1 بسم الله الرحمن الرحيم.-المقدمة

Page 1

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬ ‫مقدمة بقلم المؤلف‬ ‫أسنان المفتاح‬ ‫ل نتبلغ‬ ‫إن الحمد ل الذي جعل لنا ألباباً نفقه بها ‪ ,‬الحمد ل الذي أرسل إلينا رس ً‬

‫عنهم ما شاء ربنا أن يبلغنا ‪ ,‬والحمد ل الذي ختم ال ننبياء والمرسلين بخير البشر‬ ‫لكي يتم رسالته أل وهو ُم حنمد صلى ال عليه وسلم الذي علمنا كيف نعمل عقولنا في‬

‫المور كي نتدبرها ‪ ,‬ولقد جعل ال عز وجل لكل مدخل باب فمن الطبيعي أن يكون‬

‫لهذا الباب مفتاح يفتح بواسطته وليس كل مفتاح يصلح لكل باب فما الذي يجعل هذا‬ ‫المفتاح لهذا الباب دون غيره من البواب إنما هى أسنان ذلك المفتاح ‪.‬‬ ‫إوان دين السلم إنما له باب فمن فتح هذا الباب كان اليمان ومن أغلقه كان الكفر ‪,‬‬ ‫ودين السلم إنما جعل ال عز وجل لبابه مفتاح أل وهو شهادة أن ل إله إل ال‬

‫ُم حنمد رسول ال وكان المر كذلك في كل أمور دين السلم فإن للجنة باب كما قال‬

‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( من كان أخر كلمه ل إله إل ال دخل الجنة ولكن‬ ‫لكل مفتاح أسنان بدونها ل ُيفتح هذا الباب أو ذاك ‪ -‬فما هى تلك السنان في دين‬ ‫السلم ؟‬

‫عن أبي هريرة ‪ ‬قال ‪ :‬قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( اليمان بضع‬ ‫وسبعون شعبة أعلها قول ل إله إل ال وأدناها إماطة الذى عن الطريق ‪ ,‬والحياء‬ ‫شعبة من اليمان – إذن اليمان ليس فقط الفرائض الخمس من صلة وصوم وزكاة‬ ‫وحج وشهادة فتلك هى أركان السلم ولكل منها مفتاح ولكل مفتاح أسنان فكانت‬ ‫العقائد من إيمان بال ومل ئنكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره واليوم الخر إنما هى‬ ‫أسنان تلك المفاتيح ‪.‬‬ ‫ومعاذ بن جبل ‪ ‬يقول كنت عند رسول ال )صلي ال عليه وسلم( فقال لي يا معاذ‬ ‫قلت لبيك وسعديك يا رسول ال فسكت مدة ثم قال مرة اخرى يا معاذ فقلت لبيك‬ ‫ل‬ ‫وسعديك يا رسول ال – وذلك اسلوب رسول ال حتى يجذب ال ننتباه إليه كام ً‬

‫ليستقبل ما يقال له بأذن صاغية حتى يعمل به ويستوعبه – فقال له رسول ال‬

‫)صلي ال عليه وسلم( يا معاذ أتدري ما حق ال على عباده ‪ ,‬قلت ال ورسوله أعلم‬


‫قال أن يعبده ول يشرك به شيئاً ‪ ,‬ثم قال يا معاذ فقلت لبيك وسعديك يا رسول ال قال‬

‫وما تدري ما حق العباد على ال إن فعلوا ذلك قلت ال ورسوله أعلم قال أن يرضى‬ ‫عنهم فيدخلهم الجنة ‪.‬‬

‫فكانت ل إله ال أحد أسنان المفتاح الذي يفتح باب جنة رب العالمين وتلك إنما هى‬ ‫شعبة من اليمان ‪ ,‬كما أن إماطة الذى عن الطريق أحد أسنان المفتاح ل ننه شعبة‬ ‫من اليمان – فإذا رأينا أكوام من القمامة مكدسة على رؤس الطرقات وفي أحيان‬ ‫كثيرة تعوق حركة الناس على الطريق فلنعلم أن هناك نقص في اليمان لم يستكمل‬ ‫بين بعض الناس من أهل السلم ‪ ,‬وكذلك الحياء الذي هو شعبة من اليمان ولكن‬ ‫قد ضل بعض أهل السلم عنه فأصبح الحال كما نراه في دنيانا إل من رحم ال ‪.‬‬ ‫وعمر بن عبد العزيز ‪ ‬يقول إن اليمان فرائض وشرائع وحدود فمن استكملها فقد‬ ‫استكمل اليمان ‪.‬‬ ‫وأراد ال عز وجل أن يعلمنا دين السلم فأرسل جبريل عليه السلم في صورة رجل‬ ‫إلى رسول ال )صلي ال عليه وسلم( كما جاء عن أبي هريرة ‪ ‬قال ‪ :‬بينما نحن‬ ‫جلوس عند رسول ال )صلي ال عليه وسلم( إذ دخل علينا رجل شديد سواد الشعر‬ ‫شديد بياض الثياب ل ُيرى عليه أثر السفر ول يعرفه منا أحد ثم جلس إلى رسول ال‬

‫)صلي ال عليه وسلم( مسنداً ركبتيه إلى ركبتي رسول ال ثم قال يا ُم حنمد ما اليمان‬ ‫فقال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( أن تعبد ال ول تشرك به شيئاً وتؤمن بأن‬

‫ُم حنمد عبده ورسوله وبكتابه ومل ئنكته وبالقدر خيره وشره ‪ ,‬فقال له صدقت ‪ ,‬وما‬

‫السلم فقال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( أن تقيم الصلة وتؤتي الزكاة وتصوم‬

‫ل فقال صدقت ‪ ,‬ثم قال وما الحسان قال‬ ‫رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبي ً‬

‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( أن تعبد ال كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك‬ ‫فقال صدقت ‪ ,‬ثم قال ومتى الساعة فقال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ما‬

‫المسؤل بأعلم بها من السائل ومن أشراطها أن تلد المة ربتها ‪ ,‬وأن يتطاول الحفاة‬ ‫العراة رعاة الُبهم في البنيان ‪ ,‬وهى من خمس ل يعلمهن إل ال عز وجل‬

‫ه‬ ‫)إِ َّ‬ ‫ن الل َّ َ‬

‫مَعا َ‬ ‫ل اْل َ‬ ‫ذا‬ ‫سَعا َ‬ ‫مَعا ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫عدنَدُه ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َ‬ ‫مۖ َ‬ ‫ف ي اْل َْر َ‬ ‫م َ‬ ‫ث َ‬ ‫غْي َ‬ ‫ة َ‬ ‫س َّ‬ ‫م ال َّ‬ ‫حَعا ِ‬ ‫مَعا تَْدِر ي نَْف ٌ‬ ‫ويَْعلَ ُ‬ ‫وُيَدن ِزّ ُ‬ ‫عْل ُ‬ ‫س بَِأ ّ ِ َ‬ ‫ب َ‬ ‫خِبيٌر‪ ( .‬لقمان ‪34‬‬ ‫ه َ‬ ‫ت ۚ إِ َّ‬ ‫تَ ْ‬ ‫ن الل َّ َ‬ ‫ك ِ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫غًدا ۖ َ‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫متو ُ‬ ‫ض تَ ُ‬ ‫مَعا تَْدِر ي نَْف ٌ‬ ‫س ُ‬ ‫ ي أْر ٍ‬


‫ثم يقول أبو هريرة فانطلق الرجل وقد تعجبنا منه فكيف به يسأل ويصدق في ذات‬ ‫الوقت فسألنا رسول ال )صلي ال عليه وسلم( عنه فقال إن هذا جبريل جاء يعلمكم‬ ‫دينكم ‪.‬‬ ‫والبر في دين السلم إنما هى كلمة تجمع الدين كله لن ال عز وجل عندما أمر‬ ‫رسوله بالتوجه في الصلة إلى بيت المقدس كان في نفس أهل السلم شيئاً من ذلك‬ ‫ل ننهم كانوا يحبون أن تكون قبلتهم إلى بيت ال الحرام ‪ ,‬ثم كان المر من ال عز‬

‫وجل بتحويل القبلة إلى البيت الحرام وحزن اليهود وقالوا إنه ل يعلم أين يتوجه ونزل‬ ‫جتو َ‬ ‫ن اْلِب َّر‬ ‫وٰلَ ِ‬ ‫مْغِر ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ب َ‬ ‫واْل َ‬ ‫ق َ‬ ‫ل اْل َ‬ ‫م قِبَ َ‬ ‫س اْلِب َّر َأن ُت َ‬ ‫قول ال عز وجل )ل َّْي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك َّ‬ ‫توّلتوا ُو ُ‬ ‫شِر ِ‬ ‫مَلئِ َ‬ ‫ه‬ ‫ل َ‬ ‫حبِ ّ ِ‬ ‫كَتَعا ِ‬ ‫واْل ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫م اْل ِ‬ ‫ن ِبَعالل َّ ِ‬ ‫مَعا َ‬ ‫وآَت ى اْل َ‬ ‫ن َ‬ ‫وال َّدنِبِّيي َ‬ ‫ب َ‬ ‫ة َ‬ ‫واْل َ‬ ‫خِر َ‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫واْليَْتو ِ‬ ‫علَ ٰ‬ ‫ ى ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫قَعا‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫قَعا‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ف ي‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫لي‬ ‫ئ‬ ‫سَعا‬ ‫وال‬ ‫ل‬ ‫بي‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫ن‬ ‫كي‬ ‫سَعا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫ ى‬ ‫م‬ ‫تَعا‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫ ى‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و ي‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ َّ ِ ِ َ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ْ َ ٰ َ َ​َ َ ٰ َ َ َ‬ ‫ َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ذ ِ‬ ‫ْ‬ ‫عَعا َ‬ ‫م إِ َ‬ ‫متوُفتو َ‬ ‫وآَت ى ال َّز َ‬ ‫سَعاِء‬ ‫ذا َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫د ِ‬ ‫عْه ِ‬ ‫ف ي اْلبَأ َ‬ ‫صَعابِ​ِري َ‬ ‫هُدوا ۖ َ‬ ‫كَعاَة َ‬ ‫صَلَة َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال َّ‬ ‫ال َّ‬ ‫واْل ُ‬ ‫هُم اْلُم َّتُقتوَن‪ ( .‬البقرة ‪177‬‬ ‫ك ُ‬ ‫ك ال َّ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫وال َّ‬ ‫وُأوٰلَِئ َ‬ ‫صَدُقتوا ۖ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫س ۗ ُأوٰلَِئ َ‬ ‫حي َ‬ ‫ض َّراِء َ‬ ‫َ‬ ‫ن اْلبَْأ ِ‬

‫فكانت هنا كلمة البر تجمع كل بنود الخير في دين السلم ‪ ,‬فكان البر هو السمع‬ ‫والطاعة لكل ما أمر ال به ونهى عنه إذن البر هو كل شعب اليمان أن تؤمن بال‬ ‫ومل ئنكته جميعاً وكتبه ما أنزل منها على ُم حنمد وما أنزل من قبله وأن تؤمن بالرسل‬ ‫جميعاً ل تفرق بين أحد منهم ‪ ,‬فقد حملت الكلمة كل ما جاء في دين السلم‬

‫بال ننقياد لرب العالمين في كل ما أمر به ونهى عنه ‪.‬‬

‫والوفاء بالعهد من شعب اليمان لن ال عز وجل يقول‬

‫م إِ َ‬ ‫متوُفتو َ‬ ‫ذا‬ ‫ن بِ َ‬ ‫د ِ‬ ‫عْه ِ‬ ‫) َ‬ ‫ه ْ‬ ‫واْل ُ‬

‫عَعا َ‬ ‫س ۗ‪ ( .‬البقرة ‪ 177‬فكان‬ ‫َ‬ ‫و ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫وال َّ‬ ‫حي َ‬ ‫ض َّراِء َ‬ ‫سَعاِء َ‬ ‫ف ي اْلبَْأ َ‬ ‫صَعابِ​ِري َ‬ ‫هُدوا ۖ َ‬ ‫وال َّ‬ ‫ن اْلبَْأ ِ‬

‫صدق العهد مع ال عز وجل واتباع ما أمر به ونهى عنه ومن يفعل ذلك فإنه بالتالي‬ ‫يوفي عهده في كل معامل تنه في الدنيا ول يكون من الخائنين فإن كنت أميناً مع ال‬ ‫عز وجل فسوف تكون كذلك مع باقي البشر ممن تتعامل معهم ويكون ذلك بالصبر‬ ‫عليه والتمسك بتلك المانة ‪ ,‬وتلك إنما هى أحد أسنان ذلك المفتاح ‪.‬‬ ‫وقد قال أهل العلم إن تلك الية من اليات المحكمات في كتاب ال عز وجل ذلك‬ ‫ل ننها تجمع قواعد اليمان كلها أي تجمع أسنان المفتاح كلها يفتح ال بها أبواب‬ ‫السلم ومنه إلى أبواب الجنة ‪.‬‬


‫عن عبد ال بن عمر ‪ ‬قال جاء رجل إلى رسول ال )صلي ال عليه وسلم( وقال له‬ ‫يا رسول ال أي السلم خير فقال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( أن تطعم الطعام‬ ‫وتقرئ السلم ‪ -‬فكان القاء السلم على الناس من عرفت منهم ومن لم تعرف إنما‬ ‫هو من خير المور في دين السلم وهو كذلك من شعب اليمان ‪.‬‬ ‫كذلك عندما دخل رسول ال )صلي ال عليه وسلم( المدينة في أول يوم قال للناس ‪,‬‬ ‫أيها الناس أفشوا السلم وألينوا الكلم وأطعموا الطعام وصلوا الرحام وصلوا بالليل‬ ‫والناس نيام تدخلوا جنة ربكم بسلم – وقد جاء بالصلة في أخر أمر أمرنا به وسبقه‬ ‫المعاملت بين الناس بعضها وبعض فكانت كل تلك المور التي هى بصيغة المر‬ ‫من رسول ال )صلي ال عليه وسلم( إنما هى من أسنان المفتاح ‪.‬‬ ‫وعن عبد ال بن عمرو بن العاص ‪ ‬قال ‪ :‬سأل رجل رسول ال أي المسلمين خير‬ ‫فقال له من أمن المسلمون من لسانه ويده – ذلك هو خير المسلمين الذي ل يؤذي‬ ‫الناس بالقول ول بالفعل ‪.‬‬ ‫وفي حديث أخر لرسول ال )صلي ال عليه وسلم( قال ‪ :‬المسلم من سلم المسلمون‬ ‫من لسانه ويده ‪ .‬وهو نفس معنى الحديث السابق ‪.‬‬ ‫وفي حديث رواه أنس بن مالك ‪ ‬قال قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ثل ثنة‬ ‫من كن فيه وجد حل ونة اليمان أن يكون ال ورسوله أحب إليه مما سواهما ‪ ,‬وأن‬ ‫يحب المرء ل يحبه إل ل ‪ ,‬وأن يكره أن يعود للكفر كما يكره أن ُيقذف به في النار –‬

‫تلك إنما هى تعاليم وأوامر رسول ال )صلي ال عليه وسلم( للناس حتى يهديهم إلى‬ ‫أسنان المفتاح الذي يقتح لهم جنة رب العالمين ‪ ,‬فما بال الناس تغفل عن سنة‬ ‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( وعن هديه وتعاليمه فما هى إل السبيل لليمان‬ ‫الذي يؤدي إلى الجنة ‪.‬‬


‫من نعم ال عز وجل‬ ‫واْل َ‬ ‫ح ّ‬ ‫طيِر‬ ‫قَدنَعا ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫توا ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ن َ‬ ‫واْلبَِدني َ‬ ‫سَعاِء َ‬ ‫ن ال ِدنّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫يقول ال عز وجل )ُزيِ ّ َ‬ ‫ب ال َّ‬ ‫س ُ‬ ‫ن ِلل َّدنَعا ِ‬ ‫ث ۗ َٰ‬ ‫ذ َ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫م َ‬ ‫ع‬ ‫واْل َْن َ‬ ‫واْل َ‬ ‫حْر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫قدنطَ​َرِة ِ‬ ‫مَتَعا ُ‬ ‫واْلِف َّ‬ ‫ك َ‬ ‫ذل ِ َ‬ ‫واْل َ‬ ‫م َ‬ ‫ة َ‬ ‫تو َ‬ ‫م َ‬ ‫ة َ‬ ‫ب َ‬ ‫م َ‬ ‫س َّ‬ ‫عَعا ِ‬ ‫ل اْل ُ‬ ‫اْل ُ‬ ‫خْي ِ‬ ‫َ‬ ‫حَيَعاِة ال ّ‬ ‫ن ات َّ َ‬ ‫قْتوا‬ ‫كم بِ َ‬ ‫م ۚ لِل َّ ِ‬ ‫من ٰذلِ ُ‬ ‫ل أَُؤنَبِ ُّئ ُ‬ ‫مبآ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن اْل َ‬ ‫دْنَيَعا ۖ َ‬ ‫اْل َ‬ ‫والل َّ ُ‬ ‫ك ْ‬ ‫ب‪ُ .‬ق ْ‬ ‫ح ْ‬ ‫خْيٍر ِ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫عدنَدُه ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫ن‬ ‫هَر ٌ‬ ‫توا ٌ‬ ‫وِر ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫خَعالِ ِ‬ ‫جِر ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫وا ٌ‬ ‫في َ‬ ‫هَعا اْل َْن َ‬ ‫حِت َ‬ ‫ض َ‬ ‫ة َ‬ ‫وأَْز َ‬ ‫هَعا َ‬ ‫دي َ‬ ‫هَعاُر َ‬ ‫م َ‬ ‫مطَ َّ‬ ‫من تَ ْ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ج َّدنَعا ٌ‬ ‫عدنَد َربِ ّ ِ‬ ‫م َّدنَعا َ‬ ‫فَعا ْ‬ ‫ن يَُقتوُلتو َ‬ ‫وقَِدنَعا‬ ‫عَبَعاِد‪ .‬ال َّ ِ‬ ‫صيٌر ِبَعاْل ِ‬ ‫ه بَ ِ‬ ‫ن الل َّ ِ‬ ‫غِفْر لَ​َدنَعا ُذُنتوبَ​َدنَعا َ‬ ‫ن َرب ََّدنَعا إِن ََّدنَعا آ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫هۗ َ‬ ‫م َ‬ ‫والل َّ ُ‬ ‫ِّ‬ ‫واْل َ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫صَعاِد ِ‬ ‫سَتْغِفِري َ‬ ‫ن َ‬ ‫مدنِفِقي َ‬ ‫ن َ‬ ‫قَعانِ​ِتي َ‬ ‫ن َ‬ ‫قي َ‬ ‫ن َ‬ ‫صَعابِ​ِري َ‬ ‫عَذا َ‬ ‫م ْ‬ ‫وال َّ‬ ‫ب ال َّدنَعاِر‪ .‬ال َّ‬ ‫واْل ُ‬ ‫واْل ُ‬ ‫م َ‬ ‫مَلئِ َ‬ ‫ط ۚ َل‬ ‫ك ُ‬ ‫ه إِ َّل ُ‬ ‫قَعائِ ً‬ ‫ه َل إِٰلَ َ‬ ‫س ِ‬ ‫وُأوُلتو اْل ِ‬ ‫ة َ‬ ‫واْل َ‬ ‫تو َ‬ ‫ه َ‬ ‫حَعاِر‪َ .‬‬ ‫س َ‬ ‫ه أَن َّ ُ‬ ‫هَد الل َّ ُ‬ ‫مَعا ِبَعاْلِق ْ‬ ‫ِبَعاْل َ ْ‬ ‫عْل ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫م‪.‬‬ ‫تو اْل َ‬ ‫ه إِ َّل ُ‬ ‫إِٰلَ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫عِزيُز اْل َ‬ ‫ه َ‬ ‫كي ُ‬

‫( آل عمران ‪18 – 14‬‬

‫تلك النعم التي جاء ذكرها في اليات جعلها ال عز وجل مقترنة بشهوة ذلك حتى يظل‬ ‫ال ننسان يسعى للحصول عليها ويبذل كل جهد في سبيل أن ينالها ‪ ,‬وذلك من حكمة‬ ‫ال ل ننها من النعم التي تستمر بها الحياة وتستقيم أمور البشر فإن حب النساء‬ ‫يترتب عليه الذرية لعمار هذا الكون بالولد والحفاد ‪ ,‬والموال ل ننها الوسيلة‬ ‫لقضاء أمور الحياة ‪ ,‬وكل تلك النعم إنما هى متاع في الحياة الدنيا وزخرفاً لها ‪,‬‬

‫ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة‬ ‫‪ ,‬إذا نظر إليها سرته إوان أمرها أطاعته إوان أقسم عليها أبرته إوان غاب عنها حفظته‬

‫في نفسها وماله ‪.‬‬

‫وال عز وجل يقول‬

‫كم‬ ‫ج َ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ً‬ ‫ج ُ‬ ‫وا ِ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ن َأنُف ِ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ن أَْز َ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫جَعا َ‬ ‫م أَْز َ‬ ‫ع َ‬ ‫ه َ‬ ‫) َ‬ ‫والل َّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫م ْ‬ ‫كم ِ ّ‬ ‫كم ِ ّ‬

‫ت ۚ أَ َ‬ ‫وَرَز َ‬ ‫مُدنتو َ‬ ‫ح َ‬ ‫هْم يَْكُفُروَن‪.‬‬ ‫ه ُ‬ ‫ت الل َّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ُيْؤ ِ‬ ‫فِبَعاْلَبَعا ِ‬ ‫ن الط َّيِ َّبَعا ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫وبِ​ِدنْع َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫فَدًة َ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫بَِدني َ‬ ‫كم ِ ّ‬ ‫ط ِ‬

‫( النحل ‪ 72‬وقد جاء في تفسير تلك الية أن هذه من النعم التي إن لم يتعامل بها‬ ‫ال ننسان كما أراد ال عز وجل منه أن يتعامل يكون قد كفر بتلك النعمة ولم يتبع‬ ‫الحق الذي هداه ال إليه بل يكون قد اتبع الباطل وجحد بتلك النعمة ‪ ,‬ولنعلم إن هذه‬ ‫النعم ما كانت كل ما أنعم ال به على عباده لن نعم ال على عباده ل ُتعد ول ُتحصى‬ ‫ولكن تلك النعم التي ُذ كنرت إنما هى من أعظم الركائز التى تقوم عليها الحياة ‪.‬‬

‫ولننظر إلى قول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( في هذا المر ‪ ,‬فقد جاء في‬

‫حديث رواه معاذ بن عبد ال بن ُحبنيب ‪ ‬وهو من أصحاب رسول ال )صلي ال‬

‫عليه وسلم( فقال ‪ :‬خرج علينا رسول ال )صلي ال عليه وسلم( وعلى رأسه أثر‬


‫الماء وعلى وجهه السرور ‪ -‬أي خارجأً من الوضوء وكان وجهه بشوشاً – فقالوا‬

‫نراك يا رسول ال طيب النفس قال نعم ‪ ,‬ثم أخذ القوم يذكرون فضل المال والغنى‬ ‫على نفس ال ننسان ويعددون فوائده عليهم وكلها أغراض الدنيا وعندما وجد ذلك‬

‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( أراد أن يعلمهم أن المال ليس هو الساس في دين‬ ‫السلم فقال لهم ل بأس بالغنى لمن اتقى ال عز وجل والصحة خير لمن اتقى ‪.‬‬ ‫فقرن الغنى بتقوى ال عز وجل لن الغنى من غير تقوى إنما هو نقمة وليس نعمة‬ ‫على صاحبه فإنه يؤدي به إلى المفاسد ‪ ,‬لن الفاجر إن كان عنده سعة من الرزق‬ ‫والمال يكون بها ظالماً لنفسه ل ننه يقترف بها ما نهى ال عنه وقد يظلم من حوله‬

‫كذلك ‪ ,‬لذلك أراد رسول ال )صلي ال عليه وسلم( أن يعلمهم أن الغنى ل بأس به‬

‫بشرط تقوى ال عز وجل ل ننها تحفظه وتنجيه وتمنعه من أن يظلم نفسه ويهلكها أو‬ ‫يظلم الناس فيصبح الغنى وباًل عليه ‪ ,‬وكذلك بين أن نعمة الصحة هى خير من‬

‫الغنى وهى من أجل نعم ال عز وجل على عباده ‪ ,‬وأيضا طيب النفس إنما هى نعمة‬

‫من نعم ال عز وجل على عباده‪.‬‬ ‫وسلمان الفارسي ‪ ‬يقول ‪ :‬لرجل بسط ال له في الدنيا – أي كان في سعة من‬ ‫الرزق من زخرف الدنيا – ثم انتزع منه ما بين يديه فجعل يحمد ال ويثني عليه حتى‬ ‫لم يبقى له إل حصير ينام عليه ‪ ,‬وبسط لخر في الدنيا فقال لل ونل أراك تحمد ال‬ ‫وتثني عليه فعلى ما تحمد ال ؟ فقال أحمد ال وأثني عليه على ما لو أعطيته لم‬ ‫أعطي منه الخلق قال له وما ذاك قال انظر إلى بصرك وسمعك ولسانك ويديك‬ ‫ورجليك ‪ .‬فكانت تلك من النعم التي عددها ذلك الرجل تستوجب وتستحق الشكر‬ ‫والحمد ل عليها فإن ال عز وجل يقول‬

‫م َل‬ ‫من ُب ُ‬ ‫هَعاتِ ُ‬ ‫طتو ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫م َ‬ ‫خَر َ‬ ‫) َ‬ ‫والل َّ ُ‬ ‫ك ْ‬ ‫ه أَ ْ‬ ‫ن ُأ َّ‬ ‫كم ِ ّ‬

‫كُرو َ‬ ‫متو َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫واْل َْفِئَدَة ۙ لَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ج َ‬ ‫ش ُ‬ ‫عل َّ ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫صَعاَر َ‬ ‫واْل َْب َ‬ ‫ع َ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫شْيًئَعا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫س ْ‬ ‫م ال َّ‬ ‫ك ُ‬ ‫تَْعلَ ُ‬

‫( النحل‬

‫‪78‬‬ ‫ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول في حديث له ‪ :‬نعمتان مخبون فيهما كثير‬ ‫من الناس – أي يظلم أكثر الناس أنفسهم في هاتين النعمتين – الصحة والفراغ ‪.‬‬ ‫ونعمة الصحة التي أنعم ال بها على الناس ل يعلم قدرها إل المرضى‪ ,‬وقد قيل إن‬ ‫الصحة تاج على رؤوس الصحاء ل يراه إل المرضى ‪ ,‬وذلك لن الصحيح ل يقدر‬


‫تلك النعمة إل عندما ُتنتزع منه عندها يعلم ما كان به من نعمة ‪ ,‬وتلك الصحة جعلها‬ ‫ال عز وجل بسبب الطعام والشراب إذ يقول ال عز وجل )أَ َ‬ ‫حُرُثتو َ‬ ‫م‬ ‫ن‪ .‬أَ​َأنُت ْ‬ ‫مَعا تَ ْ‬ ‫فَرأَْيُتم َّ‬ ‫مَعا َ‬ ‫ح َ‬ ‫كُهتو َ‬ ‫م تَ َ‬ ‫عتو َ‬ ‫ن‪ .‬إِ َّنَعا‬ ‫ف َّ‬ ‫ج َ‬ ‫طَعا ً‬ ‫ن ال َّزاِر ُ‬ ‫تَْزَر ُ‬ ‫شَعاُء لَ َ‬ ‫ن‪ .‬لَْتو نَ َ‬ ‫عتونَ ُ‬ ‫فظَْلُت ْ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫ه أَ ْ‬ ‫عْلَدنَعاُه ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ن‪ .‬أَ َ‬ ‫شَرُبتو َ‬ ‫متو َ‬ ‫متو َ‬ ‫ن‬ ‫متوُه ِ‬ ‫مَعاَء ال َّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫م اْل َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن‪ .‬أَ​َأنُت ْ‬ ‫ذ ي تَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫ن‪ .‬بَ ْ‬ ‫م َأنَزْلُت ُ‬ ‫فَرأَْيُت ُ‬ ‫حُرو ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫مْغَر ُ‬ ‫لَ ُ‬ ‫جَعا َ‬ ‫مدنِزُلتو َ‬ ‫شُكُروَن‪ ( .‬الواقعة ‪63‬‬ ‫ج َ‬ ‫جَعا ً‬ ‫مْز ِ‬ ‫عْلَدنَعاُه ُأ َ‬ ‫شَعاُء َ‬ ‫ن‪ .‬لَْتو نَ َ‬ ‫فلَْتوَل تَ ْ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ن اْل ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫اْل ُ‬

‫ ‪70‬‬‫إن تلك النعم يجب شكر ال عليها فإن الشكر يجلب الزيادة في النعمة والبركة فيها‬ ‫ويمنع زوالها أو النقص فيها ‪ ,‬وقد جعل ال عز وجل في فطرة الناس ما يجعلهم‬ ‫يشتهون الطعام والشراب ولول ذلك ل كنل ال ننسان الطعام وهو على مضض ولستهان‬ ‫به وأيضاً جعل البصر حتى يرى الطيب من الطعام فيأكله ويرى الخبيث فيمتنع عنه‬ ‫ويرى الناضج من غيره ‪ ,‬وركب في ال ننسان نعمة الشم حتى إن ال ننسان يشتهى‬

‫الطعام الطيب من مجرد الشم وكذلك التذوق فهو من نعم ال حتى يشتهي ال ننسان‬ ‫كل ما هو طيب من الطعام والشراب وتلك النعم التي ركبها ال في ال ننسان إنما تجعله‬ ‫يطلب الطعام والشراب ويبحث عنه ويشتهيه حتى تستقيم به صحته وتستمر به حياته‬ ‫أفل يستحق كل ذلك الشكر ؟‬ ‫وقد روي عن أمير المؤمنين هارون الرشيد ذلك المير الُم فنترى على سيرته وهو‬

‫الذي كان من أتقى الناس في زمانه ول نزكي على ال أحداً ولكننا نحسبه كذلك وهو‬ ‫الذي ملك الدنيا بأثرها وكانت مملكته مترامية الطراف من أقصاها إلى أدناها إل‬

‫اليسير من دول أوروبا ‪ ,‬ذلك الحاكم المسلم العاقل الحكيم كان أمامه كوب من الماء‬ ‫فسأله رجل كان يجلس معه أرأيت يا أمير المؤمنين إن ُم ننع عنك ذلك الكوب من‬

‫الماء إل بمملكتك كلها ؟ قال أفتديه بها – وذلك جواب العاقل من الناس ‪ -‬ثم بعد‬

‫أن شرب وارتوى قال له الرجل أرأيت إن ُم ننع عنك إخراج هذا الماء من جسدك إل‬

‫بمملكتك كلها ؟ قال أفتديه بها – وذلك جواب الحكيم من الناس – لن تلك النعمة من‬ ‫النعم التي ل يشعر بها ول يعرف قدرها كثير من الناس إذ أن شرب الماء ضروري‬ ‫لحياة الناس وبنفس القدر خروجه ضروري وذلك من نعم ال الخفية ولو لم يخرج‬ ‫لكان زيادة في الجسم وتسبب في اعتل لن الصحة لما يحويه من سموم يتخلص منها‬


‫الجسد بهذا الخراج ‪ ,‬فكانت مملكة الرشيد كلها تساوي شربة ماء وكذلك مملكته‬ ‫كلها تساوي خروج ذلك الماء – فقال له الرجل يا أمير المؤمنين إن مملكتك بكل ما‬ ‫فيها ل تساوي شربة ماء ‪.‬‬ ‫لذلك فإن ال ننسان ل يستطيع أن يفي ال حقه حمداً وشك ارً على تلك النعمة وحدها‬

‫فما بالنا نرى كثير من الناس ل تحمد ال على نعمه وتستهين بها وتعتقد بقدرتهم في‬ ‫الحصول عليها طالما ملكوا اليسير من الموال أو الكثير منها وذلك إنما هو كفر‬ ‫بنعمة ال وجحوداً بها ومنهم من يظن أنه مستغنياً عن ال عز وجل وال هو الرزاق‬

‫وهو الغني الحميد وهو القاهر فوق عباده ‪ ,‬إنما أولئك هم الجهلء من الناس الذين‬ ‫ل يعقلون ول يفقهون ‪.‬‬ ‫وكما أن الصحة من نعم ال عز وجل كذلك المرض هو من نعم ال عز وجل ولكن‬

‫كيف يكون ذلك والمرض هو نقيض الصحة هل يتمنى ال ننسان المرض كل وال إنما‬ ‫المرض هو من نعم ال الخفية التي ل يصل إليها إل عقول القليل من الناس فإن‬ ‫المرض الذي هو غم وهم على صاحبه جعله ال عز وجل إن كان من أصيب به‬ ‫صاب ارً محتسباً مؤمناً بأن ما أصابه بإرادة ال عز وجل وحده مغفرة ورحمة ‪ ,‬فإن‬

‫شداد بن أوس ‪ ‬عاد صاحبي من صحابة رسول ال )صلي ال عليه وسلم( كان‬

‫مريضاً فقال له كيف أصبحت قال أصبحت بنعمة من ال – ذلك المريض أثنى على‬ ‫ال عز وجل – فقال له شداد بن أوس أبشر بكفارات السيئات وحط الخطايا ‪ .‬وأي‬

‫نعمة هذه لذلك ينبغي علينا أن نحمد ال عليها فإن في تلك البشرى تخفيف من ألم‬ ‫المرض وعلج نفسي ل يستطيعه أعظم أطباء النفس ولكنه العلج الرباني في دين‬ ‫السلم ول يصل إليه إل المؤمن العاقل الذي يعلم قدر ال عز وجل ونعمته ‪ ,‬ثم قال‬ ‫شداد بن أوس إني سمعت رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول قال ال عز وجل‬ ‫إني إذا ابتليت عبداً من عبادي مؤمناً فحمدني على ما ابتليته به إل قام من مضجعه‬ ‫كيوم ولدته أمه من الخطايا ‪ .‬وذلك إنما هو قول ال عز وجل في عباده المريض‬

‫منهم ولكن بشرط أن يكون مؤمناً بقدر ال وليس على ضجر أو يأس من مرضه ‪ ,‬ثم‬ ‫يقول ال عز وجل أنا الذي قيدت عبدي وابتليته فأجروا له ما كان منه وهو صحيح‬

‫من العمل – أي يكتبوا له أجر ما كان يقوم به من العمل الصالح وهو صحيح في‬


‫بدنه ل ينقص منه شئ ‪ .‬أليس ذلك كله نعمة من ال عز وجل تستحق الشكر‬ ‫والحمد ليل نهار في الصحة والمرض ؟‬


‫المعصية وزوال النعم‬ ‫اللهم صل وسلم على ُم حنمد بن عبد ال الرحمة المهداة والنعمة المعطاة الذي أرسله‬

‫ربه بالحق بشي ارً ونذي ار ليخرج الناس كافة من الظلمات إلى النور ‪ ,‬اللهم صل وسلم‬

‫صلة دائمة أبداً على خير خلق ال كلهم ‪.‬‬

‫اللهم صل وسلم عليك يا رسول ال يا من دخل عليك عمر بن الخطاب ‪ ‬وأنت نائم‬

‫فوجدك تنام على حصير وقد أثر في جنبك فقال يا رسول ال كسرى وقيصر يرفلون‬ ‫في الحرير وأنت تنام على حصير فقلت إنما هؤلء يا عمر عجل ال لهم طيباتهم في‬ ‫حياتهم الدنيا ‪.‬‬ ‫ويا من دخل عليك في يوم من اليام عبد ال بن مسعود ‪ ‬فوجدك تنام على الحصير‬ ‫فقال يا رسول ال إإذن لنا فنجعل لك عليه شيئاً فقلت يا عبد ال ما لي والدنيا إن‬

‫مثلي والدنيا كمثل رجل استظل تحت ظل شجرة ثم سار وتركها ‪.‬‬

‫فقد كانت الدنيا عند رسول ال )صلي ال عليه وسلم( كمثل الشجرة التي قد يجدها‬ ‫المسافر في طريقه فيستظل بها قد ارً يسي ارً ثم يتركها ول يعود إليها ‪.‬‬

‫إن ال عز وجل إذا أنعم على عبده بنعمة يحب من هذا العبد أن يذكر ما أنعم ال عز‬ ‫وجل عليه وأن يتعامل بها كما أراد ال أن تكون له تلك النعمة وما أمره أن يتعامل‬ ‫فيها وبها ‪ ,‬أما إذا عمل بها ما يناقض أمر ال إوارادته فيها فإن ال عز وجل يسلب‬

‫منه تلك النعمة ‪ ,‬وال عز وجل يقول‬

‫ك ّ‬ ‫هَعا‬ ‫ل َ‬ ‫عن ن َّْف ِ‬ ‫م تَْأِت ي ُ‬ ‫س َ‬ ‫س ُت َ‬ ‫)يَْتو َ‬ ‫جَعاِد ُ‬ ‫ل نَْف ٍ‬

‫مَدن ً‬ ‫قْريَ ً‬ ‫مَثًل َ‬ ‫تو َّ‬ ‫م َل ُي ْ‬ ‫متو َ‬ ‫ة َ‬ ‫ك ّ‬ ‫ة‬ ‫و ُ‬ ‫مَعا َ‬ ‫و َ‬ ‫تآ ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ ى ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫ت َ‬ ‫وُت َ‬ ‫َ‬ ‫ب الل َّ ُ‬ ‫كَعانَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫مل َ ْ‬ ‫س َّ‬ ‫ف ٰ‬ ‫ظل َ ُ‬ ‫ل نَْف ٍ‬ ‫مِئ َّدن ً‬ ‫ذا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن َ‬ ‫فأَ َ‬ ‫هَعا َر َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬ ‫س‬ ‫م الل َّ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ت بِأَْن ُ‬ ‫كَعا ٍ‬ ‫ق َ‬ ‫هَعا ِرْزُق َ‬ ‫ة يَْأِتي َ‬ ‫ه لَِبَعا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ط َ‬ ‫هَعا الل َّ ُ‬ ‫فَر ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫ك ِّ‬ ‫غًدا ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك َّ‬ ‫ول َ َ‬ ‫عتو َ‬ ‫مف َ‬ ‫مَعا َ‬ ‫م‬ ‫خَذ ُ‬ ‫جَعاَء ُ‬ ‫واْل َ‬ ‫خْتو ِ‬ ‫صَدن ُ‬ ‫ذُبتوُه فأ َ‬ ‫قْد َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫ف بِ َ‬ ‫جتوعِ َ‬ ‫مْدنُه ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫كَعاُنتوا يَ ْ‬ ‫ل ِّ‬ ‫ه ُ‬ ‫ستو ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫اْل ُ‬ ‫م َ‬ ‫ظَعالُِمتوَن‪ ( .‬النحل ‪ 113-111‬يضرب ال عز وجل ذلك المثل لكل‬ ‫و ُ‬ ‫اْل َ‬ ‫ب َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عَذا ُ‬

‫قرية ولكل مدينة ودولة فقد أنعم ال على تلك القرية بوافر النعم وأنزل عليهم الطيبات‬ ‫وأمدهم بالموال والثمار وجعل فيها ال ننهار فماذا صنع أهلها إنما كفروا بال عز وجل‬ ‫وارتكبوا المعاصي والذنوب فما كان جزاءهم إل أن أذاقهم ال الجوع والخوف وتلك‬ ‫كانت العقوبة بما صنعوا ‪ ,‬وقال أهل التفسير والعلم في تلك اليات أنها نزلت في مكة‬ ‫حينما كانت ترتع في الثراء والنعيم وتأتيهم الثمار من كل أنحاء العالم ثم عندما جاء‬


‫ُم حنمد )صلي ال عليه وسلم( إنما كفروا وكذبوا وحاربوه وناصبوه العداء فقال رسول‬ ‫ال )صلي ال عليه وسلم( اللهم اجعلها عليهم كسنين يوسف فأصابهم الجوع‬

‫والعطش حتى أنهم كانوا يأكلون الجلود وأوراق الشجر سبع سنين حتى أروا كأن‬ ‫الدخان يخرج من بلدهم ‪ ,‬كان ذلك في حق مكة التي كانت عندما كفر أهلها بأنعم‬ ‫ال فسلبت منهم كل تلك النعم وعندما آمنوا وصدقوا أعاد ال عز وجل عليهم النعم‬ ‫ورد إليهم الخيرات ‪ ,‬كما قال بعض أهل التفسير إنها في حق المدينة عندما خرج من‬ ‫خرج منها على عثمان بن عفان ‪ ‬وقتلوه ‪ ,‬وأي كانت تلك القرية إنما هى مضرباً‬ ‫للمثل ينطبق على كل فرد أو قرية أو مدينة إلى قيام الساعة فإن ال عز وجل إذا‬

‫أنعم على عباده بنعمة فإن عليهم أن يتعاملوا بها فيما أمرهم ال عز وجل وأن ل‬ ‫يعصوا ال بها حتى ل يكون جزاؤهم مثل ما أصاب تلك القرية ‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ج َ‬ ‫ن ِ‬ ‫د ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫مَعا َ‬ ‫ه َ‬ ‫عْلَدنَعا ِل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫وكذلك يقول ال عز وجل ) َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضِر ْ‬ ‫ب لَُهم َّ‬ ‫مَثًل َّر ُ‬ ‫ج َّدنَتْي ِ‬ ‫جلَْي ِ‬ ‫مَعا َزْر ً‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ظِلم‬ ‫ج َ‬ ‫مَعا بَِدن ْ‬ ‫فْفَدنَعا ُ‬ ‫أَ ْ‬ ‫ت ُأ ُ‬ ‫عَعا‪ِ .‬‬ ‫عَدنَعا ٍ‬ ‫كلَ َ‬ ‫هَعا َ‬ ‫كْلَتَعا اْل َ‬ ‫عْلَدنَعا بَْيَدنُه َ‬ ‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫ه َ‬ ‫و َ‬ ‫ب َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ن آت َ ْ‬ ‫ج َّدنَتْي ِ‬ ‫خ ٍ‬

‫مٌر َ‬ ‫و َ‬ ‫ف َ‬ ‫كَعا َ‬ ‫و َ‬ ‫وُرُه أَ​َنَعا أَْكَثُر‬ ‫و ُ‬ ‫حِب ِ‬ ‫صَعا ِ‬ ‫جْرَنَعا ِ‬ ‫مَعا نَ َ‬ ‫تو ُي َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل لِ َ‬ ‫قَعا َ‬ ‫ه ثَ َ‬ ‫هًرا‪َ .‬‬ ‫خَللَُه َ‬ ‫شْيًئَعا ۚ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫مْدن ُ‬ ‫ف َّ‬ ‫ِّ‬ ‫حَعا ِ‬ ‫د َٰ‬ ‫ه َ‬ ‫تو َ‬ ‫عّز نَ َ‬ ‫ظ ّ‬ ‫ذِه‬ ‫مَعا أَ ُ‬ ‫و ُ‬ ‫وأ َ َ‬ ‫ن َأن تَِبي َ‬ ‫و َ‬ ‫ه ِ‬ ‫س ِ‬ ‫م لِ َّدنْف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل َ‬ ‫قَعا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل َ‬ ‫خ َ‬ ‫د َ‬ ‫فًرا‪َ .‬‬ ‫مَعاًل َ‬ ‫ك َ‬ ‫مدن َ‬ ‫ج َّدنَت ُ‬ ‫ظَعالِ ٌ‬

‫م ً‬ ‫ة َ‬ ‫ع َ‬ ‫ولَِئن ّرِدد ّ‬ ‫ظ ّ‬ ‫خْيًرا ِّمْدنَهَعا ُمدنَقلًَبَعا‪( .‬‬ ‫جَد َّ‬ ‫سَعا َ‬ ‫مَعا أَ ُ‬ ‫ ى َرِّب ي َل َ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ة َ‬ ‫قَعائِ َ‬ ‫و َ‬ ‫أَبًَدا ‪َ .‬‬ ‫ن ال َّ‬ ‫ت إِلَ ٰ‬

‫الكهف ‪ 36-32‬ذلك المثل ضربه ال عز وجل لنا وكما قال أهل التفسير إن المعني‬ ‫في الية صاحب الجنة رجل اسمه السود بن عبد السد وكان الرجل المؤمن هو أبو‬ ‫سلمة ‪ ,‬وفي أقوال أخرى أن صاحب الجنتين هو قرقوش والمؤمن هو يهوذا من بني‬ ‫اسرائيل ولكن ل تعنينا السماء كثي ارً ونتأمل في الصورة التي رسمها ال عز وجل في‬

‫كتابه العزيز صورة توضح مدى القوة والمنعة والغنى الذي كان عليه صاحب الجنتين‬ ‫وما بهما من ثمار ووما يتخللها من أنهار تسقي الجنتان فل حاجة إلى مطر لسقيها‬ ‫وبين العنب والنخل زروع مما يأكل منها الناس طوال العام حيث أن العنب والنخل‬ ‫تثمر في وقت معين أي كل حين بينما ما بينهما من زروع تثمر طوال العام ‪ ,‬بينما‬

‫الرجل المؤمن وقد كان له ميراث يعادل ما ورثه صاحب الجنتين إل أنه اشتغل بنصفه‬ ‫في التجارة ليبلغه حاجته من المال والنصف الخر استعمله في الصدقات على الفقراء‬ ‫وفي سبيل ال من أوجه البر والحسان وعندما استدعاه صاحب الجنتين وقال له لو‬


‫فعلت مثلي لبقيت لك أموالك وكان لك مثل هاتين الجنتين ودخل جنته وهو ظالم‬ ‫لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا فهو قد أنكر قدرة ال عليه وعلى جنته ثم تعاظم‬ ‫أثمه فأنكر اليوم الخر والبعث والحساب وقيام الساعة من أساسه ثم تمادى في‬ ‫الجبروت والكبر وقال على فرض أن هناك بعث وقيامة لكان له فيها مثل ما كان له‬ ‫في الدنيا – وكان ذلك القول مثل قول العاص بن وائل لخباب بن الرت ‪ ‬عندما‬ ‫ذهب إليه يطلب منه ماًل كان له عنده فقال له لن أعطيك مالك حتى تترك ُم حنمد فقال‬

‫له خباب وال لن أترك ُم حنمد حتى تموت ثم ُتبعث فقال له العاص أفأنا مبعوث إذا مت‬ ‫فحينها سيكون لي مالً وولداً فأعطيك مالك ‪ ,‬وذلك الذي نزل فيه قول ال عز وجل‬

‫ل َُ‬ ‫و َ‬ ‫)أ َ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ع اْل َ‬ ‫ذ ي َ‬ ‫عدنَد‬ ‫م ات َّ َ‬ ‫ولًَدا‪ .‬أَط َّلَ َ‬ ‫ذ ِ‬ ‫ت ال َّ ِ‬ ‫غْي َ‬ ‫و َ‬ ‫مَعاًل َ‬ ‫ن َ‬ ‫قَعا َ‬ ‫فَر ِببآَيَعاتَِدنَعا َ‬ ‫فَرأَْي َ‬ ‫لوتَيَ َّ‬ ‫ب أَ ِ‬ ‫ح َٰ‬ ‫م ّ‬ ‫عْهًدا‪َ .‬‬ ‫ل‬ ‫ن اْل َ‬ ‫سَدن ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عَذا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه َ‬ ‫دا‪َ .‬‬ ‫ب َ‬ ‫م َ‬ ‫ل َ‬ ‫ب َ‬ ‫ك َّل ۚ َ‬ ‫ونَِرُث ُ‬ ‫م ًّ‬ ‫د لَ ُ‬ ‫ال َّر ْ‬ ‫مَعا يَُقتو ُ‬ ‫ون َ ُ‬ ‫مَعا يَُقتو ُ‬ ‫كُت ُ‬ ‫م ِ‬

‫َويَْأِتيَدنَعا َفْرًدا‪ ( .‬مريم ‪ 80 – 77‬وكان ذلك هو رد ال عز وجل على هذا الذي كفر –‬ ‫كذلك كان رد الرجل المؤمن على صاحب الجنتين أن قال له كما جاء في كتاب ال عز‬ ‫وجل‬

‫) َ‬ ‫من ن ّ ْ‬ ‫ط َ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ك َ‬ ‫وُرُه أَ َ‬ ‫م‬ ‫و ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫ت ِبَعال َّ ِ‬ ‫صَعا ِ‬ ‫ف ٍ‬ ‫من ُتَرا ٍ‬ ‫ق َ‬ ‫ذ ي َ‬ ‫فْر َ‬ ‫تو ُي َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫قَعا َ‬ ‫حُب ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ة ُث َّ‬ ‫ب ُث َّ‬ ‫حَعا ِ‬

‫ك َرُجًل‪ ( .‬الكهف ‪ . 37‬فقد رد عليه حجته بأن ذكر له فضل ال الذي أوجده‬ ‫توا َ‬ ‫َ‬ ‫س َّ‬ ‫ل في تلك الحياه ولوله ما كان له وجود من العدم ووهبه ذلك المال الذي يغتر به‬ ‫أص ً‬

‫وتلك الصحة وتلك الذرية ثم ذكره بأن خلقه كان من الطين الذي يطأه بقدماه وكل تلك‬ ‫النعم هو لم يؤدي شكرها ل عز وجل – إواذا نظر وتمعن ال ننسان في خلقه ما تكبر‬

‫وما اغتر بنفسه وبقدرته فإن بداية خلقه من نطفة من مني يمنى الذي إذا اصابه‬

‫منه شيئ اغتسل منه وتطهر ‪ ,‬وبعد ذلك ينظر إلى مماته إوالى أي مكان يذهب وأين‬ ‫ُيدفن إوالى أي مآل يصير عليه ذلك الجسد الذي يتباهى به في حياته ‪ ,‬لوأمعن‬

‫ال ننسان النظر في ذلك لسجد ل شك ارً طوال حياته حتى مماته – ثم أكمل الرجل‬

‫َ‬ ‫ولَْتوَل‬ ‫ك َّدنَعا ُ‬ ‫المؤمن وذكر فضل ال عليه فقال )ٰل ّ ِ‬ ‫حًدا‪َ .‬‬ ‫ك بَِرِّب ي أَ َ‬ ‫ه َرِّب ي َ‬ ‫ه َ‬ ‫تو الل َّ ُ‬ ‫وَل ُأ ْ‬ ‫شِر ُ‬ ‫ن أَ​َنَعا أَ َ‬ ‫ولًَدا‪.‬‬ ‫إِْذ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ه ۚ ِإن تَ​َر ِ‬ ‫توَة إِ َّل ِبَعالل َّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫مَعاًل َ‬ ‫ك َ‬ ‫مدن َ‬ ‫مَعا َ‬ ‫ت َ‬ ‫ك ُقْل َ‬ ‫ج َّدنَت َ‬ ‫ت َ‬ ‫خْل َ‬ ‫د َ‬ ‫شَعاَء الل َّ ُ‬ ‫ق َّ‬ ‫ه َل ُق َّ‬ ‫َ‬ ‫مَعاِء‬ ‫ل َ‬ ‫ف َ‬ ‫وُيْر ِ‬ ‫علَْي َ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫ك َ‬ ‫ج َّدنِت َ‬ ‫من َ‬ ‫ن َ‬ ‫ع َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫سَبَعاًنَعا ِ ّ‬ ‫خْيًرا ِ ّ‬ ‫س ٰ‬ ‫هَعا ُ‬ ‫ ى َرِّب ي َأن ُيْؤتِيَ ِ‬ ‫عيًدا َزلَ ً‬ ‫غْتوًرا َ‬ ‫َ‬ ‫هَعا َ‬ ‫مَعاُؤ َ‬ ‫ه طَلًَبَعا‪.‬‬ ‫طي َ‬ ‫صِب َ‬ ‫صِب َ‬ ‫سَت ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ح َ‬ ‫ع لَ ُ‬ ‫فَلن تَ ْ‬ ‫قَعا‪ .‬أَْو ُي ْ‬ ‫فُت ْ‬

‫( الكهف ‪38‬‬

‫‪ 41‬هو يعبد ال ويتقيه ويشكره على كل ما أنعم ال به عليه من نعم حتى إوان‬‫كانت قليلة ويكون الشكر بقول ما شاء ال ل قوة إل بال فقد اقترن الشكر بالقرار‬


‫بأن المنعم بهذا الفضل هو ال عز وجل وحده ويكون قد رد الفضل إلى صاحب‬ ‫الفضل وليس لنفسه أو لي أحد سواه ‪.‬‬ ‫وفي حديث رواه أبو هريرة ‪ ‬قال ‪ :‬قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( من قال ما‬ ‫شاء ال ل قوة إل بال فإن ال عز وجل يقول قف يا عبدي واستلم فإنك قد أسلمت‬ ‫واستسلمت ل عز وجل ‪.‬‬ ‫وقال أنس بن مالك ‪ ‬قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( إذا رأى العبد ما أنعم‬ ‫ال عز وجل عليه به من مال أوطعام أو ولد فقال ما شاء ال ل قوة إل بال لم تصبه‬ ‫فيه أفة إل الموت ‪ .‬أي ل يصيب تلك النعمة عطب ول عيب يظهر فيها إل الموت‬ ‫مِرِه َ‬ ‫ح‬ ‫صبَ َ‬ ‫وُأ ِ‬ ‫حيطَ بَِث َ‬ ‫فإنه حق على كل حي ‪ .‬وتكتمل الصورة بقول ال عز وجل ) َ‬ ‫فَأ ْ‬ ‫مَعا َأن َ‬ ‫ُي َ‬ ‫ب َ‬ ‫م‬ ‫ة َ‬ ‫وي َ ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫ك َّ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫فْي ِ‬ ‫ ى ُ‬ ‫ش َ‬ ‫في َ‬ ‫هَعا َ‬ ‫ ي َ‬ ‫هَعا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ ى َ‬ ‫ل َيَعا لَْيَتِدن ي لَ ْ‬ ‫علَ ٰ‬ ‫علَ ٰ‬ ‫ويَُقتو ُ‬ ‫ق ِل ّ ُ‬ ‫خَعا ِ‬ ‫ه َ‬

‫خْيٌر ُعْقًبَعا‪ ( .‬الكهف‬ ‫قِ ۚ ُ‬ ‫توَليَ ُ‬ ‫حًدا‪ُ .‬‬ ‫ة لِل َّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫تواًبَعا َ‬ ‫خْيٌر ثَ َ‬ ‫تو َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه اْل َ‬ ‫ك اْل َ‬ ‫هَدنَعالِ َ‬ ‫ك بَِرِّب ي أَ َ‬ ‫شِر ْ‬ ‫ُأ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫‪ 44 – 42‬فكانت تلك عاقبة كفره بال عز وجل إوانكاره لنعمة ال وفضله بأن نزع‬

‫ال منه تلك النعم أمام عينيه وأمام ناظره بأن كف عنها السباب التي أدت إلى‬

‫وجودها وذلك حتى تكون حصرته أشد وعذابه أنكى وليعلم أن ال فعال لما يريد ‪.‬‬ ‫إن الذي ل يشكر نعمة ال ول يعترف بفضله فيها بل وينسبها إلى نفسه إوالى عرقه‬

‫وكده وتعبه ومجهوده وعقله الراجح فذلك الذي يكفر بنعمة ال عز وجل لن كل ما‬

‫أدى إلى وجودها إنما هو هبة من ال له سواء كان مال أو عقل أو صحة ليكد ويجهد‬ ‫بها وما كل ذلك بكاف إل بتوفيق من ال عز وجل وبإرادته وحده ل شئ سواها ‪.‬‬ ‫كذلك كان هناك رجل من بني اسرائيل هو قارون وكان ابن عم نبي ال موسى عليه‬ ‫السلم وكان عنده علم كثير من علوم الدنيا مثل علم الكمياء يستعمله في صناعة أو‬ ‫تجارة تجلب عليه الموال الطائلة والنعيم المقيم إنما ذلك الرجل نسب كل تلك النعم‬ ‫إلى نفسه إوالى العلم الذي عنده ‪ -‬وفي بعض السرائيليات أنه كان يحول التراب إلى‬ ‫ذهب وما كان هذا صحيحاً لن إرادة ال في خلقه أل يتحول شئ إلى شئ إوانما تعود‬ ‫العناصر إلى أصلها التي خلقها ال عليها فل يتحول التراب إلى ذهب إل إذا كان‬

‫ل‬ ‫ل به فينقى عنصر الذهب من التراب إذن هى مسألة فصل للعناصر ك ً‬ ‫مخلوطاً أص ً‬

‫على حده فكان طالبها من غير معدنها ل يصيب إل ضياع العمر في التجربة والتعب‬


‫ ى َ‬ ‫من َ‬ ‫ن َ‬ ‫كَعا َ‬ ‫قَعاُرو َ‬ ‫فبَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مۖ‬ ‫ ى َ‬ ‫_ وال عز وجل يقول في قارون )إِ َّ‬ ‫ن ِ‬ ‫متو َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قْتو ِ‬ ‫غ ٰ‬ ‫س ٰ‬ ‫م ُ‬ ‫علَْي ِ‬ ‫ه َ‬ ‫توِة إِْذ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه َل‬ ‫مَعا إِ َّ‬ ‫صبَ ِ‬ ‫ن اْل ُ‬ ‫وآتَْيَدنَعاُه ِ‬ ‫ه لَ​َتُدنتوُء ِبَعاْل ُ‬ ‫قَعا َ‬ ‫فَعاتِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫كُدنتوِز َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫م ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ة ُأوِل ي اْلُق َّ‬ ‫قْتو ُ‬ ‫ب اْل َ‬ ‫ح ّ‬ ‫س‬ ‫ح ۖ إِ َّ‬ ‫ن الل َّ َ‬ ‫تَْفَر ْ‬ ‫داَر اْل ِ‬ ‫واْبَتغِ ِ‬ ‫فِر ِ‬ ‫ه َل ُي ِ‬ ‫ه ال َّ‬ ‫وَل َتدن َ‬ ‫خَرَة ۖ َ‬ ‫مَعا آَتَعا َ‬ ‫في َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫حي َ‬ ‫ك الل َّ ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫وَل تَْبغِ اْل َ‬ ‫سن َ‬ ‫ف ي اْل َْرضِ ۖ‬ ‫سَعا َ‬ ‫د ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫نَ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫كۖ َ‬ ‫ه إِلَْي َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫ك َ‬ ‫دْنَيَعا ۖ َ‬ ‫م َ‬ ‫صيبَ َ‬ ‫ن الل َّ ُ‬ ‫مَعا أَ ْ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ه‬ ‫م أ َّ‬ ‫ه َ‬ ‫إِ َّ‬ ‫ن الل َّ َ‬ ‫ن الل َّ َ‬ ‫عدن ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ ى ِ‬ ‫س ِ‬ ‫مْف ِ‬ ‫ه َل ُي ِ‬ ‫د ي ۚ أ َ‬ ‫ل إِن َّ َ‬ ‫قَعا َ‬ ‫دي َ‬ ‫مَعا أوِتيُت ُ‬ ‫م يَْعلَ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫علَ ٰ‬ ‫عْل ٍ‬ ‫ب اْل ُ‬ ‫من َ‬ ‫َ‬ ‫م ً‬ ‫ش ّ‬ ‫قْد أَ ْ‬ ‫عن‬ ‫ل َ‬ ‫ن ُ‬ ‫د ِ‬ ‫ن اْلُقُرو ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫قْبِل ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫عَعا ۚ َ‬ ‫وأَْكَثُر َ‬ ‫توًة َ‬ ‫تو أَ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫هل َ َ‬ ‫مْدن ُ‬ ‫وَل ُي ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُق َّ‬ ‫سَأ ُ‬ ‫متو َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫جِر ُ‬ ‫م اْل ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ُذُنتوبِ ِ‬

‫( القصص ‪ 78 – 76‬فقد ادعى قارون أن ما به من نعمة‬

‫وفضل إنما مرجعه إلى علمه فكفر بنعمة ال وفضله وعصى ال عز وجل بأن لم‬ ‫ُينسب النعمة إلى منعمها ولم يشكر له فضله ‪ ,‬فإن رسول ال )صلي ال عليه‬

‫وسلم( يقول إن ال عز وجل خالق كل صانع وصنعته " فإن ال عز وجل خلق الذي‬

‫صنع السيارة والطائرة وغيرها فالذي خلق الول هو الذي خلق الثاني وصنعته ‪,‬‬ ‫ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول إن ال عز وجل قال من أراد أن يخلق‬ ‫كخلقي فليخلق ذبابة أو شعيرة " إن أراد أحد أن يتحدى ال في الخلق فيحاول أن‬ ‫يخلق أدنى شئ في خلقه أو حتى حبة من شعير ولن يستطيع ‪.‬‬ ‫ما كان جزاء قارون عندما أفسد وطغى وارتكب المعاصي واغتر بما يملكه كان عذاب‬ ‫ال أن خسف به وبداره الرض حتى أن الناس الذين تمنوا أن يكون عندهم مثله قالوا‬ ‫الحمد ل الذي نجانا من المعصية‬ ‫إن المعاصي تزيل النعم وتمحوها محواً فعن عبد ال بن مسعود ‪ ‬قال ‪ :‬قال رسول‬

‫ال )صلي ال عليه وسلم( إياكم والمعصية إياكم والمعصية فإن العبد يذنب الذنب‬

‫فُيحرم به رزقاً كان قد ُأعد له ‪ ,‬ثم تل رسول ال )صلي ال عليه وسلم( قول ال عز‬

‫وجل‬

‫ن‪َ .‬‬ ‫) َ‬ ‫هَعا َ‬ ‫ف َ‬ ‫متو َ‬ ‫ت َ‬ ‫م‪.‬‬ ‫و ُ‬ ‫ف َ‬ ‫طَعا َ‬ ‫علَْي َ‬ ‫صبَ َ‬ ‫ك َ‬ ‫من َّربِ ّ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫فأَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫كَعال َّ‬ ‫صِري ِ‬ ‫ف ِّ‬ ‫م َنَعائِ ُ‬ ‫طَعائِ ٌ‬

‫( القلم‬

‫‪ 20-19‬والرزق هنا ل يشترط أن يكون ماًل فقط إوانما قد يكون ولداً صالحاً أو‬

‫صحة أو جماًل أو خلقاً حسناً ‪ ,‬وفي تلك الية التي تلها رسول ال )صلي ال عليه‬ ‫وسلم( قصة سطرها ال عز وجل في كتابه كمثل أخر عن وجوب شكر النعمة وأداء‬

‫حقها فهي عن أصحاب جنة أي حديقة مثمرة وكان والدهم يطعم منها المساكين‬ ‫ويتصدق عليهم ويكفل اليتيم ويحنو عليه حتى أصابه الموت وورثوا منه تلك الجنة‬ ‫فأقسموا أل يكون لهؤلء الفقراء واليتامى والمساكين حقاً في تلك الجنة فاحتالوا‬

‫ل حتى ل يراهم أحد وعقدوا العزم على‬ ‫عليهم بأن قرروا أن يجمعوا تمار تلك الجنة لي ً‬


‫ذلك حتى إذا وصلوا إلى الجنة أو الحديقة لم يجدوا فيها شيئاً وكأنها أرض سوداء‬

‫محترقة فظنوا أنهم قد ضلوا عن جنتهم حيث أنهم كانوا بالليل ولما تيقنوا منها أدركوا‬ ‫ما وقعوا فيه من ال ثنم والمعصية وكان جزاؤهم بأن ُحرنموا ثمارها حتى يبين لنا ال عز‬ ‫وجل أن تلك إنما هى سنته في خلقه لن تتبدل إلى أن يشاء ال رب العالمين ‪ ,‬وذلك‬ ‫المثل بالجنة أو الحديقة إنما هو يسري على كل نعمة أنعمها ال عز وجل على أحد‬ ‫من خلقه أن يبتغي فيها مرضاة ال ول يستعملها في ارتكاب معصية حتى يكون قد‬ ‫أدى جزء من شكرها لن ال ننسان مهما فعل لن يؤد ل حقه فيما أنعم عليه أبدا ولكن‬ ‫على ال ننسان الشكر فإن الشكر يزيل النقم ‪.‬‬ ‫ويقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( إن ال عز وجل قسم بينكم أخلقكم كما‬ ‫قسم بينكم أرزاقكم إوان ال عز وجل يعطي الدنيا لمن يحب ولمن ل يحب ول يعطي‬ ‫الدين إل لمن أحب " فإن ال عز وجل يعطي من الدنيا لكل الناس الفاجر منهم‬

‫والكافر والعاصي إل الدين فإنه ل يعطيه إل لمن أحبه فإن أعطاه الدين فقد بلغ حب‬ ‫ال عز وجل له مبلغاً ‪ ,‬ثم يقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( والذي نفسي بيده‬

‫ل يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ول يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه ول يكسب‬ ‫عبدا ماًل من حرام فينفقه فيبارك له فيه ول يتصدق به فتقبل صدقته ‪ -‬فإن ال‬

‫طيب ل يقبل إل طيباً ول يتركه خلف ظهره لورثته من بعده إل كان زاده إلى النار فإن‬ ‫ال عز وجل ل يمحو الخبيث بالخبيث ولكن يمحو الخبيث بالطيب ‪.‬‬

‫فإذا رأيتم رجل عل سهمه وزاد رصيده في الغنى وقد بلغت أمواله ما بلغت أموال‬ ‫قارون وهو يعص ال فل يظن أحد أنه بذلك قد ملك الدنيا وملك السعادة فيها فإن‬ ‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول إذا رأيتم ال عز وجل يعطي العبد وهو مصر‬ ‫على المعصية فاعلموا ان ال إنما يستدرج له ‪.‬‬ ‫ل أخر في فرعون وقومه عندما ملكوا البلد والعباد وكان عندهم‬ ‫وضرب ال لنا مث ً‬

‫الذهب والفضة من كثرتها يضعونها في قبور موتاهم – وهى التي يتم العثور عليها‬

‫اليوم في مقابرهم ومنها على شكل تماثيل كاملة من الذهب – إنما هم عصوا ال عز‬ ‫وجل ولم يستجيبوا لرسوله فاستدرج ال لهم وأخذهم بذنوبهم فأغرقهم أجمعين ثم‬ ‫ل وعبرة للخرين كما نراهم‬ ‫جعلهم جثثاً محنطة إلى يومنا هذا إوالى أن يشاء ال مث ً‬


‫اليوم جيفاً محنطة إوانما هى إرادة ال عز وجل في خلقه ‪ ,‬ولنعلم أن المؤمن يرى‬

‫ذنوبه كأنها جبل يكاد يقع عليه والمنافق يرى ذنوبه وكأنها ذبابة تقف على أنفه وهذا‬ ‫هو الفارق ‪.‬‬ ‫إذا اراد ال ننسان أن يتم ال نعمته عليه ويبارك له فيها فليتقي ال ويتجنب المعاصي‬ ‫والذنوب ‪.‬‬


‫النعلم والتنعلم‬ ‫اللهم صل سلم عليك يا رسول ال يا من قال فيك القائل مادحاً‬ ‫أخوك عيسى دعا ميتاً فقام لنه‬

‫والجهل موت فإن أوتيت معجزة‬

‫ل من الرمنم‬ ‫وأنت أحينيت أجني ً‬

‫فابعث من الجهل أو فابعث من الرجم‬

‫إن كان نبي ال عيسى أحيا الميت بإذن ال عز وجل فإن رسول ال )صلي ال عليه‬ ‫وسلم( أحيا أمة بأن أخرجها من الجهل والجاهلية إلى نور العلم وشمس اليمان ‪,‬‬ ‫والجهل إنما هو نقيض الحلم فقد كان الناس في زمان رسول ال )صلي ال عليه‬ ‫وسلم( يتصفون بأنهم أهل جاهلية أي كانوا يثورون ل تنفه السباب وتقوم بينهم‬ ‫الحروب لسنوات وأغلبها تندرج تحت نزعات الجاهلية ‪ ,‬ذلك ل ننهم ل علم عندهم ول‬ ‫فقه ول دراية فكانت امة ُتنعت بالجاهلية ‪.‬‬ ‫إن دين السلم هو دين العلم والفقه والتعلم دين يتعامل مع عقل ال ننسان وحكمته‬ ‫ل برب العالمين فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول في‬ ‫حتى يكون متص ً‬

‫حديث معناه تفكروا في خلق ال ول تتفكروا في ذات ال فإنكم ل تقدروه قدره ‪ ,‬أي لن‬

‫يصل ال ننسان بفكره وعقله مهما كان علمه وحكمته إلى كنة ال عز وجل أو هيئته‬ ‫لذلك قال لنا رسول ال تفكروا في خلق ال ‪.‬‬ ‫وعن أم المؤمنين عائشة رضى ال عنها قالت إن أول ما ُبدئ برسول ال من النبوة‬

‫الرؤية الصادقة يراها في نومه ثم تكون مثل فلق الصبح ‪ -‬ورؤيا ال ننبياء وحي كما‬

‫قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( – وحبب إليه الخلوة كان يخلو في غار حراء‬ ‫ليالي عدة ثم ينزل ليتزود لمثلها ‪.‬‬ ‫وفي خلوته هذه فاجأه الوحي عندما أراد ال عز وجل الهداية لتلك المة وأراد لها أن‬ ‫تكون أمة راشدة مؤمنة فقد حبب ال إلى رسوله الخلوة فكان نزول الوحي عليه‬ ‫مفاجأة له كما يقول ويصف رسول ال فقال فأخذني وضمني حتى بلغ مني الجهد ثم‬ ‫قال لي اق أر – هذا الوحي الذي نزل على رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يبلغه عن‬ ‫رب العزة إنما كان أول ما أمره به أن اق أر فقال رسول ال ما أنا بقارئ ل ننه ما كان يق أر‬ ‫أو يكتب – ثم يقول رسول ال فأخذني ثانية وضمني حتى بلغ مني الجهد وقال مرة‬


‫أخرى اق أر فقلت ما أنا بقارئ ثم في الثالثة قال اق أر باسم ربك الذي خلق ‪ ,‬فكانت إرادة‬ ‫ال عز وجل في تلك المة أن يكون أول أمرها من دين السلم وأول ما نزل من أمر‬ ‫النبوة هو المر بالعلم والتعلم أل والسبيل إلى ذلك إنما هو القراءة فهى من أول‬ ‫سَعا َ‬ ‫ق‪( .‬‬ ‫ن َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ك ال َّ ِ‬ ‫ق ا ْ ِلن َ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ق‪َ .‬‬ ‫خل َ َ‬ ‫ذ ي َ‬ ‫م َربِ ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫أدوات التعلم ‪ ,‬ثم قال له)اْقَرْأ ِبَعا ْ‬ ‫س ِ‬ ‫علَ ٍ‬

‫العلق ‪ 2-1‬فما تدل عليه تلك اليات إنما توجه وتلفت أنظار الناس إلى خلق ال‬ ‫عز وجل لل ننسان وقال له إن ذلك ال ننسان وأنت واحد منهم إنما ُخلنق من علق – ثم‬

‫م ِبَعاْل َ‬ ‫سَعاَن َمَعا لَْم يَْعلَْم‪( .‬‬ ‫م‪َ .‬‬ ‫ذ ي َ‬ ‫م‪ .‬ال َّ ِ‬ ‫م ا ْ ِلن َ‬ ‫عل َّ َ‬ ‫عل َّ َ‬ ‫وَربّ َ‬ ‫يكمل اليات )اْقَرْأ َ‬ ‫قلَ ِ‬ ‫ك اْل َْكَر ُ‬

‫العلق ‪ 5-3‬فكان توجيه ال ننتباه إلى الوسيلة الخرى للتعلم بالكتابة أي بالقلم ‪ ,‬فكان‬ ‫اسم سورة كاملة في كتاب ال عز وجل القلم قال ال عز وجل‬ ‫طُرو َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫يَ ْ‬

‫واْل َ‬ ‫مَعا‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫)ن ۚ َ‬ ‫قل َ ِ‬

‫( القلم ‪ 1‬فقد أقسم ال عز وجل بالقلم الذي هو وسيلة الكتابة ‪ ,‬وأبو‬

‫هريرة ‪ ‬يقول قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( أول ما خلق ال عز وجل القلم‬ ‫ثم خلق النون – وهى دواية الحبر أو المحبرة وفي تفسير أخر إنه اسم من أسماء‬ ‫الحوت أو إنه حرف من حروف الهجاء ولكن في تفسيرها هنا كما جاء في تفسير ابن‬ ‫كثير لحديث رسول ال )صلي ال عليه وسلم( " أول ماخلق ال عز وجل القلم ثم‬ ‫خلق النون ثم قال للقلم اكتب كل شئ كائن إلى يوم القيامة ثم خلق ال العقل – انظر‬ ‫إلى ترتيب خلق ال عز وجل بأن خلق العقل بعد أن خلق له الدوات لكي يمارس‬ ‫نشاطه بها ‪ ,‬وال عز وجل عندما من على آدم وميزه على سائر خلقه ميزه بالعلم‬ ‫فإن ال عز وجل يقول‬

‫ة َ‬ ‫ف َ‬ ‫مَلئِ َ‬ ‫ل‬ ‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫عَر َ‬ ‫مآ َ‬ ‫ك ِ‬ ‫مَعاَء ُ‬ ‫كل َّ َ‬ ‫قَعا َ‬ ‫عَل ى اْل َ‬ ‫س َ‬ ‫د َ‬ ‫عل َّ َ‬ ‫) َ‬ ‫ضُه ْ‬ ‫م اْل َ ْ‬ ‫هَعا ُث َّ‬

‫مَعاِء ٰ َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫مَتَدنَعا ۖ‬ ‫مَعا َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك َل ِ‬ ‫صَعاِد ِ‬ ‫ؤَلِء ِإن ُ‬ ‫م لَ​َدنَعا إِ َّل َ‬ ‫عْل َ‬ ‫حَعانَ َ‬ ‫سْب َ‬ ‫قي َ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫عل َّ ْ‬ ‫كدنُت ْ‬ ‫َأنِبُئتوِن ي بِأَ ْ‬ ‫قَعاُلتوا ُ‬ ‫مۖ َ‬ ‫م‪َ .‬‬ ‫م‬ ‫مَعا َأنبَ​َأ ُ‬ ‫ت اْل َ‬ ‫ل َيَعا آ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫س َ‬ ‫س َ‬ ‫قَعا َ‬ ‫م اْل َ‬ ‫ك َأن َ‬ ‫إِن َّ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫هم بِأَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫م َأنِبْئُهم بِأَ ْ‬ ‫فلَ َّ‬ ‫د ُ‬ ‫كي ُ‬ ‫عِلي ُ‬ ‫مَعائِ ِ‬ ‫مَعائِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫مَعا ُتْبُدو َ‬ ‫م‬ ‫وأ ْ‬ ‫م إِ​ِّن ي أ ْ‬ ‫مَعا ُ‬ ‫وا ِ‬ ‫م أُقل ل َّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫ض َ‬ ‫ت َ‬ ‫مَعا َ‬ ‫س َ‬ ‫غْي َ‬ ‫قَعا َ‬ ‫كدنُت ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ل أل َ ْ‬ ‫ب ال َّ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫علَ ُ‬ ‫واْل َْر ِ‬ ‫متو َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫تَ ْ‬ ‫كُت ُ‬

‫( البقرة ‪ 33 – 31‬فكان تعليم آدم أن علمه ال عز وجل الكلمات كلها أي‬

‫كل شئ في الوجود إلى أن يرث ال الرض ومن عليها حتى إوان استجدت كلمات في‬ ‫عصرنا هذا مثل ال ننترنت وما شابهه فلنعلم إنها من علم ال عز وجل الذي علمه‬

‫لدم عليه السلم ولكنها كانت مخزنة حتى يأتي وقت استعمالها ‪ ,‬وكذلك يشمل هذا‬ ‫العلم كل ألسنة ولهجات ولغات البشر التي يتعاملون بها وكل ما ينطق في هذا‬ ‫الوجود ‪ ,‬ثم كان آدم مورثاً لنسله من بعده كل ذلك العلم ‪.‬‬


‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( الذي أمره ال عز وجل بالقراءة في أول ما أمره‬ ‫وأرشده إلى القلم كوسيلة للكتابه وأمره أن ينظر إلى خلقته وتكوينه وتركيبه وقال له‬ ‫أنك ُخ لنقت من علق جاءه أهل الشرك والكفر في يوم من اليام وقالوا له يا ُم حنمد‬

‫ادعو ربك يجعل لنا الصفا ذهباً حتى نؤمن به ونصدقك ورسول ال )صلي ال عليه‬

‫وسلم( يريد الهداية للبشر ويريد أن يأخذ بأيديهم إلى دار الفلح والنجاة فلما جاءه‬ ‫جبريل قال له يا جبريل إن الناس تقول كذا وكذا فما كان رد ال على الناس كان‬

‫ك‬ ‫بآيات تقول )إِ َّ‬ ‫واْلُفْل ِ‬ ‫خِتَل ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫وال َّدن َ‬ ‫هَعاِر َ‬ ‫ل َ‬ ‫ض َ‬ ‫ت َ‬ ‫مَعا َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ي َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ق ال َّ‬ ‫خْل ِ‬ ‫ف الل َّْي ِ‬ ‫واْل َْر ِ‬ ‫مَعاٍء َ‬ ‫مَعا َيدن َ‬ ‫حَيَعا‬ ‫مَعاِء ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫جِر ي ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫مَعا َأنَز َ‬ ‫و َ‬ ‫س َ‬ ‫ع ال َّدنَعا َ‬ ‫حِر بِ َ‬ ‫ل الل َّ ُ‬ ‫فأَ ْ‬ ‫ف ي اْلبَ ْ‬ ‫ال َِّت ي تَ ْ‬ ‫من َّ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫خِر‬ ‫س َّ‬ ‫ل َ‬ ‫صِري ِ‬ ‫من ُ‬ ‫هَعا ِ‬ ‫ث ِ‬ ‫بِ ِ‬ ‫داب َّ ٍ‬ ‫في َ‬ ‫مْتوتِ َ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ال ِرَّيَعاحِ َ‬ ‫ة َ‬ ‫هَعا َ‬ ‫ض بَْعَد َ‬ ‫ه اْل َْر َ‬ ‫وت َ ْ‬ ‫وال َّ‬ ‫وبَ َّ‬ ‫ك ِّ‬ ‫حَعابِ اْل ُ‬

‫ت لِ َّقْتوٍم يَْعِقُلتوَن‪ ( .‬البقرة ‪ 164‬كأن ال عز وجل يقول‬ ‫ض َلَيَعا ٍ‬ ‫مَعاِء َ‬ ‫س َ‬ ‫بَْي َ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫واْل َْر ِ‬ ‫كيف يطلبوا منك آية بأن تجعل لهم الصفا ذهباً وجبال الذهب كثيرة تمل الرض‬

‫وليس فقط الذهب بل أيضاً جبال الحديد والنحاس وسائر المعادن ولكن لينظروا‬

‫ويتعلموا في علم الفلك وفي علم الحياء وعلم الجغرافيا ولينظروا في الفاق من‬ ‫حولهم فيكون لهم علماً نافعاً يتدبرون به خلق ال حتى يدركوا أن ال واحد ل شريك‬ ‫له ل ننه هو خالق كل ذلك فيؤدي به طريق العلم إلى اليمان إوالى طريق السلم ‪.‬‬

‫إوان العلم والعلماء جعل لهم ال عز وجل في دين السلم قد ارً عظيماً أعظم قد ارً من‬

‫الجن ذلك الذي يرهب الناس منه ‪ ,‬فكان لنا عبرة من قصة سليمان عندما أتاه الناس‬

‫هَعا َ‬ ‫بالهداية وعلم من أمر بلقيس ما علم ) َ‬ ‫ل‬ ‫م يَْأِتيِدن ي بِ َ‬ ‫عْر ِ‬ ‫مَلُ أَيّ ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ل َيَعا أَيّ َ‬ ‫قْب َ‬ ‫هَعا اْل َ‬ ‫قَعا َ‬ ‫ك ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫م َ‬ ‫ك‬ ‫قَعا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫سِل ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل َأن تَُقتو َ‬ ‫قْب َ‬ ‫ن أَ​َنَعا آِتي َ‬ ‫م َ‬ ‫قَعا َ‬ ‫مي َ‬ ‫ن اْل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫من َّ‬ ‫ج ِّ‬ ‫ت ِّ‬ ‫عْفِري ٌ‬ ‫َأن يَْأُتتوِن ي ُ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫تو ّ‬ ‫ن ‪ ( .‬النمل ‪ 39-38‬وفي التفسير وصف ذلك الجن بأن‬ ‫وإِ​ِّن ي َ‬ ‫ ي أَ ِ‬ ‫علَْي ِ‬ ‫ۖ َ‬ ‫مي ٌ‬ ‫ق ِ‬

‫جسده كان مثل الجبل ومن رحمة ال بنا أن حجب عنا رؤيتهم حتى ل نرعب منهم ‪-‬‬ ‫ه َ‬ ‫) َ‬ ‫ك( النمل ‪40‬‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫كَتَعا ِ‬ ‫ن اْل ِ‬ ‫عدنَدُه ِ‬ ‫ذ ي ِ‬ ‫ل ال َّ ِ‬ ‫ل َأن يَْرتَ َّ‬ ‫ك طَْرُف َ‬ ‫د إِلَْي َ‬ ‫قْب َ‬ ‫ب أَ​َنَعا آِتي َ‬ ‫م َ‬ ‫قَعا َ‬ ‫م ِّ‬ ‫عْل ٌ‬

‫ذلك الذي كان عنده علم إنما تفوق على أعتى نفر من الجن وأحضر العرش في‬ ‫طرفة عين لنبي ال سليمان ووجده مستق ارً عنده فقال سليمان ذلك من فضل ربي‬

‫ليبلوني أأشكر أم أكفر رجع بالفضل في ذلك ل عز وجل وليس لمن أحضره لن ال‬

‫هو الذي أنزل ووهب له ذلك العلم ‪.‬‬


‫لذلك رسول ال )صلي ال عليه وسلم( كان يعرف فضل العلم ونعمته وكان يحب أن‬ ‫تكون أمته عالمة متعلمة أمة تأخذ بأسباب العلم حتى تكون لها اليد العليا وتكون‬ ‫هى القائدة لن العلم من شأنه أن يرفع قدر المم كما يحط الجهل أمماً اخرى كما أن‬ ‫بِ ِزْدِن ي ِعْلًمَعا( طه ‪114‬‬ ‫ال عز وجل أنزل آية ليتعبد بها الناس وهى ) َ‬ ‫وُقل َّر ّ‬

‫وعندما أنزلت على رسول ال )صلي ال عليه وسلم( قال اللهم أنفعني بما علمتني‬ ‫وعلمني ما ينفعني وزدني علماً والحمد ل على كل حال ونعوذ بال من حال أهل النار‬ ‫‪ .‬وكأن قصد رسول ال )صلي ال عليه وسلم( أن يقول أن العلم النافع يباعد عن‬ ‫النار والعلم النافع يقرب إلى الرحمن وكذلك في قول ال عز وجل‬

‫ن‬ ‫ك َ‬ ‫سَأُلتونَ َ‬ ‫) َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ع ِ‬

‫ص ً‬ ‫س ً‬ ‫هَعا َ‬ ‫فَعا‪َ .‬‬ ‫ل َ‬ ‫قَعا ً‬ ‫فيَ​َذُر َ‬ ‫فَعا‪َّ .‬ل تَ​َر ٰ‬ ‫وَل‬ ‫تو ً‬ ‫هَعا ِ‬ ‫ى ِ‬ ‫ل َيدن ِ‬ ‫جَبَعا ِ‬ ‫في َ‬ ‫سُف َ‬ ‫جَعا َ‬ ‫ع َ‬ ‫صْف َ‬ ‫عَعا َ‬ ‫هَعا َرِّب ي نَ ْ‬ ‫فُق ْ‬ ‫اْل ِ‬

‫أَْمًتَعا‪ ( .‬طه ‪ 107- 105‬ومن تلك الية نعلم أن العلم ليس علم دين فقط إوانما هو‬

‫علم دين ودنيا الذي يوصل إلى المعرفة بملكوت ال عز وجل إوالى جنة رب العالمين ‪.‬‬

‫وحتى نعلم مكانة العلم في دين السلم فقد جاء رجل إلى رسول ال )صلي ال عليه‬

‫وسلم( كما قال أبو الدرداء ‪ ‬جاء صفوان بن عسال إلى رسول ال )صلي ال عليه‬ ‫وسلم( وقال يا رسول ال جئتك متعلماً قال مرحباً بطالب العلم إن المل ئنكة لتضع‬

‫أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ثم تركب بعضها على بعض حتى تجوز السماء‬ ‫الدنيا محبة لطالب العلم ‪ ,‬ثم قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يا أبا الدرداء لن‬

‫تغدوا فتتعلم آية من كتاب ال خير لك من أن تصلي مائة ركعة ولن تغدو فتتعلم باباً‬

‫من أبواب العلم ًُيعمل به أو ل ًُيعمل كان خي ارً لك من أن تصلي ألف ركعة – وذلك من‬ ‫صلة النافلة وليس من صلة الفريضة ‪.‬‬

‫ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول من سلك طريقاً يريد به علماً يسر ال له به‬ ‫طريقاً إلى الجنة وكذلك كل من يسر الطريق إلى العلم أو يحض عليه‪ ,‬وعلى كل راع‬

‫أباً كان أو غيره أن يعلم من يرعاه وأن يبذل في ذلك كل الجهد فإن له في ذلك‬

‫أجرًاعظيماً إن علموا علماً نافعاً يؤدي بهم إلى طريق الجنة ‪ ,‬وعمر بن الخطاب ‪‬‬

‫يقول من حق الولد على الوالد أن يعلمه وأل يرزقه إل حلًل طيباً ‪ .‬وعلى الذي يطلب‬ ‫العلم أن يصبر عليه ويبتغي به وجه ال عز وجل حتى يؤجر عليه وحتى ييسر ال‬

‫له طريقه ‪ .‬وعلى بن أبي طالب ‪ ‬يقول‪:‬‬


‫وما الفضل إل لهل العلم أنهم‬

‫على الهدى لمن استهدى أدلُء‬

‫وقدر كل امرئ ما كان يحسنه‬

‫والجاهلون لهل العنلم أعداُء‬

‫ففز بالعنلم تعش حياً به أبداً‬

‫فالناس موتى وأهل العلم أحياُء‬

‫إن قدر ال ننسان على ما يحسن من العمل الذي تعلمه لذلك يجب على المعلم أن‬ ‫يحسن صنعته بأن يعلم الناس ما تعلمه بإتقان ول يحبس عنهم منه شيئاً لغرض في‬

‫نفسه ويجب أن يكون رفيقاً بهم صاب ارً صبو ارً عليهم حتى ل يكون مانعاً عنهم علماً‬ ‫س ئنل علماً فكتمه‬ ‫أعطاه ال إياه فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول " من ُ‬

‫ألجمه ال يوم القيامة بلجام من نار " كما أن طالب العلم يجب أن يتحلى بالتواضع‬ ‫وبالخلق الحسن إزاء من يعلمه فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول " تعلموا‬ ‫العلم وتعلموا للعلم السكينة والوقار " يجب أن يكون للمعلم كل احترام وتقدير وتوقير ‪.‬‬ ‫والمام الشافعي يقول ‪:‬‬ ‫شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاص وقنال إن العننلم نننننور ونور‬ ‫ال ل ُيهنندى لعناصي‬

‫وذلك هو المام الشافعي وكلنا نعلم من هو يشكو إلى استاذه ومعلمه وكيع أن ل‬ ‫يستوعب الحفظ وهو يتعلم فأرشده إلى ترك المعاصي لن العلم نور من نور ال عز‬ ‫وجل ول يعطي ال ذلك النور لعاص ‪.‬‬ ‫وكل انسان في امة ُم حنمد )صلي ال عليه وسلم( وجب عليه العلم وأصحاب رسول‬ ‫ال الذين لنا فيهم اسوة حسنة أغلبهم لم يتلق العلم في صغره ولكنهم كانوا أشد‬

‫حرصاً عليه في الكبر ل ننهم علموا إنه أمر من ال عز وجل وحضهم عليه ورغبهم‬

‫فيه رسول ال )صلي ال عليه وسلم( فقال من غدا إلى مسجد يريد علماً يتعلمه أو‬

‫يعلمه كان له كأجر من حج حجة تامة تامة ‪ .‬فل تبخلوا على أنفسكم بهذا الجر‬ ‫العظيم الذي أعده ال عز وجل لمن أراد العلم أو التعليم ‪.‬‬


‫الطريق المستقيم‬ ‫يقول ال عز وجل‬

‫ط ّ‬ ‫م‪.‬‬ ‫ك َ‬ ‫ ى ِ‬ ‫ذ ي ُأو ِ‬ ‫ك ِبَعال َّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫ك ۖ إِن َّ َ‬ ‫ ي إِلَْي َ‬ ‫م ْ‬ ‫س ْ‬ ‫سَت ْ‬ ‫)فَ​َعا ْ‬ ‫علَ ٰ‬ ‫سَتِقي ٍ‬ ‫ح َ‬

‫سَأُلتو َ‬ ‫ول ِ َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫سْتو َ‬ ‫قْتو ِ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫و َ‬ ‫كۖ َ‬ ‫م َ‬ ‫ك َ‬ ‫ذْكٌر ل َّ َ‬ ‫َ‬ ‫وإِن َّ ُ‬ ‫ف ُت ْ‬

‫( الزخرف ‪ 44 – 43‬ال عز وجل يأمرنا‬

‫بالذي أوحي إلى ُم حنمد عليه أفضل الصلة والسلم ويطلب منا أن نستمسك به فهو‬

‫أمر لمة السلم كلها أن تتمسك بكتاب ال عز وجل لن فيه ذكر كما جاء في قول‬

‫ال عز وجل‬

‫م ۖ أَ َ‬ ‫فَل تَْعِقُلتو َ‬ ‫)ل َ َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ه ِذْكُر ُ‬ ‫في ِ‬ ‫كَتَعاًبَعا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫قْد َأنَزْلَدنَعا إِلَْي ُ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬

‫( ال ننبياء ‪ 10‬فإن‬

‫أردتم أن ُتذكر تلك المة وأن يكون لها البقاء والسيادة والريادة وأن ترتفع أعلمها‬

‫خفاقة في السماء فعليكم أن تتمسكوا بكتاب ال عز وجل فإنما هو الصراط المستقيم‬

‫‪.‬‬ ‫ويقول ال عز وجل‬

‫ن َٰ‬ ‫مَعا َ‬ ‫عتوا ال ّ‬ ‫ل‬ ‫وأَ َّ‬ ‫سَتِقي ً‬ ‫صَرا ِ‬ ‫هَذا ِ‬ ‫وَل تَ َّتِب ُ‬ ‫فَعات َِّب ُ‬ ‫سُب َ‬ ‫عتوُه ۖ َ‬ ‫) َ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ي ُ‬

‫ه ۚ َٰ‬ ‫َ‬ ‫م تَ َّتُقتو َ‬ ‫فَت َ‬ ‫ف َّر َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ه لَ َ‬ ‫م َ‬ ‫عل َّ ُ‬ ‫كم بِ ِ‬ ‫صَعا ُ‬ ‫ذل ِ ُ‬ ‫سِبيِل ِ‬ ‫ق بِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عن َ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫و َّ‬

‫( ال ننعام ‪ 153‬ال عز‬

‫وجل أوصانا أن نتمسك بالصراط المستقيم ول نحيد عنه إنما هو السلم كل السلم‬ ‫الذي جاء في كتاب ال عز وجل والذي أمرنا به رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ‪.‬‬ ‫س ئنل عبد ال بن مسعود ‪ ‬عن الصراط المستقيم فقال ‪ :‬تركنا رسول ال )صلي‬ ‫وقد ُ‬ ‫ال عليه وسلم( في أدناه وطرفه في الجنة ‪ .‬أول ذلك الطريق عندنا إواذا سرنا عليه‬

‫ل نحيد عنه أوصلنا إلى جنة رب العالمين ‪.‬‬

‫وعن النواس بن سمعان ‪ ‬قال ‪ :‬قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( " ضرب ال‬ ‫ل صراطاً مستقيماً وعلى جانبي الصراط سوران فيهما أبواب وعليها ستر‬ ‫عز وجل مث ً‬

‫– أي أن على جانبي الطريق سور به أبواب ل ترى ما ورائها – فإذا أراد احد من‬

‫الناس أن يفتح باباً من تلك البواب قال له الداعي ويحك ل تفتح فإنك إن ولجت فيه‬

‫هلكت " – هذا الداع على الصراط إنما يحذر الناس من فتح تلك البواب على جانبي‬ ‫الطريق المستقيم لن فيها الهل كن – ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( يشرح ذلك‬ ‫المثل فيقول ‪ :‬أما الطريق المستقيم فهو السلم والسوار من حوله إنما هى حدود‬ ‫ال فإن ال عز وجل جعل لكم حدوداً فل تتعدوها وحرم عليكم أشياء فل تقربوها‬

‫وأمركم بأشياء فعليكم أن تعملوا بها إواياكم إياكم الذلل أو الخطأ ‪ ,‬والبواب إنما هى‬


‫محارم ال عز وجل – كل باب من هذه البواب إنما يجرك إلى حرام إوالى شهوة تأتيها‬ ‫أو إلى إثم ومعصية وكل ذلك إنما فيه الهلكة – فيحذرك ال عز وجل من مجرد فتح‬

‫تلك البواب ل ننه كما يقول الداع إن فتحت ولجت فيها ‪.‬‬ ‫وجابر بن عبد ال ال ننصاري ‪ ‬يقول في حديث له أن رسول ال )صلي ال عليه‬ ‫وسلم( خط له خطاً مستقيماً ثم خط له حوله خطوطاً متفرقة متعرجة عن يمينه وعن‬

‫شماله ثم قال عن الخط المستقيم إنه سبيل ال الصراط المستقيم ‪ ,‬وأما الخطوط‬ ‫المتعرجة عن يمينه وشماله فهى سبل الشيطان ‪.‬‬

‫وعن عبد ال بن عباس ‪ ‬يقول في سورة ال ننعام ثلث آيات محكمات هن أم الكتاب‬ ‫لم ينسخهن شئ ‪ ,‬وكانت منهن تلك الية التي ذكرناها مسبقاً كانت ثالث تلك اليات‬ ‫المحكمات وكانت الولى كما جاء في قول أبي سعيد الخدري ‪ ‬من أراد أن يق أر‬

‫وصية ُم حنمد عليه أفضل الصلة والسلم التي عليها خاتمه فهى في قول ال عز‬

‫ن‬ ‫م َ‬ ‫ل تَ َ‬ ‫كتوا بِ ِ‬ ‫شِر ُ‬ ‫علَْي ُ‬ ‫م َربّ ُ‬ ‫وِبَعاْل َ‬ ‫شْيًئَعا ۖ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ح َّر َ‬ ‫مَعا َ‬ ‫ل َ‬ ‫م ۖ أَ َّل ُت ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫وجل )ُق ْ‬ ‫عَعالَْتوا أَْت ُ‬ ‫توالَِدْي ِ‬ ‫وَل تَْقَرُبتوا‬ ‫وإِ َّيَعا ُ‬ ‫وَل تَْقُتُلتوا أَْوَل َ‬ ‫ن نَْرُزُق ُ‬ ‫د ُ‬ ‫مۖ َ‬ ‫م َ‬ ‫سَعاًنَعا ۖ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ق ۖ ن َّ ْ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫إِ ْ‬ ‫كم ِ ّ‬ ‫ح ُ‬ ‫مَل ٍ‬ ‫اْل َ‬ ‫قۚ‬ ‫هَر ِ‬ ‫توا ِ‬ ‫مْدن َ‬ ‫مَعا ظَ َ‬ ‫ه إِ َّل ِبَعاْل َ‬ ‫ح َّر َ‬ ‫س ال َِّت ي َ‬ ‫وَل تَْقُتُلتوا ال َّدنْف َ‬ ‫نۖ َ‬ ‫مَعا بَطَ َ‬ ‫و َ‬ ‫هَعا َ‬ ‫ش َ‬ ‫ح َ‬ ‫ف َ‬ ‫م الل َّ ُ‬ ‫ح ِّ‬ ‫َٰ‬ ‫َ‬ ‫م تَْعِقُلتو َ‬ ‫ن‬ ‫ه لَ َ‬ ‫م إِ َّل ِبَعال َِّت ي ِ‬ ‫عل َّ ُ‬ ‫كم بِ ِ‬ ‫صَعا ُ‬ ‫ذل ِ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مَعا َ‬ ‫وَل تَْقَرُبتوا َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫م َ‬ ‫ ي أ ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫و َّ‬ ‫ل اْليَِتي ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ ى يَْبُل َ‬ ‫ميَزا َ‬ ‫ط ۖ َل ُن َ‬ ‫وأَْوُفتوا اْل َ‬ ‫هَعا ۖ‬ ‫س َ‬ ‫ف نَْف ً‬ ‫س ِ‬ ‫واْل ِ‬ ‫ش َّ‬ ‫ع َ‬ ‫ل َ‬ ‫كْي َ‬ ‫دُه ۖ َ‬ ‫َ‬ ‫سَعا إِ َّل ُو ْ‬ ‫ن ِبَعاْلِق ْ‬ ‫ح َّت ٰ‬ ‫كلِ ّ ُ‬ ‫غ أَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ه لَ َ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ۚ‬ ‫فتوا‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ۖ‬ ‫ ى‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫ذا‬ ‫ن‬ ‫كَعا‬ ‫تو‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫لتوا‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫فَعا‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ذا‬ ‫إ‬ ‫عل َّ ُ‬ ‫كم بِ ِ‬ ‫صَعا ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ َّ‬ ‫ٰ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وِ‬ ‫َ‬ ‫ن ٰ‬ ‫ل َ‬ ‫مَعا َ‬ ‫فَت َ‬ ‫كُرو َ‬ ‫ف َّر َ‬ ‫عتوا ال ّ‬ ‫عن‬ ‫م َ‬ ‫وأَ َّ‬ ‫تَ​َذ َّ‬ ‫سَتِقي ً‬ ‫ق بِ ُ‬ ‫صَرا ِ‬ ‫هَذا ِ‬ ‫وَل تَ َّتِب ُ‬ ‫فَعات َِّب ُ‬ ‫سُب َ‬ ‫عتوُه ۖ َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫ك ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ي ُ‬ ‫ه ۚ َٰ‬ ‫صَعاُكم بِ​ِه لَ​َعل َُّكْم تَ َّتُقتوَن‪ ( .‬ال ننعام ‪ 53-51‬جمعت تلك اليات‬ ‫ذل ِ ُ‬ ‫سِبيِل ِ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ك ْ‬ ‫و َّ‬

‫الثلث عقيدة السلم ‪ ,‬وعبادة بن الصامت رضى ال عنه يقول قال رسول ال‬ ‫)صلي ال عليه وسلم( بايعوني على ثلث آيات فمن وفى منكم فأجره على ال – أي‬ ‫بايعوني على ما جاء من أحكام في تلك اليات الثلث – أولها أل تشرك بال شيئاً‬

‫وعن أبي الدرداء ‪ ‬قال قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ل تشركوا بال شيئاً‬

‫صلنبتم إوان ُحرنقتم ‪ ,‬ول تقتلوا أولدكم من إمل قن نحن نرزقهم إواياكم ل‬ ‫إوان ُقطعتم إوان ُ‬

‫تقتلوا ولداً مخافة الفقر فإن عبد ال بن مسعود ‪ ‬قال سألت رسول ال )صلي ال‬

‫عليه وسلم( أي الذنب أعظم قال أن تجعل ل نداً وهو خلقك ول تقتل ولدك مخافة أن‬

‫يطعم معك ‪ .‬فإن ال عز وجل يقول‬

‫هَعا‬ ‫ض إِ َّل َ‬ ‫من َ‬ ‫عَل ى الل َّ ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫مَعا ِ‬ ‫داب َّ ٍ‬ ‫ه ِرْزُق َ‬ ‫و َ‬ ‫) َ‬ ‫ف ي اْل َْر ِ‬

‫ق َّر َ‬ ‫سَت َ‬ ‫ب ّ‬ ‫ك ّ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫د َ‬ ‫سَتْتو َ‬ ‫ف ي ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫هَعا ۚ ُ‬ ‫كَتَعا ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫هَعا َ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ويَْعلَ ُ‬ ‫مِبي ٍ‬

‫( هود ‪ 6‬فإن ال عز وجل‬


‫إنما قدر لكل حي في هذه الدنيا رزقه من طعام وشراب وملبس من يوم أن أوجده على‬ ‫ظهرها وحتى يتوفاه ال ‪.‬‬ ‫وعبد ال بن مسعود ‪ ‬قال سألت رسول ال )صلي ال عليه وسلم( أي العمل أحب‬ ‫إلى ال عز وجل قال الصلة على وقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال‬ ‫الجهاد في سبيل ال ‪ ,‬فمن وفى ما جاء في تلك اليات الثلث من سورة ال ننعام فقد‬ ‫بايع رسول ال )صلي ال عليه وسلم( وذلك ليس في حياته فقط إوانما إلى أن يرث‬

‫ال الرض ومن عليها فكل من عمل بما جاء من أحكام فيها فقد وفى عهده مع ال‬ ‫عز وجل وكان على الصراط المستقيم الذي أوله عندنا وأخره جنة رب العالمين ‪.‬‬

‫إواذا وقع إنسان في مخالفة من تلك المور وحاسبه ال عليها في الدنيا فهو كفارة له‬ ‫كأن يأخذه ال بالبتلء أو تصيبه مصيبة ما ومن ستره ال فل يفضح نفسه إنما‬

‫عليه أن ُيكثر من التوبة والستغفار فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول من‬

‫ستره ال إلى يوم القيامة فأمره إلى ال إن شاء غفر إوان شاء عذب ‪ .‬وال عز وجل‬ ‫يقول في حديث قدسي " أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني "‬

‫من اتبع الهدى الذي جاء به ُم حنمد عليه أفضل الصلة والسلم واتبع أوامر ال عز‬

‫وجل ووجده ال حيث أمره وافتقده حيث نهاه فل يضل ول يشقى أبدا فإن ال عز وجل‬

‫وۖ َ‬ ‫يقول ) َ‬ ‫مي ً‬ ‫هِب َ‬ ‫لا ْ‬ ‫عُد ّ‬ ‫هًدى‬ ‫مِّدن ي ُ‬ ‫ض َ‬ ‫مَعا يَْأتِيَ َّدن ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫طَعا ِ‬ ‫مْدن َ‬ ‫هَعا َ‬ ‫قَعا َ‬ ‫ك ْ‬ ‫فِإ َّ‬ ‫عَعا ۖ بَْع ُ‬ ‫كم ِ ّ‬ ‫م لِبَْع ٍ‬ ‫ش ً‬ ‫عن ِذْكِر ي َ‬ ‫ ي َ‬ ‫َ‬ ‫ش َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ة‬ ‫فِإ َّ‬ ‫ض َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ن ات َّبَ َ‬ ‫م ِ‬ ‫فَل يَ ِ‬ ‫عي َ‬ ‫ه َ‬ ‫عَر َ‬ ‫و َ‬ ‫ ى ‪َ .‬‬ ‫ل َ‬ ‫هَدا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫وَل يَ ْ‬ ‫ق ٰ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬ ‫ ى‪َ .‬‬ ‫ضدن ً‬ ‫ت‬ ‫شْرتَِدن ي أ ْ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫َ‬ ‫قْد ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ ى َ‬ ‫ع َ‬ ‫ح َ‬ ‫م َ‬ ‫بِ لِ َ‬ ‫قَعا َ‬ ‫ع َ‬ ‫م اْلِقَيَعا َ‬ ‫شُرُه يَْتو َ‬ ‫كَعا َ‬ ‫ون َ ْ‬ ‫م ٰ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫م ٰ‬ ‫كدن ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ك آَيَعاُتَدنَعا َ‬ ‫صيًرا‪َ .‬‬ ‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫ ى‪.‬‬ ‫فَدن ِ‬ ‫بَ ِ‬ ‫سيَت َ‬ ‫م ُتدن َ‬ ‫ك اْليَْتو َ‬ ‫ك ٰ َذلِ َ‬ ‫هَعا ۖ َ‬ ‫ك أَتَْت َ‬ ‫ك ٰ َذلِ َ‬ ‫قَعا َ‬ ‫س ٰ‬

‫( طه ‪– 123‬‬

‫‪126‬‬ ‫ال عز وجل يتوعده في الدنيا بالمعيشة الضنك بالهم والكرب ويوم القيامة بكف‬ ‫بصره وينساه ومن ينساه ال عز وجل فإن له عذاباً شديداً ذلك ل ننه رأى وعلم الصراط‬ ‫المستقيم في الدنيا ولم يتبعه وكان أعمى البصيرة والقلب ‪ ,‬وأما من أبصر واتبع‬

‫ن‬ ‫و َ‬ ‫ه ال َّ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫الصراط المستقيم ولم يحيد عنه فكان جزاؤه كما قال ال عز وجل ) َ‬ ‫عَد الل َّ ُ‬ ‫خِل َ‬ ‫ض َ‬ ‫من‬ ‫سَت ْ‬ ‫سَت ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ف ال َّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫حَعا ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫مدن ُ‬ ‫مُدنتوا ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ك َ‬ ‫صَعالِ َ‬ ‫م َ‬ ‫آ َ‬ ‫مَعا ا ْ‬ ‫ف َّدنُه ْ‬ ‫ت لَيَ ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫مُلتوا ال َّ‬ ‫ف ي اْل َْر ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مًدنَعا ۚ‬ ‫ذ ي اْرتَ َ‬ ‫من بَْع ِ‬ ‫م ال َّ ِ‬ ‫د َ‬ ‫م َ‬ ‫ولَُي َ‬ ‫م َ‬ ‫ولَُيبَ ِّ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ ى لَُه ْ‬ ‫ن لَُه ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫مكَِّدن َّ‬ ‫دلَ َّدنُهم ِ ّ‬ ‫ض ٰ‬ ‫م ِديَدنُه ُ‬ ‫خْتوفِ ِ‬ ‫قْبِل ِ‬ ‫فَر بَْعَد ٰ َ‬ ‫ك َ‬ ‫م اْل َ‬ ‫ك َ‬ ‫كتو َ‬ ‫من َ‬ ‫سُقتوَن‪( .‬‬ ‫ك ُ‬ ‫فَعا ِ‬ ‫شِر ُ‬ ‫فُأوٰلَِئ َ‬ ‫ذل ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫شْيًئَعا ۚ َ‬ ‫ن ِب ي َ‬ ‫يَْعُبُدونَِدن ي َل ُي ْ‬ ‫ه ُ‬


‫النور ‪ 55‬ذلك وعد ال عز وجل لمن اتبع الصراط المستقيم وعده ال أل يضيق‬ ‫عليه في الدنيا ول في الخرة ول يسلط عليه قوة غاشمة تقهره أو تبطش به ‪ ,‬إنها‬ ‫طاعة ال ورسوله واتباع أمره حتى يفوز بالرضا والمن والتمكين في الدنيا وكذلك في‬ ‫الخرة يكون له فيها السعادة كلها ‪.‬‬ ‫وآُتتوا ال َّز َ‬ ‫م‬ ‫ل لَ َ‬ ‫عل َّ ُ‬ ‫وأ َ ِ‬ ‫وأ َ ِ‬ ‫طي ُ‬ ‫ستو َ‬ ‫كَعاَة َ‬ ‫صَلَة َ‬ ‫ويقول ال عز وجل ) َ‬ ‫ك ْ‬ ‫متوا ال َّ‬ ‫عتوا ال َّر ُ‬ ‫قي ُ‬ ‫ك َ‬ ‫متو َ‬ ‫ن َ‬ ‫س‬ ‫وا ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن ال َّ ِ‬ ‫ولَِبْئ َ‬ ‫م ال َّدنَعاُر ۖ َ‬ ‫مْأ َ‬ ‫و َ‬ ‫ضۚ َ‬ ‫جِزي َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ح َ‬ ‫ُتْر َ‬ ‫مْع ِ‬ ‫ن‪َ .‬ل تَ ْ‬ ‫سبَ َّ‬ ‫ه ُ‬ ‫فُروا ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ف ي اْل َْر ِ‬ ‫صيُر‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫اْل َ‬

‫( النور ‪ 57 – 56‬ال عز وجل ل يعجزه شئ في الرض ول في السماء‬

‫ولكن له سنن ول يبدل سننه ‪.‬‬ ‫ويقول ال عز وجل‬ ‫فَعائُِزو َ‬ ‫اْل َ‬ ‫ن‪.‬‬

‫ه َ‬ ‫م‬ ‫ك ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ش الل َّ َ‬ ‫طعِ الل َّ َ‬ ‫ويَ َّتْق ِ‬ ‫من ُي ِ‬ ‫فُأوٰلَِئ َ‬ ‫ه َ‬ ‫خ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫و َ‬ ‫) َ‬ ‫ستولَ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫وَر ُ‬

‫( النور ‪52‬‬

‫فقد دخل واحدا من قادة الروم على عمر بن الخطاب ‪ ‬في مسجد رسول ال )صلي‬ ‫ال عليه وسلم( وقال أشهد أن ل إله إل ال وأن ُم حنمداً رسول ال ‪ ,‬فقال له عمر‬

‫مالك يا هذا فقال له أسلمت فقال له وما سبب اسلمك قال إني قرأت التوراة والزبور‬ ‫وال ننجيل ثم سمعت أسي ارً كان عند الروم من أهل السلم يق أر وسألته ماذا تق أر فقال‬

‫أق أر القرآن فوجدت ما يقرأه جمع كل ما جاء في تلك الكتب فعلمت أنه من عند ال عز‬

‫وجل فأسلمت فقال له عمر ‪ ‬وما سمعت من ذلك السير قال سمعته يتلو قول ال‬ ‫ه َ‬ ‫هُم اْلَفَعائُِزوَن‪(.‬‬ ‫ك ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ش الل َّ َ‬ ‫طعِ الل َّ َ‬ ‫ويَ َّتْق ِ‬ ‫من ُي ِ‬ ‫فُأوٰلَِئ َ‬ ‫ه َ‬ ‫خ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫و َ‬ ‫عز وجل ) َ‬ ‫ستولَ ُ‬ ‫وَر ُ‬

‫النور ‪ 52‬فكانت تلك الية سبب دخول هذا الرجل في دين السلم ‪ -‬وطاعة ال‬ ‫إنما هى العمل بالفرائض وطاعة الرسول إنما هى العمل بسنته والفائز هو من زحرح‬ ‫عن النار وادخل الجنة ‪.‬‬ ‫ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول في حديث رواه عبد ال بن عمرو بن‬ ‫العاص ‪ ‬قال كيف أنتم إذا ظهرت فيكم خمس أعوذ بال أن تكون فيكم أو تدركوهن‬ ‫‪ ,‬ما ظهرت الفاحشة في قوم قط ُيعمل بها عل ننية إل سلط ال عليهم الوجاع‬

‫والمراض التي لم تكن في أسلفهم ‪ ,‬وما منع قوم زكاة أموالهم إل ُم ننعوا القطر من‬

‫السماء ولول البهائم لم ُيمطروا ‪ ,‬وما بخس قوم المكيال والميزان إل سلط ال عليهم‬

‫جور السلطان – والفاحشة موجودة في كل زمان ومكان ويعرف الناس جميعهم أنها‬


‫فاحشة ومنكر من العمل ومن يأتيها إنما يدرك أنه من الثمين بل ويتوارى بها عن‬ ‫أعين الناس ويستتر قدر المستطاع أما أن يأتيها الناس عل ننية فذلك الفجور كله‬ ‫وأما أن يسوق بعض الناس المبررات لرتكابها بل ومنهم من يجعلها مباحة مشروعة‬ ‫فهذا هو قمة الوبال وأشد من الفجور وعاقبة ذلك انتشار المراض والوبئة التي‬ ‫يصعب لها العلج ولم تكن معروفة من قبل ‪ ,‬وكذلك المر في إمتناع الناس عن‬ ‫إخراج زكاة أموالهم وما أكثر هؤلء الناس فإن ال عز وجل يبتليهم بنقص في‬ ‫الثمرات من قلة المطر الذي يجلب الخير من الرض حتى يأكل منه الناس ‪ ,‬وكذلك‬ ‫الغش في الميزان والمكيال وخداع الناس وأكل أموالهم بالباطل واستحل لن ذلك بدون‬ ‫أي خشية من ال أو وازع من ضمير فإن ال عز وجل يبتليهم بظلم الحاكم وما أشده‬ ‫ظلماً – والرابعة قال ومن لم يحكم أمراؤهم بشرع ال إل سلط ال عليهم عدوهم‬

‫فاستنقصوا بعضا مما في أيديهم ‪ ,‬وما لم يعملوا بينهم بكتاب ال وسنة رسوله إل‬ ‫جعل ال عز وجل بأسهم بينهم ‪.‬‬ ‫لذلك نجد الشقاق والنزاع بين أهل البلد الواحد وحتى بين القارب والخوة وبين الوالد‬ ‫وولده وذلك كله إنما هو من البعد عن منهج ال وعن سنة رسوله ‪ ,‬وال عز وجل‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫قْتوا لَ َ‬ ‫وات َّ َ‬ ‫هم بَ​َر َ‬ ‫ل اْلُقَر ٰ‬ ‫ض‬ ‫حَدنَعا َ‬ ‫ولَْتو أَ َّ‬ ‫كَعا ٍ‬ ‫مَعاِء َ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫مُدنتوا َ‬ ‫ىآ َ‬ ‫ه َ‬ ‫يقول ) َ‬ ‫فَت ْ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫ت ِّ‬ ‫واْل َْر ِ‬ ‫علَْي ِ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫ذُبتوا َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ك َّ‬ ‫سُبتو َ‬ ‫ل اْلُقَر ٰ‬ ‫مَعا َ‬ ‫كن َ‬ ‫سَدنَعا‬ ‫كَعاُنتوا يَ ْ‬ ‫خْذَنَعا ُ‬ ‫فأَ ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫وٰلَ ِ‬ ‫م َ‬ ‫هم بِ َ‬ ‫فأَ َ‬ ‫َ‬ ‫ى َأن يَْأتِيَُهم بَْأ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫عُبتو َ‬ ‫متو َ‬ ‫ل اْلُقَر ٰ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫م يَْل َ‬ ‫و ُ‬ ‫و ُ‬ ‫ض ً‬ ‫وأ َ ِ‬ ‫ح ى َ‬ ‫م َ‬ ‫ن‪ .‬أَ َ‬ ‫بَ​َيَعاًتَعا َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫سَدنَعا ُ‬ ‫ى َأن يَْأتِيَُهم بَْأ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫م َنَعائِ ُ‬ ‫هۚ َ‬ ‫أَ َ‬ ‫سُرو َ‬ ‫ه إِ َّل اْل َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫م اْل َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خَعا ِ‬ ‫كَر الل َّ ِ‬ ‫كَر الل َّ ِ‬ ‫فأَ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫فَل يَْأ َ‬ ‫مُدنتوا َ‬ ‫قْتو ُ‬ ‫م ُ‬

‫ويقول ال عز وجل‬

‫( العراف ‪99 – 96‬‬

‫ن َ‬ ‫من َ‬ ‫ذ َ‬ ‫حَيَعاًة‬ ‫و ُ‬ ‫ن َ‬ ‫صَعالِ ً‬ ‫مْؤ ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫ ى َ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫) َ‬ ‫حِييَ َّدن ُ‬ ‫فلَُدن ْ‬ ‫م ْ‬ ‫كٍر أَْو ُأنَث ٰ‬ ‫حَعا ِ ّ‬ ‫م ٌ‬ ‫تو ُ‬

‫طَ ِي ّبَ ً‬ ‫مُلتو َ‬ ‫مَعا َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫جَر ُ‬ ‫كَعاُنتوا يَْع َ‬ ‫ن َ‬ ‫ح َ‬ ‫ةۖ َ‬ ‫هم بِأَ ْ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫جِزيَ َّدنُه ْ‬ ‫ولَ​َدن ْ‬ ‫س ِ‬

‫( النحل ‪ 97‬إذا أردنا الحياة‬

‫الطيبة ورغد العيش فعلينا أن نتمسك باليمان وما يقتضيه من العمل الصالح نضمن‬ ‫النتيجة لن قائلها هو رب العالمين ‪.‬‬ ‫ت إَِل ى الّدنتوِر ۖ‬ ‫مُدنتوا ُي ْ‬ ‫مَعا ِ‬ ‫ ي ال َّ ِ‬ ‫ن الظ ُّل َ‬ ‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه َ‬ ‫ويقول ال عز وجل )الل َّ ُ‬ ‫ول ِ ّ‬ ‫جُهم ِ ّ‬ ‫خِر ُ‬ ‫م ال َّ‬ ‫ك َ‬ ‫ن َ‬ ‫ك‬ ‫ت ُي ْ‬ ‫طَعا ُ‬ ‫فُروا أَْولَِيَعاُؤ ُ‬ ‫مَعا ِ‬ ‫وال َّ ِ‬ ‫ت ۗ ُأوٰلَِئ َ‬ ‫ن الّدنتوِر إَِل ى الظ ُّل َ‬ ‫م َ‬ ‫ذي َ‬ ‫َ‬ ‫جتونَُهم ِ ّ‬ ‫خِر ُ‬ ‫غتو ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫خَعالُِدو َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ب ال َّدنَعاِر ۖ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫في َ‬ ‫هَعا َ‬ ‫ص َ‬ ‫ه ْ‬ ‫أَ ْ‬ ‫حَعا ُ‬

‫( البقرة ‪ 257‬إن طريق ال هو الطريق المستقيم‬

‫الذي يؤدي بال ننسان إلى الهداية إوالى نور الحق وأما من تولى غير ال فليس له إل‬ ‫الظلمات يمشي فيها وبها حتى تؤدي به إلى الهل كن ومثواه جهنم وبئس القرار ‪.‬‬


‫ويقول ال عز وجل ) َ‬ ‫مُدنتو َ‬ ‫م َل‬ ‫ك ِ‬ ‫ك َل ُيْؤ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫مَعا َ‬ ‫في َ‬ ‫متو َ‬ ‫ ى ُي َ‬ ‫ن َ‬ ‫وَربِ ّ َ‬ ‫فَل َ‬ ‫جَر بَْيَدنُه ْ‬ ‫م ُث َّ‬ ‫ح َّت ٰ‬ ‫حكِّ ُ‬ ‫مَعا َ‬ ‫ولَْتو أَ َّنَعا َ‬ ‫ن‬ ‫كَتْبَدنَعا َ‬ ‫سِلي ً‬ ‫حَر ً‬ ‫ق َ‬ ‫م أَ ِ‬ ‫ف ي َأنُف ِ‬ ‫جُدوا ِ‬ ‫مَعا‪َ .‬‬ ‫وُي َ‬ ‫ت َ‬ ‫ضْي َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫متوا تَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫يَ ِ‬ ‫م َّ‬ ‫جَعا ِ ّ‬ ‫سلِ ّ ُ‬ ‫علَْي ِ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫عُلتوُه إِ َّل َ‬ ‫مَعا َ‬ ‫عُلتوا‬ ‫ف َ‬ ‫ف َ‬ ‫من ِدَيَعاِر ُ‬ ‫جتوا ِ‬ ‫س ُ‬ ‫مۖ َ‬ ‫اْقُتُلتوا أنُف َ‬ ‫ولَْتو أن َُّه ْ‬ ‫مْدنُه ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫كم َّ‬ ‫ل ِّ‬ ‫قِلي ٌ‬ ‫خُر ُ‬ ‫مأ ِ‬ ‫وإ ِ ً‬ ‫كَعا َ‬ ‫ظتو َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫جًرا‬ ‫ذا َّلتَْيَدنَعا ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫مَعا ُيتو َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫ش َّ‬ ‫د تَْثِبيًتَعا‪َ .‬‬ ‫وأ َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫من ل َُّد َّنَعا أَ ْ‬ ‫خْيًرا ل َُّه ْ‬ ‫هم ِ ّ‬ ‫مَعا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ظي ً‬ ‫ع ِ‬

‫( النساء ‪ 68 – 65‬تل رسول ال )صلي ال عليه وسلم( هذه اليات‬

‫أمام الصحابة فقال واحداً منهم وال لو أمرنا لفعلنا – هو يعني لو أمرهم ال عز‬

‫وجل أن يقتلوا أنفسهم أو يخرجوا من ديارهم لمتثلوا إلى أمره – ولكن ال ما أمر‬

‫بذلك بل أمر بحفظ النفس والدفاع عن الوطن والعرض والمال ‪ ,‬ثم قال هذا الصحابي‬ ‫والحمد ل الذي عافانا فقال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( الحمد ل في أمتي‬ ‫رجال اليمان في قلوبهم أثبت من الجبال الرواسي ‪.‬‬ ‫لذلك عندما كان ذلك هو حال أهل السلم كان لهم السيادة والتمكين في الرض من‬ ‫أقصاها إلى أقصاها ‪.‬‬


‫الننور والظلم‬ ‫ ي ۚ َ‬ ‫نۖ َ‬ ‫ن اْل َ‬ ‫كُفْر‬ ‫من يَ ْ‬ ‫شُد ِ‬ ‫يقول ال عز وجل )َل إِْكَراَه ِ‬ ‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫قد ت َّبَي َّ َ‬ ‫ف ي ال ِّ‬ ‫ن الّر ْ‬ ‫غ ِّ‬ ‫دي ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ِبَعال َّ‬ ‫توْث َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه‬ ‫طَعا ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫من ِبَعالل َّ ِ‬ ‫وُيْؤ ِ‬ ‫غتو ِ‬ ‫ك ِبَعاْل ُ‬ ‫م لَ َ‬ ‫هَعا ۗ َ‬ ‫صَعا َ‬ ‫ ى َل انِف َ‬ ‫عْر َ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫ت َ‬ ‫والل َّ ُ‬ ‫سَت ْ‬ ‫دا ْ‬ ‫ق ٰ‬ ‫وِة اْل ُ‬ ‫ن‬ ‫مُدنتوا ُي ْ‬ ‫ع َ‬ ‫وال َّ ِ‬ ‫مَعا ِ‬ ‫ ي ال َّ ِ‬ ‫مي ٌ‬ ‫س ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ت إَِل ى الّدنتوِر ۖ َ‬ ‫ن الظ ُّل َ‬ ‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫م‪ .‬الل َّ ُ‬ ‫ول ِ ّ‬ ‫جُهم ِ ّ‬ ‫خِر ُ‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ٰ‬ ‫م ال َّ‬ ‫ك َ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ت ُي ْ‬ ‫طَعا ُ‬ ‫فُروا أْولَِيَعاُؤ ُ‬ ‫مَعا ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ت ۗ أولِئ َ‬ ‫ن الّدنتوِر إَِل ى الظُل َ‬ ‫م َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫جتونَُهم ِ ّ‬ ‫حَعا ُ‬ ‫خِر ُ‬ ‫غتو ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫خَعالُِدو َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ال َّدنَعاِر ۖ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫في َ‬ ‫هَعا َ‬ ‫ه ْ‬

‫( البقرة ‪257 – 256‬‬

‫إن دين السلم إنما هو عقيدة وشريعة وتلك العقيدة ل ُيكره الناس عليها بالقصر ول‬

‫بالسيف لن العقيدة أساسها الطاعة والحب ل عز وجل وبالتالي ل يمكن اكراه أحد‬ ‫أن يحب أحد إل عن ارادة حرة واختيار ‪.‬‬ ‫وال عز وجل بين لنا السبل عن طريق نبيه ورسوله ُم حنمد عليه أفضل الصلة‬

‫والسلم فكان الصلة بيننا وبين رب العالمين مبلغاً رسالته إلى الناس أجمعين ‪ ,‬فقد‬

‫بين لنا ال طريق النور وطريق الظلم والفرق بينهما كما هو الفرق بين الستقامة‬

‫والعوجاج وبين الخير والشر حتى صار واضحاً جلياً ل ينكره عقل ول يخفى على كل‬ ‫ذي بصر ‪.‬‬

‫وقد جاء رجل إلى رسول ال )صلي ال عليه وسلم( وكان له ولدان على النصرانية‬ ‫وهو مؤمن قال يا رسول ال أأكرههما على السلم كيف أكون في الجنة وبضعاً مني‬ ‫في النار فلم يجبه رسول ال )صلي ال عليه وسلم( فنزل قول ال عز وجل ل أكراه‬ ‫في الدين قد تبين الرشد من الغي ‪...‬‬ ‫وأمير المؤمنين عمر ‪ ‬جاءته امرأة عجوز نصرانية فقال لها اشهدي أن ُم حنمد عبد‬ ‫ال ورسوله تسلمي ‪ ,‬فقالت إني عجوز والموت مني قريب ول أقبل غير ديني ‪ .‬فما‬ ‫أكرهها عمر على السلم بل قال لها ل اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ‪,‬‬ ‫وكذلك كان لدى عمر أمير المؤمنين ‪ ‬خادماً اسمه أستق فقال له يا أستق إن‬

‫أسلمت وليتك أم ارً من أمور المسلمين فإني ل يحل لي أن أجعل عليهم من ليس‬

‫منهم فيقول أستق فأبيت عليه فكررها عمر ‪ ‬عدة مرات فيقول أستق فأبيت عليه‬ ‫وفي كل مرة يقول لي ل إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ‪ -‬ولو كان اكراه في‬ ‫الدين لجاز لعمر ‪ ‬أن يجبره على السلم فهو ملك له حتى يقول الشهادتين ولو‬


‫بلسانه فيكون اسلمه باللسان وليس بالقلب ‪ ,‬وكذلك لو علم أستق أنه سيجبره‬ ‫لفعلها فقط من أجل أن يتولى المنصب ولكنه وهو على النصرانية يعلم أن دين‬ ‫السلم ل اكراه فيه على العقيدة – قال أستق حتى كان يوم وفاته فبعث لي فأتيته‬ ‫فقال يا أستق أنت حر لوجه ال فقلت أشهد أن ل إله إل ال وأن ُم حنمداً رسول ال ‪.‬‬

‫وال عز وجل يقول مخاطباً رسوله ونبيه وصفيه من خلقه ُم حنمد عليه أفضل الصلة‬ ‫والسلم‬

‫عَعا ۚ أَ َ‬ ‫مي ً‬ ‫س‬ ‫ت ُت ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫من ِ‬ ‫كِرُه ال َّدنَعا َ‬ ‫فَأن َ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫ك َل َ‬ ‫شَعاَء َربّ َ‬ ‫ولَْتو َ‬ ‫) َ‬ ‫كل ُّه ْ‬ ‫ف ي اْل َْر ِ‬

‫ن‪ ( .‬يونس ‪ 99‬لو أراد ال عز وجل أن يجعل الناس كل الناس‬ ‫مْؤ ِ‬ ‫ ى يَ ُ‬ ‫مِدني َ‬ ‫َ‬ ‫ح َّت ٰ‬ ‫كتوُنتوا ُ‬ ‫من أهل اليمان والتقوى وأن يفطرهم على ال ننقياد والتقوى له تسخي ار وقه ارً لكانت‬

‫مۖ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫من‬ ‫من َّربِ ّ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ل اْل َ‬ ‫تلك مشيئته ولكن ال عز وجل جعل لهم الختيار فقال ) َ‬ ‫ك ْ‬ ‫وُق ِ‬ ‫شَعاَء َ‬ ‫شَعاَء َ‬ ‫عَتْدَنَعا ِلل َّ‬ ‫هَعا ۚ‬ ‫كُفْر ۚ إِ َّنَعا أَ ْ‬ ‫فْليَ ْ‬ ‫ظَعالِ ِ‬ ‫فْلُيْؤ ِ‬ ‫سَراِدُق َ‬ ‫ن َنَعاًرا أَ َ‬ ‫مي َ‬ ‫من َ‬ ‫و َ‬ ‫من َ‬ ‫َ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ُ‬ ‫حَعاطَ بِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫كَعا‬ ‫ٍ‬ ‫ء‬ ‫مَعا‬ ‫ب‬ ‫ثتوا‬ ‫ُ‬ ‫غَعا‬ ‫ي‬ ‫ثتوا‬ ‫غي‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫إن‬ ‫ِ‬ ‫و َ‬ ‫ب َ‬ ‫جتوَه ۚ بِْئ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫سَعاَء ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫س ال َّ‬ ‫شَرا ُ‬ ‫تو ُ‬ ‫تو ي اْل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وِ‬ ‫ف ً‬ ‫مْرتَ َ‬ ‫قَعا‪.‬‬ ‫ُ‬

‫( الكهف ‪ 29‬يبين ال عز وجل أن من انقاد واهتدى خرج من الظلم إلى‬

‫النور وكان من أهل الجنة وأما من اختار الظلم كانت له نار يحيط بها أربعة أسوار‬ ‫سمك كل سور مسيرة أربعين سنة ‪ ,‬فليختار الناس الطريق الذي يسلكونه ‪.‬‬ ‫إذا كان المر كذلك إواذا كنا ل نقهر أحد ول نجبره على أن يكون من أهل اليمان‬

‫وذلك بأمر ال عز وجل فل نقبل بأي حال من الحوال أن ُيكرهنا أحد قص ارً على أن‬

‫نسلك طريق الظلم بعد أن هدانا ال عز وجل ل لنى طريق النور فقد اخترنا معية ال‬ ‫عز وجل ومعية رسوله صلى ال عليه وسلم ولن نحيد عنه أبداً وارتضينا دين‬

‫السلم ديناً ومنهاجاً ودخلنا فيه بغير قهر ول ارهاب ‪ ,‬والحق كل الحق لنا أن ندافع‬

‫عن هذا الدين بكل ما أوتينا من قوة لكي نرد كل من يحاول أن يخرجنا من طريق‬

‫النور ونعرض نموذجاً لهذا الرهاب كما حدث في بلد مثل تركيا وهى بلد تعداد سكانها‬

‫ثمانية وتسعون في المائة من أهل السلم عندما ًع رنض على برلمانهم قانون يجعل‬

‫الزنا جريمة ًيعاقب عليها مرتكبها سواء كان رجل أو امرأة فهل ذلك هو الضل لن أم هو‬ ‫الحق هل هذا هو النور أم الظلم نجد دول أوروبا وأهل الغرب يمارسون ضغطاً‬

‫إوارهاباً على تلك الدولة ويحذرونهم إذا أقررتم مثل هذا القانون أو التشريع فل يحق‬

‫لكم أن تنضموا إلى كتلة ال تنحاد الوربي وهى وحدة اقتصادية قبل أي شئ فماذا يريد‬

‫أهل الغرب بذلك هل يريدون الفجور أن يسود في العالم كما هو عندهم حق مكفول‬


‫ًيعمل به عل ننية ‪ ,‬فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول إن لم تستح فافعل ما‬

‫شئت ‪ ,‬فإن دين السلم دين الطهارة والرقي بال ننسان جسداً وروحاً فجعل من‬

‫الشرائع ما يصون ذلك الجسد وتلك الروح وقد قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم(‬

‫في حديث له صنفان من أهل النار لم أرهما رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون‬ ‫بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلت مميلت كأن رؤوسهن أسنمة الُبخت‬ ‫المائلة ل يدخلن الجنة ول يجدن ريحها إوان ريحها ليوجد من مسيرة كذا " فقد كان‬ ‫مجرد التبرج عل ننية حراماً في دين السلم فما بالنا بالزنا ‪.‬‬

‫وكذلك نجد دولة مثل أمريكا تريد أن تعلمنا وتهدينا إلى الحضارة والرقي وحقوق‬ ‫ال ننسان تجعل من الزواج بالثانية جريمة ًيعاقب من يرتكبها بالسجن وأما تعدد‬

‫الخلء والخليلت فل شئ فيه ول وزر عليه ما هذا المنطق وما تلك الحضارة وأي‬

‫رقي هذا الذي يدعونه بل ويريدون أن نتبع نهجهم هذا ويسنون من القوانين الدولية‬ ‫ما يجبرنا على أن نفعل ذلك ويا للسف أن نجد من أهل السلم من يسير في فلكهم‬ ‫وينادي بندائهم بل ومنهم من اتبع أهواءهم وأصدر قوانين تتماشى مع هذا النهج‬ ‫فضلوا وأضلوا إل من رحم ال ‪ ,‬ثم لننظر إلى أي طريق وأي نتيجة وصلت إليها تلك‬ ‫الدول وأي حال هم فيه بعد أن اختاروا ذلك النهج الباطل وأي حال وصلوا إليه في‬ ‫مجتمعاتهم وما هو بخاف عن أي انسان ‪ ,‬ثم يغلفون تلك الدعاوى الباطلة بغلف‬ ‫براق مثل الديمقراطية والحرية وحقوق ال ننسان فأين تلك الديمقراطية والحرية في أن‬ ‫يقتلوا الناس ويبيدوا دوًل بكاملها بغير ذنب اقترفوه إل أن فيهم أو معهم أعداء لهم‬

‫حتى خربوا تلك البلد والمثلة كثيرة إنما الديمقراطية في دين السلم أن تنقاد ل رب‬ ‫العالمين وتتبع نوره الذي قال في حقه ُم حنمد )صلي ال عليه وسلم( عندما رفع يديه‬

‫يدعوه فقال أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والخرة‬ ‫فكان ال عز وجل النور الذي هدى كل خلقه وقد قال ال عز وجل في كتابه العزيز‬

‫ش َ‬ ‫ل ُنتوِرِه َ‬ ‫ف ي‬ ‫ح ِ‬ ‫ح ۖ اْل ِ‬ ‫هَعا ِ‬ ‫كَعاٍة ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫صَبَعا ٌ‬ ‫في َ‬ ‫صَبَعا ُ‬ ‫ضۚ َ‬ ‫ت َ‬ ‫مَعا َ‬ ‫س َ‬ ‫) الل َّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُنتوُر ال َّ‬ ‫مَث ُ‬ ‫واْل َْر ِ‬ ‫ ي ُيتو َ‬ ‫مَبَعاَر َ‬ ‫جَرٍة ّ‬ ‫ب ُد ِرّ ّ‬ ‫كْتو َ‬ ‫هَعا َ‬ ‫ة َ‬ ‫وَل‬ ‫ج ُ‬ ‫قُد ِ‬ ‫شْرقِي َّ ٍ‬ ‫ة َزْيُتتونَ ٍ‬ ‫ك ٍ‬ ‫ج ٍ‬ ‫كأَن َّ َ‬ ‫ة َ‬ ‫ة َّل َ‬ ‫ش َ‬ ‫من َ‬ ‫جَعا َ‬ ‫ة ۖ الّز َ‬ ‫جَعا َ‬ ‫ُز َ‬ ‫ك ٌ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ َّ‬ ‫َ‬ ‫من‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫دنتو‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫د ي‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ۗ‬ ‫ر‬ ‫نتو‬ ‫ ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫نتو‬ ‫ۚ‬ ‫ر‬ ‫نَعا‬ ‫ه‬ ‫س‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫تو‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ء‬ ‫ض ي‬ ‫ي‬ ‫هَعا‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫د‬ ‫كَعا‬ ‫ي‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٰ ُ ٍ َ ْ ِ‬ ‫غ ْ ِ َّ ٍ َ ُ َ ْ ُ َ ُ ِ‬ ‫ُ ُِ ِ ِ َ‬ ‫َ ْ ْ ْ َ ْ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫م‪.‬‬ ‫ يٍء َ‬ ‫ه بِ ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سۗ َ‬ ‫مَثَعا َ‬ ‫شَعاُء ۚ َ‬ ‫يَ َ‬ ‫والل َّ ُ‬ ‫ب الل َّ ُ‬ ‫ه اْل َ ْ‬ ‫ك ِّ‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫ضِر ُ‬ ‫ل ِلل َّدنَعا ِ‬ ‫ش ْ‬

‫( النور ‪35‬‬


‫كل نور إنما مستمد من ال عز وجل وكان المصباح إنما هو ُم حنمد )صلي ال عليه‬ ‫وسلم( الذي أرشدنا ودلنا ‪ ,‬وكان المصباح إنما هو القرآن الذي بين أيدينا ‪ ,‬وكان‬

‫المصباح إنما هو اليمان الذي في القلوب ‪ ,‬وكان النور على النور إنما هو النور‬ ‫الحسي المعنوي ‪ ,‬والزيتونة هى أساس ذلك الدين الذي ل ينحرف إلى فكر يأتينا من‬ ‫المشرق أو المغرب إوانما يكون ال ننقياد ل رب العالمين كما أمرنا رسول ال )صلي‬

‫ال عليه وسلم( بأن نخالف عقائد ومنهج كل من هو على غير ملة السلم حتى إن‬ ‫اليهود قالوا لم يدع لنا ًم حنمداً شيئاً إل خالفنا فيه ‪ ,‬ورسول ال )صلي ال عليه‬

‫وسلم( يحذرنا ويقول لتتبعن سنن من قبلكم شب ارً بشب ارً وزراعاً بزراع حتى لو دخلوا‬

‫جحر ضب لدخلتموه " وقد جاء رسول ال بمثل جحر الضب ل ننه من النتانة والقذارة‬ ‫بما ينطبق عليه نتيجة اتباع سنن من قبلنا من الملل ومن المور التي يؤدي إلى‬ ‫المهالك ‪.‬‬ ‫وكذلك يقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ل يكونن أحدكم أمعة يقول أنا مع‬ ‫الناس إن أحسنوا احسنت إوان أساءوا أسأت ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن‬

‫تحسنوا إوان اساءوا أن تجتنبوا اسائتهم ‪.‬‬

‫يريدون أن يصدروا لنا الفجور ويجبروننا على قبوله إوان كان شيئاً فيه نفعاً لنا أو‬ ‫فائدة حجبوه عنا فهل يريدون بذلك لنا الخير وعندما يحتكرون ل ننفسهم صناعات‬

‫السلحة الفتاكة الذرية وغيرها ويمنعون غيرهم وبالذات من أهل السلم أن يملكوها‬ ‫حتى تكون لهم الغلبة والقوة علينا فهل هؤلء يرجى منهم أي خير ‪.‬‬ ‫ال نور السماوات والرض وهب نوره لكل شئ يقول رسول ال )صلي ال عليه‬ ‫وسلم( في حديث رواه عبد ال بن عمرو بن العاص ‪ ‬قال قال رسول ال )صلي ال‬ ‫عليه وسلم( إن ال عز وجل خلق الخلق في ظلمة ثم نثر عليهم من نوره فمن أصابه‬ ‫ذلك النور فقد اهتدى ومن أخطأه فقد ضل " نور ال عز وجل إنما هدانا إليه ُم حنمد‬

‫)صلي ال عليه وسلم( ليضيئ لنا كل طريق ويأخذ بأيدينا إلى نهايته أل وهى جنة‬ ‫رب العالمين ‪.‬‬ ‫ولكن كيف يبث ال عز وجل نوره الذي ُيخرج به من الظلمات إلى النور فقد جعل‬ ‫لذلك وسائط منها ال ننبياء والرسل فقد قال ال عز وجل‬

‫ول َ َ‬ ‫ ى ِببآَيَعاتَِدنَعا‬ ‫متو َ‬ ‫قْد أَْر َ‬ ‫) َ‬ ‫س ٰ‬ ‫سْلَدنَعا ُ‬


‫ف ي ٰ َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫أَ ْ‬ ‫ت‬ ‫ه ۚ إِ َّ‬ ‫ذكِّْر ُ‬ ‫خِر ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م الل َّ ِ‬ ‫مَعا ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫ك َلَيَعا ٍ‬ ‫ذل ِ َ‬ ‫ت إَِل ى الّدنتوِر َ‬ ‫ن الظ ُّل َ‬ ‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫قْتو َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫هم بِأَ َّيَعا ِ‬ ‫كتوٍر‪.‬‬ ‫ش ُ‬ ‫لِ ّ ُ‬ ‫ص َّبَعاٍر َ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ِّ‬

‫( ابراهيم ‪ 5‬فأخرج موسى قومه من ظلمات الجهل والشرك إلى‬

‫نور اليمان والتوحيد ولكنهم ما لبثوا أن عادوا إلى الظلمات وما خرجوا منها ‪ ,‬وأما‬ ‫ُم حنمد )صلي ال عليه وسلم( فقد جعله ال نو ارً ومصباحاً وسراجاً مني ارً فقد قال ال‬ ‫عز وجل‬

‫ه‬ ‫و َ‬ ‫عًيَعا إَِل ى الل َّ ِ‬ ‫دا ِ‬ ‫ون َ ِ‬ ‫مبَ ّ ِ‬ ‫شَعا ِ‬ ‫)َيَعا أَيّ َ‬ ‫ذيًرا‪َ .‬‬ ‫شًرا َ‬ ‫هًدا َ‬ ‫ك َ‬ ‫سْلَدنَعا َ‬ ‫ ي إِ َّنَعا أَْر َ‬ ‫هَعا ال َّدنِب ّ‬ ‫و ُ‬

‫جَعا ّ‬ ‫مِدنيًرا‪.‬‬ ‫سَرا ً‬ ‫و ِ‬ ‫بِ​ِإْذنِ ِ‬ ‫ه َ‬

‫( الحزاب ‪ 46 – 45‬فكان هذا السراج هو الذي جعله ال‬

‫عز وجل ليخرج الناس من الظلمات إلى النور فإن كل نبي ورسول أخرج قومه أما‬ ‫ُم حنمد )صلي ال عليه وسلم( عندما جاءه عمر ‪ ‬وقال له يا رسول ال لقد أمرت‬ ‫أخاً لي من يهود بني قريظة أن ينسخ لي أوراقاً من التوراة فأعرضها عليك فتغير‬

‫وجه رسول ال )صلي ال عليه وسلم( وغضب فقال رضينا بال رباً وبالسلم ديناً‬

‫وبُم حنمد نبياً ورسوًل فقال له يا عمر لو كان موسى وعيسى حيين ما كان في وسعهما‬ ‫إل أن يؤمنا بما جئت به ‪ .‬ذلك لن كل نبي أو رسول مبعوث إلى قومه خاصة أما‬

‫ُم حنمد )صلي ال عليه وسلم( فهو السراج الذي يهدي ال به الخلق كل الخلق كما‬ ‫قال ال عز وجل‬

‫ب َ‬ ‫)َيَعا أَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫م‬ ‫مَعا ُ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫جَعاَء ُ‬ ‫كَتَعا ِ‬ ‫ل اْل ِ‬ ‫قْد َ‬ ‫ه َ‬ ‫كدنُت ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫م َّ‬ ‫كِثيًرا ِ ّ‬ ‫ستوُلَدنَعا ُيبَيِ ّ ُ‬ ‫م َر ُ‬

‫كِثيٍر ۚ َ‬ ‫خُفتو َ‬ ‫ب ّ‬ ‫عن َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ويَْعُفتو َ‬ ‫ُت ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ن الل َّ ِ‬ ‫جَعاَء ُ‬ ‫كَتَعا ِ‬ ‫ن اْل ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ُنتوٌر َ‬ ‫م َ‬ ‫قْد َ‬ ‫ب َ‬ ‫م َ‬ ‫كم ِ ّ‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫كَتَعا ٌ‬

‫(‬

‫المائدة ‪ 15‬كان ذلك النور هو ُم حنمد عليه أفضل الصلة والسلم وكان الكتاب‬

‫ل ميس ار ليخرجنا ليل نهار‬ ‫المبين هو القرآن الذي جعله ال عز وجل بين أيدينا سه ً‬

‫من الظلم إلى النور كما قال ال عز وجل‬ ‫م ُنتوًرا ّ‬ ‫مِبيًدنَعا‪.‬‬ ‫وَأنَزْلَدنَعا إِلَْي ُ‬ ‫ َّربِ ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬

‫س َ‬ ‫كم ُبْر َ‬ ‫من‬ ‫هَعا ٌ‬ ‫جَعاَء ُ‬ ‫)َيَعا أَيّ َ‬ ‫قْد َ‬ ‫ن ِّ‬ ‫هَعا ال َّدنَعا ُ‬

‫( النساء ‪ 174‬ال عز وجل أنزل إلينا هذا النور‬

‫المبين الواضح الجلي حتى ل نتوجه إلى شرق ول إلى غرب ول نأخذ من هذا أو ذاك‬ ‫– فهل بعد ذلك نترك النور والفضيلة ونتبع الظلم والرذيلة التي ما أدت بمن تبعها‬ ‫و َ‬ ‫كأَِّين‬ ‫واستجاب لها إل إلى الهل كن في الصحة والنفس والمال وقد قال ال عز وجل ) َ‬ ‫ه َ‬ ‫من َ‬ ‫ذْبَدنَعا َ‬ ‫سْبَدنَعا َ‬ ‫ع َّ‬ ‫عَذاًبَعا‬ ‫هَعا َ‬ ‫و َ‬ ‫ت َ‬ ‫ة َ‬ ‫ش ِ‬ ‫هَعا ِ‬ ‫سِل ِ‬ ‫قْريَ ٍ‬ ‫مِر َربِ ّ َ‬ ‫ديًدا َ‬ ‫سَعاًبَعا َ‬ ‫ح َ‬ ‫حَعا َ‬ ‫ف َ‬ ‫هَعا َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫عَت ْ‬ ‫ِّ‬ ‫وُر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فَذا َ‬ ‫كًرا‪َ .‬‬ ‫مِر َ‬ ‫مِر َ‬ ‫كَعا َ‬ ‫و َ‬ ‫ديًدا ۖ‬ ‫م َ‬ ‫سًرا‪ .‬أ َ‬ ‫عَعاقِبَ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫نّ ْ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع َّ‬ ‫عَذاًبَعا َ‬ ‫هَعا َ‬ ‫وَبَعا َ‬ ‫ت َ‬ ‫د الل َّ ُ‬ ‫ه لَُه ْ‬ ‫خ ْ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫هَعا ُ‬ ‫مُدنتوا ۚ َ‬ ‫َ‬ ‫ستوًل يَْتُلتو‬ ‫فَعات َُّقتوا الل َّ َ‬ ‫ه إِلَْي ُ‬ ‫ب ال َّ ِ‬ ‫ه َيَعا ُأوِل ي اْل َْلَبَعا ِ‬ ‫قْد َأنَز َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل الل َّ ُ‬ ‫ك ْ‬ ‫م ِذْكًرا‪َّ .‬ر ُ‬

‫ت إَِل ى‬ ‫و َ‬ ‫ت لِ ُّي ْ‬ ‫َ‬ ‫خِر َ‬ ‫مَعا ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫حَعا ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ج ال َّ ِ‬ ‫ت الل َّ ِ‬ ‫م آَيَعا ِ‬ ‫علَْي ُ‬ ‫مبَ ِي َّدنَعا ٍ‬ ‫ن الظ ُّل َ‬ ‫م َ‬ ‫صَعالِ َ‬ ‫مُدنتوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ْ‬ ‫مُلتوا ال َّ‬ ‫ه ُ‬ ‫َ‬ ‫هَعاُر‬ ‫صَعالِ ً‬ ‫جِر ي ِ‬ ‫حَعا ُيْد ِ‬ ‫من ِبَعالل َّ ِ‬ ‫من ُيْؤ ِ‬ ‫ج َّدنَعا ٍ‬ ‫هَعا اْلْن َ‬ ‫حِت َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل َ‬ ‫ويَْع َ‬ ‫ه َ‬ ‫و َ‬ ‫الّدنتوِر ۚ َ‬ ‫خْل ُ‬ ‫من تَ ْ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫هَعا أَبًَدا ۖ َ‬ ‫ن الل َُّه لَُه ِرْزًقَعا‪ ( .‬الطل قن ‪ 11 – 8‬تلك اليات ما‬ ‫ن ِ‬ ‫خَعالِ ِ‬ ‫في َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫دي َ‬ ‫َ‬ ‫قْد أَ ْ‬


‫سمعها عاقل إل اتبع ذلك النور لن فيه الهداية والصلح في أمر الدنيا والخرة وهى‬ ‫ماثلة أمام أعين كل مبصر إذا أراد أن يبصر ‪.‬‬ ‫إن ال عز وجل جعل نوره عن طريق ال ننبياء والرسل وآخرهم ُم حنمد )صلي ال عليه‬

‫وسلم( وليس عن طريق فل نن أو غيره مهما أتاه ال من الحكمة والعقل والفكر والعلم‬ ‫كَعا َ‬ ‫شٍر َأن ُي َ‬ ‫مَعا َ‬ ‫من‬ ‫حًيَعا أَْو ِ‬ ‫ه إِ َّل َ‬ ‫كلِ ّ َ‬ ‫ن لِبَ َ‬ ‫و َ‬ ‫ووسائل الحياة لن ال عز وجل قال ) َ‬ ‫ه الل َّ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫و ْ‬ ‫ستوًل َ‬ ‫و َ‬ ‫ك‬ ‫ه َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ ي بِ​ِإْذنِ ِ‬ ‫فُيتو ِ‬ ‫ب أَْو ُيْر ِ‬ ‫وَراِء ِ‬ ‫جَعا ٍ‬ ‫ك ٰ َذلِ َ‬ ‫م‪َ .‬‬ ‫ ي َ‬ ‫مَعا يَ َ‬ ‫ه َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬ ‫شَعاُء ۚ إِن َّ ُ‬ ‫عِل ّ‬ ‫كي ٌ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٰ‬ ‫عْلَدنَعاُه‬ ‫ج َ‬ ‫ك ُرو ً‬ ‫مَعا ُ‬ ‫ول ِ‬ ‫مَعا اْل ِ‬ ‫مَعا ُ‬ ‫كن َ‬ ‫ن َ‬ ‫وَل ا ْ ِلي َ‬ ‫ب َ‬ ‫ت تَْدِر ي َ‬ ‫كدن َ‬ ‫مِرَنَعا ۚ َ‬ ‫حْيَدنَعا إِلَْي َ‬ ‫أَْو َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫حَعا ِ ّ‬ ‫كَتَعا ُ‬ ‫ط ّ‬ ‫م‪.‬‬ ‫ ى ِ‬ ‫ك لَ​َتْه ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫شَعاُء ِ‬ ‫د ي بِ ِ‬ ‫ُنتوًرا ن َّْه ِ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫وإِن َّ َ‬ ‫عَبَعاِدَنَعا ۚ َ‬ ‫من ن َّ َ‬ ‫ه َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫د ي إِلَ ٰ‬ ‫سَتِقي ٍ‬

‫( الشورى‬

‫‪ 52 – 51‬إوانك يا ُم حنمد عليك أفضل الصلة والسلم تهدي الناس إلى الصراط‬

‫المستقيم ‪.‬‬

‫يقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( كل أمتي يدخلون الجنة إل من أبى قالوا ومن‬ ‫يأبى يا رسول ال قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى " ‪.‬‬ ‫وكذلك يقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( جاءني ملكان يقول أحدهما لصاحبه‬ ‫ل فقال إن مثله ومثل أمته كمثل ملك بنى بيتاً واتخذ دا ار وأعد‬ ‫أضرب له ولمته مث ً‬

‫مأدبة بها أطيب الطعام والشراب جعل من يدعو لها الناس فمن أجاب الداع دخل‬

‫وغنم ومن لم يجبه فقد خسر " ثم يفسر رسول ال ذلك المثل فيقول أما الملك الذي‬ ‫بنى وأعد ذلك كله فهو ال عز وجل وأما الدار فهى الجنة وأما الداع فإنما هو رسول‬ ‫ال ُم حنمد عليه الصلة والسلم ‪.‬‬

‫لذلك فمن أجابه إلى ما دعا إليه فاز فو ازً عظيماً ودخل الجنة وأما من لم يجبه فقد‬

‫ضل وخسر وأما من أجاب غيره فقد ضل ضلًل بعيداً وخسر خسراناً مبيناً ‪.‬‬


‫حسن الخنلق‬ ‫اللهم صل وسلم عليك يا رسول ال يا من كنت أحسن الناس خلقاً فقد قال عنك أنس‬

‫بن مالك ‪ ‬كان رسول ال )صلي ال عليه وسلم( أحسن الناس خلقاً ‪.‬‬

‫ُم حنمد )صلي ال عليه وسلم( الذي هو أشرف الخلق عند ربه وأعلهم مرتبة كان‬

‫يعامل خادمه بالخلق الحسن فعن أنس بن مالك ‪ ‬قال خدمت رسول ال )صلي ال‬ ‫عليه وسلم( عشر سنين فلم يقل لي لشئ فعلته لما فعلته ول لشئ لم أفعله لما لم‬ ‫تفعله ‪ .‬وعن أم المؤمنين عائشة رضى ال عنها وأرضاها قالت لم يكن رسول ال‬ ‫)صلي ال عليه وسلم( فاحشاً ول متفحشاً ول بذيئاً وكان أحسن الناس خلقاً وما‬

‫ضرب رسول ال )صلي ال عليه وسلم( بيده شيئاً قط ل امرأة ول خادماً ‪.‬‬

‫س ئنلت أم المؤمنين عن خلقه قالت كان خلقه القرآن وقالت من أراد أن يعرف‬ ‫وعندما ُ‬ ‫خلق ُم حنمد )صلي ال عليه وسلم( فليق أر العشر آيات الول من سورة المؤمنون ‪.‬‬

‫إن ال عز وجل فرض على أمة السلم صيام شهر رمضان ومن فوائد هذا الصيام‬

‫ومن أهدافه أنه يسمو بروح ال ننسان ويجعل في قلبه الرأفة والرحمة هذا إن كان‬ ‫صيامه كما ينبغي أن يكون الصيام وكما أمر ال عز وجل وبلغ رسوله وسن سننه‬ ‫في الصيام وما كان الهدف الوحيد من الصيام كثرة العبادة فإن ال عز وجل غني عن‬ ‫م اْلُف َ‬ ‫هۖ‬ ‫قَراُء إَِل ى الل َّ ِ‬ ‫عبادة الخلق أجمعين فإن ال عز وجل يقول )َيَعا أَيّ َ‬ ‫س َأنُت ُ‬ ‫هَعا ال َّدنَعا ُ‬ ‫مَعا ٰ َ‬ ‫تو اْل َ‬ ‫ه‬ ‫ك َ‬ ‫ت بِ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫عَل ى الل َّ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ويَْأ ِ‬ ‫هْب ُ‬ ‫شْأ ُيْذ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫دي ٍ‬ ‫ذل ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫د‪َ .‬‬ ‫ق َ‬ ‫م َ‬ ‫ميُد‪ِ .‬إن يَ َ‬ ‫ ي اْل َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫والل َّ ُ‬ ‫ك ْ‬ ‫غِدن ّ‬ ‫خْل ٍ‬ ‫عِزيٍز‪.‬‬ ‫بِ َ‬

‫( فاطر ‪17 – 15‬‬

‫ومن الدل ئنل على صحة الصوم وكذلك من أهدافه أن قال رسول ال )صلي ال عليه‬ ‫وسلم( في حديث له " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس ل حاجة في أن يدع‬ ‫طعامه وشرابه " أي أنه ل فائدة من صيام الفرد إن لم يتجنب قول الزور أو العمل به‬ ‫ل ننه من سوء الخلق ‪ ,‬وعن جابر بن عبد ال ال ننصاري ‪ ‬يقول إذا صمت فليصم‬ ‫سمعك وبصرك ولسانك عن الغيبة والنميمة والكذب ودع أذى الناس ول تجعل يوم‬ ‫صومك يوم فطرك سواء ‪.‬‬


‫ويقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( إذا كان يوم صوم أحدكم فل يصخب ول‬ ‫يجهل فإن سابه أحد فليقل إني صائم ‪.‬‬ ‫كما أن قراءة القرآن تهدي إلى حسن الخلق ولكن قراءته كما ينبغي أن يكون ل ننه ل‬ ‫يؤمن بالقرآن من لم يحرم ما حرمه القرآن ورب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه يق أر أل لعنة‬ ‫ال على الظالمين وهو من الظالمين ‪.‬‬ ‫ولنعرف فضل حسن الخلق وعاقبة سوء الخلق نسرد ما رواه عبادة بن الصامت ‪‬‬ ‫حيث قال خرج علينا رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ليخبرنا عن ليلة القدر فتلحى‬ ‫رجل نن من المسلمين – أي تشاج ار أو اختلفا – فُر فنعت ليلة القدر ‪ .‬ل ننه كان بين‬

‫رجلين تشاحن وخصومة فرفع العلم بها بسبب سوء الخلق ‪.‬‬

‫لذا رسول ال )صلي ال عليه وسلم( كان يقول للناس بعد أن جمعهم أمامه أل‬ ‫أخبركم بدرجة هى أفضل من درجة الصلة والصيام والزكاة – جمع أكثر ما يكون في‬ ‫رمضان فما هى الدرجة العلى من الصيام في سبيل ال أو من الصلة التي هى‬ ‫عماد الدين أو من الزكاة التي فرضها على كل من ملك النصاب – قالوا بلى يا رسول‬ ‫ال قال إصلح ذات البين " إذن الصلح بين المتخاصمين سواء كانوا أفراد أو‬ ‫جماعات أو دول وبلدان أو حتى بين الزوج وزوجته ‪ ,‬أن تسعى ل ننهاء خصومة بين‬ ‫متخاصمين تلك درجة أعلى من هذه العبادات العظيمة ‪ ,‬فإذا كنت تسعى لذلك‬ ‫فالولى بك أل يكون بينك أنت وبين أحد من الناس خصومة أو بغضاء وأن تنأى عن‬ ‫س ئنل‬ ‫الغل والحقد والحسد لخيك المسلم فإن عبد ال بن عمرو بن العاص ‪ ‬قال ُ‬

‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( أي الناس أفضل يا رسول ال قال كل مخموم‬

‫القلب صدوق اللسان قالوا أما صدوق اللسان فعلمناه فما مخموم القلب قال التقي‬ ‫النقي الذي ل اثم فيه ول بغي ول غل ول حسد " فإن كنت كذلك فأنت من أهل اليمان‬ ‫كما وصفه رسول ال )صلي ال عليه وسلم(‬ ‫وفي حديث آخر لرسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول أل أدلكم على ما هو أفضل‬ ‫من درجة الصيام والصلة والصدقة قالوا بلى قال إصلح ذات البين فإن فساد ذات‬ ‫البين هى الحالقة ول أقول تحلق الشعر إوانما تحلق الدين "‬


‫والخصومة بين الناس هى من عمل الشيطان فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم(‬ ‫يقول إن الشيطان يأس أن يعبده المصلون ولكنه لم ييأس من التحريش بينهم لن‬ ‫الخصومة بين الناس من شأنها أن تمحو الدين عنهم ل ننهم يرتكبوا من الفعال التي‬ ‫تخالف ما أمر ال به في دينه حتى ينتصر كل منهم على الخر فيضيع الدين وهذا‬ ‫هدف الشيطان ‪.‬‬ ‫ويقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ُتعرض أعمال العباد على ال كل يوم اثنين‬ ‫وخميس فيغفر ال لكل عبد ل ُيشرك به شيئاً إل المتصارعين أي المتخاصمين فيقول‬ ‫ال عز وجل أخروا هذين حتى يصطلحا ‪ ,‬إلى هذا الحد كانت الخصومة والبغضاء‬

‫والتشاحن بين الناس من شأنها أن تمنع مغفرة ال عز وجل للعباد ومن أجل ذلك دلنا‬ ‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( على علو درجة من يصلح بين الناس ‪.‬‬ ‫ويقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ول‬ ‫تحاسدوا ول تباغضوا ول تدابروا وكونوا عباد ال اخواناً " ل يظن أحدكم بأخيه ش ار‬

‫أو سوءاً لن ظن السوء من عمل الشيطان فيكون قد ظلم أخيه وكذلك ل يسلمه لمن‬

‫يظلمه ويسيئ إليه بالقول في غيبته ويحقر من شأنه فربما يكون أفضل منك ومنه‬

‫عند ال عز وجل فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول رب مدفوعاً بالبواب لو‬ ‫أقسم على ال لبره " مدفوعاً بالبواب أي يغلق الناس في وجهه الباب من سوء‬

‫مظهره أو هيئته أو من حاجته عندهم ولكنه قد يكون عند ال من الصالحين الذين‬ ‫يستجيب ال لهم الدعاء وذلك من شدة تقواه وورعه ‪ ,‬فإن ال عز وجل ل ينظر إلى‬ ‫صوركم ل ننه هو الذي صوركم ووهبكم هذا الخلق ول ينظر إلى أموالكم ل ننه هو الذي‬ ‫رزقكم إياها ولكنه ينظر إلى قلوبكم وما تحويه من التقوى فإن رسول ال )صلي ال‬ ‫عليه وسلم( يقول التقوى هاهنا التقوى هاهنا وهو يشير إلى قلبه ‪.‬‬ ‫فإن كنت تقي فلن تحمل في قلبك بغضاً أو كرهاً أو حسداً لحد من الناس وبالتالي لن‬

‫تظلم أو تأكل بالباطل أو تأتي بأي سلوك يحمل سوء الخلق لن ال عز وجل من‬

‫حكمته أن خلق القلب ل يحمل النقيضين في ذات الوقت فإن أحدهما لبد أن يطرد‬ ‫الخر ‪.‬‬


‫وعلي بن ابي طالب ‪ ‬يقول‪ :‬الناس من جهه التمثال أكفاء أبوهم آدم والم حواء‬ ‫إوان يكن لهم من حسب ينتسبون له فالطين والماء ‪.‬‬

‫فلماذا يكون التكبر على الناس واحتقار شأنهم والصل واحد والنسب واحد والمنشأ‬

‫واحد من نطفة إذا وقعت على يدك غسلتها بالماء ونهايتك جيفة نتنة ل تقوى على‬ ‫رائحتها بعد خروج الروح منها ‪.‬‬ ‫فمن أراد أن يكون مع رسول ال )صلي ال عليه وسلم( في درجته في الجنة فإن‬ ‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( قال في حديث رواه عبد ال بن عمر ‪ ‬قال قال‬ ‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( إن من أحبكم إلّي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة‬ ‫أحسنكم أخلقاً الموطئون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون " ما أعظم تلك المنزلة‬

‫والمكانة لحسن الخلق فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( لم يذكر كثرة صيام ول‬ ‫قيام ول صدقة ول أي من السنن إوانما سنة واحدة هى حسن الخلق ترفع العبد إلى‬

‫أعلى درجة على الطل قن وهى القرب من مجلس رسول ال )صلي ال عليه وسلم(‬

‫يوم القيامة ‪.‬‬ ‫ويقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ما من شئ أثقل في الميزان من حسن‬ ‫الخلق ‪ ,‬وال عز وجل يكره الفاحش البذئ إوان صاحب الخلق الحسن يبلغ درجة‬

‫الصائم القائم " وكذلك جاء رسول ال )صلي ال عليه وسلم( إلى أصحابه وهم‬

‫جلوس فقل لهم أل أخبركم بشراركم قالوا بلى يا رسول ال قال الذي ينزل وحده ويجلد‬ ‫عبده ويمنع رفده ‪ -‬الشرير هو الذي ل يختلط به الناس ول يخالطهم المنبوذ لسوء‬ ‫في خلقه الذي يعتدي على الضعيف الذي ليس له حيلة من العبيد أو الخدم أو المرأة‬ ‫أو الشيخ الكبير وهو كذلك بخيل شحيح ل ينفق من رزق ال على الناس بل يمنعه‬ ‫عنهم – ثم يقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( أل أخبركم بشر من ذلك قالوا بلى‬ ‫يا رسول ال قال الذي يبغض الناس ويبغضونه – هو أوًل يبغض الناس ل ننه يحقد‬ ‫عليهم وبسبب ذلك يبغضه الناس – ثم يقول رسول ال )صلي ال عليه وسلم( أل‬

‫أخبركم بشر من ذلك الذي ل يقيل عسرة ول يقبل عذ ارً ول يغفر ذنباً – ذلك الذي هو‬

‫فاجر في خصومته إذا كان بينه وبين أخيه شحناء أو خصومه ل يلتمس له العذر ول‬

‫يقبل منه السف ول زلة اللسان غليظ القلب لن رسول ال )صلي ال عليه وسلم(‬


‫يقول من لم يقبل عذر من اعتذر إليه لم يرد على الحوض فإنه يجب أن يكون‬ ‫متسامحاً مع من كان صادقاً في عذره وعلم خطأه في حقك – ثم قال رسول ال‬

‫)صلي ال عليه وسلم( أل أخبركم بشر من ذلك الذي ل ُيرجى خيره ول يؤمن شره –‬ ‫الذي ل خير من وراءه ل يرجى منه كلمة طيبة ول عطاًء لوجه ال ول يرجى منه‬

‫معروفاً أو مساعدة أو عون لحد بل إنه على النقيض يخاف من شره الناس فهو ل‬

‫يؤمن جانبه لذلك هو أعلى رتبة في الشر كما قال رسول ال )صلي ال عليه‬ ‫وسلم( ‪.‬‬

‫إذا فرغ المسلم من عبادة ل مثل صوم رمضان أو صلة أو حج ووجد أنه كما دخل‬ ‫فيها بشره خرج والشر في نفسه كما هو فليعلم أنه ما أدى تلك العبادة ل على حقها‬ ‫وكما ينبغي فإن من شأن التعبد ل عز وجل أن يسمو بالنفس والروح ويؤدي‬ ‫بالضرورة إلى حسن الخلق طبقاً للمقاييس والمعايير التي حددها رسول ال )صلي‬

‫ال عليه وسلم( في الحاديث السابقة ‪ ,‬إوان رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول‬

‫ثل ثنة ل ترتفع صل تنهم فوق رؤسهم شب ارً من أم قوم وهم له كارهون ‪ ,‬وامرأة باتت‬ ‫وزوجها عليها ساخط ‪ ,‬وأخوان متصارمان " تلك الفئات الثل ثنة يقول رسول ال‬

‫)صلي ال عليه وسلم( أنهم ل ترتفع صل تنهم إلى السماء ول يقبلها ال عز وجل‬ ‫منهم لسباب كلها متعلقة بعلقتهم بالناس ومن أساءة أساؤها لهم وبالتالي لم‬ ‫تنفعهم تلك العبادة ولم تغنهم لن بينهم وبين الناس شحناء وبغضاء ‪.‬‬ ‫إن حسن الخلق من أهم أسباب تقبل ال عز وجل لعبادة العبد إوان سوء الخلق من‬

‫أهم أسباب غضب ال عز وجل على العبد فهل وعى كل ذي عقل مدى أهمية حسن‬ ‫الخلق ‪.‬‬


‫الكلم الطنيب‬ ‫اللهم صل وسلم عليك يا رسول ال يا من كنت أبعد الناس عن الفحش من القول أو‬ ‫العمل وكان وصفك أنك لست بفحاشاً ول صخاباً في السواق ‪ ,‬فقد كان رسول ال‬

‫)صلي ال عليه وسلم( يوزع في أحد اليام أقبية – عطايا ما – على الناس فجاء‬

‫رجل ومعه ولده وقال له أدخل على رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يعطيك فتردد‬ ‫الولد وقال أأدخل على رسول ال فقال له والده أدخل عليه فإنه ليس من الجبارين‬ ‫ليس بفاحش ول فظ‬ ‫وفي يوم من اليام دخل على رسول ال )صلي ال عليه وسلم( جماعة من اليهود‬ ‫فقالوا له السام عليك يا ُم حنمد فقال لهم وعليكم وكانت حاضرة أم المؤمنين عائشة‬

‫رضى ال عنها فردت وقالت وعليكم السام واللعنة فقال لها رسول ال )صلي ال عليه‬ ‫وسلم( لماذا قلت ذلك قالت ألم تسمع قولهم يا رسول ال قال سمعت وما سمعت ما‬ ‫قلت لهم فقد قلت لعم وعليكم إن ال عز وجل ل يحب الفحش من القول ول يحب‬ ‫الفاحش البذئ ‪.‬‬ ‫رسول ال )صلي ال عليه وسلم( عفيف اللسان طيب المنطق لذلك كان يقول عن‬ ‫نفسه ُأتيت جوامع الكلم ‪ ,‬وما كانت جوامع الكلم إل حسن التعبير وقوة المنطق في‬ ‫كلمات كلها عذوبة خالية من كل بذاءة أو فحش ‪.‬‬ ‫يقول ال عز وجل‬

‫ح َٰ‬ ‫ه اْلبَ​َيَعا َ‬ ‫سَعا َ‬ ‫م اْلُقْرآ َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫ن ‪َ .‬‬ ‫عل َّ َ‬ ‫ق ا ْ ِلن َ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫عل َّ َ‬ ‫م ُ‬ ‫)ال َّر ْ‬ ‫م ُ‬

‫(‬

‫الرحمن ‪ 4 – 1‬ال عز وجل علم ال ننسان البيان فإذا كان امعلم هو ال عز وجل‬ ‫فيجب أن يكون ال ننسان نقي البيان عف اللسان طاهر الكلم ‪ ,‬يجب أن يتحرى‬ ‫ويقف ويتدبر كل كلمة تخرج من فاه وأن يعمل لها ألف حساب ويتدبر فيما وراءها‬ ‫من أثر فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول " من ضمن لي ما بين لحييه‬ ‫وبين فخذيه أضمن له الجنة " إوان ذلك وعد من رسول ال )صلي ال عليه وسلم(‬

‫الذي ما ينطق عن الهوى أن يتحكم ال ننسلن في الكلم الذي ينطق به فل يخرج من‬

‫بين لحييه أي ما تغطيه اللحية أي الفكين إل كل ما هو طيب من الكلم ‪.‬‬


‫ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول في حديث معناه " إن الرجل ليتكلم بالكلمة‬ ‫من رضوان ال عز وجل لينظر إليها يجعله ال بها في رضوانه إلى قيام الساعة ‪,‬‬ ‫إوان الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط ال يسخط ال عليه بها إلى يوم القيامة "‬

‫إوان هذا السخط أو الرضوان من ال عز وجل إنما يكون في الحياة الدنيا حتى يوم‬ ‫الحساب فيكون هناك حساب أو عقاب أخر ‪ ,‬وقد قال رسول ال )صلي ال عليه‬

‫وسلم( لمعاذ بن جبل ‪ ‬يا معاذ أمسك عليك هذا فقال أو نحن مؤاخذون بما نتكلم يا‬ ‫رسول ال فقال له ثكلتك أمك أُيكب الناس على وجوههم في النار يوم القيامة إل‬

‫حصائد ألسنتهم " فلينظر كل واحد إلى ما حصد لسانه وكيف كان صادقاً فيما يقول‬

‫أم كاذباً كان فاحشاً أم طيباً وما ترك هذا الكلم من أثر لدى من سمعه وذلك كل يوم‬

‫حتى يتجنب السيئ من القول إن كان قاله في اليوم الذي بعده حتى يدرب ويمرن‬ ‫لسانه على الطيب من القول ‪.‬‬

‫وعن عقبة بن عامر ‪ ‬قال لقيت رسول ال )صلي ال عليه وسلم( فبدأته فقلت يا‬ ‫رسول ال بما نجاة المؤمن فقال أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك ولتبك على‬ ‫خطيئتك ‪ .‬تلك المور الثل ثنة إنما فيها نجاة المؤمن أولها أمسك عليك لسانك وليس‬ ‫المسك أن نمتنع عن الكلم إوانما أن يمسكه أي يحكمه ويتحكم فيه وليس العكس أن‬

‫يتحكم اللسان في صاحبه والدليل على ذلك أن بعض الناس عندما تسأله لماذا قلت‬

‫ذلك القول السيئ فيقول ل أدري لماذا قلت ذلك لقد أخطأ لساني وذل فهذا هو من لم‬ ‫يحكم لسانه ويمسكه عن الخطأ بل يكون لسانه هو من المتحكم فيه ‪ ,‬وذلك إنما‬ ‫يتأتى بالتدريب عليه وبالتدبر في القول قبل أن ينطقه اللسان ولنعلم أن من أراد بنية‬ ‫صادقة أن ُيحسن قوله أعانه ال عز وجل عليه ومكنه منه ‪ ,‬ثم يقول عقبة بن عامر‬ ‫رضى ال عنه ثم لقيت رسول ال )صلي ال عليه وسلم( فبدأني فقال يا عقبة أل‬

‫أخبرك بأفضل ثلث سور نزلت في التوراة وال ننجيل والزبور والقرآن العظيم قلت بلى‬ ‫يا رسول ال قال " قل هو ال أحد ‪ ,‬وقل أعوذ برب الفلق ‪ ,‬وقل أعوذ برب الناس ‪,‬‬ ‫ل تنساهن ول تبيت ليلة حتى تقرأهن ‪ .‬يقول عقبة فوالذي بعثه بالحق نبياً ما‬

‫نسيتهن وما بت ليلة ل أقرأهن منذ أن حدثني رسول ال )صلي ال عليه وسلم( بهذا‬ ‫الحديث ‪.‬‬


‫ثم يقول عقبة في مرة ثالثة ثم لقيت رسول ال )صلي ال عليه وسلم( فابتدأته فقلت‬ ‫يا رسول ال أخبرني عن فضائل العمال فقال أعطي من حرمك وصل من قطعك‬ ‫واعف عن من ظلمك ‪ .‬وتلك الفضائل من العمال من استطاعها فقد ملك زمام نفسه‬ ‫ل ولكن لننظر إلى أول ما أمر به رسول ال )صلي ال عليه وسلم( عقبة‬ ‫قوًل وعم ً‬ ‫‪ ‬وهو أن أمسك عليك لسانك فإنما هى زمام المر كله ‪.‬‬

‫وحبر المة عبد ال بن عباس ‪ ‬يقول للناس يقول لهل التقوى واليمان أل أخبركم‬ ‫بخمس هى أحسن من الدهم الموقفة – أي من الخيل المحبوسة للجهاد في سبيل ال‬ ‫– أل تتكلم فيما ل يعنيك فإنه فضل ول أمن عليك الوزر أي أن الكلم فيما ل يعنيك‬ ‫يجرك إلى وزر ل محالة ‪ ,‬ولن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول من حسن‬ ‫إسلم المرء تركه ما ل يعنيه " لن الخوض فيما ل يعنيك يجلب عليك المتاعب‬ ‫ويوقعك في الخطاء ويدخلك في معصية ال عز وجل وعصيان أمر رسول ال )صلي‬ ‫ال عليه وسلم( كانت تلك الولى أما الثانية فقال ول تخوض فيما يعنيك حتى تجد له‬ ‫موضعاً – أي يتدبر المسلم ما سوف يقوله قبل أن يقوله هل هو في موضعه حقاً هل‬ ‫هو صواب أم خطأ إوالى ما سيؤدي هذا الكلم وأن يتخير الكلم وينتقيه وأن يختار‬

‫الوقت المناسب لقوله – ثم كانت الثالثة ول تماري حليماً ول سفيهاً فإن الحليم يغلبك‬

‫والسفيه يؤذيك ‪ -‬فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول من ترك المراء وهو‬ ‫محق بنى ال عز وجل له بيتاً في أعلى الجنة " هو ترك الجدال في سبيل ال رغم‬

‫علمه بأنه محق فيما يقول ولكن حتى ل يؤدي به الجدال إلى الخصومة بينه وبين‬

‫من يجادل لن كل منهما يريد أن ينتصر لرأيه وعده ال ببيت في الجنة فما بالنا‬ ‫فيمن كان يجادل لمجرد الجدال أو من يكون مخطئاً فما جزاؤه فهنا ترك الجدال أولى‬

‫له وله ج ازًء أيضاً على ذلك فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول أن ال وعده‬

‫بيت في ربض الجنة ‪.‬‬

‫ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( يقول في حديث له " من خاصم في باطل وهو‬ ‫يعلم كان في سخط ال عز وجل حتى ينزع " أي حتى يعود إلى صوابه ويدرك خطأه‬ ‫بل ويعترف به ويصححه ويتوب منه – ثم كانت الرابعة في قول عبد ال بن عباس ‪‬‬ ‫قال ول تتكلم في غيبة أخيك بما ل تحب أن يتكلم به عنك ‪ ,‬وذلك لن الغيبة من‬


‫ل من الذين إذا عملوا‬ ‫الكبائر التي نهى ال عز وجل عنها ‪ ,‬والخامسة يقول وكن رج ً‬

‫ل رجوا احساناً وخافوا جرماً – أي أن أعمالهم مرجعها النية الصادقة أوًل أن‬ ‫عم ً‬

‫تكون أحساناً وفي سبيل ال عز وجل أي يقصد من وراءها الخير والبر وكذلك يكون‬

‫في نيته الخوف من أن يكون هذا العمل وراءه جرم أو ذنب أو يجر عليه إثم يحاسبه‬ ‫ال عليه ‪.‬‬ ‫إن الكلم الحسن والمنطق الطيب كان من المور التي أخذ ال عز وجل عليها‬

‫وإِْذ‬ ‫لميثاق حتى تخرج الكلمات نقية تقية وقد قال ال عز وجل في كتابه العزيز ) َ‬ ‫ل َل تَْعُبُدو َ‬ ‫ميَثَعا َ‬ ‫ ى‬ ‫ن إِ َّل الل َّ َ‬ ‫خْذَنَعا ِ‬ ‫سَعاًنَعا َ‬ ‫ح َ‬ ‫وِبَعاْل َ‬ ‫ه َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫أَ َ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫ق بَِدن ي إِ ْ‬ ‫وِذ ي اْلُقْربَ ٰ‬ ‫توالَِدْي ِ‬ ‫وآُتتوا ال َّز َ‬ ‫م‬ ‫وأ َ ِ‬ ‫سَعا ِ‬ ‫صَلَة َ‬ ‫سًدنَعا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫واْل َ‬ ‫ ى َ‬ ‫واْليَ​َتَعا َ‬ ‫َ‬ ‫ح ْ‬ ‫كَعاَة ُث َّ‬ ‫متوا ال َّ‬ ‫م ٰ‬ ‫قي ُ‬ ‫س ُ‬ ‫وُقتوُلتوا ِلل َّدنَعا ِ‬ ‫كي ِ‬ ‫م إِ َّل َ‬ ‫وَأنُتم ّ‬ ‫ضتوَن‪ ( .‬البقرة ‪ 83‬والمر هنا من ال عز وجل‬ ‫مدن ُ‬ ‫م َ‬ ‫تَ َ‬ ‫ك ْ‬ ‫تول َّْيُت ْ‬ ‫مْعِر ُ‬ ‫قِليًل ِ ّ‬

‫إلى بني اسرائيل وهو كذلك أمر لهل السلم لن كل شرع ال للمم من قبلنا هو‬ ‫شرع لنا ما لم ينسخه ال عز وجل في كتابه ‪ ,‬فإذا كان بنو اسرائيل تولوا إل قليل‬ ‫منهم فإن أمة ُم حنمد عليه أفضل الصلة والسلم الذي كان عفيف اللسان طيب‬

‫المنطق كانت تلك المة مكلفة بذلك التكليف ما دامت تؤمن بال رباً واتخذت السلم‬

‫ديناً وشهدت أن ُم حنمد )صلي ال عليه وسلم( نبياً ورسوًل وهى أولى من أي أمة‬

‫أخرى باتباع ما أمر ال به في كتابه العزيز ولن تلك المة السابقة لم تتبع ذلك المر‬

‫من ال بل على العكس والنقيض فإن رسول ال )صلي ال عليه وسلم( قد لقي منهم‬ ‫أقظع ال لنفاظ والشتائم ‪.‬‬ ‫إذا وجد أحد من الناس في كلمه وما يتلفظ به شئ من الفحش فلينظر إلى إيمانه‬ ‫وليراجع كل واحد نفسه ويقف على كل ما يخرج من فاه فإن المر جلل عظيم فإن دين‬ ‫السلم هو دين حسن الخلق ‪ ,‬وقد قال رسول ال )صلي ال عليه وسلم( ما من شئ‬ ‫أثقل في الميزان من حسن الخلق ‪.‬‬ ‫صَد َ‬ ‫ف ي َ‬ ‫ف‬ ‫توا ُ‬ ‫خْيَر ِ‬ ‫مْعُرو ٍ‬ ‫ق ٍ‬ ‫ة أَْو َ‬ ‫مَر بِ َ‬ ‫ن أَ َ‬ ‫م إِ َّل َ‬ ‫ج َ‬ ‫ويقول ال عز وجل ) َّل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ن َّ ْ‬ ‫كِثيٍر ِ ّ‬ ‫ل َٰ‬ ‫ه َ‬ ‫ك اْبِت َ‬ ‫جًرا‬ ‫سْتو َ‬ ‫من يَْف َ‬ ‫مْر َ‬ ‫ف ُنْؤِتي ِ‬ ‫ت الل َّ ِ‬ ‫ضَعا ِ‬ ‫ف َ‬ ‫غَعاَء َ‬ ‫ذل ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫سۚ َ‬ ‫صَلحٍ بَْي َ‬ ‫ه أَ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫أَْو إِ ْ‬ ‫ن ال َّدنَعا ِ‬ ‫مَعا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ظي ً‬ ‫ع ِ‬

‫( النساء ‪ 114‬أي أنه ل خير في الكلم الكثير إل ما كان به أمر بالصدقة‬

‫أو المعروف أو الصلح بين الناس وتلك كلها بنود الخير ‪.‬‬


‫ويقول ال عز وجل‬

‫كَعا َ‬ ‫ن اْل َ‬ ‫و َ‬ ‫جْهَر ِبَعال ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن‬ ‫من ُ‬ ‫قْتو ِ‬ ‫ستوِء ِ‬ ‫) َّل ُي ِ‬ ‫مۚ َ‬ ‫ظِل َ‬ ‫ل إِ َّل َ‬ ‫م َ‬ ‫ه اْل َ‬ ‫ب الل َّ ُ‬

‫سِميًعَعا َعِليًمَعا‪ ( .‬النساء ‪ 148‬فإن ال عز وجل سميع بكل ما ينطق به اللسان‬ ‫ه َ‬ ‫الل َّ ُ‬

‫وقد رخص بالجهر بالسوء من القول فقط لمن كان مظلوماًُ حتى يدفع عن نفسه ذلك‬

‫الظلم ‪ ,‬ولكن هذه لها معنى غير ما يتبادر إلى كثير من الذهان فإن معناها كما جاء‬

‫في التفسير إن لك أن ترد شتم من شتمك ولكن إن بغى عليك فل تبغي عليه إوان‬ ‫تركته كان خير لك ولكن إن ظلمك في القول فليس لك أن تظلمه فإن رسول ال‬ ‫)صلي ال عليه وسلم( يقول المتسابان على البادي منهما ما لم يظلم الخر " أي‬ ‫يكون الوزر على من بدأ بالسب بشرط أل يظلم المسبوب الذي سبه ‪ ,‬وعن سعيد بن‬ ‫المسيب ‪ ‬قال بينما رسول ال )صلي ال عليه وسلم( جالس إذ وقع رجل في أبي‬ ‫بكر ‪ ‬بما يؤذيه – أي شتمه – فسكت أبو بكر ثم وقع فيه ثانية فسكت أبو بكر ثم‬ ‫وقع فيه الثالثة فانتصر أبو بكر فقام رسول ال )صلي ال عليه وسلم( من المجلس‬ ‫فقال له أبو بكر أوجدت علّي يا رسول ال قال ل ولكن كان ملكاً يرد عنك والن عندما‬ ‫انتصرت لنفسك فإن الملك صعد وجلس الشيطان وما كنت أجلس في مجلس قعد فيه‬ ‫الشيطان ‪.‬‬ ‫وكذلك أمرنا ال عز وجل أل نسب أهل الشرك والكفر حتى ل يردوا علينا بسب ال عز‬ ‫عتو َ‬ ‫ن‬ ‫من ُدو ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫سّبتوا ال َّ ِ‬ ‫ن يَْد ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وجل ول يسبون رسوله لن ال عز وجل يقول ) َ‬ ‫وَل تَ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مۗ َ‬ ‫عْدًوا بِ َ‬ ‫هم‬ ‫ة َ‬ ‫ه َ‬ ‫سّبتوا الل َّ َ‬ ‫ك َزي َّ َّدنَعا لِ ُ‬ ‫غْيِر ِ‬ ‫الل َّ ِ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫ك ٰ َذلِ َ‬ ‫ملَُه ْ‬ ‫م ُث َّ‬ ‫ل ُأ َّ‬ ‫م إِلَ ٰ‬ ‫ك ِّ‬ ‫عْل ٍ‬ ‫فيَ ُ‬ ‫ ى َربِ ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫مُلتو َ‬ ‫مَعا َ‬ ‫ن‪.‬‬ ‫مْر ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫كَعاُنتوا يَْع َ‬ ‫فُيَدن ِب ُّئُهم بِ َ‬ ‫عُه ْ‬ ‫ َّ‬

‫( ال ننعام ‪ 108‬وكذلك أمرنا ال عز وجل حتى‬

‫في المجادلة أن نجادل الناس بالحسنى حتى لو كانوا من ألد الخصوم من أهل العقائد‬ ‫جَعاِدُلتوا أَ ْ‬ ‫ن إِ َّل‬ ‫ب إِ َّل ِبَعال َِّت ي ِ‬ ‫كَتَعا ِ‬ ‫ل اْل ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ه َ‬ ‫وَل ُت َ‬ ‫الخرى فقال ال عز وجل ) َ‬ ‫ ي أَ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫وا ِ‬ ‫وإِٰلُه ُ‬ ‫ل إِلَْي ُ‬ ‫م َّدنَعا ِبَعال َّ ِ‬ ‫متوا ِ‬ ‫ال َّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫وإِٰلُهَدنَعا َ‬ ‫م َ‬ ‫وُأنِز َ‬ ‫ل إِلَْيَدنَعا َ‬ ‫ذ ي ُأنِز َ‬ ‫وُقتوُلتوا آ َ‬ ‫مۖ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ح ٌ‬ ‫ك ْ‬ ‫ك ْ‬ ‫مْدنُه ْ‬ ‫ن ظَلَ ُ‬

‫سِلُمتوَن‪ ( .‬العنكبوت ‪ 46‬ل تجادلوهم إل بالقول الحسن حتى يظلموا فإن‬ ‫َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ون َ ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ظلموا يكون قولنا كما علمنا رسول ال )صلي ال عليه وسلم( عندما كان رده عليهم‬ ‫أمام حصن بني قريظة وما كان شتماً لهم إوانما وصفاً لحالهم كما جاء عنهم في‬

‫كتاب ال عز وجل ‪.‬‬

‫إن كل ما ينطق به اللسان لبد أن نضعه في الميزان قبل أن نخرجه حتى يكون في‬ ‫كفة الحسنات التي تثقل الميزان ول تكون في كفة السيئات ‪.‬‬


‫وعن أنس بن مالك ‪ ‬قال توفى رجل من أصحاب رسول ال )صلي ال عليه وسلم(‬ ‫وكان رجل مؤمن تقي فقال رجل أخر ورسول ال )صلي ال عليه وسلم( يسمع قال‬ ‫أبشر بالجنة – لماذا قال الرجل ذلك ل ننه يعلم أنه من أتقى الناس يعلم أنه مؤمن‬ ‫لذلك شهد له بالجنة – فقال له رسول ال )صلي ال عليه وسلم( وما يدريك أنه من‬ ‫أهل الجنة لعله تكلم فيما ل يعنيه أو بخل فيما ل ينقصه – جاء رسول ال )صلي ال‬ ‫عليه وسلم( بأمرين قد ل يعلمهما الناس عن ذلك الرجل ولكنهما من الخطورة بحيث‬ ‫يمنعاه عن دخول الجنة لن الكلم فيما ل يعنيه قد يسبب له البغض من بعض‬ ‫الناس بسبب تلك الكلمة وبالتالي تسبب في بغض ال له فمنعه من دخول الجنة‬ ‫والمر الثاني قد يكون جاءه من يسأله حاجة وكان عنده منها فائض ولكنه بخل بها‬ ‫فيكون ذلك أيضاً سبباً في عدم دخوله الجنة ‪ .‬إن ذلك يبين مدى خطورة الكلمة التي‬

‫تخرج من فم ال ننسان وكيف يكون الحساب عليها وما تورده تلك الكلمة فليحرص كل‬ ‫انسان على أن يكون عاقبة ما ينطق به رضا ال عز وجل ومن ثم سبباً في دخولة‬

‫الجنة ‪ ,‬ولن اللسان سوف يشهد على صاحبه يوم القيامة فأين المفر يوم ل تخفى‬

‫منكم خافية لذلك يجب على كل منا أن يمسك لسانه حتى عن اللغو من الكلم لن ال‬ ‫عزو جل يقول‬

‫) َ‬ ‫عتو َ‬ ‫مُدنتو َ‬ ‫ن‬ ‫ن ُ‬ ‫قْد أَْفلَ َ‬ ‫وال َّ ِ‬ ‫خَعا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن‪ .‬ال َّ ِ‬ ‫مْؤ ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫م َ‬ ‫ف ي َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ح اْل ُ‬ ‫صَلتِ ِ‬

‫ضتو َ‬ ‫هْم ِلل َّزَكَعاِة َفَعاِعُلتوَن‪ ( .‬المؤمنون ‪ 4 – 1‬وكما‬ ‫ن ُ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫وال َّ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن‪َ .‬‬ ‫ه ْ‬ ‫مْعِر ُ‬ ‫تو ُ‬ ‫ن الل َّْغ ِ‬ ‫ع ِ‬

‫نعلم إن الصلة فريضة والزكاة فريضة وجاء بينهما تلك الية الذين هم عن اللغو‬ ‫معرضون فهى فريضة كما قال أهل العلم والفقه في دين السلم ‪ ,‬فاحرصوا أهل‬ ‫السلم على النعيم المقيم على جنة عرضها السماوات والرض أعدت للمتقين‬ ‫وحصنوا ألسنتكم وطيبوا أفواهكم فإن الفم الذي يق أر القرآن ويتلو كتاب ال عز وجل‬ ‫يجب أن يكون طاه ارً نقياً عفيفاً ل يخرج منه إل كل حسن من القول حتى تكونوا من‬ ‫الفائزين بعظيم الثواب الذي أعده ال عز وجل لمن حسن خلقه وطاب كلمه ‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.