مجلة الشهد الإلكترونية 091

Page 1

‫بسم هللا الرحمن الرحيــــم‬ ‫السالم عليكم ورحمة هللا وبركاتــــــــه‬

‫مجلة الشهد اإللكترونية‬

‫نلتقي لنرتقي ‪ ..‬ونسطر ما نحب أمالً بحياة أجمل !!‬ ‫مجلة مجتمعية ‪ ،‬أسرية ‪ ،‬تنموية ‪ ،‬يومية‬ ‫العدد (‪)190‬‬

‫تباشير الصبــــــــــــــاح ‪...‬‬

‫من قصيدة للشاعر محمود درويش ‪:‬‬

‫صباح الفرح والحب ‪..‬‬ ‫برؤاي ‪َ ،‬و ْحي ما‬ ‫بخطاي ‪ ،‬أَمشي واثقة‬ ‫فرحة بشيء ما خفي ‪ ،‬ك ْنت أَحتضن الصباح بق َّوة اإلنشاد ‪ ،‬أَمشي واثقة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ترجل كي يدربني على أَسراره ‪ ،‬فأكون سيِّ َدة نجمتي في الليل ‪..‬‬ ‫يناديني ‪ :‬تعالي ! كأنَّه إيماءة سحريَّة ٌ‪ ،‬وكأنه ح ْلم َّ‬ ‫معتمدة على لغتي ‪..‬‬ ‫أَنا ح ْلمي ‪ ..‬أنا ّم أ ِّمي في الرؤي ‪ ،‬وأَبو أَبي في العطاء ‪..‬‬ ‫صقلني ويصقلني كماس أَميرة شرقية ‪..‬‬ ‫فرحة بشيء ما خفي ‪ ،‬كان يحملني على آالته الوتريِّة ‪ ..‬اإلنشاد يَ ْ‬ ‫‪1‬‬ ‫كوثر الدلني ‪ -‬مجلة الشهد اإللكترونية – العدد (‪)91‬‬ ‫جميع المنشورات والمقاالت في صفحات مجلة الشهد اإللكترونية هي حقوق محفوظة لها – ‪© 5112‬‬


‫ضكَ كلَّه لنخوض حرب العاطفيين الشريفةَ ‪ ،‬فالمناخ مالئم ‪ ،‬والشمس تشحذ في الصباح سالحنا‬ ‫أَعطنا ‪ ،‬يا ّ‬ ‫حب ‪ ،‬فَ ْي َ‬ ‫‪ ،‬يا حب !‬ ‫سلِ َمتْ يداك !‬ ‫فانتصر أَنت‬ ‫ال هدفٌ لنا إال الهزيمةَ في حروبك ‪..‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫انتصر ‪ ،‬واسم ْع مديحك من ضحاياكَ ‪ :‬انتصر ! َ‬ ‫َوع ْد إلينا خاسرين ‪ ..‬وسالما !‬ ‫فرحة بشيء ما خفي ‪ ،‬كنت أَمشي حالمة بقصيدة زرقاء من سطرين ‪ ،‬عن فرح خفيف الوزن ‪،‬‬ ‫يحب !‬ ‫يحب اآلن ‪ ،‬في هذا الصباح ‪ ،‬فلن‬ ‫وسري معا ‪َ ..‬منْ ال‬ ‫مرئي‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ِّ‬ ‫وما أجمل الحب عندما يكون ألبي وأمي ‪ ..‬فهما أحق به من سواهما ‪..‬‬ ‫فصباح المحبة الخالصة لهما ‪..‬‬

‫إني داعية فأمنووووووووا ‪....‬‬ ‫الدعاء أعذب نهر جرى ماؤه بين المتحابين في هللا ‪ ،‬وألنكم أحبتي ‪ ..‬أهديكم من عذوبته ‪...‬‬

‫دعاء بر الوالدين ‪..‬‬

‫س ِم هللاِ ال َّر ْح َم ِن ال َّر ِحيِ ِم‬ ‫بِ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫سيِّ ِدنا ُم َح َّم ٍد َو َعلَى‬ ‫صالَةُ َوال َّ‬ ‫ب ال َعالَ ِمينَ َوال َّ‬ ‫الح ْم ُد هلل َر ِّ‬ ‫سلِينَ َ‬ ‫ق أَ ْج َم ِعينَ َو َخات َِم األَ ْنبِيا ِء َوال ُم ْر َ‬ ‫َ‬ ‫سالَ ُم َعلَى أَش َْر ِ‬ ‫الخ ْل ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ان إِلَى يَ ْو ِم ال ِّديِ ِن‪.‬‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫إ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ح‬ ‫ص‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫آ‬ ‫نْ‬ ‫ينَ‬ ‫ِ ِ َ ْ َ ِ ِ َ ِ​ِ‬ ‫َ َ ِ َ ُْ ِ​ِ ْ َ ٍ‬

‫‪2‬‬ ‫كوثر الدلني ‪ -‬مجلة الشهد اإللكترونية – العدد (‪)91‬‬ ‫جميع المنشورات والمقاالت في صفحات مجلة الشهد اإللكترونية هي حقوق محفوظة لها – ‪© 5112‬‬


‫الحمد هلل الذي أمرنا بشكر الوالدين واالحسان اليهما وحثنا على اغتنام برهما واصطناع المعروف لديهما وندبنا الى‬ ‫خفض الجناح من الرحمة لهما اعظاما واكبارا ووصانا بالترحم عليهما كما ربيانا صغارا‪.‬‬ ‫اللهم ارحم والدينا ‪ ..‬اللهم ارحم والدينا ‪ ..‬اللهم ارحم والدينا ‪..‬‬ ‫واغفر لهم ‪ ..‬واغفر لهم ‪ ..‬وارض عنهم ‪ ..‬وارض عنهم رضا تحل به عليهم جوامع رضوانك وتحلهم به دار‬ ‫كرامتك وامانك ومواطن عفوك وغفرانك وتسبغ عليهم لطائف برك واحسانك‪.‬‬ ‫اللهم اغفر لهم مغفرة جامعة تمحوا بها سالف أوزارهم وسيئ اصرارهم ‪ ..‬اللهم وارحمهم رحمة تنير لهم بها‬ ‫المضجع في قبورهم وتؤمنهم بها يوم الفزع عند نشورهم ‪ ..‬اللهم تحنن على ضعفهم كما كانوا على ضعفنا‬ ‫متحننين ‪ ..‬اللهم وارحم انقطاعهم اليك كما كانوا في حال انقطاعنا اليهم راحمين ‪ ..‬اللهم وتعطف عليهم كما كانوا‬ ‫علينا في حال صغرنا متعطفين ‪ ..‬اللهم واحفظ لهم ذلك الود الذي أشربته قلوبهم والحنان الذي مألت به صدورهم‬ ‫واللطف الذي شغلت به جوارحهم‪.‬‬ ‫اللهم وجازهم على ذلك السعي الذي كانوا فينا ساعين والرعي الذي كانوا لنا راعين أفضل ما جزيت به السعاة‬ ‫المصلحين والرعاة الناصحين‪.‬‬ ‫اللهم وبرهم أضعاف ما كانوا يبروننا ‪ ..‬اللهم وانظر لهم بعين الرحمة كما كانوا ينظروننا ‪ ..‬اللهم وهب لهم ما‬ ‫ضيعوا من حق ربوبيتك بما اشتغلوا به في حق تربيتنا ‪ ..‬اللهم وتجاوز عنهم ما قصروا فيه من حق خدمتك بما‬ ‫آثرونا به في حق خدمتنا ‪ ..‬اللهم واعف عنهم ما ارتكبوا من الشبهات من أجل ما اكتسبوا من أجلنا ‪..‬‬ ‫اللهم وال تؤاخذهم بما دعتهم اليه الحمية من الهوى لما غلب على قلوبهم من محبتنا ‪ ..‬اللهم والطف بهم في‬ ‫مضاجع البلى لطفا يزيد على لطفهم في أيام حياتهم بنا ‪ ..‬اللهم وما هديتنا له من الطاعات ويسرته لنا من الحسنات‬ ‫ووفقتنا له من الدعوات ووفقتنا له من القربات فنسألك اللهم أن تجعل لهم منها حظا ونصيبا وما اقترفناه من‬ ‫السيئات واكتسبناه من الخطيئات وتحملناه من التبعات فال تلحقهم منا بذلك حوبا وال تحمل عليهم من ذنوبنا ذنوبا ‪..‬‬ ‫اللهم وكما سررتهم بنا في الحياة فسرهم بنا بعد الوفاة ‪ ..‬اللهم وال تبلغهم من أخبارنا ما يسوؤهم وال تحملهم من‬ ‫أوزارنا ما ينوؤهم ‪ ..‬اللهم وسر أرواحهم بأعمالنا في ملتقى األرواح اذا سر أهل الصالح بأبناء الصالح ‪..‬‬ ‫اللهم وما تلونا من تالوة فزكيتها وما صلينا من صالة فتقبلتها وما تصدقنا من صدقة فنميتها وما عملنا من أعمال‬ ‫صالحة فرضيتها فنسألك اللهم أن تجعل حظهم منها أكبر من حظوظنا وقسمهم منها أجزل من أقسامنا وسهمهم من‬ ‫ثوابها أوفر من سهامنا فانك وصيتنا ببرهم وندبتنا الى شكرهم وأنت أولى بالبر من البارين وأحق بالوصل من‬ ‫المأمورين‪.‬‬ ‫اللهم واجعلنا قرة عين لهم يوم يقوم األشهاد ‪ ..‬اللهم وأسمعهم من أطيب النداء يوم التناد واجعلهم بنا من أغبط‬ ‫اآلباء باألبناء حتى تجمعنا واياهم والمسلمين جميعا في دار كرامتك ومستقر رحمتك ومحل أوليائك مع الذين أنعمت‬ ‫عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا ذلك فضل هللا وكفى باهلل عليما ‪..‬‬ ‫سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسالم على المرسلين ‪ ،‬والحمد هلل رب العالمين ‪ ،‬وصلي اللهم وسلم وبارك‬ ‫على سيدنا محمد النبي األمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا‪.‬‬ ‫‪3‬‬ ‫كوثر الدلني ‪ -‬مجلة الشهد اإللكترونية – العدد (‪)91‬‬ ‫جميع المنشورات والمقاالت في صفحات مجلة الشهد اإللكترونية هي حقوق محفوظة لها – ‪© 5112‬‬


‫ال تنسونا من صالح دعائكم ‪،،‬‬

‫أفواه الحكمـــــــــاء ‪:‬‬

‫بر الوالدين‬

‫في األدب المفرد ‪:‬‬ ‫عن ابن عمر – رضي هللا عنهما – أنّه قال لرجل ‪ :‬أتفرق النار ‪ ،‬وتحب أن تدخل الجنة ؟‬ ‫قلت ‪ :‬إي وهللا !‬ ‫أحي والداك ؟‬ ‫قال ‪ٌّ :‬‬ ‫قلت ‪ :‬عندي أمي !‬ ‫قال ‪ :‬فوهللا ! لو ألنت لها الكالم ‪ ،‬وأطعمتها الطعام ‪ ،‬لتدخلن الجنة ما اجتنبت الكبائر‪.‬‬

‫ملف العدد ‪:‬‬

‫بر الوالدين‬ ‫عن عائشة أم المؤمنين رضي هللا عنها ‪ ،‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪[ :‬دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة قلت‬ ‫من هذا ؟ فقالوا ‪ :‬حارثة بن النعمان ‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪[ :‬كذلكم البر كذلكم البر ‪ ،‬وكان أبر الناس‬ ‫بأمه]‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫كوثر الدلني ‪ -‬مجلة الشهد اإللكترونية – العدد (‪)91‬‬ ‫جميع المنشورات والمقاالت في صفحات مجلة الشهد اإللكترونية هي حقوق محفوظة لها – ‪© 5112‬‬


‫من روائع هذا الدين تمجيده للبر حتى صار يعرف به ‪ ،‬فحقا أن اإلسالم دين البر الذي بلغ من شغفه به أن هون على‬ ‫أبنائه كل صعب في سبيل ارتقاء قمته العالية ‪ ،‬فصارت في رحابه أجسادهم كأنها في علو من األرض وقلوبهم معلقة‬ ‫بالسماء ‪ ،‬وأعظم البر (بر الوالدين) الذي لو استغرق المؤمن عمره كله في تحصيله لكان أفضل من جهاد النفل ‪ ،‬األمر‬ ‫الذي أحرج أدعياء القيم واألخالق في دول الغرب ‪ ،‬فجعلوا له يوما واحدا في العام يردون فيه بعض الجميل لألبوة‬ ‫المهملة ‪ ،‬بعدما أعياهم أن يكون من الفرد منهم بمنزلة الدم والنخاع كما عند المسلم الصادق !‬

‫وبالوالدين إحسانا ‪..‬‬ ‫قال تعالى ‪( :‬وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل ال تعبدون إال هللا وبالوالدين إحسانا) واإلحسان نهاية البر ‪ ،‬فيدخل فيه جميع‬ ‫ما يحب من الرعاية والعناية ‪ ،‬وقد أكد هللا األمر بإكرام الوالدين حتى قرن تعالى األمر باإلحسان إليهما بعبادته التي هي‬ ‫توحيده والبراءة عن الشرك اهتماما به وتعظيما له ‪ ،‬وقال تعالى ‪( :‬واعبدوا هللا وال تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا)‬ ‫‪ ،‬فأوصى سبحانه باإلحسان إلى الوالدين إثر تصدير ما يتعلق بحقوق هللا عز وجل التي هي أساس لحقوق وأعظمها‬ ‫تنبيها على جاللة شأن الوالدين بنظمهما في سلكها بقوله ‪( :‬وبالوالدين إحسانا) ‪ ،‬وقد كثرت مواقع هذا النظم في التنزيل‬ ‫العزيز كقوله تعالى ‪( :‬وقضى ربك أال تعبدوا إال إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كالهما فال‬ ‫تقل لهما أف وال تنهرهما وقل لهما قوال كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني‬ ‫صغيرا)‪.‬‬ ‫قال ذو النون ثالثة من أعالم البر ‪ :‬بر الوالدين بحسن الطاعة لهما ولين الجناح وبذل المال ‪ ،‬وبر الولد بحسن التأديب‬ ‫لهم والداللة على الخير ‪ ،‬وبر جميع الناس بطالقة الوجه وحسن المعاشرة ‪ ،‬وطلبت أم مسعر ليلة من مسعر ماء فقام‬ ‫فجاء بالكوز فصادفها وقد نامت فقام على رجليه بيده الكوز إلى أن أصبحت فسقاها ‪ ،‬وعن محمد ابن المنكدر قال ‪ :‬بت‬ ‫أغمز (المراد بالغمز ما يسمى اآلن بالتكبيس) رجلي أمي وبات عمي يصلي ليلته فما سرني ليلته بليلتي ‪ ،‬ورأى أبو‬ ‫هريرة رجال يمشي خلف رجل فقال من هذا ؟ قال أبي قال ‪ :‬ال تدعه باسمه وال تجلس قبله وال تمش أمامه‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫كوثر الدلني ‪ -‬مجلة الشهد اإللكترونية – العدد (‪)91‬‬ ‫جميع المنشورات والمقاالت في صفحات مجلة الشهد اإللكترونية هي حقوق محفوظة لها – ‪© 5112‬‬


‫ووصينا اإلنسان بوالديه ‪..‬‬ ‫قال تعالى ‪( :‬ووصينا اإلنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فال تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم‬ ‫بما كنتم تعملون) ‪ ،‬قيل نزلت في سعد بن أبي وقاص رضي هللا عنه كما روى الترمذي ‪ :‬قال سعد أنزلت في أربع آيات‬ ‫فذكر قصة ‪ ،‬وقالت أم سعد أليس قد أمر هللا بالبر وهللا ال أطعم طعاما وال أشرب شرابا حتى أموت أو تكفر قال فكانوا‬ ‫إذا أرادوا أن يطعموها شجروا فاها فنزلت هذه اآلية (ووصينا اإلنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ‪، )..‬‬ ‫وقال جل ذكره ‪( :‬ووصينا اإلنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثالثون شهرا حتى‬ ‫إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل‬ ‫صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا‬ ‫ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون) ‪ ،‬وقال أيضا ‪( :‬ووصينا اإلنسان بوالديه‬ ‫حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما‬ ‫ليس لك به علم فال تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم‬ ‫تعملون)‪.‬‬ ‫كذلكم البر كذلكم البر ‪..‬‬ ‫عن عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه قال ‪ :‬سألت النبي صلى هللا عليه وسلم أي العمل أحب إلى هللا عز وجل ؟ قال ‪:‬‬ ‫[الصالة على وقتها ‪ ،‬قال‪ :‬ثم أي ؟ قال ‪ :‬بر الوالدين ‪ ،‬قال ثم أي ؟ قال ‪ :‬الجهاد في سبيل هللا] ‪ ،‬ومن البر بهما‬ ‫واإلحسان إليهما أال يتعرض لسبهما وال يعقهما؛ فإن ذلك من الكبائر بال خالف ‪ ،‬وبذلك وردت السنة الثابتة؛ فعن عمرو‬ ‫بن العاص رضي هللا عنه أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ‪[ :‬من الكبائر شتم الرجل والديه] ‪ ،‬قالوا يا رسول هللا‬ ‫وهل يشتم الرجل والديه ؟ قال ‪[ :‬نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه] ‪ ،‬وعن عن عبد هللا بن عمرو‬ ‫رضي هللا عنه قال صلى هللا عليه وسلم ‪[ :‬رضا الرب في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما] ‪ ،‬أي غضبهما الذي ال‬ ‫يخالف القوانين الشرعية كما تقرر فإن قيل ‪ :‬ما وجه تعلق رضى ه‬ ‫هللا عنه برضى الوالد قلنا ‪ :‬الجزاء من جنس العمل ‪،‬‬ ‫هللا عنه ‪ ،‬فهو من قبيل ال يشكر ه‬ ‫هللا بإرضائه رضي ه‬ ‫فلما أرضى من أمر ه‬ ‫هللا من ال يشكر الناس قال الغزالي ‪ :‬وآداب‬ ‫الولد مع والده ‪ :‬أن يسمع كالمه ‪ ،‬ويقوم بقيامه ‪ ،‬ويمتثل أمره ‪ ،‬وال يمشي أمامه ‪ ،‬وال يرفع صوته ‪ ،‬ويلبي دعوته‬

‫‪6‬‬ ‫كوثر الدلني ‪ -‬مجلة الشهد اإللكترونية – العدد (‪)91‬‬ ‫جميع المنشورات والمقاالت في صفحات مجلة الشهد اإللكترونية هي حقوق محفوظة لها – ‪© 5112‬‬


‫‪ ،‬ويحرص على طلب مرضاته ‪ ،‬ويخفض له جناحه بالصبر ‪ ،‬وال يمن بالبر له ‪ ،‬وال بالقيام بأمره ‪ ،‬وال ينظر إليه‬ ‫شزرا ‪ ،‬وال يقطب وجهه في وجهه‪.‬‬

‫أخبار ذات عالقة ‪:‬‬

‫الصين تجبر بالقانون األوالد على زيارة ورعاية الوالدين !!‬

‫أطلقت الصين قانونا جديدا يجبر األوالد على رعاية الوالدين المسنين اقتصاديا ونفسيا ‪ ،‬مما أثار جدال عما إذا كان من‬ ‫المناسب للحكومة أن تتدخل في األمور الشخصية لألسر وفرض القيم األخالقية بموجب القانون‪.‬‬ ‫فرض على الصينيين البقاء على اتصال مع الوالدين المسنين وتلبية حاجاتهم اليومية والمالية والنفسية ‪ ،‬وإذا كان األهل‬ ‫فوق عمر الـ ‪ 01‬فإن األوالد يواجهون المحكمة أو دفع غرامة مالية أو ربما السجن‪.‬‬ ‫ينص القانون أيضا أنه على األوالد دعم الوالدين المسنين حتى إذ تغيرت حالتهم االجتماعية وتزوجوا ‪ ،‬في حين يتعين‬ ‫على أصحاب العمل إعطاء الموظفين الذين يعملون بعيدا عن مكان إقامة والديهم ‪ 51‬يوم إجازة‪.‬‬ ‫أصدرت الصين ‪ ،‬التي تمتلك أكبر عدد سكان في العالم ‪ ،‬هذا القانون بعد تزايد عدد التقارير التي تفيد أن األوالد يهملون‬ ‫آبائهم المسنين ‪ ،‬لكن لم يتم ذكر عدد الزيارات المفروضة وقيمة الغرامة‪.‬‬ ‫تواجة الصين مشكلة الشيخوخة المتزايدة بين السكان ‪ ،‬إذ يصل عدد األشخاص فوق عمر الـ ‪ 01‬في الصين حاليا ‪182‬‬ ‫مليون وقد يصل إلى ‪ 784‬مليون بحلول عام ‪ 5122‬أو ‪ %22‬من عدد السكان وذلك بسبب ارتفاع متوسط العمر المتوقع‬ ‫وسياسات تنظيم األسرة التي تحد األسر بإنجاب طفل واحد فقط‪.‬‬ ‫احترام المسنين من األمور المترسخة في المجتمع الصيني ‪ ،‬لكن خالل الثالثة عقود الماضية من اإلصالحات التي‬ ‫استهدفت األسواق (تسارع التفكك األسري وبات هنالك القليل من البدائل بأسعار معقولة ‪ ،‬مثل دور المسنين)‪.‬‬

‫‪7‬‬ ‫كوثر الدلني ‪ -‬مجلة الشهد اإللكترونية – العدد (‪)91‬‬ ‫جميع المنشورات والمقاالت في صفحات مجلة الشهد اإللكترونية هي حقوق محفوظة لها – ‪© 5112‬‬


‫برهما قبل أن تندم ‪..‬‬ ‫امتداد بر الوالدين بعد موتهما ‪! ..‬‬

‫حديثنا هذا هو حول امتداد فرصة بر الوالدين إلى ما بعد موتهما ‪ ،‬وكيف يُبر الوالدان بعد موتهما ‪ ،‬فمن فضل هللا سبحانه‬ ‫وتعالى ونعمته على كل من اآلباء واألبناء أن البر ال ينقطع بموت األبوين ‪ ،‬بل ينتفع اآلباء ببعض أعمال البر التي‬ ‫يتحفهم بها أبناؤهم األوفياء ‪ ،‬وهي أعمال تُمس حاجتهم إليها ‪ ،‬ألنها تأتيهم في حال فقر وفاقة‪.‬‬ ‫كيف ال ؟ وقد خلعا األسباب وفارقا األحباب وواجها الحساب وذاقا ضمة القبر وعاينا سؤال الملكين وندما على التفريط‬ ‫في زمن الزرع وتحسرا على ضآلة الزاد ‪ ،‬وقاسيا وحشة االنفراد‪.‬‬ ‫مر النبي صلى هللا عليه وسلم مع بعض أصحابه على قبر رجل فقال عليه الصالة والسالم ألصحابه ‪ :‬ركعتان مما‬ ‫تنفلون وتحقرون يزيدهما هذا في عمله أحب إليه من بقية دنياكم ‪ ،‬فإذا أراك هللا سبحانه وتعالى الوالدين وهما في تلك‬ ‫الحالة م ن الكرب والفاقة واالحتياج بدعاء واستغفار يهديه إليهما ولدهما أو بعمل صالح آخر يصلهما في قبريهما تحت‬ ‫أطباق الثرى ‪ ،‬يصلهما ثوابه ‪ ،‬فكيف تكون فرحتهما وبهجتهما ؟ فهذا وجه انتفاع اآلباء‪.‬‬ ‫أما األبناء ‪ ،‬فمنهم من كان بارا بوالديه حال حياتهما ‪ ،‬ال يألوا في برهما جهدا ‪ ،‬فإذا ماتا توالت هداياه إليهما وتواصلت‬ ‫صباح مساء ‪ ،‬فيثاب على برهما في الدنيا وفي البرزخ أعظم الثواب بإذن هللا‪.‬‬ ‫أما من قصر في برهما حال حياتهما ‪ ،‬فإنه وإن كان بره حال الحياة ال يعدله شيء ‪ ،‬إال أنه يبقى باب األمل في رحمة هللا‬ ‫تعالى والتوبة إليه مفتوحة ‪ ،‬وال تزال هناك بقية من أعمال الخير يمكن أن يستدرك بها شيئا مما فاته ‪ ،‬عسى أن يلقى‬ ‫هللا وقد أبدل العقوق برا والتفريط في حقهما إحسانا وذخرا ‪ ،‬وما ذلك على هللا بعزيز ‪ ،‬عن أبي أسيد مالك بن ربيعة‬ ‫الساعدي رضي هللا تعالى عنه قال ‪ :‬بينما نحن جلوس عند رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إذا جاء رجل من بني سلمة‬ ‫‪8‬‬ ‫كوثر الدلني ‪ -‬مجلة الشهد اإللكترونية – العدد (‪)91‬‬ ‫جميع المنشورات والمقاالت في صفحات مجلة الشهد اإللكترونية هي حقوق محفوظة لها – ‪© 5112‬‬


‫‪ ،‬فقال ‪ :‬يا رسول هللا ‪ ،‬هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬الصالة عليهما ‪ ،‬أي الدعاء لهما‬ ‫‪ ،‬الصالة بمعنى الدعاء ‪ ،‬الصالة عليهما واالستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي ال توصل إال‬ ‫بهما ‪ ،‬وإكرام صديقهما ‪ ،‬قال الرجل ‪ :‬ما أكثر هذا يا رسول هللا وأطيبه ؟ قال ‪ :‬فاعمل به‪.‬‬ ‫وهذا الحديث يفتح لنا أبوابا طيبة من أبواب البر واإلحسان إلى الوالدين بعد موتهما ‪ ،‬الصالة عليهما ‪ :‬أي الدعاء لهما‬ ‫‪ ،‬ثم خص من الدعاء ‪ :‬االستغفار ‪ ،‬قال صلى هللا عليه وسلم ‪ .. :‬واالستغفار لهما ‪ .. ، ..‬وإنفاذ عهدهما من بعدهما ‪..‬‬ ‫أي تنفيذ وصيتهما ‪ ،‬وصلة الرحم التي ال توصل إال بهما ‪ ،‬وإكرام صديقهما ‪..‬‬ ‫ومن أوائل ما ينفع به الولد والديه أن يصلي عليه صالة الجنازة ‪ ،‬فهذا من أهم أبواب اإلحسان إلى الوالدين ‪ ،‬بل إذا‬ ‫أمكن أن يصلي ا لولد على أبيه أو على أمه إماما فعليه أن يفعل ذلك إال إذا حضر الجنازة إمام المسلمين فيكون أولى ‪،‬‬ ‫طبعا خاصة إذا منعه من ذلك ‪ ،‬أما الدليل على صالة الولد كإمام على أبويه ‪ ،‬فهو قول هللا سبحانه وتعالى ‪َ ( :‬وأُولُو‬ ‫ب َّ‬ ‫هللاِ) ‪ ،‬فال شك أنه يكون أولى الناس الحاضرين بالصالة على أبويه ألن النبي‬ ‫ْاألَ ْر َح ِام بَ ْع ُ‬ ‫ض فِي ِكتَا ِ‬ ‫ض ُه ْم أَ ْولَى بِبَ ْع ٍ‬ ‫عليه الصالة والسالم قال ‪ :‬إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء ‪ ،‬إما أنه أمر باإلخالص ‪ :‬يعني الصدق في النية‬ ‫واإلخالص ‪ ،‬وإما أنه أمر بأن يفرد الميت بالدعاء له ‪ ،‬فتكون صالة الجنازة تركز أساسا في الدعاء على الدعاء للميت‬ ‫‪ ،‬وال شك أن أخلص الناس للميت في الغالب هم أقربهم إليه ‪ :‬كأبنائه الذين إذا دعوا له فال شك أن ابنه سيكون أشد الناس‬ ‫إخالص له في الدعاء فيكون أرجى لقبول دعائه في هذه الشفاعة‪.‬‬ ‫أيضا من نفع االبن لوالده بعد موته ‪ :‬أن يجتهد في تكثير الذين يصلون عليه صالة الجنازة ‪ ،‬وبالذات من الصالحين‬ ‫والناس الذين هم على خير كي يشفعوا ألبيه أو ألمه ‪ ،‬أيضا من نفعه له أن يدعو له بعد الدفن ‪ ،‬يبقى عند القبر فترة‬ ‫كافية كما ثبت في السنة ‪ ،‬قدر نحر جزور وتوزيع لحمه ‪ ،‬يدعو له عند قبره قبل أن يفارقه‪.‬‬ ‫ونبدأ اآلن في سرد أنواع مخصوصة من األمور التي تنفع الوالدين بعد موتهما ‪ ،‬وهي فرصة لمن يحتاج إلى مزيد من‬ ‫البر ‪ ،‬أو يحتاج إلى التكفير عن العقوق حال الحياة ‪ ،‬أن يجتهد في بر والديه بعد موتهما ‪ ،‬فمن أهم أو أول ما ينبغي أن‬ ‫يهتم به االبن إذا مات أبوه أو أمه أن يقضي الدين عنهما ‪ ،‬البد أن يجتهد في هذا ‪ ،‬أول شيء ‪ ،‬ألن هللا سبحانه وتعالى‬ ‫يسامح في حقوقه هو عز وجل ويعفو ويغفر ‪ ،‬أما حقوق الخلق فالبد أن تؤدى ‪ ،‬البد أن تؤدى حقوق الناس ‪ ،‬والدين‬ ‫أمانة في رقبة المدين ‪ ،‬وهو مأمور بأدائها ‪ ،‬قال هللا تعالى ‪( :‬إِنَّ َّ‬ ‫ت إِلَى أَ ْهلِ َها) ‪ ،‬وقال عز‬ ‫هللاَ يَأْ ُم ُر ُك ْم أَنْ تُؤَ دوا ْاألَ َمانَا ِ‬ ‫ق َّ‬ ‫ض ُك ْم بَ ْعضا فَ ْليُؤَ ِّد الَّ ِذي ْ‬ ‫هللاَ َربَّهُ) ‪ ،‬وعن أبي ذر رضي هللا تعالى عنه قال ‪:‬‬ ‫وجل ‪( :‬فَإِنْ أَ ِمنَ بَ ْع ُ‬ ‫اؤتُ ِمنَ أَ َمانَتَهُ َو ْليَتَّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫كنت مع النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فلما أبصر ‪ -‬يعني أبصر جبل أحُد – قال ‪ :‬ما أحب أنه تحول لي ذهبا ‪ ،‬يمكث‬ ‫عندي منه دينار فوق ثالث ‪ ،‬إال دينارا أرصده لدين ‪ ،‬وهذا دليل على شدة اهتمام النبي صلى هللا عليه وسلم بأمر الدين‬ ‫‪ ،‬وتهيئته ألدائه‪.‬‬ ‫لقد رغب اإلسالم أصحاب األموال في إقراض المحتاجين ‪ ،‬لكنه من الجهة األخرى شدد في الحث على أداء الدين ‪،‬‬ ‫يعني من جهة رغب الموسرين واألغنياء أن يقرضوا ذوي الحاجة ‪ ،‬لكن في نفس الوقت من الجهة األخرى شدد أيضا‬ ‫على المقترضين أن يؤدوا األمانات إلى أصحاب الديون ‪ ،‬ألنه إذا حصل اإلخالل في سداد الديون ألصحابها ‪ ،‬هذا‬ ‫سيؤدي بالموسرين إلى أنهم يضنون باإلقراض ‪ ،‬ألن الناس إذا كانت عادتهم أنهم يغدرون وال يوفون وال يؤدون‬ ‫األمانات ‪ ،‬فحينئذ يمسك أهل األموال أموالهم وال يرتفق الناس ويرحم بعضهم بعضا عن طريق القرض‪.‬‬ ‫وبالتالي ف مهما مات أبوك أو أمك على شيء من الخير والعمل الصالح ‪ ،‬لكن في عنقه دين فينبغي من أوائل ما ينبغي‬ ‫أن تبره به أن تجتهد في قضاء هذا الدين أو أن تجعله في ذمتك أنت حتى تحرر أباك وأمك من هذا القيد ‪ ،‬وعن ابن‬ ‫‪9‬‬ ‫كوثر الدلني ‪ -‬مجلة الشهد اإللكترونية – العدد (‪)91‬‬ ‫جميع المنشورات والمقاالت في صفحات مجلة الشهد اإللكترونية هي حقوق محفوظة لها – ‪© 5112‬‬


‫عمر رضي هللا عنهما أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ‪ :‬من مات وعليه دين فليس ثم دينار وال درهم ‪ ،‬ولكنها‬ ‫الحسنات والسيئات ‪ ،‬وعن أبي هريرة رضي هللا تعالى عنه قال ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬نفس المؤمن‬ ‫معلقة بدينه حتى يُقضى عنه ‪ ،‬فترى األبناء يتمتعون بالميراث ويلتهون به ‪ ،‬وال يفكر أحد وال يستحضر أن أباه محبوس‬ ‫بهذا الدين الذي على أبيهم أو أمهم ‪ ،‬وعن جابر بن عبد هللا رضي هللا عنهما قال ‪ :‬مات رجل فغسَّلناه وكفنَّاه وحن َّطناه ‪،‬‬ ‫ الحنوط يعني ‪ :‬الطيب الذي يخلط بأجساد الموتى ‪ ،‬ووضعناه لرسول هللا صلى هللا عليه وسلم حيث توضع الجنائز‬‫عند مقام جبريل ‪ ،‬ثم آذنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بالصالة ‪ ،‬فجاء معنا فتخطى خطى ثم قال ‪ :‬لعل على صاحبكم‬ ‫دينا ؟ قالوا ‪ :‬نعم ‪ ،‬ديناران ‪ ،‬فتخلف وقال ‪ :‬صلوا على صاحبكم ‪ ،‬فقال رجل منا ‪ ،‬يقال له أبو قتادة ‪ :‬يا رسول هللا ‪،‬‬ ‫هما علي ‪ ،‬فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬هما عليك وفي مالك والميت منهما بريء ؟ فقال ‪ :‬نعم‪ .‬فصلى عليه‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬ويفهم بصورة واضحة هنا أن الميت ينتفع بقضاء الدين عنه حتى لو كان الذي يقضي‬ ‫الدين من غير ولده ‪ ،‬وأما القضاء ‪ -‬قضاء الدين ‪ -‬يرفع العذاب عن الميت‪.‬‬ ‫ومن الحقوق التي تجب في التركة البد أن يؤدى الدين أوال ثم بعد ذلك تكون الوصية ‪ ،‬فبين عليه الصالة والسالم ‪ :‬أن‬ ‫وصى‬ ‫صيَّ ٍة يُ َ‬ ‫أداء دين الميت يقدم على إمضاء وصيته ‪ ،‬مع أن الوصية ذكرت في القرآن الكريم بعد الدين ‪ِ ( :‬منْ بَ ْع ِد َو ِ‬ ‫بِ َها أَ ْو َد ْي ٍن) ‪ ،‬إإل أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قضى أن الدين قبل الوصية ‪ ،‬وطبعا ألنه ال تعارض وال توجب‬ ‫الترتيب ‪ ،‬وإنما قدمها هللا سبحانه وتعالى في الذكر إلظهار كمال العناية بها‪.‬‬ ‫ولكون الدين مظنة للتفريط في أدائه وألن وجود الوصية أكثر من وجود الدين ‪ ،‬فقُدِّم في الذكر ما يقع غالبا في الوجود‬ ‫‪ ،‬ولبيان أنها مثل الدين في تقديمها على سهام الورثة ‪ ،‬قال الحافظ ابن كثير رحمه هللا تعالى ‪ :‬أجمع العلماء من السلف‬ ‫والخلف على أن الدين مقدم على الوصية‪.‬‬ ‫ويعني قبل تنفيذ الوصية البد أوال من سداد الدين ‪ ،‬فإذا استهلكت الديون كل المال ‪ ،‬ال يبقى هناك وصية ‪ ،‬لكن البد أن‬ ‫يكون هناك مراعاة لألولوية ‪ ،‬كذلك الدين يُقضى قبل توزيع التركة على الورثة ‪ ،‬البد أوال من قضاء الدين ‪ ،‬يقول هللا‬ ‫اج ُك ْم إِنْ لَ ْم يَ ُكنْ لَ ُهنَّ َولَ ٌد فَإِنْ َكانَ لَ ُهنَّ َولَ ٌد فَلَ ُك ُم الربُ ُع ِم َّما ت َ​َر ْكنَ ِمنْ بَ ْع ِد‬ ‫سبحانه وتعالى ‪َ ( :‬ولَ ُك ْم نِ ْ‬ ‫صفُ َما ت َ​َركَ أَ ْز َو ُ‬ ‫وصينَ بِ َها أَ ْو َد ْي ٍن َولَ ُهنَّ الربُ ُع ِم َّما ت َ​َر ْكتُ ْم إِنْ لَ ْم يَ ُكنْ لَ ُك ْم َولَ ٌد فَإِنْ َكانَ لَ ُك ْم َولَ ٌد فَلَ ُهنَّ الث ُمنُ ِم َّما ت َ​َر ْكتُ ْم ِمنْ بَ ْع ِد‬ ‫صيَّ ٍة يُ ِ‬ ‫َو ِ‬ ‫َ‬ ‫صونَ بِ َها أ ْو َد ْي ٍن) ‪ ،‬يقول اإلمام القرطبي رحمه هللا تعالى ‪ :‬ال ميراث إال بعد أداء الدين والوصية ‪ ،‬فيقدم أداء‬ ‫صيَّ ٍة تُو ُ‬ ‫َو ِ‬ ‫الدين على تقسيم اإلرث ولو كان الوراثون صغارا‪.‬‬ ‫هذا في ما يتعلق بالديون المادية (األموال) ‪ ،‬لكن هناك نوع آخر من الديون ‪ ،‬حقوق الناس ‪ ،‬الحقوق األدبية ‪ ،‬فمن بر‬ ‫الوالدين أيضا بعد موتهما أو موت أحدهما أن يسترضي اإلنسان من كان بينه وبين أبيه خصومة أو مظالم أدبية أو مادية‬ ‫من قريب أو أجنبي ‪ ،‬إما بأن يؤديها عنه إلى أن يرضى أو يلح عليه أن يسامحه ويرغبه في أن يعفو عنه ويدعو له ‪،‬‬ ‫يعني لو كان هناك مظالم كما يجري بين الناس بين أبيه وبين شخص آخر أو بين أمه وشخص آخر ‪ ،‬بالذات لو كان‬ ‫الوالد ظالما لآلخر ‪ ،‬فكيف يحمل هؤالء الناس (الخصوم) على أن يعفو عن أبيه ؟ هذا من اإلحسان إليه ‪ ،‬يقول النبي‬ ‫صلى هللا عليه وآله وسلم ‪ :‬أتدرون ما المفلس ؟ قالوا ‪ :‬المفلس فينا من ال دراهم له وال متاع ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن المفلس من‬ ‫أمتي يأتي يوم القيامة بصالة وصيام وزكاة ‪ ،‬ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا‬ ‫‪ ،‬فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه‬ ‫ثم طُرح في النار ‪ ،‬يعني إذا هذه الديون تؤدى بماذا ؟ باألعمال الصالحة ‪ ،‬أو بخطاياهم تؤخذ وتطرح عليه إذا فنيت‬ ‫حسناته‪.‬‬

‫‪10‬‬ ‫كوثر الدلني ‪ -‬مجلة الشهد اإللكترونية – العدد (‪)91‬‬ ‫جميع المنشورات والمقاالت في صفحات مجلة الشهد اإللكترونية هي حقوق محفوظة لها – ‪© 5112‬‬


‫فتوهم والدك وقد ُحبِس في قبره ‪ ،‬وقد أهمته تلك المظالم ‪ ،‬ماذا كان يفعل لو استطاع أن يلقاك ويكلمك ويوصيك ؟ وأي‬ ‫تفريج لكربته تسديه إليه إذا كنت نائبا عنه في تخليصه من هذه المظالم ؟ مثل ذلك ما لو ابتلي والدك بإحداث بدعة‬ ‫وترويجها أو إحداث سنة سيئة يحمل وزرها ووزر من عمل بها ‪ ،‬أو كتاب رديء صنفه ‪ ،‬أو جهاز خبيث اشتراه ‪،‬‬ ‫وتركه لذريته يصدهم عن ذكر هللا ؟ ‪ ،‬فمن البر أن تقطع هذه السلسلة وتمحو تلك الوصمة وتئد تلك البدعة وتحرق ذلك‬ ‫الكتاب وتدمر ذلك الجهاز طاعة لربك ثم تخليصا ألبيك من اإلثم‪.‬‬ ‫عن أبي هريرة رضي هللا تعالى عنه ‪ ،‬أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ‪ :‬إذا مات اإلنسان انقطع عمله إال من‬ ‫ثالث ‪ ،‬صدقة جارية أوعلم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ‪ ،‬ذكر الولد ودعاءه ألبيه كما قلنا واستثناه من عمله ‪ ،‬ففهمنا‬ ‫ب)‬ ‫س َ‬ ‫من ذلك أن الولد الصالح من عمل أبيه ‪ ،‬ألن الولد من كسبه ‪ ،‬يقول هللا سبحانه وتعالى ‪َ ( :‬ما أَ ْغنَى َع ْنهُ َمالُهُ َو َما َك َ‬ ‫‪ ،‬فما كسب ؟ ولده ‪ ،‬أوالده ‪ ،‬قال النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ‪ ،‬وإن ولده من كسبه ‪،‬‬ ‫فلما كان هو الساعي في وجود الولد كان عمله من كسبه ‪ ،‬بخالف األخ والعم واألب ونحوهم ‪ ،‬وال شك اإلنسان ينتفع‬ ‫بدعاء أخيه وعمه وجده ونحو ذلك ‪ ،‬ينتفع بدعائهم ‪ ،‬بل ينتفع بدعاء األجانب الذين ليسوا بأقرباء كإخوانه في هللا ‪ ،‬لكن‬ ‫هل هذا من عمله ؟ هذا ليس من عمله ‪ ،‬والنبي عليه الصالة والسالم قال ‪ :‬انقطع عمله إال من ثالث فإن عمله ال ينقطع‬ ‫‪ ،‬والولد بالذات فهو من عمل األب !‬ ‫عن النبي صلى هللا عليه وسلم أنه قال ‪ :‬ما من رجل يدعو ألخيه دعوة إال وكل هللا به ملكا ‪ ،‬كلما دعا ألخيه دعوة قال‬ ‫الملك الموكل به ‪ :‬آمين ولك بمثله ‪ ،‬فهذا من السعي الذي ينفع به المؤمن أخاه ‪ ،‬يثيب هللا هذا ويرحم هللا ذاك ‪َ ( ،‬وأَنْ‬ ‫س َعى) ‪ ،‬يعني ‪ :‬ليس كل ما ينتفع به الميت أو الحي أو يُرحم به يكون من سعيه‪.‬‬ ‫سا ِن إِ َّال َما َ‬ ‫س لِ ْ ِْل ْن َ‬ ‫لَ ْي َ‬ ‫ومما ُذكر في مسألة الدعاء للوالدين بالرحمة ‪ ،‬كما قلنا من قبل ‪ :‬من الجفاء وعدم الوفاء لألبوين أنه بعد موتهما ‪،‬‬ ‫وبالذات بعد موتهما ألنهما في أشد الحاجة للدعاء ‪ ،‬يجري ذكر الوالدين في مجالس بعض الناس ويكون أبوه أو أمه‬ ‫ميتين يبخل أن يقول ‪ :‬أبي رحمه هللا أو أمي رحمها هللا أو نحو ذلك من األدعية الطيبة فهذا من الجفاء ومن التقصير في‬ ‫حق الوالدين‪.‬‬ ‫سئل شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا تعالى ‪ :‬ما تقول السادة الفقهاء ‪ ،‬وأئمة الدين وفقهم هللا تعالى لمرضاته في القراءة‬ ‫للميت هل تصل إليه أم ال ؟ واألجرة على ذلك ‪ ،‬والقراءة على القبر ‪ ،‬والصدقة عن الميت ‪ ،‬أيهما المشروع الذي أُمرنا‬ ‫به ؟ فأجاب شيخ اإلسالم رحمه هللا تعالى ‪ :‬الحمد هلل رب العالمين ‪ ،‬أما الصدقة عن الميت فإنه ينتفع بها باتفاق المسلمين‬ ‫‪ ،‬وقد وردت بذلك عن النبي صلى هللا عليه وسلم أحاديث صحيحة ‪ ،‬مثل قول سعد ‪ :‬يا رسول هللا ‪ ،‬إن أمي افتُلِتت نفسها‬ ‫‪ ،‬وأُراها لو تكلمت تصدقت ‪ ،‬فهل ينفعها أن أتصدق عنها ؟ فقال ‪ :‬نعم ‪ ،‬وكذلك ينفعه الحج عنه واألضحية عنه والعتق‬ ‫عنه والدعاء واالستغفار له ‪ ،‬بال نزاع بين األئمة‪.‬‬ ‫وأما الصيام عنه وصالة التطوع عنه وقراءة القرآن عنه ‪ ،‬فهذا فيه قوالن للعلماء ‪ ،‬أحدهما ‪ :‬ينتفع به ‪ ،‬وهو مذهب‬ ‫أحمد ‪ ،‬وأبي حنيفة وغيرهما وبعض أصحاب الشافعي وغيرهم ‪ ،‬والثاني ‪ :‬ال تصل إليه ‪ ،‬وهو المشهور في مذهب‬ ‫مالك والشافعي ‪ ،‬حيث لم يرد دليل صريح صحيح عن النبي صلى هللا عليه وسلم يفيد أنه قرأ القرآن ووهب ثوابه للميت‬ ‫‪ ،‬وال حث عليه وال أمر به ‪ ،‬فبما أن العبادات توفيقية ‪ ،‬فيترجح وهللا تعالى أعلم قول من قال ‪ :‬إن القراءة ال يصل ثوابها‬ ‫إلى الميت ‪ ،‬وهللا تعالى أعلم‪.‬‬ ‫ومن بر الوالدين بعد موتهما ‪ :‬التصدق عنهما ‪ ،‬فعن عبد هللا بن عباس رضي هللا عنهما أن رجال قال للنبي صلى هللا‬ ‫عليه وسلم ‪ :‬إن أمي توفيت ‪ ،‬أينفعها إن تصدقت عنها ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬فإن لي مخرفة ‪ ،‬فأنا أشهدك أني قد تصدقت‬ ‫‪11‬‬ ‫كوثر الدلني ‪ -‬مجلة الشهد اإللكترونية – العدد (‪)91‬‬ ‫جميع المنشورات والمقاالت في صفحات مجلة الشهد اإللكترونية هي حقوق محفوظة لها – ‪© 5112‬‬


‫به عنه ‪ ،‬والمخرف ‪ :‬هو النخل ‪ ،‬ألن ثمارها تُخترف ‪ ،‬تخترف يعني ‪ :‬تُجتنى ‪ ،‬وعن عائشة رضي هللا عنها أن رجال‬ ‫قال ‪ :‬إن أمي افتلتت ‪ -‬يعني ماتت فجأة ‪ -‬نفسها ‪ ،‬ولم توص ‪ ،‬وأظنها لو تكلمت تصدقت ‪ ،‬فهل لها أجر إن تصدقت‬ ‫عنها ولي أجر ؟ قال ‪ :‬نعم‪ .‬فتصدق عنها ‪ ،‬وعن أبي هريرة رضي هللا تعالى عنه ‪ :‬أن رجال قال للنبي صلى هللا عليه‬ ‫وسلم ‪ :‬إن أبي مات وترك ماال ولم يوص ‪ ،‬فهل يُكفر عنه أن أتصدق عنه ؟ قال ‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫وخالصة ذلك ‪ :‬أن للولد أن يتصدق ويصوم ويحج ويعتمر ويقرأ القرآن عن والديه ‪ ،‬ألنه من سعيهما ‪ ،‬هذا كالم العالمة‬ ‫األلباني رحمه هللا تعالى ‪ ،‬في سلسلة األحاديث الصحيحة ‪ ،‬يقول ‪ :‬خالصة ذلك أن للولد أن يتصدق ويصوم ويحج‬ ‫ويعتمر ويقرأ القرآن عن والديه ألنه من سعيهما وليس له ذلك عن غيرهما ‪ ،‬إال ما خصه الدليل مما سبقت اإلشارة إليه‬ ‫وهللا تعالى أعلم ‪ ،‬فاإلنسان من بر الوالدين بعد موتهما ‪ :‬التصدق عنهما ‪ ،‬فما أفضل أنواع الصدقة ؟‬ ‫سقي الماء ‪ ..‬من أفضل الصدقة عن الوالدين سقي الماء ‪ ،‬فعن سعيد بن المسيب أن سعد بن عبادة ‪ -‬رضي هللا عنه ‪-‬‬ ‫أتى النبي صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬فقال ‪ :‬أي الصدقة أعجب إليك ؟ قال ‪ :‬الماء‪.‬‬ ‫ضوا‬ ‫اب النَّا ِر أَ ْ‬ ‫يقول القرطبي رحمه هللا تعالى في هذا اآلية – يعني آية األعراف ‪َ ( : -‬ونَادَى أَ ْ‬ ‫اب ا ْل َجنَّ ِة أَنْ أَفِي ُ‬ ‫ص َح ُ‬ ‫ص َح َ‬ ‫هللاُ قَالُوا إِنَّ َّ‬ ‫َعلَ ْينَا ِمنَ ا ْل َما ِء أَ ْو ِم َّما َر َزقَ ُك ُم َّ‬ ‫هللاَ َح َّر َمهُ َما َعلَى ا ْل َكافِ ِرينَ ) ‪ ،‬يقول ‪ :‬في هذه اآلية دليل على أن سقيا الماء‬ ‫من أفضل األعمال ‪ ،‬وقد سئل ابن عباس ‪ :‬أي الصدقة أفضل ؟ فقال ‪ :‬الماء‪ .‬ألم تروا إلى أهل النار حيث استغاثوا بأهل‬ ‫ضوا َعلَ ْينَا ِمنَ ا ْل َما ِء أَ ْو ِم َّما َرزَ قَ ُك ُم َّ‬ ‫هللاُ) !!‬ ‫الجنة ‪( :‬أَنْ أَفِي ُ‬ ‫روى البخاري عن أبي هريرة رضي هللا عنه ‪ :‬أن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم قال ‪ :‬بينما رجل يمشي بطريق اشتد‬ ‫عليه العطش ‪ ،‬فنزل بئرا يشرب منها ‪ ،‬ثم خرج فإذا كلب يأكل الثرى من العطش ‪ ،‬فقال ‪ :‬لقد بلغ هذا الكلب مثل الذي‬ ‫بلغ بي ‪ ،‬فمأل خفه ‪ ،‬ثم أمسكه بفيه ‪ ،‬ثم رقي فسقى الكلب ‪ ،‬فشكر هللا له ‪ ،‬فغفر هللا ‪ ،‬قالوا ‪ :‬يا رسول هللا ‪ ،‬وإنا لنا‬ ‫في البهائم ألجرا ؟ قال ‪ :‬في كل ذات كبد رطبة أجر ‪ ،‬فإذا من أفضل ما يتصدق به عن الوالدين سقي الماء ‪ ،‬وتوجد‬ ‫اآلن طبعا هذه البرادات أو الثالجات التي توضع وتبرد الماء وبالذات في الحر ‪ ،‬فإنها تنفع الناس‪.‬‬ ‫وإن كان من األفضل إكماال لعمل البر أن تكون األكواب من النوع الذي يُلقى بعد استعماله ‪ ،‬من الناحية الصحية يكون‬ ‫أفضل أال تستعمل أكثر من مرة يعني ‪ ،‬هذا معروف صحيا يعني ‪ ،‬هذا أكمل في الصدقة وهللا تعالى أعلم‪.‬‬ ‫ومن برهما بعد موتهما ‪ :‬قضاء النذر أو الكفارة عنهما ‪:‬‬ ‫فعن عبد هللا بن عباس رضي هللا عنهما ‪ :‬أن سعد بن عبادة األنصاري استفتى النبي صلى هللا عليه وسلم في نذر كان‬ ‫على أمه فتوفيت أمه قبل أن تقضيه ‪ ،‬فأفتاه أن يقضيه عنه ‪ ،‬فكانت سنة بعد ‪ ،‬يعني كان على أمه نذر توفيت قبل أن‬ ‫تقضي هذا النذر فأفتاه النبي صلى هللا عليه وسلم أن يقضيه عنها‪.‬‬ ‫ومن بر الوالدين بعد موتهما ‪ :‬الحج عنهما ‪..‬‬ ‫ففي الصحيح عن ابن عباس رضي هللا عنهما ‪ :‬أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى هللا عليه وسلم فقالت ‪ :‬إن‬ ‫أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت ‪ ،‬أفأحج عنها ؟ قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬حجي عنها ‪ ،‬أرأيت لو كان على أمك دين أكنت‬ ‫قاضيته ؟ اقضوا هللا فاهلل أحق بالوفاء‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫كوثر الدلني ‪ -‬مجلة الشهد اإللكترونية – العدد (‪)91‬‬ ‫جميع المنشورات والمقاالت في صفحات مجلة الشهد اإللكترونية هي حقوق محفوظة لها – ‪© 5112‬‬


‫شروط الحج عن الوالدين ‪:‬‬ ‫أوال‬ ‫ثانيا‬

‫‪ :‬أن تحج عن نفسك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ :‬أن ترى أباك وأمك يستعد للحج ولم يتمكن ‪ ،‬أو تعلم عنه أنه كان يتمنى الحج لكنه ال يستطيع‪.‬‬

‫من البر بالميت بعد موته ‪ :‬عدم النياحة عليه ‪..‬‬ ‫فإذا من بر األب بعد موته عدم النياحة عليه وبخاصة إذا كان قد أوصى بذلك أو بغيره من البدع والمخالفات في حياته‬ ‫‪ ،‬أو لم يوصي بتركه مع علمه أن الناس يفعلونه عادة ‪ ،‬ولهذا يقول ابن المبارك رحمه هللا تعالى ‪ :‬إذا كان ينهاهم في‬ ‫حياته ففعلوا شيئا من ذلك بعد وفاته لم يكن عليه شيء ‪ ،‬قال صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬من يُنَح عليه يُ َّ‬ ‫عذب بما نيح عليه‬ ‫يوم القيامة ‪ ،‬وذهب الجمهور أن معنى العذاب هنا يعني ‪ :‬العقاب ‪ ،‬وطبعا النياحة أمر زائد عن البكاء ‪ ،‬قال ابن العربي‬ ‫‪ :‬النوح ما كانت الجاهلية تفعل ‪ .‬كان النساء يقفن متقابالت ‪ ،‬طابورين متقابلين ‪ ،‬يصحن ويحثين التراب على رؤوسهن‬ ‫ويضربن وجوههن‪.‬‬ ‫ومن بره بعد موته ‪ :‬زيارة قبره ‪ -‬بدون شد الرحال إليه ‪ -‬والدعاء له ‪..‬‬ ‫يعني إذا كان الوالد مدفون في مكان بعيد فال يسافر بنية الوصول للقبر ‪ ،‬لكن مثال نفرض أنه ُدفِن في قرية بعيدة ‪ ،‬وهو‬ ‫له أقارب يزورهم في هذه القرية ‪ ،‬فهو ينوي صلة الرحم ‪ ،‬فإذا ُو ِجد في البلدة حينئ ٍذ ينشئ نية زيارة قبر أبيه‪ .‬لكن ال‬ ‫يشد الرحال للقبر ‪ ،‬للحديث المعروف ‪ :‬ال تُشد الرحال إال إلى ثالثة مساجد ‪...‬‬ ‫إذا من البر زيارة قبر األب أو األم بعد موته بدون شد الرحال إليه والدعاء له ‪ ،‬وقد ثبت جملة صالحة من األدعية يدعو‬ ‫بها اإلنسان عند زيارة القبر ‪ ،‬وأيضا زيارة قبور المسلمين عموما هذا مما دل عليه القرآن الكريم ‪ ،‬وهو مفهوم قوله‬ ‫ص ِّل َعلَى أَ َح ٍد ِم ْن ُه ْم َماتَ أَبَدا َو َال تَقُ ْم َعلَى قَ ْب ِر ِه) ‪ ،‬فمفهوم اآلية أن المسلم تقوم على قبره وتدعو له ‪ ،‬وعن‬ ‫تعالى ‪َ ( :‬و َال تُ َ‬ ‫أم المؤمنين عائشة رضي هللا تعالى عنها ‪ :‬أن النبي صلى هللا عليه وسلم كان يخرج إلى البقيع فيدعو لهم ‪ ،‬فسألته عائشة‬ ‫رضي هللا عنها عن ذلك ‪ ،‬فقال ‪ :‬إني أُمرت أن أدعو لهم‪.‬‬ ‫من بر الوالدين بعد موتهما ‪ :‬صلة أهل ودهما ‪..‬‬ ‫يعني أصدقاء األب واألم الذين كانوا يحبونهما من إحسان الوالدين أن تحسن إلى هؤالء ‪ ،‬عن أنس رضي هللا تعالى عنه‬ ‫قال ‪ :‬خطبنا رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال ‪ :‬أال ال إيمان لمن ال أمانة له ‪ ،‬وال دين لمن ال عهد له ‪ ،‬وعن أم‬ ‫المؤمنين عائشة رضي هللا عنها قالت ‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ُ :‬حسن العهد من اإليمان ‪ ،‬الوفاء واإلخالص‬ ‫لمن مات بأن تحسن لمن كان يعرفه أو يحبه ‪ ،‬فهذا من حسن العهد و ُحسن العهد من اإليمان ‪ ،‬وحسن العهد هو الوفاء‬ ‫ورعاية الحرمة والمعرفة المتقدمة ‪ ،‬وعن أم المؤمنين عائشة رضي هللا تعالى عنها قالت ‪ :‬جاءت عجوز إلى النبي‬ ‫صلى هللا عليه وسلم وهو عندي فقال لها رسول هللا صلى هللا عليه وسلم ‪ :‬من أنت ؟ قالت ‪ :‬أنا جثَّامة ال ُمزنية ‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫بل أنت حسَّانة المزنية ‪ ،‬فكيف أنتم ؟ كيف حالكم ؟ كيف كنتم بعدنا ؟ قالت ‪ :‬بخير بأبي أنت وأمي يا رسول هللا ‪ ،‬فلما‬ ‫خرجت ‪ ،‬قلت ‪ :‬يا رسول هللا تُقبل على هذه العجوز هذا اإلقبال ؟ فقال ‪ :‬إنها كانت تأتينا زمن خديجة ‪ ،‬وإن ُحسن العهد‬ ‫من اإليمان ‪ ،‬ولقد كان صلى هللا عليه وسلم يُهدي لصدائق خديجة رضي هللا عنها برا بها ووفاءا لها وهي زوجته ‪ ،‬فما‬ ‫ظنك بالوالدين ؟‬

‫‪13‬‬ ‫كوثر الدلني ‪ -‬مجلة الشهد اإللكترونية – العدد (‪)91‬‬ ‫جميع المنشورات والمقاالت في صفحات مجلة الشهد اإللكترونية هي حقوق محفوظة لها – ‪© 5112‬‬


‫أخيرا ‪ ..‬نختم الكالم بهدية ‪:‬‬ ‫إن شئت أن تهديها لوالديك وتحسن إليهما في اآلخرة تسعد بذلك كثيرا ‪ ،‬وإن شئت أن تُضيِّع فما تضيع إال نفسك ‪ ،‬أخرج‬ ‫اإلمام أحمد بسند حسن عن بريدة رضي هللا عنه قال ‪ :‬كنت جالسا عند النبي صلى هللا عليه وسلم فسمعته يقول ‪ :‬تعلَّموا‬ ‫سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة وال يستطيعها البطلة ‪ -‬أي السحرة ‪ ،‬قال ‪ :‬ثم مكث ساعة ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬تعلموا‬ ‫سورة البقرة وآل عمران فإنهما الزهراوان يظالن صاحباهما يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فِرقان من‬ ‫طير صواف ‪ ،‬وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره ‪ ،‬يقول له ‪ :‬هل تعرفني ؟ فيقول ‪ :‬ما أعرفك‬ ‫‪ ،‬فيقول ‪ :‬أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك ‪ ،‬وإن كل تاجر من وراء تجارته وإنك اليوم من‬ ‫وراء كل تجارة ‪ ،‬فيُعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ‪ ،‬ويوضع على رأسه تاج الوقار ويكسى والداه حلتين ال يقوم لهما‬ ‫أهل الدنيا ‪ ،‬فيقوالن ‪ :‬بما ُكسينا هذه ؟ فيقول ‪ :‬بأخذ ولدكما القرآن ‪ ،‬ان ابنكما حفظ القرآن ‪ ،‬فهذه تكون هدية بعد ذلك‬ ‫للوالدين في اآلخرة‪.‬‬ ‫ثم يقال له ‪ :‬اقرأ واصعد في درجة الجنة وغرفها ‪ ،‬فهو في صعود ما دام يقرأ ‪..‬‬ ‫وأقول قولي هذا واستغفر هللا لي ولكم ‪ ،‬سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ‪ ،‬أشهد أن ال إله إال أنت ‪ ،‬استغفرك وأتوب إليك‪.‬‬

‫مشاركات القراء الكــــــــــــرام ‪،،،‬‬ ‫مشاركة من األستاذ‪ /‬راشد الدلني ‪ ،‬حول فضل بر الوالدين وخاصة األم ‪ ،‬جزاك هللا خيراً ورحم أبويك وأسكنهما الجنة‪.‬‬

‫‪14‬‬ ‫كوثر الدلني ‪ -‬مجلة الشهد اإللكترونية – العدد (‪)91‬‬ ‫جميع المنشورات والمقاالت في صفحات مجلة الشهد اإللكترونية هي حقوق محفوظة لها – ‪© 5112‬‬


‫قصص وعبر ‪:‬‬

‫أمثلة على عقوق الوالدين‬

‫يقول الراوي كنت على شاطئ البحر فرأيت امرأة كبيرة في السن جالسة على ذلك الشاطئ تجاوزت الساعة ‪ 15‬مسا ًء‬ ‫فقربت منها مع أسرتي ونزلت من سيارتي ‪ ،‬أتيت عند هذه المرأة ‪ ،‬فقلت لها ‪ :‬يا والدة من تنتظرين ؟‬ ‫قالت ‪ :‬انتظر ابني ذهب وسيأتي بعد قليل ‪ ،‬يقول الراوي ‪ :‬شككت في أمر هذه المرأة ‪ ،‬وأصابني ريب في بقائها في هذا‬ ‫المكان ‪ ،‬فالوقت متأخر وال أظن أن أحد سيأتي بعد هذا الوقت‪.‬‬ ‫يقول ‪ :‬انتظرت ساعة كاملة ولم يأت أحد ‪ ،‬فأتيت لها مره أخرى فقالت ‪ :‬يا ولدي ‪ ،‬ولدي ذهب وسيأتي اآلن‪.‬‬ ‫يقول ‪ :‬فنظرت فإذا بورقه بجانب هذه المرأة‪.‬‬ ‫فقلت ‪ :‬لو سمحت أريد أن اقرأ هذه الورقة‪.‬‬ ‫قالت ‪ :‬إن هذه الورقة وضعها ابني وقال ‪ :‬أي واحد يأتي فأعطيه هذه الورقة‪.‬‬ ‫يقول الراوي ‪ :‬قرأت هذه الورقة ‪ ...‬فماذا مكتوب فيها ؟‬ ‫مكتوب فيها ‪( :‬إلى من يجد هذه المرأة الرجاء أن يأخذها إلى دار العجزة) ‪ ،‬عجبا ً لحال هؤالء !!‬ ‫أيها األخوة ال تظنون هذه القصص من الخيال وهللا في البيوت أعظم من ذالك ‪ ،‬اسألوا المحاكم وزوروا المستشفيات‬ ‫ترون العجب العجاب ‪ ،‬نسأل هللا بر والدينا ‪..‬‬

‫‪15‬‬ ‫كوثر الدلني ‪ -‬مجلة الشهد اإللكترونية – العدد (‪)91‬‬ ‫جميع المنشورات والمقاالت في صفحات مجلة الشهد اإللكترونية هي حقوق محفوظة لها – ‪© 5112‬‬


‫سائلين هللا أصوب العمل وأخلصه ‪،،‬‬ ‫مجلة الشهد اإللكترونية‬ ‫كوثر الدلني‬ ‫ص‪.‬ب‪ – 55555 : .‬دبي‬ ‫دولة االمارات العربية المتحدة‬ ‫‪www.facebook.com/Shahdelecmagazine‬‬ ‫‪shahdelecmagazine@gmail.com‬‬ ‫‪Twitter : @shahd2014magaz‬‬

‫‪16‬‬ ‫كوثر الدلني ‪ -‬مجلة الشهد اإللكترونية – العدد (‪)91‬‬ ‫جميع المنشورات والمقاالت في صفحات مجلة الشهد اإللكترونية هي حقوق محفوظة لها – ‪© 5112‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.