may-june-2011

Page 1

‫املجلد ‪ 27‬ـــ العددان ‪6/5‬‬ ‫مايو‪/‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪May / June 2011‬‬

‫فلسطينيون‬

‫العددان ‪ 278/ 277‬ــــ السعر‪ 1.500 :‬دينار كويتي‬

‫كيف نتغلب‬ ‫على �أزمة‬ ‫البدانة‬

‫دروز‬

‫روس‬

‫فرنسيون‬

‫ـوليون‬ ‫‪40° N‬‬

‫التطور البشري احلديث‬

‫‪40° S‬‬

‫تنوع مدهش من أشكال احلياة‬

‫بدايات بعض‬ ‫األمور الغريبة واملدهشة‬

‫هل ميكن أن يستمر بقاء البحر امليت؟‬ ‫على اإلنترنت (انظر صفحة ‪)78‬‬

‫السرطان ليس قاصرا على األغنياء‬


‫املجلد ‪ 27‬ـــ العددان‬ ‫مايو‪ /‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪6/5‬‬

‫‪4‬‬

‫تطور‬

‫التطور البشري احلديث‬

‫>‪ .K .J‬پريتشارد<‬

‫وليد الشارود ـ عبدالقادر رحمو‬ ‫&‬ ‫التحرير‬

‫حتليالت جديدة تشير إلى أن التطور البشري احلديث قد سلك مسارا‬ ‫مختلفا عما يتوقعه البيولوجيون‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫ٌ‬ ‫أمراض ُم ْعدية‬

‫عبدالرزاق السباعي ـ زياد درويش‬

‫مصانع اإلنفلونزا‬ ‫برانسويل<‬ ‫>‪.H‬‬ ‫ْ‬

‫إن اجلهود اجلديدة ملراقبة تطور ڤيروسات اإلنفلونزا في اخلنازير تواجه‬ ‫ضائقة مالية حتد من فعاليتها‪.‬‬ ‫‪20‬‬

‫صحة‬

‫كيف نتغلب على أزمة البدانة‬ ‫>‪ .H .D‬فريدمان<‬

‫غياث سمينة ـ عدنان احلموي‬ ‫&‬ ‫التحرير‬

‫مع أن العلم قد كشف عن الكثير من العمليات االستقالبية التي تؤثر في أوزاننا‪،‬‬ ‫إال أن مفاتيح النجاح في هذا املضمار قد تكمن في مكان آخر‪.‬‬ ‫‪28‬‬

‫بيولوجيا (علم األحياء)‬

‫احلياة الداخلية للجينوم‬ ‫>‪ .T‬ميستلي<‬

‫موسى اخللف ـ نزار مير علي‬

‫إن الطريقة التي تنتظم بها جيناتنا وتتحرك في الفضاء الثالثي األبعاد لنواة‬ ‫اخللية تؤثر بعمق في كيفية عمل هذه اجلينات‪ ،‬وذلك في حالتي الصحة واملرض‪.‬‬ ‫‪38‬‬

‫بـيـئـة‬

‫مصائب التغير املناخي‬

‫>‪ .A‬دو شيربينني< ‪ .K> -‬وارنر< ‪-‬‬

‫>‪ .C‬إيرهارت<‬

‫غدير زيزفون ـ نزار الريس‬

‫إن التحوالت في أمناط هطول املطر وتغيرات حدود السواحل‪ ،‬سوف تسهم في‬ ‫حدوث هجرات جماعية لم يسبق لها مثيل‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫«مجـلـة العـلوم» تصــدر شهر ًيا فــي الكـويـت مـنذ عـام ‪ 1986‬عـن «مؤسسـة الكـويـت للتقـدم العلمـي» وهـي مؤسسـة أهليـة ذات نفـع عـام‪ ،‬يـرأس مجلـس إدارتهـا صاحـب السمـو أمــير دولــة الكـويــت‪ ،‬وقـد أنشــئت عــام‬ ‫بهـدف املعاونـة فـي التطــور العلمـي واحلضـاري فـي دولـة الكويـت والوطـن العـربـي‪ ،‬وذلـك مــن خـالل دعــم األنشطــة العلمــية واالجتماعـيـة والثقـافيـة‪ .‬و«مجلة العلوم» هـي فـي ثلثي محتوياتهــا ترجمـة لـ«ساينتفيك أمريكان»‬ ‫التـي تعتبر مـن أهـم املجـالت العلمـيـة فــي عالـم اليــوم‪ .‬وتسعـى هـذه املج ـلـة مـنذ نشأتهـا عــام ‪ 1845‬إلـى متكـني القـارىء غــير املتخصــص مــن متـابعـة تطــورات معـارف عصـره العلميــة والتقانيــة‪ ،‬وتوفير معـرفـة شموليـة للقــارىء‬ ‫املتخصص حول موضوع تخصصه‪ .‬تصدر «ساينتفيك أمريكان» بثماني عشرة لغة عاملية‪ ،‬وتتميز بعرضها الشيق للمواد العلمية املتقدمة وباستخدامها الق ّيم للصور والرسوم امللونــة واجلداول‪.‬‬

‫‪1976‬‬

‫‪46‬‬

‫تقرير خاص‬

‫بـدايـات‬

‫رميون شكوري ـ ليلى املوسوي‬

‫كيف بدأت العملية اجلنسية؟ َمـن اختـرع األسالك الشائكة؟ متى أصبح الصفـر‬ ‫شيئا؟ تـت ُ‬ ‫ِ‬ ‫بدايات هذه ا ُألمور وغيـرها‪.‬‬ ‫ـناول املقالة‬ ‫‪56‬‬

‫بيولوجيا‬

‫حياة غير مرئية‬

‫ياسر العيتي ـ إيهاب عبدالرحيم‬

‫>‪ .D‬كاستلڤيتشي<‬

‫يكشف عالَم البيولوجيا مناظر طبيعية ميكروسكوپية ذات جمال ّ‬ ‫أخاذ‪.‬‬ ‫‪62‬‬

‫إيكولوجيا (علم البيئة)‬

‫بذور نباتات األمازون‬ ‫>‪ .A‬كوتشمينت<‬

‫ناديا حيدر ـ رياض احللوجي‬

‫جمع علماء النبات بذورا من أحد أكثر األماكن تنوعا بيولوجيا على األرض‪.‬‬ ‫‪64‬‬

‫صحة عامة‬

‫السرطان مرض ال يقتصر على األغنياء‬ ‫«حديث صحفي أجرته‬

‫>‪.M‬‬

‫كارمايكل<»‬

‫أحمد الكفراوي ـ قاسم السارة‬

‫ركزت احلمالت الصحية العاملية احلديثة على العوز املناعي املكتسب (اإليدز)‬ ‫والسل واملالريا‪ .‬ولكن كما يقول >‪ .P‬فارمر< عالم األنثروبولوجيا الطبية‪ ،‬فإن‬ ‫التصدي للتهديد املتنامي من السرطان سيحسن الرعاية الصحية‪.‬‬ ‫‪70‬‬

‫بـيـئـة‬

‫هل ميكن أن يستمر بقاء البحر امل ّيت؟‬

‫>‪ .E‬ها ّدوك<‬

‫وليد بوحمرا ـ فؤاد العجل‬

‫إن عمليات الري واستخراج املعادن جُت ِّف ُف البح َر امليت‪ .‬وتتط ّلع كل من الدول‬ ‫احمليطة بهذا البحر إلى استمرار بقائه‪.‬‬ ‫‪ 75‬أخبار علمية‬ ‫> استعادة الرونق الضائع‪.‬‬ ‫> حملة عن التغذية‪.‬‬

‫على اإلنترنت (انظر صفحة ‪)78‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫مايو ‪/‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪6/5‬‬

‫التطور البشري احلديث‬

‫(٭)‬

‫حتليالت جديدة تشير إلى أن التطور البشري احلديث‬ ‫قد سلك مسارا مختلفا عما قد يتوقعه البيولوجيون‪.‬‬ ‫>‪ .K .J‬پريتشارد<‬

‫منذ آالف الس������نني‪ ،‬انتقل البش������ر إلى هضبة التبت وذلك‬ ‫للم������رة األول������ى في تاريخه������م‪ ،‬وتضم هذه الهضبة مس������احة‬ ‫شاسعة من السهول كما يصل ارتفاعها إلى ‪ 14‬ألف قدم فوق‬ ‫س������طح البحر‪ .‬وعلى الرغم من أن هؤالء املرتادين اجلدد لتلك‬ ‫املنطق������ة من العالم امتلكوا ميزة دخول نظام بيئي جديد يخلو‬ ‫من املنافس������ة مع أقرانهم من البش������ر‪ ،‬إال أن انخفاض تركيز‬ ‫األكس������جني عند مثل هذا االرتفاع فوق سطح البحر جنم عنه‬ ‫عبء كبير على أجسامهم‪ ،‬متثل بإصابتهم مبرض املرتفعات‬ ‫‪ altitude sickness‬وازدياد معدل وفيات األطفال‪ .‬وفي مطلع عام‬ ‫‪ 2009‬متكنت سلس������لة من الدراسات من حتديد تنوع ‪variant‬‬ ‫ش������ائع ألحد اجلين���ات ‪ genes‬لدى التبتيني (س���كان هضبة‬ ‫التب���ت) ‪ Tibetans‬ون������ادر في اجلماعات البش������رية األخرى‪.‬‬ ‫ويعم������ل هذا التنوع على تنظيم إنتاج كريات الدم احلمراء في‬ ‫أجس������ام التبتيني‪ ،‬مما يساعد على تفس������ير كيف تكيفت هذه‬ ‫املجموعة من البشر مع هذه الظروف البيئية القاسية‪ .‬لقد و ّفر‬ ‫هذا االكتشاف‪ ،‬الذي تناقلته وسائل اإلعالم العاملية‪ ،‬منوذجا‬ ‫مثيرا لتكيف حيوي بش������ري سريع مع ظروف بيئية جديدة مت‬ ‫في املاضي القريب‪ .‬وقد قدرت إحدى هذه الدراسات أن هذا‬ ‫التنوع النافع للجني قد انتش������ر حتى الش������يوع خالل الثالثة‬ ‫آالف ع������ام املاضي������ة – والتي ال متثل س������وى حلظة مبقاييس‬ ‫التطور الزمنية‪.‬‬ ‫لق������د بدا هذا االكتش������اف وكأن������ه يدعم ال������رأي القائل إن‬

‫الن������وع البش������ري قد خاض عملي������ة تكيف حيوي������ة معتبرة من‬ ‫النم������ط املذك������ور‪ ،‬وذلك منذ نزوحه من إفريقي������ا ألول مرة‪ ،‬أي‬ ‫منذ ما يقارب ‪ 60‬ألف عام (تش������ير التقديرات إلى حدوث هذا‬ ‫الن ـ������زوح في الفتـرة بني ‪ 50‬ألف عام إلى ‪ 100‬ألف عام خلت)‪.‬‬ ‫ال ميثل االنتقال إلى األماكن املرتفعة إال أحد التحديات البيئية‬ ‫العديدة التي واجهها اإلنس������ان العاقل إبان هجرته من مراعي‬ ‫وأحراش ش������رق إفريقيا احلارة إلى مناطق التْن���درا ‪tundras‬‬ ‫الباردة‪ ،‬والغابات املطيرة والصحاري ذات الشمس امللتهبة –‬ ‫أي عملي������ا جميع النُّظم البيئية ‪ ecosystems‬واملناطق املناخية‬ ‫على س������طح هذا الكوكب‪ .‬واملؤكد هو أن تكيف اإلنس������ان مع‬ ‫البيئة كان في معظمه ناجما عن استخدام التقنية – فمواجهة‬ ‫البرد على س������بيل املثال‪ ،‬متت من خالل صنع املالبس؛ إال أن‬ ‫تقني������ات عصور ما قبل التاريخ لم ِ‬ ‫تكف مبفردها ملواجهة هواء‬ ‫املرتفعات القليل الكثافة‪ ،‬والتأثيرات املدمرة لألمراض املعدية‪،‬‬ ‫وغيره������ا من املعوقات البيئية‪ .‬وفي مث������ل هذه الظروف‪ ،‬تطلب‬ ‫التكي������ف تطورا جينيا عوضا عن حلول تقنية‪ .‬ووفقا لذلك كان‬ ‫من املنطقي أن تفضي الدراس������ات املس������حية جلينوم البشر‬ ‫‪ human genome‬إلى ظهور أدلة واضحة حلدوث طفرات جينية‬ ‫انتشرت مؤخرا لدى اجلماعات البشرية املختلفة عبر «االنتقاء‬ ‫(االنتخ���اب) الطبيع���ي» ‪ – natural selection‬حيث إن األفراد‬ ‫( ) ‪How We Are Evolving‬‬

‫(‪)1‬‬

‫‪ :Homo sapiens‬هو االسم العلمي لنوع «اإلنسان» ويعني «اإلنسان العاقل»‪.‬‬ ‫(التحرير)‬

‫باختصار‬ ‫واج���ه اإلنس������ان العاقل‬ ‫‪ )1(sapiens‬عند انتش���اره من إفريقيا‬ ‫إلى س���ائر مناط���ق العالم‪ ،‬منذ نحو‬ ‫س���تني أل���ف ع���ام‪ ،‬حتدي���ات بيئي���ة‬ ‫ل���م يكن في مق���دوره التغل���ب عليها‬ ‫باستخدام تقنيات ما قبل التاريخ‪.‬‬

‫‪Homo‬‬

‫‪4‬‬

‫ول����ذا‪ ،‬فق����د توق����ع العدي����د م����ن‬ ‫العلم����اء أن الدراس����ات املس����حية‬ ‫جلين������وم ‪ genome‬البش����ر س����وف‬ ‫تظه����ر لنا دليال دامغ����ا على وجود‬ ‫طف����رات انتش����رت س����ريعا ف����ي‬ ‫مختل����ف اجلماع������ات ‪populations‬‬

‫م����ن خ��ل�ال انتقاء طبيع������ي‬ ‫‪ - selection‬حي����ث يك����ون لألف����راد‬ ‫احلاملني له����ذه الطفرات عدد أكبر‬ ‫م����ن املواليد األصحاء مقارن ًة بغير‬ ‫احلاملني لها‪.‬‬ ‫ولك����ن اتض����ح أن����ه عل����ى الرغم‬

‫‪natural‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬

‫م����ن احتــواء اجلين����وم على بضعة‬ ‫أمثل����ة النتق����اء طبيع����ي ق����وي جدا‬ ‫وس����ريع‪ ،‬فإن أغلب حاالت االنتقاء‬ ‫الطبيع����ي القابل����ة للقي����اس تب����دو‬ ‫وكأنه����ا حدثت مبع����دل أبطأ كثيرا‬ ‫مما تصوره الباحثون‪.‬‬


(2011) 6/5

5


‫اس������تمرار وجود مؤش������رات االنتقاء الطبيعي املاضية آلالف‬ ‫األع������وام من دون أن يط������رأ عليها تغيير بفع������ل ضغوط بيئية‬ ‫جديدة يدل على أن االنتقاء الطبيعي يعمل أحيانا كثيرة بتمهل‬ ‫وبطء أكبر بكثير مما تصوره العلماء‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬فإن التطور‬ ‫املؤلف‬ ‫الس������ريع جلني رئيس������ي في التبت ِّيني اليب������دو حالة معتادة من‬ ‫‪Jonathan K. Pritchard‬‬ ‫>پريتشارد< أستاذ اجلينية البشرية في جامعة شيكاغو وباحث مبعهد هيوارد حاالت االنتقاء الطبيعي‪.‬‬ ‫هيوز الطبي‪ ،‬وهو يدرس التباين اجليني فيما بني وضمن اجلماعات البشرية‬ ‫وكباحث بيولوجي متخصص في التطور‪ ،‬كثيرا ما أسأل‬ ‫والعمليات التي تؤدي إلى هذا التباين‪.‬‬ ‫عما فيما إذا كان اإلنسان مستمرا بالتطور في وقتنا احلالي‪.‬‬ ‫لدي في أننا مازلنا نتطور؛ إال أن اإلجابة عن السؤال‬ ‫وال شك ّ‬ ‫احلاملني لهذه الطفرات يقومون بإنتاج مواليد يتمتعون بصحة املتعلق بالكيفية التي نتغير بها هو أمر أكثر تعقيدا‪ .‬وتش������ير‬ ‫البيانات التي حصلنا عليها من دراس������اتنا إلى أن السيناريو‬ ‫أفضل وقدرة أكبر على البقاء مقارن ًة بغير احلاملني لها‪.‬‬ ‫منذ س������تة أعوام‪ ،‬بدأت مع زمالئي بالبحث عن العالمات التقليدي لالنتقاء الطبيعي‪ ،‬والذي تنتش������ر فيه الطفرة النافعة‬ ‫الدالة على حدوث مثل هذه التحديات البيئية في جينوم البشر‪ .‬في املجتمع البش������ري‪ ،‬مثل انتش������ار النار في الهشيم‪ ،‬حدثٌ‬ ‫كن������ا نريد أن نفهم كيفية تطور البش������ر منذ بدء رحلة أجدادنا ناد ٌر نس������بيا‪ ،‬خالل الستني ألف عام املاضية‪ .‬ويبدو أن مثل‬ ‫هذه اآللية املؤدية إلى تغير تطوري تس������تلزم‬ ‫احلديثة التي َو ِس������ َعت جمي������ع بقاع األرض‪.‬‬ ‫ما م������دى التباي������ن اجليني ب���ي��ن اجلماعات في احلقيقة يحتوي عاد ًة اس������تمرار الضغوط البيئية لعش������رات‬ ‫آالف السنني – وهو أمر غير شائع احلدوث‬ ‫البش������رية املنتش������رة في األماكن املختلفة من اجلينوم على أمثلة‬ ‫بع������د أن بدأ أجدادنا بارتياد بقاع هذا الكون‬ ‫العالم الناجم ع������ن التكيف مع ضغوط بيئية‬ ‫انتقاء‬ ‫حلاالت‬ ‫قليلة‬ ‫وتسارع معدل االبتكار التقاني‪.‬‬ ‫مختلف������ة بفعل االنتقاء الطبيع������ي‪ ،‬وذلك كما‬ ‫حدث مع التبت ِّيني‪ .‬وما هي نس������بة هذا النوع طبيعي قوي جدا‬ ‫وهذه االكتش������افات عملت بالفعل على‬ ‫صقل فهمنا ليس فقط لتاريخ تطور اإلنسان‬ ‫م������ن التباينات اجليني������ة الناجمة عن تأثيرات‬ ‫وسريع‪ .‬وبدال‬ ‫خالل الفترة األخيرة‪ ،‬وإمنا أيضا ملا ميكن‬ ‫أخرى؟ وبفضل ما حدث من تقدم في تقنيات‬ ‫أن‬ ‫يبدو‬ ‫ذلك‪،‬‬ ‫من‬ ‫أن يحمله املستقبل للبش������رية‪ .‬فهناك عدد‬ ‫دراس������ة التباين اجليني‪ ،‬مت ّكنا من الشروع‬ ‫غالبية احلاالت‬ ‫م������ن التحديات احلالية الت������ي تواجه النوع‬ ‫في التصدي لهذه األسئلة‪.‬‬ ‫البش������ري – مث������ل تغيرات من������اخ األرض‬ ‫مازال العمل جاريا في دراس������اتنا هذه‪،‬‬ ‫امللموسة من‬ ‫والعديد من األم������راض املعدية – واألغلب‬ ‫إال أن النتائ������ج املبدئية أصابتنا بالدهش������ة؛ االنتقاء الطبيعي‬ ‫ه������و أن االنتقاء الطبيعي أبطأ من أن يعول‬ ‫فقد اتض������ح أن جينوم البش������ر يحتوي على‬ ‫خالل‬ ‫حدثت‬ ‫قد‬ ‫علي������ه‪ .‬وعوضا عن ذلك س������يكون علينا أن‬ ‫أمثلة قليلة حلاالت انتق������اء طبيعي قوي جدا‬ ‫آالف‬ ‫عشرات‬ ‫نعتمد على الثقافة والتقانة‪.‬‬ ‫وس������ريع‪ .‬ويب������دو أن أغلب ح������االت االنتقاء‬ ‫الطبيع������ي الواضح������ة في جينوم البش������ر قد‬ ‫السنني‪.‬‬ ‫( )‬ ‫اكتشاف آثار األقدام‬ ‫حدثت خالل عشرات اآلالف من السنني‪ .‬وما‬ ‫منذ عش������رة أعوام فقط كان من الصعب جدا على العلماء‬ ‫يبدو أنه قد حدث بالفعل في العديد من احلاالت هو أن طفرة‬ ‫نافعة قد انتش������رت في جماعة ما كاس������تجابة ألحد الضغوط تتبع االس������تجابات اجليني������ة لبيئتنا من قب������ل أنواعنا‪ ،‬ذلك أن‬ ‫البيئية احمللي������ة‪ ،‬ثم جرى نقلها إلى أماك������ن أخرى بعيدة مع األدوات البحثي������ة الالزمة للقيام بذلك لم تك������ن متوفرة‪ .‬إال أن‬ ‫امت������داد اجلماع������ة ووصولها إلى تلك األماكن‪ .‬وعلى س������بيل ذلك تغير متاما باس������تكمال َسل َْس���لة اجلينوم البشري(‪ )1‬وما‬ ‫املثال‪ ،‬هناك تنوعات لبعض اجلينات تشترك في تكوين اللون تبعه من فهرس���ة التباين اجليني(‪ .)2‬وإذا شئنا الدقـة في فهم‬ ‫تركيب الدنا ‪DNA‬‬ ‫الفاحت للبش������رة‪ ،‬وذلك كوسيلة للتكيف مع القدر املنخفض من ما تمَ ّ إجن������ازه‪ ،‬فمن املفيد أن نتعرف قليال‬ ‫َ‬ ‫ضوء الش������مس‪ ،‬إال أن هذه التنوعات تنتش������ر في اجلماعات وكي������ف أن بعض التغيرات الصغيرة في هذا التركيب ميكن أن‬ ‫( ) ‪Finding the Footprints‬‬ ‫وفقا ملسارات الهجرة التي اتخذها البشر قدميا‪ ،‬وال تقتصر‬ ‫(‪human genome sequence )1‬‬ ‫في انتش������ارها على خ���ط عرض ‪ latitude‬مكان املعيش������ة‪ .‬إن‬ ‫(‪cataloguing of genetic variation )2‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫قراءة اجلينوم‬

‫عالمات االنتقاء‬

‫( )‬

‫يس���تطيع العلماء أن يس���تدلوا عل���ى حدوث انتقاء طبيع���ي في منطقة‬ ‫م���ا م���ن الدنا ‪ DNA‬م���ن خالل مالحظة غي���اب التباين في ه���ذه املنطقة‪.‬‬ ‫وجينوما أي شخصني يختلفان فقط في واحد تقريبا من كل ألف زوج‬ ‫م���ن نكليوتيدات الدنا‪ ،‬أو «احلروف»‪ .‬و ُيطلق على نقاط االختالف هذه‬ ‫اس���م مواقع تعدد األش���كال األحادية النكليوتيدات أو س���نپس )‪،(SNPs‬‬ ‫كم���ا ُتس���مى النس���خ املختلف���ة م���ن األس���س عن���د كل س���نپ باألليالت‪.‬‬

‫وعندم���ا يؤدي جناح أليل معني إلى حتس�ي�ن الق���درة التكاثرية لألفراد‪،‬‬ ‫فإنه ينتش���ر في اجلماعة‪ ،‬أي يتم «انتقاؤه»‪ .‬وفي الوقت نفس���ه‪ ،‬تنتقل‬ ‫األلي�ل�ات املج���اورة م���ع األليل املنتق���ى لتصبح أيضا أكثر ش���يوعا في‬ ‫اجلماع���ة‪ .‬وينت���ج م���ن ذلك انخفاض في تباين الس���نپ ف���ي هذا اجلزء‬ ‫م���ن اجلين���وم ل���دى أفراد اجلماع���ة‪ ،‬وهو ما يطلق عليه كس������ح انتقائي‬ ‫‪.selective sweep‬‬ ‫زوج من النكليوتيدات‬

‫جني أو تتابع مُ َن ِظم‬

‫دنا‬

‫نكليوتيد واحد‬

‫الفرد‬

‫‪1‬‬

‫الفرد‬

‫‪2‬‬

‫أليالت‬

‫نقطة تباين (سنپ)‬

‫سنپ‬

‫سنپ‬ ‫عندما يقوم االنتقاء الطبيعي بالتأثير في سنپ ما‪ ،‬فإن األليالت‬ ‫املجاورة له تنتقل معه ككتلة واحدة إلى اجليل التالي‪.‬‬

‫الدنا بعد حدوث «كسح انتقائي»‬

‫الدنا قبل حدوث «كسح انتقائي» في املجتمع‬ ‫أليل منتقى‬

‫تؤث������ر في وظيفتها‪ .‬يتألف جينوم البش������ر من نحو ثالثة باليني‬ ‫زوج م������ن نكليوتيدات الدنا‪ ،‬وهي مبنزل������ة األحرف التي تخدم‬ ‫كدليل إرش������ادي حول كيف ُيجمع إنسان [انظر املؤطر في هذه‬ ‫الصفح������ة]‪ .‬ومن املعلوم اآلن أن هذا الدليل يحتوي على قائمة‬ ‫مكون������ة من ‪ 20‬ألف جني – واجلينات هي سالس������ل مكونة من‬ ‫ح������روف الدنا التي حتمل املعلومات الالزم������ة لبناء الپروتينات‬ ‫(تق������وم الپروتين������ات‪ ،‬وهي تش������مل اإلنزميات كأح������د أنواعها‪،‬‬ ‫مبعظم العمل في اخلاليا)‪ .‬إن اثنني في املئة من جينوم البشر‬ ‫يكوّ د ‪ endode‬لبناء الپروتينات‪ ،‬وهناك نس������بة مش������ابهة تقريبا‬ ‫من اجلين������وم يبدو أنها تش������ترك في تنظيم اجلين���ات ‪genes‬‬ ‫‪ .regulation‬أما أغلب املتبقي من اجلينوم فليس له دور معلوم‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫أليل مرتبط‬

‫أليل مرتبط‬

‫عال من التشابه بني جينومي أي‬ ‫������توى ٍ‬ ‫وعموما هناك مس ً‬ ‫ش������خصني‪ ،‬إذ ال يتعدى االختالف فيم������ا بينهما مجرد زوج‬ ‫واح������د فقط من النكليوتيدات من ب���ي��ن كل ‪ 1000‬زوج‪ .‬و ُيطلق‬ ‫على مواقع جزيء الدنا التي يحدث فيها استبدال لزوج واحد‬ ‫من النكليوتيدات بزوج آخر‪ ،‬اس������م تعدد األش���كال األحادي‬ ‫النكليوتيد(‪ )1‬أو سنپس ‪ ،SNPs‬كما ُيطلق على جميع أشكال‬ ‫الدنا لكل س���نپ ‪ SNP‬اسم ألّيل ‪ .allele‬ومبا أن غالبية أجزاء‬ ‫اجلينوم ال حتمل كودات إلنت������اج الپروتينات أو لتنظيم تعبير‬ ‫اجلينات‪ ،‬يس������تبعد أن يكون ملعظم السنپس أي تأثير ملموس‬ ‫( ) ‪Selection Signal‬‬ ‫(‪single-nucleotide polymorphisms )1‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫في الش������خص احلامل لها‪ .‬ولكن إذا ُو ِج َد السنپ في منطقة‬ ‫من اجلينوم حتمل ك������ودا أو لها دور تنظيمي‪ ،‬فمن املمكن أن‬ ‫يكون لهذا الس������نپ تأثير في تركي������ب الپروتني أو في وظيفته‬ ‫أو في توقيت إنتاج������ه أو في كميته‪ .‬وميكننا أن نتصور قدرة‬ ‫السنپس على تعديل أي من صفات اجلسم تقريبا سواء كانت‬ ‫الط������ول أو لون العينني أو القدرة على هضم احلليب‪ ،‬أو قابلية‬ ‫اإلصابة باألمراض مثل السكري والفصام واملالريا واإليدز‪.‬‬ ‫عندما يدعم االنتق������اء الطبيعي أحد األ ّليالت بقوة‪ ،‬فإن‬ ‫هذا األليل يزداد ش������يوعا ف������ي اجلماعة مع ظهور كل جيل‬ ‫جدي������د‪ ،‬فيما يصبح األ ّليل ال������ذي ال يحظى بهذا الدعم أقل‬ ‫انتش������ارا‪ .‬وفي حال ثبات الظروف البيئية‪ ،‬سينتشر األليل‬ ‫النافع حتى يصبح كل فرد في اجلماعة حامال له‪ ،‬ويصبح‬ ‫وقت������ذاك ثابتا في هذه املجموعة م������ن األفراد‪ .‬ويتطلب هذا‬ ‫منطيا العديد من األجيال‪ .‬فلو أن ش������خصا ميتلك نسختني‬ ‫م������ن أ ّليل ناف������ع ولديه قدرة أكبر على إنت������اج أطفال مبعدل‬ ‫‪ ،%10‬وش������خص آخر ميتلك نس������خة واحدة منه ولديه قدرة‬ ‫أكبر على إنتاج األطفال مبعدل ‪ %5‬مقارن ًة بش������خص ثالث‬ ‫ليس لديه أي نسخة‪ ،‬فإن هذا يعني أن هذا األليل سيحتاج‬ ‫إل������ى ‪ 200‬جيل‪ ،‬أو ‪ 5‬آالف س������نة تقريبا ك������ي يزداد معدل‬ ‫انتش������اره في املجتمع من ‪ 1‬إل������ى ‪ .%99‬ونظريا‪ ،‬فإن األليل‬ ‫النافع ميكن أن يصير ثابتا في جينوم أفراد املجتمع خالل‬ ‫بضع مئات من السنني إذا أضفى ميزة كبيرة غير معتادة‪.‬‬ ‫وفي املقابل‪ ،‬فإن األليل الذي يضفي ميزة أضعف سيحتاج‬ ‫إلى آالف السنني‪.‬‬ ‫فلو اس������تطعنا احلصول على عينات دن���ا ‪ DNA‬من بقايا‬ ‫آدمي������ة قدمية واس������تخدمناها في تعقب التغي������رات املصاحبة‬ ‫النتش������ار األليالت النافعة على مر العصور‪ ،‬لكان ذلك ش������يئا‬ ‫عظيما في س������ياق جهودنا الرامية إلى فهم التطور البش������ري‬ ‫احلدي������ث‪ .‬إال أنه غالب������ا ما يتحلل الدنا بس������رعة في العينات‬ ‫القدمي������ة‪ ،‬مما يع������وق قدرتنا عل������ى اتباع هذا األس������لوب في‬ ‫الدراس������ة‪ .‬ولذلك‪ ،‬فإن مجموعتي البحثية ومجموعات أخرى‬ ‫حول العالم عملت على تطوير وس������ائل ع������دة لفحص التباين‬ ‫اجليني في اإلنسان املعاصر بغية العثور على مؤشرات حول‬ ‫حدوث االنتقاء الطبيعي في املاضي‪.‬‬ ‫وفي أحد أس������اليب الدراس������ة يجري التنقيب في بيانات‬ ‫الدنا اخلاصة بالعديد م������ن األفراد حتى نصل إلى قطع دنا‬ ‫ذات اختالفات قليلة في أليالت الس������نپ لألفراد في جماعة‪.‬‬ ‫وعندما تنتش������ر طفرة نافعة بس������رعة في جماع������ة ما نتيجة‬ ‫حل������دوث انتقاء طبيع������ي‪ ،‬فإنها تأخذ معه������ا قطعة من اجلزء‬ ‫‪8‬‬

‫هناك تنوع نادر جلني يُسمى العامل املستحث‬ ‫بالهيپوكسيا ‪ 2‬ألفا ‪hypoxia-inducible‬‬

‫يحدث منو متسارع للشريان‬ ‫الرحمي أثناء فترة احلمل‬ ‫لدى نساء منطقة التيپالنو في‬ ‫بوليڤيا‪ ،‬التي ترتفع نحو ‪ 12‬ألف‬ ‫قدم عن سطح البحر‪ ،‬وذلك مقارنة‬ ‫بنمو هذا الشريان لدى نساء‬ ‫املناطق املنخفضة ‪ -‬وهذا ميثل‬ ‫تكيفا تطور خالل العشرة آالف‬ ‫عام املاضية‪.‬‬

‫‪ factor 2-alpha‬انتشر بتكرارية مرتفعة في‬ ‫سكان هضبة التبت خالل بضعة آالف من‬ ‫األعوام املاضية‪ ،‬وقد ساعد ذلك على التخفيف‬ ‫من وطأة التأثيرات املرضية التي حتدث عند‬ ‫العيش على ارتفاعات تصل إلى ‪ 14‬ألف قدم‬ ‫فوق سطح البحر‪ ،‬إذ يعمل هذا اجلني على‬ ‫تنظيم إنتاج خاليا الدم احلمراء‪.‬‬

‫ث ظهور بعض‬

‫تقاء الطبيعي‬

‫السريع احلدي‬

‫يفسر االن‬

‫شعب املايا‬

‫‪40° N‬‬

‫ط االستواء‬

‫خ‬

‫‪40° S‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬

‫األمناط اجلينية ‪‬‬

‫ولكن ‪...‬‬

‫پيميون‬


‫النتائج‬

‫نتائج مدهشة من دراسة اجلماعات‬

‫( )‬

‫حدث تطور سريع للجني‬ ‫اخلاص بإنتاج إنزمي‬ ‫الالكتاز الذي يهضم سكر‬ ‫اللنب‪ ،‬وذلك في اجلماعات‬ ‫التي تنتشر فيها مزارع‬ ‫األلبان في أوروبا والشرق‬ ‫األوسط وشرق إفريقيا خالل‬ ‫اخلمسة آالف إلى عشرة‬ ‫آالف عام املاضية‪.‬‬

‫‪ ...‬انتقا ًء‬

‫بطيئا‪ ،‬مقترنا‬

‫هناك جني يسمى الكبير‬

‫‪ LARGE‬له دور في‬ ‫استجابة اجلسم لإلصابة‬ ‫بڤيروس حمى الالسا‪،‬‬ ‫ومؤخرا حدث لهذا اجلني‬ ‫انتقاء طبيعي قوي في‬ ‫مجتمع النيجيريني حيث‬ ‫يستوطن هذا الڤيروس‬ ‫املُ ْمرِ ض ‪.pathogen‬‬

‫سر ظهور عدد‬

‫مية لإلنسان يف‬ ‫بالهجرات القد‬

‫روس‬

‫دروز‬

‫فلسطينيون‬

‫متك���ن الباحثون من تعري���ف عدد قليل من األ ّليالت املفضلة ‪ favorable alleles‬والتي تنتش���ر‬ ‫بدرج���ة كبي���رة كنتيج���ة حلدوث انتق���اء طبيعي ق���وي عمل على تكيف البش���ر الس���ريع مع‬ ‫الضغ���وط البيئي���ة احمللي���ة (في اليم�ي�ن)؛ إال أن حتليال جديدا تضمن املئ���ات من العالمات‬ ‫الظاه���رة األخ���رى والدالة على حدوث انتقاء طبيعي (مثل الكس���وح االنتقائية) تش���ير إلى‬ ‫أن غالبيته���ا ال متثل تكيف���ا مع ظروف بيئية حديثة‪ .‬وقد وُ جد أن معظم األليالت االنتقائية‬ ‫والت���ي ّ‬ ‫مت الكش���ف عنها من خالل هذه الدراس���ة تظهر واحدا من الط���رز اجلغرافية الثالث‬ ‫(اخلريط���ة في األس���فل)‪ :‬فه���ي إما أن توجد بتكراري���ة مرتفعة ف���ي كل اجلماعات املوجودة‬ ‫خ���ارج إفريقي���ا وال تنتش���ر داخلها (الس���هم البرتقالي)‪ ،‬أو أنها تنتش���ر ف���ي املنطقة الغرب‬ ‫آس���يوأوروبية – التي تتكون من أوروبا وغرب آس���يا وجنوبها – وتكون نادرة في األماكن‬ ‫األخرى (السهم األحمر)‪ ،‬أو أنها تسود في شمال آسيا‪ ،‬وشرقها وأقيانوسيا‪ ،‬واألمريكتني‬ ‫(الس���هم األصفر) فيما تنتشر مبعدل منخفض في املنطقة الغرب آسيوأوروبية‪ .‬وتبني هذه‬ ‫الطرز أن الهجرات البشرية القدمية قد أثرت في توزع هذه األليالت‪.‬‬

‫أكبر من هذه‬

‫التنوعات ‪‬‬

‫فرنسيون‬

‫مثال‪ :‬هناك تنوع للجني املسمى ‪ SLC24A5‬يؤدي دورا في تفتيح‬ ‫لون البشرة‪ .‬ونظرا الرتباط هذه الصفة بانخفاض كمية ضوء الشمس‬ ‫املتاحة ‪ ،‬فاملتوقع أن ينتشر هذا التنوع بتكرارية عالية ومتشابهة في‬ ‫اجلماعات التي تعيش عند خطوط العرض الشمالية – مثل الفرنسيني‬ ‫والصينيني الهان ‪ .Han Chinese‬إال أن فحص اجلماعات األخرى على‬ ‫مستوى العالم ودراسة تباين السنپ في املنطقة من اجلينوم احملتوية‬ ‫على هذا اجلني أظهرا خالف املتوقع‪ .‬إن كل مربع متعدد األلوان في‬ ‫الشكل ميثل التباين في السنپ لدى قطعة اجلينوم احملتوية على هذا‬ ‫اجلني عند إحدى اجلماعات‪ :‬وكلما ّ‬ ‫قل هذا التباين‪ ،‬زادت مساحة اللون‬ ‫األحمر في املربع‪ .‬وكما نرى‪ ،‬تظهر لنا هذه املربعات حدوث انتقاء طبيعي‬ ‫قوي لهذا األليل لدى الفرنسيني وغيرهم من جماعات املنطقة الغرب‬ ‫آسيوأوروبية‪ ،‬إال أن ذلك ال ينطبق على جماعات الهان الصينية وغيرها‬ ‫من جماعات آسيا الشرقية‪ .‬إن توزيع هذا األليل ميثل كسحا انتقائيا في‬ ‫سكان املنطقة الغرب آسيوأوروبية – وهذا يدل على أن األليل قد ظهر‬ ‫وانتشر منذ فترة طويلة في جماعة سلفية ‪ ancestral population‬مبنطقة‬ ‫الشرق األوسط‪ ،‬وحمله أفرادها فيما بعد أثناء هجرتهم إلى الشمال‬ ‫والغرب؛ ولم يكن لالنتقاء الطبيعي تأثير قوي في هذا اجلني منذ‬ ‫ذلك احلني‪ ،‬وإال لظهرت مساحة أكبر من اللون األحمر في‬ ‫املربع اخلاص بجماعة الهان‪.‬‬ ‫كسح ‪ sweep‬ما بعد اخلروج من إفريقيا‬ ‫كسح املنطقة الغرب آسيوأوروبية‬ ‫كسح آسيا الشرقية‬

‫منغوليون‬

‫هان‬

‫بلوشيون‬

‫ماكرنيون‬

‫و (كينيا)‬

‫بانت‬ ‫يون جدد‬

‫غين‬

‫أق‬

‫زام بياكا‬

‫ماندنكيون‬

‫مبوديون‬

‫ك‬

‫( ) ‪Surprising Findings from Population Studies‬‬

‫‪9‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫احمليط بها من الصبغي في عملية ُيطلق عليها انتقال جيني انتش������ارا كبيرا لدى جماعات األفراد في املناطق األوروبية‬ ‫ترافقي ‪ .genetic hitchhiking‬ومن ثم‪ ،‬فإنه مع زيادة انتش������ار التي تنتش������ر فيها مزارع األلب������ان‪ ،‬وذلك في مدة تراوحت‬ ‫األليل النافع في جماعة بس������بب االنتقاء الطبيعي‪ ،‬س������تحدث ما بني خمس������ة آالف إلى عشرة آالف سنة‪ .‬وفي عام ‪2006‬‬ ‫أيضا زيادة في معدالت انتش������ار األليالت املجاورة احملايدة نش������رت مجموعة بحثية بقيادة >‪ .S‬تيش������كوف< [تعمل اآلن‬ ‫أو القريب������ة من احلياد والتي ال تؤث������ر في تركيب الپروتني أو في جامعة پنسلڤانيا]‪ ،‬دراسة في مجلة جينية الطبيعة‬ ‫كميته بشكل واضح‪ .‬فهي متتطي العربة التي جترها األليالت ‪ Nature Genetics‬س������جلت فيها ه������ذه املجموعة مالحظاتها‬ ‫املنتقاة طبيعيا‪ .‬ويطلق على انخفاض أو إزالة التباين فيما بني حول حدوث تطور سريع جلني الالكتاز في جماعات شرق‬ ‫أفراد اجلماعة في نقاط الس������نپ في منطقة اجلينوم احملتوية إفريقيا التي تنتش������ر فيها مزارع األلبان‪ .‬وهذه التغيرات‪،‬‬ ‫بكل تأكيد‪ ،‬ما هي إال استجابة للتكيف مع‬ ‫على ألي������ل نافع مصطلح الكس����ح االنتقائي‬ ‫‪ .selective sweep‬وميك������ن لعملي������ة انتش������ار من املمكن أن يكون ممارسة معيشية جديدة‪.‬‬ ‫لق������د متكن الباحثون أيض������ا من العثور‬ ‫األليالت املنتقاة بواسطة االنتقاء الطبيعي أن جينوم البشر قد‬ ‫على عالمات واضحة عل������ى حدوث االنتقاء‬ ‫تترك ُطرزا أخرى مميزة في بيانات الس������نپ‪:‬‬ ‫بتغير‬ ‫مؤخرا‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫الطبيع������ي فيم������ا ال يق������ل عن س������تة جينات‬ ‫فل������و أثبت‪ ،‬بش������كل مفاجئ‪ ،‬أح������د األليالت‬ ‫املوج������ودة أصال فائدت������ه املتميزة في ظروف تكيفي أوسع مما له������ا عالقة بتحديد لون البش������رة والش������عر‬ ‫والعينني لدى غي������ر األفارقة‪ .‬وكان الضغط‬ ‫بيئي������ة جديدة جلماعة ما‪ ،‬ميك������ن لهذا األليل‬ ‫ميكن للعلماء‬ ‫البيئ������ي والنف����ع التكيف����ي ‪adaptive benefit‬‬ ‫أن يصل إلى معدالت انتش������ار عالية في هذه تع ّرفه حتى اآلن‬ ‫واضحني هن������ا أيضا‪ .‬فمع انتقال البش������ر‬ ‫اجلماعة (ويظل نادرا في اجلماعات األخرى)‬ ‫ص‬ ‫تفح‬ ‫خالل‬ ‫من‬ ‫ُّ‬ ‫من مواطنهم األصلية ف������ي املناطق املدارية‪،‬‬ ‫من دون ظهور عالمة ‪ signal‬االنتقال اجليني‬ ‫اجلينوم بالطريقة صاروا عرضة لقدر أقل من أشعة الشمس‬ ‫الترافقي بالضرورة‪.‬‬ ‫ف������وق البنفس������جية‪ .‬وحدث ذلك ف������ي الوقت‬ ‫خالل الس������نوات القليلة املاضية‪ ،‬أجري‬ ‫املعتادة‪.‬‬ ‫الذي يحتاج فيه اجلس������م إلى هذه األش������عة‬ ‫العديد من الدراسات‪ ،‬ومن ضمنها دراسة‬ ‫نش������رتُها مع زمالئي في عام ‪ ،2006‬حددت مئات العالمات لبن������اء الڤيتامني ‪ ،D‬وهو عنصر غذائي جوهري‪ .‬واألش������عة‬ ‫الدالة على حدوث انتقاء طبيعي واضح في جينوم البش������ر فوق البنفس������جية ف������ي املناطق املدارية قوي������ة لدرجة متكنها‬ ‫إبان الس������تني ألف س������نة املاضية أو نح������و ذلك – أي منذ من اختراق البش������رة الداكنة اللون لتصل بالكميات املطلوبة‬ ‫مغ������ادرة «اإلنس������ان العاقل» إلفريقيا‪ .‬وف������ي عدد قليل من لتركيب الڤيتامني ‪ .D‬ولكن ذلك ال يحدث في األماكن البعيدة‬ ‫احل������االت متكن العلماء م������ن إدراك طبيعة الضغوط البيئية عن خط االس������تواء‪ .‬واحلاجة إلى امتصاص كمية كافية من‬ ‫االنتقائي������ة والنفع التكيفي الذي حقق������ه األليل املنتقى؛ إذ األشعة فوق البنفسجية لبناء هذا الڤيتامني عملت بكل تأكيد‬ ‫تبني‪ ،‬على س������بيل املثال‪ ،‬أن أفراد اجلماعات التي تنتشر على تطور لون بش������رة األفراد في هذه املناطق ليصبح لونا‬ ‫فيه������ا مزارع إنتاج األلبان في أوروبا والش������رق األوس������ط فاحتا‪ ،‬والتغيرات في ه������ذه اجلينات احلاملة لعالمات دالة‬ ‫وش������رق إفريقيا متتل������ك منطقة في اجلين������وم حتتوي على على حدوث انتقاء طبيعي قوي م ّكنت ذلك التحول التكيفي‬ ‫جني إلنتاج إنزمي الالكتاز ‪ ،lactase‬الذي يعمل على هضم ‪.adaptive shift‬‬ ‫وتظهر أيض������ا العالمات الدالة على االنتق������اء الطبيعي في‬ ‫الالكتوز ‪( lactose‬الس������كر املوجود في اللنب)‪ .‬ويظهر هذا‬ ‫اجلني عالمات واضحة الس������تهدافه بواسطة انتقاء طبيعي مجمـوع ـ ــة متنــوعـ ـ ــة م ــن اجليـن ــات التــي تُكس������ ــب اجلـس������ـ ــم‬ ‫مقاوم ًة لألمراض املعدية‪ .‬وعلى سبيل املثال‪ ،‬توصلت >‪ .P‬سابيتي<‬ ‫قوي‪ .‬وفي أغلب اجلماعات‪ُ ،‬يول������د األطفال ولديهم القدرة‬ ‫على هضم������ه‪ ،‬إال أنه بعد الفطام يتوق������ف عمل جني إنزمي [من جامعة هارڤرد] مع زمالئها إلى أن طفرة في اجلني املسمى‬ ‫الالكت������از مم������ا يجعل البالغ���ي��ن غير قادري������ن على هضم الكبير ‪ LARGE‬قد انتش������رت مؤخرا مبعدل س������ريع في األفراد‬ ‫الالكت������وز‪ .‬وفي عام ‪ 2004‬نش������ر فريق بحث������ي في معهد مبنطق������ة يوروبا في نيجيري������ا؛ واملرجح أن ذلك ميثل اس������تجابة‬ ‫ماساتشوس���تس للتقانة(‪ )1‬دراس������ة في املجلة األمريكية لظهور حمى السا ‪ Lassa fever‬مؤخرا في هذه املنطقة‪.‬‬ ‫للجينية البشرية(‪ )2‬أوضح فيها أن تنوعات من جني إنزمي‬ ‫(‪Massachusetts Institute of Technology )1‬‬ ‫الالكتاز ظلت في حالة نش������طة حتى مرحلة البلوغ وحققت‬ ‫(‪American Journal of Human Genetics )2‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫عالمات مختلطة‬

‫( )‬

‫متدنا األمثلة الس������ابقة وحاالت أخرى محدودة بدليل قوي‬ ‫عل������ى حدوث انتقاء طبيعي َعمِ َل س������ريعا على تعزيز األليالت‬ ‫النافعة‪ .‬أما فيما يتعلق بأغلب املئات من العالمات املرش������حة‬ ‫األخرى‪ ،‬فهناك غموض ح������ول الظروف البيئية التي أدت إلى‬ ‫تفضيل انتشار األليل املنتخب؛ كما أننا جنهل تأثير هذا األليل‬ ‫ف������ي األفراد احلاملني له‪ .‬وقد اعتدن������ا مع غيرنا من الباحثني‬ ‫حت������ى وقت قريب على تفس������ير مثل هذه العالمات املرش������حة‬ ‫كدلي������ل على حدوث م������ا ال يقل عن مئات من حاالت الكس������ح‬ ‫االنتقائية الس������ريعة جدا في اخلمسة عشر ألف سنة األخيرة‬ ‫لدى العديد من املجتمعات البشرية التي متت دراستها‪ .‬ولكن‬ ‫تب���ي��ن لنا من خالل دراس������ة جديدة‪ ،‬أن أغل������ب هذه العالمات‬ ‫ال متثل في الواقع نواجت تكيف س������ريع حديث لإلنس������ان مع‬ ‫الظروف البيئية احمللية‪.‬‬ ‫وبالتع������اون مع زمالء ف������ي جامعة س������تانفورد مت ّكنا من‬ ‫دراسة مجموعة هائلة من بيانات السنپس التي مت احلصول‬ ‫‪11‬‬

‫عليه������ا من حتليل عينات دنا نحو ‪ 1000‬ش������خص من مختلف‬ ‫أنح������اء العالم‪ .‬وقد أظه������ر لنا التوزي������ع اجلغرافي لألليالت‬ ‫املنتق������اة أن العالمات األكثر وضوح������ا متيل إلى الظهور في‬ ‫واحد فقط من ثالثة أمناط جغرافية ‪.geographical patterns‬‬ ‫النمط األول ُيطلق عليه كس����وح ما بعد اخلروج من إفريقيا‬ ‫‪ out-of-Africa sweeps‬والذي يتميز باالنتشار الكبير لألليالت‬ ‫املنتقاة واألج������زاء املرافقة لها من اجلين������وم ‪ hitchhikers‬في كل‬ ‫اجلماع������ات غير اإلفريقية [انظ������ر املؤطر في الصفحتني ‪ 8‬و ‪.]9‬‬ ‫وهذا النمط يوحي بأن األلي����ل التكيفي ‪ adaptive allele‬ظهر‬ ‫وبدأ باالنتش������ار بعد فت������رة قصيرة جدا من خروج البش������ر‬ ‫من إفريقي������ا ولكن عندما كانوا اليزالون في منطقة الش������رق‬ ‫األوسط – أي منذ نحو ‪ 60‬ألف عام ‪ -‬ومن ثم مت نقل األليل‬ ‫إلى مختلف أنحاء العالم مع هجرة البش������ر ش������ماال وشرقا‪.‬‬ ‫أم������ا النمطان اآلخران فهما أكثر تقي������دا باملنطقة اجلغرافية‪،‬‬ ‫ويتضمنان‪ :‬الكسوح الغرب آس����يوأوروبية ‪West Eurasian‬‬ ‫( ) ‪Mixed Signals‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫‪ ،sweeps‬حيث ينتش������ر األلي������ل املُفضل مبعدل عال في جميع‬ ‫املجتمعات في أوروبا والشرق األوسط ووسط وجنوب آسيا‪،‬‬ ‫دون انتش������اره في مكان آخر؛ وهناك كسوح آسيا الشرقية‬ ‫‪ ،East Asian sweeps‬الت������ي يك������ون فيها األلي������ل املفضل أكثر‬ ‫شيوعا في س������كان آسيا الش������رقية‪ ،‬واألمريكيني األصليني‪،‬‬ ‫وامليالنيزي��ي�ن ‪ Melanesians‬والغيني��ي�ن اجل����دد ‪.Papuans‬‬ ‫ومن احملتمل أن ميثل هذان النمطان الكسوح االنتقائية التي‬ ‫حدثت بعد فترة قصيرة من انفصال الغرب آس������يوأوروبيني‬ ‫عن اآلس������يويني الشرقيني واتخاذ كل منهما مسارا منفصال‪.‬‬ ‫(وعلى وجه الدقة‪ ،‬لي������س معلوما الوقت الذي حدث فيه ذلك‪،‬‬ ‫ولكنه رمبا يعود إلى نحو ‪ 20‬ألف إلى ‪ 30‬ألف عام‪).‬‬ ‫وتُظهر لنا هذه األمناط الكس������حية ما هو مثير جدا لالهتمام‬ ‫أال وه������و‪ :‬أن حركات التنقل التي قام������ت بها اجلماعات القدمية‬ ‫قد أثرت بش������كل كبير في توزيع األليالت املفضلة على مستوى‬ ‫العال������م‪ ،‬وأن تأثير االنتق������اء الطبيعي في التعدي������ل الدقيق لهذا‬ ‫التوزي������ع كاس������تجابة للضغوط البيئية املعاص������رة‪ ،‬كان ضئيال‪.‬‬ ‫وعلى س������بيل املثال‪ ،‬فإن تنوعا للجني املسمى ‪ SLC24A5‬يؤدي‬ ‫دورا بالغ األهمية في تكوين لون البش������رة الفاحت‪ .‬ونظرا الرتباط‬ ‫هذه الصفة بانخفاض الكمية املتاحة من ضوء الش������مس‪ ،‬فإننا‬ ‫نتوق������ع أن تك������رار هذا التن������وع في األفراد قد ي������زداد مع البعد‬ ‫عن خط االس������تواء وأن توزعه سيتش������ابه فيما بني سكان شمال‬ ‫آس������يا وش������مال أوروبا‪ .‬وعوضا عن ذلك نرى كس������حا انتقائيا‬ ‫في الغرب اآلس������يوأوروبي؛ فهذا التن������وع للجني والدنا املرافق‬ ‫له تطفال ‪ hitchhiking DNA‬ينتش������ر في س������كان املنطقة املمتدة‬ ‫من باكس������تان وحتى فرنس������ا‪ ،‬ولكنه يغيب بش������كل أساسي في‬ ‫شرق آسيا – ويحدث ذلك حتــى عنـ ــد خطوط العرض الشمالية‪.‬‬ ‫وه������ذا التـ ــوزيـ ــع ي ـ ــدل عــلى ظ ـ ـه������ور هـ ـ ـ ــذا التنــوع النافع في‬ ‫أجداد اجلم ــاع ـ ــات الغرب اآلس������يوأوروبية – وذلك بعد تشعبهم‬ ‫عن أجداد آس������يا الش������رقية – وهم من قاموا بحـمــله إلى تل ــك‬ ‫املنط ـ ـق ـ ــة‪ .‬وه ـ ــذا يعني أن االنتقاء الطبيعي أدى إلى انتش������ار‬ ‫األلي������ل ‪ SLC24A5‬في مرحلة مبكرة‪ ،‬ولكن التنقالت التاريخية‬ ‫للجماع������ات القدمية كان لها دور في حتدي������د اجلماعات التي‬ ‫ظلت حاملة له وتلك التي ال حتمله حاليا‪( .‬هناك جينات أخرى‬ ‫مسؤولة عن لون البشرة الفاحت في سكان آسيا الشرقية‪).‬‬ ‫إن مراجع������ة عالم������ات االنتق������اء الطبيع������ي ف������ي هذه‬ ‫البيانات وغيرها تُظهر لنا منطا آخر يدعو إلى الفضول‪.‬‬ ‫فمعظ������م األليالت الت������ي تتباين بقوة في انتش������ارها فيما‬ ‫ب���ي��ن اجلماعات – مثل األليالت التي تنتش������ر لدى جميع‬ ‫اآلس������يويني تقريبا دون األفارقـة – ال تُظهر عالمات قوية‬ ‫‪12‬‬

‫لالنتق������ال اجليني الترافقي في ض������وء ما نتوقعه لو عمل‬ ‫االنتقاء الطبيعي على نش������ر كبير وس������ريع لهذه األليالت‬ ‫اجلدي������دة‪ .‬وبدال من ذلك‪ ،‬تبدو ه������ذه األليالت وكأنها قد‬ ‫انتشرت بشكل تدريجي خالل الستني ألف سنة املاضية‬ ‫منذ خروج نوعنا البشري من إفريقيا‪.‬‬ ‫وفي ضوء هذه املالحظات أشترك مع زمالئي في االعتقاد‬ ‫اآلن ب������أن الكس������وح االنتقائية املذكورة في الكتب املدرس������ية‬ ‫اجلامعية – حيث يقود االنتقاء الطبيعي تثبيتا سريعا لطفرات‬ ‫جدي������دة نافعة – حدثٌ ناد ٌر إلى حد م������ا‪ ،‬وذلك منذ أن بدأت‬ ‫هج������رة اإلنس������ان العاقل‪ .‬وم������ا نظنه هو أن مفع������ول االنتقاء‬ ‫الطبيع������ي على أليالت معينة ضعي������ف عموما‪ ،‬مما يؤدي إلى‬ ‫تدعيمه������ا مبعدل بطيء جدا‪ .‬ونتيج ًة لذلك‪ ،‬فإن أغلب األليالت‬ ‫التي تتعرض لضغط انتقائي ال ميكنها أن تصل إلى معدالت‬ ‫انتش������ار عالية إال في حالة اس������تمرار تعرضها لذات الضغط‬ ‫لعشرات آالف السنني‪.‬‬ ‫سمة واحدة والعديد من اجلينات‬

‫( )‬

‫قد تبدو استنتاجاتنا متناقضة‪ :‬فلو أن األليل النافع يحتاج‬ ‫إلى خمس���ي��ن ألف‪ ،‬وليس خمسة آالف س������نة‪ ،‬لكي ينتشر في‬ ‫جماعة‪ ،‬فكيف اس������تطاع البشر التكيف سريعا مع ما استجد‬ ‫عليه������م من ظروف بيئية؟ وم������ع أن أفضل ما فهمناه من حاالت‬ ‫التكي������ف قد حدثت نتيجة لتغيرات في جني واحد‪ ،‬إال أن أغلب‬ ‫ح������االت التكيف ربمّ ا ال تظهر به������ذه الطريقة بل تنتج من تنوع‬ ‫جين������ي ذي تأثير معتدل ناجم عن املئات أو اآلالف من اجلينات‬ ‫املعنية من اجلين������وم – أي ميكن القول إنها متعددة اجلينات‬ ‫‪ .polygenic‬وهناك سلسلة من األوراق البحثية التي نشرت عام‬ ‫‪ ،2008‬على س������بيل املثال‪ ،‬قامت بتحديد أكثر من خمسني جينا‬ ‫مختلفا ذات تأثير في س������مة الطول في اإلنس������ان‪ .‬ومن املؤكد‬ ‫أن هن������اك العديد من اجلينات األخ������رى اإلضافية التي التزال‬ ‫موضع بحث‪ .‬ويعمل كل جني من اخلمسني املذكورة على زيادة‬ ‫متوسط الطول مبقدار ‪ 3‬إلى ‪ 5‬مم فقط‪.‬‬ ‫وعندمـ������ا يس������تهدف االنتقاء الطبيعي س������مة الطول في‬ ‫اإلنس������ان – كما حدث في جماعات األق���زام ‪ pygmy‬التي‬ ‫تعي������ش في بيئة الغابات املطيرة في إفريقيا وجنوب ش������رق‬ ‫آسيا وأمريكا اجلنوبية‪ ،‬والتي رمبا يؤدي فيها ِصغَر حجم‬ ‫اجلس������م دورا في التكيف مع انخفاض كمية املواد املغذية‬ ‫املتاحة في تلك األوس������اط – فإنه قد يعمل بش������كل أساسي‬ ‫عل������ى تعطيل انتش������ار مئات من األلي���ل��ات املختلفة‪ .‬ولو أن‬ ‫( ) ‪One Trait, Many Genes‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫صر صارت أكثر شيوعا‬ ‫نس������خة اجلني التي تؤدي إلى القِ َ‬ ‫مبق������دار ‪ %10‬فقط‪ ،‬فإن أغلب أفراد اجلماعة س������وف يكون‬ ‫لديهم سريعا أليالت أكثر تسبب القصر‪ ،‬مما سيؤدي إلى‬ ‫جماعة أقصر طوال وس������طيا‪ .‬ولكن‪ ،‬حتى ولو كانت السمة‬ ‫العامة تقع حتت سيطرة انتقاء طبيعي قوي‪ ،‬فإن تأثير هذا‬ ‫االنتق������اء في كل جني له عالقة بس������مة الطول‪ ،‬س������وف يظل‬ ‫ضعيفا‪ .‬ونتيج ًة لضعف تأثير االنتقاء في أي جني أحادي‪،‬‬ ‫ف������إن هذا يعني أن حاالت التكي������ف الناجتة من العديد من‬ ‫اجلين���ات ‪ polygenic adaptations‬ل������ن تظهر في دراس������ات‬ ‫اجلينوم كعالمات تقليدية النتق������اء طبيعي‪ .‬وبنا ًء على ذلك‪،‬‬ ‫م������ن املمكن أن يكون جينوم البش������ر قد َم ّر مؤخرا بتغيرات‬ ‫تكيفي������ة أكثر مما اس������تطاع العلماء تع ّرف������ه حتى اآلن عبر‬ ‫دراستهم للجينوم بالطرق املعهودة‪.‬‬ ‫هل مازلنا نتطور؟‬

‫( )‬

‫فيما يخص التس������اؤل حول ما إذا كان البش������ر مازالوا‬ ‫يتطورون‪ ،‬فمن الصعب علين������ا اعتبارا أن االنتقاء الطبيعي‬ ‫هو املس������ؤول عن تشكيل جماعات اليوم‪ .‬إال أنه من السهل‬ ‫������مات من احملتمل أن تتأثر به‪ .‬فاألمراض‬ ‫علينا أن نتخيل س ٍ‬ ‫املعدية مثل املالريا واإليدز مازالت تعمل كقوى انتقاء طبيعي‬ ‫في العالم النام������ي‪ .‬ومن احملتمل أن تكون مجموعة تنوعات‬ ‫اجلينات التي متدنا بحماية نسبية ضد هذه األمراض واقعة‬ ‫حتت تأثي������ر انتقاء طبيعي قوي‪ ،‬وذلك ألن األفراد ذوي هذه‬ ‫التنوعات يرجح أن يقاوموا ويعيشوا أطول ويكون لهم عدد‬ ‫أكب������ر من األطفال مقارن ًة باآلخري������ن الذين ليس لديهم هذه‬ ‫التنوعات‪ .‬فعلى سبيل املثال‪ ،‬هناك تنوع ألحد اجلينات يعمل‬ ‫عل������ى حماية من يحمله من اإلصاب������ة باملالريا في صورتها‬ ‫النش����يطة ‪ vivax form‬وق������د أصبح س������ائدا لدى العديد من‬ ‫اجلماعات في منطقة جنوب الصحراء الكبرى ‪sub-Saharan‬‬ ‫بإفريقيا‪ .‬وفي الوقت نفس������ه‪ ،‬ميك������ن للتنوعات اجلينية التي‬ ‫حتمي من اإليدز أن تنتش������ر بني س������كان هذه املنطقة خالل‬ ‫مئات من الس������نني لو متكن الڤيروس من االستمرار بإصابة‬ ‫األفراد ثم توقف فعله بواس������طة هذه التنوعات من اجلينات‪.‬‬ ‫ولكن نظرا لكون ڤيروس اإليدز لديه قدرة على التطور أسرع‬ ‫من البشر‪ ،‬سيكون من املرجح أن نتغلب عليه بالتقانة (مثل‬ ‫استخدام اللقاحات) أكثر من االنتقاء الطبيعي‪.‬‬ ‫وهناك عدد قليل نسبيا من وفيات األفراد فيما بني الوالدة‬ ‫والبلوغ في العالم املتقدم‪ ،‬لذا فإن بعض أش������د قوى االنتقاء‬ ‫غالب������ا ما تكون تلك التي تعمل عل������ى اجلينات التي تؤثر في‬ ‫‪13‬‬

‫عدد األوالد الذي ينجبه كل شخص‪ .‬ومن حيث املبدأ‪ ،‬فإن أي‬ ‫جانب مرتبط باخلصوبة أو بالسلوك اإلجنابي يتأثر بالتباين‬ ‫اجليني ميكن أن يكون هدفا لالنتقاء الطبيعي‪ .‬وفي عام ‪2009‬‬ ‫نشر >‪ .C .S‬ستيرنز< [من جامعة يال] وزمالؤه بحثا في مجلة‬ ‫األكادميية القومية للعلوم بالواليات املتحدة األمريكية(‪،)1‬‬ ‫حددوا فيه س������ت سمات مختلفة في النس������اء مرتبطة بزيادة‬ ‫معدل إجن������اب أطفال ذوي أعمار أطول يت������م توريثها جميعا‬ ‫بدرجة عالية إلى متوس������طة‪ .‬حيث وجد الفريق البحثي القائم‬ ‫بالدراس������ة أن النس������اء اللواتي ينجنب عددا أكبر من األطفال‬ ‫يكن أقصر قامة وأكثر سمن ًة مقارنة مبتوسطات‬ ‫ميلن إلى أن ّ‬ ‫طول القامة والس������منة في النس������اء‪ ،‬كذلك فإنهن يصلن إلى‬ ‫مرحلة انقطاع الطمث ‪ menopause‬عند عمر أكبر‪ .‬وانطالقا‬ ‫م������ن ذلك لو حدث ثبات ف������ي الظروف البيئية‪ ،‬فمن املرجح أن‬ ‫تصبح هذه الس������مات أكثر ش������يوعا مع مرور الزمن كنتيجة‬ ‫حلدوث االنتقاء الطبيعي‪ :‬ففي هذه الدراس������ة يقدر الباحثون‬ ‫أن متوس������ط العمر عند مرحلة انقطاع الطمث س������وف يزداد‬ ‫بنحو عام واحد خالل عشرة أجيال‪ ،‬أي خالل مئتي عام‪( .‬لو‬ ‫تأملنا في األمر بش������كل أوسع‪ ،‬لَ َبات من املقنع أن نصل إلى‬ ‫أن التباين اجليني املؤثر في السلوك اجلنسي – أو استخدام‬ ‫وس������ائل منع احلمل – ميكن أن يكون عرض ًة النتقاء طبيعي‬ ‫قوي‪ ،‬مع أنه اليزال من غير الواضح مدى قوة تأثير اجلينات‬ ‫في مثل هذه السلوكيات املعقدة)‪.‬‬ ‫وم������ع ذلك‪ ،‬فإن معدل التغير في أغلب س������ماتنا أبطأ بكثير‬ ‫من معدل التغير في ثقافتنا وفيما نس������تخدمه من تقانة‪ ،‬وكذلك‪،‬‬ ‫بالطبع‪ ،‬فيما يحدث من تغير في البيئة التي على مستوى العالم‪.‬‬ ‫وتتطلب التغيرات التكيفية الكبيرة ظروفا مستقرة متتد إلى آالف‬ ‫السنني‪ .‬ومما الشك فيه أن البيئة التي سيحيا فيها اإلنسان بعد‬ ‫مرور خمسة آالف عام من اآلن ستكون مختلفة متاما‪ .‬ولكن في‬ ‫حال عدم حدوث تغيرات على نطاق واسع في هندسة اجلينوم‪،‬‬ ‫>‬ ‫فمن املرجح أن يبقى الناس عموما كما هم اآلن‪.‬‬ ‫( ) ?‪Still EvolvinG‬‬ ‫(‪the Proceedings of the National Academy of Sciences USA )1‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, October 2010‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫مايو ‪/‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪6/5‬‬

‫مصانع اإلنفلونزا‬

‫(٭)‬

‫قد يكون الوباء الڤيروسي التالي يتجول في مزارع اخلنازير بالواليات املتحدة‪ ،‬ولكن‬ ‫موظفي الصحة يسعون جاهدين من أجل معرفة ما يجري خلف البوابة األمامية‪.‬‬ ‫برانسويل<‬ ‫>‪.H‬‬ ‫ْ‬

‫ف������ي عام ‪ 2009‬بدا وب���اء ‪ pandemic‬اإلنفلونزا وكأنه قادم‬ ‫من مكان مجه������ول‪ .‬لقد ظهر فجأة كوباء قاتل في املكس������يك‬ ‫ثم انتش������ر ش������مال احلدود‪ .‬وبحلول الوقت الذي اكتشف فيه‬ ‫موظف������و الصحة أن الڤيروس املس������ؤول عن االنفجار املخيف‬ ‫لإلصابات كان ڤيروس������ا جديدا يهدد بالعدوى معظم اجلنس‬ ‫البش������ري‪ ,‬أدركوا أنه ليس لديهم طريقة ملنعه من االنتش������ار‬ ‫حول العالم‪ .‬ومن حس������ن احلظ‪ ,‬كان������ت األعراض خفيفة في‬ ‫الغالبية العظمى من احلاالت‪ .‬ولكن ماذا س������يحدث إن لم نكن‬ ‫محظوظني في املرة القادمة أيضا؟‬ ‫هذا التس������اؤل يش������غل فكر علم������اء اإلنفلون������زا واملعنيني‬ ‫بالتخطيط للصحة العامة وهم يس������تعدون للوباء الكبيرالقادم‪.‬‬ ‫وسيكون هناك وباء آخر؛ إذ إن الطفرات تطرأ باستمرار على‬ ‫ڤيروس������ات اإلنفلونزا‪ .‬وهذه التغ ّيرات تؤدي أحيانا إلى نشوء‬ ‫ڤيروس������ات مختلفة جدا عن التي عرفتها أجهزتنا املناعية‪ ،‬لذا‬ ‫تك������ون قادرة على بثّ موجات عاملية من املرض أو األوبئة‪ .‬وقد‬ ‫يوج������د‪ ،‬في يوم ما‪ ،‬لق������اح ميكنه أن يدرأ خط������ر جميع أمناط‬ ‫اإلنفلونزا؛ ولكن يبقى مثل هذا اللقاح حلما حتى اآلن‪ .‬وميكن‬ ‫ملثل هذه الڤيروسات اجلديدة أن تهاجمنا ‪ -‬وسوف تهاجمنا –‬ ‫قادمة من الطيور أو اخلنازير أو حيوانات أخرى‪ .‬إن أفضل ما‬ ‫ميكننا فعله هو محاولة اكتشاف الغزاة اجلدد بشكل مبكر مبا‬ ‫فيه الكفاية إلحداث قفزة في إنتاج لقاحات ضد هذه اجلراثيم‬ ‫‪ bugs‬النوعية‪ ،‬ولتقصير الفت������رة الفاصلة بني اإلصابة األولى‬ ‫والتحصين������ات اجلماعية‪ .‬ال أحد يرغب في تكرار ما حدث في‬

‫ع������ام ‪ 2009‬عندما وصل اللقاح في الوقت الذي كان فيه الوباء‬ ‫في ذروته‪ ،‬وكان االهتمام العام قد تضاءل‪.‬‬ ‫ولكن ميكن اكتش������اف التهدي������دات اجلديدة فقط إذا عرف‬ ‫العلماء ما هي الڤيروس������ات التي تنتقل بني األنواع ‪ -‬الطيور‬ ‫واخلنازير‪ -‬والتي من احملتمل أن تكون مصدرا ألوبئة جديدة‪.‬‬ ‫وفي حني حتسن الرصد في الطيور خالل السنوات اخلمس أو‬ ‫الست األخيرة‪ ،‬والفضل في ذلك يعود إلى االهتمام بإنفلونزا‬ ‫الطيور (الڤيروس ‪ ،)H5N1‬إال أن العلماء ال يعرفون إال القليل‬ ‫جدا عن الڤيروس������ات التي تعدي ما يقرب من ‪ 941‬مليونا من‬ ‫اخلنازير املستأنسة في العالم‪.‬‬ ‫من غير املرجح أن يبدأ الرصد املر َّكز لڤيروسات اخلنازير‬ ‫في وقت قريب‪ ،‬فمعظم البلدان املنتجة للحم اخلنزير ال تختبر‬ ‫خنازيرها عل������ى اإلطالق؛ وفي بعض البلدان التي تقوم بذلك‬ ‫كالواليات املتحدة‪ ،‬يجرى هذا االختبار ملصلحة منتجي حلم‬ ‫اخلنزير الذين لديهم حافز اقتصادي ضئيل ملشاركة اآلخرين‬ ‫فيما يكتش������فونه‪ .‬الس������بب؛ يعرف أصحاب مزارع اخلنازير‬ ‫أن أس������عار حلوم اخلنزير تهبط بش������دة عندما تشير األخبار‬ ‫إل������ى العالقة بني اإلنفلونزا واخلنازير‪ .‬وقد أنش������أت الهيئات‬ ‫احلكومية في الواليات املتحدة برنامجا تأمل بأن تس������تخلص‬ ‫منه البيانات الالزمة م������ن دون تهديد مصادر رزق املنتجني؛‬ ‫إال أن الكثي������ر من خب������راء الصحة البش������رية يتخوف من أن‬ ‫( ) ‪Flu factories‬‬

‫باختصار‬ ‫تهديد متصاعد‪ :‬في عام ‪ 2009‬بينما‬ ‫كان وب������اء اإلنفلون������زا خفيفا ظاهريا‪،‬‬ ‫لي������س لدينا أي وس������يلة ملعرفة ما إذا‬ ‫كان الوباء التالي تكرارا أو مش������ابها‬ ‫إلى حد كبير جدا للمرض القاتل الذي‬ ‫حدث في عام ‪.1918‬‬ ‫‪14‬‬

‫التحذي���ر املبكر‪ :‬طور الباحثون ‪-‬‬ ‫بعد ذعر إنفلون������زا الطيور في عام‬ ‫رصد جديدة مناسبة‬ ‫‪ - 2007‬برامج‬ ‫ٍ‬ ‫الكتشاف الڤيروسات التي قد تكون‬ ‫مميتة‪ ،‬والتي ق������د تنتقل من الطيور‬ ‫إلى البشر‪.‬‬

‫اجلانب املس���تتر‪ :‬أكد وباء عام‬ ‫‪ 2009‬احتم������ال أن يأت������ي التهديد‬ ‫األكبر م������ن اخلنازي������ر وليس من‬ ‫الطي������ور؛ ألن������ه ف������ي الع������ادة من‬ ‫األسهل لڤيروس������ات اخلنازير أن‬ ‫تنتقل إلى البشر‪.‬‬ ‫‪(2011) 6/5‬‬

‫العائ���ق‪ :‬هناك اعتب������ارات اقتصادية‬ ‫تعي������ق جمع العين������ات الڤيروس������ية من‬ ‫مزارع اخلنازير في الوقت املناس������ب‪,‬‬ ‫وه������ذا يزع������ج موظفي الصح������ة الذين‬ ‫يرغبون في أن يكونوا أكثر اس������تعدادا‬ ‫للوباء التالي‪.‬‬


‫املؤلفة‬ ‫‪Helen Branswell‬‬

‫مراسلة طبية لوكالة األنباء الكندية‪ ،‬قامت بتغطية أخبار اإلنفلونزا في السنوات‬ ‫السبع األخيرة‪ .‬وهي‪ ,‬حاليا‪ ,‬عضو في مؤسسة نيمان ‪Nieman Fellow for Global‬‬ ‫‪ Health Reporting‬لرصد الصحة العاملية في جامعة هارڤرد‪.‬‬

‫احللول الوسط املوضوعة إلرضاء أصحاب مزارع اخلنازير‬ ‫قد تعرقل هذه اجلهود‪.‬‬ ‫ازدياد معدالت الطفرة‬

‫( )‬

‫ميك������ن أن توصف اخلنازي������ر بأنها كعب أخي����ل(‪[ )1‬نقطة‬ ‫ضع������ف] ف������ي الرص������د العاملي لإلنفلون������زا‪ .‬فبالنس������بة إلى‬ ‫احليوانات وملربيها ال تشكل اإلنفلونزا أكثر من مجرد إزعاج‬ ‫وليست تهديدا خطيرا؛ فهي تسبب في العادة أعراضا خفيفة‬ ‫فقط ف������ي اخلنازير‪ .‬بل إن إنفلونزا اخلنازير ليس������ت مرضا‬ ‫واج������ب التبليغ عنه‪ ،‬وفق������ا لتصنيف األم������راض التي تعتبر‬ ‫تهديدا للصناعة ككل مثل احلمى القالعية (داء الفم والقدم‬ ‫أو جن����ون البق����ر ‪ .)foot-and- mouth disease‬وم������ن ناحي������ة‬ ‫أخرى‪ ،‬ميكن أن تس������بب ڤيروسات إنفلونزا اخلنازير مشكلة‬ ‫كبيرة لعموم الس������كان؛ ألن اخلنازي������ر تعتبر بوتقة ‪crucible‬‬ ‫جينية لڤيروس������ات إنفلونزا جدي������دة إذ إنها ميكن أن تصاب‬ ‫بڤيروس������ات إنفلونزا من الطيور أو من خنازير أخرى أو من‬ ‫البشر‪ ،‬وتوفر اخلنازير بذلك فرصا مالئمة خللط اجلينات في‬ ‫توالي����ف ‪ combinations‬جديدة تعرف باملتفارزات اجلديدة‬ ‫‪ .reassortants‬و ُيخْ ش������ى أن تكون هذه الڤيروس������ات املهجنة‬ ‫‪ hybrid‬شديدة العدوى للبشر‪ ،‬ألنه وبفعل غرابتها قد تسبب‬ ‫مرضا خطيرا متى ما أصابت اإلنسان‪.‬‬ ‫منذ بداية وباء ع������ام ‪ ،2009‬حاول العلماء أن يعرفوا كيف‬ ‫نش������أ الڤيروس املس������ؤول عن الوباء وأين حدث ذلك‪ .‬وملا كان‬ ‫حل اللغز م������ازال يفتقد إلى الكثير من التفاصيل فإن ّ‬ ‫جل ما‬ ‫توصل إليه العلماء يؤكد احلاجة إلى اليقظة‪.‬‬ ‫إذ بقيت ڤيروس������ــات اإلنفلون ـ������زا التي تصيب اخلنازير ‪-‬‬ ‫ولع������دة عقود ‪ -‬مس������تقرة إلى حد كبير‪ .‬وق������د كانت منحدرة‬ ‫جينيا من ڤيروس������ات اإلنفلونزا ‪ A‬التي سببت وباء اإلنفلونزا‬ ‫اإلسپانية في عام ‪ ,1918‬وباء قتل أكثر من ‪ 50‬مليون شخص‪.‬‬ ‫وتس������مى هذه العائلة ‪ family‬من الڤيروسات ‪ H1N1: H‬ترمز‬ ‫إلى الهيماتوگلوتنني (الراصة الدموية) ‪ hemagglutinin‬و ‪N‬‬ ‫‪15‬‬

‫ترمز إلى النيورامينيدي���ز ‪ ،neuraminidase‬وهما الپروتينان‬ ‫املوجودان على سطح الڤيروس املعدي‪ ،‬واللذان تستخدمهما‬ ‫املختب������رات – واألجهزة املناعية ‪ -‬لتمييز ڤيروس من آخر من‬ ‫ڤيروس������ات اإلنفلونزا (وهن������اك ‪ 16‬مجموعة من الپروتينات ‪H‬‬ ‫و‪ 9‬مجموعات من الپروتينات ‪ .)N‬وقد أصابت سالالت بعيدة‬ ‫الصلة من هذه الڤيروس������ات البشر لعقود منذ وباء عام ‪.1918‬‬ ‫هذا وقد تطورت تنويعات الڤيروسات ‪ variants‬اخلنزيرية –‬ ‫والتي تعرف بڤيروس������ات النزلة اخلنزيرية التقليدية ‪ -‬بشكل‬ ‫أبطأ بكثير من التنويعات البشرية‪ .‬إال أن هذه الصورة تغ ّيرت‬ ‫خالل السنوات االثنتي عشرة املاضية بشكل كبير‪ .‬فألسباب‬ ‫مجهول������ة بدأت ڤيروس������ات اإلنفلونزا ف������ي اخلنازير بالتطور‬ ‫مبعدل س������ريع جدا في أمريكا الش������مالية‪ ،‬حيث تُر ّبى أعداد‬ ‫كبيرة من اخلنازير‪.‬‬ ‫وف������ي احلقيقة‪ ،‬تعتب������ر الواليات املتحدة ثان������ي أكبر منتج‬ ‫للخنازير في العالم بعد الصني؛ فقد تمَ ّ َذ ْبح ‪ 115‬مليون خنزير‬ ‫في مس������الخ الواليات املتحدة في عام ‪ .2009‬وتختلف مزارع‬ ‫اخلنازي������ر التجارية من حيث احلجم وطريقة اإلدارة‪ .‬وتفصل‬ ‫الكثير من اإلدارات هذه األيام احليوانات حس������ب طور النمو؛‬ ‫حي������ث توضع إناث اخلنازير احلوام������ل بعيدا عن اخلنانيص‬ ‫(مفرده������ا‪ِ :‬خ َّن ْوص وهو ولد اخلنزير) على س������بيل املثال ملنع‬ ‫انتشار األمراض املهددة للربح‪.‬‬ ‫وف������ي عام ‪ُ ،1998‬وج������د أن القطعان في مينيس������وتا وإيوا‬ ‫( ) ‪INCREASING MUTATION RATES‬‬ ‫(‪Achilles’ heel )1‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫االستنساخ واملتفارز اجلديد‬

‫خلط أوراق جينات اإلنفلونزا‬

‫( )‬

‫إن ڤيروسات اإلنفلونزا متكيفة جيدا مع التطور السريع‪ .‬ولكن يجب عليها أن تعدي خلية واحدة أوال‪ ،‬ألنها غير قادرة‬ ‫على استنس������اخ ‪ Replication‬ذاتها‪ .‬يظهر الرس���م البياني في األس���فل كيف ومتى تدخل ڤيروس���ات اإلنفلونزا اخلاليا‬ ‫البشرية‪ ،‬وفي أي ظروف ميكن للسالالت املختلفة أن تختلط وتتقابل جيناتها معا منتجة أمناطا جديدة وخطرة‪.‬‬

‫خلط اجلينات‬

‫العدوى واالستنساخ‬

‫عندما تصاب خلية واحدة بعدوى من ساللتني مختلفتني من‬ ‫اإلنفلونزا‪ ،‬ميكن أن تختلط نسخ من اجلينات الڤيروسية من كلتا‬ ‫الساللتني ببعضها ثم تفرز من قبل اخللية على هيئة ڤيروسات‬ ‫جديدة‪ ،‬من دون أخذ بنيتها األصلية بعني االعتبار‪ .‬ويظهر في الشكل‬ ‫ذرية واحدة فقط من سالالت متفارزة جديدة مختلفة ممكنة احلدوث‪.‬‬

‫من أجل أن يعدي ڤيروس لإلنفلونزا البش َر‪ ،‬يجب أن يرتبط‬ ‫پروتني راصته الدموية (الهيماگلوتينني) باملستقبالت على‬ ‫اخلاليا املضيفة للجهاز التنفسي‪ .‬متتص اخللية املكون الكامل‬ ‫للجينات الڤيروسية الثمانية‪ ،‬والتي بدورها توجه اآللية‬ ‫اخلليوية إلنتاج مزيد من اجلزيئات الڤيروسية‪.‬‬

‫الساللة‬

‫ڤيروس اإلنفلونزا البشرية‬ ‫هيماگلوتينني (راصة دموية)‬

‫)‪(H‬‬

‫نيورامينيداز‬

‫الساللة ‪3‬‬ ‫(ڤيروس متفارز جديد)‬

‫‪1‬‬

‫)‪(N‬‬

‫الساللة‬

‫رنا‬

‫‪2‬‬

‫‪RNA‬‬

‫غير معدية‬

‫الڤيروسات التي تصيب الطيور‬ ‫في العادة ال تعدي البشر‪.‬‬ ‫ويكمن السبب في أن پروتني‬ ‫الهيماگلوتينني (الراصة الدموية)‬ ‫على السطح اخلارجي للڤيروس‬ ‫ال يستطيع االقتران مبستقبالت‬ ‫اخللية البشرية‪.‬‬ ‫إنفلونزا الطيور‬

‫مستقبلة‬

‫‪N‬‬ ‫‪H‬‬

‫رنا‬ ‫خلية مضيفة بشرية‬

‫نواة‬

‫اخللية املضيفة تستنسخ رنا‬

‫وتكس������اس كان������ت مصابة بڤيروس جديد م������ن فصيلة ‪H3N2‬‬

‫س������مي باملتف���ارز الثالث���ي اجلدي���د ‪ ,triple reassortant‬وهو‬ ‫يح������وي جينات ڤي������روس اإلنفلونزا اخلنزيري������ة التقليدية‪ ،‬مع‬ ‫جينات من ڤيروس������ات تعدي الطيور ف������ي العادة وجينات من‬ ‫تلك الڤيروس������ات التي تعدي البش������ر‪ .‬ومنذ ذلك احلني نشأت‬ ‫وانتش������رت ڤيروس������ات متفارزة ثالثية جدي������دة أخرى حتوي‬ ‫نسخة معدلة أخرى من الڤيروس ‪ ،H1N1‬إضافة إلى الڤيروس‬ ‫‪ H1N2‬والڤيروس ‪ .H3N1‬وفي عام ‪ 2006‬اكتشف في ميسوري‬ ‫إصابة اخلنازير لفترة قصيرة بڤيروسات ‪H2N3‬؛ وهو حتول‬ ‫يش������كل خطورة إذ ال يوجد لدى أي ش������خص ُولِ������ َد بعد عام‬ ‫‪16‬‬

‫اخللية املضيفة تستنسخ رنا‬

‫‪ 1968‬أي أجس������ام مضادة للعائلة ‪ H2‬من الڤيروسات‪ .‬وحتتل‬ ‫الڤيروس������ات ‪ H2‬رأس القائمة عندما يتساءل العلماء عن أي‬ ‫من الڤيروسات قد يسبب الوباء التالي‪.‬‬ ‫نشر الباحثون في وزارة الزراعة األمريكية وفي املختبرات‬ ‫التشخيصية األمريكية تقاريرهم عن الڤيروسات اجلديدة في‬ ‫املجالت العلمي������ة‪ ،‬ولكن معظم العلماء واملس������ؤولني املهتمني‬ ‫بجانب الصحة البش������رية وعدوى اإلنفلونزا كانوا منش������غلني‬ ‫بتهدي������د مختلف وخطير هو إنفلون������زا الطيور‪ .‬وفي عام ‪1997‬‬ ‫ظهر ڤيروس من فصيلة ‪ H5N1‬في منطقة جنوب شرق آسيا‪،‬‬ ‫( ) ‪Shuffling the Flu Gene Deck‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫علم الڤيروسات املعقد‬

‫نشوء وباء اإلنفلونزا‬

‫( )‬

‫ينتمي ڤيروس وباء إنفلونزا عام ‪ 2009‬إلى مجموعة تس���مى ڤيروس���ات‬ ‫‪ .H1N1‬إن اإلصاب���ة بأح���د ڤيروس���ات ‪ H1N1‬ال متن���ح مناعة ض���د األنواع‬ ‫األخ���رى‪ .‬وم���ن األمور التي جعل���ت الڤيروس ‪ H1N1‬في ع���ام ‪ 2009‬مخيفا‬ ‫جدا هو أن أس���ل��افه ‪ forebears‬احلالية قد أصيبت بڤيروس���ات من ثالثة‬ ‫أن���واع‪ :‬البش���ر والطيور واخلنازي���ر‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬احت���وى الڤيروس‬ ‫مادة وراثية غريبة عن جهاز املناعة البش���ري محدثا وباء حتى ولو كان‬ ‫املرض خفيف الوطأة‪ .‬لكننا ُربمّ ا ال نكون محظوظني في املرة القادمة‪.‬‬

‫طائر في أمريكا الشمالية‬ ‫(أنواع مختلفة)‬ ‫‪ H1N1‬خنزيري تقليدي‬

‫‪ H3N2‬بشري‬

‫تبدالت ڤيروسية متعددة‬ ‫‪ H3N2‬متفارز خنزيري ثالثي جديد‬

‫التي تع������د تقليديا مركز أي ڤيروس������ات إنفلونزا جديدة‪ .‬وقد‬ ‫متت الس������يطرة على املوجة األولى من الوباء في هونگ كونگ‬ ‫بع������د أن أمرت س������لطات املدينة بالقضاء عل������ى جميع الطيور‬ ‫الداجنة املش������بوهة ف������ي اإلقليم‪ .‬ولكن في أواخ������ر عام ‪2003‬‬ ‫عاد الڤيروس وتفشى في أسراب الطيور الداجنة في الصني‬ ‫وڤيتنام وتايالند‪ ،‬ثم انتشر إلى أبعد من ذلك‪ .‬لقد نفقت ماليني‬ ‫ال تحُ ص������ى من الطيور من العدوى أو أتلفت إليقاف انتش������ار‬ ‫العدوى‪ ،‬كما مات أكثر من ‪ 300‬شخص‪.‬‬ ‫لقد أكدت موجات إنفلونزا الطيور هذه على ضرورة احلذر‬ ‫من ظهور سالالت جديدة من ڤيروسات اإلنفلونزا في مزارع‬ ‫احليوانات‪ .‬وأجرى عاملـ ــا الڤيروســات >‪ .M‬پيريز< و >‪ .G‬يي< ‪-‬‬ ‫باملش������اركة مع زمالء آخرين في جامعة هونگ كونگ ‪ -‬رصدا‬ ‫للطيور في الصني مستخدمني طرقا جديدة؛ كما أدار الفريق‪،‬‬ ‫وألكثر من عق������د من الزمن‪ ،‬برنامجا الختب������ار اخلنازير عند‬ ‫إحضارها إلى املس������لخ بحثا عن اإلنفلونزا‪ .‬ويأتي نحو ‪%80‬‬ ‫م������ن احليوانات املذبوحة في مس������الخ هونگ كونگ من مزارع‬ ‫مجاورة في البر الرئيس الصيني‪ .‬ومع أن البيانات املرصودة‬ ‫في هونگ كونگ ال ترسم صورة كاملة عن الوضع في الصني‪،‬‬ ‫إال أن البرنام������ج فتح نافذة أكبر عل������ى ما يحدث في إنفلونزا‬ ‫اخلنازي������ر في تلك الدول������ة البعيدة غي������ر املعروفة بصراحتها‬ ‫خالفا ملا يحدث في الواليات املتحدة حاليا‪.‬‬ ‫اختبار اخلنازير‬

‫( )‬

‫‪ H1N1‬خنزيري أوراسي‬ ‫(أوروبي – آسيوي)‬

‫‪ H1N2‬خنزيري‬

‫‪ H1N1‬بشري في عام‬

‫‪2009‬‬

‫خلية مضيفة بشرية‬

‫ل������م يكن علم������اء اإلنفلون������زا غافلني عن س������خرية املواقف‬ ‫املتضادة؛ فهم يتذكرون كيف دفعت الواليات املتحدة‪ ،‬وبشكل‬ ‫عني������ف‪ ,‬الصني وإندونيس������يا ودوال آس������يوية أخ������رى إلى أن‬ ‫تكون أكثر ش������فافية حول أوبئة الڤيروس ‪ .H5N1‬لكن >گوان<‬ ‫وآخرين أصيبوا باإلحباط بسبب ندرة بيانات رصد اخلنازير‪،‬‬ ‫لي������س من الوالي������ات املتحدة فقط بل م������ن كل مكان أيضا‪ .‬إن‬ ‫بيان������ات الرصد من الواليات املتحدة غي������ر كافية‪ ،‬إذ ال يوجد‬ ‫رصد فعلي إلنفلونزا اخلنازير في أمريكا اجلنوبية والوسطى‬ ‫وإفريقي������ا والهند وبع������ض أجزاء أخرى من آس������يا‪ .‬ويصرح‬ ‫>پيريز< بأن الوضع احلالي غير مريح على اإلطالق‪ .‬ويش������ير‬ ‫>گوان< في معرض حديثه عن الدور الذي تؤديه اخلنازير في‬ ‫خلق ڤيروس������ات إنفلونزا جديدة‪« :‬نحن نعرف طريقة نشوئها‬ ‫فلماذا ال نرصدها؟»‬ ‫في الواليات املتحدة قد يكون السؤال املفضل‪ :‬ملاذا اليشارك‬ ‫َ‬ ‫أخضعوا‬ ‫املزارع������ون؟ فمن املع������روف تاريخيا أنهم غالب������ا ما‬ ‫( ) ‪Making a Pandemic Flu‬‬ ‫( ) ‪TESTING PIGS‬‬

‫‪17‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫كذلك قوبلت اجلهود التي بذلها باحثون آخرون لتس������ليط‬ ‫خنازيره������م الختبار اإلنفلون������زا في املختبرات التش������خيصية‬ ‫للش���بكة الوطنية ملختبرات الصحة احليوانية )‪ .)1((NAHLN‬الضوء على أنواع الڤيروسات املنتشرة بني اخلنازير باملقاومة‪،‬‬ ‫وحتتاج الش������ركات التي تصنع لق������اح اإلنفلونزا للخنازير إلى إذ واجه >‪ .J .R‬ويبي< [رئيس مركز إنفلونزا اخلنازير املتعاون‬ ‫معرفة فصيلة اإلنفلونزا التي تهدد احليوانات‪ ،‬وبذلك ميكنها أن مع منظمة الصحة العاملية في مستش������فى سانت جود ألبحاث‬ ‫تنتج لقاحات مالئمة لها؛ إال أنه نادرا ما يتم تش������اطراملعلومات األطفال في ممفيس] املش������كلة عندما حاول مع قلة من زمالئه‬ ‫التي يجمعها قطاع الصحة احليوانية مع الباحثني ومس������ؤولي إعداد دراس������ة قصيرة األجل بأخذ مسحة ‪ swab‬من خنازير‬ ‫سليمة ظاهريا بحثا عن ڤيروسات اإلنفلونزا‪.‬‬ ‫الصحة البش������رية‪ .‬في احلقيق������ة وفي أعقاب‬ ‫وفي محاولة لتسهيل الوصول إلى احليوانات‪,‬‬ ‫وب������اء عام ‪ 2009‬أجري������ت االختبارات بحثا عن‬ ‫ميكن اكتشاف‬ ‫وعد فريق >ويبي< بوضع جميع العينات التي‬ ‫اإلنفلونزا في مزارع اخلنازير‪ ،‬لكن س������رعان‬ ‫التهديدات‬ ‫جمدة ‪ freezer‬لثالثة أش������هر قبل‬ ‫جمعها في مُ ِ ّ‬ ‫مـا توقف ـ������ت‪ .‬تقـول >‪ .J .N‬كوكس< [وهي رئيس‬ ‫إذا‬ ‫فقط‬ ‫اجلديدة‬ ‫دراس������تها؛ وقد كانت هذه خطوة ذكية لتطمني‬ ‫قسـم اإلنفلونزا في مركز التحكم في األمراض‬ ‫ما‬ ‫العلماء‬ ‫عرف‬ ‫املزارعني املتعاونني بأنهم لن يجدوا مسؤولي‬ ‫)‪« :])2((CDC‬أساسا‪ ،‬اليريد املنتجون أن يعرفوا‬ ‫إدارات الصح������ة العام������ة مس������ربلني باحللل‬ ‫احلقائق‪ ،‬ولذا نضبت عينات اجلهاز التنفسي هي الڤيروسات‬ ‫الواقي������ة عند بوابة مزرعتهم بعد أس������بوع من‬ ‫املرسلة إلى الشبكة ‪».NAHLN‬‬ ‫بني‬ ‫املنتشرة‬ ‫أخ������ذ العينات‪ .‬يقول >ويبي<‪« :‬إن هذا العرض‬ ‫ومن ثم وضعت أولويات هذه املختبرات‬ ‫والش������ركات مب������ا يالئم مصلح������ة صناعة األنواع (أي بني‬ ‫ الذي وافق عليه العديد من املزارعني ‪ -‬كان‬‫إنت������اج حل������وم اخلنازير وم���ّل��اّ ك مثل هذه الطيور واخلنازير) مبثابة تش������حيم للعجالت»‪ .‬ويق������ ّر بأن بعض‬ ‫املزارع‪ .‬إذ تعمل الشبكة الوطنية ملختبرات التي من املرجح أن املزارعني ما كانوا ليتعاونوا لوال ذلك‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬لدينا حاليا أعداد قليلة جدا‬ ‫الصحة احليوانية ‪ ،NAHLN‬واملوجودة في‬ ‫ڤيروسات‬ ‫تسبب‬ ‫من التراكيب اجليني���ة ‪genetic sequences‬‬ ‫اجلامعات غالبا ‪ -‬مثل جامعة مينيس������وتا‬ ‫وجامع������ة أي������وا ‪ -‬م������ن أج������ل زبائنها من وبائية جديدة‪.‬‬ ‫للڤيروسات املنتشرة في اخلنازير واملدرجة‬ ‫في قواع������د البيانات املتوافرة مثل ‪GenBank‬‬ ‫املزارع���ي��ن‪ ،‬ويوض������ح >‪ .M‬تورميوري������ل<‬ ‫[الذي يش������غل منصب أستاذ كرسي في صحة اخلنازير أو ‪ ،GISAID‬وه������ي قواع������د بيانات ميك������ن أن يطلع عليها‬ ‫وإنتاجيته������ا في جامعة مينيس������وتا] أن أي مكتش������فات‪ ،‬باحث������و اإلنفلونزا في أي مكان؛ وهذا ما يترك الباحثني في‬ ‫س������واء أكانت إيجابية أم ال‪ ،‬تبقى سرية‪ .‬ويقول إنه «في الصحة البشرية وس������ط ظالم دامس‪ .‬تقول >كوكس<‪« :‬من‬ ‫الواق������ع هنالك قدر من الرصد الفعلي واملس������تمر‪ ،‬إال أن غي������ر املمكن أن نقول إن التركيب������ات الوراثية املوجودة في‬ ‫تل������ك املعلومات ال يفصح عنها إال إلى األش������خاص الذين ‪ GenBank‬أو ‪ GISAID‬أو أي مكان آخر توفر متثيال حقيقيا‬ ‫ملا هو منتشر فعليا في اخلنازير في هذه اللحظة؛ وهذا هو‬ ‫يرسلون العينات‪».‬‬ ‫تصل االكتش������افات املهمة ‪ -‬مثل اكتشاف املتفارز الثالثي األم������ر املثير جدا للقلق‪ .‬نحن نتفه������م جميع املواضيع ذات‬ ‫األول ‪ - H3N2‬في نهاية املطاف إلى املجالت العلمية‪ ،‬ولكن هذه الصلة باجلانب الزراعي‪ ,‬ولكننا نريد أن نعمل على إيجاد‬ ‫العملية رمبا تستغرق عاما أو أكثر‪ .‬وهذا ال يشكل بديال لتوفير حل يتيح مشاركة أكبر للمعلومات املتوافرة‪».‬‬ ‫نتائ������ج الرصد في الوق������ت الفعلي‪ ،‬والذي قد يوفر ملس������ؤولي‬ ‫( )‬ ‫تعاون مطلوب‬ ‫الصحة البش������رية ص������ورة حديثة وليس تص������ورا تاريخيا‪ .‬فقد‬ ‫يلتقط شخص ما أحيانا إنفلونزا اخلنازير من اخلنازير مباشرة‪،‬‬ ‫حتى قبل وباء عام ‪ ،2009‬بدأ املركز ‪ CDC‬بش������ق الطريق‬ ‫ويتلق������ى املرك������ز ‪ CDC‬اتصاال ينبئه بذلك‪( .‬على س������بيل املثال‪ :‬بالتفاوض م������ع وزارة الزراعة األمريكية حول برنامج يضمن‬ ‫حدث ذلك مرتني هذا اخلريف‪ ،‬وحلسن احلظ‪ ،‬ثبت أن احلالتني مشاطرة قطاع الصحة البشرية نتائج االختبارات التشخيصية‬ ‫كانتا فرديتني)‪ .‬ولكن عادة ما تأتي هذه االتصاالت متأخرة جدا للصح������ة احليوانية‪ .‬لكن الميكن للبرنام������ج‪ ،‬والذي مازال في‬ ‫بحيث التسمح بإجراء استقصاء شامل‪ .‬تقول >كوكس<‪« :‬كثيرا بدايت������ه العمل من دون تعاون منتجي حل������وم اخلنازير الذين‬ ‫ما تكون اخلنازير قد ُأرس������لت إلى املس������لخ بحلول الوقت الذي‬ ‫( ) ‪COOPERATION NEEDED‬‬ ‫(‪the National Animal Health laboratory Network )1‬‬ ‫نكون فيه قد اكتشفنا ماهية التعرض الفعلي‪».‬‬ ‫(‪the Centers for Disease Control )2‬‬

‫‪18‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫ميانع������ون حتى اآلن ف������ي دعم ما يراه الكثي������رون محاولة من‬ ‫احلكومة للتدخل في ش������ؤونهم‪ .‬يقول >‪ .P‬س������اندبرگ< [نائب‬ ‫الرئيس للش������ؤون العلمي������ة والتقنية في الهيئ������ة الوطنية للحم‬ ‫اخلنزي������ر]‪« :‬اخلنازير ملك املُزارع‪ ،‬وما يحدث لها هو ش������أن‬ ‫يخ������ص املزارع ال احلكومة‪ ،‬طامل������ا أن العدوى التي تظهر في‬ ‫هذه اخلنازير ليست ما يصطلح على تسميته مرضا منهاجيا‬ ‫‪ program‬يشكل خطرا على قطعان اخلنازير في أمريكا‪».‬‬ ‫وللتغل������ب على ت������ردد املزارع���ي��ن‪ ،‬عم������دت وزارة الزراعة‬ ‫األمريكي������ة ومركز التحكم في األمراض إل������ى تقدمي عدد من‬ ‫احللول الوس������ط في نظام الرصد؛ فب������د ًءا هناك ضمان لعدم‬ ‫إفش���اء األسماء ‪ .anonymity‬فقد تستخدم املعلومات املتوافرة‬ ‫حول الڤيروسات املوجودة في العينات التي يرسلها املنتجون‬ ‫إلى املختبرات التشخيصية ضمن منظومة للرصد تكون متاحة‬ ‫بش������كل أوسع بكثير‪ .‬لكن س������وف حتذف البيانات التي تشير‬ ‫إلى مزرعة املنتج قبل أن يتم تداولها‪ ،‬ما لم يعط املنتج موافقة‬ ‫مس������بقة‪ .‬فيمكن إخبار مس������ؤولي إدارات الصحة البش������رية‬ ‫باسم الوالية التي ُو ِجد فيها الڤيروس وليس باسم املقاطعة أو‬ ‫املزرعة‪ .‬يقول >‪ .R .J‬كليف������ورد< [كبير األطباء البيطريني]‪« :‬إن‬ ‫الرصد الذي ال يعلن األسماء هو األساس املعتمد؛ وهذا يعني‬ ‫أنه سيتم تزويد البرنامج بالنتائج املستحصلة من الرصد من‬ ‫دون ذكر أس������ماء‪ ،‬فلن ترفق البيانات باس������م املالك أو باسم‬ ‫الطبيب البيطري الذي أرسلها‪».‬‬ ‫قد يوافق بع������ض املنتجني على اإلفص������اح عن املعلومات‬ ‫التي تع ّرفهم‪ ،‬ولكن من املتوقع أن القليل منهم فقط س������يتخلى‬ ‫عن درع ع������دم اإلفصاح‪ .‬هذا وتنص قواعد املنظومة على أنه‬ ‫إذا أصيب شخص بڤيروس إنفلونزا اخلنازير‪ ،‬فإنه يجب أن‬ ‫يعط������ي مالك القطيع الذي اختلط الش������خص معه املوافقة قبل‬ ‫أن تتمكن الهيئات الصحية من اختبار اخلنازير في مزرعته‪.‬‬ ‫ولكن هل يسقط شرط عدم اإلفصاح إذا اكتشف املركز ‪CDC‬‬ ‫حال������ة إنفلونزا خنازير في ش������خص أو ڤيروس������ا يبدو أنه قد‬ ‫يكون قادرا على االنتقال إلى البشر‪ ،‬فهل ذلك ملصلحة حماية‬ ‫الصحة البش������رية؟ هذا األمر لي������س واضحا حتى اآلن‪ .‬يقول‬ ‫>ساندبرگ<‪« :‬إذا اكتشف املركز ‪ CDC‬ڤيروسا مشكوكا فيه‬ ‫فإن بإمكانه تنبيه وزارة الصحة ذات العالقة في الوالية حتى‬ ‫تكون على حذر؛ خوفا من وقوع إصابات بشرية‪».‬‬ ‫يق ـ ــول >س������ــاندب ــرگ< الـ ــذي يـ ــدعـ ـ������م منظــوم ـ ــة الرصد‬ ‫املطورة بالتعاون بني وزارة الزراعة األمريكية واملركز ‪:CDC‬‬ ‫«لي������س صحيحا أن املنتجني غير مكترثني بالتهديد املس������تمر‬ ‫من ڤيروس������ات إنفلونزا اخلنازير للبش������ر‪ ،‬لكنهم يعتقدون أن‬ ‫حج������م التهديد مبال������غ فيه»‪ .‬إذ تختلط املالي���ي��ن من اخلنازير‬ ‫‪19‬‬

‫مع األش������خاص كل يوم تقريبا‪ ,‬ومع ذلك فاحلاالت البش������رية‬ ‫الناجم������ة عن العدوى من اخلنازير نادرة‪ .‬وقد رأى املزارعون‬ ‫ما جرى للمنتج الكن������دي >‪ .V .A‬جينكل< الذي كان قطيعه هو‬ ‫األول في العالم الذي جاءت نتائج اختباراته إيجابية بالنسبة‬ ‫إل������ى الڤيروس ‪H1N1‬؛ ثم ُش������فيت خنازير >جين������كل<‪ ،‬ولكنه‬ ‫اضطر إلى التخلص منها ألن أحدا لم يشترها‪.‬‬ ‫على الرغم من تزاي ــد عدد العينات الڤيروسية املرسلة إلى‬ ‫منظومــة الرصـد التابعــة لوزارة الزراع ــة األمريكي ــة واملركز‬ ‫‪ CDC‬وذلك في النصف الثاني من عام ‪ ,2010‬إال أن الكثير من‬ ‫األطباء وعلماء الوبائيات يخش������ون من أن هذه احللول الوسط‬ ‫املتبع������ة في ه������ذه املنظومة ال تزال مق ّيدة جدا؛ فهم يخش������ون‬ ‫أال يكونوا قادرين مس������تقبال على تعرف ڤيروسات جديدة في‬ ‫اخلنازير أو اكتش������اف االنتقال من خنزير إلى اإلنس������ان في‬ ‫الوقت املناسب للحفاظ على الصحة البشرية‪ ،‬لكنهم لم ييأسوا‬ ‫من احلصول عل������ى بيانات أفضل‪ .‬وينظم كل من >كوكس< و‬ ‫>‪ .I‬ب������وا< [التي ترأس املختبر املرجعي التابع للمنظمة العاملية‬ ‫للصح������ة احليوانية في پادوفا بإيطاليا] اجتماعا س������نويا في‬ ‫أوائل الشهر ‪ 2‬بإيطاليا يضم كبار العلماء والهيئات الصحية‬ ‫البشرية واحليوانية الرئيسة في محاولة إليجاد وسيلة لتجاوز‬ ‫الصعوب������ات‪ .‬تقول >بوا< التي يش������وب تفاؤلها بعض احلذر‪:‬‬ ‫«هن������اك طرق لاللتفاف ح������ول الصعوبات‪ ،‬وم������ا علينا إال أن‬ ‫نكتشفها فقط‪».‬‬ ‫قد تكون السياسات املتعلقة بلحم اخلنزير بطيئة‪ ،‬في حني‬ ‫أن اإلنفلونزا تتطور بسرعة مخيفة‪ .‬يقول >‪ .E‬براون< [وهو عالم‬ ‫ڤيروسات متخصص في تطور اإلنفلونزا بجامعة أوتاوا]‪« :‬لقد‬ ‫تبدلت القواعد البيولوجية في العش������رين عاما األخيرة‪ ،‬ولذلك‬ ‫أعتقد أنه يجب على منط التفكير أن يتغير»‪ .‬سيخس������ر منتجو‬ ‫حلم اخلنزير الكثير من أي دعاية س������لبية‪ .‬وعلى كل حال‪ :‬إذا‬ ‫معد ‪ virulent successor‬خلفا لڤيروس وباء عام‬ ‫ظهر ڤيروس ٍ‬ ‫>‬ ‫‪ 2009‬فإن الكل سيخسر‪.‬‬ ‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, January 2011‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫مايو‪ /‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪6/5‬‬

‫كيف نتغلب على أزمة البدانة‬

‫( )‬

‫مع أن ِ‬ ‫العلْم قد كشف عن الكثير من العمليات االستقالبية التي تؤثر‬ ‫في وزننا‪ ،‬إال أن مفاتيح النجاح في هذا املضمار قد تكمن في مكان آخر‪.‬‬ ‫>‪ .H .D‬فريدمان<‬

‫ما نعرفه هو أن البدانة أزمة صحية وطنية‪ .‬وإذا استمرت‬ ‫النزع������ات احلالية فس������وف تتجاوز ش������دة ه������ذه األزمة أزمة‬ ‫التدخ���ي��ن في الواليات املتح������دة‪ ،‬باعتبارها أكبر عامل فردي‬ ‫مؤه������ب للموت املبك������ر‪ ،‬ألنها تؤدي إلى تدن������ي جودة احلياة‬ ‫وترف������ع تكالي������ف الرعاي������ة الصحية‪ .‬ووفق������ا ملراك����ز مراقبة‬ ‫األم����راض ومنعها(‪ ،)1‬تصيب البدان������ة ثلث عدد البالغني في‬ ‫أمريكا‪ ،‬في ح���ي��ن يعاني ثلث آخر فرط ال����وزن ‪،overweight‬‬ ‫كما أن األمريكيني يزدادون ُس������منة كل ع������ام‪ .‬ووفقا ملا جاء‬ ‫في دراس������ة ُنش������رت في مجلة اجلمعية الطبية األمريكية‬ ‫)‪ )2((JAMA‬فإن البدانة تسبب زيادة في الوفيات مبا يزيد على‬ ‫‪ 160 000‬وفاة في السنة‪ .‬ويبلغ متوسط تكاليف الفرد البدين‬ ‫أكثر من ‪ 7000‬دوالر في الس������نة نتيجة اخلس������ارة في الطاقة‬ ‫اإلنتاجي����ة ‪ productivity‬واملعاجلة الطبية املضافة‪ ،‬على َح ِّد‬ ‫ق������ول الباحثني في جامعة جورج واش������نطن‪ .‬وتُق َّدر التكاليف‬ ‫الطبية الس������نوية اإلضافية املترتبة على ش������خص تبلغ زيادة‬ ‫وزنه ‪ 70‬پاوندا أو أكثر‪ ،‬بنحو ‪ 30 000‬دوالر‪ ،‬تبعا لعِ رقه ‪race‬‬ ‫وجنسانيته(‪.gender )3‬‬ ‫كل ذلك‪ ،‬يقودنا س������ريعا إلى الس������ؤال‪ :‬ملاذا يشكل وجود‬ ‫بضع������ة پاون������دات إضافية صعوبة في التخل������ص منها؟ فهذا‬ ‫ال يب������دو أنه صع������ب؛ ألن الصيغة األساس������ية خلفض الوزن‬ ‫بس������يطة ومعروفة متاما وهي‪ :‬اس������تهلك سعرات حرارية أقل‬ ‫مما تصرف‪ .‬فإذا كان هذا س������هال بالفعل‪ ،‬فلن تشكل البدانة‬

‫املؤلف‬ ‫‪David H. Freedman‬‬

‫منذ ‪ 30‬سنة يقوم >فرميان< بتغطية مواضيع مختلفة في العلوم‬ ‫واألعمال والتقانة‪ ،‬وأحدث كتبه ‪ Wrong‬الذي يستكشف القوى‬ ‫التي دفعت علماء وآخرين من كبار اخلبراء إلى تضليلنا‪.‬‬

‫لألم������ة منط احلياة األول املقلق صحي������ا‪ .‬وفي واقع األمر‪ ،‬إن‬ ‫ذلك صعب للغاية بالنسبة إلى النوع اإلحيائي ‪ species‬الذي‬ ‫اعتاد أف������راده على تناول أغذية كثيف������ة الطاقة في بيئة كانت‬ ‫املجاعة فيها تش������كل تهديدا دائما‪ .‬فبالنسبة إلى هؤالء‪ ،‬ميثل‬ ‫اإلبقاء على أجس������امهم رشيقة أمرا بالغ الصعوبة‪ ،‬وبخاصة‬ ‫ينصب فيه اإلعالم على تسويق‬ ‫في هذا العالم املعاصر الذي‬ ‫ّ‬ ‫الكثي������ر من املواد الغذائية املتدنية النوعية‪ .‬تقريبا يفش������ل كل‬ ‫ف������رد يحاول أن يلتزم بحمية م������ع الزمن‪ ،‬ففي عام ‪ 2007‬بينت‬ ‫مراجعة عملية قامت بها اجلمعية األمريكية لألطباء النفسيني‬ ‫واس������تُعرضت فيها ‪ 31‬دراس������ة عن احلمي������ات أن ثلثي عدد‬ ‫املتبعني للحمية توقفوا بعد س������نتني ولهم وزن أعلى من وزنهم‬ ‫عندما بدؤوا باحلمية‪.‬‬ ‫وجه العلم اهتماماته الش������ديدة إلى مش������كلة البدانة‪ .‬فقد‬ ‫لقد َّ‬ ‫( ) ‪HOW TO FIX THE OBESITY CRISIS‬‬

‫(‪the Centers for Disease Control and Prevention )1‬‬

‫(‪the Journal of the American Medical Association )2‬‬ ‫(‪ )3‬أو جنسه من حيث الذكورة واألنوثة‪.‬‬

‫(التحرير)‬

‫باختصار‬ ‫البدانة وباء عصري‪ :‬انتشرت‬ ‫البدانة حتى ضمن املاليني الذين ال‬ ‫كاف‪ .‬والبدانة‬ ‫يحصلون على طعام ٍ‬ ‫هذه األيام حمل عاملي ثقيل يصيب‬ ‫ثلث األمريكيني ويعاني ثلث آخر‬ ‫فرط الوزن‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫البدانة معقدة‪ :‬لقد طور‬ ‫الباحثون مفاتيح واضحة تدل على‬ ‫األسباب االستقالبية والوراثية‬ ‫والعصبية للبدانة‪ .‬ولكن ما ّ‬ ‫مت‬ ‫التوصل إليه ال يرقى بعد إلى كونه‬ ‫حال لهذه األزمة الصحية العامة‪.‬‬

‫التركيز على السلوك‪ :‬يبدو‬ ‫عند استعمال التقنيات التي ثبتت‬ ‫فعاليتها في معاجلة التوحد ‪autism‬‬ ‫والتأتأة ‪ stuttering‬والكحولية‬ ‫‪ alcoholism‬أنها وسيلة قيمة لفقد‬ ‫الوزن أو وقف فرط الوزن‪.‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬

‫اخلطوات التالية‪ :‬لقد دلت دراسات‬ ‫السلوك ‪ behavior studies‬على أن تسجيل‬ ‫السعرات احلرارية (الكالوريات) والتمارين‬ ‫والوزن‪ ،‬ثم تب ّني أهداف مقبولة واالنضمام‬ ‫إلى مجموعة داعمة ‪ support group‬كل ذلك‬ ‫يؤدي إلى حتسني فرص النجاح‪.‬‬


(2011) 6/5

21


‫وباء البدانة‬

‫أزمة تنمو‬

‫( )‬

‫إن البدانة وفرط الوزن في الواليات املتحدة األمريكية (في اليمني) ‪ -‬كما تقاس بدليل كتلة اجلسم (في اليسار) ‪ -‬تسبق مخاطر منو السكتات وأعراض‬ ‫القلب والداء السكري من النمط ‪ 2‬وبعض أنواع السرطان‪ ،‬وبعض املشكالت الصحية املزمنة األخرى املنتشرة في القرن الواحد والعشرين‪.‬‬

‫”‪4’10‬‬

‫‪12‬‬

‫‪1976 1980‬‬ ‫‪1976–1980‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪2005–2006‬‬

‫‪0‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪40‬‬

‫‪30‬‬

‫دليل كتلة اجلسم‬

‫‪20‬‬

‫‪10‬‬

‫تصبح أضخم‪ :‬ما يزيد على ‪ 34‬في املئة من األمريكيني بدناء‬ ‫(املنطقة البرتقالية حتت املنحني)‪ ،‬وفي أواخر عام ‪ 1970‬كانوا‬ ‫في املئة‪ .‬ويوجد ثالث وثالثون والية تشكل فيها النسبة املئوية‬ ‫للبدانة أكثر ‪ 25‬في املئة (ال تظهر بالشكل)‪.‬‬

‫‪9.15‬‬

‫النسبة املئوية لألمريكيني‬

‫نقص الوزن‬ ‫وزن طبيعي‬ ‫منط الوزن‬ ‫بدين‬ ‫شديد البدانة‬

‫‪120 130 140 150 160 170 180 190 200 210 220 230 240 250‬‬

‫وزن (پاوندات)‬

‫دليل كتلة اجلسم(‪ :(BMI) )1‬هي نسبة الطول إلى الوزن‪ ،‬وقد طور في القرن ‪19‬‬ ‫من قبل العالم البلجيكي الرياضياتي واالجتماعي األول >‪ .A‬كويتيليت<‪ .‬ومع أن هذا‬ ‫الدليل ال يقيس دهون اجلسم فإن أي فرد (ما عدا الرياضيني شديدي العضالت) يفوق‬ ‫دليله الرقم ‪ 30‬يعتبر بدينا‪.‬‬

‫أنف������ق املعهد الوطني للصح���ة )‪ 800 )2((NIH‬مليون دوالر تقريبا‬ ‫في الس������نة على دراس������ات لفهم األسس االس������تقالبية والعصبية‬ ‫للبدانة‪ .‬واقترح هذا املعهد في خطة بحثه عن البدانة في عام ‪2011‬‬ ‫متويل س������بل بحثية واعدة ش������ملت على الترتيب‪ :‬توضيح وظائف‬ ‫الپروتينات في نس������ج معينة باس������تخدام مناذج حيوانية؛ دراسة‬ ‫مس������ارات اإلش������ارات املعقدة في الدماغ وبني الدماغ واألعضاء‬ ‫األخ������رى؛ متييز االختالف������ات اجلينية املتعلق������ة بالبدانة؛ وأخيرا‬ ‫تع ّرف آليات التعاقب الوراثي(‪ epigenetic )3‬املنظمة لالستقالب‪.‬‬ ‫وفي هذا املضم������ار‪ ،‬زودتنا األبحاث بإضافات مهمة حول‬ ‫طرق تفاعل الپروتينات في أجسامنا الستخالص وتوزيع الطاقة‬ ‫م������ن األغذية وإنتاج وتخزين الدهون‪ :‬كيف تُعلمنا أدمغتنا أننا‬ ‫جياع؟ وملاذا يبدو البعض منذ والدته مرجحا ألن يصير بدينا‬ ‫أكثر من اآلخرين؟ وهل تناول أغذية معينة ومواد س������امة ميكن‬ ‫أن يع ّدل أو يخفف بعض هذه العوامل؟ وهذه األبحاث وضعت‬ ‫أيضا أمام شركات األدوية العديد من األهداف احملتملة لتطور‬ ‫العقاقير املناس������بة‪ .‬إال أن ما لم تفعله تلك األبحاث ‪ -‬لس������وء‬ ‫احلظ ‪ -‬هو إحداث تأثير في مواجهة هذا الوباء الوطني‪.‬‬ ‫ويحتمل أن يأتي اليوم الذي تستطيع فيه البيولوجيا تزويدنا‬ ‫بحبة دواء تقوم بتعديل االس������تقالب فينا بحيث نحرق سعرات‬ ‫أكث������ر أو تقوم هذه احلبة بإعادة ترتي������ب رغباتنا امللحة بحيث‬ ‫نفض������ل تناول ُك ْرنب هِ لْيوني (بروكلي) على تناول سندويش������ة‬ ‫حل������م‪ .‬ولكن إلى ذلك احلني‪ ،‬لعل أفضل مقاربة بس������يطة يع ّول‬ ‫عليها هي بناء طرائق نفس������ية سلوكية‪ ،‬طورت خالل الـ‪ 50‬سنة‬ ‫‪22‬‬

‫‪45‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪23‬‬

‫”‪4’10‬‬

‫ارتفاع (باألقدام والبوصات)‬

‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫”‪5’0‬‬ ‫‪5’2” 2‬‬ ‫‪2‬‬ ‫”‪5’4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫”‪5’6‬‬ ‫‪5’8” 1‬‬ ‫‪5’10” 1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫”‪6’0‬‬ ‫”‪6’2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫”‪6’4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫”‪6’6‬‬ ‫”‪4’8‬‬

‫‪10‬‬

‫‪56‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪29‬‬

‫‪54‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪52‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪27‬‬

‫‪49‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪47‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪43‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪40‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪21‬‬

‫‪38‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪36‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪34‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪31‬‬ ‫‪29‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪16‬‬

‫‪29‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪27‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪25‬‬ ‫”‪5’0‬‬ ‫‪5’2” 22‬‬ ‫‪21‬‬ ‫”‪5’4‬‬ ‫‪19‬‬ ‫”‪5’6‬‬ ‫‪5’8” 18‬‬ ‫‪5’10” 17‬‬ ‫‪16‬‬ ‫”‪6’0‬‬ ‫”‪6’2‬‬ ‫‪15‬‬ ‫”‪6’4‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪14‬‬ ‫”‪6’6‬‬ ‫”‪4’8‬‬

‫األخيرة‪ ،‬وأثبتت جدواها العملية في مئات من الدراسات‪ .‬وقد‬ ‫وص ّدقت‬ ‫اكتس������بت هذه الطرائق انتباها جديدا بعد أن ُج ّربت ُ‬ ‫وجرى تعديلها من خالل أبحاث جديدة فأصبحت أكثر تأثيرا‬ ‫في مجال أوس������ع من األفراد‪ .‬وفي هذا الصدد أش������ار املعهد‬ ‫‪ NIH‬ضمن خطته االس������تراتيجية املقترحة ألبحاث البدانة إلى‬ ‫أن نتائج األبحاث أضفت تبصرات ‪ insights‬جديدة مهمة حول‬ ‫العوامل االجتماعية والسلوكية التي تؤثر في احلمية والنشاط‬ ‫اجلسماني والسلوك القعودي(‪.sedentary behavior )4‬‬ ‫كيف وصلنا إلى هنا‬

‫( )‬

‫إن يأس البدن������اء وأصح������اب األوزان املفرطة ينعكس في‬ ‫السيل املس������تمر من النصائح الذي ينهال يوميا من مصادر‬ ‫متباينة كمقاالت املجالت العلمية احمل ّكمة والكتب األكثر مبيعا‬ ‫والصحف واملدونات‪ .‬فرغبتنا الشديدة ألي حتوير في نظامنا‬ ‫الغذائي أو ألي وس������يلة بارعة ق������د تؤدي إلى إنقاص پاوندات‬ ‫بصورة س������ريعة ودائمة‪ ،‬تبدو كشهيتنا التي ال تشبع للطعام‬ ‫الغني الذي يضي������ف پاوندات إلى وزنن������ا‪ .‬فنحن‪ ،‬اجلمهور‪،‬‬ ‫يطيب لنا تصديق ما يبدو حلوال متقنة سريعة تفرضها وسائل‬ ‫( ) ‪A Growing Problem‬‬

‫( ) ‪HOW we got here‬‬

‫(‪body mass index )1‬‬

‫(‪The National Institutes of Health )2‬‬

‫(‪ )3‬أو اإلبيجيني‪ :‬تغيير في تعبير أحد اجلينات يؤدي إلى تغيير في الشكل الظاهري‬ ‫من دون تغيير مستدام في اجلني نفسه‪.‬‬ ‫(التحرير)‬ ‫(‪ )4‬سلوك من ال يرغب في التنقل‪.‬‬ ‫‪(2011) 6/5‬‬

‫‪2006‬‬

‫‪50‬‬


‫التقدم في املختبر‬

‫بيولوجيا البدانة‬

‫( )‬

‫س���نويا ينف���ق املعهد ‪ 800 NIH‬ملي���ون دوالر تقريبا على دراس���ات‬ ‫لفه���م األس���س العصبي���ة واالس���تقالبية واجليني���ة للبدان���ة‪ .‬وخ�ل�ال‬ ‫البحث‪ ،‬كشف العلماء النقاب عن‪ :‬مسارات كيميائية بيولوجية معقدة؛‬ ‫وع���روات تغذية راجعة تصل الدماغ باجلهاز الهضمي؛ وإدراك جديد‬ ‫للوظائف املنظمة لنس���ج دهنية؛ وتغيرات وراثية مرهفة جتعل بعض‬

‫دماغ‪ :‬من املعروف للعلماء منذ زمن‬

‫املجموع���ات أكثر بدانة من غيره���ا؛ واإلمكانية القوية ألن تقوم بعض‬ ‫األغذية واملواد الس���امة عند التعرض لها بتعديل بعض هذه العوامل‬ ‫أو تخفي���ف مفعوالته���ا‪ .‬وبأخ���ذ كل هذا في االعتبار‪ ،‬م���ن احملتمل أن‬ ‫يأخذ فهم أس���باب البدانة عقودا‪ ،‬كما أننا ال نش���ك في وجود مزيد من‬ ‫املفاجآت املخبأة في سعينا هذا‪.‬‬

‫أن الوطاء (حتت املهاد)(‪ )1‬وجذع الدماغ‬

‫(‪)2‬‬

‫يسهمان في تنظيم الشعور باجلوع والشبع‪.‬‬ ‫وخالل السنوات القليلة املاضية‪ ،‬وجد‬ ‫(‪)3‬‬ ‫الباحثون أن مراكز املكافأة للجملة احلوفية‬ ‫ووظائف التقييم للقشرة اجلبهية(‪ ،)4‬هي‬ ‫أيضا تنهمك بشدة في تلك العمليتني‪ :‬اجلوع‬ ‫والشبع‪ .‬وفي احلقيقة‪ ،‬إن اإلفراط املزمن‬ ‫في تناول الطعام يحمل في طياته تشابها‬ ‫كيميائيا حيويا مع اإلدمان على املخدرات‪.‬‬

‫استقالب‪ :‬إن القدرة على حـرق وخـزن‬ ‫الطاقة تختلف بشدة من خلية إلى أخرى‪.‬‬ ‫ففي عام ‪ ،2009‬برهنت ثالث دراسات نشرت‬ ‫في املجلة الطبية ‪New England Journal of‬‬ ‫‪ Medicine‬أن بعض النساء والرجال يستمرون‬ ‫خالل الكهولة باالستفادة من مخزونات الدهن‬ ‫البني الصغيرة‪ .‬وهذا الدهن يترافق مع‬ ‫النحافة‪ ،‬خالفا للدهن األبيض‪ .‬والدهن البني‬ ‫يساعد على توليد احلرارة ويبدو أنه أقرب‬ ‫إلى العضالت من الدهن األبيض‪ ،‬الذي هدفه‬ ‫األولي خزن الطاقة الزائدة‪.‬‬

‫جينـات‪ :‬أكـــد بــاحثـــون وجــود اختــالف‬ ‫فــي ‪ 20‬جينا شاذا جتعل أصحابها مؤهبني‬ ‫الكتساب الوزن بسهولة‪ .‬ولكن أبحاثا أخرى‬ ‫بينت فيما بعد أن هذه التأثيرات متواضعة وال‬ ‫يعتد بها كسبب لهذا االنتشار الوبائي للبدانة‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬من احملتمل أن تستمر اجلينات‬ ‫في أداء دور‪ ،‬من خالل التأثير البيئي بحيث‬ ‫تنشطه أو توقفه‪ .‬وحتى اآلن‪ ،‬فإن هذه املفاتيح‬ ‫اجلينية للبدانة قد جرى حتديدها في الفئران‪،‬‬ ‫مع أن القليل منها مرشح ألن يعمل في اإلنسان‪.‬‬ ‫( ) ‪The Biology of Obesity‬‬

‫(‪hypothalamus )1‬؛ أو ما حتت املهاد‪.‬‬

‫(‪brain stem )2‬‬ ‫(‪the pleasure - reward centers of the limbic system )3‬‬ ‫(‪the evaluating functions of the prefrontal cortex )4‬‬

‫‪23‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫اإلعالم بعرضها في عناوينها الرئيس������ية على أنها اكتشافات فقد الوزن‪ .‬ولكن‪ ،‬لس������وء احلظ‪ ،‬ف������إن الزمن يعمل ضدنا‪ .‬فمع‬ ‫تناقص الوزن جنوع وتتطور فينا رغبة ملحة قوية لألكل‪ ،‬ونغدو‬ ‫جديدة‪ ،‬وكأنها حلول صحية ملشكلة البدانة‪.‬‬ ‫ال تفيدن������ا النتائ������ج العلمية التي تعتمد عليه������ا هذه العناوين منزعجني أكثر عند ممارس������ة متارين رياضية؛ ويترتب على ذلك‬ ‫الرئيسية في الصحف؛ ألنها ترتكز في بعض األحيان على أمور بطبيعة احلال تباطؤ فقد الوزن فيحاول االستقالب تعويض هذا‬ ‫تب������دو متناقضة‪ .‬وكمثال على ذلك‪ ،‬تلك الدراس������ة التي نش������رت الفقد بأن يكون استقالبا شحيحا في صرف السعرات احلرارية‬ ‫في الش������هر ‪ 2010/9‬في املجلة األمريكية للتغذية الس���ريرية (الكالوريات)‪ .‬وهكذا ن������رى أن االلتزام بنظامنا الغذائي يصبح‬ ‫)‪ ،)1((AJCN‬الت������ي َّ‬ ‫وضحت وجود صلة ب���ي��ن زيادة تناول األلبان بازدياد عقوبة قاس������ية وثابتة‪ ،‬واملكافأة املتوقعة تتراجع وتترك‬ ‫وفق������د الوزن‪ ،‬م������ع أن التحلي���ل البَع���دي ‪ meta - analysis‬الذي للمستقبل‪« .‬فالفجوة بني تعزيز احلمية وتعزيز فقد الوزن الذي‬ ‫ُأجري في الشهر ‪ 2008/5‬ونُشر في املجلة ‪ Nutrition Reviews‬لم رمبا يتحقق بعد أشهر‪ ،‬هو التحدي األكبر»‪ ،‬وذلك على حد قول‬ ‫رس البدانة في‬ ‫يكتشف مثل هذه الصلة‪ .‬وقد ُذكر في مجلة الطب املهني والبيئي >‪ .W .S‬كاهنك< [الباحث في السلوك العصبي و َي ْد ُ‬ ‫مدرسة الطب بجامعة جون هوپكنز]‪.‬‬ ‫في الش������هر ‪ 2010/1‬أن ثم������ة عالقة بني ضغوط‬ ‫تنحو برامج‬ ‫وقد نكون أكثر التزام������ا بنظام غذائي إذا‬ ‫العمل والبدانة‪ ،‬مع أن مقاال نش������ر في الش������هر‬ ‫‪ 2010/10‬ف������ي مجل���ة البدانة(‪ )2‬يس������تنتج عدم التسوق اجلماعية بق������ي أقل قس������اوة وأقرب إل������ى أن ُيع ّول عليه‬ ‫للحص������ول على املكافأة‪ .‬فهل ثمة طريقة جلعل‬ ‫وج������ود مثل هذه العالقة ‪ .‬ول������ذا نقول إن جزءا‬ ‫التقصير‪،‬‬ ‫إلى‬ ‫ما سبق حقيقة واقعة؟‬ ‫من املشكلة يكمن في الباحثني في البدانة‪ ،‬فهم‬ ‫عندما تعتزم‬ ‫بطريقة ما أقرب ما يكونون إلى عميان يتلمسون‬ ‫( )‬ ‫من البيولوجيا إلى الدماغ‬ ‫أج������زاء من فيل‪ ،‬فنتائ������ج كل واحد منهم تعالج استخدام مجال‬ ‫فقط أج������زاء مختلفة من هذا الفيل‪ ،‬وفي حالتنا‬ ‫إن أجن������ح طري������ق حتى اآلن لفق������د الوزن‬ ‫كامل لتقنيات‬ ‫هو هذا اللغز املعقد «البدانة»‪.‬‬ ‫بقدر معق������ول واحملافظة عليه باحلمية الغذائية‬ ‫وتعديلها‬ ‫سلوكية‬ ‫ومن الواض������ح أنه عند األخذ في االعتبار‬ ‫ومبمارسة الرياضة‪ ،‬هو استخدام برامج تركز‬ ‫األبحاث مجتمعة‪ ،‬فإن التخلص من البدانة لن لتلبية االحتياجات على تغيير منط السلوك‪ .‬وقد جرى اختبار هذه‬ ‫يك������ون في نهاية األمر بتن������اول هذا النوع من املتنوعة لألفراد‪ .‬املقاربة الس������لوكية على مدى عقود من الزمن‪،‬‬ ‫الغ������ذاء وعدم تناول آخ������ر أو اتباع أي طريقة‬ ‫وتتضم������ن إجراء عدة تعديالت مس������تدامة في‬ ‫بس������يطة أخرى؛ وسبب ذلك هو وجود عوامل كثيرة تسهم في عادات األكل والرياضة‪ ،‬عادات تلقى استحس������انا وتشجيعا‬ ‫هذه املشكلة‪ .‬فهي جزئيا بيئية‪ ،‬مثل عادات األكل في املجتمع‪ ،‬في املجتمع‪.‬‬ ‫وأنواع األغذي������ة األكثر توفرا في املنزل وفي املخازن احمللية‪،‬‬ ‫وفي احلقيقة‪ ،‬يعود البحث الذي يدعم املقاربات الس������لوكية‬ ‫والف������رص املتاحة للتح������رك أثناء العمل اليوم������ي‪ .‬وجزء منها في فقد الوزن إلى أكثر من نصف قرن‪ ،‬وإلى العالم النفس������ي‬ ‫بيولوجي‪ ،‬مثل االس������تعداد اجليني لتخزين الدهون‪ ،‬وامتالك في جامعة هارڤرد >‪ .F .B‬س������كينر< حي������ث طور هذا العالم علم‬ ‫عتبة ش������بع عالية‪ ،‬وحتى امتالك براعم تذوق حساسة‪ .‬وجزء التحليل الس���لوكي(‪ .)5‬وقد تأس������س هذا احلق������ل العلمي على‬ ‫آخر اقتصادي‪ ،‬مثل األغذية التافهة ‪ junk food‬التي أصبحت نظرية تقول إن العلماء ال يس������تطيعون ف������ي واقع األمر‪ ،‬معرفة‬ ‫أرخص بكثير من األغذية الطازجة‪ .‬وجزء عائد إلى التسويق‪ ،‬م������ا يجري داخل عقل اإلنس������ان وال حتى بواس������طة املِرنانات‬ ‫فش������ركات الغذاء التي غدت س������يدة االلتفاف عل������ى الطبيعة الوظيفي���ة(‪ .functional MRIs )6‬فاملس������توى التقني الذي بلغته‬ ‫البش������رية االجتماعية وعلى «برمجتنا»(‪ )3‬التطورية تقودنا في هذه التقنية من أجل إمعان النظر إلى العقل‪ ،‬مازالت بس������يطة‪،‬‬ ‫اجتاه ش������راء أغذية غير صحي������ة ولكنها مربحة لها‪ .‬وهذا هو وفي أحسن أحوالها تقريبات متعددة التفسير للمعرفة والعاطفة‬ ‫السبب وراء احللول الضيقة‪« ،‬تناولْ هذا»(‪ ،)4‬فهذا النوع من تختزل نشاط باليني العصبونات (النورونات) في دارات معقدة‪،‬‬ ‫احللول‪ ،‬مثل جميع احللول البسيطة مصيرها الفشل‪.‬‬ ‫إل������ى بضع بقع (نقاط) ملون������ة‪ .‬إال أن الباحثني ميكنهم بصورة‬ ‫عند اتباعنا حميات وممارس������تنا نُظم������ا غذائية‪ ،‬نعتمد على‬ ‫( ) ‪From Biology To Brain‬‬ ‫(‪the Journal of Occupational and Environmental Medicine )1‬‬ ‫الرغب������ة القوي������ة للتغلب على القوة الدافعة إل������ى تناول مزيد من‬ ‫(‪the Journal Obesity )2‬‬ ‫(‪programming )3‬‬ ‫الطعام بالنسبة إلى مستوى نشاطنا‪ .‬ونعتمد على مكافأة كوننا‬ ‫(‪eat this )4‬‬ ‫(‪the science of behavioral analysis )5‬‬ ‫(التحرير)‬ ‫أكثر أناقة وبقائنا ملتزمني باحلمية‪ ،‬وال شك في أن املكافأة هي (‪ )6‬ج ‪ :‬مرنان وظيفي‪.‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫ما الذي يعمل؟‬

‫أربع خطوات لفقد الوزن‬

‫( )‬

‫في دراس���ات تركزت على الس���لوك فيم���ا يتعلق بالبدانة واحلمي���ات الغذائية‪ ،‬تمَ ّ‬ ‫حتدي���د بعض الش���روط األساس���ية التي يبدو أنه���ا توفر فرصة أكب���ر لفقد الوزن‬ ‫أهداف متواضعة واضحة والتركيز على عادات طيلة العمر‪،‬‬ ‫وضع‬ ‫واحلفاظ عليه‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ضمن أخرى‪ .‬وتقع معظم التغيرات السلوكية هذه ضمن أربع فئات رئيسية‪.‬‬

‫تقييم أولي‬

‫لقد أهمل البحث احلاجة‬ ‫إلى تعيني قياسات القيم‬ ‫األساسية‪ :‬ما هو وزن‬ ‫الفرد؟ كم تسهم الشعائر‬ ‫والروتني في فرط تناول‬ ‫الطعام (األكل حتت ضغط‬ ‫نفسي) أو حتت التمارين‬ ‫(توقعات غير واقعية)‪.‬‬ ‫يساعد على التقييم طبيب‬ ‫أو ممرضة ممارسة أو‬ ‫مستشار تغذية‪.‬‬

‫زيحان السلوك‬

‫لقد وجد كثير من الناس أنه من‬ ‫األسهل بداية إجراء تغييرات‬ ‫صغيرة – كمثل استعمال‬ ‫الدرج بدال من املصعد‪ .‬وبينت‬ ‫الدراسات أن استعراضا كامال‬ ‫للطعام املعروض قبل اختيار‬ ‫ما ستأكله يساعدك على وضع‬ ‫كمية أقل في طبق طعامك‪.‬‬

‫مجموعات داعمة‬

‫ُتوثق الدراسات فوائد التشجيع من قبل اآلخرين‪.‬‬ ‫فكون الفرد عضوا في مجموعة ‪ -‬سواء كانت‬ ‫مجموعة متارس متارين فقد الوزن أو مجموعة‬ ‫دعم رسمية أو حتى مجموعة افتراضية ‪ -‬فإن‬ ‫أعضاء هذه املجموعة يتشاركون في جناحاتهم‬ ‫وفي ندب حظوظهم لدى الفشل وأيضا في طرح‬ ‫حلول استراتيجية ملشكالتهم‪.‬‬

‫موضوعية قابلة لإلعادة مالحظة وقياس الس������لوك اجلسماني‬ ‫والبيئة املجاورة مباشرة ملوقع حدوث هذا السلوك‪ ،‬مما يسمح‬ ‫لهم بتع ّرف الصالت بني البيئة والس������لوك‪ .‬ويتضمن ذلك منطيا‬ ‫محاولة حتديد األحداث أو املواقف التي حتدث سلوكيات معينة‬ ‫مجد‪ ،‬وتبع������ا لذلك دعم بعض‬ ‫أو حتفزه������ا‪ ،‬ثم مالحظة ما هو ٍ‬ ‫السلوكيات‪ ،‬أو تهذيب بعضها‪ ،‬أو تثبيط سلوكيات أخرى‪.‬‬ ‫لقد تمَ ّ توثيق واسع ملدى فعالية املداخالت السلوكية لتشمل‬ ‫املشكالت السلوكية واالضطرابية‪ .‬ففي عام ‪ 2009‬جرى حتليل‬ ‫‪25‬‬

‫مراقبة ذاتية‬

‫إن تسجيل وزن اجلسم وحساب‬ ‫السعرات املتناولة وخطوات‬ ‫التسجيل‪ ،‬توفر مجتمعة تغذية‬ ‫راجعة موضوعية حول مدى جودة‬ ‫تغيير الفرد لعاداته‪ .‬وقد بينت‬ ‫دراسات السلوك مدى ضعف تقنية‬ ‫التسجيل الورقية وفائدة نظم‬ ‫املراقبة الالسلكية‪.‬‬

‫بعدي ونشر في مجلة علم النفس السريري للطفل واملراهق‬ ‫)‪ ،)1((JCCAP‬وخل������ص إل������ى أن املداخل������ة الس������لوكية املبكرة‬ ‫والش������املة يجب أن تكون كاملداخل������ة االنتقائية للطفل املصاب‬ ‫بالتوحد‪ .‬كما أن مراجعة منهجية‪ ،‬مدعومة من قبل فريق عمل‬ ‫اخلدم������ات الوقائية‪ ،‬وجدت أن املداخلة‪ ،‬حتى وإن كانت مجرد‬ ‫استش������ارة بس������يطة‪ ،‬أدت إلى تخفيض م������ا يتناوله املدمن من‬ ‫( ) ‪Four Steps to Losing Weight‬‬ ‫(‪the Journal of Clinical Child & Adolescent Psychology )1‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫كؤوس اخلمر مبعدل ‪ ،%34 - 13‬واس������تمرار التأثير ملدة أربع الدراس������ات العلمية‪ .‬فف������ي عام ‪ 2003‬قام������ت «وزارة الصحة‬ ‫سنوات‪ .‬كما دلت دراسات مرجعية على أن مداخالت سلوكية واخلدمات البش������رية األمريكية» بإج������راء مراجعة علمية تبني‬ ‫مشابهة جنحت في حتديات مختلفة‪ ،‬تراوحت من التأتأة إلى فيها أن «اإلرشاد والتداخالت السلوكية يؤدي إلى حدوث فقد‬ ‫وزن يتراوح بني البس������يط واملعتدل يستمر مدة عام واحد على‬ ‫حتسني أداء التمارين الرياضية وإنتاجية املستخدمني‪.‬‬ ‫وللتغلب على البدانة يقوم محلل السلوك بفحص التأثيرات األقل ‪ -‬وعام واحد هو زمن طويل في عالم فقد الوزن‪ ».‬ويدل‬ ‫الس������لوكية ذات العالقة‪ :‬ما هي العوامل اخلارجية التي تدفع حتليل ثمانية برامج ش������عبية لفقد الوزن نشرت في عام ‪2005‬‬ ‫الن������اس لإلفراط ف������ي األكل‪ ،‬أو لتناول األغذي������ة التافهة‪ ،‬وما في حولي���ات الط���ب الباطن���ي )‪ )2((AIM‬أن برنامج «مراقبو‬ ‫هي العوامل التي تش������جع على تن������اول الطعام الصحي؟ وما ال������وزن» هو البرنامج الوحيد املجدي‪ ،‬ألنه قادر على احملافظة‬ ‫ه������ي املواقف التي يكون فيها لس������لوكيات وتعليقات اآلخرين عل������ى فقد ‪ 3‬في املئة من الوزن وملدة س������نتي الدراس������ة‪ .‬وفي‬ ‫دور في اإلغ������راء بتناول طعام غير صحي؟ ما الذي يبدو أنه ه������ذه األثناء من عام ‪ 2005‬وجدت دراس������ة نش������رت في مجلة‬ ‫جمعي������ة الطب األمريكي������ة )‪ (JAMA‬أن برنامج‬ ‫ومجز عند تناول الطعام الصحي لفترة‬ ‫فعال‬ ‫ٍ‬ ‫«مراقبو الوزن»‪ ،‬مع «حمية املنطقة» ‪the zone‬‬ ‫طويلة؟ ماذا يعزز كونك كثير النش������اط؟ منذ تتعرض بيئتنا‬ ‫‪( diet‬وهي كبرنام������ج «مراقبو الوزن»‪ ،‬توصي‬ ‫عام ‪ 1960‬ميزت الدراس������ات التي ركزت على‬ ‫مكان‬ ‫كل‬ ‫في‬ ‫بحمية متوازنة في الپروت���ي��ن والكربوهيدرات‬ ‫الس������لوك وعالقته بالبدانة واحلميات‪ ،‬بعض‬ ‫وزمان جلهود‬ ‫والدهون) قد حققا أعلى نس������بة مئوية (‪ 65‬في‬ ‫الظروف األساس������ية التي تب������دو أنها مرتبطة‬ ‫باحتم������ال كبير بفقد ال������وزن واحملافظة عليه‪ ،‬تسويقية محنكة املئ������ة) من االمتثال وملدة عام على عدة حميات‬ ‫ش������عبية‪ ،‬كما الحظوا أن «مستوى االلتزام هو‬ ‫وهي‪ :‬التشديد على قياس وتسجيل السعرات‬ ‫ُتسيطر على‬ ‫املفتاح الذي يحدد مدى الفائدة السريرية أكثر‬ ‫احلرارية والتمارين الرياضية ووزن اجلسم؛‬ ‫احتياجاتنا‬ ‫من نوع احلمية»‪ .‬كما وجد في دراسة نشرت‬ ‫والقي������ام بتغييرات بس������يطة تدريجية بدال من‬ ‫وحتولها إلى‬ ‫في عام ‪ 2010‬في مجل������ة طب األطفال أنه بعد‬ ‫إح������داث تغييرات ش������ديدة؛ وتن������اول حميات‬ ‫سنة من تلقي األطفال عالجا سلوكيا حافظوا‬ ‫متوازنة تخفف بيس������ر الدهون والسكر أكثر‬ ‫رضا حسي‬ ‫(‪)3‬‬ ‫على دليل كتلة اجلسم ‪the body mass index‬‬ ‫م������ن إس������قاطها مجموعات غذائية رئيس������ية؛‬ ‫فينا‬ ‫وتؤثر‬ ‫أقل مبق������دار ‪ 1.9‬إلى ‪ 3.3‬من األطفال الذين لم‬ ‫ووضع أه������داف واضحة بس������يطة؛ والتركيز‬ ‫مبعلومات‬ ‫يتلقوا العالج‪ .‬وأش������ار التقرير السابق ملجلة‬ ‫على عادات ُتتَّبع مدى احلياة بدال من حميات‬ ‫طب األطفال أن «ثمة برهانا يشير إلى أن هذا‬ ‫على امل������دى القصير؛ والتأكيد على احلضور‬ ‫خاطئة‪.‬‬ ‫التحس������ن ميكن احملافظة عليه ملدة ‪ 12‬ش������هرا‬ ‫ضمن مجموع������ات يتلقى فيه������ا اخلاضعون‬ ‫ُ‬ ‫حلمية التش������جي َع على االلتزام بها واإلش������ادة بجهودهم في بعد االنتهاء من املعاجلات»‪ .‬وفي دراس������ة أجريت على البدانة‬ ‫في عام ‪ 2010‬تبني أن أعضاء جماعة نزع «بوندات» بحكمة‬ ‫هذا الشأن‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫إذا ب������دت ه������ذه االس������تراتيجيات اليوم وكأنه������ا نصائح )‪[ (Tops‬وهي منظمة وطنية غير ربحية تركز على فقد الوزن‬ ‫حصيفة مبتذلة‪ ،‬فذلك ألنها انتشرت منذ نحو نصف قرن من من خالل التأكيد على الس������لوك] قد استمروا باحملافظة على‬ ‫قبل برامج‪« :‬مراقبو الوزن )‪ .»)1((ww‬ففي عام ‪ 1963‬أسست فق������د ما نس������بته ‪ 7 – 5‬في املئة من الوزن ملدة ثالث س������نوات‬ ‫مجموعات لدع������م امللتزمني باحلميات الغذائية‪ ،‬وأضاف إليها م������ن املراقبة‪ .‬وفي عام ‪ ،2010‬ص������ ّرح مجلس األبحاث الطبية‬ ‫البرنام������ج «مراقب������و ال������وزن» مقاربات أخرى م������ع النصيحة البريطانية أن الدراس������ة الطويلة امل������دى التي قام بها قد بينت‬ ‫مبراعاة ما توصلت إليه الدراسات السلوكية التي ُيعلن عنها أن البرام������ج التي تعتم������د على مبادئ الس������لوك هي البرامج‬ ‫«كبرنامج س������لوكي معدل»‪ .‬ويقول الباح������ث الغذائي ورئيس األرجح ملساعدة الناس على خفض أوزانهم مقارنة باملقاربات‬ ‫البرنامج «مراقبو الوزن» وكبير العلميني >‪ .K‬ميلير‪-‬كوڤاش<‪ :‬األخرى‪( .‬لقد ُمولت الدراس������ة من قبل «مراقبو الوزن» ولكن‬ ‫«مهم������ا كانت تفاصي������ل فقد الوزن‪ ,‬فإن الس������حر فيها يذهب (‪ :(WW) Weight Watchers )1‬اس������م برنامج‪ ،‬وفي بعض املواقع يرمز إلى أصحاب هذا‬ ‫البرنامج‪.‬‬ ‫دائما إلى تغيير الس������لوك»‪ .‬ويضيف‪« :‬إن حتقيق ذلك مهارة‬ ‫(‪the Annals of Internal Medicine )2‬‬ ‫(‪ )3‬دليل كتلة اجلسم هو رقم ناجت من قسمة الطول على وزن اجلسم‪ ،‬ويشير فيه ‪18.5‬‬ ‫قابلة للتعلم‪».‬‬ ‫إلى حد الوزن اخلفيف و‪ 2.5‬إلى حد الوزن الزائد‪.‬‬ ‫إن اس������تخدام املقاربات الس������لوكية لفقد ال������وزن تدعمها‬ ‫(‪Take Off Pounds Sensibly )4‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫من دون أن يشاركوا فيها)‪.‬‬ ‫ولك������ن برنامج «مراقبو الوزن» وبرامج املراكز األخرى‬ ‫في التسوق اجلماعي تغدو مقصرة عندما تعتزم استخدام‬ ‫مج������ال التقني������ات الس������لوكية وتعديالته������ا بكامل������ه لتلبي‬ ‫االحتياج������ات الفردي������ة املتنوعة‪ .‬فه������ذه البرامج ال ميكنها‬ ‫روتينيا إس������داء النصائح لكل ف������رد‪ ،‬أو تكييف نصائحها‬ ‫وف������ق توجهات معينة‪ ،‬ف������ي مكان عمل األف������راد أو ضمن‬ ‫مجتمعاته������م‪ ،‬أو أن ُت َؤ ِّم������ن االتصال باألعض������اء الذين ال‬ ‫يحضرون اللقاءات‪ ،‬كما أنها ال تستطيع منع أعضائها من‬ ‫التوجه نحو فقد الوزن السريع‪.‬‬ ‫ولس������د تلك الثغرة ق������ام عدد من الباحثني في الس������نوات‬ ‫األخي������رة بتحويل اهتماماتهم إلى حتس���ي��ن وتوس������يع وحتى‬ ‫تفصيل تقنيات سلوكية وحصلوا على نتائج مشجعة‪ .‬وكمثال‬ ‫على ذلك‪ ،‬قام >‪ .M‬كاميرون< [رئيس قس������م الدراسات العليا‬ ‫لتحليل السلوك في كلية ‪ ،Simmons‬وعضو هيئة التدريس في‬ ‫كلي������ة الطب بجامعة هارڤرد] بالتركيز في أبحاثه على تقنيات‬ ‫فقد الوزن السلوكية‪ .‬فيقوم بدراسة مدتها سنة واحدة لتحليل‬ ‫سلوك مجموعة من أربعة أشخاص؛ وعادة ما يقوم بدراسات‬ ‫على مجموعات صغيرة جدا‪ ،‬وحتى على فرد وحده‪ ،‬وذلك كي‬ ‫يتمكن من تفصيل تدخالته بدقة ومالحظة التأثيرات الفردية‪،‬‬ ‫وفي دراس������اته هذه يتقابل األفراد معه عبر اتصال حاسوبي‬ ‫مباشر‪ ،‬ويقومون بإرس������ال أوزانهم عبر شبكة السلكية‪ ،‬ومن‬ ‫خالل هذه الشبكة تتم َأ ْمثَل ُة ‪ optimizing‬حمية كل واحد منهم‬ ‫من أجل تخفيض وحتديد كثافة السعرات لديه وحتديد األغذية‬ ‫املفضلة له‪ .‬هذا وقد استعملت األغذية املفضلة كمكافأة على‬ ‫اتباع وممارس������ة احلمية‪ .‬و ُيذكر أن كل واحد من األشخاص‬ ‫املتابعني َف َقد حتى اآلن ما بني ‪ 20 - 8‬في املئة من وزنه‪.‬‬ ‫لقد ركز >‪ .M‬نورماند< [محلل سلوكي في جامعة پاسيفيك]‬ ‫على إيجاد طرائق دقيقة ملتابعة مدخول الفرد من الس������عرات‬ ‫ومصروفه منها؛ وإحدى ه������ذه الطرائق‪َ :‬ج ْمع قوائم باألغذية‬ ‫املش������تراة ومراجعة ه������ذه القوائم ملعرفة الكمية املس������تهلكة‪،‬‬ ‫واس������تعمال أنواع متعددة من مقياس اخلطوات ‪pedometer‬‬ ‫وأجهزة أخرى لقياس النش������اط اجلسماني‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬يقوم‬ ‫الباح������ث بتزويد املش������اركني بتقرير يوم������ي مفصل عن تدفق‬ ‫س������عراتهم‪ .‬وقد تبني في إحدى الدراس������ات املنشورة أن كل‬ ‫ثالث������ة من أصل أربعة من هؤالء املش������اركني خفضوا مدخول‬ ‫السعرات إلى املستوى املوصى به‪ .‬في حني أن >‪ .R‬فليمنگ<‪،‬‬ ‫[الباحث في املعهد ‪ ]MIT‬كان يبحث عن طرق تشجع األبوين‬ ‫عل������ى توجيه أطفاله������م نحو األطعمة الصحي������ة‪ .‬وقد وجد من‬ ‫ضمن تقنيات أخرى‪ ،‬أن دعوة األبوين إلى أن يروا بأنفس������هم‬ ‫‪27‬‬

‫مدى مالءمة حجوم تقدمي الطعام على األطباق‪ ،‬مفيدة متاما‪.‬‬ ‫والنج������اح اآلخر الذي حقق������ه >فليمنگ< في هذا املضمار‪ ،‬هو‬ ‫دع������وة األطفال إلى اختي������ار كمية صغيرة م������ن الطعام أثناء‬ ‫مروره������م مبخ������زن األغذية‪ .‬وقال في هذا الص������دد‪« :‬يتجاوب‬ ‫األطفال فعال مع املكافأة ألنهم نشيطون‪».‬‬ ‫والس������ؤال اآلن‪ ،‬مل������اذا تكون التدخالت الس������لوكية فعالة؟‬ ‫جتيب عن هذا الس������ؤال >‪ .L‬دوبي< [وهي سيكولوجية وباحثة‬ ‫في التس������ويق بجامعة ماگيل] فتقول‪ :‬إن بيئتنا حاليا واحدة‬ ‫من تلك البيئات التي تتعرض جلهود تسويقية واسعة محنّكة‪،‬‬ ‫تضغط على احتياجاتنا وحتولها إلى رضا حس������ي‪ ،‬كما تؤثر‬ ‫س������ريعا فينا وجتعلنا عرضة لقبول معلومات خاطئة‪ .‬إضافة‬ ‫إلى ذلك‪ ،‬فالعادات الرديئة في األكل والرياضة التي نالحظها‬ ‫في األصدقاء وأفراد العائلة والزمالء‪ ،‬تشجعنا على اتباعها‪.‬‬ ‫ومن حي������ث املاهية‪ ،‬ته������دف التدخالت الس������لوكية إلى إعادة‬ ‫تش������كيل هذه البيئة إلى بيئة تضم معلومات ورضا اجتماعيا‬ ‫وتش������جيعا وذلك من أجل أن ننجذب باجتاه الطعام الصحي‬ ‫وممارس������ة ما نختار من التمارين الرياضية بدال من االبتعاد‬ ‫عنها‪ .‬ويقول >دوبي<‪« :‬عندما نتلقى الرس������ائل الصحية بطرق‬ ‫وافية تتوفر لنا فرصة أفضل ملقاومة اإلغراء بتناول أكثر مما‬ ‫نحتاج إليه‪».‬‬ ‫تغيير سياسة‬

‫( )‬

‫ال يوجد حل واحد ألزمة البدانة يالئم املشكالت جميعها‪،‬‬ ‫سواء أكان هذا احلل سلوكيا أو خالف ذلك‪ ،‬إال أن التدخالت‬ ‫الس������لوكية تعمل بصورة أفضل عندما يتم تعديلها لتتالءم مع‬ ‫األفراد ومع املقاربات السلوكية للسوق العمومي‪ ،‬مثل مراكز‬ ‫برنام������ج «مراقبو ال������وزن» وبرامج ‪ ،Top’s‬وه������ي برامج فعالة‬ ‫إل������ى حد م������ا‪ .‬ولكن‪ ،‬ملاذا ال يفقد مزيد م������ن الناس الوزن مع‬ ‫هذه البرامج؟ والس������بب غالبا ما يكم������ن في أن األفراد الذين‬ ‫يرغبون في فقد الوزن يسعون وراء حميات في َولَع مؤقت‪ ،‬أو‬ ‫مكمالت غذائية ‪ ،supplements‬أو أنهم قرؤوا أن البدانة مثبتة‬ ‫ف������ي جيناتنا‪ .‬فقد حضر ‪ 600 000‬فرد لقاءات برنامج «مراقبو‬ ‫الوزن» في ش������مال أمريكا‪ .‬ويعني هذا الرقم حضور أقل من‬ ‫بدي������ن واحد من كل ‪ 100‬بدين في الواليات املتحدة وواحد من‬ ‫كل ‪ 200‬م������ن أصحاب الوزن املفرط الذين هم جزء من برنامج‬ ‫رسمي لتعديل السلوك‪.‬‬ ‫قد تتغير السياس������ة العامة‪ .‬فقد أعل������ن مكتب كبير األطباء‬ ‫ومرك������ز مكافح������ة األمراض‪ ،‬أنهم������ا اصط ّفا خل������ف املقاربات‬ ‫السلوكية ألنها سالح أساسي ملا يسمى باحلرب على البدانة‪.‬‬ ‫( ) ‪CHANGING POLICY‬‬

‫التتمة في الصفحة‬ ‫‪(2011) 6/5‬‬

‫‪37‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫مايو ‪/‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪6/5‬‬

‫احلياة الداخلية للجينوم‬

‫( )‬

‫إن الطريقة التي تنتظم بها جيناتنا وتتحرك‬ ‫ضمن الفضاء الثالثي األبعاد لنواة اخللية تؤثر بعمق‬ ‫في كيفية عمل هذه اجلينات في حالتي الصحة واملرض‪.‬‬ ‫>‪ .T‬ميستلي<‬

‫قبل عش������رة أعوام أعطى نش������ر سلس������لة اجلينوم البشري‬ ‫العالم مخططا أوليا إلنس������ان‪ .‬ولكن مجرد معرفتنا بقائمة قطع‬ ‫غيار سيارة ال يعني أننا سنفهم كيف يعمل محركها‪ ،‬وكذا فإن‬ ‫املتتالي������ة الكاملة للجينوم ‪ -‬وهي قائم������ة أحرف الدنا ‪ DNA‬في‬ ‫جميع صبغيات اخللية البش������رية ‪ -‬لم توضح كيف يوجه اجلينوم‬ ‫اآللية اليومية لعمل خاليانا وال كيف يسمح للكائن احلي بالتطور‬ ‫من بويضة مخصبة إلى كائن بالغ فاعل‪.‬‬ ‫ولفهم أفض������ل للطريقة التي يتحكم فيها اجلينوم ككل في‬ ‫سمفونية النش������اط البيولوجي املسمى حياة‪ ،‬أقوم مع آخرين‬ ‫في هذا املجال اجلديد جلينوم بيولوجيا اخللية بفحص كيفية‬ ‫توزع الصبغيات وما حتمله من جينات ضمن الفضاء الثالثي‬ ‫األبعاد لن������واة اخللية‪ ،‬وكيف يتحكم هذا التوزيع الفراغي في‬ ‫نشاط تلك اجلينات‪.‬‬ ‫ومبس������اعدة تقانة تصوير ثالثي األبعاد جديدة تسمح لنا‬ ‫بالغ������وص عميقا أكثر من أي وقت مض������ى في أعماق اخللية‬ ‫احلية‪ ،‬اكتش������فنا نظاما بيئيا مهتزا بشكل مذهل‪ .‬ففي داخل‬ ‫النواة‪ ،‬تتفاع������ل الصبغيات فيزيائيا م������ع صبغيات مجاورة‪،‬‬ ‫فتهاج������ر اجلينات احملمولة على تل������ك الصبغيات إلى مناطق‬ ‫مختلفة من النواة وذلك حس������ب املهمة املطلوب منها حتقيقها‪،‬‬ ‫باختصار‬ ‫>‬

‫ال تتناثر الصبغيات (الكروموسومات) ‪ chromosomes‬بشكل عشوائي‬ ‫داخل النواة‪ ،‬ولكنها تشغل مواقع مفضلة‪.‬‬

‫>‬

‫يعكس هذا التنظيم النووي ‪ nuclear organization‬احلالة الوظيفية لكل‬ ‫صبغي وللجينات التي يحملها‪ .‬وميكن لهذا التنظيم أن يتغير حني‬ ‫يتبدل سلوك اخللية أو في حال املرض‪.‬‬

‫>‬

‫إن حتديد املواقع التي تشغلها اجلينات داخل النواة ‪ -‬رؤية كيفية‬ ‫تغيير هذه املواقع في الظروف املختلفة ‪ -‬يوفر مفاتيح حل ألغاز آليات‬ ‫عمل اخلاليا الطبيعية وكيفية نشوء األمراض مبا فيها السرطان‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫وتتجمع اجلزيئات املس������ؤولة عن تنظيم عم������ل اجلينات على‬ ‫ش������كل مراكز صاخبة بالنش������اط‪ .‬وهذه االكتشافات اجلديدة‬ ‫تق������دم مفاهيم جدي������دة حول كيفية محافظ������ة اجلينومات على‬ ‫صحتن������ا وصيانتها لها وكيفية ظهور بعض األمراض مبا في‬ ‫ذلك الس������رطانات‪ ،‬وميكن لهذه املفاهي������م أن تقود أيضا إلى‬ ‫اكتشاف طرق جديدة في تشخيص األمراض‪.‬‬ ‫أسئلة مبكرة‬

‫( )‬

‫لقد بزغ هذا التقدم احلديث من اكتشافات ثمانينات القرن‬ ‫املاض������ي‪ .‬حينذاك‪ ،‬عرف علماء احلي������اة أن الصبغيات تتكثف‬ ‫بش������كل كبير خالل االنقس������ام اخللوي‪ ،‬ويغدو شكلها شبيها‬ ‫بالساعة الرملية وهي الصورة التي يتخيلها أغلبنا عندما نفكر‬ ‫في األجسام التي حتمل جيناتنا من جيل إلى آخر‪ .‬وقد عرفوا‬ ‫أيضا أن الصبغيات تتخذ أش������كاال أقل حتديدا حني ال تنقسم‬ ‫اخللي������ة عند قيامها بأعماله������ا الروتينية‪ .‬وقد جعل هذا املظهر‬ ‫املرتخي من الصعوبة مبكان حتديد الصبغيات بش������كل منفرد‬ ‫حتى ولو استخدمنا أفضل امليكروسكوبات (املجاهر)‬ ‫‪ .microscopes‬وق������د س������اد رأي ع������ام ب������أن وض������ع‬ ‫الصبغيات في اخلاليا غير املنقس������مة يتش������ابك‬ ‫مثل السباگيتي في طبق‪.‬‬ ‫وقد س������اد هذا الرأي عل������ى الرغم من‬ ‫وجود بعض ما يش������ير إل������ى عكس ذلك‪.‬‬ ‫ففي بداية القرن العش������رين‪ ،‬عارض عالم‬ ‫اخللية األملاني >‪ .T‬بوڤيري< ما سمي بنمط‬ ‫السباگيتي لتنظيم الصبغيات‪ .‬وبنا ًء على‬ ‫دراس������ات أجراها على نوع م������ن الديدان‬ ‫األس������طوانية التي تصيب األحصنة‪ ،‬جادل‬ ‫( ) ‪The Inner Life of the Genome‬‬ ‫( ) ‪EARLY QUESTIONS‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫صبغيات في خلية منقسمة‬ ‫(في اليمني) تضاعفت وتكثفت‬ ‫إلى حد كبير‪ .‬ولكنها في‬ ‫أوقات أخرى تكون منفردة‬ ‫وأكثر متددا (في األسفل)‪.‬‬ ‫وقبل ظهور التقنيات احلديثة‬ ‫لتلوين الصبغيات‪ ،‬كان يصعب‬ ‫التمييز بني صبغي وآخر في‬ ‫حالة التمدد‪.‬‬

‫‪29‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫املؤلف‬ ‫‪Tom Misteli‬‬

‫باحث أول باملعهد الوطني للسرطان في بيثيسدا بالواليات املتحدة‬ ‫األمريكية‪ .‬يعمل مختبره على كشف املبادئ األساسية لتنظيم اجلينوم‬ ‫الثالثي األبعاد داخل نواة اخلاليا احلية مبساعدة وسائل التصوير التي‬ ‫طورها بنفسه‪ ،‬كما يعمل على تطبيق هذه املعرفة الكتشاف استراتيجيات‬ ‫جديدة ملجابهة السرطان والشيخوخة‪.‬‬

‫في أنه على الرغم من أن الصبغي يستطيع أن يغير حجمه‬ ‫وش������كله خالل احلياة اخللوية‪ ،‬فإن كل صبغي يشغل حيزا‬ ‫محددا وممي������زا داخل النواة‪ .‬وقد اس������تخدم للمرة األولى‬ ‫مصطلح «مناط���ق صبغية(‪ »)1‬لألجزاء التي يس������كنها كل‬ ‫صبغي داخل النواة‪ .‬ولكن بسبب صعوبة رؤية الصبغيات‪،‬‬ ‫ولكون ال������دودة األس������طوانية التي يدرس������ها >بوڤيري< لم‬ ‫تكن النظام التجريب������ي النموذجي‪ ،‬ظل مفهومه عن املناطق‬ ‫الصبغية مهمشا لزمن طويل‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الدليل التجريبي القاطع على فكرة املناطق الصبغية‬ ‫ج������اء‬ ‫من قبل أملانيني آخرين هم������ا األخوان >‪ .T‬و‪ .C‬كرمير<‪ ،‬عندما‬ ‫طورا طريقة لتعلي������م وإظهار املادة اجلينية في منطقة صغيرة‬ ‫داخ������ل النواة‪ .‬لقد أظهر األخوان >كرمير< في بداية ثمانينات‬ ‫القرن العش������رين أن������ه عند تعريض منطقة مح������ددة من النواة‬ ‫حلزمة ليزرية‪ ،‬فإن عددا قليال من الصبغيات سيجري وسمه‪.‬‬ ‫فل������و كان الدنا في النواة‪ ،‬كما كان ُيعتقد س������ابقا‪ ،‬متش������ابكا‬ ‫ومختلطا فإن ومضات الليزر كانت ستصيب عددا أكبر بكثير‬ ‫من الصبغيات‪.‬‬ ‫وبعد س������نوات قليل������ة‪ ،‬أتق������ن الباحثون طريق������ة أكثر دقة‬ ‫وحتديدا لرس������م الصبغيات ورؤيتها بأكملها‪ .‬وقد سميت هذه‬ ‫الطريقة «تلوين الصبغيات»(‪ )2‬التي تقوم بإضافة مؤش������رات‬ ‫لونية مش���عة ‪ fluorescent‬إلى أحرف تسلس������ل الدنا في كل‬ ‫كروموس������وم على حدة‪ .‬وميكن وس������م كل صبغي بلون مشع‬ ‫مغاير وميكن حتديد مكانه بدقة‪ .‬وأوضحت هذه الدراس������ات‬ ‫ومن دون لبس أن الصبغيات توجد داخل النواة على ش������كل‬ ‫وحدات متميزة وتش������غل فراغا منفصال عن باقي الصبغيات‬ ‫[انظر املخطط امليكروي في الصفحة املقابلة]‪.‬‬ ‫لقد أثار هذا االكتش������اف أس������ئلة كثيرة يعكف اآلن علماء‬ ‫جينوم اخللية على النظر فيها‪ :‬هل تتوزع الصبغيات بش������كل‬ ‫عش������وائي داخل النواة كما هو احل������ال حني يتوزع الضيوف‬ ‫على مقاعدهم بش������كل عشوائي؟ أو أن هناك «مقاعد محددة»‬ ‫للصبغيات داخل النواة؟ واألهم من ذلك‪ ،‬هل تؤثر مواقعها في‬ ‫نشاط اجلينات التي تقطنها؟‬ ‫‪30‬‬

‫املناطق املفضلة‬

‫( )‬

‫نع������رف اآلن أن كل صبغي يحت������ل مكانا مفضال له داخل‬ ‫النواة؛ ففي خاليا كريات الدم البيضاء لإلنسان مثال‪ ،‬يحتضن‬ ‫الصبغي رق������م ‪ 18‬اجلدار اخلارجي للنواة‪ .‬أما الصبغي رقم‬ ‫‪ 19‬فإن������ه يفضل البقاء في منطقة املركز‪ ،‬في حني أن الصبغي‬ ‫رق������م ‪ 7‬يتأرجح بني هذا وذاك‪ .‬إن نزعة كل صبغي ألن يحتل‬ ‫مكانا محددا بالنسبة إلى حافة النواة (قربا أو بعدا) قد تخلق‬ ‫مناطق متباينة ضمن الن������واة‪ .‬وكنتيجة لذلك‪ ،‬فإن كل صبغي‬ ‫سيكون له مجموعة من اجليران‪ ،‬ويكون هذا ثابتا في اخلاليا‬ ‫التي تنتمي إلى النمط نفسه‪ .‬فمثال في دراسات أجريت على‬ ‫برهنت مع زمالئي على‬ ‫خاليا الدم البيض������اء لدى الفأر‪ ،‬فقد‬ ‫ُ‬ ‫أن الصبغي ‪ 12‬غالبا ما يتضافر مع الصبغيني ‪ 14‬و ‪.15‬‬ ‫ولكن مواقع الصبغيات ليس������ت محفورة في الصخر‪ .‬فقد‬ ‫اكتشف مختبري أن الصبغيات تكون منضدة بشكل مختلف‬ ‫في اخلاليا املتباينة من حيث النوع‪ ،‬وقد وجد باحثون آخرون‬ ‫أن ه������ذا التنضيد يتغي������ر خالل مراحل النم������و وفي املرض‪.‬‬ ‫إضاف������ة إلى ذلك‪ ،‬يبدو أن املكان الذي يتموضع فيه الصبغي‬ ‫يؤثر فيما إذا كانت اجلينات التي يحملها ستنشط أو ستتوقف‬ ‫عن العمل‪.‬‬ ‫جاءت اإلشارة إلى أن موقع اجلني في داخل النواة قد‬ ‫يكون مهما لنش������اطها‪ ،‬من االكتش������افات التي ّ‬ ‫وضحت أن‬ ‫بعض اجلينات تُغير مكانها حني تغير من نش������اطها‪ .‬أحد‬ ‫أمثلة ذلك هو الدراسات التي تتعقب اجلني املسمى ‪.GFAP‬‬ ‫ومنطيا متتلك اخلاليا الدماغية الش������بيهة بش������كل النجمة ‪-‬‬ ‫واملس������ماة خاليا جنمية ‪ - astrocytes‬نسخ ًة واحد ًة نشطة‬ ‫م������ن اجلني ‪( GFAP‬وهي النس������خة التي تس������تخدم لصنع‬ ‫الپروتني احملدد للجني)‪ ،‬ومتتلك كذلك نسخة ثانية صامتة‬ ‫(غير فاعلة)‪ .‬اكتش������ف الباحث >‪ .T‬تاكيزاوا< في مختبري‬ ‫أن النس������خة الصامتة من اجلني عادة ما تتموضع باجتاه‬ ‫طرف النواة‪ ،‬بينما تس������كن النس������خة النش������طة في مركز‬ ‫النواة‪ ،‬وقد وجد باحثون آخرون أوضاعا مشابهة بالنسبة‬ ‫إلى اجلينات املس������ؤولة عن حفظ كودات األجسام املضادة‬ ‫الدفاعية أو اإلمييونوچلوبيولني ‪ immunoglobulin‬والتي‬ ‫تفرزها كريات الدم البيضاء حني تع ُّرضها لغزو خارجي‪.‬‬ ‫وعند حتفي������ز كريات ال������دم البيضاء بواس������طة تعريضها‬ ‫خلالي������ا غريبة فإن رد فع������ل جزء الصبغ������ي الذي يحمل‬ ‫اجلني املعروف باس������م ‪ ،IGH‬والذي يحم������ل كود مكونات‬ ‫( ) ‪FAVORED NEIGHBORHOODS‬‬

‫(‪ )1‬مقاطعة‪ :‬منطقة‪.‬‬

‫(‪chromosome painting )2‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫أساسيات‬

‫مستويات التنظيم‬

‫( )‬

‫منذ زمن طويل‪ ،‬عرف البيولوجيون أن الدنا ‪ DNA‬في الصبغيات‬ ‫يطوى بطرق معقدة (الرسم البياني)‪ .‬وقد وضحوا اآلن أن‬ ‫الصبغيات املفردة حتتل مناطق محددة في النواة (املخطط‬ ‫امليكروي)‪ ,‬وأن بعض الصبغيات تفضل طرف النواة‪ ،‬في حني‬ ‫تفضل صبغيات أخرى أن تتموضع بالقرب من املركز‪ .‬إضافة إلى‬ ‫ذلك‪ ،‬فإن املنطقة التي تقع فيها الصبغيات وأي صبغي يقع بالقرب‬ ‫من اآلخر‪ ،‬هما العامالن اللذان يؤثران بشدة في كيفية عمل اخلاليا‪.‬‬

‫كروماتني‬

‫هندسة الصبغي‬

‫يكون الدنا في كل صبغي من‬ ‫صبغياتنا الـ ‪ ،46‬ملتفا حول‬ ‫مكبات ‪ spools‬تتألف من بروتينات‬ ‫هستونية ومن الدنا املغزول‬ ‫على املكبات‪ ،‬ويعرف الدنا املتراكب‬ ‫مع الپروتني جمعا باسم الكروماتني‬ ‫‪ .cromatin‬ولو مت ترتيب خيوط الدنا‬ ‫في جميع خاليا اجلسم الواحد تلو‬ ‫اآلخر‪ ,‬فإنه سيعادل ‪ 100‬مرة املسافة بني‬ ‫األرض والشمس ذهابا وإيابا‪.‬‬

‫نواة‬

‫ملف اخليوط‬ ‫الهستوني‬

‫دنا‬

‫هندسة النواة‬

‫خالل اخلمس عشرة سنة املاضية ‪ ،‬أظهر تطور امليكروسكوب خطأ‬ ‫الفكرة التي سادت لزمن طويل بأن الصبغي يتموضع بشكل عشوائي‬ ‫وغير منظم في داخل نواة اخللية كخيوط السباگيتي املطبوخة وهي‬ ‫في الصحن‪ .‬وفي هذه الصورة تلون الصبغيات بشكل فردي في نواة‬ ‫اخلاليا الليفية ‪.fibroblast‬‬

‫اإلمييونوچلوبيول���ي��ن‪ ،‬ميي������ل إلى التوجه إل������ى منطقة أكثر‬ ‫مركزية داخل النواة‪ .‬وهكذا‪ ،‬فقد أشارت هذه االكتشافات‬ ‫مجتمعة إلى وجود قاعدة بسيطة حول كيفية تأثير موضع‬ ‫اجل���ي��ن في وظيفته‪ .‬وغالبا ما تك������ون اجلينات الواقعة عند‬ ‫أطراف النواة صامتة‪.‬‬ ‫هل يوجد شيء ما في طرف النواة اخلارجي يحبذ إسكات‬ ‫اجلني؟ جاءت إشارة مبكرة إلى أن اجلواب هو نعم‪ ،‬وذلك من‬ ‫خالل املالحظة التي تعود إلى ثالثينات القرن العشرين بأن‬ ‫أطراف النواة مبطنة بالهيتروكروماتني ‪،heterochromatin‬‬ ‫‪31‬‬

‫وه������ي عبارة ع������ن مناطق صبغية ش������ديدة الكثافة‪ .‬لو حدث‬ ‫وكانت لك ق������درة خارقة على رؤي������ة الصبغيات من الداخل‬ ‫فإنك س������ترى أنه������ا تتكون من دن������ا يتألف من سلس������لتني‬ ‫حلزونيتني تلتفان على مكب يتألف من الپروتينات املس������ماة‬ ‫بالهس����تونات ‪ ،histones‬وأن الدن������ا يلتف على نفس������ه عدة‬ ‫مرات ليشكل أليافا سميكة تسمى بالكروماتني ‪chromatin‬‬ ‫[انظ������ر املخطط امليكروي في ه������ذه الصفحة]‪ .‬وتلتف ألياف‬ ‫الكروماتني بدورها على نفسها لتأخذ شكال شديد الكثافة‪.‬‬ ‫( ) ‪Organized at many levels‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫نتائج‬

‫أدلة جديدة حول التنشيط اجليني‬

‫( )‬

‫لس���نوات عديدة ‪ ،‬امتلك العلماء فهما جيدا لآلليات اجلزيئية التي تنش���ط‬ ‫اجل�ي�ن (الصورة العليا)‪ ،‬يتم إنتاج أج���زاء الصبغيات التي حتمل كودات‬ ‫الپروتين���ات وجزيئ���ات الرن���ا ف���ي اخلاليا‪ .‬ولك���ن اآلن‪ ،‬وبفض���ل األدوات‬ ‫احلديثة اس���تطاع العلماء النظر إلى مستويات أعلى من التحكم اجليني‪:‬‬ ‫تلك املفروضة من قبل هندسة النواة (في األسفل)‪.‬‬ ‫منطقة منظمة‬

‫أساسيات التنشيط اجليني‬

‫رنا پوليميريز‬

‫يتم حتفيز اجلني أو قراءته بعد أن ترتبط‬ ‫پروتينات تسمى عوامل االستنساخ‬ ‫‪ transcription factors‬مبناطق خاصة‬ ‫تسمى باملنطقة املنظمة املوجودة في‬ ‫اجلني‪ ،‬وهذا االرتباط يسمح ملجموعة‬ ‫من اإلنزميات املسماة رنا پوليميريز‬ ‫‪ RNA polymerases‬بالقيام‬ ‫باستنساخ أحرف الدنا التي يكودها‬ ‫اجلني‪ ،‬أو النكليوتيدات إلى نسخ‬ ‫من الرنا‪ .‬وفي حالة اجلينات املكودة‬ ‫للپروتني‪ ،‬فإن جزيئات الرنا املستنسخة‬ ‫واملسماة الرنا تهاجر إلى سيتوپالزم‬ ‫‪ cytoplasm‬اخللية‪ ،‬حيث يجري هناك‬ ‫ترجمتها إلى پروتينات خاصة بواسطة‬ ‫األجسام الريبوسومية‪.‬‬

‫عوامل استنساخ‬ ‫جني‬

‫پروتني ناشئ‬ ‫(وليد)‬

‫ريبوسوم‬

‫رنا‬

‫صبغي خامل‬

‫مفاهيم جديدة‬ ‫يعرف الباحثون اآلن أن حمليط النواة تأثيرا في‬ ‫إسكات اجلينات‪ ،‬وأن مركز النواة ّ‬ ‫ينشط اجلينات‪.‬‬ ‫وعندما تبرز احلاجة إلى جني خامل فإن الدنا‬ ‫املعني في ذلك اجلني يبتعد قليال عن‬ ‫ّ‬ ‫الصبغي الذي يحمله (الرسم البياني)‪.‬‬ ‫وعندما يجد اجلني نفسه في مصنع‬ ‫االستنساخ ‪ -‬وهي منطقة مليئة‬ ‫بعوامل االستنساخ وإنزميات‬ ‫الپوليميريز ‪ -‬فإنه يُفعّ ل بشكل‬ ‫كامل‪ .‬وتستطيع عوامل‬ ‫االستنساخ املرتبطة باجلني‬ ‫على أحد الصبغيات‪ ،‬في‬ ‫بعض األوقات (غير‬ ‫معروض)‪ ،‬تنشيط جني‬ ‫آخر محمول على‬ ‫صبغي مجاور‪.‬‬ ‫جني‬

‫نواة‬ ‫المينا (صفيحة)‬

‫‪Lamina‬‬

‫مصنع النسخ‬

‫( ) ‪Fresh Clues to Gene Activation‬‬

‫‪32‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫أما الهيتروكروماتني فهو شكل خاص من الكروماتني يلتف‬ ‫بشدة بش������كل خاص بطريقة متنع عادة الپروتينات القارئة‬ ‫إلى اآلن‪ ،‬لم يصل علماء بيولوجيا جينوم اخللية إلى جميع‬ ‫للجينات من الوصول إلى الدنا داخلها‪.‬‬ ‫القواعد املنظمة لعملية النشاط اجليني في األجزاء املختلفة من‬ ‫بالطبع‪ ،‬لم تس������تطع هذه املالحظ������ة املبكرة توضيح ما‬ ‫النواة‪ .‬ولكن قد ب ّينا أن احل ّيز الذي يشغله اجلني داخل النواة‬ ‫إذا كانت أطراف النواة هي التي حتفز إس������كات اجلينات‬ ‫له أهمية كبيرة في عملية النمو الطبيعي وفي الصحة‪.‬‬ ‫أو أن الكرومات���ي��ن املضغوط ينجذب إلى تلك املنطقة نتيجة‬ ‫أحد األمثلة املدهشة بالذات هو كيفية تغيير تنظيم اجلني‬ ‫ألس������باب أخرى‪ .‬ولك������ن مجموعة من التج������ارب املختبرية‬ ‫خالل النمو الطبيعي للخاليا اجلنينية نتيجة دراسات اخلاليا‬ ‫البارعة التي قامت بها مختبرات عديدة في عام ‪ ،2008‬متيل‬ ‫اجلذعي������ة اجلنينية‪ .‬ه������ذه اخلاليا هي خالي������ا عامة متعددة‬ ‫إل������ى وجهة النظر األولى‪ .‬فعندما ن������زع الباحثون اجلينات‬ ‫الق������درات تتمت������ع مبيزة خاص������ة متكنها‬ ‫الفعال������ة من مكانه������ا الطبيعي في داخل‬ ‫من أن تتماي������ز إلى ما يق������ارب ‪ 220‬نوعا‬ ‫تنتشر الصبغيات‬ ‫النواة وربطوها بالغالف احمليط بالنواة‪،‬‬ ‫أو نحوه������ا من األنس������جة املتخصصة في‬ ‫انخفض نش������اطها بش������كل عام‪ .‬وعليه‬ ‫بشكل مختلف في‬ ‫اجلس������م‪ ،‬كاخلاليا العصبية وخاليا الدم‬ ‫تس������اعد أطراف النواة على إبقاء بعض‬ ‫أنواع اخلاليا املختلفة‪ ،‬أو العضالت‪ .‬وعلى خالف اخلاليا الكاملة‬ ‫اجلينات على األقل صامتة‪.‬‬ ‫وتتغير هذه املواضع التمايز ف������إن اخلاليا اجلذعي������ة اجلنينية‬ ‫أما مركز النواة فيمكنه أن يقدم أشياء‬ ‫الت������ي تتميز مبرونتها الوظيفية‪ ،‬تفتقر إلى‬ ‫خاص������ة للصبغيات وللجين������ات املطلوب خالل النمو‪ .‬ويبدو‬ ‫املناطق الكبيرة من الهيتروكروماتني الذي‬ ‫منها أن تتنشط بسرعة أو بشكل متكرر‪ :‬أن املكان الذي يكون‬ ‫تكون اجلين������ات عنده صامت������ة‪ .‬كما أنها‬ ‫وهي مجموعات پروتينية تعرف مبصانع‬ ‫فيه الصبغي هو الذي تفتقر إلى الپروتينات املعروفة بالالمينات‬ ‫االستنساخ(‪)1‬؛ وهذه «املصانع» عبارة عن‬ ‫‪ Lamins‬والت������ي تس������اعد على رب������ط الدنا‬ ‫تكتالت من أج������زاء خليوية تكون مطلوبة يتحكم في اجلينات‬ ‫غير النش������ط بطرف النواة‪ .‬ونتيجة لذلك‪،‬‬ ‫في عملية تنشيط اجلينات ومنها إنزميات‬ ‫التي يحملها‪ ،‬كأن‬ ‫فإن جميع اجلين������ات املوجودة في جينوم‬ ‫الپوليميريز ‪( polymerase‬املس������ؤولة عن‬ ‫تكون نشطة أو صامتة‪ .‬اخلالي������ا اجلذعي������ة تكون فعال������ة ولو على‬ ‫استنس������اخ الدنا إلى الرنا‪ ،‬والذي بدوره‬ ‫مستوى منخفض‪.‬‬ ‫كود)‪،‬‬ ‫س������يتم ترجمت������ه إلى پروت���ي��ن ذي ٍ‬ ‫عندما تس������تقبل اخلالي������ا اجلذعية اجلنينية إش������ارة للبدء‬ ‫وأيض������ا عوامل االستنس������اخ (وهي پروتينات تس������تطيع أن‬ ‫بالتمايز مث���ل��ا إلى خاليا عظم أو إل������ى عصبونات‪ ،‬فإن بنيتها‬ ‫ترتبط مبناط������ق التحكم في اجلينات وتب������دأ الپوليميريزات‬ ‫النووية تتغير بش������كل كبير‪ ،‬بحيث تظه������ر پروتينات الالمينات‬ ‫عملها في هذه املناطق‪).‬‬ ‫وترتبط معا لتش������كل حصيرة مجدولة تسمى الالمينا النووية‬ ‫إن أول من اقترح وجود هذه املصانع هو >‪ .P‬كوك< [من‬ ‫‪ nuclear lamina‬وتتموضع أس������فل الغ���ل��اف النووي‪ .‬ويعتقد أن‬ ‫جامعة أكس������فورد]‪ ،‬وكان ذلك في عام ‪ 1993‬بعد مالحظته‬ ‫هذه الالمينا الداعمة هي التي حتافظ على ش������كل النواة‪ ،‬وهي‬ ‫أن عدد اجلينات النشطة في داخل النواة‪ ،‬في أي وقت من‬ ‫التي حتم������ي الصبغيات م������ن الضغط امليكانيك������ي اخلارجي‪.‬‬ ‫األوقات‪ ،‬هو أكثر بكثير من عدد املواقع التي تنش������ط فيها‬ ‫ولكن يبدو أيض������ا أنها تتدخل في عملي������ة التنظيم اجليني‪ .‬إن‬ ‫الپوليميريزات في قراءة اجلينات‪ .‬وأوضح طريقة لتفس������ير‬ ‫قطع الصبغيات التي تتضمن عددا أقل من اجلينات النش������طة‪،‬‬ ‫هذا النمط هو جتمع عدد من اجلينات حول مركز ألنش������طة‬ ‫حت������وي پروتينات بنيوية مس������ؤولة عن ضغط ه������ذه املناطق في‬ ‫االستنس������اخ‪ ،‬حيث تتش������ارك في الپوليميريزات وعوامل‬ ‫هيتروكروماتني وتربطها بالالمينات في أطراف النواة‪ .‬وسيترك‬ ‫االستنس������اخ [انظ������ر املؤطر في الصفح������ة املقابلة]‪ .‬وهذه‬ ‫هذا التحديد املكاني املناطق الصبغية التي حتتوي على جينات‬ ‫الفكرة ليست من دون سوابق‪ :‬فمئات اجلينات التي حتمل‬ ‫نشطة قريبة من املركز النووي وقريبة من املصانع اجلينية‪ ،‬مما‬ ‫كودات (وهو جزء حيوي وضروري لآللية اخللوية املسؤولة‬ ‫يس������مح للجني بأن ينشط‪ .‬وهكذا يسمح ظهور الالمينات خالل‬ ‫عن استنس������اخ الپروتني) تنسخ مجتمعة في داخل النويّة‬ ‫فت������رة التطور اجلنيني للخالي������ا أن توقف عمل جيناتها التي لم‬ ‫‪ - nucleolus‬الت������ي هي إحدى عضيات النواة‪ ،‬والتي ّ‬ ‫ميكن‬ ‫( ) ‪HEALTH MATTERS‬‬ ‫حجمها الكبير من رؤيتها حتت املجهر‪.‬‬ ‫(‪transcription factories )1‬‬ ‫قضايا صحية‬

‫( )‬

‫‪33‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫تعد بحاجة إليها‪ ،‬ويتم ذلك بنفيها إلى أطراف النواة‪.‬‬ ‫وقد تب���ي��ن أن الصبغيات التي تتجمع لتش������كل انتقاالت‬ ‫هذا وتدعم املالحظات حول ما يحدث لألمينات عندما تشذ محفزة للس������رطان تتأثر باملكان الذي تشغله الصبغيات في‬ ‫في سلوكها‪ ،‬الفكرة القائلة بضرورة نفي (إبعاد) أجزاء مختارة داخ������ل النواة‪ :‬الصبغيات التي توجد معا داخل النواة متيل‬ ‫م������ن الصبغيات كي تتمك������ن بقية اجلينات م������ن القيام بعملها إلى االندماج بش������كل أكثر‪ .‬فإذا أخذنا حالة س������رطان الدم‬ ‫املطلوب في اخلاليا املتماي������زة‪ .‬وتؤدي الطفرات في الالمينات ليمفوم����ا بوركي����ت ‪ Burkitt’s lymphoma‬لوجدن������ا أن عددا‬ ‫إلى أمراض متنوعة تبدأ باحلثل العضلي ‪ muscular dystrophy‬كبيرا م������ن املصابني بهذا املرض لديه������م انتقال بني اجلني‬ ‫واالضطراب������ات العصبي������ة وص������وال إلى الش������يخوخة املبكرة‪ MYC .‬املتموضع على الصبغي رقم ‪ 8‬واجلني ‪ IGH‬املتموضع‬ ‫وه������ذه املجموعة من األمراض تس������مى بأم���راض الالمينات على الصبغي رقم ‪ .14‬وفي حاالت نادرة يتبدل اجلني ‪MYC‬‬ ‫‪ ،laminopathies‬وهي أمراض غريبة نظرا التس������اع مداها‪ :‬على مع ج���ي��ن إميينوگلوبيول��ي�ن(‪ )1‬آخر عل������ى الصبغي رقم ‪2‬‬ ‫عكس معظم احل������االت املرضية التي يحدث فيها املرض نتيجة ويدعى ‪ ،IGK‬وبش������كل أكثر ندرة يحل محل اجلني املسمى‬ ‫إصابة جني ما بطفرة ما‪ ،‬فإن الطفرات في‬ ‫‪ IGL‬على الصبغي رقم ‪ .22‬وفي عام ‪2003‬‬ ‫الالمينات تسبب طيفا واسعا من األمراض من أكثر التطورات‬ ‫اكتش������ف >‪ .J‬رو< [الذي يعمل مبختبري]‬ ‫بشكل غير عادي‪ .‬ولم يتأكد علماء بيولوجيا‬ ‫أن متوسط املس������افة من النواة بني اجلني‬ ‫العلمية إثارة كان‬ ‫اخللية من الطريقة التي تسبب بها الالمينات‬ ‫‪ MYC‬واجلينات الثالثة التي تتشارك معه‬ ‫معرفة‬ ‫بأن‬ ‫اإلدراك‬ ‫املعطوبة هذه األمراض‪ .‬أحد االحتماالت هو‬ ‫في االنتقاالت يتناس������ب ط������ردا مع تكرار‬ ‫مواقع الصبغيات‬ ‫أن حدوث طف������رة الالمينات تضعف منطقة‬ ‫االنتق������االت مبا يدل عل������ى وجود رابط بني‬ ‫املس������افة بني اجلينات ونس������بة حدوث ما‬ ‫الالمينا‪ ،‬وال تس������مح لها ب������أن تقوم بدورها الطبيعية في داخل‬ ‫الطبيعي في حماي������ة النواة من تأثير القوى النواة ميكن أن تعطي يس������مى باالنتقال‪ .‬وقد وجد الرابط نفسه‬ ‫امليكانيكية اخلارجي������ة‪ ،‬ونتيجة لذلك يعطب‬ ‫في عدد من السرطانات األخرى‪.‬‬ ‫الكتشاف‬ ‫فرصا‬ ‫فعليا معظم اجلينوم في اخلاليا احلساسة‪،‬‬ ‫وقد أظهر مختب������ري أيضا بأنه عندما‬ ‫السرطان‪.‬‬ ‫ورمبا ي������ؤدي إلى موت اخللية‪ .‬وهناك فكرة‬ ‫ينكس������ر الصبغي فإن نهاي������ات الصبغي‬ ‫أخرى مثيرة وه������ي أن الپروتينات الالمينية‬ ‫املقطوعة تبق������ى قريبة من مكانها الطبيعي‬ ‫املعطوب������ة ربمّ ا ال تقوم بدورها املخت������ص في تنظيم الصبغيات وال تبتعد عن املنطقة التي تشغلها في العادة‪ .‬وهذه املالحظة‬ ‫داخ������ل الن������واة‪ ،‬وبالتالي تتموض������ع اجلينات ف������ي املكان غير تش������رح ملاذا تكون احتماالت التحام الصبغيات الواقعة في‬ ‫املخصص لها‪ ،‬مما يؤثر في وظيفتها الطبيعية‪.‬‬ ‫منطقة واحدة عالية مقارنة بالصبغيات املتباعدة‪ .‬وتش������رح‬ ‫إن الدراس������ات التي اهتمت بتحديد م������كان الصبغيات في أيض������ا ملاذا تكون بعض أنواع االنتق������االت الصبغية عالمة‬ ‫خالي������ا املرضى الذين يعان������ون أمراض الالمين������ات متيل إلى فارقة بالنسبة إلى بعض السرطانات التي تظهر في أنسجة‬ ‫دعم النظرية الثانية‪ :‬أظهرت إحدى الدراس������ات موضعا شاذا دون أخ������رى‪ :‬ألن الصبغي������ات منضدة بش������كل يختلف من‬ ‫للصبغي���ي��ن رق������م ‪ 13‬و ‪ 18‬بانتقالهما من الط������رف إلى الداخل نس������يج إلى آخر‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن الصبغيات التي تتقارب معا‬ ‫في اخلالي������ا التي حتمل طفرات مرضى الالمينات‪ ،‬ولكن ليس في خاليا الكلية مثال تش������كل مجموعات خاصة بسرطانات‬ ‫واضحا حتى اآلن ما إذا كانت إعادة متوضع الصبغيات نتيجة الكلى وليس بأنواع أخرى من الس������رطانات تصيب أنسجة‬ ‫للمرض أم إنها عامل مساعد على حدوث املرض‪.‬‬ ‫أخرى‪ ،‬كس������رطان كريات الدم البيضاء؛ ألن تلك الصبغيات‬ ‫ي������ؤدي متوضع الصبغي دورا مركزيا بش������كل أوضح في تكون متباعدة عن بعضها بعضا‪.‬‬ ‫بعض السرطانات‪ .‬حتتوي اخلاليا اخلبيثة في الغالب على ما‬ ‫وم������ن أكثر التط������ورات العلمية إثارة في ه������ذا املجال كان‬ ‫يس������مى باالنتقاالت الصبغية ‪ ،chromosomal translocations‬معرفتن������ا أن أماكن متوض������ع الصبغي������ات الطبيعية في داخل‬ ‫وهي صبغيات ش������اذة تنش������أ عندما ينكس������ر ج������زء من أحد النواة ميكن أن تقدم فرصا تس������اعد على اكتشاف السرطان‪.‬‬ ‫الصبغيات ليلتصق بآخر [انظر املؤطر في الصفحة املقابلة]‪ .‬وبرهنت جتارب أولي������ة على أن موقع اجلينات في النواة ميكن‬ ‫وتس������بب هذه االنتقاالت‪ ،‬في بعض احلاالت حدوث السرطان أن يس������اعد على حتديد فيما إذا كانت اخللية س������رطانية‪ .‬وفي‬ ‫ألن االلتح������ام يخلق طفرة جينية حت ّف������ز التكاثر املفرط للخلية‬ ‫دراس������ة متهيدية حول س������رطان الثدي‪ ،‬قامت بها >‪ .K‬ميبورن<‬ ‫وفي حاالت أخرى ال يكون لها أي أثر‪.‬‬ ‫(‪immunoglobulin )1‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫دليل على سرطان‬

‫شرح إحدى السمات املميزة للسرطان‬

‫( )‬

‫تنش����أ بعض أنواع الس����رطانات عندما يتكس����ر صبغيان في داخل النواة (رمبا بس����بب اإلش����عاع أو‬ ‫الس����موم)‪ ،‬ومن ثم يعودان إلى االلتحام أحدهما باآلخر بطريقة غير صحيحة ُمش����كلني تباديل شاذة‬ ‫تسمى االنتقال‪ .‬االنتقال الذي يشمل اجلني ‪ MYC‬الواقع على الصبغي رقم ‪ 8‬واجلني ‪ IGH‬الواقع على‬ ‫الصبغي رقم ‪ 14‬في خاليا الدم ‪ B‬للجهاز املناعي هو سبب داء ليمفوما بوركيت ‪،Burkitt’s lymphoma‬‬ ‫على سبيل املثال‪ .‬ومن غير الواضح ملاذا يحدث االنتقال في أنواع معينة من اخلاليا‪ .‬ولكن دراسات‬ ‫حديث����ة تش����ير إلى أن اجل����واب يكمن في وج����ود الصبغيات ف����ي منطقة جوار واح����دة‪ :‬فالصبغيات‬ ‫املج����اورة لبعضه����ا بعض����ا تتالحم فيما بينها أكثر م����ن الصبغيات التي تقط����ن مناطق بعيدة‪ .‬وفي‬ ‫اخلاليا ‪ ،B‬فإن الصبغي ‪ 8‬والصبغي ‪ 14‬يكونان جارين‪.‬‬ ‫حدوث االنتقال الصبغي‬ ‫املسبب للسرطان‬

‫إعادة التحام النهايات‬ ‫بشكل خاطئ‬

‫دنا ينكسر‬

‫في مختبري‪ ،‬حددت عددا من اجلينات التي تأخذ مكانا مختلفا‬ ‫في اخلاليا الس������رطانية عنه في نسيج الثدي السليم‪ .‬وبدا أن‬ ‫هذه اجلينات مؤشرات جيدة لسرطان الثدي‪ :‬وبفعل ذلك متكنّا‬ ‫من تش������خيص عينات األنس������جة الس������رطانية بدقة عالية‪ .‬وفي‬ ‫اخلالي������ا اخلبيثة تقوم بعض اجلينات بتغيير موقعها في داخل‬ ‫النواة قبل أن تبدأ اخلاليا بالس������لوك اخلبيث‪ .‬ومن ث ّم لدينا ما‬ ‫يبعث على األمل بأن حتاليل حتديد مواقع اجلينات ستكون في‬ ‫يوم ما أداة جزيئية قوية تس������اعد األطباء على تشخيص مرض‬ ‫السرطان في مراحله املبكرة‪.‬‬ ‫التنظيم الذاتي في النواة‬

‫( )‬

‫يدور البحث عن الكأس املقدسة في مجال بيولوجيا اخللية‬ ‫واجلينوم‪ ،‬حول مس������ألة ما ال������ذي يحدد مكان متوضع اجلني‬ ‫أوالصبغي داخل الن������واة‪ .‬وكيف تعرف اجلينات والصبغيات‬ ‫أين تذهب‪ ،‬وكيف تع������رف الوصول إلى مواقعها خالل متايز‬ ‫اخلاليا إلى أنسجة متخصصة؟‬ ‫أحد االحتم������االت النظرية هو أن املتتالي������ة الصبغية تُقاد‬ ‫إلى أماكنها احملددة بواس������طة آلية خليوية محددة‪ .‬وقد يكون‬ ‫ذلك على شكل پروتني مرتبط بالدنا يتع ّرف متتالية جني معني‬ ‫‪35‬‬

‫صبغيان متجاوران‬

‫ويلتح������م بتلك املتتالي������ة ‪ -‬وبعد ذلك يتم َق ْط������ ُر هذا اجلزء من‬ ‫الصبغي مبس������اعدة پروتني حركي جزيئ������ي إلى موقع محدد‬ ‫داخل النواة‪ .‬ولكن لم يتمكن أحد حتى اآلن من اكتشاف مثل‬ ‫هذا النظام‪ .‬ومن الصعب تخيل نظام إشارة قادر على إعطاء‬ ‫اإلحداثي������ات اجلغرافية جلزء من الدنا‪ ،‬ومن ثم توجيه جني ما‬ ‫إلى أن يبقى في مركز النواة أو حتفيزه على القيام برحلة إلى‬ ‫مصنع االستنساخ املفضل له‪.‬‬ ‫وبدال من ذلك‪ ،‬فقد اقترحت بأن التموضع في داخل النواة هو‬ ‫عبارة عن تنظيم ذاتي ‪ self-organizing‬يشبه إلى حد بعيد جتمع‬ ‫طلبة املدرس������ة املتوس������طة في مجموعات وفقا آلرائهم وأفكارهم‬ ‫وإراداتهم الذاتية والتي لم يسقهم إليها ال آباؤهم وال معلموهم‪.‬‬ ‫وطبقا لوجهة النظر هذه‪ ،‬فإن مكان اجلينات والصبغيات داخل‬ ‫النواة ينبع من نشاطها الذاتي وال يتحدد بآليات تنظيم خارجية‪،‬‬ ‫ويتبع ذلك أن مكان متوضعها سيؤثر في نشاطها‪.‬‬ ‫كي������ف يعمل ه������ذا التنظيم الذاتي؟ دعون������ا نتابع ماذا يحدث‬ ‫في نواة تنظم نفس������ها ذاتيا عندم������ا ُيحفز جني في خلية متمايزة‬ ‫(كاستجابة إلشارة من قبل هرمون مثال)‪ .‬قبل أن تصل اإلشارة‬ ‫( ) ‪A Hallmark of Cancer Is Explained‬‬ ‫( ) ‪THE SELF-ORGANIZED NUCLEUS‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫إل������ى اخللية يكون اجل���ي��ن خامال – على األرجح يكون مندس������ا‬ ‫ضم������ن منطق������ة الكروماتني املضغ������وط أو رمبا ضم������ن كتلة من‬ ‫الهيتروكروماتني حتتضن طرف اخللية‪ .‬وعندما تصل اإلش������ارة‬ ‫إلى النواة فإن اجلزيئات املعروف������ة باملركبات املغيرة للكروماتني‬ ‫تف������كك الدنا املضغوط في منطقة اجلني لتصبح هذه املنطقة أكثر‬ ‫جاهزية آللية االستنساخ‪ .‬وفي النواة الذاتية التنظيم‪ ،‬يسمح هذا‬ ‫االرتخاء ألج������زاء من الكروماتني بأن تخ������رج لفافاتها من دائرة‬ ‫الهيتروكرومات���ي��ن عند طرف النواة‪ ،‬وتتجول مستكش������فة أجزاء‬ ‫جدي������دة من النواة‪ .‬وبش������يء من احلظ‪ ،‬ف������إن اللفافات املتجولة‬ ‫ستالمس مصانع االستنساخ في نهاية األمر‪.‬‬ ‫الح ْ‬ ‫ِ‬ ‫������ظ أن حركة اجلني هذه ‪ -‬من مناطق النواة اخلارجية‬ ‫إلى مناطق الفعل في املركز‪ -‬حتدث من دون مساعدة من أية‬ ‫آلي������ة نقل متخصصة‪ ،‬وتنتج كلية من النش������اط الذاتي للجني‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬ف������إن موضع اجلني داخل النواة يت������م حتديده ذاتيا‪.‬‬ ‫وله������ذا النموذج نتائج مثيرة لالهتمام‪ :‬فه������و يقترح بأنه على‬ ‫الرغم م������ن أن موقع اجلني في النواة ليس عش������وائيا‪ ،‬إال أن‬ ‫طريقة الوصول إلى تلك األمكنة ميكن أن تكون عشوائية‪.‬‬ ‫يتوافق مفه������وم التنظيم الذاتي مع نتائ������ج جتارب عديدة‬ ‫لتعقب اجلينات‪ .‬إذ تستطيع اجلينات أن تبتعد عن الصبغيات‬ ‫وتس������افر عبر النواة‪ .‬فقط عدد قليل من اجلينات يستغل هذه‬ ‫اخلاصية االستنس������اخية للتجول إلى أقصى األطراف‪ .‬وعند‬ ‫حتفيز خاليا الدم البيضاء بالهرمونات املس������ماة سايتوكاين‬ ‫‪ ،cytokines‬ف������إن اجلينات التي حتمل ك������ود پروتينات النظام‬ ‫املناع������ي املعروفة بجزيئات ‪ MHC‬من الدرج������ة الثانية تتوجه‬ ‫بعيدا عن جس������م الصبغي الذي تقع علي������ه ‪ -‬لتتحرك أحيانا‬ ‫ملسافة تصل إلى نصف النواة‪.‬‬ ‫وقد يحكم املبدأ نفس������ه متوضع الصبغيات جميعا‪ .‬وعلى‬ ‫الرغ������م من أن معظم اجلينات محدودة في حركتها‪ ،‬إال أن كل‬ ‫واحد منها يس������هم بشكل جزئي في التحرك نحو املكان الذي‬ ‫ستنتهي إليه صبغياتها في اخللية‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإذا كان التموضع‬ ‫الذات������ي هو القاعدة‪ ،‬فإنه ميكن للم������رء أن يتوقع أن الصبغي‬ ‫ال������ذي يتألف غالبا من جينات خاملة س������يجد نفس������ه مدفوعا‬ ‫باجت������اه املناطق املثبطة في أطراف الن������واة‪ ،‬بينما الصبغيات‬ ‫التي تتألف في معظمها من جينات نش������طة فسوف تساق إلى‬ ‫داخل النواة‪.‬‬ ‫والختب������ار هذه الفرضية‪ ،‬جم������ع >‪ .M‬گراودين< وزمالؤه في‬ ‫مرك���ز «فريد هوتشنس���ون» للس���رطان(‪ )1‬في س������ياتل طالئع‬ ‫الكري������ات الدموية‪ ,‬وق������ام بعد ذلك بتحفيزها إلمت������ام منوها‪ .‬ثم‬ ‫ُفحص������ت اخلاليا في أوق������ات مختلفة وقيس نش������اط عدة آالف‬ ‫اجلينات‪ .‬وفي الوقت نفس������ه‪ ،‬قام ه������ؤالء الباحثون برصد موقع‬ ‫‪36‬‬

‫الصبغيات الت������ي حملت هذه اجلينات‪ .‬النتائج‪ :‬الصبغيات التي‬ ‫حمل������ت أكبر ع������دد من اجلينات التي تغير نش������اطها مع نضوج‬ ‫اخلاليا هي التي أظهرت حركة أكبر‪.‬‬ ‫تش������كل هذه التجارب بداية جي������دة ولكنها صعبة؛ ألنه من‬ ‫املتعب مراقبة عدة مناطق جينومية معا حتت امليكروس������كوب‪.‬‬ ‫وقد حتل هذه املعضلة في القريب العاجل باس������تخدام طريقة‬ ‫واعدة وثــوريـ ــة تــم تس������ ــميتها بالطــريقـ ـ������ة ‪ .Hi-C‬ط ــور ه ــذه‬ ‫الطريق ــة >‪ .J‬ديكر< [من كلية الطب في جامعة ماساتشوستس]‪،‬‬ ‫وهي تس������مح بالتقاط صور ثالثية األبعاد للجينوم وبشكل آني‬ ‫باالعتماد على ربط جميع املناطق الصبغية التي يالمس بعضها‬ ‫بعضا في النواة مبادة كيميائية‪ .‬وباس������تخدام الطريقة ‪,Hi-C‬‬ ‫فإن علماء احلياة س������يتمكنون قريبا م������ن حتديد أماكن وجود‬ ‫الصبغيات في نوى األنسجة املختلفة في أوقات مختلفة والتي‬ ‫تكون حتت ش������روط حياتية مختلف������ة ‪ -‬ومبقارنة هذه األمناط‬ ‫مبجموعات من اجلينات النش������طة واخلاملة س������يتم وبش������كل‬ ‫غير مس������بوق تكوين نظ������رة حقيقية عن الكيفي������ة التي يتحكم‬ ‫فيها التموضع الذاتي للصبغي������ات داخل النواة في عمل هذه‬ ‫اجلينات‪ ،‬وكيف يسهم إيقاف عمل هذه اآللية في املرض‪.‬‬ ‫استغرق تقدمي أول مسودة ملتتالية اجلينوم البشري عشر‬ ‫س������نوات من العمل اجل ّبار‪ .‬إن علماء بيولوجيا جينوم اخللية‬ ‫املدفوع���ي��ن برغبتهم في اكتش������اف أكثر مما تكش������فه معرفة‬ ‫متتالية اجلزيئات‪ ،‬قد بدؤوا اآلن بكش������ف الستار عن طرائق‬ ‫سلوك اجلينومات ضمن وس������طها الطبيعي في اخللية‪ .‬هذه‬ ‫الوظيف������ة وعلى الرغم من كونها مبهجة إال أنها مرعبة‪ .‬وعند‬ ‫أخذ التعقيدات بعني االعتبار‪ ،‬يبدو أنه هذه املهمة ستش������غل‬ ‫العلماء لوقت أطول من الوقت الذي اس������تغرقهم الكتش������اف‬ ‫>‬ ‫متتالية جينوم اإلنسان‪.‬‬ ‫(‪the Fred Hutchinson Cancer Center )1‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, February 2011‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫تتمة الصفحة ‪( 27‬كيف نتغلب على أزمة البدانة)‬

‫والسيدة األولى >ميشيل أوباما< ترعى حملة ضد البدانة عند‬ ‫األطف������ال‪ ،‬وهذه احلملة تقوم ف������ي غالبيتها تقريبا على حكمة‬ ‫فق������د وزن س������لوكي؛ أي إيجاد طرق لتش������جيع األطفال على‬ ‫اإلقالل من تناول األطعمة الغنية بالس������عرات‪ ،‬حتى يصيروا‬ ‫أكثر نش������اطا‪ ،‬ويتمتعوا مبا يقومون به‪ .‬واالقتراح الذي ُطرح‬ ‫مؤخرا بحظر ُل َعب األطفال في حفالت الوجبات السعيدة في‬ ‫سان فرانسيسكو‪ ،‬يرجح احتمال استعداد بعض املسؤولني‬ ‫للضغط على صناعة األغذية لتخفيف تلويث البيئة بتكتيكات‬ ‫التسويق األساسية التي تدعم البدانة‪ .‬وجلعل شراء األغذية‬ ‫الصحية س������هال ومغريا‪ ،‬اقترح البيت األبيض دعم أس������عار‬ ‫الفواك������ه واخلضراوات ف������ي املجتمعات الفقي������رة التي يكثر‬ ‫فيه������ا أصحاب ال������وزن الزائد‪ .‬وملعاجلة املش������كلة من ناحية‬ ‫أخرى‪ّ ،‬‬ ‫حض عم������دة مدينة نيويورك اجلدي������د >‪ .M‬بلومبرگ<‬ ‫وآخ������رون على تعديل برامج الع������ون الغذائي بحيث حت ّد من‬ ‫ش������راء املشروبات الغنية بالس������كر‪ .‬وفي عام ‪ 2010‬صدر في‬ ‫العاصمة واش������نطن قانون بإضافة ضريب������ة ‪ 6‬في املئة على‬ ‫املشروبات الغنية بالسكر‪ .‬وقامت مدينة نيويورك أيضا مبنح‬ ‫قسائم لشراء منتجات من أسواق املزارع لألسر ذات الدخل‬ ‫املنخفض مع حوافز للمخازن لتقدمي أغذية صحية‪.‬‬ ‫يحاول بعض اخلبراء دفع احلكومة إلى إعادة كتابة أسماء‬ ‫املناطق وكودات البنايات للتأكد من أن تصبح املناطق املجاورة‬ ‫والبنايات أكثر تش������جيعا ملمارس������ي رياضة املش������ي وركوب‬ ‫الدراجات وصعود الس���ل��الم‪ .‬وفي عام ‪ 2009‬قام باحثون من‬ ‫مدرسة الطب في جامعة لويزيانا بإجراء دراسة خلصوا فيها‬ ‫إلى أن مجرد زيادة ‪ 2.8‬في املئة في اس������تخدام الفرد للساللم‬ ‫(بدال م������ن املصاعد) تؤدي وحدها إل������ى تناقص باوند واحد‬ ‫من وزنه س������نويا‪« .‬فالترابط بني مستويات األنشطة الرياضية‬ ‫للفرد ووزنه الصحي هو أحد أهم األس������س في جميع أبحاث‬ ‫البدان������ة»‪ ،‬على ح ّد قول >‪ .M .W‬هارمتان< [وهو س������يكولوجي‬ ‫ومدير برنامج س������لوكي يتبع برنامجا ش������ديد االعتبار لتنظيم‬ ‫الوزن في سان فرانسيسكو]‪.‬‬ ‫وقد يساعد أيضا في هذا املضمار إمكان املرء احلصول‬ ‫على معاجلة س������لوكية‪ ،‬ألنه من احملتم������ل أال يحتاج الكثيرون‬ ‫من مفرط������ي الوزن إلى أكثر من مراقبة س������لوكهم عن طريق‬ ‫اإلنترنت وإلى دعمهم بوسائل تساعدهم على مواظبة تقدمهم‪،‬‬ ‫وس������ائل أثبتت الدراس������ات فعاليتها إلى ح������د مقبول‪ .‬وهناك‬ ‫بالطبع آخرون قد يحتاجون إلى تدخالت ش������خصية أش ّد من‬ ‫النوع الذي يقوم >كاميرون< بتطويره‪ .‬ومن املعلوم أن البدانة‬ ‫تبتلي على األخص ذوي الدخول احملدودة‪ ،‬فتكاليف املشاركة‬ ‫ف������ي برامج مقاومة البدانة غالبا م������ا تكون عصية على هؤالء؛‬ ‫‪37‬‬

‫ولذلك يجب على الدولة وش������ركات التأمني الصحي أن تتكفل‬ ‫ببعض تلك التكاليف‪ .‬فمثال‪ ،‬إن تكلفة املش������اركة في برنامج‬ ‫معاجلة سلوكية ملفرط في الوزن تبلغ ‪ 50‬دوالرا‪ ،‬أو مبا يعادل‬ ‫‪ 2500‬دوالر س������نويا؛ وهذا أكث������ر بقليل من ثلث الـ‪ 7000‬دوالر‬ ‫س������نويا التي متث������ل التكاليف االجتماعية والطبي������ة للبدانة ‪-‬‬ ‫وللعلم‪ ،‬ربمّ ا ال يحتاج البدين إلى أكثر من سنة أو سنتني من‬ ‫املش������اركة في تلك البرامج لتترسخ لديه عادات مستدامة في‬ ‫األكل والتمارين الرياضية‪ ،‬في حني أن ما يوفره قد يس������تمر‬ ‫طوال حياته‪.‬‬ ‫وم������ن املبك������ر جدا تأكيد م������ا إذا كان اجلمهور س������يتقبل‬ ‫اجلهود احلكومية للدفع باجتاه االختيارات األفضل للصحة‪.‬‬ ‫ففي مدينة سان فرانسيسكو توجد جماعة معروفة بتحبيذها‬ ‫للمبادرات الصحية العامة‪ ،‬وم������ع ذلك فقد أثارت خطة حظر‬ ‫الوجبات السعيدة ‪ Happy Meals‬ردود أفعال شعبية غاضبة‬ ‫دعت محافظ الوالية إلى رفضها‪ .‬كما ُو ّجهت انتقادات شديدة‬ ‫إلى جه������ود حركة جل���ب األغذي���ة الصحية إل���ى منتديات‬ ‫امل���دارس(‪ )1‬باعتبار ه������ذه اجلهود ش���ديدة التطف���ل(‪ .)2‬وفي‬ ‫واق������ع األمر‪ ،‬ليس ثمة ما يؤكد أن اجلهود املبذولة حاليا للحد‬ ‫من البدانة إذا طبقت متاما على املس������توى الوطني‪ ،‬س������يكون‬ ‫لها دور يذكر في هذا الش������أن‪ .‬فمع������دل البدانة احلالي يفوق‬ ‫إلى ح������د بعيد ما بلغه من قبل على الك������رة األرضية‪ .‬ولذلك‪،‬‬ ‫فإن حال على نطاق واس������ع ال بد أن يك������ون جتربة في تغيير‬ ‫سلوكي جماهيري‪ .‬ولكن األبحاث ترجح أن مثل هذه التجربة‬ ‫احلاسمة قد تكون أفضل مسعى لنا للتغلب على البدانة‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك ليس ثمة ما يجعلنا نتفاءل بنجاحها‪ .‬ومبا أن هناك الكثير‬ ‫من العلماء واخلبراء في السياس������ة اجلماهيرية واملس������ؤولني‬ ‫احلكوميني الذين يتوقون إلى إيجاد َح ِّل لهذه األزمة‪ ،‬فيمكننا‬ ‫>‬ ‫أن نتوقع التوصل إلى نتائج مهمة خالل هذا العقد‪.‬‬ ‫(‪Let’s Move to bring healthier food to school cafeterias )1‬‬ ‫(‪overly intrusive )2‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, February 2011‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫مايو ‪/‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪6/5‬‬

‫مصائب التغير املناخي‬

‫( )‬

‫إن التحوالت في أمناط هطول املطر وتغيرات حدود السواحل‪،‬‬ ‫سوف تسهم في حدوث هجرات سكانية بأعداد لم يسبق لها مثيل‪.‬‬ ‫>‪ .A‬دو شيربينني< ‪-‬‬

‫>‪ .K‬وارنر< ‪ .Ch> -‬إيرهارت<‬

‫منذ بداية التاريخ امل������د ّون‪ ،‬أعادت الهجرات التي فرضها‬ ‫تغير املناخ تش������كيل احلضارات‪ .‬فقبل أربعة آالف سنة أدت‬ ‫فصول اجلفاف املطولة والقحط وما نتج منهما من مجاعة في‬ ‫أرض كنعان إلى إجبار النبي يعقوب وأبنائه على الهجرة إلى‬ ‫مصر‪ ،‬وتهيئة األحداث لس������فر اخلروج املعروفة بقيادة النبي‬ ‫موس������ى‪ .‬وبعد مضي ثالثة آالف س������نة على تلك احلقبة‪ ،‬أدت‬ ‫فترة طويلة م������ن اجلفاف ونقص املراع������ي إلى دفع اجليوش‬ ‫املنغولية إلى اخلروج من أواس������ط آسيا باجتاه الغرب وصوال‬ ‫إلى أوروبا‪ ،‬حيث استقر العديد منهم فيها وتزاوجوا بسكانها‪.‬‬ ‫وفي القرن العشرين‪ ،‬أدى ما سمي بقصعة الغبار األمريكية‬ ‫‪ ،the American Dust Bowl‬وهي كارثة بيئية س������ببها اجلفاف‪،‬‬ ‫وقد زاد من تعقيدها س������وء سياس������ات إدارة األراضي‪ ،‬إلى‬ ‫نزوح نحو ‪ 3.5‬مليون شخص من الغرب األوسط األمريكي‪.‬‬ ‫منحى جديدا‪.‬‬ ‫أما الي������وم فقد اتخذت هذه الرواية القدمية‬ ‫ً‬ ‫فنحن ندخل حقبة زمنية تتصف بحدوث تغيرات س������ريعة في‬ ‫املناخ نتيجة لالنبعاثات الكبيرة لغازات االحتباس احلراري‬ ‫(الدفيئ���ة) ‪ greenhouse‬بفع������ل العوامل البش������رية‪ .‬وتتضمن‬ ‫التغي������رات املتوقعة اختالفات أكبر في كميات األمطار الهاطلة‬ ‫وتواترا أكبر لظروف ش������ديدة القسوة (مثل فترات مطولة من‬ ‫اجلفاف والفيضان)‪ ،‬وارتفاع مس������توى سطح البحر‪ ،‬وزيادة‬ ‫حمضي������ة احمليطات‪ ،‬وحتوالت طويلة األمد في درجة احلرارة‬ ‫وكمي������ة املطر‪ .‬وميكن ألي تغير من تلك التغيرات أن ُيخل بقوة‬

‫النظم اإليكولوجي������ة التي توفر لنا حاجاتنا األساس������ية‪ .‬وقد‬ ‫يضطر البش������ر في ه������ذا العالم املزدحم بالس������كان إلى هجر‬ ‫أوطانهم بأعداد لم نشهدها من قبل‪.‬‬ ‫َت َر َّك َز معظم االهتمام على مش������كلة البلدان املؤلفة من جزر‬ ‫أرضه������ا منخفضة ومهددة بارتفاع مس������توى س������طح البحر‪.‬‬ ‫فوفقا ألحد السيناريوهات‪ ،‬من املمكن أن تختفي معظم بلدان‬ ‫عاملنا الثمانية والثالثني املؤلفة من جزر صغيرة مع نهاية هذا‬ ‫القرن‪ .‬ومع ذلك‪ ,‬فإن املشكلة التي يواجهها سكان تلك البالد‬ ‫ليس������ت س������وى غيض من فيض‪ .‬ففي الهند وحدها‪ ،‬سيؤدي‬ ‫ارتفاع قدره متر واحد في مس������توى س������طح البحر إلى نزوح‬ ‫نحو ‪ 40‬مليونا من الس������كان‪ .‬ولسوء احلظ‪ ،‬فإن هذا الفيضان‬ ‫الس������احلي ال يش������كل التحدي الوحيد الذي له عالقة باملناخ‬ ‫في جنوب آس������يا‪ .‬إذ تبني النماذج التي طورها‪ .M .A> ‬گرين<‬ ‫و‪ .A> ‬روبيرتس������ون< [من جامعة كولومبيا] حدوث ازدياد في‬ ‫كمية األمطار املوس������مية الكلية املصحوبة بنقصان في تواتر‬ ‫سقوط هذه األمطار‪ ،‬وهذا يعني هطول أمطار شديدة الغزارة‬ ‫في أيام قليلة‪ .‬كما سيؤثر التغير في مستوى التدفق املوسمي‬ ‫ملياه األنهار ‪ -‬نتيجة انخفاض كمية الثلوج املتس������اقطة شتاء‬ ‫وتقل������ص حجم اجلليديات ‪ -‬في اإلنتاج الزراعي لبضع مئات‬ ‫املاليني م������ن املزارعني اآلس������يويني‪ ،‬كما س������يؤثر في املوارد‬ ‫الغذائية لعدد مماثل من اآلسيويني احلضر‪.‬‬ ‫( ) ‪CASUALTIES OF CLIMATE CHANGE‬‬

‫باختصار‬ ‫س���يؤدي التغير املناخي الناجم عن االحترار‬ ‫العامل���ي إل���ى َت َق ُّطع س���بل احلياة ملاليني البش���ر‪،‬‬ ‫دافعا العديد إلى النزوح عن أوطانهم‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫ن���درس هنا ث�ل�اث مناطق ح���ول العالم بدأت‬ ‫فيه���ا املعاناة من تأثيرات التغير املناخي وبدأت‬ ‫فيها الهجرة‪.‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬

‫إن التنبؤ الدقيق مبن سينزح وإلى أين سيتجه‬ ‫أم����ر مس����تحيل‪ ،‬ولك����ن الق����ادة يس����تطيعون اتخاذ‬ ‫إجراءات تساعد على تخفيف املعاناة احملتومة‪.‬‬


‫املؤلفون‬ ‫‪Alex de Sherbinin‬‬

‫>شيربينني< باحث رئيس في معهد األرض التابع‬ ‫جلامعة كولومبيا‪ ،‬ونائب مدير املركز ‪NASA‬‬ ‫للبيانات االقتصادية واالجتماعية وتطبيقاتها‪.‬‬ ‫‪Charles Ehrhart‬‬

‫‪Koko Warner‬‬

‫>إيرهارت< منسق االستجابة العاملية للتغير‬ ‫املناخي في املنظمة الدولية ‪ ،CARE‬وهي منظمة‬ ‫غير ربحية مكرسة لتخفيف الفقر العاملي‪.‬‬

‫>وارنر< باحثة في التغير املناخي والتكيف‬ ‫والهجرات البيئية القسرية في معهد البيئة واألمن‬ ‫البشري التابع جلامعة األمم املتحدة ‪.UNU‬‬

‫وعل������ى الرغم م������ن أن حتقيق فه������م تام لتأثي������ر انصهار‬ ‫اجلليديات وارتفاع مس������توى سطح البحر قد يستغرق عقودا‬ ‫من الزم������ن‪ ،‬إال أن حدوث الك������وارث ذات العالقة باملناخ أمر‬ ‫واقع بالفع������ل‪ .‬ومقارنة بالثمانينات من القرن العش������رين فقد‬ ‫ارتفعت معدالت الك������وارث الطبيعية مبا يعادل ‪ %42‬إضافية‪،‬‬ ‫ونس������بة تلك الكوارث املرتبط������ة بتغير املناخ مبا يعادل ‪ 50‬إلى‬ ‫‪ %80‬إضافية‪ .‬ويقدر مكتب األمم املتحدة لتنس������يق الش������ؤون‬ ‫اإلنس������انية ‪ OCHA‬ومركز رصد النزوح الداخلي‪ ،‬أن النكبات‬ ‫املناخية في عام ‪ 2008‬وحده أجبرت نحو ‪ 20‬مليونا من البشر‬ ‫على ترك منازلهم – وهذا الرقم هو أكبر بأربع مرات من عدد‬ ‫البشر الذين نزحوا بسبب الصراعات املسلحة‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ,‬فإن الهجرة القس������رية والن������زوح الناجتني من تغير‬ ‫املناخ قد يشكالن خالل العقود القادمة التحديني األهم واألكبر‬ ‫هائمون‪ :‬أسرة تهيم في شوارع تشوكوي في موزمبيق‪ ،‬حيث أدت الفيضانات‬ ‫أمام املجتمع الدولي‪ .‬وفي هذه املقالة س������نقدم استش������رافا ملا‬ ‫املتكررة فيها إلى إعادة توطني الكثير من العائالت بصورة دائمة‪.‬‬ ‫يخبئه لنا املس������تقبل‪ ،‬بتفحص العوامل التي بدأت حاليا بإثارة‬ ‫مثل تل������ك الهجرات في ثالث مناطق من العالم‪ .‬وس������نبدأ أوال ومحلية ملساعدة أولئك الذين سيجبرون على هجر بيوتهم‪.‬‬ ‫مبوزمبي������ق‪ ،‬حيث أدى مزيج من الفيضانات الكارثية واجلفاف‬ ‫إن الدلي������ل الذي س������نقدمه ف������ي رواياتنا التالي������ة مأخوذ من‬ ‫الدوري إلى إيقاع املجتمع السكاني الزراعي في مأزق مزدوج‪ .‬مش������روع س������يناريوهات اللجنة األوروبية للتغير البيئي والهجرة‬ ‫وبعدها نتفحص ما يج������ري في دلتا نهر امليكونگ‪ ،‬حيث كانت القس������رية )‪ ،(EACH – FOR‬وهو دراس������ة حول الهجرة القسرية‬ ‫الفيضان������ات هناك‪ ،‬ومنذ وقت طويل‪ ،‬ج������زءا من إيقاع احلياة‪ ،‬البيئية‪ ،‬تشمل كامل الكرة األرضية‪ ،‬وكذلك من دراسات اخلرائط‬ ‫ولكن مستوى تلك الفيضانات في السنني األخيرة فاق األرقام ‪ mapping exercise‬ال������ذي أعده مركز الش���بكة الدولية ملعلومات‬ ‫>‬ ‫القياس������ية الس������ابقة‪ .‬كما تواجه البالد خس������ارات كارثية في علم األرض )‪ (CIESIN‬في معهد األرض بكولومبيا‪.‬‬ ‫األراضي الزراعية اخلصبة جراء االرتفاع املتوقع في مستوى‬ ‫س������طح البحر‪ .‬ونختتم جولتنا في املكس������يك وأمريكا الوسطى نود أن نقيم إسهامات ‪ .S> ‬أدامو< و‪ .T> ‬تشاي‪ -‬أون< [من الشبكة ‪]CIESIN‬‬ ‫حي������ث أدت العواص������ف املدارية واألعاصير إل������ى نزوح آالف وكال من ‪ .M> ‬ستال< و‪ .O> ‬دن< و ‪ .S> ‬ألشر< الذين أعدوا مشروع‬ ‫سيناريوهات اللجنة األوروبية للتغير البيئي والهجرة القسرية ‪.EACH-FOR‬‬ ‫البشر‪ ،‬حيث يخيم خطر اجلفاف املستمر‪.‬‬ ‫سيكون من العبث محاولة التنبؤ بدقة بحجم الهجرات املقبلة‬ ‫وبوجهتها ووقت حدوثها‪ ،‬ولذلك سنحجم عن‬ ‫مراجع لالستزادة‬ ‫فعل ذلك‪ .‬ونأمل بأن يؤدي استعراض احلاالت‬ ‫الثالث الس������ابقة‪ ،‬إلى املزيد م������ن التحليالت‬ ‫التفصيلي������ة لألمكنة احملتم������ل أن حتدث فيها‬ ‫الهجرات الس������كانية‪ ،‬وإلى تطوير خطط عاملية‬ ‫‪39‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫موزمبيق‪:‬‬

‫املصيبة املزدوجة‬

‫( )‬

‫موزمبي������ق بلد إفريقي تعادل مس������احته مس������احة واليتي‬ ‫كاليفورني������ا ومونتانا مجتمعتني‪ ،‬ويقع على امتداد الس������احل‬ ‫الشرقي إلفريقيا‪ ،‬بني تانزانيا في الشمال وجنوب إفريقيا في‬ ‫اجلنوب‪ .‬يتصف تاريخ هذا البلد بالكثير من الهجرات وإعادة‬ ‫التوطني املم ّول حكوميا والناجت من ماضيه االش������تراكي ومن‬ ‫احلرب األهلية التي اس������تغرقت س������تة عشر عاما وانتهت في‬ ‫عام ‪ ،1992‬حيث أجبر خالل تلك الفترة نحو خمس������ة ماليني‬ ‫من البش������ر على النزوح من منازلهم‪ .‬وقد عاد في الس������نوات‬ ‫األرب������ع التي أعقبت انتهاء احل������رب ‪ 1.7‬مليون موزمبيقي إلى‬ ‫وطنهم من ماالوي وزميبابوي وس������وازيالند وزامبيا وجنوب‬ ‫إفريقيا وتنزانيا‪.‬‬ ‫وعل������ى الرغم من أنهم جت������اوزوا آثار احلرب األهلية‪،‬‬ ‫ف������إن أزمة جدي������دة تعصف اآلن مبوزمبي������ق‪ .‬ففي أعوام‬ ‫‪ 2000‬و ‪ 2001‬و ‪ 2007‬اجتاحت فيضانات كارثية حوضي‬ ‫نهري زامبي������زي وليمبوبو أدت إلى ن������زوح مئات اآلالف‬ ‫من البش������ر‪ .‬وقد أجب������ر فيضان ع������ام ‪ 2007‬وحده أكثر‬ ‫من ‪ 100 000‬ش������خص على النزوح‪ُ ،‬أجلي نصفهم تقريبا‬ ‫إل������ى مراكز إيواء مؤقتة‪ .‬وفي ذات عام وبعد أن تراجعت‬ ‫مي������اه الفيضان‪ ،‬ضرب البالد إعص������ار فافيو مما جعل‬ ‫نهر زامبيزي يفيض مرة أخ������رى‪ ،‬ففقد الناس املتأثرون‬ ‫باإلعصار بيوتهم ووسائل معيشتهم‪ ،‬كما فقدوا إمكانية‬ ‫الوصول إلى املراك������ز الطبية‪ ،‬و َت َد ْهو َر الصرف الصحي‬ ‫ون َ‬ ‫َض������ب املاء الصالح للش������رب‪ .‬وأعاقت ه������ذه الكوارث‬ ‫الثنائية والثالثية بش������كل كبير قدرة املجتمعات السكانية‬ ‫على التعاف������ي‪ ،‬وخاصة أن املمتلكات احملدودة لغالبيتهم‬ ‫قد جرفتها السيول بكل ما للكلمة من معنى‪.‬‬ ‫وفي األعوام التي تلت فيضانات ‪ ،2001‬ش������جعت احلكومة‬ ‫الس������كان على االس������تقرار بصورة دائمة بعيدا عن الس������هول‬ ‫املعرض������ة ألخطار الفيضان‪ ،‬وذلك بتق������دمي حوافز مثل توفير‬ ‫البن������ى التحتية في برنامج يربط بني العمل وتقدمي العون‪ .‬ففي‬ ‫‪40‬‬

‫مقاب������ل صنع اآلجر وع������دت احلكومة بدفع تكلف������ة بقية مواد‬ ‫البناء البديلة واإلس������هام في توفير املس������اعدة التقنية الالزمة‬ ‫للبناء‪ .‬وبينّ >‪ .M‬ستال< [عضو اللجنة األوروبية للتغير البيئي‬ ‫والهج������رة القس������رية ‪ ]EACH-FOR‬في مقاب���ل��ات أجراها أن‬ ‫النازحني الذين يعيش������ون في مراك������ز إعادة التوطني بأنه قبل‬ ‫العق������د األخير كان������ت التجمعات الس������كانية تهاجر دوريا من‬ ‫الس������هول املعرضة للخطر جتنبا للفيض������ان‪ ،‬لكنهم لم يفكروا‬ ‫من قبل في االستقرار بصورة دائمة في املناطق اآلمنة‪.‬‬ ‫إن املفارق������ة احملزنة في موزمبيق‪ ،‬ه������ي أن تلك البالد‬ ‫تتعرض ف������ي آن واحد لكل من الفيض������ان واجلفاف‪ ،‬كما‬ ‫حدث في عام ‪ ،2007‬عندم������ا كانت املنطقة اجلنوبية تعاني‬ ‫اجلفاف والقحط‪ ،‬في حني كان نهر زامبيزي في الش������مال‬ ‫يفي������ض ويغرق األراض������ي الواقعة على ضفتي������ه‪ .‬وتقترح‬ ‫النماذج املناخية أنه على الرغم من احتمال ارتفاع معدالت‬ ‫هطول األمطار في شمال موزمبيق إال أنها قد تنخفض في‬ ‫جنوبها‪ .‬والعامل الرئيس املؤثر في مدى املشكلة هو تباعد‬ ‫فت������رات هطول األمطار ومدى ش������دتها‪ ،‬فأي زيادة إضافية‬ ‫في غزارة هطول املطر ستؤدي من دون شك إلى استمرار‬ ‫حدوث الفيضانات الكارثية التي ش������هدنا تكرارها في هذا‬ ‫العقد من الزمن‪ .‬ولس������وء احلظ‪ ،‬يتوق������ع املناخيون حدوث‬ ‫تغي������رات أكبر في الق������رن احلالي تؤدي إل������ى جعل املناخ‬ ‫يتأرجح بني نقيض���ي��ن هما اجلفاف والفيضان‪ ،‬مما يجعل‬ ‫بلدان������ا مثل موزمبيق تقع ‪ -‬بصورة متزايدة ‪ -‬حتت رحمة‬ ‫أمناط مناخية غير متوقعة النتائج‪.‬‬ ‫ومازال الناس الذين أعيد توطينهم يعتمدون بشدة على‬ ‫املعونات احلكومية والدولية؛ ألن املناطق التي استقروا فيها‬ ‫تفتقر أساس������ا إلى البنى التحتية – مثل املدارس واملراكز‬ ‫مكتف ذاتيا‪ .‬ومازال‬ ‫الطبية ‪ -‬التي تس������مح بظهور اقتصاد‬ ‫ٍ‬ ‫الفش������ل في إنتاج محاصيل وفيرة هو األمر الس������ائد‪ ،‬مما‬ ‫يدف������ع باخلبراء ومن يجري احلوارات إلى االس������تنتاج أنه‬ ‫من دون اس������تمرار تقدمي املس������اعدات اإلنسانية اخلارجية‬ ‫يتحتم على الس������كان الهجرة إلى مناط������ق أبعد ورمبا إلى‬ ‫خ������ارج حدود البالد‪ .‬وقد يكون امل������كان األكثر احتماال هو‬ ‫مابوت������و (عاصم������ة موزمبيق) أو رمبا جن������وب إفريقيا‪ ،‬ألن‬ ‫املش������هد االقتصادي في املدن األخرى والبالد املجاورة ال‬ ‫يبدو مشرقا بالدرجة نفسها‪.‬‬ ‫( ) ‪THE DOUBLE BLOW‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫بئر‬

‫التمني‪ :‬امرأة حتاول جاهدة جمع بعض املاء من بئر شبه جافة في مدينة ماالجن التي ضربها اجلفاف في موزمبيق‪.‬‬

‫موزمبيق حتت احلصار‬ ‫يس���وء املناخ في موزمبيق بش���كل مس���تمر‪ .‬فالفيضانات تغمر دوريا باملياه املزارع والبلدات بجوار‬ ‫نهري ليمبوبو وزامبيزي‪ .‬وفي الوقت ذاته صار اجلفاف أمرا شائعا‪ .‬ويتوقع أن يؤدي التغير املناخي‬ ‫إلى زيادة حدة هذه التحوالت‪ ،‬فيزداد الضغط على السكان ويدفعهم إلى الهجرة إلى مكان آخر‪.‬‬

‫إفريقيا‬ ‫موزمبيق‬

‫فيضان‬

‫‪200‬‬

‫‪2001‬‬

‫كيلومتر مربع‬

‫‪2007‬‬

‫أحوال جفاف‬

‫(نسبة املواسم الزراعية‬ ‫التي عانت اجلفاف بني‬ ‫عامي ‪)2007 - 1988‬‬ ‫حتى ‪%10‬‬

‫‪%20 - %10‬‬ ‫‪%30 - %20‬‬ ‫‪%40 - %30‬‬ ‫‪%60 - %40‬‬

‫لعنة اجلفاف‬

‫أعاق اجلفاف خالل هذه الفترات‬ ‫إنتاج الغذاء أيضا‪.‬‬

‫‪41‬‬

‫كالهما‬

‫الكثافة السكانية‬ ‫(عدد األفراد في‬ ‫الكيلومتر املربع)‬ ‫‪4-1‬‬ ‫‪24 - 5‬‬

‫مناطق حضرية‬

‫‪249 - 25‬‬

‫‪999 - 250‬‬ ‫‪1000+‬‬

‫لعنة كثرة األمطار‬

‫عانى سكان الريف في موزمبيق حدوث فيضانات متكررة ومتزايدة‬ ‫خالل العقد املاضي‪ ،‬وتعاني بعض املناطق حوادث متعددة‪.‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫دلتا نهر امليكونگ‪:‬‬

‫ارتفاع مستوى‬ ‫سطح البحر‬ ‫( )‬

‫ف������ي اجلزء الڤيتنامي من دلتا نهر امليكونگ يقطن نحو‬ ‫مليونا من البش������ر‪ ،‬أو ما يعادل ‪ 22‬في املئة من سكان ڤيتنام‪.‬‬ ‫وتعادل األراضي املس������تغلة منها نحو ‪ 40‬في املئة من مساحة‬ ‫األراضي املزروعة في ڤيتنام‪ ،‬وتوفر ما يزيد على ربع الناجت‬ ‫احمللي اإلجمالي ‪ .GDP‬و ُينتج س������كان ه������ذا اجلزء أكثر من‬ ‫نصف إنتاج ڤيتنام من األرز‪ ،‬ونحو ‪ 60‬في املئة من محصول‬ ‫الس������مك والروبيان (القريدس)‪ ،‬ويبلغ محصولها من الفاكهة‬ ‫نحو ‪ 80‬في املئة من مجمل محصول الفاكهة في ڤيتنام‪.‬‬ ‫إن كل م������ا س������بق مهدد بالضي������اع‪ ،‬وفقا مل������ا جاء في‬ ‫دراس������ات اخلرائط املعدة من قبل مرك������ز جامعة كولومبيا‬ ‫«الش������بكة الدولية ملعلومات عل������م األرض» ‪ .CIESIN‬ويبني‬

‫‪18‬‬

‫املخطط أن ارتفاعا في سطح البحر مقداره متر واحد ميكن‬ ‫أن يؤدي إلى نزوح أكثر من سبعة ماليني من سكان الدلتا‪،‬‬ ‫ف������ي حني يؤدي ارتفاع مقداره مت������ران إلى مضاعفة الرقم‬ ‫السابق ليصبح ‪ 14‬مليونا – أي نحو ‪ 50‬في املئة من سكان‬ ‫الدلتا‪ .‬ويؤدي مثل ه������ذا االرتفاع إلى غرق عدة أجزاء من‬ ‫ني‪( .‬وجتدر املالحظة هنا أن حدوث ارتفاع‬ ‫مدينة هوتشي م ّ‬ ‫قدره متران في هذا القرن يخالف جميع التوقعات احملتملة‬ ‫بص������ورة عامة‪ ،‬ولكن وقوع تغي������ر مناخي مفاجئ قد يخلق‬ ‫نقاط���ا انقالبي���ة ‪ tipping points‬تنصهر عندها اجلليديات‬ ‫األرضية ف������ي گرين الند وغربي املنطق������ة القطبية اجلنوبية‬ ‫بوتيرة أس������رع مما يتوقع‪ .‬وفي مثل هذه احلالة س������نواجه‬ ‫ارتفاع املترين في عام ‪).2100‬‬ ‫لق������د أدت الفيضان������ات منذ أمد طوي������ل دورا مهما في‬ ‫اقتصاد وثقافة تلك املنطقة من العالم‪ ،‬حيث يعيش سكان‬ ‫دلتا امليكونگ املمتدة ش������ماال حت������ى كمبوديا على دورات‬ ‫الفيضانات ويعتمدون عليه������ا‪ ،‬ولكن ضمن حدود معينة‪.‬‬ ‫فمثال‪ ،‬يعد فيضان عمق������ه من نصف متر إلى ثالثة أمتار‬ ‫جزءا من نظام الفيض������ان الطبيعي الذي يعتمد املزارعون‬ ‫عليه‪ .‬ويصف الڤيتناميون الذين يعيشون في الدلتا‪ ،‬مثل‬ ‫( ) ‪THE RISING SEA‬‬

‫مخاطر امليكونگ‬ ‫الكثافة السكانية‬

‫تايالند‬ ‫نهر ميكونگ‬

‫(فرد في الكيلومتر املربع)‬ ‫‪249 - 25‬‬

‫كمبوديا‬

‫‪999 - 250‬‬

‫‪1000 +‬‬

‫ڤيتنام‬

‫مدينة هوتشي م ّ‬ ‫ني‬ ‫دلتا امليكونگ‬

‫‪50‬‬

‫تنت���ج منطقة دلت���ا امليكونگ جزءا مهما من الغذاء الذي حتت���اج إليه ڤيتنام‪ .‬وقد‬ ‫اعتمد مزارعو األرز لقرون عديدة على الفيضانات الدورية لسقاية حقولهم‪ .‬ولكن‬ ‫الفيضان���ات املدم���رة في العقود األخي���رة أصبحت تهدد مناط���ق الزراعة بصورة‬ ‫متزايدة‪ .‬يضاف إلى ذلك أن منطقة امليكونگ عرضة خلطر ارتفاع مس���توى سطح‬ ‫البحر‪ .‬وس���يؤدي ارتفاع قدره متر واحد في مستوى سطح البحر إلى نزوح أكثر‬ ‫من سبعة ماليني عن بيوتهم‪.‬‬

‫‪42‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬

‫كيلومترا‬

‫نهر احلياة‬

‫تبلغ الكثافة السكانية ذروتها على امتداد‬ ‫ضفتي نهر امليكونگ‪ ،‬وهي املنطقة األكثر‬ ‫عرضة للفيضان نتيجة األمطار الغزيرة‪.‬‬


‫مياه‬

‫مرتفعة‪ :‬هذا البيت الذي تظهره الصورة ونحو ‪ 400 000‬بيت آخر مثله غمرته املياه في أحد أسوأ الفيضانات التي ضربت امليكونگ على مدى أربعة عقود‪.‬‬

‫املساحات التي‬ ‫جتري زراعتها‬ ‫حتى‬

‫‪%25‬‬

‫‪%50 - %25‬‬ ‫‪%75 - %50‬‬

‫‪%100 - %75‬‬

‫مناطق الفيضان‬ ‫املتوقعة بسبب ارتفاع‬ ‫مستوى سطح البحر‬ ‫ارتفاع قدره متر واحد‬ ‫ارتفاع قدره متران‬

‫ال بيانات‬

‫اقتصاد زراعي‬

‫ڤيتنام هي ثاني أكبر مصدر لألرز في‬ ‫العالم (بعد تايالند)‪ ،‬وتنتج دلتا امليكونگ‬ ‫نحو ‪ 80‬في املئة من مجمل اإلنتاج‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫بالقرب من الشاطىء‬

‫تتألف معظم أراضي دلتا امليكونگ من‬ ‫أراض منخفضة ترتفع نحو متر واحد أو مترين عن‬ ‫مستوى سطح البحر‪ .‬فإذا انصهرت اجلليديات سيرتفع‬ ‫مستوى سطح البحر وسيجبر ماليني البشر على الهجرة‪.‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫هذه الفيضانات بأنها فيضانات محببة‪ .‬أما الفيضانات‬ ‫األعلى من ذلك فتمثل حتديا لقدرة الس������كان على التعامل‬ ‫معه������ا وكثيرا ما يك������ون لها تأثيرات مدمرة في أس������باب‬ ‫العيش وسبله‪.‬‬ ‫وفي العقود األخي������رة ارتفعت وتيرة حدوث الفيضانات‬ ‫ن<‬ ‫التي تتجاوز مس������توى األربعة أمتار‪ .‬لق������د أجرت‪َ .O> ‬د ْ‬ ‫[اللجنــة األوروبيـ ـ������ة للتغي ــر البيئــي والهج ــرة القس������ري ــة‬ ‫بن‬ ‫‪ ]EACH-FOR‬حوارات مع مهاجرين من الدلتا في فنوم ّ‬ ‫بكمبوديا‪ ،‬حيث ق������ال أحدهم‪« :‬إن الفيضانات تهدد أحيانا‬ ‫حياتنا‪ ،‬ولذلك جئنا هنا إليجاد س������بل حياة جديدة»‪ .‬وقال‬ ‫آخ������ر‪« :‬لقد كانت عائلتي متتلك حق������وال إلنتاج احملاصيل‪،‬‬ ‫ولكن الفيضانات في اآلونة األخيرة أصبحت حتدث بوتيرة‬ ‫متزايدة جعلت إنتاج احملاصيل غير مستقر‪».‬‬ ‫وهك������ذا‪ ،‬فإن التغي������ر املناخ������ي بالتضافر م������ع األخطار‬ ‫الطبيعية القائمة‪ ،‬إضافة إل������ى الضغوط التي تقع على البيئة‬ ‫نتيجة التحول الس������ريع إلى التصنيع لڤيتنام واألقطار املمتدة‬ ‫ش������ماال‪َ ،‬و َ‬ ‫ضع املوارد الطبيعي������ة الڤيتنامية ومن يعتمد عليها‬ ‫في موقع محفوف باملخاطر‪ .‬ويتكيف سكان دلتا امليكونگ في‬ ‫مواجهة تل������ك الضغوطات البيئية باتباع طرق متنوعة‪ّ .‬‬ ‫ففضل‬ ‫الذين اتخذوا الهجرة س������بي ً‬ ‫ال‪ ،‬االنتقال إلى املدن التي يتميز‬ ‫اقتصادها بوتيرة منو أسرع‪.‬‬ ‫وم������ن جهتها‪ ،‬وضعت احلكوم������ة الڤيتنامية برنامجا يدعى‬ ‫«التعاي������ش مع الفيضان»‪ .‬ويقوم موظفون حكوميون كجزء من‬ ‫البرنامج بتش������جيع مزارعي األرز عل������ى االنتقال إلى الزراعة‬ ‫املائي������ة – أي إنتاج األغذية البحرية مثل الروبيان واألس������ماك‬ ‫الصغيرة في برك مغلقة‪ .‬ويهتم البرنامج أيضا بنقل الس������كان‬ ‫على امتداد املجرى الرئيس لنهر امليكونگ في مقاطعة جيانگ‬ ‫بعيدا عن النهر‪ .‬ويستهدف البرنامج إعادة توطني نحو ‪20 000‬‬ ‫من س������كان تلك املقاطعة الذين ال ميتلكون أرضا أو وس������ائل‬ ‫معيشية جيدة بحلول عام ‪ .2020‬إن هؤالء املستهدفني بإعادة‬ ‫التوطني هم عادة الميتلكون أرضا يزرعونها وليس لديهم مكان‬ ‫يذهب������ون إليه في حال تعرضوا لفيض������ان أو انزالق أرضي‪،‬‬ ‫وهم أفقر من أن يس������تطيعوا االنتقال إلى املناطق احلضرية‪.‬‬ ‫بالنس������بة إلى هؤالء توفر الشبكات االجتماعية ‪ -‬ذلك النسيج‬ ‫من العالقات مع العائلة واألصدقاء واملُ ْس������تَخدِ مِ ني ‪ -‬االرتباط‬ ‫األساس������ي بفرص العمل اجلديدة ألن معظمهم يكس������ب قوته‬ ‫بالعم������ل اليوم������ي‪ .‬وعلى الرغ������م من أن التجمعات الس������كنية‬ ‫املخطط������ة لها تق������ع ضمن حدود ميل واحد م������ن املنطقة التي‬ ‫نزح عنها هؤالء السكان‪ ،‬إال أن إعادة التوطني كثيرا ما متزق‬ ‫نسيجهم االجتماعي‪.‬‬ ‫‪44‬‬

‫املكسيك وأمريكا الوسطى‪:‬‬

‫عواصف قاتلة‬ ‫وجفاف ُم ِ‬ ‫قعد‬ ‫( )‬

‫تؤوي املكس������يك وأمريكا الوسطى نحو ‪ 10‬ماليني مزارع‪،‬‬ ‫ال يكاد معظمهم يقدر على تدبير احلد األدنى من قوته بزراعة‬ ‫احملاصيل التقليدية مثل الذرة والبقول والقرع على س������فوح‬ ‫تالل شديدة االنحدار‪ .‬ويعتمد هؤالء املزارعون‪ ،‬كما هو حال‬ ‫جمي������ع املزارعني في كل مكان‪ ،‬على س������قوط كمية معتدلة من‬ ‫املطر‪ .‬ف������إذا نقصت تلك الكمية ذبل������ت نباتاتهم وماتت‪ ،‬وإذا‬ ‫زادت كثي������را خالل زمن قصير اجنرف������ت التربة إلى األودية‬ ‫حاملة معها احملصول مصدر دخلهم‪.‬‬ ‫ويصادف أحيانا أن يضرب اجلفاف والعواصف في العام‬ ‫نفس������ه‪ .‬فمثال في الشهر ‪ 2001/7‬عانت هندوراس جفافا تأثر‬ ‫به نحو ربع مليون نس������مة‪ ،‬وبعد ذلك ببضعة ش������هور أغرقت‬ ‫عاصفة استوائية الريف‪.‬‬ ‫لقد وجد العديد من املزارعني أن مصادر دخلهم محفوفة‬ ‫باملخاطر‪ ،‬ولذلك قاموا بالهجرة شماال؛ والغالبية العظمى من‬ ‫املهاجرين إلى الواليات املتح������دة ينزحون من مناطق زراعية‬ ‫فقيرة في املكس������يك وأمريكا الوس������طى‪ .‬وكانت تعرية التربة‪،‬‬ ‫وقط������ع الغابات‪ ،‬وعدم توافر فرص العم������ل من العوامل التي‬ ‫دفعت إل������ى الهجرة‪ ،‬إضافة إل������ى إغراءات األج������ور العالية‬ ‫السائدة في الشمال كما أنّ العوامل املناخية تسهم في زيادة‬ ‫البؤس‪ .‬لقد وجد ‪ .S> ‬ألش������ر< [من اللجن������ة األوروبية للتغير‬ ‫البيئي والهجرة القس������رية ‪ ]EACH-FOR‬أن حترير األسواق‬ ‫في تالكسكاال في وسط املكسيك في التسعينات إضافة إلى‬ ‫انخف������اض كمية هطول األمطار‪ ،‬خ ّفض������ا مداخيل املزارعني‪،‬‬ ‫مما دفع ببعضهم إلى الرحيل‪ .‬وفي إحدى املقابالت‪ ،‬وصف‬ ‫أحد املزارعني الهجرة‪ ،‬بأنها اخليار األخير املتاح بقوله‪« :‬لقد‬ ‫اش������تغل جدي وكذلك أبي واشتغلت بنفسي في هذه األرض‪،‬‬ ‫ولكن الزمن تغير‪ .....‬واآلن يأتي املطر متأخرا‪ ،‬مما جعلنا أقل‬ ‫إنتاجا‪ ،‬واحلل الوحي������د هو مغادرة هذا املكان (إلى الواليات‬ ‫املتحدة) مؤقتا على األقل‪».‬‬ ‫ومن املتوقع أن التغير املناخي سيؤدي إلى خفض كمية‬ ‫( ) ‪DEADLY STORMS, CRIPPLING DROUGHT‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫آخر قطرة‪ :‬امرأة متشي مبتعدة عن بركة مياه ماحلة في وادي >تيهواكان< بالقرب من مدينة مكسيكو‪ .‬كانت‬ ‫البركة تستعمل لسقاية املواشي‪ ،‬أما اليوم فيعتمد القرويون على مثل هذه البركة لتأمني حاجتهم من املاء‪.‬‬

‫هط������ول املطر في تالكس������كاال بنحو ‪ 10‬إل������ى ‪ 20‬في املئة‪،‬‬ ‫وإذا ما قورنت هذه النس������بة بنس������ب بقية املناطق‪ ،‬يتبني أنها‬ ‫ليس������ت األس������وأ‪ .‬إذ يقع معظم املناطق املعتمدة على الزراعة‬ ‫املروية في السهول الساحلية مثل سهول هاليسكو وسينالوا‬ ‫– وهما واليتان زراعيتان رئيس������يتان تنتجان معا نحو ‪ 18‬في‬ ‫املئة من الناجت احمللي اإلجمالي ‪ GDP‬الزراعي للبالد‪ .‬ووفقا‬ ‫لبيانات رسمية صادرة عن اللجنة ما بني احلكومات للتغير‬ ‫املناخي ‪ )1(IPCC‬الدولية‪ ،‬يتبني أن هاتني الواليتني قد تعانيان‬ ‫نقص������ا في توافر املياه يتراوح ما بني ‪ 25‬و ‪ 50‬في املئة بحلول‬ ‫حلول حكيمة‬

‫ماذا ميكننا أن نعمل؟‬

‫( )‬

‫قد تصبح الهجرات القس���رية بس���بب التغير املناخي أهم التحديات‬ ‫الت���ي تواجهه���ا البش���رية في الق���رن احل���ادي والعش���رين‪ .‬وعندما يجبر‬ ‫الناس على النزوح – سواء كان ذلك بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر‬ ‫أو بس���بب أح���داث أخرى ش���ديدة القس���وة ‪ -‬يجب عل���ى املجتمع الدولي‬ ‫أن يض���ع موض���ع التنفيذ إج���راءات وقائية فعالة‪ ،‬كأن يتأك���د من أن تلك‬ ‫التح���ركات نظامي���ة وس���لمية وأن حقوق اإلنس���ان محفوظ���ة‪ ،‬وأن هؤالء‬ ‫الناس لهم احلق في إس���ماع صوتهم فيما يتعلق مبستقبلهم‪ .‬وعلينا أن‬ ‫نقوم اليوم بإعداد أنفسنا للتصدي لتحديات املستقبل‪ .‬وفي هذا السياق‬ ‫فإننا نحث املجتمع الدولي على متابعة ما يلي‪:‬‬ ‫<‬

‫<‬

‫<‬

‫<‬

‫<‬

‫تخفيض انبعاثات غازات االحتباس احلراري إلى مستويات آمنة‪.‬‬ ‫االس���تثمار ف���ي إدارة مخاطر الكوارث‪ ،‬الت���ي تبني أنها تنقص احتمال‬ ‫حدوث هجرات كبيرة احلجم‪.‬‬ ‫االعت���راف بحتمي���ة ح���دوث بع���ض الهج���رات وتطوير اس���تراتيجيات‬ ‫تكيف وطنية ودولية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وض���ع ضواب���ط ملزمة للتأكد من أن األموال الت���ي تخصص إلجراءات‬ ‫التك ّيف ستصل إلى الناس األكثر احتياجا‪.‬‬ ‫تقوي���ة املؤسس���ات الدولية حلماية حقوق أولئك الذين نزحوا بس���بب‬ ‫التغير املناخي‪.‬‬

‫عام ‪ ،2080‬األمر الذي قد يدمر إنتاجية املنطقة‪.‬‬ ‫وليس اجلفاف هو املصدر الوحيد للقلق في املنطقة‪ .‬إذ يتنبأ‬ ‫املناخيون بأن املكسيك وأمريكا الوسطى ستعانيان زيادة تكرار‬ ‫العواصف املدارية الشديدة خالل القرن القادم‪ .‬وتوفر األحداث‬ ‫الس������ابقة تصورا واضحا ملا ميكن توقع������ه‪ .‬ففي عام ‪ 1998‬قتل‬ ‫إعصار «ميتش»‪ ،‬وهو أكثر األعاصير األطلس������ية تدميرا في ما‬ ‫يزيد على ‪ 200‬س������نة مضت‪ ،‬نحو ‪ 11 000‬شخص في هندوراس‬ ‫ونيكاراگوا وتس������بب بأضرار تقدر بباليني الدوالرات‪ .‬وفي عام‬ ‫‪ 2007‬أغرق اإلعصار املداري «نويل» نحو ‪ 80‬في املئة من مساحة‬ ‫والية تاباس������كو مؤديا إلى نزوح نحو نصف مليون من البش������ر‪.‬‬ ‫لقد كان نزوح الس������كان‪ ،‬بس������بب املخاطر الطبيعية‪ ،‬في املاضي‬ ‫محليا ولفترة قصيرة‪ .‬ولكن تكرار حدوث حاالت بالغة القس������وة‬ ‫قد يؤدي بالبعض إلى االستسالم والرحيل بصورة نهائية‪.‬‬ ‫إن احللول محيرة‪ .‬فقد جلأ الن������اس في املناطق الزراعية‬ ‫منذ وقت طويل إلى استراتيجية الهجرة املوسمية للتعامل مع‬ ‫املشكلة‪ ،‬فإذا س َّلمنا بأن معظم الهجرات املستقبلية قد تتدفق‬ ‫كما حدث في املاضي نحو الواليات املتحدة وكندا‪ ،‬فقد ينظر‬ ‫أصحاب القرار في البلدين إلى إصدار تأشيرات عمل مؤقتة‬ ‫عقب حدوث كوارث مناخية مثل اجلفاف الش������ديد والفيضان‬ ‫املدمر‪ .‬ويساعد املال الذي يرسله املهاجرون إلى عائالتهم في‬ ‫الوطن االقتصاد احمللي على التعافي بسرعة‪ ،‬كما يزيد قدرة‬ ‫أف������راد العائالت على حتمل تبعات اخل������راب‪ .‬أما على املدى‬ ‫ري‬ ‫البعي������د‪ ،‬فيجب على املخططني اإلقليمي���ي��ن تطوير تقنيات ّ‬ ‫حديثة تعتمد عل������ى توفير املياه‪ ،‬وإيجاد مصادر دخل جديدة‬ ‫للمزارعني املعتمدين في زراعتهم على األمطار‪.‬‬ ‫( ) ?‪What Can We Do‬‬ ‫(‪Intergovernmental Panel on Climate Change )1‬‬

‫التتمة في الصفحة‬ ‫‪45‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬

‫‪69‬‬

‫‪Scientific American, January 2011‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫مايو ‪/‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪6/5‬‬

‫بدايات‬

‫( )‬

‫مما يساعدنا على فهم ا ُألمور‪ .‬ولكـننا في بعض‬ ‫نسـرد دائما قصصا عـن العالَـم والكون وعـن أنـفسنا؛ ّ‬ ‫األحيان قد نَتيه ‪ -‬ملعرفتنا باملوضوع أو جلهلنا به ‪ -‬فننسى من أين تبدأ القصة حقيقة‪ ،‬ونفقد القدرة‬ ‫على إدراك مغزاها؟ ما هو التـنوع األحيائي؟ هـل السيارات الكهـربائية اختراع حديث؟ وحتى احلكاية‬ ‫املستهلكة عـن أصل اإلنسان تفتقد فصـال رئيسا‪ :‬كيف متكنت ُعصبة صغيـرة مـن جماعة تقوم على‬ ‫الصيد واجلمع وااللتقاط من الصمود أمام كارثة مناخية‪ ،‬لتصيـر أجدادا لنا جميعا‪.‬‬ ‫وفي هذه املقالة نعرض البدايات املدهشة لبعض األمور الغريبة واملألوفة‪.‬‬ ‫( ) ‪ORIGINS‬‬

‫‪46‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫كله في ا ُألسرةِ‬

‫( )‬

‫‪‎‬ما الذي أغرى الذ َكـ َر البشراني(‪ )1‬بالبقاء بعد التزاوج؟‬ ‫م������ن الـوجه������ة البـيولوجـية لـيس للذكور ش������يء يفعلونه بعد‬ ‫التسافد(‪ ،copulation )2‬وهو عملية جنسية عابرة‪ ،‬متاما كالعملية‬ ‫اجلنسية بني شخصني بالكاد تعارفا وال صلة بينهما بعدها(‪.)2‬‬ ‫لكن‪ ،‬ما الذي جعل الوال َد األو َل يقرر البقاء في مكانه فيما‬ ‫بعد؟ لقد كان وجوده ضروريا؛ إذ عند حلظة ما خالل الس������تة‬ ‫ماليـيـن س������نة منذ انفصال الساللة البشـرية عـن الشمپانزي‬ ‫ُ‬ ‫األطفال باهظي التكلفة مـن حيث الرعاية‪ ،‬أكثـر بكثيـر‬ ‫أصب������ح‬ ‫ُ‬ ‫ممِ ّ ا ميكـن لألم أن تتعهده مبفـردها‪ .‬فطفل الشمپانزي يستطيع‬ ‫إطعام نفس������ه مع بلوغه س������ـن الـرابعة‪ ،‬ولكـن أطفال البش������ـر‬ ‫يخـرج������ون مـن األرحام وهم ناقص������و النمو ويظلون معتمديـن‬ ‫د ْيهم سنوات أطول بكثيـر‪ .‬ووفقا ملا يقوله >‪ .H‬كاپالن<‬ ‫على وال َ‬ ‫[األنثـربولوج������ي مـن جامعة نيومكس������يكو] ف������إن الصياديـن‬ ‫ف������ي القبائل األمازونية ال يس������تطيعون البقا َء على قيد احلياة‬ ‫معتمدين على أنفس������هم فقط قبل بلوغهم سن الثامنة عشـرة‪.‬‬

‫وتصل مهاراتهم ذروتها خالل الثالثينات مـن أعمارهم ‪ -‬وفي‬ ‫هذا ال تختلف عـن حال إيرادات رجال ونساء معاصرين‪.‬‬ ‫ومـن الغـرابة مبكان أن متيل ُأس������ر الطيور أيضا إلى وجود‬ ‫آب������اء يبقون في البيت؛ إذ يش������تـرك كِ ال الوالديـ������ن في أكثـر مـن‬ ‫تسعيـن في املئة مـن أنواع الطيور في العناية بصغارهما‪ .‬وهذا‬ ‫النمط رمبا يكون قد نشأ ‪ -‬على األقل عند أغلب الطيور ‪ -‬عندما‬ ‫بدأ الذكور بالبقاء حول األعشاش حلماية الصغار مـن االفتراس‪.‬‬ ‫و ُي َع ِ ّبـ ُر عـن ذلك >‪ .O .R‬پـروم< [املخـتص فـي علـم األحـياء التطـورية‬ ‫مـن جـامعة يـيل] بـقوله‪« :‬إن طيرا غيـر قادر على الطيـران وجالسا‬ ‫في العش إمنا هو مخلوق ُمع َّرض للخطر‪».‬‬ ‫ورثت س������مات األبوة مـن‬ ‫بـ َ ْي������ َد أن بع������ض الطيور رمب������ا‬ ‫ْ‬ ‫الدينوص������ورات‪ .‬فيبدو أن ذك������ور ذوات األقـدام الوحش���ية‬ ‫‪ theropods‬القريب������ة تطورن������ا من الطيور‪ ،‬كان������ت تقوم بجميع‬ ‫عملي������ات بناء العش‪ ،‬متاما مثلما تق������وم به ذكو ُر النعام اليوم‪.‬‬ ‫حتس������ن‪ .‬ف ُأنـثى النعام تضع‬ ‫وهذا ال يعني أن كل ش������يء قد ّ‬ ‫بـيضة في عش زوجها ولكن عادة ما ِ ّ‬ ‫يلقحها ذكـ ٌر آخـر‪ .‬و ُي َعب ِـّر‬ ‫>پـروم< عـن ذل������ك قائال‪« :‬هنالك عالقة فضفاضة بـني الرعاية‬ ‫>‪ .B‬بوريل<‬ ‫األبوية وا ُألبوة‪».‬‬

‫قصة اجلنب‬

‫( )‬

‫فالحو منتجات األلبان السويسـريون ينشئون مؤسسة أمـريكية‪.‬‬ ‫معظم اجلبـن السويسـري املُستهلك هذه األيام في الواليات‬ ‫املتحدة ُيصنع في والية أوهايو‪ .‬إال أن ذائقتنا ‪ -‬وسندويش������ات‬ ‫اخلنزي������ر املق������دد ‪ -‬في نهاية األمر يجب أن تش������كر تلك الدولة‬ ‫ا ُألوروبي������ة الصغيـرة‪ .‬وبالذات‪ ,‬فإن اجلـب َـن ‪ -‬الذي يش������يـر إليه‬ ‫األمـريكيون دون غيـره بـهذا االسم العام ‪ -‬إمنا هو مديـن ملعظم‬ ‫جناحه إل������ى مناخ جبال األلب وحقوله������ا‪ .‬إذ ميكن حـ ّز اجلبـن‬ ‫شرائح بسهولة كبيـرة‪ ،‬كما ميكـن حفظه لفترات‬ ‫السويسـري إلى‬ ‫َ‬ ‫طويلة؛ ألن الفالحيـن السويس������ـريني فيما مضى مـن زمن عانوا‬ ‫معاناة بالغة في بـيع منتجاتهم خالل أشهـر الشتاء القاسية‪.‬‬ ‫وفقا لـِمؤرخ الطع������ام >‪ .A‬دلبي< فقد ُأ ْنت َِج ْت منذ أكثـر مـن‬ ‫صلبة‬ ‫ألفي عام في سويس������ـرا واملناطق احمليط������ة بها أجبانٌ ُ‬ ‫ومعتدل������ة الطعم ش������بـيهة باجلنب السويس������ـري املعـروف هذه‬ ‫األيام‪ .‬وملا كان مـن الصعب على الفالحيـن اجتياز اجلبال في‬ ‫صن ِْع‬ ‫فصول الش������تاء كي يـبـيعوا س������لعهم‪ ،‬فلرمبا عدلوا عـن ُ‬ ‫أن������واع األجبان الليـنة والطازجة لصالح األجبان الصلبة التي‬ ‫«ميكن أن تحُ فظ في أمان لـزمن طويل»‪.‬‬ ‫إضـافـ������ة إلـى ذلـ������ك‪ ،‬متتلـك األجـبان السويس������ـريـة الصلـبة‬ ‫‪47‬‬

‫صفـات مـميـزة ُأخـرى مـن ضـمنها نكـهة مـعتدلة الطـعم تش������به‬ ‫نكهة املكسرات‪ ،‬وإمكان اس������تخدامها في الطبخ إلعطائه قدرا‬ ‫بدأت‬ ‫من الكثافة‪ ،‬مـما أكسب هذه األجبان جــاذبـية واسعة‪ .‬لقد ْ‬ ‫الصناعة األمـريكية للجبـن السويس������ري س������نة ‪ ،1845‬وذلك بعد‬ ‫هجـرة سبع وعش������رين عائلة سويسـرية إلى والية ويسكونسـن‪.‬‬ ‫أما الثقوب املميـزة لها ‪ -‬التي يسميها صناع األجبان «عيونا» ‪-‬‬ ‫ـرت تاريخيا‬ ‫فتـتكون أثناء اإلنتاج بفعل عدم اتساق الكبس واع ُت ِب ْ‬ ‫مؤش������ـرا على القصور؛ إذ يقول >دلـبـي<‪« :‬ميكنك قـراءة وصف‬ ‫صنع اجلبـن مـن عصور القـرون الوسطى أو مـن أوائل العصور‬ ‫احلديثة ما يرشدك بدقة إلى كيفية جَ َ‬ ‫تنُّب تكـ ّون الثقوب»‪ .‬ومن ثم‬ ‫>‪ .W .M‬موير<‬ ‫«فغدت تقريبا عالمة جتارية‪».‬‬ ‫يضيف‪ :‬أما اآلن‬ ‫ْ‬ ‫( ) ‪ALL IN THE FAMILY‬‬ ‫( ) ‪CHEESE STORY‬‬ ‫(‪the male hominid )1‬‬

‫(‪ )2‬عملية شاع وصفها بـ ‪ wham-bam and thank-you-ma’am‬على حد قول األنثربولوجي‬ ‫>‪ .G .K‬أندرسون< [من جامعة أوكالهوما]‪ ،‬وهو مؤلف مشارك في كـتاب األ ُبوة‪ :‬تطور‬ ‫وسلوك األبوة عند البشـر ‪.Fatherhood: Evolution and Human Paternal Behavior‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫جراثيم إلكترون ّية‬

‫( )‬

‫أولى الڤيروسات احلاسوبية تف ّرخ سباقَ تسلح‬ ‫في عالم البـرمجيات‪.‬‬ ‫ظهرت اجلراثي������م اإللكتروني������ة ‪ - Maleware‬وهي املجموعة‬ ‫الضارة من البـرمجيات اخلبيثة التي تـتضمن أحصـنة طـروادة‬ ‫‪ Trojan horses‬والديدان ‪ - worms‬أول مرة في أوائل السبعينات‬ ‫من القــرن املاضي‪ ،‬قبل دخول احلواس������يب الش������خصية دائرة‬ ‫اهتمامات عامة الناس‪ .‬إذ أصاب برنامج ‪ -‬ينس������خ نفسه ذاتيا‬ ‫ُيطلق عليه اس������م كريپر ‪ - Creeper‬شبكة آرپانت(‪،ARPANET )1‬‬ ‫وهي الشبكة التي كانت أس������اس اإلنترنت‪ .‬ولكن هذا الڤيروس‬

‫بداية ميكي ماوس‬

‫( )‬

‫مصادر اإللهام للصور املتحـركة‬ ‫املعاصـرة بدأت منذ زمـن بعيد‬ ‫بأحالم و ُدمى‪.‬‬ ‫ف������ي كل م������رة يصط������دم فوت������ون بخلي������ة‬ ‫اس������تقبال ضوئية في شبكية العني‪ ،‬فإنه يؤدي‬ ‫(‪)2‬‬ ‫إلى تفاعل كيميائي على ش������اكلة جهاز روبي‪-‬گولدبيرگ‬ ‫يس������تغرق أعشارا مـن املليثوان كي يهدأ‪ .‬غيـر أننا ال نالحظ‬ ‫تل������ك االنـقطاع������ات ألن أدمغـتـنا تقوم بتس������ويتها فتـبدو لنا‬ ‫ٌ‬ ‫وكأنها س ٌ‬ ‫متواصل مـن الـمعلومات البصـرية‪ ،‬ولكن هذه‬ ‫������يل‬ ‫االنقطاعات هي بالضبط ما يحتاج إليه أمثال والت دزني مـن‬ ‫رسامي الرسوم املتحركة‪.‬‬ ‫ومـن املؤكد أن������ه لم يكـن أولئك الرس������امون أو َل َمن الحظ‬ ‫وجود هذا اخلداع في اإلدراكات احلسية الذي غالبا ما ُيدعى‬ ‫اس������تمـرارية اإلبصار‪ .‬فقد وجد >أرسطو< أنه عند حتديقه في‬ ‫الش������مس فإن الصورة «احملروقة في العني» للشمس تضمحل‬ ‫تدريجي������ا‪ .‬كما أن الش������اعـر الـروماني تيت���وس لوكـرتيوس‬ ‫(‪)3‬‬ ‫َ‬ ‫وصف حلما رأى فيه سلس������ل َة صور متعاقبة ُتع ُ‬ ‫ـرض‬ ‫كارس‬ ‫أمامه بشكل سـريع منـتجة الوهم باحلركة‪ .‬عند ذلك الوقت كان‬ ‫الصينيون اخترعوا ش������او هوا شي كوان (األنبوب الذي يظهر‬ ‫اخلياالت)‪ ،‬وهو أداة ُأس������طوانية غـريـب������ة الصنع َتعـ ْ ِر ُ‬ ‫ض عند‬ ‫تدويرها ف������ي الـريح صورا متـتالية‪ .‬كانت اآللة تحُ دث انطباعا‬ ‫بوجود حيوانات أو بش������ر متحركني‪ ،‬كما ذكر >‪ .J‬نيدهام< في‬ ‫‪48‬‬

‫لم يك������ن خبيثا ‪ -‬إذ إنه كان يق������وم مبجرد طباعة‬ ‫استطعت!» على‬ ‫عبارة «أنا الكريپر امسكني إن‬ ‫َ‬ ‫الشاشة‪ ،‬بيد أنه السبب في تطوير أول برنامج‬ ‫ملكافحة الڤيروسات ُيدعى ريـپـر ‪ Reaper‬الذي‬ ‫جنح في مسحه‪.‬‬ ‫تكاثـرت الڤيروس������ات بش������كل واس������ع مع انتش������ار‬ ‫احلواسيب الش������خصية خالل الثمانينات من القرن املاضي‪.‬‬ ‫كم������ا أصاب ڤيروس أل������ك كلونـ������ر ‪ - Elk Cloner‬أول ڤيروس‬ ‫للحواسيب الش������خصية ‪ - PC‬أول حواسيب آپل ‪ .Apple‬وفي‬ ‫عام ‪ 1986‬ظهر الڤيروس املس������مى برين ‪ Brain‬في احلواسيب‬ ‫الشخصية التي تعمل على نظام تشغيل مايكروسوفت‪ ،‬وانتشر‬ ‫ي<‬ ‫من خالل األقراص املدمجة ‪.floppy disks‬‬ ‫>‪َ .M‬م ْ‬

‫كتابه «العلم واحلضارة في الصني»‪.‬‬ ‫وحس������بما يقول >‪ .D‬كرافنت< [من جامعة نوتردام ومؤلف‬ ‫كت������اب «ما قب������ل ميكي م������اوس»]‪ :‬إن األوروبيني ف������ي الـقـرن‬ ‫للص َور الـمتحـركة‪ ،‬على‬ ‫التاسع عشـر ط ّوروا أداتهم اخلاصة ُّ‬ ‫ش������كل أقـراص د ّوارة وصندوق الدنيا ‪ُ zoetrope‬تظـ ْ َهـ ُر عليه‬ ‫رسوم متتالية ميكن مشاهدتها مـن خالل حـ ّز طولي‪ .‬وفي عام‬ ‫ض ُ‬ ‫‪ُ 1908‬ع ِـر َ‬ ‫أول فيلم رسوم متحركة عنوانه فانتاسماگوريا‬ ‫‪ Phantasmagoria‬مك ّون من تسلس������ل س������بعمئة رس������م تـم ِثلّ‬ ‫قـَطـ ْ َع رأس مه ِ ّـرج ومواقف كوميدية عنيفة‪ ،‬واس������تغرق عرضه‬ ‫دقيقتني‪ .‬وكان عمال بصريا خارقا‪ ،‬مع كونه غير سلس وفقا‬ ‫للمقايـيس الشديدة التطلب لهذه األيام‪.‬‬ ‫لـ������م يـلـحـ������ق الـعِ لـم بـرس������ـامي الرس������وم املتحركة إال فـي‬ ‫س������ـنة ‪ 1912‬حـيـن كـشـف >‪ .M‬فـيـرتهيمر< في بحثه «دراسات‬ ‫جتريبية في رؤية احلـركة»(‪ )4‬أن خداع العني البشرية يحتاج‬ ‫إلى عـرض خمس وعشرين صورة في الثانية الواحدة‪ .‬ومـن‬ ‫حسن احلظ أن البشـر ال ميتلكون حاسة بص ِـر ذبابة الفاكهة‬ ‫التي حتتاج إلى عـرض أكثـر مـن مئـتي صورة في الثانية‬ ‫>‪ .B‬بوريل<‬ ‫كي تـرضخ َ لوهم احلـركة‪.‬‬ ‫( ) ‪ELECTRONIC PATHOGENS‬‬ ‫( ) ‪BEFORE MICKEY MOUSE‬‬ ‫(‪:The Advanced Research Projects Agency Network (ARPANET( )1‬‬

‫كان������ت‬ ‫أول ش������بكة عاملية تتلقى املعلومات الرقمية بغض النظر عن محتوياتها‪،‬‬ ‫وهي التي حتولت في ما بعد إلى اإلنترنت‪.‬‬ ‫(‪ )2‬جهاز روبي ‪ -‬گولدبيرگ‪ :‬اش������تهر >روبي گولدبيرگ< بإعداد رسوم‬ ‫متحركة ألجهزة ش������ديدة التعقيد تقوم بأعمال غاية في البس������اطة‪.‬‬ ‫ويس������تخدم التش������بيه بجهاز روبي گولدبيرگ للداللة على األنظمة‬ ‫املعقدة أكثر من الالزم‪.‬‬

‫(‪Poet Titus Lucretius Carus )3‬‬ ‫(‪Experimental Studies on the Seeing of Motion )4‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫اجلنس ضـرور ٌة حقا؟‬ ‫‪‎‬هل ممارسة‬ ‫ُ‬

‫( )‬

‫معظم الكائنات احلية متارس‬ ‫اجلنس لكن الكل يجهل السبب‪.‬‬

‫زوج مـن كائنات‬ ‫منذ قـرابة بليوني س������نة‬ ‫ْ‬ ‫مضت ارتكب ٌ‬ ‫أحادية اخللية خطأ فادحا مبمارستهما اجلنس‪ .‬ونحن ال‬ ‫نزال نعيش العواقب‪ .‬فالتكاثـر اجلنس������ي إمنا هو الوسيلة‬ ‫املفضلة لدى جـزء س������احق مـن أنواع الكائـنات احلية على‬ ‫كوكب األرض‪ ،‬مع أنها وس������يلة قاصـر ٌة في ش������يء كثيـر‬ ‫مما هو مـرغ������وب فيه مـن وجهة نظـر التطور‪ .‬إذ إن إيجاد‬ ‫زوج محتمل والتودد إليه يستهلكان وقتا طويال وطاقة مـن‬ ‫املمكـن بذلها على نحو أفضل على نس������ل الفرد مباشـرة‪.‬‬ ‫فممارسة اجلنس ليست بالضـرورة أحسـن طـريقة متاحة‬ ‫أم������ام األنواع لتحقي������ق اللياق���ة الدارويني���ة ‪Darwinian‬‬ ‫ُ‬ ‫ري ل������كل فـرد َن ْق ُل أكبـر‬ ‫‪ .Fitness‬إذ ل������و كان‬ ‫الهدف التط ّو ّ‬ ‫عدد ممكـن مـن اجلـينات إل������ى اجليل التالي‪ ،‬لكان‬ ‫االستنساخ أكثـر بساطة وسهولة‪.‬‬ ‫في احلقيقة ال يعرف فعال أحد األسباب‬ ‫التي جتع������ل البش������ر ‪ -‬واحليوانات‬ ‫والنباتات والفطري������ات األخرى ‪-‬‬ ‫يفضلون التكاثر اجلنس������ي بدال‬ ‫مـن التبرعم مثال‪ .‬يقول >‪.C .S‬‬ ‫س������ترينز< [املختص في علم‬ ‫األحي���اء التط���وري(‪ )1‬مـن‬ ‫جامع������ة يـَي������ل األمـريكية]‪:‬‬ ‫«إن العلماء اآلن ينش������طون‬ ‫في مناقش������ة ما يـزيد على‬ ‫أربع���ي��ن نظري������ة مختلف������ة‬ ‫حول السبب في االنـتـشار‬ ‫الواس������ع للجنس‪ ».‬وفي كل‬ ‫من تل������ك النظـري������ات مواطنُ‬ ‫ضعف؛ ولكـن يبدو أن النظـرية‬ ‫األوفـر حظا في الوقت الراهن هي‬

‫كي تستطيع البقاء متقدمة خطوة على الطفيليات‪ .‬إذ يتيح لها‬ ‫التكاثـ ُر اجلنسي إعادة خلط أوراقها اجلينية مع كل جـيل‪.‬‬ ‫باق إلى األب������د‪ .‬إذ عندما تتـعلق‬ ‫ال يعن������ي هذا أن اجلنس ٍ‬ ‫ا ُألم������ور بالتكاثر يكون التطور كش������ارع ذي مس������ارين‪ .‬فمـن‬ ‫املعـروف أنه عندما تـش������ح املوارد واألزواج تعود معظم أنواع‬ ‫احليوانات تقـريبا إلى التكاثـر الالجنس������ي‪ .‬فمثال في الشهر‬ ‫وضعت ُأنثى تـنيـن كومودو املسماة فلورا‪ ،‬واملوجودة‬ ‫‪2006/5‬‬ ‫ْ‬ ‫في حديقة حيوان إنـكليزية‪ ،‬إحدى عش������رة بيضة مع أنها لم‬ ‫تتصل ب������أي ذكر‪ .‬كما أن التكاثر الع������ذري أمـر اعتيادي في‬ ‫أفعى أصيص الزهور‪ ،‬وهي مخلوق ُأنـثوي فقط وقد انـتشـرت‬ ‫ف������ي كل أنح������اء العالم فردا ف������ردا في كل م������رة‪ .‬ولكن يبدو‬ ‫مت مـن خيار‬ ‫أن الثديي������ات ‪ -‬مبا في ذلك البش������ر ‪ -‬ق������د ُح ِـر ْ‬ ‫االستنس������اخ‪ ،‬ويـبدو أنه ُمقـَ������ ّد ٌر لحِ ياتنا أن تتضمن وفـرة مـن‬ ‫>‪ .B‬بوريل<‬ ‫اجلنس في األوقات الطيبة أو السيئة‪.‬‬

‫فرضي���ة امللكة احلمراء ‪Red Queen‬‬

‫اكتسبت الفرضية اس َمها‬ ‫‪.Hypothesis‬‬ ‫ْ‬ ‫مـن سباق في قصة «مـن خالل املـرآة» مـن‬ ‫تألي������ف >‪ .L‬كارول<‪ .‬متاما مثلما تعني على >آليس<‬ ‫االستمـرار بالـركض لتتمكن من البقاء في املكان نـفسه‪ ،‬كذلك‬ ‫يجب على الكائـنات احلية االستمرار بتغييـر تركيبها اجليني‬ ‫(‪)2‬‬

‫‪49‬‬

‫( ) ?‪IS SEX REALLY NECESSARY‬‬

‫(‪ )1‬البيولوجيا التطورية‪.‬‬

‫(‪Through the Looking Glass )2‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫اقتفاء أثر أحد الطفيليات‬

‫( )‬

‫تـ َع ّق َب العلماء وقوع أولى الضحايا البشـرية‬ ‫مضت‪.‬‬ ‫للمالريا إلى مجـرد ‪ 10 000‬سنة‬ ‫ْ‬ ‫ألكث������ر من قرن ظل الباحثون يحاولون معـرف َة كيفية ظهور‬ ‫أول إصابة للمالريا في البش������ـر‪ .‬إن هذا التس������اؤ َل ُمل ٌِـح ألن‬ ‫أكثـر مـن مليوني ش������خص ميوتون س������نويا مـن جـ ّراء طفيلي‬ ‫املالريا پالزموديوم (املُتَصوّ رة) ‪ ،Plasmodium‬ورمبا في يوم‬ ‫ما يقدم َف ْه������ ُم أصول املالريا أدلة على بيولوجيته املعقدة‪ .‬في‬ ‫الش������هر ‪ 2009/9‬تمَ ّ ُّ‬ ‫حل جـزء مـن اللغـز عندما اكتـشـف فـريق‬ ‫مـن الباحثيـن أن الس���ل��الة الـرئيسية التي تصيب البشـر وهي‬ ‫َصوّ رَة ا ِملنْجَ لية) ‪،P. falciparum‬‬ ‫پالزموديوم فالسيپامن (املُت َ‬ ‫رت مـن صيغة س���ل��الة ُأخـرى للطفيلي وهي پالزموديوم‬ ‫تط ّو ْ‬ ‫َص���وّ رَة الـرايخـنومي���ة) ‪ P. reichenowi‬الذي‬ ‫ريخين���وي (املُت َ‬ ‫يصيب الشمپانزيات في الوقت احلاضر‪ .‬وقد حدثَ ذلك قبل‬ ‫‪ 10 000‬سنة التي تُعتبـر حلظة في حساب التطور‪.‬‬ ‫تس������تـند هذه االكتش������افات إلى مقارنة جزيئية جلينومات‬

‫َط َّقة‪ ،‬فـرقع ٌة‪َ ،‬د ِو ّي‬

‫( )‬

‫اختـرع الصينيون القدماء األلعاب النارية كي‬ ‫يبعدوا رجاال تبلغ أطوالهم عشـرة أقدام‪.‬‬ ‫رمب������ا تكون الطق������وس الصاخبة ف������ي الصيف ‪ -‬عروض‬ ‫األلعاب النارية ‪ -‬قد نشأت كتقليد علمي في الصيـن القدمية‪.‬‬ ‫وقب������ل اخت������راع الصينيني الورق في القـ������رن امليالدي الثاني‬ ‫كان ال َك َت َب������ ُة يحفـرون ‪ -‬باس������تعمال الـمِ ـر َقم ‪ -‬جمي َع الـرموز‬ ‫التصورية ‪ ideograms‬على األس������طح املصقولة من س������يقان‬ ‫مت هذه الطريقة كوس������يلة‬ ‫اخليزران األخضر‪ .‬وقد اس������تُخدِ ْ‬ ‫لتس������جيل الـمعام���ل��ات التجارية والقص������ص‪ .‬وعند جتفيف‬ ‫السيقان على النار كانت اجليوب الهوائية في اخلـشب تتفجر‬ ‫في العادة محدثة فرقعة عالية‪ .‬وبالطبع‪ ،‬صــار إنتاج الـصـوت‬ ‫تدريجيا هـو الـهـدف الرئيس لـتـلك التجربة‪.‬‬ ‫إذ يـش������ـرح الكِ تاب الكالسيكي الصيني شينگ ‪ Ching‬أو‬ ‫«كتاب التغيير» كيف جنح������ت املفرقعات واأللعاب النارية في‬ ‫إبعاد شان ش������ان ‪ ،Shan Shan‬وهم رجال اجلبال الذين يبلغ‬ ‫‪50‬‬

‫الطفيلي���ي��ن‪ .‬إذ ق������ام >‪ .S‬ريتش< [املختص ف������ي علم اجلينات‬ ‫الوراثية مـن جامعة ماساتشوس������تس في مدينة آمهـرس������ت]‬ ‫وزمالؤه بقياس التنوع ‪ diversity‬في اجلينومات‪ ،‬وهذا عبارة‬ ‫ع������ن قياس تقديري للعمر (إذ متيل اجلينومات إلى اكتس������اب‬ ‫مكون������ات جينية مع مرور الزمن‪ ).‬فمن املمكن أن يصل مقدار‬ ‫التنوع في جينومات پالزموديوم ريخينوي ما يعادل عش������رين‬ ‫مـرة التنوع في فالس������يپامن‪ ،‬وهذا يعني أن الرايخنومية أقدم‬ ‫بكثير‪ .‬ويقول >ريتش<‪« :‬يبدو أن املالريا أصابت الشمپانزيات‬ ‫دت الشمپانزيات‪».‬‬ ‫منذ أن ُو ِج ْ‬ ‫أما تعقب منش������أ پالزموديوم ريخينوي فمسأل ٌة أكثـ ُر تعقيدا‪،‬‬ ‫ليس أقلها تعقيدا س������ع ُة انـتش������ار املالريا‪ ،‬ويقول >ريتش<‪« :‬إننا‬ ‫جندها في الفـقـاريات على اليابسة‪ ،‬وفي كل مكان وحيثما وجهنا‬ ‫ي<‬ ‫أنظـارنا»‪ ،‬ويضيف قائال‪« :‬نحـن قد بدأنا للتو‪».‬‬ ‫>‪َ .M‬م ْ‬

‫طولهم عشرة‬ ‫أقدام‪ .‬وبعد ذلك‬ ‫حس������ن الصينيون‬ ‫ّ‬ ‫املفرقع������ات بإضافة‬ ‫الب������ارود إلى س������يقان‬ ‫اخليـزران‪.‬‬ ‫ل������م جُتـ������ َر أول������ى‬ ‫عـ������روض لأللع������اب‬ ‫الناري������ة إ ّال مع حلول‬ ‫القـ������رن الثاني عش������ـر‪ .‬وفي‬ ‫ع������ام ‪ 1257‬كتب الـفيلس������وف‬ ‫اإلنـجليـ������زي >‪َ .R‬بـيك������ون< عـن «لـعبة‬ ‫األطـفال تل������ك» وعـن «الصوت الفـظيع»‬ ‫الذي تصدره والذي «يفوق الهزمي احلاد‬ ‫للـرع������د»‪ ،‬ه������ذا الدوي احل������اد ال يذ ِّكر‪،‬‬ ‫نعم‪ ،‬بش������يء أكثـر مـ������ن احتفال آخر من‬ ‫احتفاالت الرابع مـن الشهر ‪.7‬‬ ‫( ) ‪ON THE PARASITEʼS TRAIL‬‬ ‫( ) ‪SNAP, CRACKLE, BANG‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬

‫ي<‬ ‫>‪َ .M‬م ْ‬


‫السياج الشائك‬

‫( )‬

‫ـراع األسالك الشائكة جناحا جتاريا‬ ‫كان اخت ُ‬ ‫وموضوع نـزاعات قانونية عنيفة‪.‬‬ ‫ضخما‬ ‫َ‬ ‫في إح������دى حلظات الـحضارة تراجع الرعي أمام الفِ الحة‪.‬‬ ‫األم������ر الذي أوجد احلاجة إلى ابت������كار طريقة ما ل َت ْم َن َع األبقا َر‬ ‫دت فكرة‬ ‫واخلنازي َر مـن التجول بحرية في املروج‪ .‬تلك احلاجة و ّل ْ‬ ‫التسييج‪ .‬وقد كانت األسيجة اخلشبية من أوائل األسيجة‪ ،‬غير‬ ‫أن بناءها مكلف ويس������تغ ِـرق وقتا طويال‪ .‬ومع حلول عام ‪1870‬‬ ‫صار احلصول على أس���ل��اك ملساء سهال‪ ،‬وشاع استعمالها‬ ‫في مزارع تربية املواش������ي‪ .‬ولكن املاش������ية كانت ّ‬ ‫حتك ظهورها‬ ‫باألس���ل��اك‪ ،‬وفي بعض األوقات تتمك������ن إحداها من املرور من‬ ‫خالل األسالك‪ ،‬وفي نهاية األمر يتمكن القطيع كله من املرور‪.‬‬ ‫حمل ذلك >‪ .M‬كيل������ي< [مختـرع مـن مدينة نيويورك] على‬ ‫التفكير في طـريقة تقلل مـن جعل الس������لك مـريحا كأداة ِ ّ‬ ‫حلك‬ ‫دحت في ذهنه فكـر ُة لـَ������وي قِ طـَع صغيـرة مـن‬ ‫ظهـ������ر البقر‪َ .‬ف َق ْ‬

‫‪‎‬غسل اليدين‬

‫( )‬

‫ارتفاع الوفيات في جناح الوالدة بأحد‬ ‫ُ‬ ‫املستشفيات قا َد أح َد األطباء إلى‬ ‫اكتشاف أهمية غسل اليدين‪.‬‬

‫في أواس������ط أربعينات القـرن التاسع عشـر الحظ الطبـيب‬ ‫الهنـگاري >سميلڤيـز<(‪ِ )1‬بذعـر أن ‪ %15‬مـن ا ُألمهات احلديثات‬ ‫اإلجناب في مستش������فاه العام في ڤيينا ُك ّن يتو َف ْي َـن مـن مـرض‬ ‫استمات >سميلڤيـز<‬ ‫يس������مى حمّ ى النّـفاس ‪.puerperal fever‬‬ ‫َ‬ ‫يدرك كيفية ذلك‪.‬‬ ‫في مسعاه إلى منع هذا املـرض لكنه لم يكن ِ‬ ‫وحـينما كان يقل ِـ ّ ُب التـفكيـر في املش������كلة َعـ ـ ِل َم بـوف ــاة صديقه‬ ‫>‪ .J‬كوليتش������كا< [خبـيـر بعلم األمـراض في الطب الش������ـرعي]‬ ‫متأثـ������را كما بدا باملـرض نفس������ه‪ .‬وقد ح������دث ذلك بعد بضعة‬ ‫أيام فقط من تعرض >كوليتش������كا< لل َوخز َعـ َرض ًا من قبل أحد‬ ‫الطلبة‪ ،‬وذلك بمِ ِ بضع اس ُت ْعمِ ل في تشـريح جثة‪.‬‬ ‫دعا هذا اخلبر إلى توقف >سميلڤيـز< لبرهة‪ .‬فقد اعتاد طلبة‬ ‫الطب في مستـشفاه االنـتقال مباشرة من املَشرحة إلى جناح‬ ‫الوالدة دون غس������لِ أيديهم‪ .‬فهل كان������وا يحملون العدوى إلى‬ ‫‪51‬‬

‫َ‬ ‫أس���ل��اك حادة تل������ف من ثم‬ ‫حول األس���ل��اك العادية‪ .‬وفي‬ ‫سج َل بـراءة اختـراعه‬ ‫عام ‪ّ 1868‬‬ ‫حتت اس������م «س������ياج ش������ائك»‪.‬‬ ‫وسرعان ما حققت الفكرة جناحا‬ ‫كبيرا واجتذبت الدعاوى القضائية‪.‬‬ ‫فيذكر امل������ؤرخ >‪ .T .R‬كلفتون< «أنه ما‬ ‫������ت الفكرة‬ ‫ب���ي��ن ليلة وضحاه������ا تقريبا من ْ‬ ‫ِـتصبح مـصد َر ثـراء وموضع نزاعات قانونية‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫شرس������ة تصطبغ بالتهم والتهم املض������ادة امللتهبة‬ ‫باجلشع وبانتهاك حقوق براءة االختراع‪».‬‬ ‫اصطدم >‪ .J‬گلدون< [مـن مدينة دي كالب في والية إلينوي]‬ ‫بعقبات قانونية حول أس���ل��اك محس������نة ُيستعمل فيها سلكان‬ ‫مجدوالن لتثبيت األسالك الشائكة في مكانها‪ .‬وفي عام ‪1892‬‬ ‫فعت قضيتُه إلى احملكمة العليا للواليات املتحدة األمـريكية‪،‬‬ ‫ُر ْ‬ ‫مما جعلت������ه األب غيـر املنازع الختـراع‬ ‫الت������ي‬ ‫ْ‬ ‫قضت لصاحله ّ‬ ‫آ َذ َن ‪ -‬أكثـر مـن أي اختراع آخـر ‪ -‬بانـتهاء املـراعي املفـتوحة‬ ‫ي<‬ ‫في الغـرب األمـريكي‪.‬‬ ‫>‪َ .M‬م ْ‬ ‫ا ُألمهات؟ وهل كان ذلك س������بب وفاتهن؟‬ ‫أهنالك فائدة من غسل األيدي؟‬ ‫ولكي يختبـر >س������ميلڤيـز< فرضية‬ ‫غس������ل األيدي الق������ذرة‪ ،‬جع������ل طلبته‬ ‫يغس������لون أيديه������م بخلي������ط مـ������ن ماء‬ ‫وكلورين (إذ ال يـزي������ل الصابون واملاء‬ ‫������ت احلمى‬ ‫رائحة اجلث������ث)‪ .‬فانخفض ْ‬ ‫في جناح الوالدة بسـرعة بنسبة ‪.%10‬‬ ‫وأصبح غسل األيدي نهجا تقليديا في‬ ‫مستشفى >سميلڤيـز<‪.‬‬ ‫وقد استغـرق ترسيخ هذه السياسة على نطاق واسع أربعني‬ ‫عاما‪ .‬وحتى يومنا هذا ال يواظب العاملون في املستش������فيات‬ ‫على اتباع هذا النهج بالنسق الذي يتعني عليهم‪ .‬فوِ ْف َقا لدراسة‬ ‫ال ت������زال قيد البحث في مجلس ميـريالند للنوعية الصحية‬ ‫والتكلف���ة(‪ ،)2‬فإن ‪ %90‬مـن موظفي املستش������فيات يغس������لون‬ ‫أيديهم إذا كان هناك َمـ������ ْن ينظـر إليهم‪ ،‬ولكن ‪ %40‬منهم فقط‬ ‫ي<‬ ‫يقومون بذلك عندما يكونون وحدهم‪.‬‬ ‫>‪َ .M‬م ْ‬ ‫( ) ‪THORNY FENCE‬‬ ‫( ) ‪SCRUBS‬‬ ‫(‪Semmelweis )1‬‬ ‫(‪Maryland Health Quality and Cost Council )2‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫حيوان أخالقي‬

‫( )‬

‫ينشأ اإلحساس باخلطأ والصواب عن توصيالت‬ ‫عصبية فطرية ‪ innate‬في الدماغ‪.‬‬ ‫من������ذ أمد بعيد كان������ت جذور األخ���ل��اق املعاصـرة موض َع‬ ‫خ���ل��اف بـيـن علماء النفس والفالس������فة وعلماء األعصاب‪ .‬هل‬ ‫ـسنا األخالقية عـن قدراتنا على التعقل‪ ،‬تلك القدرات‬ ‫ْ‬ ‫نشأت ُأس ُ‬ ‫دراسات‬ ‫نشأت عـن عواطفـنا القدمية؟ ثمة‬ ‫احلديثة نسبيا‪ ،‬أم‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫أضفت مؤخـرا دعما إلى الـرأي القائل إنـنا مدينون بكثيـر مـن‬ ‫ْ‬ ‫إحساسنا بالصواب واخلطأ إلى أسالفنا من احليوانات‪.‬‬ ‫تتأت������ى األدلة التي تدعم كون األخالق س������ابقة على التعقل من‬ ‫دراسات الرئيس������ ّيات‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬قد يغرق الشمپانزي في‬ ‫بعض األحيان في سبـيل إنقاذ زمالئه‪ ،‬وقد يـرفض الطعام إذا أ ّدى‬ ‫رفضه إلى حماية اآلخـريـن مـن األذى‪ .‬لكن ذلك ال يعني أنه مخلوق‬ ‫متطور أخالقيا‪ ،‬إمنا «ليس������ت األمور كما لو أن أخالقنا وقواعدنا‬ ‫األخالقية ما هي إال اختـراعات صـرفة للعقل الديني أو الفلسفي»‪،‬‬ ‫عل������ى حد قول >‪ .F‬دو فال< [املختص في علوم الـرئيس������ ّيات وعلم‬ ‫النفس في جامعة أموري]‪ .‬تقترح أبحاث >دو فال< أن أخالقياتِـنا‬ ‫ناجمة عـن ميول أس���ل��افنا االجتماعية‪ ،‬وهي داللة على أنها س������مة‬ ‫متط������ورة على األقل في جـزء منها (وهي فكـرة اعتقدها >تش������ارلز‬ ‫دارون<)‪ .‬ويـب������دو أيضا أن للكالب حس������ ًا قوي ًا ح������اد ًا بـ «العدالة‬

‫‪َ ‎‬ب َّقة حضـرية‬

‫( )‬

‫ڤيروس‬ ‫‪‎‬جعلت‬ ‫إن ظـروف املعيشة املـزدحمة‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اإلنفلونـزا في مقدمة العوامل‬ ‫املهددة للصحة العامة‪.‬‬

‫قبل زهاء ‪ 2400‬س������نة‪ ،‬وصف >أپقـراط< أعـراض اإلنفلونـزا‪ ،‬إال‬ ‫أن ڤي������روس اإلنـفلونـزا لم يصبح تهديدا حقيقيا إ ّال بعد أن نش������أت‬ ‫املس������توطنات املس������تقـرة والكثيفة بالس������كان وبعد أن تنامت تـربـية‬ ‫احليوان������ات‪ .‬إن اكتظاظ الناس وحيواناتهم أ َم������ ّد الڤيروس ِب ُفـرص‬ ‫كثيرة كي يثب مـن نوع إلى آخر ِ‬ ‫مكتسبا في طـريقه صفات مميتة‪.‬‬ ‫في القـرن الس������ادس عشـر ُس ِ ّجلـ َ ْت أولى أوبئة اإلنـفلونـزا‪.‬‬ ‫فقد س������لك الوباء الذي حدث س������نة ‪ 1580‬مسارا مألوفا اليوم‬ ‫عند أخصائيي األوبئة‪ :‬إذ بدأ في آس������يا أثـناء فصل الصيف‬ ‫‪52‬‬

‫الوحش������ية» وِ فق ما يقوله >‪ .M‬بكوف< [أس������تاذ متقاعد في جامعة‬ ‫كول������ورادو ‪ -‬پولدر]‪ .‬فقد الحظ وج������ود حس أخالقي بني الكالب‬ ‫أثناء لعبها‪ .‬فيذكر أن «احليوانات تمُ ّيـِز بني الصواب واخلطأ‪».‬‬ ‫إذا كانت األخالق فطـرية وليس������ت مكتس������بة فال بد أن تـتـرك‬ ‫������ات تقترح أن القـ������رارات األخالقية‬ ‫آث������ارا بـيولوجية‪ .‬فثمة دراس ٌ‬ ‫ترتبط بأجــزا َء معينة مـن الدماغ كتلك املتعلقة بامليل إلى السمات‬ ‫االجتماعية والتنظيمية‪ ،‬وذلك في املنطقة ما قبل اجلبهية البطنية‬ ‫الوس���طى من القش���رة ‪ .the ventromedial prefrontal cortex‬وعند‬ ‫إجراء مس������ح باألش������عة للدماغ‪ ،‬تضيء هذه املنطقة عندما َيختار‬ ‫ِ‬ ‫ـرع باملال ألعمال خيرية‪،‬‬ ‫األشخاص الـخاضعون‬ ‫لالختبارات التب َ‬ ‫صدرون أحكاما‬ ‫أما بالنسبة إلى أولئك املصابـيـن بضـرر فيها ف ُي ِ ّ‬ ‫أخالقية غيـر متوقعة‪ .‬وكذل������ك ِ ّ‬ ‫حتفــز ُ‬ ‫بعض املعضالت األخالقية‬ ‫������ن الدماغ مـرتبطة باتخ������اذ القـ������رارات العقالنية‪ ،‬مثل‬ ‫مناطق م َ‬ ‫قش���ـرة احلـزام األمامي ‪ .the anterior cingulate cortex‬ويدل هذا‬ ‫االكتشاف ضمنيا على أن الوظائف العليا للدماغ قد تسهم أيضا‬ ‫في أخالقـنا حتى ولو كانت متجذرة في العواطف‪.‬‬ ‫يقول >دو فال< يتعني علينا في نهاية األمـر تـقدمي شكـر إلى‬ ‫أسالفنا في السلسلة التطورية ألمور أعمق بكـثيـر مـن مجـرد‬ ‫نـزعات حيواني������ة ورثـناها منهم‪ .‬ثم يس������تطـرد قائال‪« :‬عندما‬ ‫يقتل البشـر بعضهم بعضا أو يـرتكبون إبادات جماعية‪ ،‬نقول‬ ‫إننا نتصرف كاحليوانات‪ ،‬ولكـن ميكنك رؤية النمط نفسه في‬ ‫>‪ .W .M‬موير<‬ ‫سلوكنا اإليجابي‪».‬‬

‫ثم انـتشـر خالل األشهـر الس������تة التالية إلى إفـريقيا وأوروبا‬ ‫وأمـريكا‪ .‬وفي سنة ‪ - 1789‬التي تـق ّلد فيها >جورج واشـنطـن<‬ ‫منصبه ‪ -‬انتشر وبا ٌء كبـيـ ٌر آخـر‪« ،‬قبل توافـر الوسائل احلديثة‬ ‫للس������فـر السـريع حيـن لم يكـن باس������تطاعة اإلنسان االنـتـقال‬ ‫بأس������ـرع مـن َع ْدوِ جواده»‪ ،‬كما كتب >‪ .R‬شوپ< [املختص في‬ ‫الڤيروسيات وعلم األمراض] في سنة ‪ .1958‬فيقول إنه وعلى‬ ‫الرغم من ذلك «انـتـشـر الوباء مثل نار هوجاء»‪.‬‬ ‫ـن الدراية باإلنفلونـزا‪ :‬ففي العام ‪1931‬‬ ‫كان >ش������وپ< َح َس َ‬ ‫كان ق������د غدا أو َل عالم يس������بب انتقال الڤيروس بيـن حيوانيـن‬ ‫بنـق������ل مخاط مـن أن������ف خنـزيـر إلى آخـر‪ .‬ومل������ا كان قد عزل‬ ‫البكتيريا مقدما من املخاط‪ ،‬فقد أثبتت جتـربته وللمـرة ا ُألولى‬ ‫أن اإلنفلونـزا يس������بـبها ڤيروس‪ .‬وبعد سنتني جنح فـريقٌ مـن‬ ‫العلم������اء البـريطانيـيـن بعزل ڤيروس بش������ري من قرقدون (ابن‬ ‫>‪ .W .M‬موير<‬ ‫مِ ْقـ َرض) ‪ ferret‬مصاب‪.‬‬ ‫( ) ‪MORAL ANIMAL‬‬ ‫( ) ‪URBAN BUG‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫احلياة السابقة للسيارة الكهـربائية‬

‫ف������ي مدين������ة هارتف������ورد بوالي������ة‬ ‫كـَونَـتيكت األمـريكية بـبناء تسعمئة‬ ‫سيارة كهـربائية‪ ،‬استُعمِ لت أغلبها‬ ‫كسيارات ُأجـرة‪ .‬وفي السنة نفسها‬ ‫دخلت شـركة ستودبَيكـر(‪ - )3‬التي‬ ‫بدأت أعمالها منـتجة عـربات جتـرها‬ ‫اخليول ‪ -‬سوقَ السيارات في والية‬ ‫إنديانا بإنتاج منوذج كهـربائي‪ .‬كانت الس������يارات الكهـربائية‬ ‫في أوائل القـرن العش������رين جتـري بش������كل أكثر سالسة وأقل‬ ‫َعب الـوقود ع ّبـا والتي تعمل‬ ‫ضجـيـجا مـن منافس������اتها التي ت ّ‬ ‫باالحتـراق الداخلي‪.‬‬ ‫أم������ا األمـر الذي جعل الس������يارات الكهـربائي������ة تـتعثـر فهو‬ ‫املدى‪ ،‬إذ لم تكن تس������تطيع قطع مسافات طويلة خالل الفتـرات‬ ‫ما بـيـن إعادة شحن بطارياتها‪ .‬وبحلول سنة ‪ 1920‬جتلت بالفوز‬ ‫الواضح منافساتُها التي تعمل بالوقود‪ ،‬وهو حتول في التاريخ‬ ‫ي<‬ ‫يعمل املهندسون اآلن جاهدين على عكسه‪.‬‬ ‫>‪َ .M‬م ْ‬

‫( )‬

‫قبل قـرن كانت سيارة ا ُألجـرة تعمل بالبطاريات‪.‬‬

‫في ما قد تكون أول محاولة لصنع س������يارة كهربائية‪ ،‬بنى‬ ‫املختـرع األسكتلندي >‪ .R‬آندرسـن< «عربة كهربائية بسيطة»‪،‬‬ ‫وذلك ما بني أواسط إلى نهايات الثالثينات من القـرن التاسع‬ ‫عش������ـر غيـر أنها لم تدم طويال‪ .‬ولعل أحد أسباب ذلك هو أن‬ ‫بطاريتها لم تكـن بالـمستوى املطلوب من الكفاءة‪( .‬وقد يتعاطف‬ ‫مهندسو السيارات اخلضـراء املعاصـرون مع ذلك‪ ).‬كما أنها‬ ‫واجهت منافسة عنيفة مـن السيارات املُس ّيـرة بالبخار‪.‬‬ ‫مع ظهور البطارية القابلة إلعادة شحنها في منتصف القرن‬ ‫التاسع عشر‪ ،‬تلقت العربات الكهـربائية بعضا من الدعم‪ .‬ففي‬ ‫(‪)1‬‬ ‫سنة ‪ 1897‬قامت «شـركة العـربات واملـركبات الكهـربائية»‬ ‫في ڤيالدلڤيا بتجميع أسطول مـن سيارات أجـرة كهـربائية ملدينة‬ ‫(‪)2‬‬ ‫نيويورك‪ .‬وفي س������نة ‪ 1902‬قامت «ش���ـركة پوپ للصناعات»‬

‫‪‎‬أول عربة مدولبة (هامڤي)‬

‫( )‬

‫‪‎‬قد يكون الظهور األول للعربات املدولبة كأداة حربية‪.‬‬ ‫كانت احلفـريات التي أجراها الس������يـد >‪ُ .L .C‬وولِـي< س������نة‬ ‫‪ 1922‬في املقبـرة امللكية في مدينة ُأور ‪ -‬موقع سومـري جنوب‬ ‫العـراق احلديث ‪ -‬حدثا إعالميا بارزا حسب مقايـيس بدايات‬ ‫القـرن العش������ـريـن‪ .‬وقد ساعد >‪ .E .T‬لورنس<‪ ،‬املعروف أيضا‬ ‫بلورنس العـرب ‪ -‬الذي حاز ش������هـرة واس������عة بس������بب أعماله‬ ‫اجلـريئ������ة خالل الثورة العـربية قبل بضع س������نوات مـن تاريخ‬ ‫تلك األعمال االستكش������افية ‪ -‬في تنظيم البعثة‪ .‬كما أن مؤلفة‬ ‫الـرواي������ات البوليس������ية البـريطانية >‪ .A‬كـرس������تي< زارت موقع‬ ‫احلفـريات وأ ّلف������ت رواية «جـرمية قـتل ف������ي وادي الـرافديـن»‬ ‫تقديـرا منها إلجنازات تلك احلفـريات (ثم ما لبثت أن تـزوجت‬ ‫بعدئ������ذ مس������اعد > ُوولِي<)‪ .‬كـل هـ������ذه ا َ‬ ‫جلـلـَبة حدثت بس������بب‬ ‫اكتشاف صنـدوق نُـقِ ـش عليـه صورة عجلة‪.‬‬ ‫وبطبيع������ة احلال لم يكـن مجـرد أي صندوق‪ ،‬إمنا كان رايـة‬ ‫ُأور‪ ،‬وعمـره يقارب ‪ 4600‬سنة‪ ،‬وحجمه كحجم صندوق األحذية‬ ‫[الشكل أعاله] ومرصع بحجارة الالزورد‪ .‬األهم مـن هذا كله‬ ‫أنه يعرض لوحة حربية قدمية حتوي أقدم صورة ‪ -‬بال منازع ‪-‬‬ ‫لوس������يلة نقل بعجالت‪ .‬إذ تظهر سلسلة صور لعـربات شبـيهة‬ ‫‪53‬‬

‫بالدباب������ات لكل منها أرب ُع عجالت متين������ة موصولة بمِ حاورها‬ ‫وجتـ ّره������ا مجموعة مـن اخلي������ول‪ .‬مـن الواض������ح أن العـربات‬ ‫املدولبة كان������ت تـز ِّود اجلن������ود بحماية ض������د الكمائـن أفضل‬ ‫مـما كان متاحا للجنود املش������اة املساكيـن‪ ،‬الذيـن يظهرون في‬ ‫الصورة وهم يلوون أجسا َمهم جتـنبا لـحوافـر اخليول‪.‬‬ ‫األسلوب الوحيد الذي استخدم‬ ‫لم يكـن هذا الهامڤي القدمي‬ ‫َ‬ ‫فيه مهندسو األلفية اخلامس������ة الدواليب؛ إذ استَع َمل ُّ‬ ‫كل مـن‬ ‫الس������ومـريـني واملصـريـني والصينيـ���ي��ن الدواليب في صناعة‬ ‫القدور الفخارية‪ ،‬كما نـقل املصـريون صخورا ضخمة ِبـبكـرات‬ ‫خـشبـية‪ .‬ولكـن لم يشع استخدام الدواليب في وسائل النقل‬ ‫( ) ‪FORMER LIFE OF THE ELECTRIC CAR‬‬ ‫( ) ‪THE FIRST HUMVEE‬‬ ‫(‪The Electric Carriage and wagon Company )1‬‬ ‫(‪Pope Manufacturing Company )2‬‬ ‫(‪Studebaker )3‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫االعتيادية‪ ،‬ألنها لم تكـ������ن ذات فائدة على األتـربة الـرملية‬ ‫������رق التجاري ــة ف������ي العالم آنذاك‪ ،‬وِ فْقا لـم������ا يقوله املؤرخ‬ ‫لل ُِّط ِ‬ ‫اجلمال وسيلة النقل املالئمة‬ ‫ظلت ِ‬ ‫والكاتب >‪ .R‬أولسـن<‪ .‬ولذلك ْ‬ ‫جلميع التضاريس قـرابة ألفي سنة ُأخـرى‪.‬‬ ‫لم يش������ع اس������تخدام العـربات املدولبة إال بعد إنش������اء الطـرق‬

‫قوة اجلاذبية (الثقالة)‬

‫( )‬

‫يكاد أن يكون أول الثـقوب السوداء بقِ َدم ِ الكون نفسه‪.‬‬

‫أس َود على يد مدير جامعة‬ ‫نشأت فكـرة احتمال وجود ثقب ْ‬ ‫إنكلي������زي يدع������ى >‪ .J‬ميتـش������ل< عندما أجرى ف������ي العام ‪1783‬‬ ‫حسابات بينت أن اجلاذبية (الثقالة) التي يفرضها جنم ضخم‬ ‫ق������ادرة على أن متنع هـروب ش������عاع ضوء من س������طحها‪ .‬ومن‬ ‫ثم طوى النس������يان إلى حد كبير أعمال >ميتـش������ل< ملئـتي سنة‪.‬‬ ‫وفي س������نة ‪ 1971‬الحظ املختصون في الفيـزياء الفلكية األشعة‬ ‫الس������ينـية اآلتية مـن كوكبة الدجاج������ة ‪ Cygnus‬الذي يـبعد عـن‬ ‫الك������رة األرضية نحو ‪ 6000‬س������نة ضوئية‪ :‬يدل اإلش������عاع على‬ ‫األس َود‬ ‫أس������ َود يدور حول أحد النجوم‪ .‬هذا الثـقب ْ‬ ‫وجود ثـقب ْ‬ ‫أس������ َود بسبـب نفاد وقود جنم وانهياره على‬ ‫قد تَك ّون كأي ثـقب ْ‬ ‫نفس������ه‪ .‬ولو ُق ِ ّدر للش������مس أن تـنهار بطـريقة ما لأِ‬ ‫صبحت ثـقبا‬ ‫ْ‬ ‫أس������ َود ذا قطـر أق������ل مـن ثالثـة أميال‪ ،‬وألوقع في فخه أش������عة‬ ‫ْ‬

‫أطياف اخلاليا‬

‫( )‬

‫‪ ‎‬كان التـنوع البـيولوجي اخلطوة‬ ‫ا ُألولى نحو حياة مع ّقدة‪.‬‬ ‫غاب الشهود عن قدوم و َذهاب أطوار احلياة ا ُألولى ملدة أربعة‬ ‫باليني ماضية من السنني‪ ،‬ولكن يكاد العلماء أن يكونوا متأكديـن‬ ‫مـن أن املخلوق������ات املعهودة على األرض في تلك احلقـبة الـزمنية‬ ‫لم تكـن تتألف مـ������ن أكثـر مـن خلية واحدة‪ .‬ولكن ليس معنى هذا‬ ‫اكتسبت‬ ‫أن كوكب األرض كان بحـرا هائال مـن رتابة التشابه‪ .‬إذ‬ ‫ْ‬ ‫املخلوقات ا ُألحادية اخلاليا تـنوعا جـينيا منذ عهود مب ِّكرة‪.‬‬ ‫وفي ما يلي الس������بب‪ .‬عندما تنقس������م اخلاليا جتد أخطا ٌء‬ ‫طـريقا لها للتس������لل إلى املادة اجلـينية‪ .‬فتغدو التغيرات التي‬ ‫تعـ������زز قدرة اخللية عل������ى البقاء والتكاثـر أكثـ َر انـتش������ارا مع‬ ‫‪54‬‬

‫املعبدة‪ .‬فقد بنى املصـريون ش������بكة طـرق تـرابـية واس������عة وع ّبدوا‬ ‫بعض������ا منه������ا باحلجـر الـرمل������ي وحجـر الكلس‪ ،‬بل إنهم كس������وا‬ ‫س������طوحها باخلشب املتأحفر‪ .‬وقبل نحو ‪ 3500‬سنة صنعوا عجلة‬ ‫معدنية بستة أشعة محورية‪ .‬وحظيت املركبة السـريعة احلـركة ذات‬ ‫>‪ .B‬بوريل<‬ ‫العجلتني باإلقبال مـن الشـرق األوسط إلى روسيا‪.‬‬ ‫الضوء في الفضاء احمل ّدب الذي يغ ّلفها‪ .‬أما بالنسبة إلى الكرة‬ ‫أس َود‪.‬‬ ‫األرضية فستكون بحجم ال ِبل ْـ َية إذا ما‬ ‫ْ‬ ‫صارت ثـقبا ْ‬ ‫يج������ادل >‪ .A‬لويب< [األخصائي ف������ي الفيـزياء الفلكية مـن‬ ‫أس������ َود في الكون حدثَ‬ ‫جامع������ة هارڤرد] مؤكدا أن أول ثقب ْ‬ ‫قبل قـرابة أربعة عش������ـر بليون سنة‪ .‬وفي ذلك الوقت بدأ الغاز‬ ‫������حب ّ‬ ‫مكونة جنوما ضخمة حجم كل‬ ‫بـِالتكثـف إلى ُس ُ‬ ‫تشظ ْت ِ ّ‬ ‫منه������ا أكبـر مـن حجم الش������مس بمِ ئة ضع������ف‪ ،‬والتي بدورها‬ ‫������ارت إلى ثـقوب س������وداء‪ .‬ومـن ُح ْس������ـن احل������ظ أن دوران‬ ‫انه‬ ‫ْ‬ ‫املجـرات األولى َح َّد مِ ن تزايد الثـقوب الس������وداء في مـراكـزها‬ ‫مما أتاح الفـرص لتشكل النجوم‪.‬‬ ‫بدأ الفيـزيائيون اآلن ِبصنع شيء قـريـب مـن ثـقوب سوداء على‬ ‫األرض‪ .‬فقد صنع باحثون صينيون أسطوانات طرد مركزي ذات‬ ‫أس َود‪ ،‬فتثني األشعة امليكروويڤية‬ ‫مـراكـز مش������تـركة لِتحاكي ثـقبا ْ‬ ‫على نفس������ها عند مـرورها مـن الس������طوح اخلارجـية إلى السطوح‬ ‫أس������ َود من‬ ‫الداخلي������ة‪ .‬والي������زال من غيـر املـرج������ح أن يفلت ثـقب ْ‬ ‫املُصادِ م الكبـيـر لِلهيدرونات الواقع بالقـرب من جنيڤ‪ .B> .‬بوريل<‬ ‫تعاقب األجـيال‪ .‬إذ تس������ـري هذه احلقيقة األساس������ية للتطور‬ ‫على األرض حتى في الفترة املبكـرة‪ .‬ويش������ـرح >‪ .A‬هاملتون<‬ ‫[فيلس������وف العلوم في جامعة والية آريـزون������ا] قائال‪« :‬التنوع‬ ‫ضروري ف������ي املقام األول كي يكون هنال������ك تطور باالنتخاب‬ ‫الطبـيعي»‪ ،‬ثم يضيف‪« :‬ينش������أ التـنوع البـيولوجي عند وقوع‬ ‫التـغيـيـر باالنتخاب الطبـيعي عليه‪».‬‬ ‫أما اليوم فنحن نـفكـر في التـنوع البـيولوجي من منظور الكائـنات‬ ‫احل ّي������ة املتعددة اخلاليا‪ ،‬ولكـن النبات������ات املـزدهـرة واحليوانات لم‬ ‫تظهر إال مؤخـرا نسبـيا (‪ 540‬مليون سنة)‪ .‬وعلى الـرغم مـن وجود‬ ‫بعض األدلة املش������يـرة إلى أن وجود تنوع كبير مـن األنواع يجعل‬ ‫املنظومة البـيئية ‪ ecosystem‬أكثـر اس������تـقـرارا‪ ،‬غيـر أن احمللفيـن‬ ‫اليزالون يتداولون ذلك‪ .‬فمن املزعج إدراك هو أنه حتى أسوأ كارثة‬ ‫ستحافظ على بعض التـنوع البـيولوجي‪ ،‬حتى وإن كان على شكل‬ ‫اخللية املتواضعة فقط‪.‬‬ ‫>‪ .W .M‬موير<‬ ‫( ) ‪GRAVITY’S TUG‬‬ ‫( ) ‪RAINBOW CELLS‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫الصفـر‬

‫( )‬

‫كيف صار‬ ‫الشي ٌء شيئا‪.‬‬ ‫لم يعرف أحد مدى حاجتـنا إلى الالشيء إلى أن وضعنا عددا‬ ‫يـرمـز إليه‪ .‬مـن دون الصفـر ملا كان لألعداد الس������البة واخليالية‬ ‫معنى‪ ،‬والستحال حل معادالت الدرجة الثانية وهي ركـن رئيس‬ ‫ف������ي الـرياضي������ات التطبـيقية‪ .‬ومـن دون الصفـر كش������اغل مكان‬ ‫للتمييـز مثال بيـن ‪ 10‬و ‪ ،100‬تكاد جميع العمليات احلس������ابية ما‬ ‫عدا أبسطها تـتطلب املحِ ساب أو لوحة العد‪ .‬إذ يقول >‪ِ .Ch‬‬ ‫سيف<‬ ‫[مؤلف كتاب «الصفـر‪ :‬س������يـر ُة حيا ِة فكـرة خطيـرة»]‪« :‬لو لم يكن‬ ‫لدينا صفـر لكانت منظومة األعداد لدينا غيـر كاملة ويس������تطـرد‬ ‫قائال‪« :‬فمـن دون الصفـر تـنهار منظومة األعداد‪».‬‬ ‫وصل الصفـر إلى مس������رح األحداث عل������ى دفعتني‪ .‬ط ّور‬ ‫البابليون نحو ‪ 300‬س������نة قبل امليالد صفـ������را مبدئيا ‪ -‬يرمز‬ ‫إليه بش������كل مسمارين مائلني ومضغوطني في األلواح الطينية‬

‫تشكيل الپاستا‬

‫( )‬

‫استـغـرق االنـتـقال مـن العصيدة إلى السپاگيتي‬ ‫آالفا مـن السنني‪.‬‬ ‫نشأت‬ ‫تؤكد مؤرخة األطعمة >‪ .F‬س������يگان< أن الپاس������تا قد‬ ‫ْ‬ ‫طاه حذق بالصدفة‬ ‫قبل أكثـر مـن خمسة آالف سنة عندما وجد ٍ‬ ‫الفكـر َة التي تـبدو اآلن واضحة‪ ،‬من أن َس ْح َـن خليط مـن الطحيـن‬ ‫كون ِبصورة مدهشة شيئا ما شبـيها بالالزانيا‪.‬‬ ‫واملاء س������وية ُي ِ ّ‬ ‫وتقول >س������يگان< معلنة عن أصولها اإليطالية‪« :‬إن قلبي ينفطر‬ ‫حزنا عندما أخبرك بهذا‪ ،‬لكن اإلغريق القدماء قد يكونون أول‬ ‫من صنع هذه األنواع من الشعرية‪ .‬فهنالك مصادر كثيـرة في‬ ‫الكتاب������ات اإلغـريقية القدمية ‪ -‬حتى ف������ي العام ‪ 3000‬ق‪ .‬م‪- .‬‬ ‫تذكر طبقات يبدو أنها تشبه إلى حد كبير الالزانيا‪».‬‬ ‫أما السپاگيتي فقد اس������تـغـرق نشوؤها وقـتا أطول لكنها‬ ‫������كلت في إيطاليا‪ .‬وهنالك اعتقاد خاطئ لكنه ش������ائع ِبأن‬ ‫تش‬ ‫ْ‬ ‫>مارك������و پولو< ‪ -‬حيـن عاد مـن الصيـن س������نة ‪ - 1295‬ع ّرف‬ ‫اإليطاليني إلى الپاس������تا‪ ،‬إال أن إيطاليا كانت تعرف الپاس������تا‬ ‫حينها‪ .‬إذ كتب اجلغـرافي العـربي >محمد اإلدريس������ي< سنة‬ ‫‪55‬‬

‫ ق������ام بدور ش������اغل مكان ف������ي نظامهم العددي الس������تيني‬‫الغـريب‪ ،‬القائم على الس������تني‪ .‬ومع حلول القرن اخلامس كان‬ ‫مفه������وم الصفـر قد هاجر إلى الهند ودخل كـرمـز على ش������كل‬ ‫نـقط������ة محفورة على ج������دار في معبد تش������اتوبهجا في مدينة‬ ‫گواليور(‪ .)1‬ومن ثم ت َو ّس������ َع رمـزه إلى شكل »‪ «0‬كأنه حصو ٌة‬ ‫يت في بركة فأضحى عددا يتمتع بجميع صفاته الـخاصة‬ ‫ُرمِ ْ‬ ‫به‪ :‬عدد زوجي هو متوس������ط العددين ‪ 1-‬و ‪ .1‬وفي س������نة ‪628‬‬ ‫أضفى عالم الرياضيات >بـراهماغپتا< قدس������ية إلى الصفات‬ ‫اخلفية للصفـر‪ :‬اضـرب أي عدد بالصفـر وسيتحول هو بدوره‬ ‫إلى صفـر أيضا‪ .‬وقد ط ّور ش������عب املايا في أمريكا الوسطى‬ ‫بصورة مستقلة صفـرهم للمساعدة على دراسة الفلك‪.‬‬ ‫ومع مرور الوقت نش������ر توس������ع اإلمبـراطورية اإلسالمية‬ ‫الـرمـز الهندي للصفـر عائدا مرة أخرى إلى الشـرق األوسط‪،‬‬ ‫وأخيـرا إلى املسلمني في إس������پانيا حيث أصبح أحد األرقام‬ ‫العــربـية العشـرة كما نـشيـر إليها اليوم‪ .‬أما العلماء األوروبـيون‬ ‫فتمسكوا بأرقامهم الـرومانية‪ .‬وجاء اإلقـرار الـرسمي للصفـر‬ ‫في العال������م الغـربي عـ������ن طـريق عالم الرياضي������ات اإليطالي‬ ‫>فيـبوناتشي< (وهو ليوناردو مـن پيــزا) الذي أدرجه في كتابه‬ ‫>‪ .B‬بوريل<‬ ‫سنة ‪.1202‬‬

‫‪ 1154‬أنه توجد في صقلية مدينة تس������مى‬ ‫طـرا ِ ّبـيا يصنعون فيها طعاما مـن الدقيق‬ ‫عل������ى ش������كل خي������وط‪ .‬ووص������ف صناعة‬ ‫الپاستا احلقيقية‪ :‬بدء ًا مـن جتفـيف املـواد‬ ‫الغـذائية حتت الش������مس ومـن ثم شحـنها‬ ‫بالسفـن إلى مناطق ُأخـرى في إيطاليا بل‬ ‫وإلى بلدان ُأخـرى أيضا‪.‬‬ ‫ثم اختـرع >‪ .L‬داڤـنش������ي< بعد مئات‬ ‫يحول العجـني إلى‬ ‫قليلة مـن السنني جهازا ِ ّ‬ ‫خي������وط صاحلة لألكل‪ .‬ولكـن عطال تـقـنيا‬ ‫أعاق جهازه لِصنع الپاس������تا عـن حتقيق‬ ‫مكنـنة صناعتها الت������ي كان يطمح إليها‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من ذلك جنح اإليطاليون في‬ ‫حتس������يـن فـن صناعة الپاس������تا‪ ،‬وعملوا مـن العجـينة أشكاال‬ ‫ي<‬ ‫أكثـر إتـقانا مـن أي ُأناس آخرين‪.‬‬ ‫>‪َ .M‬م ْ‬ ‫( ) ‪ZERO‬‬ ‫( ) ‪NOODLING THE NOODLES‬‬ ‫(‪Gwalior )1‬‬

‫‪Scientific American, August 2010‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫مايو ‪/‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪6/5‬‬

‫حياة غير مرئية‬

‫( )‬

‫مناظر طبيعية ميكروسكوپية‬

‫(‪)1‬‬

‫ُتظهر تنوعا مدهشا من األشكال‪.‬‬ ‫>‪ .D‬كاستلڤيتشي<‬

‫يختل������ف املنظر ال������ذي تبدو فيه الطبيعة اختالفا جذريا بحس������ب املقياس‪.‬‬ ‫ويبدو هذا التنوع ّ‬ ‫أخاذا على وجه اخلصوص في عالَم البيولوجيا‪ ،‬حيث جُت ِّمع‬ ‫املادة نفسها في أشكال تتجدد باستمرار‪ُ ،‬مبدية ألعيننا – مبساعدة األجهزة‬ ‫العلمية – عددا ال حصر له من املناظر‪.‬‬ ‫ومن َثم‪ ،‬ميكننا العثور على ا َ‬ ‫جل َمال في أماكن ال نتوقعها – داخل زهرة من‬ ‫عشبة ضارة بجانب الطريق‪ ،‬في التفاصيل التشريحية لبرغوث‪ ،‬أو أسفل ْ‬ ‫فطر‬ ‫ينمو على شجرة ميتة‪ .‬يقوم بعض الناس باستكشاف العوالم امليكروسكوپية‬ ‫ألس������باب علمي������ة؛ في حني أن غيره������م‪ ،‬مثل >‪ .L‬نايت< (انظ������ر الصفحة ‪،)60‬‬ ‫يقومون بذلك ألجل املغامرة وحدها‪ .‬وفي هذا السياق يقول‪« :‬إن السبب الذي‬ ‫يدفعني إلى القيام بذلك هو أنني أمتكن من رؤية أش������ياء ال يس������تطيع كثي ٌر من‬ ‫الناس رؤيتها فعال‪».‬‬ ‫حب >نايت< وكثيرون غيره أن يشاركوا اآلخرين في تلك‬ ‫وحلسن احلظ‪ُ ،‬ي ُّ‬ ‫املناظر اجلميلة التي يكتش������فونها‪ .‬ففي كل ع������ام‪ ،‬يتق ّدم العلماء والهواة على‬ ‫ح ٍّد س������واء بنتاج فنونهم امليكروس������كوپية إلى مس����ابقة أوليمپوس الدولية‬ ‫للتصوي����ر الرقمي للمناظر البيولوجي����ة(‪ .)2‬وتتمثل الغاية من هذا العرض‪،‬‬ ‫كما يقول هاو جا ٌّد آخر‪ .K .E> ،‬لي< (انظر الصفحة ‪ ،)58‬في «التقاط اجلوهر‬ ‫املشترك بني العلم والفن‪».‬‬ ‫ونحن بدورنا في مجلة ساينتفيك أمريكان‪ ،‬نو ّد في كل عام أن نتشارك مع‬ ‫القراء في بعض لقطاتنا املفضلة من تلك املسابقة‪ ،‬وفيما يلي تلك اللقطات في‬ ‫>‬ ‫هذا العام‪:‬‬ ‫ساق خنفساء ‪ :Beetle leg‬كان >‪ .S‬ووكر< [وهو محاضر متقاعد في البيولوجيا‬ ‫ومقيم في بلدة پنكريدج البريطانية] يسعى جاهدا إلى البحث عن منظر جتريدي عندما‬ ‫التقط تفاصيل الساق األمامية خلنفساء املاء من نوع دايتِس ُكس ‪ .Dytiscus‬استخدم‬ ‫يصور األشياء‬ ‫>ووكر< أحد أنواع التصوير امليكروسكوپي بالساحة املظلمة‪ ،‬والذي‬ ‫ّ‬ ‫على خلفية زرقاء‪ ،‬حيث ُيشع اللون األزرق من خالل اللون البرتقالي للهيكل اخلارجي‬ ‫لساق احلشرة‪ُ .‬يبدي املنظر‪ ،‬الذي يبلغ عرضه ‪ 1.8‬ملم‪َ ،‬ش ْعرا ‪( hair‬في أسفل ميني‬ ‫الصورة) ومحجما ماصا ‪( suction cup‬القرص الكبير في يسار الصورة)‪ .‬يستخدم‬ ‫الذكور تلك احملاجم املاصة لإلمساك باإلناث أثناء التزاوج‪ُ .‬‬ ‫شكلت هذه الصورة من ‪44‬‬ ‫لقطــة ُجمعـت معـ ًا‪ ،‬ولكل لقطة منها مستوى بؤري مختلف‪.‬‬ ‫( ) ‪LIFE UNSEEN‬‬

‫(‪)1‬‬

‫‪ microscopic‬أو مجهرية‪.‬‬

‫(‪Olympus BioScapes International Digital Imaging Competition )2‬‬

‫‪56‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


(2011) 6/5

57


‫أسدية عُ شبية ‪ :Weed stamens‬يعتبر الق ّراص امليت‬ ‫من األعشاب الضارة الشائعة‪ .‬قام >‪ .K .E‬لي< [وهو أخصائي‬ ‫متقاعد في امليكربيولوجيا] بالتقاط أحدها من جانب الطريق‬ ‫بالقرب من منزله في كارولتون بوالية تكساس‪ ،‬ليرى إمكانية‬ ‫ّ‬ ‫مشوقا للفحص مبيكروسكوپه‪ .‬وقام بنزع‬ ‫تشكل موضوعا‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫ا َأل ْسدية من األزهار ومن ثم تصويرها (في اليسار) باستخدام‬ ‫الضوء املستقطب ‪ ،polarized light‬ليع ّزز اللونني البرتقالي‬ ‫والبني للمآبر ‪ ،anthers‬وهي الرؤوس التي حتمل َ‬ ‫الط ْلع‪ .‬يبلغ‬ ‫عرض األسدية نحو ‪ 3‬ملم‪.‬‬

‫(‪)1‬‬

‫يرقة ذبابة سوداء ‪ :Blackfly larva‬ميكن أحيانا أن‬ ‫ُترى عشرات اآلالف من املخلوقات الدقيقة التي تشبه الپوليپات‬ ‫‪ polyps‬ملتصقة بالصخور أو النباتات املائية على متر مربع‬ ‫واحد من مجاري األنهار في منطقة نورماندي‪ ،‬وهي تمَ ُ دُّ‬ ‫لوامسها ‪( tentacles‬أو «مراوحها الرأسية» ‪)cephalic fans‬‬ ‫اللتقاط جزيئات الطعام‪ ،‬كما يقول >‪ .F‬پاراي< [وهو أخصائي‬ ‫البيولوجيا املائية في املديرية احمللية للبيئة وتخطيط‬ ‫استخدام األراضي واإلسكان]‪ .‬ولكن هذه املخلوقات ليست‬ ‫پوليپات؛ إنها حشرات‪ :‬يرقات الذبابات السوداء املاصة‬ ‫للدماء‪ .‬يقوم >پاراي< بفهرسة وتطوير طرق لتحليل عينات‬ ‫كتلك املعروضة في األسفل (التي مت حفظها في الفورم ألدهيد‬ ‫وصوِّ رت بواسطة امليكروسكوپ ذي القعر املظلم) بحيث‬ ‫يستطيع العلماء مراقبة التنوع البيولوجي ‪ biodiversity‬ومن‬ ‫ثم تع ّرف عالمات الضغط على املنظومة البيئية ‪ .ecosystem‬يبلغ‬ ‫طول كل المسة نحو ‪ 2‬ملم‪.‬‬ ‫(‪ :henbit deadnettle )1‬عشبة ذات أوراق مستديرة وأزهار بنفسجية اللون تنمو في‬ ‫(التحرير)‬ ‫فصلي الشتاء والربيع‪.‬‬

‫‪58‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫عينا عنكبوت ‪ُ :Spider eyes‬منحت اجلائزة األولى‬ ‫في مسابقة املناظر البيولوجية لـ>‪ .L‬سيوانويكز< [من معهد‬ ‫ماكس پالنك للبيولوجيا العصبية بالقرب من ميونيخ] على‬ ‫الصورة امليكروسكوپية املُبائرة (املتشاركة في البؤرة) ‪confocal‬‬ ‫التي التقطها لعيني أحد طويالت القوائم ‪( daddy longlegs‬في‬ ‫األعلى)‪ُ .‬تظهر الصورة ذات األلوان الزائفة منظرا مقطعيا‬ ‫للعينني مع العدستني (الشكلني البيضاويني الكبيرين)‪ ،‬اللتني‬ ‫تفصل بينهما مسافة تقل عن م ّليمتر واحد‪ ،‬والشبكيتني‬ ‫اللتني تتألف كل منهما من صف واحد من اخلاليا املستقبلة‬ ‫للضوء والشبيهة بالنبابيبت ‪ ،rodlike‬والتي متنح العنكبوت‬ ‫نظرا ضعيفا أحادي اللون ‪monochromatic‬؛ وتبدو نوى‬ ‫مستقبالت الضوء باللون األزرق املائل للخضرة‪ ،‬فيما تبدو‬ ‫أجسام اخلاليا املتطاولة بطيف من األلوان يتراوح ما بني‬ ‫للحمرة‪.‬‬ ‫األرجواني وبني الضارب ُ‬

‫املنواة‬ ‫خيوط أكتينية ‪ :Actin filaments‬متتلك اخلاليا‬ ‫ّ‬ ‫سقالة ‪ scaffolding‬داخلية تسمى هيكل اخللية ‪،cytoskeleton‬‬ ‫والذي يتكون جزئيا من خيوط من پروتني األكتني‪ .‬تظهر‬ ‫الصورة في اليمني خيوط األكتني املن ّقاة (التي يبلغ طولها‬ ‫عشرات امليكرونات) والتي ّ‬ ‫مناها >‪ .D‬بريتسپريتشر< على طبق‬ ‫عندما كان طالبا للدراسات العليا في الكيمياء احليوية بكلية‬ ‫هانوڤر الطبية في أملانيا‪ .‬وهو يقول إن العلماء يكتشفون مئات‬ ‫اإلنزميات التي ّ‬ ‫تنظم شكل هيكل اخللية املتغ ّير باستمرار‪،‬‬ ‫ولكن التوليفة املناسبة من اإلنزميات هي وحدها ما ُينتج‬ ‫األشكال املتموجة التي نراها هنا‪ ،‬ويضيف‪« :‬أعرف الپروتني‬ ‫الذي يجب أن أضيفه ألجعل منظرها جميال‪».‬‬ ‫‪59‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫عضو برغوث ‪ُ :Flea organ‬تعتبر الشرائح امليكروسكوپية القدمية ‪-‬‬ ‫العهْ د الڤيكتوري – من املقتنيات التي يسعى الهواة إلى‬ ‫وخصوصا من َ‬ ‫جمعها بشرائها عبر اإلنترنت أو من متاجر متخصصة‪ .‬وقد أظهر >‪ .D‬ووكر<‬ ‫[وهو أخصائي متقاعد في الكيمياء النفطية من بلدة هُ درسفيلد البريطانية]‬ ‫تفاصيل اجلانب األمين من ع ّينة لبرغوث ( ُتظهر عضوا حسيا يبلغ طوله ‪0.7‬‬ ‫س ‪ ،)sensillum‬عن طريق تسليط عدسته على شريحة ُمعدّة‬ ‫ملم يسمى املحِ ّ‬ ‫في أواخر القرن الثامن عشر أو بداية القرن التاسع عشر‪ ،‬والتي اشتراها من‬ ‫املوقع ‪ eBay‬على اإلنترنت بنحو ‪ 15‬دوالرا‪ ،‬وغ ّير األلوان باستخدام برنامج‬ ‫حاسوبي لتنقيح الصور‪.‬‬

‫ُف ْ‬ ‫طر العسل ‪ّ :Honey mushroom‬‬ ‫يذكرنا اجلانب السفلي من ال ُف ْطر‬ ‫الظاهر في الصورة املوجودة في الوسط بالطيات املُمتعة للحواس في بعض‬ ‫صوره >‪ .N‬إيگان< [من كليڤالند] حيث تنتشر فطور‬ ‫رسوم >‪ .G‬أوكيفي<‪ .‬وقد َّ‬ ‫العسل حول مكان عمله (حيث يعمل تقني ًا مسؤو ًال عن ضبط اجلودة في‬ ‫ْ‬ ‫الفطر ناميا على بقايا جذع شجرة ميتة‪.‬‬ ‫مصنع لطالء السيارات)؛ وقد وجد‬ ‫يقول >إيگان< إن البحث عن اجلمال في األشياء العادية ليس جديدا عليه‪:‬‬ ‫أمعنت النظر في األشياء‪ ،‬صارت أكثر إثارة لإلعجاب‪».‬‬ ‫«كلما‬ ‫َ‬ ‫الع ّ‬ ‫ث ‪ :Moth wing‬ننظر إلى العُ ّث كحشرات ليلية رمادية ذات‬ ‫جناح ُ‬ ‫ّ‬ ‫شكل َسمِ ج‪ ،‬لكن عُ ث الغروب املدغشقري‪ ،‬املعروف باسم كريسريديا ريفيوس‬ ‫‪ ،Chrysiridia rhipheus‬وهو مخلوق نهاري يتمتع بأجنحة جميلة متقزّحة اللون‬ ‫‪ .iridescent‬تتكون حراشف األجنحة (إلى األسفل) من عدة طبقات من ا ُ‬ ‫جلليدة(‪،)1‬‬ ‫مع فراغات متفاوتة بني احلراشف ُتقاس بالنانومتر ُتشع ألوانا بواسطة‬ ‫التداخل البصري‪ .‬قام >‪ .L‬نايت<‪ ،‬وهو مطوِّ ر ملواقع اإلنترنت من بلدة تونبريدگ‬ ‫البريطانية‪ ،‬بالتقاط عدة صور لهذه احلراشف بتكبير مقداره ‪ 20‬ضعفا‪ ،‬ثم‬ ‫استخدم برنامجا حاسوبيا خاصا لدمج اللقطات معا في صورة واحدة بواسطة‬ ‫حاسوبه «املس َّرع»(‪ )2‬الذي يتمتع مبواصفات خاصة‪.‬‬ ‫تتكون الشعاب املرجانية املألوفة‬ ‫مرجان ُفطري ‪:Mushroom coral‬‬ ‫ّ‬ ‫لدى معظمنا من مستعمرات من الپوليپات الصغيرة التي تبني فروعا من‬ ‫كربونات الكالسيوم‪ .‬ولكن املرجانيات الفطرية‪ ،‬كتلك الظاهرة في الصفحة‬ ‫املقابلة‪ ،‬تتميز بوحدانيتها‪ .‬وقد قام >‪ .G‬نيكولسون< [وهو أخصائي متقاعد‬ ‫بالتصوير الطبي] بتصوير عينة ح ّية عرضها ‪ 5‬سنتيمترات من أحد األنواع‬ ‫غير املعروفة‪ ،‬لصالح مركز زراعة املرجان واألبحاث التعاونية(‪ – )3‬وهو مختبر‬ ‫في تشارلستون بوالية كارولينا اجلنوبية تديره اإلدارة الوطنية للمحيطات‬ ‫والغالف اجلوي(‪ ،)4‬إضافة إلى مؤسسات أخرى – حيث يعمل مستشار ًا‬ ‫متطوع ًا دون راتب‪ .‬يريد >نيكولسون< وزمالؤه أن يتعلموا كيفية مراقبة ال َك ْرب‬ ‫البيئي(‪ ،)5‬كذاك الذي ينجم عن التسربات النفطية أو ارتفاع درجات احلرارة‪ .‬إن‬ ‫النتوءات الصغيرة الظاهرة هي اللوامس ‪ tentacles‬التي يستخدمها احليوان‬ ‫لدفع الطعام باجتاه فمه‪ ،‬وهو الشق الطولي املوجود في وسط الصورة‪.‬‬ ‫(‪ :cuticle )1‬الطبقة السطحية من اجللد‪.‬‬ ‫(‪ :Overclocked computer )2‬بسرعة أعلى من السرعة املص ّمم ليعمل بها احلاسوب الذي يعمل‬ ‫معاجله‪.‬‬ ‫(‪the Coral Culture and Collaborative Research Facility )3‬‬

‫(‪the National Oceanic and Atmospheric Administration )4‬‬ ‫(‪monitor environmental stress )5‬‬

‫(التحرير)‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, December 2010‬‬

‫‪60‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


(2011) 6/5

61


‫‪1‬‬ ‫األوالكس‬

‫الفصيلة‪Olacaceae :‬‬ ‫اجلنس‪Chaunochiton :‬‬

‫‪2‬‬ ‫أحد البقول‬

‫‪3‬‬ ‫القرع‬

‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫الفصيلة‪Fabaceae :‬‬ ‫اجلنس‪Enterolobium :‬‬

‫‪4‬‬ ‫النخيل‬

‫‪Cucurbitaceae‬‬

‫‪Melothria‬‬

‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Arecaceae‬‬

‫‪Desmoncus‬‬

‫بذور نباتات األمازون‬

‫( )‬

‫جمع علماء النبات بذورا من أحد أكثر األماكن تنوعا بيولوجيا على األرض‪.‬‬ ‫>‪ .A‬كوتشمينت<‬

‫بع������ض البذور يش������به الدماغ‪ ،‬وبعضها يش������به رؤوس‬ ‫األس������هم‪ ،‬وبعضها اآلخر يش������به اخلرز أو الداس������رات أو‬ ‫ك������رات القطن‪ .‬وقد طورت البذور العديد من هذه الس������مات‬ ‫املدهش������ة لتساعدها على االنتش������ار في البرية‪ .‬فمثال بذور‬ ‫ش������جرة األرموزيا ‪ (8) Ormosia‬التي تش������به اخلرز‪ ،‬جتذب‬ ‫الطيور بلونها األحمر الزاهي‪ ،‬فتحسبها الطيور أنواعا من‬ ‫الت������وت فتقتلعها من الثمرة وتتغ ّوطها على منطقة واس������عة‪.‬‬ ‫وتطف������و البذور املجنحة (‪ )19 ،18‬بفع������ل التيارات الهوائية‪،‬‬ ‫وبعضه������ا )‪ (12‬م������زود بثقل في أس������فله ميكن������ه من غرس‬ ‫نفس������ه في أرضية الغابة‪ ،‬ويستطيع بعضها اآلخر (‪)22 ،5‬‬ ‫أن يوس������ع رحلته ع������ن طريق الطفو مع التي������ار في األنهار‬ ‫واجلداول‪ .‬إن البذور املبينة هنا ال تش������كل س������وى جزء من‬ ‫الـ‪ 750‬التي س ــجلهـ ــا حديث ــا ع ـ ــامل ـ ــا النبـ ــات >‪ .F‬كورنيجو<‬

‫‪17‬‬ ‫املونيميا‬

‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Monimiaceae‬‬

‫‪62‬‬

‫‪Mollinedia‬‬

‫و>‪ .J‬جانوڤيك< [من معهد أبحاث النبات في تكس������اس] من‬ ‫برية األمازون‪ .‬يتراوح حجمها بني خمس������ة مليمترات )‪(10‬‬ ‫بحج������م حبة العدس تقريبا‪ ،‬ومئة مليلمتر )‪ (1‬أي نحو حجم‬ ‫كعك������ة صغي������رة‪ .‬يقول >جانوڤي������ك<‪« :‬تُعد البذور أس������اس‬ ‫التنوع النباتي»‪ .‬ويضيف‪« :‬إنها متثل املخطط اجليني الذي‬ ‫ينتق������ل عبر األجيال»‪ .‬ويضيف‪« :‬إنها متثل املخطط اجليني‬ ‫الذي ينتقل عب������ر األجيال»‪ .‬إن دليل املؤلفني للحقل املعنون‬ ‫«بذور نباتات األمازون» املنش������ور من قبل دار نشر جامعة‬ ‫پرنس������تون سيساعد العلماء على فهم كيف تتجدد الغابات‪،‬‬ ‫وكيف تنتش������ر النباتات‪ ،‬وكيف تتطور األنواع املختلفة لذلك‬ ‫>‬ ‫اإلقليم املداري معا كنظام بيئي واحد‪.‬‬ ‫( ) ‪SEEDS OF THE AMAZON‬‬

‫‪Scientific American, January 2011‬‬

‫‪18‬‬ ‫كرمة غليون الرجل الهولندي‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪19‬‬ ‫البوق الزاحف‬

‫الفصيلة‪Bignoniaceae :‬‬ ‫اجلنس‪Anemopaegma :‬‬

‫‪Aristolochiaceae‬‬

‫‪Aristolochia‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬

‫‪20‬‬ ‫القرع‬

‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Cucurbitaceae‬‬

‫‪Selysia‬‬


‫‪5‬‬ ‫اللووس سترايف‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Lythraceae‬‬

‫‪Lafoensia‬‬

‫‪9‬‬ ‫مجد الصباح‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Convolvulaceae‬‬

‫‪Calycobolus‬‬

‫‪13‬‬ ‫النخيل‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Arecaceae‬‬

‫‪Hyospathe‬‬

‫‪21‬‬ ‫اإليكاسينا‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Icacinaceae‬‬

‫‪63‬‬

‫‪Calatola‬‬

‫‪6‬‬ ‫الكاجو‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪7‬‬ ‫األوفورب‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Euphorbiaceae‬‬

‫‪Anacardiaceae‬‬

‫‪Antrocaryon‬‬

‫‪10‬‬ ‫زهرة اآلالم‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪11‬‬ ‫أحد البقول‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Passifloraceae‬‬

‫‪Passiflora‬‬

‫‪14‬‬ ‫ال َب ْنج‪ ،‬قاتل الكلب‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Fabaceae‬‬

‫‪Dialium‬‬

‫‪15‬‬ ‫زهرة اآلالم‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Apocynaceae‬‬

‫‪Passifloraceae‬‬

‫‪Macoubea‬‬

‫‪22‬‬ ‫وردة البرازيل‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Hevea‬‬

‫‪Passiflora‬‬

‫‪23‬‬ ‫السابيا‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Cochlospermaceae‬‬

‫‪Cochlospermum‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬

‫‪Sabiaceae‬‬

‫‪Meliosma‬‬

‫‪8‬‬ ‫أحد البقول‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Fabaceae‬‬

‫‪Ormosia‬‬

‫‪12‬‬ ‫احلنطة السوداء‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Polygonaceae‬‬

‫‪Triplaris‬‬

‫‪16‬‬ ‫أحد البقول‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Fabaceae‬‬

‫‪Parkia‬‬

‫‪24‬‬ ‫السواري‬ ‫ُّ‬ ‫الفصيلة‪:‬‬ ‫اجلنس‪:‬‬

‫‪Caryocaraceae‬‬

‫‪Caryocar‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫مايو‪ /‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪6/5‬‬

‫السرطان مرض ال يقتصر على األغنياء‬

‫( )‬

‫ر ّكزت احلمالت الصحية العاملية احلديثة على العوز املناعي املكتسب (اإليدز)‬ ‫والسل واملالريا‪ .‬ولكن كما يقول >‪ .P‬فارمر< عالم األنثروبولوجيا الطبية‪،‬‬ ‫فإن التصدي للتهديد املتنامي من السرطان سيحسن الرعاية الصحية‪.‬‬ ‫حديث صحفي أجرته‬

‫بحل������ول عام ‪ 2020‬س������يبلغ عدد املصابني بالس������رطان في‬ ‫جميع أنحاء العالم ‪ 15‬مليون شخص‪ ،‬وسيكون ‪ 9‬ماليني منهم‬ ‫في الدول النامية‪ ،‬طبقا لتقديرات منظمة الصحـة العاملية‪ .‬غير‬ ‫أن >‪ .P‬فارمر< [عال������م األنثروبولوجيا الطبية والطبيب بجامعة‬ ‫هارڤرد] مصمم عل������ى أال تتحقق هذه التقديرات‪ .‬إن >فارمر<‬ ‫أحد الرواد في الصحة العاملية‪ ،‬وله تاريخ مشهود في معاجلة‬ ‫املش������كالت الكبيرة‪ .‬وبلغ عدد صفح������ات األطروحة التي حصل‬ ‫به������ا >فارمر< على الدكت������وراه ‪ -‬كانت عن اإلي������دز في هايتي ‪-‬‬ ‫‪ 1000‬صفح������ة‪ ،‬مما دفع بجامعة هارڤ������رد إلى فرض حد أقصى‬ ‫لألطاريح‪ .‬ومنذ ذلك الوقت (ولكونه مؤسس������ا مشاركا في منظمة‬ ‫«ش������ركاء في الصح������ة» ‪ )Partners In Health‬فقد عمل على توفير‬ ‫ع���ل��اج اإليدز للماليني من فقراء العال������م‪ ،‬بدءا من الرعاية األولية‬ ‫األساسية وصوال إلى األدوية املضادة للڤيروسات القهقرية‪.‬‬ ‫فأعم������ال >فارمر< التي يس������تعرضها >‪ .T‬كي������در< في كتابه‬ ‫األكثر مبيعا «جبال وراء جبال» ‪،Mountains beyond Mountains‬‬ ‫وأعمال >فارمر< التي أش������ار إليها كذلك في كتبه ش������خصيا قد‬ ‫ألهم������ت حكوم������ات ووكاالت عاملي������ة أن حتذو ح������ذوه‪ .‬وقد ر ّكز‬ ‫>فارم������ر< اهتمامه مؤخرا على الس������رطان ف������ي العالم النامي‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الباهظ صعب املنال‪ .‬ففي‬ ‫العالج‬ ‫حيث يتزايد انتش������اره ويكون‬ ‫ُ‬ ‫عدد الش������هر ‪ 2010/10‬من املجل������ة الطبية النس���ت ”‪“the Lancet‬‬ ‫أعل������ن >فارمر< وفريق من الق������ادة اآلخرين م������ن منظمة «فريق‬

‫>‪ .M‬كارمايكل<‬

‫العمل العاملي لتوس������يع نطاق إتاحة الرعاية ملرضى الس������رطان‬ ‫ومكافحته في الب���ل��اد النامية» عن خطة طموحة متعددة احملاور‬ ‫لزيادة حصول هذه البالد على املوارد الطبية لعالج الس������رطان‪،‬‬ ‫وذلك بجمع األموال‪ ،‬وتخفيض تكاليف األدوية‪ ،‬واكتشاف طرق‬ ‫جدي������دة إليصال تلك األدوية إلى املرضى الذين يحتاجون إليها‪.‬‬ ‫وقد أجرت الكاتبة العلمية >‪ .M‬كارمايكل< حوارا مع >فارمر< في‬ ‫مكتبه ببوسطن‪ .‬وفي ما يلي نص احلديث‪:‬‬

‫مجلة س���اينتفيك أمري���كان )‪ :(SA‬ماذا يعني أن تقول إن‬ ‫الس���رطان آخذ في التزايد لدى األمم النامية؟ وهل هذا‬ ‫التزايد جزء من النمط السائد في جميع أنحاء العالم؟‬ ‫>فارم���ر<‪ :‬إنه م������ن الصعب قياس املعدالت‪ ،‬كم������ا أن التوثيق‬ ‫الطبي حلاالت الس������رطان مثال في األردن ليس هو نفس������ه في‬ ‫مما‬ ‫بوروندي‪ ،‬لسبب واحد هو أن املوارد الطبية في األردن أكثر ّ‬ ‫ف������ي بوروندي‪ ،‬غير أن هناك أمناطا عامة‪ .‬ففي عام ‪ 1970‬كانت‬ ‫نس������بة اإلصابة بالس������رطان في البلدان النامية ‪ ،%15‬وفي عام‬ ‫‪ 2008‬صار هذا الرقم ‪ ،%56‬وكانت نسبة الوفيات أعلى مبقدار‬ ‫‪ %50‬تقريبا في البالد ذات الدخول املنخفضة مقارنة بتلك ذات‬ ‫الدخول املرتفعة‪ .‬إنني ال أحب مصطلح «منط احلياة» ولكن بعض‬ ‫( ) ‪NOT JUST AN ILLNESS OF THE RICH‬‬

‫باختصار‬ ‫إن ثلثي وفيات الس����رطان في‬ ‫جميع أنحاء العالم تقريبا‪ ،‬والبالغ‬ ‫عدده����ا ‪ 7.6‬ملي����ون حال����ة حت����دث‬ ‫ف����ي الب��ل�اد ذات الدخ����ل القليل أو‬ ‫املتوس����ط‪ ،‬إال أن ‪ 5‬ف����ي املئ����ة فقط‬

‫‪64‬‬

‫م����ن م����وارد الس����رطان تنف����ق على‬ ‫املرضى هناك‪.‬‬ ‫>‪ .P‬فارم����ر< رائ����د في الصحة‬ ‫في العالم ومجموعته «ش����ركاء في‬ ‫الصحة» قد انضمت إلى مجموعة‬

‫فري����ق العم����ل العاملي ال����ذي يرغب‬ ‫في قي����ادة دع����م لرعاية الس����رطان‬ ‫ومعاجلته في تلك البالد‪.‬‬ ‫وب����دأت منظم����ة ش����ركاء ف����ي‬ ‫الصحة بتطوير برامج في ماالوي‬

‫‪(2011) 6/5‬‬

‫وهايت����ي وروان����دا بالتع����اون م����ع‬ ‫املستش����فيات التعليمية املنتس����بة‬ ‫إل����ى هارڤرد لتقدمي طيف كامل من‬ ‫الرعاي����ة للمرض����ى املوجودين في‬ ‫تلك املواقع القليلة املوارد‪.‬‬


‫عوامل اخلطر بالنسبة إلى السرطان مثل التعرض للڤيروسات‬ ‫واملواد الكيميائية املل ِّوثة أو الكيميائية الس������امة منتشر ٌة بصورة‬ ‫أوس������ع وتزيد من حدوث املرض‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن متوسط‬ ‫احلي������اة في الكثير من البالد آخذ ف������ي االرتقاء‪ ،‬وهذا يعني أنه‬ ‫إذا ِ‬ ‫كنت تعاجلني السل (الدرن) ‪ tuberculosis‬املقاوم لألدوية أو‬ ‫اإليدز فإنكِ ستجدِ ين أناسا يبقون على قيد احلياة لعقود‪ ،‬وهذا‬ ‫مينحهم املزيد من الوقت ليموتوا من األورام اخلبيثة‪.‬‬ ‫‪65‬‬

‫هل هذا يعني أن أحد أس���باب تزايد حاالت الس���رطان‬ ‫هو أن أسباب املوت األخرى تتناقص؟‬ ‫نعم‪ ،‬إن إحدى النقاط التي تثيرها املقالة التي نشرناها في مجلة‬ ‫النسيت مؤخرا هي أنه يتعني علينا أن نكامل بني الرعاية والوقاية‬ ‫من الس������رطان من خالل تنظيم وس������ائل الوقاية والتش������خيص‬ ‫والع���ل��اج املختلفة‪ .‬فبدال من أن تكون لدينا برامج مختلفة تعتبر‬ ‫‪(2011) 6/5‬‬


‫بدأ >‪ .P‬فارمر< عمله املخلص في حلبة الصحة العامة في هايتي في الثمانينات‬ ‫من القرن العشرين‪ ،‬وهو يستهدف اآلن رعاية مرضى السرطان‪.‬‬

‫ِ‬ ‫������تطعت أن جتمعيها مع بعضها فإنه‬ ‫متفرق������ة جذريا‪ ،‬وكلما اس‬ ‫س������يكون بإمكانكِ أن حتدثي أثرا أكبر بالنس������بة إلى كل دوالر‪.‬‬ ‫وهذا صحيح بالنس������بة إلى جميع اجلهود املبذولة لتعزيز النظم‬ ‫الصحية‪ ،‬ولكن مع السرطان فإن احلاجة إلى التكامل واضحة‬ ‫بش������كل خاص‪ ،‬ألنه ال توجد طريقة واحدة فقط ملقاربة املرض‪.‬‬ ‫فبعض أمناط السرطان ميكن الوقاية منها بالتطعيم‪ ،‬مثل بعض‬ ‫سرطانات الكبد والرحم وس������رطانات معينة في الرأس والرقبة‬ ‫إلى غير ذلك‪ ،‬وهناك سرطانات أخرى تشفى بالعالج الكيميائي‬ ‫أو اإلش������عاع أو اجلراحة‪ ،‬وهناك أنواع أخرى ميكننا أن ِّ‬ ‫نلطف‬ ‫آالمها‪ .‬لذلك‪ ،‬فإنكِ حتتاجني إلى مش������اركة أطراف مؤسساتية‬ ‫مؤ ِّث������رة لتقدمي العالج‪ ،‬وكذل������ك حتتاجني إلى أن تتأكدي من أن‬ ‫رعاية السرطان تكون ضمن برنامج تأمني صحي قومي للفقراء‪،‬‬ ‫كما هو موجود‪ ،‬بالفعل‪ ،‬في املكسيك وكولومبيا‪.‬‬

‫هل تعتقد أن السرطان ال يزال مهمال في العالم النامي؟‬ ‫على ما يبدو‪ ،‬فإن األمراض التي تنتقل بالعدوى مثل‬ ‫اإليدز والسل واملالريا تلقى عناية أكثر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫رجعت إلى عام ‪ 2003‬فإنه ل������م تكن هناك أي برامج‬ ‫إذا م������ا‬ ‫لتش������خيص ومعاجلة اإليدز كذل������ك‪ ،‬وكان هناك القليل جدا‬ ‫للس������ل واملالري������ا‪ .‬فخطة ط������وارئ رئيس الوالي������ات املتحدة‬ ‫������ت مقترحاتها ولكن لم يبدأ‬ ‫إلغاث������ة مرضى اإليدز قد ُو ِض َع ْ‬ ‫العمل بها‪ ،‬وبالنسبة إلى الصندوق العاملي ملكافحة اإليدز‬ ‫والس���ل واملالريا(‪ ،)1‬فقد ذهبت واح������دة من أوائل املنح إلى‬ ‫هايتي‪ ،‬ولم تدخل حيز التنفيذ إال في عام ‪ .2003‬أي إن لهذا‬ ‫االهتم������ام تاريخ ًا حديث ًا ‪ -‬فاإليدز والس������ل واملالريا لم تكن‬ ‫على اخلارطة كذلك‪ .‬وإن مش������كالت الفقراء بصورة عامة لم‬ ‫تكن ‪ -‬ببساطة ‪ -‬على اخلارطة‪.‬‬ ‫‪66‬‬

‫و ِل َم ال؟ وما الذي وضعها في هذه الدرجة من االهتمام؟‬ ‫في رأيي‪ ،‬كانت التسعينات من القرن املاضي عقدا من التوقعات‬ ‫املتدني������ة بصورة مرعبة بالنس������بة إلى الصحة في العالم‪ ،‬وفي‬ ‫رأي������ي أن االعتقاد كان بأن عدد التدخالت في الصحة العامة‬ ‫التي ميكن تنفيذها في أي أمة أو دولة يرتبط مباش������رة بالناجت‬ ‫احملل������ي اإلجمالي لهذه األم������ة أو الدولة‪ .‬ومعنى ذلك أنك ِ‬ ‫كنت‬ ‫تسمعني أشياء مثل «إن هايتي بلغت حدا من الفقر ال تستطيع‬ ‫معها إهدار مواردها على أي شيء مرتفع الثمن‪».‬‬ ‫وعندئ������ذ ظهر اإليدز‪ ،‬وهو ظاهرة ش������ملت جميع األمم‪ .‬وقد‬ ‫جعل������ت االس������تراتيجيات التي تر ِّكز فقط عل������ى ما هو متاح في‬ ‫دول������ة في الوقت الذي تنتش������ر فيه األم������راض أو تخبو‪ ،‬ضربا‬ ‫من اجلن������ون‪ ،‬أليس كذلك؟ وفي بداي������ة األلفية صارت أمراض‬ ‫اإليدز والس������ل واملالريا تفتك بستة ماليني فرد سنويا‪ ،‬وتقريبا‬ ‫جميعه������ا في أماكن محددة تكاد تفتقر إلى املوارد الكافية‪ .‬وما‬ ‫لبثت وس������ائل اإلعالم احلديثة أن جعلت كل واحد يش������عر بأننا‬ ‫موج������ودون حقيقة على الكوكب نفس������ه‪ ،‬وبصورة مفاجئة جتد‬ ‫أناسا يتصلون بهارڤرد من هايتي باستخدام برنامج «سكايب»‬ ‫عب������ر اإلنترنت‪ .‬عندئذ بدأ بالعمل كل من مؤسس������ة بيل وميلندا‬ ‫گيتس والصن������دوق العاملي وخطة الرئي������س ملواجهة الطوارئ‪،‬‬ ‫وهي أكبر التزام مالي التزمت به أي دولة ملكافحة مرض واحد‪،‬‬ ‫حيث أدى ذلك إلى تغيير جذري للمشهد‪ ،‬ولكن أعود ألقول مرة‬ ‫أخرى‪ ،‬إن ذلك لم يحدث إال في السنوات القليلة املاضية‪.‬‬ ‫لقد كان السرطان مشكلة في ذلك الوقت أيضا‪ ،‬فلماذا‬ ‫ل���م يك���ن جزء ًا م���ن جدول أعم���ال الصح���ة العاملي في‬ ‫بدايات القرن احلالي؟‬ ‫كان ينبغ������ي ذلك‪ .‬ولكنني أعتقد أن������ه كان أمرا جيدا أن نركز‬ ‫على تبع������ات بعض األم������راض وعلى الفجوات ف������ي العالج‪.‬‬ ‫عموما‪ ،‬فإن اإليدز والسل واملالريا جميعها كانت مهملة‪ .‬فإذا‬ ‫ما ِ‬ ‫قلت «دعون������ا نحصل على موازنة عاملية ملكافحة األمراض‬ ‫والفقر» فسيكون أمرا حسنا‪ ،‬وقد حاولنا ذلك بالفعل من قبل‬ ‫ول������م يحقق قدرا جيدا من النج������اح‪ .‬أعتقد أنه كان هناك أمر‬ ‫جاذب في خطة رئيس الواليات املتحدة للطوارئ للتخفيف عن‬ ‫مرضى اإليدز املتمركزة على مرض واحد‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فعندما‬ ‫يكون هناك نقص ملموس في املوارد ستجدين أناسا يقولون‪:‬‬ ‫«إن كل العناي������ة موجهة إلى مرض اإلي������دز‪ ،‬وال توجد موارد‬ ‫للتركيز على أي مرض آخر‪ ».‬ولكن هذا التنافس على املوارد‬ ‫ليس جيدا‪ ،‬فدعونا ال نقع في اخلطأ نفس������ه مرة بعد مرة بعد‬ ‫مرة‪ ،‬فعند ش������ح املوارد ال ينبعي أن نفترض أنه ليس لديكِ ما‬ ‫(‪the Global Fund to Fight AIDS, Tuberculosis and Malaria )1‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫يكفي من املال إال للقيام بعدد محدد من األعمال املؤثرة‪.‬‬

‫توج���ه التناف���س ما ب�ي�ن األمراض‬ ‫ه���ل تس���تطيع أن ِّ‬ ‫للصالح العام؟‬ ‫أعتقد أن������ه بإمكانكِ ذلك‪ ،‬وهذا ما يحاول فريق العمل العاملي‬ ‫أن يفعله‪ ،‬مبعنى أن تقولي‪« :‬نعم س������نركز على السرطان» مع‬ ‫علمن������ا بأننا يجب أن نعمل على تقوية النظم الصحية بصورة‬ ‫عامة وأن نعمل على اللقاحات ووسائل التشخيص وأساليب‬ ‫العالج والرعاية لتلطيف األلم‪ .‬وتعقيدات الس������رطان تعني أنه‬ ‫يجب أن يعمل الناس مع بعضهم‪ ،‬ونحن نحاول أن نس������تخدم‬ ‫هذا األسلوب املتكامل لتجديد النظام الصحي ككل‪.‬‬ ‫م���ا ه���ي تداخالت الصح���ة العامة التي س���تكون أكثر‬ ‫فاعلية في الوقاية من السرطان؟‬ ‫إن س������رطان عنق الرحم هو واحد م������ن األورام اخلبيثة التي‬ ‫رمبا نتمكن من محوها تقريبا نظرا لتوافر الوس������ائل الوقائية‬ ‫اجلديدة ووسائل الكش������ف املبكر األفضل وأساليب العالج‪،‬‬ ‫وما كنت ألقول هذا الكالم قبل ‪ 10‬سنوات‪.‬‬

‫هل ذلك ألنه لم يكن لدينا اللقاح املضاد للورم احلليمي‬ ‫البشري املسمى ‪ Gardasil‬قبل ‪ 10‬سنوات؟‬

‫لم نكن لنس������تطيع التخلص من سرطان عنق الرحم‪ .‬فبالطبع‪،‬‬ ‫ينتقل ڤيروس الورم احلليمي البش������ري ‪ HPV‬جنس������يا‪ ،‬لذلك‬ ‫ميكنكِ أن تتخيلي جميع وس������ائل الوقاي������ة األولية تلك‪ ،‬أي ما‬ ‫يسمى املمارس������ة اآلمنة للجنس‪ ،‬أو التأخر في بداية النشاط‬ ‫اجلنسي‪ .‬ولكن البشر بشر‪ ،‬مما يعني أن اللقاح هو األفضل‪.‬‬ ‫رمبا تصير أنواع الڤيروس التي ال يش������ملها اللقاح س������ائدة‪،‬‬ ‫وهذا أم������ر ال نعلمه‪ ،‬وبالطبع فإن اللقاح ال يقي من األمراض‬ ‫األخرى املنقولة جنس������يا‪ ،‬ولكنه مهم‪ .‬فلنبدأ بذلك‪ ،‬فهذا الورم‬ ‫اخلبيث يصيب النس������اء الفقيرات‪ ،‬ولدينا ش������يء مبقدوره أن‬ ‫يقي قسما كبيرا من اإلصابات املرضية‪.‬‬

‫وماذا بعد ذلك؟‬ ‫الكش������ف املبكر‪ .‬إذ ميكنكِ أن تس������تخدمي حمض األسيتيك‬ ‫لفحص عنق الرحم‪ ،‬وإذا ما ِ‬ ‫رأيت تقرحات في موضعها فإن‬ ‫من املمكن إزالتها بالع���ل��اج بالتبريد‪ ،‬ومن املمكن ك ّيها وهذا‬ ‫يشفيها‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬فهناك مريضات قد يحتجن‪ ،‬بالطبع‪ ،‬إلى‬ ‫جراحات أكثر جذرية‪ ،‬والتي ميكن أن تكون ش������افية‪ ،‬وأخيرا‬ ‫هناك مريضات ال ميكن ش������فاؤهن ويحتجن إلى أنواع أخرى‬ ‫من العالج مثل اإلشعاع لتخفيف األعراض لديهن‪.‬‬ ‫‪67‬‬

‫إلى أي مدى تتوافر وسائل العالج هذه في العالم النامي؟‬ ‫لدي مريضة قبل ‪ 12‬سنة وكان‬ ‫ليس على نطاق واسع‪ .‬كان ّ‬ ‫لديها س������رطان عنق الرحم النقيلي‪ ،‬وكان يتعني عليها أن‬ ‫تذهب إلى جمهورية الدومنيكان لتلقي املعاجلة اإلشعاعية‬ ‫ألنه ل������م يكن متوافرا ف������ي هايتي‪ ،‬ولكنه������ا تلقت املعاجلة‬ ‫بالفعل‪ ،‬وقد التقيتها قبل أس������بوعني‪ .‬فالسؤال هو‪ ،‬إذا لم‬ ‫يكن العالج متوافرا فهل نس������تخدم ه������ذه املعلومة كبداية‬ ‫للمناقشة أم إلنهائها؟‬ ‫إذن‪ ،‬فم������ا املتاح اآلن في مثل األماكن التي أعمل بها؟ عليكِ‬ ‫ِ‬ ‫ذهبت إلى أي عاصمة في إفريقيا‬ ‫أن تبدئي بال ش������يء‪ ،‬فإذا ما‬ ‫(حتى األشد فقرا منها) فستجد دائما اختصاصيني في األورام‬ ‫أو ف������ي أمراض الدم‪ ،‬ولكننا نذهب إل������ى املناطق الريفية‪ .‬ما قد‬ ‫ِ‬ ‫وضعت البنية األساس������ية في تلك املناطق‬ ‫يحدث هو أنك إذا ما‬ ‫الريفي������ة فإن الناس يأتون بالفعل إل������ى هناك من املدن بحثا عن‬ ‫الرعاية ألنهم فقراء‪ .‬إذ س������يحيلهم االختصاصيون في أمراض‬ ‫اخلاص‪ ،‬وسيقولون‬ ‫الدم أو في األورام الذين يعملون في القطاع‬ ‫ّ‬ ‫لهم‪« :‬ليس بإمكاني مس������اعدتكم‪ ،‬ولكنني أس������مع أن الناس في‬ ‫ذلك املركز الريفي يقدمون تشخيصا ورعاية للسرطان»‪ .‬فعندما‬ ‫بدأنا نعمل في الريف اإلفريقي كنا نعلم أن ذلك س������وف يحدث‬ ‫ألننا مررنا بذلك في هايتي‪ ،‬فقد صرنا نوفر امللجأ األخير‪ .‬وفي‬ ‫شمال رواندا‪ ،‬كان هناك ‪ 500 000‬شخص ليس لديهم مستشفى‬ ‫ف������ي منطقتهم‪ .‬لذا‪ ،‬وبالتع������اون مع وزارة الصح������ة‪ ،‬قمنا ببناء‬ ‫مستشفى‪ .‬وقد حاولنا أن نقوم بالتشخيص مبساعدة مستشفى‬ ‫هارڤرد التعليمي‪ ،‬ومستشفى بريگام(‪ )1‬ومستشفى النساء‪ ،‬وهم‬ ‫يوفرون لنا جميع التشخيصات الباثولوجية مجانا‪.‬‬ ‫هل ترسلون العينات جيئة وذهابا؟‬ ‫نع������م‪ ،‬فمع األورام الصلب������ة ِ‬ ‫فأنت تأخذي������ن خزعة‪ ،‬األمر‬ ‫الذي نس������تطيع القيام به بس������هولة في أي من هذين املوقعني‪،‬‬ ‫ثم ُيعاد إرس������الها ونحصل على التش������خيص من مستشفى‬ ‫بري������گام و ُي ّ‬ ‫حضر لنا معهد دانا ‪ -‬فابر للس���رطان(‪ )2‬العالج‬ ‫الكيميائ������ي‪ ،‬ونقوم نحن بتقدميه في رواندا مبس������اعدة أطباء‬ ‫األطفال واملمارسني العامني واملمرضات املوجودين هناك‪ .‬لقد‬ ‫استخدمنا هذا النمط في ماالوي وهايتي ورواندا‪.‬‬ ‫إنه أمر غير عادي أن تفكر أن فردا ما يعيش في إحدى‬ ‫املناط���ق الريفية ف���ي رواندا تتم معاجلت���ه عن طريق‬ ‫أحد أفضل مراكز السرطان في العالم‪.‬‬ ‫(‪Brigham Hospital )1‬‬ ‫(‪the Dana-Faber Cancer Institute )2‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫أعتقد ذل������ك‪ ،‬ونأمل بأن اآلخرين املش������تغلني في هذا املجال‬ ‫يرون ذلك ويتوقفون عن قولهم‪« :‬آه‪ ،‬ليس مبقدورنا فعل ذلك‪.‬‬ ‫إنها إفريقيا ال ميكنك أن تعالج السرطان هناك»‪.‬‬

‫هل تس���تطيع مستش���فيات أخرى تطوي���ر هذا النوع‬ ‫من الشراكة؟‬ ‫إن في كل مستش������فى في أمريكا قسما للپاثولوجيا وبرنامج‬ ‫عالج كيميائي‪ ،‬وال نحتاج أن يشاركوا جميعا في ذلك‪ ،‬ولكن‬ ‫املراكز األكادميية الكبيرة يتعني عليها أن تقوم بذلك‪.‬‬ ‫َ‬ ‫علي���ك أيض���ا أن تدرب الن���اس املوجودين في‬ ‫ينبغ���ي‬ ‫امليدان‪ ،‬أ ليس كذلك؟‬ ‫إن أحد الدروس التي تعلمناها في هايتي ونحن نحاول معاجلة‬ ‫السل‪ ،‬هو أنه إذا ِ‬ ‫كنت ترغبني في أن يتمسك الناس بالعالج‬ ‫فيج������ب عليك العم������ل مع العاملني في صح������ة املجتمع‪ .‬أذكر‬ ‫أن تفكيرنا في البداي������ة كان «لدينا األطباء ولدينا املمرضات‬ ‫ولدينا املختبر ولدينا امليكروسكوب ‪ ،»microscope‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫فاملرض������ى مازال������وا ميوتون‪ ،‬ولذلك بدأنا نبحث عن مش������كلة‬ ‫التوصيل هنا؟ والذي اكتش������فناه هو أنه حتى إذا ما كان من‬ ‫املمكن توفير األطباء واملمرض������ات فإنك بحاجة إلى العاملني‬ ‫في صحة املجتمع ألنهم يعيش������ون في الق������رى مع جيرانهم‪.‬‬ ‫وبالطب������ع‪ ،‬فاملش������كلة كانت أن املرض مزم������ن وعلى املرضى‬ ‫املداومة على األدوية‪ .‬ويس������تطيع العاملون في صحة املجتمع‬ ‫تشجيع املرضى على تناول األدوية‪ ،‬وكذلك مساعدة املرضى‬ ‫على األمور اليومية التي يحتاجون إليها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫إن���ك حتتاج إلى العاملني في صح���ة املجتمع للرعاية‬ ‫امللطفة ف���ي نهاية احلياة‪ ،‬وهي أحد اهتمامات عملكِ‬ ‫في الس���رطان‪ .‬فمن الواضح أنه ليس هناك من سبب‬ ‫أال يحصل عليها الفرد في إفريقيا طاملا يحصل عليها‬ ‫الفرد هنا‪ .‬فهل جتد مقاومة للفكرة؟‬ ‫نوع������ا ما‪ ،‬إذا أخذنا ف������ي االعتبار تلك احلقيق������ة األليمة أن‬ ‫جميع البش������ر فان������ون‪ ،‬فجميع أنواع الرعاي������ة ملطفة‪ ،‬ولكن‬ ‫إلي كعالم في األنثروبولوجيا الطبية‬ ‫األمر املدهش بالنس������بة ّ‬ ‫ه������و الطريقة التي تحُ ّرف بها بع������ض تلك املصطلحات‪ ،‬ففي‬ ‫األماك������ن الت������ي ال جتدين فيها عالجا فاع���ل��ا فإن مصطلح‬ ‫«الرعاية امللطفة» ُيس������اء استعماله بعض الشيء ألن الفكرة‬ ‫كان������ت‪ :‬نحن ال نس������تطيع معاجلة الس������رطان أو اإليدز‪ ،‬لذا‬ ‫فإننا س������نكتفي بتقدمي الرعاية امللطف������ة‪ .‬وأنا أعتقد أن هذا‬ ‫كان خطأ‪ ،‬فكان ينبغي أن ُيقال نحن نحاول عمل أقصى ما‬ ‫‪68‬‬

‫نستطيع للعالج جنبا إلى جنب مع تقدمي الرعاية امللطفة‪.‬‬ ‫غي������ر أن الناس الذين يعانون أورام������ا خبيثة يتأملون‪ ،‬نعم‬ ‫إنه������م يحتاجون إلى التلطيف في هايتي بالقدر نفس������ه الذي‬ ‫يحتاج������ون إليه في هارڤرد‪ .‬والبراعة في تدبر أمر األلم ليس‬ ‫اقتراحا مرتفع التكاليف حقيقة‪ .‬صحيح إن هناك صعوبة في‬ ‫تدبر أمر املس������كنات‪ ،‬فعليكِ أن تتأك������دي أن األدوية تؤثر من‬ ‫دون الكثير من األع������راض اجلانبية‪ ،‬وكذلك عليكِ أن تتأكدي‬ ‫من أنها ال تُسرق وتُباع في الشوارع‪.‬‬ ‫وليس������ت األدوية نفس������ها دائما به������ذا القدر م������ن ارتفاع‬ ‫األسعار‪ .‬ولكن هناك أيضا حقيقة أنه‪ ،‬نعم إن رعاية السرطان‬ ‫مرتفعة التكاليف‪ ،‬ولكن ه������ل هذه هي نهاية احلوار أم بدايته؟‬ ‫ألنه إذا كان ذلك بداية احلوار فإننا عندئذ سنقول‪« :‬كيف ميكن‬ ‫تخفيض التكاليف»‪ ،‬وهذه أحد محاور اهتمام فريقنا‪.‬‬

‫َ‬ ‫إنك تقضي وقتا طويال تعمل على وضع السياس���ات‪،‬‬ ‫فهل مازلت تعمل على تقدمي الرعاية للمرضى كذلك؟‬ ‫إنني مسافر غدا‪ ،‬فعال‪ ،‬لهايتي لتقدمي الرعاية ألحد املرضى‪،‬‬ ‫وهو ش������اب عمره ‪ 25‬عاما‪ ،‬وقد ظه������رت عنده تلك اآلفات في‬ ‫الرئة التي افترض اجلميع (وهذا صحيح) أنها س������ل ّية‪ ،‬ولكن‬ ‫تبني أنه مصاب أيضا باللمفوما‪ ،‬وقد بدأت متابعته قبل نصف‬ ‫عام‪ ،‬وأجرينا التشخيص في بريگام‪ ،‬وبعد ذلك حصلنا على‬ ‫العالج الكيميائي من معهد دانا – فابر وقد غادر املستشفى‬ ‫للتو‪ ،‬وص ِّدق أو ال تص َّدق أن اسمه «نصر» ‪.Victory‬‬ ‫هل َّ‬ ‫مت شفاؤه؟‬ ‫أعتقد ذلك‪ ،‬فقد تلقى ‪ 6‬جرعات من العالج الكيميائي‪ ،‬وبالتأكيد‬ ‫ُشفي من الس������ل‪ ،‬آمل بأن أراه غدا‪ ،‬لقد عاد إلى بيته‪ ،‬ولكنه‬ ‫ليس بعيدا جدا عن املستشفى‪ ،‬لذا فمن احملتمل أن أعثر عليه‪،‬‬ ‫>‬ ‫وحمدا لله ليس حتت األرض‪.‬‬ ‫(‪Knight Science Journalism Fellow )1‬‬

‫املؤلف‬

‫‪Mary Carmichael‬‬

‫كبيرة ال ُكتّاب في مجلة نيوزويك ‪ Newsweek‬تغطي مجال الصحة والعلوم‪ ،‬وهي‬ ‫حاليا زميل فارس علوم الصحافة(‪ )1‬في معهد ماساشوستس للتقانة )‪.(MIT‬‬ ‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, March 2011‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫تتمة الصفحة ‪( 45‬مصائب التغير املناخي)‬

‫النبوءات اخلاصة باجلفاف في املكسيك‬

‫ف���ي املكس���يك وأمري���كا الوس���طى‪ ،‬يقط���ن مالي�ي�ن املزارع�ي�ن الذي���ن تعتم���د‬ ‫محاصيله���م على انتظام هطول األمطار‪ .‬ولك���ن اجلفاف في العقود األخيرة‬ ‫ص���ار ظاه���رة متزايدة التك���رار‪ ،‬مما هدد مص���ادر الدخل ودف���ع األفراد إلى‬ ‫النزوح نحو املدن وشماال نحو الواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬

‫احلياة في‬ ‫األرياف‬ ‫ينتشر معظم‬ ‫سكان املكسيك في‬ ‫األجزاء الوسطى‬ ‫واجلنوبية من‬ ‫البالد‪ ،‬التي تشكل‬ ‫احلزام الزراعي‬ ‫للمكسيك‪.‬‬

‫مناطق‬ ‫املكسيك‬ ‫املركزية‬ ‫األراضي املروية‬ ‫نادرة‪ ،‬ومعظم‬ ‫أراضي املكسيك‬ ‫وأمريكا الوسطى‬ ‫تعتمد كليا على‬ ‫مياه األمطار‪.‬‬

‫هطول مطري‬ ‫أقل‬ ‫تعاني معظم أنحاء‬ ‫املنطقة في السنني‬ ‫األخيرة جفافا‬ ‫شديدا‪.‬‬

‫الكثافة السكانية‬

‫‪500‬‬

‫(فرد في الكيلومتر املربع)‬

‫كيلومتر‬

‫‪4-1‬‬

‫‪24 - 5‬‬

‫‪249 - 25‬‬

‫‪999 - 250‬‬ ‫‪1000+‬‬

‫صالحية األرض لزراعة‬ ‫احملاصيل التي تعتمد‬ ‫على مياه األمطار‬ ‫ضعيفة‬ ‫مقبولة‬ ‫جيدة‬ ‫ممتازة‬ ‫ال بيانات‬

‫أحوال اجلفاف‬

‫(النسبة املئوية للمواسم‬ ‫الزراعية التي ضربها‬ ‫اجلفاف بني عامي‬ ‫‪)2007 - 1988‬‬ ‫حتى ‪%10‬‬ ‫‪%20 - %10‬‬ ‫‪%30 - %20‬‬ ‫‪%40 - %30‬‬ ‫‪%60 - %40‬‬

‫ال بيانات‬

‫مستقبل ينبئ‬ ‫باجلفاف‬ ‫تبني النماذج املناخية‬ ‫أنه بحلول عام ‪2080‬‬ ‫ستعاني معظم مناطق‬ ‫املكسيك نقصا كبيرا‬ ‫في معدل هطول األمطار‬ ‫بسبب تأثيرات التغير‬ ‫املناخي‪ .‬وقد ينخفض‬ ‫مجمل هطول املطر‬ ‫في بعض املناطق إلى‬ ‫النصف‪.‬‬

‫‪69‬‬

‫التغير املتوقع‬ ‫للهطول‬ ‫‪ %24 - %5‬أكثر‬ ‫‪ %24 - %5‬أقل‬ ‫‪ %50 - %25‬أقل‬ ‫ال بيانات‬ ‫املكسيك‬ ‫أمريكا الوسطى‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫املجلد ‪ 27‬العددان‬ ‫مايو ‪ /‬يونيو ‪2011‬‬

‫‪6/5‬‬

‫هل ميكن أن يستمر بقاء البحر امل ّيت؟‬

‫( )‬

‫واستخراج املعادن البح َر امليت‪،‬‬ ‫عمليات الري‬ ‫جُت ِّف ُف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وتتط ّلع كل من الدول احمليطة به إلى احلفاظ عليه‪.‬‬ ‫>‪ .E‬ها ّدوك<‬

‫ُيع ّد البحر امليت من األماكن الغامضة‪ ،‬فهو أدنى س������طح‬ ‫عل������ى كوكب األرض‪ ،‬واملوقع املزعوم ملدينتي س������دوم وعمورة‬ ‫القدميتني‪ ،‬والينبوع املفترض للمياه الشافية‪ ،‬إضافة إلى ذلك‬ ‫وعل������ى الرغم من اس������مه فهو كنز من املكتش������فات املهمة من‬ ‫الكائن������ات الدقيقة الفريدة من نوعه������ا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن مصير‬ ‫البحر امليت مليء بالغموض‪ .‬فبعد قرون من االستقرار الناجت‬ ‫م������ن التوازن الهش بني املياه العذب������ة التي تصب فيه من نهر‬ ‫ّ‬ ‫األردن‬ ‫والتبخر بتأثير شمس الشرق األوسط القاسية ‪ -‬فإنّ‬ ‫البحر امليت هو اآلن في مرحلة االختفاء‪.‬‬ ‫يقوم كل من األردنيني من جهة الش������رق واإلسرائيليني من‬ ‫جهة الغرب والس������وريني واللبنانيني من جهة الش������مال بضخ‬ ‫كميات هائلة من املياه العذبة من مستجمع أمطار نهر األردن‬ ‫لدرج������ة ينعدم تقريبا وص������ول هذه املياه العذب������ة إلى البحر‬ ‫امليت؛ إضافة إلى ذلك تقوم الدول املجاورة له بش������فط مياهه‬ ‫عجل اختفاء هذا البحر‪.‬‬ ‫الستخراج املعادن الثمينة منه‪ ،‬مما ُي ّ‬ ‫وقد تشكلت آالف احلفر األرضية ‪ sinkholes‬في أماكن تراجع‬ ‫البحر؛ مما ح ّد من الس������ياحة والتنمية على طول هذا الشريط‬ ‫احلدودي وذلك لصعوبة تكهن مكان التش������كل املفاجئ حلفرة‬ ‫أرضية جديدة من الفتحات الكبيرة التي قد تؤدي إلى ابتالع‬ ‫املباني والطرق أو الناس‪.‬‬ ‫انطالقا من قلقهم على فق������دان مورد طبيعي وثقافي ق ِّيم‪،‬‬ ‫اقترح مس������ؤولون من الدول احمليطة بالبحر امليت إنشاء نظام‬

‫املؤلف‬

‫‪Eitan Haddok‬‬

‫مراسل صحفي ومصور مقيم في باريس وحاصل على‬ ‫املاجستير في علوم اجليوفيزياء والكواكب‪ ،‬وهو الذي أع ّد‬ ‫التحقيق املصور املميز (والدة محيط) في عدد الشهر ‪2008/10‬‬ ‫من مجلة ساينتيفيك أمريكان‪.‬‬

‫ضخم لنقل املياه من شأنه أن يـُز ّود ‪ -‬بشكل مستمر ‪ -‬البحر‬ ‫امليت مبي������اه البحر األحمر الواقع في اجلنوب‪ .‬ويقوم العلماء‬ ‫حاليا بدراس������ة تأثير امتزاج املي������اه املختلفة في طبيعة البحر‬ ‫امليت الكيميائية والبيولوجية‪ ،‬أو أن يصطبغ باللون األحمر إذا‬ ‫كان بإمكان التدفق أن يعيده إلى حالة االزدهار‪ ،‬بس������بب منو‬ ‫الطحالب كما سنشير إلى ذلك الحقا‪ .‬وحاليا يقوم السياسيون‬ ‫باختبار ما إذا كانت أي دولة من هذه الدول ترغب في متويل‬ ‫هذا املش������روع الداعم الس������تمرار وجود البحر امليت‪ ،‬والذي‬ ‫تبل������غ قيمته ‪ 10‬باليني دوالر‪ ،‬وذلك عل������ى الرغم من معارضة‬ ‫دعاة حماية البيئة هذا املشروع الفرعوني‪ .‬وتتابع احلكومات‬ ‫املشرفة على األسطح املائية املاحلة األخرى ‪ -‬مثل بحر آرال‬ ‫وبحر قزوين وبحيرة گريت س������ولت في والي������ة يوتاه – نتائج‬ ‫الدراس������ات التي ميكن أن تطبق في عمليات تنمية مشاريعها‬ ‫املس������تقبلية‪ .‬لنقم بجولة في منطقة البح������ر «احملتضر» وعلى‬ ‫اجلهود املبذولة من أجل إعادته إلى احلياة‪.‬‬ ‫( ) ?‪CAN THE DEAD SEA LIVE‬‬

‫باختصار‬ ‫>‬

‫>‬

‫‪70‬‬

‫ينخف���ض س���طح مي���اه البح���ر امليت ال���ذي يقع عل���ى مس���افة ‪ 424‬مترا حتت‬ ‫مس���توى س���طح البحر مبعدل متر واحد سنويا بس���بب استخدام املياه التي‬ ‫تغذيه في أعمال الري وتبخير مائِ هِ الستخالص املعادن (األمالح)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تشكل آالف احلفر األرضية بسبب تراجع املياه املاحلة اجلوفية‬ ‫يس���تمر‬

‫>‬

‫الذي يجعل انهيار األراضي املوجودة فوقها ممكنا‪.‬‬ ‫���زود نظ���ام أنابي���ب لنقل املي���اه من البحر األحم���ر بطول‬ ‫ميك���ن أن ُي ّ‬ ‫كيلومترا املياه املاحلة الضرورية‪ .‬ويقوم العلماء حاليا باختبار إلى أي‬ ‫ُ‬ ‫خلط املياه احليا َة البحرية‪.‬‬ ‫مدى ميكن أن يغ ّير‬

‫‪(2011) 6/5‬‬

‫‪180‬‬


‫يقع البحر امليت اآلن على عمق ‪ 424‬مترا حتت‬ ‫مستوى سطح البحر‪ ،‬وينخفض مستوى مياهه‬ ‫مترا واحدا كل سنة‪ .‬وفي بعض املناطق تراجعت‬ ‫حدود مياهه إلى مسافة كيلومتر عن الشاطئ‪.‬‬ ‫وتشــكلت أكثر من ‪ 3000‬حفرة أرضية حول‬ ‫محيطه ‪ -‬وفي السنوات األخيرة كانت تتكون‬ ‫نحو حفرة واحدة كل يومني؛ بعضها ممتلئ‬ ‫مبياه شديدة امللوحة وبعضها اآلخر جاف‪.‬‬

‫‪71‬‬

‫‪1‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫‪2‬‬

‫‪4‬‬

‫‪3‬‬

‫انحالل طبقات التربة‬ ‫)‪(1‬‬

‫قد يصل عرض احلفرة األرضية‬ ‫إلى ‪ 25‬مترا وعمقها إلى ‪ 15‬مترا‪ .‬وهذه‬ ‫احلفر ميكن أن تنهار فجأة مبتلعة املباني‬ ‫والطرق‪ ،‬إضافة إلى املارة املتجولني على‬ ‫األقدام )‪.(3‬‬ ‫إن انح���ل��ال طبقات التربة امللحية هو‬ ‫التفس������ير األكثر قب������وال‪ :‬عندما تتراجع‬ ‫مي������اه البح������ر املاحلة تغور معه������ا املياه‬ ‫اجلوفي������ة املاحلة قبل أن حت������ل مكانها‬ ‫املي������اه اجلوفية العذبة التي تذيب طبقات‬ ‫امللح حتت السطحية مس������ببة انهيار ما‬ ‫يعلوها من الطبقات‪.‬‬ ‫‪72‬‬

‫تك������ون بعض احلف������ر األرضية ممتلئة‬ ‫باملياه الش������ديدة امللوحة ف������ي حني يكون‬ ‫بعضه������ا اآلخ������ر جافا‪ .‬وأحيانا تتش������كل‬ ‫صفوف من احلفر األرضية فوق الصدوع‬ ‫اجليولوجية السطحية )‪(2‬؛ مما قد يسمح‬ ‫بانس������ياب املياه العذبة م������ع تراجع املياه‬ ‫املاحلة‪ .‬إن فهم هذه اآللية ميكن أن يساعد‬ ‫على تفس������ير تك ّون ه������ذه احلفر األرضية‬ ‫الغريب������ة في والي������ة فلوري������دا وگواتيماال‬ ‫وأملانيا وإسپانيا‪.‬‬ ‫يعود سبب االستنزاف التدريجي ملياه‬ ‫البحر امليت بصورة أساسية إلى تضاؤل‬ ‫‪(2011) 6/5‬‬

‫تدفق نه������ر األردن من جهة الش������مال من‬ ‫‪ 1300‬مليــون متــر مكعــب في الس������نة إلى‬ ‫‪ 30‬مليون مت������ر مكعب‪ .‬ونتيجة لذلك يفوق‬ ‫ّ‬ ‫تبخ������ر مياه البحر امليت إمداداته من املياه‬ ‫العذب������ة؛ وهذا ما أدى إل������ى اختفاء اجلزء‬ ‫اجلنوبي من هذا البحر‪.‬‬ ‫وس������بب تضاؤل تدفق نهر األردن يرجع‬ ‫إلى املضخات املس������تخدمة م������ن قبل الدول‬ ‫املج������اورة له‪ ،‬التي تس������حب املي������اه من أجل‬ ‫الزراعة أو االس������تخدامات املنزلية )‪ ،(4‬وقد‬ ‫غ������دت بعض األنابيب عدمي������ة اجلدوى نظرا‬ ‫جلفاف النهر (اجلزء األمامي من الصورة)‪.‬‬


‫البحر امليت‬ ‫املنطقة‬ ‫املكبرة‬ ‫البحر األحمر‬

‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫‪73‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫إمكانية إحياء البحر امليت‬

‫( )‬

‫يس������تمر مس������توى س������طح البحر امليت باالنخفاض أيضا‬ ‫بس������بب ما تقوم به ش������ركة «أش������غال البحر امليت» وش������ركة‬ ‫«البوتاس العربية» من نقل املياه من جهة الشمال إلى اجلنوب‬ ‫عبر قن������اة؛ حيث يتحول البح������ر هناك إلى ب������رك اصطناعية‬ ‫شاس������عة ومتتابعة في املكان الذي كان ميثل اجلزء اجلنوبي‬ ‫م������ن البحر امليت (‪ 5‬بالل������ون األزرق و ‪ 6‬منظر مكبر)‪ .‬وتُخ ِّلف‬ ‫عملي������ات تبخير مياه البحر امليت وراءه������ا معادن مركزة مثل‬ ‫البرومني واملغنيسيوم والبوتاس‪ ,‬إضافة إلى األمالح )‪ (7‬التي‬ ‫تقوم هاتان الش������ركتان باس������تخراجها‪ .‬وحتتوي طبقة الهواء‬ ‫املوج������ودة فوق هذه املنطقة الشاس������عة م������ن البرك على أعلى‬ ‫املس������تويات من الزئبق املؤكس������د على الكرة األرضية‪ ،‬وهذه‬ ‫البرك تتشكل بسبب تركيز البرومني العالي‪.‬‬ ‫وف������ي ظـل الظ������روف الراهنة ميكن أن ينخف������ض البحر امليت‬ ‫إلى–‪ 550‬مترا حتت مس������توى البحر بحل������ول عام ‪ .2200‬وميكن‬ ‫إيق������اف تراجعه عن طريق أقنية مقترح������ة وخط أنابيب طوله ‪180‬‬ ‫كم تنقل املياه إليه م������ن البحر األحمر‪ .‬وميكن أن تُنتج محطات‬ ‫التحلية الت������ي تقام على امتداد خط األنابيب الناقل للمياه‪900 ،‬‬ ‫ملي������ون متر مكعب من املياه العذبة س������نويا‪ ،‬معظمها س������يذهب‬ ‫إل������ى األردن‪ .‬أ ّما كمية الـ ‪ 1.1‬مليون متر مكعب من املياه املاحلة‬ ‫املتبقية فيمكن أن تضاف إلى مياه البحر امليت‪ .‬كما أن محطات‬ ‫تولي������د الكهرب������اء املائية ميكن أن تس������تثمر الف������رق في ارتفاع‬ ‫مستوى األرض‪ .‬أ ّما دراس������ة اجلدوى البالغ تكلفتها ‪ 17‬مليون‬ ‫دوالر الت������ي يقوم بها البنك الدولي فينبغي االنتهاء منها بحلول‬ ‫ش������هر ‪ .2011/7‬وإذا ما تمَ ّ بناء خط أنابي������ب نقل املياه فإنّ ذلك‬ ‫ميكن أن يث ّبت مس������توى ماء البحر امليت عند مستوى يتراوح ما‬ ‫بني ‪ 410‬إلى ‪ 420‬مترا حتت مستوى البحر بحلول عام ‪.2050‬‬

‫مراكز توزيع‬

‫إن املي������اه املاحلة الناجتة من عمليات التحلية ربمّ ا ال تكون‬ ‫البدي������ل املالئم ملياه نهر األردن‪ ،‬وذلك ألنّ������ه عند إضافة املياه‬ ‫املاحل������ة إلى مي������اه البحر امليت املاحلة ميك������ن أن تتوالى على‬ ‫شكل طبقات غير ممتزجة‪ .‬كما أنّ منو الطحالب والبكتيريا قد‬ ‫يغي������ر لون البحر من الل������ون األزرق الفيروزي إلى لون ضارب‬ ‫إلى احلمرة‪ .‬فقد أشارت التجارب التي أجراها علماء األحياء‬ ‫الدقيقة في خزانات صغيرة إلى أن ازدهار الطحالب قد يحدث‬ ‫ولكن االختبارات ليس������ت قاطعة ولم تكرر من قبل‬ ‫بالفعل )‪ّ ،(8‬‬ ‫مجموعة مستقلة‪.‬‬ ‫وميكن أن يك������ون إنقاذ البحر امليت ذا فوائد مختلفة‪ .‬فقد‬ ‫اكتشف علماء األحياء حديثا شكال جديدا من أشكال األيض‬ ‫في بعض املتعضي���ات امليكروي���ة ‪ microorganisms‬في مياه‬ ‫البح������ر‪ .‬إضافة إلى ذلك نقل العلم������اء جينات من فطر محلي‬ ‫فريد من نوعه إلى س���ل��الة من سالالت اخلميرة التي أظهرت‬ ‫في وقت الحق مقاومة شديدة إلجهاد األوساط امللحية‪ ،‬وكذلك‬ ‫إلجهاد أوس������اط احلرارة املرتفعة والعوامل املُ ِ‬ ‫ؤكسدة‪ .‬وميكن‬ ‫لتل������ك اجلينات أن تس������اعد احملاصيل على النم������و في التربة‬ ‫املاحل������ة غير الصاحل������ة للزراعة‪ ،‬األمر الذي ق������د يعزز األمن‬ ‫الغذائي للماليني من البش������ر في األراضي املاحلة في جميع‬ ‫>‬ ‫أنحاء العالم‪.‬‬ ‫( ) ‪POSSIBLE RESURRECTION‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, April 2011‬‬

‫في األقطار العربية‬

‫< اإلمارات‪ :‬شركة اإلمارات للطباعة والنشر والتوزيع ‪ -‬أبوظبي‪ /‬دار احلكمة ‪ -‬دبي < البحرين‪ :‬الشركة العربية‬ ‫للوكـاالت والتوزيــع ‪ -‬املنامــة < تونس‪ :‬الشــركة التونسـية للصحافة ‪ -‬تونس < السعودية‪ :‬تهامـة للتوزيـع ‪ -‬جدة‬ ‫ الرياض ‪ -‬الدمام < سوريا‪ :‬املؤسـسة العربية السورية لتوزيع املطبوعات ‪ -‬دمشق < عُ مان‪ :‬محالت الثالث‬‫جنوم ‪ -‬مسقط < فلسطني‪ :‬وكالة الشرق األوسط للتوزيع ‪ -‬القدس < قطر‪ :‬دار الثقافة للطباعة والصحافة والنشر‬ ‫والتوزيع ‪ -‬الدوحة < الكويت‪ :‬الشركة املتحدة لتوزيع الصحف واملطبوعات ‪ -‬الكويت < لبنان‪ :‬الشركة اللبنانية‬ ‫لتوزيع الصحف واملطبوعات ‪ -‬بيروت < مصر‪ :‬األهرام للتوزيع ‪ -‬القاهرة < املغرب‪ :‬الشركة الشريفية للتوزيع‬ ‫والصحافة ‪ -‬الدار البيضاء < اليمن‪ :‬الدار العربية للنشر والتوزيع ‪ -‬صنعاء‪.‬‬ ‫‪74‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


‫أخبار علمية‬ ‫استعادة الرونق الضائع‬

‫(٭)‬

‫تطورات وجتارب سريرية جديدة تعيد احلياة إلى املعاجلة باجلينات(‪.)1‬‬ ‫َحفِ لت الس������نوات اخلمس عش������رة املاضية‬ ‫بتغي������رات حادة ومفاجئة في املعاجلة باجلينات‪.‬‬ ‫فبع������د أن كان ُي َر َّوج لها في بداية التس������عينات‬ ‫«طب املستقبل»‪ ،‬جنم عن هذه املعاجلة‬ ‫بوصفها َّ‬ ‫وفاة ش������اب في الثامنة عشرة من عمره وإصابة‬ ‫ثالث������ة آخرين بس���رطان خاليا ال���دم البيضاء‬ ‫‪ .leukemia‬وف������ي الش������هر ‪ 2007/6‬مت الرب������ط بني‬ ‫املعاجل������ة باجلينات ووفاة امرأة في السادس������ة‬ ‫والثالثني م������ن عمرها كانت تُعالَ������ج من التهاب‬ ‫املفاصل الروماتويدي ف������ي والية إلينوي‪ ،‬ولكن‬ ‫الفحوص التي تلت ذلك نفت الشبهة عن املعاجلة‬ ‫باجلينات‪ .‬ولكن علماء هذه املعاجلة يعتقدون أنهم‬ ‫يستطيعون جتاوز هذه احلوادث السيئة‪ ،‬ويعود‬ ‫الفضل في ذلك إلى عدد من التطورات احلديثة‬ ‫وإلى تطورات أخرى على وشك أن تتحقق‪.‬‬ ‫وكان الباحث������ون يخطط������ون ف������ي أول األمر‬ ‫الس������تخدام املعاجل������ة باجلين������ات ف������ي معاجلة‬ ‫ِ‬ ‫���ي‬ ‫االضطراب������ات الوراثية مث������ل ال َت َل ُّيف‬ ‫الكيس ّ‬ ‫‪ ،cystic fibrosis‬ال������ذي يتس������م بنقص في اإلنتاج‬ ‫الس������وي للجينات‪ ،‬وتتم املعاجلة بتقديـم ن َُس������خ‬ ‫مـ ــن اجلين������ات الفاعلة وظيفيا إلى اخلاليا التي‬ ‫وسع العلماء من‬ ‫حتتاج إليها‪ .‬ومنذ ذلك الوقت‪َّ ،‬‬ ‫نطاق تطبيقات العالج باجلينات لتشمل «تدريب»‬ ‫اخلاليا املناعية على اصطياد األورام السرطانية‬ ‫وبناء أوعية دموية جديدة وجعل اجلهاز املناعي‬ ‫مقاوما للعدوى‪.‬‬ ‫ويقول >‪ .A‬نينويس< [وهو أخصائي أمراض‬ ‫ال������دم في مستش������فى القديس «ج������ود» ألبحاث‬ ‫األطف������ال في مدينة ممفي������س ورئيس اجلمعية‬ ‫األمريكي���ة للمعاجل���ة باجلين���ات )‪:])2((ASGT‬‬ ‫«نحن حقيق ًة ال نعلم األبعاد الكاملة ملا ميكن أن‬ ‫حتققه هذه املعاجلة‪ ».‬وإضافة إلى اثنتي عشرة‬ ‫معاجلة للسرطان ومعاجلة واحدة للقلب يتم اآلن‬ ‫اختبارها في جتارب سريرية من الطور الثالث‬ ‫م������ن التجارب‪ ،‬كان هنال������ك حفنة من التطورات‬ ‫ف������ي مراحل مبكرة؛ ففي الش������هر ‪ 2007/6‬أعلن‬ ‫أطباء املستش������فى‬ ‫الپرسبيتاري(‪ )3‬في نيويورك‬ ‫ّ‬ ‫ع������ن نتائج واعدة لتجربة في الطور األول تتعلق‬ ‫بداء پاركنسون‪ ،‬وأما في جامعة پنسلڤانيا فيتم‬ ‫اختبار معاجلة على البش������ر كان������ت قد أعادت‬ ‫‪75‬‬

‫البصر لسبعني كلبا ُولِدت عمياء‪ ،‬وتتهيأ ثماني‬ ‫مجموع������ات بحثي������ة الختبار معاجل������ات جديدة‬ ‫لڤيروس ال َع َوز املناعي البش������ري (اإليدز) ‪.HIV‬‬ ‫وم������ع أن وكالة الغذاء والدواء األمريكية لم متنح‬ ‫موافقتها حتى اآلن ألي معاجلة باجلينات‪ ،‬فإن‬ ‫هنالك أكثر من ‪ 800‬جترب������ة يتواصل إجراؤها‬ ‫اآلن‪ .‬وأم������ا الص���ي��ن‪ ،‬فق������د منح������ت موافقتها‬ ‫ملعاجلت���ي��ن باجلينات‪ ،‬ولكن جناعتهما ‪efficacy‬‬ ‫ال تزال غير واضحة‪.‬‬ ‫إن م������ا يجعل من املعاجلة باجلينات معاجلة‬ ‫واعدة هو نفسه ما يجعلها مشحونة بالتحديات‪.‬‬ ‫فاملعاجلة باجلينات تستطيع أن تقصر أهدافها‬ ‫عــلى األنس������جة الت������ي حتت ــاج إل ـ������ى العــالج‪.‬‬ ‫ويقــول >‪ .D‬ديتشك< [وهو طبيب قلب في جامعة‬ ‫واش������نطن]‪« :‬هذا على نقيض املعاجلة الدوائية‬ ‫التقليدي������ة التي يؤخذ فيها ق������رص من الدواء أو‬ ‫يعط������ى حقنة منه‪ ،‬فال يص������ل إال أقل القليل من‬ ‫ذلك الدواء فعليا إلى املكان الصحيح‪ ».‬ومع أن‬ ‫ضمان بلوغ اجلني إلى هدفه ليس أمرا س������هال‪،‬‬ ‫فإن بوسع التجارب أن تتجنب هذه املشكلة إذا‬ ‫كان باإلمكان حقن اخلاليا املس������تهدفة مباشر ًة‬ ‫أو إزالتها بسهولة؛ إذ تتيح هذه الطريقة األخيرة‬ ‫لألطباء منابلة (أن يتعاملوا م���ع) ‪manipulate‬‬ ‫اخلالي������ا املعزولة في املختب������ر وأن يعيدوها إلى‬ ‫املريض الحق������ا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال يزال نقل اجلينات‬ ‫إلى أهداف يتع������ذر الوصول إليها أحد العوائق‬ ‫الرئيسة في هذا املجال‪.‬‬ ‫ويس������تخدم معظم العلماء ڤيروس������ات معدلة‬ ‫وراثي������ا كنواق���ل ‪ vectors‬إليص������ال املعاجل������ة‬ ‫باجلينات‪ .‬والڤيروسات جتيد إيصال ما حتمله‬ ‫من جينات إلى اخلاليا؛ فهذا هو عملها األصلي‪.‬‬ ‫فإذا َج َّر َد العلماء الڤيروسات من مادتها اجلينية‬ ‫واس������تبدلوا بها جين������ات عالجية‪ ،‬فس������توصل‬ ‫الڤيروس������ات هذه احلمولة إل������ى اخلاليا عوضا‬ ‫ع������ن جيناتها‪ .‬ويتن������وع عمل الڤيروس������ات تبعا‬ ‫لنوع الڤيروس؛ فبعضها يهاجم الكبد‪ ،‬وبعضها‬ ‫اآلخر يهاجم األعص������اب‪ ،‬ومنها ما يغرز ‪insert‬‬ ‫ما لديه من الدنا ‪ DNA‬ف������ي جينـ ــوم املضــيف‪،‬‬ ‫في حــني ال تفعل ڤيروس������ات أخرى ذلك‪ .‬ولهذا‪،‬‬ ‫فإن بإمكان األطباء انتقاء الڤيروس������ات األنسب‬ ‫‪(2011) 6/5‬‬

‫توصيل خاص‪ :‬تتجمع الڤيروسات‬ ‫التي حتمل جينات بشرية في الطبقة‬ ‫الزرقاء من السائل بعد معاجلتها‬ ‫في جهاز الطرد املركزي‪ .‬وتستطيع‬ ‫الڤيروسات املعدلة بهذه الطريقة‬ ‫توصيل حمولتها لعالج األمراض‬ ‫أو الوقاية منها‪ .‬ويبني اجلزء املك َّبر‬ ‫الڤيروسات الغ َّدا ِن َّية ‪adenoviruses‬‬ ‫املعتادة (اللون األصفر) على سطح‬ ‫خلية دم حمراء‪.‬‬

‫(٭) ‪REGAINING LOST LUSTER‬‬

‫(‪ :gene therapy )1‬معاجلة باجلينات = معاجلة‬ ‫تتضمن إدخال جينات جديدة أو ُم َع َّدلة‬ ‫إلى خاليا شخص ما لعالج مرض ما‬ ‫أو الوقاية منه‪.‬‬ ‫(‪the American Society of Gene Therapy )2‬‬ ‫(‪Presbyterian Hospital )3‬‬


‫ألغراضهم‪ ،‬والعمل على هندسـتها إن استدعت‬ ‫الض������رورة ذلــك‪ .‬ويقــول >‪ .D‬ك������ون< [وهو عالم‬ ‫مختص ف������ي علم املناعة بكلية كي������ك الطبية في‬ ‫جامعة جنوب كاليفورنيا وفي مستشفى األطفال‬ ‫بلوس أجنلوس]‪« :‬لقد ُبذلت جهود كبيرة لتوجيه‬ ‫الڤيروسات للذهاب إلى أمكنة محددة‪».‬‬ ‫ولكن هناك عقب������ة أمام فائدة الڤيروس������ات‬ ‫خف َّية‪ ،‬ويش������رح >كون< ذلك قائ���ل��ا‪« :‬لقد تطور‬ ‫نظامن������ا املـنــاع ـ������ي لرف ـ������ض الڤـيـ ــروس������ ــات‪».‬‬ ‫فــال ــذي قـتـ ــل >‪ .J‬جلس������ينگر< البالغ من العمر‬ ‫ثمانية عش������ر عاما في عام ‪ 1999‬كان استجابة‬ ‫مناعي������ة قوية لعالجه وليس الع���ل��اج بحد ذاته‪.‬‬ ‫وم������ن أجل ذلك‪ ،‬فحت������ى إن وص������ل الناقل إلى‬ ‫هدفه‪ ،‬فإن على العلماء أن يضمنوا عدم مهاجمة‬ ‫اجلس������م للخاليا «املصابة بالعدوى‪ ».‬وقد حدد‬ ‫العلماء مؤخ������را عددا من الط������رق لتحقيق هذا‬ ‫املسعى؛ مثل استخدام جرعات عالجية أصغر‪،‬‬ ‫أو املعاجلة املس������بقة للمرض������ى باألدوية املثبطة‬ ‫للمناع������ة‪ ،‬أو متويه النواقل بإلباس������ها أقنعة كي‬ ‫ال تالحظها اخلاليا املناعية‪ .‬ويس������تخدم بعض‬ ‫العلماء أيضا دنا عاريا ‪ naked DNA‬بال نواقل‪،‬‬ ‫وجينات معلبة بطرق أخرى‪.‬‬ ‫وحتى إن استطاعت املعاجلة باجلينات تخطي‬ ‫هذه التحديات‪ ،‬فهل ستتمكن يوما ما من التغلب‬ ‫على سمعتها الس������يئة؟ ويؤكد بعض العلماء أن‬ ‫املعاجلة باجلينات لم تكن قط بتلك اخلطورة لدى‬ ‫مقــارنتـهـ ـ������ا بغ ـي ــره ـ ــا م������ن املعاجلات‪ .‬ويقول‬ ‫>‪ .S‬وو< [وهو أخصائي األورام في مستش������فى‬

‫ماون������ت س������ايناي مبدينة نيوي������ورك]‪« :‬إن قارنَّا‬ ‫بني الصورة اإلجمالية للس�ل�امة‬ ‫لألدوية اجلينية الت������ي ال تزال قيد التطوير وبني‬ ‫الصورة اإلجمالية لس���ل��امة األدوية الصيدالنية‬ ‫التقليدي������ة ذات اجلزيئات الصغي������رة؛ فلن نعثر‬ ‫على ب ِّينَة على أن العالج باجلينات أكثر خطورة‬ ‫م������ن غيره من املعاجل������ات‪ ».‬ويتابع قائال‪ :‬إنه قد‬ ‫تمَ َّ ع���ل��اج اآلالف من املرضى ول������م يب َّلغ إال عن‬ ‫بعض األحداث اخلطيرة‪ ،‬كما أن سرطان خاليا‬ ‫الدم البيضاء ‪ -‬ال������ذي أصيب به ثالثة مرضى‬ ‫ممن عرف������وا بفت���ى الفقاع���ة ‪ - bubble boy‬قد‬ ‫يكون عرضا جانبيا خاص������ا باجلني العالجي‪،‬‬ ‫ال������ذي كـ ــان يح ِّف ـ������ز من ــو اخلاليـ ـ������ا املناعي ــة‪.‬‬ ‫ويذك������ر >‪ .M‬كاي< [وهو عال������م وراثة في جامعة‬ ‫س������تانفورد] أنه‪« :‬حينما تنقسم بعض اخلاليا‬ ‫بكث������رة‪ ،‬يقلق املرء دائما م������ن التغيرات اجلينية‬ ‫الثانوية؛ فتلك التغيرات هي الطريقة التي تتكون‬ ‫بها السرطانات‪».‬‬ ‫يأمل العلماء بأن يواكب التطور والتحس������ن‬ ‫املس������تمر في املعاجلة باجلينات حتسنٌ في رؤية‬ ‫اجلمهور لهذا املجال‪ .‬ويق������ول >نينويس<‪« :‬من‬ ‫الواض������ح أننا ق������د أحرزنا جناحات س������ريرية‪،‬‬ ‫ونح������ن اآلن على وش������ك إح������راز املزيد من هذه‬ ‫النجاحات‪ ».‬ويتابع فيقول‪« :‬أعتقد أننا سنسمع‬ ‫الكثي������ر ع������ن ه������ذه النجاح������ات في الس������نوات‬ ‫>‬ ‫العدي������دة القادم������ة‪».‬‬ ‫‪safety profile‬‬

‫جتارب ومحن‪ :‬شـكـلت وفاة‬ ‫>‪ .J‬جلسينگر<‪ ،‬خالل جتربة للمعاجلة‬ ‫باجلينات في عام ‪ ،1999‬صدم ًة‬ ‫للمعاجلة باجلينات‪ ،‬وال يزال حقل‬ ‫املعاجلة باجلينات في طور التعافي‬ ‫البطيء من هذه الصدمة حتى اآلن‪.‬‬

‫>‪ .M‬وينر<‪ ،‬كاتبة مستقلة‬ ‫مقيمة في نيويورك‪.‬‬

‫حملة عن التغذية‬

‫(٭)‬

‫امللح املعزز باحلديد والڤيتامينات ينال اعتبارا في محاربة أمراض نقص التغذية‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫إن تعزيز امللح باليود هو قصة جناح عاملية؛‬ ‫ألن اثنني من أصل ثالثة منازل في العالم النامي‬ ‫يس������تهلكان امللح املع���زز بالي���ود(‪ ،)2‬إذ يقدر أن‬ ‫‪ 82‬ملي������ون طفل في كل عام ق������د متت حمايتهم‬ ‫م������ن أمراض الغدة الدرقية وما يتبعها من إعاقة‬ ‫تعليمية‪ .‬والي������زال هناك أناس يعانون نقصا في‬ ‫املغذيات النزرة األخرى‪.‬‬ ‫ومنذ س������نوات وعلماء التغذية يتطلعون إلى‬ ‫طريق������ة لتدعيم امللح املعزّز بالي������ود للتغلب على‬ ‫أنيميا نقص احلديد الت������ي يعانيها نحو بليونني‬ ‫من الناس‪ ،‬وإلى التغلب على نقص الڤيتامني ‪A‬‬ ‫الذي يؤثر على األق������ل في نحو ‪ 100‬مليون طفل‬ ‫‪76‬‬

‫في البلدان الفقيرة‪ ،‬ويعد س������ببا أساسيا للعمى‬ ‫عندهم‪ .‬ولذلك‪ ،‬ق������ام الباحثون الكنديون بتطوير‬ ‫طريقة عملية إلج������راء عملية لتعزيز مضاعف أو‬ ‫عملية تعزيز ثالثي للملح‪ ،‬الحتمال كونها طريقة‬ ‫مقبولة لدى اجلمهور في معاجلة س������وء التغذية‬ ‫أكثر من األغذية املع ّدلة وراثيا‪.‬‬ ‫إن إضاف������ة احلديد إلى املل������ح املعزز باليود‬ ‫هي فكرة بسيطة اس������تعصت على التنفيذ لعدم‬ ‫تواف������ق العنصري������ن الكيميائيني عن������د مزجهما‬ ‫معا؛ فالي������ود يتبخر واحلدي������د يتح ّلل‪ .‬وقد ح َّـل‬ ‫هذه املشكلة املهندس الكيميائي >‪ .L‬ديوسادي<‬ ‫[من جامعة تورنتو] باستعارة تقنية من صناعة‬ ‫‪(2011) 6/5‬‬

‫(٭) ‪A DASH OF NUTRITION‬‬

‫(‪ fortified )1‬أو املُغْنى‪.‬‬ ‫(‪ fortify iodized )2‬أو املعالج باليود‪.‬‬


‫الغذاء يشار إليها باسم الكبسلة امليكروية(‪.)1‬‬ ‫وتتضمن العملي������ة التصنيعية َبخَّ دقائق احلديد‬ ‫مبادة ستارين‪ ،‬وهو دهن نباتي يؤدي عمل طبقة‬ ‫واقية مانعا احلديد من التفاعل مع اليود‪.‬‬ ‫إن وضع احلديد في كبس������ولة هو جزء من‬ ‫احلل؛ ألن على فريق >ديوسادي< أن يغير مظهر‬ ‫دقائق احلديد‪ ،‬التي تبدو على هيئة حبيبات بنية‬ ‫داكنة أنع������م من امللح‪« ،‬فال ميكن أن يبدو معها‬ ‫احلدي������د وكأنه مخلفات الفئران في امللح‪ .‬وهذا‬ ‫شيء مهم في البلدان النامية حيث تلوث األغذية‬ ‫مشكلة‪ »،‬على حد قول >ديوسادي<‪.‬‬ ‫وجلع������ل احلديد يب������دو وكأنــه يش������به املـلح‬ ‫ق ـ������ام >ديوس������ادي< أوال ببخ حبيب������ات احلديد‬ ‫امليكروسكوپية مبادة املالتودكسترين‪ ،‬وهو نشاء‬ ‫غذائ������ي مع ّدل يعمل كصمغ يلتقط دقائق احلديد‬ ‫م������ع بعضها حتى تش������كل كرة بحج������م بلورات‬ ‫املل������ح؛ ومن ثم ق������ام ببخ عناقي������د احلديد بدهن‬ ‫نباتي س������اخن يحوي ثنائي أكس������يد التيتانيوم‪،‬‬ ‫وه������و صباغ غذائي مب ّي������ض‪ .‬وعندما متزج هذه‬ ‫الكبس������والت املع ّدلة م������ن احلديد باملل������ح املعزّز‬ ‫تتضاءل الفروق بينهما‪ .‬وميكن إدخال الڤيتامني‬ ‫‪ A‬أيضا باتباع طريقة مشابهة وإيجاد ملح غني‬ ‫بثالثة مكونات‪.‬‬ ‫بينت االختبارات احلقلية في نيجيريا وكينيا‬ ‫املدعمة بثالثة‬ ‫املدعمة مبكونني وتلك ّ‬ ‫ثبات األمالح ّ‬ ‫مكون������ات ف������ي املناخني الرطب واحل������ار‪ ،‬إضافة‬ ‫إل������ى قبولها من الس������كان احملليني‪ .‬قامت منظمة‬ ‫«مبادرة املغذيات امليكروي���ة (النزرة)(‪ ،»)2‬وهي‬ ‫منظم������ة غير حكومية في أوتاوا‪ ،‬باختبار األمالح‬ ‫املدعمة باحلديد ف������ي غانا‪ ،‬حيث أدت في ثمانية‬ ‫ّ‬ ‫أشهر إلى انخفاض أنيميا األطفال مبعدل ‪ 23‬في‬ ‫املئة من دون أي مك ّمالت أخرى من احلديد‪ .‬وقد‬ ‫مت التوسع في استخدام هذه التقانة في مصنعني‬ ‫في الهند‪ ،‬كما ش������رعت املبادرة حاليا في دراسة‬ ‫تشمل ‪ 6.3‬مليون طفل من أطفال املدارس‪.‬‬ ‫يشير >ديوس������ادي< إلى أن امللح هو حامل‬ ‫مثالي لتزويد األفراد الذين يستهلكونه باملغذيات‬ ‫النذرة؛ ألن اجلميع تقريبا يستخدمونه‪ .‬إضافة‬ ‫إلى أن تعزيز امللح باحلديد غير مكلف‪ ،‬فالتكلفة‬ ‫نحو ‪ 1.7‬س������نت للكيلوغ������رام من املل������ح املعزّز‬ ‫مبادت���ي��ن‪ .‬يقول >ديوس������ادي<‪« :‬وم������ن ثم‪ ،‬فإن‬ ‫أش������د الناس فقرا يقايضون ويش������ترون امللح‪،‬‬ ‫كما ال يوجد شخص في العالم فقير لدرجة أنه‬ ‫يق������وم بتحضير ما يلزمه م������ن امللح‪ ».‬ويضيف‪:‬‬ ‫إنه يس������هل ضبط جرعة امللح؛ ألن ما يتم تناوله‬ ‫ضم������ن مجموعة م������ن الناس ه������و تقريبا مقدار‬ ‫‪77‬‬

‫واحد‪ .‬والن������اس قد يقبلون امللح بس������هولة أكثر‬ ‫من قبولهم األغذية املع ّدلة وراثيا كالرز الذهبي‪،‬‬ ‫الذي يح������وي بيتا‪-‬كروتني‪ ،‬وه������و مادة متهيدية‬ ‫لتكوي������ن الڤيتامني ‪ .A‬وحت������ى اآلن‪ ،‬لم يعرض‬ ‫ه������ذا الرز في البل������دان النامي������ة لوجود تخوف‬ ‫من س���ل��امته من جه ــة‪ ،‬وقلق م������ن أن ليس في‬ ‫احملصول تراكيز كافية من املغذيات امليكروية‬ ‫(أو النزرة) ‪ micronutrients‬من جهة ثانية‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬ال يق������وم امللح املعزز بتزويد اجلس������م‬ ‫بجميع املغذيـ ـ ــات احليوية‪ .‬فمثال‪ ،‬ال ميكن للملح‬ ‫املعزز أن يحم������ل الكميات الكبيرة من ڤيتامني ‪C‬‬ ‫التي يحتاج إليها اإلنس������ان يوميا؛ ألن متوس������ط‬ ‫استهالك الفرد اليومي من امللح هو ‪ 10‬غرامـات‪،‬‬ ‫ومن ث������ ّم فإن امللح املعزز ميكن������ه أن يفي ببعض‬ ‫االحتيـاج ـ������ات الغذائي ـ ـ������ة الش������خصيـة للفـ ـ ــرد‪،‬‬ ‫ولكنــه ال ُي َؤ ِّمن جميع ما يحتاج إليه من مغذيات‪.‬‬ ‫يعتقد >‪ .H‬بوي������س< [مدير البرنامج ‪Harvest‬‬ ‫‪ ،Plus‬وه������و برنام������ج أبحاث دولي������ة يهدف إلى‬ ‫خفض س������وء التغذية الناجت من نقص املغذيات‬ ‫امليكروية عن طريق تعزيز األغذية الرئيس������ة] أن‬ ‫تعزيز املنتج������ات التجارية مث������ل امللح ميكن أن‬ ‫ينج������ح في املناط������ق احلضري������ة املأهولة‪ ،‬إال أن‬ ‫مثل هذه اجلهود رمبا ال تطال جميع احملتاجني‪،‬‬ ‫وبخاصة الفقراء الذين يعيشون في مناطق ريفية‬ ‫نائية‪ .‬وبدال من ذلك‪ ،‬يقوم البرنامج ‪Harvest Plus‬‬ ‫بالتش������جيع على اس������تعمال احملاصيل املدعمة‬ ‫بيولوجيا (حيويا) والناجتة إما من تربية النبات‬ ‫املعهودة أو من التعديالت اجلينية‪ .‬وضمن هذه‬ ‫االس������تراتيجية‪ ،‬يقول >بويس< ميكن للناس أن‬ ‫يزرعوا بأنفس������هم األغذية الغنية باملغذيات التي‬ ‫يحتاج������ون إليه������ا‪« :‬فالنباتات ه������ي التي تقوم‬ ‫بالعمل وليس املصنعون‪ ».‬إال أن عمليات التعزيز‬ ‫البيولوجية قد تس������بب تغيرات في لون األغذية‪،‬‬ ‫والتحدي إقناع املستهلكني بقبولها‪.‬‬ ‫كل ف������رد يوافق على أن الغ������ذاء املتوازن هو‬ ‫أفضل طريقة للتغلب على نقص املغذيات النزرة‪،‬‬ ‫ولك������ن بعض الناس في البل������دان النامية الذين ال‬ ‫يحصلون على هذا الغذاء‪ ،‬ميكنهم أن يأخذوا ما‬ ‫>‬ ‫يغذيهم مع بعض حبيبات من امللح املعزّز‪.‬‬ ‫>‪ .D‬مارليندال<‪ ،‬كاتب في املجاالت‬ ‫العلمية يعيش في تورنتو بكندا‪.‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬

‫اآلن مع احلديد‪ :‬إن مفتاح صنع‬ ‫ملح مع ّزز مقبول للناس هو التأكيد‬ ‫على أن احلديد يبدو كامللح‪ .‬في‬ ‫العبوات (من اليمني إلى اليسار)‪:‬‬ ‫دقائق حديد‪ ،‬حديد مغطى بثنائي‬ ‫أكسيد التيتانيوم‪ ،‬ملح معزز باليود‪،‬‬ ‫وأخيرا ملح معزز باليود املمزوج‬ ‫باحلديد املُ ّ‬ ‫غطى‪.‬‬

‫املشروبات اخلفيفة‬ ‫(٭)‬ ‫املغذية؟‬ ‫إضافة إلى تعزيز امللح‪ ،‬طور‬ ‫>ديوسادي< [من جامعة تورنتو]‬ ‫طريقة لتنقية بروتني بذور اللفت(‪،)3‬‬ ‫وهو ناجت ثانوي من صناعة زيت‬ ‫(‪)4‬‬ ‫الكانوال ‪ ،Canola‬ألن وجبة‬ ‫البروتني الناجتة عالية القيمة‬ ‫الغذائية‪ ،‬لكنها تخرج من صناعة‬ ‫الزيت على هيئة عصارة لزجة‬ ‫سوداء‪ .‬وتعتمد طريقته على فصل‬ ‫البروتني عن املركبات املرة‪ ،‬ومن ثم‬ ‫تركيز البروتني على هيئة مسحوق‬ ‫ال طعم له يحوي جميع األحماض‬ ‫األمينية األساسية‪ .‬إن بروتني‬ ‫الكاتوال يشبه بروتني الصويا حيث‬ ‫ميتلك هذا البروتني قيمة إضافية‬ ‫لكونه يذوب في السوائل احلمضية‪،‬‬ ‫ومن ثم ميكن استعماله كمادة‬ ‫تكميلية في املشروبات اخلفيفة‪ ،‬التي‬ ‫يفضل استخدامها بدال من املاء‬ ‫في البلدان النامية بسبب املخاوف‬ ‫الصحية‪ .‬ويخطط >ديوسادي<‬ ‫لتطوير مشروبات خفيفة غنية‬ ‫بالبروتني تسمى ‪.Live ADE‬‬ ‫(٭)‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫?‪NOURISHING SOFT DRINKS‬‬ ‫‪microencapsulation‬‬ ‫‪Micronutrient Initiative‬‬ ‫‪rapeseed‬‬ ‫‪meal‬‬


‫جملة العلوم على الإنرتنت‬

‫فيما يلي عر�ض للأعمال املعلوماتية املنجزة خلدمة قراء‬

‫‪www.oloommagazine.com‬‬

‫يف موقعها على الإنرتنت‪:‬‬

‫‪� (1‬إيداع جميع �إ�صدارات املجلة اعتبارا من العدد ‪ 1995/1‬يف موقعها‪،‬مع الإمكانات التالية‪:‬‬ ‫ قراءة كاملة جلميع املقاالت‪.‬‬ ‫ قراءة كاملة للإ�صدارات اخلا�صة باملجلة (اعتبارا من عام ‪:)1995‬‬ ‫الإيدز (‪ - )1989‬البيئة (‪ - )1990‬العقل والدماغ (‪ - )1994‬طاقة من �أجل كوكب الأر�ض (‪)1994‬‬ ‫احلياة واجلهاز املناعي (‪ - )1995‬احلا�سوب (‪ - )1996‬ال�سرطان (‪ - )1998‬خفايا العقل (‪)1999‬‬ ‫كون بديع (‪ - )2000‬الكرة الأر�ضية (‪ - )2006‬ال�صحة والغذاء (‪.)2008‬‬ ‫ البحث يف معجم امل�صطلحات العلمية الواردة يف املجلة باللغتني العربية والإنكليزية‪،‬‬ ‫حيث ُيعر�ض �آخر موقعني ورد فيهما امل�صطلح قيد البحث منذ �صدور املجلة عام ‪.1986‬‬ ‫‪� (2‬إ�ضافة �إىل الإمكانات امل�شار �إليها يف ‪ ،)1‬هناك الإمكانات التالية بالن�سبة �إىل جميع الإ�صدارات‬ ‫ابتداء من العدد ‪� 1995/1‬إىل العدد ‪( 2009/12‬والتي �ستعمم قريبا لت�شمل جميع �إ�صدارات‬ ‫املجلة ابتداء من العدد ‪:)1995/1‬‬ ‫ البحث يف عناوين املقاالت ون�صو�صها وم�ؤلفيها باللغتني العربية والإنكليزية‪.‬‬ ‫‪� (3‬إيداع خال�صات الإ�صدارات من عام ‪� 1986‬إىل عام ‪ 2005‬على قر�ص حا�سوبي مع الإمكانات التالية‪:‬‬ ‫ ا�ستعرا�ض الكلمات املفتاح )‪ (Key Words‬يف كل مقال ومقابالتها باللغة الإنكليزية‪ ،‬وبالعك�س‪.‬‬ ‫ ا�ستعرا�ض جميع الكلمات املفتاح مرتبة ح�سب �أبجدية اللغتني العربية والإنكليزية‪.‬‬ ‫ويتطلب ا�ستعمال هذا القر�ص ما يلي‪:‬‬ ‫ �أن يكون جهاز احلا�سوب ال�شخ�صي للم�ستخدم مدعما باللغة العربية‪.‬‬‫ �أن ي�ضبط اجلهاز على اللغة العربية )‪ (Arabic‬قبل ت�شغيل القر�ص وذلك باتباع اخلطوات التالية‪:‬‬‫‪ -1‬اخرت )‪ (Settings‬من )‪ (Start‬ثم اخرت ‪Control Panel‬‬ ‫‪ -2‬اخرت ‪Regional and Language Options‬‬ ‫‪ -3‬اخرت )‪ (Arabic‬من قائمة ‪ Standards and Formats‬ثم ا�ضغط على ‪.OK‬‬ ‫‪78‬‬

‫‪(2011) 6/5‬‬


SPECIAL REPORT

46

Origins

How did sex get started? Who invented barbed wire? When did zero become something? These and other beginnings, explained. BIOLOGY

56

Life Unseen

By Davide Castelvecchi

The biological world reveals microscopic landscapes of surprising beauty.

62

ECOLOGY

Seeds of the Amazon By Anna Kuchment

Botanists have collected seeds from one of the most biologically diverse places on earth.

64

EDITOR IN CHIEF: Mariette DiChristina MANAGING EDITOR: Ricki L. Rusting CHIEF NEWS EDITOR: Philip M. Yam SEnIor writeR: Gary Stix EDITORS: Davide Castelvecchi, Graham P. Collins, Mark Fischetti, Steve Mirsky, Michael Moyer, George Musser, Christine Soares, Kate Wong

CONTRIBUTING EDITORS: Mark Alpert, Steven Ashley, Stuart F. Brown, W. Wayt Gibbs, Marguerite Holloway, Christie Nicholson, Michelle Press, John Rennie, Michael Shermer, Sarah Simpson ASSOCIATE EDITORS, ONLINE: David Biello, Larry Greenemeier news Reporter, ONLINE: John Matson ART DIRECTOR, online: Ryan Reid ART DIRECTOR: Edward Bell ASSISTANT ART DIRECTOR: Jen Christiansen PHOTOGRAPHY EDITOR: Monica Bradley COPY DIRECTOR: Maria-Christina Keller Editorial Administrator: Avonelle Wing SENIOR SECRETARY: Maya Harty

PUBLIC HEALTH

Not Just and Illness of the Rich By Mary Carmichael

Recent global health campaigns have focused on HIV, tuberculosis and malaria. Tackling the growing threat from cancer, says medical anthropologist Paul Farmer, could improve health care. ENVIRONMENT

70

Can the Dead Sea Live? By Eitan Haddok

Irrigation and mining are sucking the sacred sea dry, but together Israel, Jordan and the Palestinian Authority hope to save it.

Regaining Lost Luster

<

A Dash of Nutrition

Chairman

pRESIDENT: Steven Inchcoombe VICE PRESIDENT, operations and Administration: Frances Newburg

Letters to the Editor Scientific American 75 Varick Street, 9th Floor, New York, NY 10013-1917 or editors@SciAm.com

ADVISORY BOARD

Adnan Shihab-Eldin

PRODUCTION MANAGER: Christina Hippeli ADVERTISING PRODUCTION MANAGER:  Carl Cherebin PREPRESS AND QUALITY MANAGER:  Silvia De Santis CUSTOM PUBLISHING MANAGER:  Madelyn Keyes-Milch

Vice president, finance and BUSINESS DEVELOPMENT: Michael Florek BUSINESS MANAGER: Marie Maher

75 News Scan <

COPY and PRODUCTION, nature publishing group: Senior COPY editor, npg: Daniel C. Schlenoff COPY editor, npg: Michael Battaglia editorial assistant, npg: Ann Chin managing pRODUCTION EDITOR, npg:  Richard Hunt senior pRODUCTION EDITOR, npg: Michelle Wright

Abdullatif A. Al-Bader Deputy

Adnan Hamoui

Member - Editor In Chief

(2011) 6/5

Letters may be edited for length and clarity. We regret that we cannot answer each one. Post a comment on any article instantly at

www.ScientificAmerican.com/ sciammag

79


May / June - 2011

4

Volume 27

Number 5/6

EVOLUTION

How We Are Evolving By Jonathan K. Pritchard

Human evolution may be taking a different course than biologists expected.

14

INFECTIOUS DISEASE

Flu Factories

By Helen Branswell

A new effort to monitor the evolution of influenza viruses in pigs faces resistance.

20

HEALTH

How to Fix the Obesity Crisis By David H. Freedman

Although science has revealed a lot about metabolic processes that influence our weight, the key to success may lie elsewhere.

28

BIOLOGY

The Inner Life of the Genome By Tom Misteli

The way our genes are arrayed and move in the 3-D space of the nucleus turns out to profoundly influence how they function, in both health and disease.

38

ENVIRONMENT

Casualties of Climate Change

By Alex de Sherbinin - Koko Warner - Charles Ehrhart

Shifts in rainfall patterns and shorelines will contribute to mass migrations on a scale never before seen. (2011) 6/5

80


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.