الـ فيمـا مـر مـن حيـاته أيقبـل منـه عملـه مـن‬ ‫صيام رمضان وقيام الليل أم أن الرياء محاه وأفسده كما نرى كثير من النــاس تهجــر المســاجد بعــد‬ ‫شهر رمضان ول تقوم الليل للصل ة وتلك دروس يجب أن نتعلم منها فهل كان ما يفعله المــرء فــي‬ ‫رمضان من أجل ال أم من أجل الناس أن ياره الناس ويقولوا عنه عابد قــائم بالليــل صــائم بالنهــار‬ ‫أم أنه كان يعمل تلك الصالحات إخلصاً ل وحده أل يعلم أن رب رمضان هو رب شـوال وغيــره مــن‬ ‫الشهور فإذا قصر إنسان في غير رمضان حاسـبه الـ عـز وج ل عـن تقصـيره مـا لـم يكـن لـه عـذر‬ ‫فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول المؤمن بين مخافتين بين أجل مضـى ل يـدري مـا الـ‬ ‫صانع فيه وأجل بقى ل يدري ما ال قاض فيه – أنت ل تدري ما يكون في حياتك فاحرص علــى أن‬ ‫تكون من أهل اليمان فإن القلوب بين يدي الرحمن يقلبها كيـف يشـاء – ثـم يقـول رس ول الـ إوان‬ ‫الدنيا ُخ لـقت لكم وأنتــم ُخلـقتـم للخـر ة والـذي نفســي بيـده مـا بعــد المــوت مـن مســتعتب ‪ -‬ليــس بعـد‬ ‫الموت عتاب إنما هو جزاء ما قدمت يــداك إنمــا هــو ميـزان لــه كفتــان كفــة بهــا الحســنات وكفــة بهــا‬ ‫السيئات فحاول أن تكون كفة الحسنات هى ال ثـقل والرجح – ثم يقول رسول ال )صلي ال عليه‬ ‫وسلم( وما بعد الدنيا من دار إل الجنة أو النار – ويقول قائل ‪:‬‬

‫‪10‬‬


‫يا راغب اللـيل مسرو ارً بأوله‬ ‫كم أبادت ظروف الدهر من ملك‬

‫إن الحوادث قد يطرقن أسحا ارً‬ ‫كـان في دنياه يافـعاً جبا ارً‬

‫الحوادث قد تأتيك في السحر في آخر النوم بينما كنــت فــي نومـك أولـه مســرو ارً علــى فـراش وثيــر‬ ‫ومع زوجة جميلة وأنت في هذه الحالة وفي غاية ال نـسجام ل تدري أن الحـوادث قــد تــأتي بالســحر‬ ‫أي في آخر الليل فأين ذهب الملوك الذي كانوا غارقين في الملك والنعيم المقيم وأين الظلمة وأين‬ ‫الجبابر ة والطغا ة أخذتهم حوادث الدهر فما نفعهم سلطان ول جاه ول مــال ول كــل مــا تــزودوا بــه فــي‬ ‫حياتهم الدنيا ولم تشفع لهم وليس من مالك إل ثل ثـة ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت‬ ‫فأبقيت أما غير ذلك فأنت ذاهب وتـاركه للنــاس مــن وراءك يتنعمــون بــه وتحاســب أنــت عليــه ولـن‬ ‫تفلت من حسابه أبداً ولن تجد يومها ما ينفعك أو يشــفع لــك لنــك اشــتريت الـدنيا الــتي مهمــا طــال‬ ‫عمرك فيها فأنت مفارقها فعمر ما شئت فإنك ميت واحبب من شئت فإنــك مفــارقه واعمــل مــا شــئت‬ ‫فإنك مجازى به فإن تلك الكلمات إنما قالها جبريل لسيد الولين والخرين قالها لُم حـمــد رس ول الـ‬ ‫عليــه أفضــل الصــل ة والســلم قــال لــه يــا ُم حـمــد عــش مــا شــئت فإنــك ميــت واحبــب مــن شــئت فإنــك‬

‫مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجازى بـه فـإذا كـان ذلـك لرس ول الـ فمـا بالـك بمـن دونـه مـن البشـر‬ ‫فمهما طال العمر إوان وصل إلى عمر نـبي الـ نـوح فـإنه ميـت لن الـدار الخـر ة هـى الـدار البديـة‬ ‫الـتي ل نهايـة لهـا فـإن كـانت جنـة فهـى نعيـم مقيـم إوان كـانت جحيمـاً فإنمـا هـى بقـدر عملـك حـتى‬ ‫تخرج منها فإن كان من الكفر ة الفجر ة ومن أهل الشرك فإنه خالـداً فيهـا ل خـروج لـه منهـا فـإن الـ‬ ‫عز وجل يقــول‬

‫مناِء َ‬ ‫حَيناِة ال ّ‬ ‫دْنَينا َ‬ ‫ت‬ ‫خَتلَطَ بِس ِ‬ ‫مناءٍ َأنَزْلَنسسناُه ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫سس َ‬ ‫مس َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل اْل َ‬ ‫مَث َ‬ ‫) َ‬ ‫فسسنا ْ‬ ‫ضِر ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ب لَُهم ّ‬ ‫ه نَبَسسنا ُ‬

‫ض َ‬ ‫ح َ‬ ‫واْلبَُنسنو َ‬ ‫كنا َ‬ ‫ يٍء ّ‬ ‫و َ‬ ‫ن‬ ‫ه َ‬ ‫شي ً‬ ‫صبَ َ‬ ‫مْقَتس ِ‬ ‫ى ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل َ‬ ‫دًرا‪ .‬اْل َ‬ ‫ل َ‬ ‫حۗ َ‬ ‫منا تَْذُروُه ال ِرَّ​َحينا ُ‬ ‫ن الّلس ُ‬ ‫فأَ ْ‬ ‫كس ِ ّ‬ ‫عَلس ٰ‬ ‫مسنا ُ‬ ‫اْل َْر ِ‬ ‫شس ْ‬ ‫حَيناِة ال ّ‬ ‫ل‬ ‫ِزَحيَن ُ‬ ‫خْيٌر ِ‬ ‫جبَسسنا َ‬ ‫م ُن َ‬ ‫وَحيَسْنو َ‬ ‫مًل‪َ .‬‬ ‫خْيسٌر أَ َ‬ ‫و َ‬ ‫نواًبنا َ‬ ‫ك ثَ َ‬ ‫عنَد َربِ ّ َ‬ ‫ت َ‬ ‫صنالِ َ‬ ‫دْنَينا ۖ َ‬ ‫ة اْل َ‬ ‫سس ِي ُّر اْل ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫حنا ُ‬ ‫واْلَبناقَِينا ُ‬ ‫م َ‬ ‫فنا لّ َ‬ ‫م ُن َ‬ ‫منوَننا‬ ‫ضنوا َ‬ ‫شْرَننا ُ‬ ‫ص ًّ‬ ‫قْد ِ‬ ‫غناِدْر ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ى َربِ ّ َ‬ ‫حًدا‪َ .‬‬ ‫م أَ َ‬ ‫ح َ‬ ‫و َ‬ ‫ض َبناِرَزًة َ‬ ‫وتَ​َر ى اْل َْر َ‬ ‫َ‬ ‫مْنُه ْ‬ ‫فل َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫عِر ُ‬ ‫علَ ٰ‬ ‫جْئُت ُ‬ ‫ب َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ضس َ‬ ‫ج َ‬ ‫ل َز َ‬ ‫جِر ِ‬ ‫ع اْل ِ‬ ‫وُو ِ‬ ‫مْنو ِ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫خلَْقَننا ُ‬ ‫ميس َ‬ ‫عًدا‪َ .‬‬ ‫ع َ‬ ‫ل َ‬ ‫و َ‬ ‫منا َ‬ ‫ك َ‬ ‫م ْ‬ ‫م أَّلن نّ ْ‬ ‫مُت ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫مّرٍة ۚ بَ ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫م أَ ّ‬ ‫فَتسَر ى اْل ُ‬ ‫كَتسسنا ُ‬ ‫ل َٰ‬ ‫صسسنا َ‬ ‫وَحيَُقنوُلنو َ‬ ‫وَل َ‬ ‫ب َل َُحي َ‬ ‫هنا‬ ‫ص ِ‬ ‫كَتنا ِ‬ ‫هَذا اْل ِ‬ ‫منا ِ‬ ‫في ِ‬ ‫منا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ح َ‬ ‫غيَرًة َ‬ ‫غناِدُر َ‬ ‫وَْحيلَ​َتَننا َ‬ ‫ن َ​َحينا َ‬ ‫ه َ‬ ‫شِفِقي َ‬ ‫كِبيَرًة إِّل أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ُ‬ ‫‪11‬‬


‫وَل َحيَ ْ‬ ‫حًدا‪.‬‬ ‫منا َ‬ ‫حنا ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ك أَ َ‬ ‫م َربّ َ‬ ‫ضًرا ۗ َ‬ ‫مُلنوا َ‬ ‫جُدوا َ‬ ‫و َ‬ ‫و َ‬ ‫ۚ َ‬ ‫ظِل ُ‬

‫( الكهف ‪ 49-45‬إنـه ل موع د ول لقـاء إوانـه‬

‫حق ووعد لهل اليمان يعملون ويهيئون أنفسهم له بأن ما أمرهم به ال ورسوله هو زادهــم الــذي‬ ‫يبلغهم جنة رب العالمين ‪.‬‬ ‫مناِء َ‬ ‫حَيناِة ال ّ‬ ‫دْنَينا َ‬ ‫ض‬ ‫خَتلَطَ بِس ِ‬ ‫مناٍء َأنَزْلَنناُه ِ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل اْل َ‬ ‫منا َ‬ ‫ال عز وجل يقول )إِنّ َ‬ ‫فسسنا ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ه نَبَسسنا ُ‬ ‫مَث ُ‬ ‫ت اْل َْر ِ‬ ‫م َ‬ ‫خُر َ‬ ‫ى إِ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫قسسناِدُرو َ‬ ‫ن‬ ‫واْل َْن َ‬ ‫خَذ ِ‬ ‫منا َحيَْأ ُ‬ ‫ِ‬ ‫هُل َ‬ ‫ف َ‬ ‫ت َ‬ ‫هنا َ‬ ‫ذا أَ َ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫هنا أَنُّه ْ‬ ‫واّزَحيَّن ْ‬ ‫ض ُز ْ‬ ‫وظَ ّ‬ ‫م ّ‬ ‫حّت ٰ‬ ‫ت اْل َْر ُ‬ ‫عنا ُ‬ ‫ل الّننا ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هناًرا َ‬ ‫عْلَننا َ‬ ‫هنا أَتنا َ‬ ‫ك ُن َ‬ ‫سۚ َ‬ ‫صيًدا َ‬ ‫ت‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬ ‫ل اْلَحيَسسنا ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫مُرَننا لَْيًل أْو نَ َ‬ ‫علَْي َ‬ ‫كسٰذلِ َ‬ ‫م تَْغ َ‬ ‫هنا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن ِبناْل َ ْ‬ ‫كأن لّ ْ‬ ‫هنا أ ْ‬ ‫صّ س ُ‬ ‫م ِ‬ ‫كسُرو َ‬ ‫م َحيَ​َت َ‬ ‫لِ َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ف ّ‬ ‫قْنو ٍ‬

‫( يــونس ‪ 24‬ذلــك اليــوم حيــن يظــن ال نـســان أنــه وصــل إلــى المنتهــى بعلمــه‬

‫إوامكانياته المادية المحدود ة وبما وصل إليه من سلح وتكبر في الرض وعمرها وزخرفهــا وزينهــا‬ ‫وظن أنه قادر عليها أي بيده مقاليد كل شيء وأن القدر ة أصبحت قدرته أتاهم أمر ال في أي وقت‬ ‫ل أو نها ارً فجعلها حصيداً كأن لم تكن بــالمس القريـب وذلــك المثــل نـراه بأعيننــا فــي أيامنــا هــذه‬ ‫لي ً‬ ‫نرى أقواماً قد علـت رايتهــم وتكــبروا فـي الرض واغــتروا بمـا لـديهم مـن عتـاد مــن حـاملت طـائرات‬ ‫وصـ واريخ عــابر ة للقــارات تحمــل الســلح النــووي والــذري وكـل منظومـة الســلح تلــك تــدار وتـوجه‬ ‫بال زـرار على بعد مسافات كبير ة حتى ل تدخل في معــارك وتخســر أرواح فظنـوا أنهــم قــادرون علــى‬ ‫كــل شــيء ونسـوا قــدر ة الـ عــز وج ل عليهــم الــذي أمــدهم بكــل ذلــك فتنــة لهــم ولغيره م وظنـوا أنهــم‬ ‫الساد ة ومـا سـواهم مـن البشـر هـم العبيـد ولعـل الـ عـز وج ل بــإرادته وقـدرته أن يرينـا فيهــم بأسـه‬ ‫ونحن نعلم أنه إمتحاناً لنا كذلك فإنهم ما أعــدوا تلــك العــد ة لحقاقـاً لحــق ول دفاعـاً عــن مظلــوم ول‬ ‫رداً لظالم إنما أعـدوا ذلــك للتهديــد والبطــش والعــدوان وغ ايتهم فــي النهايــة هــى القضــاء علــى ديــن‬ ‫السلم وضرب الدين في كل مكان بــه أهــل للســلم غــايتهم دولـة ُم حـمــد )صــلي الـ عليــه وسـلم(‬

‫الذي قال إذا تبايعتم بالربا ورضيتم بالزرع واتبعتم أذناب البقــر أنــزل الـ عليكــم ذًل ل يرفعــه عنكــم‬ ‫حتى تراجعوا دينكم " معنـى هـذا الكلم أن ال نـسـان إذا آثـر الـدنيا وكـانت هـى غـايته فبـاع واشـترى‬ ‫وتعامــل بالرب ا وكـان همــه الــزرع والحــرث وتربيــة البقــر وال نـعــام فقــد ألهتــه الــدنيا عــن الخ ـر ة لن‬ ‫‪12‬‬


‫الغرض أن تكون الخر ة هى الغاية وكل ما في الدنيا إنما هو وسيلة لتحقيق تلــك الغايــة فإنمــا هــى‬ ‫مزرعة للخر ة التي يحصد فيها نتيجة عمله في الدنيا كما يقول القائل ‪:‬‬

‫الغزو للدين والســلم مستـعر‬ ‫هل من خالد في ربوع العرب نبصره‬ ‫دنياهم وضـعوها تحت أرجلــهم‬ ‫باعوا النفوس لرب العرش واستبقوا‬

‫أيـن الجــهاد ترانا قـد تركـناه‬ ‫هل من طارق في ربوع الغرب نلقاه‬ ‫والــكل قــال إن ال مـــوله‬ ‫إلى الجهاد فكـان النـصر والجــاه‬

‫ولقــد قــال ال ـ عــز وجـل فــي كتــابه العزيــز‬

‫م َ‬ ‫قسنابَِر‪َ .‬‬ ‫م الّت َ‬ ‫ف‬ ‫سسْنو َ‬ ‫هنا ُ‬ ‫)أَْل َ‬ ‫كّل َ‬ ‫م اْل َ‬ ‫كسناُثُر‪َ .‬‬ ‫حّتس ٰ‬ ‫ى ُزْرُتس ُ‬ ‫ك ُ‬

‫مسسنو َ‬ ‫منو َ‬ ‫منو َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫م َ‬ ‫هسسنا‬ ‫ن‪ .‬لَ​َتسَرُو ّ‬ ‫سْنو َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م لَ​َتَرُونّ َ‬ ‫حيس َ‬ ‫ن اْل َ‬ ‫عْلس َ‬ ‫كّل َ‬ ‫م‪ُ .‬ثس ّ‬ ‫ن‪ُ .‬ث ّ‬ ‫كّل لَْنو تَْعلَ ُ‬ ‫ف تَْعلَ ُ‬ ‫تَْعلَ ُ‬ ‫م اْليَِقيس ِ‬

‫ن الّنِعيِم‪ ( .‬التكاثر نعيم الدنيا الــذي ســوف ُنســئل عنــه عــن‬ ‫ذ َ‬ ‫َ‬ ‫مِئ ٍ‬ ‫ن َحيَْنو َ‬ ‫عْي َ‬ ‫م لَُت ْ‬ ‫سَأُل ّ‬ ‫ن‪ُ .‬ث ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن اْليَِقي ِ‬ ‫عبد ال بن عباس ‪ ‬قال قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ما فوق ال زـار وظل حائط وكس ـر ة‬ ‫الخبز ُيسئل عنه بن آدم يــوم القيامـة " مـا فــوق اليصــال أي مــا يسـتر العـور ة وظـل حـائط تسـتظل‬

‫تحتــه إواذا كــان هنــاك كسـر ة خــبز فــإن ذلــك هــو الحــد الدنــى ومـا بعــدها ســوف ُتحاســب عليــه لن‬ ‫ال نـسان إذا مات شـيعه ثلثــة مـاله وأهلـه وعملـه حـتى ينـزل القـبر فيعـود مـاله وأهلـه ويبقــى معـه‬ ‫عمله فليحاول ال نـسان أن يكون عمله صــالحاً فــي الـدنيا حــتى يكــون زاده إلــى الـدار الخـر ة بينمــا‬ ‫الدنيا هى دار الغرور فلو نظر إنسان إلى ما يملك أخيه من مال فليعلم أن ال عز وجل جعله فتنة‬ ‫لصاحب المال وفتنة لمن ينظر إليه فقد يقول الذي ل يملك المال لو أن لي هــذا المــال ل نـفقتــه فــي‬ ‫شراء ما طاب من الطعام والشراب والملبس والسيارات الفارهه وغيرها من ملذات الدنيا فهو اختبار‬ ‫له أيضاً حتى إوان كان ل يملكه بينما قد يقول آخر لو أن لي هذا المال ل نـفقته في سبيل ال ـ وفـي‬ ‫‪13‬‬


‫بنـاء المســاجد إواعماره ا وفـي الصــدقات ومسـاعد ة النـاس وقضــاء حـوائجهم فكــل يأخــذ علــى نيتـه‬ ‫حتى إوان كان ل يملك ذلك المال فإنه يوم القيامة يجد هذه النية جزاؤها وكأنه أنفق المال فيما قــال‬ ‫‪.‬‬ ‫إن دين السلم ل يحارب الدنيا ول يحرم زينتها ولكن يطلب مــن النــاس أن يأخــذوا منهــا علــى قــدر‬ ‫مــا يكفيهــم فيهــا وأن يتعامــل مــع الــدنيا علــى قــدرها وأن يـوازن بيــن دنيــاه وآخرت ه فــإن رس ول الـ‬ ‫)صلي ال عليه وسلم( يقـول ليـس خيرك م مـن تـرك الـدنيا للخـر ة ول مـن تـرك الخـر ة للـدنيا ولكـن‬ ‫خيركم من أخذ من هذه وهذه " لن السراف في طلب الدنيا قد يميل بــالقلب إلــى مــا يفســده وكـذلك‬ ‫السراف في الزهد في الدنيا قد يؤدي بال نـســان إلــى الغــرور بالعبــاد ة أو إلــى هل كـ نفســه مــن أجــل‬ ‫ذلك أمرنا رسول ال أن نوازن بينهما ‪ ,‬إوان ال عز وجل أنزل في كتابه ذلك الدعاء فقال‬

‫مْنُهم‬ ‫و ِ‬ ‫) َ‬

‫سسَن ً‬ ‫سَن ً‬ ‫ف ي ال ّ‬ ‫ب الّنسسناِر‪ ( .‬البقـــر ة ‪201‬‬ ‫وقَِنسسنا َ‬ ‫ف ي اْل ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ل َربَّننا آتَِننا ِ‬ ‫عسَذا َ‬ ‫ة َ‬ ‫ح َ‬ ‫خَرِة َ‬ ‫ة َ‬ ‫ح َ‬ ‫دْنَينا َ‬ ‫ّ‬ ‫من َحيَُقنو ُ‬

‫وكذلك يقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( مــن تـرك الـدنيا للخـر ة فقــد أضـر بالــدنيا ومـن تــرك‬ ‫الخر ة للدنيا فقد أضر بالخر ة " كما قيل اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لخرت ك كأنــك تمــوت‬ ‫ل يكـون فـي نيتـه‬ ‫غـداً فيجـب علـى المسـلم أن يكـون عنـده ميـزان بينهمـا فـإذا عمـل فـي الـدنيا عم ً‬ ‫ووجدانه وعقله أن هذا العمل من أجل الخر ة لن رسول ال ‪‬يقول من أراد الدنيا فــرق الـ عليــه‬ ‫شمله وجعل فقره بيـن عينيـه ولـم يــأته مـن الـدنيا إل مـا قـدر الـ لــه ومـن أراد الخـر ة جمـع الـ لـه‬ ‫شــمله وجعــل غنــاه فــي قلبــه وأتتــه الــدنيا راغمــة ‪ ,‬وال ـ عــز وجـل يقــول‬

‫جلَ َ‬ ‫كنا َ‬ ‫من َ‬ ‫ة‬ ‫ن َُحيِرَحيُد اْل َ‬ ‫عنا ِ‬ ‫) ّ‬

‫صسَل َ‬ ‫د‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬ ‫منو ً‬ ‫ن أَ​َرا َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ج َ‬ ‫في َ‬ ‫و َ‬ ‫حنوًرا‪َ .‬‬ ‫هنا َ‬ ‫هّنس َ‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫شناُء لِ َ‬ ‫منا نَ َ‬ ‫هنا َ‬ ‫عْلَننا لَس ُ‬ ‫جْلَننا لَ ُ‬ ‫مس ْ‬ ‫م َحيَ ْ‬ ‫منا ّ‬ ‫من ن ِّرَحيُد ُث ّ‬ ‫ع ّ‬ ‫مسْد ُ‬ ‫مسْذ ُ‬ ‫د َٰ‬ ‫ن َ‬ ‫مس ّ‬ ‫كسسنا َ‬ ‫ك َ‬ ‫ؤَلِء‬ ‫و ُ‬ ‫سس َ‬ ‫هس ُ‬ ‫كًّل ن ّ ِ‬ ‫كنوًرا‪ُ .‬‬ ‫شس ُ‬ ‫مسْؤ ِ‬ ‫اْل ِ‬ ‫سسْعيَ َ‬ ‫ى لَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫فُأوٰلَِئس َ‬ ‫هس َ‬ ‫هنا َ‬ ‫هسسنا َ‬ ‫و َ‬ ‫خَرَة َ‬ ‫م ْ‬ ‫سسْعُيُهم ّ‬ ‫ع ٰ‬ ‫م ٌ‬ ‫نو ُ‬ ‫و َٰ‬ ‫ع َ‬ ‫ع َ‬ ‫كنا َ‬ ‫منا َ‬ ‫ظنوًرا‪.‬‬ ‫ح ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ؤَلِء ِ‬ ‫ك َ‬ ‫طناُء َربِ ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫كۚ َ‬ ‫طناِء َربِ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬

‫‪14‬‬

‫( السراء ‪20-18‬‬


‫العــــباد ة‬ ‫يقول ال عز وجل‬

‫منا ُأِرَحيُد َأن‬ ‫منا ُأِرَحيُد ِ‬ ‫س إِّل لِيَْعُبُدو ِ‬ ‫و َ‬ ‫ق َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫وا ْ ِلن َ‬ ‫ن َ‬ ‫منا َ‬ ‫و َ‬ ‫) َ‬ ‫ت اْل ِ‬ ‫ج ّ‬ ‫مْنُهم ِ ّ‬ ‫خلَْق ُ‬ ‫من ِرّْز ٍ‬

‫َُحي ْ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ه ُ‬ ‫ن‪ .‬إ ِ ّ‬ ‫ن اللّ َ‬ ‫نو الّرّزا ُ‬ ‫منو ِ‬ ‫ط ِ‬ ‫نوِة اْل َ‬ ‫ه َ‬ ‫ق ُذو اْلُق ّ‬ ‫مِتي ُ‬ ‫ع ُ‬

‫( الزاريــات ‪ 58-56‬إن هـــذه اليـــة تـــوحي أن‬

‫ال عز وجل خلق الخلق لكي يعبـدوه ولكـن معناهـا كمـا جـاء فــي قـول عبــد الـ بــن عبـاس ‪ ‬أنـه‬ ‫خلق الخلق لكي يقروا لــه بالعبــاد ة وال لـوهيــة فــإن عبــاد ة الخلــق لـ ل تزيـد فــي ملكــه شــيئاً وكـذلك‬ ‫جحود الخلق ل ينقص من ملكه شـيئاً فـإن الـ عـز وج ل هـو الـرزاق ذو القـو ة المـتين ‪ ,‬وج اء فـي‬ ‫الحــديث القدســي عــن أبــي هريـ ر ة ‪ ‬قــال قــال رس ول ال ـ ‪‬يقــول ال ـ عــز وجـل يــا بــن آدم تفــرغ‬ ‫ل ول أسد فقــرك كــان ذلــك جـ ازًء‬ ‫لعبادتي أمل صدرك غنى وأسد فقرك إوان لم تفعل ملت صدرك شغ ً‬ ‫وفاقاً " وفـي حــديث قدســي آخــر يقــول الـ عــز وج ل يــا بــن آدم خلقتــك لعبـادتي فل تلعــب وتكفلــت‬ ‫برزقك فل تتعب فاطلبني تجدني فإن وجدتني وجدت كل شيء إوان فتك فاتك كــل شــيء " والـ عــز‬ ‫وجل يقــول فــي كتــابه العزيــز‬

‫ة َربِ ّسس ي إِ ً‬ ‫شسيَ َ‬ ‫كنو َ‬ ‫ة‬ ‫سس ْ‬ ‫م ِ‬ ‫مِل ُ‬ ‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫ح َ‬ ‫خَزائِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫خ ْ‬ ‫كُت ْ‬ ‫ذا ّل َ ْ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫)ُقل لّْنو َأنُت ْ‬

‫كنا َ‬ ‫ا ْ ِلن َ‬ ‫و َ‬ ‫سناُن َقُتنوًرا‪ ( .‬السراء ‪ 100‬وكذلك يقول الــ عــز وجــل‬ ‫ن ا ْ ِلن َ‬ ‫قۚ َ‬ ‫فنا ِ‬ ‫ه إِّل بِ َ‬ ‫م‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عنَدَننا َ‬ ‫منا ُنَن ِزُّل ُ‬ ‫خَزائُِن ُ‬ ‫قَدٍر ّ‬ ‫مْعُلنو ٍ‬

‫ يٍء إِّل‬ ‫من َ‬ ‫) َ‬ ‫وِإن ِ ّ‬ ‫ش ْ‬

‫( الحجــر ‪ 21‬الـ عــز وجـل يملــك الخزائــن كلهــا يملــك‬

‫القوات كلها فهو صاحب الملك والملكوت وكذلك يقـــول‬

‫م اْلُف َ‬ ‫هۖ‬ ‫ق سَراُء إِلَسسى اللّس ِ‬ ‫)َ​َحينا أَ​َحيّ َ‬ ‫س َأنُت ُ‬ ‫هنا الّننا ُ‬

‫منا ٰ َ‬ ‫نو اْل َ‬ ‫عِزَحي سٍز‪.‬‬ ‫ه بِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ت بِ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫علَسسى اللّ س ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫وَحيَْأ ِ‬ ‫هْب ُ‬ ‫شْأ َُحيْذ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫دَحي ٍ‬ ‫ذل ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫د‪َ .‬‬ ‫ق َ‬ ‫م َ‬ ‫ميُد‪ِ .‬إن َحيَ َ‬ ‫ ي اْل َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫واللّ ُ‬ ‫ك ْ‬ ‫غِن ّ‬ ‫خْل ٍ‬ ‫‪15‬‬

‫(‬


‫فاطر ‪ 17 – 15‬ال عز وجل غني عن كـل الخلـق وع ن عبـادتهم فهـو غنــي عـن وليـة الوليــاء‬ ‫وعن طهار ة الرسل وال نـبياء والكل إنما تخضع رؤوسهم وأعناقهم لجبروت ال الواحــد القهــار فــإنه‬ ‫لــه كــل الصــفات فقــد قــال فــي حـديث قدســي يــا عبــاد إنــي حرم ت الظلــم علــى نفســي وجعلتــه بينكــم‬ ‫محرماً فل تظالموا ول يظلم بعضكم بعضاً يا عبـاد كلكــم ضــال إل مــن هــديته فاســتهدوني أهــدكم يــا‬ ‫عبـــاد كلكـــم جـــائع إل مـــن أطعمتـــه فاســـتطعموني أطعمكـــم يـــا عبـــاد كلكـــم عـــار إل مـــن كســـيته‬ ‫فاستكسوني أكسكم يا عباد إنكم لن تملكوا ضري فتضروني ول تملكوا نفعــي فتنفعــوني يــا عبــاد لــو‬ ‫أن أولكم وآخركم إوانسكم وجنكم كانوا على قلب أتقى رجل منكم ما زاد ذلك في ملكــي شــيئاً يــا عبــاد‬ ‫لو أن أولكم وآخركم إوانسكم وجنكم كانوا على قلب أفجر رجل منكم ما نقص ذلك في ملكي شيئاً يــا‬ ‫عبــاد لــو أن أولكــم وآخرك م إوانســكم وجنكــم قــاموا فــي صــعيد واحــد فســألني كــل واحــد منهــم مســألة‬ ‫فأعطيت كل سائل مســألته مــا نقــص ذلـك فــي ملكــي إل كمـا ينقــص المخيــط إذا وضـع فــي البحــر "‬ ‫كان ذلك الحديث ينهى عن الظلم بين الناس فإذا كان المر كذلك إواذا كان ال عز وج ل غنــي عــن‬ ‫عبـاد ة العابــدين وكـذلك ل يضــره فجــر الفجـر ة لمـاذا كـانت العبــاد ة ولمــاذا أمرن ا الـ بهــا ؟ إن فائــد ة‬ ‫العباد ة تعود على العابد نفسه وحده ول تعود على المعبــود فقــد شــرع العبــاد ة وأمــر بهــا لكــي يكــون‬ ‫الخيــر لل نـســان فــإن ال ـ أمــر بالوضـوء قبــل الصــل ة فــإذا توضـأ المصــلي فقــد تطهــر مــن الدران‬ ‫والوسـاخ مــن جســده فمــن المســتفيد مــن هــذه الطهــار ة إنــه بل شــك الــذي أدي الفعــل تعــود عليــه‬ ‫الفائد ة كلها ول تعود على ال في شيء وكما هــو هـذا المثــل فـإن كـل العبــادات الــتي يــأمر بهــا الـ‬ ‫عز وجل إنما هى في صالح وخير العباد ورس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( يقــدم الوضـوء فــي‬ ‫هذا القول يقول إن الخصلة الصالحة تكون في الرجل يصلح ال بها عمله كله ذلك القول قيل فــي‬ ‫الوضوء إنه خصلة صالحة ال عز وجل يصلح بها العمل كله ثم يقول رسول ال )صلي ال عليه‬ ‫وسلم( ووضوءه لصل تـه يغفر ال بها ذنــوبه وتبقــى صــل تـه لــه نافلــة " وكـذلك هــو المــر عنــدما‬ ‫ينهى ال عز وجل عباده عن ارتكاب المعاصي والذنوب والثام فإنهــا كلهــا فــي النهايــة تــؤدي إلــى‬ ‫‪16‬‬


‫الضرر المباشـر سـواًء فـي الجسـد أو فـي المـال أو فـي الهـل والولـد أو حـتى إوان كـان ضـرر غيـر‬ ‫مباشر فسوف يلقى عقابه في الخر ة إذن النهي عن المعصية هــو أيضـاً فــي صــالح ولخيــر العبــاد‬ ‫ول ينال ال منه شيئاً والمثلة كــثير ة فــإن الـ عــز وج ل لـم يحــرم علــى النــاس شــيئاً إل لضــرر هــذا‬ ‫الشيء بهم أو بغيرهم ‪.‬‬ ‫وديــن الســلم بكــل مــا فيــه مــن عبــادات وأحكــام وغيره ا لخصــه المصــطفى عليــه أفضــل الصــل ة‬ ‫والسلم فقال " إنما ُبعثت ل تـمم مكارم الخل قـ " فإن الذي صام رمضان وقـام كــل ليــاليه فهــل فعــل‬ ‫في ال نـسان ذلك الصيام والقيام ما أراده ال منه بـأن كـان حسـن الخلـق فـإن لـم يكـن كـذلك فمـا لـه‬

‫ ي‬ ‫منا ُأو ِ‬ ‫ل َ‬ ‫مــن صــيامه وقيــامه إل الجــوع والعطــش والســهر والتعــب لن ال ـ عــز وجـل يقــول )اْت ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ن اْل َ‬ ‫من َ‬ ‫ه أَْكبَسُر ۗ‬ ‫ى َ‬ ‫صَلَة ۖ إِ ّ‬ ‫ذْكُر اللّس ِ‬ ‫ول َ س ِ‬ ‫كَتنا ِ‬ ‫ن اْل ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫صَلَة تَْن َ‬ ‫ك سِر ۗ َ‬ ‫شسسناِء َ‬ ‫ح َ‬ ‫ب َ‬ ‫م َ‬ ‫إِلَْي َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ال ّ‬ ‫وأَقِ ِ‬ ‫ه ٰ‬ ‫واْل ُ‬ ‫عس ِ‬ ‫عنو َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫صَن ُ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫واللّ ُ‬ ‫منا تَ ْ‬ ‫ه َحيَْعلَ ُ‬

‫( العنكبــوت ‪ 45‬فهــل صــيام وقيــام شــهر رمضــان نهــاك عــن الفحشــاء‬

‫والمنكر وكذلك قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( من لـم تنهــاه صــل تـه عـن الفحشـاء والمنكـر‬ ‫لم يزدد من ال إل بعداً – هو لبى وأقام الصل ة ولكن تلك الصل ة لم تنهاه عن المنكرات من العمــل‬ ‫فهى لم تؤدي إراد ة ال عز وجل منها فقد أبعدته عن ال وكذلك هو الحال فـي الصـيام هـل فعـل مـا‬ ‫أراده ال به هل كان الصائم من المتقين أو العكس فإن رس ول الـ )صـلي الـ عليـه وسـلم( يقـول‬ ‫رب صــائم ليــس لــه مــن صــيامه إل الجــوع والعطــش " أي إنــه صــام ولـم يخــرج مــن صــيامه بــأي‬ ‫حسنات بل كل ما حصل عليه هــو الجـوع والعطـش لن الصـيام لـم يفعــل فيـه فعلـه الـذي أراده الـ‬ ‫عز وجل ‪ ,‬ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول من صام رمضان وع رف حــدوده وتحفــظ ممــا‬ ‫ينبغي أن يتحفظ منه كفر ما قبلــه " أي أن التكفيــر كــان لــه شــرط أن تحفــظ الحــدود الــتي أُمـرت ان‬ ‫تحفظها ول تتعداها وقد علمها صحابة رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( وجمعهـا جـابر ‪ ‬فــي‬ ‫كلمات قال إن صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب وعن ال ثـم ودع أذى الناس وليكــن‬ ‫عليك وقار ولتكن عليك سكينة ول تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء ‪.‬‬ ‫‪17‬‬


‫هل فعل الصيام فعله في الناس وخرجوا مـن رمضـان وه م علـى خلـق كري م أم ل زـالـوا علـى الفحـش‬ ‫من القول والعمل وكان لنا القدو ة والمثل في ذلك رسول ال )صلي الـ عليـه وسـلم( الـذي لـم يكـن‬ ‫فاحشـاً ول متفحشـاً ول بــذيئاً ‪ ,‬وقـد ُذكــرت امـرأ ة لرس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( كـانت كــثير ة‬ ‫الصــل ة والصــيام والصــدقة ولكنهــا كــانت تــؤذي جيرانهــا باللســان فقــط لــم تكــن تــؤذيهم بالســرقة أو‬ ‫بالضرب أو غيره فقط باللسان والقول فما هى مكانتها قال رسول ال )صلي ال عليه وسـلم( إنهــا‬ ‫فــي النــار مــا نفعهــا كــثر ة صــل ة ول صــيام ول صــدقات ل نـهــا كـانت تــؤذي النــاس بأقــل اليــذاء وه و‬ ‫اللســان ثــم ســألوه عــن امـرأ ة ثانيــة كــانت قليلــة الصــيام والقيــام والصــدقة ولكنهــا كــانت تعــرف حــق‬ ‫جيرانها فقال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( هى في الجنة ‪ ,‬وفي حديث لرسول ال )صلي الـ‬ ‫عليه وسلم( يقول فيه ثل ثـة من كن فيه كان منافقاً إوان صام وقـام وح ج واعتمــر وزع م انــه مســلم‬ ‫إذا حدث كذب إواذا وعد أخلف إواذا أأتمن خان " أي أنها تفسد في دينك وتؤثر فيه فيجب على كــل‬ ‫مسلم أن يتحلى بالخلق الحسن حتى يكون من الذين عبدوا ال كما أراد ال عز وجل أن يعبدوه ‪.‬‬ ‫إن الصدقة والزكا ة جعلها ال عز وجل لتطهير ال نـسان وكذلك كانت رحمة بين الناس فإن ال عز‬ ‫وجل يقول‬

‫ق ً‬ ‫صَد َ‬ ‫سس َ‬ ‫ن‬ ‫م ۖ إِ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫هُر ُ‬ ‫وُتَز ِّ‬ ‫خْذ ِ‬ ‫هم بِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫صسَلتَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫هسسنا َ‬ ‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫هس ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ُتطَ ِّ‬ ‫صس ِ ّ‬ ‫ك ٌ‬ ‫) ُ‬ ‫علَْي ِ‬ ‫كي ِ‬ ‫نوالِ ِ‬

‫م‪.‬‬ ‫ع َ‬ ‫مي ٌ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫مۗ َ‬ ‫واللّ ُ‬ ‫لُّه ْ‬ ‫عِلي ٌ‬

‫( التوبة ‪ 103‬فقد أراد ال عز وجل من الصدقة أن يكون المسلم كريم‬

‫الخلق ورحيماً بالناس فإن أبو ذر ‪ ‬قال قال رسول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( علــى كــل مســلم‬ ‫في كل يوم تطلع فيه الشمس صــدقة – بينمــا أصــحاب رس ول الـ فقـراء فكيــف لهــم أن يقــدموا كــل‬ ‫يوم صدقة وليس لهم أموال فقال رسول ال إن من أبواب الصدقة التكبير والتهليل والتسبيح وذكــر‬ ‫ال عز وجل إنما ييسر المور كلها – ثم قال وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر إواماطة الذى عـن‬ ‫الطريق صدقة وأن تهــدي العمــى وتُسـمع الصــم والبكــم حــتى يفقــه وتـدل المســتدل علــى حـاجته‬ ‫وتسعى بشد ة ساقيك إلى المسـتغيث اللهفـان وترف ع بشـد ة سـاعديك مـع الضـعيف " إذا حـرص كـل‬ ‫مسلم أن ينهل من كل تلك الصدقات فإنها جميعها تؤدي إلى مكارم الخل قـ التي هى دين السلم‬ ‫‪18‬‬


‫وتعمل على أشاعة السلم والود بين أفراد المجتمع وتقوي الواصر فيه فيكون مجتمعاً متحاباً فـي‬ ‫ال من سماته التعاون والصلح ومجتمع كهذا لـن يخـذله الـ أبـداً إنمــا يبـارك الـ فيــه ويقــدر لــه‬ ‫الخير فكانت كذلك العباد ة هنا نفعهــا وُج لـ مقصــدها أن تعــود بالفائــد ة علــى الفــرد والمجتمــع كلــه ‪,‬‬

‫كما أن الصل في الزكا ة أنها عباد ة شرعها ال عز وج ل وه و غنـي عنهـا ول تزيـد فــي ملكــه شــيئاً‬ ‫إنما المستفيد منها هم الفقراء والمساكين الذين يأخذونها والمسـتحقون لهـا فـإن الصـدقة تقـع فـي‬

‫يد ال فبل أن تقع في يد السائل لذلك جعلها ال عز وجل طهــو ارً للنفــس حــتى يكــون المســلم علــى‬ ‫خلق قويم في ذلك المجتمع الذي يعيش فيه ‪ ,‬وقد جاء في الحديث القدسي أن ال عز وجل يقــول‬ ‫أتقبل العباد ة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل بها على خلقــي ولـم يبــت مصـ ارً علــى معصــيتي‬ ‫ورحم الرملة والمسكين وبن السبيل _ فإذا كانت العباد ة تؤدي إلـى تلـك الثمـرات والصــفات وه ذه‬ ‫الخل قـ فإن ال عز وجل يقول في حق العابد _ فذلك مثله كنور الشمس أكله بعزتي وأستحفظه‬ ‫مل ئـكتي وأجعل له في الظلمة نو ارً وفي الجهالة حلماً ومثله في خلقي كمثل الفردوس في الجنة "‬ ‫يقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ما من شيء أثقل في الميزان مــن حســن الخلــق " إذا كــان‬ ‫المسلم حسن الخلق فقد فعلت به العباد ة ما أراده ال عز وجل منها وقد قال رسول ال )صــلي ال ـ‬ ‫عليه وسلم( في حديث له أن حسن الخلق يذيب الخطايـا كمـا يــذيب المـاء الثلـج إوان سـوء الخلــق‬ ‫يفسد العمل كما يفسد الخل العسل " ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( قال لصحابه معلم ـاً ولنــا‬ ‫من بعدهم قال أتدرون مـن المفلـس قـالوا المفلـس مـن ل دره م ول دينـار لـه قـال إنمـا المفلـس مـن‬ ‫ياتي يوم القيامة بكثير من صيام وصل ة وحج وصدقة وقـد ظلــم هــذا وضـرب هــذا وشـتم هــذا وأكــل‬ ‫مال هذا وهتك عرض هذا فيؤخذ مــن حسـناته ويعطــى لهــذا وه ذا حــتى إذا نفــدت حسـناته أُخـذ مــن‬ ‫سيئاتهم ووضعت عليـه ثـم يطـرح فـي النـار " هـو عمـل مـن الحسـنات الكـثير فـي الـدنيا إوان كـانت‬ ‫بحجم الجبال إل أنهــا أكلتهــا المظــالم الــتي ظلــم بهــا النــاس والفعــال الفاحشــة الــتي فعلهــا بالنــاس‬ ‫والخلق السيء الذي تعامل به مع الناس ‪.‬‬ ‫‪19‬‬


‫إن دين السلم أمر بعباد ة الرحمن وهذه العباد ة ما كــانت إل لكــي تصــلح أحـوال العبــاد فيمــا بينهــم‬ ‫حتى يصلح حال المة كلها ‪ ,‬كما أن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( قـال مـن كـان يـؤمن بـال‬ ‫واليوم الخر فليقل خي ارً أو ليصمت " فكان هذا من أهل اليمان والتقوى الذين يقول ال عز وجـل‬ ‫بأنهم من أصحاب الجنة وهـ م الفـــائزون فقـــال‬

‫هنا‬ ‫ة َ‬ ‫من ّربِ ّ ُ‬ ‫سناِر ُ‬ ‫جّنس ٍ‬ ‫ضس َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ى َ‬ ‫و َ‬ ‫) َ‬ ‫ك ْ‬ ‫عْر ُ‬ ‫مْغِفَرٍة ِ ّ‬ ‫عنوا إِلَ ٰ‬

‫غْي سظَ‬ ‫ن َُحينِفُقنو َ‬ ‫ن اْل َ‬ ‫واْل َ‬ ‫ظ ِ‬ ‫كسسنا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن‪ .‬الّ ِ‬ ‫ض ُأ ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ع ّ‬ ‫مي َ‬ ‫ضّراِء َ‬ ‫سّراِء َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫مّتِقي َ‬ ‫ت َ‬ ‫منا َ‬ ‫س َ‬ ‫د ْ‬ ‫ف ي ال ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫ت لِْل ُ‬ ‫واْل َْر ُ‬ ‫وا ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن‪ ( .‬آل عمران ‪134 – 133‬‬ ‫ن َ‬ ‫واْل َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ه َُحي ِ‬ ‫عنا ِ‬ ‫سِني َ‬ ‫سۗ َ‬ ‫في َ‬ ‫َ‬ ‫واللّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ب اْل ُ‬ ‫ن الّننا ِ‬ ‫ع ِ‬

‫الــــظلم‬ ‫يقول لقمان الحكيم وهو ينصح ولده يا بني إذا أقبلت على جماعة فارمهم بسهم السلم ثم اجلس‬ ‫ل علموك إوان تكن عالماً إزدت‬ ‫فإذا سمعتهم خاضوا في ذكر ال فأورد بسهمك معهم فإن تكن جاه ً‬ ‫علماً إوان تنزل عليهم من الـ رحمـة تصـبك إواذا وج دتهم ل يخوضـ وا فـي ذكـر الـ فـأعرض عنهـم‬

‫‪20‬‬


‫ل إوان كنــت عالمـاً لــم ينفعــوك إوان ينــزل عليهــم مــن الســماء ســخط‬ ‫ل إزدت جه ً‬ ‫فإنــك إن كنــت جــاه ً‬ ‫يصبك ‪.‬‬ ‫وقد قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يا أبا ذر لن تغدوا فتتعلم آية من كتاب ال خير لك من‬ ‫أن تصلي مائة ركعة ‪ ,‬يا أبا ذر لن تغدو فتتعلم باباً من أبواب العلم عمــل بــه أو لـم يعمــل بــه كــان‬ ‫خير لك من أن تصلي ألف ركعة فإن الصل ة بغير علم إنما هو عمل بغير فقه ‪.‬‬ ‫وعبد ال بن عباس ‪ ‬يقول فقيه واحد أشد على الشيطان من ألــف عابــد " فكيــف يكــون ال نـســان‬ ‫فقيهاً وكيف يكون عالماً إنما قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( إنما العلم بالتعلم إوانمــا الحلــم‬ ‫بالتحلم " وما ولد ال نـسان عالماً إنمــا أخرجنــا الـ مــن بطــون أمهاتنــا ل نعلــم شــيئاً ثــم زودنــا الـ‬ ‫بالوسائل التي نحصل بها العلم فإننا نتعلم من خل لـ السمع والبصر والفكر ‪.‬‬ ‫ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول ل قدس ال أمة ل ُيقضى فيها بالحق ول يأخذ الضــعيف‬ ‫حقه من القوي غير متعتع " لذلك كان الظلم محرماً في دين السلم ‪.‬‬

‫وأمير المؤمنين عمر ‪ ‬الذي كان يحكم أقوى دولة في العالم فـي زم انه دولـة نمـت واتسـعت حـتى‬ ‫وصلت إلى حدود روسيا والصين تلــك الدولـة إنمــا كـان فيهــا حكامـاً وأمـ ارًء معينيــن مــن قبلــه علــى‬ ‫الناس وكان يجمع هؤلء المراء في كل موسم مــن مواســم الحــج ويقــف أمــامهم فــي عرف ات وأمــام‬ ‫كل الناس يقول أيها الناس إني لم أبعث عمالي هؤلء عليكم ليضربوا أبشاركم أو يســبوا أعراضــكم‬ ‫أو يأخذوا أموالكم – لم يبعثهم عتا ة جبارين ظالمين ول ليأكلوا أموال الناس بالجباية وغيرها فلماذا‬ ‫بعثهم – إنما بعثتهم ليعدلوا بينكم وليقسموا بينكم فيئكم فمن ُفعل فيه غير ذلك فليقم – الذي عنده‬ ‫مظلمة من أحد الول ة فليقولها الن على المل ‪ -‬فوقف رجل وقال يــا أميــر المــؤمنين عاملــك فل نـ‬ ‫ضربني سوطاً ظلماً فيقول له بعد أن يتأكد من مظلمته أضربه كما ضربك فيقف عمرو بن العاص‬ ‫‪ ‬ويقول يا أمير المؤمنين كيف نحكم الناس إذا ضربناهم ضربونا قال اسكت يا عمــرو فـوال لقــد‬ ‫‪21‬‬


‫استقاض رسول ال )صلي ال عليه وسلم( من نفسه – أعلن لهم أنه مــا جــاء بــذلك القــانون مــن‬ ‫عنده إنما الذي أقره وأمر به هو رسول ال )صلي ال عليه وسلم( المشرع الول لهذا الدين – ثــم‬ ‫يقول خرج قبل وفاته ثل ثـة أيام على الناس وهو يقول أيهــا النــاس مــن كنــت جلــدت لــه ظهـ ارً فهــذا‬ ‫ظهري فليستقض منه ومن كنت سببت لــه عرض اً فهــذا عرض ي فليســتقض منــه ومـن كنــت أخــذت‬ ‫منه ماًل فهذا مالي فليستقض منه " وأم المؤمنين عائشة رضي الـ عنهـا تقــول مــا ضـرب رس ول‬ ‫ال )صلي ال عليه وسلم( بيده شيئاً قط مــا ضــرب خادمـاً ول امـرأ ة ول صــبياً وقـد أخطــأت خادمــة‬ ‫لرسول ال فقال لها لـول يــوم القيامـة لوجعتــك ضــرباً بهــذا السـواك " وذلـك رس ول الـ )صــلي الـ‬ ‫عليه وسلم( يخاف من يوم الحساب وهى خادمة وقد أخطأت ولول خوفه من حساب الـ عـز وج ل‬ ‫لضربها بماذا بعود من سواك في يده وهل يؤلم عود السواك ل وال ولكنه قول رسول الـ الــذي مــا‬ ‫سب إنساناً قط ومـا ضـرب أحـداً ومـا أكـل مـال أحـد أبـداً فهـو الميـن المـؤتمن ومـا كـان فاحشـاً ول‬ ‫متفحشاً ول بذيئاً كما قالت عنه أم المؤمنين عائشة رضي ال عنها بل كان عــف اللســان يعــط كــل‬ ‫ذي حق حقه فقد قال في يوم من اليام يا أيها الناس إنه ل يحل لي من أموالكم ول هذه الوبر ة ‪.‬‬ ‫وعبد ال بن عمــر ‪ ‬يقــول ســمعت رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( وه و يطــوف حــول الــبيت‬ ‫ويقول وكأنه يكلمه يقول للكعبة ما أطيبك وما أطيب ريحك ومـا أعظمـك ومـا أعظـم حرمتـك والـذي‬ ‫نفسي بيده للمؤمن أعظم حرمة عند ال عز وجل منك دمه وماله وعرضه " كــانت تلــك هــى مكانــة‬ ‫المــؤمن عنــد الـ عــز وجـل وتلــك هــى كرامتــه فهــو مصــون بــأمر الـ عــز وجـل محفــوظ فــي مــاله‬ ‫وعرضه ودمه ل ُيظلم فيها إوان ظلم في أي منها فإن الذي يقتـص منــه هــو الـ عــز وج ل ورس وله‬

‫إوان من يظلمه فقد وقع في أمر عظيم وكان من الظالمين فإن رسول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم(‬ ‫يقول من قال في مؤمن ما ليس فيــه أسـكنه الـ عــز وج ل ردغــة الخبــال وليــس بخـارج منهــا حــتى‬ ‫يأتي بنفاد ما قال " وعن أم المؤمنين عائشة رضي ال عنها قالت أن رسول ال )صــلي الـ عليــه‬ ‫وسلم( في يوم من اليام قال لصحابه أتدرون ما أربى الربا قــالوا أكــل أمـوال النــاس بالباطــل فقــال‬ ‫‪22‬‬


‫إن اربى الربا أن تستطيل في عرض أخيك بغيـر حـق " فويـل لمـن يخـوض فـي أعـراض النـاس بمـا‬ ‫ليس فيهم فإن الذنب عظيم والعقاب أعظم يسكنهم ال في جهنم ‪ ,‬ثم كان المر الثاني المــال فــإن‬ ‫أكل أموال الناس من أشد المحرمات فمن فعله فله عذاب شديد حتى إوان كــان مــن الشــهداء الــذين‬ ‫لهم منزلة عظيمة عند ال وهم أحياء عنــد ربهــم يرزق ون لن رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم(‬ ‫قال القتل في سبيل ال يكفر الذنوب جميعاً إل المانة فإنها معلقة يؤتى بالرجل إوان ُقتل في ســبيل‬ ‫الـ فُيقــال لــه أد أمانتــك فيقــول كيــف يــا رب وقـد ذهبــت الــدنيا فيقــول رس ول الـ )صــلي الـ عليــه‬

‫وسلم( فتتمثل له المانة كهيئتها يوم قبضها في قاع جهنم فيهوى ليلتقطها ويضــعها علــى عــاتقه‬ ‫حتى إذا ظن انـه نجـا هـوت منـه فـي قـاع جهنـم فهـو كـذلك أبـد البـدين " ذلـك تصـوير فيـه مبالغـة‬ ‫شديد ة إوان كانت كـذلك فـإن رس ول الـ )صـلي الـ عليـه وسـلم( يعنـي التشـديد فيهـا حـتى يخشـى‬ ‫الناس الظلم ويتجنبوا أكل أموال الناس بالباطل ول يفرطوا في المانة مهما كانت ل نـها خطير ة جداً‬ ‫وتكثر في أعمال البيع والشراء بين الناس دون أن يدروا إنها أكل لموال النــاس بالباطــل فقــد يزيـد‬ ‫البائع في ثمن السلعة ويقول لقد رضي المشتري بهذا السعر فهو عن تراض فإنه يخدع نفسه وقد‬ ‫ظلم المشتري ولننظر إلى ميمون بن مهران ‪ ‬قال قال رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( الــبيع‬ ‫عن تراض والخيار بعد الصفقة ول يحل لمسلم أن يضر مسلماً " وتلك قاعد ة تجاري ة سـنها رس ول‬ ‫ال )صلي ال عليه وسلم( الذي جاء بدين يحرم الظلم بكل أنواعه ‪ ,‬وعن عبــد الـ بــن أبــي أوفـى‬ ‫‪ ‬قــال عــرض رج ل ســلعة فــي الســوق ثــم حلــف أنــه ُأعطــي فيهــا مــا لــم ُيعطــى ليوقـع رج ل مــن‬

‫المسلمين – ذلك البائع عرض سلعة لــه فجـاء مشــتري فقـال لــه والـ لقـد جـاءني فـي هــذه السـلعة‬ ‫مائتا جنيهاً وأنا لم أرض ببيعها بينما لم يأته أحد بهذا السعر وذلك حتى يزيده المشتري ويقول أنا‬ ‫أدفع لك فيها مائتان وخمسين فإنه يكـون قـد خـدعه ول يقـول إن المشـتري كـان راض بهـذا السـعر‬ ‫وهو الذي عرضه بينما السلعة لم تساوى هذا المال – قال عبد ال بن أوفى ‪ ‬فنزل قــول الـ عــز‬ ‫وجل‬

‫مًننا َ‬ ‫شَتُرو َ‬ ‫خَل َ‬ ‫وَل‬ ‫ن بِ َ‬ ‫)إ ِ ّ‬ ‫م فِسس ي اْل ِ‬ ‫د اللّ ِ‬ ‫عْه ِ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫خسَرِة َ‬ ‫ك َل َ‬ ‫قِليًل ُأوٰلَِئ َ‬ ‫م ثَ َ‬ ‫وأََْحي َ‬ ‫ه َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫ق لَُهس ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َحيَ ْ‬ ‫منانِ ِ‬ ‫‪23‬‬


‫َُحي َ‬ ‫م‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫وَل َ​َحين ُ‬ ‫وَل َُحيَز ِّ‬ ‫مس ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة َ‬ ‫م اْلِقَينا َ‬ ‫م َحيَسْنو َ‬ ‫ه َ‬ ‫م اللّ ُ‬ ‫ولَُهس ْ‬ ‫هس ْ‬ ‫هس ْ‬ ‫ب أَِليس ٌ‬ ‫عسَذا ٌ‬ ‫مُه ُ‬ ‫كلِ ّ ُ‬ ‫كي ِ‬ ‫ظُر إِلَْي ِ‬

‫( آل عم ـران ‪77‬‬

‫ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول من أخذ مال أخية بيمينه حرم ال عليه الجنة وأوجب له‬ ‫النار قالوا يا رسول ولو كان شيئاً يسي ارً – يسألون هــل هــذا الــذي حــرم الـ عليــه الجنــة الــذي أكــل‬ ‫أمواًل كثير ة بالمليارات من البنوك ثم يهرب بهــا إلــى خــارج البلد أم مــن أصــحاب أعمــال يحتكــرون‬ ‫السلع المهمة ثم يزيدوا في أسعارها إلى عشر ة أضعاف حتى يكسبون ما ل يخطر على بــال أحــد –‬ ‫قال رسول ال ولو كان عوداً من أراك " وتلك هى المصيبة التي يقع فيها كثير من الناس يقول إن‬ ‫ما أخذته من فل نـ هو مبلغ زهيد بسيط لن يضره أو يؤثر فيه إل أن ذلـك يعــد اغتصــاباً لهــذا المـال‬ ‫وظلماً لصـاحب هـذا المـال والـ عـز وج ل سـوف يحاسـبه عليـه كمـا يحاسـب مـن اغتصـب أو أكـل‬ ‫أمواًل بالمليارات ‪ ,‬وكذلك يقول رسول ال )صلي ال عليه وسـلم( مــن ضــرب ســوطاً ظلمـاً اقتــص‬ ‫منه يوم القيامة " وجاء رجل إلى رسول ال وقال عندي خادم يسيء ويظلم وأنا أضربه على ذلــك‬ ‫فأين أنا يوم القيامة فقال له رسول ال )صلي ال عليه وسلم( إن كــان ضــربك لــه أكــثر مــن ظلمــه‬ ‫وسوءه فله وعليك إوان كان ظلمه وسوءه أكثر من ضربك فلك وعليه فانطلق الرجل وهو يصرخ يا‬ ‫ويلي ل نـه كان يضرب خادمه كثي ارً فقال رسول ال ردوا علّي الرجل فردوه فقال له ألم تق أر قــول ال ـ‬ ‫عز وجل‬

‫ة َ‬ ‫فَل ُت ْ‬ ‫مْث َ‬ ‫كنا َ‬ ‫وِإن َ‬ ‫ة‬ ‫ون َ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫حّبسس ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫قنا َ‬ ‫شْيًئنا ۖ َ‬ ‫س َ‬ ‫م اْلِقَينا َ‬ ‫نواِزَحي َ‬ ‫م َ‬ ‫ع اْل َ‬ ‫) َ‬ ‫ن اْلِق ْ‬ ‫سطَ لِيَْنو ِ‬ ‫م نَْف ٌ‬ ‫ظل َ ُ‬

‫ك َ‬ ‫و َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫خْر َ‬ ‫حنا ِ‬ ‫د ٍ‬ ‫ل أَتَْيَننا بِ َ‬ ‫سِبي َ‬ ‫ى بَِننا َ‬ ‫هنا ۗ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ٰ‬ ‫ِّ‬

‫( ال نـبياء ‪47‬‬

‫يقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( لتؤدون الحقوق يوم القيامة إلى أهلها حتى يقتص للشـا ة‬ ‫العجماء من الشا ة القرناء وحتى ُيسئل العود لما خدش العود – تلك التشــبيهات والمثلــة والبلغــة‬

‫مــن رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( للدللــة علــى مــدى الدقــة فــي رد الحقــوق لصــحابها يــوم‬

‫القيامة ورد المظالم لهلها حتى إن الشا ة التي لها قرون وكـانت قــد نطحــت الــتي ليــس لهــا قــرون‬ ‫سوف يتم الفصل بينهما ويقتص منها فإن أول ما ُيفصل فيه يوم القيامــة الخصــومات بيــن النــاس‬

‫ففي حديث رواه أبو أيوب ال نـصاري ‪ ‬أن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( قــال أول مــا يختصــم‬ ‫‪24‬‬


‫يوم القيامة الرجل وامرأته ثم يقول وال ل يتكلم لسانها ولكن يداها ورجلها تنطق بما كانت تعنف‬ ‫لزوجها في الدنيا وال ل يتكلم لسـانه ولكـن تشــهد يـداه ورجله بمــا كـان يـؤتي امرأتــه مــن خيـر أو‬ ‫شر ثم يكون بين الرجل والناس مثل ذلك وال ل تؤخذ دوانيق ول قراريط إنما حســنات الظــالم تُــدفع‬ ‫للمظلــوم وسـيئات المظلــوم ُتوضـع علــى الظــالم ثــم يــؤتى بالجبــارين فــي مقــامع مــن حديــد وُيقــال‬

‫سـوقوهم إلــى الجحيــم ‪ ,‬وع ن عبــد الـ بــن أنيـس ‪ ‬قـال قـال رس ول الـ )صـلي الـ عليـه وسـلم(‬ ‫ُتحشرون حفا ة عرا ة غرل ثم ق أر قول ال عز وجل‬

‫م نَ ْ‬ ‫مناَء َ‬ ‫بۚ‬ ‫كُتس ِ‬ ‫ل لِْل ُ‬ ‫ ي ال ّ ِ‬ ‫س َ‬ ‫)َحيَْنو َ‬ ‫سس ِ‬ ‫نوي ال ّ‬ ‫ج ِّ‬ ‫كطَس ّ ِ‬ ‫ط ِ‬

‫كّنسسنا َ‬ ‫َ‬ ‫ن‪ ( .‬ال نـبيــاء ‪ 104‬ثــم ينــادي منــاد‬ ‫عسًدا َ‬ ‫و ْ‬ ‫فسسنا ِ‬ ‫علَْيَنسسنا ۚ إِنّسسنا ُ‬ ‫ق نّ ِ‬ ‫عِلي َ‬ ‫عيسُدُه ۚ َ‬ ‫ل َ‬ ‫و َ‬ ‫ك َ‬ ‫منا بَ​َدْأَننا أَ ّ‬ ‫خْل ٍ‬

‫بصوت يسمعه من دنى كما يسمعه من بُعد يقول أنا الملك الديان ل يحــل لحــد مــن أهــل الجنــة أن‬ ‫يدخل الجنة وعنـده مظلمـة لحـد مـن أهـل النـار حـتى اللطمـة فمـا فوقهـا – أي إن الحسـنات مهمـا‬

‫علت وزادت حتى ولو كانت مثل الجبال قد تأخذها المظالم وتمحوها وتستهلكها حتى ل يبقى منهــا‬ ‫شيء – قالوا يا رسول ال كيف نرد المظالم ونحن نحشر حفا ة عرا ة غرل قال بالحسنات والســيئات‬ ‫ج ازًء وفاقاً ول يظلم ربك أحداً ‪.‬‬ ‫اتق ـوا الظلــم فــإن الظلــم ظلمــات يــوم القيامــة واتق ـوا دع ـو ة المظلــوم فــإن المــام الشــافعي ‪ ‬يقــول‬ ‫ل تظـلمن إن كنت مقتـد ارً‬

‫فإن الظلم يرجع عقباه إلى الندم‬

‫تنام عيناك والمظلوم منتبه‬

‫يدعـو عليك وعـين ال ل تنم‬

‫ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول ثل ثـة ل ُتـرد دعـوتهم المـام العـادل والصـائم حـتى يفطـر‬ ‫ودعو ة المظلوم يرفعها ال فوق الغمام ويقول وعزتي وجل لـي ل نـصرنك ولو بعد حين "‬ ‫وليحذر المسلم من ظلم أي مخلوق حتى إوان كان فاج ارً وكان من أهل النار والجحيــم فــإن الـ عــز‬ ‫وجل يفصل يوم القيامـة بيـن العبـاد ول يرض ى أن يكـون فـي الجنـة أحـد مـن الخلـق وعنـده مظلمـة‬ ‫لحد حتى إوان كان من أهل النار ‪.‬‬ ‫‪25‬‬


‫ل تجعلوا ل أنداداً‬ ‫يقـول أبـو هري ر ة ‪ ‬قـال لــي رس ول الـ )صـلي الـ عليـه وسـلم( يــا أبـا هري ر ة تعلـم القـرآن وعلمــه‬ ‫للناس فإنك إن مت على ذلك زارت قبرك المل ئـكــة كمــا ُيـزار الــبيت العــتيق ‪ -‬كــانت تلـك هــى جـائز ة‬

‫من تعلم أوًل القرآن ثــم بعــد أن تعلمــه وأتقنــه علمــه للنـاس فــإن زيـار ة المل ئـكــة كلهـا رحمــة ودعــاًء‬ ‫واستغفا ارً لهذا الميت فــي ذلـك القــبر الـذي تــزوره بل انقطـاع كمـا تــزور النـاس الــبيت الحـرام – ثـم‬ ‫يقول له يا أبا هرير ة إذا أردت أل تقف على الصراط طرفة عين علم الناس سنتي إوان كره وا ذلــك –‬ ‫ورسول ال يعلم أن العبادات والفرائض والتكاليف إنمـا هــى ثقيلــة علـى النـاس وقـد ل يرغبـون فـي‬ ‫تعلمها حتى ل يعملوا بهـا أو يتعلموه ا علـى مضـض لـذلك كـان الصـرار علـى تعليمهـا للنـاس فيـه‬ ‫الثواب العظيم والجائز ة العظيمة بأن ل يقف على الصراط الذي هو كحد السيف ل يقف عليه طرف ة‬ ‫عين بل يجتازه مباشر ة إلى الجنة ‪ ,‬إوان عمـر ‪ ‬يقـول تعلمـوا القـرآن ُتعرف وا بـه " فـإن الـذي يتعلـم‬ ‫القرآن يكون له نو ارً يمشي به بين الناس وتجد لــه رهبــة ووقـا ارً وتجــد عليــه ســيمة الخلـق الحســن‬ ‫‪26‬‬


‫ل نـه تأسى بآيات القرآن التي تعلمها وعمل بها لن ال نـسان المسلم إنما يعرض نفســه علــى آيــات‬ ‫القرآن حتى يكون سلوكه موافقاً لما جاء في كتاب ال عز وجل في كل نواحي الحيا ة وقد جــاء فــي‬ ‫حــديث لرس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( يقــول عــدد درج ات الجنــة بعــدد آي القـرآن " فــإذا قـ أر‬ ‫ال نـسان المصحف آية آية كأنه يرتقي في الجنة درجة درجة ثم يقول رسول ال فمن ق أر القرآن لــم‬ ‫يكن فوقه شيء " ل نـه يكون قد بلغ أعلى درجات الجنة ‪.‬‬ ‫إن سور ة البقر ة هى قمة القرآن وسنامه وقد نزل مع كــل آيــة ثمــانون ملكـاً مــن الســماء مــع جبريـل‬ ‫يحفون بكل آية نزلت منها وفيها آية يقول ال عز وجل فيها‬

‫ذي‬ ‫سا ْ‬ ‫م اّلسس ِ‬ ‫عُبُدوا َربّ ُ‬ ‫)َ​َحينا أَ​َحيّ َ‬ ‫ك ُ‬ ‫هنا الّننا ُ‬

‫من َ‬ ‫م تَّتُقنو َ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ل‬ ‫ج َ‬ ‫م لَ َ‬ ‫ض فَِرا ً‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ن‪ .‬الّ ِ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫قْبِل ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫والّ ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫وَأنَز َ‬ ‫مناَء بَِنناًء َ‬ ‫س َ‬ ‫شنا َ‬ ‫م اْل َْر َ‬ ‫ع َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫وال ّ‬ ‫ك ُ‬ ‫مناًء َ‬ ‫ت ِرْزًقنا لُّكسْم ۖ َفَل تَْجَعُلسسنوا لِّلسِه َأنسَداًدا َوَأنُتسْم تَْعلَُمسسنوَن‪( .‬‬ ‫خَر َ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ج بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ن الّث َ‬ ‫م َ‬ ‫مناِء َ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫فأَ ْ‬ ‫ن ال ّ‬

‫البقر ة ‪ 22-21‬هذه الية تبدأ بقول ال يا أيها الناس فيتبادر إلــى الــذهن أن تلــك اليــة نزل ت فــي‬ ‫مكة أي إنها من اليات المكية أما إذا بدأت الية بقول ال يــا أيهــا الــذين آمنـوا فتكــون هــذه اليــة‬ ‫مما نزلت في المدينة لن مكة كان بها أهل السلم وأهل الشرك والكفر فالخطاب لهم جميعاً ولكن‬ ‫في المدينة كان الخطاب للمجتمع المسلم المؤمن المتواجد في المدينة واليات في مكة إنمــا نزل ت‬ ‫لكي تكون العقيد ة مع ل إله إل ال مع محاربة الشرك والوثنية بينما اليات التي نزلت في المدينــة‬ ‫نزلت بالتشريع والحكام وكلها تبدأ بقول ال عز وج ل يأيهــا الــذين آمنـوا فكلهــا مــن آيــات المدينــة‬ ‫المنور ة الـتي شـرفها الـ عـز وج ل بهجـر ة رس وله إليهـا ‪ ,‬وفـي هـذه اليـة بـدأ بـالقول اعبـدوا ربكـم‬ ‫فلماذا ؟ إن أهل الشــرك يعلمــون أن الـ عــز وج ل موج ود كمــا جــاء فــي قــول الـ عــز وج ل‬

‫ولَِئن‬ ‫) َ‬

‫هۖ َ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ى َُحيْؤَفُكنوَن( الزخرف ‪ 87‬عندما تسأل المشرك من خلقــك‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫ن اللّ ُ‬ ‫قُه ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م لَيَُقنوُل ّ‬ ‫سأَْلَتُهم ّ‬ ‫فأَنّ ٰ‬

‫يقول ال إواذا سألته من خلق السماوات والرض كــذلك يقــول الـ فلمـاذا أشــركوا ل نـهــم يــدعون أن‬ ‫تلك الصنام والوثـان الـتي اتخـذوها إنمـا هـى تقربهـم إلـى الـ قـالوا مـا نعبـدها إل لتقربنـا إلـى الـ‬ ‫زلفى فكان مثل ذلك شرك عبد المطلب جــد رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( عنــدما جــاء أبره ه‬ ‫‪27‬‬


‫ليهدم الكعبة كـان يـدعو ويقـول اللهـم ل نرج و لهـم سـواك اللهـم امنـع عنهـم حمـاك اللهـم إن عـدو‬ ‫البيت من عاداك اللهم إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك إن كنت تاركنا وقبلتنــا فــأمر مــا بــدا لــك ‪,‬‬ ‫هــم يعلمــون أن ال ـ عــز وجـل هــو خــالقهم ومصــورهم وه و رازقهــم هــو الــذي جعــل الرض فراش ـاً‬ ‫والسماء بناًء وهو الذي أنزل من السماء ماء فأنبت به الثمار التي هــى طعــام وغ ذاء وكـانت إراد ة‬ ‫ال هى المهيمنة على الكون كله فإن ال عز وجل يقول في حديث قدسي " أنا والجن وال نـس فــي‬ ‫نبأ عظيم – لماذا لم يذكر المل ئـكة ل نـهم جبلوا على الطاعة وفطرهم الـ عليهـا فهـم ل يعصـون ل‬ ‫تجد منهم إل مسبح بحمد ربه أو راكع أو ساجد أما الجن وال نـس فإن منهم المؤمن ومنهــم الكــافر‬ ‫فقال ال أنا والجن وال نـس في نبأ عظيـم أخلـق وُيعبـد غيـري أي إن مـن النـاس مـن يعبـد غيـر الـ‬

‫وهو خالقهم يجعلون له شركاء في العباد ة فقد قالت اليهود عزير بن الـ وعبــدوه وقـالت النصــارى‬ ‫المسيح بن ال وعبدوه كما إنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون ال وما أمــروا إل ليعبــدوا‬ ‫إلهاً واحداً ل إله إل هـو ســبحانه عمـا يشـركون ولكـن مـن حلـم الـ عــز وج ل أن يــتركهم ويعـافيهم‬ ‫لذلك قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ما من أحد أصبر على أذى من ال عــز وج ل يجعلــون‬ ‫له ولداً ويرزقهـم ويعــافيهم " ولكنـه يــؤخر حسـابهم إلـى يــوم ل ري ب فيــه – ثــم يقـول الـ عــز وج ل‬ ‫أخلق وُيعبد غيري وأرزق وُيشكر سواي خيري للعباد نازل وشرهم إلّي صاعد – فــإن الـ هــو الـذي‬

‫ينزل الغيث من السماء فيكون منه الطعام والشراب بينما شر العباد من المعاصي والذنوب والثــام‬ ‫صاعد منهم إليه كما نجد من يسب الدين ومن يرتكــب الموبقــات – ثــم يقــول الـ عــز وج ل أتحبــب‬ ‫إليهم بالنعم ويتبغضون إلّي بالمعاصي " وعبد الـ بـن عبـاس ‪ ‬وه و حـبر المـة ومـترجم القـرآن‬

‫كما زكاه بذلك رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول في هذه اتقـوا الشـرك فـإنه أخفـى مـن دبيـب‬ ‫النمل على الصخر ة السوداء في الليلة الظلماء " بذلك وصف عبد ال بن عباس الشرك بأنه خفــي‬

‫خفاًء شديداً تكاد ل تدركه ول تعلم أنك أشركت حتى يكون الحذر منه شديداً وال نـتباه إليه كبير في‬ ‫كل قول أو عمل مــن شــأنه أن يــؤدي إلــى الشــرك رغ م إننــا ل نعبــد الصــنام والوثـان إل أن الشــرك‬ ‫‪28‬‬


‫بهذا الوصف قد يكون محيطاً بنا في كل الفعال والقوال ومن أبسطها أن تقول لحد وحياتك افعــل‬ ‫لي هذا الشيء فتلك الكلمة عند عبد الـ بــن عبـاس هــى شــرك أو أن تقــول لــول كلـب فل نـ لســرق‬ ‫اللصوص الدار فقد عدها أيضاً من الشرك ومثلهــا كــثير يجــب الحــرص فيــه والحــذر منــه لن بتلــك‬ ‫الكلمات وما شابهها تكون قد جعلت ل نداً وشـريكاً ثـم يقـول عبـد الـ بـن عبـاس أو يقـول أحـدكم‬ ‫لصاحبه لو شاء ال وشئت لن البشر ل يستطيع المشيئة فهو ل حول ول قو ة له فكيف تكــون لــه‬ ‫مشيئة فل تقول ما شاء ال وشاء فل نـ فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( قال رجل أمــامه يــا‬ ‫رسول ال لو شاء ال وشئت فقال له أجعلتني ل نـداً قـل مـا شـاء الـ ثـم شـئت أي جعـل المشـيئة‬ ‫هنا بعد مشيئة ال عز وجل وليس معها ‪.‬‬ ‫بعض الناس يقول إن إبراهيم كان شاكاً ول يعرف رب ه إن إبراهيــم مــا كــان عنــده علــم إن هنــاك إلــه‬ ‫فنظر إلى الكواكب إوالى القمر والشمس وذلك قول سوء منهم إنما هى كانت مناظر ة رأياً برأي جمع‬ ‫النــاس الــذين يعبــدون آزر وه و اســم صــنم يعبــدونه وكـان والــد إبراهيــم مــن أشــد النــاس عبــاد ة لــه‬ ‫فسمي باســمه وكـأنه محــى اســمه الحقيقــي وأصــبح اســمه آزر وعنــدما أراد نــبي الـ إبراهيــم عليــه‬ ‫السلم أن يأتي بالناس إلى حظيـر ة ل إلــه إل الـ وعبوديــة الواحـد الحـد فوج د أنهــم كــانوا يعبــدون‬ ‫النجــوم والكـواكب فجمعهــم حــتى يــروا بــأعينهم أن هــؤلء مــا هــم بآلهــة ل نـهــم يتغيــرون ويتبــدلون‬ ‫ويظهر لهم ضوء ثم يتلشى ويختفي ومنهم من يبدأ كيب ارً ثم يتضـائل حـتى يختفـي فكيـف يتصـف‬ ‫اللـــه بتلـــك الصـــفات أراد أن تكــون حجتــه عليهــم بينـــة ويشـــهدونها بـــأعينهم فل تصـــلح النجـــوم‬ ‫والكواكب أن تكون آلهة ل الشمس ول القمر ول غيرها من النجوم والكـواكب سـواء الكـبير منهــا أو‬ ‫الصــغير إوانمــا القــرب للمنطــق والعقــل وبعــد تلــك التجربـ ة والبره ان أن يكــون لكــل هــذه النجــوم‬ ‫والكواكب إله خالق باريء مصور مهيمن عليها ومسير لها ثــم قــال لهــم قــول الـ عــز وج ل‬

‫) َ‬ ‫منا‬ ‫فلَ ّ‬

‫هسَذا َربسس ي ٰ َ‬ ‫ل َٰ‬ ‫غ ً‬ ‫ل َحيَسسنا َ‬ ‫ت َ‬ ‫مسسنا أَ َ‬ ‫هسَذا أَْكبَسُر ۖ َ‬ ‫ة َ‬ ‫س َبناِز َ‬ ‫مسسنا‬ ‫قسسنا َ‬ ‫قنا َ‬ ‫م َ‬ ‫فلَس ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫م ّ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫َرَأ ى ال ّ‬ ‫قسْنو ِ‬ ‫م إِنِ ّسس ي بَِريسٌء ِ ّ‬ ‫ِّ‬ ‫حِني ً‬ ‫ذي َ‬ ‫ف َ‬ ‫كنو َ‬ ‫ن‬ ‫مسسنا أَ​َنسسنا ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ ي لِّلسس ِ‬ ‫شسسِر ُ‬ ‫مسس َ‬ ‫و َ‬ ‫فسسنا ۖ َ‬ ‫ض َ‬ ‫واْل َْر َ‬ ‫ت َ‬ ‫منا َ‬ ‫سسس َ‬ ‫ت َ‬ ‫ن‪ .‬إِ​ِّنسس ي َ‬ ‫و ْ‬ ‫ُت ْ‬ ‫طسسَر ال ّ‬ ‫و ّ‬ ‫جْهسس ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫هسس َ‬

‫‪29‬‬


‫ن‪(.‬‬ ‫شِر ِ‬ ‫كي َ‬ ‫م ْ‬ ‫اْل ُ‬

‫ال نـعــام ‪ 79-78‬ولكنهــم أصــروا علــى شــركهم وجـادلوه فيهــا وحـاولوا أن يخوفـوه‬

‫بهذه اللهه المزعومة بــأن تلحــق بــه أذى فقــال لهــم‬

‫هۚ َ‬ ‫ه َ‬ ‫حنا ّ‬ ‫ه‬ ‫ف ي الّلس ِ‬ ‫جنوِّن ي ِ‬ ‫ل أَُت َ‬ ‫قنا َ‬ ‫و َ‬ ‫) َ‬ ‫م ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫حنا ّ‬ ‫قْنو ُ‬

‫و َ‬ ‫قْد َ‬ ‫كنو َ‬ ‫مسسنا ۗ‬ ‫س َ‬ ‫عْل ً‬ ‫ يٍء ِ‬ ‫ع َرِّب ي ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫شِر ُ‬ ‫هَدا ِ‬ ‫خنا ُ‬ ‫ل َ‬ ‫شْيًئنا ۗ َ‬ ‫شناَء َرِّب ي َ‬ ‫ه إِّل َأن َحيَ َ‬ ‫ف َ‬ ‫وَل أَ َ‬ ‫نۚ َ‬ ‫َ‬ ‫منا ُت ْ‬ ‫كس ّ‬ ‫شس ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ َ‬ ‫خسسناُفنو َ‬ ‫كُرو َ‬ ‫و َ‬ ‫ه‬ ‫وَل تَ َ‬ ‫فَل تَ​َتَذ ّ‬ ‫ل ِبس ِ‬ ‫شسَرْكُتم بِسسناللّ ِ‬ ‫ن أنّ ُ‬ ‫خنا ُ‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫ف َ‬ ‫فأ َ‬ ‫كْي َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫م َُحيَنس ِزّ ْ‬ ‫مسنا َلس ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫كس ْ‬ ‫شسَرْكُت ْ‬ ‫منا أ ْ‬ ‫طناًننا ۚ َ‬ ‫سْل َ‬ ‫منو َ‬ ‫فِرَحي َ‬ ‫ي اْل َ‬ ‫ح ّ‬ ‫فَأ ّ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ن ۖ ِإن ُ‬ ‫علَْي ُ‬ ‫ن أَ َ‬ ‫كنُت ْ‬ ‫ق ِبناْل َ ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫م تَْعلَ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫م ِ‬ ‫قْي ِ‬

‫( ال نـعام ‪ 81-80‬الذي أحق‬

‫بالمن الذي لم يشرك مع ال شيئاً الذي يعلم أن الـ هــو القــوي المهيمــن إوان كــل المــور فــي هــذا‬ ‫الكــون تســير بــإرادته وهـ و الــذي خــاطب رسـ وله ُم حـمــد )صــلي ال ـ عليــه وســلم( فقــال‬

‫وِإن‬ ‫لــه ) َ‬

‫خْيسٍر َ‬ ‫ر َ‬ ‫د لِ َ‬ ‫فَل َ‬ ‫مسسن‬ ‫ك بِ َ‬ ‫ه إِّل ُ‬ ‫ب بِس ِ‬ ‫ه ۚ َُحي ِ‬ ‫ضسِل ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫كنا ِ‬ ‫فَل َرا ّ‬ ‫ه َ‬ ‫وِإن َُحيسِرْد َ‬ ‫نو ۖ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫ف لَ ُ‬ ‫ك اللّ ُ‬ ‫س ْ‬ ‫َحيَ ْ‬ ‫ه بِ ُ‬ ‫ض ٍّ‬ ‫صسسي ُ‬ ‫نو اْل َ‬ ‫م‪.‬‬ ‫و ُ‬ ‫غُفنوُر الّر ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫شناءُ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عَبناِدِه ۚ َ‬ ‫َحيَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫حي ُ‬

‫( يــونس ‪ 107‬إذا أراد ال ـ بــك خي ـ ارً فــاعلم أنــه ل ق ـو ة‬

‫مهمــا علــت ومهمــا عظمــت تســتطع أن تمنــع عنــك هــذا الخيــر وكـذلك البلء ل توج د قـو ة فــي هــذا‬ ‫الكــون تســتطيع أن تكشــفه إل إذا أراد ال ـ عــز وجـل ذلــك ‪ ,‬ورس ول الـ )صــلي ال ـ عليــه وسـلم(‬ ‫أردف خلفه عبد ال بن عباس ‪ ‬وهو غلم فقال له يـا غلم أل أعلمـك كلمـات أحفـظ الـ يحفظـك‬ ‫أحفظ ال تجده تجاهك إذا استعنت فاستعن بال إواذا سألت فاسأل ال واعلم أن المة لــو اجتمعــت‬ ‫علــى أن ينفعــوك بشــيء لــن ينفعــوك إل بشــيء قــد كتبــه ال ـ لــك وأن المــة لــو اجتمعــت علــى أن‬ ‫يضروك بشيء لن يضروك إل بشيء قد كتبه ال عليك رفعت القلم وجفت الصــحف " ومعــاذ بــن‬ ‫جبل ‪ ‬يقول كنت رديفاً لرسول ال )صلي ال عليه وسلم( فقال لــي يــا معــاذ قلــت لبيــك يــا رس ول‬ ‫ل لهميــة مــا ســيقوله لــه – قــال أتــدري مــا‬ ‫ال قالها ثلث ولبيت ثلث – حتى يسترعي إنتباهه كام ً‬ ‫حق ال على العباد قلت ال ورسوله أعلم قال حق ال علـى العبــاد أن يعبـدوه ول يشـركوا بــه شـيئاً‬ ‫ثم قال له أتدري ما حق العباد على ال إن فعلوا ذلك قال ال ورسوله أعلم قال أل يعذبهم – جعلها‬ ‫ال عز وجل حقوقاً عباد ة ال وحده وعدم الشــرك بــه جزاؤه ا الجنــة خالـداً فيهــا فــي نعيــم مقيــم فــي‬ ‫شباباً ل شيخوخة فيه وقو ة ل مرض فيها ‪.‬‬

‫‪30‬‬


‫يقول عبد ال بن مسعود ‪ ‬سألت رسول ال )صلي ال عليه وسلم( قلت يا رسول الـ أي الـذنب‬ ‫أعظم عند ال قال أن تجعل ل نداً وهو خلقك وكان رسول ال متكئاً فجلس ثم قال أل وقول الزور‬ ‫وأخذ يكررها حتى قلنـا ليتــه يســكت " وج اء فــي حــديث عــن أنــس بــن مالـك ‪ ‬قــال قـال رس ول الـ‬ ‫)صــلي الـ عليــه وسـلم( أن الـ عــز وجـل يقــول فــي حــديث قدســي " يــا بــن آدم إنــك مــا دعــوتني‬ ‫ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ول أبالي يا بن آدم إذا بلغت ذنوبك عنــان الســماء ثــم جئتنــي‬ ‫ل تشرك بي شيئاً غفرت لك ول أبالي "‬ ‫إن ال عز وجل هو المعبود بحــق ل معبــود سـواه لـذلك مــن يتخــذ مــن دونـه أنــداداً فقــد ضــل سـواء‬ ‫السبيل وهو في الخر ة من الخاسرين أعد ال عز وجل لــه جهنـم يصــلها وه و فيهــا مـن الخالــدين‬ ‫لن ال عز وجل أعد الجنة وزينها وهيأها وجعلها جائز ة وحقاً وثواباً لمن كان يعبــده ول يشــرك بــه‬ ‫شيئاً ‪.‬‬

‫‪31‬‬


‫الشـرك والقبـور‬ ‫يقول عبد ال بن رواحة ‪ ‬وهو صحابي من صحابة رسول ال )صلي ال عليه وسلم( لواحد من‬ ‫أصحابه وهو كذلك صحابي جليل يقول له تعال نؤمن ساعة فقال لــه وه و يتعجــب ألســنا بمــؤمنين‬ ‫فقال له نذكر ال عز وجل فنزداد إيماناً ‪.‬‬ ‫المؤمن إذا ذكر ال عـز وج ل إزداد إيمانـاً ورفعـة وعلـواً يقـول رس ول الـ )صـلي الـ عليـه وسـلم(‬ ‫الصــل ة تســود وج ه الشــيطان والصــدقة تقســم ظهــره والتحــابب فــي الـ يقطــع دابــره ‪ ,‬فمــن أراد أن‬ ‫يقطع دابر الشيطان فعليه بمجالس العلم فإنها كلها ذكــر لـ وتحــابب فــي الـ تحــب أخـاك فــي الـ‬ ‫ول فذلك يقطع دابرالشيطان ويكون بينك وبينه بعد المشرق والمغرب ‪.‬‬ ‫من َ‬ ‫م تَّتُقنو َ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫م لَ َ‬ ‫سا ْ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫قْبِل ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫والّ ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫م الّ ِ‬ ‫عُبُدوا َربّ ُ‬ ‫يقول ال عز وجل )َ​َحينا أَ​َحيّ َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫م َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ُ‬ ‫هنا الّننا ُ‬ ‫مناًء َ‬ ‫ت‬ ‫ج َ‬ ‫ض فَِرا ً‬ ‫خَر َ‬ ‫مسسَرا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ج بِ ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫الّ ِ‬ ‫ن الّث َ‬ ‫مسس َ‬ ‫مناِء َ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫وَأنَز َ‬ ‫مناَء بَِنناًء َ‬ ‫س َ‬ ‫شنا َ‬ ‫م اْل َْر َ‬ ‫ع َ‬ ‫ذي َ‬ ‫فأَ ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫وال ّ‬ ‫ك ُ‬ ‫ِرْز ً‬ ‫مۖ َ‬ ‫ه َأنَدا ً‬ ‫منو َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ج َ‬ ‫عُلنوا لِلّ ِ‬ ‫قنا لّ ُ‬ ‫دا َ‬ ‫وَأنُت ْ‬ ‫فَل تَ ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫م تَْعلَ ُ‬

‫( البقر ة ‪22 – 21‬‬

‫العباد ة ل تكون إل ل عز وجل وعباد ة الرحمن غاية حبه مع ذل عابد هما قطبان عباد ة الرحمــن ‪,‬‬ ‫عبدت النصارى المسيح وعبدت اليهود عزير مــن دون الـ هــؤلء قــالوا عنــه بــن الـ وه ؤلء قــالوا‬ ‫عنه بن ال فأشركوا بعد أن أروا من اليات والعجزات مـا ل يـدع مجـاًل للشـك فـي وحدانيـة الـ عـز‬ ‫وج ل وقـول أنبيــائهم إنهــم عبــاد لـ وه م بشــر ممــن خلــق أروا المعجـزات الربانيــة بــأعينهم وبعــدها‬ ‫أشركوا كما فعل اليهود مع نبي ال موسى بعد ان نجاهم ال من الغرق وشق لهم في البحر طريقاً‬ ‫يبساً إذا هم بعد النجا ة يشركون بال ويعبدون العجل من دونه ول يـزال نــبي الـ بينهــم وفيهــم كمــا‬ ‫ى َ‬ ‫حَر َ‬ ‫كُفسسنو َ‬ ‫ى‬ ‫ن َ‬ ‫فَأتَْنوا َ‬ ‫م َحيَْع ُ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫جنا َ‬ ‫و َ‬ ‫يقول ال عز وجل في كتـــابه ) َ‬ ‫ل اْلبَ ْ‬ ‫وْزَننا بِبَِن ي إِ ْ‬ ‫علَس ٰ‬ ‫علَس ٰ‬ ‫ق سْنو ٍ‬ ‫ن َٰ‬ ‫م َ‬ ‫ةۚ َ‬ ‫مۚ َ‬ ‫هُلنو َ‬ ‫عل لَّننا إِٰلًَهنا َ‬ ‫ؤَلِء‬ ‫ن‪ .‬إِ ّ‬ ‫ه ٌ‬ ‫ج َ‬ ‫هسس ُ‬ ‫ل إِنّ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫م آلِ َ‬ ‫قنا َ‬ ‫ك َ‬ ‫منو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫منا لَُه ْ‬ ‫سى ا ْ‬ ‫م لُّه ْ‬ ‫أَ ْ‬ ‫صَننا ٍ‬ ‫قْنو ٌ‬ ‫قناُلنوا َ​َحينا ُ‬ ‫‪32‬‬


‫مُلسسنو َ‬ ‫مسسنا َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫منا ُ‬ ‫وَبنا ِ‬ ‫فيس ِ‬ ‫م ِ‬ ‫كسسناُننوا َحيَْع َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل ّ‬ ‫مَتبٌّر ّ‬ ‫طس ٌ‬ ‫ُ‬

‫( العــراف ‪ 139-138‬وعنــدما تركهــم موســى‬

‫لميقات ربه صنعوا العجل بأيديهم وعبدوه من دون ال ‪.‬‬ ‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( وهو حي يرزق نزل عليه قول ال عز وجل‬

‫شسسٌر‬ ‫منا أَ​َننا بَ َ‬ ‫ل إِنّ َ‬ ‫)ُق ْ‬

‫ه َ‬ ‫دۖ َ‬ ‫جنو لِ َ‬ ‫كنا َ‬ ‫من َ‬ ‫وَل‬ ‫ل َ‬ ‫صسسنالِ ً‬ ‫قناَء َربِ ّس ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫منا إِٰلَُه ُ‬ ‫مْثُل ُ‬ ‫حنا َ‬ ‫مًل َ‬ ‫ع َ‬ ‫فْليَْع َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ ي أَنّ َ‬ ‫م َُحينو َ‬ ‫م إِٰلَ ٌ‬ ‫مس ْ‬ ‫ح ٌ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ح ٰ‬ ‫ِّ‬ ‫ن َحيَْر ُ‬ ‫ى إِلَ ّ‬

‫حًدا‪.‬‬ ‫عَبنا َ‬ ‫دِة َربِ ّ ِ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫ه أَ َ‬ ‫شِر ْ‬ ‫َُحي ْ‬

‫( الكهف ‪ 110‬فمن كان يريـد لقــاء الـ فل يشــرك بعبــادته أحــداً ول بــد‬

‫أن يخلــص عبــادته ل ـ وحـده فقــال رسـ ول ال ـ )صــلي ال ـ عليــه وســلم( ل تطرونــي كمــا أطــرت‬ ‫النصارى المسيح بن مريم أي ل تغالوا في مكانتي وتصلوا بي إلى ال لـوهية لدرجة أن تعبدوني من‬ ‫دون ال فأنا عبد ال فقولوا عبد الـ ورس وله وه و ُم حـمــد عليــه أفضــل الصــل ة والســلم الـذي هــو‬

‫خير الوليـن والخريـن وه و خيــر بنــي آدم ول فخـر وه و أول مــن تنشـق عنــه الرض يــوم القيامـة‬

‫وأول شافع وأول مشفع ورغم ذلك عندما تقابلة امرأ ة في الطريق فتهابه فيقول لها ل ت ـراع ل ت ـراع‬ ‫إنما أنا ابن امرأ ة كانت تأكــل القديــد بمكـة أي إنــه يطمئــن قلبهـا وُيـذهب عنهـا الــروع ويعلمهــا بــأنه‬

‫بشر مثل كل البشر كانت والـدته تأكـل اللحـم المجفـف فـي مكـة ورغ م أنـه هـو الـذي يقـول الـ عـز‬ ‫وجل في حقه في كتابه العزيز‬

‫)ل َ َ‬ ‫ص‬ ‫مسسنا َ‬ ‫عِزَحيٌز َ‬ ‫م َ‬ ‫علَْي ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ن َأنُف ِ‬ ‫جناَء ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫قْد َ‬ ‫عِنّت س ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ل ِّ‬ ‫حِرَحي س ٌ‬ ‫سنو ٌ‬ ‫م َر ُ‬

‫م‪ ( .‬التوبـة ‪ 128‬تعلمــون والــده ووالــدته وتعلمــون جــده وع ائلته‬ ‫َ‬ ‫ف ّر ِ‬ ‫مْؤ ِ‬ ‫علَْي ُ‬ ‫ن َرُءو ٌ‬ ‫مِني َ‬ ‫حي ٌ‬ ‫كم ِبناْل ُ‬ ‫ونسبه لقد جاءكم رسول من أنفسكم أي ليس بغريـب عنكــم ‪ ,‬فكـان حــرص رس ول الـ )صــلي الـ‬ ‫عليه وسلم( أن يرسي دعائم الوحدانية لـ عــز وج ل قبــل أن يغــادر الــدنيا حــتى ل يضــل ول يفتتــن‬ ‫الناس به من بعده يريد أن يعلم الناس أل يعبـدوا إلهـاً إل الـ ول يشـركوه فـي عبـاد ة الـ عـز وج ل‬ ‫وأم المؤمنين عائشة رضي ال عنها كانت تقول في مرضه الذي مات فيه كان رسول ال كــثي ارً مــا‬ ‫يقول لعن ال اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبياءهم مساجد – والذي يلعنه ال عز وجـل هــو مــن‬ ‫أهل النار ل محالة ول يدخل الجنة ول يجد ريحها فكان رسول ال وهو على فراش الموت يكثر من‬ ‫قول لعنة ال علـى اليهـود والنصـار ل نـهـم جعلـوا قبـور أنبيـاءهم مسـاجد وكـأنهم يعبـدون ال نـبيـاء‬ ‫‪33‬‬


‫بذلك الفعل فكان ذلك منهم شرك بال عز وج ل وكـأنه يحـذرنا أشـد التحـذير أن نفعـل مثلهـم ونتخـذ‬ ‫من قبره هو صلى ال عليه وسلم قب ارً يعبده الناس بعد مماته فيكون شركاً بال عــز وج ل وه ذا مــا‬ ‫ل يرضاه لمته ‪.‬‬ ‫وكان رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول في حق قبره الشريف الذي هــو أشــرف بقــاع الرض‬ ‫ل تتخذوا قبري عيداً ول تتخذوا بيوتكم قبــو ارً وصـلوا علـّي فــإن صــل تـكم تصــلني أينمــا كنتــم " فكــان‬ ‫ذلك نهي صريح من رسول ال للناس أن يتخذوا قبره عيــداً أن يقيمـوا عنــده احتفــاًل أو مولـداً مثــل‬

‫تلك الشياء التي نراها في الموالد ثم قال لنا رسول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( ل تجعلـوا بيــوتكم‬ ‫قبو ارً ل يق أر فيها القرآن ول ُيذكر فيه ال عز وجل ول ُتقام فيه الصل ة ثم قال لنا إوان كنتــم تريـدون‬

‫الخير فصلوا علّي اللهم صل وسلم وبارك عليك يا رسول ال صل ة دائمة أبداً فإن من صــلى عليــه‬

‫صل ة صلى ال عليه بها عش ارً إوان الصل ة عليه تصله أينمـا كـان المصـلي سـواء كـان واقفـاً أمـام‬ ‫قبره أو بعيداً عنه في أقصى مكان منه فإنها تصله بإراد ة الـ عـز وج ل كمـا أن المـر بشـد الرح ال‬ ‫كان إلى المسجد وليس إلى القبر حتى ل يختلط المر على الناس ويجب على من يتجه إلــى زيـار ة‬

‫مسجد رسول ال إن كان عند قبره وأراد أن يدعو ال فليتجه بقلبه ونيته وبـوجهه إلـى القبلــة حــتى‬ ‫يكون دعاءه وعبادته خالصة ل عز وجل كما أن رسول ال )صلي الـ عليــه وسـلم( فــي الحــديث‬ ‫ذكر ثل ثـة مساجد هى التي ُيشد إليهــا الرح ال فل يجــب أن تُشـد الرح ال إلــى المشــهد الحســيني ول‬ ‫إلى الطنطاوي ولإلى البدوي ول إلى القناوي ول غيرها من المساجد في كل الرض إل لهذه الثل ثـة‬

‫مســاجد لن لهــا فضــل ليــس لغيره ا ومـن ذلــك الفضــل أن الصــل ة فــي المســجد الحـرام كمائــة ألــف‬ ‫صل ة مما سواه والصل ة في المسجد النبوي كألف صل ة مما سـواه والصـل ة فــي المســجد القصــى‬ ‫بخمسمائة صل ة مما سواه وليس هذا من عندنا إنما هو قول رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم(‬ ‫الذي هو أعلم منا بمراد ال عز وجل ‪.‬‬

‫‪34‬‬


‫والقبور شد الرحال إليها شرك كذلك التمسح بها شرك إوان بيت ال الحرام الـذي أكـرم وأشـرف بنـاء‬ ‫على وجه الرض كان رسول ال ل يمس منه إل الركنين الركن اليماني وركن الحجر السود وكان‬ ‫يلمس الحجر السـود بيـديه ويقبلـه ويشـير إليـه ‪ ,‬ولكـن عمـر بـن الخطـاب ‪ ‬عنـدما أراد أن يعلـم‬ ‫الناس من حوله ويعلمنا عندما قبل هـذا الحجــر أرس ى قواعــد التوحيــد وقـال لنـا أن العبـاد ة لـ عـز‬ ‫وجل وليس للحجر رغ م إنـه حجـر يـاقوت مـن يـاقوت الجنـة ورغ م أن رس ول الـ )صـلي الـ عليـه‬ ‫وسلم( قبله وأمر بتقبيله وأمر باستلمه والشار ة إليه ولكن عمر ‪ ‬قال وهو يحدثه إني أعلم إنــك‬ ‫حجر ل تضر ول تنفع ولول أني رأيت رس ول الـ يقبلـك مـا قبلتـك ورس ول الـ عنـدما كـان يسـتلمه‬ ‫ويشير إليه ويقبله كـان يقــول بســم الـ الـ أكــبر اللهـم إيمانـاً بــك وتصــديقاً بكتابــك ووفـاًء بعهــدك‬ ‫واتباعاً لسنة نبيك ُم حـمد فكان هنا استلم الحجر مقترناً بدعاء فيه إقـرار بالعبوديــة لـ وح ده فــإذا‬

‫كان رسول ال )صلي ال عليه وسلم( امتنع عن أن يمس إل هذان الركنين من البيت الح ـرام فــإن‬

‫مــس أي ضــريح مهمــا علــت رتبــة صــاحبه كــانت ممنوع ة وكـذلك ل يطــوف طــائف حــول قــبر فــإن‬ ‫الطواف عباد ة وما شرع الطواف إل حول بيت ال الحـرام كــان رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم(‬ ‫يطوف حول البيت سبعة أشواط وهو صل ة كذلك فـإنه كـان يقـول الطـواف حـول الـبيت صـل ة غيـر‬ ‫أنكــم تتكلمــون فيــه فمــن تكلــم فل يتكلــم إل بخيــر ل نـهــا عبــاد ة ل ـ عــز وجـل فــإذا كــانت هــذه هــى‬ ‫مشروعيتها ومكانها بيت ال الحرام فل يطوف إنسان حول قبر رسول ال )صلي ال عليه وسـلم(‬ ‫فهو الذي قال ل تصلوا إلى قبر ول تجلسوا عليه كما أن الصل ة إذا كان بين العبد وبين القبلة قــبر‬ ‫كانت منهياً عنها بقول رسول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( ل تصــلوا إلــى قــبر ول تجلسـوا عليــه ‪,‬‬ ‫والقبر في حد ذاته ل يجلب نفعاً ول يمنع ضـ ارً مهمـا كـان سـاكنه فـإنه مجـرد ميـت بمجـرد أن مـات‬ ‫انقطع عمله ف يالدنيا إل من ثلث علم ُينتفع به أو صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له ‪ ,‬وكـذلك‬

‫النذور للقبور منهياً عنها لن النذر أيضاً عباد ة ول يكون إل ل عز وجل فمــن نــذر لميــت أو ولـي‬

‫أو لقبر فإن ذلك النذر مردود عليه ول ينبغي أن يوفيه حتى ل يكون عباد ة لغير ال عز وجل بهــذا‬ ‫‪35‬‬


‫النذر لذلك الميت أو لذلك القبر فمن فعـل ذلـك كـان مشـركاً بـال عـز وج ل لن هـذا الميـت ل يملـك‬ ‫نفعاً ول ض ارً حتى لنفسه فكيف يملكه لحد فمن اعتقد ان هذا الميت يملك له نفعـاً أو ضـ ارً فيكــون‬ ‫قد كفر بال كف ارً بيناً فإن ُم حـمداً عليه أفضــل الصــل ة والســلم ســيد الوليــن والخريـن وخيــر خلــق‬

‫ال على ال كان يبتليه ال عز وجل بالمرض وكان يمن عليه بالشفاء وكان يسقط من على دابته‬ ‫فيصــيبه الجــروح وكـان فــي الجهــاد والقتــال والحــرب يضــرب بالســيف فيصــيب وُيصــاب ويضــرب‬

‫وُيضرب حتى إنه كسرت رباعيته وشجت رأسه ذلك ُم حـمــد )صــلي الـ عليــه وسـلم( الـذي قــال الـ‬ ‫فـــي حقـــه‬

‫سسس ي نَْف ً‬ ‫م اْل َ‬ ‫ب‬ ‫ت أَ ْ‬ ‫وَل َ‬ ‫ولَسْنو ُ‬ ‫ك لَِنْف ِ‬ ‫غْيس َ‬ ‫هۚ َ‬ ‫مسسنا َ‬ ‫را إِّل َ‬ ‫عسسنا َ‬ ‫شسسناَء اللّس ُ‬ ‫)ُقسسل ّل أَ ْ‬ ‫ضس ًّ‬ ‫عل َ س ُ‬ ‫كنس ُ‬ ‫مِل س ُ‬

‫سنوُء ۚ إِ ْ‬ ‫ ي ال ّ‬ ‫شسسيٌر لِ َّقسْنوٍم َُحيْؤِمُنسسنوَن‪ ( .‬العـــراف‬ ‫ن اْل َ‬ ‫سَت ْ‬ ‫وب َ ِ‬ ‫ن أَ​َننا إِّل نَس ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫ذَحيٌر َ‬ ‫منا َ‬ ‫و َ‬ ‫خْيِر َ‬ ‫م َ‬ ‫َل ْ‬ ‫م ّ‬ ‫كَثْر ُ‬ ‫سِن َ‬

‫‪188‬‬ ‫ولنعلم إن هناك مساجداً بها قبور فإن كــان القــبر تجــاه القبلــة فــإنه يحــرم الصــل ة فيــه أمــا إن كــان‬ ‫خلفه فذلك المسجد مكروه الصل ة فيه ولكن إن صليت فيه فل بــأس لن القــبر خلفــك أو يمينــك أو‬ ‫شمالك وحاول أن ُتخلص النية ل عــز وج ل فـي الصـل ة وح اول أن تبتعـد قـدر المكـان عـن القــبر‬ ‫ونقول ذلك رغم انه يجب علينا أن نتحرى الصل ة في مسجد ل قبر فيــه ولكــن كــثرت تلــك المســاجد‬ ‫وما استقر عليـه الخلـق مـن قـديم وح تى ل تكـون فتنـة وشـقاق بيـن النـاس وح تى ل تكـون مشـقة‬ ‫نقول إن كان ذلك القبر في اليمين أو اليسار أو في الخلــف فل بــأس فــي الصــل ة ويجــب أن تكــون‬ ‫نيتك أن تصلي ل عز وجل وليـس للقـبر أو إلـى صـاحبه ولكـن إن كـان القـبر فـي اتجـاه القبلـة فل‬ ‫تصــلي فيــه فــإن رس ول ال ـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( نهــى عــن الصــل ة فــي المقــبر ة وفـي الحمــام‬ ‫والمقبر ة فيها آلف من المقابر والموات ومع كثر ة المقــابر والمـوات فل تكــون قــد صــليت إلــى قــبر‬ ‫بعينه إل أن النهــي عــن الصـل ة فــي المقــبر ة علــى الطل قـ فـالولى أن ل نصــلي إلــى قــبر بعينــه ‪,‬‬ ‫ورسول ال )صلي ال عليــه وسـلم( أمرن ا أن نخلــص العبــاد ة لـ وح ده ول نجعــل معــه شــريك فقــد‬ ‫جاء في حــديث رواه طـاووس ‪ ‬قــال جـاء رج ل إلــى رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( وقـال يــا‬ ‫‪36‬‬


‫رسول ال إني أقف المواقف أبتغي وجه ال ‪ -‬هو يقاتل في سبيل ال يبتغي مرضات ال وحـده –‬ ‫وأحب أن ُيرى موطني أي أنه يخلص نيته ل ولكنه مع ذلك يحب أن يرى الناس شــجاعته فلــم يــرد‬ ‫عليه رسول ال شيئاً فنزل قول ال عز وجل‬

‫حًدا‪.‬‬ ‫عَبنا َ‬ ‫دِة َربِ ّ ِ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫ه أَ َ‬ ‫َ‬ ‫شِر ْ‬ ‫وَل َُحي ْ‬

‫ه َ‬ ‫) َ‬ ‫جنو لِ َ‬ ‫كنا َ‬ ‫من َ‬ ‫حنا‬ ‫ل َ‬ ‫صسسنالِ ً‬ ‫قناَء َربِ ّس ِ‬ ‫مًل َ‬ ‫ع َ‬ ‫فْليَْع َ‬ ‫ف َ‬ ‫مس ْ‬ ‫ن َحيَْر ُ‬

‫( الكهف ‪ 110‬فكان ذلك العمل من الشرك بــال عــز وجـل ‪ ,‬وع ن‬

‫أبي سعيد الخدري ‪ ‬قال قال رسول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( أخــوف مــا أخـاف عليكــم الشــرك‬ ‫الصغر قالوا وما الشرك الصغر يا رسول ال قال الرياء " أي إن الرجل يصلي لـ عــز وج ل فيجــد‬ ‫من ينظر إليه فُيحسن صل تـه ولكنه ما فعــل ذلــك إل لن هنــاك مــن ينظــر إليــه فقــال رس ول الـ إن‬ ‫ذلك الفعل شركاً بال ‪ ,‬وعباد ة بن الصامت ‪ ‬جـاءه رج ل وقـال لـه إنـي أصـل الصـل ة وأبتغـي بهـا‬

‫وجه ال وأحب أن ُأحمد – هو يصلي ل عز وجل ولكنه يجد في نفسه حباً لن يثني عليه أحد من‬ ‫الناس يقولون إنـه مصـلي تقـي صـل تـه فـي خشـوع ولكنـي أحـب أن أحمـد وأصـوم أبتغـي وج ه الـ‬ ‫وأحب أن أحمد وأتصدق لبتغي وجه ال وأحب أن أحمد وأحج أبتغي وجه ال قــال عبــاد ة ‪ ‬ليــس‬ ‫لك من ذلك شيء إن ال عز وجل يقول أنا أغنى الغنياء عن الشرك أنا خير شريك فمــن كــان لــه‬ ‫معي شرك فهو له كله ل حاجة لي فيه ‪.‬‬ ‫يا أيها الناس اتقوا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل وهو محبط للعمل ‪.‬‬

‫ول تزر وازر ة وزر أخرى‬ ‫‪37‬‬


‫يقول قائل ‪ :‬ولست أرى السعاد ة جمع مـال‬ ‫وتقـوى ال خـير الزاد زخـ ارً‬

‫ولكن التقي هو السعيد‬ ‫وعند ال لل تـقى مزيد‬

‫تقوى ال هى الزاد الذي يحصـله ال نـسـان مـن دار الـدنيا إلـى دار الخلـود ولنعلـم أن تقـوى الـ عـز‬ ‫وجل يتم تحصـيلها وتـؤتي ثماره ا عـن طري ق العلـم ورس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( قـال فـي‬ ‫حديث له رواه عبد ال بن عباس ‪ ‬يقول قال رسول ال )صلي ال عليه وسـلم( فقيــه واحــد أشــد‬ ‫على الشيطان من ألف عابد أي أن الذي يكون علــى فقــه وعلــم وبصــير ة أقــوى علــى الشــيطان مــن‬ ‫ألف من الذين يعبدون ال من غيــر علــم ومـن غيــر بصــير ة وفقــه ‪ ,‬كمـا أن رس ول الـ )صــلي الـ‬ ‫عليه وسلم( يقول من يرد ال به خي ارً يفقهه في الدين " وتحصيل العلم والتقوى ليس له حد معين‬ ‫أو سن معين فل يقول إنسان إني وصلت إلى سن كبير يكفيني ما تعلمته ولكن يجب على المســلم‬ ‫ما دام فيه نفس يتردد فإنه يجب عليه أن يحصل العلم ويسعى إليه والمام أحمد بن حنبــل ‪ ‬كــان‬ ‫ل تفارقه المحبر ة والدوا ة والريشة التي يكتب بها ويحملها معـه فـي كـل مكـان فقـابله رج ل وقـال لـه‬ ‫حتى أنت يا إمام رغم إنك أفضل وأعلم أهل زمانك فماذا كان رد المام وكـأن رده كــان لنــا نحــن قــال‬ ‫مع المحبر ة إلى المقبر ة أي أنه مادامت فيه حيا ة سوف يظل يدرس ويتعلـم وُيعلـم ويكتـب مـا تعلمـه‬ ‫حتى يستفيد منه الناس من بعده وذلك إلى أن يدخل قبره ‪.‬‬

‫ورسول ال )صــلي الـ عليــه وسـلم( قـال فـي حـديث لـه أن الـ عــز وج ل يعطـي الـدنيا لمـن يحــب‬ ‫ولمن ل يحب ولكنه ل يعطي الدين إل لمن أحب " فإن ال عز وج ل قــد يعطــي مــن الــدنيا للمــؤمن‬ ‫والكافر للصالح والطالح وقد تجد أكثر الغنياء من اليهــود رغ م أن الـ عــز وج ل لعنهــم فــي كتــابه‬ ‫العزيز فقال‬

‫ك َ‬ ‫ن َ‬ ‫مۚ‬ ‫ل َ‬ ‫داُوو َ‬ ‫ن َ‬ ‫و ِ‬ ‫سسسنا ِ‬ ‫فُروا ِ‬ ‫ن الّ ِ‬ ‫)ُل ِ‬ ‫مْرَ​َحيس َ‬ ‫ن َ‬ ‫عي َ‬ ‫د َ‬ ‫ى لِ َ‬ ‫سسَراِئي َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫ع َ‬ ‫من بَِن ي إِ ْ‬ ‫علَس ٰ‬ ‫سسسى اْبس ِ‬

‫َٰ‬ ‫كناُننوا َحيَْعَتُدو َ‬ ‫و َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫منا َ‬ ‫ع َ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫ذل ِ َ‬ ‫صنوا ّ‬

‫( المائد ة ‪ 78‬تجدهم أكــثر النـاس أمـواًل ممــا يــدل علــى أن الـ‬

‫عز وجل يعطي الدنيا لمن يؤمن ومن يكفر ولكـن ل يعطـي الـدين إل لمـن أحبـه فمـن أعطـاه الـدين‬ ‫‪38‬‬


‫فقد أحبـه فهـو علـى التقـوى والهـدى وعلـى طري ق السـلم وه و الـذي زك اه الـ عـز وج ل فقـال إن‬ ‫أكرمكم عند ال أتقاكم وال عز وجل يقول‬

‫مَنناُه َ‬ ‫ه‬ ‫وُن ْ‬ ‫عُنِقس ِ‬ ‫طنائَِرُه ِ‬ ‫و ُ‬ ‫فس ي ُ‬ ‫سنا ٍ‬ ‫خسِر ُ‬ ‫هۖ َ‬ ‫ل ِإن َ‬ ‫) َ‬ ‫ج َلس ُ‬ ‫ن أَْلَز ْ‬ ‫ك ّ‬

‫نا ْ‬ ‫ك َ‬ ‫كَتناًبنا َحيَْل َ‬ ‫هَتَد ٰ‬ ‫ك َ‬ ‫ ى‬ ‫م َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ى بَِنْف ِ‬ ‫شنوًرا‪ .‬اْقَرْأ ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ك َ‬ ‫علَْي َ‬ ‫ك اْليَْنو َ‬ ‫س َ‬ ‫كَتنابَ َ‬ ‫قناُه َ‬ ‫م اْلِقَينا َ‬ ‫َحيَْنو َ‬ ‫سيًبنا‪ّ .‬‬ ‫ف ٰ‬ ‫من ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ل َ‬ ‫َ‬ ‫ع ِّ‬ ‫خَر ٰ‬ ‫ض ّ‬ ‫ن‬ ‫م َ‬ ‫واِزَر ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫من َ‬ ‫منا ُ‬ ‫منا َحيَ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫دي لَِنْف ِ‬ ‫منا َحيَْهَت ِ‬ ‫علَْي َ‬ ‫ذِبي َ‬ ‫و َ‬ ‫ ى ۗ َ‬ ‫وَل تَِزُر َ‬ ‫هنا ۚ َ‬ ‫فِإنّ َ‬ ‫و َ‬ ‫هۖ َ‬ ‫فِإنّ َ‬ ‫وْزَر ُأ ْ‬ ‫ض ّ‬ ‫كّننا ُ‬ ‫ة ِ‬ ‫سنوًل‪.‬‬ ‫ى نَْب َ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬ ‫حّت ٰ‬ ‫ث َر ُ‬

‫( السـراء ‪ 15-13‬هــذه اليــات تــأمر أن يــتزود ال نـســان لنفســه للقــاء رب ه‬

‫يوم ُتنشر الصحف وفي هذا اليــوم ل تجــد مــن يعطيــك مــن حســناته ول مــن يغيثــك أو يجيــرك‬

‫م‬ ‫)َحيَْنو َ‬

‫شسْأٌن َُحيْغِنيسِه‪( .‬‬ ‫ه‪ .‬ل ِ ُ‬ ‫وبَِني ِ‬ ‫حبَِت ِ‬ ‫صنا ِ‬ ‫وأَِبي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫خي ِ‬ ‫ن أَ ِ‬ ‫مْرُء ِ‬ ‫مِئس ٍ‬ ‫مسِر ٍ‬ ‫ذ َ‬ ‫م َحيَْنو َ‬ ‫ه َ‬ ‫و َ‬ ‫ه‪َ .‬‬ ‫ه َ‬ ‫ه‪َ .‬‬ ‫َحيَِفّر اْل َ‬ ‫مْنُهس ْ‬ ‫لا ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ئ ِّ‬ ‫كس ِ ّ‬ ‫وُأ ِ ّ‬ ‫عبس ‪ 37 – 34‬كل إنسان حتى الرسل كل واحــد منهـم يقـول نفسـي نفســي ففمــن تـتزود إن لـم‬ ‫تتزود من هذه الدار الدنيا التي هى دار عمل وتحصيل ثم فناء فمن فاتته ولم يــتزود منهـا فـإنه ول‬ ‫حول ول قو ة إل بال من الخاسرين ‪ ,‬ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( جمع أهل بيتــه وخاصــته‬ ‫وناداهم القرب فالقرب قال يـا فاطمــة بنـت ُم حـمــد ســليني مـن مــالي ماشـئت ولكـن اعملـي لنفسـك‬ ‫فإني لن أغني عنـك مـن الـ شـيئاً يـوم القيامـة _ لـن يغنـي عـن أهـل بيتـه وخاصـته يـوم القيامـة‬

‫شــيئاً إل الشــفاعة الــتي ســوف يرتضــيها الـ عــز وجـل ول تكــون إل بــإذنه – ثــم يقــول لهــل بيتــه‬ ‫وخاصته ل يأتيني الناس بالعمال وتأتوني بال نـساب فإني لن أغني عنكم من ال شيئاً " كما أن‬ ‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( لن يغني عن عمه أبو طالب الذي كــان يرع اه وينفــق عليــه منــذ‬ ‫طفولته وحتى بعثه ال عز وجل كان مدافعاً عنه إل أنه لم يؤمن به فلــن يغنــي عنــه مــن الـ شــيئاً‬ ‫فقد جاء العباس عم رسول ال وقال له يا رسول ال ما أغنيت عن عمك وقد كان يحوطك ويرع اك‬ ‫قال هو في ضحضاح من نار يغلي منه أم رأسه " وكذلك قال لهله وعشيرته حتى ل يأتي أحد يوم‬ ‫القيامة ويقول أنا من أقارب ُم حـمد رسـ ول ال ـ )صلي ا عليه وسلم( لن رسـ ول ال ـ نفســه هــو‬

‫الذي قال ل يأتيني الناس بالعمال الصالحة الطيبة وبالحسنات وغيرها مما يرض اه الـ وتـأتوني‬

‫فقط بأنكم أنسابي وأهلي وعشيرتي فإني لن أغني عنكم مــن الـ شــيئاً وذلــك حــتى يجتهــد النــاس‬ ‫في العباد ة ويعلم الناس أن ل أحد يغني عن أحد شـيئاً مـن الـ عـز وج ل وكـذلك فـإن أحــد أعمـام‬ ‫‪39‬‬


‫رسول ال عندما كان كاف ارً ومعانداً لهل السلم نزلت فيه آيات نتعبد بهــا ليــل نهــار فــي صــل تـنا‬ ‫وهى‬

‫ى نَسسناًرا َ‬ ‫منا أَ ْ‬ ‫مسسنا َ‬ ‫ب‪.‬‬ ‫ى َ‬ ‫هس ٍ‬ ‫ه ٍ‬ ‫ت لَ َ‬ ‫ت َحيَ​َدا أَِب ي لَ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ب‪َ .‬‬ ‫سس َ‬ ‫ك َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫ب‪َ .‬‬ ‫ب َ‬ ‫مسناُل ُ‬ ‫عْنس ُ‬ ‫سيَ ْ‬ ‫)تَبّ ْ‬ ‫وت َ ّ‬ ‫ص سل َ ٰ‬ ‫غَن ٰ‬

‫د َ‬ ‫منالَ َ‬ ‫د‪.‬‬ ‫جيس ِ‬ ‫ف ي ِ‬ ‫ب‪ِ .‬‬ ‫حطَ ِ‬ ‫سس ٍ‬ ‫م َ‬ ‫هنا َ‬ ‫ة اْل َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫مَرأَُت ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫مسن ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ل ِّ‬ ‫حْبس ٌ‬

‫( المســد فيجــب علــى كــل إنســان أن‬

‫يحصل بنفسه العبادات التي تنجيه في هذا المشهد العظيم وأن يكثر من العمــال الــتي تنجيــه مــن‬ ‫النار فلن يحمل إنسان عن إنسان شيء من خطاياه إل ما جاء في التشريع إل ما جاء على لسان‬ ‫المشرع رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ينقل عـن رب العــالمين فمـا هــو الـذي ينفعــك مــن أخيــك‬ ‫دعاؤه لك فهذا ينفعك ويكـون فـي ميزانـك حـتى إذا غـادرت الـدنيا فـإن رس ول الـ )صـلي الـ عليـه‬ ‫وسلم( كان إذا وضعت الجناز ة وجاء الناس ليصلوا عليها كــان يقــول اخلصـوا الــدعاء لميتكــم وه و‬ ‫الذي كان ُيكثر مــن الــدعاء فيقــول اللهــم اغفــر لحينــا وميتنــا " كمــا أن الـ عــز وج ل أنــزل فــي فــي‬

‫كتابه العزيز هذا الدعاء فقال‬

‫ن َربَّننا ا ْ‬ ‫م َحيَُقنوُلنو َ‬ ‫ن‬ ‫نوانَِننا الّ ِ‬ ‫د ِ‬ ‫من بَْع ِ‬ ‫جناُءوا ِ‬ ‫والّ ِ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫خ َ‬ ‫غِفْر لَ​َننا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫) َ‬ ‫و ِ ِل ْ‬ ‫ه ْ‬

‫م‪.‬‬ ‫ج َ‬ ‫ف ّر ِ‬ ‫غًّل لِ ّلّ ِ‬ ‫ف ي ُقُلنوبَِننا ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫منا ِ‬ ‫ك َرُءو ٌ‬ ‫مُننوا َربَّننا إِنّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫ن َ‬ ‫سبَُقنوَننا ِبنا ْ ِلَحي َ‬ ‫َ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَل تَ ْ‬ ‫حي س ٌ‬

‫( الحشـــر ‪10‬‬

‫ومن هذا نعلم أن الدعاء ينتفع بع الداع والمدعو له وقد كان رسول ال إذا ودع عمر بــن الخطــاب‬ ‫‪ ‬في سفر يقول له ل تنسانا من دعائك يـا أخـي أي إن رس ول الـ هـو الـذي يطلـب مـن عمـر أن‬ ‫يدعو له لن دعاء المسافر مستجاب فإنه يعلم بيقين أن دعاء الناس بعضها لبعــض مرغوبـ اً فيــه‬ ‫وينتفع به المدعو له ‪ ,‬وكان يقول إذا دخلتـم علـى مري ض فاسـألوه أن يـدعو الـ لكـم فـإن دعـاءه‬ ‫كدعاء المل ئـكة ‪ ,‬وكان يقول إن دعاء الرجل لخيه بظهر الغيب يصدق علــى دعــاءه ملــك ويقــول‬ ‫ولك مثلها ‪ ,‬من هنا كان الدعاء والستغفار من شخص إلى أخر من المــور الــتي جعلهــا الـ عــز‬ ‫وجـل نافعــة للنــاس فيمــا بينهــم ولهــم أن يطلبوه ا مــن بعضــهم البعــض علــى أن يكــون الــداع مــن‬ ‫الصالحين وكذلك يكون في موضع الــدعاء فيــه مســتجاب كمــا علمنــا رس ول الـ )صــلي الـ عليــه‬ ‫وسلم(‬

‫‪40‬‬


‫وكما قال رسول ال )صلي ال عليه وسـلم( إذا مــات بـن آدم انقطــع عملــه فــي الـدنيا إل مــن ثلث‬ ‫صدقة جارية أو علم ُينتفع به أو ولد صالح يدعو له " فكان الولد الصالح يدعو لبيه ويستغفر له‬ ‫لن أبيــه كــان كــذلك مــن الصــالحين فأحســن تربيتــه لــذلك يجــازيه ال ـ عــز وجـل بــأن يجعــل ولـده‬

‫الصالح يدعوا له ويتقبل منه الدعاء فكان ذلك فو ازً لهذا الرجل بعد أن ما وانقطع عملــه مــن الــدنيا‬ ‫فكــان امتــداداً لعملــه الصــالح فــإن هــذا البــن يعلــم أن والــده يســتحق هــذا الــدعاء لنـــه كــان مــن‬ ‫الصالحين وكذلك إذا أدى عنه فريضة مثل الحج أو العمر ة فهو كـان يعلــم بيقيــن أن والـده لــم ينكــر‬ ‫تلك الفريضة ولكنه ما أداها لعدم استطاعته لها فيؤديهــا عنــه ومـا يــدلنا علــى ذلــك حــديث لرس ول‬ ‫ال )صلي ال عليه وسلم( أن امرأ ة من قطعان جاءت لرسول ال وقالت يا رس ول الـ أمــي نــذرت‬ ‫أن تحج ولم تحج فهل أحج عنها فقـال نعـم حجـي عنهـا فـإن ديــن الـ أحـق بالقضـاء ‪ ,‬كمـا جـاءه‬ ‫رجل وقال له يا رسول ال فريضة الحج أدركت أبـي ول يسـتطيع أن يمكـث علـى الراحلـة فهـل أحـج‬ ‫عنه فقال له نعم حج عنه " ولكن يجب على أي إنسان يريد أن يحج عــن والــده أن يكــون هــو أدى‬ ‫الفريضة عن نفسـه أول ً ثـم يؤديهـا عـن غيـره لن رس ول الـ )صـلي الـ عليـه وسـلم( فـي حجتـه‬ ‫سمع رجل يقول لبيك اللهـم عـن شـبرمة – رج ل اسـمه شــبرمة مـا كـان لـه صــلة بــه إل صــلة قرابــة‬ ‫بعيد ة – فقال له أحججت عن نفسك قال ل قال حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ‪.‬‬ ‫وأما المر الثاني الذي جاء به الشرع يؤديه إنسان عن غيره كان الصدقة فعــن ســعد بــن عبـاد ة ‪‬‬ ‫أنه جاء إلى رسول ال )صلي ال عليه وسلم( وقـال لـه أمـي مـاتت أيكفـر عنهـا أن أتصـدق عنهـا‬ ‫قال نعم ‪ ,‬وفي رواية أخرى تشرح ذلك الحديث يقـول فيهـا إن أمـي انفلتـت منهـا روحهـا ولـو كـانت‬ ‫حيــة لتصــدقت أفأتصــدق عنهــا قــال نعــم " الحــديث الثــاني يشــرح الول فعلمنــا منــه أن هــذه المـرأ ة‬ ‫كانت من أهل الحسان ومن أهل الصدقات ومن أهل الخير وهو يعلم إنها لو كــانت حيــة لتصــدقت‬ ‫مــن هنــا نعلــم أن لل نـســان أن يتصــدق ويخــرج الصــدقة بنيــة عــن فل نـ وثوابهــا إلــى فل نـ ‪ ,‬وكـان‬ ‫المر الثالث هو الصيام ولكن أي صيام يجب أن نوضحها فقد جاءت امرأ ة وقالت يا رسول ال ـ إن‬ ‫‪41‬‬


‫أمي نذرت صيام شهر أأصوم عنها قال أرأيت إن كان على أمك دين أكنت قاضــيته قـالت نعــم فقـال‬ ‫أقضوا ال فإن دين ال أحق بالقضاء ولقد علمنا من ذلك الحديث أن الصــوم هنــا كــان لنــذر نــذرته‬ ‫المتوفا ة ولم يكن صوم فريضة شهر رمضان ‪ ,‬وقد جاء في حديث آخــر أن رس ول الـ )صــلي الـ‬ ‫عليه وسلم( قال من مات وعليه صوم فليصم عنه وليه إن شـاء " جعــل هنـا المسـألة فيهــا اختيــار‬ ‫للولي ‪ ,‬ونأتي إلى رمضان فهل يصوم الناس عن بعضهم البعض ؟ ل يجوز أن يصوم إنسان عن‬ ‫إنسان فريضة الصوم وكذلك الصل ة ل يجوز أن يصلي إنسان عـن إنســان وقـد يقــول قائــل إن فــي‬ ‫الحج صل ة فنقول إن الصل ة فــي الحـج إنمـا هــى صــل تـك العاديـة مثــل مـا هــى فــي كـل اليـام إنمـا‬ ‫فريضة الحج هى المناسك التي أقرها الشرع وفعلها رسول ال )صلي ال عليه وسـلم( وسـن فيهــا‬ ‫وما كانت بها صل ة إل صل ة ركعتين في مقــام إبراهيــم وه ى ســنة لــذلك كـان عبــد الـ بــن عمــر ‪‬‬ ‫يقول ل يصوم إنسان عن إنسان ول يصلي إنسان عن إنسان " فإن الصل ة ل تنفك أبداً مهما كان‬ ‫بها من أعذار فإن لم تستطع أن تصلي قائماً تصلي قاعداً أو نائماً أو على جنــب فــإن لــن تســتطع‬ ‫كل ذلك كانت الصل ة بتحريك رمش العين وباليحاء فالمســلم ل يمتنــع عــن الصــل ة مهمــا كــان بــه‬ ‫من نوازل حتى إوان كان في وقت الحــرب ولقــاء العـدو ل تســقط الصـل ة أبـداً ‪ ,‬وكـذلك صـيام شــهر‬ ‫رمضان فهو عباد ة ل عز وجل وفريضة لذلك ل يؤديها إنسان عـن أخيـه ل نـهــا تكـاليف علــى ذلـك‬ ‫ال نـسان ل تسقط عنه ولكن من مات وعليه قضاء أيام مــن شــهر رمضــان فمــن العلمــاء مــن أجــاز‬ ‫إخـراج كفـار ة إطعـام مسـاكين عـن أيـام الصـيام ولـوليه أن يفعـل ذلـك ‪ ,‬وكمـا انـه يكـثر السـؤال عـن‬ ‫قراء ة القرآن هل ينتفع بها الميت لنعلــم أن رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( الـذي أجـاز إخـراج‬ ‫الصدقات من مسلم عن مسلم وأجاز صيام النوافل وصيام النذر من مسلم عن أخيه المسلم والذي‬ ‫أجاز الدعاء والحج فيما بين المسلمين وبعضهم لم يرد أو يصح عنه حديث يبين أن قـراء ة القـرآن‬ ‫ينتفع بها الميت ول أي من الصحابة مـن بعــده ولكـن تلـك المنســألة تكلـم فيهــا أهــل العلـم فـي ديــن‬ ‫السلم فقالوا إن قراء ة القرآن عباد ة فمـن أراد أن يهـب ثـواب تلـك العبـاد ة للميـت فإنهـا تنفعـه وه م‬ ‫‪42‬‬


‫ليس عندهم سند بهذا القول ولكنهم قالوا هذا اجتهاداً وقالوا نتمنى على ال أن تصــلهم ثـواب تلـك‬ ‫العباد ة ولكنهم اشترطوا شروطاً فقالوا أن القارئ يجب أن يكون مخلصـاً فــي القـراء ة ول يشــترط أن‬ ‫تكون على عند القبر إنما الذي يكون عند القبر هو الدعاء للميت بمجرد نزوله القبر فقد ورد عن‬ ‫رسول ال )صلي ال عليـه وسـلم( أنــه قـال وه و فـي جنـاز ة ادعـوا لخيكـم فـإنه الن ُيســئل فيكـون‬ ‫الدعاء له بالتثبيت والدعو ة له بالمغفر ة والرحمة ‪.‬‬

‫وقد شرح عمر بن الخطاب ‪ ‬ول تزر وازر ة وزر أخرى عندما كان في جرحه الذي مــات فيــه ســمع‬ ‫صياحاً من ناس فقال لهم لقد سمعت رسول ال )صلي الـ عليــه وسـلم( يقــول إنمــا يعــذب الميــت‬ ‫ببعـض بكـاء أهلـه عليــه كـان ذلـك حـديث سـمعه مــن رس ول الـ )صـلي الـ عليـه وسـلم( وعنــدما‬ ‫ســمعت أم المــؤمنين عائشــة رض ي الـ عنهــا بــذلك القــول قــالت وأيــن أنتــم مــن ول تــزر وازر ة وزر‬ ‫أخرى وأن ليس لل نـسان إل ما سعى وأن سعيه سوف ُيرى أين أنتم من هذه اليات إنما هــذه قالهــا‬

‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( عندما كانت جنــاز ة ليهــودي وكـان أهلــه ينوح ون عليــه فقــال إن‬ ‫الميت ُيعذب ببعض بكاء أهله عليه " من هنا قال أهل العلم في دين السلم أن هذا الــذي يرتضــي‬ ‫الفعل ويوصي به فذلك الذي ُيعذب لن ذلك الفعل كان هو يرتضيه في حياته ويطلبه قبل مــوته أن‬

‫يفعلوه حين مماته ‪.‬‬

‫إوان لكل إنسان موازين في حياته الـدنيا ل تنقطـع عنـه وه و يحصـل نتيجتهـا يـوم القيامـة فـإن مـن‬ ‫سن في دين السلم سنة حسنة فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( قال في حديث له من ســن‬ ‫فــي الســلم ســنة حســنة كــان لــه أجره ا وأجــر مــن عمــل بهــا إلــى يــوم القيامــة ل ينقــص ذلــك مــن‬ ‫أجورهم شيئاص ومن سن في السلم سـنة ســيئة كـان عليــه وزره ا ووزر مــن عمـل بهــا إلــى يـوم‬ ‫القيامــة ل ينقــص ذلــك مــن أوزاره م شــيئاً " فليحــاول كــل مســلم أن يجعــل لنفســه ذكــرى طيبــة مــن‬ ‫العمل الصالح ومن السنة الحسنة حتى يحصل أجرها في الدنيا ويستمر أجرها بعد ممــاته إوالــى أن‬ ‫‪43‬‬


‫يبعثه ال عز وجل يوم القيامة فيجد ثوابها عظيمـاً فل يعلــم أي إنســان بعــد ممــاته هــل يــؤدي عنــه‬ ‫الناس ويتحملون عنه ما فرط فيه أم ل ‪.‬‬ ‫يا أيها الناس توبوا إلى ال قبل مماتكم وبادروا بالعمال الصالحة قبل أن ُتشغلوا وصـلوا مــا بينكــم‬ ‫وبين ربكم بكثر ة ذكركم له وبكثر ة الصدقة في السر والعلن ُتؤجروا وُتجبروا وُتنصروا ‪.‬‬

‫ول تزر وازر ة وزر أخرى – ثانياً‬ ‫يقول رسول ال )صلي ال عليه وسـلم( طــوبى لمـن تواضــع مــن غيـر منقصـة وذل فـي نفســه مـن‬ ‫غير مسألة وأنفـق مـاًل جمعـه مـن غيـر معصـية ورح م أهـل الضـعف والمسـكنة وخ الط أهـل الفقـه‬ ‫والحكمة " وطوبى هى درجة في الجنة منزلة جعلها ال لمن تواضع مــن غيـر منقصـة أي يتواضـع‬ ‫ل عز وجل ول يحمل أي كبر في صدره ل نـه يتعامل مع رب العز ة وكـذلك هـو تواضــع ل لنقــص فـي‬ ‫ل ل نـه يطلب من الناس‬ ‫الخرين ولكنه يتواضع لرب العالمين وهو يذل نفسه ل عز وجل ليس ذلي ً‬ ‫المعونة إنما يذل نفسه عباد ة وطواعية ل عز وجل وينفق في سبيل ال من الموال الــتي حصــلها‬ ‫من الطرق المشروعة ومن كل حل لـ طيـب فـإن رس ول الـ )صـلي الـ عليـه وسـلم( يقـول إن الـ‬ ‫‪44‬‬


‫طيــب ل يقبــل إل طيبـاً وكـذلك يكــون فــي قلبــه رحمــة بالضــعفاء والمســاكين وأن يخــالط أهــل الفقــه‬ ‫والحكمة لن مخالطتهم تقرب إلى جنة رب العالمين لن رسول ال )صـلي الـ عليـه وسـلم( يقـول‬ ‫في حديث معناه من غدا إلى مسجد يريد أن يتعلم علماً أو يعلمه كان له كأجر من حج حجــة تامــة‬ ‫تامة تامة " وذلـك الحــديث هـو مــن أحـاديث الـترغيب يريـد أن يرغ ب النـاس ويحببهــم فـي مجـالس‬ ‫العلــم وقـد قــدم فــي الحــديث الــذي يريـد أن يتعلــم علــى الــذي يعلــم لن الــذي يريـد أن يتعلــم يكــون‬ ‫الخلص عنده أكبر وأعظم فإن الــذي يتصــدى لتعليــم النـاس قــد يأخــذ ثـوابه مــن ثنــاء النـاس وقـد‬ ‫ينزغ الشيطان في صدره فيغتر بعلمه ورسول ال )صلي ال عليه وسـلم( ل ينطــق عــن الهــوى إن‬ ‫هو إل وحي يوحى يريد هذه المة أن تمتلئ بنور العلم والمعرفة ‪ -‬لذلك نتعجب كثي ارً ونأســف لمــا‬ ‫نرى من جهل وأمية فـي رب وع تلـك المـة إنمـا هـو مـن كيـد أعـداء ذلـك الـدين يحـاولون أن يحجبـوا‬ ‫عنها نور العلم والمعرفة فهذا جزء من الحرب عليها وكان يجب على هــذه المــة أن تكــون عكــس‬ ‫ذلــك ولكـن ل حــول ول قـو ة إل بــال العلــي العظيــم – إوان العلـم مــن العمــال الــتي يقــوم بهــا إنســان‬ ‫وتنفع إنسان آخر بل وقد تنفع أمة بكاملها لذلك كان للعلم تلـك المكانـة العظيمـة فـي ديـن السـلم‬ ‫س َ‬ ‫مُننوا إِ َ‬ ‫م تَ َ‬ ‫حنوا‬ ‫حنوا ِ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ذا ِ‬ ‫هنا الّ ِ‬ ‫وال ـ عــز وجـل يقــول )َ​َحينا أَ​َحيّ َ‬ ‫فناْف َ‬ ‫م َ‬ ‫فس ي اْل َ‬ ‫قي َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫كس ْ‬ ‫ف ّ‬ ‫سس ُ‬ ‫سس ُ‬ ‫جسسنالِ ِ‬ ‫شُزوا َحيَْر َ‬ ‫شُزوا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫م‬ ‫ن ُأوُتنوا اْل ِ‬ ‫والّ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫مُننوا ِ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫عْل َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫قي َ‬ ‫مۖ َ‬ ‫َحيَْف َ‬ ‫فعِ اللّ ُ‬ ‫سحِ اللّ ُ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫فنان ُ‬ ‫ل ان ُ‬ ‫مُلنو َ‬ ‫خِبيٌر‪ ( .‬المجادلة ‪ 11‬ولول العلم والتعلــم الــذي يــورثه العلمــاء لمــن‬ ‫َ‬ ‫جنا ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫منا تَْع َ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫تۚ َ‬ ‫دَر َ‬ ‫واللّ ُ‬

‫ل من بعد جيل ما وصل إلينا أي علم من علوم الدين أو غيرها مــن العلــوم الــتي قــد يبنــي‬ ‫بعدهم جي ً‬ ‫من بعدهم عليها ما يستجد من العلــوم سـواء الدنيويـة الــتي تنفــع النــاس فــي حيـاتهم أو فــي علــوم‬ ‫الدين التي تتقدم مع تقدم الزمان حتى تتـواءم وتتناســب مــع متغيـرات العصــور الــتي هــى ســنة الـ‬ ‫عــز وجـل فــي خلقــه أل وه و التغيــر فــي كــل شــيء فهــو ســمة مــن ســمات الحيــا ة الــتي نحياهــا ول‬ ‫يستطيع أحد أن ينكر التغير الذي يط أر في الحيا ة في كل عصر عما قبله بل وقد أصــبح التغيــر فــي‬ ‫يومنا هذا يحدث كل ساعة عن التي سبقتها ‪ ,‬ولذلك كان طلب العلم فريضة في دين السلم لنـــه‬ ‫‪45‬‬


‫ل يستفيد المتعلم فقط من العلم إنما يفيد من يعلمهم من بعده هذا العلم سواء في صور ة تعليم لهــم‬ ‫شفاهة أو في صور ة كتب جمع فيها هذا العلم وتركها لمــن بعــده حــتى يســتفيدوا منهــا وكـذلك حــتى‬ ‫يسهل تداولها بين الناس فيطلع عليها أكبر عـدد ممكــن مــن النـاس فيتعلــم أعــداد كــبير ة هــذا العلـم‬ ‫الذي تحويه تلك الكتب وليتخيل الناس كم الحسنات التي يحصــلها صــاحب هــذا العلـم عــن كــل مــن‬ ‫تعلم من وراءه أو ق أر في كتاب جمع فيه العلم لينتفع به النــاس ‪ ,‬إذن العلــم هــو مــن أكــثر الشــياء‬ ‫نفعاً للناس في الحيا ة الدنيا إوانه ل يسـتوي بـأي حـال الـذين يعلمـون والـذين ل يعلمـون لن الـذين‬ ‫يعلمون جاهدوا وحرصوا وسـعوا لتلقــي العلــم وأخــذه ثــم إنهــم أيضـاً يكــون لهــم الثـواب العظـم بــأن‬ ‫يعلموا الناس ما تعلموه ‪.‬‬ ‫إوان العلماء هم ورثة ال نـبياء وال نـبياء لم ُيورثوا دينا ارً ول درهماً إنما ورثوا علماً وحكمة ينتفع بهــا‬ ‫الناس وهم أقرب الناس لليمان وأعلهم منزلة ولذلك كان العلم الذي ينتفع به النــاس مــن الثلثــة‬

‫ل من الدنيا إلــى الخ ـر ة دون‬ ‫التي تظل باقية من عمل بن آدم في الدنيا يستمر أجرها وثوابها متص ً‬ ‫انقطاع ‪ ,‬والحسنات هى العملة التي يتم التداول بها يوم القيامة فإن رس ول الـ )صــلي الـ عليــه‬ ‫وسلم( قال لصحابه أتدرون من هو المفلس قالوا من ل دينار له ول درهم فقال بــل المفلــس الــذي‬ ‫يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال من صل ة وصيام وصـدقة وح ج ومـن جميـع القرب ات الــتي‬ ‫يتقرب بها الناس إلى ال عـز وج ل ثـم ظلـم هـذا وشـتم هـذا وأكـل مـال هـذا وضـرب هـذا فيؤخ ذ مـن‬ ‫حسناته ويعطى لهذا وه ذا وه ذا حـتى إذا نفـدت أُخـذ مـن سـيئاتهم ووضـعت عليـه ثـم طـرح بـه فـي‬ ‫النار ذلك هو المفلس فإن يوم القيامة ل بيع فيها ول شراء إنما التعامل بالحسنات والسيئات لــذلك‬ ‫يقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( من كان عنده مظلمة لخيه فليتحلله منهــا فــي الــدنيا قبــل‬ ‫أن يكون ل دينار ول درهم " يحاول أن يـؤدي الحقـوق إلـى أهلهـا علـى قـدر المكـان حـتى ل يؤخ ذ‬ ‫من عمله الصالح بقدر مظلمة أخيه لن ال عز وجل ل يظلم أحداً إوان كان ليــس لــه حســنات أخــذ‬ ‫‪46‬‬


‫من سيئات صاحب المظلمة ووضعت على الظالم إنما هى حقوق لبد أن تــؤدى إوان لــم تــؤدى فــي‬ ‫الدنيا أداها ال في الخر ة ‪.‬‬ ‫ويقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ما اكتسب عبد مال من حرام فينفقه فيبارك له فيه – كما‬ ‫نجد الذين يكسبون من حرام نجد أموالهم بالمليارات بينما نجده وعلى وجهه كآبــة ول يغــادر الــدنيا‬ ‫حتى حتى يكون في وبال من ال عز وجل – ثم يقول رسول ال )صلي ال عليه وسـلم( فيتصــدق‬ ‫فتقبل صدقته ول يتركه خلف ظهره إل كان زاده إلى النار " وعمرو بن العاص ‪ ‬الذي قيل لــه هــذا‬ ‫الحديث إن السلم يجب ما قبله وأن الهجر ة تجب مــا قبلهــا وه و علــى فـراش المــوت يجــود بنفســه‬ ‫جمع أهل بيته ثم قال لهم هذه الموعظة قال لقد مرت حياتي بثل ثـة أطوار أما الولى فكنت محاربـ اً‬ ‫ل عز وجل ولرسوله فلو مت على ذلك لكنت من أهـل النـار ثـم الطـور الثـاني صـاحبت رس ول الـ‬ ‫وجاهـدت معـه فلــو مـت علــى هـذا لكنــت مـن أهـل الجنـة أمـا الثـالث فقـد حكمنـا النـاس وخالطنــاهم‬ ‫وعاملناهم فل ندري ألنا أم علينا ‪ -‬هـو ل يـدري بعـد أن خـالط النـاس وحكـم بينهـم هـل كـان ظالمـاً‬ ‫لهم أم هم ظالمين له ولنعلم إن الشيطان يأس أن ُيعبد في الرض ولكنه رض ي بــالمحظورات وه ى‬

‫الموبقات يوم القيامة فاتقوا الظلم فإن العبد يأتي يوم القيامة ومعه حســنات يظــن إنهــا تنجيــه فــإذا‬

‫بالمظـالم تأكــل حســناته كمـا تأكــل النـار الحطـب وه و الـذي ظــل يعمـل لتحصــيل تلـك الحسـنات فــي‬ ‫الدنيا وأهلك نفسه فيها حتى ينجو يوم القيامة فإذا بالمظالم تأتي عليها ‪.‬‬

‫‪47‬‬


‫مغفر ة الذنوب‬ ‫إن ال نـسان جبل على الخطأ فإنه يقترف الخطايا ويقـع فــي الـذنوب والثــام ول يسـتثنى إنسـان مـن‬ ‫ذلك فما من إنسان إل وزلت قدماه وال عز وجل يقول‬

‫ه َ‬ ‫نو ٰ‬ ‫ف َ‬ ‫ه‬ ‫و َ‬ ‫ىآ َ‬ ‫غ َ‬ ‫ع َ‬ ‫) َ‬ ‫جَتَبناُه َرّبسس ُ‬ ‫م َربّ ُ‬ ‫ما ْ‬ ‫ ى‪ُ .‬ث ّ‬ ‫ص ٰ‬ ‫د ُ‬

‫َ‬ ‫و َ‬ ‫هَد ٰ‬ ‫ ى‪ ( .‬طــه ‪ 122-121‬إن الشــيطان يغــوي بــن آدم بكــل وسـيلة لكــي يقلــل مــن‬ ‫ب َ‬ ‫علَْي ِ‬ ‫ه َ‬ ‫فَتنا َ‬

‫حسناته ويزيد من سيئاته لكي يدخل معه الجحيم فإنه يكره أن يكون ال نـسان من المتقين الذين ل‬ ‫يخطئون ليكونوا من أصحاب جنة النعيم ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول قــال إبليــس ل ـ‬ ‫عز وجل وعزتك وجل لـك ل أزال أغوي بني آدم مــا دامــت فيهــم الــروح – كــان ذلـك هــو القســم الـذي‬ ‫أقسمه إبليس أمــام رب العــالمين فـإنه شــغله الشــاغل وهمــه الول مــادام فــي ال نـســان نفــس يــتردد‬ ‫ولكن هل تركه ال عز وجل وما يريد بل جعل لل نـسان ما يحصنه من بأس الشــيطان ومـن غـوايته‬ ‫فقال – وعزتي وجل لـي ل أزال أغفر لهم ما استغفروني‬ ‫وأبو موسى الشعري ‪ ‬يقول قال رسول ال )صلي ال عليــه وسـلم( إن الـ عــز وج ل يبســط يــده‬ ‫بالنهار ليتوب مسيؤوا الليل ويبسط يده بالليل ليتوب مسيؤوا النهار حتى تطلع الشمس ‪.‬‬

‫‪48‬‬


‫كما أن ال عز وجل جعل مكفرات للذوب جميعاً فإن رسول ال )صــلي الـ عليــه وسـلم( يقــول مــن‬ ‫حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيــوم ولـدته أمـه " وكـذلك يقــول تــابعوا بيــن الحــج والعمـر ة‬ ‫فإنهما ينفيان الفقر الذنوب كما ينفــي الكيــر خبــث الحديــد والــذهب والفضــة " وكمــا قــال لعمــرو بــن‬ ‫العاص ‪ ‬أل تعرف يا عمرو أن السلم يجب ما قبله وأن الهجر ة تجب مـا قبلهـا وأن الحــج يمحــو‬ ‫ما قبله " إنه مغفر ة للذنوب ولكن ليس كل من رجع حاجـاً أو معتمـ ارً ُغفــرت لــه ذنــوبه وحطــت عنــه‬ ‫خطاياه فإن القائل يقول ‪ :‬إنك إن حججت بنفقة خبيثة فمـا حججـت ولكـن حجـت العيـر – إذا خـرج‬ ‫إنسان للحج وكـان مــاله مـن حـرام فمـا حـج ومـا أدى المناسـك ولكـن الـذي أدى المناسـك إنمــا هـى‬ ‫الطائر ة أو السفينة أو السيار ة إنما هى الراحلة التي تنتقــل بهــا ‪ ,‬ويحســب النـاس أن الحــج والعمـر ة‬ ‫هى التي ُتعيد ال نـسان كيوم ولدته أمه خالياً من الذنوب والخطايا ولكن دين السلم الذي هــو فيــه‬ ‫اليسر كله والخير كله وال عز وجل إنما يريد أن يدخلنا الجنة إدخاًل ولكن كثي ارً يأبون ويرفضــون‬ ‫فلننظر إلى المور التي ُتعيد ال نـسان كيوم ولدته أمه وهى سهلة ميسر ة ول تكلف أمواًل ول مشــقة‬ ‫فعـن عثمــان بــن عفـان ‪ ‬قـال توضـأ رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( ثـم قـال مـن توضـأ مثـل‬ ‫وضوئي هذا ُغ فـر له ما تقــدم مـن ذنبــه وكـانت صـل تـه ومشــيه إلــى المســجد نافلـة " كـان الوضـوء‬ ‫فقط ولكن بإسباغه كما علمنا إياه رسول ال )صلي ال عليه وسلم( مكف ارً للذنوب مثل العائد مــن‬ ‫الحج كيوم ولدته أمه فقط بإسباغ الوضوء ثم كان المسي إلــى المســجد والصــل ة وكأنهــا نافلــة أي‬ ‫زياد ة في الجر وليست مكفر ة للذنوب ‪ ,‬وع ن أبــي هريـ ر ة ‪ ‬قـال قــال رس ول الـ )صــلي الـ عليــه‬ ‫وسلم( أل أدلكم على ما يمحو ال عز وجل به الخطايا ويرفع به الـدرجات قـالوا بلــى يــا رس ول الـ‬ ‫قال إسباغ الوضـوء علـى المكـاره وكـثر ة الخطـى إلـى المسـاجد وانتظـار الصـل ة بعـد الصـل ة فـذلكم‬ ‫الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط " كـأن يتوضـأ إنسـان بمـاء بـارد وه و فـي شــد ة الــبرد فــي الشــتاء‬ ‫القارص من أجل ن يؤدي الصل ة في وقتها أو كمن يتوضأ بالماء الذي هــو مــن شــد ة الحــر وكـأنه‬ ‫جمر ملتهب وليس ذلك فقط بل أسبغ الوضوء وأحسنه وأداه كما علمــه لنــا رس ول الـ )صــلي الـ‬ ‫‪49‬‬


‫عليــه وسـلم( ثــم كــثر ة الخطــى إلــى المســاجد مــن يحــرص دائم ـاً علــى أن يتــوجه فــي صــل تـه إلــى‬ ‫المســجد وكـذلك مــن يفــرغ مــن صــل ة الظهــر فينتظــر وقـت صــل ة العصــر وليــس المقصــود هنــا أن‬ ‫ينتظرها في المسجد أو أن يقضي كامل يومه في المسجد بل سعي أو عمل إنمــا المصــود غنتظــار‬ ‫وقتها أي إشتياقاً إليها وحباً في أدائها فإن تلك الثل ثـة تغفر الذنوب وتمحوها وترف ع مــن الــدرجات‬ ‫وكانت تلك من أفضل العمال التي يقوم بها المسلم وذلك هو الرب اط وكـأنه مجاهــد فــي ســبيل الـ‬ ‫عز وجل يغوص في أغوار المعارك ‪.‬‬ ‫الصل ة أيها المسلم انظر في صل تـك وكيف تؤديها إواذا أردت أن تعود كيــوم ولـدتك أمــك فيجــب أن‬ ‫تتعلم كيف تؤديها فعـن عثمـان بـن عفـان ‪ ‬قـال قـال رس ول الـ )صـلي الـ عليـه وسـلم( مـا مـن‬ ‫مسلم تحضــره صــل ة مكتوبـة فيحســن وضـوءها وخشــوعها وركوعهــا وسـجودها – أي أعطــى لكــل‬ ‫ركن في صل تـه حقها – ُغ فـر له ما تقدم من ذنبه " كانت الجائز ة أن غفر ال لك ما تقدم مــن ذنبــك‬ ‫وكانت كفار ة لما قبلها وذلك فـي الصـل ة المفروضـة المكتوبـة إواذا اجتمعـت المفروضـة مـع النافلـة‬ ‫فإنهــا المغفـر ة كلهــا فعــن أبــي الــدرداء ‪ ‬قــال قــال رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( مــن تطهــر‬ ‫فأحسن الطهور ثم صــلى ركعــتين أو أربعــة مكتوبـة أو غيــر مكتوبـة يحســن ركوعهــا وسـجودها ثــم‬ ‫يســتغفر الـ إل غفــر الـ لــه " وه ذا دليــل المغفـر ة كــذلك فــي صــل ة النافلــة بشــرط إســباغ الوضـوء‬ ‫وحســن التطهــر فهــو المقدمــة لكــل شــيء ثــم اعطــاء الصــل ة حقهــا فــي الرك وع والســجود حــتى إذا‬ ‫انتهيت من تلك الصل ة استغفرت ال عز وجل كانت المغفر ة بإذن ال ‪ ,‬وعن أبي بكر الصــديق ‪‬‬ ‫قال قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( مــا مــن مســلم يــذنب ذنبـاً فيتوضـأ فيحســن الوضـوء ثــم‬ ‫يصــلي ركعــتين ثــم يســتغفر ال ـ إل غفــر ال ـ لــه واق ـ أروا إن شــئتم‬

‫ش ً‬ ‫عُلنوا َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ة أَْو‬ ‫ف َ‬ ‫فنا ِ‬ ‫والّ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫) َ‬

‫من َحيَْغِفُر ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫سَتْغ َ‬ ‫ذ َ‬ ‫ى‬ ‫صّروا َ‬ ‫كُروا اللّ َ‬ ‫م َُحي ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ذُننو َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫منوا َأنُف َ‬ ‫ب إِّل اللّ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫فنا ْ‬ ‫سُه ْ‬ ‫علَ ٰ‬ ‫ظَلَ ُ‬ ‫فُروا لُِذُننوبِ ِ‬ ‫منا َ‬ ‫هْم َحيَْعلَُمنوَن‪ ( .‬آل عمران ‪ 135‬وذكر ال في هذه الية هو الصل ة‬ ‫و ُ‬ ‫ف َ‬ ‫عُلنوا َ‬ ‫َ‬

‫‪50‬‬


‫وجاء رجل إلى رسول ال )صلي ال عليه وسلم( وهو يلهث ويقـول يـا رس ول الـ لقـد أذنبـت ذنبـاً‬ ‫عظيماً فهل لي من توبة فبماذا أجابه رسول ال )صلي ال عليه وسلم( إنها كانت إجابــة مــن الـ‬ ‫عز وجل فقد نزل قول ال عز وجل‬

‫وُزلَ ً‬ ‫صَلَة طَ​َر َ‬ ‫ت‬ ‫ل ۚ إِ ّ‬ ‫سَننا ِ‬ ‫ ي الّن َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن اْل َ‬ ‫م َ‬ ‫هناِر َ‬ ‫) َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫وأَقِ ِ‬ ‫فنا ِ ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن اللّْي ِ‬

‫ت ۚ َٰ‬ ‫ ى ِلل س ّ‬ ‫ك ِذْك سَر ٰ‬ ‫ن‪ ( .‬هـــود ‪ 114‬وعـ ن ســـلمان الفارسـ ي ‪ ‬قـــال رأيـــت‬ ‫ذا ِ‬ ‫س ِي َّئنا ِ‬ ‫َُحيْذ ِ‬ ‫كِرَحي َ‬ ‫ذل ِ س َ‬ ‫هْب َ‬ ‫ن ال ّ‬

‫حبيبي صلى ال عليه وسلم يصلي ست ركعات بعــد صــل ة المغــرب ثــم قـال مــن صــلى ســت ركعـات‬ ‫بعد صل ة المغرب ُغ فـرت ذنوبه إوان كانت مثــل زب د البحــر " إذا بلغــت الـذنوب مبلغـاً عظيمـاً فكــانت‬ ‫مثــل زب د البحــر أي اللــون البيــض الــذي يعلــو أمـواج البحــار والمحيطــات ممــا يــدل علــى كــثر ة تلــك‬ ‫الـذنوب فمـا هــو العلج كـان العلج مــن الطـبيب الـذي هــو ُم حـمـد )صـلي الـ عليـه وسـلم( يصــف‬

‫الدواء بست ركعات يؤديها المسلم بعد صل ة المغرب تكون كفار ة لكل تلك الذنوب الكـثير ة الـتي هـى‬

‫بحجــم زب د البحــر فــي أمـواجه المتلطمــة ‪ ,‬ثــم كــان هنــاك دواء آخــر يعالجهــا ول يكلــف شــيئاً إنمــا‬ ‫يكلف عمل اللسان فقـط فعـن أبـي هري ر ة ‪ ‬قـال قـال رس ول الـ )صـلي الـ عليـه وسـلم( مـن قـال‬ ‫سـبحان الـ وبحمــده فـي اليـوم مائـة مـر ة ُغفــرت ذنـوبه إوان كـانت مثــل زب د البحـر " بهـذه الكلمـات‬ ‫البسيطة يكررها اللسان على مدار اليوم يكون بها مغفر ة مـن الـ عـز وج ل للـذنوب ويعـود المســلم‬ ‫نقياً طاه ارً مــن الدران ‪ ,‬وهنــاك بـاب آخـر للمغفـر ة بخلف الصـل ة والتســبيح والحمــد يكــون بالبــذل‬ ‫والعطاء فإن المام الشافعي ‪ ‬يقول وهو ما يقول إل بسند قال إذا كثرت ذنوبك فــي البرايــا وسـرك‬ ‫أن يكون لهـا غطـاء تســتر بالســخاء تســتر بــالجود والكــرم فكــل عيــب إنمــا يغطيــه الســخاء إذا كـان‬ ‫عندك مال فهناك باب آخر لمغفر ة الذنوب بكثر ة الصدقات وكـذلك بــالخلق الحســن وليــن الكلم فــإن‬ ‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول ما من شيء أثقل في الميزان مــن حســن الخلــق " وعنــدما‬ ‫س ئـل عن البر قال البر حسن الخلق وقال البر إطعام الطعام إوافشاء السلم وصلة الرحام ‪ ,‬وهناك‬ ‫ُ‬

‫من حسن الخلق ملقا ة أخيك ببشـر وسـرور فـإن تبسـمك فـي وج ه أخيـك صـدقة فـإذا كـان التبسـم‬ ‫صدقة فإن السلم يدخلك الجنة إواذا كان السلم يدخلك الجنة فإن المصافحة تمحو الذنوب وتغفــر‬ ‫‪51‬‬


‫الخطايا قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ما من مســلمين يلتقيــان فيتصــافحان إل ُغفــر لهمــا‬ ‫ما لم يفترقا " إذا صافح المسلم أخيـه المسـلم فـإن المغفـر ة تحيـط بهمـا حـتى يفترق ا فـإن كـل مسـلم‬ ‫عليه أن يلتزم بالخلق الحسن مع الناس وأن يدعوهم إليه أما إن عاملهم بالنفور والتكبر فمــا أدى‬ ‫رسالة ُم حـمد )صلي الـ عليـه وسـلم( الـذي قـال لنـا أنـه ليـس رد السـلم فقـط بـل المصـافحة وه ى‬ ‫أقوى ل نـها تمحو الخطايا والذنوب ‪.‬‬

‫وقال رسول ال )صلي الـ عليـه وسـلم( مـن صـام رمضـان إيمانـاً واحتسـاباً ُغفــر لـه مـا تقـدم مـن‬ ‫ذنبه " وقال كذلك من قام رمضان إيماناً واحتساباً ُغ فـر له ما تقــدم مــن ذنبــه " وقـال كــذلك مــن قــام‬ ‫ليلــة القــدر إيمانـاً واحتسـاباً ُغفــر لـه مــا تقـدم مــن ذنبـه " فيـا مـن أثقلتـك ذنوبـك وتريـد أن تمحوه ا‬ ‫أمامك كل تلك البواب تلج من أي منها تجد ال عز وج ل غفـار لمـا تقـدم مـن ذنبـك ويجعـل لـك مـا‬ ‫يطهرك ول يحملك فوق ما تطيق ول يثقل كاهلك بالعمــال الشـاقة حــتى تحصــل علــى المغفـر ة إنمــا‬ ‫هى أمور سهلة ميسر ة إن أخلصت العمل فيها خرجت من ذنوبك كيوم ولدتك أمك ‪.‬‬ ‫وكـل أب ـواب الخيــر تلــك الــتي تحــدثنا عنهــا إنمــا تكفــر الــذنوب الــتي بيــن العبــد وبيــن ربـه فــإن أم‬ ‫المؤمنين عائشة رضي ال عنها قالت قال رسول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( الــدواوين عنــد الـ‬ ‫ثل ثـة ديوان ل يعبأ ال بما فيه وديوان ل يتركه ال عز وجل أبداً وديوان ل يغفره ال عز وجـل أبــداً‬ ‫" هى كأنها ثلث سجلت عند ال عز وجل لكل عبد فأما الديوان الذي ل يغفره ال أبداً فهو ديوان‬ ‫الشرك بال لن ال عز وجل يغفر الذنوب جميعاً إل أن ُيشرك به وأما الديوان الذي ل يعبــأ ال ـ بــه‬

‫فهو ظلم العبد لنفسه إذا ارتكب العبد خطأ في حق نفسه وأما الديوان الــذي ل يــتركه الـ أبــداً فهــو‬ ‫ظلم العبــاد بعضــهم بعضـاً الـذي يرتكبــه العبــد فــي حــق أخيــه ل يطهــره ول يمحــوه حــج ول عمـر ة ول‬ ‫جهاد في سبيل ال ول الشهيد الذي هو حي يرزق عند ربه فإنه جـاء رج ل إلـى رس ول الـ )صـلي‬ ‫ال عليه وسلم( كما يقول عبد ال بن مسعود ‪ ‬وقال يا رسول ال القتل فــي ســبيل الـ يكفــر كــل‬ ‫‪52‬‬


‫شيء ؟ فقال له القتل في سبيل ال يكفر كل شيء إل المانة يؤتى بالرجل وقـد ُقتـل فـي سـبيل الـ‬ ‫فيقال له أد أمانتك فيقول ومن أين لي وقد ذهبت الــدنيا يقــول رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم(‬ ‫فتتمثل له المانة كهيئتها يوم قبضها ثم ُتوضع على عاتقه فتهوي به فــي النــار ســبعين خريفـاً ثــم‬ ‫يصعد بها حتى إذا ظن أنه نجا بها تهوي به مر ة أخرى فهو في أثرها أبد البدين " ذلك لن حقــوق‬ ‫العباد ل يطهرها ول يكفر عنها ول يمحوها أي عمل ول الحج ول الجهاد والشهاد ة ول أي عباد ة ول‬ ‫يمحوها إل أن تؤدى تلك المانة وتلك الحقوق إلى أصحابها ‪ ,‬وعن عبد ال بن أنيس ‪ ‬قال قــال‬ ‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( إنمــا ُتحشـرون حفـا ة عـرا ة غـرل ثـم ينــادي منــاد بصـوت يسـمعه‬ ‫من قرب كما يسمعه من بعد يقول أنا الملك الـديان ل ينبغــي لحـد مــن أهــل الجنــة أن يــدخل الجنـة‬ ‫وعليه مظلمة لحد من أهل النار ‪ -‬يا سبحان ال حتى إوان كان هـذا المظلـوم مـن أهـل النـار وه و‬ ‫في الجحيم فإن من ظلمه إوان كان من أهل الجنــة والنعيــم أي إنــه مســتحق لهـا بمــا قـدم فــي الـدنيا‬ ‫مـن عمـل صـالح إل أن ظلمـه إوان كـان لحـد مـن أهـل النـار لـن يبقيـه فـي الجنـة ‪ -‬قـال أصـحاب‬ ‫رسول ال كيف يا رسول ال إوانما نحن ُنحشر حفا ة عرا ة قال بالحســنات والســيئات جـ ازًء وفاقـاً ول‬ ‫يظلم ربك أحداً " ما كان ال عز وجل ظالماً إنما هو العدل وه و الحـق فلبـد يـوم القيامـة أن تـؤدى‬ ‫الحقوق إلى أصحابها ورسول الـ )صـلي الـ عليـه وسـلم( يضـرب لهـذه الحقـوق المثـال ويقـول‬ ‫لتؤدن الحقوق إلى أصــحابها يــوم القيامــة حــتى يقتــص للشــا ة العجمــاء مــن الشــا ة القرن اء وُيســئل‬

‫العود لما خدش العود والمقصود بذلك التشبيه أن الجماد والحيوان والشجر سوف ُيسئل عما فعلــه‬

‫في حق أخيه فما بالنا بال نـسان الذي وهبه ال العقل والفكر والراد ة إنما سوف يحاسبه على حــق‬ ‫أخيه في يوم ل ريب فيه ولن يفلت من ذلك أحداً ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( المعلــم يقــول‬ ‫لصــحابه أتــدرون مــن المفلــس قــالوا مــن ل دينــار لــه ول دره م قــال إنمــا المفلــس الــذي يــأتي يــوم‬ ‫القيامة بحسنات أمثال الجبال وقد ظلم هذا وضرب هذا وأكل مــال هــذا فيؤخ ذ مــن حســناته وُيعطــى‬

‫لهذا وهذا وهذا حتى يمسي وليس معه شيء ‪ ,‬إذا أديتم الحقوق إلى أصحابها وتبتــم إلــى الـ عــز‬ ‫‪53‬‬


‫وجل سوف يتوب ال عليكم ويمحو عنكــم خطايــاكم وتكونـ وا مــن أهــل النعيــم أمــا إن اســتكبرتم عــن‬ ‫أداء حقوق العباد فــأنتم تعرض ون أنفســكم لخطــر عظيــم فــإنه ليــس اليمــان بــالتمني فيــوم القيامــة‬ ‫نجد أناساً ُيقذف بهم في النار سيقولون كما يقولون اليوم سيغفر لنا ال إن ربك غفور رحيــم إنمــا‬ ‫هؤلء سوف يفعل ال بهم الفاعيل يقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ليس اليمان بــالتمني‬

‫ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمــل إوان قومـ اً غرتهـم المــاني حــتى خرج وا مـن الـدنيا ول حسـنة‬ ‫لهم يسئلون قالوا كنا نحسن الظن بال ونقول إن يوم الجحيم ربك رحيم قال رسول ال )صــلي ال ـ‬ ‫عليه وسلم( وكذبوا لو أحسنوا الظن لحسنوا العمل "‬ ‫وعن أنس بن مالك ‪ ‬قال قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( قال ال عز وجل يــا بــن آدم إنــك‬ ‫ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ول أبالي يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء‬ ‫ثم استغفرتني غفرت لك على ما كان منــك ول أبـالي يــا بــن آدم لــو أتيتنــي بقـراب الرض خطايــا ثــم‬ ‫جئتني ل تشرك بي شيئاً ل تـيتك بقرابها مغفر ة "‬ ‫إن المسلم المؤمن الموحد ل ييأس من رحمة ال عز وج ل ويحــاول جاهــداً أن يســتغفر الـ فيغفــر‬ ‫ال له فهو الذي يقول‬

‫هۚ‬ ‫م َل تَْقَن ُ‬ ‫سَرُفنوا َ‬ ‫ة اللّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫طنوا ِ‬ ‫ى َأنُف ِ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫ل َ​َحينا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫عَبناِد َ‬ ‫من ّر ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫)ُق ْ‬ ‫علَ ٰ‬ ‫س ِ‬

‫ه َحيَْغِفُر ال ّ‬ ‫مي ً‬ ‫نو اْل َ‬ ‫م‪.‬‬ ‫ه ُ‬ ‫إِ ّ‬ ‫ن اللّ َ‬ ‫غُفنوُر الّر ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ب َ‬ ‫ذُننو َ‬ ‫عنا ۚ إِنّ ُ‬ ‫حي ُ‬

‫( الزمر ‪53‬‬

‫ال عز وجل يغفر الـذنوب جميعـاً فليحـاول كـل مسـلم أن أن يتخلـص مـن أدرانـه وأن يصـلي صـل ة‬ ‫يغفر له ال بها ما تقدم من ذنبه أو بذكر ل عز وجل أذكا ارً يغفر بها الذنوب وقبل كــل ذلــك يســعى‬ ‫كل مسلم أن يرد حقوق العباد في حياته الدنيا قبل الممات حتى ل يجد كل ما قـدم مـن عمــل وكـأنه‬ ‫هباًء منثو ارً وحتى يحشر إلى ربه يوم القيامة وهو على نقاء وطهار ة ل يشوبه شائبة ‪.‬‬

‫‪54‬‬


‫الرتب والدرجات‬ ‫يقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( كما جاء في الصحاح عنــدما تشــاجر رج ل مــن المســلمين‬ ‫مع رجل من اليهود فلطـم المســلم اليهــودي لطمــة لنــه قـال والــذي اصــطفى موسـى علــى العـالمين‬ ‫فلطمه وقال له والذي اصطفى ُم حـمد على العالمين وجاء اليهودي إلى رسول ال )صلي ال عليــه‬

‫وسلم( يشكوا إليه المسلم فقال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( وهو الذي يريد أن يعطي للناس‬ ‫حقها ودرجاتها ويعطي كل ذي فضل فضله كما يعطي القدو ة والمثل في التواضع فقال ل تخيرونــي‬ ‫على موسى فإن الناس ُيصعقون فأكون أول من يفيق فــإذا بموسـى بــاطش عنــد قـوائم العــرش فل‬ ‫أدري أفاق قبلــي أم لــم يجــازى بالصــعقة " هنــا رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( أمرن ا أل نخيــره‬

‫على نبي ال موسى عليه السـلم ول نفضـله عليـه ‪ ,‬وج اء فـي حـديث آخـر أن رس ول الـ )صـلي‬ ‫ال عليه وسـلم( قـال ل ينبغــي لعبـد أن يقـول أنـه خيـر مـن يــونس بــن مـتى – فـإن رس ول الـ فــي‬ ‫ظاهر الحديث يأمرنا أل نخير ونفاضل بين ال نـبياء وعندما نسير مع آيــات الـ عــز وج ل نجــد الـ‬ ‫عز وجل يقول‬

‫وَر َ‬ ‫ل َ‬ ‫من َ‬ ‫م‬ ‫فسس َ‬ ‫م َ‬ ‫ع بَْع َ‬ ‫ضْلَننا بَْع َ‬ ‫ف ّ‬ ‫هۖ َ‬ ‫كل ّ َ‬ ‫) تِْل َ‬ ‫م اللّ ُ‬ ‫ضسسُه ْ‬ ‫ضُه ْ‬ ‫مْنُهم ّ‬ ‫ض ۘ ِّ‬ ‫علَ ٰ‬ ‫س ُ‬ ‫ك الّر ُ‬ ‫ى بَْع ٍ‬

‫س ۗ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫م اْلبَيِ َّننا ِ‬ ‫وآتَْيَننا ِ‬ ‫جنا ٍ‬ ‫ت َ‬ ‫مْرَحيَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سى اْب َ‬ ‫عي َ‬ ‫تۚ َ‬ ‫دَر َ‬ ‫وأَ​َحيّْدَنناُه بُِروحِ اْلُقُد ِ‬

‫( البقـــر ة ‪ 253‬فكـــانت هـــذه‬

‫الية تقول أن هناك تفاضل بين الرسل ودرجات وكذلك يقول ال عز وجل‬

‫فسس ي‬ ‫ك أَ ْ‬ ‫من ِ‬ ‫م بِ َ‬ ‫وَربّ َ‬ ‫) َ‬ ‫علَ ُ‬

‫قْد َ‬ ‫ول َ َ‬ ‫ض ۖ َوآتَْيَنسسنا َداُووَد َزُبسسنوًرا‪ ( .‬الســـراء‬ ‫ن َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫ض الّنِبِّيي َ‬ ‫ضْلَننا بَْع َ‬ ‫ضۗ َ‬ ‫ت َ‬ ‫منا َ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬ ‫علَس ٰ‬ ‫واْل َْر ِ‬ ‫ى بَْعس ٍ‬

‫‪ 55‬فإن الذي ينظر إلى أحاديث رسول الـ ‪ ‬إوالـى تلـك اليـات قـد يقـول إن هنـاك تنـاقض ولكـن‬ ‫الحاديث إنما حملت على التواضع من رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ل نـه ما كان عنده الكــبر‬ ‫وما كان يتعامل به هذا أوًل وثانياً أنه يقول لنــا ل تقاضــلوا بيــن ال نـبيــاء والرس ل علــى هـواكم أنتــم‬ ‫‪55‬‬


‫فترفعوا درجة من شئتم عن عصبية أو قبلية إنما الذي يفضل ويرفع الـدرجات هــو الـ عــز وج ل ل‬ ‫أحد سواه وأما الثالثة أن رسول ال منع المفاضلة حتى ل يكون هناك شقاق ونـ زاع حــتى إوان كــان‬ ‫ذلك مع أهل الشرك ومع اليهـود الـذين يكنـون العـداء والبغـض لكـل أهـل الســلم فإنـك إذا فاضـلت‬ ‫أمــام يهــودي أو مشــرك فإنــك قــد تجــره إلــى أن يســب أو يلعــن أو يطعــن فيمــا تقدســه أنــت كمســلم‬ ‫فيصيبك بذلك ما اقترفته بيداك ويرجع عليك الوزر وال عز وجل يقول‬

‫عنو َ‬ ‫ن‬ ‫سّبنوا الّ ِ‬ ‫ن َحيَْد ُ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫) َ‬ ‫وَل تَ ُ‬

‫ه َ‬ ‫مۗ َ‬ ‫عسْدًوا بِ َ‬ ‫هسسم‬ ‫ة َ‬ ‫ه َ‬ ‫سّبنوا اللّ َ‬ ‫ك َزَحيّ​ّنسسنا لِ ُ‬ ‫غْيسِر ِ‬ ‫ن اللّ ِ‬ ‫من ُدو ِ‬ ‫ِ‬ ‫مس ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫كس ٰ َذلِ َ‬ ‫ملَُهس ْ‬ ‫م ُثس ّ‬ ‫ل ُأ ّ‬ ‫م إِلَس ٰ‬ ‫كس ِ ّ‬ ‫عْلس ٍ‬ ‫فيَ ُ‬ ‫ى َربِ ّ ِ‬

‫جُعُهْم َفُيَنبِ ُّئُهم بَِمنا َكناُننوا َحيَْعَمُلنوَن‪ ( .‬ال نـعام ‪ 108‬ولكن ال عز وج ل إنمــا قــال لنـا أن هنــاك‬ ‫مْر ِ‬ ‫ّ‬ ‫درجات وهناك تفاضل ولكن هذه الدرجات ما كانت في النبو ة لن ال نـبياء كلهم درجة واحد ة والنــبي‬ ‫هو الذي أوحى ال إليه وعلمه الحكمة ولكن مــا أمــره أن يبلغهــا إلــى النـاس فكــل ال نـبيــاء فــي هــذه‬ ‫الدرجة سواء ل أحد فيها أعلى رتبة من غيره أما الذين فضل بعضهم علــى بعــض وكـان لكــل واحــد‬ ‫منهم درجة إنما هم الرسل فإن خير الرسل ســتة كمــا قــال أبــو هريـ ر ة ‪ ‬الخمســة أولـ وا العــزم وكـان‬ ‫السادس وهو أولهم آدم عليه السلم فقال أبو هرير ة خير الرسل ستة وخير النـاس ســتة آدم ونـوح‬ ‫إوابراهيم وموسى وعيسى وُم حـمد عليه أفضــل الصــل ة والســلم ‪ ,‬واليــة الــتي نحــن بصــددها تقــول‬ ‫وَر َ‬ ‫ل َ‬ ‫من َ‬ ‫وآتَْيَنسسنا‬ ‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫ع بَْع َ‬ ‫ضْلَننا بَْع َ‬ ‫ف ّ‬ ‫جسسنا ٍ‬ ‫تۚ َ‬ ‫دَر َ‬ ‫هۖ َ‬ ‫كل ّ َ‬ ‫) تِْل َ‬ ‫م اللّ ُ‬ ‫ضُه ْ‬ ‫ضُه ْ‬ ‫مْنُهم ّ‬ ‫ض ۘ ِّ‬ ‫علَ ٰ‬ ‫س ُ‬ ‫ك الّر ُ‬ ‫ى بَْع ٍ‬ ‫س ۗ‪.‬‬ ‫م اْلبَيِ َّننا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت َ‬ ‫مْرَحيَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سى اْب َ‬ ‫عي َ‬ ‫وأَ​َحيّْدَنناُه بِسُروحِ اْلُق سُد ِ‬

‫( البقـــر ة ‪ 253‬كـــان هنـــا ذكـــر الول وهـ و‬

‫موسى كليم ال وكلم ال موسى تكليماً ويقول ال عز وجل‬

‫مي َ‬ ‫و َ‬ ‫ه‬ ‫ى لِ ِ‬ ‫كل ّ َ‬ ‫قناتَِنسسنا َ‬ ‫منو َ‬ ‫منا َ‬ ‫) َ‬ ‫مس ُ‬ ‫ول َ ّ‬ ‫سس ٰ‬ ‫جناَء ُ‬

‫ل َ‬ ‫كۚ َ‬ ‫ه َ‬ ‫سسَت َ‬ ‫م َ‬ ‫ه‬ ‫ن ان ُ‬ ‫بِ أَِرِن ي َأن ُ‬ ‫فسِإ ِ‬ ‫وٰلَ ِ‬ ‫قّر َ‬ ‫ظسْر إِلَسسى اْل َ‬ ‫ل َلن تَ​َرانِسس ي َ‬ ‫قنا َ‬ ‫ظْر إِلَْي َ‬ ‫قنا َ‬ ‫كسسنانَ ُ‬ ‫َربّ ُ‬ ‫نا ْ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫جبَس ِ‬ ‫كس ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ع ً‬ ‫ق َ‬ ‫مسنا أ َ‬ ‫قنا ۚ َ‬ ‫ف تَ​َراِن ي ۚ َ‬ ‫َ‬ ‫فسنا َ‬ ‫ل‬ ‫ج َ‬ ‫سْنو َ‬ ‫د ّ‬ ‫ه َ‬ ‫صس ِ‬ ‫قسنا َ‬ ‫ى َ‬ ‫منو َ‬ ‫و َ‬ ‫كسنا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ه لِْل َ‬ ‫منا تَ َ‬ ‫ف َ‬ ‫علَس ُ‬ ‫ى َربّس ُ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫سس ٰ‬ ‫جلّ ٰ‬ ‫خسّر ُ‬ ‫جبَس ِ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫مْؤ ِ‬ ‫مِني َ‬ ‫ك َ‬ ‫ت إِلَْي َ‬ ‫حنانَ َ‬ ‫سْب َ‬ ‫وأَ​َننا أَ ّ‬ ‫ل اْل ُ‬ ‫و ُ‬ ‫ك ُتْب ُ‬ ‫ُ‬

‫( الع ـراف ‪ 143‬تلــك كــانت مكانــة موسـى ولكــن ال ـ‬

‫عز وجل قال بعدها ورفع بعضهم درجات من هو الذي رفعه درجات فوق الدرجات والذي كان بعــده‬ ‫عيسى في تلك الية وعيسى إنما آتاه ال البينــات عليـه وعلـى نبينـا أفضـل الصـل ة والســلم وأيــده‬ ‫بروح القدس وجعل على يـديه معجـزات مثـل إحيـاء الميـت ومـا أحيـا إل ميتـاً واحـداً وليـس كـل مـن‬ ‫‪56‬‬


‫مات ‪ ,‬ال عز وجل جاء بهذين فإنهما كانـا رس ل وأنبيـاء لبنـي إسـرائيل باليهوديـة والنصـرانية أمـا‬ ‫الذي رفعه فوقهم درجات إنما هو ُم حـمد )صلي ال عليه وسلم( يقول لنا ال عز وجل إذا كـان الـ‬

‫كلم موسى تكليماً فإن موسى هو الذي طلب الرؤية ومـا أعطيهــا وُم حـمــد )صــلي الـ عليــه وسـلم(‬ ‫إنما استدعاه ربه إلى حضرته وكلمه تكليماً ووقف هو وجبريل أمام عرش الرحمن فقال رسول ال‬

‫‪‬عندما توقف جبريل وامتنع عن التقدم أفي هــذا المقـام يــترك الخليــل خليلــه فيقــول لــه جبري ل لـو‬ ‫تقدمت أنت لخترقت ولو تقدمت أنا لحترقت أنت المطلوب أنت الذي اســتدعاك رب العــالمين أنــت‬ ‫الذي لك تلك الدرجة الــتي ل يصــل إليهــا مخلــوق ويـدخل ُم حـمــد )صــلي الـ عليــه وسـلم( مــا طلـب‬ ‫الرؤيا ولكنها ُم نـحت له وما اســتطاع أن ينظــر أو أن يرف ع بصــره أمـام رب العـالمين فــإن أبــا ذر ‪‬‬

‫قال قلت يا رسول ال رأيت ربك فقال له يا أبـا ذر نـور أنــى أراه " رف ع الـ عـز وج ل ُم حـمــداً )صــلي‬ ‫ال عليه وسلم( على كل الرسل وال نـبياء فـي السـماوات كلهـا والرس ل كلهـم دون العـرش لـم يـؤذن‬ ‫لهم إل ُم حـمد )صلي ال عليه وسلم( إوان كان عيسى عليه السلم أحيا ميتاً واحداً أو عــد ة أم ـوات‬

‫فإن ُم حـمداً )صلي ال عليه وسلم( أحيا أمة بكاملها كما يقول القائل ‪:‬‬ ‫عيسى بن مريم دعا ميتاً فقام له‬ ‫الجهل موت فإن أوتيت معجز ة‬

‫وأنت يا ُم حـمد أحييت أمة من الرمـم‬ ‫أحييت من الموت أو أحييت من الجهل‬

‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول أنا ســيد ولـد آدم ول فخــر وه و الشــافع وه و المشــفع وه و‬ ‫صاحب الحوض وهو أول من تنشق عنه الرض يوم القيامة وهو اول من يقعقع بــاب الجنــة وأول‬ ‫من يدخلها فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول حرم ال الجنة على ال نـبياء حــتى أدخلهــا‬ ‫" والــ عــز وجـل يقــول‬

‫ل َٰ‬ ‫و َ‬ ‫ن اْل َ‬ ‫م‬ ‫م‪ .‬أَ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َ‬ ‫هَذا اْلُقْرآ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫مس َ‬ ‫قناُلنوا لَْنوَل ُن ِزّ َ‬ ‫) َ‬ ‫هس ْ‬ ‫ل ِّ‬ ‫علَ ٰ‬ ‫ظيس ٍ‬ ‫ى َر ُ‬ ‫قْرَحيَ​َتْيس ِ‬ ‫جس ٍ‬

‫وَر َ‬ ‫ن َ‬ ‫حيَسسناِة ال س ّ‬ ‫منو َ‬ ‫م‬ ‫فْعَنسسنا بَْع َ‬ ‫م ِ‬ ‫َحيَْق ِ‬ ‫دْنَينا ۚ َ‬ ‫م فِسس ي اْل َ‬ ‫عي َ‬ ‫ق َ‬ ‫ت َربِ ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ح َ‬ ‫ضسُه ْ‬ ‫ش سَتُه ْ‬ ‫س ْ‬ ‫ك ۚ نَ ْ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫مَننا بَْيَنُهم ّ‬ ‫ح ُ‬ ‫س ُ‬ ‫َ‬ ‫ضُهم بَْع ً‬ ‫فْنو َ‬ ‫خْيٌر ِّمّمنا َحيَْجَمُعنوَن‪ ( .‬الزخـ رف‬ ‫س ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ت لِ ّيَّت ِ‬ ‫جنا ٍ‬ ‫ك َ‬ ‫ت َربِ ّ َ‬ ‫ح َ‬ ‫خِرًَّحينا ۗ َ‬ ‫دَر َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫خَذ بَْع ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ضنا ُ‬ ‫ق بَْع ٍ‬

‫‪57‬‬


‫‪ 32-31‬عندما جاء ُم حـمد برسالته ماذا قالوا قال الوليد بن المغير ة لو كـان مـا يقـول ُم حـمـد حقـاً‬

‫فإنني كنت أولى به أو مسعود بن عـرو ة الثقفـي فيـرد عليهـم الـ بـأنه هـو الـذي يقسـم رحمتـه كمـا‬ ‫يقســم الرزاق بيــن العبــاد وجعــل الخلــق مراتــب ودرج ات منهــم الغنــي ومنهــم الفقيــر ومـا كــان ذلــك‬ ‫بـإراد ة النـاس إنمـا بــإراد ة الـ عــز وج ل فهـو الـذي يـرزق مــن يشـاء ويمنــع الـرزق عـن مــن يشـاء‬

‫فيقول لهم إن الرزق الذي عندك يا وليد ويا مسعود بن عـرو ة مـا أتـاك بجهـد منـك إنمـا هـو عطيـة‬ ‫من الرحمن وال عز وجل ل يفضل الخلق بالموال إنما يرفع الدرجات بمشيئته هو فهو الــذي رف ع‬ ‫ُم حـمد )صلي ال عليه وسـلم( علــى العـالمين ‪ ,‬ثــم كــانت أرف ع الــدرجات بعــد الرس ل وال نـبيــاء هــى‬

‫درجة الصحابة رضوان ال عليهم أجمعين والصحابة إنما كانت لهم درجات وما كانوا درجة واحــد ة‬

‫وكان أعلهم درجة هم الربعة الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رض ي الـ عنهــم جميعـاً ثــم‬ ‫كان الذين من بعدهم المبشرين بالجنة ثم كانت الرتبة التي بعدهم أهل بدر الذين شاركوا فيها فــإن‬ ‫رجل جاء يشكوا إلى رسول ال حاطب بن أبي بلتعة فقـال لـه مــا ظنـك لعـل الـ عـز وج ل نظــر إلـى‬ ‫أهل بدر فقال لهم افعلوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم ‪ ,‬ثم بعدهم أهل أحد ومن شــارك فيهــا ثــم أهــل‬ ‫بيعــة الرضـ وان ومــن شــارك فيهــا لن الــ عــز وجــل يقــول‬

‫)ل ّ َ‬ ‫ن إِْذ‬ ‫ه َ‬ ‫مسْؤ ِ‬ ‫قْد َر ِ‬ ‫مِني َ‬ ‫ ي اللّ ُ‬ ‫ن اْل ُ‬ ‫عس ِ‬ ‫ض َ‬

‫حنا َ‬ ‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫جَرِة َ‬ ‫كيَن َ‬ ‫قِرَحيًبسسنا‪.‬‬ ‫ة َ‬ ‫ف َ‬ ‫فْت ً‬ ‫س ِ‬ ‫منا ِ‬ ‫َُحيَبناَحيِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫فَأنَز َ‬ ‫م َ‬ ‫عِل َ‬ ‫ش َ‬ ‫ح َ‬ ‫عنونَ َ‬ ‫وأَ​َثنابَُه ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك تَ ْ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫علَْي ِ‬ ‫ف ي ُقُلنوبِ ِ‬

‫(‬

‫الفتح ‪ 18‬فهؤلء القوم الذين بايعوا ُم حـمداً )صلي الـ عليـه وسـلم( هـم أفضـل النـاس وأعلهـم‬

‫درجة ورتبة بعد الوائل الذين قلنا عنهم قال عبد ال بن عباس ‪ ‬إن ال عز وج ل أعلمنــا أنــه قـد‬ ‫رضي عنهم وما أعلمنا أنه أسخط واحداً بعدها " فكان الساس أن الرض ا مــن الـ ويقــول الـ عــز‬ ‫وا ْ َ‬ ‫وُلنو َ‬ ‫سنابُِقنو َ‬ ‫ه‬ ‫عسنو ُ‬ ‫ن ّر ِ‬ ‫والّس ِ‬ ‫هنا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن اتّبَ ُ‬ ‫سسنا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ح َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫صناِر َ‬ ‫لن َ‬ ‫ن َ‬ ‫جِرَحي َ‬ ‫م َ‬ ‫وجل ) َ‬ ‫ ي الّلس ُ‬ ‫هم بِ​ِإ ْ‬ ‫ن اْل َ ّ‬ ‫وال ّ‬ ‫ن اْل ُ‬ ‫ضس َ‬ ‫هسسنا أَبَسًدا ۚ ٰ َ‬ ‫ك اْل َ‬ ‫فسْنوُز‬ ‫وأ َ َ‬ ‫ضنوا َ‬ ‫َ‬ ‫ن ِ‬ ‫خنالِس ِ‬ ‫عس ّ‬ ‫جّنسسنا ٍ‬ ‫في َ‬ ‫هسسنا اْل َْن َ‬ ‫حَت َ‬ ‫ذلِس َ‬ ‫دَحي َ‬ ‫هسسناُر َ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫عْنس ُ‬ ‫جسِري تَ ْ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫د لَُهس ْ‬ ‫عْنُه ْ‬ ‫وَر ُ‬

‫ظيُم‪ ( .‬التوبة ‪ 100‬إن هذه الدرجات وتلك الرتب كــانت لقــوم عايشـوا رس ول الـ )صــلي الـ‬ ‫اْل َ‬ ‫ع ِ‬ ‫عليه وسلم( وصاحبوه والبخــاري يقــول كــل مــن رأى رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( فهــو مــن‬ ‫‪58‬‬


‫صــحابته ونهينــا أن نتطــاول علــى أي واحــداً منهــم إنمــا نــرد المــر فيــه إلــى الـ فــإنه يعلــم جهره م‬ ‫وسرهم فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقـول ل تسـبوا أصـحابي فوالـذي نفسـي بيـده لـو أن‬ ‫أحــدكم أنفــق كــل يــوم مثــل جبــل أحــد ذهبـاً لــم يبلــغ مــد أحــدهم ول نصــيفه فــإن الـ عــز وج ل يقــول‬ ‫ك ً‬ ‫) ّ‬ ‫جًدا‬ ‫م ُر ّ‬ ‫م ۖ تَ​َرا ُ‬ ‫ك ّ‬ ‫داُء َ‬ ‫م َ‬ ‫عَلسى اْل ُ‬ ‫ه أَ ِ‬ ‫والّ ِ‬ ‫ل اللّ ِ‬ ‫شس ّ‬ ‫ح َ‬ ‫فسسناِر ُر َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫هۚ َ‬ ‫م َ‬ ‫عس ُ‬ ‫هس ْ‬ ‫مسسناُء بَْيَنُهس ْ‬ ‫م ٌ‬ ‫سس ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫عسنا ُ‬ ‫سنو ُ‬ ‫د ّر ُ‬ ‫سجنوِد ۚ ٰ َ‬ ‫ن َ‬ ‫غنو َ‬ ‫م فِسس ي‬ ‫منا ُ‬ ‫جنو ِ‬ ‫م ِ‬ ‫نواًننا ۖ ِ‬ ‫وِر ْ‬ ‫ن اللّ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫َحيَْبَت ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ذل ِ َ‬ ‫سي َ‬ ‫ض َ‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫مَثُلُه س ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫هم ِ ّ‬ ‫ضًل ِ ّ‬ ‫ن أَثَِر ال ّ ُ‬ ‫ف ي ُو ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سسَتْغلَظَ َ‬ ‫فسسبآَزَرُه َ‬ ‫طأُه َ‬ ‫ش ْ‬ ‫نو ٰ‬ ‫ل َ‬ ‫ه‬ ‫ ى َ‬ ‫خَر َ‬ ‫سسسنوقِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫سسَت َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫الّتْنوَراِة ۚ َ‬ ‫فنا ْ‬ ‫فنا ْ‬ ‫كَزْرعٍ أ ْ‬ ‫ف ي ا ْ ِلن ِ‬ ‫مَثُلُه ْ‬ ‫علَس ٰ‬ ‫ى ُ‬ ‫جي ِ‬ ‫مْغِفسَرًة‬ ‫و َ‬ ‫و َ‬ ‫ك ّ‬ ‫ب الّزّرا َ‬ ‫ت ِ‬ ‫حنا ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ه الّس ِ‬ ‫م اْل ُ‬ ‫ع لِيَ ِ‬ ‫صسسنالِ َ‬ ‫مُنسسنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫فناَر ۗ َ‬ ‫عسَد اللّس ُ‬ ‫مْنُهسسم ّ‬ ‫مُلسسنوا ال ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫َُحيْعجِ ُ‬ ‫غيظَ بِ ِ‬

‫منا‪.‬‬ ‫جًرا َ‬ ‫ظي ً‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬ ‫وأ َ ْ‬

‫( الفتح ‪29‬‬

‫ال عز وجل هو الذي جعل لكل منهم تلك المنزلة والدرجة والمرتبة إن كان من المتقين الصــالحين‬ ‫المؤمنين فإن در ة بنت أبي لهب رضي ال عنها جاءت إلى رسول الـ ‪‬وقـالت إن النـاس تعيرن ي‬ ‫بــأبي وبـأمي – يقولـون لهــا يــا بنــت حمالــة الحطــب – فقــال لهــا قــولي لهــم إن أكــرم النــاس أتقــاهم‬ ‫وآمره م بــالمعروف وأنهــاهم عــن المنكــر وأوصـلهم للرح م " فــإذا أردت أن ترف ع درجتــك فهــذه هــى‬ ‫مسسن‬ ‫خلَْقَنسسنا ُ‬ ‫المور التي يرفع ال بها الدرجات والرتب ويقول ال عــز وجــل )َ​َحينا أَ​َحيّ َ‬ ‫س إِّننا َ‬ ‫كم ِ ّ‬ ‫هنا الّننا ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫ه أَْت َ‬ ‫ذ َ‬ ‫م‬ ‫ه َ‬ ‫م ۚ إِ ّ‬ ‫عناَرُفنوا ۚ إِ ّ‬ ‫ل لَِت َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن اللّ س َ‬ ‫قسسنا ُ‬ ‫عنَد اللّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫م ُ‬ ‫عْلَننا ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫ن أَْكَر َ‬ ‫قَبنائِ َ‬ ‫عنوًبنا َ‬ ‫و َ‬ ‫ى َ‬ ‫كٍر َ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫وُأنَث ٰ‬ ‫عِلي س ٌ‬ ‫م ُ‬

‫س ئـل رسول الـ )صـلي الـ عليـه وسـلم( عـن أكـرم النـاس قـال أكـرم‬ ‫َ‬ ‫خِبيٌر‪ ( .‬الحجرات ‪ 13‬عندما ُ‬

‫الناس الكريم بن الكريـم بــن الكري م بـن الكريـم يوسـف بـن يعقــوب بـن إبراهيــم قـالوا ليــس عـن ذلـك‬

‫نسألك يا رسول ال فقال إن أكرم الناس أتقاهم أفقههم في الجاهلية أفقههم في السلم ‪.‬‬ ‫دخل رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يوماً المقابر فقال السلم عليكم أهــل الـديار مــن المــؤمنين‬ ‫والمسلمين أنتم السابقون إوانا إن شاء الـ بكـم ل حقـون ثـم قـال كلمـة التفـت لهـا أصـحابه قـال يـا‬ ‫ليتنا رأينا إخواننا قالوا يا رسول ال ألسنا إخوانك قال أنتم أصحابي أما إخواننــا فلــم يــأتوا بعــد قــالوا‬ ‫يا رسول ال كيف نعرف من لم يأتي بعد قال يأتون غرًل محجليــن مــن أثــر الوضـوء " وه و حــديث‬ ‫طويل ولكننا انتقينا منه ما يخدم الموضوع قالوا كيف تعرفهم يا رسول ال كيف تعرف من لم يــأتي‬ ‫‪59‬‬


‫بعد قال يكون لهم بياضاً ونو ارً من أثر الوضوء فإذا كنت تريد أن تكــون مــن أخـوان ُم حـمــد )صــلي‬ ‫الـ عليــه وسـلم( فعليــك أن تكــون مــن المصــلين المتطهريـن الــذين يحســنون الوضـوء فتلــك هــى‬ ‫السمات التي يعرفك بها رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يوم القيامة ‪.‬‬ ‫سأل رسول ال )صلي ال عليه وسلم( أصحابه يوماً وقال لهم أي الخلــق أعجــب لكــم إيمانـاً قــالوا‬ ‫يا رس ول الـ المل ئـكـة قـال ومـا بـالهم ل يؤمنـون وه م عنـد ربهـم قـالوا يـا رس ول الـ ال نـبيـاء قـال‬ ‫وكيف ل يؤمنون والوحي يتنزل عليهم قالوا يا رسول ال نحن أصحابك قال وكيف ل تؤمنــون وأنــا‬ ‫بيــن أظهرك م أبــث لكــم تعــاليم الــدين إذا شــق عليكــم أمــر تســألونني فيــه – عنــد هــذا الحــد توقـف‬ ‫الصحابة ول يدرون الجابة – قال رسول الـ )صـلي الـ عليـه وسـلم( أعجـب الخلـق إيمانـاً قومـ اً‬ ‫يأتون من بعدكم يجدون صحفاً فيؤمنون بما فيها " كان هؤلء القــوم هــم نحــن أهــل الســلم اليــوم‬ ‫الــذين وج دنا كتـاب الـ عــز وج ل فصــدقناه ووج دنا ســنة رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( فــي‬ ‫صحف مكتوبة فأخذنا بها وعملنا بها واتخذناها منهجاً ونبراساً لذلك كان لنا درجة مرتفعة ومرتبــة‬ ‫عظيمة أما إذا تنكبنا الطريق وهجرنا كتاب ال عز وجل وتركنا سنة رسوله واتجهنا بانظارنا شــرقاً‬ ‫وغرباً فل نلومن إل أنفسنا ‪.‬‬ ‫ن‬ ‫س َ‬ ‫جَد ّ‬ ‫مُننوا اْليَُهنو َ‬ ‫والّس ِ‬ ‫وًة لِ ّلّ ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫د َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫عَدا َ‬ ‫ن أَ َ‬ ‫وهناك درجات أخرى يقول ال عز وجل )لَ​َت ِ‬ ‫د الّننا ِ‬ ‫ ى ۚ ٰ َ‬ ‫ن َ‬ ‫صسسناَر ٰ‬ ‫م‬ ‫ك بِسَأ ّ‬ ‫ج سَد ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫مُنسسنوا الّس ِ‬ ‫دًة لِ ّلّس ِ‬ ‫ش سَر ُ‬ ‫نو ّ‬ ‫ذل ِ س َ‬ ‫قسسناُلنوا إِنّسسنا نَ َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫مس َ‬ ‫كنوا ۖ َ‬ ‫مْنُهس ْ‬ ‫ولَ​َت ِ‬ ‫أَ ْ‬ ‫ن أَْقَربَُهسسم ّ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫وُر ْ‬ ‫كِبُرو َ‬ ‫ل تَ سَر ٰ‬ ‫م‬ ‫ ى أَ ْ‬ ‫سَت ْ‬ ‫سسسنو ِ‬ ‫س ِ‬ ‫سي ِ‬ ‫قِ ّ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫منا ُأن سِز َ‬ ‫عنوا َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫هَبناًننا َ‬ ‫ن َ‬ ‫سي َ‬ ‫عُيَنُه س ْ‬ ‫م َل َحيَ ْ‬ ‫وأَنُّه ْ‬ ‫ل إِلَسسى الّر ُ‬ ‫مّننا َ‬ ‫ق ۖ َحيَُقنوُلنو َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫منا َ‬ ‫ه ِ‬ ‫شسسنا ِ‬ ‫عَرُفنوا ِ‬ ‫معِ ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫دَحي َ‬ ‫فناْكُتْبَننا َ‬ ‫ن َربَّننا آ َ‬ ‫ن اْل َ‬ ‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫د ْ‬ ‫ع ال ّ‬ ‫م ّ‬ ‫تَِفي ُ‬ ‫ح ِّ‬

‫( المائـــد ة‬

‫‪ 83-82‬كانت هناك درجات للعـداو ة أشــدها إنمــا هــم اليهــود وأهــل الشــرك وه م درج ات فليــس كــل‬ ‫اليهود على نفس الدرجة وليس كل أهل الشرك على نفس الدرجة فإن رسول ال )صلي ال ـ عليــه‬ ‫ل ليدله على الطريق في هجرته هو عبد ال بن أريقط وكذلك دخل مكة في‬ ‫وسلم( اتخذ مشركاً دلي ً‬ ‫يوم من اليام تحت حمايــة وفـي جـوار رج ل مشـرك هــو المطعـم بـن عـدي وكـذلك كـان الـذي يؤيـده‬ ‫‪60‬‬


‫ويحميه وينصره هو عمه أبو طــالب الــذي مــات علــى الشــرك ولـم يــؤمن فهــؤلء كلهــم علــى الشــرك‬ ‫ولكنهــم ليسـوا محــاربين لرس ول الـ ول لــدين الســلم ول معتــدين بينمــا هنــاك مــن المشــركين مــن‬ ‫يناصبه العداء مثل أبي لهب ‪ ,‬وكما أن الشرك درجات فإن الكفر أيضاً درجات فإن كفر البخيل هو‬ ‫كفر بنعمة ال عز وجل عليه فإن ال عـــز وجــل يقـــول‬

‫مُرو َ‬ ‫خُلنو َ‬ ‫ل‬ ‫س ِبناْلُب ْ‬ ‫ن َحيَْب َ‬ ‫) ال ّ ِ‬ ‫ن الّننا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫وَحيَْأ ُ‬ ‫خس ِ‬

‫من َ‬ ‫منو َ‬ ‫عَتسْدَننا لِْل َ‬ ‫ن َعسَذاًبنا ّمِهيًنسنا‪ ( .‬النســاء ‪ 37‬فالبخيــل‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫منا آَتنا ُ‬ ‫وَحيَ ْ‬ ‫ضسِل ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫كسنافِ​ِرَحي َ‬ ‫هۗ َ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫م اللّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫كُت ُ‬

‫كافر بنص تلك الية ل نـه يكفر نعمة ال عز وجل عليه وما كان كاف ارً بال وكـذلك هـى المـرأ ة الـتي‬ ‫تنكر حق زوجها وفضله عليها ول تعطي زوجها حقاً له عليها ول تعترف بإحسانه إليها ول تعترف‬ ‫بمودته لها فإنما هى تسمى كافر ة لن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( قال لم المؤمنين عائشــة‬ ‫رضي ال عنها يا عائشة رأيت النار فإذا أكــثر أهلهــا مــن النســاء يكفــرن ‪ -‬يــدخلون النــار بكفره م‬ ‫فقالت يا رسول ال أيكفرون بال قال ل يكفرن بالعشير "‬ ‫إن أحسن الرجل إلى زوجته الدهر كله ثم بدرت منه بادر ة تقول لم أرى منك خي ارً قط فهذا النوع من‬ ‫النساء أطلق عليهن رسول ال لفظ الكفر وكان ال لـعن الكفر بال عز وجل ‪.‬‬ ‫كمـا أن اليمـان رت ب ودرج ات ورت ب اليمـان بضــع وسـبعون شــعبة أعلهـا شـهاد ة أل إلـه إل الـ‬ ‫وأدناهــا إماطــة الذى عــن الطريـق والحيــاء شــعبة مــن اليمــان فلينظــر كــل منــا إلــى حــاله وليضــع‬ ‫لنفسه موضعاً من تلك الشعب ليعرف مكانه ورتبته عن رب العالمين فإذا حصلت من هذه الشــعب‬ ‫خمسة فـأنت ضـعيف إواذا حصـلت الشـعب كلهـا فـأنت فــي أعلـى علييـن إواذا حصـلت نصــفها فـأنت‬ ‫متوسط الحال فيقيس كل منا نفسه إن أراد ان يحسن من رتبته ودرجتــه وليحاســب ال نـســان نفســه‬ ‫قبــل أن يحاســبه ال ـ عــز وجـل وزن وا أعمــالكم قبــل أن تــوزن عليكــم وتزين ـوا للعــرض الكــبر يــوم‬ ‫ُتعرضون ل تخفى منكـم خافيـة وقـد قيـل لواحـد مـن أعظـم التـابعين هـو سـعيد بـن المسـيب قيـل لـه‬ ‫أليس من قال ل إله إل ال دخل الجنة فقال ل إله إل ال مفتاح بـاب الجنـة ثـم قـال وكـل مفتـاح لـه‬ ‫‪61‬‬


‫أسنان معينة تفتح باباً بعينه دون غيــره أمــا إن جئــت بمفتــاح ليــس لــه أســنان فلــن يفتــح أي بــاب‬ ‫فإن أسنان المفتاح هى البضع وسبعون شعبة ولكن على المســلم أن يحســن الظــن بــال عــز وج ل‬ ‫وأن يعلــم أن مــن مــات فقــد قــامت قيــامته وسـوف ُيبعــث علــى مــا مــات عليــه فــاجعلوا آخرتكــم فيهــا‬ ‫الخير حتى ُتبعثون على الخير واجعلوا ألسنتكم رطبة بذكر ال عز وجل حتى يكون آخر كلمكم ل‬

‫إله إل ال فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( قال من كان آخر كلمه ل إله إل ال دخل الجنــة‬ ‫" ويقول كذلك والذي نفسي بيده ل حسر ة على أهل ل إله إل ال عند مــوتهم ول حسـر ة عليهــم وه م‬ ‫في قبورهم وكأني بأهل ل إله إل ال ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد ل الـذي أذهــب‬ ‫عنا الحزن " فليعمل كل مسلم لخرته خيـ ارً فإنهــا هــى الباقيــة وليرف ع مــن درج اته فــي دنيــاه فــإنه‬ ‫سوف ُيحشر على تلك الدرجة وهناك بضع وسـبعون شــعبة فليحــاول أن يحصــل منهــا مــا اســتطاع‬ ‫حتى يرفع من قدره ومن مرتبته عند رب العــالمين وعليــه بالوضـوء فإنمــا هــو العلمــة الــتي ســوف‬

‫يعرفه بهــا رس ول الـ )صـلي الـ عليـه وسـلم( فيأخـذ بيـديه إلــى الجنـة فـإنه هـو الـذي قـال الجنـة‬ ‫محرمة على المم حتى تدخلها أمتي ‪.‬‬

‫عرض العمال‬

‫‪62‬‬


‫يقول قائل ‪ :‬لم أرى السعاد ة جمع مال ولكن التقي هو السعيد وتقوى ال خير الـزاد زخ ارً وعنــد الـ‬ ‫لل تـقى مزيد " السعاد ة ليست في كثر ة المال ول القصور ول في زخرف الحيـا ة الـدنيا إنمـا السـعاد ة‬ ‫شيء في داخل ال نـسان فكثي ار ما تجد من عنده المال مهموماً حزيناً وتجد آخر ليــس عنــده شــيء‬ ‫إنما يملء قلبه التقوى واليمان فتجد السعاد ة على وجهه ويقــول القائـل ‪ :‬إذا لـم يكـن للمـرء ثيابـاً‬ ‫مـن التقـى تـراه عريانـاً إوان كـان كاسـياً ‪ ,‬أي إن الـذي يسـتر ال نـسـان هـو تقـوى الـ عـز وج ل أمـا‬ ‫المشرك الفاجر فكأنه عرياناً مهما ارتدى من ثياب ‪.‬‬ ‫وعمير بن الحمام ‪‬عندما كانت معه تمرات وقال رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( فــي موقعــة‬ ‫من المواقع ل يقاتلهم اليـوم رج ل فيقتــل مقبــل غيـر مـدبر إل دخــل الجنــة فقـال يـا رس ول الـ ليــس‬ ‫بيني وبين الجنــة إل تلــك التمـرات فألقاهــا وه و ينطلــق ويقــول ركضـاً إلــى الـ بغيــر زاد غيــر التقــى‬ ‫وعمل المعاد " إنما كان يتزود إلى ال عز وجل بالتقوى والعمل الصالح ‪ ,‬كما يقول قائل ‪:‬‬ ‫إذا خلوت يوماً ل تقل خلوت ولكن قل علّي رقيب‬ ‫ول تحسبن ال يغفل ساعة أو إن ما تخفي عليه يغيب‬ ‫إذا كنت داخل حجر ة مـن أربعــة جـدران وح تى إن كـانت ليــس بهـا نافـذ ة أو بــاب وأغلقتهــا عليـك ثــم‬ ‫فعلت في تلك الحجر ة ما فعلت فـاعلم أن الـ مطلـع وأنـه يعلـم السـر وأخفـى وه و الـذي يعلـم خائنـة‬ ‫العين وما تخفي الصدور ‪ ,‬يعلم رمش العين وما يعنيه ذلك الرمش ومن تلك الخائنة التي خانهــا‬ ‫‪.‬‬ ‫إوان العمال ُتعرض ُتعرض على ال عز وجل ساعة عملها ويحصيها عليك فإذا قضى اليوم كانت‬ ‫محصلة العمال التي عملتها معروضة على رب العالمين فعـن أبــي هريـ ر ة ‪ ‬قـال قــال رس ول الـ‬ ‫)صلي ال عليه وسلم( يتعاقبون فيكم مل ئـكة بالليل والنهار ويجتمعـون فــي صـل ة العصــر فيقــول‬ ‫‪63‬‬


‫ال للمل ئـكة وهو أعلم كيف تركتم عبادي فيقولون تركناهم وهم يصلون – فعلمنا من هنا أن عمل‬ ‫النهار كله معروض على رب علــى العـالمين مــع صــل ة العصــر وعمــل الليــل إنمــا ُيعــرض علــى رب‬

‫العالمين في صل ة الفجر وذلك حتى يحسن ال نـسان مـن عملـه فعـن أبــي موسـى الشــعري ‪ ‬قـال‬

‫قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( إن ال عز وجل ل ينام ول ينبغي له – فـإن الـ عـز وج ل ل‬ ‫تأخذه سنة من نوم فكل الخلق كتب ال عليهم النوم أحيــاًء كـانوا أو أمواتـاً حيـوان أو إنســان نبــات‬ ‫أو جماد لبد وأن يكون لهم ساعة نوم وسكون إنمــا الـ عــز وج ل ل تأخــذه سـنة ولـو أخـذته سـنة‬ ‫لضطرب الكون كله ولتخبطت النجــوم والكـواكب ولكــانت النهايــة المفجعــة ‪ -‬ثــم يقــول رس ول الـ‬ ‫)صلي الـ عليــه وسـلم( يخفـض القســط ويرفعـه يـرزق مــن يشـاء ويحـرم مــن يشـاء ُيعـرض عليــه‬

‫عمل النهار قبل الليل وُيعرض عليه عمل الليل قبل النهار " فإن كان العمل أبيض كــانت الســعاد ة‬

‫إوان كان العمل أسود كان الشقاء كان ذلك العمل الذي ُيدون عليك يومياً وكل ذلك العمل يجمع في‬

‫يومين من أيام السبوع فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( كــان يصــوم يــوم ال ثـنيــن والخميــس‬

‫سـ ئـل عـن سـبب ذلـك قـال إن العمـال تُعـرض علـى الـ عـز وج ل يـوم ال ثـنيـن‬ ‫من كل أسـبوع ولمـا ُ‬ ‫والخميــس فيغفــر الـ لكــل مــن ل يشــرك بــه شــيئاً إل متشــاحنين يقــول الـ عــز وج ل أخرهمــا حــتى‬

‫يصطلحا " وذلك حتى يحرص كل مسلم ان ل تكون بينـه وبيـن أخيـه شـحناء أو بغضـاء أو خصـام‬ ‫فل ياتي عليهما يوم الخميس إل وقد اصطلحا وكذلك فـي الثلثــة أيـام التاليـة ل يـأتي عليهمـا يـوم‬ ‫ال ثـنين إل وقد اصطلحا حتى ينال مغفر ة ال عز وجل ‪ ,‬ثم يجمع كل ذلك في سجل أكــبر فعــن عبــد‬ ‫ال بن عباس ‪ ‬كان يفسر للناس قول ال عز وجل‬

‫من َ‬ ‫د‪.‬‬ ‫ب َ‬ ‫منا َحيَْلِف ُ‬ ‫ه َر ِ‬ ‫ل إِّل لَ​َدَْحي ِ‬ ‫ظ ِ‬ ‫قْنو ٍ‬ ‫عِتي ٌ‬ ‫) ّ‬ ‫قي ٌ‬

‫(‬

‫ق ‪ 18‬وكان عبد ال بن عباس هو ترجمان القـرآن وح بر المـة وأفقــه صــحابة رس ول الـ )صــلي‬ ‫ال عليه وسلم( شرح تلك الية فقال يكتب كل ما يتكلم بــه القريـن فــإذا كــان يــوم الخميــس يعــرض‬ ‫كل ما كتب على ال عز وجل فيثبت ما كان فيه من خير أو شر ويلقى سائره يوم الخميــس تُعـرض‬ ‫كل هذه الكلمات التي تكلمتها والعمال التي عملتهـا علـى الـ وه ذا الكلم ليـس فيــه وزر أو ذنــب‬ ‫‪64‬‬


‫كل هذا ينحى أما الكذب فُيكتب وأما الرياء والضغائن والحقاد فُتكتب وأما المانــة والصــدق فُيكتــب‬

‫يثبت مــا كــان فيــه مــن خيــر أو شــر ويلقــى ســائره وذلــك قــول ال ـ عــز وجـل‬ ‫عنَدُه ُأ ّ‬ ‫كَتنابِ‪(.‬‬ ‫م اْل ِ‬ ‫و ِ‬ ‫تۖ َ‬ ‫َ‬ ‫وَُحيْثبِ ُ‬

‫شناُء‬ ‫منا َحيَ َ‬ ‫ه َ‬ ‫حنو اللّ ُ‬ ‫)َحيَ ْ‬ ‫م ُ‬

‫الرعد ‪ 39‬كان ذلك من شرح عبد ال بن عبـاس ‪ ‬فـإذا كـان شـعبان‬

‫جمعت كل تلك السجلت بما تحويه من أعمال وأقوال – كمـا هـو الحـال فـي المدرس ة فـإن التلميـذ‬ ‫يتم اختبارهم كل شهر ثم تجمع درجاتها حتى إذا كان نهاية العــام جمــع فيــه كــل ذلــك كــذلك شــعبان‬ ‫جعله ال عز وجل ليجمع أعمالك كلها التي تم تدوينها كل خميس فعن أسامة بن زيد ‪ ‬قال قلــت‬ ‫يا رسول ال ما أكثر ما أراك صائماً في شعبان قال هذا شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضـان‬ ‫ُترفع فيه العمال إلى ال عز وجل فأحب أن ُيرفع عملي وأنا صائم " كان ُيكثر الصيام فــي شــعبان‬ ‫لن أعمال السنة كلها ُترفع إلى ال عز وجل فيه وهو المغفور له ما تقدم من ذنبــه ومـا تــأخر فمــا‬

‫بالنــا بالــذين لــم يغفــر لهــم وأمره م إلــى الـ فمــا بالنــا بالــذين كــثرت ذنــوبهم وخطايــاهم حــتى غطــت‬ ‫رؤوسهم أل يتهيئون لكي ُترفع أعمالهم إلى ال ناصعة البياض فـإن رس ول الـ )صـلي الـ عليـه‬ ‫وسلم( كان يتقرب إلى ال بأفضل العمال خل لـ الشهر الذي ُترفع فيه العمال ومـع أن هنــاك مــا‬ ‫هو أفضــل مــن الصــيام إل أن أبـا أمامـة ‪ ‬جـاء إلـى رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( وقـال يـا‬ ‫رسول ال دلني على عمل يدخلني الجنة قال عليك بالصيام " إذا كنت تريـد أن تـدخل الجنــة فـأكثر‬ ‫من الصيام وأبا أمامة ترك رسول ال شهر ثم عاد وقال نفس السؤال فقال لــه نفــس الجابــة عليــك‬ ‫بالصيام فإنه ل عدل له أي ل يوجد شيء يساويه إذا كنت تريد الجنة‬ ‫وعن أبي سعيد الخدري ‪ ‬قال قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( من صام يوماً في سبيل ال ـ‬ ‫باعد ال بذلك اليوم عن وجهه النار سبعين خريفاً " بيوم واحد يباعد ال النار عن الصائم سبعين‬ ‫سنة إذا مشاها على رجليه وليس راكباً صاروخ أو غيره ‪.‬‬

‫‪65‬‬


‫وكذلك هناك أعمال أفضـل مـن الصـيام لـذلك كـان عبـد الـ بـن مسـعود ‪ ‬ل ُيكـثر الصـيام وعنـدما‬

‫سألوه عن ذلك وهو من أصحاب رسول ال )صــلي الـ عليــه وسـلم( قـال إنــه يضــعفني عـن قـراء ة‬ ‫القرآن وقراء ة القرآن أفضل وذلك الصحابي ل يقول ذلك من رأسه إواذا كان قراء ة القرآن أفضــل مــن‬ ‫الصيام فإن الصل ة أفضل مــن قـراء ة القـرآن وبالتــالي فــإن الصـل ة أفضــل مــن الصــيام لن الصــل ة‬ ‫هى عماد الدين من تركها فقد هدم الدين ومن أقامها فقد أقام الدين ‪ ,‬وكـذلك كــانت مجــالس العلــم‬ ‫ش غـل ال نـسان بالصيام عن العلم فيقــال‬ ‫ومدارسة القرآن وأحكامه وكل أموره أفضل من الصيام فإذا ُ‬ ‫له إن العلم أفضل فعن أبي ذر ‪ ‬قال قال رسول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( يـا أبـا ذر لن تغـدو‬ ‫فتتعلم آية من كتاب ال عز وجل خير لك من أن تصلي مائة ركعة – تعلم آية ليــس قراءتهــا إوانمــا‬ ‫تعلــم أحكامهــا وسـبب نزولهــا وكـل شــيء فيهــا تلــك اليــة كأنهــا درس بمفردهــا فــإذا كــان الصــيام‬ ‫يضعف ال نـسان مع أهلـه ويشـغله عنهـم فـإنه يقـال لـه أهلـك أولـى صـم علـى قـدر اسـتطاعتك لن‬ ‫أهلـك لهـم حقـوق عليـك يجــب أن تؤديهــا لهــم ‪ ,‬وسـلمان الفارس ي ‪ ‬ذهــب يـزور أبـا الـدرداء فــي‬ ‫منزله فوجد امرأته في هيئة سيئة وعليها ثياب رثة فسألها عن سبب ذلك فقالت أخوك أبو الــدرداء‬ ‫ليس له حاجة في الدنيا يصوم النهار ويقوم الليل فانتظره سلمان فلما جاءه قال أبو ذر إنــه صــائم‬ ‫فقـال لـه أفطـر وجعلـه يفطـر ثـم قـال لـه إن لجسـدك عليـك حقـاً إوان لهلـك عليـك حقـاً إوان لزوجتـك‬ ‫عليك حقاً فلما ذهب إلى رسول ال )صلي ال عليه وسلم( سأله عما قــال لــه ســلمان فقــال صــدق‬ ‫سلمان إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ول تبغضن لنفسك عبــاد ة رب ك " إذا كــانت عنــدك القـو ة‬ ‫والستطاعة أن تصوم فإن الصيام أفضل وهو سبيلك إلى الجنة وال عز وجل ل يكلف نفساً إل ما‬ ‫آتاها ورسول ال )صلي ال عليه وسـلم( يقـول ل تبغـض نفسـك عبـاد ة رب ك أي تره ق نفسـك بهـا‬ ‫حتى تسأم وتمل منها وكذلك يقول يا أيها الناس أكلفوا من العمل ما تطيقون فـإن الـ عــز وج ل ل‬ ‫يمل حتى تملوا إوان أحب العمل إلى ال عز وجل أدومه إوان قل " بمعنى أن القليل الــدائم خيــر عنــد‬ ‫ال عز وجل من الكثير المتقطع ‪ ,‬وكما قلنا إن أعمال السنة كلها ُترفع إلى ال عز وجل في شــهر‬ ‫‪66‬‬


‫شعبان وليس معنى ذلك أن يصوم الناس كل الشهر فإن رسول ال )صــلي الـ عليــه وسـلم( نهــى‬ ‫عن ذلك فعن أبي هرير ة ‪ ‬قال قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( إذا أتاك النصف من شعبان‬ ‫فامسك عن الصيام حتى يأتيك رمضان " بينما نجد أن أم المؤمنين عائشة رض ي الـ عنهــا تقــول‬ ‫ل قــط إل رمضــان وكـان أكــثر صــياماً فــي‬ ‫مــا صــام رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( شــه ارً كــام ً‬ ‫شعبان كان يصومه كله " فكيف نجمــع بيــن القــولين قولهــا وقـول أبــي هريـ ر ة إن قــول أم المــؤمنين‬ ‫بأنه كان يصوم شعبان كلــه هــو قــول مجــازي للدللــة علــى الكــثر ة ذلــك لن رس ول الـ )صــلي الـ‬ ‫عليه وسلم( كان يصوم نصف شهر شعبان ثم في النصــف الثــاني يصــوم يومـا ال ثـنيــن والخميــس‬ ‫فيكون أغلب أيـام الشــهر صــائماً حـتى إذا اقــترب رمضــان فيجــب أن نجعــل بينـه وبيـن الصــيام فــي‬ ‫ل يقول رسول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( ل يتقــدمن أحــدكم رمضــان بصــيام يــوم أو‬ ‫شعبان فاص ً‬ ‫يومين " وعن سلمان الفارسي ‪ ‬قال قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( من صــام اليــوم الــذي‬ ‫ُيشك فيه فقد عصى أبا القاسم " وهو اليوم السابق مباشـر ة لشــهر رمضــان مــن صــامه فقــد ارتكــب‬

‫معصية في حق المصطفى )صلي ال عليه وسلم( وعبد ال بن عمر ‪ ‬قـال لــو صــمت العـام كلــه‬ ‫ما صمت اليوم الذي ُيشك فيه " كان ذلك قول عبد ال بن عمر رغم أنه مهي عن صيام العــام كلــه‬ ‫لن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( قال في أقصى ما يمكن أن يصــومه المســلم هــو صــيام نــبي‬

‫ال داود عليه السلم كان يصوم يوماً ويفطر يوماً ول يفــر إذا لقــى أي إن ذلــك الصــيام ل يضــعف‬ ‫صحته ول يأخذ من قوته ‪.‬‬

‫المــــــــوت‬ ‫إن الموت أمر يصيب ال نـسان كل إنسان في تلك الحيا ة ويتعامل به كل حي والناس تعتبره ا أعظــم‬ ‫المصائب التي تصيب ال نـسان هى مصيبة الموت وفقد الحبة ويقول القائل ‪:‬‬ ‫كنت أرى الموت من بين ساعة‬

‫فكيف ببين موعده الحشر‬ ‫‪67‬‬


‫كان يرى الموت عندما يبتعد عنه حبيبه عنـدما يبتعـد عنـه صـفيه سـاعة كـان يعتبره ا موتـ اً فكيـف‬ ‫ببعد الميعاد بينه وبيـن صـفيه أن يكـون القيامــة وفـي حـديث لرس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم(‬ ‫نقلته عنه أم سلمة رضي ال عنها وأرضاها قالت قال رسول الـ )صـلي الـ عليـه وسـلم( مــا مــن‬ ‫عبد تصيبه مصيبة الموت فيقول إنا ل إوانا إليه راجعون اللهم أجرني في مصــيبتي واخلفنــي خي ـ ارً‬ ‫منهــا إل أجــره الـ عــز وج ل فــي مصــيبته وأخلفــه خيـ ارً منهــا " أي إن العبــد يطلــب مــن الـ الصــبر‬ ‫والجر فكانت إجابة ال عز وجل بأن يخلفه خي ارً مما أصابه وقد جاء في الحديث القدسي قال الـ‬ ‫عز وجل ما لعبد مؤمن عندي جـزاءاً إذا قبضــت صــفيه فاحتســبه إل الجنــة " أي إذا احتســب العبــد‬ ‫المؤمن صفيه إنسان عزيز لديه وكان ذلك الحتساب لـوجه الـ كــان ثـواب ذلـك الجنــة أي أن هــذا‬ ‫العمل من العمال التي تفتح أبواب الجنة ‪ ,‬ومصيبة الموت مدركة كل حي لن ينجو منها أحد فمــا‬ ‫نجــا منهــا أوائــل الخلــق ول الفراعنــة ول الرس ل وال نـبيــاء فــإن الـ عــز وجـل يقــول‬

‫د إِّل‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫) َ‬ ‫م ٌ‬ ‫ح ّ‬ ‫منا ُ‬

‫ل ۚ أَ َ‬ ‫من َ‬ ‫ل َ‬ ‫مسن َ​َحين َ‬ ‫ع َ‬ ‫ل ان َ‬ ‫ب‬ ‫ى أَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫قسنابِ ُ‬ ‫قْبِل ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫و َ‬ ‫مۚ َ‬ ‫ت أَْو ُقِتس َ‬ ‫منا َ‬ ‫قْد َ‬ ‫قِلس ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫قلَْبُتس ْ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫فِإن ّ‬ ‫عَلس ٰ‬ ‫س ُ‬ ‫ه الّر ُ‬ ‫سنو ٌ‬ ‫َر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ى َ‬ ‫َ‬ ‫ضّر اللّ َ‬ ‫شسسنا ِ‬ ‫عِقبَْي ِ‬ ‫كِرَحي َ‬ ‫و َ‬ ‫شْيًئنا ۗ َ‬ ‫ه َ‬ ‫جِزي اللّ ُ‬ ‫سيَ ْ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫فَلن َحيَ ُ‬ ‫علَ ٰ‬

‫( آل عمـــران ‪ 144‬ويقـــول الــ‬

‫ت َ‬ ‫خْلَد ۖ أَ َ‬ ‫من َ‬ ‫خنالِسُدوَن‪ ( .‬ال نـبيــاء ‪ 34‬ويقــول‬ ‫م اْل َ‬ ‫ج َ‬ ‫ك اْل ُ‬ ‫قْبِل َ‬ ‫عْلَننا لِبَ َ‬ ‫منا َ‬ ‫و َ‬ ‫عز وجل ) َ‬ ‫م ّ‬ ‫فِإن ِ ّ‬ ‫شٍر ِ ّ‬ ‫فُهس ُ‬

‫ال عـز وج ل ) كـل نفــس ذائقـة المـوت ثــم إلينــا ُترجعــون ‪ ( .‬العنكبــوت ‪ 57‬ويقــول الـ عـز وج ل‬ ‫ميِ ُّتنو َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ت َ‬ ‫ك َ‬ ‫)إِنّ َ‬ ‫وإِنُّهم ّ‬ ‫ميِ ّ ٌ‬

‫( الزم ر ‪ 30‬والميــت إنمــا يكــون فــي شــد ة وكـرب ولكــن مــن حــوله ل‬

‫يلحظون ذلك فإن ساعة الحتضار ساعة عصــيبة رهيبــة ل يعلمهـا إل الـذي يكابـدها وقـد عاناهـا‬ ‫ُم حـمد )صلي ال عليه وسلم( وعايشها وقال لنــا عــن بعــض مــا فيهــا وه و ســيد الوليــن والخريـن‬

‫الذي غفر ال له ما تقدم من ذنبه ومـا تــأخر ومـع ذلــك عــانى وكابــد وصـارع ســكرات المــوت وكـان‬

‫خروج روحه الطاهر ة المباركة مستمر ليام ليكون ذلك للناس عبر ة وعظة واعتبا ارً وكذلك حــتى إذا‬ ‫جاء الموت إنسان ل يظن الظنون فإن عبد ال بن عباس ‪ ‬يقول يوم الخميس وما أدراك ما يــوم‬ ‫الخميس اشتد الوجع برسول ال )صــلي الـ عليــه وسـلم( بينمــا كــان وفـاته يــوم ال ثـنيــن ممــا يــدل‬ ‫‪68‬‬


‫على أنه ظل خمسة أيام يكابد الموت ودخل عليه أبو سعيد الخدري ‪ ‬وقـال لـه يـا رس ول الـ إنـك‬ ‫توعك وعكاً شديداً فقال له ذلك ل نـي أوعك كما يوعك رجلين منكم لن لي أجرين ثم أمرهم أن يأتوه‬ ‫بسبع قرب من الماء من آبار شتى لكي تبرد عنــه الحمــى وشـد ة المـرض واللــم وأخــذ يمـد يـده فــي‬ ‫تلك المياه ويبلل بها وجهــه وه و يقــول ل إلـه إل الـ أن للمــوت ســكرات ثــم قـال بـل الرفيــق العلـى‬ ‫الرفيق العلى فقالت أم المؤمنين عائشة رضي ال عنها إذن ل يختارنا وجاءت ابنته فاطمة وهى‬ ‫تقول يا أبتاه أجاب رب دعاه إلى جبريل ننعاه يا أبتاه جنة الفردوس مأواه ‪.‬‬ ‫ويقــول الــ عــز وجــل‬

‫نو ّ‬ ‫عسسنو َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ى َربِ ّ ُ‬ ‫ل بِ ُ‬ ‫ت الّ ِ‬ ‫مْنو ِ‬ ‫فنا ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫م ُتْر َ‬ ‫ذي ُوكِّ َ‬ ‫ك اْل َ‬ ‫ل َحيَ​َت َ‬ ‫كس ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫) ُق ْ‬ ‫م ُثس ّ‬ ‫كم ّ‬ ‫م إِلَس ٰ‬ ‫مل َ ُ‬

‫(‬

‫الســجد ة ‪ 11‬وملــك المــوت هــو الــذي يقبــض الرواح ولكنــه ل يعمــل بمفــرده إنمــا معــه الكــثير مــن‬ ‫المل ئـكة الذين يعملون معه وينقادون بامره والناس كل النــاس أمــام عينيــه يــتربص بهــم المـواقيت‬ ‫فقد قال مجاهد الرض حويت كأنها طسـت أمـام ملـك المـوت يختـار منهـا مـا يشـاء – شـبه النـاس‬ ‫كأنهم في إناء كبير أمام ملك الموت ينظر إلى هذه الخل ئـق حتى إذا جــاءت المواعيــد يلتقــط الــذي‬ ‫جاء ميعاده بأمر من ال عز وجل أن يقبض روحه وجاء في حــديث جعفــر بــن محمــد ‪ ‬قــال نظــر‬ ‫رسول ال )صـلي الـ عليـه وسـلم( إلـى رج ل مـن ال نـصـار فـإذا بملـك المـوت فـوق رأسـه فقـال لـه‬ ‫رسول ال يا ملك الموت أرفق بصاحبي – هو يعرف أن في قبض الروح شد ة فطلب منه أن يترفق‬ ‫به – فقال له يا ُم حـمد طـب نفسـاً وقـر عينـاً فـإني بكـل مـؤمن رفيـق " الـ عـز وج ل أمـره أن يكـون‬

‫رفيقاً بال تـقياء ثم يقول له يا ُم حـمد ما من بيت مدر ول وبـر فـي بـر أو بحـر إل أنـي أتصـفحهم فـي‬ ‫كل يوم خمس مرات أي ينظر إلى من جاء أجله وحانت منيته ينظر إليهم في م ـواقيت الصــل ة وأنــا‬ ‫أعلم بصغيرهم وكبيرهم من أنفسهم إواني ل أقبض روح حتى يكون ال عز وجل هو المر بقبضها‬ ‫‪ ,‬وعبــد الـ بــن عبــاس ‪ ‬يقــول لملــك المــوت أعـوان ُيخرج ون الــروح مــن الجســد حــتى إذا بلغــت‬

‫الحلقوم قبضها ملك الموت " أي إن العوان من المل ئـكة ُيخرجون الروح من الجسد من كل مكان‬

‫في هذا الجسد حتى ُتستجمع عند الحلقوم وعنـدها يكـون القـابض هـو ملـك المـوت والـ عـز وج ل‬ ‫‪69‬‬


‫يقــول‬

‫) َ‬ ‫فلَْنوَل إِ َ‬ ‫ظسُرو َ‬ ‫ذا بَلَ َ‬ ‫كسن ّل‬ ‫ذ َتن ُ‬ ‫وٰلَ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ب إِلَْيس ِ‬ ‫م ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫حيَنِئس ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫م‪َ .‬‬ ‫حْلُقسنو َ‬ ‫كس ْ‬ ‫ون َ ْ‬ ‫وَأنُتس ْ‬ ‫ن أَْقسَر ُ‬ ‫حس ُ‬ ‫ت اْل ُ‬

‫صُروَن‪ ( .‬الواقعة ‪ 85-83‬يكون الناس حول الميت ول يشعرون بشــيء ممــا يجــري فــإن الـذي‬ ‫ُتْب ِ‬ ‫يحــدث أكــبر مــن العقــول والفئــد ة الــتي تحيــط بــالميت هــؤلء المل ئـكــة الــذين وكل ـوا بــذلك العمــل‬ ‫يسحبون الروح من الجسد كله من القدام ويصعدون بها ومن كل مكان بالجسد لــذلك يكــون اللــم‬ ‫شديداً أشد على ال نـسان من ضرب السيف ولكن الذي يموت بضربة الســيف نجــده ل يســتطيع أن‬ ‫يصرخ او ينطق فإن الشد ة ألجمته وجعلته كالبكم العمى ل يستطيع أن يســتغيث وبمــن يســتغيث‬ ‫فهل هناك شافع في ذلك المقام فإن أجل ال إذا جاء ل ُيؤخر أينما تكونوا يدرككم المــوت ولـو كنتــم‬ ‫في بروج مشيد ة ‪.‬‬

‫تحضر المل ئـكة وفا ة المتوفي ويكون هناك الملكان اللذان عن اليمين والشمال يراهما ال نـسان في‬ ‫ذلــك الموقـف رغ م إنهمــا يل زـم انه طـوال حيــاته وح تى ممــاته ولكنــه ل يراهمــا إل فــي هــذا الموقـف‬ ‫يقــول رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( إذا احتضــر الميــت جــاءه ملكــان يترائيــان لــه فــإن كــان‬ ‫صالحاً قال له خيـ ارً جـزاك الـ خيـ ارً إوان كـان غيـر صـالح قـال لـه ل جـزاك الـ خيـ ارً " وكـذلك هنـاك‬ ‫مل ئـكة أخرى تحضر الوفا ة فقد جاء عن أبي هرير ة ‪ ‬قال قال رسول ال )صلي ال ـ عليــه وسـلم(‬ ‫إن المل ئـكة يحضرون الميت فإن كان صـالحاً قـالوا أيتهــا النفــس الطيبـة كنــتي فـي الجســد الطيـب‬ ‫اخرجي حميد ة بحمد ال عز وجل وأبشري بروح وريحان ورب غيــر غضــبان وتظــل المل ئـكـة تكـرر‬ ‫هذا القول حتى تخرج الروح من الجسد فتأخذها وتصعد بها إلى الســماء فيقــال مــن هــذا يقــال هــذه‬ ‫روح فل نـ بــن فل نـ فتفتــح لهــا أب ـواب الســماء ويقــال لهــا ادخلــي طيبــة كنــتي فــي الجســد الطيــب‬ ‫وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان أما إن كان الميت عبد سوء والعياذ بال فــإن المل ئـكــة‬ ‫تقول أيتها النفس الخبيثة كنتي في الجسد الخبيث أخرجي ذميمة ملعونة مكروهه وأبشــري بحميــم‬ ‫وغســاق ثــم يصــعد بهــا إلــى الســماء فتغلــق أمامهــا أب ـواب الســماء فتعــود إلــى قبره ا – أرواح أهــل‬ ‫اليمــان عنــد رب العــالمين وأرواح الفســقة الظلمــة إنمــا هــى فــي قبــور أصــحابها ســاكنة مــع الــدود‬ ‫‪70‬‬


‫والنتن والعفن في القبور تتأذى بها ليل نهار لن الكفر ة الفجر ة يعانون أشد العــذاب والـ عــز وج ل‬ ‫يقول‬

‫ف ي َ‬ ‫ ى إِ​ِذ ال ّ‬ ‫منو َ‬ ‫مَلئِ َ‬ ‫ولَْنو تَ​َر ٰ‬ ‫م‬ ‫س ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫س ُ‬ ‫طنو أََْحي ِ‬ ‫ة َبنا ِ‬ ‫مْنو ِ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫جنوا َأنُف َ‬ ‫واْل َ‬ ‫ت َ‬ ‫ت اْل َ‬ ‫غ َ‬ ‫) َ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك ُ‬ ‫خِر ُ‬ ‫ظنالِ ُ‬ ‫دَحي ِ‬

‫ۖ ‪ ( .‬ال نـعام ‪ 93‬المل ئـكة يضربون جسد الكافر ويذيقونه العذاب ال لـيم وأما المـؤمن فتخـرج روح ه‬ ‫التي كانت في شد ة وتعب وكأنها رشحة بعد هذه المعانا ة تخــرج كأنهــا عطــر أثيــر بعكــس الكــافرين‬ ‫وال عز وجل يقول‬

‫نو ّ‬ ‫جسسنو َ‬ ‫ضِرُبنو َ‬ ‫ك َ‬ ‫مَلئِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ولَْنو تَ​َر ٰ‬ ‫م‬ ‫وأَْدبَسسناَر ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ة َحيَ ْ‬ ‫فى الّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫فُروا ۙ اْل َ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫ ى إِْذ َحيَ​َت َ‬ ‫) َ‬ ‫ه ْ‬ ‫هُه ْ‬ ‫ن ُو ُ‬

‫ق‪.‬‬ ‫وُذوُقنوا َ‬ ‫ب اْل َ‬ ‫عَذا َ‬ ‫َ‬ ‫حِرَحي ِ‬

‫( ال نـقــال ‪ 50‬المل ئـكــة تضــربه وكـل مــن حــوله مــن النــاس ل يســمعون‬

‫صراخه أو عويله ل نـهم غير مهيئين لهـذا المـر كـذلك خلقهـم الـ عـز وج ل بسـمع وبصــر محـدود‬ ‫يتناسب مع خلقهم وحجب عنهم تلك الخاصية وذلك أيضاً حتى ل يدخل في قلــوبهم الرع ب إن أروا‬ ‫ل فمــا‬ ‫ل أو عــاج ً‬ ‫شيئاً من ذلك ‪ ,‬وعلى كل إنسان أن يعلم أنه مواجه تلك اللحظات ل محالــة إن آج ً‬ ‫كان لواحد من الخلق أن يخلد فـي الـدنيا لـذلك يجــب أن تكــون هـذه الشــد ة ماثلــة أمـام عينيــه حــتى‬ ‫ُيحســن العمــل ليكــون مــن المــؤمنين ال تـقيــاء حــتى يــترفق بــه مل ئـكــة المــوت ‪ ,‬وع ن عبــد الـ بــن‬

‫مسعود ‪ ‬قال قال رسول ال )صلي ال عليه وسـلم( فــي قــول ال ـ عــز وجـل ) َ‬ ‫ه َأن‬ ‫ف َ‬ ‫من َُحيِرِد اللّ ُ‬ ‫ضيِ ّ ً‬ ‫جنا َ‬ ‫فسس ي‬ ‫ج َ‬ ‫ص ّ‬ ‫حَر ً‬ ‫شَر ْ‬ ‫صْدَرُه َ‬ ‫عُد ِ‬ ‫من َُحيِرْد َأن َُحي ِ‬ ‫َحيَْه ِ‬ ‫كأَنّ َ‬ ‫قنا َ‬ ‫ل َ‬ ‫و َ‬ ‫مۖ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ضل ّ ُ‬ ‫دَحيَ ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ه َحيَ ْ‬ ‫ل ْ‬ ‫ه َحيَ ْ‬ ‫منا َحيَ ّ‬ ‫سَل ِ‬ ‫صْدَرُه لِ ْ ِ‬ ‫مناِء ۚ َ‬ ‫ن َل َُحيْؤِمُننوَن‪ ( .‬ال نـعام ‪ 125‬قال رس ول الـ إذا‬ ‫س َ‬ ‫ج َ‬ ‫عَلى الّ ِ‬ ‫ذَحي َ‬ ‫ج َ‬ ‫ك ٰ َذلِ َ‬ ‫س َ‬ ‫ل اللّ ُ‬ ‫ه ال ِرّ ْ‬ ‫ك َحيَ ْ‬ ‫ال ّ‬ ‫ع ُ‬

‫ملء النور القلب اتسع وانشرح والنور نور اليمان قالوا يا رسول ال وما علمته قال ال نـابــة إلــى‬ ‫دار الخلــود والتنحــي عــن دار الغــرور " أي التطلــع إلــى الخ ـر ة ومـا يــؤدي إليهــا مــن عمــل صــالح‬ ‫ينجيه من العذاب ومن لحظات الموت الرهيبة والستعداد للموت قبل الموت فإن رسول ال )صــلي‬ ‫ل مـن النصـار يحتضـر وه و فــي شـد ة‬ ‫ال عليه وسلم( كما قال عبد ال بن عمر ‪ ‬دخل فوج د رج ً‬ ‫الموت فسأله رجل من ال نـصار وقـال يــا رس ول الـ مــن أكيــس النــاس مــن أحــزم النــاس – وأكيــس‬ ‫الناس أكثرهم ذكـ ارً للمـوت وأكـثرهم اسـتعداداً لـه – فقـال رس ول الـ هــؤلء هـم ال كـيـاس هــؤلء هـم‬

‫‪71‬‬


‫ال كـياس " ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديــد قــالوا ومـا‬ ‫جلؤها يا رسول ال قال قراء ة القرآن وذكر الموت "‬ ‫إن صدأ القلوب يجعلها ل تستقبل آيات ال ول تشعر بهـا ويقـل الحسـاس لـديها مـن طبقـة الصـدأ‬ ‫التي فوقها تغطيها أما قراء ة القـرآن وذكــر المــوت فإنهمــا يعيــدا صــفاء الســطح لهــذا القلــب فيكــون‬ ‫أكثر إحساساً وخشوعاً ل عز وجل ‪.‬‬ ‫إواذا حضر الناس وقت الموت ودخلوا على الميــت فليقولـ وا خيـ ارً فقــد علمنــا رس ول الـ )صــلي الـ‬ ‫عليه وسلم( وأوصانا فقال إذا حضرتم الميت فقولوا خي ارً فإن المل ئـكـة يؤمنـون علـى مـا تقولـون "‬ ‫وكذلك من اســتطاع أن يقـ أر فـي هــذا الموقـف ســور ة يــس فليفعـل فـإن رس ول الـ )صـلي الـ عليـه‬ ‫وسلم( يقول يس قلب القرآن ل يقرأها عبد يريد ال والدار الخر ة إل ُغ فـر له فاقرأوه ا علــى موتـاكم‬ ‫وما من ميت ُتق أر عنده يس إل هون ال عز وجل عليه " وجاء في حديث عن عبد ال بــن مســعود‬ ‫‪ ‬قـال لقنـوا موتـاكم ل إلـه إل الـ " والتلقيـن يكـون بـأن تكرره ا عنـد الـذي يحتضـر فهـو يسـمعها‬ ‫ويكررها وراءك وليس هنـاك تلقينـاً عنـد القـبر بعـد الوفـا ة إنمـا يكـون وال نـسـان يحتضـر فـإن الـذي‬ ‫يريد ال به خي ارً يكون آخر كلمه ل إله إل ال فـإن معـاذ بـن جبــل ‪ ‬يقــول أن رس ول الـ )صـلي‬ ‫ال عليه وسلم( قال من كان آخر كلمه ل إله إل ال دخل الجنة " وكذلك من التعاليم أن ُتغمض‬ ‫ل حتى تواجه القبلة ‪.‬‬ ‫عينيه وتوجهه إلى القبلة وترفع رأسه قلي ً‬ ‫إذا مات إنسان فإنه قضاء ال وقـدره وأجلــه الـذي آتـاه فـي موع ده فـإن كـل الخلـق لـو اجتمعـوا لـن‬ ‫يزيدوه نفساً واحداً ولن يحرموه نفساً واحداً إنما هو ميعاد وميقات فإذا علمنا ذلك فيجــب علينــا أن‬ ‫نصبر ونحتسب أما الذين يرفعون الصوات بالبكاء والنحيب والعويل ويقولون ما ل يجوز أن ُيقـال‬ ‫فهم على خطر عظيم وهو بمثابة اعتراض على أمر ال عز وجل وقـدره إنمــا الصــبر عنــد الصــدمة‬

‫الولى عند تلقي النبأ ويقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( أربعة في أمـتي مـن أهـل الجاهليـة‬ ‫‪72‬‬


‫ل تفــارقهن الفخــر بالحســاب والطعــن فــي ال نـســاب والستســقاء بــالنجوم والنياحــة علــى الميــت‬ ‫والنائحــة إذا لــم تتــب جــاءت يــوم القيامــة وعليهــا ســربال مــن قطـران ودرع مــن جــرب " الــتي ترف ع‬ ‫صوتها بالصراخ والتي تكشف شعرها وتفك ضفائرها وتشق ثيابهـا وتلطـم خـدودها ليسـت مـن أهـل‬ ‫السلم فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا‬ ‫بــدعو ة الجاهليــة " وعبــد الـ بــن مســعود ‪ ‬يقــول ومـا لــي ل أبـ أر ممــا بـ أر منــه ُم حـمــد عليــه أفضــل‬

‫الصــل ة والســلم فــإنه بري ء مــن الصــالقة والحالقــة والشــاقة " والصــالقة هــى الــتي ترف ع صــوتها‬

‫بالصراخ والحالقة التي تحلق شعرها جزعاً وحزناً والشاقة هى التي تشق ثيابها عنــد المصــيبة فـإن‬ ‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( بريء منهن ‪ ,‬وأم حبيبة رضي ال عنهـا بعــد مـوت أبــي ســفيان‬ ‫والدها بعد ثل ثـة أيام قالت أين الطيب والعطر وأخذت تتطيب ثم قالت وال ما لي حاجة إلـى الطيــب‬ ‫ولكني سمعت رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقـول ل يحــل لمـرأ ة تــؤمن بــال واليــوم الخـر أن‬ ‫تحد على ميت فوق ثلث إل على زوج أربعة أشهر وعش ارً " وتلك المد ة لها حكمتها حــتى ل تنكــح‬ ‫زوجاً غيره وحتى يؤدي حقوق ذلك الزوج الذي هلك ومات وما كان ذلك إل لصيانة الحقوق ‪.‬‬ ‫ليـس لل نـســان أن يتمنــى المــوت فـإن رس ول الـ )صــلي الـ عليــه وسـلم( يقـول ل يتمنيـن أحـدكم‬ ‫ل فيليقل اللهم أحيني ما كانت الحيا ة خي ارً لــي وتـوفني مــا‬ ‫الموت من ضر أصابه فإن كان لبد فاع ً‬ ‫كانت الوفا ة خي ارً لي " وقال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( لن يــدخل أحــدكم الجنــة بعملــه قــالوا‬ ‫ول أنــت يــا رس ول ال ـ قــال ول أنــا إل أن يتغمــدني ال ـ بفضــل رحمتــه فســددوا وقـاربوا وأبشــروا ول‬ ‫يتمنيـن أحـدكم المـوت رب محسـناً فلعلـه يـزداد إحسـاناً " لمـاذا ل يتمنـى أحـد المـوت فربمـا يكـون‬ ‫صالحاً فحياته تكون خي ارً يجمع فيها الثواب العظيم والجر الكثير لترتفع درجته في الجنة وأمــا إن‬ ‫كان مسيئاً فلعله في حياته يتوب إلى ال عز وجل في خل لـ حياته فيغفر لــه الـ عــز وج ل ويتــوب‬ ‫عليه فيكون من الفائزين ويكون من أهل الجنة فإن ال عــز وج ل يقبــل توبـة التــائب مــا لــم يغرغ ر‬ ‫أي لم يصل إلى حالة الحتضار وساعة الموت ‪.‬‬ ‫‪73‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.