/jan-feb-2010

Page 1

‫املجلد ‪ 26‬ـــ العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير‬

‫‪2/1‬‬

‫‪2010‬‬

‫‪January / February 2010‬‬

‫صور فنية لثقب أسود‬

‫العددان ‪ 262/261‬ــــ السعر‪ 1.500 :‬دينار كويتي‬

‫قدرات مصادر‬ ‫الطاقات املتجددة‬ ‫احلاجة إلى معاجلة صريحة‬

‫مستقبل السيارات‬

‫شحن قوي سريع للدماغ‬

‫سبل جديدة للقضاء على‬ ‫البكتيرات الفائقة‬


‫املجلد ‪ 26‬ـــ العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2010‬‬

‫‪2/1‬‬

‫علم الفلك‬

‫‪4‬‬

‫صورة فنية لثقب أسود‬ ‫>‪ .E .A‬بروديريك< ـ‬

‫نضال شمعون ـ عدنان احلموي‬

‫>‪ .A‬لويب<‬

‫أي شيء يجتاز حدود نطاق سيطرتها‪ ،‬وحتى الضوء‪ .‬وهنا سنرى‬ ‫تبتلع‬ ‫الثقوب السوداء ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫كيف حصل علماء الفلك على أولى اللقطات لصور ظل ّية معتمة لهذه الكائنات الكونية‬ ‫(األجرام السماوية) الهائلة وغير املرئية‪.‬‬ ‫طاقة بديلة‬

‫‪14‬‬

‫قدرات مصادر الطاقات املتجددة‬ ‫>‪ .L.M‬وولد>‬

‫فؤاد العجل ـ إبراهيم الرفاعي‬

‫إن احلاجة امللحة إلى التصدي للتغ ّيرات املناخية العاملية وضمان الطاقة جتعل إيجاد‬ ‫بدائل مط ّورة عن الوقود األحفوري أمرا حاسما‪.‬‬ ‫طـب‬

‫‪20‬‬

‫مفاجآت من الداء البطني‬

‫(‪)CD‬‬

‫>‪ .A‬فاسانو<‬

‫قاسم السارة ـ بشر دعبول‬

‫كشفت دراسة أجريت على أحد األمراض املميتة التي قد يحدثها الطعام‪ ،‬عن عملية قد‬ ‫تسهم في الكثير من االضطرابات املناعية الذاتية‪.‬‬ ‫علم األعصاب‬

‫‪28‬‬

‫شحن قوي سريع للدماغ‬

‫>‪ .G‬ستيكس<‬

‫علي األمير‬ ‫&‬

‫محمد توفيق الرخاوي‬

‫ـ التحرير‬

‫هل ستكون لدينا يو ًما أقراص طبية نتناولها مع وجبة اإلفطار لتحسني قدراتنا على‬ ‫التركيز والتذكر‪ ،‬من دون أن تتضرر صحتنا ألمد طويل؟‬ ‫علوم عصبية‬

‫‪38‬‬

‫السحر والدماغ‬

‫>‪ .S‬مارتينيز‪-‬كوندي< ـ >‪ .L .S‬ماكنيك<‬

‫رميون شكوري ـ عدنان احلموي‬

‫منذ مئات السنني‪ ،‬كان السحرة يختبرون ويستغلون حدود ملكتي اإلدراك واالنتباه لدى‬ ‫البشر‪ .‬وعلماء األعصاب اليوم على وشك اللحاق بهم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


‫«مجـلـة العـلوم» تصــدر شهر ًيا فــي الكـويـت مـنذ عـام ‪ 1986‬عـن «مؤسسـة الكـويـت للتقـدم العلمـي» وهـي مؤسسـة أهليـة ذات نفـع عـام‪ ،‬يـرأس مجلـس إدارتهـا صاحـب السمـو أمــير دولــة الكـويــت‪ ،‬وقـد أنشــئت عــام‬ ‫بهـدف املعاونـة فـي التطــور العلمـي واحلضـاري فـي دولـة الكويـت والوطـن العـربـي‪ ،‬وذلـك مــن خـالل دعــم األنشطــة العلمــية واالجتماعـيـة والثقـافيـة‪ .‬و«مجلة العلوم» هـي فـي ثلثي محتوياتهــا ترجمـة لـ«ساينتفيك أمريكان»‬ ‫التـي تعتبر مـن أهـم املجـالت العلمـيـة فــي عالـم اليــوم‪ .‬وتسعـى هـذه املج ـلـة مـنذ نشأتهـا عــام ‪ 1845‬إلـى متكـني القـارىء غــير املتخصــص مــن متـابعـة تطــورات معـارف عصـره العلميــة والتقانيــة‪ ،‬وتوفير معـرفـة شموليـة للقــارىء‬ ‫املتخصص حول موضوع تخصصه‪ .‬تصدر «ساينتفيك أمريكان» بثماني عشرة لغة عاملية‪ ،‬وتتميز بعرضها الشيق للمواد العلمية املتقدمة وباستخدامها الق ّيم للصور والرسوم امللونــة واجلداول‪.‬‬

‫‪1976‬‬

‫‪46‬‬

‫علم احلياة‬

‫اكتساب األجنحة‬

‫فؤاد العجل ـ سهيل سليمان‬

‫>‪ .B .N‬سيمونز>‬

‫فسرت االكتشافات األحفورية واجلينية أخيرا تطور اخلفافيش ـ وحسمت جدال استمر‬ ‫طويال حول نشأة قدرة اخلفافيش على الطيران‪ ،‬وعلى شق طريقها باستخدام الرصد‬ ‫الصدوي ‪.echolocation‬‬ ‫‪54‬‬

‫تقانة املركبات اآللية‬

‫مستقبل السيارات‬ ‫حوار أجراه‬

‫نزار املير ـ عدنان احلموي‬

‫>‪ .F .S‬براون>‬

‫قادة صناعة السيارات يستشرفون آفاق املستقبل‪.‬‬ ‫‪58‬‬

‫علم النفس‬

‫شرك االضطراب التالي للصدمة‬

‫(‪)PTSD‬‬

‫>‪ُ .D‬دبس>‬

‫عــزت قـرني‬ ‫&‬

‫زياد درويش‬

‫ـ التحرير‬

‫يؤكد عدد متزايد من اخلبراء أن املبالغة في تشخيص االضطراب ‪ PTSD‬قد تزيد من آالم‬ ‫اجلنود الذين يشكون من االكتئاب أو الصدمات الدماغية أو غيرها من املشكالت أو الذين‬ ‫هم بحاجة إلى وقت أطول إلعادة تكيفهم‪.‬‬ ‫‪64‬‬

‫طب‬

‫سبل جديدة للقضاء على البكتيرات الفائقة‬ ‫>‪ .T .Ch‬ولش< ـ‬

‫>‪ .A .M‬فيشباخ<‬

‫هند داود‬ ‫&‬

‫عبد الناصر عمرين‬

‫ـ التحرير‬

‫يستخدم العلماء أدوات وطرائق جديدة في سباقهم الكتشاف مضادات حيوية جديدة‪.‬‬ ‫‪72‬‬

‫تقانة املعلومات‬

‫التلفاز لكل شيء‬ ‫<‪ .M‬مو َير>‬

‫حامت النجدي ـ أنطون مارين‬

‫تقف اإلنترنت جاهزة لتقلب خبرتنا في مشاهدة التلفاز رأسا على عقب‪ .‬أما كيف‬ ‫بالضبط‪ ,‬فتلك مسألة يدور حولها جدل كثير‪.‬‬

‫‪78‬‬

‫‪3‬‬

‫تنميات مستدامة‬ ‫ما يجب على إدارة الرئيس >أوباما< فعله هو إعادة النظر في األساليب‬ ‫التي تدار بها السياسات‪ ،‬وليس مجرد إصالح هذه السياسات‪.‬‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬


‫املجلد ‪ 26‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2010‬‬

‫‪2/1‬‬

‫صورة فنية لثقب أسود‬

‫(٭)‬

‫من خالل استخدامهم‬ ‫شبكة عاملية من ا ِمل ْقرابات‬ ‫‪ ،telescopes‬سوف‬ ‫يتمكن علماء الفلك‬ ‫قريبا من احلصول‬ ‫على أولى مشاهدتهم‬ ‫للصورة الظ ّل ّية املعتمة‬ ‫لثقب أسود‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫>‪ .E .A‬بروديريك< ـ‬

‫مفاهيم مفتاحية‬ ‫>‬

‫>‬

‫>‬

‫الثقوب السوداء من بني‬ ‫ُتعت َبر‬ ‫ُ‬ ‫أكثر األجرام الكون ّية غموضا‬ ‫َّ‬ ‫يتمكن‬ ‫وإبهاما‪ .‬وحتى اآلن‪ ،‬لم‬ ‫علما ُء الفلك من مالحظتها إ ّال‬ ‫بشكل غير مباشر‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫آثارها التثاقلية ‪ gravitational‬في‬ ‫النجوم احمليطة بها ومن خالل‬ ‫اإلشعاع الصادر عن جزيئات‬ ‫الغاز احلا ّر الساقط نحوها بشكل‬ ‫حلزوني‪.‬‬ ‫يعمل الفلك ّيون على إنشاء شبكة‬ ‫من املقرابات (التلسكوبات)‬ ‫الراديوية بهدف التقاط صور‬ ‫للثق َبني األسودَين الفائ َقي الكتلة‬ ‫والواقعني في مرك َزي مج ّر َتي‬ ‫َ‬ ‫درب الت ّبانة واملجرات ‪.M87‬‬ ‫إنّ‬ ‫حتسن الدراسات املتع ّلقة‬ ‫ّ‬ ‫بالثقوب السوداء لن يساعد على‬ ‫تفسير الظواهر غير االعتيادية‬ ‫التي تنجم عن تلك الثقوب‬ ‫فحسب‪ ،‬بل ميكن أيضا أن‬ ‫يقدِّم لنا طريقة الختبار نظرية‬ ‫آينشتاين في النسبية العامة‪ ،‬كما‬ ‫يزودنا بتبصرات خ ّ‬ ‫القة‬ ‫ميكن أن ّ‬ ‫حول طبيعة الثقالة ‪ gravity‬في‬ ‫الظروف االستثنائية املتط ّرفة‪.‬‬

‫مح ِّررو ساينتفيك أمريكان‬ ‫‪4‬‬

‫>‪ .A‬لويب<‬

‫املرجح أن تكونَ قد ش‬ ‫م������ن‬ ‫������اهدت ذلك اإلعالنَ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫تقني الهواتف النقالة (احملمولة)‬ ‫التلفازي‪ ،‬حني يبتعد ّ‬ ‫إلى مس������افات بعيدة‪ ،‬ويسأل بواسطة الهاتف‪« :‬هل‬ ‫تسمعني؟» تخ ّيل أنّ هذا التقني قد سافر إلى مركز‬ ‫مج������ ّرة درب الت ّبان������ة‪ ،‬حيث يكمن ثقب أس������ود فائق‬ ‫الكتلة ُيدعى س���اگيتاريوس‪-‬إي )*‪ ،)1((Sgr A‬كتلته‬ ‫تس������اوي نحو أربعة ماليني ونصف كتلة الش������مس‪.‬‬ ‫التقني إلى مسافة ‪ 10‬ماليني كيلومتر‬ ‫عندما يقترب‬ ‫ّ‬ ‫من الثقب األسود‪ ،‬ستالحظ أنّ إيقاع كالمه يتباطأ‪،‬‬ ‫وأنّ صوته يغلظ حلنا ويضمحل ش������دة‪ ،‬ليصير في‬ ‫نهاي������ة األمر همس������ات رتيبة تتناق������ص قدرتك على‬ ‫س������ماعها ش������يئا فش������يئا‪ .‬ولو ُق ِّدر لنا أن نرى هذا‬ ‫التقن������ي‪ ،‬لالحظن������ا أنّ صورتَه تغ������دو باهتة ويزداد‬ ‫لونُها احمرارا بش������كل متزاي������د‪ ،‬وقد صار متجمدا‬ ‫في الزمن بالقرب من حدود الثقب األس������ود املعروفة‬ ‫باسم أفق احلدث ‪.event horizon‬‬ ‫بأي تباطؤ في‬ ‫نفسه‬ ‫التقني‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬لن يشعر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أي شيء غريب‬ ‫مرور الزمن بالنسبة إليه‪ ،‬ولن يرى َّ‬ ‫يحدث عند أفق احلدث‪ .‬وهكذا‪ ,‬لن يعلم بأنه اجتاز‬ ‫هذا األفق إ ّال عندما يس������معنا قائلني‪« :‬ال نستطيع‬ ‫أي طريقة ميكن‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫������ماعك بشكل ج ّيد»‪ ،‬ولن تتو ّفر ُّ‬ ‫وأحاسيسه األخيرة‪،‬‬ ‫ِه‬ ‫ت‬ ‫انطباعا‬ ‫يشاركنا‬ ‫أن‬ ‫بها‬ ‫له‬ ‫َ‬ ‫إذ ال ش������يء البتّة ـ حتى الضوء نفس������ه ـ يستطيع‬ ‫أن يفلت من اجل ّر الهائ������ل لقوة الثقالة داخل أفق‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫احلدث‪ .‬وقبل أن مت������ ّر دقيقة على اجتيازه لألفق‪،‬‬ ‫س������وف تكون ق������وى التثاقل في أعم������اق الثقب قد‬ ‫مزّقته إربا إربا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ال ميكننا في احلياة الفعلية أن‬ ‫نرسل تقنيا في‬ ‫مثل هذه الرحل������ة‪ ،‬ولكنّ علما َء الفلك ط ّوروا بعض‬ ‫التقنيات التي ستس������مح لهم في القريب العاجل ـ‬ ‫وألول م������ ّرة ـ بالتقاط صور للظ���ل��ال املعتمة لثقب‬ ‫متوهج ساخن‪.‬‬ ‫أسود ضمن خلفية مليئة بغاز‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ستقول لنا‪« :‬انتظروا قليال‪ ،‬ألم ُيبلغْنا علما ُء الفلك‬ ‫مرارا مبالحظتهم لثقوب س������وداء‪ ،‬مبا في ذلك ش������تى‬ ‫أنواع الصور؟» هذا صحيح‪ ،‬ولكنّ هذه الصور كانت‬ ‫لغازات أو ملواد أخرى موجودة قرب ثقب أسود بحيث‬ ‫نفس������ه فيها كبقعة غي������ر مرئية‪ ،‬أو كانت‬ ‫تمَ َّث������ل‬ ‫ُ‬ ‫الثقب ُ‬ ‫لتدف������ق هائل من الطاق������ة اف ُترِ ض أن������ه ناج ٌم عن ثقب‬ ‫أس������ود‪ .‬وفي احلقيقة‪ ،‬فنحن ال نزال غـير متي ّقنـني بعـ ُد‬ ‫من وجود الثقوب السوداء فعال أو عدم وجودها(‪.)2‬‬ ‫لقد اكتش������ف علما ُء الفلك أجراما كونية تبلغ من‬ ‫صحة نظرية‬ ‫الثقل‬ ‫والتراص مقدارا يكفي ـ في حالة ّ‬ ‫ّ‬ ‫آينش������تاين في النسبية العامة ـ ألن تكون بالضرورة‬ ‫ثقوبا سوداء‪ ،‬ومن املتعارف عليه أن نتك ّلم عنها كما‬ ‫( ) ‪Portrait of a Black Hole‬‬ ‫(‪Sagittarius A* )1‬‬

‫(‪ )2‬انظر‪«Black Stars, Not Holes,» by Carlos Barcelo - :‬‬ ‫;‪Stefano Liberati - Sebastiano Sonego - Matt Visser‬‬ ‫‪Scientific American, October 2009‬‬

‫‪2‬‬


‫‪3‬‬

‫لو أنها فعال كذلك (كما نفعل في هذا املقال)‪ .‬ولكننا‪،‬‬ ‫حتى اآلن لم نس������تطع تأكي������ َد أنّ هذه األجرام متتلك‬ ‫الس������مة املم ّيزة التعريفية للثقب األس������ود‪ ،‬أي وجود‬ ‫أفق ال ميكن للمادة اجتيازُه إ ّال في اجتاه واحد فقط‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫السؤال ال ُي َع ّد مج َّرد فضول مقصور على فئة‬ ‫وهذا‬ ‫قليل������ة‪ ،‬إذ إنّ وجو َد مثل هذه اآلف������اق أو عد َمه مي ّثل‬ ‫إحدى أه ّم األحجيات العميق������ة في الفيزياء النظرية‬ ‫وأعقدها‪ .‬وس������وف تس������اعدنا الص������و ُر التي تعرض‬ ‫الصور الظلية املعتمة آلفاق أحداث الثقوب السوداء‬ ‫على فهم الس������يرورات الفيزيائية الفلكية االستثنائية‬ ‫التي حتدث في املناطق املتاخمة لها‪.‬‬

‫موجهة‬ ‫أسئلة‬ ‫ِّ‬

‫(٭)‬

‫تُعت َبر آف������اقُ احلدث منبعا مثي������را للخيال ذا‬ ‫خاص‪ ،‬إذ إنها مت ّثل وجود عدم االنسجام‬ ‫س������حر‬ ‫ّ‬ ‫على املس������توى القاعدي ب���ي��ن انتصا َرين عظي َمني‬ ‫ح َّققتهم������ا الفيزي������اء في القرن العش������رين‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫امليكانيك الكمومي والنس������بية العامة‪ .‬والعكوسية‬ ‫الزمنية(‪ )1‬سمة أساس������ية للكيفية التي يصف بها‬ ‫امليكاني������ك الكموم������ي املنظوم������ات الفيزيائية؛ فكل‬ ‫سيرورة كمومية لها سيرورة عكسية نستطيع من‬ ‫أي معلومات‬ ‫حيث املبدأ أن نستخدمها الستعادة ّ‬ ‫ميكن أن تكون الس������يرورة األصلي������ة قد أ َّدت إلى‬ ‫تشويش������ها‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬ال تسمح النسبي ُة العامة‬ ‫(‪)2‬‬ ‫تفسر الثقالة على أنها ناجمة عن تقوس‬ ‫ـ التي ّ‬ ‫‪5‬‬

‫‪4‬‬

‫بأي‬ ‫الفض������اء وتتن ّبأ بوج������ود الثقوب الس������وداء ـ ّ‬ ‫س������يرورة عكسية السترجاع الش������يء الذي سقط‬ ‫داخل ثقب أسود‪ .‬واحلاج ُة إلى ّ‬ ‫حل عدم االتّساق‬ ‫هذا بني امليكانيك الكمومي والتثاقل ‪،gravitation‬‬ ‫يمُ ثل أح������د أه������ ّم دواف������ع فيزيائ ّي������ي األوتار في‬ ‫بحثهم عن نظري������ة كمومية للثقالة‪ ،‬أي نظرية تتن ّبأ‬ ‫بخصائص التثاقل انطالقا من التآثرات اخلاضعة‬ ‫لقوانني امليكانيك الكمومي‪.‬‬ ‫وعلى مس������توى أعمق في ه������ذا املوضوع‪ ،‬يو ُّد‬ ‫الفيزيائيون معرف َة ما إذا كانت نس������بية آينش������تاين‬ ‫العام������ة هي فعال النظرية الصحيح������ة للثقالة‪ ،‬حتى‬ ‫حيثم������ا تك������ون تنبؤاتها مختلفة بش������كل صارخ عن‬ ‫النظرية التقليدية النيوتونية ‪newtonian theory‬؛‬ ‫كالتن ّب������ؤ بوجود آف������اق األحداث للثقوب الس������وداء‪.‬‬ ‫ومتتلك الثقوب الس������وداء س������متَني توأ َمني رائعتَني‪،‬‬ ‫األولى هي أنها توافق حلوال بالغة البساطة ملعادالت‬ ‫الثقالة حس������ب نظرية آينش������تاين (فالثقب األس������ود‬ ‫يتح ّدد متاما بثالثة أعداد ال غير‪ :‬كتلة الثقب وشحنته‬ ‫وس���پينه(‪ ،))3‬أ ّما الثانية فه������ي أنّ هذه الثقوب مت ِّثل‬ ‫أماكن تس������لك فيها الثقالة سلوكا أبعد ما يكون عن‬ ‫النظرية النيوتونية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬تُعتَبر الثقوب السوداء‬ ‫مواض������ َع مثالية للبحث عن دالئل على أية اختالفات‬ ‫في الظروف البالغة التط������ ّرف ع ّما تتنبأ به معادالت‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪Driving Questions‬‬ ‫‪time reversibility‬‬ ‫‪ ،curvature‬أو تحَ دب‪.‬‬ ‫‪ ،spin‬سپني أو تدومي‪.‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫‪5‬‬

‫إن القرص املعتم املم ِّثل ملنطقة اخلطر‬ ‫املوافقة للثقب األسود املوجود في‬ ‫مركز مج ّرة درب الت ّبانة ــ مع كم ّيات‬ ‫الغاز احلار العالقة في ثقالته ــ‬ ‫ميكن أن يبدو بشكل مشابه ملا تقدّمه‬ ‫ُ‬ ‫رسومات احملاكاة احلاسوبية هذه‬ ‫(الصور‪ ،)3 ،2 ،1 :‬عندما تبدأ في السنة‬ ‫القادمة شبك ُة املقرابات الراديوية‬ ‫بعملها جامع ًة األرصاد الفلك ّية‪ .‬ولكنّ‬ ‫الغاز بني النجوم سوف يشوِّ ش رؤية‬ ‫التفاصيل الدقيقة‪ ،‬ويجعلها غي َر‬ ‫واضحة (الصورتان‪.)5 ، 4 :‬‬


‫[أساسيات]‬

‫عرين الوحش‬

‫(٭)‬

‫املدار احللقي املستق ّر‬ ‫األكثر ّ‬ ‫توغال نحو الداخل‬

‫إنّ السم َة التعريف ّية للثقب األسود هي امتالكه أفق‬ ‫أي‬ ‫حدث‪ ،‬وهو احلدود الكروية للمنطقة التي ال يستطيع ّ‬ ‫شيء داخلها التغ ّل َب على ثقالة الثقب واخل��روج منها‪.‬‬ ‫ويتراكم ال��غ��از بشكل متعاظِ م ضمن ق��رص ح��ا ّر ون ّير‬ ‫بقع مؤ ّقتة ب ّراقة‬ ‫يحوم حول الثقب األس��ود‪ ،‬وتوجد فيه ٌ‬ ‫التوهج في لهيب الشمس (بقع‬ ‫وساطعة تشبه مناطق‬ ‫ّ‬ ‫االن��ف��ج��ارات الشمسية)‪ .‬ميكن للقرص أن يكون رقيقا‬ ‫(كما ف��ي الشكل)‪ ،‬ولكن ميكنه كذلك أن ّ‬ ‫يغطي زاوي��ة‬ ‫كبيرة فوق مستوي الدوران وحتته‪ ،‬كما ميكن له أن ميت ّد‬ ‫إلى مسافات بعيدة جدا شعاعيا ‪ .radially‬و ُيصدِ ر كثي ٌر‬ ‫من الثقوب السوداء الفائقة الكتلة دفقات نفثية ساطعة‬ ‫بسرعات تقارب سرعة الضوء‪.‬‬ ‫و ُيعت َقد أنّ احلافة الداخلية لقرص الترا ُكم املتعاظِ م‬ ‫(ق��رص االس��ت��زادة) تقع بالقرب من دائ��رة تُدعى امل��دار‬ ‫(‪)1‬‬ ‫احللقي املستق ّر األكثر ّ‬ ‫وأي مادة‬ ‫توغال نحو الداخل ‪ُّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫تضل طريقها بالقرب من الثقب‪ ،‬ستجد نفسها على مسار‬ ‫غير مستق ّر‪ ،‬وسريعا تغوص في أعماق الثقب‪ .‬وعلى املدار‬ ‫الفوتوني‪ ،‬ميكن للضوء فيه من حيث املبدأ أن يدور حول‬ ‫الثقب األس��ود بشكل دائ��م‪ ،‬ولكن في الواقع الفعلي قد‬ ‫صغُر إلى جعل مسار الضوء‬ ‫يؤدي ُّ‬ ‫أي اضطراب مهما َ‬ ‫يتجه حلزونيا إلى الداخل أو إلى اخلارج‪.‬‬

‫آينش������تاين‪ ،‬وهذه االختالفات ـ ف������ي حال ظهورها ـ‬ ‫ميكنها أن تز ّودنا بإش������ارات تد ّلنا على الطريق نحو‬ ‫نظري������ة كمومية للثقالة‪ .‬وبالعك������س‪ ،‬إذا جنحت تلك‬ ‫املعادالت في وصف ما يج������ري بالقرب من الثقوب‬ ‫يوسع بشكل درامي مجا َل‬ ‫السوداء‪ ،‬فإنّ هذا سوف ّ‬ ‫صالحية النسبية العامة‪.‬‬ ‫امللحة ف������ي الفيزياء‬ ‫������رح ِ‬ ‫إنّ ط َ‬ ‫بعض األس������ئلة ّ‬ ‫الفلكي������ة ع ّما يجري ف������ي جوار الثقوب الس������وداء‬ ‫يستلزم بدوره محاولة الوصول إلى إجابات‪ .‬تقتات‬ ‫الثقوب السوداء من املادة الساقطة إلى داخلها مثل‬ ‫ُ‬ ‫الغاز والغبار الكوني‪ ،‬وأثناء السقوط تكتسب هذه‬ ‫ِ‬ ‫حدث الثقب ـ مقدارا‬ ‫أفق‬ ‫املادة ـ م������ع اقترابها من ِ‬ ‫كبيرا م������ن الطاقة‪ ،‬فتُنتج كمية م������ن احلرارة تفوق‬ ‫فاعليتها عشرين ضعفا تقريبا من فاعلية االندماج‬ ‫النووي ال������ذي مي ّثل ثاني أقوى س������يرورة معروفة‬ ‫������عاع‬ ‫لنا من ناحية القدرة على توليد الطاقة‪ .‬فاإلش‬ ‫ُ‬ ‫الصاد ُر عن الغاز احلا ّر واملتح ّرك بشكل حلزوني‬ ‫يجعل اجلوار احمليط بالثقوب السوداء أكث َر األشياء‬ ‫توهجا وبريقا في الكون‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يستطيع الفيزيائيون الفلك ّيون وضع منوذج يصف‬ ‫إل������ى ح ّد ما املاد َة املتعاظِ م������ة الترا ُكم (املتنامية) للثقب‬ ‫األس������ود‪ ،‬ولكنّ ال ت������زال غامضة كيفي������ َة انتقال الغاز‬ ‫مدار نصف‬ ‫ضمن تد ّفق م������ادة الترا ُكم املتعاظِ م م������ن ٍ‬ ‫‪6‬‬

‫مدار فوتوني‬

‫أفق احلدث‬ ‫ِ‬ ‫املتعاظم‬ ‫قرص الترا ُكم‬ ‫(قرص االستزادة)‬ ‫بقعة ب ّراقة‬ ‫وساطعة‬

‫الثقوب‬ ‫ُتعت َبر‬ ‫ُ‬ ‫مواضع‬ ‫السوداء‬ ‫َ‬ ‫مثالية للبحث‬ ‫عن دالئل على‬ ‫أية اختالفات في‬ ‫الظروف البالغة‬ ‫عما تتنبأ به‬ ‫التط ّرف ّ‬ ‫معادالت آينشتاين‬ ‫في نظرية النسبية‬ ‫العامة‪.‬‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫قطره كبير إلى آخر واقع بالقرب من األفق‪ ،‬ويش������وب‬ ‫الغموض أيض������ا كيفية‪ ،‬بالتحديد‪ ،‬س������قوط الغاز في‬ ‫نهاية األمر إلى داخل الثقب األس������ود‪ .‬ال ش ّ‬ ‫������ك في أنّ‬ ‫اجلسيمات املشحونة‬ ‫احلقول املغنطيسية التي تو ِّلدها‬ ‫ُ‬ ‫املتح ّركة ضمن تد ّفق مادة الترا ُكم املتعاظِ م تؤدي دورا‬ ‫مهما جدا في كيفية سلوك هذا التد ّفق‪ ،‬لكننا ال نعرف‬ ‫إ ّال القلي َل عن بني������ة هذه احلقول وعن كيفية تأثير هذه‬ ‫اخلواص املرصودة للثقوب الس������وداء‪ .‬ومع‬ ‫البنية في‬ ‫ّ‬ ‫توفر برامج محاكاة حاس������وبية تص������ف مجمل منطقة‬ ‫الترا ُك������م املتعاظِ م‪ ،‬ف������إنّ العلماء النظر ّي���ي��ن ال يزالون‬ ‫يحتاج������ون إلى عقود من الزمن قب������ل أن يتم َّكنوا من‬ ‫إج������راء حس������ابات موافقة حقيقي������ة ال تعتمد إ ّال على‬ ‫مبادئ الفيزياء األساس������ية‪ .‬وس������وف تك������ون بيانات‬ ‫املراقبات واملالحظات الفلكية ذات قيمة أساسية في‬ ‫أي النماذج‬ ‫إلهامنا بأفكار جديدة‪ ،‬وكذلك في تقريرنا ّ‬ ‫املتع ّددة واملتنافسة هو األقدر على وصف الظاهرة‪.‬‬ ‫هن������اك أم������ ٌر أكث������ر إحراج������ا بالنس������بة إلى‬ ‫الفيزيائيني الفلك ّيني ه������و افتقادهم فهم الدفقات‬ ‫النفثية للثقب األس������ود‪ :‬وهي ظواهر تتعاون فيها‬ ‫القوى بالقرب من ثقب أس������ود فائق الكتلة لقذف‬ ‫مادة نحو اخلارج بسرعات نسبوية عالية (تصل‬ ‫( ) ‪Lair of a monster‬‬ ‫(‪the innermost stable circular orbit )1‬‬


‫ثقب أسود‬ ‫فائق الكتلة‬

‫ٌ‬ ‫دفق‬ ‫نفثي‬ ‫ّ‬

‫إلى نح������و ‪ 99.98‬ف������ي املئة من س������رعة الضوء)‪.‬‬ ‫وجتتاز هذه الدفقات املذهلة املنطلقة نحو اخلارج‬ ‫مسافات تفوق املج ّرات طوال‪ ،‬ومع ذلك تكون عند‬ ‫نشوئها قرب الثقب األسود على شكل حزم كثيفة‬ ‫من األش������عة التي تتجمع بشكل لصيق يكفي ألن‬ ‫تخترق املنظومة الشمسية؛ كما لو كانت ثقب إبرة‬ ‫مج ّر ّية‪ .‬وإننا ال نعرف ما الذي يس ّرع هذه الدفقات‬ ‫النفثية إلى هذه القيم العالية من الس������رعات‪ ،‬كما‬ ‫مم������ا ّ‬ ‫تتركب؛ فهل ه������ذه الدفقات‬ ‫ال نع������رف حتى ّ‬ ‫النفثي������ة مك ّونة من إلكترون������ات وپروتونات أم من‬ ‫إلكترون������ات وپوزيترون������ات؟ أو لعلها مج ّرد حقول‬ ‫كهرمغنطيسية؟ لإلجابة عن هذه األسئلة وغيرها‪،‬‬ ‫يحتاج الفلك ّيون بش������دة إلى أرصاد مباش������رة عن‬ ‫الغاز في اجلوار القريب للثقب األسود‪.‬‬

‫مطاردة الوحش من بعد‬

‫(٭)‬

‫لس������وء احلظ‪ ،‬يصعب احلصول على األرصاد‬ ‫املباشرة املذكورة أعاله‪ ،‬وذلك ألسباب عديدة‪ .‬أوال‪،‬‬ ‫الثقوب السوداء فائقة الصغر بالنسبة إلى القياسات‬ ‫الفلكية‪ .‬فهي تتج ّلى في تشكيلتَني رئيس َّيتَني‪ :‬ثقوب‬ ‫سوداء كتلها جنمية وهي بقايا جنوم ثقيلة ميتة تبلغ‬ ‫َ‬ ‫ضعف‬ ‫كتلها منوذجيا من خمس������ة أضعاف إلى ‪15‬‬ ‫ّ‬ ‫تتوضع في‬ ‫كتلة الشمس‪ ،‬وثقوب سوداء فائقة الكتلة‬ ‫‪7‬‬

‫مراكز املج ّرات؛ وتزن ما بني ماليني كتلة الش������مس‬ ‫أفق ِ‬ ‫حدث ثقب‬ ‫إلى عشرة مليارات منها‪ .‬ويبلغ قط ُر ِ‬ ‫أس������ود بكتلة نحو ‪ 15‬م ّرة كتلة الشمس نحو ‪ 90‬كم‪،‬‬ ‫فهو يش������غل حيزا صغيرا جدا مبقاييس املسافات‬ ‫ب���ي��ن النجوم‪ .‬حتى إن املنطقة داخ������ل مدار الكوكب‬ ‫نپتون تتس������ع بسهولة لثقب أس������ود فائق كتلته تبلغ‬ ‫نحو مليار م ّرة كتلة الشمس‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬يس������اعد احلجم الصغير للثقب األسود‬ ‫وثقالت������ه الهائلة على حركة املواد حوله بس������رعات‬ ‫كبيرة للغاية‪ ،‬فاملادة القريبة جدا من ثقب أس������ود‬ ‫جنمي الكتلة ميكن أن تت ّم دورتها حول الثقب ّ‬ ‫بأقل‬ ‫من ميكروثانية‪ ،‬وال ب ّد من أجهزة فائقة احلساسية‬ ‫لرصد ظواهر س������ريعة إلى هذه الدرجة‪ .‬وأخيرا‪،‬‬ ‫فإنّ املجموعة اجلزئية من الثقوب الس������وداء التي‬ ‫متتل������ك احتياطيا كبيرا من الغ������از املجاور القابل‬ ‫للترا ُكم املتعاظِ م‪ ،‬هي الوحيدة التي ميكن رؤيتها‪،‬‬ ‫ولذلك لم يت ّم اكتشاف الغالبية العظمى من الثقوب‬ ‫السوداء في مج ّرة درب الت ّبانة بعد‪.‬‬ ‫وملجابهة ه������ذه التح ّديات ط������ ّور علماء الفلك‬ ‫تقني������ات متن ّوع������ة‪ ،‬ز ّودتنا ـ عل������ى الرغم من عدم‬ ‫قدرته������ا على إعطاء صور مباش������رة ـ مبعلومات‬ ‫قرب منطقة‬ ‫عن‬ ‫ّ‬ ‫خواص وس������لوك املادة احلائمة َ‬ ‫ّ‬ ‫نشك في احتوائها على ثقب أسود‪ .‬وعلى سبيل‬ ‫املثال‪ ،‬ميكن للفلك ّيني أن يق ِّدروا وزن ثقب أسود‬ ‫فائ������ق الكتلة من خالل مراقب������ة النجوم املجاورة‬ ‫ل������ه‪ ،‬بطريقة تش������به إلى ح ِّد كبير مراقبة مس������ار‬ ‫الكواكب من أجل حس������اب كتلة الش������مس‪ .‬وفي‬ ‫املج ّرات البعيدة‪ ،‬ال ميكن متييز النجوم املنفردة‬ ‫������رب ثقب فائق الكتلة‪ ،‬ولكنّ طيف إش������عاعاتها‬ ‫ق َ‬ ‫الضوئي ّ‬ ‫يدل على كيفية توزّع س������رعاتها‪ ،‬وهذا‬ ‫م������ا يفيد في حس������اب كتلة الثق������ب‪ُ .‬يعت َبر الثقب‬ ‫األسود الفائق الكتلة *‪ Sgr A‬املوجود في مركز‬ ‫مج������ ّرة درب الت ّبانة قريبا منّ������ا مبا يكفي لتتمكن‬ ‫املقرابات من متييز النجوم املنفردة الواقعة قر َبه‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وهذا ما و َّفر لنا أفض������ل تقدير حتى اليوم لكتلة‬ ‫ثقب أس������ود ما [انظر املؤطر ف������ي الصفحة ‪.]9‬‬ ‫ولس������وء احلظ‪ ،‬فإنّ موقع هذه النجوم بعي ٌد جدا‬ ‫عن منطقة اهتمامنا األقصى التي تغدو فيها آثا ُر‬ ‫النسبية العا ّمة جل ّية ومحسوسة‪.‬‬ ‫ويبح������ث الفلك ّيون كذلك عن إش������ارات حتمل‬ ‫توقي������ َع النس������بية العامة في الطريق������ة التي يتغ ّير‬ ‫وفقها اإلش������عاع الصادر بالقرب من ثقب أسود‬ ‫عبر الزمن‪ .‬وعلى س������بيل املث������ال‪ ،‬تتأرجح وتتغ ّير‬ ‫ِ‬ ‫إلصدارات األش������عة الس������ينية من‬ ‫������طوع‬ ‫قي ُم الس‬ ‫ِ‬ ‫( ) ‪Stalking the Behemoth from afar‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫املؤلفان‬

‫‪Abraham Loeb‬‬

‫‪Avery E. Broderick‬‬

‫بدأ تعاونَهما العلمي سنة ‪ 2005‬في معهد‬ ‫النظريات واحلاسوبيات ‪The Institute‬‬ ‫‪ for Theory and Computation‬ـ الذي‬ ‫يديره >لويب< حاليا ـ في مركز هارڤارد‬ ‫ـ سميثسونيان للفيزياء الفلكية‪ .‬ويعمل‬ ‫>بروديريك< حاليا باحثا مشاركا متقدما‬ ‫في املعهد الكندي للفيزياء الفلكية النظرية‬ ‫‪the Canadian Institute for Theoretical‬‬

‫‪ Astrophysics‬بجامعة تورنتو‪ ،‬وقد كان‬ ‫رائدا في احلثّ على تصوير الثقوب‬ ‫السوداء الفائقة الكتلة‪ .‬أ ّما >لويب<؛ فهو‬ ‫أستا ُذ علم الفلك في جامعة هارڤارد‪،‬‬ ‫وقد أجرى دراسات نظر ّية طليعية عن‬ ‫النجوم األولى وعن الثقوب السوداء‬ ‫الفائقة الكتلة وعن انفجارات أشعة گاما‬ ‫واندالعاتها‪.‬‬


‫بعض الثقوب السوداء النجمية الكتل بطريقة شبه‬ ‫دورية‪ ،‬وتكون أدوارها مماثلة لألدوار املتو ّقعة في‬ ‫قرب احلافة الداخلية‬ ‫املدارات التي تسلكها املواد َ‬ ‫لقرص الترا ُكم املتعاظِ م‪.‬‬ ‫طرق سبرِ الثقوب السوداء الفائقة الكتلة‬ ‫وأكث َر ِ‬ ‫جناح������ا لغاية الي������وم هي تلك التي اس������تغ َّلت عملية‬ ‫تأ ّل���ق ‪ fluorescence‬ذ ّرات احلدي������د الواقع������ة عل������ى‬ ‫س������طح قرص الترا ُكم املتعاظِ م‪ .‬فاحلرك ُة الس������ريعة‬ ‫لقرص الترا ُكم املتعاظِ ������م الذي يحمل ذ ّرات احلديد‬ ‫تتعاضد مع الثقالة الش������ديدة للثقب‪ ،‬لتس ِّبب إزاحة‬ ‫الطول املوجي املم ّيز للتأ ّلق‪ ،‬وتؤدي إلى امتداده على‬ ‫نطاق عريض من األطوال املوجية‪ .‬وبالقرب من ثقب‬ ‫أسود ذي تدومي(‪( )1‬دوران حول الذات) سريع‪ ،‬يدور‬ ‫قرص الترا ُكم املتعاظِ م نفس������ه حول الثقب بس������رعة‬ ‫أكب������ر (بفضل تأثير تب ّينه النس������بية العامة يس������ ّبب‬ ‫الثقب حـول نفس������ـه)‪،‬‬ ‫ج������ َّر «املكان» معه عند دوران‬ ‫ِ‬ ‫وس������ـيكون لإلصدار التناظر(‪ )2‬مري������ب‪ .‬وقد رصد‬ ‫القم������ران الصنع ّي������ان اليابان ّي������ان ‪ ASCA‬و‪Suzaku‬‬ ‫فس������رها‬ ‫إص������دارات من ه������ذا النوع بالضبط‪ ،‬وقد ّ‬ ‫إثبات مباش������ر على وجود ثقوب‬ ‫الفلك ّيون على أنها‬ ‫ٌ‬ ‫س������وداء ذات تدومي س������ريع‪ ،‬بحيث تبلغ الس������رعات‬ ‫املداري������ة في أقراص الترا ُك������م املتعاظِ م قيما مرتفعة‬ ‫تصل حتى ثلث قيمة سرعة الضوء‪.‬‬ ‫وميكن احلصول على معلومات حول مقدار تدومي‬ ‫الثقوب الس������وداء النجمية الكتل عن طريق دراس������ة‬ ‫منظومات ثنائية يدور فيها ثقب أس������ود وجنم عادي‬ ‫أحدهما حول اآلخر بش������كل يبلغ من القرب ما يكفي‬ ‫ألن يأكل الثقب األس������ود تدريجيا م������ن مادة رفيقه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويدل حتليل طيف األش������عة الس������ينية والبارامترات‬ ‫املدارية حلفنة من مثل هذه املنظومات على أنّ ثقو َبها‬ ‫الس������وداء متتلك من ‪ 65‬إلى ‪ 100‬في املئة من املقدار‬ ‫األعظمي للتدومي الذي تسمح به النسبية العامة لثقب‬ ‫أس������ود بالكتلة املفروضة؛ ويب������دو أنّ القيم َة العالية‬ ‫للتدومي هي السائدة في أغلب احلاالت‪.‬‬ ‫الثقوب الس������وداء على‬ ‫ال يقتص������ر ما تُط ِلق������ه‬ ‫ُ‬ ‫الض������وء (الذي ميت ّد طيفه م������ن املوجات الراديوية‬ ‫حتى األش������عة الس������ينية) وعلى الدفق ِ‬ ‫������ات النفثية‬ ‫م������ن الطاقة فحس������ب‪ ،‬إذ ميكن لثقبني أس������و َدين ـ‬ ‫عندم������ا يصط������دم أحدهما باآلخر ـ������ـ أن يهزّا بنية‬ ‫نس������يج الزمكان(‪ )3‬حولهما‪ ،‬وهذا ما ُينتج موجات‬ ‫تثاقلية(‪ )4‬تنتش������ر إلى خارج منطقة التصادم مثل‬ ‫ّ‬ ‫والتغضنات على س������طح ماء‬ ‫انتش������ار التم ّوجات‬ ‫بركة راكدة‪ .‬ويجب على ّ‬ ‫تغضنات الزمكان هذه أن‬ ‫تكون قابلة لاللتقاط على بعد مس������افات شاسعة‪،‬‬ ‫حتى وإن تط َّلب ذلك أجهزة فائقة احلساسية‪ .‬ومع‬ ‫‪8‬‬

‫إشارات بعيدة عن‬ ‫(٭)‬ ‫ثقوب سوداء‬ ‫يعتقد الفيزيائيون الفلك ّيون أنّ‬ ‫ثقوبا سوداء (صغيرة جدا وبعيدة‬ ‫ع ّنا بشكل ال يسمح لنا برؤيتها) هي‬ ‫املسؤولة عن ظواهر عديدة متتد من‬ ‫إصدارات ألشعة سينية إلى دفقات‬ ‫نفثية ضخمة من موا ّد ّ‬ ‫مت قذفها‬ ‫بعيدا عن مراكز املج ّرات‪.‬‬

‫صورة املج ّرة ‪ Centaurus A‬كما التقطها‬ ‫القمر الصنعي ‪ Chandra‬باستخدام‬ ‫األشعة السينية‪ ،‬وهي تبينّ دفقا نفثيا‬ ‫بطول ‪ 13000‬سنة ضوئية يصدر‬ ‫عن ثقب أسود فائق الكتلة نعتقد أنه‬ ‫موجود في مركزها‪ .‬ومت ّثل البقع ذات‬ ‫الشكل النجمي ثقوبا ذات كتل من‬ ‫املرتبة النجمية تستهلك مادة يز ّودها‬ ‫بها رفا ُقها النجوم‪ .‬أ ّما األلوان احلمراء‬ ‫واخلضراء والزرقاء؛ فهي ّ‬ ‫تدل على‬ ‫ثالثة نطاقات مختلفة من األطوال‬ ‫املوجية لألشعة السينية‪.‬‬

‫إنّ الثقب األسود الفائق الكتلة الذي‬ ‫نفترض وجو َده في مركز املج ّرة‬ ‫ٌ‬ ‫محاط بفصوص من الغاز يبلغ عرضها‬ ‫نحو ‪ 15000‬سنة ضوئية‪ ،‬وهو ُيطلق‬ ‫نحونا دفقا نفثيا بسرعات نسبوية‬ ‫عالية‪ ،‬كما ُيحت َمل أن يكون هناك دفقٌ‬ ‫نفثي معاكس غير مرئي ي ُرسل ما ّدة‬ ‫ّ‬ ‫في االجتاه املعاكس‪ .‬وهذه الصورة‬ ‫التقطها الصفيف الكبير جدا (‪ )5()VLA‬في‬ ‫نيو مكسيكو باستخدام موجات راديوية‬ ‫بأطوال موجية من رتبة الـ ‪-2‬سنتمتر‪،‬‬ ‫حيــث مت ّثل األلـ ــوان فيها شـ ـ ّدة‬ ‫َ‬ ‫امللتقطة‪.‬‬ ‫اإلش ــارة‬ ‫‪M87‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫أنّ املراص������د الفلكية املتو ّفرة في الوقت الراهن لم‬ ‫تكتشف حتى اليوم أية موجات تثاقلية‪ ،‬فإنّ فكر َة‬ ‫البحث هذه تز ّودنا بطريقة ثور ّية جديدة لدراس������ة‬ ‫الثقوب السوداء(‪.)6‬‬

‫نافذة للنظر‬

‫(٭ ٭)‬

‫عل������ى الرغم من تزويدها لن������ا مبقدار وافر من‬ ‫أي تقنية من التقنيات‬ ‫املعلومات حتى اآلن‪ ،‬ال تق ِّدم ّ‬ ‫التي وصفناها ـ صورة مباش������رة ألفق حدث ثقب‬ ‫أسود‪ .‬ولكن في الوقت الراهن ـ وبفضل تط ّورات‬ ‫حديثة ج������دا حت َّققت في التقان������ة مؤخرا ـ أصبح‬ ‫ُ‬ ‫احلصول على صور مباش������رة ألفق ثقب أس������ود‬ ‫أمرا وشيك احلدوث‪ .‬والثقب األسود الذي سوف‬ ‫يج������ري تصويره هو ذاك الثقب الوحش القابع في‬ ‫ساحتنا اخللفية *‪ Sgr A‬على مسافة ‪ 24000‬سنة‬ ‫ّ‬ ‫ويحتل مس������احة أكبر األقراص‬ ‫ضوئي������ة فقط منّا‬ ‫في قبة س������مائنا مقارنة بجميع الثقوب الس������وداء‬ ‫األخرى املعروفة‪ ،‬في حني يتعني على ثقب أس������ود‬ ‫كتلته تساوي عش������ر م ّرات كتلة الشمس أ ّال يبعد‬ ‫عنّا أكث������ر من ‪ %1‬من بعد أقرب جن������م إلينا لكي‬ ‫يبد َو باملساحة نفس������ها لذلك القرص‪ .‬أ ّما الثقوب‬ ‫السوداء الفائقة الكتلة التي تتجاوز الثقب األسود‬ ‫*‪ Sgr A‬بكثير ف������ي ضخامتها‪ ،‬فهي موجودة لكن‬ ‫على مسافات تبعد عنا ماليني السنني الضوئية‪.‬‬ ‫إنّ احلج َم الظاهري ال������ذي تبدو فيه الصورة‬ ‫الظل ّية املعتمة لثقب أس������ود بعيد يزيد على احلجم‬ ‫احلقيق������ي بأكثر من م ّرتني‪ ،‬وذل������ك بفضل انحناء‬ ‫األش������عة الضوئية الناجم عن ثقال������ة الثقب‪ .‬ومع‬ ‫هذا‪ ،‬لن ّ‬ ‫يغطي أفق الثقب األسود *‪ Sgr A‬ظاهريا‬ ‫إ ّال زاوي������ة ضئيلة جدا قياس������ها ‪ 55‬ميكرو قوس ـ‬ ‫ثانية (وهو جزء م������ن ألف جزء من ‪ 3600‬جزء من‬ ‫الدرجة الواح������دة)‪ ،‬وهذا مياثل ما تبدو عليه بذرة‬ ‫خشخاش موجودة في مدينة لوس أجنلوس عندما‬ ‫ننظر إليها من مدينة نيويورك‪.‬‬ ‫إنّ مي���ز ‪ resolution‬جميع املقرابات احلديثة ـ‬ ‫على الرغم من قدراتها املثيرة لإلعجاب ـ لها حدو ٌد‬ ‫(‪)7‬‬ ‫تفرضها على املستوى األساسي عملي ُة احليود‬ ‫‪ ،diffraction‬وهو ظاهر ٌة تنجم عن الطبيعة املوجية‬ ‫( ) ‪distant signs of black holes‬‬ ‫( ) ‪A Window with a View‬‬ ‫(‪spinning )1‬‬ ‫(‪asymmetry )2‬‬ ‫(‪space-time )3‬‬ ‫(‪gravitational waves )4‬‬ ‫(‪The very Large Array )5‬‬ ‫(‪ )6‬انظر‪«Ripples in Spacetime», by: W.Wayt Gibbs; :‬‬ ‫‪Scientific American, April 2002‬‬

‫(‪ )7‬أو االنعراج‪.‬‬


‫[الثقب األسود *‪]Sagittarius A‬‬

‫تضييق اخلناق على املارد العمالق‬

‫( )‬

‫أقرب ما‬ ‫حتى فترة قريبة‪ ،‬ظ ّلت أرصاد حركات النجوم بالقرب من مركز مج ّرة درب الت ّبانة ـ هي‬ ‫ُ‬ ‫مسارات النجوم‬ ‫توصل إليه الفلك ّيون في مراقبتهم املتع ّلقة بأفق حدث الثقب األسود *‪ .Sgr A‬وتبينّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫املتقطعة) أنها خاضع ٌة لقو ّة جذب جرم سماوي‬ ‫(اخلطوط‬ ‫متراص جدا ذي كتلة مساوية تقريبا‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫النقاط املل ّونة إلى مواضع النجوم من عام ‪ 1995‬وحتى‬ ‫لـ ‪ 4.5‬مليون م ّرة كتلة الشمس‪ .‬وتشير‬ ‫ُ‬ ‫عام ‪ .2008‬أ ّما اخللفية‪ ،‬فتم ّثل صورة للنجوم (وأشياء أخرى غيرها) ّ‬ ‫التقاطها في عام ‪2008‬‬ ‫مت‬ ‫باستخدام األشعة حتت احلمراء‪ .‬إنّ النجم ‪ SO-16‬هو النجم الذي يقترب أكثر ما يكون من الثقب‬ ‫*‪( Sgr A‬إلى مسافة تُق َّدر بسبع ساعات ضوئية)‪ ،‬ولكن حتى هذه املسافة الصغيرة نسبيا تبقى‬ ‫أكبر بـ ‪ 600‬م ّرة من نصف قطر أفق احلدث‪.‬‬

‫املواضع السنوية للنجوم‬ ‫التي حتوم حول الثقب‬ ‫األسود *‪( Sgr A‬من عام‬ ‫‪ 1995‬إلى عام ‪)2008‬‬ ‫‪1-OS‬‬ ‫‪2-OS‬‬ ‫‪4-OS‬‬ ‫‪5-OS‬‬ ‫‪61-OS‬‬ ‫‪91-OS‬‬ ‫‪02-OS‬‬

‫‪ 200‬ثقب ميلي قوس ثانية‬

‫للضوء وحتدث عندما مي ّر من خالل الك ّوة الض ّيقة‬ ‫التي مي ِّثلها احلجم احملدود للمقراب‪ .‬وبشكل عام‪،‬‬ ‫األصغري القابل‬ ‫������زاوي‬ ‫ميكن إنقاص املقياس ال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للفص������ل والتمييز من قبل املقراب عبر تكبير حجم‬ ‫موجي‬ ‫هذا األخير أو عبر التقاطه لضوء ذي طول‬ ‫ّ‬ ‫أقصر‪ .‬ومن أج������ل األطوال املوجية حتت احلمراء‬ ‫(وهي قادرة بش������كل مالئم عل������ى املرور ـ من دون‬ ‫أن يت ّم امتصاصها ـ عبر الغمامات الغبارية التي‬ ‫حتجب الثقب األسود *‪ Sgr A‬عند األطوال املوجية‬ ‫للضوء املرئ������ي)‪ ،‬نحتاج من أج������ل متييز مقياس‬ ‫زاوي مقداره ‪ 55‬ميك������رو قوس‪-‬ثانية إلى مقراب‬ ‫ّ‬ ‫يبلغ عرضه سبعة كيلومترات‪ .‬وسوف يخ ّفف نوعا‬ ‫ما استخدامنا لضوء مرئي بأطوال موجية أقصر‬ ‫أو ألشعة فوق بنفس������جية من صعوبة حتقيق هذا‬ ‫املطلب الهائل‪ ،‬ولكن ليس بشكل يكفي ألن يجعله‬ ‫‪9‬‬

‫معقوال‪ .‬وتبدو فكر ُة اس������تخدام أشعة ِ‬ ‫ذات أطوال‬ ‫موجية أكبر كأنها ال طائل من ورائها‪ ،‬فاستخدام‬ ‫املوجات الراديوية امليليمترية ـ على س������بيل املثال‬ ‫ـ يس������تلزم مقراب������ا عرض������ه ‪ 5000‬كيلومتر‪ ،‬ولكن‬ ‫هناك اآلن بالفعل مقرابات راديوية مبقاييس الكرة‬ ‫األرضية سبق لها أن باشرت مبمارسة عملها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اخلط‬ ‫متزج التقنية )‪ )1((VLBI‬مقياس التداخل ذي‬ ‫ِ‬ ‫������ارات الت������ي يت ّم التقاطها‬ ‫القاعدي الطويل جدا اإلش‬ ‫من قبل منظوم������ة (أو صفيف) من املقرابات الراديوية‬ ‫املنتش������رة في أرجاء الكرة األرضي������ة‪ ،‬وذلك من أجل‬ ‫حتقي������ق قيم عالية للميز الزاوي مماثلة ملا يح ّققه نظريا‬ ‫طب������قٌ (صحن القط) بحج������م األرض ُمع ّد الس������تقبال‬ ‫املوج������ات الراديوية‪ .‬هناك منظومتان من املقرابات من‬ ‫هذا النوع تعمالن منذ أكثر من عقد من الزمان‪ ،‬وهما‬ ‫املنظومة )‪ )2((VLBA‬التي تنتش������ر أطباقها في الواليات‬ ‫املتحدة من ه������اواي ‪ Hawaii‬إلى نيو هامپش������ر ‪New‬‬ ‫‪ ،Hampshire‬واملنظومة )‪ )3((EVN‬التي تنتشر أطباقها‬ ‫في تش������يلي وجنوب إفريقيا وپورتوريكو إضافة إلى‬ ‫������ت منظومة مماثلة‬ ‫أوروب������ا‪ .‬وميكن أن تكونَ قد رأي َ‬ ‫������اهدت الفيل َم‬ ‫ـ������ـ وإن كانت أصغر بكثير ـ لو أنك ش‬ ‫َ‬ ‫السينمائي «االتّصال (كونتاكت ‪ »)Contact‬أو الفيلم‬ ‫«‪ »2010‬اللذي������ن يعرض������ان في بعض مش������اهدهما‬ ‫منظوم������ َة الصفي������ف البال������غ الكب������ر ‪ VLA‬في والية‬ ‫نيومكسيكو‪.‬‬ ‫ولس������وء احلظ‪ ،‬ال تصل������ح التقنيـتـ ــان ‪VLBA‬‬ ‫و‪ EVN‬إ ّال اللتقاط موج������ات راديوية بطول موجي‬ ‫أكب������ر م������ن ‪ 3.5‬مي ّليمتر‪ ،‬وهذا م������ا يوافق ميزا ال‬ ‫يتع ّدى ‪ 100‬ميك������رو قوس‪-‬ثانية‪ ،‬وهذه قيمة أكبر‬ ‫من أن تس������مح بتمييز أفق الثقب *‪ .Sgr A‬واألكثر‬ ‫من ذلك هو أنّ الغازات بني النجوم ـ عند األطوال‬ ‫املوجية ه������ذه ـ جتعل صور َة هذا الثقب األس������ود‬ ‫الضباب‬ ‫ضبابية وغي َر واضحة‪ ،‬متاما كما يش ِّوش‬ ‫ُ‬ ‫الكثي������ف قدرتنا على رؤية أضواء الش������وارع فوق‬ ‫ّ‬ ‫مقياس‬ ‫احلل هنا في أن نستعمل‬ ‫رؤوسنا‪ .‬ويكمن‬ ‫َ‬ ‫تداخ����ل ‪ interferometer‬يعتمد على أطوال موجية‬ ‫أقصر من ذلك من رتبة امليليمتر وأقل‪.‬‬ ‫تبرز اآلن مش������كل ٌة أخ������رى مع تل������ك األطوال‬ ‫املوجية األقصر‪ ،‬وهي إمكان امتصاص بخار املاء‬ ‫في الغالف‬ ‫اجلوي‪ .‬ولهذا السبب توضع املقرابات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التي تستخدم أطواال موجية من رتبة امليليمتر وما‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪Closing in on The Giant‬‬ ‫‪Long Baseline Interferometry‬‬

‫اخلط القاعدي الطويل جدا‪.‬‬

‫‪ ،Very‬مقياس التداخل ذي‬

‫(‪ ،Very Long Baseline Array )2‬الصفيف ذو اخلط القاعدي الطويل‬ ‫جدا‪.‬‬ ‫(‪ ،The European VLBI Network )3‬شبكة التقنية ‪ VLBI‬األوروبية‪.‬‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬


‫أدن������ى في أعلى املناطق املمكن������ة ارتفاعا وأكثرها‬ ‫جفافا‪ ،‬كما هو احل������ال على قمة بركان ماونا كي‬ ‫‪ Mauna Kea‬ف������ي هاواي أو ف������ي صحراء أتاكاما‬ ‫‪ Atacama‬ف������ي تش������يلي أو ف������ي الق������ارة القطبية‬ ‫املتج ّمدة اجلنوبية‪ .‬وعندم������ا يت ّم تنفيذ جميع هذه‬ ‫اخلط������وات نحصل عموم������ا عل������ى نافذتَني ميكن‬ ‫النظر من خاللهما بشكل ج ّيد‪ ،‬واحدة عند الطول‬ ‫املوجي املوافق لـ ‪ 1.3‬ميليمتر واألخرى عند املوافق‬ ‫لـ‪ 0.87‬ميليمتر‪ .‬وتسمح منظومة مقرابات منتشرة‬ ‫في أرجاء األرض باحلص������ول عند هذين الطولَني‬ ‫املوج َّيني على ق ّوتَي مي������ز بقيمتَي ‪ 26‬و ‪ 17‬ميكرو‬ ‫قوس ثانية عل������ى الترتيب‪ ،‬وهذا يكفي لتمييز أفق‬ ‫الثقب األسود *‪.Sgr A‬‬ ‫ُ‬ ‫إدخال عدد من املقرابات املوجودة حاليا‬ ‫وميكن‬ ‫(في هاواي‪ ،‬وعلى طول القسم اجلنوبي الغربي من‬ ‫الواليات املتحدة‪ ،‬وفي تشيلي واملكسيك وأوروبا)‬ ‫ـ والتي تعمل بأطوال موجية من رتبة امليليمتر وما‬ ‫أدنى ـ ضمن مثل هاتني املنظومتَني‪ .‬ولكن‪ ،‬نظرا ألنّ‬ ‫الفلك ّي���ي��ن بنوا هذه املقرابات في املاضي ألغراض‬ ‫أخرى‪ ،‬فإنّ تعديلها وتهيئتها بحيث تصبح مالئمة‬ ‫ملقياس التداخ������ل ‪ VLBI‬يتط ّلب التغ ّلب على كثير‬ ‫من التح ّديات التقنية؛ ومنها تطوير نظم إلكترونية‬ ‫������جالت رقمية ذات‬ ‫بضجيج فائق االنخفاض ومس ّ‬ ‫نطاق تر ّددي َع ْر ُ‬ ‫ضه عال جدا‪.‬‬ ‫ومــع ذلـك‪ّ ،‬‬ ‫متك������ن فريقٌ مـن العلمـاء بقيـادة‬ ‫>‪ .S .S‬دوملان< في املعهد ‪ MIT‬من ّ‬ ‫حل هذه املعظالت‬ ‫في عام ‪ .2008‬وقد قام هذا الفريقُ بدراس������ة الثقب‬ ‫األس������ود *‪ Sgr A‬عن������د ط������ول موجي مس������او لـ ‪1.3‬‬ ‫ميليمتر‪ ،‬وذلك باس������تخدام منظومة مك َّونة من ثالثة‬ ‫مقرابات فقط موجودة في أريزونا وكاليفورنيا وعلى‬ ‫قم������ة ماونا كي‪ .‬إنّ هذا العدد الصغير من املقرابات‬ ‫ال يكف������ي لتوليد صورة‪ ،‬ولك������نّ الباحثني جنحوا في‬ ‫متييز الثقب *‪ ،Sgr A‬إذ د َّلت بياناتهم على أنه ميتلك‬ ‫مناط ــق س������ـ ــاطعة ذات حجـم يغطي زاويـ ــة قـ ــدرها‬ ‫‪ 37‬ميكروق���وس ثاني���ة(‪ )1‬فقط؛ أي م������ا يكافئ نحو‬ ‫ثل َثي مقاس أفق حدث الثقب األس������ود‪ .‬واس������تخدام‬ ‫مقرابات إضافية ال ب ّد أن يجعل أم َر احلصول على‬ ‫صورة ظ ّل ّية قامتة ألفق حدث الثقب شيئا ممكنا‪.‬‬ ‫تش������ير األرصاد احلديثة التي متت باستخدام‬ ‫مقياس التداخل ‪ VLBI‬امليليمتري اآلن إلى أنّ عد َم‬ ‫ألفق حدث هو أمر‬ ‫امت���ل��اك الثقب األس������ود *‪ِ Sgr A‬‬ ‫بعي������د االحتمال ج������دا‪ .‬إنّ عملي������ َة الترا ُكم املتعاظِ م‬ ‫فوق ثقب أس������ود تختلف ك ّل ّية عنه������ا في حالة جرم‬ ‫سماوي ليس له أفق‪ .‬ففي كلتا احلالتَني جتلب املاد ُة‬ ‫‪10‬‬

‫ّ‬ ‫الثقب األسود‬ ‫إن‬ ‫َ‬ ‫*‪ Sgr A‬هو الثقب‬ ‫الفائق الكتلة الوحيد‬ ‫الذي يسمح قر ُبه‬ ‫م ّنا للمقرابات‬ ‫(التلسكوبات) بأن‬ ‫تكون قادرة على‬ ‫فصل ومتييز النجوم‬ ‫املنفردة الواقعة‬ ‫بالقرب منه‪.‬‬

‫املتعاظِ مة الترا ُكم معها مقادي َر كبيرة من الطاقة أثناء‬ ‫س������قوطها إلى الداخل‪ ،‬ولكنّ ه������ذه الطاقة تتح َّول ـ‬ ‫في حالة غي������اب األفق ـ إلى حرارة عندما تس������تق ّر‬ ‫املاد ُة املتعاظِ مة الترا ُكم وتأخذ شكلَها النهائي‪ ،‬ليت ّم‬ ‫إطال ُقها الحقا على ش������كل إش������عاع‪ ،‬وهذا ما يو ِّلد‬ ‫طيفا حراري������ا مم ِّيزا ومرئيا بالنس������بة إلىاملراقبني‬ ‫اخلارج ّيني‪ .‬وعلى خالف ذلك‪ ،‬ميكن للمادة الساقطة‬ ‫نحو الداخل ـ في حالة الثقوب الس������وداء ـ أن حتمل‬ ‫أي مقدار من الطاقة عبر األفق‪ ،‬وهذا س������وف‬ ‫معها َّ‬ ‫يخفي تلك الطاقة إلى األبد‪.‬‬ ‫ميكننا في حالة الثقب *‪ Sgr A‬أن نس������تخدم‬ ‫مق������دار س������طوعه الك ّل������ي للحص������ول عل������ى قيمة‬ ‫تقديرية ملع ّدل س������قوط امل������ادة املتعاظِ مة الترا ُكم‪.‬‬ ‫تضع األرصاد بوس������اطة مقياس التداخل ‪VLBI‬‬ ‫امليليمت������ري قيدا صارما على أعظ������م قيمة ميكن‬ ‫أن يبلغه������ا مقاس احلافة الداخلي������ة لتد ّفق املادة‬ ‫املتعاظِ م������ة الترا ُك������م‪ ،‬ومن ثم على مق������دار الطاقة‬ ‫املتح ّررة أثناء سقوط املادة املتد ّفقة حتى وصولها‬ ‫إل������ى تلك النقطة‪ .‬فلو لم يك������ن للجرم *‪ Sgr A‬أفق‬ ‫ح������دث (وبالتالي ليس ثقبا أس������ود)‪ ،‬لتعني أن يت ّم‬ ‫إشعاع الطاقة الزائدة عندما تستق ّر املادة املتعاظِ مة‬ ‫ُ‬ ‫الترا ُكم وتهدأ‪ ،‬فتُصدِ ر بشكل رئيسي موجات في‬ ‫منطقة األش������عة حتت احلمراء‪ .‬ولكن‪ ،‬على الرغم‬ ‫أي إصدار‬ ‫من األرصاد الدقيقة لم يجد الفلك ّيون ّ‬ ‫حراري في منطقة األش������عة حتت احلمراء ينطلق‬ ‫ّ‬ ‫من اجلرم *‪ .Sgr A‬والطريقة الوحيدة لتسوية هذا‬ ‫التع������ارض من دون وجود أفق حدث هي افتراض‬ ‫������ع إلى اخلارج َّ‬ ‫كل الطاقة‬ ‫أنّ املاد َة الس������اقطة ت ُِش ُّ‬ ‫ِ‬ ‫غوصها إلى الداخل‪ ،‬ولكنّ هذا‬ ‫الزائدة عند حلظة‬ ‫األمر تلزمه قي ٌم للمردود ّية اإلشعاع ّية مرتفعة إلى‬ ‫حد غير مقبول به منطقيا‪.‬‬

‫صورة فن ّية لوحش‬

‫( )‬

‫كنّ������ا‪ ،‬من بني نظر ِّي���ي��ن آخرِ ين‪ ،‬منش������غلَني جدا‬ ‫مبحاولة التن ّبؤ مبا ميكن أن يراه املراقبون الفلك ّيون‬ ‫عندما يبدأ مقي������اس التداخ������ل ‪ VLBI‬بإنتاج صور‬ ‫للثقب *‪ Sgr A‬في الس������نوات القليلة القادمة‪ .‬وبشكل‬ ‫َ‬ ‫إسقاط صورة‬ ‫إجمالي ُيس������ ّبب وجو ُد الثقب األسود‬ ‫ظل ّي������ة على خلفية من «ورق اجل������دران» املصنوع من‬ ‫إصدارات غاز الترا ُكم املتعاظِ م في اجلوار القريب‪.‬‬ ‫وينش������أ هذا «اخليال» ‪shadow‬؛ ألنّ الثقب األس������ود‬ ‫ميتص األش������ع َة الضوئية الواردة باجتاه املراقِ ب من‬ ‫ّ‬ ‫املناطق الواقعة خلف الثقب متاما‪ .‬وفي هذه األثناء‪،‬‬ ‫( ) ‪Portrait of a Monster‬‬ ‫(‪microarcsecond )1‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


‫جت������ري تغذي������ة املناطق الس������اطعة ح������ول «اخليال»‬ ‫مبوج������ات ضوئية إضافي������ة تأتي من خل������ف الثقب‬ ‫األس������ود‪ ،‬وهي بالكاد تتجنّب األفق‪ .‬ويس������ ّبب األثر‬ ‫القوي انحنا َء األشعة الضوئية‪،‬‬ ‫العدس������ي التثاقلي‬ ‫ّ‬ ‫بحيث تسهم حتى املادة الواقعة خلف الثقب متاما‪،‬‬ ‫في الضوء احملي������ط باملنطقة املعتم������ة‪ .‬أما الصورة‬ ‫الظ ّل ّية الناجتة هي م������ا نقصده بعبارة «صورة فنية‬ ‫لثقب أس������ود»‪ ،‬فهي صورة متوافقة مع الواقع يكون‬ ‫الثقب األسو ُد أسو َد اللون حقيقة‪.‬‬ ‫فيها‬ ‫ُ‬ ‫دائري‬ ‫قرص‬ ‫هيئة‬ ‫على‬ ‫������ال‬ ‫ي‬ ‫اخل‬ ‫هذا‬ ‫يكون‬ ‫ولن‬ ‫ّ‬ ‫الشكل‪ ،‬ويعود ذلك بشكل أساسي إلى القيم الهائلة‬ ‫للس������رعات املدارية للغ������از التي تقترب من س������رعة‬ ‫الضوء‪ .‬وسوف ينزاح اإلصدا ُر اإلشعاعي من مثل‬ ‫هذه املادة السريعة احلركة بسبب مفعول دوپلر(‪،)1‬‬ ‫وسوف يتمركز ضمن مخروط ض ّيق محوره منطبق‬ ‫������طوع‬ ‫عل������ى اجتاه حركة املادة‪ .‬وهذا ُيزيد كثيرا س‬ ‫َ‬ ‫اإلش������عاع الصادر عن الغاز احلائم في اجلانب ذي‬ ‫سطوع اجلانب ذي‬ ‫االجتاه املقترب‪ ،‬في حني ُينقِ ص‬ ‫َ‬ ‫االجتاه املبتعد فيصير معتما‪ ،‬ومن ث ّم س������وف ينتج‬ ‫ُ‬ ‫شكل هالل ساطع بدال من حلقة كاملة ساطعة‬ ‫لدينا‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫حتيط بصورة ظل ّية قرص ّية الش������كل‪ .‬وال يزول عد ُم‬ ‫التناظر هذا إ ّال إذا كنّا بالصدفة ننظر باجتاه منحى‬ ‫محور دوران القرص‪.‬‬ ‫إنّ تدومي الثقب األسود نفسه‪ ،‬الذي ميكن أن‬ ‫يكون محور دورانه مختلفا عن محور دوران قرص‬ ‫الترا ُكم املتعاظِ م‪ُ ،‬يحدث تأثيرا مشابها‪ .‬فمثل تلك‬ ‫الصور س������وف ّ‬ ‫متكن الفلك ّيني م������ن حتديد اجتاه‬ ‫تدومي الثقب األس������ود ودرجة مي������ل قرص التراكمُ‬ ‫املتعاظِ م بالنس������بة إليه‪ .‬وبش������كل ال ّ‬ ‫يقل أهم ّية عن‬ ‫ذلك بالنس������بة إلى الفيزيائيني الفلك ّيني‪ ،‬ستز ّودهم‬ ‫ِ‬ ‫مبعلومات إدخال آتية من أرصاد ال‬ ‫هذه البيانات‬ ‫تق َّدر بثمن من ناحية املس������اهمة في ابتكار مناذج‬ ‫نظرية الـترا ُكم املتعاظِ م‪ ،‬وهذا سيسمح ـ على نحو‬ ‫حاس������م ونهائي ـ باإلجابة عن الس������ؤال الصعب‬ ‫املتعل������ق مبق������دار كثافة الغ������از وبطبيعة الش������كل‬ ‫الهندس������ي للحا ّفة الداخل ّية لتد ّفق م������ادة الترا ُكم‬ ‫املتعاظِ م‪.‬‬ ‫هنـ������اك ثقوب س������وداء أخ������رى فائق������ة الكتلة‬ ‫ُيفت������ َرض أن تق������ع أيض������ا ضمن نط������اق مقياس‬ ‫التداخل ‪ ،VLBI‬ومن ث ّم ميك������ن مقارنتها بالثقب‬ ‫*‪ .Sgr A‬وق������د ب ّينا ّ‬ ‫مؤخ������را أنّ ثاني أفضل ثقب‬ ‫يجب اس������تهدافه هو الثقب األس������ود الذي ُيعت َقد‬ ‫بوجوده ف������ي مركز املج������ ّرة اإلهليليجية العمالقة‬ ‫‪ .M87‬ويقع هذا الثقب األس������ود على مسافة تُق َّدر‬ ‫بـ‪ 55‬مليون س������نة ضوئية بعي������دا عنّا‪ ،‬وحتى وقت‬ ‫‪11‬‬

‫بفضل األثر العدسي‬ ‫التثاقلي تسهم حتى‬ ‫املادة الواقعة خلف‬ ‫الثقب األسود متاما‬ ‫في الضوء احمليط‬ ‫بخيال الصورة‬ ‫الظ ّل ّية‪.‬‬

‫قريب‪ ،‬بلغ التقدير املعياري لكتلته من قبل الفلكيني‬ ‫نحو ثالثة مليارات من كتلة الش������مس‪ ،‬مما يعطيه‬ ‫صورة ظ ّل ّية ُمتو َّقعة أصغ َر قليال من نصف مقاس‬ ‫صورة الثقب *‪ .Sgr A‬ولكن في الش������هر ‪،2009/6‬‬ ‫اس������تخدم >‪ .K‬گيبهاردت< [من جامعة تكساس]‬ ‫و<‪ .J‬توم������اس> [من معهد ماك������س پالنك للفيزياء‬ ‫غي������ر األرض ّية في أملانيا] أحدثَ البيانات الفلك ّية‪،‬‬ ‫وقاما بتحديث مناذج توزيع النجوم واملادة املعتمة‬ ‫(املظلمة) ف������ي املج ّرة ‪ ،M87‬ليس������تنتجا أنّ كتلة‬ ‫ثقبها األس������ود تقارب ‪ 6.4‬مليار كتلة الش������مس‪،‬‬ ‫وهذا يكفي ألن يجعل صورت������ه الظل ّية نحو ثالثة‬ ‫أرباع قطر الصورة الظ ّل ّية للثقب *‪.Sgr A‬‬ ‫ثقب املج ّرة ‪ M87‬في نواح عدة ـ على‬ ‫يتف������ َّوق ُ‬ ‫زميله الثقب *‪ Sgr A‬كهدف واعد والفت لالنتباه‪.‬‬ ‫فهو ميتلك نفثا دفقيا مفعما بالنش������اط واحليوية‬ ‫ميت ّد حتى ‪ 5000‬س������نة ضوئية‪ ،‬وس������وف يز ّودنا‬ ‫متيي������ ُز املنطقة املُطلِقة للنفث مبعلومات حاس������مة‬ ‫فيما يتع َّل������ق بجهود النظر ّي���ي��ن احلثيثة من أجل‬ ‫فهم هذه التد ّفقات نحو اخلارج ذات الس������رعات‬ ‫النس������بوية العالية‪ .‬وعلى خ���ل��اف الثقب *‪،Sgr A‬‬ ‫يقع ثقب املجرة ‪ M87‬في نصف الكرة الش������مالي‬ ‫للقبة السماوية‪ ،‬وهذا ما يجعله ـ مقارنة بالنصف‬ ‫اآلخر ـ أكثر قابلية للتعامل معه مبقياس التداخل‬ ‫‪ VLBI‬باس������تخدام املراص������د املتو ِّف������رة احلالية‪،‬‬ ‫والتي ال يقع إ ّال قس������ ٌم صغي ٌر نسبيا من أطباقها‬ ‫ف������ي اجلن������وب‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬ومب������ا أنّ حجم‬ ‫ثقب املجرة ‪ M87‬أكبر بنحو ‪ 2000‬م ّرة من حجم‬ ‫الثقب *‪ ،Sgr A‬ف������إنّ التغييرات الديناميكية التي‬ ‫تطرأ عليه س������وف حتدث خ���ل��ال مقاييس زمنية‬ ‫باألي������ام بدال م������ن الدقائق‪ .‬فقيم������ة دو ُر احلركة‬ ‫املداري����ة ‪ the orbital period‬بالق������رب من احلافة‬ ‫ِ‬ ‫املتعاظم‪ ،‬محصورة بني‬ ‫الداخلية لقرص الترا ُكم‬ ‫نصف أس������بوع وخمسة أس������ابيع (حسب مقدار‬ ‫تدومي الثقب)‪ .‬وهك������ذا‪ ،‬يجب أن يكون احلصول‬ ‫على صور متتالية لألحداث املتج ِّلية أمرا أس������هل‬ ‫بكثير في حالة ثقب املجرة ‪ M87‬منها في اآلخر‪.‬‬ ‫املرج������ح جدا أن تعان������ي الصو ُر‬ ‫وأخي������را‪ ،‬فمن‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ذات املي������ز العالي درجة أقل م������ن ذلك النوع من‬ ‫التش������ويش والضبابية الذي يفرضه الغاز ما بني‬ ‫النجوم الفاصل بينن������ا وبني الثقب *‪ .Sgr A‬وفي‬ ‫الوقت الراهن‪ ,‬تبلغ دق ُة التمييز في أفضل صور‬ ‫مقي������اس التداخل ‪ VLBI‬املأخ������وذة للمجرة ‪M87‬‬ ‫بأط������وال موجية من ‪ 2‬إل������ى ‪ 7‬ميليمتر‪ ،‬نحو ‪100‬‬ ‫ميك������رو قوس‪-‬ثانية‪ ،‬وهي قيم������ة أكبر مب ّرتَني من‬ ‫(‪Doppler effect )1‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


‫[التصوير]‬

‫اصطياد الوحش‬

‫(٭)‬

‫يقوم الفلك ّيون ببناء وتطوير ع��دة صفيفات من املقرابات‬ ‫ال��رادي��وي��ة تهدف إل��ى تكوين شبكة م��ن امل��راص��د (الشكل‬ ‫األي��س��ر) ّ‬ ‫تغطي ال��ك��رة األرض��ي��ة مبجملها‪ ،‬بحيث ميكنها‬ ‫أن ترصد الثقب األس��ود *‪ Sgr A‬ومناطق اجل��وار املباشر‬ ‫له باستخدام أط��وال موجية قريبة من ‪ 0.87‬و‪ 1.3‬مي ّليمتر‬ ‫(«نافذتان» ال تمُ تصان بقدر كبير من قبل الغالف اجل ّوي‬ ‫لألرض‪ ،‬وال تبعثران من قِ َبل الغاز ما بني النجوم)‪ .‬وسوف‬ ‫يسمح احلج ُم الكبير للشبكة بإجراء أرصاد ذات قوة ميز‬ ‫كافية إلنتاج صور من أفق حدث الثقب *‪.Sgr A‬‬ ‫ومن املتوقع أن يكشف لنا املظه ُر الذي سيبدو عليه الثقب‬ ‫*‪ Sgr A‬معلومات حول اتجّ اه منحى قرص الترا ُكم املتعاظِ م‬ ‫لهذا الثقب بالنسبة إل��ى اتجّ��اه خ ّ��ط نظرنا‪ ،‬وح��ول مقدار‬ ‫سرعة تدومي الثقب (أي دورانه حول نفسه)‪ .‬وتُعت َبر هاتان‬ ‫املعلومتان من أه ّم احلقائق األساسية التي يجب معرفتها‬ ‫عن منظومة الثقب *‪ ،Sgr A‬وهما ضرور ّيتان‬ ‫لفهم جميع‬ ‫ِ‬ ‫األشياء األخرى التي تأتينا من أرصاده (أدناه)‪ .‬وفي‬ ‫تتوهج خاللها بقع ٌة‬ ‫املناسبات العارضة التي‬ ‫ّ‬ ‫ساطعة في قرص الترا ُكم املتعاظِ م‪ ،‬يش ِّكل‬ ‫األثر العدسي التثاقلي للثقب األسود ع ّد َة‬ ‫ص��ور جزئية للبقعة املعنية (الصفحة‬ ‫املقابلة)‪ .‬وإذا أمكننا متيي ُز هذه الصور‬ ‫اجلزئية‪ ،‬فستز ّودنا مبعلومات تفصيلية‬ ‫قرب الثقب األسود‪،‬‬ ‫عن احلقل التثاقلي َ‬ ‫وه���ذا سيش ّكل اخ��ت��ب��ارا ص��ارم��ا مل��دى‬ ‫صحة تن ّبؤات النسبية العامة‪.‬‬

‫جتميع البيانات‬

‫يعتبر الصفيف امل ّتحد لألبحاث في مجال علم الفلك املوجي املي ّليمتري (كارما) املقام في منطقة‬ ‫‪ Cedar Flat‬في كاليفورنيا (في األعلى) واحدا من عدّة صفيفات مقرابية راديوية يقوم علماء الفلك‬ ‫ّ‬ ‫تتمكن من رصد أفق حدث الثقب األسود *‪ .Sgr A‬وتستطيع شبك ٌة‬ ‫بتطويرها وتعديلها كي‬ ‫من أمثال هذه املراصد (في اليمني) تفصل بينها خطوط قاعدية ‪ baselines‬بطول آالف‬ ‫كارما‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫اخلط القاعدي‬ ‫تستغل تقنية تسمى مقياس التداخل ذي‬ ‫الكيلومترات (خطوط) ــ أن‬ ‫ٌ‬ ‫طبق راديوي‬ ‫الطويل جدا إلنتاج صور ذات ميز ‪ resolution‬مماثل بد ّقته ملا كان سيعطيه‬ ‫بحجم كوكب األرض‪ .‬هناك أربعة صفيفات (لون أخضر) جاهز ٌة اليوم للعمل سوية‪ ،‬في‬ ‫أما الصفيف‬ ‫حني أن هناك صفيفني (لون زهري) ال يزاالن في مرحلة البناء والتطوير‪ّ ،‬‬ ‫األخير (لون أزرق) فال يحتاج إ ّال إلى تكييفه وتعديله ليكون مالئما لعمليات الرصد‬ ‫باستخدام أطوال موجية أقل من امليليمتر‪.‬‬

‫ماذا ميكن للصورة الظ ّل ّية أن تكشف؟‬

‫أفق احلدث‬

‫قرص ترا ُكم‬ ‫تبينّ احملاكاة احلاسوبية كيف سيبدو‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫متعاظم يدور حول الثقب *‪ Sgr A‬تبعا التجّ اه منحى‬ ‫القرص وملقدار تدوميه‪ .‬وحتتوي الصور الثالث (في‬ ‫أقصى اليمني) على التأثيرات الضبابية املشوِّ شة‬ ‫التي يسبِّبها الغاز ما بني النجوم‪.‬‬ ‫وتقع الشبيكة ‪ grid‬اإلحداثية اخلضراء في‬ ‫ِ‬ ‫املتعاظم‪ ،‬متمركزة على‬ ‫مستوي قرص الترا ُكم‬ ‫الثقب األسود‪ .‬وتقع حلق ُة الشبيكة األكثر ّ‬ ‫توغال‬ ‫نحو الداخل على أفق حدث الثقب‪ .‬ويسبّب انحنا ُء‬ ‫الضوء الناجم عن ثقالة الثقب أو ما يُع َرف باألثر‬

‫العدسي التثاقلي‬

‫قرص الترا ُكم‬ ‫ِ‬ ‫املتعاظم‬

‫احملاكاة األولى‬

‫ثقب أسود غير دوّ ار ي َ‬ ‫ُنظر إليه‬ ‫من زاوية ‪ 30‬درجة فوق مستوي‬ ‫ِ‬ ‫املتعاظم‬ ‫قرص الترا ُكم‬

‫‪gravitational lensing effect‬‬

‫تكبير‬ ‫تشوّ َه منظر الشبيكة‪ ،‬ويؤدي كذلك إلى‬ ‫ِ‬ ‫الصورة الظ ّليّة للثقب‪ .‬ومبا أنّ قرص الترا ُكم‬ ‫ِ‬ ‫املتعاظم يدور حول الثقب بسرعات تقترب من‬ ‫سرعة الضوء‪ ،‬فإنّ النسبية اخلاصة ‪special‬‬ ‫ظهر آثارها جاعلة جان َبه املتح ّر َك‬ ‫‪ُ relativity‬ت ِ‬ ‫نحونا (اجلانب الواقع إلى يسار أفق احلدث في‬ ‫الرسم املرافق) أكث َر سطوعا من اجلانب املبتعد‬ ‫عنا‪ .‬وفي الصورة السفلية‪ ،‬يسبّب االندفاع الزاوي‬ ‫الكبير ‪ angular momentum‬للثقب األسود انحرافا‬ ‫إضافيا للضوء‪ ،‬وهذا ما يزيد من تشوّ ه رؤيتِ نا‬ ‫للمستوي االستوائي ويغيّر بطريقة درامية مظه َر‬ ‫ِ‬ ‫املتعاظم الترا ُكم‪.‬‬ ‫الغاز‬ ‫وهكـــذا‪ ،‬ميكننـا عبر مقارنــة صـور الثقــب‬ ‫*‪ Sgr A‬باحملاكيات احلاسوبية أن نحدّد اتجّ اه‬ ‫منحى املنظومة ومقدار تدومي الثقب‪ ،‬وميكن لذلك‬ ‫أيضا أن يزوّ دنا ــ من خالل مقاس الصورة الظ ّليّة ــ‬ ‫بتقدير جديد لكتلة الثقب‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫(‪)1‬‬

‫احملاكاة الثانية‬

‫ثقب أسود غير دوّ ار ي َ‬ ‫ُنظر إليه‬ ‫من زاوية ‪ 10‬درجات فوق مستوي‬ ‫ِ‬ ‫املتعاظم‬ ‫قرص الترا ُكم‬

‫احملاكاة الثالثة‬

‫ثقب أسود ذو تدومي سريع ي َ‬ ‫ُنظر إليه‬ ‫من زاوية ‪ 10‬درجات فوق مستوي‬ ‫ِ‬ ‫املتعاظم‬ ‫قرص الترا ُكم‬ ‫‪ 55‬ميكروقوس‪-‬ثانية‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫( ) ‪Shooting the Beast‬‬ ‫(‪Combined Array for Research in Millimeter-Wave Astronomy: CARMA )1‬‬


‫بقعة ب ّراقة‬ ‫وساطعة‬

‫قياس الثقالة بواسطة الصور العدس ّية‬

‫قياس شدة الثقالة في اجلوار القريب جدا من‬ ‫يستطيع الفلكيّون‬ ‫َ‬ ‫ثقب أسود عن طريق حتليل مجموعة من الصور اجلزئية ( ّ‬ ‫مت‬ ‫التقاطها بواسطة األثر العدسي التثاقلي) لبقعة ب ّراقة وساطعة‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫متعاظم‪ .‬ويبينّ الشكل (في األعلى) صور َة‬ ‫تراكم‬ ‫موجودة في قرص‬ ‫محاكاة مت ِّثل بقعة ب ّراقة وساطعة بالقرب من ثقب أسود يدور‬ ‫بسرعة معتدلة‪ ،‬وقد ُلوّ َنت للداللة على الصور اجلزئية الثالث املكوِّ نة‬ ‫لها والتي تشرحها الرسوم املعروضة في األسفل‪.‬‬ ‫تتش ّكل الصور ُة األولية (املنطقة الزرقاء) من املوجات الراديوية‬ ‫التي سلكت أكث َر املسارات استقامة ومباشرة من البقعة نحو األرض‬ ‫( ّ‬ ‫اخلط األزرق)‪ .‬وبفضل ثقالة الثقب الشديدة ميكن لبعض األشعة‬ ‫التي أصدرتها البقعة في وقت أبكر أن تسلك مسارا متع ّرجا حول‬ ‫الثقب (اخلط األخضر)‪ ،‬وتصل إلى األرض في الوقت نفسه مش ِّكلة‬ ‫بذلك الصور َة الثانوية (املنطقة اخلضراء)‪ .‬وتو ِّلد األشع ُة التي ُأطلِقت‬ ‫ق ْبل أشعة الصورة الثانوية والتي أ ّ‬ ‫متت دورة كاملة حول الثقب‬ ‫األسود (اخلط األحمر) الصور َة الثالثية التي ال ُترى إ ّال بالكا ّد (املنطقة‬ ‫احلمراء)‪ .‬ومبا أنّ‬ ‫مواضع الصور اجلزئية وأشكالها تعتمد على كيف‬ ‫َ‬ ‫حتني الثقالة الضوء في مواقع متنوّ عة من اجلوار القريب جدا من‬ ‫الثقب األسود‪ ،‬فإنّ حتليال كامال ملجمل الصورة سوف يبينّ لنا ما إذا‬ ‫كانت النسبية العامة تصف بشكل صحيح الثقال َة في تلك األماكن أم ال‪.‬‬

‫الصورة األولية‬ ‫بقعة ب ّراقة وساطعة‬

‫مسار مباشر‬

‫نحو‬ ‫األرض‬

‫صورة ثانوية‬

‫مسار متع ّرج ومنعطف‬

‫نحو‬ ‫األرض‬

‫صورة ثالثية‬ ‫دورة كاملة‬

‫نحو‬ ‫األرض‬

‫‪13‬‬

‫مقاس الصورة الظ ّل ّية للثقب األسود‬ ‫التي نتو ّقعها‪.‬‬ ‫ومن أجل الثقبني *‪ Sgr A‬و ‪M87‬‬ ‫ثم������ة توقع مثير لالهتم������ام على املدى‬ ‫التوهجات‬ ‫البعيد‪ ،‬وهو إمكانية تصوير‬ ‫ّ‬ ‫املفاجئة الت������ي نراها في إصداراتهما‬ ‫من وق������ت آلخر‪ .‬وإذا كانت بعض هذه‬ ‫التوهجات املفاجئة ناجمة عن بقع ب ّراقة‬ ‫ّ‬ ‫وس������اطعة ضمن تد ّفق املادة املتعاظِ مة‬ ‫الترا ُكم (كما يظ������نّ معظم النظر ّيني)‪،‬‬ ‫فإنه ميكن استخدامها لوضع خريطة‬ ‫ذات تفاصيل دقيقة للزمكان حول أفق‬ ‫احلدث‪ .‬وس������يرافق الصور َة الرئيسية‬ ‫ّ‬ ‫لكل بقعة صو ٌر إضافية موافقة ألشعة‬ ‫ضوئية تصل إل������ى املراقِ ب عبر طرق‬ ‫غير مباشرة تلتوي حول الثقب [انظر‬ ‫اإلطار في اليمني]‪ .‬إن أشكال ومواقع‬ ‫الصور ذات املراتب األعلى تك ّود بنية‬ ‫الزم������كان بالقرب من الثقب األس������ود‪،‬‬ ‫وس������تز ّودنا بالفعل بقياسات مستق ّلة‬ ‫لهذه البنية حس������ب األماك������ن املختلفة‬ ‫التي جتتازها رزمة األش������عة الضوئية‬ ‫اخلاص������ة ب ّ‬ ‫������كل صورة‪ .‬ف������إذا أخذنا‬ ‫ّ‬ ‫مجمل هذه البيانات معا؛ فسوف متثلّ‬ ‫اختبارا جد ّيا لتن ّبؤات النسبية العامة‬ ‫عن سلوك الثقالة الشديدة بالقرب من‬ ‫الثقوب السوداء‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫تدخ������ل الي������وم األرص������اد املتعلقة‬ ‫بالثقوب الس������وداء عصرا ذهبيا‪ .‬فبعد‬ ‫مرور نحو قرن على وضع آينش������تاين‬ ‫لنظرية النس������بية العامة‪ ،‬جند أنفسنا‬ ‫أخي������را في وضع يس������مح لنا باختبار‬ ‫مدى صح������ة وص������ف ه������ذه النظرية‬ ‫للثقالة ضمن الش������روط االس������تثنائية‬ ‫املوافقة للثقوب الس������وداء‪ .‬وسيز ّودنا‬ ‫التصوير املباش������ر للثقوب الس������وداء‬ ‫بجهاز اختبار جديد كي نقارن نظرية‬ ‫آينشتاين مبنافس������اتها من النظريات‬ ‫البديلة‪ .‬وعندم������ا تصير صور الثقبني‬ ‫*‪ Sgr A‬و ‪ M87‬متو ّفرة‪ ،‬فإننا سنكون‬ ‫قادرين على اس������تقصاء وفحص بنية‬ ‫الزمكان بالقرب من الثقوب الس������وداء‬ ‫>‬ ‫بشكل تفصيلي‪.‬‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪9002 rebmeceD ,naciremA cfiitneicS‬‬


‫املجلد ‪ 26‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2010‬‬

‫‪2/1‬‬

‫قدرات مصادر الطاقات املتجددة‬

‫(٭)‬

‫إن احلاجة امللحة إلى التصدي للتغ ّيرات املناخية العاملية‬ ‫وضمان الطاقة يجعالن إيجاد بدائل مط ّورة عن الوقود‬ ‫األحفوري أمرا حاسما‪ .‬وفيما يلي فكرة عن هذه البدائل‪.‬‬ ‫>‪ .L.M‬وولد<‬

‫في الوقت احلاضر‪ ،‬تز ّود مصادر الطاقات املتجددة مثل طاقة‬ ‫الكهرباء املتو ّلدة من اخلاليا الكهرضوئية وطاقة اإليثانول‪ ،‬بأقل من‬ ‫‪ %7‬من استهالك الواليات املتحدة‪ .‬وإذا استثنينا الطاقة الكهربائية‬ ‫املو ّلدة من مس������اقط املياه؛ فهي تز ّود نس������بة أق������ل من ‪ .%4.5‬وعلى‬ ‫الصعيد العاملي‪ ،‬فإن مصادر الطاقات املتجددة تزود فقط ما نسبته‬ ‫‪ %3.5‬من الكهرباء ونسبة أقل من وقود وسائل املواصالت‪.‬‬ ‫غير أنّ تزايد هذه النس������بة الصغيرة بالنس������بة إلى الواليات‬ ‫املتح������دة ـ كما يبدو ضروريا إلدارة غازات الدفيئة‪ ،‬والعجز في‬ ‫امليزاني������ة التجارية واالعتماد على املوردين األجانب ـ يتض ّمن ـ‬ ‫عل������ى األقل ـ ثالثة مك ّونات مع ّق������دة‪ .‬وأوضح هذه املك ّونات هي‬ ‫كي������ف نحصل على الطاق������ة من الرياح والش������مس واحملاصيل‬ ‫الزراعي������ة بصورة اقتصادية‪ .‬وبعد ذلك‪ ،‬البد من نقل الطاقة من‬ ‫األمكنة التي يتم جمعها فيها بس������هولة‪ ،‬مث������ل املناطق اجلنوبية‬ ‫األمريكية املشمسة أو السهول املرتفعة التي تعصف بها الرياح‪،‬‬ ‫إلى أماكن ميكن اس������تخدامها فيها‪ .‬واملك ّون الثالث هو حتويل‬ ‫الطاقة إلى أشكال مالئمة‪ .‬واألكثر بروزا في هذا املك ّون األخير‬ ‫هو الطاقة الكهربائية املس������تخدمة في وس������ائل املواصالت التي‬ ‫يجب أن ُتزَّود بها السيارات والش������احنات‪ ،‬إ ّما عبر البطاريات‬ ‫(املدخرات) أو ربمّ ا عبر طاقة الهدروجني‪.‬‬ ‫وفي بع������ض النواحي‪ ،‬يتق������ ّدم العمل في هذا املجال بس������رعة‬ ‫إلى األمام‪ .‬فقد وجدت دراس������ة حديثة بدع������م من األمم املتحدة أنّ‬ ‫االس������تثمار العاملي للطاقات املتجددة بلغ ‪ 148.4‬مليار دوالر في عام‬ ‫‪ 2007‬وهو أعلى بنحو ‪ %60‬من عام ‪ .2006‬غير أنّ توربينات (عنفات)‬ ‫جديدة تعمل بالرياح وخاليا شمس������ية تنضمان إلى البنية التحتية‬ ‫م������ع مصانع الطاقة العاملة بحرق الفحم احلجري‪ ،‬والتي يبدو أنها‬ ‫تعمل لساعات أكثر كل سنة وأنّ عددها يتضاعف أيضا‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أنّ تكلفة الطاقة الشمسية وبصورة خاصة‬ ‫تكلف������ة طاق������ة الرياح قد انخفض������ت انخفاضا كبي������را على مر‬ ‫الس������نوات القليلة املاضية‪ ،‬فإنها ال تكون منافسة إ ّال إذا ُدعِ َمت‬ ‫ماليا أو م ّولتها الدولة‪ .‬يدفع قاطنو املساكن في الواليات املتحدة‬ ‫‪14‬‬

‫‪ 11‬سنتا‪ ،‬في املتوسط‪ ،‬لكل كيلوواط ساعة للطاقة‬ ‫من مص������ادر خليطة تس������تخدم الفحم احلجري‬ ‫والغاز الطبيعي والطاقة النووية وطاقة مس������اقط‬ ‫املياه‪ ،‬غير أنّ تكلفة الطاقات املتجددة أعلى من‬ ‫ذلك بكثير‪ .‬وطبعا‪ ،‬تـُعامل جميع أشكال الطاقة‬ ‫معاملة الثواب والعقاب من احلكومات‪ ،‬من حيث‬ ‫إنه������ا كانت تؤ ّم������ن العمل لعم������ال مناجم الفحم‬ ‫احلجري أو تبرهن أنّ انش������طار الذرة هو مفيد‬ ‫إل������ى حد ما إلى جانب القنابل الذرية‪ .‬ولكن في‬ ‫كثير من األمكنة‪ ،‬حتصل الطاقات املتجددة على‬ ‫شيء أفضل‪ :‬وهي احلصص ‪ .quotas‬فقد يساعد‬ ‫رفع أس������عار الوقود التقليدي على‬ ‫رفع أس������عار السوق للوصول إلى‬ ‫تكاليف الطاقات املتجددة‪.‬‬ ‫وقد يساعد رفع سعر الكربون‬ ‫أيضــا؛ فكـل ض ــري ـب ـ ــة قـ ـ ـ ــدرهــا‬ ‫‪ 10‬دوالرات على الطن الواحد من‬ ‫ثنائي أكسيد الكربون املنبعث من‬ ‫مصنع الطاقة الذي يعمل على الفحم‬ ‫احلجري س������ترفع ثمن الكيلوواط‬ ‫ساعة بنحو «بنس» واحد‪ .‬ومع أنّ‬ ‫حجم التحوي������ل هائل؛ في محتوى‬ ‫الطاقة‪ ،‬فإنّ إنتاج الفحم احلجري‬ ‫ه������و أكبر بنحو ‪ 70‬م������رة من إنتاج‬ ‫طاقة الرياح‪ .‬واألرقام بالنسبة إلى‬ ‫النفط والغاز الطبيعي هي بصورة مشابهة أكبر بكثير‪.‬‬ ‫ف������ي الصفحات التالية ملخص عن عناص������ر نظام طاقة من‬ ‫الطاقات مع إس������هام كبير من الطاقات املتجددة والوسائل التي‬ ‫ميكن أن تتوافق فيما بينها‪.‬‬ ‫( )‬

‫‪The Power of Renewables‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


(2010) 2/1

15


‫( )‬

‫توليد طاقة كهربائية‬

‫ال توجد تقانة تتالءم مع جميع احللول‪ ،‬مّ‬ ‫وإنا جمع األنظمة قد ُيحدث تزويدا دائما بالطاقة‪.‬‬

‫طاقة الرياح‬

‫طاقة حرارة الشمس‬ ‫أشعة الشمس‬

‫مرآة‬ ‫مقعرة‬

‫مبادل حراري‬ ‫أنبوب‬ ‫ممتلئ‬ ‫باملائع‬ ‫مائع حار‬ ‫بخار‬

‫توربني بخاري‬ ‫مو ّلد‬

‫‪1‬‬ ‫ُت ّ‬ ‫ركز مرايا‬ ‫مقعرة أشع َة‬ ‫الشمس على‬ ‫ّ‬ ‫مسخنة‬ ‫أنابيب‪،‬‬ ‫بذلك املائع الذي‬ ‫بداخلها‪.‬‬

‫‪ 2‬تنتقل احلرارة إلى املاء الذي يو ّلد‬ ‫بخارا يح ّرك توربينا (عنفة)‪.‬‬

‫‪ 2‬مح ّرك‪ّ ،‬‬ ‫ينظم ويوجه‬ ‫شفرات التوربينات‬ ‫املائلة إلى الريح بزاوية‬ ‫فضلى جلعل عملية‬ ‫الرفع بحدها األقصى‪.‬‬ ‫‪ 3‬تدوّ ر التروس الناقلة‬ ‫للحركة محور السرعة‬ ‫ّ‬ ‫يشغل‬ ‫العالية الذي‬ ‫توربينا ينتج تيارا‬ ‫كهربائيا مترددا‪.‬‬

‫محور‬ ‫دوار‬

‫مو ّلد كهربائي‬

‫في طاقة حرارة الشمس‪ُ ،‬ت ّ‬ ‫ركز مرآة مقعرة تتع ّقب حركة الشمس أثناء النهار ضو َء الشمس لتسخني مائع زيتي أو‬ ‫مائي في أنبوب أسود‪ .‬يتلوّ ى األنبوب على مسافة أميال قبل الوصول إلى مبادل حراري يطلق البخار لتدوير توربني‪.‬‬ ‫والنظام ميكن أن يُبنى كملحق ملصنع يعمل بالغاز الطبيعي‪ ،‬وبذلك ميكن للغاز أن يُنتج البخار خالل الفترات الغائمة‬ ‫أو بعد مغيب الشمس‪ .‬وميكن لنماذج مستقبلية أن حتل الصوديوم املنصهر كمائع تشغيل‪ ،‬وهذا ما يتيح الوصول إلى‬ ‫درجات حرارة أعلى من دون احلاجة إلى درجات أعلى من الضغط‪.‬‬ ‫والشيء البديل هو «برج الطاقة» ‪ power tower‬الذي يشابه إلى حد ما برج املاء ولكنه يكون مملوءا بالصوديوم املنصهر‬ ‫ّ‬ ‫ومسخنا مبصفوفات كثيرة من املرايا‪ ,‬بعضها على مسافة كيلومتر‪ .‬وميكن أن يوصل الصوديوم إلى خ ّزان معزول ميكنه أن‬ ‫يُخ ّزن كمية كافية من احلرارة ملتابعة التشغيل على مدار الساعة أو على األقل خالل أوقات احلاجة إلى الطاقة‪.‬‬ ‫النظام‪ :‬أنظمة املرايا املقعّ رة جتارية؛ ّ‬ ‫مت تفسير عمل أبراج الطاقة‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫يسبب تيار‬ ‫الهواء رفع‬ ‫شفرات‬ ‫التوربني‪.‬‬

‫حالة‬ ‫السعر‪ 28.1- 19.9 :‬سنت ‪ /‬لكل كيلوواط ساعة ( لنظام املرايا املقعرة)‪.‬‬ ‫املزايا‪ :‬ميكن أن يكون األكثر فعالية لتخزين مصدر قابل للتجديد‪.‬‬ ‫العيوب‪ :‬يحتاج إلى أرض منبسطة؛ أفضل املصادر قد تكون بعيدة عن أماكن نقل الطاقة؛ يُفسد البيئة الصحراوية‬

‫مح ّرك‬

‫مكبح‬ ‫مح ّرك االنحراف‬ ‫‪ 5‬مكبح يوقف‬ ‫الدوار في‬ ‫حالة الطوارئ‬ ‫أو من أجل‬ ‫الصيانة‪.‬‬

‫‪ 4‬سواقة االنحراف‬ ‫حتافظ على إبقاء‬ ‫الدوّ ار مبواجهة‬ ‫الريح‪.‬‬

‫سلك الطاقة‬ ‫الكهربائية‬

‫البكر‪ ،‬رمبا يحتاج إلى مياه تبريد يصعب وجودها في الصحاري وهي املناطق األكثر سطوعا‪.‬‬

‫طاقة األمواج البحرية‬ ‫مو ّلد كهربائي‬

‫توربني‬

‫حجرة األسر‬ ‫األسمنتية‬ ‫‪ُ 1‬تفتح حجرة أسمنتية‬ ‫حتت مستوى سطح‬ ‫البحر تتيح ملياه‬ ‫البحر االندفاع‬ ‫داخلها‪.‬‬

‫تنامى توليد الكهرباء بالطاقة املائية إلى الدرجة التي ميكن أن يصل إليها‪،‬‬ ‫معطيا اهتمامات بيئية بالسدود املائية‪ .‬غير أنّ شاطئ احمليط الهادئ الشمالي‬ ‫الغربي ميكن أن ينتج ما بني ‪ 40‬و ‪ 70‬كيلوواط متر‪ ،‬بحسب وزارة الطاقة‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬يأتي استثمار طاقة مياه احمليط بعد استثمار طاقة الرياح والشمس‬ ‫وحرارة األرض اجلوفية‪ .‬قام املخترعون بتصنيف (بحفظ ملفات) براءات‬ ‫اختراع طاقة األمواج خالل قرنني‪.‬‬ ‫إحدى التقانات تقوم على تشييد عمود أسمنتي أو فوالذي مفتوح على‬ ‫احمليط وحتت مستوى سطح املياه ومغلق من القمة‪ .‬إن االرتفاع والهبوط مع‬ ‫كل موجة يزيدان من ضغط الهواء وينقصان في قمة العمود بصورة متناوبة‬ ‫وهذا ما يؤدي إلي دوران التوربني‪ .‬وحديثا دشنت شركة «ويڤگن ‪»Wavegen‬‬ ‫في اسكتلندا مولدا كهربائيا بقوة ‪ 100‬كيلوواط يعتمد على هذا النظام‪ .‬وثمة‬ ‫تصميم آخر يستخدم طاقة رفع وخفض منصة عائمة‪.‬‬

‫حالة النظام‪:‬‬ ‫السعر‪ :‬من املبكر تقديره‪.‬‬ ‫املزايا‪ :‬عادة ما تكون خطوط نقل الطاقة قصيرة‪.‬‬ ‫العيوب‪ :‬تشييد بُنى دائمة في مناطق األمواج القوية يكون مكلفا‪.‬‬

‫ّ‬ ‫مت التأكد من فاعليته ولكن ليس في ساعات الذروة‪.‬‬

‫‪ 2‬سقف احلجرة‬ ‫املغلق يحبس الهواء‬ ‫املضغوط ويجبره على‬ ‫الدخول عبر توربني‬ ‫ّ‬ ‫يشغل مو ّلدا كهربائيا‪.‬‬

‫( )‬

‫‪16‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫‪Generating Electric Power‬‬


‫طاقة احلرارة األرضية‬ ‫إن توليد الكهرباء بطاقة الرياح هو من أكثر‬ ‫املصادر الواعدة وأكثرها تقدّما ‪ -‬وربمّ ا أكثرها‬ ‫صعوبة من مصادر الطاقات املتجددة‪ .‬في عام ‪2007‬‬ ‫ركب‬ ‫املصممون أكثر من ‪ 5.000‬ميگاواط في الواليات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املتحدة رفعت نقطة انطالق االستثمار إلى ‪ .%46‬غير‬ ‫أنّ إسهام الكيلوواط ساعة كان محدودا؛ أل ّنه على‬ ‫موقع جيد للرياح سينتج فقط نحو ‪ %28‬من الطاقة‬ ‫التي ستتولد على مدار الساعة‪ .‬والشيء األسوأ‪،‬‬ ‫تعمل الرياح أكثر ما يكون في الليل عندما يكون‬ ‫الطلب منخفضا‪.‬‬ ‫إن التقانة ُتخ ِّف ُ‬ ‫ض التكاليف جزئيا بجعل آالت‬ ‫الرياح أكبر‪ .‬وآخرها ستة ميگاواط ستشغل عدة‬ ‫مراكز تسوّ ق‪ .‬على آلة من اآلالت بهذا احلجم‪ ،‬يبلغ‬ ‫طول كل شفرة نحو ‪ 65‬مترا أي ما يعادل اتساع‬ ‫جناحي طائرة البوينگ ‪ .747‬والنماذج اجلديدة فعّ الة‬ ‫جدا‪ ،‬تأسر نحو نصف طاقة الرياح التي متر عبرها‪.‬‬

‫حالة‬

‫‪ 2‬تنقل احلرارة إلى توربني‬ ‫يشغل مو ّلدا كهربائيا‪.‬‬

‫مو ّلد‬ ‫‪ 3‬يكثـّف البخار‬ ‫ويحقن ثانية‬ ‫في اخل ّزان‪.‬‬

‫توربني‬ ‫بخاري‬

‫مبادل حراري‬

‫بئر احلقن‬ ‫بئراإلنتاج‬ ‫‪ 1‬يساق البخار‬ ‫املضغوط أو املياه‬ ‫احلارة من خ ّزان‬ ‫باطن األرض في‬ ‫أنبوب إلى السطح‪.‬‬

‫النظام‪ :‬جتاري؛ يتنامى بسرعة‪.‬‬

‫السعر‪ 8.4 - 6.1 :‬سنت ‪ /‬كيلوواط ساعة‬ ‫(غير أنّ نقل الطاقة ميكن أن يرفع هذه‬ ‫األسعار إلى قيم أعلى)‪.‬‬

‫املزايا‪ :‬تقدّم أكبر سعة إلنتاجية الطاقة؛ ال حاجة‬ ‫إلى مياه التبريد‪.‬‬

‫العيوب‪:‬‬

‫زان‬

‫خ‬

‫يرتبط اإلنتاج بصورة ضعيفة‬ ‫باحلمولة؛ البعض يعترض على مظهر‬ ‫وصوت األجهزة وأبراج نقل الطاقة؛‬ ‫تهديد بعض الطيور واخلفافيش؛ قد‬ ‫يتداخل مع رادارات املراقبة اجلوية؛‬ ‫أفضل املواقع ال تكون بالقرب من‬ ‫املراكز السكانية‪.‬‬

‫حرار‬

‫ي أر‬

‫ضي‬

‫بخالف طاقة الرياح والطاقة‬ ‫الشمسية‪ ،‬تعمل طاقة احلرارة‬ ‫األرضية حسب احلاجة‪« .‬احلرارة‬ ‫موجودة في باطن األرض؛ ميكن‬ ‫االعتمـــاد عليها‪ »,‬هــــذا مـــا ذكــره‬ ‫<‪ .S‬تشو> [مدير مختبر لورنس‬ ‫بيركلي الوطني ومرشح الرئيس‬ ‫أوباما لوزارة الطاقة]‪ .‬تعمل‬ ‫احملطات على مدار الساعة‪.‬‬ ‫ال يحتوي كل موقع على‬ ‫صخور حارة‪ ،‬غير أنّ هاواي‬ ‫تو ّلد ربع طاقتها بهذه الطريقة‬ ‫وتو ّلد كاليفورنيا ‪ .%6‬تستخدم‬ ‫جتهيزات طاقة الكرة األرضية‬ ‫املياه احلارة‪ ،‬والتي تتدفق ألعلى‬ ‫بنفسها‪ ،‬غير أنّ مساحات واسعة‬ ‫من الواليات املتحدة حتتوي على‬ ‫« صخور جافة وحارة»‪ ،‬تتط ّلب‬ ‫كما يقول مؤيدو النظام‪ ،‬حقن‬ ‫املياه فقط عبر بئر عميقة‪ .‬معظم‬ ‫األنظمة تستخدم مبادال حراريا‬ ‫لغلي املياه العذبة واحلصول على‬ ‫البخار لتدوير التوربني‪.‬‬

‫النظام‪ :‬جتاري‪ ،‬ولكن بشكل محدود‪.‬‬

‫حالة‬ ‫السعر‪ 7.6-6.2 :‬سنت‪ /‬كيلوواط ساعة‪.‬‬ ‫املزايا‪ :‬يعوّ ل على التزويد بصورة كافية؛ ليستخدم من أجل طاقة احلمولة األساسية‪.‬‬ ‫العيوب‪ :‬ميكن أن يحوز بخار املياه اجلوفية على مركبات خطرة تخ ّرب املبادالت احلرارية‪ ،‬وإذا جرى إطالقها تلوّ ث‬ ‫اجلو؛ املوقع يكون منطقة ضعف في الطبيعة وغالبا ال يتالءم مع وجود خطوط الطاقة‪.‬‬

‫الطاقة الفوتوڤلطية ‪ -‬الشمسية‬ ‫أ‬

‫تيار‬

‫‪ 1‬تصطدم‬ ‫أشعة الشمس‬ ‫بإلكترونات‬ ‫محررة من طبقة‬ ‫موصلة مشحونة‬ ‫بشحنة سالبة‪.‬‬

‫━━━‬

‫إلكترون حر‬

‫‪ 2‬جتري اإللكترونات‬ ‫باجتاه املقاومة‬ ‫األقل‪ ،‬محدثة تيارا‪.‬‬

‫شم‬

‫ة ال‬

‫شع‬

‫س‬

‫تتضمن إلكترونات إضافية وأخرى‬ ‫تـُدخل طبقتان من مواد شبه موصلة‪ ،‬واحدة‬ ‫ّ‬ ‫تتضمن «ثقوبا» ‪ holes‬إضافية‪ ،‬معا بني ألواح فوتوڤلطية (كهرضوئية) ‪.photovoltaic‬‬ ‫ّ‬ ‫عندما متتص املادة أشعة الشمس تتح ّرك اإللكترونات الزائدة من طبقة إلى‬ ‫أخرى‪ ،‬محدثة تيارا كهربائيا‪ .‬لوحظ هذا األثر قبل ‪ 169‬سنة‪ ،‬غير أنّ العلماء‬ ‫واملهندسني ال يزالون يعملون على حتسني فاعليته‪ .‬وأول استخدام عملي كان‬ ‫في برنامج فضائي حيث استعملت خاليا على نطاق واسع في شبكة‪ ،‬غير أنّ‬ ‫هذا النظام ال ينافس اآلن الوقود األحفوري وحتى مصادر الطاقات األخرى‬ ‫املتجددة على الشبكة‪ .‬ميكن أن ُتدمج الڤلطيات الضوئية في األبنية اجلديدة‬ ‫كغطاء للسقوف أو ُتدمج في مواد واجهة األبنية‪ ،‬بتكلفة أقل‪.‬‬

‫حالة‬

‫طبقات‬ ‫موصلة‬ ‫خلفية معدنية‬

‫النظام‪ :‬جتاري‪ ،‬ولكنه منافس في التطبيقات الشبكية فقط عندما‬ ‫يطلب باحلصص أو يدعّ م بشكل قوي من قبل احلكومة‪.‬‬

‫السعر‪ 70.5-46.9 :‬سنت ‪/‬كيلوواط ساعة‪.‬‬

‫زجاج‬

‫املزايا‪ :‬من املمكن استعماله في مناطق املدينة املزدحمة كهربائيا‪ ،‬حيث‬ ‫ال يوفـر فقط ثمن التوليد الكهربائي مّ‬ ‫وإنا يوفر أيضا ثمن متديد‬ ‫خطوط جديدة لنقل الكهرباء؛ اإلنتاج الذروي يوافق احلمل الذروي‬ ‫إلى أبعد احلدود؛ ال حاجة إلى ماء التبريد‪.‬‬

‫حتملها؛ اإلنتاج صغير جدا‪.‬‬ ‫العيوب‪ :‬إذا سألت عن التكلفة‪ ،‬ال ميكنك‬ ‫ّ‬

‫‪17‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


‫( )‬

‫تخزين وحترير الطاقات املتجددة‬

‫ّ‬ ‫املتقطعة (غير املستمرة) مثل الرياح أو الشمس‪ ،‬تتطلب أنظمة تخزين وحترير الطاقة‪ .‬هناك كثير من املنافسني ‪:‬‬ ‫إن مصادر الطاقة‬

‫خاليا الوقود‬

‫بطاريات محركة للسيارات‬ ‫أنود التيار‬ ‫الكهربائي‬

‫يحتاج صانعو السيارات إلى بطارية أيون‪ -‬ليثيوم‬ ‫تدوم ‪ 15‬سنة إضافة إلى ‪ 5000‬دورة شحن‪ ،‬أي أكثر‬ ‫بكثير من بطارية أيونات الليثيوم العادية في أجهزة‬ ‫املستهلك احلالية‪ .‬الهدف هو سعر ‪ 300‬دوالر لكل‬ ‫كيلوواط ساعة قابل لالستعمال من التخزين للبطارية‬ ‫ّ‬ ‫ستشغل سيارة مسافة ‪ 40‬ميال‪ ،‬على افتراض‬ ‫التي‬ ‫مبعدل أكثر بقليل من ‪ 3‬أميال بالكيلوواط ساعة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وتخطط شركة جنرال موتورز لتسويق سيارتها‬ ‫التي تسير بنوعني من الوقود (الكهرباء والنفط) عام‬ ‫أما شركة فورد فستسوّ ق سيارتها بعد خمس‬ ‫‪2010‬؛ ّ‬ ‫سنوات‪ .‬وفي هذه احلالة‪ ،‬يئن الصوت في السيارة‬ ‫«هل وصلنا؟» قد ال يكون الطفل في املقعد اخللفي؛ قد‬ ‫يكون السائق‪.‬‬

‫كاثود‬ ‫إلكتروليت‬

‫أيون الليثيوم‬

‫فرازة‬

‫الكهرباء من أي مصدر‪ ،‬مثل املصدر الشمسي أو‬ ‫الريحي وحتى مصدر الفحم احلجري‪ ،‬ميكن أن‬ ‫تستعمل لتفكيك جزيئات املاء إلى مركباته الهدروجني‬ ‫واألكسجني في جهاز يدعى احمل ِّلل الكهربي‬ ‫‪ .electrolyzer‬وميكن للهدروجني أن يجري عبر خلية‬ ‫وقود لتوليد الكهرباء‪ .‬واجلانب السلبي في خاليا‬ ‫الوقود هو أن تكلفتها مرتفعة بآالف الدوالرات لكل‬ ‫كيلوواط من السعة‪ ،‬ومردود الدورة ‪ round-trip‬عبر‬ ‫احمل ِّلل الكهربي إلى خلية الوقود وبعد ذلك العودة‬ ‫إلى التيار يكون أقل من ‪ - %50‬وهذا يعني أنه من‬ ‫أجل كل ‪ 2‬كيلو واط ساعة ُخ ّزنا في البنك‪ ،‬يعود‬ ‫كيلوواط واحد مرة ثانية‪.‬‬

‫بطاريات ثابتة‬

‫الهواء املضغوط‬

‫تبيع شركة ‪ VRB Power Systems‬ومركزها ڤانكوڤر «بطاريات اجلريان» ‪ flow batteries‬مع خزانات لتخزين مئات‬ ‫الگالونات من اإللكتروليتات‪ .‬يجري في أحد االجتاهني‪ ،‬وميتص النظام الطاقة؛ وفي االجتاه اآلخر يعود فيعطي‬ ‫الطاقة ثاني ًة بكميات من امليگاواط ساعة‪ .‬يكلف تخزين الكيلوواط ساعة ما بني ‪ 500‬و ‪ 600‬دوالر‪ ،‬ويبلغ مردود‬ ‫الدورة ما بني ‪ 65‬و ‪ %75‬وهذا يعني أن البطارية تفقد ما بني ‪ 25‬و ‪ 35‬من الكهرباء املخ ّزنة‪ ,‬هذا النظام سيرفع ثمن‬ ‫الكيلوواط ساعة املو ّلد بالطاقة الشمسية بنسبة ‪ %50‬أو أكثر‪.‬‬

‫في عام ‪ ،1999‬افتتحت شركة أالباما التعاونية للطاقة‬ ‫‪ Alabama Energy Cooperative‬محطة لتخزين الطاقة‬ ‫املو ّلدة بالهواء املضغوط باستخدام محطات تعمل‬ ‫بالفحم احلجري التي ال تعمل عادة في الليل‪ ،‬لضخ‬ ‫الهواء في قبة ملحية مجوفة بضغط أكثر من ‪1000‬‬ ‫رطل لكل بوصة مربّعة‪ .‬وعند احلاجة إلى طاقة إضافية‬ ‫في النهار يُدخل الهواء املضغوط إلى توربني االحتراق‬ ‫الذي يعمل بالغاز الطبيعي‪ .‬وفي احلالة االعتيادية‪،‬‬ ‫يضغط التوربني هواءه اخلاص‪ ،‬وتتط ّلب معظم‬ ‫املو ّلدات الفعّ الة في الوقت احلاضر ‪ 6000‬وحدة حرارية‬ ‫بريطانية )‪ (Btu‬من الغاز الطبيعي إلنتاج كيلوواط‬ ‫ساعة‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬يخفـّف تخزين الهواء املضغوط‬ ‫كمية استخدام الغاز الطبيعي بنسبة الثلث‪.‬‬

‫ف ّرازة‬ ‫أنود‬ ‫خ ّزان‬ ‫إلكتروليتي‬ ‫موجب‬

‫إلكترون‬

‫كاثود‬ ‫خ ّزان‬ ‫إلكتروليتي‬ ‫سالب‬

‫خلية وقود‬

‫تيار كهربائي‬

‫ّ‬ ‫مضخة‬

‫نقل الكهرباء‬ ‫ّ‬ ‫املتقطعة أقل صعوبة إذا كانت تغذي شبكة أكبر؛ فمن املمكن أن نحصل‬ ‫تكون إدارة املصادر‬ ‫من منطقة‬ ‫تتضمن ‪ 100‬منشأة مبعثرة‪ ،‬ريحية أو شمسية‪ ،‬على سوية متوسطة من مستوى‬ ‫ّ‬ ‫املدخالت‪ .‬غير أ ّنه ال ميكن للشبكة احلالية أن توصل معظم الطاقة احملولة عبر مسافات كبيرة‪.‬‬ ‫رحل ‪ backbone‬جديد للشبكة‬ ‫وميكن أن يكون احلل‪ ،‬بحسب ما أعلنته وزارة الطاقة عام ‪ُ ،2008‬‬ ‫مب ّ‬ ‫املرحل نحو‬ ‫ويتضمن هذا‬ ‫عالي الڤلطية أقرب ما يكون إلى شبكة الطرق السريعة بني الواليات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 19000‬ميل من نقل الطاقة إضافة إلى ‪ 130‬برجا بقيمة ‪ 2.6‬مليون دوالر للميل الواحد‪ .‬وميكن أن‬ ‫ترفع الڤلطية إلى ‪ 765000‬ڤلط وذلك لتخفيض ضياع الطاقة أثناء نقل الكهربــاء بالكبالت‪ .‬وهذا‬ ‫النظـام ال يتط ّلب تقانة جديدة مّ‬ ‫وإنا يتط ّلب أمرين اثنني ال متتلكهما الواليات املتحدّة حاليا هما‪:‬‬ ‫تعهد وطني لدمج النظام الكهربائي على مستوى القارة‪ ،‬ودفع نحو ‪ 60‬مليار دوالر إلجنازه‪.‬‬

‫حتديث شبكة الطاقة‬ ‫خط ‪-765‬كيلوڤلط متاح‬ ‫خط ‪ -765‬كيلوڤلط مقترح‬ ‫قابلية وصل إلى التيار الكهربائي‬ ‫املتناوب ‪ -‬املستمر ‪ -‬املتناوب‬

‫( ) ‪Storing and Delivering Renewable Power‬‬

‫‪18‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


‫( )‬

‫وقود من مصادر الطاقات املتجددة لوسائل املواصالت‬

‫تيار كهربائي‬

‫وقود‬

‫وقود‬ ‫إضافي‬

‫هناك ثالث طرق لصنع وقود وسائل املواصالت السائلة من املصادر املتجددة‪ .‬الطريقة األولى هي‪ ،‬بكل بساطة‪،‬‬ ‫حرق الزيوت النباتية في محركات الديزل وغالبا ما يحرق زيت الصويا أو زيت النخيل‪ .‬وليكون الزيت مرخصا‬ ‫باستعماله في الواليات املتحدة‪ ،‬يجب أن يُحوّ ل إلى مادة كيميائية تدعى إستَر ‪ .ester‬هذه العملية بسيطة‪ ،‬غير أنّ‬ ‫مدى استخدامها محدود واملبادرة بأكملها تتعلق بجدل الغذاء مقابل الوقود‪.‬‬ ‫والطريقة الثانية بسيطة أيضا وهي أن ندع اخلمائر تهضم السكريات وتنتج الكحول‪ ،‬غير أنّ ذلك‪ ،‬يكون محدودا أيضا‬ ‫في مدى استخدام هذه الطريقة ويضع محطة توزيع الوقود بالتنافس مع األسواق فيما يتع ّلق مبحاصيل احلقول‪.‬‬ ‫إنّ األحجام الهائلة من السكريات ترتبط‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬باحملاصيل التي ال تؤكل وبجزء من النباتات التي ال يأكلها‬ ‫اإلنسان والتي تنمو كمواد غذائية‪ ،‬مثل تنب القمح وسوق وأغصان نبات الذرة‪ .‬حتتوي هذه املواد الس ِّليلوزية على‬ ‫سكريات سداسية الكربون التقليدية وكذلك على سكريات خماسية الكربون ال ّ‬ ‫تفككها اخلمائر العادية‪.‬‬ ‫وتفكيك هذه السكريات فيما يتع ّلق بالطريقة الثالثة‪ ،‬يتم باستخدام بعض النباتات في مستوى اختباري البخار أو‬ ‫احلموض أو االثنني معا‪ .‬وثمة اختيار آخر وهو استخدام إنزميات من جراثيم مبدّلة جينيا أو من فطريات‪ .‬ولتحويل‬ ‫السكريات إلى وقود سائل يستخدم بعض الباحثني عمليات حتفيزية‪ ،‬ويعتمد آخرون على اخلمائر‪ ،‬وغالبا ما تكون مبدّلة‬ ‫جينيا أيضا‪ .‬إنّ بعضها تف ّكك ببساطة املواد الس ِّليلوزية إلى غاز وقود من أحادي أكسيد الكربون وهدروجني ثم حتوله إلى‬ ‫وتتضمن املواد اخلام كمية كبيرة من ُ‬ ‫احلتات‪ ،‬مثل‬ ‫جزيئات هدروكربونية‪ ،‬مثل اإليثانول والكحوالت والسوائل األخرى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الرقاقات وحلاء األشجار ومخاريط الصنوبريات؛ وكميات من الورق والبالستيك من النفايات املنزلية؛ والفضالت الزراعية‪.‬‬ ‫على الرغم من أن جميع هذه الطرائق قد بيّنت أنها ُتستخدم بنجاح في املختبر أو على مستوى اختباري‪ ،‬فإنّ‬ ‫عملية تسويق جتارية ناجحة تبقى صعبة التحقيق‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تشجع احلوافز واحلصص اجلهود الكثيرة‪.‬‬

‫هواء‬ ‫هدروجني‬

‫أكسجني‬

‫)‪(H2‬‬ ‫‪H‬‬

‫)‪(O2‬‬

‫مياه‬ ‫وحرارة‬

‫‪H‬‬ ‫‪H2O‬‬

‫أنود االنتثار‬ ‫الغازي‬ ‫إلكتروليت‬

‫كاثود االنتثار الغازي‬

‫مكون‬ ‫ّ‬

‫املصدر‬

‫طاقة تخزين اجلليد‬ ‫تبيع شركة آيس إنرجي (طاقة اجلليد) ‪Ice‬‬ ‫‪ ،Energy‬ومركزها كاليفورنيا‪ ،‬أجهزة ُتنتج‬ ‫قوالب من اجلليد في الليل بحجم ‪ 500‬گالون‬ ‫في أقبية األبنية‪ .‬إن تصنيع اجلليد في الليل‬ ‫أسهل من تصنيعه خالل النهار؛ ألنّ احلرارة‬ ‫في الهواء الطلق حيث يجب أن ُتطلق األجهزة‬ ‫الضاغطة للهواء احلرارة هي بصورة عامة‬ ‫مما هي عليه في وقت أبكر من النهار‪.‬‬ ‫أخفض ّ‬ ‫ويستعمل اجلليد الناجت لتبريد البناء خالل‬ ‫النهار‪ .‬والنتيجة هي استعمال الطاقة املنتجة‬ ‫في الليل‪ ،‬مثل الطاقة املو ّلدة بطاقة الريح‪،‬‬ ‫لتعمل عندما تكون احلاجة إليها ضرورية‬ ‫خالل النهار‪.‬‬

‫املسار‬

‫املنتج‬

‫كيميائي‬

‫بيوديزل‬

‫محاصيل زيت البذور‬

‫دسم وزيوت‬

‫حبوب‬

‫نشويات‬

‫محاصيل سكرية‬

‫سكريات‬

‫بيولوجي‬

‫سليلوز وشبه‬ ‫سليلوز وليگنني‬

‫كيميائي حراري‬

‫نفايات زراعية‬ ‫أشجار وأعشاب‬

‫إيثانول‬ ‫بوتانول‬ ‫ميثان‬

‫طحالب‬

‫هدروكربونات وزيوت‬ ‫طبيعية ميكن استخراج‬ ‫الوقود منها‪.‬‬

‫النظام‪ :‬يشق طريقه بجهد نحو عملية تسويق جتارية‪.‬‬

‫حالة‬ ‫السعر‪ :‬لم يُحدّد بعد؛ الهدف غير مؤ ّكد بسبب أسعار الگازولني (البنزين) والديزل (املازوت) املتق ّلبة إلى أبعد احلدود‪.‬‬ ‫املزايا‪ :‬إنّ بعض الوقود احليوي فقير أو ال يحوي كربونا؛ يُق ّلل االعتماد على النفط املستورد عبر البحار‪.‬‬ ‫العيوب‪ :‬يضع بعض الوقود ضغوطا (أعباءً) على أسعار املواد الغذائية؛ إنتاج الوقود احليوي من احلبوب‬ ‫يتط ّلب كميات وفيرة من الوقود األحفوري‪ ،‬وهكذا فإنّ الطاقة الكلية واملزايا الكربونية قليلة؛ معظم‬ ‫الوقود احليوي أقل كثافة طاقية من الگازولني منتجا أمياال أقل بالگالون الواحد‪.‬‬

‫املؤ ّلف‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Matthew L. Wald‬‬

‫مراسل في مجلة نيويورك تاميز‪ ،‬حيث‬ ‫غطى موضوعات الطاقة منذ عام ‪.1979‬‬ ‫فقد عالج موضوعات تكرير النفط وإنتاج‬ ‫الكهرباء والسيارات الكهربائية أو التي‬ ‫تسير بالطاقتني الكهربائية والبترول‬ ‫وتل ّوث الهواء‪ .‬يقيم <وولد> حاليا في‬ ‫واشنطن حيث يتابع عمله في موضوعات‬ ‫أمان املواصالت وموضوعات أخرى‪.‬‬ ‫وهذه هي املقالة الرابعة التي يكتبها ملجلة‬ ‫ساينتفيك أمريكان‪.‬‬

‫( )‬

‫‪19‬‬

‫‪Renewable Transportation Fuels‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫‪Department of Energy scenario for meeting 20 percent‬‬ ‫‪of electric needs with wind by 2030: www1.eere.energy.gov/‬‬ ‫‪windandhydro‬‬ ‫‪Hybrid power plant to be built in California that‬‬ ‫‪produces energy from solar power when it is available and‬‬ ‫‪natural gas when it is not: www.inlandenergy.com‬‬ ‫‪Information on compressed-air energy storage: www.‬‬ ‫=‪solarfeeds.com/index.php?option=com_content&view‬‬ ‫‪article&id=3256:compressed-air-energy-storage-further‬‬‫‪along&catid=80:80&Itemid=173‬‬ ‫‪Renewable Fuels Association facts on cellulosic‬‬ ‫‪ethanol: www.ethanolrfa.org/resource/cellulosic‬‬ ‫‪9002 hcraM ,naciremA cfiitneicS‬‬


‫املجلد ‪ 26‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2010‬‬

‫‪2/1‬‬

‫مفاجآت من الداء البطني )‪(CD‬‬ ‫املسببة بالطعام الذي قد‬ ‫كشفت دراسة أجريت على أحد األمراض َّ‬ ‫يكون مميتا‪ ،‬عن عملية قد تسهم في كثير من االضطرابات املناعية الذاتية‪.‬‬ ‫(٭)‬

‫>‪ .A‬فاسانو<‬

‫مفاهيم مفتاحية‬ ‫>‬

‫>‬

‫>‬

‫الداء البطني )‪ (CD‬هو اضطراب‬ ‫مناعي ذاتي يطلقه تناول‬ ‫الگلوتني‪ ،‬وهو من الپروتينات‬ ‫الرئيسية في القمح‪ ،‬أو ينتج‬ ‫من پروتينات ذات صلة به في‬ ‫احلبوب األخرى‪.‬‬ ‫تشير األبحاث التي أجريت‬ ‫ملعرفة جذور املشكلة إلى أن‬ ‫االضطراب ينشأ عندما يكون‬ ‫لدى الشخص املعرض للگلوتني‬ ‫أيضا استعداد وراثي لإلصابة‬ ‫بالداء ‪ ،CD‬ويكون لديه جدار‬ ‫األمعاء نفوذا بشكل غير معتاد‪.‬‬ ‫مما يثير الدهشة أن الثالثية‬ ‫نفسها‪ ،‬واملكونة من‪ :‬عامل بيئي‬ ‫ُم ْطلِق‪ ،‬واالستعداد الوراثي‪،‬‬ ‫واألمعاء التي تسمح بالتسرب‪،‬‬ ‫هي التي تسبب االضطرابات‬ ‫املناعية الذاتية األخرى‪ .‬وقد أدى‬ ‫هذا االكتشاف إلى طرح احتمال‬ ‫أن تخفف املعاجلات احلديثة‬ ‫للداء ‪ CD‬من وطأة احلاالت‬ ‫األخرى‪.‬‬

‫محررو ساينتفيك أمريكان‬ ‫‪20‬‬

‫يذهب ظن������ي إلى أن أهم ثورة علمية في التاريخ‬ ‫تعود إلى عش������رة آالف عام‪ ،‬وأنها كانت في الشرق‬ ‫األوسط‪ ،‬عندما الحظ الناس للمرة األولى أن نباتات‬ ‫جدي������دة تبزغ م������ن البذور التي س������قطت من نباتات‬ ‫أخرى على األرض‪ ،‬وهو االكتش������اف الذي قاد إلى‬ ‫والدة الزراعة‪ .‬وقبل هذه املالحظة‪ ،‬كان قوت العنصر‬ ‫البشري يتركز على الفواكه واجلوز والدرنات‪ ،‬وفي‬ ‫بع������ض األحيان على اللح������وم‪ .‬وكان على الناس أن‬ ‫يتنقلوا إلى األماكن الت������ي يوجد فيها طعامهم‪ ،‬مما‬ ‫يجعله������م حتت رحمة احل������وادث‪ ،‬ويحول بينهم وبني‬ ‫االستيطان الطويل األمد‪.‬‬ ‫وما إن اكتش������ف اإلنس������ان س������ر البذور حتى‬ ‫تع ّلم بس������رعة كيفية ترويض احملاصيل‪ ،‬ووصل في‬ ‫النهاية إلى تهجني نباتات عش������بية مختلفة للحصول‬ ‫عل������ى احلبوب الرئيس������ية مث������ل القم������ح واجلاودار‬ ‫(الشيلم) والشعير والتي تتسم بأنها مغذية ومتعددة‬ ‫االس������تعماالت‪ ،‬وميكن تخزينها بسهولة‪ ،‬وذات قيمة‬ ‫جتارية مرتفعة‪ .‬وللمرة األولى‪ ،‬أصبح بإمكان الناس‬ ‫هجر احلياة البدوية وبن������اء املدن‪ .‬ولم يكن من قبيل‬ ‫املصادف������ة أن تصبح املناط������ق الزراعية األولى«مهد‬ ‫احلضارات» أيضا‪.‬‬ ‫وقد جاءت هذه التطورات مقابل ثمن باهظ‪ :‬وهو‬ ‫ظهور الداء الذي يعرف اآلن بالداء البطني (‪،)1()CD‬‬ ‫والذي يحرض بتناول پروتني يوجد في القمح يدعى‬ ‫الگلوت�ي�ن ‪ ،gluten‬أو تناول پروتينات مشابهة له في‬ ‫اجلاودار أو الش������عير‪ .‬لم يك������ن الگلوتني واملركبات‬ ‫القريب������ة منه موجودين في غذاء اإلنس������ان من قبل‪.‬‬ ‫إال أن������ه ما إن أصبحت احلب������وب مبثابة الوقود لنمو‬ ‫املجتمعات املس������تقرة‪ ،‬حتى ب������دأت الپروتينات بقتل‬ ‫الناس‪ ،‬ومعظمهم من األطفال ممن تفاعلت أجسامهم‬ ‫تفاعال ش������اذا مع هذه الپروتينات‪ .‬أدى تكرار تناول‬ ‫هذه الپروتينات إلى جعل األش������خاص الذين يعانون‬ ‫احلساس������ية غير قادرين عل������ى امتصاص املغذيات‬ ‫في الطعام‪ .‬ومن َث َّم‪ ،‬أخذ هؤالء املصابون الضحايا‬ ‫يعان������ون آالما بطنية وإس������هاال‪ ،‬وأخذت أجس������امهم‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫مظهر َم ْن يعاني املخمصة (اجلوع الشديد)‪ ،‬فهزلت‬ ‫أجسامهم وتورمت بطونهم‪ ،‬وما لبث اختالل التغذية‪،‬‬ ‫إلى جانب طيف م������ن املضاعفات األخرى‪ ،‬أن جعل‬ ‫حياة هؤالء الضحايا قصيرة نسبيا وبائسة‪.‬‬ ‫ول������و أن تلك الوفي������ات التي حدث������ت قد لوحظت‬ ‫بانتباه في ذلك الوقت‪ ،‬العتبر س������ببها أحد األسرار‬ ‫الغامضة‪ .‬أما خالل السنوات العشرين املاضية‪ ،‬فقد‬ ‫مفصال‬ ‫جمع العلماء مالحظات متفرقة ليك ِّونوا فهما َّ‬ ‫لل������داء ‪ .CD‬فهم يعرفون اآلن أن������ه أحد االضطرابات‬ ‫املناعي������ة الذاتية وال������ذي يهاجم فيه النظ������ام املناعي‬ ‫أنس������جة اجلسم ذاته‪ .‬ويعرف العلماء أيضا أن نشأة‬ ‫الداء ال تنتج فقط من التعرض للگلوتني وما شابهه‪ ،‬بل‬ ‫إنه ينتج من اجتماع عدد من العوامل تضم‪ :‬اجلينات‬ ‫املؤهبة‪ ،‬وشذوذات في بنية األمعاء الدقيقة‪.‬‬ ‫واألكث������ر مما س������بق‪ ،‬أن ال������داء ‪ CD‬يقدم مثاال‬ ‫توضيحي������ا عن الطريق الذي قد ت������ؤدي فيه الثالثية‬ ‫املك َّونة من العامل البيئ������ي املُ ْطلِق واجلينات املؤهِ بة‬ ‫وشذوذات األمعاء دورا ما في كثير من االضطرابات‬ ‫املناعية الذاتية‪ .‬ومن هنا‪ ،‬تشير األبحاث حول الداء‬ ‫‪ CD‬إلى أمناط جديدة م������ن املعاجلة ال تقتصر على‬ ‫هذا الداء وحده‪ ،‬ولكنها تناسب حاالت أخرى متنوعة‬ ‫من اضط������راب املناعة الذاتية‪ ،‬مثل الداء الس������كري‬ ‫من النمط ‪ 1‬والتصل������ب املتعدد (التصلب اللويحي)‬ ‫والتهاب املفاصل الرثياني‪.‬‬ ‫(٭٭)‬

‫تبصرات مبكرة‬

‫بعد تق������دم الزراعة‪ ،‬مرت آالف الس������نوات قبل‬ ‫توثيق حاالت أطفال يبدو أنهم يتناولون طعاما جيدا‬ ‫ولكنهم يعانون نق������ص التغذية‪ .‬أدى ذلك إلى وضع‬ ‫اس������م الداء ‪ CD‬في القرن األول بعد امليالد‪ ،‬عندما‬ ‫وضع >‪ .A‬الكاپادوش������ي< [وهو طبيب إغريقي] أول‬ ‫وصف علم������ي لهذا الداء‪ ،‬وس������ماه ال���داء البطني‬ ‫(٭) ‪Surprises from Celiac Disease‬‬ ‫(٭٭) ‪Early Insights‬‬ ‫(‪celiac disease )1‬‬


‫‪ ،koiliakos‬ع������ن الكلمة اإلغريقية ‪ koelia‬والتي تعني‬ ‫البط������ن‪ .‬وقد حاز الطبي������ب البريطاني >‪ .S‬جي< لقب‬ ‫«أب������ي الداء البطني ‪ »CD‬املعاص������ر‪ .‬ففي عام ‪،1887‬‬ ‫وصف >جي< الداء ‪ CD‬في محاضرة له بأنه نوع من‬ ‫اضطراب أو عسر الهضم يشاهد لدى أشخاص في‬ ‫جمي������ع األعمار‪ ،‬ولكنه مييل إل������ى إصابة األطفال من‬ ‫السنة األولى إلى الس������نة اخلامسة من العمر‪ .‬حتى‬ ‫إنه ح ًّدس محقا‪« :‬قد يكون س������ببه أخطاء في النظام‬ ‫الغذائي»‪ .‬وعل������ى الرغم من ذكاء >ج������ي< الواضح‪،‬‬ ‫ف������إن الطبيعة احلقيقية للداء أفلتت منه‪ ،‬كما يتبني من‬ ‫وصفاته الغذائية‪ :‬فقد نص������ح بإطعام هؤالء األطفال‬ ‫شرائح رقيقة من اخلبز بعد حتميصها من وجهيها‪.‬‬ ‫وق������د مت تعرف الگلوتني كس������بب ُم ْطلِق للداء ‪CD‬‬ ‫بعد احلرب العاملية الثانية‪ ،‬عندما الحظ طبيب األطفال‬ ‫الهولندي >‪ .K .W‬ديك< أن نقص اخلبز الذي س������ببته‬ ‫احلرب في هولندا أدى إلى انخفاض مهم وملحوظ في‬ ‫معدل الوفي������ات بني األطفال املصابني بالداء ‪ ،CD‬فقد‬ ‫هبط من ما يزيد على ‪ 35‬في املئة إلى ما يقرب الصفر‪.‬‬ ‫وقد َق َّرر >ديك< أيضا أنه ما إن توافر القمح من جديد‪،‬‬ ‫بعد انقضاء النزاع‪ ،‬حتى عاد معدل الوفيات لالرتفاع‬ ‫الس������ريع ليص������ل إلى ما كان عليه من مس������تويات من‬ ‫قبل‪ .‬وتال مالحظة >ديك< أبحاث قام بها علماء آخرون‬ ‫حول املكونات املختلفة للقمح‪ ،‬واكتش������فوا أن الپروتني‬ ‫الرئيسي في احلبوب‪ ،‬الگلوتني‪ ،‬هو املذنب‪.‬‬ ‫وع������ود ًة إلى التأثي������رات البيولوجية للگلوتني‪ ،‬فقد‬ ‫وج������د الباحث������ون أن التعرض املتك������رر للگلوتني لدى‬ ‫مرضى الداء ‪ CD‬يس������بب التهاب������ا مزمنا وتدميرا في‬ ‫الزغاب���ات ‪ ،the villi‬وه������ي بنى إصبعية الش������كل في‬ ‫األمع������اء الدقيق������ة‪ ،‬مما يجعلها غير ق������ادرة على أداء‬ ‫وظيفتها السوية في تفكيك الطعام ونقل املغذيات عبر‬ ‫جدار األمعاء إلى مجرى الدم (ليصل إلى جميع أنحاء‬ ‫اجلسم)‪ .‬ومن حسن احلظ‪ ،‬أن هذا الداء إذا ُش ِّخص‬ ‫كاف‪ ،‬وحافظ املريض على نظام غذائي‬ ‫مبكرا بوق������ت ٍ‬ ‫خال من الگلوتني‪ ،‬فإن بنية األمعاء الدقيقة تعود دائما‬ ‫ٍ‬ ‫تقريبا إلى حالتها الس������وية‪ ،‬أو قريبا من ذلك‪ ،‬كما أن‬ ‫األعراض الهضمية (املعدية املعوية) تختفي‪.‬‬ ‫ويس������بب الگلوت���ي��ن لدى املرض������ى املؤهبني هذا‬ ‫االلته������اب والتدمي������ر لألمعاء بإط���ل��اق فعالية خاليا‬ ‫مختلفة م������ن النظ������ام املناعي‪ .‬وه������ذه اخلاليا تقوم‬ ‫بدورها بإحلاق األذى بالنسيج الذي يتمتع بالصحة‬ ‫ف������ي محاولتها تدمي������ر ما حس������بته عام�ل�ا إنتانيا‬ ‫‪.infectious agent‬‬ ‫(٭)‬

‫اكتشاف تشخيصي‬

‫ال تزال التفاصي������ل الكاملة لآللي������ات الكثيرة التي‬ ‫يؤثر بها الگلوتني في النش������اط املناعي قيد الدراسة‪ ،‬إال‬ ‫‪21‬‬

‫أن أحد التبصرات أثبت بش������كل خاص أنها‬ ‫مفيدة في املمارسات السريرية (اإلكلينيكية)‪:‬‬ ‫فاالس������تجابة املناعية الشاذة املميزة للگلوتني‬ ‫هي إنتاج جزيئات من األضداد التي تستهدف‬ ‫أح������د اإلنزمي������ات الذي يدع������ى ناق����ل أمني‬ ‫الگلوت��ي�ن النس����يجي (‪ .)1( )TTC‬هذا اإلنزمي‬ ‫يتس������رب من اخلاليا التي عانت التدمير في‬ ‫املناط������ق امللتهبة من األمعاء الدقيقة‪ ،‬ويحاول‬ ‫املساعدة على شفاء النسيج احمليط‪.‬‬ ‫وق������د أضاف اكتش������اف أن هذه األض������داد كثيرة‬ ‫االنتش������ار في ال������داء ‪ CD‬أداة جديدة إلى تش������خيص‬ ‫هذا املرض‪ ،‬كما س������مح ذلك للفري������ق الذي أعمل معه‪،‬‬ ‫ولباحث���ي��ن آخري������ن‪ ،‬بتقومي معدل وقوع ال������داء بطريقة‬ ‫جديدة‪ ،‬وذلك بإجراء مسح على الناس بحثا عن وجود‬ ‫ه������ذا الضد في دمائهم‪ .‬وقبل ذلك‪ ،‬لم يكن لدى األطباء‬ ‫سوى اختبارات غير نوعية‪ ،‬وكانت الطريقة املوثوق بها‬ ‫لتش������خيص الداء ‪ CD‬هي اس������تعراض األعراض التي‬ ‫يشكو منها املريض‪ ،‬والتأكد من وجود التهاب األمعاء‬ ‫بأخذ خزعة منها‪ ،‬وتقومي م������ا إذا كان النظام الغذائي‬ ‫اخلالي من الگلوتني س������يخ ِّلص املريض من األعراض‪.‬‬ ‫(إن حتري أضداد الگلوتني قد ال يكون حاس������ما؛ ألنها‬ ‫قد توجد أيضا لدى أناس ال يعانون الداء ‪.)CD‬‬ ‫خالل س������نوات طويلة‪ ،‬اع ُت ِبر الداء ‪ CD‬داء نادرا‬ ‫خ������ارج أوروبا‪ .‬ففي أمريكا الش������مالية‪ ،‬على س������بيل‬ ‫املث������ال‪ ،‬مت تعرف األعراض الكالس������يكية لدى ما يقل‬ ‫عن واحد لكل عش������رة آالف شخص‪ .‬وفي عام ‪2003‬‬ ‫نشرنا نتائج دراستنا‪ ،‬وهي أكبر دراسة أجريت حتى‬ ‫اآلن على املصابني بالداء ‪ CD‬في أمريكا الش������مالية‪،‬‬ ‫وقد شملت أكثر من ‪ 13 000‬شخص‪ .‬ومما يدعو إلى‬ ‫العجب أننا وجدنا شخصا واحدا مصابا بالداء ‪CD‬‬ ‫من بني كل ‪ 133‬شخصا ممن يبدون صحيحي اجلسم‬ ‫ظاهري������ا‪ ،‬وهذا يعني أن الداء ‪ CD‬أكثر ش������يوعا مما‬ ‫كان ُي َظ������ن من قبل مبقدار ‪ 100‬مرة‪ .‬وقد أكدت أعمال‬ ‫باحثني آخرين مستويات مشابهة في كثير من البلدان‬ ‫في جميع القارات دون استثناء‪.‬‬ ‫كي������ف أمكن لـ ‪ 99‬في املئة من احلاالت أن تفلت من‬ ‫الكشف حتى اليوم؟ إن العالمات الكالسيكية الظاهرية ـ‬ ‫وهي عس������ر الهضم واإلسهال املزمن ـ ال تظهر إال لدى‬ ‫إصابة قس������م كبير وبالغ األهمية من األمعاء بالتدمير‪.‬‬ ‫أما إذا كان قس������م صغير من األمعاء يعاني سوء أداء‬ ‫وظيفت������ه‪ ،‬أو كان االلته������اب خفيف������ا إلى ح������د ما‪ ،‬فإن‬ ‫األعراض قد تكون أقل شدة أو غير منوذجية‪.‬‬ ‫وقد أصبح من الواضح في الوقت احلاضر أن الداء‬ ‫‪ CD‬يتظاهر أحيانا بطيف من األعراض التي لم حتظ من‬ ‫قب������ل بالتقدير‪ ،‬والتي يحركها اضط������راب موضعي في‬ ‫(٭) ‪A Diagnostic Discovery‬‬ ‫(‪tissue transglutaminase )1‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫يحرض الطعام الذي يحتوي على‬ ‫القمح أو اجلاودار أو الشعير‬ ‫(موجها نحو‬ ‫تفاعال مناعيا ذاتيا‬ ‫ًّ‬ ‫نسج البدن نفسه) لدى األشخاص‬ ‫املصابني بالداء ‪ .CD‬وهذه‬ ‫االستجابة تلحق األذى ببطانة‬ ‫األمعاء‪ ،‬وتقلل من امتصاص اجلسم‬ ‫للمغذيات‪ .‬كما أن التعرض املزمن‬ ‫لهذه األطعمة قد يؤدي إلى حدوث‬ ‫السرطان‪ ،‬إضافة إلى تأثيرات‬ ‫مرضية أخرى لدى هؤالء األشخاص‪.‬‬


‫وجدنا أن الداء‬ ‫أكثر شيوعا مبئة‬ ‫مرة مما كان ُي َظن‬ ‫سابقا‪.‬‬

‫‪CD‬‬

‫امتصاص املغذيات من األمعاء‪ .‬فاضطراب امتصاص‬ ‫احلديد‪ ،‬على س������بيل املثال‪ ،‬قد يسبب فقر الدم‪ ،‬كما‬ ‫أن س������وء قنص الفوالت قد يس������بب مشكالت عصبية‬ ‫متنوعة‪ .‬وهك������ذا‪ ،‬ميكن للداء ‪ ،CD‬ومن خالل إضاعة‬ ‫بعض املواد املغذية اخلاصة من البدن‪ ،‬أن يؤدي إلى‬ ‫بعض األعراض‪ ،‬مثل‪ :‬تخلخل العظام واآلالم املفصلية‬ ‫والتعب املزمن وقص������ر القامة وآفات جلدية والصرع‬ ‫والعته والفصام واالختالجات‪.‬‬ ‫ومل������ا كان ال������داء ‪ CD‬يتظاه������ر أحيان������ا بأمناط‬ ‫غي������ر منوذجية‪ ،‬فإن العديد من احل������االت تبقى غير‬ ‫مش������خصة‪ .‬والقدرة‪ ،‬التي ظهرت حديثا‪ ،‬في تعرف‬ ‫الداء في جميع أش������كاله‪ ،‬في مرحلة مبكرة‪ ،‬تسمح‬ ‫باس������تبعاد الگلوتني من النظ������ام الغذائي قبل تطور‬ ‫املزيد من املضاعفات اخلطيرة‪.‬‬

‫[أساسيات]‬

‫الهضم السوي‬

‫(٭٭)‬

‫بطانة لدى مصاب بالداء‬

‫‪CD‬‬

‫طعام غير مهضوم‬ ‫ينساب باجتاه‬ ‫املستقيم إلفراغه‬

‫بطانة معوية سوية‬

‫إنزمي‬

‫(٭)‬

‫من الگلوتني إلى خلل الوظيفة املناعية‬

‫حقائق سريعة‬ ‫>‬

‫>‬

‫>‬

‫>‬

‫>‬

‫‪22‬‬

‫إن ‪ %1‬من سكان العالم تقريبا‬ ‫مصابون بالداء ‪ ،CD‬إال أن‬ ‫معظمهم اليعرفون ذلك‪.‬‬ ‫إن أكثر من مليوني شخص‬ ‫مصابون بالداء ‪ CD‬في‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬ ‫من األعراض الشائعة للداء‬ ‫لدى الرضع واألطفال‪ :‬اآلالم‬ ‫البطنية واالنتفاخ واإلمساك‬ ‫واإلسهال وفقدان الوزن‬ ‫واإلقياء‪.‬‬

‫‪CD‬‬

‫ال يشكو قرابة نصف البالغني‬ ‫املصابني بالداء ‪ CD‬من‬ ‫اإلسهال وقت تشخيص الداء‬ ‫لديهم‪.‬‬ ‫من العالمات األخرى التي‬ ‫قد حتدث لدى البالغني‪:‬‬ ‫فقر الدم والتهاب املفاصل‬ ‫وضعف العظام واالكتئاب‬ ‫والتعب والعقم وآالم مفصلية‬ ‫واختالجات و تنميل في‬ ‫القدمني واليدين‪.‬‬

‫يق������دم ال������داء ‪ CD‬منوذج������ا قيم������ا ج������دا لفه������م‬ ‫االضطرابات املناعية الذاتية؛ ألنه املثال الوحيد الذي‬ ‫ميكن فيه إلضافة أو الس������تبعاد أحد املكونات البيئية‬ ‫البسيطة‪ ،‬وهو هنا الگلوتني‪ ،‬أن يف ِّعل العملية املرضية‬ ‫أو أن يوقفه������ا‪( .‬فعلى الرغم م������ن أن العوامل البيئية‬ ‫متهمة بأنها تؤدي دورا في األمراض املناعية الذاتية‬ ‫األخرى‪ ،‬فإنه لم يتم حتديد أي منها بشكل مؤكد)‪.‬‬ ‫وملعرف������ة كيف ميك������ن للگلوتني أن يؤث������ر تأثيرا‬ ‫مدم������را لدى بعض األش������خاص‪ ،‬ميكنك التفكير في‬ ‫كيفية اس������تجابة اجلسم له لدى معظم الناس‪ .‬فلدى‬ ‫غي������ر املصابني بالداء ‪ ،CD‬ال يتفاعل اجلس������م معه‪.‬‬ ‫إذ ال يس������ارع النظام املناعي إل������ى العمل إال عندما‬ ‫يكتش������ف كميات مهمة من الپروتين������ات الغريبة في‬ ‫اجلس������م‪ ،‬فيتفاعل بشكل هجومي عنيف؛ ألن وجود‬ ‫الغرباء قد يعطي اإلش������ارة بوجود كائنات مجهرية‬ ‫مسببة لألمراض مثل البكتيريا والڤيروسات‪.‬‬ ‫إحدى الط������رق املهمة التي نواج������ه من خاللها‬ ‫الپروتين������ات الغريبة وغيرها من امل������واد هي األكل‪،‬‬ ‫ويتمركز جن������ود املناعة حت������ت اخلالي���ا الظهارية‬ ‫‪ epithelial cells‬التي تبطن األمعاء (وتسمى اخلاليا‬ ‫املعوية)‪ ،‬وتكون جاهزة للوثب والستدعاء التعزيزات‪.‬‬ ‫وأحد أسباب عدم استفزاز الپروتينات الغازية (التي‬ ‫تدخل أجس������امنا ثالث مرات يوميا) للنظام املناعي‬ ‫لدينا بشكل منوذجي هو أنه قبل أن تواجه دفاعاتنا‬ ‫أي ش������يء قد يسبب إزعاجا لها‪ ،‬فإن جهاز الهضم‬ ‫لدينا يفكك ع������اد ًة معظم الپروتينات املتناولة لتصبح‬ ‫حموضا أمينية معيارية‪ ،‬وهي لبنات البناء التي تُبنى‬ ‫منها جميع الپروتينات‪.‬‬ ‫وللگلوت���ي��ن بنية خاصة‪ :‬فهو غن������ي بدرجة تفوق‬ ‫املعتاد باحلمضني األمينيني‪ :‬الگلوتامني ‪glutamine‬‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫مغذيات‬ ‫انسياب‬ ‫نحو النسج‬

‫مجرى الدم‬

‫والپرول�ي�ن ‪ .proline‬وه������ذه اخلاصية جتعل قس������ما‬ ‫من ج������زيء الگلوتني منيعا على آلة تقطيع الپروتينات‬ ‫في أجس������امنا‪ ،‬مما يترك ُّ‬ ‫الش َدف (القطع) الپروتينية‬ ‫الصغيرة‪ ،‬والتي يطلق عليها اسم الپپتيدات ‪peptides‬‬ ‫س������ليمة البنيان‪ .‬وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬فإن معظم هذه‬ ‫الپپتيدات تبقى (لدى اإلنسان الصحيح البدن) ضمن‬ ‫األنب������وب الهضمي (املعدي املعوي) ث������م ما تلبث أن‬ ‫تفرغ ببس������اطة حتى قبل أن يالحظها النظام املناعي‪.‬‬ ‫وأي كمية من الگلوتني تتس������لل عبر البطانة الهضمية‬ ‫ستكون على درجة من الضآلة ال تستطيع معها إثارة‬ ‫استجابة ذات أهمية للنظام املناعي السوي‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى‪ ،‬ورث مرضى الداء ‪ CD‬مزيجا‬ ‫من اجلينات التي تسهم في رفع مستوى احلساسية‬ ‫جت������اه الگلوتني‪ .‬على س������بيل املث������ال‪ ،‬ومن ضروب‬ ‫اجلين������ات التي ت������ؤدي دورا مهم������ا‪ ،‬اجلينات التي‬ ‫تكود الپروتينات والتي تُعرف على أنها مستضدات‬ ‫(‪)1‬‬ ‫الكريات البيضاء للتوافق النس���يجي (‪. )HLAs‬‬ ‫و‪ %95‬من مرض������ى الداء ‪ CD‬يك������ون لديهم اجلينة‬ ‫اخلاصة إما بـ ‪ HLA-DQ2‬أو بـ ‪ ،HLA-DQ8‬فيما‬

‫(٭) ‪From Gluten to Immune Dysfunction‬‬ ‫(٭٭) ‪Normal Digestion‬‬ ‫(‪histocompatibility leukocyte antigens )1‬‬


‫في جهاز الهضم السوي‪ ،‬يدخل الطعام الذي خضع ملعاجلة جزئية في املعدة إلى األمعاء الدقيقة‪ ،‬والتي‬ ‫ِّ‬ ‫تبطنها اس���تطاالت ش���بيهة باألصابع تدعى الزغابات ‪( the villi‬األسفل واليس���ار)‪ .‬وتعمل اإلنزميات التي‬ ‫يفرزه���ا الپنكري���اس واإلنزميات املوجودة على س���طح زغاب���ات اخلاليا الظهارية (اخلالي���ا املعوية) على‬ ‫تفكي���ك معظم الطع���ام إلى مكوناته األولية‪ ،‬مث���ل الگلوكوز واحلموض األمينية (األس���فل واألمين)‪ .‬وعند‬ ‫ذلك‪ ،‬تعبُر هذه املغذيات إلى مجرى الدم لتقدِّم الوقود للنس���ج في جميع أرجاء اجلس���م‪ .‬ويعمل الداء ‪CD‬‬ ‫على إحداث اخللل في امتصاص املغذيات بتدمير اخلالية املعوية‪ ،‬وجعل الزغابات مسطحة‪ ،‬مما ينقص‬ ‫من مساحة السطح املتوافر للتفاعل مع الطعام (الصورة املجهرية)‪.‬‬ ‫زغابات‬

‫أمعاء‬ ‫دقيقة‬ ‫معدة‬ ‫أمعاء غليظة‬ ‫طعام وارد‬ ‫من املعدة‬

‫أمعاء دقيقة‬

‫زغابة دقيقة‬ ‫خلية معوية‬

‫ال������ذي ينطلق من خلي������ة ظهارية معوي������ة‪ ،‬بالگلوتني‬ ‫غي������ر املهضوم‪ ،‬ويح������ ِّور الپپتي������دات بطريقة متكنها‬ ‫من االرتباط بق������وة فائقة بپروتين������ات ‪ DQ8‬و‪.DQ2‬‬ ‫ومن ثم‪ ،‬عندما تلتقط اخلاليا العارضة للمس������تضد‬ ‫املوجودة حت������ت اخلاليا الظهاري������ة املعوية معقدات‬ ‫الگلوت���ي��ن واإلن������زمي ‪ ،TTC‬فإن تل������ك اخلاليا تضم‬ ‫الگلوت���ي��ن إل������ى املس������تضدات ‪ ،HLA‬وحتررها عند‬ ‫سطح اخللية‪ ،‬حيث تعمل على تفعيل اخلاليا التائية‪،‬‬ ‫محرضة لها على إطالق الس���يتوكينات ‪cytokines‬‬ ‫والكيموكين���ات ‪( chemokines‬وهي مواد كيميائية‬ ‫تزي������د من إثارة الفعالية املناعي������ة)‪ .‬وكان من املمكن‬ ‫أن يك������ون لهذه املواد الكيميائي������ة ولتعزيز الدفاعات‬ ‫املناعية قيم������ة كبيرة فيما لو كان������ت ملواجهة هجمة‬ ‫جرثومية (ميكروية)‪ ،‬إال أنها في هذه احلالة تس������يء‬ ‫إلى اخلاليا املعوية املسؤولة عن امتصاص املغذيات‬ ‫وتلحق الضرر بها‪.‬‬ ‫ومييل مرضى الداء ‪ CD‬أيضا إلى امتالك عوامل‬ ‫وراثية مؤهبة أخرى‪ ،‬مثل االستعداد لإلنتاج الزائد‬ ‫من املنبه املناعي اإلنترلوك�ي�ن ‪ ،)IL-15( 15‬وإلى‬ ‫إيواء خاليا مناعية مفرطة الفعالية تستنهض النظام‬ ‫املناعي للهجوم على األمعاء استجابة للگلوتني‪.‬‬ ‫(٭)‬

‫أخذ الصالح باملسيء‬

‫ال تزيد نس������بة َم ْن لديهم واحد ٌة من هاتني اجلينتني‬ ‫مِ ْن مجمل السكان على ‪ 30‬إلى ‪ 40‬في املئة‪ .‬وتشير‬ ‫هذه النتائج‪ ،‬إلى جانب مؤشرات أخرى غيرها‪ ،‬إلى‬ ‫أن اجلينت���ي��ن ‪ HLA-DQ2‬أو ‪ HLA-DQ8‬ليس������تا‬ ‫الوحيدت���ي��ن اللتني تس������ببان فرط الفعالي������ة املناعية‪،‬‬ ‫إال أن الداء ‪ ،CD‬مع ذلك‪ ،‬من املس������تحيل تقريبا أن‬ ‫يترس������خ من دون واحدة منهما‪ .‬وقد أصبح س������بب‬ ‫كون هاتني اجلينتني من اجلينات الرئيسية واضحا‬ ‫من دراسات وظائف الپروتينات التي تخصصانها‪.‬‬ ‫َ������ي ‪ HLA-DQ2‬و ‪HLA-DQ8‬‬ ‫إن پروتين ْ‬ ‫ُيصنعان م������ن قبل اخلالي���ا العارضة للمس���تضد‬ ‫‪ .antigen-presenting cells‬ه������ذه املخاف������ر املناعي������ة‬ ‫تلته������م الكائن������ات والپروتينات الغريب������ة وتقطعها‪،‬‬ ‫وترتب بع������ض قط������ع الپروتينات املخت������ارة ضمن‬ ‫ميزابة على جزيئات املس������تضدات ‪ ،HLA‬وتعرض‬ ‫املعق������دات الناجت������ة على س������طح اخللي������ة لتتعقبها‬ ‫اخلاليا املناعية ‪ immune system cells‬التي تدعى‬ ‫اللمفاويات التائية املساعدة‪ .‬واخلاليا التائية‪ ،‬التي‬ ‫تس������تطيع تع ّرف املعقدات املعروضة واالرتباط بها‪،‬‬ ‫تقوم باستدعاء التعزيزات‪.‬‬ ‫لدى مرض������ى الداء ‪ ،CD‬يرتب������ط اإلنزمي ‪،TTC‬‬ ‫‪23‬‬

‫املؤلف‬

‫‪Alessio Fasano‬‬

‫أستاذ طب األطفال والطب‬ ‫والفسيولوجيا‪ ،‬ومدير مركز األبحاث‬ ‫حول بيولوجيا الطبقة املخاطية ومركز‬ ‫األبحاث حول الداء ‪ CD‬في كلية الطب‬ ‫بجامعة مريالند‪ .‬وير ِّكز الكثير من‬ ‫أبحاثه األساسية والسريرية على دور‬ ‫نفوذية األمعاء في تطور الداء ‪CD‬‬ ‫وغيره من االضطرابات املناعية الذاتية‪.‬‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫ماهو الدور الذي ميكن ألضداد اإلنزمي ‪ TTC‬أن‬ ‫تؤديه في هذه االستجابة املرضية للگلوتني؟ اجلواب‬ ‫ال يزال غير مكتمل‪ ،‬إال أن لدى العلماء بعض األفكار‬ ‫حول ما قد ميك������ن أن يحدث‪ .‬فعندما تطلق اخلاليا‬ ‫الظهارية اإلن������زمي ‪ ،TTC‬فإن اخلاليا البائية التابعة‬ ‫للنظ������ام املناعي تبتلع ذلك اإلن������زمي‪ ،‬وحده أو ضمن‬ ‫معقد يتضمن الگلوت���ي��ن‪ .‬وعندها تطلق تلك اخلاليا‬ ‫األضداد التي تستهدف اإلنزمي‪ .‬فإذا كانت األضداد‬ ‫ثاوية في موقع اإلنزمي ‪ TTC‬أو قريبة من خلية معوية‬ ‫ظهارية؛ فإن تلك األضداد قد تدمر اخلاليا مباشرة‪،‬‬ ‫أو حترض عمليات تدمير أخرى‪ .‬وال يعرف أحد بعد‬ ‫فيما إذا كانت األضداد تس������بب (في احلقيقة) مثل‬ ‫هذا الضرر‪.‬‬ ‫وخالل الس������نوات التس������ع املاضية‪ ،‬تعلمت مع‬ ‫زمالئي أن نفوذية األمعاء غير املعتادة قد تسهم على‬ ‫مايبدو في الداء ‪ CD‬وفي غيره من األمراض املناعية‬ ‫الذاتية‪ .‬وفي احلقيقة‪ ،‬تش������ير ب ِّينات متزايدة إلى أن‬ ‫الثالثي������ة ذاتها من العوام������ل املفترضة‪ ،‬تدعم معظم‬ ‫ورمبا جميع األم������راض املناعية الذاتي������ة‪ ،‬والثالثية‬ ‫هي‪ :‬مادة بيئية يتم عرضها على اجلسم‪ ،‬واستعداد‬ ‫وراث������ي لدى النظام املناعي للتفاعل املفرط جتاه تلك‬ ‫املادة‪ ،‬وأمعاء ذات نفوذية غير معتادة‪.‬‬ ‫(٭) ‪Guilt by Association‬‬


‫[رؤية إضافية]‬

‫الثالثية املسببة‬

‫(٭)‬

‫ثمة ثالثة أس���باب تش���كل األساس للداء ‪ :CD‬عامل ُم ْطلِق بيئي‪ ،‬واالستعداد الوراثي‪ ،‬ووفقا ملا‬ ‫أوضحت���ه أبح���اث املؤل���ف‪ ،‬أمعاء ذات نفوذية غير معتادة (األس���فل)‪ .‬ويظن املؤلف أن عناصر‬ ‫الثالثية األساسية نفسها تسهم في إحداث األمراض املناعية الذاتية‪ ،‬وذلك على الرغم من أن‬ ‫كل اضطراب منها له عوامل ُم ْطلِقة ومكونات وراثية خاصة به‪.‬‬

‫بذرة‬ ‫القمح‬ ‫سويداء‬ ‫البذرة‬

‫گلوتني‬

‫نخالة‬ ‫(قشرة‬ ‫البذرة)‬

‫العامل املُ ْطلِق‬

‫إن الپروتني گلوتني الذي يكثر في سويداء‬ ‫بذرة القمح يطلق االستجابة املناعية الشاذة‪.‬‬ ‫ويشاركه في ذلك پروتينان مشابهان في‬ ‫الشعير واجلادوار (الهوردين والسيكالني)‪.‬‬

‫جنني‬ ‫البذرة‬

‫االستعداد الوراثي‬

‫قطعة من الگلوتني‬

‫اجلزيء‬ ‫أو‬

‫‪HLA-DQ2‬‬

‫‪HLA-DQ8‬‬

‫خلية من النظام املناعي‬

‫إن جميع املرضى تقريبا لديهم‬ ‫جينة للپروتينني ‪ HLA-DQ2‬أو‬ ‫‪ ،HLA- DQ8‬أولكليهما‪ .‬وتعْ ِرض‬ ‫جزيئات مستضدات ‪ HLA‬قطعا‬ ‫من الگلوتني على خاليا النظام‬ ‫املناعي التي توجه هجومها صوب‬ ‫بطانة األمعاء‪ .‬ويغلب أن تسهم‬ ‫جينات أخرى في ذلك‪ ،‬ولكن هذين‬ ‫املُ َّتهَ َمينْ اإلضاف َيينْ قد يختلفان‬ ‫بني شخص وآخر‪.‬‬ ‫قطع من الگلوتني‬ ‫العسيرة الهضم‬

‫األمعاء الدقيقة التي تسمح بالتسرب‬ ‫في معظم األشخاص توجد روابط ُتعرف‬ ‫صالت املحُ ْ ك َ​َمة تعمل على لصق‬ ‫َ‬ ‫بالو ْ‬ ‫اخلاليا املعوية بعضها ببعض‪ .‬أما لدى‬ ‫املصابني بالداء ‪ ،CD‬فإن هذه الوصالت‬ ‫تتباعد وتسمح لكمية كبيرة من قطع‬ ‫الگلوتني غير املهضوم بالتسلل‬ ‫إلى النسج الواقعة حتتها لتستفز‬ ‫خاليا النظام املناعي‪ .‬إن املعاجلة التي‬ ‫تنقص من التسرب ميكنها أن تخفف‬ ‫من وطأة الداء ‪ ،CD‬كما أنها قد تخفف‬ ‫من وطأة االضطرابات املناعية الذاتية‬ ‫األخرى‪ ،‬والتي تتضمن األمعاء ال َّنفوذة‬ ‫بشكل غير طبيعي‪.‬‬

‫وصالت‬ ‫محكمة‬

‫خاليا‬ ‫معوية‬

‫(٭٭)‬

‫اكتشاف التسرب‬

‫إن من اإلنصاف أن نقول إن النظرية التي تقول‬ ‫مبس������اهمة األمع������اء التي تعاني التس������رب في الداء‬ ‫‪ CD‬وفي املناعة الذاتية بش������كل عام قد القت ترحيبا‬ ‫مبدئيا مش������وبا بكثير من الش������ك؛ ويعود ذلك جزئيا‬ ‫إلى طريقة تفكير العلم������اء في األمعاء‪ .‬فعندما كنت‬ ‫طالبا أدرس الطب في السبعينات من القرن املاضي‪،‬‬ ‫كانت األمعاء الدقيقة توصف بأنها أنبوب يتألف من‬ ‫طبقة وحيدة من اخلاليا املترابطة مع بعضها والتي‬ ‫‪24‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫تشبه قطع القرميد املتراصة يجمع بينها مالط غير‬ ‫صالت املحُ ْ َك َم���ة ‪،tight junctions‬‬ ‫نف������وذ ُيدعى‬ ‫َ‬ ‫بالو ْ‬ ‫صالت‬ ‫يق������ع بني تل������ك اخلاليا‪ .‬وكان يعتق������د أن ال َو ْ‬ ‫املحُ ْ َك َم������ة تقصي جميع املواد‪ ،‬باس������تثناء أصغرها‬ ‫حجما‪ ،‬بعيدا ع������ن مكونات النظ������ام املناعي والتي‬ ‫تتمركز في النس������ج التي تبطن األمعاء‪ .‬لم يقدم هذا‬ ‫صالت املحُ ْ َك َمة‬ ‫النموذج البس������يط‪ ،‬والذي يعتبر ال َو ْ‬ ‫ُم َر ِّش������حات عاطلة وغير نفوذة‪ ،‬مصدرا ملهما لدى‬ ‫مجموعات الباحثني لدراس������ة بنيتها‪ ،‬وقد كنت من‬ ‫بني أولئك الذين لم يتحمسوا لذلك‪.‬‬ ‫وق������د كان االنعطاف في مجرى األقدار‪ ،‬وإحدى‬ ‫أكثر اللحظات إحباطا في مسيرتي املهنية هو الذي‬ ‫ص���ل��ات املحُ ْ َك َمة‪ .‬ففي نهاية‬ ‫دفعني إلى دراس������ة ال َو ْ‬ ‫الثمانينات من الق������رن املاضي كنت أعمل على أحد‬ ‫اللقاحات املضادة للكوليرا‪ ،‬وكان االعتقاد الس������ائد‬ ‫آنذاك أن ذيفان الكوليرا هو السبب الرئيسي حلدوث‬ ‫اإلسهال الشديد الذي مييز الكوليرا‪ .‬والختبار هذه‬ ‫الفرضية‪ ،‬قام الفريق الذي أعمل معه بحذف اجلينة‬ ‫التي تكود ذيفان الكوليرا من بكتيريا ضمة الكوليرا‬ ‫‪ .vibrio cholerae‬ووفقا للحكمة التقليدية‪ ،‬س������تصنع‬ ‫البكتيري������ا املنزوعة الس���ل��اح به������ذه الطريقة لقاحا‬ ‫مثاليا؛ ألن بقية الپروتين������ات املوجودة على اخلاليا‬ ‫البكتيرية احلية ستسبب استجابة مناعة قوية حتمي‬ ‫من حدوث اإلسهال‪.‬‬ ‫إال أنن������ا‪ ،‬عندما أعطينا البكتيري������ا املوهنة التي‬ ‫حصلن������ا عليها إلى املتطوعني‪ ،‬س������ َّبب اللقاح لديهم‬ ‫ق������درا من اإلس������هال كان كافيا إليقاف اس������تعماله؛‬ ‫فانتابن������ي اإلحباط الكامل‪ .‬إذ ضاعت س������نوات من‬ ‫العمل الش������اق هدرا‪ ،‬وكان علينا مواجهة احتمالني‬ ‫غير جذابني‪ :‬إما االستس���ل��ام والتحول إلى مشرع‬ ‫آخ������ر لألبحاث‪ ،‬أو املواظبة على محاولة فهم س������بب‬ ‫اإلخفاق‪ .‬وقد دفعنا احل������دس‪ ،‬بأن لالختيار الثاني‬ ‫أبع������ادا أخرى‪ ،‬إلى األخذ به وق������د قادنا هذا القرار‬ ‫إلى اكتش������اف ذيفان جديد يسبب اإلس������هال بآلية‬ ‫ل������م توصف من قبل‪ .‬فهو يغي������ر قابلية نفوذ األمعاء‬ ‫ص���ل��ات املحُ ْ َك َمة التي كان‬ ‫الدقيق������ة بخلخلة هذه ال َو ْ‬ ‫يفترض أنها عاطلة‪ ،‬األمر الذي يس������مح للس������وائل‬ ‫بالتسرب من النس������ج لألمعاء‪ .‬هذا املالط كان أمرا‬ ‫مثيرا لالهتمام على كل حال‪.‬‬ ‫وفي احلقيقة‪ ،‬وفي الفترة نفسها تقريبا‪،‬‬ ‫أوضحت سلس������لة من االكتشافات اإلبداعية‬ ‫أن ش������بكة معق������دة من الپروتين������ات هي التي‬ ‫صالت املحُ ْ َك َمة؛ إال أن املعلومات‬ ‫تش������كل ال َو ْ‬ ‫املتاحة ح������ول كيفية التحكم ف������ي هذه البنية‬ ‫كانت ضئيلة‪ .‬ومن هنا‪ ،‬قدم اكتشافنا للذيفان‬ ‫(٭) ‪A Trio of Causes‬‬ ‫(٭٭) ‪Finding the Leak‬‬


‫الذي أطلقنا عليه اس������م ذيف���ان ال ُّن َط ْيق���ة الغالِقة‬

‫(‪)1‬‬ ‫صلَة املحُ ْكمة)‬ ‫(‪( )Zot‬والتي تعن������ي بالالتينية ال َو ْ‬ ‫أداة قيم������ة لتوضيح عملية التحكم‪ ،‬حيث اتضح أن‬ ‫جزيئا واحدا هو اجلزيء ‪ Zot‬ميكنه أن يجعل البنية‬ ‫املعقدة للوصالت احملكمة أكثر تخلخال‪ .‬كما اتضح‬ ‫لنا أن نظام التحكم الذي جعل هذا التخلخل ممكنا‬ ‫هو نظام معقد للغاية‪ ،‬لدرجة أن بإمكانه أن يس������هم‬ ‫وببس������اطة في إحلاق األذى البيولوجي باملضيف‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬فإنه البد أن تس������بب بكتيريا ضمة الكوليرا‬ ‫اإلس������هال باستغالل س������بيل موجود س������ابقا لدى‬ ‫املضيف يعمل على تنظيم نفوذية األمعاء‪.‬‬ ‫وبعد خمس س������نوات من صياغة هذه الفرضية‬ ‫اكتش������فنا الزنيول�ي�ن ‪ ،zenulin‬وه������و پروتني يزيد‬ ‫نفوذي������ة األمع������اء لدى البش������ر واحليوان������ات العليا‬ ‫األخرى وباآللية نفس������ها التي يؤثر بها الذيفان ‪Zot‬‬ ‫ف������ي البكتيريا‪ .‬ولم يتضح بعد كيف ميكن للجس������م‬ ‫أن يس������تغل الپروتني زنيولني ملنفعته‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫الغالب أن هذا اجلزيء الذي يفرزه النسيج الظهاري‬ ‫صالت‬ ‫املع������وي وخالي������ا األعض������اء األخ������رى (فلل َو ْ‬ ‫املحُ ْ َكم������ة دور مه������م في النس������ج في جمي������ع أرجاء‬ ‫البدن)‪ ،‬يؤدي وظائف متعددة‪ ،‬تش������مل تنظيم حترك‬ ‫السوائل واجلزيئات الضخمة واخلاليا املناعية بني‬ ‫حجيرات اجلسم‪.‬‬ ‫وقد ح َّفزنا اكتشاف الپروتني زنيولني إلى البحث‬ ‫في األدبيات الطبية املنش������ورة عن اضطرابات لدى‬ ‫البشر تتس������م بزيادة نفوذية األمعاء‪ .‬عندها علمنا‪،‬‬ ‫وألول م������رة‪ ،‬وكان مما أثار دهش������تي أن الكثير من‬ ‫األمراض املناعية الذاتية‪ ،‬ومنها الداء ‪ CD‬والسكري‬ ‫م������ن النم������ط ‪ 1‬والتصلب العديد والته������اب املفاصل‬ ‫الرثيان������ي وأم������راض األمع������اء االلتهابية‪ ،‬تش������ترك‬ ‫جميعها في س������مة واحدة مهيمن������ة وهي نفوذية غير‬ ‫سوية لألمعاء‪ .‬وفي العديد من هذه األمراض‪ ،‬تنتج‬ ‫زيادة النفوذية بس������بب وجود مستويات مرتفعة إلى‬ ‫حد غير سوي من الپروتني زنيولني‪ ،‬وقد أصبح من‬ ‫الواضح في الوق������ت احلاضر أن الگلوتني في الداء‬ ‫‪ CD‬يحرض اإلفراز املبالغ فيه من الپروتني زنيولني‪،‬‬ ‫(وقد يعود ذلك إلى الهيئة الوراثية للمريض)‪.‬‬ ‫وقد قادنا هذا االكتشاف إلى افتراض أن النفوذية‬ ‫املعوي������ة املعززة لدى املصابني بال������داء ‪ CD‬هي التي‬ ‫تسمح للگلوتني‪ ،‬وهو هنا العامل البيئي‪ ،‬بالتسرب إلى‬ ‫محسس������ة‬ ‫خارج األمعاء والتفاعل بحرية مع عناصر‬ ‫َّ‬ ‫وراثي������ا في النظام املناعي‪ .‬ويش������ير هذا الفهم بدوره‬ ‫إل������ى أن التخلص من أي عامل م������ن ثالثية العوامل‬ ‫املس������ببة للمناعة الذاتية ـ وهي العامل البيئي املُ ْطلِق‬ ‫أو التفاعل املناعي العالي السوية أو نفوذية األمعاء ـ‬ ‫سيكون كافيا إليقاف العملية املرضية‪.‬‬

‫‪25‬‬

‫[ ُلغز]‬

‫حل لغز البدء املتأخر‬

‫(٭)‬

‫يول����د املصاب����ون بالداء ‪ CD‬ولديهم اس����تعداد وراثي لإلصابة به‪ .‬ولكن‪ ،‬مل����اذا ال تظهر على بعض‬ ‫األف����راد أي����ة بين����ات تدل على ال����داء حتى وقت متأخر من احلياة؟ كنت أق����ول إن من احملتمل أن تكون‬ ‫العملية املرضية قد حدثت في باكورة احلياة‪ ،‬ولكن لدرجة خفيفة ال تسبب األعراض‪ .‬أما اآلن‪ ،‬فيبدو‬ ‫أن جوابا آخر‪ ،‬يتعلق بالبكتيريا التي تعيش في السبيل الهضمي‪ ،‬قد يكون أكثر جدوى‪.‬‬ ‫فهذه امليكروبات والتي ُيعرف مجموعها بـالثاويات الدقيقة ‪ microbiome‬قد تختلف من شخص‬ ‫آلخر‪ ،‬ومن مجموعة س���كانية ألخرى‪ ،‬وقد تختلف لدى الش���خص نفس���ه مع تقدم مراحل العمر‪.‬‬ ‫ومن الواضح أن لها تأثيرا في حتديد أي جينات املضيف ستكون فعالة في وقت ما‪ .‬ومن هنا‪،‬‬ ‫فإن الشخص الذي ينجح النظام املناعي لديه في حتمل الگلوتني على مدى سنوات عديدة‪ ،‬قد‬ ‫يخسر فجأة التحمل إذا ما تغيرت الثاويات الدقيقة لديه بطريقة تؤدي فيها إلى تفعيل جينة‬ ‫كان���ت هاجع���ة من قب���ل‪ .‬فإذا كانت هذه الفك���رة صائبة‪ ،‬فقد يكون ال���داء ‪ CD‬من األمراض التي‬ ‫ميك���ن توقيه���ا أو معاجلتها يوما ما‪ ،‬وذلك بتناول ميكروبات مس���اعدة منتقاة أو بامليكروبات‬ ‫املتعايشة بالتكافل ‪.probiotics‬‬ ‫(٭٭٭)‬

‫معاجلات لإلطاحة بالثالثية‬

‫ملاذا يصعب‬ ‫استبدال القمح‬

‫(٭٭)‬

‫يعد الگلوتني السبب الرئيسي‬ ‫الذي يجعل املنتجات املخبوزة‬ ‫املصنوعة من القمح خفيفة الوزن‬ ‫ومهواة‪ .‬فأثناء اخلبز حتتجز‬ ‫طيقان الگلوتني املاء وغاز ثنائي‬ ‫أكسيد الكربون (الذي ينتج من‬ ‫اخلمائر ومن العوامل األخرى‬ ‫املسببة للتخمر)؛ فيتمدد‪.‬‬ ‫ولصناعة مخبوزات خالية من‬ ‫الگلوتني يضم اخلبازون أنواعا‬ ‫متعددة من الدقيق (إلى جانب‬ ‫أنواع من النشا واملضافات)؛‬ ‫وذلك لعدم وجود نوع واحد‬ ‫يشبه خصائص دقيق القمح‪،‬‬ ‫وهذا مايزيد من تكاليف املنتج‬ ‫النهائي‪ .‬ويفسر ً‬ ‫أيضا سبب‬ ‫صعوبة مجاراة األطعمة اخلالية‬ ‫من الگلوتني لنظائرها التي‬ ‫حتتوي على الگلوتني من حيث‬ ‫البنية والطعم‪.‬‬

‫وكما سبق أن ذكرت من قبل‪ ،‬وكما تنبأت النظرية‪،‬‬ ‫فإن إزالة الگلوتني من الطعام ستؤدي إلى التئام األذى‬ ‫الذي حلق باألمعاء‪ .‬إال أن مما يؤس������ف له أن االلتزام‬ ‫خال من الگلوتني طيلة احلياة ليس‬ ‫بنظام غذائي حازم ٍ‬ ‫باألمر الهينِّ ‪ .‬فالگلوتني من املكونات الشائعة في النظام‬ ‫الغذائي لإلنس������ان‪ ،‬وال يعلن عن������ه في امللصقات التي‬ ‫توضح مكون������ات الطعام في الكثير من البلدان‪ .‬ومما‬ ‫يفاقم من صعوبة االلتزام بالنظام الغذائي اخلالي من‬ ‫الگلوت���ي��ن أن املنتجات اخلالية م������ن الگلوتني ال تتوافر‬ ‫على نطاق واس������ع‪ ،‬وهي أغلى ثمنا من نظائرها التي‬ ‫تتضم������ن الگلوت���ي��ن‪ .‬وإضافة إلى ذلك‪ ،‬ف������إن االلتزام‬ ‫الصارم ملدة س������نوات بأي نظام غذائي واحد ألسباب‬ ‫طبية يعد حتديا مضنيا‪ .‬ولهذه األسباب‪ ،‬فإن املعاجلة‬ ‫بالنظام الغذائي هي حل ناقص‪.‬‬ ‫ونتيجة ملا سبق‪ ،‬فقد ُأ ِخ َذ ْت باالعتبار استراتيجيات‬ ‫عالجية بديلة متعددة ميكنها التخلص من عنصر واحد‬ ‫على األق������ل من ه������ذه العملية الثالثية اخلط������وات‪ .‬وقد‬ ‫ابتكرت شركة ألڤاين ‪ Alvine‬للمستحضرات الصيدالنية‬ ‫في سان كارلوس بكاليفورنيا عالجات إنزميية پروتينية‬ ‫فموي������ة ميكنها تفكيك پپتيدات الگلوت���ي��ن تفكيكا كامال‪،‬‬ ‫وه������ي پپتي������دات مقاومة للهض������م في احلال������ة العادية‪،‬‬ ‫ولهذه الش������ركة دواء ف������ي مرحلة التجارب الس������ريرية‪.‬‬ ‫ويبح������ث باحثون آخرون في ط������رق تثبيط اإلنزمي ‪،TTC‬‬ ‫بحيث ال تحُ َّور ش������دف (قِ َط������ع) الگلوتني غير املهضومة‬ ‫حتويرا كيميائيا إلى ش������كل يجعلها ترتبط ارتباطا فعاال‬ ‫بالپروتي َنينْ ‪ HLA-DQ8‬و ‪. HLA-DQ2‬‬ ‫حتى اآلن‪ ،‬لم يس������تطع أحد ابتكار طرق مأمونة‬ ‫وأخالقي������ة لتحوي������ر اجلين������ات التي جتع������ل الناس‬ ‫أكثر اس������تعدادا لإلصابة بامل������رض‪ .‬إال أن الباحثني‬ ‫(٭) ‪A Clue to Delayed Onset‬‬ ‫(٭٭) ‪Why Replacing Wheat Is Hard‬‬ ‫(٭٭٭) ‪Therapies to Topple the Trinity‬‬ ‫(‪Zonula occludens toxin )1‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


‫القت النظرية التي‬ ‫تقول مبساهمة‬ ‫األمعاء التي تعاني‬ ‫التسرب في الداء ‪CD‬‬ ‫وفي املناعة الذاتية‬ ‫بشكل عام ترحيبا‬ ‫مبدئيا مشوبا بالشك‪.‬‬

‫[آليات املرض]‬

‫الرازوتي������د ‪( .Larazotide‬وأنا أعمل اآلن مستش������ارا‬ ‫علميا لش������ركة ألبا‪ ،‬وأملك حق التصرف بأسهم من‬ ‫الش������ركة‪ ،‬إال أنني لم أعد أسهم في اتخاذ القرارات‬ ‫اخلاصة بالشركة)‪ .‬وقد أجريت اختبارات على املثبط‬ ‫الرازوتيد في دراستني على البشر لتفحص السالمة‬ ‫والتحمل وعالمات الفعالية لدى املصابني بالداء ‪CD‬‬ ‫الذي������ن تناولوا الگلوتني‪ .‬لقد كانتا دراس������تني ذواتي‬ ‫معايير ذهبية‪ ،‬فهما دراستان معشاتان‪ ،‬ذواتا شواهد‬ ‫ُ‬ ‫أي من القائمني على‬ ‫وغ ْفل ‪ ،placebo‬فلم يعرف فيهما ٌّ‬ ‫إعطاء الدواء وال املرضى مم ْن تلقوا املعاجلة أو تلقوا‬ ‫املادة ال ُغفْل حتى استكمال الدراسة‪.‬‬ ‫أظهرت الدراس������تان معا ع������دم وجود زيادة في‬

‫مشغولون في تطوير عالجات قد تثبط بعض العوامل‬ ‫املضبوطة جينيا‪ ،‬والتي تس������هم في فرط حساس������ية‬ ‫النظام املناعي‪ .‬وعلى س������بيل املثال‪ ،‬فإن الش������ركة‬ ‫األسترالية نكس پپ ‪ nexpep‬تعمل على إعداد لقاح‬ ‫يع������ ِّرض النظام املناعي لكميات ضئيلة من أش������كال‬ ‫قوية االس������تمناع (توليد املناعة) من الگلوتني‪ ،‬وذلك‬ ‫اس������تنادا إلى النظري������ة التي تق������ول إن التعرضات‬ ‫املتكررة لكمي������ات ضئيلة قد توص������ل إلى حتريض‬ ‫النظام املناعي على حتمل الگلوتني‪.‬‬ ‫م������ع االس������تمرار باالنش������غال بفك������رة إحصار‬ ‫اخلل������ل ف������ي احلاجز املع������وي‪ ،‬قمت باملش������اركة في‬ ‫تأسيس ش������ركة ألبا ‪ Alba‬للمستحضرات العالجية‪،‬‬ ‫الس������تقصاء قيمة أحد مثبطات الزنيولني الذي ُيدعى‬

‫(٭) ‪THE INSIDE STORY‬‬

‫القصة من الداخل‬

‫(٭)‬

‫ال يع���رف الباحث���ون التفاصي���ل الكامل���ة لكيفية إيقاع النظ���ام املناعي الضرر ببطانة األمع���اء لدى املصابني‬ ‫بالداء ‪ ،CD‬ولكنهم تعرفوا عددا من العمليات احملتملة (األس���فل)‪ .‬وتش���ير الس���هام امللونة إلى األحداث التي‬ ‫قد يتم إحصارها بالتدخالت التي هي قيد البحث في الوقت احلاضر (انظر اجلدول في الصفحة املقابلة)‪.‬‬

‫‪ُ 1‬شدَف (قِ َطع) غير مهضومة من‬ ‫الگلوتني حترض اخلاليا املعوية على‬ ‫إطالق الپروتني زنيولني الذي يؤدي‬ ‫صالت املحُ ْ ك َ​َمة‪.‬‬ ‫إلى فك َ‬ ‫الو ْ‬ ‫ُشدَف الگلوتني‬ ‫غير املهضوم‬ ‫الپروتني‬ ‫زنيولني‬

‫منطقة‬ ‫محطمة‬ ‫وصالت‬ ‫ممزقة‬ ‫إفرازات اخلاليا التائية‬ ‫(السيتوكينات والكيموكينات)‬

‫ملفاوية داخل‬ ‫ظهارية‬ ‫املنبه‬ ‫املناعي‬

‫اإلنزمي‬

‫‪ 4‬اإلنزمي ‪ ،TTC‬الذي‬ ‫حترره اخلاليا املتأذية‪،‬‬ ‫يحوِّ ر الگلوتني‪.‬‬

‫‪TTC‬‬

‫)‪(IL-15‬‬

‫الوصالت‬ ‫احملكمة‬

‫گلوتني محوَّ ر‬

‫خلية معوية‬

‫‪ُ 2‬شدَف الگلوتني تعبر‬ ‫البطانة املعوية‬ ‫بكثافة‪ ،‬وتتراكم حتت‬ ‫اخلاليا الظهارية‬ ‫(اخلاليا املعوية)‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫‪ 3‬يحرض الگلوتني اخلاليا املعوية‬ ‫على إفراز املنبه املناعي اإلنتركولني‪-‬‬ ‫‪ )IL-15( 15‬الذي يستنهض‬ ‫خاليا النظام املناعي التي تدعى‬ ‫الليمفاويات داخل الظهارية‬ ‫‪intraepithelial lymphocytes‬‬

‫لتواجه اخلاليا املعوية‪.‬‬

‫خلية‬ ‫عارضة‬ ‫للمستضد‬

‫‪ 5‬تعمل اخللية العارضة للمستضدات في النظام املناعي‬ ‫على ضم الگلوتني احملوَّ ر مع جزيئات املستضدات‬ ‫‪ ،HLA‬وتعرض املعقدات الناجتة على اخلاليا املناعية‬ ‫األخرى‪ :‬اخلاليا املناعية التائية املساعِ دة‪.‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫‪ 7‬اخلاليا التائي ُة‬ ‫املساعِ د ُة‬ ‫حت ِّفز اخلاليا‬ ‫التائية القاتلة‬ ‫َعلى مهاجمة‬ ‫اخلاليا املعوية‬ ‫مباشرة‪.‬‬ ‫خلية تائية‬ ‫قاتلة‬

‫خلية تائية‬ ‫مساعِ دة‬ ‫اجلينة‬ ‫اجلينة‬

‫‪HLA-DQ2‬‬ ‫‪HLA-DQ8‬‬

‫خلية بائية‬ ‫ناضجة‬

‫‪ 6‬تفرز اخلاليا التائية املساعدة التي‬ ‫تعرفت املعقدات جزيئات جتذب‬ ‫اخلاليا املناعية األخرى‪ ،‬وميكنها‬ ‫تدمير اخلاليا املعوية تدميرا مباشرا‪.‬‬


‫التأثيرات اجلانبية لدى املرضى الذين عوجلوا باملثبط‬ ‫الرازوتي������د عما ل������دى الذين تناول������وا الغفل‪ .‬واألمر‬ ‫األكثر أهمية أن الدراس������ة األولى‪ ،‬األصغر حجما‪،‬‬ ‫ق������د أظه������رت أن الدواء ينقص كال م������ن خلل وظيفة‬ ‫احلاجز املعوي احملرض بالگلوتني‪ ،‬وإنتاج اجلزيئات‬ ‫االلتهابية‪ ،‬واألعراض الهضمية لدى املصابني بالداء‬ ‫‪ .CD‬فيما أظهرت الدراس������ة الثانية‪ ،‬األكبر حجما‪،‬‬ ‫والتي عرضت في مؤمتر عقد في الش������هر ‪،2009/4‬‬ ‫أن املصاب���ي��ن بال������داء ‪ CD‬الذي������ن تلق������وا الغفل قد‬ ‫أنتج������وا أضدادا مضادة لإلن������زمي ‪ ،TTC‬وباملقابل‪,‬‬ ‫فإن املصابني الذي������ن عوجلوا بالدواء لم ينتجوا تلك‬ ‫األض������داد‪ .‬وعلى مدى ما أعرف‪ ،‬تعتبر هذه النتيجة‬ ‫املرة األولى التي يوقِ ف فيها دواء ما العملي َة املناعي َة‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪9002 tsuguA ,naciremA cfiitneicS‬‬

‫[النظر إلى األمام]‬

‫أفكار حول املعاجلة‬

‫(٭)‬

‫‪ 9‬االعتداءات‬ ‫املختلفة تعطل‬ ‫اخلاليا املعوية‬ ‫وتقتلها‪.‬‬

‫أضداد مضادة‬ ‫للگلوتني‬ ‫أضداد‬ ‫مضادة‬ ‫لإلنزمي ‪TTC‬‬ ‫خلية بائية ناضجة‬ ‫‪ 8‬تطلق اخلاليا البائية‬ ‫جزيئات األضداد التي‬ ‫تستهدف الگلوتني واإلنزمي‬ ‫‪ .TTC‬وقد تسبب هذه‬ ‫األضداد تدميرا إضافيا‬ ‫عندما تهاجم أهدافها الواقعة‬ ‫على اخلاليا املعوية أو قريبا‬ ‫منها‪ ،‬إال أن دور األضداد في‬ ‫الداء ‪ CD‬غير واضح‪.‬‬

‫‪27‬‬

‫ليس لدى املصابني بالداء ‪ CD‬هذه األيام سوى اختيار واحد للمعاجلة‪:‬‬ ‫جتنب جميع األطعمة التي حتتوي على الگلوتني‪ .‬ونظرا لصعوبة اتباع نظام‬ ‫غذائي مقيد‪ ،‬فإن الباحثني يستقصون خيارات أخرى ملعاجلة الداء ‪ ،CD‬مثل‬ ‫اخليارات املدونة في اجلدول التالي‪ .‬وال يزال الوقت مبكرا في مسيرة العمل‪.‬‬ ‫وحتى اليوم‪ ،‬ليس هناك دواء وصل إلى مرحلة الدراسة السريرية املتقدمة‬ ‫الالزمة للحصول على ترخيص التسويق‪.‬‬ ‫املعاجلة‬

‫اسم الدواء‬

‫جتنب الگلوتني في النظام الغذائي لدى‬ ‫َّ‬ ‫الرضع خالل السنة األولى من حياتهم‪.‬‬

‫ال يوجد دواء (جامعة مريالند‪ ،‬الشهر‪،3‬‬ ‫وبشكل منفصل‪ ،‬جامعة مارشيه‬ ‫پوليتكنيك في إيطاليا‪ ،‬في مرحلة‬ ‫االختبارات على البشر)‪.‬‬

‫تفكيك شدف الگلوتني غير املهضومة بحيث‬ ‫ال ميكنها حتريض استجابة النظام املناعي‪.‬‬

‫‪ Alvine) ALVOO3‬وعلى نحو‬ ‫منفصل‪ AN-PEP ،‬في املركز‬ ‫الطبي اجلامعي بهولندا في مرحلة‬ ‫االختبارات على البشر)‪.‬‬

‫منع الپروتني زنيولني من زيادة نفوذية‬ ‫األمعاء‪.‬‬

‫املثبط الرازوتيد (شركة ألبا للمعاجلة‪،‬‬ ‫في مرحلة التجارب على البشر)‪.‬‬

‫منع اإلنزمي ‪ TTC‬من حتوير قطع الگلوتني‬ ‫بطرق تنبه النظام املناعي‪.‬‬

‫ال يوجد اسم (جامعة ستانفورد و نيو‬ ‫ميريت‪ ،‬في مرحلة الدراسة في املختبرات)‪.‬‬

‫(الباحثون‪/‬الوضع احلالي له)‬

‫‪VU‬‬

‫توقيف ارتباط اجلينة ‪ HLA-DQ2‬بپپتيدات محاكيات الگلوتني (جامعة ليدن في هولندا‪،‬‬ ‫وعلى نحو منفصل جامعة ستانفورد في‬ ‫الگلوتني وعرضها على اخلاليا التائية‬ ‫ِ‬ ‫املساعدة‪.‬‬ ‫مرحلة الدراسات في املختبرات)‪.‬‬ ‫تلقيح املرضى بقطع مختارة من الگلوتني‬ ‫لتحريض اخلاليا التائية املساعدة على‬ ‫حتمل الگلوتني املعروض بواسطة جزيئات‬ ‫اجلينة ‪ HLA-DQ2‬بدال من التفاعل معه‪.‬‬

‫‪ Nexpep) Nexvax2‬أستراليا في‬ ‫مرحلة التجارب على البشر)‪.‬‬

‫إحصار هجرة اخلاليا التائية القاتلة داخل‬ ‫بطانة األمعاء‪.‬‬

‫‪ ،chemocentryx) CCX282-B‬في‬ ‫مرحلة التجارب على البشر)‪.‬‬

‫إحداث العدوى بالديدان الشصية‬ ‫(الطفيليات تخمد االستجابات املناعية في‬ ‫األمعاء)‪.‬‬

‫طفيليات الديدان الشصية (مستشفى‬ ‫األميرة ألكسندرا في أستراليا‪،‬‬ ‫ومتعاونون معها‪ ،‬في مرحلة التجارب‬ ‫على البشر)‪.‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫الذاتي������ َة‪ ،‬ويتدخل تدخال نوعيا باالس������تجابة املناعية‬ ‫جتاه ج������زيء خاص صنعه اجلس������م‪ .‬أم������ا األدوية‬ ‫األخرى التي تكب������ت الفعالية املناعي������ة؛ فإنها تعمل‬ ‫بطريقة أقل نوعية‪ .‬ومؤخرا‪ ،‬تلقت شركة ألبا موافقة‬ ‫من إدارة الدواء والغذاء األمريكية على توسيع نطاق‬ ‫الدراس������ة حول املثبط الرازوتيد ليشمل اضطرابات‬ ‫مناعية أخرى منها الداء السكري من النمط ‪ 1‬والداء‬ ‫كرون ‪.crohn’s disease‬‬ ‫إن ه������ذه اآلفاق اجلديدة للمعاجل������ة ال تعني أن‬ ‫املصابني بالداء ‪ CD‬ميكنهم اإلفالت من قيود النظام‬ ‫الغذائية في وقت قريب‪ .‬إال أن من املمكن اس������تخدام‬ ‫النظ������ام الغذائ������ي بطريقة جديدة‪ .‬وحت������ت قيادة >‪.C‬‬ ‫كاتاس������ي< بدأ فريقي في جامعة مريالند‪ ,‬دراس������ة‬ ‫طبية طويلة األم������د الختبار فيم������ا إذا كان باإلمكان‬ ‫تأخي������ر ظهور أعراض الداء ‪ CD‬لدى األطفال العالي‬ ‫اخلطورة إذا ما تأخروا عن تناول الطعام احلاوي على‬ ‫الگلوتني حتى استكمال السنة األولى من أعمارهم‪،‬‬ ‫أو حتى‪ ،‬أفضل من ذلك‪ ،‬جتنبه بشكل كامل‪ .‬أما ما‬ ‫نقصده بعالي اخلطورة؛ فه������م األطفال الذين لديهم‬ ‫استعداد وراثي‪ ،‬مع وجود قصة اإلصابة بهذا الداء‬ ‫لدى أقربائهم املباشرين‪.‬‬ ‫نحن نظن أن هذا األس������لوب قد ينجح؛ ألن النظام‬ ‫املناعي ينضج نضجا واضحا في األشهر االثني عشر‬ ‫األولى من احلياة؛ وألن األبحاث حول األطفال املؤهبني‬ ‫لإلصابة بالداء ‪ CD‬أش������ارت إل������ى أن جتنب الگلوتني‬ ‫لديهم خالل السنة األولى من حياتهم‪ ،‬قد يدرب جهازهم‬ ‫املناعي‪ ،‬اآلخذ بالتطور‪ ،‬على تحَ ّمل الگلوتني فيما بعد‪،‬‬ ‫شأنهم في ذلك شأن األشخاص األسوياء‪ ،‬بدال من أن‬ ‫يؤدي إلى فرط تنبيهه‪ .‬وحتى الوقت احلاضر‪ ،‬أدرجنا‬ ‫في ه������ذه الدراس������ة ‪ 700‬طفل ممن يحتم������ل أن يكون‬ ‫لديهم اس������تعداد وراثي لإلصابة بالداء ‪ ،CD‬وتش������ير‬ ‫املوج������ودات البدئية إلى أن تأخي������ر التعرض للگلوتني‬ ‫ينقص من احتمال تطور الداء ‪ CD‬لديهم مبقدار أربعة‬ ‫أضعاف‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ستمر عقود حتى نصبح متأكدين‬ ‫فيما إذا كان بإمكان هذه االستراتيجية أن توقف الداء‬ ‫ومتنعه من احلدوث أصال‪.‬‬ ‫ونظرا لوجود أرضية مشتركة بشكل واضح بني‬ ‫االضطرابات املناعية الذاتية بشكل عام‪ ،‬فإن الباحثني‬ ‫الذين يستقصون هذه احلاالت تواقون إلى معرفة فيما‬ ‫إذا كانت بعض االستراتيجيات العالجية للداء ‪ CD‬قد‬ ‫تش������في احلاالت املناعية الذاتية األخرى‪ ،‬والتي تفتقد‬ ‫معاجلات جيدة في الوقت احلاضر‪ .‬وبوجود أساليب‬ ‫عالجي������ة مختلفة قي������د اإلعداد ف������ي الوقت احلاضر‬ ‫ملعاجلة ال������داء ‪ ،CD‬ميكننا البدء باألمل بأن هذا الداء‬ ‫الذي الزم البش������ر منذ فجر احلضارة سيواجه القرن‬ ‫>‬ ‫األخير من حياته على هذه األرض‪.‬‬ ‫(٭) ‪TREATMENT IDEAS‬‬


‫املجلد ‪ 26‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2010‬‬

‫‪2/1‬‬

‫شحن قوي سريع للدماغ‬

‫(٭)‬

‫هل ستكون لدينا يوما أقراص طبية نتناولها مع وجبة اإلفطار؛ لتحسني‬ ‫قدراتنا على التركيز والتذكر‪ ،‬من دون أن تتضرر صحتنا ألمد طويل؟‬ ‫>‪ .G‬ستيكس<‬

‫مفاهيم مفتاحية‬ ‫>‬

‫>‬

‫>‬

‫يتناول طلبة اجلامعة واملوظفون‬ ‫اإلداريون الكبار أدوية منبهة؛‬ ‫لتحسني أدائهم الذهني الروتيني‪،‬‬ ‫مع أن هذه املركبات لم يصادق بعد‬ ‫على استخدامها لهذا الغرض‪.‬‬ ‫أثار بعض املعنيني باألخالقيات‬ ‫وعلماء األعصاب إمكانية جعل‬ ‫هذه األدوية متاحة على نطاق‬ ‫واسع لتعزيز القدرات الذهنية‬ ‫لـألشــخـاص األصــحـــاء الــذيــــن‬ ‫ال يعانون اخلرف‪.‬‬ ‫تظل هناك تساؤالت عما إذا كان أي‬ ‫دواء يؤثر في الوظائف الذهنية‬ ‫األساسية من املمكن أن يصبح‬ ‫مأمونا وفعاال بالقدر الكافي الذي‬ ‫يسمح بتناوله مثل القهوة أو الشاي‪.‬‬

‫محررو ساينتفيك أمريكان‬ ‫‪28‬‬

‫يس������تخدم الرم������ز (‪ )H+‬م������ن قب������ل ع������دد من‬ ‫االختصاصي���ي��ن بعلوم املس������تقبل ككود(‪ )1‬لنس������خة‬ ‫حسنَة للجنس البشري‪ .‬ولعل هذه النسخة املحُ َ َّسنَة‬ ‫ُم ّ‬ ‫من اجلنس البشري ستقوم بتعميم مزيج من التقانات‬ ‫املتطورة‪ ،‬كاخلاليا اجلذعية واإلنس������االت(‪ )2‬واألدوية‬ ‫املقوية للقدرات املعرفية‪ ،‬من أجل التحرر من القيود‬ ‫النفسية واجلسدية األساسية‪.‬‬ ‫لم تع������د فكرة حتس���ي��ن الوظائ������ف الذهنية من‬ ‫خالل تناول أقراص طبية قادرة على ش������حذ الذاكرة‬ ‫ورف������ع درجة التركيز وتعزيز الق������درة على التخطيط‬ ‫االستراتيجي ملجابهة حتديات العيش مجرد ضرب‬ ‫من اخليال الذي يجول في خاطر اختصاصي علوم‬ ‫املستقبل‪ ،‬بل إن هذه الفكرة قد أخذت بالتبلور واقعيا‬ ‫من خالل اإلع���ل��ان الذي أطلق������ه الرئيس األمريكي‬ ‫األس������بق >‪ .H .G‬بوش< بأن تسعينات القرن املاضي‬ ‫ه������ي عقد الدماغ‪ ،‬ومن خالل ما تال هذا اإلعالن من‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫تطورات حصلت خالل زمن قصير ميكن أن نسميه‬ ‫«عقد الدماغ األفضل»‪.‬‬ ‫يتجلى هاج������س مقويات الق������درات املعرفية من‬ ‫خالل املق������االت الكثيرة اجلديدة التي تبش������ر مه ّللة‬ ‫بق������دوم جي������ل جديد م������ن األدوية يحمل ُمس������ ّميات‬ ‫مختلف������ة‪ ،‬مث������ل األدوي���ة الذكي���ة ‪ smart drugs‬أو‬

‫‪Neuroenhancers‬‬

‫املقويات العصبي���ة (النورونية)‬ ‫أو املنش���طات الذهنية ‪ Nootropics‬أو حتى فياگرا‬ ‫الدم���اغ ‪ .Viagra for the brain‬وإذا م������ا نظرنا إلى‬

‫األمور من هذه الزاوية؛ فإنه لن يعترينا الش������ك بعد‬ ‫اآلن في أن عصر التقوية الذهنية قد بدأ‪ .‬فقد أصبح‬ ‫من املألوف لدى طلبة اجلامعات‪ ،‬على س������بيل املثال‪،‬‬ ‫أن يقترض������وا من أصدقائهم الذي������ن يتلقون عالجا‬ ‫(٭) ‪ ،Turbocharging the brain‬العنوان األصلي‪ :‬شحن‬ ‫تُربيني للدماغ‪.‬‬

‫(‪code )1‬‬

‫(‪ )2‬إنسالة نحت من إنسان‪-‬آلي‬

‫‪.robot‬‬

‫(التحرير)‬


‫بدواء ريتالني ‪ Ritalin‬بعض األقراص لكي يتمكنوا‬ ‫من مقاوم������ة النعاس أثناء س������هرهم‪ .‬إلى ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫كثيرا من املديري������ن التنفيذيني ومطوري البرمجيات‬ ‫احلاسوبية يحاولون احلفاظ على س َبقهم الذهني عن‬ ‫طريق تناول عقار طبي ُيدعى مودافينيل ‪،modafinil‬‬ ‫وهو أحد األدوية املنش������طة م������ن اجليل اجلديد‪ .‬هذا‬ ‫و ُيقس������م أتباع هذه العقاقير ب������أن مفعولها يتجاوز‬ ‫بكثير م������ا يحدث������ه مش������روب املاكيات������و بالكراميل‬ ‫الرافع لدرجة اليقظة‪ ،‬ليش������مل فضال عن ذلك حالة‬ ‫من التركيز الذهني تش������به الب������ؤرة الليزرية الالزمة‬ ‫المتصاص الفروق الضئيلة ب���ي��ن مركبات الكيمياء‬ ‫العضوية‪ ،‬أو لتفس������ير االلتزامات اإلضافية اخلفية‬ ‫للقروض املالية‪.‬‬ ‫وميكن أيضا أن ُيس������ ِّرع عصر التعزيز الذهني‬ ‫ما يبذله العلم������اء وصناع األدوية من جهود لتحويل‬ ‫البح������ث العلم������ي القائم عل������ى األس������اس اجلزيئي‬ ‫لإلدراك إلى مس������تحضرات دوائية معدة خصيصا‬ ‫لتحسني كفاءة األداء الذهني‪ ،‬وفي املقام األول لدى‬ ‫‪29‬‬

‫األشخاص الذين يعانون مرضا من أمراض اخلرف‪.‬‬ ‫ولكن دوا ًء يفيد املرض������ى املصابني بداء ألزهامير أو‬ ‫داء باركنسون قد يصبح متعذرا على األطباء اجتناب‬ ‫وصفه على نحو أكثر اتس������اعا لقطاع من كبار السن‬ ‫يعاني اختالالت ذهنية أخف‪ .‬واملناظرات بني املؤيدين‬ ‫واملعارض���ي��ن ألخالقي������ات التعزيز الذهن������ي‪ ،‬التي مت‬ ‫الترويج والدعاية لها على نطاق واسع‪ ،‬دعمت الشعور‬ ‫بأن أقراصا قادرة على حتسني اإلدراك الذهني سوف‬ ‫تتوافر لدينا جميعا يوما ما‪.‬‬ ‫لقد تس������اءلت مقاالت أكادميية وصحفية عما إذا‬ ‫كان������ت معززات الق������درات الذهنية ق������د أعطت بالفعل‬ ‫بع������ض الطلب������ة أفضلي������ة خادع������ة غي������ر منصفة عند‬ ‫اجتيازهم امتحانات القب������ول لاللتحاق باجلامعة‪ ،‬أو‬ ‫عم������ا إذا كان أصحاب األعمال يتج������اوزون احلدود‬ ‫إذا ما طالبوا مرؤوس������يهم بتناول هذه املستحضرات‬ ‫الكيميائية لتمكنهم من الوفاء بتسليم إنتاج الشركات‬ ‫في مواعيدها املقررة‪.‬‬ ‫ولك������ن‪ ،‬حتى عندما نش������رت مق������االت عن «حتول‬ ‫رئي������س العمال إلى انتهازي»‪ ،‬نش������أت ش������كوك حول‬ ‫حقيقة األدوية املعززة للقدرات الذهنية‪ .‬فهل العقاقير‬ ‫املتاحة حاليا والتي طورت من أجل مشكالت االنتباه‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬


‫ِل َم تعزيز القدرات الذهنية؟‬

‫(٭)‬

‫إن ما يساعد على تفسير االنبهار باألدوية املعززة للقدرات الذهنية هو وجود قطاع من كبار السن (الرسم البياني)‪ ،‬وصيدليات اإلنترنت‬ ‫التي يوجد بها كل شيء في أي مكان وفي كل وقت‪ ،‬وقوى عاملة وقطاع الطلبة املطوقني مبواعيد نهائية وضغوط األداء (الصورة)‪.‬‬ ‫الزيادة البارزة في طول العمر (‪)2020 - 1994‬‬ ‫الزيادة املئوية في قطاع السكان الذين‬ ‫بلغوا سن التقاعد (‪ 65‬عاما أو أكثر)‬ ‫‪200‬‬

‫‪150‬‬

‫‪100‬‬

‫‪50‬‬

‫فرنسا‬

‫اململكة املتحدة‬

‫اليابان‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫روسيا‬

‫تركيا‬

‫الصني‬

‫البرازيل‬

‫املكسيك‬

‫نيجيريا‬

‫كوريا اجلنوبية‬

‫سنغافورة‬ ‫كولومبيا‬

‫‪0‬‬

‫‪http://www.bmj.com/archive/7115/7115ed3.htm‬‬

‫املصدر‪ :‬املجلة الطبية البريطانية‬

‫أو النعاس املفرط تتيح بالفعل للطالب أدا ًء‬ ‫أفضل في االمتحان‪ ،‬أو ملوظف إداري كبير أدا ًء بال‬ ‫قاس من قِ َبل مجلس‬ ‫أخطاء في مواجهة اس������تجواب ٍ‬ ‫اإلدارة؟ وه������ل ميكن أن يصب������ح أي دواء يعبث في‬ ‫وظائف الدماغ األساس������ية آمنا أبدا بالقدر الكافي‬ ‫لوضعه عل������ى رفوف الصيدليات بجانب مس������كنات‬ ‫األل������م‪ ،‬ومضادات احلموضة الت������ي يتم صرفها من‬ ‫دون وصفة طبية؟ إن جميع هذه التساؤالت تثير اآلن‬ ‫نقاش������ات حامية فيما بني علماء األعصاب واألطباء‬ ‫واملعنيني باألخالقيات‪.‬‬

‫نشاز أخالقي‬

‫(٭٭)‬

‫إذا وضعنا جانبا ما يدور حول معززات اإلدراك‬ ‫من مناظرات ومجادالت بش������أن أمان اس������تخدامها‬ ‫ومشروعيته واالستعمال القس������ري لها‪ ،‬لوجدنا أن‬ ‫الطل������ب واإلقبال على العقاقير املعززة لإلدراك التي‬ ‫توصف فيما عدا ذلك حلاالت مثل اضطراب نقص‬ ‫عال بالفعل‪.‬‬ ‫االنتباه مع فرط النش���اط (‪ٍ )1()ADHD‬‬ ‫فبن������ا ًء على البيانات احلكومي������ة التي مت جمعها عام‬ ‫‪ ،2007‬تب���ي��ن أن أكث������ر من ‪ 1.6‬مليون ش������خص في‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية قد استخدموا املنشطات‬ ‫التي تص������رف بوصفات طبية ألغ������راض غير طبية‪،‬‬ ‫وذلك خالل االثني عش������ر ش������هرا املاضية‪ .‬تتضمن‬ ‫األدوية املش������روعة من ه������ذا الصنف املثيل فنيدات‬ ‫‪30‬‬

‫(ريتال�ي�ن)(‪ ،)2‬واألمفتامني أدّي���رول(‪ ،)3‬واملودافينيل‬ ‫(بروفيگي���ل)(‪ .)4‬ولقد َر َوى ربع عدد الطلبة في بعض‬

‫اجلامعات أنهم يستخدمون هذه العقاقير‪ .‬وقد أظهر‬ ‫تقرير غير رس������مي أعدته املجلة ‪( Nature‬الطبيعة)‬ ‫عن نتائج اس������تفتاء أجرته في العام املاضي لقرائها‬ ‫عب������ر اإلنترنت أن ‪ %20‬من ‪ 1427‬مجيبا من ‪ 60‬دولة‬ ‫مستفتى عن استخدامهم الشخصي لتلك العقاقير‪،‬‬ ‫ق������د أقروا باس������تخدامهم إم������ا امليثيل فني������دات‪ ،‬أو‬ ‫املودافينيل‪ ،‬أو محصرات البيت���ا(‪( )5‬من أجل رهبة‬ ‫املس������رح)‪ .‬وعموما‪ ،‬كان تعاطي ه������ذه العقاقير من‬ ‫أجل حتس���ي��ن الق������درة على تركيز الفك������ر هو املبرر‬ ‫املذكور في أكثر األحيان‪ .‬وكثيرا ما ينجح الناس في‬ ‫احلصول على هذه األدوية عن طريق اإلنترنت أو من‬ ‫األطباء الذين يستطيعون وصف أدوية مجازة ألحد‬ ‫األغراض لعالج ش������يء آخر‪( .‬ومع ذلك‪ ،‬ال يستطيع‬ ‫صناع األدوي������ة من الناحية القانوني������ة الترويج ملثل‬ ‫تلك االس������تخدامات غير املذكورة في النشرة الطبية‬ ‫امللصقة على الدواء)‪.‬‬ ‫ه������ذا‪ ،‬ومن املتوقع أن يتنام������ى معدل تعاطي هذه‬ ‫الكيماويات متوازيا مع تقدم سكان البالد في العمر‪،‬‬ ‫(٭) ?‪Why Enhance‬‬ ‫(٭٭) ‪Ethical Dissonance‬‬ ‫(‪attention deficit hyperacitivty disorder )1‬‬ ‫(‪methylphenidate (Ritalin) )2‬‬ ‫(‪the amphetamine Adderall )3‬‬ ‫(‪modafinil (Provigil) )4‬‬ ‫(‪beta blockers )5‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫لقد اقترح‬ ‫أحد املعنيني‬ ‫باألخالقيات خطة‬ ‫ميكن مبقتضاها‬ ‫أن ينتهي املطاف‬ ‫بعقار الريتالني أن‬ ‫يوضع على رفوف‬ ‫الصيدليات جنبا‬ ‫إلى جنب مع عقار‬ ‫الپيپتو‪-‬بيزمول‬ ‫(الفعال ضد التلبك‬ ‫املعدي) وأن‬ ‫يشترى مثله من‬ ‫دون وصفة طبية‪.‬‬


‫وتزايد اقتصاد البالد عوملة‪ .‬فإذا كنت شخصا‪ ،‬كما‬ ‫يقول >‪ .Z‬لينش< [املدي������ر التنفيذي ملنظمة الصناعة‬ ‫التقاني������ة العصبية] عم������ره ‪ 65‬عاما مقيما في مدينة‬ ‫بوس������طن وقد تناقصت مدخرات������ك من أجل تقاعدك‬ ‫تناقصا ش������ديدا‪ ،‬وأصبح عليك أن تظل في س������وق‬ ‫العمل وأن تتنافس مع ش������خص عمره ‪ 23‬عاما مقيم‬ ‫في مومباي (في الهند)‪ ،‬فرمبا تشعر أنك مجبر على‬ ‫اللجوء إلى هذه العقاقير لكي تظل نش������يطا متيقظا‪،‬‬ ‫ولكي تظل كفؤا‪.‬‬ ‫إن احلث احلالي على إصدار دالئل إرش������ادية‬ ‫أخالقية يفت������رض بالطبع أن هذه األدوية أفضل من‬ ‫األدوية الغفل (املموهة اإلرضائية) ‪ ،placebos‬وأنها‬ ‫بالفعل حتسن بعض أوجه اإلدراك‪ ،‬ولتكن االنتباه‪،‬‬ ‫أو الذاك������رة‪ ،‬أو «الوظائ������ف التنفيذي������ة» (التخطيط‬ ‫واحملاكمة العقلية‪ ،‬على سبيل املثال)‪ .‬بنا ًء على هذا‬ ‫االفتراض‪ ،‬يناقش الكثيرون مس������ألة أنه يتعني على‬ ‫املعنيني باألخالقيات دراس������ة عواقب تعاظم شعبية‬ ‫ه������ذه األدوية‪ .‬وقد أدى هذا املنط������ق عام ‪ 2002‬إلى‬ ‫نش������أة فرع جديد من املعرفة األكادميية أطلق عليه‬ ‫أخالقيات علم األعصاب ‪ُ neuroethics‬ي ْعنَى في جزء‬ ‫منه مبواجهة املشكالت األخالقية واالجتماعية التي‬ ‫يثيرها اس������تخدام العقاقير واجلهائ���ز(‪( )1‬األغراس‬ ‫الدماغية وما شابه ذلك) املعززة لإلدراك‪.‬‬ ‫لقد قام������ت مجموعة من املعني���ي��ن باألخالقيات‬ ‫ومن علماء األعصاب متخذة موقفا استفزازيا للغاية‬ ‫بنش������ر تعليق فى عام ‪ 2008‬في املجلة ‪ Nature‬يثير‬ ‫إمكاني������ة التحول من املفهوم القائ������م على كون هذه‬ ‫األدوي������ة هي ف������ي األصل وفي املق������ام األول عالجا‬ ‫ألم������راض معينة‪ .‬وقد اقت������رح التعليق احتمال جعل‬ ‫املنبه���ات النفس���ية(‪ )2‬متواف������رة ومتاحة على نطاق‬ ‫واس������ع لألكفاء ذهنيا من أجل حتس���ي��ن أدائهم في‬ ‫الفص������ول الدراس������ية أو ف������ي اجتماع������ات مجالس‬ ‫اإلدارات‪ ،‬ش������ريطة أن ُي ْق َ‬ ‫ضى مبأمونية وفعالية تلك‬ ‫األدوي������ة إلى حد مقبول بالنس������بة إلى األش������خاص‬ ‫األصح������اء‪ .‬وقد قام الباحثون‪ ،‬مستش������هدين ببحث‬ ‫علمي يبني فوائد هذه األدوية بالنس������بة إلى الذاكرة‬ ‫ومختلف أش������كال العمليات الذهنية‪ ،‬ويس������اوي بني‬ ‫التعزيز الصيدالني باملس������تحضرات الدوائية وبني‬ ‫«التعليم والعادات الصحية اجليدة وتقانة املعلومات‬ ‫كوس������ائل يحاول بها جنسنا البش������ري املبتكر الفذ‬ ‫حتسني نفسه‪».‬‬ ‫عقب ذلك بس������تة أش������هر‪ ،‬ذهب أحد مؤلفي ذلك‬ ‫املقال وهو < ‪ .J‬هاريس> املعني باألخالقيات البيولوجية‬ ‫بجامعة مانشستر بإنكلترا إلى أبعد من ذلك في مقال‬ ‫يعبر فيه عن رأيه و ُنش������ر في املجلة الطبية البريطانية‬ ‫‪ .BMJ‬فقد أشار >هاريس> [وهو رئيس حترير مجلة‬ ‫‪31‬‬

‫[على رفوف الصيدليات]‬

‫أهي حقا معززات (مقويات) للدماغ؟‬

‫(٭)‬

‫لقد أصبح شائعا في الكتابات العلمية وفي الصحافة الرائجة أن ترد األدوية املذكورة أدناه واملصادق‬ ‫عليها لعالج االضطرابات العصبية‪ ،‬كأدوية تتمتع بإمكانية حتسني أداء الوظائف الذهنية لدى‬ ‫األشخاص األصحاء الذين ال يعانون أية اضطرابات‪ .‬ولكن األدلة على ذلك متفاوتة بال جدال‪ ,‬وحتى‬ ‫لو ثبتت فائدة هذه األدوية‪ ،‬فإن املخاطر التي ميكن أن تنشأ عن استخدامها قد متنع الشركات‬ ‫املصنعة لها من احلصول على املوافقة من قِ بل املنظمني لتسويقها إلى األفراد األصحاء‪.‬‬ ‫االستخدام الطبي‬

‫الفاعلية كمعزز ذهني‬

‫املخاطر احملتمل حدوثها‬

‫الدواء‬

‫منبهات تستخدم لعالج‬ ‫اضطراب نقص االنتباه‬ ‫مع فرط النشاط (‪)ADHD‬‬ ‫والتغفيق أو اخلدار‬ ‫‪( narcolepsy‬نوبات نوم‬ ‫عميق قصيرة ال ميكن‬ ‫التحكم فيها)‪.‬‬

‫تزيد األداء اإلدراكي في‬ ‫بعض املهام في حالة‬ ‫التعب‪ ,‬وقد حتسن القدرة‬ ‫على التخطيط وأحد أنواع‬ ‫أشكال الذاكرة العاملة‪،‬‬ ‫ويبدو أنها تزيد األداء‬ ‫الوظيفي للمهام الروتينية‬ ‫اململة‪.‬‬

‫ميكن أن جتعل أداء‬ ‫املهام املعقدة أسوأ‬ ‫لدى مجموعة من‬ ‫مستخدميها؛ وميكن أن‬ ‫تؤدي إلى مضاعفات‬ ‫قلبية وعائية ونوبات‬ ‫وهلوسات وإدمان‪.‬‬

‫مودافينيل‬

‫منبه من جيل أحدث من‬ ‫املنبهات لعالج التغفيق‬ ‫(اخلدار) والنعاس الزائد‬ ‫املفرط بسبب مناوبات‬ ‫العمل الليلي وانقطاع‬ ‫النفس االنسدادي النومي‪.‬‬

‫يبدو أنه يزيد التركيز‬ ‫الذهني واألداء األفضل‬ ‫في مجموعة محدودة من‬ ‫القياسات اإلدراكية مثل‬ ‫تذكر سالسل طويلة من‬ ‫األرقام‪.‬‬

‫احتمال اإلدمان عليه‬ ‫أعلى مما كان يعتقد‬ ‫أصال‪ ,‬وميكن أن يسبب‬ ‫أنواعا خطيرة من‬ ‫الطفح اجللدي‪.‬‬

‫دونيپيزيل‬

‫عالج لتراجع القدرات‬ ‫الذهنية في مرض‬ ‫ألزهامير‪ ،‬من خالل رفع‬ ‫منسوب الناقل العصبي‬ ‫أستيل كولني في الدماغ‪.‬‬

‫ميكن أن يعزز عملية التعلم‬ ‫واحلفظ عن ظهر قلب والتذكر‪،‬‬ ‫ولكن النتائج بشأنه غير‬ ‫مؤكدة‪ .‬وميكن أن يستغرق‬ ‫عدة أسابيع ليحدث تأثيره‪,‬‬ ‫وال يستخدم على نطاق‬ ‫واسع ألغراض غير مدونة في‬ ‫النشرة الطبية امللصقة عليه‪،‬‬ ‫مثل األدوية املذكورة أعاله‪.‬‬

‫ميكن أن يسبب‬ ‫تدهورا طفيفا في‬ ‫القدرات الذهنية لدى‬ ‫األفراد األصحاء‪.‬‬

‫ميثيل فنيدات‬

‫(ريتالني وكونسرتا وغيرهما)‬

‫واألمفتامينات‬ ‫(أدّيرول وغيره)‬

‫‪Methylphenidate‬‬ ‫‪(Ritalin, Concerta‬‬ ‫‪and others) and‬‬ ‫‪Amphetamines‬‬ ‫‪(Adderall and‬‬ ‫)‪others‬‬

‫(پروڤيگيل)‬

‫‪Modafinil‬‬ ‫)‪(Provigil‬‬

‫(أريسپت)‬

‫‪Donepezil‬‬ ‫)‪(Aricept‬‬

‫األخالقيات الطبية ‪ JME‬ومؤلف كتاب تعزيز التطور‬ ‫‪ ]Enhancing Evolution‬إلى أنه نظرا العتبار امليثيل‬ ‫فني������دات مأمونا مبا يكفي الس������تخدامه في األطفال‪،‬‬ ‫فينبغي اعتباره غير ضار مبا يكفي لالس������تهالك من‬ ‫قبل البالغني الراشدين املهتمني بشحن أدمغتهم بقوة‬ ‫وبس������رعة‪ .‬وفي حديث صحفي الحق‪ ،‬قال >هاريس>‬ ‫إن������ه تنبأ بتح������رر تدريجي م������ن القيود‪ ،‬وب������أن هــذا‬ ‫ال������دواء (ال يزال يخضع للرقابة في الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية) ميكن أن يصبح في النهاية شيئا ُيشترى‬ ‫م������ن دون وصفة طبية مثل األس������پرين‪ ،‬ما لم تنش������أ‬ ‫مشكالت تتعلق مبأمونية استعماله‪.‬‬ ‫ولك������ن هذه االستش������رافات لم متر بس���ل��ام من‬ ‫دون أن تواجه باالعتراض واالرتياب‪ ،‬حيث تس������اءل‬ ‫باحث������ون آخرون عما إذا كان������ت األدوية التي تعدل‬ ‫مبأمونية‬ ‫العملي������ات الذهني������ة قد حتظ������ى يوما م������ا‬ ‫ٍ‬ ‫وسالمة تبرر صرفها بالطريقة نفسها التي يصرف‬ ‫ٍ‬ ‫بها ُمس ِّكن لأللم من دون وصفة طبية‪ ،‬أو التي تباع‬ ‫(٭) ?‪Brain Boosters - Really‬‬ ‫(‪devices )1‬‬ ‫(‪psychopharmacology )2‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


‫[آليات]‬

‫كيف يعمل اثنان من األدوية املعززة للقدرات الذهنية‬

‫(٭)‬

‫تعمل بعض املعززات املزعومة للقدرات الذهنية مثل امليثيل فنيدات‬ ‫واألمفتامينات‪ ،‬على تعديل نشاط الناقل العصبي الدوپامني عند‬ ‫املشابك العصبية‪ ،‬وهي الوصالت بني العصبونات‪ .‬وميكن أن‬ ‫يؤدي تعزيز إشارات الدوپامني إلى حتسني عملية التعلم عن‬ ‫طريق تركيز االنتباه واالهتمام على املهمة املراد إجنازها‪.‬‬

‫‪ ‬النشاط الطبيعي للمشبك العصبي‬

‫عندما يكون عصبون منتج للدوپامني نشيطا فإن احلويصالت‬ ‫املوجودة في هذا العصبون املرسل لإلشارات العصبية ُتطلق‬ ‫الناقل العصبي (‪ .)1‬وجتتاز بعض جزيئات الناقل العصبي‬ ‫الفجوة البالغة الصغر أو الشق فيما بني العصبونني وترتبط‬ ‫باملستقبالت املوجودة على العصبون (التالي للمشبك) املستبقل‬ ‫لإلشارات العصبية منشطة إياها (‪ ،)2‬ومنظمة بذلك انطالق‬ ‫الدفعات العصبية من اخللية املرتبطة‪ .‬ثم جتذب مضخات‬ ‫موجودة على اخللية املرسلة لإلشارات العصبية‬ ‫الدوپامني من الشق ليعود إلى اخللية املرسلة‬ ‫لإلشارات العصبية (‪.)3‬‬

‫عصبون سابق للمشبك‬

‫حويصالت‬

‫مشبك‬

‫‪1‬‬ ‫‪‬‬ ‫مضخة‬ ‫استرداد‬ ‫الدوپامني‬

‫نواقل عصبية‬

‫‪3‬‬ ‫‪‬‬

‫دوپامني‬ ‫‪2‬‬ ‫‪‬‬ ‫مستقبالت‬ ‫تال‬ ‫عصبون ٍ‬ ‫للمشبك‬

‫‪‬نشاط املشبك العصبي املعزز بدواء‬ ‫يعوق امليثيل فنيدات (الريتالني أو الكونسرتا‬ ‫على سبيل املثال) استرداد الدوپامني‪ ،‬فيتوفر‬ ‫مقدار أكبر من الدوپامني ليرتبط بالعصبون التالي‬ ‫للمشبك‪ ,‬مما يضخم من قوة اإلشارة العصبية‬ ‫املرسلة من العصبون السابق للمشبك‪.‬‬

‫أدّيرول‬

‫يدخل األدّيرول وغيره من األمفيتامينات‬ ‫العصبون السابق للمشبك عبر آلية الضخ‬ ‫ويتسبب في إزاحة الدوپامني إلى الشق املشبكي‪،‬‬ ‫مما يزيد من كمية الناقـل العصبي املتاح للتأثير‬ ‫في اخللية التالية للمشبك‪.‬‬

‫الريتالني‬

‫فيها القهوة أو الشاي‪.‬‬ ‫يق������ول >‪ .J‬سوانس������ون< [الباح������ث بجامع������ة‬ ‫كاليفورني������ا]‪ ،‬ال������ذي كان مش������تركا ف������ي التجارب‬ ‫اإلكلينيكية (الس������ريرية) اخلاصة باستخدام عقاري‬ ‫األدِّي���رال(‪ )1‬واملودافيني���ل(‪ )2‬ف������ي حاالت االضطراب‬ ‫‪« :ADHD‬إن الناس يقولون إن تعزيز اإلدراك يش������به‬ ‫متاما حتس���ي��ن قوة اإلبصار بارتداء النظارات‪ ».‬كما‬ ‫يق������ول‪« :‬إنني ال أعتقد أن الن������اس مدركون للمخاطر‬ ‫التي س������تحدث عندما تصب������ح لدينا أعداد كبيرة من‬ ‫الناس لها حرية اس������تعمال هذه العقاقير‪ ،‬فس������وف‬ ‫تصب������ح نس������بة صغيرة منه������م على األرج������ح مدمنة‬ ‫لها‪ ،‬وقد يش������هد بعض الناس بالفعل تدهور أدائهم‬ ‫الذهني وكل ذلك يجعلني أعارض ش������يوع استخدام‬ ‫هذه العقاقير‪ ».‬إزاء كلمات هذه الرس������الة القصيرة‪،‬‬ ‫تنتظر ال������وزارة البريطاني������ة الرئيس������ية وهي وزارة‬ ‫الش������ؤون الداخلية تقريرا من هيئة من املستشارين‬ ‫عم������ا إذا كان الضرر احملتمل من االس������تخدام غير‬ ‫الطبي ملعززات اإلدراك يقتضي َس������نَّ قوانني جديدة‬ ‫تنظم استعمالها‪.‬‬ ‫ويؤكد علماء آخ������رون أن اجلدل القائم ميكن أن‬ ‫يصبح غير ذي أهمية عملية؛ ألن حتس���ي��ن الذكاء قد‬ ‫ال يكون ممكنا بأية وس������يلة س������وى التدريب العقلي‬ ‫املضني على حسن استخدام املعلومات التي نحشو‬ ‫بها أدمغتنا للتمكن مثال من اجتياز امتحان في مادة‬ ‫التفاضل والتكامل‪ .‬ويش������كك بع������ض الذين حاولوا‬ ‫تطوير عقاقير الس������تعادة الذاكرة التي تضمحل في‬ ‫حاالت اخلرف‪ ،‬ف������ي إمكانية تعزيز القدرات الذهنية‬ ‫ل������دى األصحاء‪ ،‬وي������رون أنه������ا ال تزيد ع������ن كونها‬ ‫احتم������اال ضئيال بعيدا‪ .‬ويقول <‪ .R‬بورتش������والدزي>‬ ‫[مؤلف كتاب مشهور عن علم الذاكرة وباحث َأ ْس َه َم‬ ‫ف������ي العمل البحثي الذي أدى إلى اس������تحقاق >‪.R .E‬‬ ‫كاندال> جلائ������زة نوبل عام ‪ ]2000‬إنه لن يقلق كثيرا‬ ‫بشأن ما ينطوي عليه استخدام معززات اإلدراك لدى‬ ‫األصحاء؛ ألنه ال يوجد أصال معززات إدراك لننزعج‬ ‫بش������أنها‪ ،‬وأنه م������ن املبكر جدا احلدي������ث عن تعزيز‬ ‫اإلدراك‪ ،‬وقد ال نتوصل إطالقا في املدى املنظور إلى‬ ‫إنتاج هذه العقاقير‪ ،‬وأن هناك ضجة أكثر مما ينبغي‬ ‫حول هذا املوضوع‪.‬‬ ‫وفقا لهذا التصور‪ ،‬فإن الذاكرة تتشكل من مزيج‬ ‫معقد يتكون من إشارات كيميائية وإنزميات وپروتينات‬ ‫تعمل معا لتش������غيل الذاكرة وفق نظ������ام ذاتي التنظيم‬ ‫يق������اوم األداء بغير براعة ما ل������م يعطله مرض‪ .‬وميكن‬ ‫مواجه������ة الضع������ف التدريج������ي في عملي������ات التفكير‬ ‫واإلحساس بالهوية‪ ،‬الذي يحدث مع اخلرف‪ ،‬بتعويض‬ ‫(٭) ‪How Two Enhancers Work‬‬ ‫(‪Adderall )1‬‬ ‫(‪modafinil )2‬‬

‫‪32‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


‫[قصة طويلة]‬

‫معاون صغير للمحارب‬

‫تاريخ خاضع لتقلبات متواصلة‬

‫(٭٭)‬

‫(٭)‬

‫إن فكرة أن حبة دواء ميكن أن حتسن األداء الذهني والبدني لدى األصحاء‪ ،‬اكتسبت تصديقا‬ ‫واعتمادا أثناء احلرب العاملية الثانية‪ .‬فطرفا النزاع استهلكا املاليني من أقراص األمفيتامينات‪،‬‬ ‫مثل هذه احلبوب املنبهة التي كان يوزعها ضابط طبيب في القوات املسلحة امللكية البريطانية‬ ‫على أحد أعضاء طاقم طائرة قاذفة للقنابل‪.‬‬

‫الفقد الذي يح������دث في املواد الكيميائية الرئيس������ية‪،‬‬ ‫وميك������ن أن يع������رض ذل������ك املريض خلط������ر األعراض‬ ‫اجلانبية املعاكس������ة غي������ر املواتية من ج������راء التدخل‬ ‫بالعالج الدوائي‪ .‬ولكن إفس������اد استتباب هذا االتزان‬ ‫اله������ش في األصحاء ميكن أن يترتب عليه عواقب غير‬ ‫مقص������ودة‪ .‬فالتعزيز الدوائي للذاك������رة الطويلة املدى‬ ‫(وه������ي املكان الذي تكمن فيه ذكريات الطفولة وإجازة‬ ‫الس������نة املاضية) ق������د ُيعاكس تناقص س������عة الذاكرة‬ ‫العامل������ة (وهي دفتر تدوي������ن املالحظات الذهني الذي‬ ‫يخزن فيه دماغك رقم هاتف ما بصفة مؤقتة)‪.‬‬ ‫إن بع������ض النقاد الذين يتجادلون في أخالقيات‬ ‫التعزيز العصبي يعزون التضارب احلالي في اآلراء‬ ‫إلى ما يس������مونه األخالقي���ات التخميني���ة(‪ .)1‬وهذه‬ ‫النزعة تهاجم أيضا تقانة النانو واحملاوالت التقانية‬ ‫األخرى الت������ي ُيلَ َه������ى عنها املعني������ون باألخالقيات‬ ‫والعلماء وصناع السياسات مبا يدور من مناقشات‬ ‫ح������ول اآلثار االجتماعية التي ميكن أن تنطوي عليها‬ ‫أن������واع م������ن التقانة لم تبت������دع بعد‪ ،‬مثل االنتش������ار‬ ‫االجتياحي بال ضابط لألقراص الذكية‪ ،‬واإلنساالت‬ ‫النانوي���ة(‪ .)2‬وتش������ير <‪ .M‬تش������يرمر> وزمالؤه������ا‬ ‫بجامع������ة ‪ Erasmus‬بروتردام في مجلة ‪Neuroethics‬‬ ‫(األخالقي���ات العصبي���ة) إلى أن ج������زءا كبيرا من‬ ‫اجلدل القائم حول التعزيز البش������ري يعاني توقعات‬ ‫مبالغا فيها‪ ،‬وانخداعا باإلمكانات التقانية‪.‬‬ ‫‪33‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫يرجع االعتق������اد أن أدوية موجودة بالفعل ميكن‬ ‫أن تعزز الق������درات املعرفية ل������دى األصحاء إلى ما‬ ‫يقرب من قرن‪ .‬وقد ترت������ب على هذا االعتقاد نتائج‬ ‫غي������ر قاطعـ ــة‪ ،‬فيها التباس‪ .‬فقـ ـ������د ق ــدم الكيمي ــائي‬ ‫<‪ .G‬أليز> عقار األمفيتامني(‪ )3‬لالستخدام الطبي عام‬ ‫‪ ،1929‬وه������و عقار تخليقي مماثل كيميائيا للعش������ب‬ ‫الصين������ي اإلفيدرين(‪( ،)4‬وقد صم������م < أليز > أيضا‬ ‫العق������ار إكتازي(‪ ،)5‬وهو نوع آخ������ر من األمفيتامني)‪.‬‬ ‫وقد مت توزيع هذه العقاقير على الطرفني املتحاربني‬ ‫أثناء احلرب العاملي������ة الثانية إلبقاء اجلنود متيقظني‬ ‫ومنتبه���ي��ن لتزكي������ة وتدعيم روح االستبس������ال فيهم‪.‬‬ ‫وقد كان األملان والياباني������ون يتناولون امليثامفتامني‬ ‫في حني كان البريطانيون واألمريكيون يس������تخدمون‬ ‫عقار البنزيدرين الشبيه باألديرول(‪.)6‬‬ ‫وس������ريعا‪ ،‬س������عى العلم������اء إلى معرف������ة ما إذا‬ ‫كان النف������ع املالحظ في األداء حقيقي������ا غير زائف‪.‬‬ ‫والتقييمات النفسية التي أجراها كل من البريطانيني‬ ‫واألمريكي���ي��ن أثن������اء األربعينات م������ن القرن املاضي‬ ‫بين������ت أن مس������تخدمي هذه العقاقير ق������د بالغوا في‬ ‫تقديره������م الذاتي ألدائهم في االختبارات التي كانت‬ ‫تقيس س������رعة القراءة والعمليات احلسابية كعملية‬ ‫الض������رب وغيرها من العوامل‪ .‬ولكن مجموع النقاط‬ ‫التي أحرزوها في اختبار معظم املهام لم يكن أفضل‬ ‫من تلك التي اس������تحقها أشخاص يتناولون الكافئني‬ ‫فقط‪ .‬بل وميكن في الواقع أن يتدنى األداء في املهام‬ ‫األكثر تعقيدا‪ .‬ويقول <‪ .N‬راسموس���ي��ن> [وهو مؤرخ‬ ‫ملم بتاريخ العلم واملعرفة بجامعة نيو ساوث ويلز في‬ ‫س������يدني ومؤلف كتاب (على عجل) ‪ :]On Speed‬إن‬ ‫األمفيتامينات تنزع إلى أن جتعلنا نشعر بأننا ُن ْبلي‬ ‫بالء حس������نا على نحو اس������تثنائي في حني ال يحدث‬ ‫هذا ف������ي الواقع‪ ،‬وذلك ملا له������ذه العقاقير من تأثير‬ ‫في رفع الروح املعنوية‪ ،‬وحتس���ي��ن املزاج‪ .‬فهي ترفع‬ ‫مجموع النقاط التي تحُ ْ َرز في االختبارات الس������هلة‬ ‫جدا التي تقيس مس������توى األداء في املهام املضجرة‬ ‫بزيادتها للقدرة على بذل اجلهد واإلتقان؛ ولكن ذلك‬ ‫يختلف بالتأكيد عما تتطلبه اختبارات كلية احلقوق‪،‬‬ ‫أو قيادة طائرة حربية أثناء معركة‪.‬‬ ‫لقد ظهر العقار ميثيل فنيدات(‪ ،)7‬وهو مادة كيميائية‬ ‫(٭) ‪A Warrior›s Little Helper‬‬ ‫(٭٭) ‪A Checkered History‬‬ ‫(‪speculative ethics )1‬‬ ‫(‪nanorobots )2‬‬ ‫(‪amphetamine )3‬‬ ‫(‪ephedrine )4‬‬ ‫(‪ecstasy )5‬‬ ‫(‪Adderall )6‬‬ ‫(‪methylphenidate )7‬‬

‫‪ ،‬إنسالة نحت من إنسان‪-‬آلي‬

‫‪.robot‬‬


‫ميكن أن ُت ْس َت َمد‬ ‫عقاقير جديدة معززة‬ ‫للقدرات الذهنية من‬ ‫العمليات الكيميائية‬ ‫احليوية التي‬ ‫تشكل أساس تشكل‬ ‫الذاكرة‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫وثيقة الصلة باألمفتامينات‪ ،‬عام ‪ 1956‬كشكل أخف‬ ‫وألطف م������ن املنبهات كما كان مفترضا («الوس������يط‬ ‫املوافق ملقتضى احلال في التنبيه النفسي العضلي»‪،‬‬ ‫صنّاع األدوي������ة)‪ ،‬ولكن كال من آثاره‬ ‫عل������ى حد قول ُ‬ ‫الكيميائية احليوية والنفس������ية مماثلة لآلثار املعتادة‬ ‫للمنبهات عند احلصول على اجلرعة املضبوطة منه‪.‬‬ ‫أما العهد الذهبي لألمفتامينات فيرجع إلى ما يقرب‬ ‫من أربعني عاما‪ ،‬وقد بلغ ما مت اس������تهالكه منها في‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية نحو ‪ 10‬مليارات حبة في‬ ‫أواخر الس������تينات من القرن املاضي قبل أن تصبح‬ ‫إدارة الغ������ذاء وال������دواء ‪ FDA‬أكث������ر صرامة‪ ،‬وتقوم‬ ‫بتصنيفه������ا كمواد خاضعة للرقابة ويقتضي صرفها‬ ‫وصفة طبية خاصة‪ .‬ويتذك������ر عالم األعصاب >‪.S .M‬‬ ‫گازاني������گا> [بجامع������ة كاليفورنيا‪ ،‬وه������و أحد مؤلفي‬ ‫تعليق املجلة ‪ ]Nature‬أن والده كان يرس������ل إليه دواء‬ ‫البنزيدرين ليس������اعده على االستذكار أثناء دراسته‬ ‫اجلامعية في أوائل ستينات القرن املاضي‪.‬‬ ‫واالس������تخدام املتنامي للميثيل فنيدات في عالج‬ ‫االضط������راب ‪ ADHD‬في منتصف التس������عينات من‬ ‫القرن املاضي‪ ،‬اس������تحث الباحثني على نشر تقنيات‬ ‫(‪)1‬‬ ‫جديدة لتصوير الدماغ‪ ،‬واختبارات نفسية عصبية‬ ‫متطورة لفحص تأثيرات هذا الدواء في األش������خاص‬ ‫األصحاء‪ ،‬مما أمدنا بقيمة قاعدية للمقارنة باملرضى‬ ‫املصاب���ي��ن باالضط������راب ‪ ،ADHD‬واالضطراب������ات‬ ‫العصبي������ة النفس������ية األخرى‪ .‬وفي بحث ن ُِش������ر عام‬ ‫‪ 1997‬في مجلة علم األدوية النفس���ية(‪َ ،)2‬بينَّ مؤلفوه‬ ‫<‪ .B‬س������اها كيان< و <‪ .T‬روبين������ز > وزمالؤهما [في‬ ‫جامعة كامبريدج] أن امليثيل فنيدات قد َح َّسن األداء‬ ‫اإلدراكي في قياسات عدة (وبالذات الذاكرة العاملة‬ ‫املكانية ورسم اخلطط) في مجموعة في حالة الراحة‬ ‫من الذكور الش������باب األصحاء‪ ،‬وليس في قياس������ات‬ ‫أخرى ومنها االنتباه وطالقة اللس������ان اللغوية)‪ .‬ومع‬ ‫توال������ي االختب������ارات وارتقائها‪ ،‬ب������دا أن املتطوعني‬ ‫يرتكبون مزيدا من األخطاء في اس������تجاباتهم‪ ،‬رمبا‬ ‫بسبب االندفاع احلادث من تأثير الدواء‪.‬‬ ‫والباحثون أنفس������هم وجدوا له������ذا الدواء فائدة‬ ‫إدراكية ضئيلة في كبار السن من الذكور األصحاء؛‬ ‫ولك������ن في ع������ام ‪ ،2005‬لم تس������تطع مجموعة بحثية‬ ‫[في كلية الطب بجامع������ة فلوريدا] إثبات حدوث أي‬ ‫تعزي������ز للقدرات الذهنية إثر إعطاء الدواء لعش������رين‬ ‫من طلب������ة الطب مت حرمانهم من الن������وم‪ .‬وثمة عائق‬ ‫آخر يح������ول دائما دون وضع امليثيل فنيدات بجانب‬ ‫حبوب الن������ودوز ‪ ،NoDoz‬والكافئ���ي��ن كأدوية ميكن‬ ‫صرفها من دون وصفة طبية‪ ،‬وهو إمكان تس ُّب ِبه في‬ ‫حدوث اضطراب في نظم القلب وخطر اإلدمان عليه‬ ‫كدواء استجمامي‪ .‬ومع أن حدوث اإلدمان نادر مع‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫اجلرع������ات العادية من عقار امليثي������ل فنيدات‪ ،‬إ ّال أنه‬ ‫كان من املعتاد في السبعينات من القرن املاضي أن‬ ‫يصبح مس������تخدموه مدمنني له‪ ،‬استنشاقا أو حقنا‪،‬‬ ‫وكانوا يسمونه «الساحل الغربي»‪.‬‬

‫الدواء الذي يجعل الذهن دائم التوقد‬

‫(٭)‬

‫إن ترك������ة األمفيتامين������ات اخلاضع������ة لتقلب������ات‬ ‫متواصلة قد استحثت علماء األعصاب واألطباء على‬ ‫الترحيب بقدوم املودافينيل كعامل معزز للتيقظ ذي‬ ‫تأثيرات جانبية أكثر حتمال وخطر إدمانه أقل مقارن ًة‬ ‫باألمفيتامينات‪ .‬وقدرة املودافينيل (الذي وضع قيد‬ ‫االستعمال في الواليات املتحدة األمريكية عام ‪)1998‬‬ ‫على جعل الن������اس يتمكنون من العمل لفترات زمنية‬ ‫طويلة من دون احلاجة إلى أخذ فترات راحة قصيرة‬ ‫قد حولت������ه إلى دواء يضبط منط حياة األش������خاص‬ ‫الذين يعانون تلكؤ النفاثة(‪ )3‬الذين يحاولون العيش‬ ‫في أربع مناطق زمنية في وقت واحد‪.‬‬ ‫لقد استطاع < ‪ .J‬كاسيو > [زميل معهد «للمستقبل»‬ ‫في پال������و ألتو بكاليفورني������ا] أن يحصل على وصفة‬ ‫طبي������ة باملودافيني������ل من طبيبه املعالج بعد أن س������مع‬ ‫عنه من أصدقائه الذين يس������افرون كثيرا‪ .‬وقد الحظ‬ ‫أن هذا الدواء ال يجعله يش������عر فقط بأنه أكثر تيقظا‬ ‫وانتباها‪ ،‬ب������ل يجعله أيضا أذكى وحاد الذهن أكثر‪.‬‬ ‫وقد قال <كاس������يو> الذي كان قد نوه بهذا الدواء في‬ ‫بع������ض املقاالت التي كتبها‪« :‬لقد كانت زيادة التركيز‬ ‫اإلدراكي والصفاء الذهن������ي التي الحظتها أقرب ما‬ ‫تكون إلى املفاجأة‪ ،‬ولكنها مفاجأة سارة جدا‪ ».‬كما‬ ‫قال‪« :‬إن جتربتي لم تكن أني أصبحت شخصا حا ّد‬ ‫الذكاء‪ ،‬ولكنها كانت أش������به بتجربة االنس������ياب إلى‬ ‫حال������ة من التدفق اإلدراكي‪ ،‬حال������ة تكون فيها قادرا‬ ‫على العمل من دون شرود ذهني‪».‬‬ ‫لق������د أكدت االختب������ارات بعضا م������ن انطباعات‬ ‫<كاس������يو>‪ ،‬فقد وجد <س������اهاكيان> و <روبينز> عام‬ ‫‪ 2003‬أن أداء ‪ 60‬متطوعا من الذكور األصحاء الذين‬ ‫مت اختبارهم قد حتس������ن في بضعة قياسات نفسية‬ ‫عصبي������ة مثل تذك������ر املتتاليات العددي������ة‪ ،‬ولكن ظلت‬ ‫نتائجهم في قياس������ات أخرى كما هي‪ .‬كما اكتشف‬ ‫الباحث������ون في أماكن أخرى كذلك فوائد لهذا الدواء‪،‬‬ ‫إال أن������ه‪ ،‬كما الحظ <كاس������يو> لن يجع������ل من الغبي‬ ‫عبقريا‪ .‬فضال عن ذلك‪ ،‬لم تختبر دراسة واحدة من‬ ‫(٭) ‪The always-On Drug‬‬ ‫(‪neuropsychological )1‬‬ ‫(‪Psychopharmacology )2‬‬

‫(‪( Jet-lag )3‬تلكؤ النفاثة هو حالة من اإلعياء البدني والتوهان‬ ‫الزمني املكاني تنشأ عن االختالف الذي يولده اختالف‬ ‫الوقت في النظم البيولوجية للجسم عند الطيران السريع‬ ‫(التحرير)‬ ‫من منطقة إلى أخرى)‪.‬‬


‫[في الطريق]‬

‫اإلمكانات املرتقبة ملعززات القدرات الذهنية‬

‫(٭)‬

‫إن صن���اع األدوي���ة لديه���م خطط ملواجهة مختلف أش���كال اخلرف‪ ،‬التي تت���راوح بني اخلرف في‬ ‫داء ألزهامير وفقدان الذاكرة الش���ائع الذي يحدث مع التقدم في الس���ن والهرم (اختالل الذاكرة‬ ‫املصاحب للتقدم في الس���ن)‪ .‬و ُتعرض هنا مجموعة مختارة من هذه املركبات التي ال يزال على‬ ‫العدي���د منه���ا بلوغ املراحل املتقدمة م���ن التجارب واالختبارات الس���ريرية والتي ميكن في آخر‬ ‫األمر أن يس���تخدمها األش���خاص األصحاء الذين يرغبون في حتس�ي�ن أدائهم الذهني‪ ،‬مع أنه ال‬ ‫تزال هناك تس���اؤالت بش���أن مدى مأمونيتها وفعاليتها بالنسبة إلى األشخاص الذين ال يعانون‬ ‫أية نقائص في قدراتهم الذهنية‪.‬‬

‫الصنف الدوائي‬

‫كيف يعمل‬

‫مُ َفعِّ الت ومنشطات‬ ‫مستقبالت األسيتيل‬ ‫كولني النيكوتيني‬

‫إنها إما أن ترفع مستويات الناقل العصبي أسيتيل‬ ‫كولني في مشبك العصبون‪ ،‬أو أنها ــ أي العقاقير‬ ‫نفسها ــ حتل محل األسيتيل كولني في املشبك لتفعل‬ ‫وتنشط مستقبالت األسيتيل كولني النيكوتيني‪،‬‬ ‫فتقوى بذلك وتعزز االنتباه والذاكرة وغير ذلك من‬ ‫القدرات الذهنية‪.‬‬

‫‪Nicotinic‬‬ ‫‪acetylcholine‬‬ ‫‪receptor activators‬‬

‫األمپاكينات‬ ‫‪Ampakines‬‬

‫مثبطات إنزمي‬ ‫الفوسفودايستراز‬ ‫‪phosphodiesterase‬‬ ‫‪(PDE) inhibitors‬‬

‫مضادات الهستامني‬ ‫‪Antihistamines‬‬

‫تعمل على مستقبالت ‪ AMPA‬لتقوي االستجابات‬ ‫العصبونية للناقل العصبي الگلوتامات؛ وهذا‬ ‫النشاط من شأنه أن يسهل تخزين الذكريات املديدة‬ ‫[انظر اإلطار في الصفحة ‪.]36‬‬

‫الشركات املصنعة‬ ‫‪Abbott, CoMentis,‬‬ ‫‪EnVivo, Targacept/‬‬ ‫‪AstraZeneca and Xytis‬‬

‫;‪Cortex Pharmaceuticals‬‬ ‫‪Eli Lilly ,‬‬ ‫‪GlaxoSmithKline/‬‬ ‫‪Neurosearch,‬‬ ‫‪Organon,‬‬ ‫‪Servier and Pfizer‬‬

‫أحد أنواع محصرات ‪ PDE‬يمُ َ ِّكن جزيئا ناقال‬ ‫لإلشارات العصبية‪ ،‬وهو أحادي ُفسفات األدينوزين‬ ‫احللقي ‪ ،Cyclic AMP‬من أن يظل فعاال نشطا لفترات‬ ‫زمنية أطول في عصبونات الدماغ‪ ,‬معززا بذلك نشاط‬ ‫أحد الپروتينات واسمه ‪ CREB‬املهم بالنسبة إلى‬ ‫الذاكرة املديدة [انظر اإلطار في الصفحة ‪.]36‬‬ ‫حتصر نوعا من مستقبالت الهستامني اسمه مستقبالت‬ ‫‪ ،H3‬محسنة بذلك التيقظ واالنتباه واإلدراك‪ .‬وهناك دواء‬ ‫دخل املراحل املتقدمة من االختبارات السريرية إلنهاء‬ ‫اختباره كمعزز للقدرات الذهنية‪ ,‬وهو أحد األدوية التي‬ ‫تتفاعل مع مستقبالت الهستامني ‪ H1‬والتي مت تطويرها‬ ‫كعالج حلمى الكأل (حمى القش) في روسيا‪.‬‬

‫‪Helicon Therapeutics,‬‬ ‫‪Hoffmann - La Roche‬‬ ‫‪and Merc‬‬

‫‪GlaxoSmithKline,‬‬ ‫‪Johnson & Johnson‬‬ ‫‪and Medivation /‬‬ ‫‪Pfizer‬‬

‫هذه الدراس������ات التأثيرات الطويلة األمد لهذا الدواء‬ ‫في القدرات الذهنية‪.‬‬ ‫ويظل توافر وتداول كل من املودافينيل أو امليثيل‬ ‫فنيدات بال ضوابط تنظم استعمالهما أمرا مستبعدا‬ ‫ألنهما ينزعان إلى التأثير في األفراد بطرق مختلفة‪.‬‬ ‫إذ يبدو أن مس������تخدمي املودافيني������ل ذوي معدالت‬ ‫الذكاء األقل يس������تمدون منه زي������ادة كبيرة في األداء‬ ‫الذهن������ي‪ ،‬في حني ُيظهر أولئك الذين يتمتعون بقدرة‬ ‫ذهنية فطرية أعلى‪ ،‬استفاد ًة ضئيلة أو معدومة‪ .‬أما‬ ‫الذين يستخدمون امليثيل فنيدات‪ ،‬فقد حتسنت حالة‬ ‫الذين يعانون ذاك������رة عاملة ضعيفة عند اختبارهم‪،‬‬ ‫ف������ي حني أظهر الذين يتمتعون فطريا بس������عة ذاكرة‬ ‫أكبر استفادة أقل بكثير‪.‬‬ ‫وكم������ا ح������دث م������ع األمفيتامين������ات‪ ،‬ل������م ينبثق‬ ‫املودافنيي������ل من فهم أساس������ي للبيولوجيا الضمنية‬ ‫لكيفي������ة عمل الدماغ‪ .‬ولكن األبحاث احلالية تبني أن‬ ‫ه������ذا الدواء يؤثر‪ ،‬على ما يب������دو‪ ،‬في نواقل عصبية‬ ‫متعددة‪ ،‬أي املواد الكيميائية التي تثير عناقيد معنية‬ ‫‪35‬‬

‫م������ن العصبونات إلطالق الدفع������ات العصبية؛ إال أن‬ ‫آلي������ة عمل ه������ذا الدواء بالضبط ال ت������زال حتتاج إلى‬ ‫توضي������ح‪ .‬ولكن مؤخرا قام������ت >‪ .D .N‬ڤولكو< [مديرة‬ ‫املعهد القومي لدراسات اإلدمان الدوائي وزمالؤها]‬ ‫باكتش������اف أن أح������د تل������ك النواق������ل العصبي������ة هو‬ ‫الدوپامني‪ ،‬أي املادة الكيميائية نفس������ها التي تفرزها‬ ‫األمفيتامين������ات والت������ي تصبغ تلك األدوي������ة بقدرتها‬ ‫الكامنة عل������ى إحداث اإلدمان‪ ،‬وق������د قالت <ڤولكو>‪:‬‬ ‫يبدو أن امليثيل فنيدات واملودافينيل متش������ابهان جدا‬ ‫ف������ي تأثيرهما في «منظومة الدوپام���ي��ن» في الدماغ‪،‬‬ ‫وذل������ك على عكس ما كان ُي ْع َت َقد‪ .‬إال أنها أضافت أنه‬ ‫ليس من العملي تدخني أو ابتالع املودافينيل إلحداث‬ ‫������عور قوي بالثمالة واالبتهاج‪ ،‬ومن ث ّم فإن احتمال‬ ‫ش ٍ‬ ‫إساءة استعماله وإدمانه أقل‪ .‬وقد ظهرت عقبة أخرى‬ ‫في طريق انتشار اس������تخدام املودافينيل على نطاق‬ ‫أوسع عام ‪ ،2006‬عندما رفضت إدارة الغذاء والدواء‬ ‫هذا الدواء كعالج لالضطراب ‪ ADHD‬لدى األطفال‪،‬‬ ‫وذلك بس������بب ورود تقارير عن إحداثه أنواعا خطيرة‬ ‫من الطفح اجللدي‪.‬‬ ‫إن إعادة تصنيف األدوية املقوية لالنتباه على أنها‬ ‫معززات للقدرات الذهنية تصلح للطلبة وكبار املوظفني‬ ‫اإلداريني ومصممي البرمجيات احلاسوبية ميكن أن‬ ‫تكون لها فوائد هامش������ية فقط مقارنة باحتساء قدح‬ ‫كبير من قهوة اإلكسپرس������و‪ .‬والتساؤل عن التعريف‬ ‫الصحي������ح ملع������زز لقدرات ذهنية‪ ،‬ح������ث مجموعة من‬ ‫املختصني في الكلية األمريكية لعلم األدوية النفس������ية‬ ‫والعصبية على عقد اجتماعات ملناقشة املعايير التي‬ ‫يج������ب أن يفي بها أي دواء ك������ي يتم تصنيفه كمعزز‬ ‫للق������درات الذهنية؛ ال س������يما وأن أدوية لهذا التعزيز‬ ‫ميك������ن أن ترد من مجال بحثي آخر‪ .‬فالتبصرات في‬ ‫الكيفية التي نحول بها صورة طفل رضيع أو اس������م‬ ‫صديق لنا إلى ذكريات دائمة قد أرس������ت األس������اس‬ ‫ألدوية جديدة مصممة خصيصا لتحس���ي��ن الوظائف‬ ‫الذهني������ة ل������دى املصابني بداء ألزهامير أو بأش������كال‬ ‫اخلرف األخرى‪.‬‬ ‫ينبع التفاؤل بشأن جيل جديد من املستحضرات‬ ‫الدوائي������ة في ج������زء منه‪ ،‬من التق������دم الذي حدث في‬ ‫األبحاث األساسية في العمليات الكيميائية احليوية‬ ‫التي تش������كل أس������اس تكوين الذاكرة‪ .‬فأكثر من ‪30‬‬ ‫نوع������ا من الفئران املعدلة اجلين������ات قد ثبتت قدرتها‬ ‫على اكتساب املعلومات‪ ،‬وكذلك تخزينها في الذاكرة‬ ‫الطويل������ة األمد على نحو أفضل م������ن الفأر العادي‪.‬‬ ‫يقول >‪ .A .J‬س������يلڤا> [أستاذ البيولوجيا العصبية في‬ ‫جامع������ة كاليفورنيا]‪« :‬إن هذه ه������ي املرة األولى في‬ ‫تاريخ عل������م األعصاب التي اس������تطعنا فيها حتديد‬ ‫(٭)‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫‪Prospects for Enhancers‬‬


‫[صنع ذكريات أفضل]‬

‫أدوية لتقوية الذاكرة‬

‫(٭)‬

‫لقد ظل الباحثون يعملون في مرحلة‬ ‫واح���دة اس���تغرقت ما يق���رب من‬ ‫عام���ا عل���ى أدوي���ة تع���زز الق���درات‬ ‫الذهني���ة بإح���داث تأثي���ر أو تغيي���ر‬ ‫عل���ى اجلزيئ���ات املش���اركة في صنع‬ ‫الذاكرة املديدة‪.‬‬

‫عصبون سابق‬ ‫للمشبك‬

‫‪20‬‬

‫كالسيوم‬

‫اندفاق‬ ‫الكالسيوم‬

‫‪2‬‬ ‫‪‬‬

‫هدف للدواء‬ ‫‪AMPA‬‬

‫‪NMDA‬‬

‫س لة‬ ‫سل‬

‫تال‬ ‫عصبون ٍ‬ ‫للمشبك‬

‫مت‬

‫أحادي‬ ‫فسفات‬ ‫األدينوزين‬ ‫احللقي‬

‫دف ق ة‬

‫من ا‬ ‫إلش‬

‫لقد افترض علماء األعصاب أن الذاكرة‬ ‫املديدة تتضمن ارتباط الناقل العصبي‬ ‫بنوعني من املستقبالت على العصبونات‬ ‫املتلقية لإلشارات العصبية‪ .‬فبعدما تصبح‬ ‫مستقبلة ‪ AMPA‬مرتبطة ‪ ،‬فإنها تقود‬ ‫املستقبلة املرتبطة األخرى من النمط‬ ‫‪ NMDA‬إلى فتح قناة تسمح باندفاق‬ ‫الكالسيوم ‪ .‬ويفجر الكالسيوم سلسلة‬ ‫من اإلشارات التي ُت ِّ‬ ‫نشط جزيء أحادي‬ ‫فسفات األدينوزين احللقي ‪Cyclic AMP‬‬ ‫الذي يشغل بدوره جزيئات أخرى تهاجر‬ ‫إلى نواة اخللية وتشغل الپروتني ‪CREB‬‬ ‫‪ .‬يؤثر الپروتني ‪  CREB‬في الدنا‬ ‫‪ DNA‬بطريقة تنبه تكوين الپروتينات التي‬ ‫بعدئذ إلى املشبك العصبي وتقوي‬ ‫تعود‬ ‫ٍ‬ ‫صدِ ر‬ ‫االرتباط باإلشارات بني العصبون املُ ْ‬ ‫للگلوتامات والعصبون املُ َت َل ِّقي للگلوتامات‬ ‫‪ .‬وإن العقاقير التي جتعل هذه العملية‬ ‫أكثر فعالية ‪ -‬إما بتعزيز انتقال اإلشارات‬ ‫العصبية عبر املستقبالت ‪ AMPA‬أو بإبقاء‬ ‫أحادي فسفات األدينوزين احللقي عامال‬ ‫لفترة زمنية أطول ــ لم متر إال باختبارات‬ ‫سريرية قليلة‪.‬‬

‫گلوتامات‬

‫‪1‬‬ ‫‪‬‬

‫ار‬ ‫ات ا‬ ‫لعصبية‬

‫پروتينات‬ ‫مقوية‬ ‫للمشبك‬

‫هدف‬ ‫للدواء‬ ‫نواة‬ ‫العصبون‬ ‫(‪)1‬‬

‫دنا ‪DNA‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪‬‬

‫‪CREB‬‬

‫مُ َفعَّ ل نشط‬

‫‪4‬‬ ‫‪‬‬

‫األساس البيولوجي اجلزيئي للذاكرة‪ ،‬وما يعنيه هذا‬ ‫للمجتمع هو أننا أصبحنا نستطيع ألول مرة تسخير‬ ‫نتائج هذه األبحاث للش������روع في تغيير الكيفية التي‬ ‫نتعلم ونتذكر بها‪.‬‬ ‫لكن األرجح أن الطريق ال يزال طويال جدا حتى‬ ‫نتمك������ن من إنتاج أدوية فعال������ة بحق لتقوية الذاكرة‪،‬‬ ‫وذلك في جزء منه بس������بب التحديات العلمية‪ ،‬إذ إن‬ ‫معظم الطفرات اجلينية املائتني التي أدخلها الباحثون‬ ‫ف������ي الفئران على النطاق العاملي قد س������ببت أنواعا‬ ‫مختلفة من العجز‪ .‬ويذكر <س������يلڤا> أن أحد فئران‬ ‫مختبره قد ظهرت عليه املعوقات احملتملة للتس������ويق‬ ‫التي سيواجهها الباحثون أثناء تطويرهم دواء مقويا‬ ‫للذاكرة‪ .‬كانت الفئران املعدلة جينيا تتعلم أسرع من‬ ‫الفئران الطبيعية غير املعدلة‪ ،‬ولكنها كانت عاجزة عن‬ ‫إمت������ام ترتيب أجزاء أحجية أعدها الباحثون بعناية‪.‬‬ ‫ويقول <سيلڤا>‪« :‬إنك إذا علمتها شيئا بسيطا‪ ،‬فإنها‬ ‫تكتسبه أسرع‪ ،‬ولكنها ال تستطيع اكتساب أي شيء‬ ‫أكثر تعقيدا‪ ».‬ويقدر <س������يلڤا> أن ابتكار أدوية من‬ ‫‪36‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫هذا البحث لالس������تخدام الروتيني االعتيادي ميكن‬ ‫أن يستغرق عقودا من الزمن‪.‬‬ ‫كما أن حتديات الس������وق مروعة ومثبطة للهمم‪.‬‬ ‫فقد تداعت عدة ش������ركات من أوائل الشركات التي‬ ‫دخل������ت معترك الس������بق الدوائي‪ ،‬ومنه������ا تلك التي‬ ‫أسس������ها أكادمييون مرموقون‪ .‬وق������د ذكرت املجلة‬ ‫‪ Science‬عام ‪ 2004‬أربع شركات جديدة كأمثلة لهذه‬ ‫النزعة‪ ،‬وهي سانش������ون وكورتكس للمستحضرات‬ ‫الدوائية ومِ يموري للمستحضرات الدوائية وهليكون‬ ‫للمداواة‪ .‬أما شركة سانشون فقد توقفت عن العمل‪،‬‬ ‫وش������ركة كورتكس تداعت وتبحث يائسة عن شريك‪.‬‬ ‫كما قامت ش������ركة هوفمان‪-‬الروش عام ‪ 2008‬بشراء‬ ‫ش������ركة ميموري بسعر بخس أقل من دوالر أمريكي‬ ‫للس������هم‪ ،‬وكان قد شارك في تأسيس������ها <كاندال>‬ ‫احلائ������ز جائزة نوبل‪ ،‬بعدما عان������ت اضطرا ًرا‪ ،‬عدة‬ ‫مرات‪ ،‬لتس������ريح عمالها تسريحا مؤقتا‪ ،‬وفشل عدد‬ ‫م������ن جتاربها الس������ريرية (اإلكلينيكية)‪ .‬أما ش������ركة‬ ‫هليكون‪ ,‬فقد كتب لها النجاة واالستمرار في العمل‬ ‫بفض������ل س������خاء امللياردي������ر >‪ .K‬دارت< ذي املكانة‬ ‫املرموقة‪ ،‬وال������ذي جذبته إمكانية تصنيع دواء لتقوية‬ ‫الذاكرة؛ حيث كانت الش������ركة تطور عقارا ميكن أن‬ ‫يعدل مسارا متعلقا بالگلوتاميت(‪ ،)2‬وهو ناقل عصبي‬ ‫يبث إشعارات خلوية معقدة تؤثر في تشكيل الذاكرة‬ ‫الطويلة األمد [انظر اإلطار في هذه الصفحة]‪.‬‬ ‫وتقوم حاليا ش������ركة دارت لعلم األعصاب ‪Dart‬‬ ‫‪( NeuroScience‬الش������ركة الشقيقة لشركة هليكون)‬ ‫بتطوي������ر عدة أدوية جديدة مرش������حة كأدوية للتذكر‪،‬‬ ‫تاركة مهمة إجراء االختبارات الس������ريرية لش������ركة‬ ‫هليكون‪ .‬وقد تلقت شركة هليكون حتى اآلن أكثر من‬ ‫مئة مليون دوالر أمريك������ي كاعتماد مالي مخصص‬ ‫له������ذا الغرض‪ ،‬ولك������ن االختبارات الس������ريرية التي‬ ‫جتريها ل������م َت ْب ُلغ بعد املرحلة قب������ل النهائية من هذه‬ ‫االختب������ارات ألي دواء م������ن أدويتها املرش������حة ألن‬ ‫تصب������ح من األدوية املعززة للذاكرة‪ .‬يقول >‪ .T‬تولي>‬ ‫[رئيس قسم األبحاث العلمية بشركة هليكون والذي‬ ‫ش������ارك في تأسيس������ها عندما كان يعمل في شركة‬ ‫معامل گولد سپرنگ هاربور]‪« :‬إن الطريقة التي أود‬ ‫بها أن أش������رح ذلك جلمهور احلض������ور عندما ألقي‬ ‫محاضراتي هي أنه عندما تأسس������ت شركة هليكون‬ ‫كن������ت أعتقد أنني أصنع مع������ززات للذاكرة من أجل‬ ‫ِ������دي‪ ،‬ولم يكن عندي حينذاك أي ش������عر رمادي‪.‬‬ ‫وال َّ‬ ‫ولكنهما توفيا‪ ،‬وأنا قد شاب شعري كلية‪ ،‬وأصبحت‬ ‫مدركا متاما حلقيقة أني أخوض هذا الس������باق ليس‬ ‫(٭) ‪Drugs to Remember‬‬

‫(‪ )1‬احلمض الريبي النووي املنزوع األكسجني‪.‬‬ ‫(‪glutamate )2‬‬


‫من أجلهما‪ ،‬وإمنا من أجلي أنا‪».‬‬ ‫ويضيف <تولي> البالغ م������ن العمر ‪ 55‬عاما أنه‬ ‫ال يتوق������ع أن تصبح األدوية التي ابتكرها هي األكثر‬ ‫رواجا ومبيعا مثلها مثل عقاري الڤياگرا والپروزاك‪،‬‬ ‫وإن ما حتب وس������ائل اإلعالم أن تتجاهله متاما هو‬ ‫ما ميكن أن تسببه هذه األدوية من آثار جانبية‪ ،‬فهي‬ ‫تس������ارع إلى التكهن اجلامح بأن تصبح هذه األدوية‬ ‫عقاقير محسنة لنمط احلياة‪ .‬وإني أعتقد أنهم أخفقوا‬ ‫في إدراك احلقيق������ة وهي أن هذه العقاقير ميكن أن‬ ‫تس������اعدك إذا كان لديك ش������كل موه������ن من اختالل‬ ‫الذاكرة‪ ،‬ولكنها على األرجح ستكون خطيرة للغاية‬ ‫ألي شخص آخر يستخدمها في سياق مختلف‪.‬‬ ‫وعلى الرغ������م من ه������ذه الرواي������ات التحذيرية‪،‬‬ ‫يس������تمر صناع األدوية مبحاوالته������م تطوير عقاقير‬ ‫داعم������ة للقدرات املعرفية تس������تخدم ف������ي عالج داء‬ ‫ألزهامير وغيره من أش������كال اخلرف [انظر اجلدول‬ ‫في الصفحة ‪ .]35‬ومن ضمن املركبات الدوائية التي‬ ‫تخض������ع للبحث أدوية تغير تأثي������رات نواقل عصبية‬ ‫أخرى غير الگلوتامات‪ ،‬مبا في ذلك املستقبالت التي‬ ‫يحرضه������ا النيكوتني املوجود في التبغ (إال أنه ليس‬ ‫النوع املرتبط باإلدمان)؛ فأحد أسباب إقبال الناس‬ ‫عل������ى التدخني هو أن النيكوتني يس������اعد على زيادة‬ ‫درجة االنتباه‪.‬‬ ‫وميكن أن تؤدي الدروس املس������تفادة من األدوية‬ ‫الت������ي مت تطويرها لعالج ح������االت اخلرف إلى إنتاج‬ ‫عقاقي������ر تخفف املش������كالت اإلدراكية األقل ش������دة‬ ‫املصاحبة للتقدم الطبيعي في الس������ن‪ ،‬على افتراض‬ ‫أن ه������ذه األدوية لن جتيء مثقلة بآث������ار جانبية غير‬ ‫محتمل������ة‪ .‬وإذا كانت حميدة بالق������در الكافي‪ ،‬فإنها‬ ‫س������تجد طريقها إلى املدن اجلامعية‪ ،‬وأجنحة إقامة‬ ‫كب������ار املوظف���ي��ن التنفيذي���ي��ن‪ .‬ويق������ول >‪ .B .P‬راينر>‬ ‫[أس������تاذ أخالقيات علم األعصاب بجامعة كولومبيا‬ ‫البريطاني������ة]‪ :‬ي������رى العاملون في مج������ال الصناعة‬ ‫الدوائي������ة‪ ،‬أن جن������اح أحد األدوية املقوي������ة للقدرات‬ ‫املعرفية س������يصبح املس������تحضر الصيدالني األكثر‬ ‫مبيعا على اإلطالق في أي وقت من األوقات‪.‬‬

‫يقترب من طرحه في األسواق‬

‫(٭)‬

‫بقدر ما ميكن أن يكون اكتش������اف أدوية معززة‬ ‫للق������درات املعرفية م������ن خالل الوص������ف التفصيلي‬ ‫للعمليات اجلزيئية التي تشكل أساس هذه القدرات‪،‬‬ ‫ُم ْر ِضيا للباحثني من الناحية العلمية‪ ،‬إال أن املركبات‬ ‫اجلديدة األولى التي تصل إلى السوق ملعاجلة حاالت‬ ‫اخلرف واالضطرابات األخرى للقدرات املعرفية‪ ،‬قد‬ ‫ال تنبثق م������ن التبصر العميق في الوظيفة العصبية‪،‬‬ ‫‪37‬‬

‫ولكن من االكتشاف مصادفة‪ .‬فبعض املركبات التي‬ ‫ق������د مت التصديق عليها لغرض آخ������ر كان لها تأثير‬ ‫ف������ي الق������درات املعرفية‪ .‬فهناك‪ ،‬على س������بيل املثال‪،‬‬ ‫دواء مرشح ليكون معززا للقدرات املعرفية قد دخل‬ ‫مؤخرا مراح������ل االختبار األخيرة الختالل الوظائف‬ ‫املعرفية ف������ي داء ألزهامير‪ ،‬وهو في األصل دواء مت‬ ‫تطويره في روسيا كمضاد للهستامني لعالج حمى‬ ‫الق���ش (حمى ال���كأل)(‪ ،)1‬ومن ثم تبني فيما بعد أن له‬ ‫خصائ������ص مضادة للخرف‪ .‬لقد أدى اإلقبال الهائل‬ ‫املتوقع على شراء معززات القدرات الذهنية إلى أن‬ ‫تتخذ بعض الش������ركات طرقا غير تقليدية لتس������ويق‬ ‫منتجاته������ا‪ ،‬مث������ل الرج������وع إلى أح������د األدوية التي‬ ‫أثبتت التجارب فش������لها‪ ،‬أو إلى أح������د األدوية التي‬ ‫لم تستكمل بعد اجتياز االختبارات السريرية وبيعه‬ ‫عل������ى أنه مكمل غذائ������ي‪ ،‬أو أنه «غذاء طبي» يخضع‬ ‫لقوانني أقل صرامة تنظم صرفه‪.‬‬ ‫وباملث������ل‪ ،‬ميك������ن أن تطرح في األس������واق أدوية‬ ‫جديدة؛ ألن اإلدارات احلكومية املس������ؤولة عن تنظيم‬ ‫تداول األدوية أصبحت تصادق على توس������يع مجال‬ ‫االس������تخدامات املسموح بها بالنس������بة إلى األدوية‬ ‫الت������ي من املع������روف بالفعل أنها تؤث������ر في القدرات‬ ‫الذهنية‪ .‬وقد س������لكت ش������ركة س������يفلون ‪Cephalon‬‬ ‫املصنعة لعقار املودافينيل هذا الس������بيل‪ ،‬وحصلت‬ ‫عل������ى ترخيص م������ن اإلدارة ‪ FDA‬يس������مح بوصفه‬ ‫للموظف���ي��ن الذين يعمل������ون بش������كل دوري في الليل‬ ‫والنهار‪ ،‬والذين يش������كلون مجموع������ة أكبر بكثير من‬ ‫مجموعة املتغفقني(‪( )2‬الذين يعانون نوبات نوم يتعذر‬ ‫التحكم فيها) التي كان الترخيص أصال من أجلها‪.‬‬ ‫(كما دفعت أيضا ش������ركة سيفلون ما يقرب من ‪444‬‬ ‫مليون دوالر إلى واليتني‪ ،‬وإل������ى احلكومة الفدرالية‬ ‫لقيامه������ا بالترويج لثالثة أدوي������ة‪ ،‬ومنها املودافينيل‪،‬‬ ‫غير املرخص استخدامها)‪ .‬وإن احلافز إلى حتسني‬ ‫الق������درات الذهني������ة ـ إما لتقوية التركي������ز الذهني أو‬ ‫للمس������اعدة على تذكر رقم هاتف أح������د األصدقاء ـ‬ ‫������كل من صناع األدوية‬ ‫لح ل ٍ‬ ‫ميكن أن يتكش������ف أنه ِ ُم ٌ‬ ‫واملس������تهلكني‪ ،‬لدرجة حتجب املخاط������ر التي يتعذر‬ ‫اجتنابها من جراء العبث مبجموعة الدوائر العصبية‬ ‫>‬ ‫حسنا األساسي بذاتيتنا‪.‬‬ ‫التي تشيع فينا ّ‬ ‫>‪.G‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫ستيكس< كاتب في ساينتفيك أمريكان‬

‫(٭) ‪Near to Market‬‬ ‫(‪hayfever )1‬‬ ‫(‪narcoleptics )2‬‬

‫‪9002 rebotcO ,naciremA cfiitneicS‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


‫املجلد ‪ 26‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2010‬‬

‫‪2/1‬‬

‫الـسحر والدماغ‬

‫(٭)‬

‫منذ مئات السنني‪ ،‬كان السحرة يختبرون ويستغلون حدود ملكتي اإلدراك‬ ‫واالنتباه لدى البشر‪ .‬وعلماء األعصاب اليوم على وشك اللحاق بهم‪.‬‬ ‫>‪ .S‬مارتينيز‪-‬كوندي< ـ‬

‫مفاهيم مفتاحية‬ ‫>‬

‫>‬

‫>‬

‫غالبا ما تنجح اخلدع‬ ‫السحـرية بالتوجيه اخلاطئ‬ ‫الباطني‪ ،‬وذلك باجتذاب‬ ‫انتباه املشاهدين بعيدا عـن‬ ‫السـ ّر (الطـريقة) املؤدي إلى‬ ‫جناح اخلدعة‪.‬‬ ‫يتفحص علماء األعصاب‬ ‫اخلدع السحـرية؛ لتع ّلم‬ ‫كيفية إخضاعها لدراسات‬ ‫جتـريـبـية ولسبـر تلك‬ ‫اجلوانب مـن الشعور غيـر‬ ‫املبنـية بالضرورة على‬ ‫الواقع احلسي املتداول‪.‬‬ ‫يظهر التصويـر الدماغي أن‬ ‫بعض مناطق الدماغ تنشط‬ ‫بصورة خاصة خالل أنواع‬ ‫معينة مـن اخلدع السحـرية‪.‬‬

‫محررو ساينتفيك أمريكان‬

‫‪38‬‬

‫>‪ .L .S‬ماكنيك<‬

‫تُس َّلـط أضواء املس������ـرح على ُمساعِ َدةِ الساحـر‬ ‫مبالبسها البيضاء البالغة الصغـر‪ .‬وهذه املُساعِ دة‬ ‫من������ارة مضيئ������ة مـ������ن جمال مش������ع مـن املس������ـرح‬ ‫إلى املش������اهديـن‪ .‬وم������ن ث ّم‪ ،‬يعلن الس������احـر الكبيـر‬ ‫>تومس������وني< أنه س������يغ ّيـر لون ثيابها األبيض إلى‬ ‫األحمـر‪ .‬في ْمس������ك املش������اهدون أطـ������راف مقاعدهم‬ ‫مجهديـ������ن أنفس������هم ف������ي التـركيـز على تل������ك املـرأة‬ ‫مع ّمقيـ������ن صورتـها على ش������ـبكيات عيونهم‪ .‬يص ّفـق‬ ‫>تومس������وني< بـيديه‪ ،‬فتعتم األضواء ألمد وجيـز قبـل‬ ‫عودته������ا متوهج������ة بـأجـيج أحمـر الل������ون وتـتـقـاذف‬ ‫ـواج في فيض مـن االحمرار‪.‬‬ ‫املساعد َة أم ٌ‬ ‫قف‪ ،‬حلظة! لم يكـ ْن حتويـل األلوان باس������تعمال‬ ‫أضواء املسـرح هو بالضبط ما كان يدور في أذهان‬ ‫املشاهديـن‪ .‬يقف الس������احـر عند جانب مـن املسـرح‬ ‫مبدي������ا ارتياحه مـ������ن دعابته الصغيـ������رة ويعتـرف‪،‬‬ ‫ش������ارحا ذلك بأس������لوب ش������يطاني‪ ،‬أنها كانت حيلة‬ ‫رخيص������ة مـن النوع املفضـل لدي������ه‪ .‬ولكن‪ ،‬عليك أن‬ ‫تـق������ر أنه ب ّدل لون ثيابها‪ ،‬إضاف������ة إلى ما تب ّقـى مـن‬ ‫جس������مها‪ ,‬إلى األحمـر‪ .‬ومـن فضلك‪ ،‬سامحه وح ّول‬ ‫انتباهك مـرة أخـرى إلى مساعدته احلسناء وهو يعيد‬ ‫تبديل اإلضاءات اس������تعدادا خلدعته التالية‪ .‬يص ّفـق‬ ‫بـيـديه‪ ،‬فتخفت األضواء ثانية ثم يتفجـر املسـرح في‬ ‫مس������تعـر س������اطع مـن البياض‪ .‬ولكن انتظـر‪ ،‬ها قد‬ ‫ْ‬ ‫تغـيـرت ثيابها فعال إلى اللون األحمـر‪> .‬تومسوني<‬ ‫العظيم قد فعلها مـن جديد‪.‬‬ ‫تكش������ف اخلدع������ة وتفس������يـرها مـ������ن قبـل >‪.J‬‬ ‫تومپـس������ـن< (امللقب أيضا تومس������وني العظيم) عـن‬ ‫امتالك������ه إدراكا حدس������يا عميـق������ا ملا يجـ������ري مـن‬ ‫الس������يـرورات العصبية في أدمغة املش������اهديـن ـ من‬ ‫منط ذل������ك اإلدراك الذي ميكـنـن������ا نحـن ـ املختصني‬ ‫بعلم األعصاب ـ تقديـ������ره حـق قدره ملا له مـن فائدة‬ ‫علمي������ة لنا‪ .‬إليك كيفية تدبيـ������ر اخلدعة‪ .‬لدى تعـريف‬ ‫>تومپسـن< مساعدته للمش������اهديـن وهي بفستانها‬ ‫األبي������ض امللتص������ق التصاق������ا ضيق������ا بجس������مها‪،‬‬ ‫يس������تدرجهم مـن دون نطق أي كلمة إلى االفتـراض‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫بعدم وجود أي ش������يء‪ ،‬وبالتأكيد ليس فستانا آخـر‬ ‫وغني عـن‬ ‫ميكـن إخفاؤه حتت مالبس������ها البيضاء‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫القول بخطأ هذا االفتـراض‪ ،‬على الرغم من معقوليته‪.‬‬ ‫وهذه املـرأة اجل ّذابة وهي مبالبسها الضيقة تساعد‬ ‫أيض������ا على توجيه اهتمام املش������اهديـن نحو أجـزاء‬ ‫من جس������مها‪ ،‬حيثـما يـشاء >تومپس������ـن< بالضبط‪.‬‬ ‫وك ّلـما زاد حتديق املش������اهديـن بها‪ ،‬قـ ّ‬ ‫������ل انتباههم‬ ‫وغدت‬ ‫لوجود أدوات مخفية على أرضية املس������ـرح‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫عصبوناتهم الش���بك ّية(‪ )1‬أفضـل تكـ ّيـفا لتحـس������ـس‬ ‫سطوع الضوء واللون‪.‬‬ ‫وطوال ثـرثـرة >تـومپسن< بعد «دعابته» الصغيـرة‪،‬‬ ‫كانـت الـمنظومة الـبصـرية جلميع املشاهديـن خاضعة‬ ‫لس������يـرورة دماغية تس������مى التكيف العصبي(‪ ،)2‬إذ‬ ‫تـتـناقص مع مـرور الـزمـن استجابة منظومة عصبـية‬ ‫حملفـز متـواصـل (االس������تجابة تقاس بسـرعة إطالق‬ ‫العصبون������ات ذات الصل������ة)‪ .‬وكأمن������ا العصبونات‬ ‫تـتجاهـ������ل جتاهال فعاال أي مح ّفـ���ز(‪ )3‬متـواصـل كي‬ ‫حتافظ على قدرتها على إرس������ال إشارة بأن مح ّفـزا‬ ‫ما ف������ي د ْور التغيـر‪ .‬وحيـن ينقطع احمل ّفـز املتـواصل‬ ‫تطلـق العصبونات املكـ ّيـفة اس������تجابة ارتداد تعـرف‬ ‫بأنها بعد التفريغ(‪.)4‬‬ ‫وفي ه������ذه احلالة‪ ،‬يك������ون احمل ّفـ������ز املكـ ّيف هو‬ ‫الفس������تان املضاء باألحمـر‪ .‬ويعلم >تـومپس������ن< أنه‬ ‫خ���ل��ال جزء من ثانية‪ ،‬بعد تعتيم األضواء‪ ،‬س������ترتد‬ ‫العصبونات الشبك ّية إلى املشاهدين‪ .‬وسيستمـرون‬ ‫خالل ذل������ك برؤية ص���ورة تلو ّيـة(‪ )5‬حمـراء بش������كل‬ ‫املـرأة‪ .‬وف������ي أثناء ذلك اجلزء من الثانية‪ ،‬ينفتح باب‬ ‫في أرضية املسـرح‪ ،‬ويخلع عن املرأة فستانها املثبت‬ ‫بيسر بواسطة ش������ريط خاص‪ ،‬واملـربوط بأوتار غير‬ ‫(٭) ‪ ،Magic and the Brain‬تدل كلمة « س������حـر» ومشتقاتها أينما‬ ‫ترد في هذه املقالة على األلعاب السحـرية التي جتـرى على‬ ‫املسـارح‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫‪retinal neurons‬‬ ‫‪neural adaptation‬‬ ‫‪stimulus‬‬ ‫‪afterdischarge‬‬ ‫‪ afterimage‬إحساس‬

‫‪،‬‬

‫بصري يحدث بعد زوال املنبه اخلارجي‪.‬‬ ‫(التحرير)‬


‫مـرئي������ة مؤدية إلى حتت أرضية املس������ـرح‪ .‬ومن ثم‪،‬‬ ‫تعاد اإلضاءة مـرة أخـرى‪.‬‬ ‫هنال������ك عامالن آخـ������ران يس������اعدان على جناح‬ ‫اخلدعة‪ .‬أولهما‪ ،‬سطوع اإلضاءة قبيل خلع الفستان‬ ‫سطوعا ش������ديدا‪ ،‬فحني التعتيم ال يتمكـن املشاهدون‬ ‫مـن رؤي������ة احلـركات الس������ـريعة باألوتار والفس������تان‬ ‫األبيض وهي تخفى حتت املسـرح‪ .‬وميكن أن تتعرض‬ ‫ملثـل هذا العمى املؤقت نفسه إذا دخلت مـن شارع فيه‬ ‫الشمس س������اطعة إلى دكان قليل اإلضاءة‪ .‬وثانيهـما‪،‬‬ ‫عدم إجـراء >تـومپسن< خدعته احلقيقية إ ّال بعد جعله‬ ‫املشاهدين يعتقدون أن احليلة قد انتهى أمـرها؛ مما‬ ‫يعطيه أفضلية معرفية ـ إذ لم يع ْد املشاهدون يتـرقبون‬ ‫خدعة أخرى‪ ،‬فيتـراخى قليال تدقيق نظرهم‪.‬‬ ‫(٭)‬

‫علم جديد في سحر األعصاب‬

‫ّ‬ ‫توض������ح حيلة >تـومپس������ن< توضيحا حس������نا‬ ‫الطبيعة اجلوهـرية لس������حـر املس������ـرح‪ .‬فالسحـرة هم‬ ‫أوال وقبـل كـل ش������يء‪ ،‬يتقنون ف������ن االنتباه والوعي‪.‬‬ ‫‪39‬‬

‫إنه������م يدولبون(‪ )1‬مل������كات التـركيـز وش������دة االنتباه‬ ‫البش������ـري ويتحـكمون‪ ،‬في كل حلظة مفروضة‪ ،‬فيما‬ ‫نـحـن واعون وفيما نحن لسنا واعيـن‪ .‬ويقومون بكـل‬ ‫هذا جـزئيا باس������تعمال تـراكي������ب محيـرة مـن أوهام‬ ‫مـرئي������ة (كصور تلو ّيـ������ة) وأوهام بصـر ّي������ة (الدخان‬ ‫ومـرايا) وتأثيـرات خاصة (انفجارات وعيارات نارية‬ ‫مـزيف������ة وحتكمات في األض������واء مضبوطة التوقيت)‬ ‫وشعوذة في خفة اليد وأدوات سـرية الصنع وأجهـزة‬ ‫ميكانيكية (للتالعب)‪.‬‬ ‫لعـ������ل أكثـ������ر أداة ف������ي جعبة خدعه������م وذات‬ ‫اس������تعمال متع������دد اجلوانب ه������ي القابلية إلحداث‬ ‫أوهام معـرفية‪ .‬وتـتـشابه األوهام املعـرفية والبصـرية‬ ‫بحقيقة أن كلتيهما تضعان أقنعة على اإلحس������اس‬ ‫بالواقع الطبيعي‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تختـلف األوهام املعـرفية‬ ‫عـن البصـرية بكونها ليس������ت ذات طبيعة حسية؛ بـل‬ ‫إنها تنطوي في تناولها على مس������تويات مـن وظائف‬ ‫عالية مثـل االنتباه والذاكـرة واالستنباطات السببية‪.‬‬ ‫(٭) ‪The New Science of Neuromagic‬‬

‫(‪)1‬‬

‫‪ ،to manipulate‬د ْولـب أي د ّوره إلى مراده‪.‬‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫(التحرير)‬

‫>پـن< و>تلـر<‬

‫يجـري الساحـران‬ ‫صيغة محدّثـة مـن اخلدعة التقليدية‬ ‫«تقطيع السيدة إلى نصفيـن باملنشار»‪،‬‬ ‫خدعة ال تزال تحُ ْ دِ ُث َوهْ م ًا ال ينسى‪.‬‬ ‫(ي َ‬ ‫ُش ِّغ ُل >پن< املنشار و>تلر< ضحيته‬ ‫املستسلمة بكل راحة نفس)‪ .‬يكـ ّيف‬ ‫علماء األعصاب وسائل السحـر في‬ ‫أنواع متعددة مـن التجارب‪ ،‬مـن بـينها‬ ‫دراسات في كيفية استجابة الدماغ‬ ‫لألحاسيس التي تبدو منتهكة جميع‬ ‫خبراتنا السابقة بالواقع‪.‬‬


‫[أوهام بصرية]‬

‫أهو خداع للعني أم خداع للعقل؟‬

‫(٭)‬

‫َوهْ ��� ٌم منش���أه التحدي���ق باللوح���ة املس���ماة‬ ‫‪( Enigma‬الـــلغـــــز) لــلـفــنــــــان الــفــــرنــــــسي‬ ‫>‪ .I‬ليڤيان<‪ ،‬غالبا ما ُيحدث إحساسا خاطئا‬ ‫بحـرك���ة جـرياني���ة ف���ي احللقات املش���تـركة‬ ‫املـركـ���ز (ح���دّق بالبقع���ة في املركـ���ز)‪ .‬ولكن‪,‬‬ ‫ه���ل نش���أ الوهم ف���ي الع�ي�ن أم ف���ي العقل؟‬ ‫لق���د تضارب���ت األدلة على ذلك إل���ى أن بـ ّيـن‬ ‫املؤلف���ان وزمالؤهما في الش���هر ‪ 2008/10‬أن‬ ‫احلـركة الوهمية تس ّيـر بانـزراقات ميكروية‪،‬‬ ‫وهي حـركات عينية الإرادية صغيـرة حتدث‬ ‫خ�ل�ال تـثـبت بصـ���ري‪ .‬ومعـرفة أدوار العني‬ ‫والدم���اغ ف���ي الس���حـر أم���ر ال ب���د من���ه ق ْبل‬ ‫إم���كان اس���تغالل أوه���ام الس���حـر كأدوات‬ ‫اختبارية في علم األعصاب‪.‬‬

‫أوهام معرفية‬

‫(٭٭)‬

‫يدرس علماء األعصاب طرائق السحرة‬ ‫في استغالل ز ّالت ذهنية‪ ،‬وفيما يأتي‬ ‫بعض منها‪:‬‬ ‫>‬

‫عمى التغيير‬

‫ال يفطن مشاهد إلى تغيـيـرات حدثت‬ ‫في مشهد خالل انقطاع وجيز‪.‬‬ ‫مثال‪ :‬تبديل لون األثاث بني فصلني‬ ‫في مسـرحية‪.‬‬ ‫>‬

‫عمى سهوي‬

‫ال يدرك ُمشاهد أشياء حتدث‬ ‫بوضوح في مجال النظـر‪.‬‬ ‫مثال‪ :‬ال ُيالحظ شخص مبالبس‬ ‫غوريال وهو يتجول في مشهد‪.‬‬ ‫>‬

‫عمى االنتقاء‬

‫يفسـر مشاهد أسباب انتقاء معني‪،‬‬ ‫مع أنه لم يجر هذا االنتقاء‪.‬‬ ‫مثال‪ :‬ال يالحظ شخص صورة انتقاها‬ ‫أنها قد اس ُت ْبدل بها أخـرى‪ ،‬حتى إنه‬ ‫يبـ ّرر سبب تفضيله الصورة املستبدلة‪.‬‬ ‫[انظر املؤطـر أسفل الصفحة ‪.]43‬‬ ‫>‬

‫ارتباط موهم‬

‫حادث يبدو وكأنه سبب حلادث ثان‬ ‫غيـر مـرتبط باألول‪.‬‬ ‫مثال‪ :‬يلـّوح ساحـر بعصاه‪ ،‬فيظهـر‬ ‫أرنب‪.‬‬ ‫‪40‬‬

‫فيتمكـن السحـرة املتمـرسون وحتت تصـرفهم جميع‬ ‫تلك األدوات‪ ،‬مـن أن يجعلوا تـتبع طبيعة ما يحدث في‬ ‫الواقع أمـرا أقـرب إلى املستحيـل ـ تاركني االنطباع‬ ‫بأن السحـر هو التـفسيـر الوحيد ملا حدث‪.‬‬ ‫وق������د بدأ الباحثون في عل������م األعصاب باللحاق‬ ‫ملكتي االنتباه واملعـرفة‪ .‬ومـن‬ ‫بالس������حـرة في دولبة‬ ‫ْ‬ ‫املؤكد تبايـن هدف علم األعصاب عـن هدف األلعاب‬ ‫الس������حرية‪ .‬إذ يس������عى علماء األعص������اب إلى فهم‬ ‫عمل الدماغ واألعصاب‪ ،‬وهي الـركائـز األساس������ية‬ ‫للوظائ������ف املعـرفي������ة‪ ،‬في حني يـريد الس������احـر على‬ ‫األغلب استغالل مواطـن الضعف املعـرفي‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫فاألساليب التي طـ ّورها السحـرة خالل قـرون ميكنها‬ ‫أيضا ـ إذا استخدمت من قبل علماء األعصاب ـ أن‬ ‫موسعة‬ ‫تكون قادرة على سبـر األغوار‪ ،‬مكملة ورمبا ّ‬ ‫األجهـزة قيد االستعمال املختبـري‪.‬‬ ‫فعل������م األعصاب آيـ������ل إلى التأقلم م������ع طـرائـق‬ ‫السحـر وذلك بإخضاع الس������حر نفسه إلى دراسة‬ ‫علمي������ة ـ في بع������ض احلاالت مبين������ا ألول مـرة كيف‬ ‫تعمل هذه الطرائق في الدماغ‪ .‬فالدراسات املتعددة‬ ‫التي أجـري������ت حتى اآلن علـى الس������ـحـر عــززت مـا‬ ‫هـو معلوم ـ مـن دراس������ات س������ابقة ف������ي علم النفس‬ ‫ورب متهكم‬ ‫التجـريبي ـ عـن‬ ‫ملكتي املعـرفة واالنتباه‪ّ .‬‬ ‫ْ‬ ‫قد يقول‪ :‬ملاذا جتـرى دراسة أخـرى ملجـرد تعـزيـز ما‬ ‫هو معـروف جيدا مـن قبـل؟ ولكـن انـتـقادا كهذا ي ْغفـل‬ ‫األهمية والقصد مـن تلك الدراسات‪ .‬إذ يتمكـن علماء‬ ‫األعصاب بدراس������اتهم طـرائق الس������حـر أن يجعلوا‬ ‫أنفس������هم أكث������ر تآلفا مع أس������اليب ميكـنه������م تبنيها‬ ‫ألغـراضهم العلمية اخلاص������ة‪ .‬ففي احلقيقة‪ ،‬نعتقد‬ ‫أنه كان مـن املمكـن أن يتـقدم علم األعصاب املعـرفي‬ ‫بسرعة أكبر لو س������بـر الباحثون أفكار السحـرة في‬ ‫زمـن مبكـر أكثـر‪ .‬وحتى اليوم‪ ،‬قد ميتلك الس������حـرة‬ ‫خدعا لم يتبناها بعد علماء األعصاب‪.‬‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫ويأمـ������ل علماء األعصاب باس������تعمالهم أدوات‬ ‫السحـر‪ ،‬في التمكـن مـن تعلم كيفية تصميم اختبارات‬ ‫أشد متانة وإنشاء أوهام معـرفية وبصـرية أكثـر فعالية‬ ‫الستكش������اف األس������ـس العصبـية لالنـتب������اه والوعي‪.‬‬ ‫وميكن باتباع أس������اليب كهذه جعـل تصميم دراسات‬ ‫اختباري������ة للمدركات ممكنة ليس فقط مع أش������خاص‬ ‫أذكياء وش������ديدي االنـتباه‪ ،‬فهذه األساليب قد تؤدي‬ ‫أيض������ا إلى وس������ائـل تـش������خيصية وعالجية ملـرضى‬ ‫يشكون مـن نقائص معـرفية نوعية ـ مثـل عوز االنـتباه‬ ‫(‪)1‬‬ ‫الناجم عن صدم������ة دماغية واالضط���راب ‪ADHD‬‬ ‫(اضطراب فرط النشاط مِ عوز االنتباه) وداء ألزهاميـر‬ ‫وأمثالها‪ .‬وميكـن وضع أساليب السحـر الستخدامها‬ ‫ف������ي «مخادع������ة» املـرضى كي يركزوا عل������ى األجـزاء‬ ‫املهمة أكثر مـن عالجاتهم‪ ،‬في حني تكـبت املشوشات‬ ‫التي تسبب ارتباكا وانحـرافا في التوجه‪.‬‬ ‫ويس������تعمل الس������حـرة املصطلح العام‪ :‬توجيه‬ ‫خاط���ئ(‪ )2‬للدالل������ة على ممارس������تهم حتوي������ل انتباه‬ ‫املش������اهدين عن إج������راء س������ري‪ .‬فالتوجيه اخلاطئ‬ ‫باستعمال مصطلحات اللغة اخلاصة للسحر‪ ،‬يوجه‬ ‫انتباه املشاهديـن نحو «النتيجة» بعيدا عن «الطـريقة»‬ ‫املستـترة وراء هذه النـتيجة‪ .‬وقد صنـّفنا‪ ،‬مستعيريـن‬ ‫بـع������ض املصطـلحات مـ������ن عـلم النـف������س الـمعـرفي‪،‬‬ ‫التوجي������ه اخلاطئ إل������ى «ظاهـ���ري(‪ »)3‬و «باطني(‪.»)4‬‬ ‫يك������ون التوجيه اخلاطئ ظاهـريا إذا أعاد الس������احـر‬ ‫اجتاه حتديق املش������اهديـن عن الطـريقة ـ رمبا بطلبه‬ ‫إلى املشاهديـن النظـر إلى شيء معيـن‪ .‬وعلى سبيل‬ ‫املثال‪ ،‬عندما يق ّدم >تومس������وني< العظيم مس������اعدته‬ ‫الـرائعة يضمـن توجه جميع العيون نحوها‪.‬‬ ‫أما أس������لوب التوجيه اخلاط������ئ «الباطني»‪ ،‬فهو‬ ‫باملقاب������ل أكثـر غموضا؛ والس������احر هنا أيضا ُيركز‬ ‫بؤرة الش ّ‬ ‫حاجة‬ ‫������ك بعيدا عـن الطـريق������ة؛ ولكـن دون‬ ‫ٍ‬ ‫إلى إع������ادة توجيه حتديقهم‪ .‬ومع أن املش������اهديـن‪،‬‬ ‫حتت تأثيـر التوجيه اخلاط������ئ الباطني‪ ،‬قد ينظـرون‬ ‫مباشرة إلى الطريقة املستـترة وراء اخلدعة إال أنهم‬ ‫لن يكونوا واعني بها على اإلطالق‪.‬‬ ‫ويعتـرف علم األعص����اب املعـرفي(‪ )5‬بنوعني‪ ،‬على‬ ‫األقل‪ ،‬مـن التوجيه اخلاطئ الباطني‪ .‬ففي ما يس������مى‬ ‫عم����ى التغيـيـر(‪ ،)6‬يخف������ق الناس في مالحظة اختالف‬ ‫ش������يء ما حول مشهد عـما كان عليه سابقا‪ .‬وقد يكون‬ ‫التغـيـيـر متوقعا أو غيـ������ر متوقع‪ ،‬لكـن ميـزتـه اخلاصة‬ ‫هي أن املشاهديـن ال يالحظونه بالنظـر إلى املشهد في‬ ‫أية حلظة‪ .‬بدال مـن ذلك‪ ،‬على املش������اهد إجـراء مقارنة‬ ‫(٭) ?‪Fooling Mind Or Eye‬‬ ‫(٭٭) ‪Cognitive Illusions‬‬ ‫(‪attention - deficit hyperactivity disorder )1‬‬ ‫(‪misdirection )2‬‬ ‫(‪overt )3‬‬ ‫(‪covert )4‬‬ ‫(‪cognitive neuroscience )5‬‬ ‫(‪change blindness )6‬‬


‫[عمى التغيير]‬

‫أتـسـتـطـيـع مـ ْنـعـنـا من قـراءة أفـكـارك؟‬

‫(٭)‬

‫أتس���تطيع تفس���يـر نتائ���ج التجـربة التالي���ة لقـراءة األف���كار التي قام‬ ‫به���ا >‪ .C‬پكؤڤ����ر< [املؤل����ف الوفيـ����ر اإلنتاج للكتب الش����عبـية ف����ي العلوم‬ ‫والـرياضي����ات]؟ لق����د أع���� ّد محـ����ررو مجل����ة س����اينتفيك أمـري����كان محاكاة‬ ‫الختبار >پكؤڤر< الذي ميكنك عمله هنا‪ ،‬أو ميكنك جتـربة نسخة مح ّيـرة‬

‫أكثـ����ر عل����ى اإلنتـرنت ف����ي املوق����ع اإللكتـرون����ي‬ ‫‪ .edu/pickover/esp.html‬ونعتق����د أنه باس����تعمالنا منظومته املس����ماة ‪،ESP‬‬ ‫نس����تطيع التنبوء بالنـتيجة الصحيحة الختي����ارك بدقة ‪ .%98‬لتبدأ‪ ،‬اختر‬ ‫واحدة مـن أوراق اللعب الست أدناه وتذكرها‪.‬‬

‫‪http://sprott.physics.wisc.‬‬

‫ر ّد ْد اسمها بصوت عال ‪ .‬وحاملا تشعـر أنه مـن املؤكد أنك ستـتذكـرها‪،‬‬ ‫حول إحدى صور العيون في السطـر أدناه‪ .‬ومن ثم‪ ،‬انتقل إلى الصفحة ‪.45‬‬ ‫ضع دائـرة ْ‬

‫احلالة بعد حدوث التغيـيـر مع احلالة قبل حدوثه‪.‬‬ ‫نت دراس������ات متع������ددة أنه ال حاجة إلى‬ ‫لقد ب ّي ْ‬ ‫دق������ة في التغيـيـ������رات كي يحدث عم������ى التغيـيـر‪.‬‬ ‫فحت������ى التبديالت الدرامية في مش������هد مـرئي قد‬ ‫ـت خالل فتـ ــرة‬ ‫متـ������ر م ــن دون مالحظ������ة إذا حدث ـ ْ‬ ‫انقط ـ ـ������اع انتق ــال������ي مثل طـ ْرف ـ ـ ـ������ة عــني أو حركة‬ ‫س������ـريع ـ ــة لها مـن مكــان إلى آخـ ـ������ر أو ترج ـ ــرج‬ ‫املشــهد‪ .‬والڤيديـو املعنْون «خدعة تغيـيـر لون ورقة‬ ‫لعب» للعالم النفس������ي والس������احـر >‪ .R‬وايزمـن< [من‬ ‫جامعة ‪ Hertfordshire‬بإنگلتـرا] مثال درامي للظاهرة‪،‬‬ ‫وهذا الڤيديو متوفر على اإلنترنت في املوقع التالي‪:‬‬ ‫[‪.]www.youtube.com/watch?v=voAntzB7EwE‬‬ ‫وفي جتربة >وايزمن< التوضيحية ـ التي تس������تحق‬ ‫املش������اه ـ ــدة ـ يخفــق املـ ـش������ ــاهد ف������ي مالحظـة ما‬ ‫يحدث مـن تب������دالت في األلوان بعيدا عـن الكاميـرة‪.‬‬ ‫ومـ������ن اجلديـ������ر بالذكر أن «خدعة تغيي������ر لون ورقة‬ ‫اللعب» على الرغم مـن اس������مها ال تستخدم السحـر‬ ‫لتوضيح مقصدها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫أما العمى الس���هوي ؛ فيختلف عـن عمى التغييـر‬ ‫في كون������ه ال يتطلب مقارنة املنظـ������ر احلالي مبنظـر مـن‬ ‫الذاكـرة‪ .‬ففي احلقيقة‪ ،‬يخفق الناس في مالحظة شيء‬ ‫غيـر متوقع قابل أن ُيرى بكامله وهو مباش������ـرة أمامهم‪.‬‬ ‫وقد اختـرع عالم النفس >‪ .J .D‬س������يمنز< مثاال كالسيكيا‬ ‫لهذا النوع‪ .‬فقد طلب >س������يمنـز< إلى مشاهدين إجـراء‬ ‫تعداد املرات التي يقوم «فريق» من ثالثـة العبي كرة سلة‬ ‫بتمري������ر الكرة بينهم فق������ط متجاهلني متريرها إلى ثالثة‬ ‫‪41‬‬

‫العب���ي��ن آخـرين‪ .‬وفي أثناء تركيـزهم عل������ى ال َع ِّد‪ ،‬أخفق‬ ‫نصف عدد املش������اهدين في مالحظة ش������خص مبالبس‬ ‫غوريال يتجول على ط������ول امللعب (حتى إنه كان يتوقف‬ ‫خالل فتـرات وجيـ������زة عند منتصف امللعب وهو يضرب‬ ‫مقاطعة أو‬ ‫على ص������دره!)‪ .‬لم تك ْن هنالك ض������رورة إلى‬ ‫ٍ‬ ‫إلهاءٍ من أجل إحداث هذا التأثيـر‪ ،‬فـقد استنفدت مهمة‬ ‫الع ّد انتباه الكثير من املش������اهدين الذين كانوا ينظرون‬ ‫مباشـرة إلى الغوريال ومع ذلك لم يفطنوا إلى وجوده‪.‬‬ ‫(٭٭)‬

‫خـداع العني أم خداع الدماغ؟‬

‫يعتبر السحرة الشكل الباطني للتوجيه اخلاطئ‬ ‫أظرف مـن الشكل الظاهري‪ .‬غير أن املختصيـن بعلم‬ ‫األعصاب يـرغبون في معـرفة نوعية اآلليات العصبية‬ ‫والدماغي������ة التي مت ّكـن خدعة مـن النجاح‪ .‬وإذا كان‬ ‫علماء األعصاب س������يكـ ّيفون البـراعة الفنية للسحر؛‬ ‫فيتعني عليهم فهم نوعيات السيـرورات املعـرفية التي‬ ‫تُستنبط منها تلك البـراعات‪.‬‬ ‫������ي‬ ‫إن أول دراس������ة ح ْول ارتباط اإلدرك احلس ّ‬ ‫للس������حـر بقياس فيزيولوجي رمبا ُنش������رت في عام‬ ‫‪ 2005‬مـ������ن قبل املختصني بعل������م النفس >‪ .G‬كوهـن<‬ ‫[من جامع������ة ‪ Durham‬في إنگلت������را] و>‪ .W .B‬تاتلر<‬ ‫[من جامع������ة ‪ Dundee‬في اس������كتلندا]‪ .‬لقد أجـرى‬ ‫الباحثان قياس������ات لتحـركات عيون املشاهدين حني‬ ‫(٭) ?‪Can You Keep Us From Reading Your Mind‬‬ ‫(٭٭) ?‪Tricking the Eye or Tricking the Brain‬‬ ‫(‪inattentional blindness )1‬‬ ‫(‪ )2‬انظر‪“Windows on the Mind,” by Susana Martinez - Conde :‬‬ ‫‪- Stephen L. Macknik; Scientific American, August 2007‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫املؤلفان‬

‫‪Susana Martinez‬‬‫‪Conde‬‬

‫‪Stephen L.‬‬

‫‪Macknik‬‬

‫يعمالن في معهد بارو للعلوم العصبية‬ ‫مبدينة فينكس األمريكية‪ .‬تدير‬ ‫>مارتينيز‪-‬كوندي< مختبـر العلوم‬ ‫العصبية البصرية‪ ،‬ويدير >ماكنيك<‬ ‫مختبـر الفيزيولوجيا العصبية‬ ‫السلوكية(‪.)2‬‬


‫[عمى سهوي]‬

‫كيف تسحب نقودا من الفراغ‬

‫(٭)‬

‫يـعـول الـسـاحـر >تـلـر< عـلى الـتـوجـيـه اخلاطئ وعـلى خـفة الـيد إلحـداث وهم‬ ‫ّ‬ ‫يـسمى‪« :‬حلم بخيل»‪ .‬يبدأ >تلر< بإخفاء ست قطع نقود في كل مـن كف ّيه‪ .‬ومن‬

‫يبدأ >تـلـر<‪ ,‬بعد أن يوضح أن الدلو خال‪،‬‬ ‫بإبـراز نقود بـيده اليمنى‪.‬‬

‫بتوجيهه حتديق بصـره نحـو يده اليمنى‬ ‫يحوّ ل انتباه مشاهديه عن يده اليسـرى‪.‬‬ ‫ولكـن يده اليسـرى التي يمُ سك بها الدلو‪،‬‬ ‫هي التي يـرمي منها النقود‪.‬‬

‫أي شيء في متناول يديه‪ ،‬مـن شعـره أو مـن غطاء‬ ‫ثم‪ ،‬يخرجها كما يبدو مـن ّ‬ ‫معدني محدثا طقطقة مدّو ّية‪ .‬وتعتمد‬ ‫دلو‬ ‫في‬ ‫يـرميها‬ ‫نظارته أو مـن الفضاء ثم‬ ‫ّ‬

‫في احلقيقة‪ ،‬إنه يعيد باستمـرار إبـراز‬ ‫قطعة النقد نفسها‪.‬‬

‫قام >كوه������ن< (الذي كان س������احرا أيض������ا) بجعل‬ ‫س������يگارة «تختفي» بإسقاطها حتت مائدة‪ .‬وقد كان‬ ‫أح������د أهدافهما حتدي������د ما إذا كان س������بب إخفاق‬ ‫املش������اهدين في إدراك اخلدعة ه������و أنهم لم ينظروا‬ ‫إلى املكان الصحيح في الوقت الصحيح أو أنهم لم‬ ‫ينتبهوا إليها‪ ،‬مهما كان اجتاه نظرهم إليها‪ .‬وكانت‬ ‫النتائج واضحة‪ :‬ال فـرق بأي اجتاه كانوا ينظرون‪.‬‬ ‫تـزودنا دراسة مشابهة خلدعة سحـرية أخـرى‬ ‫وهي « َوهْ م الكـرة املتالش���ية(‪ »)1‬مبـزيد مـن األدلة على‬ ‫أن الس������احـر يدولب انتباه املش������اهديـن على مستوى‬ ‫معـرف������ي ع������ال؛ بحيث ال تـتوقف النتيج������ة على اجتاه‬ ‫حتديقهم‪ .‬يبدأ الساحـر في وهم الكرة املتالشية برمي‬ ‫الكرة عدة مرات إلى األعلى مباش������ـرة وميسكها مـن‬ ‫دون خطأ‪ .‬ثم يتظاهـر في رميته األخيـرة برمي الكـرة‬ ‫متتبعا برأسه وبعينيه مسارا إلى األعلى لكـرة وهمية‪،‬‬ ‫ولكن بدال مـن أن يرمي الكـرة يخبئها سـرا في راحة‬ ‫يده؛ غير أن أغلبية املشاهدين يشعرون أن الكرة (غير‬ ‫املرمية) قد صعدت ثم اختفت في كـبد السماء‪.‬‬ ‫بعد س������نة مـن دراسته املشتـركة مع >تاتلر<‪،‬‬ ‫اكتشف >كوهن< بالتعاون مع >‪ .F .M‬الند< [من جامعة‬ ‫سسيكس في إنگلترا] أن حتديق املشاهدين لم يك ْن‬ ‫موجها نحو املكان الذي ا ّدعى املش������اهدون أنفسهم‬ ‫ّ‬ ‫أنهم رؤوا عنده اختفاء الكـرة‪ .‬ويشيـر االكتشاف إلى‬ ‫أن الوهم لم‬ ‫يخدع تلك املنظومات الدماغية املسؤولة‬ ‫ْ‬ ‫عـن حركات العني لدى املش������اهدين‪ .‬وبدال من ذلك‪،‬‬ ‫توصل >كوهن< و >الند< إلى أن جناح الوهم يعتمد‬ ‫ّ‬ ‫‪42‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫وعند اللحظة التي يبدأ املشاهدون بالشك‬ ‫في أنه يرمي قطع نقود مخبأة في يده‬ ‫اليمنى يـرمي خمسا مـن القطع الست مـن‬ ‫يده اليمنى دفعة واحدة وهي حـركة تدهش‬ ‫املشاهدين؛ ألنه ال ميكن أن يخبئ ‪ 11‬قطعة‬ ‫نقود في يده اليمنى‪.‬‬

‫على حركات عيني الس������احر ورأس������ه ألنه������ا ـ بدال‬ ‫مـ������ن توجيه حتديقه������م ـ تعيد توجي������ه مركز االنتباه‬ ‫للمش������اهدين بصورة باطنية إلى موقع الكرة املتكهن‬ ‫به‪ .‬إذ إن العصبونات املستجيبة حلـركة الكرة التي‬ ‫توحيها حركات عيني الس������احر ورأس������ه‪ ،‬توجد في‬ ‫املناطق البصـرية مـن الدماغ كعصبونات حساس������ة‬ ‫حلـركة حقيقية‪ .‬فإذا كانت كل مـن احلـركتني املوحاة‬ ‫واحلقيقية ت ّ‬ ‫ـنش������طان ش������بكات عصبونية متشابهة‪،‬‬ ‫فمـ������ن اجلائز أال يك������ون غـريبا تخ ّيـ������ل الوهم واقعا‬ ‫حقيقيا‪ ،‬كما بدا للمشاهدين‪.‬‬ ‫لقد وضـع >كوهن< و >الند< الفرضيـة بأن الكرة‬ ‫املتالش������ية قـد تـكون مـث������اال عـلى زخم ترمي���زي(‪.)2‬‬ ‫فاملش������اهدون يتصورون لدى اختفاء جسم متحـرك‬ ‫أن موقعه النهائي يقع في مكان على امتداد مساره‬ ‫ولكن على مسافة أبعد مـن موقعه احلقيقي؛ وكأمنا‬ ‫املوقع املتنبأ به قد ُقدِّر اس���تدالال(‪ )3‬مـن احلـركة التي‬ ‫مـ ّر بها اجلسم من قبل‪.‬‬ ‫(٭٭)‬

‫أدوات أكثر في جتارة املخادعة‬

‫يحاول املش������اهدون غالبا إع������ادة تأويل اخلدع‬ ‫السحـرية كي يفهموا ما حدث خالل العـرض ـ وبعد‬ ‫كل ذلك‪ ،‬كلما حاول املش������اهد فهم اخلدعة وفش������ل‬ ‫(٭) ?‪How To Pull Coins Out of Thin Air‬‬ ‫(٭٭) ‪More Tools of the Trickery Trade‬‬ ‫(‪vanishing-ball illusion )1‬‬ ‫(‪representational momentum )2‬‬ ‫(‪extrapolated )3‬‬


‫احليلة جـزئيا على إمياءات اجتماعية كـموقع الـرأس‬ ‫واجتاه حتديق البصـر‪.‬‬

‫يُبرز >تـلـر< قطعة‬ ‫النقود األخيـرة من‬ ‫يده اليمنى‪ ،‬ويدير كفه‬ ‫ليبني أن كفه ال حتوي‪،‬‬ ‫في احلقيقة‪ ،‬شيئا‪.‬‬

‫بعـرض رائع‪ ،‬يـرمي >تـلـر< قطع النقود‬ ‫الـ‪ 11‬من الدلو وهو مستمـر باحتفاظه‬ ‫بالقطعة األخيـرة في يده اليمنى‪.‬‬

‫في ذلك‪ ،‬بدت له أكثـر وكأنها هي «الس������حر» بذاته‪.‬‬ ‫والسحـرة بدورهم يتحدون مشاهديهم بالكشف عـن‬ ‫أس������اليـبهم‪ ،‬مثال‪ ،‬بالبـرهان عل������ى خلو قبعة أو على‬ ‫أن ثياب ُمساعدةٍ أضيق مـن أن تخفي حتتها ثيابا‪.‬‬ ‫فتقريبا جميع ما يفعله الس������حرة هو أكثر ما يكون‬ ‫جلع������ل إع������ادة التأويل أصعب ما ميك������ن‪ ،‬وذلك من‬ ‫خالل توجيه خاطئ‪.‬‬ ‫ولك������ن‪ ،‬ليس عمى التغيـيـر والعمى الس������هوي‬ ‫هما النوعني الوحيدين من األوهام املعـرفية في جعبة‬ ‫السحـرة‪ .‬لنفتـرض مثال أن ساحـرا يحتاج إلى رفع‬ ‫ي������ده لتنفيذ خدعة‪ .‬يقول >تـل������ر< ( ُي ْعـرف نصف عدد‬ ‫األلعاب السحرية الشهيرة على املسارح باسم >تلر<‬

‫و>پني<) ش������ارحا أن������ه إذا رفع يده مـن دون س������بب‬ ‫واضح‪ ،‬فعلى األغلب سيثير شكوكا لدى املشاهدين‬ ‫أكثـر مما لو أومأ بيده لتعديل نظارته أو ّ‬ ‫حلك رأسه‪،‬‬ ‫فهذا يبدو طبيعيا أو عفويا‪ .‬تعرف مثل هذه اإلمياءات‬ ‫لدى أوساط السحـرة «بإعالم احلـركة(‪.»)1‬‬ ‫واالفتراض������ات غيـ������ر املنطوق������ة واملعلوم������ات‬ ‫الضمنية مهمة لإلحساس باخلدعة وإلعادة تأويلها‬ ‫بعدئ������ذ‪ .‬يصـ������ ّرح الس������احـر >‪ .J‬ران������دي< [«راندي‬ ‫املذهل»] أنه ميكن إعداد املشاهدين لقبول إيحاءات‬ ‫ومعلومات غيـر منطوقة بس������هولة أكثر من استعمال‬ ‫ِ‬ ‫اإليحاءات‬ ‫تعابيـر مباشـرة‪ .‬وعليه‪ ،‬فقد يتذكـر مشاه ٌد‬ ‫الضمني َة لدى إعادة التأويل وكأنها بـرهان مباشـر‪.‬‬ ‫ط ّبق >‪ .P‬يوهانس������ـن< و>‪ .L‬هول< [من جامعة لند‬ ‫الس������ويدية] املختصان بعلم النفس وزمالؤهما هذا‬ ‫األسلوب وأساليب سحـرية أخرى في تطويـر طـريقة‬ ‫مبتكـرة لتوجيه أس������ئلة في علم األعصاب‪ .‬فعـرضوا‬ ‫عل������ى بس������طاء خاضعيـن لتجـربة ص������ور أزواج من‬ ‫وج������وه أنـثوية وطلبوا إليه������م أن ينتقوا مـن كل زوج‬ ‫الصورة التي وجدوها أكثر جاذبية‪ .‬كما طلب إليهم‪،‬‬ ‫في بع������ض االختبارات‪ ،‬إعطاء أس������باب اختيارهم‪.‬‬ ‫ومـ������ن دون معـرف������ة اخلاضعني للتجرب������ة وبعد أن‬ ‫متّت االنتقاءات‪ ،‬اس������تخدم الباحث������ون خفة اليد في‬ ‫الش������عوذة الس������تبدال صورة وجه إل������ى وجه آخر‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬أصبحت نـتيجة االنتقاء بالنس������بة إلى أزواج‬ ‫الصـور املدولبة سـرا‪ ،‬عكس االنتقاء األصلي‪.‬‬ ‫ومـن املثيـ������ر لالهتمام أن اخلاضعيـن لالختبار‬ ‫الحظ������وا التحويل ف������ي ‪ %26‬فقط مـ������ن جميع أزواج‬ ‫الص������ ّور املد ْولب������ة‪ .‬ولك������ن‪ ،‬ما ه������و أش������ ّد غـرابة أنه‬ ‫حيـن طل������ب إليهم التعبيـ������ر عـن أس������باب انتقاءاتهم‬ ‫لالختبارات املدولبة تداولوا فيما بينهم متس������امـريـن‬ ‫لتبـريـر النـتيجة املعاكسة النتقائهم الفعلي! وقد أطلق‬ ‫(٭) ‪Inducing False Narratives‬‬ ‫(٭٭) ‪Visual Illusions In Magic‬‬ ‫(‪informing the motion )1‬‬

‫أوهام بصرية في السحر‬

‫(٭٭)‬

‫ليس جميع السحر معـرف ّيا‪ .‬وميكن‬ ‫استغالل صفات معروفة جيدا تـتمتع‬ ‫بها املنظومة البصرية لتؤدي نتائج غير‬ ‫اعتيادية‪ .‬وفيما يأتي بعض منها‪:‬‬ ‫> لوي مالعق‬ ‫يهز ساحر ملعقة‪ ،‬فيجعل رقبتها تبدو‬ ‫مرنة قابلة لاللتواء‪.‬‬ ‫كيف يتم ذلك‪:‬‬

‫عصبونات القشرة البصرية املسؤولة‬ ‫عن احلركة وعن نهايات اخلطوط‪،‬‬ ‫تستجيب للتذبذبات بطريقة مختلفة‬ ‫عـن استجابة العصبونات البصرية‬ ‫األخـرى‪ .‬ويحدث نتيجة لهذا تفاوت‬ ‫ظاهري أثناء الفتـرة بني خامتتي‬ ‫حتفيز وبيـن مـركـزه؛ فيبدو جسم‬ ‫صلب ملتويا عند وسطه‪.‬‬ ‫> االحتفاظ برؤية ما اختفى‬

‫يزيل الساحر شيئا مـن مجال النظر‪,‬‬ ‫ولكن هذا الشيء يبقى مـرئيا خالل‬ ‫فترة قصيرة‪.‬‬ ‫كيف يتم ذلك‪:‬‬

‫ُيحدث التفريغ التلوي العصبوني‬ ‫صور تلوية تدوم ُع ْشر ثانية بعد زوال‬ ‫احملفز‪.‬‬ ‫> متوج فضائي ثالثي‬ ‫املناطق لـ‬

‫<‪>J. Andrus‬‬

‫يح ّدق مشاهدون في قرص يدور‬ ‫بسـرعة‪ .‬وهو ذو ثالث مناطق حلركة‬ ‫توسع وتـقلص‪ .‬ويبدو هذا القرص‬ ‫للمشاهدين حني يتوقف عن الدوران‬ ‫أنه مازال في حركة توسع وتقلص‪.‬‬ ‫كيف يتم ذلك‪:‬‬

‫تـتكـ ّيـف العصبونات تكـيفا مختلفا‬ ‫مع حـركات املناطق الثالث في املجال‬ ‫البصـري‪.‬‬

‫[عمى االنـتـقاء]‬

‫استنتاج روايات بـاطـلة‬

‫(٭)‬

‫في جتربة‪ ،‬عُ ِرضت أزواج صور فوتوغـرافية على اخلاضعيـن لهذه التجربة (‪)a‬‬ ‫وطلب إليهم انتقاء الصورة األكثر جاذبية (‪ .)b‬بعد كل انتقاء قـ ّلـب القائمون‬ ‫بالتجـربة الصور على ظهـرها (‪ )c‬واستعملوا خفة اليد لتبديل الصور املنتقاة‬ ‫بالصور املرفوضة‪ .‬وقلـبوا الصورتيـن ثانية ليظهـر وجهاهما إلى األعلى‪ ،‬ثم‬

‫‪a‬‬

‫‪43‬‬

‫ُطلب إلى اخلاضعني للتجـربة تـفسيـر تفضيالتهم‪َ .‬ن َس َج كثيـر مـن اخلاضعيـن‬ ‫للتجـربة «تفسيـرا» النـتـقائهم حتى عندما كان للصور املـرفوضة (‪ .)d‬إن النـزعة‬ ‫النفسية عند البشـر إلى تأليف رواية ذات انسجام داخلي كي يالئموا ما يعتقدونه‬ ‫خطأ بأنه اختيارهم‪ ،‬غالبا ما تقتلع من ذاكرتهم اختياراتهم الواقعية‪.‬‬

‫‪c‬‬

‫‪b‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫‪d‬‬


‫[فن النشل]‬

‫توجيـه خاطئ مـتعدد األحـاسـيس‬

‫(٭)‬

‫>‪ .A‬روبنز< (في اليمني)‪ ،‬يعلن عن نفسه أنه سارق محترف‪ ،‬موضـحا كيف يضلل «الهدف» كي ينظر‬ ‫دولبة املالمس����ة‬ ‫باجت����اه مع��ي�ن‪ ,‬وم����ن ث ّم ليح����ول دون مراقبة الهدف ألش����يائه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويعول >روبنز< على ْ‬ ‫واحليز الش����خصي لله����دف وكذلك على توجيه خاطئ للنظـر‪ .‬وعلى املوق����ع ‪http://tinyurl.com/6lhxy8‬‬ ‫معصم ّية لشخص آخر بخفة غريبة‪.‬‬ ‫ُيعرض ڤيديو ُي َبني كيف ينتزع >روبنز< ساعة ْ‬

‫>يوهانسن< وزمالؤه مصطلح «عمى االنتقاء(‪ »)1‬على‬ ‫ه������ذه الظاهـ������رة للداللة الش������ديدة والضمنية على أن‬ ‫اخلاضعيـن للتجـربة س������بق واتخذوا قـرارا باالنتقاء‪.‬‬ ‫ونتيجة لذلك‪ ،‬متكن الباحثون مـن دراسة كيفية تبـريـر‬ ‫الناس النتقاءاتهم‪ ،‬حتى تلك التي لم يتخذوها‪.‬‬ ‫(٭٭)‬

‫النشال الذي يسرق دماغك‬

‫ميك������ن أيضا تطوير أس������اليب التوجيه اخلاطئ‬ ‫مـن خالل دراسة مهارات ّ‬ ‫النش������اليـن‪ .‬يعتمد هؤالء‬ ‫اللص������وص‪ ،‬الذيـ������ن ميارس������ون مهنته������م غالبا في‬ ‫أماكـن عام������ة مكتظة‪ ،‬اعتمادا ش������ديدا على توجيه‬ ‫خاطئ اجتماعي األس������اس ـ مثل تالمس حتديقي‬ ‫‪ gaze contact‬أو تالم������س جس������مي أو غـ������زو للحيـز‬ ‫الش������خصي للضحية الذي يس������مونه «الهدف‪ ».‬وقد‬ ‫يحـ ّرك النش������الون أيضا أياديهم بأس������اليب متميـزة‬ ‫تعتم������د على غاياتهم احلالية‪َ .‬ف ُهم إما أن يلتـفوا بها‬ ‫إلى اخلارج مبس������ار منحن إذا أرادوا جذب انتباه‬ ‫الهدف إلى احلـركة بكاملها‪ ،‬وإما أن يتـتبعوا طـريقا‬ ‫مستقيما ثابتا إذا أرادوا تقليل االنتباه إليه وحتويل‬ ‫انتباه الهدف بسـرعة إلى الوضع النهائي‪ .‬وليس في‬ ‫علوم األعصاب تفس������ير يدعم تلك املناورات؛ ولكـن‬ ‫معاوننا البحثي >‪ .A‬روبنز< [وهو نش������ال محتـرف]‬ ‫يؤكد ضـرورة وجود نوعي احلركات إلحداث التأثيـر‬ ‫الناجح للتوجيه اخلاطئ على الهدف‪ .‬ونحـن نـقـتـرح‬ ‫عدة تفسيـرات ممكنة وقابلة لالختبار‪.‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫أحد هذه التفس������يـرات هو أن احلـركات املنحنية‬ ‫واملس������تقيمة للي������د تـف ّعل منظومت���ي��ن مختلفـتيـن في‬ ‫الدماغ للسيطـرة على حتـريك العينيـن‪« .‬فمنظومة‬ ‫املتابع���ة(‪ »)2‬تـتحك������م في العينيـ������ن عندما تالحقان‬ ‫أجس������اما تتحـ������رك بحـرك���ة سلس���ة(‪ ،)3‬ف������ي حني‬ ‫تتحكم «منظوم���ة االنزراق(‪ »)4‬ف������ي احلـركات التي‬ ‫تـثب فيه������ا العيـنان مـن هدف تقديـ������ري إلى الهدف‬ ‫التال������ي‪ .‬وهكذا‪ ،‬افترضنا أن������ه رمبا تـثيـر احلـركات‬ ‫ذات املس������ار املنحني ليد النش������ال منظومة املتابعة‬ ‫للسيطـرة على عيني الهدف‪ ،‬في حيـن أن احلـركات‬ ‫السـريعة املس������تقيمة قد حتفز منظومة االنزراق إلى‬ ‫تول������ي القيادة‪ .‬ومن ثم‪ ،‬إذا أقفل������ت منظومة املتابعة‬ ‫على املس������ار املنحني ليد النش������ال‪ ،‬فإن مـركـز رؤية‬ ‫الهدف قد ينس������حب بعيدا عـن موقع سرقة مخبأة‪.‬‬ ‫أما إذا ش������اغلت احلـركات املس������تقيمة الس������ـريعة‬ ‫منظوم������ة ان������زراق الهدف‪ ،‬فيس������تـفيد النش������ال من‬ ‫كـ ْبت رؤية اله������دف أثناء انزراق العني مـن نقطة إلى‬ ‫أخرى‪( .‬هذه ظاهرة معـروفة جيدا في علوم البصـر‬ ‫باملصطلح‪ :‬الكبت االنزراقي(‪.))5‬‬ ‫هنالك تفس������ير آخـر ممكـن للحـ������ركات املتميـزة‬ ‫للي������د‪ ،‬وه������و أن احلـركات املقوس������ة قد تك������ون مـن‬ ‫������ي ب������ارزة أكثـر مـن احلـركات‬ ‫ناحية اإلدراك احلس ّ‬ ‫صح هذا‪،‬‬ ‫املستقيمة‪ ،‬فهي جتذب انتباها أقوى‪ .‬وإذا ّ‬ ‫فمنظوم������ة االنتباه وحدها‪ ،‬وليس أي منظومة تتحكم‬ ‫ف������ي حركة العني‪ ،‬ق������د يؤثر فيه������ا التوجيه اخلاطئ‬ ‫اليدوي للنشال‪ .‬وقد بـ ّينت دراساتنا البحثية املبكرة‬ ‫ّ‬ ‫أن األقواس وحافات األجس������ام تك������ون بارزة أكثـر‬ ‫وتولد نش������اطا دماغيا أش ّد مـن احلافات املستقيمة‪.‬‬ ‫و ُيرجح أن يكون س������بب ذلك هو أن األقواس احلادة‬ ‫واحلاف������ات أقل قابلية للتنب������ؤ بوجودها وزائدة على‬ ‫احلاجة (إذن‪ ،‬فهي أكثـر غـرابة ومعلومات) أكثر مـن‬ ‫احلافات املس������تقيمة‪ .‬وعلى هذا األساس‪ ،‬قد تكون‬ ‫املس������ارات املق ّوس������ة أقل زيادة على احلاجة‪ ،‬ولذلك‬ ‫فإنها أكثـر بروزا من املسارات املستقيمة‪.‬‬ ‫حتكم في الدراية بدماغ ُمس َّلك‬

‫(٭٭٭)‬

‫إن اإلمكانيات في اس������تعمال السحـر كمصدر‬ ‫أوه������ام معـرفي������ة‪ ،‬للمس������اعدة على عزل الش������بكات‬ ‫العصبية املسؤولة عـن وظائف معـرفية معينة بعضها‬ ‫عـن بعض‪ ،‬تبدو النهائية‪ .‬وقد استعار علماء أعصاب‬ ‫مؤخـرا أس������لوبا مـن السـحر‪ ،‬فطلب إلى اخلاضعني‬ ‫للتجربة أن يـربطوا ربطا خاطئا بني حدثني كس������بب‬ ‫(٭) ‪Multisensory Misdirection‬‬ ‫(٭٭) ‪The Pickpocket Who Picks Your Brain‬‬ ‫(٭٭٭) ‪Controlling Awareness in the Wired Brain‬‬ ‫(‪choice blindness )1‬‬ ‫(‪pursuit system )2‬‬ ‫(‪smooth motion )3‬‬ ‫(‪saccadic system )4‬‬ ‫(‪saccadic suppression )5‬‬


‫[االرتباط املوهم]‬

‫كيف يتـعامل الـدماغ مع «الـمـسـتـحـيل»‬

‫(٭)‬

‫تصور عالقات سبـبـيـة مستحيلة‬ ‫شرائط ڤيديو خلدع سحـرية‪ ،‬يبدو أنها‬ ‫ّ‬ ‫مثل جعل كرة تختفي (الصور في الصف العلوي)‪ ،‬عُ رضت على خاضعيـن‬ ‫لتجـربة‪ ،‬وفي أثناء ذلك كانت ترسم مخطـطات ألدمغتهم بالرنني ‪.FMRI‬‬ ‫خلوها‬ ‫وعرضت على مجموعة ضابطة شرائط ڤيديو مشابهة باستثناء‬ ‫ّ‬

‫ونتيجة حينما كانت أدمغتهم حتت التسجـيل‪ .‬فعندما‬ ‫يسبق حدث ‪ A‬حدثا آخر ‪B‬؛ فإننا غالبا ما نستنتج‪،‬‬ ‫خطأ أو صوابا‪ ،‬أن ‪ A‬يس������بب ‪ ،B‬ويستغل الساحر‬ ‫املاهر ه������ذه النزعة الطبيعية ليجع������ل مـن املؤكد أن‬ ‫احلدث ‪( A‬ولنقل ـ على س������بيل املثال ـ س������كب ماء‬ ‫على كرة) هو الذي يس������بق دائما احلدث ‪( B‬اختفاء‬ ‫الكرة)‪ .‬في احلقيقة‪ ،‬إن احلدث ‪ A‬ال يسبب احلدث‬ ‫‪ ،B‬ولكن ظهوره املسبق يساعد الساحـر على جعله‬ ‫املعرفي‬ ‫يب������دو كذلك‪ .‬ويطلق املختصون بعلم النفس‬ ‫ّ‬

‫قرأنا أفكارك‬

‫(٭٭)‬

‫لقد أبعدنا ورقتك‬

‫هل حـزرنا ورقة اللعب التي اختـرتها على الصفحة‬ ‫تفسر املنظومة ‪ESP‬‬ ‫‪41‬؟ إذا ّ‬ ‫صح حدسنا فهل ّ‬ ‫لـ>پكؤڤر< إجابتـنا الصحيحة أم أن هنالك تفسيـرا‬ ‫أبسط ؟ ال تقرأ أكثر إلى أن تريد معرفة اجلواب‪.‬‬

‫هل استسلمت؟ أعد النظـر في أوراق اللعب الست‬ ‫في الصفحة رقم ‪ ،41‬ثم قارنها باألوراق اخلمس‬ ‫املـرسومة هنا‪ .‬أتالحظ أي فـرق؟ إذا كانت عملية‬ ‫رسم دائـرة حول عني قد ألهتك وانطلت عليك اخلدعة‬ ‫(اخلدعة انطلت على معظم الناس)؛ فأنت ضحية ما‬ ‫يسميه املختصون بعلم النفس عمى التغييـر‪ .‬ويكاد‬ ‫التغييـر ـ حتى ولو كان كبيرا وواضحا ـ أن يكون‬ ‫خافيا على نظـرك حني تلقي نظـرة أخـرى‪.‬‬ ‫‪45‬‬

‫مـن خدع سحـرية (الصور في الصف السفلي)‪ .‬وتبني مناطق الدماغ امللونة‬ ‫(الصورة ال ُيسرى في األسفل) حدوث نشاط عصبي إضافي متزايد حني‬ ‫شاهد اخلاضعون للتجـربة شرائط ڤيديو األلعاب السحرية بدال مـن شرائط‬ ‫الڤيديو الضابطة‪.‬‬

‫على هذا النوع مـن التأثير‪ :‬ارتباط موهم(‪.)1‬‬ ‫وهنالك دراس������ة غير منش������ورة أجـريت في عام‬ ‫خدع‬ ‫‪ ،2006‬قام بها >كوهن< وآخرون‪ ،‬حيث ُعرضت ٌ‬ ‫سحـرية على ش������ريط ڤيديو تناولت خروقا واضحة‬ ‫ـرضت على خاضعيـن‬ ‫ملفهومي السبب والنتيجة‪ .‬وع‬ ‫ْ‬ ‫الختبار برس������م املخطط������ات بالرنني املغنطيس���ي‬ ‫الوظيف���ي (‪ .)2()FMRI‬و ُأجري������ت مقارن������ة لص������ور‬ ‫أدمغتهم بأمثالها ملجموعة ضابطة(‪ )3‬مـن أشخاص‬ ‫شاهدوا ش������ريط ڤيديو آخر ليس فيه انتهاكات جلية‬ ‫ملبدأ السبـبـية‪ .‬وقد اكتش������ف الباحثون في القشـرة‬ ‫الدماغي���ة احلزامي���ة األمامية(‪ )4‬ل������دى اخلاضعيـن‬ ‫لالختبار الذيـن ش������اهدوا اخلدع السحـرية تفعيالت‬ ‫أش������ ّد مـن التفعيالت املماثل������ة للمجموعة الضابطة‪.‬‬ ‫ويشير هذا االكتشاف إلى أن هذا اجلـزء مـن املنطقة‬ ‫الدماغية قد يكون مسؤوال عن العالقات السبـبـية‪.‬‬ ‫لقد شرعت أبحاث >كوهن< وزمالئه في التلميح‬ ‫إلى قدرة أساليب السحـر على د ْولبة ملكـتي االنتباه‬ ‫واإلدراك م������ن خالل دراس������تهم فزيولوجية الدماغ‪.‬‬ ‫فلو تع ّلم علماء األعصاب اس������تخدام طـرائق السحـر‬ ‫مبهارات الس������حـرة احملتـرفني نفس������ها‪ ،‬الستطاعوا‬ ‫ه������م أيضا التحكم ف������ي اإلدراك حتكما دقيقا وآنيا‪.‬‬ ‫وإذا أقاموا عالقة ارتباط بيـن مادة اإلدراك ووظائف‬ ‫العصبونات‪ ،‬فس������يمتلكون الوسائل لتحـري أسرار‬ ‫>‬ ‫الشعور نفسه‪.‬‬ ‫(٭) ‪How The Brain Deals With The Impossible‬‬ ‫(٭٭) ‪We Read Your Mind‬‬ ‫(‪illusory correlation )1‬‬ ‫(‪functional magnetic resonance imaging )2‬‬ ‫(‪ ،control group )3‬أو مجموعة شاهدة‪.‬‬ ‫(‪the anterior cingulate cortex )4‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪8002 rebmeceD ,naciremA cfiitneicS‬‬


‫املجلد ‪ 26‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2010‬‬

‫‪2/1‬‬

‫اكتساب األجنحة‬

‫(٭)‬

‫فسرت االكتشافات األحفورية واجلينية أخيرا تطور‬ ‫اخلفافيش ـ وحسمت جدال استمر طويال حول نشأة قدرة اخلفافيش‬ ‫على الطيران‪ ،‬وعلى شق طريقها باستخدام الرصد الصدوي ‪.echolocation‬‬ ‫>‪ .B .N‬سيمونز>‬

‫مفاهيم مفتاحية‬ ‫>‬

‫>‬

‫>‬

‫>‬

‫اخلفافيش هي احليوانات‬ ‫الثديية الوحيدة القادرة على‬ ‫الطيران‪ .‬ولذلك‪ ،‬تاق العلماء‬ ‫إلى معرفة الطريقة التي نشأت‬ ‫بها عن أسالفها التي عاشت‬ ‫على األرض‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬وإلى عهد قريب‪،‬‬ ‫كانت اخلفافيش األحفورية‬ ‫حتى أقدمها‪ ،‬التزال تشبه من‬ ‫الناحية األساسية اخلفافيش‬ ‫احلالية‪.‬‬ ‫بينت األحافير املكتشفة حديثا‬ ‫نوعا ساعد على ربط اخلفافيش‬ ‫بأسالفها غير الطائرة‪.‬‬ ‫وإضافة إلى ذلك‪ ،‬أوضحت‬ ‫نتائج الدراسات اجلينية‬ ‫والبيولوجية التكوينية أصول‬ ‫اخلفافيش‪ ،‬وحدّدت مكانها على‬ ‫شجرة األنساب من الثدييات‪،‬‬ ‫كما حددت الطريقة التي رمبا‬ ‫يكون قد نشأ جناح اخلفاش عن‬ ‫طريقها‪.‬‬ ‫محررو ساينتفيك أمريكان‬

‫‪46‬‬

‫إذا مس������حت السماء ببصرك وقت الغروب في أمسية‬ ‫من أمسيات الصيف‪ ،‬فس������وف ترى واحدة من أروع‬ ‫قصص التطور جناحا‪ :‬إنه������ا اخلفافيش‪ .‬ومع وجود‬ ‫أن������واع منها في كل قارة من قارات العالم‪ ،‬باس������تثناء‬ ‫القطب اجلنوبي‪ ،‬تصبح اخلفافيش مجموعة ش������ديدة‬ ‫التنوع حتى وإن هناك نوعا منها من بني كل خمس������ة‬ ‫أنواع من الثدييات التي تعيش اليوم‪ .‬ويعود الس������بب‬ ‫ف������ي ش������هرة اخلفافيش‪ ،‬بالطب������ع‪ ،‬إل������ى قدرتها على‬ ‫الطي������ران التي تتيح لها االس������ــتفادة من املوارد التي‬ ‫ال تس������تطيع الثديي������ات األخرى الوص������ول إليها‪ .‬ومع‬ ‫ذلك‪ ،‬فمن الصعب توقع نش������وء مث������ل هذه املجموعة‪:‬‬ ‫فلم يحدث أن قام أي من الثدييات األخرى بغزو عنان‬ ‫السماء‪ .‬وقد كان السؤال الذي استحوذ على اهتمام‬ ‫علمــاء احلياة عش������رات السنني هو ـ بالتحديد ـ كيف‬ ‫نش������أت سادة سماء الليل عن أس���ل��افها التي عاشت‬ ‫على األرض‪.‬‬ ‫������فت‬ ‫كانت اإلجابات بطيئة اخلطى‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كش ُ‬ ‫مع زمالئي‪ ،‬في الشهر ‪ ،2008/2‬النقاب عن أحفورتني‬ ‫لنوع م������ن اخلفافيش غي������ر معروف من قب������ل ز ّودتنا‬ ‫باستبصارات حاس������مة لهذا التحول الغامض‪ .‬فهذا‬ ‫وس������مي‬ ‫الن������وع ال������ذي ُعثر عليه ف������ي والية وايومنگ ُ‬ ‫أونيكونيكتيري���س فينياي‬

‫‪Onychonycteris finneyi‬‬

‫يع ّد من أقدم اخلفافيش البدائية والتي اكتشفت حتى‬ ‫اآلن‪ .‬وقد قادت هذه األحافير اآلن مع غيرها‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى نتائ������ج التحاليل اجليني���ة ‪ genetic‬احلديثة‪ ،‬إلى‬ ‫فهم جديد عن نشأة اخلفافيش وتط ّورها‪.‬‬ ‫أعجوبة ُم َج َّنحة‬

‫(٭٭)‬

‫ولك������ي ندرك م������دى متيز اخلفافي������ش‪ ،‬علينا أن‬ ‫نض������ع نصب أعيننا واحدة من س������ماتها املميزة أال‬ ‫وهي األجنح������ة‪ .‬إن هن������اك قلة من الثديي������ات‪ ،‬مثل‬ ‫السناجيب الطائرة‪ ،‬تس������تطيع أن تنزلق من شجرة‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫إلى أخ������رى‪ ،‬بفضل ثنية في اجلل������د تصل طرفيها‬ ‫األماميني بطرفيها اخللفي���ي��ن‪ .‬وبصورة عامة‪ ،‬يتفق‬ ‫اخلبراء على أنّ اخلفافيش نشأت‪ ،‬على األرجح‪ ،‬عن‬ ‫أس���ل��اف كانت تعيش بني األش������جار ومتتلك القدرة‬ ‫عل������ى االنزالق أو الطي���ران الش���راعي(‪ .)1‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫تنف������رد اخلفافيش م������ن بني الثديي������ات بقدرتها على‬ ‫الطيران الناش������ط أو طي���ران الرفرف���ة(‪ ،)2‬وهو أكثر‬ ‫تعقيدا بدرجة كبيرة من الطيران الش������راعي‪ .‬وتدين‬ ‫اخلفافيش بهذه القدرة إلى ُبنية أجنحتها‪.‬‬ ‫تتأل������ف عظام جن������اح اخلفاش من عظام س������اعد‬ ‫وأصابع بالغة االستطالة تدعم وتبسط أغشية اجلناح‬ ‫الرقيق������ة املرنة‪ .‬ومتتد األغش������ية نحو ال������وراء لتحيط‬ ‫بالطرفني اخللفيني واللذي������ن يكونان أصغر قليال من‬ ‫أمثالهم������ا في الثدييات املُماثلة في احلجم التي تعيش‬ ‫على األرض‪ .‬والكثير من اخلفافيش لها أيضا غش������اء‬ ‫ذيلي ميتد ب���ي��ن الطرفني اخللفيني‪ .‬وهناك عظم منفرد‬ ‫ّ‬ ‫يدع������ى الطنف ‪ calcar‬يبرز م������ن عقب اخل ّفاش ليدعم‬ ‫احلافة املرتخي������ة لهذا الغش������اء‪ .‬وبتحريك أصابعها‬ ‫وس������اعديها ورجليها وأطنافها تس������تطيع اخلفافيش‬ ‫مما يجعلها‬ ‫أن تناور بجناحيه������ا بطرائق ال حتصى؛ ّ‬ ‫حيوانات طائرة ال تبارى‪.‬‬ ‫وتس������تطيع معظ������م اخلفافي������ش أيض������ا أن تحُ ّدد‬ ‫مواقعها بالرصد الصدوي (رجوع الصدى)(‪ .)3‬وميكن‬ ‫لهذه احليوانات الليلية‪ ،‬بإرسالها أصوات عالية الذبذبة‬ ‫(٭) ‪TAKING WING‬‬ ‫(٭٭) ‪Winged Wonder‬‬

‫(‪ )1‬اس������تخدم تعبير «الطيران الش������راعي» هن������ا مرادفا لكلمة‬ ‫االنزالق ‪.gliding‬‬ ‫(‪ )2‬استخدم تعبير «طيران الرفرفة» هنا مرادفا لكلمة «الطيران‬ ‫الناش������ط» ‪ powered flight‬الذي تستخدم فيه رفرفة األجنحة‪،‬‬ ‫وتب������ذل في������ه الطاقة‪ .‬وقد اس������تخدم التعبير نفس������ه مبعناه‬ ‫احلرفي ‪ flapping flight‬في موضع آخر في املقالة‪.‬‬ ‫(‪ )3‬تعني حتديد مواقع األشياء باستخدام صدى الصوت‪.‬‬


‫ومن َث َّم حتليل أصدائها املنعكس������ة‪،‬‬ ‫أن تكتش������ف عوائق أو فرائس بدقة‬ ‫تف������وق كثيرا دق������ة الرؤي������ة وحدها‪.‬‬ ‫(وعلى النقيض م������ن التعبير «أعمى‬ ‫كاخل ّفاش»‪ ،‬فجميع اخلفافيش ميكن‬ ‫أن ترى)‪ .‬فهن������اك أكثر من ‪ %85‬من‬ ‫أنواع اخلفافي������ش التي تعيش اليوم‬ ‫تستخدم الرصد الصدوي في حتديد‬ ‫املوقع‪ .‬أ ّما البقية الباقية‪ ،‬فتنتمي إلى‬ ‫فصيل������ة واحدة ـ خفافي������ش الفاكهة‬ ‫في العالم القدمي‪ ،‬التي تدعى أحيانا‬ ‫بالثعال���ب الطائ���رة ‪،flying foxes‬‬ ‫والتي فقدت على ما يبدو هذه القدرة‬ ‫على استخدام حاسة السمع وع ّولت‬ ‫ب������دال منها‪ ،‬عل������ى نحو كام������ل‪ ،‬على‬ ‫حاستي البصر والشم إليجاد الثمار‬ ‫واألزهار التي تتغ ّذى بها‪.‬‬ ‫ومتتلك اخلفافي������ش التي تعتمد‬ ‫عل������ى الرص������د الص������دوي مجموعة‬ ‫من املزاي������ا التش������ريحية والعصبية‬ ‫والس������لوكية التي متكنها من إرسال‬ ‫وتلقي أص������وات عالية التر ّدد‪ .‬فهناك‬ ‫ثالثة عظام في اجلمجمة قد اعتراها‬ ‫التحوي������ر‪ :‬األول‪ ،‬وهو الالمي القلم���ي ‪ stylohyal‬وهو‬ ‫عظم طويل ونحيل يربط قاعدة اجلمجمة مبصفوفة من‬ ‫العظام الصغيرة ـ تس������مى جميعها باجلهاز الالمي‬ ‫‪ hyoid apparatus‬ـ������ـ والتي تدع������م عضالت احلنجرة‬ ‫وصندوق الصوت‪ .‬وفي معظم اخلفافيش التي تش������ق‬ ‫تتوسع النهاية العليا لالمي‬ ‫طريقها بالرصد الصدوي‪ّ ,‬‬ ‫القلمي على شكل مجداف يساعد على تثبيت اجلهاز‬ ‫الالمي باجلمجمة‪.‬‬ ‫أ ّما العظمان اآلخران املرتبطان بالرصد الصدوي‪،‬‬ ‫فيوجدان في األذن‪ .‬تس������تقبل جميع الثدييات األصوات‬ ‫عن طريق سلس������لة من العظام تع������رف بعظيمات األذن‬ ‫تنقل الصوت بني غش������اء طبل������ة األذن واألذن الداخلية‬ ‫اململوءة بسائل‪ .‬يشكل عظم املطرقة ‪ malleus‬أول هذه‬ ‫السلس������لة من العظيمات‪ ،‬وهو م������زود بنتوء كبير منتفخ‬ ‫ف������ي اخلفافي������ش التي تعتم������د على الرص������د الصدوي‬ ‫يساعد على التح ّكم في اهتزازه‪ .‬ولدى مرور األصوات‬ ‫عبر عظيم������ات األذن‪ ،‬فإنّها تنتقل إل������ى األذن الداخلية‬ ‫حيث تصط������دم بعضو حلزوني ممتلئ يعرف بالقوقعة‬ ‫‪( cochlea‬وهي كلمة التينية باملعنى نفسه) حتوي خاليا‬ ‫عصبية متخصصة مس������ؤولة عن اس������تقبال األصوات‪.‬‬ ‫والقوقع������ة ف������ي اخلفافي������ش التي تعتمد عل������ى الرصد‬ ‫الصدوي تكون أكبر حجما بالنسبة إلى سائر مكونات‬ ‫اجلمجم������ة‪ ،‬مقارنة بالثدييات األخرى‪ ،‬وهذا ما يجعلها‬ ‫أكثر قدرة على اإلحس������اس باألص������وات العالية التر ّدد‬ ‫‪47‬‬

‫وعلى التمييز بني التر ّددات املختلفة لهذه األصوات‪.‬‬ ‫(٭)‬

‫أ ّيهما سبق اآلخر؟‬

‫إنّ الكش������ف الذي مت قبل أكثر من ‪ 60‬سنة حول‬ ‫إمكاني������ة معظم خفافيش العال������م أن «ترى بالصوت»‬ ‫َ‬ ‫أوضحت أن «الرصد الصدوي» قد أس������هم إس������هاما‬ ‫كبيرا في تنوع اخلفافيش وفي النجاح التطوري الكبير‬ ‫له������ا‪ .‬ولكن‪ ،‬أي من التك ّيفني الرئيس������يني ـ «الطيران»‬ ‫و«الرصد الصدوي» ـ سبق اآلخر؟ وكيف وملاذا نشأ‬ ‫كل منهما؟ فقد ظهرت مع حلول التسعينات من القرن‬ ‫املاضي ثالث نظريات متنافسة‪.‬‬ ‫يعتق������د االفتراض الذي ين������ادي بـ«ظهور الطيران‬ ‫أوال» أنّ أس���ل��اف اخلفافيش ط ّورت الطيران الناشط‬ ‫كوسيلة لتحس���ي��ن القدرة على التحرك وتقليل الزمن‬ ‫والطاق������ة الالزمني للبح������ث عن الطع������ام‪ .‬وتبعا لهذا‬ ‫السيناريو‪ ،‬تط ّور «الرصد الصدوي» الحقا لكي يجعل‬ ‫من الس������هل على اخلفافيش األول������ى أن تتبني وتتتبع‬ ‫الفرائس التي تتعقبها‪ ،‬بالفعل‪ ،‬أثناء الطيران‪.‬‬ ‫وعل������ى العكس من ذلك‪ ،‬تفت������رض فكرة «الرصد‬ ‫الص������دوي أوال» أنّ اخلفاش������يات األولي������ة التي تطير‬ ‫طيرانا شراعيا قد قامت باصطياد فرائسها الهوائية‬ ‫م������ن مكامنها ف������ي األش������جار باس������تخدام «الرصد‬

‫)٭( ?‪Which Came First‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫انتصار مج ّنح‪ :‬تسيطر اخلفافيش‬ ‫على سماء الليل؛ بفضل قدرتها على‬ ‫الطيران‪.‬‬


‫اللوح‬

‫الترقوة‬ ‫القص‬

‫[أساسيات التشريح]‬

‫عظم العضد‬

‫ثديي‬ ‫حتول‬ ‫ّ‬

‫(٭)‬

‫الزند‬ ‫الطنف‬

‫الكعبرة‬ ‫رسغيات‬

‫خفاش‬

‫اإلبهام‬

‫يع ّد نشوء اخلفافيش عن الثدييات التي تعيش على‬ ‫األرض من بني أعظم التحوالت التطورية‪ .‬ومعظم‬ ‫التحوالت في الهيكل العظمي للخفافيش تتع ّلق‬ ‫امللونة)‪ .‬ولكن تغ ّيرت أيضا‬ ‫بعملية الطيران (العظام‬ ‫ّ‬ ‫ثالثة عظام في احللق واألذن‪ ،‬وهي العظم الالمي‬ ‫القلمي ‪ stylohyal‬وعظم املطرقة ‪ malleus‬وعظم القوقعة‬ ‫‪ ،cochlea‬حيث متددت بطريقة سمحت بنشوء الرصد‬ ‫الصدوي [انظر الشكل املؤطر]‪.‬‬

‫سالميات‬

‫مشطيات‬

‫املطرقة‬ ‫القوقعة‬

‫اللوح‬

‫القص‬

‫الس ّنور‬ ‫(القط)‬

‫الترقوة‬ ‫عظم العضد‬ ‫الكعبرة‬ ‫رسغيات‬

‫الزند‬

‫الالمي‬ ‫القلمي‬

‫مشطيات‬

‫جمجمة خفاش يعتمد‬ ‫على الرصد الصدوي‬

‫سالميات‬

‫املؤلفة‬

‫‪Nancy B. Simmons‬‬

‫أستاذ كرسي بشعبة علم احليوانات‬ ‫الفقرية واألمينة املسؤولة عن قسم‬ ‫الثدييات في املتحف األمريكي للتاريخ‬ ‫الطبيعي مبدينة نيويورك‪ .‬يتر ّكز بحثها‬ ‫على فهم نشوء اخلفافيش وتن ّوعها‪.‬‬ ‫تتخصص <سيمونز> بدراسة هياكل‬ ‫ّ‬ ‫اخلفافيش األحفورية واملعاصرة‪،‬‬ ‫وقامت بإجراء أبحاث حقلية مستفيضة‬ ‫في الغابات املطيرة بأمريكا اجلنوبية‪.‬‬ ‫وتستخدم املؤلفة أيضا تسلسالت الدنا‬ ‫‪ DNA‬لتوضيح العالقات بني أنواع‬ ‫اخلفافيش‪.‬‬ ‫‪48‬‬

‫الصدوي» الذي تط ّور ليساعدها على تع ّقب طرائدها‬ ‫من مسافة بعيدة‪ .‬أما طيرانها الناشط‪ ،‬فقد تط ّور فيما‬ ‫بعد ليزي������د قدرتها على املناورة و ُي َي ِّس������ َر عودتها إلى‬ ‫مكمن الصيد‪.‬‬ ‫أما افتراض التط ّور املزدوج‪ ،‬فيرى من ناحيته أن‬ ‫الطيران والرصد الصدوي قد تطورا في وقت واحد‪.‬‬ ‫وق������د ارتكزت هذه الفكرة على دليل جتريبي ُيظهر أنّ‬ ‫إصدار اخلفافي������ش لصيحات الرصد الصدوي وهي‬ ‫مس������تقرة في أماكنها يكلفها ق������درا كبيرا من الطاقة‪،‬‬ ‫بينما ال يكلفها ذلك ش������يئا أثناء الطيران؛ بس������بب أنّ‬ ‫انقباض عضالت الطيران يس������اعد على ملء الرئتني‬ ‫بالهواء؛ مولدا دفعات الهواء الالزمة إلصدار أصوات‬ ‫حادة عالية التردد‪.‬‬ ‫والوس������ ــيلة الوحيـ ــدة الختب ـ ـ������ار هذه الفرضيات‬ ‫حـ ـ ـ������ول نش������ـ ـ ـ ــأة الطي ـ ـ ــران والرص ـ ـ������د الصـ ـ ــدوي‬ ‫تتمثل بتحديد مواقع الصفات املرتبطة بهما ـ األجنحة‬ ‫وعظيم������ات القواق���ع ‪ cochleas‬املتضخمة مثال ـ على‬ ‫شجرة ن َ​َس ِب اخلفافيش لتحديد النقطة التي نشأ عنها‬ ‫كل منها‪ .‬وخالل التسعينات من القرن املاضي لم يكن‬ ‫لدينا‪ ،‬ببساطة‪ ،‬أية حفريات للخفافيش تتض ّمن بعضا‬ ‫من هذه الصفات اإلرشادية‪.‬‬ ‫إنّ أحافي������ر اخلفافي������ش ن������ادرة ج������دا‪ ،‬ذلك أنّ‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫اخلفافي������ش القدمية كان������ت‪ ،‬مثل مثيالته������ا احلالية‪،‬‬ ‫صغيرة ورقيقة‪ ،‬وكانت متي������ل إلى احلياة في البيئات‬ ‫املداري������ة‪ ،‬حيث تتم عملي������ات التحلل بس������رعة كبيرة‪.‬‬ ‫والطريق������ة الوحيدة‪ ،‬تقريبا‪ ،‬الت������ي ميكن للخفاش عن‬ ‫طريقه������ا أن يترك أحفورة له ه������ي أن ميوت في مكان‬ ‫تتم فيه تغطيته بس������رعة بالرواس������ب الت������ي حتميه من‬ ‫املترممات واحمللالت‪.‬‬ ‫وحت������ى عه������د قري������ب‪ ،‬كان أق������دم اخلفافي������ش‬ ‫وأكثرها بدائية في الس������جل األحف������وري هو اخلفاش‬ ‫إيكارونيكتيري���س إندكس ‪ Icaronycteris index‬الذي‬ ‫يقدر عمره بنحو ‪ 52.5‬مليون سنة‪ ،‬وسمي باسم صبي‬ ‫األسطورة اإلغريقية الذي ح ّلق إلى مسافة قريبة جدا‬ ‫من الش������مس‪ .‬وقد اكت ُِش َف اخلفاش إيكارونيكتيريس‬ ‫في الس������تينات من القرن املاضي في رواسب بحيرية‬ ‫كانت موجودة ضمن تشكيل «گرين ريڤر» املشهور في‬ ‫والية وايومنگ‪ ،‬حي������ث قامت صخور األحجار الطينية‬ ‫واألحجار اجليرية الناعمة احلبيبات بحفظ أحافير من‬ ‫األسماك والنباتات واحلش������رات والتماسيح والطيور‬ ‫حفظا جيدا‪.‬‬ ‫وطوال األربعة العقود التالية الكتش������افه‪َ ،‬ش������ ّكل‬ ‫اخلف������اش إيكارونيكتيريس األس������اس لفه������م املرحلة‬ ‫املبكرة لتط ّور اخلفافيش‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ربمّ ا يكون الشيء‬

‫(٭) ‪Mammal Makeover‬‬


‫اخلفافيش القياسية‬ ‫(٭)‬ ‫الصفات‬ ‫أصغرها‬

‫يزن اخلفاش‬

‫كراسيونيكتيريس‬ ‫ثونكلونكياي‬

‫‪ 5‬سم‬

‫‪ ،Craseonycteris thonglongyai‬املعروف‬ ‫باسم اخل ّفاش الطنّان‪ ،‬حوالي ‪ 2‬غرام‪.‬‬

‫أكبرها‬

‫يبلغ عرض اجلناحني عند بسطهما في‬ ‫النوع املعروف باسم تيروپوس ڤامپيروس‬ ‫‪ ،Pteropus vampyrus‬وهو خفاش كبير آكل‬ ‫للفاكهة (ثعلب طائر)‪ ،‬مترين تقريبا‪.‬‬

‫‪ 5‬سم‬

‫أعالها صوتا‬

‫يطلق اخلفاش نوكتيليو ليپورينوس‬

‫‪Noctilio‬‬

‫‪ ،leporinus‬املعروف باسم خفاش البولدوگ‬ ‫الكبير‪ ،‬صرخات عالية التردد تصل‬ ‫شدتها إلى أكثر من ‪ 140‬ديسيبل ‪decibel‬‬ ‫أعلى ‪ 100‬مرة من صوت فرقة ملوسيقى‬ ‫الروك‪.‬‬

‫أكثرها جتمعا‬

‫يعيش اخلفاش تاداريدا برازيليانسيز‬

‫‪ ،Tadarida brasiliensis‬املعروف باسم‬ ‫اخل ّفاش املكسيكي احلر الذيل في‬ ‫مستعمرات قد يصل عدد أفرادها إلى‬ ‫املليون‪ .‬ويؤوي كهف «براكني» املوجود على‬ ‫مقربة من سان أنطونيو بوالية تكساس‬ ‫‪ 20‬مليونا من هذه املخلوقات ـ وهي أكبر‬ ‫مستعمرة معروفة‪.‬‬

‫أطولها لسانا‬

‫يصل طول لسان اخلفاش أنورا‬ ‫فيستيوالتا ‪ Anoura Fistulata‬املعروف‬

‫باخلفاش الرحيق األنبوبي الشفتني‬ ‫إلى ‪ 8.5‬سم‪ ،‬وميثل ‪ %150‬من‬ ‫طول جسمه‪ .‬ويتغ ّذى هذا‬ ‫اخل ّفاش برحيق زهرة أنبوبية‬ ‫تدعى سنتروپوگون نيگريكانز‬ ‫‪، Centropogon nigricans‬‬ ‫وهو ملقحها الوحيد‬ ‫املعروف‪.‬‬

‫‪49‬‬

‫األكثر لفت������ا للنظر في اخلفاش إيكارونيكتيريس‪ ،‬ومن‬ ‫غير املتوقع‪ ،‬هو مقدار تشابه هذا املخلوق القدمي متاما‬ ‫مع اخلفافيش احلالية‪َ .‬ي ُد ُّل ش������كل أسنانه على أنّه قد‬ ‫تغذى باحلشرات مثل معظم اخلفافيش احلالية‪ .‬كما أنّ‬ ‫ِس َب أطرافه باملثل تشبه ما هي عليه اليوم‪ ،‬فاألصابع‬ ‫ن َ‬ ‫طويل������ة ورفيعة‪ ،‬والس������اعدان مس������تطيالن والطرفان‬ ‫اخللفي������ان قصيران‪ .‬ويظهر اللوح������ان (عظما الكتف)‬ ‫والق������ص (عظم الصدر) وعظام القفص الصدري قدرة‬ ‫تامة على الطيران‪ .‬وق������د أظهر هذا اخلفاش الصفات‬ ‫التشريحية الالزمة للرصد الصدوي‪.‬‬ ‫لو كان اخلفاش إيكارونيكتيريس ال يزال يعيش‬ ‫ف������ي الوقت احلاضر‪ ،‬ألصبح من الصعب في الواقع‬ ‫متييزه من اخلفافيش األخرى‪ .‬وأكثر الس������مات التي‬ ‫مت ّيزه هي مخلب دقيق على إصبع الس������بابة (سمي‬ ‫هذا النوع ‪ index‬نس������بة إلى اس������م هذه اإلصبع في‬ ‫اللغ������ة اإلجنليزية)‪ .‬إن معظم اخلفافيش حتمل مخلبا‬ ‫واحدا فق������ط على اإلبهام‪ .‬ومع مرور الزمن‪ ،‬اختزلت‬ ‫صي مرنة‬ ‫نهايات األصاب������ع األربع األخرى إل������ى عِ ٍّ‬ ‫رقيقة يحتويها غشاء اجلناح بصورة كاملة‪ .‬ويبدو أنّ‬ ‫مخلب س ّبابة هذا اخلفاش هو إرث ورثه من أسالفه‬ ‫سكان اليابسة‪.‬‬ ‫(٭٭)‬

‫ملء الفجوة‬

‫وبالنظر إلى ما حدث في املاضي‪ ،‬لم يكن اخلفاش‬ ‫إيكارونيكتيريس أبدا «حلقة مفقودة» ذات أهمية‪ .‬ولكن‬ ‫أحفورة أخرى خلفاش من تشكيل «گرين ريڤر» ستثبت‬ ‫أنها تستحق هذا الوصف بجدارة‪ .‬لنبدأ باحلديث عن‬ ‫اخلف������اش أونيكونيكتيري���س ‪ .Onychonycteris‬إنّ‬ ‫العينت���ي��ن املعروفت���ي��ن واللتني عثر عليهم������ا هوا ُة جمع‬ ‫احلفريات في الس������نوات العش������ر األخيرة وجعلوهما‬ ‫متاحتني للدراس������ة العلمية فيما بعد‪ ،‬قد اك ُتش������فتا في‬ ‫الطبقة الصخرية نفس������ها التي اكتشف فيها اخلفاش‬ ‫إيكارونيكتيريس‪ ،‬ومن َث ّم اعتبر النوعان لهذا متماثلني‬ ‫بالقدم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يجم������ع اخلفاش «أونيكونيكتيريس»‬ ‫خليطا بني سمات قدمية وحديثة وهذا ما يجعله مخلوقا‬ ‫انتقاليا مثاليا كان علماء التطور يتوقون إليه‪.‬‬ ‫وقد كنت س������عيدة متام������ا بقيادت������ي الفريق الذي‬ ‫وصف وس������ ّمى النوع أونيكونيكتيري������س فينياي‪ .‬فقد‬ ‫اخترنا أونيكونيكتيريس ليكون اس������ما للجنس الذي‬ ‫يعن������ي «اخلفاش ذو املخالب» بس������بب أنّ األحفورة‬ ‫تبدي مخالب عل������ى األصابع اخلمس متاما مثلما‬ ‫تبديه أسالفها التي كانت تعيش على األرض‪ .‬إنّ‬ ‫وجود هذه املخالب اخلمسة هو الصفة الوحيدة في‬ ‫اخلف������اش أونيكونيكتيريس التي تذكرنا بالثدييات‬ ‫غي������ر الطائ������رة‪ .‬تتمتّ������ع معظ������م اخلفافيش‬ ‫بس������واعد طويلة ج������دا وأط������راف خلفية‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫إطاللة من الداخل على جمجمة اخل ّفاش األحفوري‬ ‫هاسيانيكتيريس ‪ Hassianycteris‬كما ب ّينها التصوير‬ ‫بأشعة ‪ X-‬عالية امليز‪ ،‬فهي ُتظهر أنّ عظم األذن املعروف‬ ‫باسم القوقعة متضخمة ــ وهي داللة على ّ‬ ‫متكن هذا‬ ‫احليوان من حتديد املوقع باستخدام صدى الصوت‪ .‬وقد‬ ‫تساءل الباحثون ملدة طويلة عَ ّما إذا طورت اخلفافيش‬ ‫الرصد الصدوي قبل الطيران أم بعده‪ .‬ولكن جميع أحافير‬ ‫اخلفافيش املعروفة قبل عام ‪ 2008‬تتم ّتع‪ ،‬مثل أحافير‬ ‫اخلفاش هاسيانيكتيريس‪ ،‬بوجود كلتا املهارتني‪.‬‬ ‫القوقعة‬

‫صغيرة‪ .‬ومع ذل������ك‪ ،‬فإنّ اخلف������اش أونيكونيكتيريس‬ ‫كانت له سواعد أقصر نس������بيا وأطراف خلفية أطول‬ ‫نس������بيا من مثيالتها في اخلفافيش األخرى‪ .‬ومقارنة‬ ‫������ب األطراف في اخلفاش‬ ‫ِس َ‬ ‫بالثدييات األخرى‪ ،‬فإنّ ن َ‬ ‫أونيكونيكتيريس تقع في الوسط بني نسبها في جميع‬ ‫اخلفافي������ش املعروفة من قبل (مبا ف������ي ذلك اخلفاش‬ ‫ِس ِبها في الثدييات الشجرية التي‬ ‫إيكارونيكتيريس) ون َ‬ ‫تعتمد اعتمادا كبيرا على أطرافها األمامية في احلركة‪،‬‬ ‫مثل احليوانات الكس���ولة ‪ sloths‬واجليبون ‪.gibbons‬‬ ‫فهذه احليوان������ات تتد ّلى من األغص������ان معظم الوقت‬ ‫أثناء تس������ ّلقها األشجار‪ .‬فرمبا تطورت اخلفافيش من‬ ‫أسالف شجرية استخدمت منطا مماثال من احلركة‪.‬‬ ‫وعل������ى الرغ������م م������ن ه������ذه الصف������ات البدائي������ة‬ ‫لألطراف‪ ،‬تش������ير مظاهر أخرى في تشريح اخلفاش‬ ‫أونيكونيكتيري������س إل������ى أنّه كان ق������ادرا على الطيران‬ ‫الناش������ط‪ .‬فأصابعه الطويلة كانت س������تدعم أغش������ية‬ ‫اجلناح‪ ،‬وعظما الترقوة القويان كانا سيساعدان على‬ ‫تثبيت الطرفني األماميني باجلس������م‪ .‬وفي الوقت نفسه‪،‬‬ ‫فإن القفص الصدري املتس������ع وعظم القص ذا العرف‬ ‫كانا سيقدمان الدعم لعضالت الطيران الضخمة‪ ،‬كما‬ ‫أن عظم اللوح ذا الس������طيحات كان س������يتيح الفرصة‬ ‫لوجود عضالت أخرى مرتبطة بالطيران‪.‬‬ ‫وثم������ة دالالت إضافي������ة تفس������ر لنا كيفي������ة تن ّقل‬ ‫اخلف������اش أونيكونيكتيري������س‪ ،‬وهي تأتي من نس������ب‬ ‫عظ������ام ذراعيه وأصابعه التي تب���ي��ن أن جناحي هذا‬ ‫اخلفاش كانا قصيرين وعريضني‪ ،‬وأطرافهما كانت‬

‫(٭) ‪EXTREME BATS‬‬ ‫(٭٭) ‪Filling the Gap‬‬


‫لم يكن للخفافيش‬ ‫إال قلة تنافسها على‬ ‫املوارد الغنية في‬ ‫الليالي اإليوسينية‪.‬‬

‫احليوانات الطائرة‬ ‫(٭)‬ ‫الشائعة‬

‫نشأ الطيران بني احليوانات الفقرية‬ ‫بصورة مستقلة في ثالث مجموعات‬ ‫منفصلة‪ :‬اخلفافيش والطيور‬ ‫(‪)1‬‬ ‫والعظاءات (السحالي) اجلناحية‬ ‫‪ .pterosaurs‬ومع أنّ أجنحة هذه‬ ‫احليوانات متشابهة ظاهريا‪ ،‬فإن‬ ‫أجنحة احليوانات يتميز بعضها عن‬ ‫بعض من الناحية التركيبية‪ .‬وفي‬ ‫ّ‬ ‫يشكل الساعد املستطيل‬ ‫اخلفافيش‬ ‫واألصابع من الثانية حتى اخلامسة‬ ‫أما‬ ‫العناصر األساسية للجناح‪ّ .‬‬ ‫جناح الطائر‪ ،‬فعلى العكس من ذلك‪،‬‬ ‫فتدعمه غالبا عظام الساعد واليد‪.‬‬ ‫ويستند جناح العظاءة اجلناحية‬ ‫بصورة رئيسية إلى عظام اليد‬ ‫واإلصبع الرابعة‪.‬‬

‫صغيرة نسبيا‪ .‬ومن بني اخلفافيش احلالية ال توجد‬ ‫س������وى خفافيش ذيل الفأر التي لها أجنحة قصيرة‬ ‫وعريضة مش������ابهة‪ .‬ولهذه اخلفافيش أس������لوب غير‬ ‫معتاد في الطيران هو أس������لوب الطيران الش������راعي ـ‬ ‫املرفرف‪ ،‬وهو يش������تمل على فترات طيران ش������راعي‬ ‫قصيرة تتخلل فترات طيران الرفرفة‪ .‬ولعل أفضل ما‬ ‫وصل إليه تقديرنا هو أنّ اخلفاش أونيكونيكتيريس‬ ‫قد ح ّلق بالطريقة نفس������ها‪ .‬ومن احملتمل أن الطيران‬ ‫الش������راعي ـ املرفرف كان حالة انتقالية في احلركة‬ ‫ب���ي��ن الطيران الش������راعي لدى أس���ل��اف اخلفافيش‬ ‫املبكرة وب���ي��ن طيران الرفرفة املس������تمرة لدى معظم‬ ‫اخلفافيش احلالية‪.‬‬ ‫بع������د توضيح كيفية طي������ران اخلفافيش املبكرة‪،‬‬ ‫ق ّدم لنا اخلفاش أونيكونيكتيريس بعض األدلة التي‬ ‫نحتاج إليها حلس������م اجلدل الدائر حول الزمن الذي‬ ‫نشأ فيه كل من الطيران والرصد الصدوي‪ .‬وبخالف‬ ‫اخلفافيش األخرى املعروفة والتي يعود تاريخها إلى‬ ‫حقبة «اإليوسني» ‪ ،Eocene‬وهي احلقبة التي تقع بني‬ ‫‪ 55.8‬مليون س������نة إلى ‪ 33.5‬مليون سنة مضت‪ ،‬يبدو‬ ‫أنّ اخلف������اش أونيكونيكتيريس ق������د افتقر إلى جميع‬ ‫الصفات العظمية الثالث املرتبطة بالرصد الصدوي‪.‬‬ ‫فقوقعته صغيرة‪ ،‬والبروز املوجود على عظم املطرقة‬ ‫صغير نس������بيا أيض������ا‪ ،‬ونهاية الالم������ي القلمي غير‬ ‫عريضة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تش������ير صف������ات أطرافه وقفصه‬ ‫الصدري بوضوح إلى قدرت������ه على الطيران‪ .‬ولذلك‬ ‫يب������دو أنّ اخلفاش أونيكونيكتيريس مي ّثل مرحلة في‬ ‫تط ّور اخلفافي������ش املبكرة بعد أن صار لديها القدرة‬ ‫على الطيران‪ ،‬ولكن قبل أن يتط ّور الرصد الصدوي‪.‬‬ ‫وقد أعطتنا األحافير ف������ي النهاية اجلواب‪ :‬الطيران‬ ‫أوال‪ ،‬والرصد الصدوي ثانيا‪.‬‬ ‫(٭٭)‬

‫تنوع قدمي‬ ‫ّ‬ ‫خفاش‬

‫طائر‬

‫عظاءة (سحلية) جناحية‬

‫‪50‬‬

‫أع������د ظهور الطيران والرصد الصدوي املس������رح‬ ‫ملرحلة تشعع اخلفافيش التك ّيفي املدهش‪ .‬فمن املعروف‬ ‫أنّ مثل هذه الفترات الس������ريعة من التن ّوع حتدث بعد‬ ‫تك ّي������ف خارق‪ .‬وق������د ُص ِّنفت اخلفافي������ش التي تعيش‬ ‫اليوم إلى ‪ 19‬فصيلة؛ وتش������ ّكل اخلفافيش األحفورية‬ ‫س������بع فصائ������ل إضافية‪ .‬وعل������ى نحو الف������ت للنظر‪،‬‬ ‫تش������ير الدراس������ات املعايرة زمني���ا ‪time-calibrated‬‬ ‫لتسلس���ل��ات الدنا ‪ DNA‬من اجلينات املتع ّددة إلى أنّ‬ ‫جميع الفصائل (‪ 26‬فصيلة) كانت موجودة في نهاية‬ ‫حقبة اإليوس���ي��ن‪ .‬فهذه الطف������رة الكبيرة في التنوع لم‬ ‫تكن سابقة في تاريخ الثدييات‪.‬‬ ‫وم������ع ذلك‪ ،‬لم يكن الطي������ران والرصد الصدوي‬ ‫العامل���ي��ن األوحدين املؤديني إلى هذا التش������عع‪ .‬إن‬ ‫نش������أة هذه املجموعات الرئيسية من اخلفافيش قد‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫حلقة مفقودة‪ :‬ميأل اخلفاش أونيكونيكتيريس فينياي‬

‫‪ Onychonycteris finneyi‬املكتشف حديثا ــ واألكثر بدائية‬ ‫في السجل األحفوري ــ الفجوة بني اخلفافيش احلالية‬ ‫والثدييات األرضية‪ .‬فهناك صفات مثل األصابع البالغة‬ ‫االستطالة وشكل القفص الصدري وعظم الكتف تبني أ ّنه‬ ‫كان قادرا على الطيران الناشط‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال يزال يُبقي على‬ ‫رجلني خلفيتني طويلتني نسبيا وعلى املخالب في جميع‬ ‫أصابعه اخلمس ــ وهي صفات موروثة من سلف أرضي‪.‬‬ ‫يفتقر اخلفاش أونيكونيكتيريس ‪ Onychonycteris‬أيضا إلى‬ ‫السمات الدالة على وجود الرصد الصدوي‪ ،‬وهذا يبني أن‬ ‫الطيران قد نشأ قبل الرصد الصدوي‪.‬‬

‫تزامنت بوض������وح مع ارتفاع في متوس������ط درجات‬ ‫احلرارة الس������نوية‪ ،‬وزيادة مهم������ة في تن ّوع النباتات‬ ‫وقم������ة التن������وع في احلش������رات‪ .‬فجمي������ع اخلنافس‬ ‫الس������ريعة الطي������ران وذب���اب الب���ردى ‪caddis flies‬‬ ‫والصراصير والفراشات الصغيرة املرفرفة ستشكل‬ ‫مائدة حقيقية من احلشرات يستطيع أن يختار منها‬ ‫املفترس الطائر ما يش������اء‪ .‬ومب������ا أن اخلفافيش هي‬ ‫املفترس������ات الليلية الطائرة الوحيدة‪ ،‬باستثناء البوم‬ ‫الس َبد ‪ ،nightjars‬فلم يكن هناك إ ّال القليل من‬ ‫وطائر ُّ‬ ‫املنافسني على املوارد الغنية في ليالي اإليوسني‪.‬‬ ‫وتعطين������ا األحافير الت������ي عثر عليه������ا في موقع‬ ‫(٭) ‪FREQUENT FLIERS‬‬ ‫(٭٭) ‪Ancient Diversity‬‬

‫(‪ )1‬تتبع العظاءات اجلناحية طائفة الزواحف حيث كانت تعيش‬ ‫قبل ‪ 150 - 120‬مليون سنة‪ ،‬وهي منقرضة اآلن‪ .‬ولم يكن‬ ‫معظمها قادرا على طيران الرفرفة مثل الطيور واخلفافيش‬ ‫التي نعرفها اليوم‪ .‬وقد بلغ عرض األجنحة وهي منبسطة في‬ ‫أحد أنواع العظاءات ‪ 8‬أمتار‪ ،‬ولكنها كانت خفيفة الوزن؛ إذ‬ ‫بلغ عرض األجنحة في نوع آخر منها ‪ 15.5‬متر‪.‬‬


‫[شجرة نسب فصيلة اخلفافيش]‬

‫وضع اخلفافيش في مواقعها‬

‫(٭)‬

‫اعتاد علماء احلياة االعتقاد أنّ هناك عالقة نسب ّية كانت تربط اخلفافيش بواحدة من‬

‫تتضمن الز ّبابات ‪shrews‬‬ ‫مجموعتني‪ :‬إما مجموعة الثدييات الصغيرة آكلة احلشرات والتي‬ ‫ّ‬ ‫واحليوانات القريبة منها‪ ،‬وإما مجموعة الرئيسيات واحليوانات القريبة منها ــ ومن بينها‬ ‫الليمورات الطائرة ‪ .colugos‬غير أنّ التحليالت اجلينية احلديثة توصلت إلى استنتاج أنّ‬ ‫مجموعة من الثدييات املعروفة باسم اللوراسيات‬ ‫اخلفافيش تنتمي‪ ،‬عوضا عن ذلك‪ ،‬إلى‬ ‫ٍ‬

‫‪ Laurasiatheria‬التي تشمل حيوانات تعيش اليوم مثل الكالب واحليتان واألبقار وبعض‬ ‫آكالت احلشرات‪( .‬وعلى الرغم من أنّ الز ّبابات هي أعضاء في هذه املجموعة‪ ،‬فإن قرابة‬ ‫اخلفافيش لها ال تكون أكثر من قرابتها لألفراد احلية األخرى من اللوراسيات)‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫فإن أقرب أقرباء اخلفافيش رمبا احليوانات اللوراسية ‪ laurasiatheres‬التي انقرضت‪ .‬ولكي‬ ‫نكشف عن هذه احليوانات؛ يحتاج الباحثون إلى أن ينقبوا عن أحافير أقرب إلى أصل‬

‫اخلفافيش من أونيكونيكتيريس ‪.Onychonycteris‬‬

‫اخلفافيش اإليوسينية األحفورية‬ ‫أونيكونيكتيريس‬

‫إيكارونيكتيريس‬ ‫أركيونيكتيريس‬ ‫هاسيانيكتيريس‬ ‫پاليوكيروپتيريكس‬

‫منقار‬ ‫البط‬ ‫الكنغر‬ ‫خنزير‬ ‫األرض ــ‬ ‫دوبل األرض‬ ‫الفيل‬

‫اخلفافيش التي تعيش اليوم‬ ‫خفافيش العالم القدمي‬ ‫اآلكلة للفاكهة‬ ‫خفافيش حدوة الفرس‬

‫السنجاب‬

‫خفافيش العالم القدمي‬ ‫الورقية األنف‬

‫الفأر‬

‫املد ّرع‬

‫اخلفافيش املاصة للدم‬ ‫اخلفافيش الطنانة الكاذبة‬

‫األرنب‬

‫خفافيش ذيل الفأر‬

‫الليمور‬ ‫الطائر‬

‫اخلفافيش الغائرة األنف‬ ‫اخلفافيش الغمدية الذيل‬

‫اجليبون‬

‫خفافيش العالم اجلديد‬ ‫الورقية األنف‬

‫اإلنسان‬

‫اخلفافيش الورقية الذقن‬

‫اللوراسيات‬ ‫اخلفافيش‬

‫اخلفافيش الدخانية‬

‫الزبّاب‬

‫اخلفافيش الصائدة السمك‬ ‫اخلفافيش القرصية اجلناح‬ ‫خفافيش نيوزيلندا‬ ‫القصيرة الذيل‬ ‫اخلفافيش الالصقة األقدام‬ ‫خفافيش املساء‬ ‫اخلفافيش الطويلة األصابع‬ ‫اخلفافيش احلرة الذيل‬ ‫اخلفافيش القمعية األذن‬

‫احلوت‬ ‫البقر ة‬ ‫احلصان‬ ‫الكلب‬ ‫أم قرفة ـ آكل النمل احلرشفي‬

‫«ميس������يل» ‪ Messel‬بأملانيا حملة عن هذا التن ّوع املب ّكر‪.‬‬ ‫فعل������ى الرغم من أنّ هذه األحافي������ر التي يقدر عمرها‬ ‫بـ‪ 47‬مليون سنة هي أصغر قليال من اخلفافيش التي‬ ‫عثر عليها في تشكيل «گرين ريڤر»‪ ،‬فإنها أكثر تن ّوعا‬ ‫بكثير‪ .‬فقد عثر على س������بعة أنواع من اخلفافيش في‬ ‫موقع «ميسيل»‪ ،‬منذ أن بدأ التنقيب العلمي هناك في‬ ‫السبعينات من القرن املاضي وهي تشتمل على‪ :‬نوعني‬ ‫ينتميان إلى اجلنس أركيونيكتيريس ‪،Archaeonycteris‬‬ ‫ونوعني ينتمي������ان إلى اجلن������س پاليوكيروپتيريكس‬ ‫‪ ،Palaeochiropteryx‬ونوع���ي��ن ينتمي������ان إلى اجلنس‬ ‫هاس���يانيكتيريس ‪ ،Hassianycteris‬وأخي������را النوع‬ ‫تاكيپتيرون فرانزين���ي ‪ ،Tachypteron franzeni‬وهو‬ ‫النوع األقدم املعروف في فصيلة اخلفافيش املعروفة‬ ‫(‪)1‬‬ ‫باس������م غمدية الذيل ‪ Emballonuridae‬والتي التزال‬ ‫تعيش حتى اليوم‪.‬‬ ‫من السهل أن ندرك سبب ازدهار اخلفافيش في‬ ‫موقع «ميس������يل»‪ .‬فخالل حقبة اإليوس���ي��ن كان مناخه‬ ‫معتدال‪ ،‬وكان موطنا لبحيرات متع ّددة محاطة بغابات‬ ‫حتت مدارية وفيرة الغذاء‪ .‬ونستطيع أن نحكم من وفرة‬ ‫البقاي������ا األحفورية أن اآلالف من احلش������رات الطائرة‬ ‫واملائي������ة واألرضية كانت متاحة لالفتراس‪ .‬وهذا‪ ،‬في‬ ‫الواقع ما فعلته خفافيش موقع «ميس������يل»‪ .‬فقد كانت‬ ‫جمي ُع األنواع الس������بعة آكلة للحشرات‪ ،‬ولكن كل نوع‬ ‫تخصص بالتهام مجموعة مع ّينة من احلشرات؛‬ ‫منها‬ ‫ّ‬ ‫وهذا ما د ّل������ت عليه محتويات املَعِ َدة احملفوظة في تلك‬ ‫األن������واع‪ .‬فبينم������ا كان اخلف������اش پاليوكيروپتيريكس‬ ‫يتغذى‪ ،‬على ما يبدو‪ ،‬بالفراش������ات الصغيرة وبذباب‬ ‫الب������ردى‪ ،‬كان اخلف������اش هاس������يانيكتيريس ّ‬ ‫يفض������ل‬ ‫بوضوح الفراش������ات الكبي������رة واخلنافس‪ .‬ومن ناحية‬ ‫أخرى‪ ،‬فإن اخلف������اش أركيونيكتيريس رمبا يكون قد‬ ‫تغذى باخلناف������س فقط‪ .‬وأ ّما بالنس������بة إلى اخلفاش‬ ‫تاكيپتي���رون ‪ ،Tachypteron‬ف���ل��ا توج������د محتوي������ات‬ ‫محفوظ������ة ملعدته‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فنحن نعرف أنه كان آكال‬ ‫للحشرات استنادا إلى شكل أسنانه‪.‬‬ ‫ما الذي كان يتغذى به اخلفاشان أونيكونيكتيريس‬ ‫و إيكارونيكتيريس؟ تنقصنا محتويات املَعِ َدة لإلجابة‬ ‫عن هذا السؤال بالتفصيل‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬تبقى احلشرات‬ ‫هي االحتمال األرجح استنادا إلى شكل األسنان في‬ ‫هذه اخلفافيش ووفرة أحافير احلش������رات في صخور‬ ‫تش������كيل «گرين ريڤر»‪ ،‬كم������ا أن معظم اخلفافيش في‬ ‫الوق������ت احلاض������ر تتغذى باحلش������رات أيض������ا‪ .‬وفي‬ ‫املراح������ل املتأخرة فقط م������ن التاريخ التط������وري لهذه‬ ‫املجموعة بدأت بعض اخلفافيش تأكل اللحم والسمك‬ ‫والفواكه والرحيق وحبوب اللقاح حتى الدم‪.‬‬ ‫(٭) ‪Putting Bats in Their Place‬‬ ‫(‪the sheath-tailed bats )1‬‬

‫‪51‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


‫[تنوع اخلفافيش]‬ ‫ّ‬

‫تنوع من وقت آلخر‬

‫(٭)‬

‫متثل اخلفافيش التي تعيش اليوم مجموعة متعددة األطياف‪ ،‬فهي تختلف اختالفا هائال في‬ ‫أحجام أجسامها وأشكال أجنحتها وتكوين جماجمها وأمناط أسنانها‪ .‬وتعكس هذه االختالفات‬ ‫الظاهرية طبيعة طعامها املتنوع وطبيعة البيئات التي تبحث فيها عن غذائها‪.‬‬

‫‪........................................................................................................................................................................................‬‬

‫متيل اخلفافيش اآلكلة‬ ‫للحشرات املم ّثلة مثل‬ ‫إيپتيسيكس فوسكس‬ ‫‪ Eptesicus fuscus‬إلى امتالك‬ ‫بوز(‪ )1‬طويل وأسنان ذات نتوءات‬ ‫حادة متداخلة الختراق الفريسة‬ ‫وتقطيعها‪ .‬ومع وجود أجنحة عريضة‬ ‫معتدلة الطول‪ ،‬تصبح هذه اخلفافيش كائنات‬ ‫طائرة قوية وخفيفة احلركة‪.‬‬

‫‪...................................................‬‬

‫‪........................................................................‬‬

‫‪.................................‬‬

‫يكون‪ ،‬عادة‪ ،‬النوع ڤامپيروم سپكتروم ‪ Vampyrum spectrum‬وغيره‬ ‫من اخلفافيش اآلكلة للحوم أكبر من أبناء عمومتها آكلة احلشرات‪،‬‬ ‫على الرغم من أنّ أسنانها متشابهة‪ .‬وميتلك معظمها أجنحة‬ ‫عريضة وقصيرة مالئمة للمناورة بقرب العوائق أثناء الصيد‪.‬‬ ‫واخلفافيش اآلكلة اللحوم واسعة االنتشار‪ ،‬ولكنها قليلة العدد‬ ‫حيث إنها مفترسات تقف على قمة السلسلة الغذائية‪.‬‬

‫‪.....................................................................................................................‬‬

‫التنوع الواضح في اخلفافيش التي تعيش‬ ‫موقع‬ ‫اليوم له جذور قدمية‪ .‬إذ تكشف أحافير‬ ‫أملانيا‬ ‫«ميسيل» في وسط أملانيا (اخلريطة املدرجة)‬ ‫ميسيل‬ ‫عن بدء تخصص اخلفافيش قبل ‪ 47‬مليون‬ ‫سنة مضت بالتغذي بأنواع معينة من الفرائس‬ ‫احلشرية‪ .‬وإنّ حفظ محتويات معدة هذه‬ ‫اخلفافيش في أحــافـير «ميسيل» ال يترك أدنى‬ ‫أما السؤال املتعلق باملكان الذي قامت‬ ‫شك فيما كانت تأكله‪ّ .‬‬ ‫فيه بالبحث عن غذائها فهو غير مؤكد‪ ،‬وإن كان حجم وشكل‬ ‫أجنحتها يشكالن أساسا للتخمني‪.‬‬

‫كان اخلفاش پاليوكيروپتيريكس ‪ Palaeochiropteryx‬يتغ ّذى‬ ‫بالفراشات الصغيرة وبذباب البردى ‪ .caddis flies‬ومن احملتمل‪،‬‬ ‫مع وجود جسم صغير وأجنحة قصيرة‪ ،‬أنّ هذا اخلفاش كان‬ ‫يف ّتش عن غذائه على مقربة من سطح األرض وبالقرب من‬ ‫النباتات‪ ،‬حتى إنه كان يتصيد فرائسه من احلشرات اجلاثمة‬ ‫والطائرة وهو في حالة الطيران البطيء‪.‬‬

‫‪...........................................................‬‬

‫غالبا ما تتم ّتع اخلفافيش اآلكلة الثمار مثل النوع‬ ‫إكتوفيال ألبا ‪ Ectophylla alba‬بوجوه أقصر وضروس‬ ‫أبسط في تركيبها من أبناء عمومتها آكالت اللحم‬ ‫واحلشرات‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإ ّنها حتتفظ بأنياب كبيرة‬ ‫لإلمساك بالثمار‪ .‬ويتخصص اخلفاش إكتوفيال ذو‬ ‫اجلسم الصغير واألجنحة القصيرة والعريضة بالتقاط‬ ‫الثمار الصغيرة في الطبقات السفلى من الغابة‪ .‬وميكن‬ ‫للون اخلفاش الباهت أن يخفيه عن العيون عندما يجثم‬ ‫حتت األوراق التي ينحتها باستخدام أسنانه األمامية‪.‬‬

‫‪.......................................................................................................................................................................................‬‬

‫تتم ّتع اخلفافيش املاصة للدماء مثل هذا النوع‪ :‬ديزمودوس‬ ‫روتندس ‪ Desmodus rotundus‬بأسنان تشبه الشفرات إلحداث‬ ‫جروح صغيرة في جلود فرائسها تلعق منها وجباتها من‬ ‫الدماء‪ .‬وهذه اخلفافيش املاصة للدماء من احليوانات الطائرة‬ ‫املمتازة‪ ،‬ولك ّنها تنفرد بني اخلفافيش بامتالكها أصابع إبهام‬ ‫طويلة وأطراف خلفية ممتلئة تساعدها على االقتراب من‬ ‫ضحاياها غالبا وهي متشي ال تطير‪.‬‬

‫‪......................................................................................................................‬‬

‫‪..............................................‬‬

‫تتم ّتع اخلفافيش التي تتغ ّذى بالرحيق ــ ومنها‬ ‫كلوسوفاكا سوريسينا ‪ Glossophaga soricina‬ــ بأسنان‬ ‫ّ‬ ‫بسيطة وبوز مستطيل يستطيع أن يصل إلى داخل‬ ‫الزهور‪ .‬ويحوز الكثير منها ألسنة طويلة قابلة لالمتداد‬ ‫مشابهة أللسنة احليوانات اآلكلة للنمل‪ .‬وإضافة إلى‬ ‫ذلك‪ ،‬ميلك بعضها حلمات متخصصة تشبه ال ُفرشاة‬ ‫على نهايات اللسان الستخالص الرحيق من قواعد‬ ‫األزهار األنبوبية‪ .‬والكثير من خفافيش الرحيق صغيرة‬ ‫احلجم‪ ،‬ولها أجنحة قصيرة وقوية تستخدمها في احلومان‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫كانت والئم اخلفاش أركيونيكتيريس ‪ Archaeonycteris‬تزخر‬ ‫باخلنافس‪ .‬ومن احملتمل أن هذا اخلفاش القصير اجلناحني‬ ‫كان يف ّتش عن غذائه ــ مثل اخلفاش پاليوكيروپتيريكس ــ قرب‬ ‫النباتات‪ ،‬ورمبا يكون قد تخصص بالتقاط فرائسه من على‬ ‫األسطح أكثر من اإلمساك بها وهي تطير في الهواء‪.‬‬

‫التهم اخلفاش هاسيانيكتيريس ‪ Hassianycteris‬الفراشات‬ ‫الكبيرة واخلنافس‪ ،‬وكان أكبر اخلفافيش في موقع «ميسيل»‬ ‫حجما وله أجنحة ض ّيقة‪ ،‬ومن احملتمل أنه كان يطير بسرعة‬ ‫ويصطاد في األجواء املفتوحة بالقرب من البحيرات وفوق قمم‬ ‫أشجار الغابات‪.‬‬ ‫(٭) ‪Variation Now and Then‬‬ ‫(‪snouts )1‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


‫(٭)‬

‫عالقات اخلفافيش‬

‫أثبت������ت األحافير املكتش������فة حت������ى اآلن في موقع‬ ‫«ميس������يل» وتش������كيل «گرين ريڤر» أنها كانت حاسمة‬ ‫ف������ي مس������اعدة الباحثني على رس������م خريطة لنش������وء‬ ‫اخلفافيش‪ .‬والت������زال تنقصنا األحافي������ر التي جتيب‬ ‫عن الس������ؤال املتعلق بش������كل العالقة بني اخلفافيش‬ ‫بالثدييات األخرى‪ .‬فالثدييات املش������يمية والتي تعيش‬ ‫على األش������جار وتتح������رك باالنزالق واملعروفة باس������م‬ ‫الليم���ورات الطائ���رة ‪ colugos‬تتش������ابه بدرجة كافية‬ ‫م������ع اخلفافيش التي كان يعتقد ملدة طويلة أنّها أقارب‬ ‫وثيقة لها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬قاد >‪ .S .M‬سپرينگر> [من جامعة‬ ‫كاليفورنيا‪ ،‬ريڤرسايد] وباحثون آخرون طوال األربع‬ ‫عشرة سنة املاضية دراسات الدنا لعدد كبير من أنواع‬ ‫الثدييات‪ ،‬ب ّينت أنّ اخلفافيش ليست وثيقة القرابة ألي‬ ‫مجموعة من مجموعات الثدييات املشيمية التي تضم‬ ‫احليوانات املتحركة باالنزالق مثل الليمورات الطائرة‬ ‫والس���ناجيب الطائ���رة ‪( .flying squirrels‬م������ع ذلك‪،‬‬ ‫تق ّدم ه������ذه املخلوقات مناذج مهم������ة ملعرفة كيف كان‬ ‫يبدو تركيب األطراف في أسالف اخلفافيش)‪.‬‬ ‫وتض������ع ه������ذه التحالي ُ‬ ‫َ‬ ‫������ل اجليني������ ُة اخلفافيش‪،‬‬ ‫ومن دون ت������ردد‪ ،‬في مجموعة قدمي������ة من الثدييات‬ ‫معروفة باسم اللوراسيات ‪ .Laurasiatheria‬وتشمل‬ ‫األشكال احلديثة في هذه املجموعة حيوانات متنوعة‬ ‫مثل آكالت اللحم ‪ carnivores‬والثدييات ذات احلافر‬ ‫‪ hoofed mammals‬واحليتان ‪ whales‬وآكالت النمل‬ ‫احلرش���فية ‪ scaly anteaters‬والز ّباب���ات ‪shrews‬‬ ‫والقناف���ذ ‪ hedgehogs‬واخللد ‪ .moles‬ومن احملتمل‪،‬‬ ‫م������ع ذلك‪ ،‬أنّ ه������ذه اللوراس������يات كان������ت في حجم‬ ‫الفـ ــأر أو الس������نجاب‪ ،‬وكانت تس������ير على أطرافها‬ ‫األربعة وتأكل احلش������رات‪ .‬ويعتقد أن اللوراس������يات‬ ‫قد نش������أت في الق������ارة العمالقة القدمية املس������ماة‬ ‫لوراس���يا ‪ laurasia‬والتي كانت تضم قارات أمريكا‬ ‫الشمالية وأوروبا وآسيا املعروفة حاليا‪ ،‬في العصر‬ ‫الطباش���يري ‪ cretaceous Period‬املتأخر‪ ،‬وذلك قبل‬ ‫حوالي ‪ 70-65‬مليون سنة‪ .‬وال ُيعرف على وجه اليقني‬ ‫الوضع الدقيق للخفافيش داخل هذه املجموعة‪ ،‬غير‬ ‫أنّ هن������اك درجة كبيرة من التغي������ر التطوري تفصل‬ ‫اخلف������اش أونيكونيكتيريس واخلفافيش األخرى عن‬ ‫أسالفها التي تعيش على األرض‪.‬‬ ‫بعض هذا التغ ّير‪ ،‬م������ن كائن يعيش على األرض‬ ‫إلى كائ������ن يطير‪ ،‬رمبا يكون قد حدث بس������رعة تدعو‬ ‫إلى الدهش������ة‪ ،‬ه������ذا وإن كانت املكتش������فات احلديثة‬ ‫في مج������ال الوراثة التكوينية تصل������ح دليال على ذلك‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن أصابع اخلفاش أونيكونيكتيريس‬ ‫قصي������رة مبعايير اخلفافيش‪ ،‬فإنها بالغة االس������تطالة‬ ‫مقارنة بأصابع الثدييات األخ������رى‪ .‬إذن‪ ،‬كيف أمكن‬ ‫‪53‬‬

‫لهذه االستطالة أن تنشأ؟‬ ‫ف������ي ع������ام ‪ 2006‬نش������رت >‪ .E .K‬س������يرس> [التي‬ ‫تعمل حاليا في جامع������ة إيلينوي] مع زمالئها تقريرا‬ ‫في «ثب���ت أكادميية العل���وم الوطنية ف���ي الواليات‬ ‫(‪)1‬‬ ‫املتح���دة األمريكي���ة » أوضحوا فيه أنّ مفتاح التغير‬ ‫ميكن أن يكون في نش������اط اجلينات ‪ genes‬التي ت ّ‬ ‫ُنظم‬ ‫منو أصابع اليد واستطالتها أثناء عملية التكوين‪ .‬فقد‬ ‫كش������فت مقارنة أمناط النمو في كل من أجنة اخلفاش‬ ‫والفأر عن اختالفات مهمة في توالد وسرعة منو خاليا‬ ‫الغضاري������ف في األصابع قيد النمو‪ .‬يؤدي صنف من‬ ‫الپروتينات يس������مى «الپروتينات املش������كلة للعظام(‪»)2‬‬ ‫(‪ )BMPs‬دورا مهم������ا في تنظيم ه������ذه العمليات‪ ،‬وفي‬ ‫حتدي������د الطول الذي تصل إليه األصابع‪ .‬إنّ أحد هذه‬ ‫الپروتينات املس������مى ‪ BMP2‬يتم إنتاجه‪ ،‬مبس������تويات‬ ‫أعل������ى بكثير ف������ي أصابع اخلفاش منه������ا في أصابع‬ ‫الف������أر‪ ،‬وميكن أن ي������ؤ ّدي التالعب ف������ي اجلينة التي‬ ‫تصنع هذا الپروتني إل������ى تغيير طول األصابع‪ .‬إذن‪،‬‬ ‫فمن احملتمل أن يقف وراء كل من االستطالة التكوينية‬ ‫والتطورية ألصابع اجلناح في اخلفاش تغيير بس������يط‬ ‫ف������ي اجلينات الت������ي تتحكم ف������ي إنت������اج الپروتينات‬ ‫يفس������ر غياب‬ ‫‪ .BMPs‬وإذا كان األمر كذلك‪ ،‬فإنّ ذلك ّ‬ ‫املخلوقات الوس������طية بني الثدييات القصيرة األصابع‬ ‫الت������ي ال تطير وكذل������ك اخلفافيش الطويل������ة األصابع‬ ‫مثل أونيكونيكتيريس وإيكارونيكتيريس من الس������جل‬ ‫األحفوري‪ :‬ومن احملتمل أنّ النقلة التطورية س������ريعة‬ ‫جدا‪ ،‬ورمبا كانت األشكال االنتقالية موجودة بأعداد‬ ‫قليلة أو غير موجودة‪.‬‬ ‫هذا‪ ،‬وال يزال الغموض مستمرا على الرغم من‬ ‫كثرة املكتشفات اجلديدة املتعلقة بظهور اخلفافيش‪.‬‬ ‫فأس���ل��اف اخلفافيش ال بد أنها كانت موجودة قبل‬ ‫حقب������ة اإليوس���ي��ن‪ ،‬ولكن ال يتوافر عنها أي س������جل‬ ‫أحف������وري‪ .‬وباملثل‪ ،‬ف������إن طبيعة األق������ارب األقربني‬ ‫للخفافيش الت������زال غير معروفة‪ .‬ويت������وق الباحثون‬ ‫إل������ى اكتش������اف الزم������ن ال������ذي متايزت في������ه للمرة‬ ‫األول������ى مجموعة اخلفافيش عن املجموعات األخرى‬ ‫للوراسيات‪ ،‬ومعرفة مقدار تط ّور اخلفافيش املبكرة‬ ‫وتنوعها والذي حدث لها في القارات الشمالية مقابل‬ ‫ما حدث لها ف������ي القارات اجلنوبي������ة‪ .‬ولذلك‪ ،‬فإنّنا‬ ‫نحتاج إلى أحافي������ر أكثر قربا إلى بداية اخلفافيش‬ ‫م������ن اخلف������اش أونيكونيكتيريس‪ .‬س������وف يس������اعد‬ ‫احلظ علم������اء األحـافــير على العثور على مث ــل ه ــذه‬ ‫العينـ ــات‪ ،‬وس������ ــوف يســهمون في حــل هـذه األلغــاز‬ ‫>‬ ‫وغيرها حول نش������أة هـذه احليوانات املدهشة‪.‬‬ ‫(٭) ‪Bat Relationships‬‬ ‫(‪Proceedings of the National Academy of Sciences USA )1‬‬ ‫(‪bone morphogenetic proteins )2‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫إن بعض التغير‪,‬‬ ‫من كائن يعيش على‬ ‫األرض إلى كائن‬ ‫طائر‪ ,‬رمبا يكون‬ ‫قد حدث بسرعة‬ ‫وبصورة تدعو‬ ‫إلى الدهشة‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪Scientific American, December 2008‬‬


‫املجلد ‪ 26‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير‬

‫‪2/1‬‬

‫‪2010‬‬

‫مستقبل السيارات‬

‫(٭)‬

‫قادة صناعة السيارات يستشرفون آفاق املستقبل‪.‬‬ ‫حوار أجراه‬

‫من أجل إلقاء نظرة خاطفة على ما س������تكون عليه حال الس������يارات‬ ‫بعد عش������ـرين س������نة من اآلن‪ ،‬أجرى احملرر املش������ـارك >‪ .F .S‬براون<‬ ‫ح������وارا جماعيا مع مديرين تنفيذيني لدى الش������ركات‪ :‬جنرال موتورز‬ ‫وتيس���ل��ا موتورز وتويوتا؛ كما حتدث انفراديا إلى مدير أحد مشاريع‬ ‫معه����د أبح����اث الطاق����ة الكهربائي����ة (‪ . )EPRI‬وقد توقع املش������اركون‬ ‫في احل������وار‪ ،‬الذين مت عرض مالحظاتهم بصورة مختزلة‪ ،‬أن ينش������أ‬ ‫املزيد من التواصل والقواس������م املش������تركة مابني السيارات ومجموعة‬ ‫م������ن أن������واع املركبات األخرى‪ .‬بعضها‪ ،‬على غرار س������يارات تيس���ل��ا‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪54‬‬

‫>‪ .F .S‬براون>‬

‫الرياضية‪ ،‬ستستمد طاقتها من حزمة بطاريات‪ .‬وبعضها اآلخر‪ ،‬على‬ ‫غرار سيارة تويوتا پريوس وش������يڤي ڤلط ‪ 2010‬ستكون ذات تصاميم‬ ‫هجين������ة تعتمد على احملركات الكهربائية ومحركات االحتراق الداخلي‬ ‫الصغيرة في آن معا‪ .‬والكثير من س������يارات الغد الهجينة ستعمد إلى‬ ‫موصل كهربائي ‪،electric grid‬‬ ‫ش������حن البطاريات بصورة مباشرة من ِّ‬ ‫وق������د تغدو خاليا الوقود الهدروجيني حقيقة واقعية‪ .‬ولكن‪ ،‬هذا مجرد‬ ‫غيض من فيض ما يتوقعه املش������اركون في هذا احلوار‪ .‬فتعالوا نقرأ‪.‬‬ ‫(٭)‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪The Future of Cars‬‬ ‫‪the Electric Power Research Institute‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


‫املشاركون‬ ‫>‪ .D .L‬بيرنز<‬

‫نائب الرئيس لألبحاث‬ ‫والتطوير والتخطيط‬ ‫االستراتيجي‪ ،‬جنرال‬ ‫موتورز٭‬

‫>‪ .B‬راينيرت<‬

‫مدير عام مركبات‬ ‫التقانة املتطورة ومبيعات‬ ‫تويوتا موتورز‪ ،‬الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية‬

‫>‪ .S .M‬دوڤال<‬

‫مدير املواصالت‬ ‫الكهربائية وتخزين‬ ‫الطاقة‪ ،‬معهد أبحاث‬ ‫الطاقة الكهربائية (‪)EPRI‬‬

‫>‪ .BJ‬ستراوبل<‬

‫كبير مسؤولي الشؤون‬ ‫الفنية‪ ،‬تيسال موتورز‬

‫٭ تقاعد بيرنز في الشهر ‪ 2009/10‬عقب‬ ‫مشاركته في احلوار املدرج هنا‪.‬‬

‫مفاهيم مفتاحية‬ ‫>‬

‫>‬

‫>‬

‫سيستخدم أسطول سيارات عام‬ ‫‪ 2030‬مزيجا متنوعا من أنواع الوقود‬ ‫وأشكال الطاقة املختلفة‪ ،‬وستُخَ صص‬ ‫بعض السيارات للرحالت القصيرة‬ ‫والقيادة داخل املدن‪.‬‬ ‫مع مرور السنوات‪ ،‬ستصبح‬ ‫املركبات متصلة أكثر فأكثر بعضها‬ ‫ببعض إلكترونيا ملنع حوادث‬ ‫االصطدام ولتأمني عملية االتصال‬ ‫والتشبيك االجتماعي‪ .‬وسوف‬ ‫يكون موضوع تشتت انتباه السائق‬ ‫موضع اهتمام بصورة مطردة‪.‬‬ ‫يبقى السؤال مفتوحا‪ :‬ما إذا كانت‬ ‫السيارات التي تعمل بخاليا وقود‬ ‫الهدروجني ستغدو شائعة في‬ ‫غضون ‪ 20‬عاما‪.‬‬

‫محررو ساينتفيك أمريكان‬ ‫‪55‬‬

‫س���اينتفيك أمريكان (‪ :)SA‬دعنا نبدأ باحلديث عن‬ ‫أنواع وقود املواصالت التي يتوقع أن نش������هدها في‬ ‫السنوات القادمة وصوال إلى عام ‪.2030‬‬ ‫>رايني���رت<‪ :‬أعتقد أنه إذا ما بقيت أسعار البنزين‬ ‫متدنية إلى حد ما حتى نهاية منتصف العقد القادم؛‬ ‫فإن الس������يارات الت������ي تعمل مبح������ركات االحتراق‬ ‫الداخلي س������تبقى تش������كل الغالبية العظمى والعدد‬ ‫األكبر من أس������طول الس������يارات‪ ،‬وذل������ك على األقل‬ ‫خالل الس������نوات اخلمس ورمبا الس������نوات العشر‬ ‫القادمة‪ .‬وس������وف نش������هد نواقل حركة أوتوماتيكية‬ ‫ذات س������ت إلى ثماني س������رعات متغيرة باستمرار‪،‬‬ ‫مس���تويات تنا ُق ِ‬ ‫ُ‬ ‫صها منخفضة ‪low-loss‬‬ ‫مزلقات‬ ‫و‬ ‫ٍ‬ ‫‪ lubricants‬ورمب������ا ذات محام���ل خزفي���ة ‪ceramic‬‬ ‫‪ bearings‬لتقلي������ص االحت������كاك‪ .‬وثم������ة العدي������د من‬ ‫األش������ياء قيد التطوير على املدى القريب واملتوس������ط‬ ‫والتي من ش������أنها فعليا إحداث حتسينات جوهرية‬ ‫على طريقة أداء محرك االحتراق الداخلي‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬إذا ما استشرفنا الفترة ما بني ‪ 2025‬إلى‬ ‫‪ ،2020‬فإننا سنرى محركي البنزين والديزل يتطوران‬ ‫بصورة متزامنة ومتواصلة بحيث تصبح أوجه التشابه‬ ‫بينهما كبيرة للغاية‪ .‬وسوف نشهد اختفاء اإليثانول‬ ‫‪ ،ethanol‬وهو ما ينبغي أن يحصل كما أعتقد‪ .‬غير أنه‬ ‫سيجري االس������تعاضة عنه بالبنزين البيولوجي وجيل‬ ‫ثان وثالث من أنواع الوق������ود البيولوجي املتوائمة مع‬ ‫السيارات األقدم‪ .‬وسوف تستخدم الكتلة البيولوجية‪،‬‬ ‫املس������تخرجة على األرجح من الطحالب (األش���نيات)‬ ‫‪ ،algae‬ورمبا م������ن الفضالت الصلب������ة للبلديات‪ ،‬في‬ ‫إنتاج بنزين وديزل اصطناعيني‪.‬‬ ‫ومع حلول هذا الوقت‪ ،‬قد نشهد بطارية مطورة‬ ‫تكون بديال لتقان���ة الليثي���وم ‪lithium technology‬‬ ‫التي تتيح تشغيل س������يارات كهربائية بالكامل وغير‬ ‫هجين������ة‪ .‬ولكنها مع ذلك‪ ،‬س������تكون محدودة التداول‬ ‫وموجه������ة إلى ش������ريحة معينة من الس������وق‪ .‬وأعتقد‬ ‫أننا رمبا نش������هد بداية دخ������ول هدروجني منخفض‬ ‫الكربون(‪ low-carbon hydrogen )1‬مت تطويره لتوفير‬ ‫خاليا الوقود‪ .‬وهكذا‪ ،‬س������وف نشهد دخول مركبات‬ ‫البطاري������ة الكهربائي������ة على نطاق ضيق إلى س������وق‬ ‫س������تأخذ طريقها إلى التوس������ع أكثر في الس������نوات‬ ‫الالحقة‪ .‬والس������يارات الهجينة التي تعمل عن طريق‬ ‫إع������ادة ش������حن البطارية والسلس������لة املوس������عة من‬ ‫السيارات الهجينة‪ ،‬سوف تشكل شريحة (مجموعة‬ ‫جزئية) من الس������وق‪ .‬كما س������يكون هناك الكثير من‬ ‫الس������يارات الهجينة ذات محرك احت������راق داخلي‪،‬‬ ‫وعندئذ تبدأ خاليا الوقود بدخول األسواق‪.‬‬ ‫وفي عام ‪ ،2030‬سيكون لدينا َبع ُد سيارات تعمل‬ ‫مبحرك احتراق داخلي وهجينة بشدة‪ ،‬ورمبا مركبات‬ ‫كهربائية مط������ورة وأخرى صغيرة ف������ي الوقت الذي‬ ‫ستبدأ فيه خاليا الوقود بشق طريقها إلى السوق‪.‬‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫‪ :SA‬تنطلق االتصاالت الالسلكية بقفزات مذهلة من‬ ‫حولنا‪ .‬كيف ميكن لها أن تؤثر في املركبات؟‬ ‫>بيرنز<‪ :‬الش������ك في أن املركبات املرتبطة ببعضها‬ ‫ضمن شبكة واحدة تعتبر هي األخرى تقانة حتولية‬ ‫مهمة‪ .‬واحلقيقة أننا قد بدأنا اآلن باستخدام مركبات‬ ‫مبقدوره������ا أن يتواصل بعضها م������ع بعض‪ .‬ولدينا‬ ‫الفرصة جلعل املزيد واملزيد من مهمة القيادة جتري‬ ‫بصورة ذاتية من قبل املركبة‪ .‬إن خططنا املستقبلية‬ ‫من أج������ل جميع التقانات املس������اندة للمركبات التي‬ ‫ُتس������اق ذاتي������ا‪ ،‬واملركبات التي التتصادم‪ ،‬س������تبرز‬ ‫معا إلى الوجود في غضون الس������نوات اخلمس إلى‬ ‫العشر القادمة‪.‬‬ ‫>رايني����رت<‪ :‬أود التحدث عن كيفية تأثير التواصل‬ ‫ب���ي��ن املركبات في وضع مركب������ات املناطق احلضرية‬ ‫واملدن‪ .‬وف������ي اعتقادي إن أهمية املس������ألة التقتصر‬ ‫عل������ى عملي������ة االتصال بني مركبة وأخ������رى في إطار‬ ‫تنظيم حركة السيارات لتخفيف االختناقات املرورية‪،‬‬ ‫فهي مهمة أيضا من ناحية التش������بيك االجتماعي مع‬ ‫توافد أجيال األلفية اجلديدة‪ ،‬الذين باتوا على الدوام‬ ‫مرتبطني بش������بكات املعلومات اإللكترونية‪ .‬وستكون‬ ‫هناك ش������بكات تغطية حاسوبية تواكب الناس في كل‬ ‫مكان‪ .‬ولن تكون في احلالة هذه مرتبطا بحاسوب بعد‬ ‫اآلن‪ ،‬وستصير سيارتك جزءا من منصة حاسوبية‪.‬‬ ‫<بيرنز>‪ :‬أذكر أنني عندما بلغت سن الرشد‪ ،‬كانت‬ ‫نقطة التحول النوعي في حياتي هي سيارتي األولى‪.‬‬ ‫أما بالنس������بة إلى ابنتي (البالغة الثامنة عش������رة من‬ ‫العم������ر)‪ ،‬فأعتقد أنها كانت أول هاتف نقال (خلوي)‬ ‫متتلكه‪ .‬وهي لديها اليوم اجلهاز (آي فون) ‪،iPhone‬‬ ‫وسيارة ساتورن ڤو ‪ ،Saturn Vue‬وإذا ما سألتها عن‬ ‫أي من هذه األشياء ميكنها التخلي عنه إذا كان البد‬ ‫لها من ذلك‪ ،‬فأعتقد أنها ستتخلى عن السيارة قبل‬ ‫التفكير في التخلي عن شبكتها االجتماعية املرتبطة‬ ‫باجلهاز آي فون‪ .‬والشك في أن النقطة التي أثرتها‬ ‫بش������أن التش������بيك االجتماعي حتظى بأهمية بالغة‪،‬‬ ‫وهي تعتبر قوة س������لوكية جبارة‪ .‬وحني يكون لديك‬ ‫هذا التوجه العام من قبل س������ائقني غير متمرس���ي��ن‬ ‫يودون إرسال واستقبال رسائل هاتفية نصية‪ ،‬فأنت‬ ‫أمام معادلة مثي������رة لقلق حقيقي‪ .‬وكخبراء بالتقانة‪،‬‬ ‫أعتقد أن لدينا حلوال تتيح لهؤالء السائقني الشباب‬ ‫اإلمكانتني معا‪.‬‬ ‫<رايني����رت>‪ :‬بالتأكيد‪ .‬إذا لم يكن مبقدورنا حتويل‬ ‫هذه السيارات إلى أدوات اتصال وتشبيك اجتماعي‬ ‫على غرار اجلهاز آي فون‪ ،‬فإننا سنخس������ر العمالء‬ ‫األصغر سنا من ابنة >بيرنز<‪ .‬فهؤالء لن يرغبوا في‬ ‫(‪)1‬‬

‫غير مشتق من الغاز الطبيعي‪.‬‬


‫ركوب الس������يارات إذا كانوا سيفقدون التغطية‬ ‫اخلاص������ة بش������بكة اتصاالته������م االجتماعي������ة‪.‬‬ ‫وأعتقد أن ش������ركات الس������يارات سيكون لديها‬ ‫عاجال أو آجال ش������ركاء توصيل وربط شبكي‬ ‫‪ connectivity partners‬ملساعدتها على حتقيق‬ ‫ذلك‪ .‬كما أعتقد أن هذه الشراكات هي الشيء‬ ‫اجلديد الذي سينبثق عن مجمل هذه األمور‪.‬‬ ‫‪ :SA‬إن البطاريات عنصر أساسي للكثير من‬ ‫املركبات احلديث������ة التي يجري تطويرها حاليا‪.‬‬ ‫فهل هي من اجلودة مبا يكفي؟‬

‫أو الهوات������ف النقالة (اخللوية) واس������تخدامها‬ ‫في املركب������ات‪ ،‬وذلك من حيث درجات احلرارة‬ ‫القصوى واملتطلب������ات املتغيرة للطاقة واحلاجة‬ ‫إلى تبريد اخلاليا والتحكم في حالة الش������حن‬ ‫بانتظام وبوتيرة واحدة‪ .‬وسوف يكون مبقدورنا‬ ‫اكتش������اف ومعرفة الكثير من هذه املش������كالت‬ ‫حاملا نش������رع في اس������تخدام تطبيقات اجليل‬ ‫األول من بطاريات الليثيوم ـ أيون‪.‬‬

‫يتضح أن تشغيل وامتالك مركبة كهربائية هو‬ ‫فعليا أرخص من السيارة التي تعمل بالبنزين‬ ‫(الگازول���ي��ن)‪ .‬وهذا الينطب������ق بالضرورة على‬ ‫احلال������ة التي يكون فيها س������عر گالون البنزين‬ ‫دوالري������ن‪ ،‬لكنه ينطبق متام������ا على احلالة التي‬ ‫يصل فيها س������عر الگالون إلى ‪ 3.50‬أو ‪ 4‬دوالر‬ ‫أمريكي في معظم أنحاء أوروبا‪ ،‬والس������يما إذا‬ ‫كان األمر منطويا أيضا على حوافز سياس������ية‬ ‫أو لتخفيف األعباء الضريبية‪.‬‬

‫<رايني���رت>‪ :‬وميك������ن الق������ول إن ط������ول عمر‬ ‫البطاري������ة س������يحدد‪ ،‬إل������ى ح������د م������ا‪ ،‬مجاالت <دوڤ���ال>‪ :‬رمبا تكون الكثير من مؤسس������ات‬ ‫اس������تخدامها في امل������دى القري������ب‪ .‬ولهذا‪ ،‬فإن وش������ركات توليد الطاقة الكهربائية وتوزيعها‪،‬‬ ‫>دوڤ����ال<‪ :‬على املدى القري������ب‪ ،‬نحن بال ريب ش������ركة تويوت������ا‪ ،‬واملصنّع���ي��ن اآلخري������ن كما راغبة في املس������اعدة بتكالي������ف البنية التحتية‬ ‫محقون ف������ي محاولتنا إطالة عم������ر البطارية إلى أفترض‪ ،‬سيتوخون احلذر الشديد حول إعادة ملنزلك نظرا الهتمامها فعليا بعمليات الش������حن‬ ‫أقصى حد ممكن‪ .‬وفي البداية‪ ،‬س������يقوم مصنّعو اس������تخدام البطاريات‪ ،‬وأمناط شحنها وحفظ خارج أوقات الذروة‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬قد تقوم أنت‬ ‫الس������يارات بتوفي������ر البطاريات بتكلفة‬ ‫بالتسجيل في برنامج يمُ ّكن مركبتك‬ ‫مرتفعة بعض الش������يء‪ ،‬لكن التكاليف‬ ‫من الشحن بش������كل أساسي خارج‬ ‫وإذا ما أراد مالكو املركبات بني حني‬ ‫س������تنخفض الحقا في حني س������تزداد‬ ‫أوقات ال������ذروة؛ وه������و مايعني فعليا‬ ‫اآلن»‪،‬‬ ‫«اشحن‬ ‫مفتاح‬ ‫على‬ ‫الضغط‬ ‫وآخر‬ ‫قدرة البطاريات‪ .‬وقد س������بق أن ملسنا‬ ‫أن مركبتك لن تقوم بالش������حن خالل‬ ‫ذل������ك ف������ي الس������يارات الهجينة‪ ،‬حيث‬ ‫ساعات اخلدمة الساخنة على امتداد‬ ‫فإنهم سيدفعون أكثر ملجرد قيامهم‬ ‫أصبحت البطاري������ات اجلديدة متكنها‬ ‫العام‪ ،‬أي من الس������اعة ‪ 2‬بعد الظهر‬ ‫ينبغي‬ ‫املفترض‬ ‫سلوكهم‬ ‫أن‬ ‫غير‬ ‫بذلك‪.‬‬ ‫من قطع أميال أكثر بالگالون الواحد‪.‬‬ ‫إلى الساعة ‪ 9‬مسا ًء‪.‬‬

‫أن يكون الشحن خارج أوقات الذروة‪.‬‬

‫<بيرن����ز>‪ :‬س������تجهز س������يارة شيڤي‬ ‫ڤول������ط ببطاري������ة ‪ 16‬ـ كيلواط س������اعة‪،‬‬ ‫وسنس������تخدم نصف ه������ذه الطاقة فقط لتش������غيل‬ ‫الس������يارة‪ .‬إنن������ا س������وف نتعلم ونكتش������ف‪ ،‬وهذا‬ ‫بالتأكي������د س������يمكننا من التطوير‪ ،‬غي������ر أنه يتعني‬ ‫علينا أن ننطلق ونشرع في عملية التنفيذ‪.‬‬ ‫وصناعتن������ا‪ ،‬ف������ي األوقات العادي������ة‪ ،‬تقوم‬ ‫بتصنيع ‪ 70‬مليون س������يارة وش������احنة سنويا‪.‬‬ ‫وهك������ذا‪ ،‬ف������إن أي ح������ل نعتم������ده للبطارية لن‬ ‫يكون مجديا ما لم نقم بإنتاج عش������رات ماليني‬ ‫الوحدات سنويا‪ ،‬وأعتقد أنه اليزال أمامنا شوط‬ ‫واس������ع البد أن جنتازه قبل أن يتم حل مسألتي‬ ‫الدميومة العمري������ة والتكلفة بصورة كافية تتيح‬ ‫االنطالق على هذا النطاق الواسع‪.‬‬ ‫وإذا كان يتعني عليك ك ُمص ِّنع أن تس������تبدل‬ ‫البطارية مرة أو مرت���ي��ن في مركبة تصل دورة‬ ‫حياتها التش������غيلية إل������ى ‪ 150 000‬ميل‪ ،‬فأنت‬ ‫تواجه مش������كلة‪ .‬وأنا موق������ن فعليا أن بطاريات‬ ‫الليثيوم‪ -‬أيون ‪ lithium-ion‬ستش������هد حتسنا‬ ‫مس������تمرا‪ ،‬غير أنني أعتقد أننا سنكون بحاجة‬ ‫إلى اختراع واختراق م������ن نوع ما في املعرفة‬ ‫التقني������ة يفضي بنا إلى تخفي������ض تكلفة الكيلو‬ ‫واط ساعة إلى املستويات التي نحتاج إليها‪.‬‬ ‫وهنا‪ ،‬على وجه التحديد‪ ،‬نحن بحاجة إلى‬ ‫اختراقات تقنية في الكيمياء‪ .‬فثمة فرق كبير بني‬ ‫استخدام هذه البطاريات في أجهزة التسجيل‬ ‫‪56‬‬

‫الطاقة فيها واس������تنزافها عند تشغيلها‪ .‬وكذلك‬ ‫ح������ول احلجم الفعلي للبطاري������ة‪ ،‬مع األخذ في‬ ‫االعتب������ار تكاليف كفالتها‪ .‬والواقع أن بطاريات‬ ‫الليثي������وم ـ أيون التزال غير متوفرة لتس������تخدم‬ ‫إل������ى ‪ 150 000‬مي������ل كما هي احلال بالنس������بة‬ ‫إلى مح������رك االحتراق الداخل������ي‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن‬ ‫هذه االعتبارات س������تح ّد من اختراق السيارات‬ ‫التي تعمل بالبطارية س������واء األس������واق املالئمة‬ ‫لها‪ ،‬واملناطق احلضرية املزدحمة بالس������يارات‬ ‫الهجينة الصغيرة البطاريات والتي تعتمد على‬ ‫موصل كهربائي‪ ،‬أو ضمن‬ ‫الشحن املباشر من ِّ‬ ‫نطاق السيارات البعيدة املجال والتي بطارياتها‬ ‫معتدلة احلجم‪.‬‬ ‫<س���تراوبل>‪ :‬أود اقتراح طريقة أخرى للنظر‬ ‫في هذه املس������ألة تقوم على التفكير في التكلفة‬ ‫للمي������ل الواح������د‪ .‬مبقدورنا التح������دث عن احلد‬ ‫األدنى من الدميومة التش������غيلية املطلوبة‪ ،‬لكن‬ ‫األمر يختلف بعض الش������يء في حالة مجموعة‬ ‫البطاري������ات القابلة للتبديل‪ .‬فعلينا أن نأخذ في‬ ‫االعتبار تكلفة تشغيل املركبة في امليل الواحد‪،‬‬ ‫إلى جانب تكلف������ة تبديل مجموع������ة البطاريات‬ ‫في حالة وجودها‪ .‬واس������تنادا إلى هذه املعايير‬ ‫أصبحنا أكثر دنوا في مقاربتنا لهذا املوضوع‪،‬‬ ‫ورمب������ا تخطينا العتبة في بعض احلاالت‪ ،‬حيث‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫‪ :SA‬هل من الصائب عمليا استخدام‬ ‫مركب������ات كهربائية تعتمد الش������حن‬ ‫موصل كهربائي في التعبئة خالل‬ ‫املباشر من‬ ‫ِّ‬ ‫أوقات الطلب املتدني على الشبكة؟‬

‫<دوڤ���ال>‪ :‬هن������ا يكم������ن اهتمام مؤسس������ات‬ ‫وش������ركات الطاق������ة الكهربائي������ة‪ .‬فعل������ى املدى‬ ‫القصي������ر‪ ،‬نحن نتفق مع مصنّعي الس������يارات‬ ‫على ضرورة بلوغ أهداف معينة بالنس������بة إلى‬ ‫املركب������ات‪ ،‬مبا في ذل������ك بطاريات م���دة العمر‬ ‫‪ .lifetime‬وعندئذ‪ ،‬ميكننا أن نشرع في التحدث‬ ‫عن القيام بأش������ياء أخ������رى‪ .‬وبالنس������بة إلينا‪،‬‬ ‫فإن الش������حن الذكي ـ حيث ميكن للس������يارات‬ ‫الكهربائي������ة جدولة إعادة الش������حن األقل تكلفة‬ ‫للبطارية ـ هو املهمة األشد وطأة واألكثر تثبيطا‬ ‫للهمم في الوقت احلاضر‪.‬‬ ‫أعتق������د أنن������ا سنش������هد توجه������ا م������ن قبل‬ ‫مؤسس������ات وش������ركات الطاقة الكهربائية نحو‬ ‫ما يس������مى بتسعيرة زمن االس������تعمال بالنسبة‬ ‫إلى معظ������م زبائنهم ـ مما يعني أنك س������تدفع‬ ‫أكثر مقابل احلموالت على منزلك في س������اعات‬ ‫الذروة وأق������ل من ذلك في اللي������ل‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن‬ ‫ش������واحن املركبات ومجففات املالبس التي تتم‬ ‫برمجتها للعمل بصورة أتوماتيكية في الساعة‬ ‫‪ 3‬صباحا‪ ،‬س������تكلف أقل من تلك التي تعمل في‬ ‫أوقات الذروة‪ .‬وإذا ما أراد مالكو املركبات بني‬


‫حني وآخر الضغط على مفتاح «اشحن اآلن» ‪ ،‬فإنهم‬ ‫سيدفعون أكثر ملجرد قيامهم بذلك‪ ،‬غير أن سلوكهم‬ ‫في غياب ذلك يحتم عليهم أن يكون الش������حن خارج‬ ‫أوقات الذروة‪.‬‬ ‫‪ :SA‬لقد سمعنا الكثير عن خاليا الوقود في العقد‬ ‫املاضي‪ .‬كيف تبدو آفاقها املستقبلية اليوم؟‬ ‫<دوڤ���ال>‪ :‬ميكنني القول إن أكب������ر التحديات فيما‬ ‫يخ������ص خاليا الوق������ود رمبا ال تكمن ف������ي املركبات‬ ‫بحد ذاتها وإمنا في البني������ة التحتية الالزمة لتوفير‬ ‫الهدروجني‪ .‬وفيما يتعلق بهذه النقطة‪ ،‬فإن مبقدورنا‬ ‫إما أن نصنع الهدروجني من إعادة تشكيل اخلاليا‬ ‫األحفوري������ة أو نصنع������ه م������ن الكهرباء ع������ن طريق‬ ‫التحلي���ل الكهربائ���ي للم���اء ‪ .electrolysis‬وإذا كنا‬ ‫س������نصنع الهدروجني من الكهرباء‪ ،‬فإن السيارات‬ ‫الكهربائية س������تكون وسيلة أكثر كفاءة باستخدامها‬ ‫له������ذه الطاقة؛ ناهيك ع������ن أن تكلفة البني������ة التحتية‬ ‫ستكون أقل بكثير‪.‬‬ ‫وتبعا لذلك‪ ،‬فإنن������ي أعتقد أنه لو أننا كنا نعتزم‬ ‫تصميم ش������بكة الطاق������ة األمريكي������ة بكليتها مجددا‬ ‫اليوم‪ ،‬فإنه س������يكون من األس������هل علينا تكوين دور‬ ‫للهدروج���ي��ن‪ ،‬حي������ث ميكنن������ا أن نضع ف������ي املكان‬ ‫املالئم بنية حتتي������ة هدروجينية مثل حتليل كهربائي‬ ‫متطور‪ .‬ولكن في الوقت الراهن‪ ،‬ما لم توفر مركبات‬ ‫الهدروج���ي��ن قدرا هائال من التغيي������ر في الكفاءات‪،‬‬ ‫فسيكون من الصعوبة مبكان للكهرباء كوقود للنقل‬ ‫واملواصالت‪ ،‬أن حتق������ق الغلبة على صعيد الكفاءة‪.‬‬ ‫وهي ستأتي من املصادر نفسها كهدروجني‪.‬‬ ‫<س���تراوبل>‪ :‬أعتق������د بالتأكيد أن خالي������ا الوقود‬ ‫س������يتعني عليها أن تخوض صراع������ا لتثبت جدواها‬ ‫ضمن أي إطار زمني‪ .‬كما أعتقد أن الفيزياء املتعلقة‬ ‫بكفاءة الطاقة لهذه اخلاليا ستكون إحدى املشكالت‬ ‫األكث������ر تعقي������دا وصعوبة للحل‪ .‬وإن������ي ال أنظر إلى‬ ‫خالي������ا الوق������ود باعتبارها الكأس املقدس������ة واحلل‬ ‫املنتظر على املدى الطويل‪.‬‬ ‫<رايني���رت>‪ :‬ولكن الش������ركات دميل������ر و جي إم‬ ‫و هون������دا وتويوتا لديها حالي������ا خاليا وقود متطورة‬ ‫جدا‪ ،‬وفي املقام األول تنتظر البنية التحتية اخلاصة‬ ‫بخاليا الوقود‪ ،‬التي يتوقع لها أن تدخل حيز العمل‬ ‫بحلول عام ‪ 2025‬تقريبا‪ .‬وأعتقد أننا سنشهد أمناط‬ ‫استخدام مقطعة‪ ،‬ورمبا لن حتظى فكرة متتع جميع‬ ‫الس������يارات مب������دى ‪ 400‬ميل بعد ‪ 10‬س������نوات على‬ ‫القدر نفسه من األهمية الذي حتظى به لدى العمالء‬ ‫اليوم‪ .‬وقد يكون كافيا توفير مدى مناس������ب لتمكينك‬ ‫من استخدام الس������يارة ملدة يوم واحد‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫نصف يوم آخر على س������بيل املثال‪ ،‬وأن تكون لديك‬ ‫‪57‬‬

‫‪Zipcars‬‬

‫خدمات مثل اخلدمات التي توفرها الشركة‬ ‫التي تتيح لك شراء الوقت احملدد الذي حتتاجه إلى‬ ‫استخدام السيارة وليس أكثر‪.‬‬ ‫‪ :SA‬إن كف������اءة الوق������ود وانبعاثات الع������ادم وعناصر‬ ‫السالمة واألمان في املركبات ينبغي لها جميعا أن تلبي‬ ‫وتتوافق مع معايير معينة‪ .‬فما هي تصوراتكم بش������أن‬ ‫النظم والتشريعات املستقبلية على هذا الصعيد؟‬

‫فتحة الشحن في سيارة تيسال رودستر‬

‫<ستراوبل>‪ :‬نحن فعليا بحاجة إلى تركيز قراراتنا‬ ‫اخلاصة بهذه السياسة املستقبلية في اجلوانب التي‬ ‫لها ُبع ٌد اقتصادي‪ ،‬وذلك من أجل املزيد من التوسع‪.‬‬ ‫وإذا قمن������ا بتطبيق سياس������ة ملدة عقدي������ن من الزمن‬ ‫لتنفيذ أش������ياء ليست اقتصادية‪ ،‬فإن األمر برمته لن‬ ‫يكون مجديا‪ .‬وهذا لن يؤثر في أي من القضايا ذات‬ ‫الصلة بتخفيض ثنائي أكس������يد الكربون أو سالمة‬ ‫الطاقة أو أي شيء آخر‪.‬‬ ‫<بيرن���ز>‪ :‬إن الس������بب الذي يدفعني إلى القلق بشأن‬ ‫محاولة حتديد اخليار الفائز‪ ،‬بالنسبة إلى مواصالت‬ ‫املس������تقبل‪ ،‬هو الذي يحفز صناع السياسة املستقبلية‬ ‫إلى اس������تبعاد خيارات معينة‪ ،‬وف������ي رأيي اليزال من‬ ‫املبكر استبعاد أي من هذه اخليارات‪ .‬وما أجنزناه من‬ ‫عمل حت������ى اآلن كان مفيدا بالفعل‪ ،‬حيث إننا لم ننظر‬ ‫إلى األمر على أنه مس������ألة إما هذا «أو» ذاك ‪ :‬أي إما‬ ‫البطاريات أو خالي������ا الوقود أو الوق����ود البيولوجي‬ ‫‪ ،biofuel‬وإمنا نظرنا إلى األمر على أنه مسألة هذا «و»‬ ‫ذاك‪ .‬ما املانع إذا وضعناها جميعا قيد االس������تعمال؟‬ ‫سواء أكانت الكهرباء أم مختلف أنواع الطاقة املتجددة‬ ‫أم الهدروجني‪ ،‬فأي منها ال يس������تطيع مبفرده أن يحل‬ ‫مح������ل كمي������ة البترول وثنائي أكس������يد الكرب������ون التي‬ ‫نتحدث عنها‪ .‬فال تس������تبعدوا أي������ا من هذه اخليارات‪،‬‬ ‫ودعونا نضعها جميعا قيد االستعمال وننظر إلى أين‬ ‫سيتجه العالم بوجودها جميعا‪.‬‬ ‫إن التقان������ة برمتها ل������ن يكون له������ا أي مغزى ما لم‬ ‫نصل بها إلى مس������توى عال م������ن حيث احلجم؛ ألنه‬ ‫لن يكون لك أية تأثيرات في الطاقة والبيئة والسالمة‬ ‫واالختناق������ات املرورية إذا اقتص������ر األمر على بيع‬ ‫منتجات مخصصة للنخبة أو لش������ريحة معينة فقط‪.‬‬ ‫وقد اتضح لي أن الكثير من المُ ش ِّرعني والسياسيني‬ ‫وسواهم عاكفون على اخلوض في غمار هذا اجلدل‬ ‫ف������ي الوقت ال������ذي ال ميتلكون فيه أدن������ى فكرة حول‬ ‫مستلزمات تعميم التقانة جتاريا على نطاق واسع‪.‬‬ ‫<دوڤ���ال>‪ :‬دعون������ا َنت َّ‬ ‫َوخ الكثير م������ن احلذر قبل أن‬ ‫نتبنى بدائل باهظة للغاية تس������عى لتطوير تقانة ذات‬ ‫مقاس واحد يناسب اجلميع‪ .‬وعلينا حتاشي مقاربة‬ ‫احلل اخل������ارق ـ فقد أثبتت دائم������ا أن تكلفتها أكبر‬ ‫>‬ ‫وفرص جناحها أقل‪.‬‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫خاليا الوقود واملكونات املرتبطة بها‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪9002 rebmevoN ,naciremA cfiitneicS‬‬


‫املجلد ‪ 26‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2010‬‬

‫‪2/1‬‬

‫شرك االضطراب التالي للصدمة (‪)PTSD‬‬ ‫يؤكد عدد متزايد من اخلبراء أن مفهوم «االضطراب التالي للصدمة» ‪PTSD‬‬ ‫هو نفسه مفهوم مضطرب‪ ،‬وتأتي شكوى اجلنود ومعاناتهم كنتيجة لذلك‪.‬‬ ‫(٭)‬

‫>‪ُ .D‬دبس>‬

‫في عام ‪ ،2006‬وبعد قليل من عودة >‪ .M‬ستيڤنز‬ ‫[النقيب في احل������رس الوطني األمريكي] من خدمته‬ ‫العس������كرية في مدينة الرمادي بالعراق التي شهدت‬ ‫أكثر فترات حرب العراق دموية‪ ،‬بدأ يواجه مش������كلة‬ ‫االضطراب ‪ .PTSD‬لم تكن مشكلة >ستيڤنز< أنه كان‬ ‫يعاني هذا االضطراب‪ ،‬وإمنا بدأت تراوده الشكوك‬ ‫حوله‪ :‬فقد كانت األعراض التي يشكو منها حقيقية‬ ‫مبا فيه الكفاية‪ ،‬لكنه رأى أن التشخيص الذي أعطي‬ ‫له كان كثير التوسع بل خطرا على نحو مفرط‪.‬‬ ‫كان >س������تيڤنز< يق������ود الفريق الطب������ي املكلف‬ ‫بالعناية بفرقة مدرع������ة مكونة من ‪ 800‬جندي‪ ،‬وكان‬ ‫فريقه يقوم يوميا بتقدمي اإلس������عافات األولية للجنود‬ ‫األمريكي���ي��ن واملواطنني العراقيني‪ ،‬وقد ش������اهد أثناء‬ ‫عمل������ه حاالت مرعبة‪ .‬ولدى عودت������ه إلى أمريكا كان‬ ‫يقول إنه نال نصيبه من «الليالي التي كان يس������تيقظ‬ ‫فيها ويظهر له أنه لن يعود للنوم من جديد‪».‬‬ ‫بيد أن ذلك لم يدهش������ه‪« :‬كن������ت أتوقع أن يعاني‬ ‫اجلنود كوابي������س ملدة من الزمن بع������د عودتهم إلى‬ ‫الوط������ن‪ ».‬ولكنه حني قام بتتبع أح������وال أفراد فرقته‬ ‫ف������ي الواليات املتحدة وج������د أن اجلنود كانوا يلقون‬ ‫الترحيب من املثقفني واألوس������اط الطبية‪ ،‬السيما من‬ ‫اإلدارة ‪ VA‬التي كان رد فعلها االعتيادي هو اعتبار‬ ‫ضع������ف الذاك������رة والكوابيس الليلي������ة وأي عالمات‬ ‫أخ������رى على الضائق���ة ‪ distress‬دليال على اإلصابة‬ ‫باالضطراب ‪.PTSD‬‬ ‫ويق������ول >س������تيڤنز< إن األطب������اء ال يفرقون بني‬ ‫قلة من األفراد املصاب���ي��ن فعال باالضطراب ‪PTSD‬‬ ‫وبني أولئك الذين يش������كون من االكتئاب أو القلق أو‬ ‫مش������كالت عودة االندماج في املجتمع أو يحتاجون‬ ‫إلى مزيد من الوقت للتغلب عليها‪ .‬وكان >س������تيڤنز<‬ ‫يب������دي انزعاج������ه م������ن أن كثيرا من ه������ؤالء اجلنود‬ ‫واملجن������دات كانوا ُيدفعون إل������ى االلتزام باملعاجلات‬ ‫وبرامج العجز‪ ،‬وهو ما س������يؤدي إل������ى تورطهم في‬ ‫رؤية ذاتية مفادها أن أدمغتهم يعاد تش������كيلها وأن‬ ‫عقولهم تنتابها الوساوس على الدوام‪.‬‬ ‫<‬

‫مفاهيم مفتاحية‬ ‫>‬

‫أصبحت متالزمة االضطراب‬ ‫التالي للصدمة (‪ )PTSD‬هدفا‬ ‫للهجوم؛ ألن املعايير املستخدمة‬ ‫في حتديدها واسعة أكثر مما‬ ‫ينبغي؛ مما يؤدي إلى املبالغة في‬ ‫تشخيصها‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬

‫>‬

‫>‬

‫واخللل في مفهوم االضطراب‬ ‫‪ PTSD‬قد يؤدي إلى اخلطأ في‬ ‫تشخيص عملية التكيف الطبيعي‬ ‫مع احلياة املدنية‪ ،‬وذلك باعتبارها‬ ‫اختالال وظيفيا‪.‬‬ ‫إن اجلنود الذين ُيساء تشخيص‬ ‫حالتهم يتلقون العالج غير‬ ‫املناسب ويصبحون في خطر‬ ‫الوقوع في شرك نظام إدارة‬ ‫(‪)2‬‬

‫احملاربني القدماء (‪ )VA‬الذي‬ ‫يشجع على العجز املزمن‪.‬‬

‫محررو ساينتفيك أمريكان‬ ‫‪58‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫إ ّال أن >س������تيڤنز<‪ ،‬الذي صار برتبة رائد ويعمل‬ ‫مس������اعد طبي������ب في االحتي������اط‪ ،‬لي������س الوحيد الذي‬ ‫يس������اوره القلق من اتساع مفهوم االضطراب ‪.PTSD‬‬ ‫وخالل الس������نوات اخلمس األخيرة‪ ،‬دارت مناقشات‬ ‫أكادميي������ة حامية حول األس������س التي يس������تند إليها‬ ‫تش������خيص االضط������راب ‪ PTSD‬ومع������دل وقوعه‪ .‬وقد‬ ‫أدى ذل������ك إلى ش������ق صفوف املهتمني بس������يكولوجية‬ ‫الصدمات وإلى تعكير صفو الثقافة العسكرية‪ .‬ومنذ‬ ‫البداي������ة‪ ،‬طرحت انتقادات لهذا املفهوم من قبل بعض‬ ‫املؤرخني العس������كريني وفئة قليلة م������ن علماء النفس‪،‬‬ ‫وانض������م إليهم الحق������ا مجموعة كبيرة م������ن اخلبراء‬ ‫الذي������ن ُي َع������ ّدون في الواقع م������ن عمالقة عل������م النفس‬ ‫والط���ب النفس���ي ‪ psychiatry‬والوبائيات‪ .‬وتضم‬ ‫هذه املجموعة >‪ .L .R‬س������پيترز< و>‪ .B .M‬فورس������ت<‬ ‫[م������ن جامعة كولومبيا] اللذين أش������رفا على الطبعتني‬ ‫األخيرت���ي��ن م������ن «الكتيب التش������خيصي واإلحصائي‬ ‫لالضطراب������ات الذهنية» ‪ DSM-III‬و ‪ DSM-IV‬الذي‬ ‫يصدره احتاد األطباء النفسيني في أمريكا‪ ،‬و>‪ .P‬ماك‬ ‫هيو< [الرئيس الس������ابق لقسم األمراض النفسية في‬ ‫جامعة ج������ون هوپكنز] و>‪ .N‬برس���ل��او< [اإلخصائية‬ ‫بالوبائيات في جامعة متشيگان احلكومية] و>‪ .J .R‬ماك‬ ‫نللي< [السيكولوجي من جامعة هارڤرد والذي ُي َع ّد‬ ‫ُح َّجة في ديناميكا الذاك������رة والصدمات ورمبا كان‬ ‫أق������وى هؤالء النقاد تأثيرا]‪ .‬ويؤكد هؤالء أن املعايير‬ ‫املعتمدة لتشخيص االضطراب ‪ PTSD‬هي عبارة عن‬ ‫تصور مركب خاطئ وقدمي من األعراض‪ ،‬وقد توسع‬ ‫األطباء ف������ي تطبيقه حتى صار م������ن املألوف اخلطأ‬ ‫في تش������خيص االكتئاب والقلق وحتى عدم التكيف‬ ‫العادي على أنه االضطراب ‪.PTSD‬‬ ‫ه������ذه الدع������وة إل������ى إع������ادة النظر ف������ي تعريف‬ ‫االضط������راب ‪ PTSD‬تنعك������س تأثيراته������ا على إنفاق‬ ‫مليارات الدوالرات وعلى نظام تش������خيص األمراض‬ ‫(٭) ‪The Post-Traumatic Stress Trap‬‬ ‫(‪post-traumatic stress disorder )1‬‬ ‫(‪the veterans Administration )2‬‬


‫النفس������ية وعلى فاعلية البن������ى التحتية الضخمة التي‬ ‫تتطلبها معاجلة هذا االضط������راب‪ ،‬وأهم من ذلك كله‬ ‫تأثيرها ف������ي الصحة الذهنية ومس������تقبل حياة مئات‬ ‫اآلالف م������ن احملاربني القدم������اء وغيرهم من املرضى‬ ‫املصاب���ي��ن باالضط������راب ‪ .PTSD‬ويق������ف ف������ي وجه‬ ‫اإلصالح املعارف التقليدية واملقاومة الثقافية العميقة‬ ‫اجلذور واملفاهيم التأسيسية لسيكولوجية الصدمات‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فقد آن األوان‪ ،‬كما قال >س������تيڤنز< حديثا‪،‬‬ ‫«إلنقاذ االضطراب ‪ PTSD‬من نفسه‪».‬‬

‫إلقاء شبكة واسعة‬

‫(٭)‬

‫يقول النقاد إن املبالغة في تشخيص االضطراب‬ ‫‪ PTSD‬تكشفها األرقام بدءا من الدراسة األساسية‬ ‫حول انتشاره التي أعدت عام ‪ ،1990‬وحملت عنوان‬ ‫«املس������ح الوطني حول إعادة التكيف لدى احملاربني‬ ‫القدماء في ڤيتنام» (‪ .)1()NVVRS‬وقد ش������ملت هذه‬ ‫الدراس������ة أكثر من ألف من ذكور احملاربني القدماء‬ ‫في ڤيتنام عام ‪ ،1988‬وبينت أن ‪ %15.4‬منهم يعانون‬ ‫االضط������راب ‪ PTSD‬في ذلك الوقت‪ ،‬وأن ‪ %31‬منهم‬ ‫س������بق أن عانوا هذا االضطراب في بعض األوقات‬ ‫بعد نهاية احلرب‪ .‬ومنذ ذلك التاريخ‪ ,‬اعتبرت النسبة‬ ‫‪ %31‬هي النس������بة املعترف بها لوقوعات االضطراب‬ ‫‪ PTSD‬عند احملاربني القدماء‪.‬‬ ‫في ع������ام ‪ 2006‬ق������ام >‪ .P .B‬دورنوند< [أس������تاذ‬ ‫الوبائيات في جامعة كولومبيا]‪ ،‬سعيا إلى التوصل‬ ‫إلى حل بعض املشكالت املزعجة في تلك الدراسة‪،‬‬ ‫بإعادة النظر في األرقام املقدمة فيها‪ .‬وبعد أن انتهى‬ ‫من استبعاد احلاالت التي كان توثيقها ضعيفا‪ ،‬وجد‬ ‫أن معدل الوقوعات ع������ام ‪ 1988‬كان ‪ %9‬وأن معدل‬ ‫الوقوعات على مدى احلياة هو ‪.%18‬‬ ‫وقد ش������ارك >م������اك نللي< في اإلعج������اب العام‬ ‫بدراس������ة >دورنون������د< الدقيقة؛ ولكن بعد نش������رها‬ ‫بقلي������ل انتهى >ماك نللي< إلى اإلق������رار بأن األعداد‬ ‫التي جاءت في هذه الدراس������ة هي نفسها أعلى من‬ ‫الواقع‪ ،‬حيث إنها حسبت ضمن حاالت االضطراب‬ ‫‪ PTSD‬عند احملاربني القدماء الذين كانت ش������كواهم‬ ‫خفيفة وغير كافية لتشخيص هذا االضطراب وكانت‬ ‫أحواله������م توصف بأنها جيدة بش������كل عام‪ .‬أما إذا‬ ‫اقتصر األمر على األش������خاص الذين يش������كون من‬ ‫«إضع���اف مه���م س���ريريا»‬

‫‪clinically significant‬‬

‫‪ ،impairment‬وهو املستوى الالزم توفره للتشخيص‬ ‫واحلصول على تعويضات التأمني في معظم حاالت‬ ‫األم������راض الذهنية‪ ،‬فإن مع������دل الوقوعات يهبط إلى‬ ‫‪ %5.4‬فيم������ا يتعلق باحلاالت املوج������ودة حني القيام‬ ‫بالدراسة‪ ،‬وإلى ‪ %11‬إذا اعتبرت احلاالت احلاصلة‬ ‫عل������ى امتداد احلياة‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإنه ال صحة للقول إن‬ ‫‪59‬‬

‫واحدا من كل ثالثة من قدامى احملاربني س������يعاني‬ ‫في مرحلة ما أعراض االضطراب ‪ ،PTSD‬والنس������بة‬ ‫الصحيحة هي واحد من كل تس������عة‪ ،‬كما أن واحدا‬ ‫فقط من كل ‪ 18‬منهم سبق له أن عانى هذه األعراض‬ ‫ف������ي مرحلة ما من حياته‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬يتضح أن‬ ‫الدراسة ‪ NVVRS‬قد بالغت في تقدير معدل اإلصابة‬ ‫باالضطراب ‪ PTSD‬لدى قدامى احملاربني في ڤيتنام‬ ‫مبا يقارب ‪.%300‬‬ ‫يقول >م������اك نلل������ي<‪« :‬إن االضط������راب ‪PTSD‬‬ ‫أمر حقيقي من دون ش������ك‪ .‬ولكن تش������خيصه اتسع‬ ‫لدرجة كبي������رة حتى أصبح جزءا م������ن الثقافة‪ ،‬مما‬ ‫س������ ّهل الوقوع في اخلطأ وتشخيص أمراض أخرى‬ ‫ومعاجلتها على أنها االضطراب ‪».PTSD‬‬ ‫وفكرة أن تشخيص االضطراب ‪ PTSD‬قد بولغ‬ ‫في������ه تتناقض مع التقارير املعارض������ة الصادرة عن‬ ‫اجلهات العس������كرية وإدارة احملارب���ي��ن القدماء فيما‬ ‫يتعلق بإنكار تش������خيص هذا االضطراب وما يترتب‬ ‫عليه من تعويضات العجز وتسريح اجلنود املصابني‬ ‫بدال م������ن معاجلتهم‪ ،‬وإنكار صل������ة هذا االضطراب‬ ‫باالزدياد املقلق في عدد حاالت االنتحار بني اجلنود‬ ‫في حروب الش������رق األوس������ط‪ .‬إ ّال أن كال من هذين‬ ‫االجتاهني يبدو متماس������كا‪ .‬فقد زادت نفقات إدارة‬ ‫احملاربني القدماء لتعوي������ض املصابني باالضطراب‬ ‫‪ PTSD‬عل������ى الضعفني منذ ع������ام ‪ .2000‬وير ُّد معظم‬ ‫هذه الزيادة إلى تش������خيص ح������االت جديدة من هذا‬ ‫االضط������راب عند احملاربني القدم������اء في ڤيتنام‪ .‬أما‬ ‫االس������تجابة الضعيفة وغير املتس������اوقة إزاء حاالت‬ ‫اجلن������ود الذين اليزال������ون في اخلدمة العس������كرية‪،‬‬ ‫وح������االت احملارب���ي��ن القدماء اجل������دد‪ ،‬والذين يحال‬ ‫بعضهم بسرعة إلى معاجلة االضطراب ‪ PTSD‬في‬ ‫حني ترفض طلب������ات اآلخرين‪ ،‬فإنها تبدو دليال على‬ ‫ارتباك النظام الذي ُيح َّمل فوق طاقته‪.‬‬ ‫يق������ول النقاد إن إع������ادة النظر في تش������خيص‬ ‫االضط������راب ‪ PTSD‬وف������ي نظام الرعاي������ة الصحية‬ ‫لكل من‬ ‫للمحاربني القدماء سوف توفر عناية أفضل ٍ‬ ‫مرض������ى هذا االضطراب احلقيقي���ي��ن وكذلك ألولئك‬ ‫الذين كان تش������خيصهم خاطئا‪ .‬إ ّال أن الراغبني في‬ ‫اإلصالح يواجهون معارضة شديدة‪ .‬ويالحظ >ماك‬ ‫نللي< أن هذا الرأي سيوغر صدر بعض األشخاص‪.‬‬ ‫فقد تلقى رسائل تهديد إلكترونية من بعض احملاربني‬ ‫القدم������اء‪ ،‬واتهمه عدد من الزم���ل��اء بإهانة احملاربني‬ ‫القدماء وأنه ال يحس������ب حساب اآلالم التي يعانونها‬ ‫ويسقط من اعتباره تكاليف احلرب‪ .‬وقد وصل األمر‬ ‫بالعمي������د >‪ .G‬كيلپاتريك< [اإلخصائ������ي بالصدمات‬ ‫(النفس������ية) من جامعة س������اوث كارولين������ا والرئيس‬ ‫(٭)‬ ‫(‪)1‬‬

‫‪Casting a Wide Net‬‬ ‫‪National Vietnam Veterans Readjustment Survey‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫قد يكون الشعور بالضائقة‬ ‫استجابة لأللم أو فقدان شيء ما‪،‬‬ ‫أو يكون عالمة على جرح نفسي يخفق‬ ‫في الشفاء‪ .‬ويشعر ناقدو املعايير‬ ‫املعتمدة لتشخيص االضطراب ‪،PTSD‬‬ ‫ومن بينهم العديد من اجلنود‪ ،‬أن‬ ‫عملية التكيف الطبيعي التي مير بها‬ ‫اجلنود العائدون من احلرب‪ ،‬كثيرا ما‬ ‫تصنف ضمن حاالت االختالل الوظيفي‬ ‫‪.dysfunctional state‬‬ ‫‪distress‬‬


‫االضطراب (‪ :)PTSD‬مشكلة ُتع ّرف بسببها‬

‫(٭)‬

‫الذهنية ‪DSM-IV‬‬

‫جاء في الطبعة املتوفرة حاليا من «الكتيب التشخيصي واإلحصائي» لالضطرابات‬ ‫أن أول املعايير لتشخيص االضطراب ‪ PTSD‬هو تعرض الشخص لصدمة نفسية شديدة (رض)‪.‬‬ ‫ويشرح الكتيب املقصود بهذه الصدمة كما يلي‪:‬‬ ‫يتعرض الشخص للصدمة إذا توفر العنصران التاليان‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن يكـون الشـخص قـد أصـيب أو شاهد أو جابه حادثة أو حوادث تتضمن حالة موت فعلي أو أذية‬ ‫‪ injury‬خطيرة أو تهديد لسالمته اجلسدية أو سالمة اآلخرين‪.‬‬ ‫َ‬ ‫اخلوف الشديد أو الهل َع أو الشعور بفقد األمل باملساعدة‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن تتضمن استجاب ُة الشخص‬ ‫ويكتمل تعريف املتالزمة عند اجتماع ثالث مجموعات من األعراض ـ عودة املعاناة من احلادثة عن‬ ‫طريق الكوابيس أو ارجتاع ‪ flashback‬مشهد احلادثة؛ واخلدر ‪ numbing‬أو االنسحاب ‪withdrawal‬؛‬ ‫وفرط التيقظ ‪ hyperarousal‬الذي يتجلى بالهيوجية ‪ irritability‬واألرق والعدوانية وضعف التركيز ـ‬ ‫ملـدة تـزيـد عـلى الشـهر ولـدرجـة تســبب للشــخص شــعورا بالضـائقة ‪ distress‬ميكـن كشفه سريريا‬ ‫أو اختالال في العالقات االجتماعية أو الوظيفية‪ ،‬وغير ذلك من املجاالت‪.‬‬ ‫يجادل منتقدو هذا املركب التشخيصي قائلني إن هذه األعراض قد تكون مميزة ملجموعة واسعة‬ ‫من االضطرابات األخرى؛ كما أنها قد تظهر معا عند أشخاص لم يتعرضوا لصدمة‪.‬‬ ‫لقد جرى تعريف االضطراب ‪ PTSD‬ألول مرة في «الكتيب التشخيصي واإلحصائي لألمراض النفسية»‬ ‫‪ DSM-III‬الصادر عام ‪ 1980‬استجابة لطلب األطباء النفسيني واحملاربني القدماء املعارضني حلرب ڤيتنام‬ ‫والذين كانوا يبحثون عن تشخيص يعترف بوجود آفة فريدة يعانيها احملاربون القدماء في ڤيتنام‪.‬‬

‫الس������ابق للجمعية الدولية لدراسة االضطراب] إلى‬ ‫القول إن >ماك نللي< كاذب‪.‬‬

‫تشخيص ُم ِ‬ ‫عظل‬

‫(٭٭)‬

‫املؤلف‬

‫‪David Dobbs‬‬

‫محرر مشارك في مجلة «ساينتفيك‬ ‫أمريكان مايند» ‪Scientific American‬‬ ‫‪ ،»Mind‬وكان احملرر املؤسس ملوقع‬

‫«الذهن أمر مهم» ‪.mind matters‬‬ ‫وهو يكتب أيضا بانتظام في شؤون‬ ‫الطب والطبيعة والتربية والثقافة‬ ‫ملجلة نيويورك تاميز‪ ،‬وقد نُشرت في‬ ‫ثالثة كتب؛ وعنوان موقعه ‪Neuron‬‬ ‫‪ Culture‬هو‪http://scienceblogs.com/ :‬‬ ‫‪.neuronculture‬‬ ‫‪60‬‬

‫ج������اء في «الكتي������ب التش������خيصي واإلحصائي‬ ‫لالضطرابات الذهنية» ‪ DSM-IV‬الصادر عام ‪1994‬‬ ‫أن تعريف االضطراب ‪ PTSD‬يس������تند إلى اجتماع‬ ‫ثالثة أعراض ـ ارجتاع مشاهدة سابقة حقيقية على‬ ‫شكل كوابيس وجتنب املواجهة عن طريق االنسحاب‬ ‫أو الالمب������االة وف���رط التيق���ظ ‪ hyperarousal‬الذي‬ ‫يأخذ شكل الهيوجية ‪ irritability‬واألرق والعدوان‬ ‫وضع������ف التركيز ـ التي تظهر ك������رد على األحداث‬ ‫املهددة للحياة (انظر اإلطار في األعلى)‪.‬‬ ‫ولكن تركيبة هذا التعريف مشكوك في صحتها‪.‬‬ ‫فالصلة بحادثة صادمة جتع������ل االضطراب ‪PTSD‬‬ ‫التش������خيص الوحيد تقريبا‪ ،‬وهذا هو أمر فريد من‬ ‫نوعه في األمراض النفسية؛ ألن التشخيص في هذه‬ ‫احلالة يعتمد على أسباب خارجية‪ .‬ومما يزيد األمر‬ ‫تعقيدا هو أن الصلة بني احلالتني تستند في الواقع‬ ‫إلى ذكرى تلك الصدمة‪ .‬وعندما أضيف االضطراب‬ ‫‪ PTSD‬ألول م������رة إلى قائمة األم������راض الواردة في‬ ‫الطبعة الثالثة من «الكتيب التشخيصي واإلحصائي‬ ‫لألمراض النفس������ية» ‪ DSM-III‬الصادر عام ‪،1980‬‬ ‫كانت ذكريات الصدمات تعد تسجيال أمينا حلوادث‬ ‫حقيقي������ة‪ .‬إال أن األبحاث التي أجريت بعد ذلك بينت‬ ‫بشكل متكرر أن الذاكرة مطواعة وغير جديرة بالثقة‬ ‫إلى حد بعيد؛ إذ إن اإلنس������ان يقوم بش������كل منوالي‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫(روتين������ي) بإضافة‪ ،‬أو حذف أش������خاص وتفاصيل‬ ‫وخلفيات وأعمال‪ ،‬إل������ى ذكرياته‪ .‬فكثيرا ما نضخم‬ ‫أمورا أو نحذف بعضها أو نخترع أخرى‪.‬‬ ‫وأظهرت دراس������ة قام������ت به������ا >‪ .F .E‬لوفتوس<‬ ‫[الباحثة في ظواهر الذاكرة من جامعة واشنطن] أن‬ ‫واح������دا من بني أربعة بالغني قيل لهم إنهم ُفقدوا في‬ ‫بعض مجمعات التسوق وهم أطفال‪ ،‬انتهى به األمر‬ ‫إل������ى تصديق أن ذلك حدث له فع���ل��ا‪ .‬وبعض الذين‬ ‫ش������اركوا في التجربة استمروا في االعتقاد أن ذلك‬ ‫ق������د حدث فعال‪ ،‬حتى بعدما ُكش������ف لهم أن ما قيل‬ ‫كان مجرد خدعة‪ .‬وقد أكدت أبحاث كثيرة بعد هذه‬ ‫الدراسة أن مثل هذه الذكريات الزائفة أمر شائع‪.‬‬ ‫ال يتمتع اجلن������ود مبناعة ضد هذا االجتاه‪ .‬فقد‬ ‫قام الباحثون ـ في بحث أجري خالل تسعينات القرن‬ ‫العشرين في مستش������فى نيوهاڤن بأمريكا ـ بسؤال‬ ‫‪ 59‬من احملاربني القدم������اء في حرب اخلليج العربي‬ ‫عن جتاربهم هناك وذلك بعد ش������هر من عودتهم‪ ،‬ثم‬ ‫مرة أخرى بعد س������نتني من ذلك‪ .‬فقد ُس������ئل اجلنود‬ ‫عن ‪ 19‬نوعا محددا من األحداث التي ميكن عادة أن‬ ‫تس������بب صدمة ملن يواجهها‪ ،‬كأن يكون املرء شاهدا‬ ‫على حادثة وفاة أو أن يفقد أصدقاء له أو أن يشاهد‬ ‫أش������خاصا يصابون بتشوهات جسدية‪ .‬وبعد مرور‬ ‫عام���ي��ن‪ ،‬ذكر ‪ %70‬م������ن احملاربني القدم������اء حادثة‬ ‫واح������دة على األقل من النوع املؤدي إلى الش������عور‬ ‫بالصدم������ة لم يكونوا قد ذكروها عند س������ؤالهم بعد‬ ‫ش������هر واحد من عودتهم؛ كما أن ‪ %24‬منهم ذكروا‬ ‫ثالثة أحداث أخرى من هذا النوع مقارنة بإجاباتهم‬ ‫من امل������رة األولى‪ .‬وقد تبني أن احملاربني القدماء في‬ ‫ه������ذه املجموعة الذين ذكروا أكبر عدد من الذكريات‬ ‫اجلديدة هم أيضا ممن ُش ِّخص عندهم أكبر عدد من‬ ‫أعراض االضطراب ‪.PTSD‬‬ ‫يرى >م������اك نللي< أن نتائج كه������ذه توحي فكرة‬ ‫مؤداها أن بعض احملارب���ي��ن القدماء الذين أصيبوا‬ ‫باالضطراب ‪ PTSD‬في وقت متأخر ميكن أن ينسبوا‬ ‫أعراض االكتئ������اب والقلق وغيرها من االضطرابات‬ ‫الطفيفة إل������ى ذكرى أعيد تركيبه������ا وأعطيت مغزى‬ ‫جديدا‪ ،‬بل رمبا كانت ذكرى اختلقت(‪ )1‬الشعوريا‪.‬‬ ‫يقول >ماك نلل������ي<‪« :‬إن هذا التصرف ال عالقة‬ ‫ب������ه بالتالعب أو االحتيال عل������ى األنظمة وال بالرغبة‬ ‫الواعية في اكتساب التعاطف‪ ،‬ذلك أننا جميعا نفعل‬ ‫ص حياتنا على ش������كل حكايات‬ ‫هذا األم������ر‪ :‬إننا ن ُق ُّ‬ ‫تس������اعدنا على فهمها‪ .‬وهكذا‪ ،‬ف������إن أحد احملاربني‬ ‫القدم������اء الذي مير بصعوبات ف������ي حياته قد يتذكر‬ ‫حادثة لعلها صدمته أو لم تفعل‪ ،‬وكل ما يتذكره من‬ ‫هذا القبيل سيكون ذا مغزى‪».‬‬ ‫(٭) ‪(PTSD): A Problem Defined by Its Cause‬‬ ‫(٭٭) ‪A Problematic Diagnosis‬‬ ‫(‪fabricated )1‬‬


‫يقول >ماك نللي<‪« :‬إن االضطراب ‪ PTSD‬حقيقة ال شك فيها‪ ،‬إال أن‬ ‫تشخيص هذا االضطراب أصبح رخوا وواسعا جدا حتى صار جزءا‬ ‫من الثقافة‪ ،‬ومن املؤكد أننا نخطئ في تشخيص مشكالت أخرى‬ ‫وننسبها إلى هذا االضطراب‪ ،‬ومن ثم نعاجلها بشكل خاطئ‪».‬‬ ‫ولك������ي جنعل تش������خيص االضط������راب ‪ PTSD‬أكثر‬ ‫دق������ة رأى بعض الباحث���ي��ن أن الفح������وص الدموية‬ ‫وتصوير الدماغ وغيرها م������ن االختبارات قد تكون‬ ‫قادرة على كش������ف بعض العالمات الفيس������يولوجية‬ ‫(الفيزيولوجي������ة) املمي������زة له������ذا االضط������راب‪ .‬وقد‬ ‫كش������فت بعض الدراس������ات التي تناول������ت هرمونات‬ ‫الك���رب ‪ stress‬وأجريت على مجموعات من املرضى‬ ‫املصاب���ي��ن باالضطراب عن وج������ود اختالفات بينهم‬ ‫وب���ي��ن األصحاء‪ .‬إال أن التداخل بني نتائج الفريقني‬ ‫كان كبي������را جدا مما يجعل نتائ������ج هذه االختبارات‬ ‫إذا أجري������ت ألحد األش������خاص عدمي������ة الفائدة في‬ ‫التش������خيص‪ .‬وكذلك احلال في تصوير الدماغ‪ ،‬إذ‬ ‫إن الش������ذوذ الديناميكي املش������اهد في االضطراب‬ ‫‪ PTSD‬يتداخل على نطاق واسع مع ما يشاهد عند‬ ‫املصابني باالكتئاب أو القلق‪.‬‬ ‫ملا كان������ت الذاكرة غير جدي������رة باالعتماد عليها‬ ‫وكان������ت الواس����مات ‪ markers‬البيولوجي������ة محيرة‪،‬‬ ‫يصبح التشخيص معتمدا على األعراض السريرية‪.‬‬ ‫إال أن الدراس������ة التي أجريت عام ‪ 2007‬بينت بشكل‬ ‫ص������ارخ أن أع������راض االضط������راب ‪ PTSD‬مراوغة‬ ‫وغامضة كما هي حال الواس������مات البيولوجية‪ .‬وقد‬ ‫قام >‪ .A‬بودكني< [وهو طبيب نفسي ‪ psychiatrist‬في‬ ‫مستش������فى «ماكلني بهارڤرد»] بفحص ‪ 90‬مريضا‬ ‫مصاب������ا باالكتئ������اب بحثا عن أع������راض االضطراب‬ ‫‪ PTSD‬عنده������م وعن الرضوض الت������ي تعرضوا لها‬ ‫ثم قارن نتائج هذه الفحوص‪ .‬وباالش������تراك مع أحد‬ ‫زمالئه ق������ام بإجراء مقابلة مقننة موح����دة املقاييس‬ ‫‪ standardized‬له������ؤالء املرضى لتقييم األعراض‪ .‬بعد‬ ‫ذل������ك‪ ،‬قام طبيب������ان آخران من املهتمني بتش������خيص‬ ‫االضطراب ‪ PTSD‬بإجراء مقابلة مقننة ملعرفة أي من‬ ‫املرضى سبق أن أصيب بصدمة تنطبق عليها معايير‬ ‫االضطراب ‪ PTSD‬الواردة في الكتيب ‪.DSM-IV‬‬ ‫إذا كان االضط������راب ‪ PTSD‬ناجما عن الصدمة‬ ‫(ال������رض) وج������ب أن يكون ف������ي التاري������خ املرضي‬ ‫للمصابني به������ذه العلة قصة تع������ ُّرض لصدمة؛ كما‬ ‫أن األشخاص املصابني بصدمة يجب أن يتعرضوا‬ ‫لإلصاب������ة باالضطراب ‪ PTSD‬بنس������بة أكبر‪ .‬إال أن‬ ‫الواق������ع خالف ذلك‪ ،‬فم������ع أن تقصي األعراض بينّ‬ ‫أن ‪ 70‬من أصل ‪ 90‬مريضا يبدون أعراض اإلصابة‬ ‫باالضطراب ‪ ،PTSD‬فإن تقصي الصدمات كش������ف‬ ‫‪61‬‬

‫أن ‪ 54‬مريضا منهم سبق لهم التعرض لصدمة؛ أي‬ ‫إن عدد األشخاص الذين شخص لديهم االضطراب‬ ‫‪ PTSD‬زاد عل������ى ع������دد أولئ������ك الذي������ن تعرض������وا‬ ‫لصدمات‪ .‬وقد كانت نتائج الدراس������ة أس������وأ عندما‬ ‫قارن >بودكني< التش������اخيص واحدا تلو اآلخر‪ .‬وإذا‬ ‫كانت اإلصابة باالضطراب تس������تلزم وجود صدمة‬ ‫ف������ي التاريخ املرضي‪ ،‬فإن املرضى الذين س������بق أن‬ ‫تعرضوا لصدمة والبالغ عددهم ‪ 54‬يجب أن يشكلوا‬ ‫القس������م األكبر من الذين شخص لديهم االضطراب‬ ‫‪ PTSD‬وعددهم ‪ .70‬ولك������ن املصابني بأعراض هذا‬ ‫االضطراب كانوا موزعني بالتس������اوي بني املصابني‬ ‫بالصدم������ات وغير املصابني به������ا‪ .‬ويعلق >بودكني<‬ ‫على ذلك بالقول‪ :‬إن هذا الوضع غير مقبول علميا‪.‬‬ ‫إن أكث������ر املعاجلات فاعلي������ة عند املرضى الذين‬ ‫جنمت أعراضهم عن التعرض لصدمة هي املعاجلة‬ ‫املعرفي���ة ـ���ـ الس���لوكية (‪ )1()CBT‬الت������ي تهدف إلى‬ ‫تغيير االس������تجابة لذكرى صدم������ة معينة عن طريق‬ ‫تعري������ض املريض املتكرر واملراق������ب للصدمة‪ .‬يقول‬ ‫>ماك نللي<‪« :‬إن املعاجلة بهذه الطريقة كانت فعالة‪.‬‬ ‫ف������إذا توجه مريض مصاب حقا باالضطراب ‪PTSD‬‬ ‫إلى األشخاص الذي يطبقون هذه الطريقة العالجية‬ ‫بش������كل جيد‪ ،‬فإن لديه فرصة جيدة للتحسن‪ .‬وعلى‬ ‫العكس من ذلك‪ ،‬فإن اس������تخدام املعاجلة ‪ CBT‬عند‬ ‫املصاب���ي��ن باالكتئاب يس������اعد املري������ض على تعرف‬ ‫احللق������ات املضطربة من تفكي������ره وانفعاالته وينمي‬ ‫لديه اس������تجابات جدي������دة جتاه األح������داث اليومية‬ ‫العادية‪ ».‬ويضيف >ماك نللي<‪« :‬إذا اعتقد ش������خص‬ ‫مصاب باالكتئاب أن مش������كالته ناجمة عن اإلصابة‬ ‫باالضطراب ‪ PTSD‬ويخض������ع للمعاجلة ‪CBT‬؛ فإنه‬ ‫س������يخفق‪ .‬إنك بذلك تقضي الوقت في مطاردة هذه‬ ‫الذكرى بدال من التصدي للطريقة التي يس������يء فيها‬ ‫املريض تفسير األحداث احلالية‪».‬‬ ‫ومما زاد األمور تعقيدا تلك الدراسات احلديثة‬ ‫التي بينت أن أذي���ات الدماغ الرضي���ة ‪traumatic‬‬ ‫‪ ،brain injuries‬الناجم������ة عن انفجار القنابل والتي‬ ‫ش������اعت عند اجلنود في الع������راق‪ ،‬تؤدي إلى ظهور‬ ‫أعراض يصعب متييزه������ا من أعراض االضطراب‬ ‫‪ .PTSD‬وهك������ذا‪ ،‬نواج������ه مجموع������ة أخ������رى من‬ ‫(٭) ‪Discrepancies in Diagnoses‬‬ ‫(‪cognitive-behavioral therapy )1‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫>‪ .R‬ماك نللي<‪،‬‬

‫من جامعة هارڤرد‪.‬‬

‫تضاربات في‬ ‫(٭)‬ ‫التشخيص‬

‫كثيرا ما ُيبالغ في تقدير معدل اإلصابة‬ ‫باالضطراب‪ ،‬ويعود ذلك ألسباب‬ ‫متعددة‪ :‬منها املعايير الغامضة املعتمدة‬ ‫لتشخيصه‪ ،‬كما أن تقييم أسئلة املسح‬ ‫واإلجابات عنها يخضع للتأويل‪ .‬ومن‬ ‫األمثلة على ذلك‪ ،‬أن التحليل الدقيق‬ ‫لبيانات املسح ‪ NVVRS‬الذي جرى عام‬ ‫‪ 1990‬أنقص معدل حدوث االضطراب‬ ‫‪ PTSD‬إلى ثلث األرقام األصلية‪.‬‬ ‫املسح ‪ NVVRS‬عام‬

‫‪1990‬‬

‫عدد من تناولهم املسح‪:‬‬

‫‪1000‬‬

‫النسبة املئوية ملن عانوا االضطراب ‪PTSD‬‬

‫في فترة أو أخرى بعد احلرب‪.‬‬

‫النسبة املئوية ملن مت لديهم تشخيص‬ ‫اإلصابة بهذا االضطراب حني إجراء املسح‪.‬‬

‫‪%31 %15.4‬‬

‫إعادة حتليل بيانات‬

‫املسح ‪ NVVRS‬عام ‪2006‬‬ ‫احلاالت التي أسقطت؛ ألن التشخيص‬ ‫لم يكن موثقا بشكل جيد‬ ‫(>دورنوند< وزمالؤه)‪.‬‬

‫‪%18 %9‬‬

‫احلاالت التي أسقطت‪ ،‬ألن املرضى‬ ‫لم يشكوا من «خلل سريري مهم»‬ ‫(>ماك نللي<)‪.‬‬

‫‪%11 %5.4‬‬


‫نكران التميز‬

‫(٭)‬

‫أعلنت وزارة الدفاع األمريكية في‬ ‫الشهر ‪ 2009/1‬أنها لن متنح وسام‬ ‫«القلب األرجواني» للمحاربني القدماء‬ ‫املصابني باالضطراب ‪ .PTSD‬وقد‬ ‫استند هذا القرار في جانب منه‬ ‫إلى التمييز بني اجلروح اجلسمية‬ ‫التي ميكن تقييمها موضوعيا وبني‬ ‫الشكاوى النفسية التي هي ذات طابع‬ ‫شخصاني‪ .‬وقد أبرز انقسام الرأي‬ ‫العام األمريكي حول هذا القرار‬ ‫األهمية العظمى التي يوليها لهذا‬ ‫التشخيص من الناحيتني العاطفية‬ ‫والثقافية واملشكالت التي يثيرها‬ ‫هذا التشخيص‪ .‬فمن ناحية‪ ،‬بينّ‬ ‫علم األعصاب في اآلونة األخيرة أن‬ ‫اضطرابات الصحة النفسية املهمة‬ ‫تدل على وجود خلل وظيفي مهم في‬ ‫الدماغ أو أذية ‪ injury‬فعلية فيه‪ .‬وإذا‬ ‫لم يكن هناك أذية فعلية في الدماغ‪،‬‬ ‫فإن من العدل أن تعامل اإلصابات‬ ‫النفسية الناجتة من احلرب باعتبارها‬ ‫إصابات جسمية‪ .‬وفي الوقت نفسه‪،‬‬ ‫إن عدم وجود حدود تشخيصية مؤكدة‬ ‫بني االضطراب ‪ PTSD‬واالضطرابات‬ ‫النفسية األخرى كاالكتئاب والقلق‪،‬‬ ‫إضافة إلى البينات القوية على وجود‬ ‫مبالغة في تشخيص االضطراب يجعل‬ ‫منح الوسام للمصابني بهذا االضطراب‬ ‫مثارا ملشكالت مهمة إلى أن تتضح‬ ‫طبيعته ويتوصل العلم إلى اكتشاف‬ ‫واسمات بيولوجية‬

‫‪biomarkers‬‬

‫حاسمة له ال تقبل اجلدل فيه‪.‬‬

‫‪62‬‬

‫األعراض املتداخلة‪.‬‬ ‫يق������ول >‪ .M .G‬روزن< [وه������و طبيب نفس������ي من‬ ‫جامعة واشنطن تعامل طويال مع مرضى االضطراب‬ ‫‪« :]PTSD‬إن مس������ألة التداخل تقلقني إلى حد كبير؛‬ ‫وعلينا أن نتساءل كيف وصلنا إلى هذا الوضع‪ ،‬وما‬ ‫الذي نكسبه من تبني هذا التشخيص؟»‬

‫حاالت معوِّ قة‬

‫(٭٭)‬

‫عندما تساءل >روزن< عن املكاسب كان يقصد‬ ‫األطباء الس������ريريني‪ .‬ولكن ماذا يكس������ب احملاربون‬ ‫القدماء من تشخيص االضطراب ‪ .PTSD‬طبعا‪ ،‬قد‬ ‫يأمل البعض م������ن وراء ذلك باحلصول على معاجلة‬ ‫فعال������ة ودعم مالي‪ .‬ولكن‪ ،‬ليس ه������ذا هو ما يحدث‪.‬‬ ‫ويستجيب للمعاجلة ثلثا األشخاص املدنيني املصابني‬ ‫به������ذا االضطراب؛ إال أن عال������م النفس >‪ .Ch‬فروِ ه<‪،‬‬ ‫الذي عالج احملاربني القدماء املصابني باالضطراب‬ ‫‪ PTSD‬وأج������رى أبحاثا حول هذا املوضوع منذ عام‬ ‫‪ 1990‬وحتى ‪ ،2006‬الحظ أنه لم يس������تجب أي منهم‬ ‫للعالج‪ .‬كما أن احملاربني القدماء الذين عوجلوا من‬ ‫ذل������ك االضطراب عن طريق إدارة احملاربني القدماء‪،‬‬ ‫يرج������ح أنهم لن يحصلوا عل������ى نتائج أفضل مما لو‬ ‫عوجلوا على نفقتهم اخلاصة‪.‬‬ ‫ويق������ول >فروه< إن الس������بب في ذل������ك يعود إلى‬ ‫التعارض القائ������م بني أوهام بنية االضطراب ‪PTSD‬‬ ‫من جهة ونظام العج������ز املعتمد في إدارة احملاربني‬ ‫صمم ليجعل كل مكس������ب‬ ‫القدم������اء‪ ،‬والذي يبدو أنه ُ‬ ‫يجنيه املريض موجها نحو إعاقة الشفاء‪.‬‬ ‫يعد االضطراب ‪ PTSD‬أس������هل تشخيص ملرض‬ ‫ذهني يبرر احتسابه بأنه «مرتبط باخلدمة العسكرية»‬ ‫مما قد مينح املري������ض تغطية صحية كاملة وممتدة‪،‬‬ ‫وكذلك احلصول على رات������ب يبلغ نحو ‪ 3000‬دوالر‬ ‫ش������هريا‪ .‬وهذا يفس������ر ملاذا يعلن معظ������م احملاربني‬ ‫القدماء الذين يتلق������ون عالج االضطراب ‪ PTSD‬من‬ ‫إدارة احملاربني القدماء‪ ،‬أن أعراض هذا االضطراب‬ ‫تتفاقم لديهم إلى أن يتم تصنيفهم ضمن فئة العجز‬ ‫‪ ،%100‬وعندئذ يقل ترددهم بنسبة ‪ %82‬على إدارة‬ ‫احملاربني القدماء الستمرار عالجهم‪.‬‬ ‫ومما يزيد األمر س������وءا أن دفع ه������ذه املرتبات‬ ‫يس������تمر فقط ما دام الشخص مريضا‪ .‬فعلى عكس‬ ‫احملارب القدمي الذي فقد س������اقه ف������ي احلرب‪ ،‬فإن‬ ‫احملارب القدمي املص������اب باالضطراب ‪ PTSD‬يفقد‬ ‫مرت������ب العج������ز عندما يش������فى من مرض������ه أو يبدأ‬ ‫صمم لتش������جيع‬ ‫بالعم������ل‪ ،‬وهكذا يبدو أن النظام قد ُ‬ ‫العج������ز املزمن‪ .‬ويق������ول >فروه<‪« :‬خالل الس������نوات‬ ‫العديدة الت������ي قضيتها في عي������ادة إدارة احملاربني‬ ‫القدماء املخصصة ملرضى االضطراب ال أس������تطيع‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫تذكر مريض واحد ترك العالج بسبب حتسن حالته‪.‬‬ ‫لكن املشكلة ال تكمن في احملاربني القدماء وإمنا في‬ ‫أن نظام العج������ز اخلاص باحملاربني القدماء‪ ،‬والذي‬ ‫مض������ى على تطبيقه س������تون عام������ا‪ ،‬يتجاهل جميع‬ ‫األبح������اث التي أجريت خالل ه������ذه املدة حول إعادة‬ ‫التكي������ف وتأثير احملف������زات واملثبط������ات‪ .‬ويخطر لي‬ ‫أحيانا أنه ينبغي عليهم نس������ف النظام بأكمله والبدء‬ ‫بإعداد نظام جديد‪ .‬ولكن بأي شيء نبدأ؟»‬

‫طريقتان حلمل البندقية‬

‫(٭٭٭)‬

‫حينم������ا يع������ود اجلندي إل������ى بلده يتع���ي��ن عليه‬ ‫أن يح������اول التوفيق بني ش������خصيته أثن������اء احلرب‬ ‫وش������خصيته قبلها واملجتم������ع والعائلة اللذين ينتمي‬ ‫إليهما‪ .‬فعليه أن يندمج فيما أس������مته السيكولوجية‬ ‫>‪ .R‬يهودا< االنخ������راط في محيطه‪ ،‬وإدماج الصدمة‬ ‫ضمن جتاربه العادي������ة‪ .‬إن هذا هو ما نفعله جميعا‬ ‫بدرج������ات مختلفة حـني نعـانـي حـالـة مـن االنهيـار أو‬ ‫فقـدان الـوظيفــة أو وفاة شخص عزيز‪ .‬في البداية‪،‬‬ ‫يبدو احلدث وكأنه ش������ذوذ غي������ر ممكن احلدوث‪ ،‬ثم‬ ‫نأخذ بتقبل الصدمة باعتبارها جزءا من حياتنا‪.‬‬ ‫ويعترف الرائد >ستيڤنز< أن هذا التوفيق يحتاج‬ ‫إل������ى وقت ‪ .‬فبعد س������نتني من عودته إل������ى بلده كانت‬ ‫احلرب ال تزال تظهر ف������ي أحالمه‪ .‬كان يحلم أحيانا‬ ‫أنه يقوم بعمل عادي متاما وهو يحمل بندقيته‪ .‬ويقول‪:‬‬ ‫«حلم������ت في إح������دى الليالي أنني كن������ت مع زوجتي‬ ‫أراقب الطيور‪ .‬وحني كن������ا نلمح طائرا كانت زوجتي‬ ‫ترف������ع منظارها املكبر إلى عينيها‪ ،‬في حني كنت أرفع‬ ‫بندقيتي وأراقب الطائر عبر املنظار‪ .‬لم أكن أفكر في‬ ‫اصطياد الطائر‪ ،‬وإمنا مجرد النظر إليه‪».‬‬ ‫سيكون من الس������هل قراءة حلم >ستيڤنز< على‬ ‫أنه عرض من أعراض االضطراب ‪ ،PTSD‬وأنه يعبر‬ ‫عن اخلوف واحلذر املفرط‪ .‬كما ميكن اعتباره أيضا‬ ‫دليال على جناحه في إع������ادة االنخراط في محيطه؛‬ ‫أي التوفيق بني الرجل الذي كان يس������تعمل البندقية‬ ‫والرجل الذي لم يعد يفعل ذلك‪.‬‬ ‫ويبدو أن الدراسة األكثر شموال للجنود العائدين‬ ‫م������ن العراق‪ ،‬والتي قام به������ا >‪ .Ch‬ميليكن< [الباحث‬ ‫ف������ي اإلدارة ‪ VA‬ونش������رت ع������ام ‪ ]2007‬تؤكد القول‬ ‫إن������ه ينبغ������ي أن نتوقع تصاعدا ف������ي معدل اإلصابة‬ ‫باالضطراب ‪ .PTSD‬وقد قامت هذه الدراس������ة بعمل‬ ‫مس������ح بني القوات احملاربة فور عودتها من العراق‬ ‫ثم مرة أخرى بعد س������تة أش������هر‪ ،‬وخلصت إلى أن‬ ‫‪ %20‬من اجلنود كانت لديهم أعراض تدل على أنهم‬ ‫معرضون خلطر اإلصابة بذل������ك االضطراب‪ .‬ولكن‬ ‫(٭) ‪Distinction Denied‬‬ ‫(٭٭) ‪Disabling Conditions‬‬ ‫(٭٭٭) ‪Two Ways to Carry a Rifle‬‬


‫لقد أظهرت دراسات حديثة أن اإلصابات الدماغية‪ ،‬وهي شائعة‬ ‫بني اجلنود األمريكيني في العراق‪ ،‬تنتج أعراضا يصعب‬ ‫متييزها أحيانا من أعراض اإلصابة باالضطراب ‪.PTSD‬‬ ‫نصف عدد اجلنود الذين أب������دوا تلك األعراض في‬ ‫عملية املس������ح األولى حتسنت أعراضهم عند إجراء‬ ‫عملية املسح الثانية ـ كما أن العديد من األشخاص‬ ‫الـذيـن لـم يش������كوا من أية أعراض في املس������ح األول‬ ‫أو كانت أعراضهم طفيفة‪ ،‬أعلنوا عن وجود أعراض‬ ‫مهمة في املس������ح الثاني‪ .‬والسؤال الذي يتبادر إلى‬ ‫الذهن‪ ،‬هو كم من األعراض التي ُأبلغ عنها في املسح‬ ‫األول كانت مجرد عالمات على التكيف العادي؟ وكم‬ ‫من األعراض التي ُأبلغ عنها في املسح الثاني كانت‬ ‫حكايات عن التعرض للصدمة مضافا إليها حكايات‬ ‫عن مشكالت أخرى؟‬ ‫يؤكد >ستيڤنز< وغيره أن هذه الدراسة أخطأت‬ ‫في تقييم حالة العديد من األش������خاص الذين ميرون‬ ‫مبرحلة التكيف الطبيعية واعتبرتهم معرضني خلطر‬ ‫اإلصاب������ة باالضطراب ‪ .PTSD‬ومع أن >س������تيڤنز<‬ ‫نفس������ه كان س������يره جيدا في العمل وفي املنزل وفي‬ ‫������حينْ ِ من‬ ‫العالقات االجتماعية‪ ،‬فقد ُ‬ ‫صنف في امل َ ْس َ‬ ‫فئة العش������رين ف������ي املئة املعرض���ي��ن لإلصابة بذلك‬ ‫االضط������راب‪ .‬وم������ن العجيب أن كال املس������حني قد‬ ‫اس������تبعد نحو ‪ %75‬من األش������خاص الذي������ن طلبوا‬ ‫استشارة األطباء ـ األمر الذي يثير مزيدا من الشك‬ ‫فيم������ا يخص دق������ة التقييمات‪ .‬ومع ذل������ك‪ ،‬فإن هذه‬ ‫الدراسة لقيت تغطية إعالمية واسعة تشدد على أن‬ ‫تقدير معدالت اإلصابة باالضطراب ‪ PTSD‬أقل مما‬ ‫هو في واقع احلال‪.‬‬ ‫وبعد أش������هر عدة عرضت دراسة أخرى ـ وهي‬ ‫األول������ى التي تعقب������ت أحوال عدد كبي������ر من اجلنود‬ ‫املشاركني في حربي العراق وأفغانستان ـ رؤية أكثر‬ ‫وضوحا وأش������د متاسكا لهذا املوضوع‪ .‬وقد أشرف‬ ‫على هذه الدراس������ة >‪ .T‬س������ميث< [وه������و باحث في‬ ‫س���ل��اح البحرية األمريكي] ونُشرت في املجلة الطبية‬ ‫البريطانية‪ .‬وفي هذه الدراسة‪ ،‬قام الباحثون مبراقبة‬ ‫الصح������ة الذهني������ة وصلتها باالش������تراك في املعارك‬ ‫احلربي������ة ل������دى ‪ 50 000‬جندي أمريك������ي بني عامي‬ ‫‪ .2006-2001‬واهتم الباحثون بش������كل خاص بالربط‬ ‫بني األعراض ومنط املش������اركة في املع������ارك‪ .‬وبينت‬ ‫الدراسة أن من بني ‪ 12 000‬جندي ذهبوا إلى العراق‬ ‫أو أفغانستان ظهرت لدى ‪ %4.3‬منهم أعراض كافية‬ ‫لتشخيص اإلصابة باالضطراب ‪ .PTSD‬وكان معدل‬ ‫اإلصابة بهذا املرض بني اجلنود الذين ش������اركوا في‬ ‫املع������ارك ه������و ‪ ،%8‬في حني كان معدل������ه بني اجلنود‬ ‫‪63‬‬

‫الذين لم يشاركوا في املعارك ‪.%2‬‬ ‫ه������ذه األرقام تعادل ربع املع������دالت التي وجدها‬ ‫>ميليك������ن< لكنها تضاهي متاما معدالت االضطراب‬ ‫‪ PTSD‬الت������ي رص������دت ل������دى احملارب���ي��ن القدم������اء‬ ‫البريطانيني في حرب العراق واملعدالت التي توصلت‬ ‫إليها حسابات >ماك نللي< عند احملاربني القدماء في‬ ‫حرب ڤيتنام‪ .‬إن التباين بني دراسة >سميث< ودراسة‬ ‫>ميليكن< وانسجامهما مع املعدالت البريطانية ومع‬ ‫حسابات >ماك نللي< حول املسح ‪ ،NVVRS‬كان من‬ ‫ش������أنه أن يجعل من دراسة >سميث< حدثا إعالميا‬ ‫ضخم������ا‪ .‬ومع ذل������ك‪ ،‬فإن أجهزة اإلع���ل��ام واإلدارة‬ ‫‪ VA‬واملختص���ي��ن بعلم نفس الصدمات جتاهلوا هذه‬ ‫الدراسة جتاهال شبه تام‪.‬‬ ‫وقد يكون هذا التجاهل مجرد أخبار جيدة مرت‬ ‫م������ن دون أن تلفت النظر‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإنه يدعم دعوى‬ ‫وسواس������ا ثقاف ًيا‬ ‫>ماك نللي< ب������أن لدى األمريكيني‬ ‫ً‬ ‫فيم������ا يخص الصدم������ة‪ .‬كما أن االهتم������ام االنتقائي‬ ‫مبوضوع االضطراب ‪ PTSD‬يؤيد رأي >‪ .B‬ش������پرد<‬ ‫[املؤرخ العسكري والناقد لفكرة االضطراب ‪]PTSD‬‬ ‫الذي يؤكد أن املجتمع األمريكي نفس������ه حصل على‬ ‫بعض املكاسب من اختالقه هذا التشخيص في نهاية‬ ‫سبعينات القرن املاضي‪ :‬تلك هي النظرة إلى تكاليف‬ ‫احل������رب وهي تحُ������ ّول احملاربني إل������ى ضحايا تتيح‬ ‫لألمريكيني االعتراف بفظاعة احلرب وتغفر لهم ذنب‬ ‫إرسال اجلنود إلى ساحة القتال قائلني ألنفسهم نحن‬ ‫أيضا كنا ضحايا حيث ُغ ّرر بنا ملساندة حرب ندمنا‬ ‫عليها فيما بعد‪ .‬نع������م‪ ،‬يجب علينا االعتراف بفظاعة‬ ‫احلرب‪ .‬كما يجب علينا االعتراف بآالم اجلنود‪ .‬ولكن‬ ‫عندم������ا يصل األمر إلى أن ُيفرض على جندي بحالة‬ ‫اضطراب االعتقاد أنه ال ميكنه التخلص من ذكرياته‪،‬‬ ‫وأن������ه يفتقد القدرة على دمج ماضيه في مس������تقبله‪،‬‬ ‫فهذا يعني أننا نؤكد على حساسيتنا األخالقية ولكن‬ ‫على حساب اجلندي نفسه‪.‬‬ ‫إن االضطراب ‪ PTSD‬حقيقة قائمة فعال‪ ،‬وعلينا‬ ‫أن نعاجل������ه حيثما وجد‪ .‬ولكن وسواس������نا الثقافي‬ ‫فيما يتعلق بهذا االضط������راب تضخم إلى حد كبير‬ ‫حتى أصبح هو املشكلة بحد ذاتها ـ فشلنا املتمادي‬ ‫في االعتراف بعدواننا اجلماعي ودمجه في س������ياق‬ ‫جتـربتنـا املعتـادة‪ .‬وقـد يكـون ذلك عصاب ‪neurosis‬‬ ‫>‬ ‫ما بعد احلرب الذي يصيب األمريكيني‪.‬‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫رية مقذوفة على جانب‬

‫خلفات احلرب آلية عسك‬ ‫من م‬ ‫يق في الرمادي بالعراق‪.‬‬ ‫الطر‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪9002 lirpA ,naciremA cfiitneicS‬‬


‫املجلد ‪ 26‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2010‬‬

‫‪2/1‬‬

‫سبل جديدة للقضاء على البكتيرات الفائقة‬

‫(٭)‬

‫يستخدم العلماء أدوات وطرائق جديدة في سباقهم الكتشاف مضادات حيوية جديدة‪.‬‬ ‫>‪.T .Ch‬‬

‫مفاهيم مفتاحية‬ ‫>‬

‫>‬

‫>‬

‫تطور البكتيرات اخلطرة جتاه‬ ‫ّ‬ ‫املضادات احليوية املوجودة‬ ‫مقاوم ًة أسرع من قدرة البشر على‬ ‫ابتكار أو اكتشاف أدوية جديدة‪.‬‬ ‫ُي َع ُّد سبر البيئات الغربية‬ ‫واجلينومات امليكروبية من بني‬ ‫االستراتيجيات املبتكرة املطبقة‬ ‫ملواجهة هذه املشكلة‪.‬‬ ‫مقاربات جديدة تستهدف‬

‫متعضيات (كائنات حية)‬

‫‪organisms‬‬

‫بعينها أو تكف عن قتلها‪ ،‬ميكن أن‬ ‫(‪)1‬‬ ‫تساعد على كسر احللقة اخلبيثة‬ ‫للمقاومة‪.‬‬

‫محررو ساينتفيك أمريكان‬

‫‪64‬‬

‫ولش< ـ‬

‫>‪ .A .M‬فيشباخ<‬

‫تب������دو العبارة «بكتي���رات فائق���ة(‪ )2‬تغزو املدينة»‪،‬‬ ‫كعن������وان لفيلم رعب‪ ،‬إال إنّه أحد العناوين الرئيس������ية‬ ‫للنيوي������ورك پوس������ت ف������ي ‪ .2007/10/26‬فقبل ‪ 12‬يوما‬ ‫توف������ي في بروكل���ي��ن الطفل >‪.O‬ريڤيي������را<‪ ،‬وعمره ‪12‬‬ ‫عام������ا‪ ،‬إث������ر إصابته بجرح ف������ي ملعب لكرة الس������لة‬ ‫وتعرضه للع������دوى بالعنقودي���ات الذهبي���ة املقاومة‬ ‫للميثيسيلني(‪ )3()MRSA‬التي أصبحت مقاوم ًة للعديد‬ ‫من أقوى املضادات احليوية فعالي ًة واملتوفرة حاليا‪.‬‬ ‫لقد كان مس������تبعدا قب������ل عقد من الزم������ن احتمال‬ ‫إصابة األش������خاص األصحاء بعدوى بكتيرية غير قابلة‬ ‫للع���ل��اج‪ ،‬ولكنه اآلن صار حقيق������ة‪ .‬ففي عام ‪ ،2007‬أبلغ‬ ‫فري������ق م������ن الباحثني بقي������ادة >‪ .M‬كليڤن������ز< [من مراكز‬ ‫مكافحة األمراض والوقاية منها] أنّ العنقوديات ‪MRSA‬‬ ‫تسبب ‪ 19 000‬حالة وفاة كل عام في الواليات املتح ــدة‪،‬‬ ‫وهـ ــذا يفــوق ما يسببه ڤيروس العوز املناعي البشري‪/‬‬ ‫متالزمة العوز املناعي املكتس������ب )‪ .(AIDS / HIV‬إنّ‬ ‫ذل������ك مخيف جدا؛ ألن نحو ‪ %20‬من الناس ميوتون‬ ‫نتيج������ة العدوى بتل������ك العنقودي������ات‪ ،‬وغالبيتهم من‬ ‫الشباب‪ .‬إضاف ًة إلى ذلك‪ ،‬فإن األشخاص املصابني‬ ‫بها يستمرون في نشاطاتهم اليومية‪.‬‬ ‫لق������د كانت املش������كلة في البداي������ة مقتصر ًة على‬ ‫املستش������فيات ودور الرعاية‪ ،‬حي������ث يكون املرضى‬ ‫س������ريعي التأثر بسبب ضعف املناعة لديهم‪ ،‬إضافة‬ ‫إل������ى أنّ من يتعاف������ى منهم يكون ق������د ك ّلف ‪30 000‬‬ ‫دوالر بسبب إطالة إقامته في املستشفى لعشرة أيام‬ ‫إضافية وسطيا‪.‬‬ ‫إن اإلنفاق الس������نوي اإلجمالي ملعاجلة العداوى‬ ‫بالعنقودي������ات ‪ MRSA‬ف������ي مستش������فيات الواليات‬ ‫املتحدة‪ُ ،‬يعد مذه���ل��ا‪ ،‬إذ يتراوح بني ‪ 3‬و ‪ 4‬مليارات‬ ‫دوالر‪ ،‬يضاف إلى ذلك أن هذه العنقوديات ليس������ت‬ ‫العوامل املمرضة الوحي������دة املقاومة‪ .‬فهناك العديد‬ ‫من ه������ذه العوام������ل املمرضة الت������ي تتزايد صعوبة‬ ‫القض������اء عليه������ا‪ .‬إذن‪ ،‬فالطب احلدي������ث في طريقه‬ ‫إلى خس������ارة املعركة ضد البكتيرات املمرضة التي‬ ‫اعتب������رت منقرضة فيم������ا مضى‪ ،‬وه������و بحاجة إلى‬ ‫مقاربات جديدةٍ الكتش������اف وإبداع مضادات حيوية‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫جديدة للتصدي لهذه البكتيرات‪.‬‬

‫مقاومة ُمعاودة‬

‫(٭٭)‬

‫يتض������ح من قص������ة العنقودي������ات ‪ MRSA‬مدى‬ ‫س������رعة ظهور مقاومة للمضادات احليوية‪ .‬واحلقيقة‬ ‫هي أنّ اآلليات الطبيعية التي تسبب املقاومة في هذه‬ ‫العنقودي������ات وغيرها من البكتيرات جتعل املش������كل َة‬ ‫حتمي ًة تقريب������ا لتخلق احلاجة الدائمة إلى مضادات‬ ‫حيوية جديدة‪.‬‬ ‫ُأدخل امليثيس������يلني‪ ،‬وهو مش������تق من الپنسيلني‬ ‫األكثر شهر ًة‪ ،‬عام ‪ 1959‬في معاجلة العداوى املسببة‬ ‫بسالالت (ذراري) العنقودية ‪ MRSA‬والعقدية الرئوية‬ ‫التي أصبحت مقاومة للپنس������يلني‪ .‬وبعد سنتني فقط‪،‬‬ ‫لوحظ في املستش������فيات األوروبية ظهور سالالت من‬ ‫العنقودي������ة ‪ .MRSA‬وفي ثمانين������ات القرن املاضي‪،‬‬ ‫انتش������رت هذه العنقودية بش������كل واس������ع في مرافق‬ ‫الرعاية الصحية في أنحاء العالم كافة‪ ،‬وفي منتصف‬ ‫ٌ‬ ‫صنف جدي ٌد من عداوى‬ ‫تسعينات القرن املاضي ظهر‬ ‫العنقودي������ات ‪ :MRSA‬تلك الت������ي التقطت عدواها في‬ ‫«املجتمع» وليس في أماكن الرعاية الصحية‪.‬‬ ‫متث������ل العنقودي������ات ‪ MRSA‬حتدي������ا للمعاجلة‪،‬‬ ‫ويع������ود ذل������ك جزئيا إل������ى س������رعة انتش������ارها بعد‬ ‫دخوله������ا مج������رى ال������دم‪ .‬ولك������ن خاصيته������ا األكثر‬ ‫خط������را هي قدرتها على مقاومة املجموعة الرئيس������ية‬ ‫من املض������ادات احليوية املعروف������ة بالبيتاالكتامات‬ ‫‪( B-lactams‬السيفالوس������پورينات واألن������واع املختلفة‬ ‫من الپنس������يلينات)‪ ،‬وذلك بإنتاجها إنزميا َي ْشطر هذه‬ ‫األدوي������ة ويخربها‪ .‬لقد َح������ َّدت مقاومة هذه املضادات‬ ‫احليوية ترسانة الطبيب املعالج واضطرته إلى اللجوء‬ ‫إل������ى مضادات حيوي������ة أخرى لها تأثي������رات جانبية‬ ‫خطيرة؛ حتى إنّ بعض الس���ل��االت م������ن العنقوديات‬ ‫‪ MRSA‬أصبح������ت مقاوم������ ًة ألكث������ر ه������ذه املضادات‬ ‫(٭) ‪New Ways to Squash Superbugs‬‬ ‫(٭٭) ‪Recurring Resistance‬‬

‫(‪vicious cycle )1‬؛ أو احللقة املفرغة‪.‬‬ ‫(‪ superbugs )2‬بكتيرات فائقة‪ :‬ساللة من البكتيريا مقاومة‬ ‫جلميع املضادات احليوية املعروفة‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫‪Methicillin resistant Staphylococcus aureus‬‬


‫احليوية فعالي ًة‪ ،‬وهو الڤانكومايسني ‪.vancomycin‬‬ ‫إنّ ظهور مقاومة الڤانكومايسني عند البكتيرات‬ ‫املقاومة أصال للميثيس������يلني‪ ،‬مي ّث ُل مش������كل ًة حتبط‬ ‫األطب������اء ومط ّوري األدوية على حد س������واء‪ .‬فالعمر‬ ‫املفي������د للمض������اد احليوي يب������دأ بالتناقص مبجرد‬ ‫الس������ماح بتداول������ه‪ .‬واملتهم في ذلك ه������و اال ْنتِ قا ُء‬ ‫َّ‬ ‫حيوي يك ِّون‬ ‫���ي(‪ :)1‬فمج������ ّرد وجود مض������ا ٍّد‬ ‫ٍّ‬ ‫الطبيعِ ّ‬ ‫بيئ ًة تكتسب فيها سالل ٌة بكتيرية‪ ،‬صادف أن كانت‬ ‫مقاوم������ ًة‪ ،‬أفضلية النم ّو على منافس������يها‪ .‬لقد متت‬ ‫املصادقة على الڤانكومايسني من قبل إدارة الغذاء‬ ‫وال������دواء األمريكية (‪ )FDA‬في عام ‪ ،1958‬ومبجرد‬ ‫ظهور العنقوديات ‪ ،MRSA‬صار الڤانكومايس���ي��ن‬ ‫األساس في معاجلة عداوى هذه العنقوديات‪ .‬ولكن‬ ‫في عام ‪ ،2002‬بدأت تظهر في املستشفيات سالالت‬ ‫من هذه العنقوديات مقاومة للڤانكومايسني‪ .‬وكانت‬ ‫هذه الس���ل��االت‪ ،‬املعروفة باسم سالالت العنقودية‬ ‫الذهبي������ة املقاوم������ة للڤانكومايس���ي��ن (‪،)2()VRSA‬‬ ‫خلفا(‪ )3‬للعنقوديات ‪ MRSA‬الذي اكتسب مجموعة‬ ‫من خمس������ة جين������ات تنتقل معا وتكس������ب مقاوم ًة‬ ‫للڤانكومايس���ي��ن‪ .‬فاإلنزمي���ات املكودة(‪)4‬به������ذه‬ ‫اجلينات تس������مح للعنقوديات ‪ VRSA‬باس������تبدال‬ ‫هدف الڤانكومايس���ي��ن على جدار اخللية البكتيرية‬ ‫ببنية ال يس������تطيع الڤانكومايسني وقايتها‪ .‬ونتيجة‬ ‫لذلك‪ ،‬لم يعد الڤانكومايس���ي��ن املالذ األخير لتثبيط‬ ‫منو العنقودية ‪.VRSA‬‬ ‫و ُي َع ُّد اس������تبدال هدف املض������اد احليوي إحدى‬ ‫االستراتيجيات الثالث الرئيسية التي تتبعها البكتيريا‬ ‫لتجنب املوت‪ .‬وكاس������تراتيجية ثانية‪ ،‬فإن العديد من‬ ‫اجلين������ات املقاومة للمضادات احليوية‪ ،‬كالتي جتعل‬ ‫العنقوديات ‪ MRSA‬مقاوم������ ًة للبيتاالكتامات‪ ،‬تكود‬ ‫إنزمي������ا يخرب املضاد احلي������وي أو يع ّدله كيميائيا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫هناك جينات مقاومة‬ ‫جاع���ل��ا إياه غير ف ّعال‪ .‬كما أنّ‬ ‫ّ‬ ‫ملضخ ٍة تتوضع في غش������اء‬ ‫أخرى حتمل التعليمات‬ ‫اخللي������ة وتطرد جزيئات املضاد احليوي التي دخلت‬ ‫اخللية البكتيري������ة؛ فيبقى تركيزه الداخلي منخفضا‬ ‫مبا يكفي لتجنّب املوت‪.‬‬ ‫أين تنش������أ هذه اجلينات املقاومة؟ ينشأ بعضها‬ ‫نتيجة طفرات عشوائية في اجلينات اخلاصة باخللية‬ ‫البكتيرية‪ ،‬كاجلني املغاير الذي يستعيض عن اإلنزمي‬ ‫املستهدف للسيپروفلوكساسني والكينولونات املفلورة‬ ‫األخرى بش������كل مقاوِ ٍم لإلنزمي نفس������ه‪ .‬أ ّما اجلينات‬ ‫املقاومة األخرى‪ ،‬فتُل َت َقط من البكتيريا املجاورة؛ فعلى‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬إن مجموعة اجلينات اخلمسة التي متنح‬ ‫معا مقاوم ًة جتاه الڤانكومايس���ي��ن‪ ،‬نشأت أصال عن‬ ‫البكتي������رة التي أنتجت املضاد احليوي‪ .‬فقد احتاجت‬ ‫إلى اجلينات حلماية نفس������ها من سالحها الكيميائي‬ ‫‪65‬‬

‫اخلاص بها‪ ،‬ولكن البكتيريا األخرى اكتسبت املقاومة‬ ‫نفسها‪ ،‬رمبا من خالل التبادل اجليني املستمر الذي‬ ‫ي������ؤدي إلى اندماج البكتيريا املعروف بانتقال اجلني‬ ‫األفقي ‪.horizontal gene transfer‬‬ ‫وغالبا م������ا تقوم بهذه االنتقاالت قِ َط ٌع دائرية من‬ ‫الدن���ا ‪ DNA‬تدعى الپالس���ميدات ‪ ،plasmids‬وهي‬ ‫تتصرف مثل الڤيروسات املُ َف َّك َكة‪ :‬فتنتقل من بكتيرة‬ ‫إلى خلي������ة مضيفة جدي������دة‪ ،‬ف ُت َم َّي������ز كقطعة أصلية‬ ‫ُنس������خ باس������تخدام آلة التنّسخ اخلاصة‬ ‫من الدنا وت َ‬ ‫باملضيف البكتيري‪ .‬ومما يساعد على انتشارها هو‬ ‫كون الپالسميدات حتمل أيضا جينات تُعزِّز البقاء‬ ‫ملضيفه������ا وأخ������رى مقاومة للمض������اد احليوي‪ .‬فقد‬ ‫ُو ِج َد أن أحد الپالس������ميدات املعزولة من بكتيريا في‬ ‫مس������تنبت معاجلة مياه املجاري‪ ،‬يك ّود تسعة جينات‬ ‫مختلفة ملقاومة املضاد احليوي‪.‬‬ ‫وقد لوحظت أيضا عملية االنتقال األفقي للجني‬ ‫خ���ل��ال َعزْلِ العنقوديتني‪ MRSA :‬و ‪ VRSA‬وبكتيرة‬ ‫املكورة املعوية البرازية ‪Enterococcus‬‬ ‫ثالثة‪ ،‬وهي‬ ‫ّ‬ ‫(‪)5‬‬ ‫‪ ،faecalis‬لدى أحد مرضى الديال ‪ dialysis‬نفسه‬ ‫في مستش������فى متش������يگان ع������ام ‪ ،2002‬حيث أظ َه َر‬ ‫التحليل اجليني لهذه السالالت أنّ الپالسميد الذي‬ ‫يح������وي مجموعة اجلينات املقاومة للڤانكومايس���ي��ن‬ ‫(مترافق������ة مع اجلين������ات املقاومة لثالث������ة مضادات‬ ‫حيوي������ة أخرى وإح������دى املُ َطهِّ ���رات(‪ ))6‬كان قد انتقل‬ ‫من املكورة املعوي������ة البرازية إلى العنقودية ‪،MRSA‬‬ ‫ُمنتج ًا ساللة جديدة هي العنقودية ‪.VRSA‬‬ ‫لقد أصب������ح ذاك املريض امل ْعت َّل بش������كل مزمن‬ ‫َم ْعدي������ا باثنني م������ن العوام������ل املمرض������ة البكتيرية‬ ‫مما س������ ّبب العدوى بالثالثة‪ ،‬والتي ل������م تكن ـ وبكل‬ ‫أس������ف ـ مفاجئة‪ .‬وألنّ وح������دات العناية املركزة في‬ ‫املستش������فيات ودور املس������نني غالبا ما تضم أناسا‬ ‫ضعيفي املناعة وخاضعني ملعاجلة مركزة مبضادات‬ ‫حيوية‪ ،‬فهي تش ّكل أفضل األماكن املعروفة لتنسيل‬ ‫بكتيرات جديدة مقاومة للمضادات احليوية‪ .‬كما أن‬ ‫املم ِّرضات واألطباء يس ِّهلون‪ ،‬على نحو غير متع ّمد‪،‬‬ ‫انتقال البكتيرات من خ���ل��ال تنقلهم من مريض إلى‬ ‫آخر لتبدي������ل اخلط������وط والقثاطِ ر الوريدي������ة‪ .‬ولهذا‬ ‫تشجع موظفي املستشفى‬ ‫السبب‪ ،‬فإن البرامج التي‬ ‫ِّ‬ ‫على تعقيم أيديهم بني لقاء مريض وآخر‪ ،‬س������تؤدي‬ ‫حتما إلى تخفيض عدد العداوى‪.‬‬ ‫إنّ العنقودية ‪ ،VRSA‬التي لم تنتش������ر بعد على‬ ‫حساسة لعدد قليل جدا من املضادات‬ ‫نحو واس������ع‪ّ ،‬‬ ‫(‪natural selection )1‬؛ أو االنتخاب الطبيعي‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪ )5‬غسيل كلوي أو‬ ‫(‪disinfectants )6‬‬

‫‪Vancomycin resistant S.aureus‬‬ ‫‪ ،progeny‬أو نسال‪.‬‬ ‫‪the enzymes encoded‬‬

‫غيره‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


‫[أساسيات]‬

‫آليات املضادات احليوية احلالية‪...‬‬ ‫تهدف املضادات‬ ‫احليوية النموذجية‬ ‫احلالية املتوفرة‬ ‫في ترسانة الطبيب‬ ‫إلى قتل البكتيريا‬ ‫عن طريق تدخلها‬ ‫في بعض النواحي‬ ‫الوظيفية الضرورية‬ ‫حلياتها‪ .‬ومتتلك‬ ‫البكتيريا بدورها‬ ‫طرقا عديدة لتعطيل‬ ‫األدوية أو جتنبها‪.‬‬

‫( )‬

‫كسر احللقة‬

‫اآللية‪:‬‬

‫تهاجم املضادات احليوية احلالية الفعاليات اخللوية التي يجب على البكتيرة تنفيذها لتبقى على‬ ‫قيد احلياة‪ ،‬كتوسيع جدارها اخلارجي لكي تنمو‪ ،‬وصنع الپروتينات و َف ّك الدَنا لالنتِ ساخ‪ .‬وأدناه‬ ‫يس َّلط الضوء على بعض اآلليات الدوائية مع أصناف املضادات احليوية التي تستعملها (وأمثلة‬ ‫من أدوية هذه األصناف)‪.‬‬

‫تثبيط تصنيع طالئع الدنا ‪ DNA‬والرنا‬

‫صنف الدواء (مثال)‪:‬‬

‫السلفوناميدات (سلفاميثوكسازول)‬ ‫ترميثوپرمي‬

‫اآللية‪:‬‬

‫تثبيط تصنيع الپروتني‬

‫صنف الدواء (مثال)‪:‬‬

‫التتراسيكلينات (مينوسيكلني)‬ ‫املاكروليدات (إريثروميسني)‬ ‫األوكسازوليدينونات (لينزوليد)‬ ‫األمينوگليكوزيدات (سترپتوميسني)‬ ‫املوتيلينات (ريتاپامولني)‬

‫جدار اخللية‬ ‫اخلارجي‬

‫الدنا‬

‫ريبوزوم‬

‫طالئع‬ ‫الدنا‪/‬الرنا‬

‫(‪)DNA‬‬

‫گيراز‬ ‫الدنا‬

‫اآللية‪:‬‬

‫إحصار تصنيع اجلدار اخللوي‬

‫الرنا‬

‫صنف الدواء (مثال)‪:‬‬

‫البيتاالكتامات (ميثيس ّلني)‬ ‫الپپتيدات السكرية (ڤانكوميسني)‬ ‫السيفالوسپورينات (سيفتيبوتني)‬ ‫الكاربابينيمات (إمييپينيم)‬

‫احليوية املستعملة سريريا‪ ،‬وتتصف عداواها مبع َّدل‬ ‫������وع آخر من العوامل املمرضة‬ ‫وفيات عال‪ .‬وهناك ن ٌ‬ ‫الناش������ئة هو البكتي����رة الس����البة الغ����رام املقاومة‬ ‫ملعظم األدوية(‪ ،)1‬التي مقاومتها مروعة أكثر‪ .‬ومتتلك‬ ‫البكتيرة الس������البة الغرام غشاءين خلويني‪ .‬فالغشاء‬ ‫اخلارجي اإلضافي مينع دخول الكثير من املضادات‬ ‫احليوية إلى اخلاليا السالبة الغرام‪ .‬وتضم العوامل‬ ‫املمرضة الس������البة الغ������رام‪ ،‬واملقاوم������ة للمضادات‬ ‫احليوية املستعملة سريريا جميعها تقريبا‪ ،‬سالالت‬ ‫من اإلشريكية القولونية ‪ Escherichia coli‬املُ ْمرِ ضة‬ ‫احملدثة للتس������مم الغذائ������ي‪ ،‬والكليبس����يلة الرئوية‬ ‫‪ Klebsiella pneumoniae‬املتعلق������ة به������ا‪ ،‬إضاف������ة‬ ‫إل������ى بكتيرتني انتهازيت���ي��ن هما الزائف����ة الزجنارية‬ ‫‪ Pseudomonas aeruginosa‬والراكدة ‪Acinetobacter‬‬ ‫بالتهاب‬ ‫من ن������وع ‪ ،baumannii‬وميكنهما التس������ ّبب‬ ‫ٍ‬ ‫رئوي والتهاب الس������حايا وجتر ُثم الدم لدى مرضى‬ ‫ٍّ‬ ‫املستشفيات ضعيفي املناعة‪.‬‬ ‫وم������ن الواضح أن على مق ِّدمي الرعاية الصحية‬ ‫جهد ممكن للمس������اعدة على منع انتش������ار‬ ‫ب������ذل كل ٍ‬ ‫البكتي������رة املقاومة ـ ومن ث������م‪ ،‬اجلينات املقاومة ـ في‬ ‫املستشفيات وفي املجتمعات‪ .‬ولكن من أجل حتقيق‬ ‫تلك اجلهود ومحاربة البكتيرات املقاومة‪ ،‬ثمة حاجة‬ ‫أيضا إلى مضادات حيوية جديدة‪.‬‬ ‫كان������ت الفترة املمتدة من أواخر الثالثينات حتى‬ ‫بداية الس������تينات عصرا ذهبيا الكتشاف املضادات‬ ‫‪66‬‬

‫(‪)RNA‬‬

‫‪DNA‬‬

‫صنف الدواء (مثال)‪:‬‬

‫الكينولونات (سيپروفلوكساسني)‬

‫املؤلفان‬

‫‪Michael A.‬‬ ‫‪Fischbach‬‬

‫اآللية‪:‬‬

‫تثبيط َفك الدنا‬

‫خلية بكتيرية‬

‫‪Christopher T.‬‬ ‫‪Walsh‬‬

‫> َولش< أستاذ الكيمياء البيولوجية وعلم‬ ‫األدوية اجلزيئي في مدرسة هارڤارد‬ ‫الطبية‪ ،‬ويعمل مستشارا وعضو مجلس‬ ‫إدارة في عدد من شركات التقانة‬ ‫البيولوجية والصيدالنية ‪ .‬تتركز أبحاثه‬ ‫على دراسة اآلليات التي تستخدمها‬ ‫املتعضيات امليكروية الصطناع املضادات‬ ‫احليوية واجلزيئات األخرى ذات القيمة‬ ‫العالجية احملتملة‪> .‬فيشباخ< كان‬ ‫الزميل األحدث في قسم البيولوجيا‬ ‫اجلزيئية في مستشفى ماساتشوسيتس‬ ‫العام‪ ،‬حيث بدأ بالتعاون مع > َولش<‬ ‫بسبر اجلينومات امليكروبية بحثا عن‬ ‫اجلينات املنتجة للمضادات احليوية‪ .‬وهو‬ ‫حاليا أستاذ مساعد في قسم الهندسة‬ ‫احليوية والعلوم العالجية بجامعة‬ ‫كاليفورنيا‪ ،‬في سان فرانسيسكو‪.‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫احليوية‪ ،‬حيث أنتجت خاللها األصناف الرئيس������ية‬ ‫للمضادات احليوية املستعملة حاليا جميعها تقريبا‪.‬‬ ‫ولس������وء احلظ‪ ،‬فالعقود األربع������ة املمتدة بني انطالق‬ ‫الكينولون���ات ‪ quinolones‬س������نة ‪ 1962‬واملصادقة‬ ‫على األوكس���ازوليدينونات ‪ oxazolidinones‬س������نة‬ ‫‪َ 2000‬م َّثلَ������ت فجو ًة في االبتكار‪ ،‬إذ ل������م يتم أثناءها‬ ‫صنف جديد من املض������ادات احليوية‪.‬‬ ‫أي‬ ‫ٍ‬ ‫تصني������ع ّ‬ ‫وكان أحد أسباب ذلك هو العوائق االقتصادية أمام‬ ‫الشركات الصيدالنية في استثمار أبحاث املضادات‬ ‫احليوي������ة ـ جزئيا ألنها صعب ٌة‪ ،‬وهوامش الربح معها‬ ‫صغي������ر ٌة مقارن ًة مبا ُيع َرف بأدوية منط احلياة والتي‬ ‫حالة كفرط‬ ‫يجب اس������تخدامها لفترةٍ طويلة ملعاجلة ٍ‬ ‫ضغط الدم أو التهاب املفاصل‪ .‬والس������بب اآلخر هو‬ ‫أن املضادات احليوية املس������تعملة حاليا اك ُتش������فت‬ ‫بتقنيات أصبحت من املاضي‪ ،‬وإيجاد أنواع جديدة‬ ‫سيتطلب استراتيجيات اكتشاف جديدة‪.‬‬

‫وص ِّنع‬ ‫تحَ َ َّر َ‬

‫( )‬

‫إن معظم املض������ادات احليوية التي تباع حاليا‬ ‫تنتجها البكتيريا والفطريات وهي مش������تقات معدلة‬ ‫كيميائي������ا من ه������ذه املضادات احليوي������ة الطبيعية‪.‬‬ ‫فاملِيكروب������ات تس������تعمل مضاداته������ا احليوية ضد‬ ‫(٭) ‪current antibiotic mechanisms‬‬ ‫(٭٭) ‪seek and synthesize‬‬ ‫(‪the pan - drug - resistant gram - negative bacteria )1‬‬

‫‪RNA‬‬


‫‪...‬وكيف تقاوم البكتيريا الهجوم عليها؟‬

‫( )‬

‫أساليب (تكتيكات) املقاومة‬ ‫جتد البكتيريا طرقا ملقاومة املضادات‬ ‫احليوية احلالية عن طريق طفرة‬ ‫وراثية تلقائية أو عن طريق اكتساب‬ ‫جني من كائن حي آخر‪ .‬وتتم ّثل‬ ‫األشكال الثالثة األكثر شيوعا‬ ‫من املقاومة بانتشار اإلنزمي الذي‬ ‫يخرب املضاد احليوي أو يعطله‪،‬‬ ‫واستخدام مضخة في جدار اخللية‬ ‫البكتيرية تطرح الدواء قبل أن يعمل‪،‬‬ ‫واالستعاضة عن الپروتني املستهدف‬ ‫للدواء بنسخة مختلفة ال يستطيع‬ ‫الدواء تعرفها‪ .‬و ُتشاهَ د العوامل‬ ‫املُ ْم ِرضة التي تستخدم كال من هذه‬ ‫الطرق حتت كل آلية‪.‬‬

‫اآللية ‪ :‬تعطيل الدواء‬

‫اآللية‪ :‬استبدال الهدف‬

‫اآللية ‪ :‬طرد الدواء‬

‫إنزمي‬

‫مضخة‬ ‫خلوية‬

‫مثال‪ :‬اإلشريكية القولونية‬

‫الهدف املتغير‬

‫مثال‪ :‬الزائفة الزجنارية‬

‫مثال‪ :‬العُ ْنقودِ َّي ُة ال َّذهَ ِبيَّة‬

‫‪VRSA‬‬

‫مضاد حيوي‬

‫هدف الدواء‬ ‫خلية بكتيرية‬

‫بعضها بعضا «كأسلحة كيميائية»‪ ،‬ورمبا ُتفرِ زها‬ ‫بتراكيز ضئيلة كجزيئات إشعارية‪ .‬وكانت الطريقة‬ ‫التقليدية التي يتبعها الباحثون في بحثهم عن مثل‬ ‫هذه املض������ادات احليوية الطبيعي������ة تتضمن عزل‬ ‫امليكروبات‪ ،‬م������ن ع ّينات التربة غالبا‪ ،‬وجعلها تنمو‬ ‫ف������ي املختبر‪ ،‬وم������ن ثم اس������تخالص مفرزاتها من‬ ‫وس���ط ‪ medium‬الزرع‪ .‬ومن خ���ل��ال اختبار هذه‬ ‫املواد الكيميائية ضد البكتيريا املس������ببة للمرض‪،‬‬ ‫صنّاع األدوية عن اجلزيئ������ات التي متتلك‬ ‫يبح������ث ُ‬ ‫الق������وة العالجية‪ .‬لق������د اختبرت ش������ركات األدوية‬ ‫ماليني املستخلصات البكتيرية بهذه الطريقة‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك يوجد في الس������وق نحو عش������رة أصناف فقط‬ ‫من املض������ادات احليوية الطبيعية‪ .‬وقد اكتش������فت‬ ‫توصف بش������كل‬ ‫مض������ادات حيوية أخرى‪ ،‬لكنها ال َ‬ ‫واس������ع ألس������باب متنوعة‪ ،‬منها ضع������ف الفعالية‬ ‫والس ِّمية الشديدة‪.‬‬ ‫املضادة للبكتيريا‬ ‫ُّ‬ ‫لقد كان������ت هذه املقارب������ات جيد ًة ف������ي العصر‬ ‫الذهبي الكتش������اف املضادات احليوية‪ ،‬لكن نتائجها‬ ‫أخ������ذت بالتالش������ي اآلن‪ .‬وعل������ى الرغم م������ن جهود‬ ‫الش������ركات الصيدالني������ة املس������تمرة خ���ل��ال العقود‬ ‫اخلمس������ة املاضي������ة‪ ،‬فقد انخفض مع ّدل اكتش������اف‬ ‫املضادات احليوية بوض������وح؛ ألن معظم امليكروبات‬ ‫املنتجة للمض������ادات احليوية تك ِّون أبواغ���ا ‪spores‬‬ ‫تنتق������ل من مكان إل������ى آخر على الك������رة األرضية ـ‬ ‫‪67‬‬

‫ابتكار مضادات‬ ‫( )‬ ‫حيوية جديدة‬ ‫لقد أنتجت طرائق اكتشاف الدواء‬ ‫التقليدية عام ‪ 1962‬آخر األصناف‬ ‫اجلديدة من املضادات احليوية‬ ‫لألربعني عاما القادمة‪ .‬واألصناف‬ ‫التي ُأدخلت في السنوات األخيرة‪،‬‬ ‫كانت قد اك ُت ِش َفت أيضا قبل عقود‪،‬‬ ‫لكنها لم ُتتا َبع في وقتها‪.‬‬ ‫املضادات احليوية‬ ‫اجلديدة املطروحة‬ ‫أدوية السلفا‬ ‫البيتاالكتامات‬ ‫الكلورامفنيكول‬ ‫التتراسيكلينات‬ ‫األمينوگليكوزيدات‬ ‫املاكروليدات‬ ‫الپپتيدات السكرية‬ ‫الكينولونات‬ ‫السترپتوگرامينات‬

‫السنة‬

‫‪1940‬‬

‫‪1950‬‬

‫‪1960‬‬

‫‪1970‬‬

‫فجوة في االبتكار‬

‫‪1980‬‬

‫‪1990‬‬

‫األوكساليدينونات‬ ‫الپپتيدات الشحمية‬ ‫املوتيلينات‬

‫‪2000‬‬

‫‪2010‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫وميك������ن للجينات املس������ؤولة عن إنت������اج املضادات‬ ‫احليوي������ة أن تُن َقل أفقيا‪ ،‬متام������ا كاجلينات املقاومة‬ ‫للمضادات احليوية ـ فهن������اك العديد من املِيكروبات‬ ‫ُص ِّنع املضادات احليوية نفس������ها‪ .‬وحديثا‬ ‫املختلفة ت َ‬ ‫تب���ي��ن أن هناك واحدة من ‪ 250‬س���ل��الة من البكتيريا‬ ‫(الشعِّ يات ‪ ،)actinomycetes‬تَصنَع التتراسيكيلني‬ ‫‪ .tetracycline‬وق������د أدت احمل������اوالت العديدة إلعادة‬ ‫اكتش������اف املضادات احليوية من قبل الباحثني إلى‬ ‫اس������تنتاج أن التفتيش عن مضاد حيوي باألسلوب‬ ‫القدمي قد انتهى‪ ،‬فالتحاليل اجلينية للبكتيريا أثارت‬ ‫شكوكا حول هذا االس������تنتاج‪ ،‬وبدال من ذلك تقترح‬ ‫ضرورة إيجاد وسائل جديدة‪.‬‬ ‫وغالبا ما تق������ود التطورات التقاني������ة إلى إعادة‬ ‫تكوي������ن نهج ق������دمي‪ ،‬إال أنّ اكتش������اف مضاد حيوي‬ ‫يبدو وكأن������ه على حافة مثل ه������ذا االنبعاث اجلديد‪.‬‬ ‫وتقع االس������تراتيجيات احلالية ف������ي تطوير مضادات‬ ‫حيوية جديدة ضمن فئتني‪ :‬تعديل املضادات احليوية‬ ‫املوج������ودة‪ ،‬واكتش������اف أخرى جدي������دة كليا‪ .‬ويؤدي‬ ‫التعدي������ل الكيميائ������ي للمض������ادات احليوي������ة املنتجة‬ ‫م������ن قبل امليكروب������ات إلى مض������ادات حيوية نصف‬ ‫صنعية(‪ )1‬حيث تبقى البنية املؤثرة س������لِيمة‪ ،‬في حني‬ ‫يتبدل احمليط‪ .‬واملثال احلديث على هذا األسلوب بدأ‬ ‫(٭) ‪... and how bugs fight back‬‬ ‫(٭٭) ‪antibiotic innovation‬‬

‫(‪semisynthetic )1‬؛ أو شبه صنعية‪.‬‬


‫[التقانات]‬

‫تنقيب اجلينات بحثا عن األدوية‬

‫( )‬

‫ص َّنع معظم املضادات احليوية املستعملة اليوم من قبل البكتيريا نفسها‪ ،‬فهي تعمل في الطبيعة كشكل من أشكال احلرب الكيميائية ضد املنافسني‪.‬‬ ‫ُت َ‬ ‫وميكن إيجاد الكثير من هذه األسلحة الطبيعية أو تعديلها لكي تكون مفيدة أكثر‪ ،‬بتطبيق تقانات حتري اجلينومات ومعاجلة اجلينات‪.‬‬

‫التنقيب عن اجلينات‬

‫ُتص ِّنع البكتيريا مضادات حيوية طبيعية معينة ببناء‬ ‫منظمة في وحدات مستقلة يضيف كل‬ ‫مجموعات إنزميية‬ ‫ٍ‬ ‫منها مكوِّ نات بالتعاقب‪ .‬وتلك اإلنزميات ُت َّكود مبجموعات من‬ ‫اجلينات‪ ،‬وميكن للعلماء حتري كامل اجلينومات للعديد من‬ ‫أنواع البكتيريا املختلفة مستهدِ فني مجموعات اجلينات التي‬ ‫قد تعطي مضادات حيوية جديدة‪ .‬وجميع عناقيد اجلني املماثلة‬ ‫ال ُتعَ ّد فعالة ضمن اخلاليا‪ ،‬لذا يُعَ ُّد التنقيب ضمن اجلينوم هو‬ ‫الطريق الوحيد لتعرف هذه املضادات احليوية «الغامضة»‪.‬‬

‫نقل اجلينات‬

‫عندما يكون مركب مضاد حيوي مكتشف‬ ‫حديثا هاجعا في البكتيرة األصلية التي‬ ‫بكميات أصغر‬ ‫تنتجه‪ ،‬أو أ ّنه يكوّ ن فيها‬ ‫ٍ‬ ‫من أن تكفي هذه البكتيرة لتكون «مصنعا»‬ ‫للدواء‪ ،‬يستطيع العلماء نقل كامل مجموعة‬ ‫اجلينات املكوِّ دة لإلنزميات الضرورية إلى‬ ‫متعض آخر أكثر تعاوُ نا‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫تعديل اجلينات‬

‫ميكن تعديل الدواء للتغلب على املقاومة البكتيرية‪،‬‬ ‫وذلك عن طريق الهندسة اجلينية للكائن احلي الذي‬ ‫امليكروب ِوحدات اإلنزمي‬ ‫ي َ‬ ‫ُص ِّنعه بحيث يستخدِ م ِ‬ ‫املستقلة اجلديدة‪ .‬ففي مجموعة جتارب‪ ،‬قام العلماء‬ ‫لب‬ ‫ِب َخلط وموافقة اجلينات إلنتاج ‪ 50‬نوعا من ّ‬ ‫جزيء اإلريثروميسني‪ ،‬مما أدى إلى زيادة ال ُن َسخ‬ ‫اجلديدة منه‪.‬‬ ‫لب اإلريثروميسني‬ ‫ّ‬

‫وحدة إنزمي‬ ‫مستقلة‬ ‫وحيدة‬ ‫كيميائية‬

‫البكتيريا‬ ‫األصلية‬

‫جزيء املضاد‬ ‫احليوي‬

‫جزيء معدّل‬ ‫اجلينات التي ُتكوّ د اإلنزميات‬

‫الدَنا‬

‫‪DNA‬‬

‫مُ نتِ ٌج مثم ٌر‬

‫مبضادات حيوية من صنف التتراس������يكلينات‪ ،‬التي‬ ‫أي‬ ‫ُت َث ِّب������ط آلة تكوين الپروتني في اخللي������ة البكتيرية‪ْ ،‬‬ ‫الريبوزوم‪ .‬وتحَ دث املقاومة جتاه التتراس������يكلينات‬ ‫مبضخة في غش������اء اخللي������ة البكتيرية تطرد‬ ‫غالب������ا‬ ‫ٍ‬ ‫التتراس������كلينات قبل قيامه������ا بعملها ـ وهذا ما أدى‬ ‫إلى مش������كلة خطيرة بني البكتيرات السالبة الغرام‬ ‫املقاومة لألدوية‪.‬‬ ‫لهذا‪ ،‬قام العلماء في وايث بتصنيع التتراسيكلني‬ ‫������مي تيگيس���يكلني ‪،tigecycline‬‬ ‫امل َع َّدل كيميائيا‪ُ ،‬س َ‬ ‫وال ميكن ّ‬ ‫ضخه خارج اخلاليا البكتيرية املستهدفة‪.‬‬ ‫قِ‬ ‫وقد صودِ قَ عليه من َبل إدارة الغذاء والدواء ‪FDA‬‬ ‫سنة ‪ .2005‬يوصف التيگيسيكلني اآلن ضد عدد من‬ ‫العوامل املُ ْمرِ ضة املقاومة للتتراس������يكلني‪ ،‬ويستعمل‬ ‫ص َر اس������تعماله في‬ ‫ع������ن طريق الوريد‪ ،‬وه������ذا ما َق َ‬ ‫دور الرعاية فقط‪ .‬ولس������وء احل������ظ‪ ،‬لوحظت مقاومة‬ ‫جتاه التيگيس������يكلني بني س���ل��االت من الراكدة نوع‬ ‫‪A.baumannii‬؛ وس������نرى مس������تقبال م������دى س������رعة‬ ‫انتشار املقاومة جتاه التيگيسيكلني‪.‬‬ ‫عوضا عن التعديل الكيميائي للمضادات احليوية‬ ‫املُنت َ​َج������ة مِ يكروبيا مثل الپنس������لني والڤانكوميس���ي��ن‬ ‫واإلريثروميس���ي��ن‪ ،‬ف������إن العلماء يس������تطيعون أيضا‬ ‫تعديله������ا عبر التعديل اجلين������ي للكائنات احلية التي‬ ‫تُنتِجه������ا‪ .‬تُص ِّن������ع معظم الكائن������ات احلية مضادات‬ ‫حيوية طبيعية مس������تخدم ًة مجموع������ات من إنزميات‬ ‫‪68‬‬

‫مكافحة النزلة‬ ‫الوافدة (اإلنفلونزا)‬

‫( )‬

‫ال متتلك املضادات احليوية تأثيرا‬ ‫في الڤيروسات كساللة اإلنفلونزا‬ ‫اجلديدة(‪( A (H1N1( )1‬املبينة في‬ ‫الصورة أدناه)‪ ،‬لكن في حال حدوث‬ ‫جائحة مسببة بڤيروس اإلنفلونزا‬ ‫اجلديد‪ ،‬فإن معظم الوفيات ميكن أن‬ ‫تكون ناجت ًة من العداوى البكتيرية‬ ‫الثانوية التي تؤدي إلى التهاب رئوي‪.‬‬ ‫فاإلنفلونزا ُتضعِ ف عوامل الدفاع‬ ‫في العضوية املصابة وتدعها عرض ًة‬ ‫للعداوى بالبكتيريا االنتهازية(‪.)2‬‬ ‫وعندما تسبب العنقودية ‪MRSA‬‬ ‫أو البكتيريا املقاومة األخرى التهابا‬ ‫رئويا‪ ،‬تصبح احلالة سيئة صعبة‬ ‫العالج ومميتة أكثر‪.‬‬

‫أو وحدات مس������تقلة‪ ،‬يقوم ٌّ‬ ‫كل منه������ا بإقحام وحدة‬ ‫بنائية في اجلزيء النامي للمضاد احليوي‪ .‬وبإجراء‬ ‫التبدالت اجلينية التي ُت َع ِّدل جزيئات إنزميية معينة‪،‬‬ ‫ميكن للباحثني حتريض املتعضيات‪ ،‬التي تُستخدم‬ ‫كمصانِ������ع إلنتاج املض������ادات احليوي������ة‪ ،‬على إنتاج‬ ‫األدوي������ة التي تختلف ببنية وحي������دة في موقِ ع معني‪.‬‬ ‫وقد قامت شركة كوسان‪ ،‬وهي شركة تقانة بيولوجية‬ ‫مت ش������راؤها مؤخرا من قِ َبل شركة بريستول‪-‬مايرز‬ ‫سكويب‪ ،‬بتطبيق هذا الشكل من الهندسة اجلينية‬ ‫املُ َب ْر َم َج���ة‬

‫‪programmed genetic engineering‬‬

‫إلنتاج العش������رات من مش������تقات اإلريثروميس�ي�ن‬

‫‪ erythromycin‬الت������ي كان م������ن الصع������ب تصنيعها‬ ‫باستخدام الكيمياء التصنيعية املعيارية‪.‬‬ ‫وم������ع أن تعدي������ل مض������ادات حيوي������ة موجودة‬ ‫ه������و اس������تراتيجية مثمرة حت������ى اآلن‪ ،‬فمن املفضل‬ ‫اكتش������اف أصناف جديدة منها؛ ألنه������ا ق َّلما تعاني‬ ‫ظهورا س������ريعا للمقاومة التي تطول أجياال متعاقبة‬ ‫من املضادات احليوية املوجودة‪.‬‬ ‫( )‬

‫تنقيب اجلينومات‬

‫في الس������نوات األخيرة تر ّكزَت اجلهود البحثية‬ ‫(٭) ‪Mining Genes for Drugs‬‬ ‫(٭٭) ‪Fighting Flu‬‬ ‫(٭٭٭) ‪Mining Genomes‬‬ ‫(‪influenza A(H1N1) )1‬‬ ‫(‪opportunistic bacteria )2‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


‫على متييز اإلنزميات التي تتطلبها ُبقيا البكتيريا‪ ،‬أمال‬ ‫بوجود جزيئات مثبطة لهذه اإلنزميات الضرورية في‬ ‫املكتبات الكيميائية(‪ ،)1‬فيج������ري حتويلها إلى أدوية‪.‬‬ ‫إال أنّ اخلطوة األولى قبل مباش������رة هذا البحث‪ ،‬هي‬ ‫حتديد ماهية تأثير فقد اإلنزمي في البكتيريا‪ .‬وبمِ ُ َج َّرد‬ ‫ف ّ‬ ‫أي التسلس������ل‬ ‫������ك الباحثني لكود جينوم البكتيرة‪ْ ،‬‬ ‫الكامِ ل لكود الدّنا ‪ DNA code‬فيها‪ ،‬ميكنهم بعدها‬ ‫تعطيل اجلينات التي تكود بعض اإلنزميات ليروا ما‬ ‫إذا كانت تلك البكتيرة تستطيع أن حتيا من دونها‪.‬‬ ‫وم������ع أن اجله������ود املبذول������ة لتع������ ّرف إنزميات‬ ‫مستهدفة جديدة‪ ،‬لم تُنتِج لسوء احلظ أية مضادات‬ ‫حيوية جديدة؛ فإنها قد تؤتي ثمارها في الس������نوات‬ ‫القادمة‪ .‬والتح ّدي األكب������ر هو احلاجز الهائل جتاه‬ ‫الدخ������ول إلى البكتي������رة الذي يتمثل بج������دار اخللية‬ ‫البكتيرية‪ :‬فحتى عند اكتش������اف جزيء صغير يثبط‬ ‫بقوة إنزميا بكتيري������ا مهما‪ ،‬فهو عدمي الفائدة إن لم‬ ‫يس������تطِ ع الوصول إلى هدفه داخل اخللية‪ .‬وبدال من‬ ‫البحث عن نق������اط الضعف ف������ي العوامل املمرضة‪،‬‬ ‫هناك طريق آخر الكتش������اف مضادات حيوية جديدة‬ ‫يت َم َّث������ل بدراس������ة املِيكروب������ات املنتج������ة للمضادات‬ ‫احليوي������ة‪ ،‬وهنا ميكن للجينومي���ات ‪ genomics‬أن‬ ‫تكون مفيدة أيضا‪.‬‬ ‫في ع������ام ‪ 2002‬طرح������ت تسلس�ل�ات اجلينوم‬ ‫‪ genome sequences‬األول������ى للبكتي������رة املنتج������ة‬ ‫للمضادات احليوية‪ ،‬لغ������زا مثيرا؛ فهذه املِيكروبات‪،‬‬ ‫من صنف الشعِّ ّيات ‪ ،actinomycetes‬كان لديها من‬ ‫‪ 25‬إلى ‪ 30‬مجموعة جينية‪ ،‬التي‪ ،‬وفقا لتسلس������لها‪،‬‬ ‫َب َدت كما لو أنها مخططات لوحدات اإلنزمي املستقلة‪،‬‬ ‫أنتجت جزيئات ش������بيهة باملضادات احليوية‪،‬‬ ‫الت������ي َ‬ ‫ولك������ن لم يظ َه������ر أن البكتيريا تس������تخدم معظم هذه‬ ‫اجلين������ات‪ .‬فهي تصنع جزيئا واح������دا أو اثنني فقط‬ ‫عند زرعها في املختبر‪.‬‬ ‫ول ُرؤي������ة إن كانت مثل ه������ذه اجلينات الهاجعة‬ ‫ظاهريا تكود ماكِ نات إلنتاج مضادات حيوية مبتكرة‪،‬‬ ‫فقد قمنا س������وي ًة مع عدد من زمالئنا في مدرس������ة‬ ‫بسلْ َس������لِة جينومات عشرين ساللة‬ ‫هارڤارد الطبية َ‬ ‫َ‬ ‫إضافية من الش ِّع َّيات وط ّبقنا خوارزميات حاسوبية‬ ‫متط������ورة الختيار جينات ق������د حتتوي على تعليمات‬ ‫جلزيئات اإلنزميات املنتج������ة للمضادات احليوية‪.‬‬ ‫وميكن أن تساعِ د دراسة تسلسالت اجلينوم حول‬ ‫هذه اجلزيئات على كش������ف اآلليات التنظيمية التي‬ ‫تس������تخدمها اخلاليا لتحديد مت������ى يصنَع مضاد‬ ‫حي������وي ما‪ .‬وبكلت������ا مجموعتي املعلوم������ات‪ ،‬ميكننا‬ ‫أن ُن َهندِ س اخلاليا لتش������غيل اجلينات املرغوب بها‬ ‫بحيث ميكننا أن نخت ِب������ر اجلزيئات اخلفية لفعالية‬ ‫مضاد حيوي‪.‬‬ ‫‪69‬‬

‫[مصادر جديدة]‬

‫توسيع البحث‬

‫( )‬

‫أظهرت البكتيرة التي تعيش في التربة أنها مصدر غني ملركبات املضادات احليوية خالل‬ ‫احلقبة املبكرة الكتشاف املضادات احليوية‪ ،‬حيث لم ُ‬ ‫ينظر العلماء كثيرا في هذا امليدان‪.‬‬ ‫وإنّ البحث عن مركبات جديدة في البيئات اجلديدة ومراقبة املتعضيات ُي ْنتِ ج جزيئات من‬ ‫املضادات احليوية ذات آليات تختلف كفاي ًة عن األصناف احلالية لتجنب املقاومة‪.‬‬

‫متعضيات بحرية‬

‫ُتعَ ّد البيئات الصارمة مكانا جيدا للبحث عن مواد كيميائية غير‬ ‫عادية؛ ألن املتعضيات التي ُتنتِ جها تستجيب للظروف والتهديدات‬ ‫يص َّنع املضاد احليوي القوي اجلديد‬ ‫الغريبة‪ .‬فعلى سبيل املثال‪َ ،‬‬ ‫األبيسوميسني ‪ abyssomicin‬من قِ َبل البكتيرة‬ ‫‪( Verrucosispora‬في الزرعة ‪ ،in culture‬في‬ ‫اليمني‪ ،‬وكبويغة ‪ ،spore‬في اليسار)‪ ،‬وهي بكتيرة‬ ‫تعيش في بحر اليابان على عمق نحو ‪ 300‬مِ تر‪.‬‬

‫ميكروبات متعايشة‬

‫يؤدي التعاوُ ن إلى التخصص‪ ،‬واملتشاركون‬ ‫في عالقات التعايش يُنتجون جزيئات عالية‬ ‫االستهداف‪ .‬فالفطر الذي يعيش على خنفساء‬ ‫غابات الصنوبر اجلنوبية يساعدها على هضم‬ ‫املقابل‪ ،‬تؤدي اخلنفساء دور‬ ‫لب اخلشب‪ .‬وفي‬ ‫ِ‬ ‫مضيف للبكتيرة التي ُتنتِ ج عامال قويا مضادا‬ ‫للفطور‪ ،‬وهو يُبيد الفطر املنافس في حني أنه‬ ‫ليس له تأثير في الفطر املتعايش معها‪.‬‬

‫املنتجون غير املتعايشني‬

‫ُتعَ ّد بعض البكتيرات مولدات خصبة جدا للمضادات احليوية اجلديدة‪،‬‬ ‫ولكنها عاجزة أو ممتنعة عن أن تنمو في الظروف املختبرية والصناعية‪،‬‬ ‫فالبكتيرة ‪( Stigmatella aurantiaca‬في اليسار) ُتص ِّنع جزيئا شبيها‬ ‫باملضاد احليوي يسمى ميكسوكروميد ‪ ،myxochromide‬لكنها مثل‬ ‫أقرانها في مجموعة البكتيرات املخاطية ‪ myxobacteria‬من الصعب‬ ‫زراعتها‪ .‬ويمُ كن‪ ،‬باستخدام أدوات جديدة لنقل اجلينات ذات العالقة إلى‬ ‫البكتيريا األكثر رغبة في اإلنتاج‪ ،‬استكشاف الفصائل التي كانت مهمل ًة‬ ‫حتى اآلن بحثا عن جزيئات مفيدة‪.‬‬

‫املتعضيات في‬ ‫األوضاع الغريبة هي‬ ‫ِصنع‬ ‫األكثر احتماال ل ُ‬ ‫مضادات حيوية‬ ‫جديدة‪.‬‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫و َب َدال من محاولة َج ْعل البكتيريا تصنَع مضاداتها‬ ‫احليوية وفق الطلب‪ ،‬ارت������أت مجموعة بحثية بجامعة‬ ‫زارالن������د في أملاني������ا نقل اجلين������ات املص ِّنعة للمضاد‬ ‫نتجيها املمتنعني إل������ى بكتيرة أخرى‬ ‫احلي������وي م������ن ُم ِ‬ ‫تبدو أكثر مالءمة لصناع������ة املضاد احليوي‪ .‬فَها هو‬ ‫>‪َ .R‬ملَ ْر> وزمالؤه يعمل������ون على البكتيرة املخاطية‬ ‫‪ myxobacteria‬كالش������ع ّيات‪ ،‬وه������ي ُمنتِجات خصبة‬ ‫للمضادات احليوية‪ .‬وملّا كان زرعها في املختبر أكثر‬ ‫صعوبة مقارنة بالش������عيات‪ ،‬لم توفق اجلهود املبذولة‬ ‫في إعدادها إلنتاج مضاد حيوي جديد‪.‬‬ ‫َت َغ َّلب <مولَ ْر> على هذه املشكلة بتضفير اجلينات‬ ‫(٭)‬

‫‪Expanding the Search‬‬

‫(‪ = A chemical library )1‬مكتبة كيميائية‪ :‬مخزن ملواد كيميائية‬ ‫ترفق كل واحدة منها مبعلومات في قاعدة بيانات‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫بنيتها ونقاوتها وكميتها وخصائصها املميزة الفيزيائية‬ ‫الكيميائية‪.‬‬ ‫(التحرير)‬


‫املسؤولة عن إنتاج امليكسوكروميد ‪،myxochromide‬‬ ‫وهو جزيء مش������ابه للمضاد احليوي‪ ،‬من البكتيرة‬ ‫املخاطي���ة م���ن الن���وع ‪،Stigmatella aurantiaca‬‬ ‫ونقلها إلى الزائفة الكريهة ‪،Pseudomonas putida‬‬ ‫وهي ساللة بكتيرية س������هلة النمو شاع استخدامها‬ ‫في اإلنتاج التجاري لإلنزميات املستعملة صناعيا‪.‬‬ ‫وبتج������اوزه لتح ّد َي���ْي��نْ رئيس������يني ـ إيج������اد املضيف‬ ‫البكتي������ري القابل للتعا ُمل مع������ه جينيا والذي ميتلك‬ ‫البني������ة التحتية االس������تقالبية املطلوبة إلنتاج املضاد‬ ‫احليوي‪ ،‬وتطوير التقنيات لنقل ُش َدف ال َدنا الكبيرة‬ ‫من ميك������روب إلى آخر ـ َي ْفتَح عم������ل <مولَر> الباب‬ ‫الكتش������اف العديد من املض������ادات احليوية اجلديدة‬

‫يستطيع العلماء‬ ‫تعديل األدوية‬ ‫بواسطة الهندسة‬ ‫الوراثية للمتعضيات‬ ‫التي ُتنتِ جها‪.‬‬

‫[استراتيجيات جديدة]‬

‫الطرق املبتكرة للتغلب على البكتيريا‬

‫( )‬

‫إضافة إلى حتسني املضادات احليوية احلالية والسعي إلى إيجاد جزيئات جديدة ذات‬ ‫تأثيرات مشابهة لتأثيراتها‪ُ ،‬يتابع الباحثون أيضا األساليب املبتكرة إلبادة البكتيريا املمرضة‬ ‫أو تعطيلها‪ .‬إنّ للكثير من هذه األساليب فائدة إضافية تتم َّثل في تفادي اآلليات التي تقود‬ ‫عادة إلى ظهور املقاومة‪.‬‬

‫إحداث الثقوب‬

‫بدال من مهاجمة اإلنزميات البكتيرية أو عمليات احلياة‬ ‫فيها‪ ،‬تستطيع األنابيب املكوِّ نة لل َمسا ّم ‪pore-forming‬‬ ‫‪ tubes‬القتل بواسطة َث ْقب غشاء اخللية البكتيرية‬ ‫ببساطة‪ .‬وإن الپروتينات املوجودة طبيعيا واملسماة‬ ‫‪ definsins‬تؤدي وظيفة مشابهة عند الفقاريات للدفاع‬ ‫ضد امليكروبات‪ .‬وتطور مجموعات بحثية عدة ُشدَفا‬ ‫تتج َّمع ذاتيا‬ ‫پروتينية صنعية تسمى پپتيدات ‪َ peptides‬‬ ‫فتكون أنابيب ضمن األغشية البكتيرية‪.‬‬

‫أنبوب الپپتيد‬ ‫للم َس ّم‬ ‫املكوِّ ن َ‬ ‫غشاء‬ ‫اخللية‬

‫االستهداف الضيق‬

‫العاثيات البكتيرية (اللون األخضر)‬ ‫هي الڤيروسات التي تخمج ‪infect‬‬ ‫بكتيرة (اللون األزرق) مفضل ًة مضيفا‬ ‫واحدا فقط في احلالة املثالية‪.‬‬ ‫ُتد َرس هذه العاثِ يات منذ فترة طويلة‬ ‫بغية تعرف إمكان استخدامها ضد‬ ‫البكتيريا املمرضة‪ ،‬ولكنها مت ِّثل‬ ‫أيضا املبدأ املُس َت ِ‬ ‫بطن خلف األدوية‬ ‫اجلديدة «احملدودة الطيف»‪ ،‬والتي‬ ‫تستهدِ ف عامال ممُ ْ ِرضا واحدا فقط‪،‬‬ ‫تارك ًة اخلاليا البشرية والبكتيرات‬ ‫الصديقة سليمة‪.‬‬

‫كبح من دون قتل‬

‫ُتعد احملافظة على العامل املُ ْم ِرض نفسه ــ ولكن بنزع‬ ‫قدرته على إحداث املرض ــ طريقة ملعاجلة املرض من‬ ‫دون تطوير مقاومة جتاه املضادات احليوية‪ .‬واملثال‬ ‫على هذا األسلوب هو اإلشريكية القولونية (اللون‬ ‫واملصم َمة لتحاكي اخلاليا‬ ‫األحمر) املهندسة وراثيا‬ ‫َّ‬ ‫في أمعاء اإلنسان‪ .‬فعندما ُتس َته َلك اإلشريكية‬ ‫ص على نحو مميت‬ ‫القولونية غير املؤذية‪ ،‬فإنها تمَ َت ّ‬ ‫ذيفان الشيغي ّلة ‪( shiga toxin‬اللون األزرق) املُن َتج‬ ‫من ميكروب آخر ‪.‬‬

‫‪70‬‬

‫من البكتي���رة املخاطي���ة ‪ myxobacteria‬وإنتاجها‪،‬‬ ‫ويوحي أنَّ دراسة تسلسل جينوم البكتيرة املخاطية‬ ‫على نحو واسع سيكون مفيدا جدا‪.‬‬ ‫إضاف ًة إلى استكش������اف مِ يكروب������ات التربة غير‬ ‫املُس������ َت َغ ّلة‪ ،‬ميك������ن للباحثني توجي������ه اهتماههم إلى‬ ‫األماكن البيئية غير املكتش������فة بعد‪ ،‬والتي ميكن أن‬ ‫َصنَع املتعضيات‬ ‫تكون مثمر ًة ألنه من‬ ‫ّ‬ ‫املرج������ح أن ت ْ‬ ‫في األماك������ن الغريبة مضادات حيوية لم تكت َُش������ف‬ ‫بعد‪ .‬وقد قا َم >‪َ .R‬س ْس������ َمثْ > وزم���ل��اؤه [من جامعة‬ ‫‪ Tubingen‬ف������ي أملانيا] باكتش������اف مض������اد حيوي‬ ‫جديد ُس ّم َي أبيسوميس���ي��ن ‪ abyssomicin‬ومت عزله‬ ‫(‪)1‬‬ ‫من ُ‬ ‫ش������ ِّع َّية من عينة ُثفا َل���ة مأخوذة من ُع ْمق ‪289‬‬ ‫مِ ْت������را ف������ي بحر الياب������ان‪ .‬كم������ا أن مجموعة أخرى‬ ‫تدرس البكتيريا البحرية ـ قامت بسلسلة اجلينومات‬ ‫الثنتني من الس���ل��االت الشع ّية البحرية غير املعروفة‬ ‫ص ّفا متن ِّوعا من‬ ‫سابقا‪ .‬وقد أظ َهرت هذه اجلينومات َ‬ ‫اجلينات للمضادات احليوية واجلزيئات املتعلقة بها‪،‬‬ ‫مق ِّد َم ًة دليال إضافي������ا على إمكان البكتيريا البحرية‬ ‫إنتاج أصناف جديدة من املضادات احليوية‪.‬‬ ‫وهن������اك مقاربة مختلفة لتنقي������ب األماكن البيئية‬ ‫(اإليكولوجي������ة) اجلدي������دة بحثا عن أدوي������ة مفيدة‪،‬‬ ‫وه������ي دراس������ة املِيكروبات التي تش������ترك في تبادل‬ ‫املنفع���ة (التعاي���ش)) ‪( mutualism‬أي تآث������رات بني‬ ‫األنواع ينتَفِ ع منها الطرف������ان)‪ .‬فمثال‪ ،‬من املعروف‬ ‫أن خنفس������اء الصنوبر اجلنوبي������ة حتمِ ل معها فطرا‬ ‫متعايش������ا ِ‬ ‫يهضم لب أشجار الصنوبر التي تغزوها‬ ‫هذه اخلنفس������اء‪ .‬لقد ظلت كيفية حماية اخلنفس������اء‬ ‫لنصيرها املتعايش الفطري من س���ل��الة فطرية ثانية‬ ‫معاكس������ة له على الغذاء‪ ،‬لغزا إلى أن أظهر كل من‬ ‫>‪ .C‬كيري< و >‪ .J‬كالردي< ومجموعتيهما البحثيتني‬ ‫ِ‬ ‫ماديس������ن وفي مدرس������ة‬ ‫سكونس������ن في‬ ‫[بجامعة وِ ْي‬ ‫ُ‬ ‫هارڤارد الطبية] أنّ هذه اخلنفس������اء حتمل مِ يكروبا‬ ‫متعايشا آخر ـ هو أحد ُ‬ ‫الش ِّع َّيات ـ ُينتِج عامال قويا‬ ‫مضادا للفطور غير معروف س������ابقا‪ .‬وهذا اجلزيء‬ ‫ُي َس ّمى َم ْيكانگيميسني ‪ mycangimycin‬يقتل الفِ ْطر‬ ‫املعاكس وليس املتعايش معه‪.‬‬ ‫لقد أظهر >‪ .J‬پ َيال< [من جامعة بون في أملانيا]‬ ‫وجود نوع مختلف من اخلنفس������اء وإسفنج بحري‬ ‫يؤوي كل منهما متعا ِيش������ات بكتيرية تُنتِج جزيئات‬ ‫شبيهة باملضاد احليوي‪ .‬وفي أملانيا أيضا‪ ،‬اكت َ​َش َف‬ ‫>‪َ .C‬ه ْرت َو ْك< [من معهد هانْس ـ نول في جينا] فِ ْطرا‬ ‫يحمِ ل متعا ِيشا بكتيريا خاصا به‪ُ ،‬ينتِج دوا ًء شبيها‬ ‫باملضاد احليوي يدعى ريزوكس�ي�ن ‪ .rhizoxin‬في‬ ‫الواقع‪ ،‬إنّ الپودوفيلّوتوكسني‬ ‫(٭) ‪novel ways to beat bugs‬‬ ‫(‪sediment sample )1‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


‫‪podophyllotoxin‬‬

‫والكامپتوثيس�ي�ن‬

‫‪ camptothecin‬دواءان مضادان للسرطان‬ ‫واعتقِ َد مل������دة طويلة أنهما‬ ‫كثيرا االس������تعمال‪ُ ،‬‬ ‫ص َنع������ان من قِ َبل النباتات‪ ،‬لكنهما فعليا ُينتَجان‬ ‫ُي ْ‬ ‫من قِ َبل فطريات تعيش داخل تلك النباتات‪ .‬ومع أنّ‬ ‫امليكروبات املتعايش������ة ال تزال في بداية اكتشافها‪،‬‬ ‫فهي من ب���ي��ن أكثر املصادر الواع������دة للمضادات‬ ‫احليوية الطبيعية املنش������أ‪ ،‬وق������د تتض ّمن مركبات‬ ‫تع ّرف أصنافا جديدة م������ن املضادات احليوية‬ ‫أو لديها آلي������ات عمل جدي������دة‪ .‬إضافة إلى‬ ‫ذلك‪ ،‬فاستكشاف دور املِيكروبات املتعايشة‬ ‫ضمن أجس������امنا يقود إلى مقاربات جديدة‬ ‫للمعاجلة باملضادات احليوية‪.‬‬ ‫(٭)‬

‫حماية احللفاء‬

‫إن ال َب َشر‪ ،‬مثلهم مثل احلشرات واإلسفنجيات‪،‬‬ ‫يؤوون تنوع������ا غنيا من املتعايش������ات البكتيرية التي‬ ‫ت������ؤ ّدي مجموع ًة م������ن الوظائ������ف املفي������دة متتد من‬ ‫مس������اعدتنا على هض������م الغذاء إل������ى تعزيز التطور‬ ‫املالئِم ألجهزتنا املناعية‪ .‬ولس������وء احلظ‪ ،‬فاملضادات‬ ‫احليوي������ة التي تب������اع حاليا جميعه������ا أدوات عمياء؛‬ ‫ألنها ال تقتل العوامل املمرضة التي تسبب العداوى‬ ‫فح ْسب‪ ،‬بل تقتل أيضا املتعايشات البكتيرية املفيدة‬ ‫َ‬ ‫لنا التي تس������كن أمعاءنا‪ .‬وفي بعض احلاالت‪ ،‬يمُ ِّهد‬ ‫هذا االس������تِئصال لفلورا أمعاء املريض الطريقَ أمام‬ ‫س���ل��الة مؤذية مختلفة م������ن البكتيريا‪ ،‬مث���ل املطثية‬ ‫الصعب���ة ‪ ،Clostridium difficile‬لتتكاثر وتس������بب‬ ‫ع������داوى جديدة «ثانوية» قد تك������ون أكثر خطور ًة من‬ ‫األولى‪.‬‬ ‫إنّ استخدام املِيكروبات الصديقة أو املواد التي‬ ‫تعزّز من ّو املتعايشات‪ ،‬بحيث ميكنها منافسة العوامل‬ ‫املمرضة‪ُ ،‬ي َع ُّد أس������لوبا ملنع العداوى البكتيرية‪ .‬ومع‬ ‫أنّ مث������ل ه������ذه املعاجل������ات «بالتعاي���ش التكافلي»‬ ‫‪ probiotic‬ميك������ن أن تُفي������د ف������ي جتنب اس������تعمال‬ ‫املضادات احليوية الواس������عة االنتش������ار الذي يعزز‬ ‫املقاومة‪ ،‬فإن املتعايش���ات التكافلية ‪ probiotics‬لَ ْم‬ ‫تبرهن َق ُّط فعاليتها في معاجلة أية عداوى موجودة‪.‬‬ ‫ومع ذل������ك‪ ،‬فإن تطور معارفنا حو َل مس������اعدة‬ ‫الفل������ورا امليكروية الطبيعية ف������ي أمعائنا على جتنُّب‬ ‫العداوى قا َد إلى اس������تراتيجية جديدة في اكتشاف‬ ‫مض������ادات البكتيريا‪ :‬تطوي������ر أدوية محدودة الطيف‬ ‫مص َّم َمة لقتل العامل املُ ْمرِ ض املس������بب للعدوى من‬ ‫دون أن متس بتأثيرها بقية متعا ِيش������اتنا البكتيرية‪.‬‬ ‫وعلى س������بيل املث������ال‪ ،‬ق������ام حديثا >‪ .N‬س������تو ْ‬ ‫كس<‬ ‫‪71‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫‪9002 yluJ ,naciremA cfiitneicS‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫تأس َس������ت‬ ‫������س‪ ،‬وهي ش������ركة َّ‬ ‫وزم���ل��اؤه في پرولَ ْي ِس ْ‬ ‫حديثا في أكسفورد بإنكلترا‪ ،‬بتطوير مضاد حيوي‬ ‫جديد يبي������د العنقودية ‪ MRSA‬ومش������ابهاتها وذلك‬ ‫مبنع انقس������امها اخللوي‪ ،‬في حني تُبقي البكتيرات‬ ‫األخرى س������ليمة‪ .‬وقد قا َد >‪ .V‬ني������زَت< و>‪ .A‬وانْگ<‬ ‫[وكالهما من جامعة كاليفورنيا] و>‪ .E‬أولدفِ يلد< [من‬ ‫جامع������ة إلينوي] فريقا َد َف َع ه������ذا املفهوم خطو ًة إلى‬ ‫األمام‪ .‬فقد اكتش������فوا دوا ًء يحصر تصنيع اجلزيء‬ ‫ِ‬ ‫الصباغ���ي ‪ pigment molecule‬الذي يس������هِ م في‬ ‫فوعة العنقودية ‪ ،MRSA‬ومن ثم قدرتها على‬ ‫اإلمراض‪ ،‬من دون أن يقتل البكتيرة‪.‬‬ ‫تُضي������ف األس������اليب التجريبي������ة لتثبيط‬ ‫الفوع������ة البكتيري������ة فائد ًة من حي������ث احتمال‬ ‫تف������ادي اآللي������ات املو ِّل������دة للمقاومة‪ ،‬فإذا ل������م تُبدِ‬ ‫املعاجل������ة عامال ممُ ْرضا ما‪ ،‬ف������إن االنتقاء الطبيعي‬ ‫اليس������تطيع أن يبقي العوامل املُ ْمرِ ضة األخرى على‬ ‫قيد احلياة‪ ،‬ف َيقِ ّل احتمال تطور الس���ل��االت املقاومة‪.‬‬ ‫وباملث������ل‪ ،‬فإن أس������لوب الطيف احمل������دود يعتمد على‬ ‫إيجاد ه َدف فريد وضروري حلياة البكتيرة املُ ْمرضة‬ ‫وال يح������دث ف������ي البكتيرات األخرى‪ .‬ل������ذا‪ ،‬حتى لو‬ ‫استطاع امليكروب املس������تهدف تطوير مقاومة جتاه‬ ‫َ‬ ‫الدواء في نهاية املطاف‪ ،‬فهي على األقل ش������كل من‬ ‫املقاوم������ة ومن غير املرجح انتش������اره‪ ،‬ومن ثم يكون‬ ‫الدواء مفيدا في العوامل املُ ْمرِ ضة األخرى‪.‬‬ ‫وس������تبقى رؤية ما إذا كانت مثل هذه املعاجلات‪،‬‬ ‫وحدها أو كجزء من مجموعة معاجلات‪ ،‬س������تُثبت أنها‬ ‫عملي������ة في العال������م احلقيقي‪ .‬وي������رى البعض‪ ،‬أن هذه‬ ‫األدوية تتطلب اختبارات تش������خيصية سريعة تستطيع‬ ‫أن تحُ������ ِّدد بدقة العامل املُ ْمرِ ض املس������ؤول عن عداوى‬ ‫املريض‪ ،‬وقد ُط ِّورت مثل هذه االختبارات‪ ،‬ولكنها ليست‬ ‫مس������تخدمة على نحو واس������ع‪ .‬ورُبمَّ ا تكون املضادات‬ ‫احليوية احمل������دودة الطيف‪ ،‬بتطبيقاته������ا الضيقة‪ ،‬غير‬ ‫مربحة اقتصاديا بالنسبة إلى شركات األدوية‪.‬‬ ‫إنّ فك������رة تطبيق قياس واح������د على املضادات‬ ‫احليوي������ة جميعها لم يعد مقبوال‪ .‬وخالل الس������تينات‬ ‫والس������بعينات من القرن املاضي س������اد االعتقاد أن‬ ‫األمراض املعدية على وش������ك أن تُهزم‪ .‬وث ّمة تقارير‬ ‫حديثة جدا في الصحافة الش������عبية‪ ،‬تش������ير إلى أن‬ ‫البكتيريا املتعددة املقاوم������ة جتاه األدوية َجلَ َبت إلى‬ ‫حد ما «نهاية املضادات احليوية»‪ .‬ولكننا نعرف اآلن‬ ‫أنّ كال االعتقادين ليس������ا صحيح���ي��ن‪ :‬فقد ال ير َبح‬ ‫اإلنس������ان هذا الس������باق مع الزمن على نحو حاسم‪،‬‬ ‫ولكنّ عالجات القرن املاضي اجلديدة أب َقتنا خطو ًة‬ ‫أمام العوام������ل املُ ْمرِ ضة‪ .‬ويجب َبذل كل جهد ممكن‬ ‫>‬ ‫للمحافظة على تقدمنا هذا‪.‬‬ ‫(٭)‬

‫‪Preserving Allies‬‬


‫املجلد ‪ 26‬العددان‬ ‫يناير‪ /‬فبراير ‪2010‬‬

‫‪2/1‬‬

‫التلفاز لكل شيء‬

‫(٭)‬

‫تقف اإلنترنت جاهزة لتقلب خبرتنا في مشاهدة التلفاز رأسا‬ ‫على عقب‪ .‬أ َّما كيف بالضبط؛ فتلك مسألة يدور حولها جدل كثير‪.‬‬ ‫<‪ .M‬مو َير>‬

‫مفاهيم مفتاحية‬ ‫>‬

‫>‬

‫>‬

‫إن الڤيديو العالي اجلودة هو في‬ ‫طور االنتقال إلى البقاء املباشر‬ ‫على اخلط‪ ،‬ولكن قوى نافذة في‬ ‫صناعتي التلفاز الكبلي والتسلية‬ ‫حتاول إبطاء العملية والتحكم‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫إن بنية النفاذ إلى النطاق العريض‬ ‫في الواليات املتحدة جتعل تقدمي‬ ‫محتوى اإلنترنت ملحقا مبحتوى‬ ‫التلفاز الكبلي‪.‬‬ ‫تتطلب مشاهدة محتوى اإلنترنت‬ ‫على التلفاز واجهة مستخدم تكون‬ ‫قوية إلى حدّ‪ ،‬تمُ ِّكن من العثور‬ ‫على احملتوى شبه الالنهائي‬ ‫املتاح مباشرة على اخلط‬ ‫وتنظيمه‪ ،‬ويكون استعمالها سهال‬ ‫تكفيه أداة بسيطة للتحكم فيه‬ ‫من ُبعد‪.‬‬

‫محررو ساينتفيك أمريكان‬ ‫‪72‬‬

‫ينبغي أال تعتبر امل��س��أل��ة صعبة للغاية‪ .‬ففي‬ ‫عصر أصبحت فيه جميع أشكال وسائط اإلعالم‬ ‫تقريبا رقمية‪ ،‬وأصبحت فيه اإلش��ارات العريضة‬ ‫النطاق(‪ )1‬جتري عبر العالم الصناعي ـ بال تل ّك ٍؤ‬ ‫وال خطورة ـ جـريان الكهرباء وامل��اء النقي‪ ،‬يجب‬ ‫أن يكون من املمكن للمرء أن يجلس على أريكته‪،‬‬ ‫وأن يضغط زرا أو زرين ليستدعي إلى تلفازه أي‬ ‫شكل من أشكال التسلية الڤيديوية التي يرغب فيها‪:‬‬ ‫أفالم ُأطلقت حديثا‪ ،‬أو حلقة األسبوع املاضي من‬ ‫املسلسل ‪ ،Lost‬أو أول موسم لفريق ك��رة القدم‬ ‫‪ .Cosmos‬ويجب أال يتطلب إعداد التلفاز إجازة في‬ ‫الهندسة الكهربائية‪ ،‬وأال يضطر املرء إلى اخلوض‬ ‫بحث غير متوائمة للعثور على‬ ‫ف��ي عشر وظ��ائ��ف ٍ‬ ‫العرض الذي يرغب فيه‪.‬‬ ‫إال أنه من غير الس������هل أن تشاهد ما ترغب فيه‬ ‫حينما تريد‪ .‬وتعليل ذلك ليس بس������يطا‪ ،‬ألنه يتوقف‬ ‫عل������ى الظـ������روف التقانيـة‪ ،‬بقـ������در مـ������ا يتوقـف على‬ ‫املخاوف احمل ّقة للقوى الصناعية الراسخة‪ .‬فتوزيع‬ ‫احملتوى الرقمي يهــدد أمن������اط أعمالها على نحو ال‬ ‫مثيل له في تاريخ وس������ائط اإلع���ل��ام‪ .‬ولكن‪ ،‬وفقا ملا‬ ‫َب َّينَته صناعة املوسيقى بجالء تام‪ ،‬فإن مقاومة رغبة‬ ‫املستهلك في احلصول على محتوى غير محدود هي‬ ‫لعبة اخلاس������ر‪ .‬يقول <‪ .D‬سيرلز> [الزميل في مركز‬ ‫بركم������ان لإلنترنت واملجتمع ف������ي جامعة هارڤارد]‪:‬‬ ‫«أن������ا على يقني م������ن أن التلفاز بش������كله الذي نعرفه‬ ‫سوف ينتهي بعد خمس سنوات من اآلن‪ ،‬إنه سوف‬ ‫يصبح جتربة دامت ‪ 60‬عاما‪ ،‬وال ب ّد أن يتبعها شيء‬ ‫آخر‪ ».‬فقد راحت ُكبريات استديوهات األفالم تحُ ِّمل‬ ‫َس ما لديها من مادة على الوِ ب‪،‬‬ ‫( ُتن��� ِّزل) ‪َ upload‬أ ْنف َ‬ ‫وظهر كثير من األدوات الواعدة مبساعدة املستهلك‬ ‫املرتبك على اس������تجرار ثروة اإلنترن������ت إلى تلفازه‪.‬‬ ‫وثمة معارك ناشبة فيما وراء املشهد الرقمي سوف‬ ‫حت ِّدد مستقبل الڤيديو لعقود قادمة‪.‬‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫احلقبة الثالثة؟‬

‫(٭٭)‬

‫ميثل غزو اإلنترن ت لغرف املعيش������ة ما ميكن أن‬

‫يسمى بحقبة التلفاز الثالثة‪ .‬فا حلقبة األول ى جاءت ف ي‬ ‫منت صف القرن املا ض ي عبر أف الم الكرتون وشبكات‬ ‫اإلذاعة الوطنية مثل ال ش������بكت ني ‪ NBC‬و ‪ ABC‬اللت ني‬ ‫شاهدي التلفاز‪ .‬وف ي‬

‫ما زالتا تسيطران على معظم م‬ ‫ثمانينات القرن العشري ن دخل تلفاز الكِ ب ل ا حلقبة‬ ‫الثانية باستخدامه تقانة إرسال جديدة‪ ،‬ه ي أس الك‬ ‫نحاسية مرزومة ف ي ِكبال محورية‪ ،‬إلي صال مزيد م ن‬ ‫مئات القنوا ت التلفازية إل ى البيوت‪.‬‬ ‫وسعت قائمة احملتوى املتوفر‬ ‫ٌ‬ ‫صحيح إن الكِ بال َّ‬ ‫إل������ى حد بعيد‪ ،‬إال أن ذلك لم يكن بال ثمن‪ :‬فما كان‬ ‫يوم������ا متاحا على الهواء مجان������ا‪ ،‬أصبح اآلن مرفقا‬ ‫بفاتورة شهرية باهظة‪ .‬لقد كانت التلفزة من الشبكة‬ ‫تتم ّول حصريا من اإلعالنات التجارية‪ .‬أما شبكات‬ ‫التلفزة الكبلية‪ ،‬مثل الش������بكة ‪ MTV‬والشبكة ‪Food‬‬ ‫‪ ،Network‬فتتقاضى رس������وما تق َّدر بنحو ربع دوالر‬ ‫وسطيا للزبون شهريا‪ ،‬تأتي ضمن فاتورة االشتراك‬ ‫ف������ي الكبل (ال ينطبق هذا الوس������طي على الش������ركة‬ ‫‪ ESPN‬الت������ي تطل������ب نح������و ‪ 3‬دوالرات ش������هريا من‬ ‫شركات الكبال عن كل زبون)‪.‬‬ ‫وف������ي أواخر تس������عينات القرن العش������رين‪ ،‬وجد‬ ‫املهندس������ـون العاملـ������ون لدى الش������ركة املس������تح َدثة‬ ‫حينئ������ذ ‪ @Home‬أس������لوبا لتقدمي البيان������ات الرقمية‬ ‫ضمن إش������ارات التلفاز الكبلي‪ .‬وهذا يعني أنه ميكن‬ ‫لزبائ������ن الكبال أن يحصل������وا على ش������بكة اإلنترنت‬ ‫العريضة النطاق م������ن دون بنية حتتية إضافية‪ .‬وثمة‬ ‫اليوم نحو ‪ 36.5‬مليون أس������رة ف������ي الواليات املتحدة‬ ‫(‪)2‬‬

‫( ) ‪The Everything TV‬‬ ‫( ) ‪The Third Era‬‬ ‫(‪broadband )1‬‬ ‫(‪ )2‬الكِ بل تعريب لـ ‪cable‬‬

‫ِحبال‪.‬‬

‫جمعها كِ بال‪ ،‬قياسا بحبل جمعها‬


‫تس������تخدم مودمات كبلية للنفاذ إلى الوِ ب‪ ،‬مما يجعل‬ ‫ذلك األس������لوب للنفاذ إلى اإلنترنت األكثر شعبية في‬ ‫الوالي������ات املتحدة‪ .‬ومن الس������خرية مب������كان أن يكون‬ ‫الش������يوع النس������بي للنطاق العريض الكبلي نفسه هو‬ ‫إحدى القوى الرئيس������ية التي تعوق اجليل الثالث من‬ ‫التلفاز‪.‬‬ ‫لقد منت الشركات الكبلية فتحولت إلى شركات‬ ‫عمالقة تقدم اجليل الثاني من التلفاز‪ .‬إنها شركات‬ ‫توزيع تلف������ازي تقدم اإلنترنت أيض������ا‪ ،‬على هامش‬ ‫التوزي������ع التلفازي‪ .‬لذا‪ ،‬ومع أن األعمال الهندس������ية‬ ‫اجلارية هنا وهناك تس������مح لها بضخ اإلنترنت عبر‬ ‫أس���ل��اكها النحاس������ية‪ ،‬فإن ن ُ​ُظمها مازالت مستمثلة‬ ‫للتلفاز‪ .‬ففي النُّظم الكبلية‪ ،‬تأتي الوِ ب ضمن عرض‬ ‫النط������اق املخص������ص ملجموعة قن������وات تلفازية‪ .‬وما‬ ‫هو مخص������ص للوِ ب من موارد فيه������ا ال يتجاوز ما‬ ‫تس������تخدمه الش������ركة ‪ ESPN‬وأخواتها األربع‪ .‬يقول‬ ‫>س������يرلز<‪« :‬ثمة مجموعة من املواصفات الهندسية‬ ‫الثابت������ة تتطل������ب جميعه������ا تقريبا أن تكون ش������بكة‬ ‫اإلنترنت ملحقة بالتلفاز‪».‬‬ ‫ُ‬ ‫وثم������ة عدد مماثل تقريبا من األس������ر األمريكية‪،‬‬ ‫تستقبل اإلشارات العريضة النطاق عبر خدمة خط‬ ‫املش������ترك الرقم������ي (‪ )1()DSL‬التي تقدمها ش������ركات‬ ‫الهات������ف‪ .‬واحلكاية هنا هي نفس������ها أيضا‪ :‬فالبنية‬ ‫التحتي������ة املوجودة‪ ،‬وه������ي في ه������ذه احلالة خطوط‬ ‫الهات������ف النحاس������ية‪ُ ،‬ك ِّيفت الس������تيعاب إش������ارات‬ ‫اإلنترنت العالية الس������رعة‪ ،‬لكنها أبقت اإلنترنت في‬ ‫املقام الثاني في هذه البيئة اإللكترونية أيضا‪.‬‬ ‫إن ه������ذه البيئ������ة جتعل م������ن املس������تحيل تقريبا‬ ‫احلصول على متعة في مش������اهدة الڤيديو مش������ابهة‬ ‫ملتعة مش������اهدة التلفاز؛ وذلك بس������بب البنية التحتية‬ ‫املوجودة التي حت ُّد من جودة النطاق العريض املتاح‪:‬‬ ‫فالواليات املتحدة تأتي في املوقع الثامن عش������ر من‬ ‫حيث السرعة الوسطية للتحميل(‪( )2‬للتنزيل) بالنطاق‬ ‫العريض‪ ،‬وهي س������رعة أبطأ من س������رعات رومانيا‬ ‫وأيس������لندا وجمهورية التش������يك‪ .‬إن متوسط سرعة‬ ‫التحمي������ل في كوري������ا اجلنوبية‪ ،‬الت������ي حتتل املرتبة‬ ‫األولى عامليا‪ ،‬يس������اوي تقريبا ثالثة أمثال س������رعته‬ ‫ف������ي الوالي������ات املتحدة‪ .‬ووفق������ا ل������رأي <‪ .P‬ما ِّكني>‬ ‫[نائب رئيس فريق النظم الش������خصية لدى الشركة‬ ‫‪ HP‬وكبي������ر التقنيني فيه] تُعتبر ش������بكة اإلنترنت في‬ ‫الواليات املتحدة «موردا مقيدا من حيث األساس‪».‬‬ ‫وم������ع ذل������ك‪ ،‬ثم������ة أم������ل‪ .‬فصحيح إن ش������ركات‬ ‫االتصاالت‪ ،‬مثل الشركتني ‪ Verizon‬و ‪ ،AT&T‬توزع‬ ‫أيض������ا برامج تلفازية عبر خطوطها الهاتفية‪ ،‬إال أنها‬ ‫ليس������ت مرتبطة ارتباط������ا وثيقا بأول من������وذج للتلفاز‬ ‫‪73‬‬

‫كحال شركات الكبال‪ .‬إن عملها األساسي هو تقدمي‬ ‫اخلدمة الهاتفية‪ .‬ومع توقف األمريكيني عن االشتراك‬ ‫في خطوط الهاتف األرضية املك َّرسة على أساس خط‬ ‫لكل مشترك ـ وفق آخر إحصاء‪ ،‬تعتمد أسرة من كل‬ ‫خمس أس������ر أمريكية على الهات������ف النقال كليا ـ فقد‬ ‫بدأت تلك الش������ركات ببناء اجلي������ل التالي من خطوط‬ ‫نقل البيانات التي تصل إل������ى املنازل‪ :‬كبال األلياف‬ ‫الضوئي���ة(‪ .)3‬إن عرض النطاق في هذه الكبال يصل‬ ‫إل������ى ‪ 30‬ميكابايت في الثانية‪ ،‬ل������كل من التحميل من‬ ‫اإلنترن������ت والترحيل إليها (التحمي������ل عليها)(‪ ،)4‬وهذه‬ ‫سرعة تساوي ‪ 10‬أمثال الس������رعة التي يحتاج إليها‬ ‫زب������ون النطاق العري������ض‪ .‬وهذا يوفر حيزا واس������عا‬ ‫لتحميل الڤيديو العالي الوضوح بكامل خصائصه من‬ ‫الوِ ب‪ ،‬وللتحميل السريع للڤيديو إلى املوقع ‪YouTube‬‬ ‫أيضا‪ .‬إنها أول بنية حتتية على مستوى منطقة كاملة‪،‬‬ ‫مصممة ومبنية لإلنترنت من حيث املبدأ‪.‬‬ ‫وقبل أن يصل الڤيديو من اإلنترنت إلى شاش������ة‬ ‫تلف������ازك‪ ،‬يج������ب أوال أن يكون ه������ذا الڤيديو مح ّمال‬ ‫عليها مباشرة‪ .‬وهذا ما ُيخيف أصحاب حق امللكية‬ ‫كثيرا‪ .‬فأصحاب اس������تديوهات األف���ل��ام قلقون من‬ ‫القرصنة‪ .‬وتخش������ى ش������ركات اإلذاعة على الهواء‪،‬‬ ‫مثل الش������ركة ‪ ،NBC‬أن تنتهي إلى م������ا انتهت إليه‬ ‫صناعة الصحافة‪ ،‬بخسارة املشاهدين الذين انتقلوا‬ ‫إلى الوِ ب‪ ،‬مع أنهم ليس������وا م������ن أصحاب دوالرات‬ ‫اإلعالن������ات التجارية‪ .‬ويعلم الذي������ن يذيعون البرامج‬ ‫التلفازي������ة الكبلية أنه عندما ينمو تقدمي البرامج عبر‬ ‫اإلنترنت بقدر كبير يكفي جلعل الزبائن يس������تغنون‬ ‫عن اش������تراكاتهم الكبلية لديهم‪ ،‬فإن الرس������وم التي‬ ‫يتقاضونها‪ ،‬والبالغة ‪ 25‬س������نتا للمش������ترك شهريا‪،‬‬ ‫س������وف تتبخر أيضا (تبني اس������تطالعات الس������وق‬ ‫أن الزبائن الذين تنقصهم الس������يولة النقدية س������وف‬ ‫يس������تغنون عن الكب������ل قبل اس������تغنائهم عن النطاق‬ ‫العريض لإلنترنت)‪ .‬يقول <‪ .P‬الي> [مؤسس الشركة‬ ‫االستشارية ‪« :]Inside Digital Media‬إن أصحاب‬ ‫حقـوق امللكيـة يحـاولـون تنس������ـيق الـوضـع عـلى نحـو‬ ‫ال يتحرك فيه احملتوى إال إذا دفعت ما يقابله‪».‬‬ ‫لذا يقوم مز ِّودو احملتوى‪ ،‬وهم حذرون‪ ،‬بتجريب‬ ‫وس������ائل لتقدمي بضاعتهم عبر اإلنترنت‪ .‬وأول طلقة‬ ‫رئيس������ية في ه������ذه التجربة هي املوق������ع على الوِ ب‬ ‫‪ ،Hulu.com‬الذي تش������اركت في إطالقه الشركتان‬ ‫‪ NBC‬و ‪ Fox‬ف������ي عام ‪( 2008‬وش������اركت فيه أيضا‬ ‫الشركة ‪ ،Disney‬أ ُّم الشبكة ‪ .)ABC‬إن هذا املوقع‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫‪digital subscriber line‬‬ ‫‪download‬‬ ‫‪fiber-optic‬‬ ‫‪uploads and downloads‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬


‫‪0.8 0.11‬‬ ‫كوريا اجلنوبية‬

‫اليابان‬

‫‪6.7‬‬

‫‪9.6‬‬

‫‪2.6‬‬

‫‪7.5‬‬

‫‪4.5‬‬

‫‪1.5‬‬

‫‪1.5‬‬

‫‪0.5‬‬

‫‪9.4‬‬

‫‪7.4‬‬

‫هونگ كونگ‬

‫السويد‬

‫رومانيا‬

‫سويسرا‬

‫هولندا‬

‫الدامنارك‬

‫التڤيا‬

‫جمهورية التشيك‬

‫بلجيكا‬

‫النرويج‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫‪‬‬

‫ نسبة األسر التي لديها نطاق عريض غير متوفرة‪.‬‬

‫ه������و موطن معظم الع������روض الش������عبية التي تُذاع‬ ‫على اخلط في ش������بكات اإلذاعة تلك‪ .‬وهو ُيرس������ل‬ ‫الڤيديو على نحو ال يستطيع فيه املستخدم النهائي‬ ‫تس������جيله لالحتفاظ به‪ ،‬وال يستطيع التهرب أيضا‬ ‫من مش������اهدة اإلعالنات‪ ،‬وجنح ذلك جناحا هائال‬ ‫ب������كل املعايير‪ .‬وعن������د كتابة هذه املقال������ة‪ ،‬كان هذا‬ ‫املوقع ثاني أشهر مواقع الڤيديو في اإلنترنت (بعد‬ ‫املوق������ع ‪ .)YouTube‬ووفقا خلدمة التقييم ‪،Nielsen‬‬ ‫ميكن أن تقفز مرات������ب برامج‪ ،‬مثل البرنامج ‪Lost‬‬ ‫الذي تبثه الش������بكة ‪ ،ABC‬بنح������و ‪ %25‬لو تضمن‬

‫مشكلة التحكم من ُبعد‬

‫(٭)‬

‫إن استكش���اف محتوى اإلنترنت بواس���طة احلاسوب بسيط جدا‪ :‬يكفي استخدام لوحة املفاتيح‬ ‫والف���أرة فق���ط‪ .‬وبعدم���ا تصل اإلنترنت إلى شاش���ة التلفاز‪ ،‬يحتاج املش���اهدون إل���ى نظام يتيح‬ ‫استكشافا سهال على الشاشة وهم على أرائكهم‪ ،‬أي إلى ما يسمى «واجهة املستخدم من مسافة‬ ‫عش���ر أق���دام‪ ».‬واملرش���حان الرئيس���يان لتحقيق ذلك هما نظام���ان يقوم أحدهم���ا على املتصفح‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ويقوم اآلخر على الضبائط ‪ .‬ولكال النظامني محاسنه ومساوئه‪.‬‬

‫املتصفح‬

‫الضبيطة‬

‫املاهية‬ ‫متاما كما في احلاسوب العادي‪ ،‬يسمح لك‬ ‫الوب‬ ‫متصفح اإلنترنت بالنفاذ إلى أي شيء في ِ‬ ‫بال َّنقر على ع َّ‬ ‫الم صفحته أو بكتابة عنوانه‪.‬‬

‫ُتظهر شاشة التلفاز مجموعة منتقاة من األيقونات‪،‬‬ ‫أو الضبائط‪ .‬وكل ضبيطة تسمح بالنفاذ إلى خدمة‬ ‫مستقلة‪ ،‬مثل موقعي ‪ YouTube‬و ‪.Hulu‬‬

‫العتاد‬ ‫الوب وتع ُّقب الوصالت‪ ،‬إلى‬ ‫حتتاج كتابة عناوين ِ‬ ‫لوحة مفاتيح وفأرة السلكيتني‪ ،‬وهذا ميثل إضافة‬ ‫غير مرحب بها إلى غرفة املعيشة‪.‬‬

‫ال تتطلب بساطة التحرك باجتاه أيقونة والنقر‬ ‫عليها إال استخدام أداة عادية للتحكم من بُعد‪.‬‬

‫القيود‬ ‫تستطيع احلصول على أي شيء تريده من‬ ‫املوجود في اإلنترنت‪ .‬وهذا احلل يحوِّ ل تلفازك‬ ‫إلى شاشة حاسوب كبيرة عمليا‪.‬‬

‫‪74‬‬

‫ال تظهر على التلفاز إال الضبائط املُقرة فقط‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يضع خياراتك من احملتوى في يد غيرك‪ .‬فمثال‪ ،‬املوقع‬ ‫‪ Hulu‬حجب محتواه عن ضبائط املوقع !‪.Yahoo‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫التقييم مباشرة آراء املشاهدين عبر اإلنترنت‪.‬‬ ‫إال أن الڤيدي������و املجاني ميث������ل تهديدا صريحا‬ ‫لصناعة اإلذاعة الكبلية‪ ،‬التي ُبنيت على فرضية أن‬ ‫الزبائن س������وف يدفعون ‪ 50‬دوالرا‪ ،‬أو أكثر‪ ،‬شهريا‬ ‫م������ن أجل تنويع البرامج‪ .‬ل������ذا‪ ،‬لن جتد عروضا من‬ ‫القنات���ي��ن ‪ Discovery‬و ‪ MTV‬ف������ي أي م������ن املواقع‬ ‫املمولة حصريا من اإلعالنات‪ .‬وبدال من ذلك‪ ،‬بدأت‬ ‫حاليا صناعة اإلذاعة الكبلي������ة بتجريب مواقع على‬ ‫الوِ ب تتطلب إثباتا لالشتراك فيها‪ .‬أي‪ ،‬إنك تستطيع‬ ‫مش������اهدة هذه البرامج على الوِ ب فقط إذا اشتركت‬ ‫في تلفاز الكبل أيضا‪ .‬وقد أدخلت الشركتان ‪Time‬‬ ‫‪ Warner‬و ‪ Comcast‬هذا العام نظام «التلفاز في كل‬ ‫مكان»(‪ )2‬الذي س������وف يتضمن ف������ي البداية محتوى‬ ‫من ست ش������بكات‪ ،‬تشمل الشبكات‪ CBS :‬و ‪AMC‬‬ ‫و ‪ .TNT‬وإذا اس������تطاعت الش������ركتان جتنيد قنوات‬ ‫أخرى في املشروع‪ ،‬فإن «التلفاز في كل مكان سوف‬ ‫يتفوق على احملتوى الذي يولده املستخدم‪ ،‬وسوف‬ ‫يكون أعظم ش������يء في ڤيدي������و اإلنترنت»‪ ،‬وفقا لقول‬ ‫<‪ .B‬روبرتس>‪ ،‬املدير التنفيذي للشركة ‪.Comcast‬‬ ‫إن ما ُيغري ش������ركات الكِ بال واضح‪ :‬ليس ثمة‬ ‫من خطر يقوض االشتراكات في الكبل إذا ما تط ّلب‬ ‫الڤيديو اش������تراكا في الكبل‪ .‬يقول >س������يرلز<‪« :‬إن‬ ‫شركات الكبال معنية أيضا بتقدمي محتوى اإلنترنت‪،‬‬ ‫ومن أج������ل حماية النمط الرئيس������ي للمحتوى الذي‬ ‫ينقلون������ه‪ ،‬والذي مازال تلفازيا‪ ،‬ف������إن لديهم احلافز‬ ‫للدوس بقوة على د ّواس������ة كابح الڤيديو عوضا عن‬ ‫د ّواسة البنزين‪».‬‬ ‫ليس هذا الكاب������ح جليا في أي مكان جالءه في‬ ‫قي������ود التحميل م������ن اإلنترنت التي بدأت ش������ركات‬ ‫الكب������ال بفرضها على زبائنها‪ .‬وحتت غطاء احلماية‬ ‫م������ن تبادل األف������راد للمحت������وى فيم������ا بينهم‪ ،‬حيث‬ ‫( ) ‪The Remote Problem‬‬ ‫(‪ Widget )1‬نحت من الكلمتني ‪Window‬‬ ‫هي عنصر حتكم ‪.control‬‬ ‫(‪TV Everywhere )2‬‬

‫‪.‬‬

‫و ‪ :gadget‬ضبيطة أو‬


‫سريعة‪ ،‬أسرع‪ ،‬األسرع‬

‫سرعة التوصيل املتوسطة بالنطاق‬ ‫العريض مقدرة بامليكابت في الثانية‬

‫‪6.3‬‬

‫‪4.4‬‬

‫‪4.4‬‬

‫‪2.4‬‬

‫‪2.4‬‬

‫‪1.4‬‬

‫‪8.3‬‬

‫‪7.3‬‬

‫تايوان‬

‫سلوڤاكيا‬

‫آيسلندا‬

‫أملانيا‬

‫الواليات املتحدة‬

‫إيرلندا‬

‫كندا‬

‫ليختنشتاين‬ ‫‪‬‬

‫النسبة املئوية لألسر التي لديها نطاق عريض (أزرق)‬

‫يتش������ارك املستخدمون في املوس������يقى والڤيديو في‬ ‫ش������بكات موزعة‪ ،‬ح َّددت شركة ‪ Comcast‬سقفا يبلغ‬ ‫‪ 250‬جيگابايت ش������هريا للبيانات التي ميكن لزبائنها‬ ‫تنزيلها أو استجرارها‪ .‬وتقوم شركة ‪Time Warner‬‬ ‫بتجريب سقوف تقل عن ‪ 5‬جيگابايت شهريا‪ .‬وت ّدعي‬ ‫الش������ركتان أن عددا قليال من الزبائن س������وف يتأثر‬ ‫بهذا التحدي������د‪ .‬قد يكون هذا صحيحا حاليا‪ ،‬ولكنه‬ ‫يقت������ل ڤيديو اإلنترنت في مه������ده؛ ألن الفيلم الواحد‬ ‫العالي الوض������وح غالبا ما يتطلب أكثر من الصبيب‬ ‫‪ 5‬جيگابايت الذي تسمح به ميزانيات الشركة ‪Time‬‬ ‫‪ Warner‬شهريا للنفاذ إلى اإلنترنت‪.‬‬

‫توصيالت منزلية?‬

‫(٭)‬

‫وفقا ملا ب َّينه املوقع ‪ ،Hulu.com‬ثمة شهية كبيرة‬ ‫للحص������ول على احملت������وى التلفازي عب������ر اإلنترنت‬ ‫وهي الوس������ط األكثر مرونة‪ .‬ولكن جلب الڤيديو إلى‬ ‫حاسوبك أمر يختلف عن إيصاله إلى تلفازك العالي‬ ‫الوضوح الذي تبلغ شاش������ته ‪ 60‬بوص������ة‪ ،‬وإعداده‬ ‫سهل واستخدامه بديهي إلى حد ما‪.‬‬ ‫إن أكثر اخليارات س������هولة هو أن تصل تلفازك‬ ‫بحاسوب‪ .‬وباستخدام كبل عادي لواجهة الوسائط‬ ‫املتعددة العالية الوضوح (‪ ،)1()HDMI‬تُنقل إشارات‬ ‫الص������وت والص������ورة الرقمية من حاس������وب محمول‬ ‫حدي������ث التصنيع إلى تلفاز ذي شاش������ة مس������طحة‪.‬‬ ‫يق������ول >الي<‪« :‬لقد أصبحت احلواس������يب جزءا من‬ ‫حياتنا اليومية إلى حد أننا صرنا معه ال جند فارقا‬ ‫واضحا بني شاش������ة التلفاز التي نشاهدها وشاشة‬ ‫احلاسوب احملمول التي ننظر إليها‪ .‬وخالفا ملا يظنه‬ ‫قليلو ّ‬ ‫االطالع‪ ،‬فهذا ال ُيربك املستهلكني‪».‬‬ ‫ولكن وصل احلاس������وب احملمول بالتلفاز يبقى‬ ‫مثيرا للس������ؤال‪ :‬ماذا نفعل ب������أداة التحكم من ُبعد؟‬ ‫ويجيب <الي> قائال إن استخدام لوحة مفاتيح وفأرة‬ ‫الس������لكيتني يعطي املستخدم س������يطرة غير محدودة‬ ‫‪75‬‬

‫على احملتوى‪ ،‬ويعطيه على وجه اخلصوص‪ ،‬القدرة‬ ‫عل������ى كتابة عبارات بحث‪ .‬ولكننا اآلن معتادون على‬ ‫التحكم من ُبعد بيد واحدة إلى حد يجعل من الصعب‬ ‫علينا تخ ُّيل لوحات املفاتيح الضخمة التي ّ‬ ‫حتل على‬ ‫طاولة القهوة ّ‬ ‫محل أداة التحكم من ُبعد‪.‬‬ ‫وثمة أيضا سؤال عن كيفية العثور على احملتوى‬ ‫فـ������ي عــالـم بــال قنــوات‪ .‬لن ُقل إننــي أريـد مش������ـاهـدة‬ ‫حلقـ������ة من املسلس������ل ‪ ،30 Rock‬فهل هي في املوقع‬ ‫‪Hulu.com‬؟ أم في نظام التلفاز في كل مكان؟ حاليا‪،‬‬ ‫يقول >ما ّكني<‪« :‬أن������ت بحاجة إلى حلقة مفكك كود‬ ‫س���رية(‪ )2‬كي تعرف مكان وجود احملتوى‪ ».‬ولكن ثمة‬ ‫برامج قائمة بذاته������ا‪ ،‬مثل البرنامج ‪ Boxee‬املجاني‬ ‫واملفتوح املصدر‪ ،‬مصممة لتجمع جميع الڤيديوهات‬ ‫املوجودة في اإلنترنت‪ ،‬وتعرض دليال لها على شاشة‬ ‫تلف������ازك مكونا من «صفح���ة موط���ن(‪ »)3‬واحدة لكل‬ ‫شيء‪ .‬وهذا ُيرينا مثاال آخر لتعارض النفاذ املفتوح‬ ‫مع خطط أعمال شركات التلفاز الكبلي أحيانا‪.‬‬ ‫وم������ع أن املوق������ع ‪ Hulu‬ظهر أص���ل��ا كقناة في‬ ‫البرنـ ــامـ������ج ‪ ،Boxee‬ف������إن مـ������ز ِّودي احملتـوى الـذين‬ ‫يقف������ون وراء الـبرنـامـ������ج ‪( ،Hulu‬أي الش������ـركات‪:‬‬ ‫‪ NBC‬و ‪ Fox‬و ‪ ،)Disney‬منع������وا البرنام������ج ‪Boxee‬‬ ‫في الش������هر ‪ 2009/2‬من النفاذ إلى املوقع ‪ Hulu‬على‬ ‫تس������كر> [املدير التنفيذي‬ ‫الوِ ب‪ .‬وحينما ُس������ئل <‪ُ .J‬‬ ‫للش������بكة ‪ ]NBC Universal‬أثن������اء كلمته في املؤمتر‬ ‫(‪)4‬‬ ‫«جمي������ع األش������ياء رقمية » الذي رعت������ه مجلة ‪Wall‬‬ ‫‪ ،Street Journal‬في الش������هر ‪ ،2009/5‬عن ذلك قال‪:‬‬ ‫«في الوق������ت احلالي‪ ،‬نحن ملتزم������ون باملوقع ‪Hulu‬‬ ‫بوصفه جزءا من اإلنترنت»‪ .‬إن أحد تفس������يرات هذا‬ ‫التصري������ح هو أن املوقع ‪ Hulu‬ليس ُمه ِّددا لصناعة‬ ‫( ) ‪Home Connections‬‬ ‫( ) ‪The Fastest Internet‬‬ ‫( ) ‪Broadband Breakdown‬‬ ‫(‪High-Definition Multimedia Interface )1‬‬ ‫(‪a secret decoder ring )2‬‬ ‫(‪home page )3‬‬ ‫(‪All Things Digital )4‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫[سرعات نقل البيانات]‬

‫أسرع إنترنت‬

‫(٭٭)‬

‫تتطلب التطبيقات التي تعتمد على‬ ‫اإلنترنت اعتمادا كبيرا‪ ،‬مثل الڤيديو‬ ‫املتدفق العالي الوضوح‪ ،‬توصيالت‬ ‫إنترنت سريعة‪ .‬ولكن نسبة ا ُأل َسر‬ ‫األمريكية املُخدَّمة بنطاق عريض‬ ‫تساوي ‪ %50.8‬فقط‪ ،‬وما تنفذ إليه‬ ‫تلك ا ُأل َسر ليس إال إشارات بطيئة‬ ‫نسبيا مقارنة مبا هو متوفر في‬ ‫آسيا وشمال أوروبا وشرقها‪.‬‬

‫معجم مصطلحات‬ ‫نطاق عريض‬ ‫مجموعة متنوعة من التقانات السلكية‬ ‫والالسلكية التي تنقل املعلومات‬ ‫بسرعات كبيرة‪ ،‬مع أن مقدار السرعة‬ ‫التي توفرها تقانة ما لتوصف «باحلزمة‬ ‫العريضة» ما زال موضع جدل [انظر‬ ‫املؤطر في ميني الصفحة ‪.]77‬‬ ‫شبكة اإلنترنت‬ ‫شبكة معلومات عاملية مبنية على نظام‬ ‫من الپروتوكوالت البرمجية يحدد‬ ‫الكيفية التي يجب أن َّ‬ ‫تنظم وتعالَج بها‬ ‫املعلومات‪ .‬وغالبا ما توصل اإلنترنت‬ ‫إلى الزبائن عبر توصيالت عريضة‬ ‫النطاق‪ ،‬وغالبا ما يكون عليها أيضا أن‬ ‫تتشارك في النطاق العريض مع بيانات‬ ‫أخرى مثل اإلشارات التلفازية والهاتفية‪.‬‬

‫حتليل النطاق‬ ‫(٭٭٭)‬ ‫العريض‬

‫ليست جميع تقانات النطاق العريض‬ ‫متماثلة السرعة‪ .‬فالتقانات التي هي‬ ‫أحدث‪ ،‬مثل كبال األلياف الضوئية‪،‬‬ ‫تتيح توصيالت إلى اإلنترنت‬ ‫بسرعات أعلى بكثير‪ .‬إن السرعات‬ ‫املبينة هنا هي السرعة املتوسطة‬ ‫الكلية (للتحميل من اإلنترنت‬ ‫والترحيل إليها) خلدمة اإلنترنت‬ ‫املعلنة في العالم الصناعي (مقدرة‬ ‫بامليگابت في الثانية)‪.‬‬

‫‪001‬‬

‫‪61‬‬

‫ليف ضوئي‬

‫َك ْبل‬

‫‪01‬‬ ‫اخلط‬

‫‪DSL‬‬


‫[اصنع بنفسك]‬

‫كيف حتصل على التلفاز لكل شيء اآلن؟‬

‫(٭)‬

‫تلفاز‬

‫في احلد األدنى‪ ،‬أنت بحاجة إلى أن ترتقي إلى تلفاز عالي‬ ‫الوضوح ذي شاشة مسطحة مزوَّ د على األقل مبدخل الواجهة‬ ‫‪ .HDMI‬إن أجهزة التلفاز احلديثة جدا مصممة ل َت ْن َف َذ مباشرة إلى‬ ‫اإلنترنت‪ .‬إال أن اخلدمات املتوفرة متنوعة‪ :‬فمنها ما قد يمُ ِّكنك‬ ‫من االتصال بخدمة الڤيديو حسب الطلب من املوقع ‪،Amazon‬‬ ‫أو باصطفاف من أجل التدفق ‪ .Netflix‬ومنها ما ال يتيح لك إال‬ ‫أشياء تافهة من قبيل مؤشر أسواق املال‪ .‬إن أحدث أجهزة التلفاز‬ ‫حاليا هي سلسلة سوني براڤيا ‪( KDL-W5100‬تتراوح أسعارها‬ ‫بني ‪ 1500‬و ‪ 5000‬دوالر)‪ ،‬وهي تتيح نفاذا كامال إلى املواقع‪:‬‬ ‫‪ Amazon‬و ‪ Netflix‬و ‪.YouTube‬‬

‫َّ‬ ‫مقطعا ومج َّزءا سوف يأتي الڤيديو القائم على اإلنترنت إلى غرفة معيشتك‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من أنه ال توجد أداة واحدة حتى اآلن تتيح لك النفاذ إلى كل احملتوى الذي‬ ‫قد ترغب فيه‪ ،‬فإن نظاما جيد التصميم ميكنه أن يفتح معظم اخلدمات املتاحة‪.‬‬ ‫فيما يلي املكونات األساسية التي يجب أن تعرفها لهذا النظام‪.‬‬

‫مسيِّر السلكي‬

‫(‪)1‬‬

‫أوال‪ ،‬أنت بحاجة إلى شبكة منزلية‪ ،‬ابحث عن مسيّر السلكي‬ ‫عال يعمل وفق أحد املِق َيسني ‪»G« 802.11‬‬ ‫بنطاق عريض ٍ‬ ‫أو «‪»N‬؛ ألن املسيِّرات القدمية قد تكون بطيئة جدا فال‬ ‫تستطيع التعامل مع الڤيديو املتدفق‪.‬‬ ‫وميكنك بدال من‬ ‫ذلك متديد كبل‬ ‫إثرنت(‪ )2‬إلى مركز‬ ‫التسلية عندك‪.‬‬

‫علب توضع فوق التلفاز‬

‫حتى ولو لم يتوفر لك أحدث تلفاز‪ ،‬فإن ثمة أجهزة متنوعة تستطيع‬ ‫استجرار محتوى اإلنترنت إلى غرفة معيشتك‪ .‬إال أنها متباينة في‬ ‫اخلدمات التي حتققها‪ ،‬وفي أسعارها وسهولة استخدامها‪.‬‬ ‫حاسوب محمول‪ :‬إن أفضل حل‪ ،‬ببساطة‪ ،‬هو أن تستخدم‬ ‫ْ‬ ‫ابحث عن حاسوب‬ ‫تلفازك كشاشة عمالقة‪.‬‬ ‫محمول مزوَّ د مبخرج الواجهة ‪HDMI‬‬ ‫واشتر لوحة‬ ‫بغية تسهيل اإلعداد‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫مفاتيح وفأرة السلكيتني الستخدامهما‬ ‫للتحكم فيهما من أريكتك‪ .‬إن‬ ‫احلاسوب ‪HP Pavillion dv6‬‬ ‫يوفر كل ذلك بسعر يساوي‬ ‫‪ 650‬دوالرا‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫مشغل‬ ‫محطات استجرار الڤيديو املتدفق‪ :‬ال يحتوي‬ ‫‪( Roku‬الذي يبلغ ثمنه ‪ 100‬دوالر) على قرص صلب‪ .‬وهو مصمم‬ ‫الستجرار الڤيديو املتدفق من املوقع ‪ Netflix‬حسب الطلب‪ ،‬ومن مكتبة‬ ‫الڤيديو لدى املوقع ‪ ،Amazon.com‬ومن اخلدمة ‪ .MLB.TV‬وهو ال‬ ‫يستطيع حاليا النفاذ إلى املوقعني ‪ Hulu‬و ‪ YouTube‬ومواقع الڤيديو‬ ‫األخرى املعروفة في اإلنترنت‪ .‬ثمة خدمة أخرى اسمها ‪ZillionTV‬‬ ‫تهدف إلى سد بعض هذه الثغرات‪ ،‬ويُتوقع إطالقها هذا العام (‪.)2009‬‬

‫مسجالت الڤيديو‪ :‬كانت املسجالت القدمية من الطراز ‪TiVos‬‬ ‫مجرد مسجالت رقمية تسجل برامج تلفازية حية ملشاهدتها الحقا‪ .‬أما‬ ‫العلب ‪ TiVo‬اجلديدة ذات األقراص الصلبة‪ ،‬فتتصل أيضا باإلنترنت‬ ‫وتنفذ إلى املواقع‪ Netflix :‬و ‪ Amazon‬و ‪( YouTube‬بأسعار تتراوح‬ ‫بني ‪ 300‬و ‪ 600‬دوالر‪ ،‬حسب حجم القرص الصلب)‪.‬‬

‫تلفاز ‪ :Apple‬يمُ َ ّكنك هذا‬ ‫التلفاز من النفاذ إلى أفالم‬ ‫وعروض تلفازية متاحة في‬ ‫مخزن ‪ iTunes‬التابع للشركة‬ ‫‪ ،Apple‬إضافة إلى قليل‬ ‫غيرها (بثمن يتراوح بني ‪230‬‬ ‫و ‪ 330‬دوالرا‪ ،‬حسب حجم‬ ‫القرص الصلب)‪.‬‬

‫‪76‬‬

‫اإلذاعة الكبلية املعهودة مادام محتواه مقتصرا‬ ‫عل������ى الظهور على شاش������ة حاس������وب محمول‬ ‫مقاس������ها ‪ 15‬بوص������ة‪ .‬أما اس������تخدام البرنامج‬ ‫‪( Boxee‬والوسائل األخرى التي تسهل مشاهدة‬ ‫ڤيديو اإلنترنت على التلفاز)؛ فيمكن أن يؤثر في‬ ‫الدخل الذي حتققه االس������توديوهات من رسوم‬ ‫التلفاز الكبلي‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫بالطبع ثمة أدوات أخرى متكنك من استجرار‬ ‫احملتوى من اإلنترنت إلى تلفازك‪ .‬فتلفاز ‪Apple‬‬ ‫ينْفذ إلى مخ������زن ‪ iTunes‬في اإلنترنت‪ .‬وتصنع‬ ‫ش������ركة حديثة التأسيس اس������مها ‪ Roku‬جهازا‬ ‫صغيرا يس������تجر الڤيديو املتدف���ق(‪ )3‬من املوقع‬ ‫‪ ،Netflix‬وم������ن مكتب������ة ‪ Amazon.com‬الرقمية‪،‬‬ ‫إضاف������ة إلى ألع������اب ‪.Major League Baseball‬‬ ‫وثمة أجه������زة أخرى حتمل أس������ماء مثل ‪Vudu‬‬ ‫و ‪ ،ZillionTV‬إال أنه������ا جميع������ا تتصف بصفة‬ ‫مش������تركة ه������ي أن ثم������ن احملتوى برمت������ه ُيدفع‬ ‫س���لفا(‪ .)4‬وال وج������ود للتلف������از املجان������ي في تلك‬ ‫األجهزة التلفازية عبر اإلنترنت‪ ،‬لذا‪ ،‬وما دامت‬ ‫( )‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫?‪How to Get the Everything TV Now‬‬ ‫‪Wireless router‬‬ ‫‪ethernet‬‬ ‫‪ Streaming video‬خالف������ا للڤيدي������و الع������ادي‬

‫ال������ذي‬ ‫‪،‬‬ ‫ُيؤخذ من ملف‪ ،‬يأتي الڤيديو املتدفق باس������تمرار من‬ ‫اإلنترنت‪.‬‬ ‫(التحرير)‬ ‫(‪ )4‬بوصفه جزءا من ثمن اجلهاز‪.‬‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬

‫مواقع ِوب‬

‫ثمة عدد متزايد من اخلدمات‬ ‫الوب تساعد على‬ ‫القائمة على ِ‬ ‫استغالل إمكانات التسلية القائمة‬ ‫على اإلنترنت‪.‬‬ ‫‪Boxee.com‬‬

‫مت ِّكنك هذه البرمجيات من النفاذ‬ ‫إلى معظم محتوى اإلنترنت‬ ‫باستخدام واجهة سهلة االستخدام‬ ‫قائمة على الضبائط‪.‬‬ ‫‪Hulu.com‬‬

‫‪ Hulu‬هو ا َ‬ ‫جل ّد األكبر للمحتوى‬ ‫التلفازي املوجود على اخلط في‬ ‫اإلنترنت‪ ،‬يقدم برامج ممولة من‬ ‫اإلعالنات من الشركات‪NBC :‬‬ ‫و ‪ Fox‬و ‪.Disney‬‬ ‫‪VIDEOSURF.com‬‬

‫باستخدام تقانتي املشاهدة وتعرف‬ ‫الصورة احلاسوبيتني‪ ،‬ميسح‬ ‫محرك البحث هذا أفالم الڤيديو‬ ‫في اإلنترنت و ُينشئ فهرسا ملن وملا‬ ‫يظهر فيها‪ .‬على سبيل املثال؛ اكتب‬ ‫اسم ممثل؛ فيجد لك جميع َم َشاهِ دِ‬ ‫ذلك املمثل في تلك األفالم‪ ،‬وأجزاء‬ ‫الفيلم التي يظهر فيها‪.‬‬


‫[نفاذ]‬

‫القواعد اجلديدة في اإلنترنت‬

‫(٭)‬

‫عندما و َّقع الرئيس >باراك أوباما< رزمة التحفيز البالغة ‪ 787‬مليار دوالر في وقت مبكر من‬ ‫عام ‪ ،2009‬ادعى أن احلكومة «تعيد تشكيل املشهد األمريكي من خالل أكبر استثمار جديد في‬ ‫البنية التحتية ألمتنا منذ بنى >آيزنهاور< منظومة الطرق السريعة بني الواليات‪ ».‬وفي القرن‬ ‫احلادي والعشرين‪ ،‬فإن البنية التحتية تشمل اإلنترنت‪ .‬والقانون يقدِّم منحا مقدارها ‪7.2‬‬ ‫مليار دوالر لالرتقاء بالنفاذ العريض النطاق وتوسيعه في الواليات املتحدة‪ ،‬خصوصا في‬ ‫املناطق الريفية املنخفضة التخدمي التي حتتاج إلى أميال من الكبال للوصول إلى املجتمعات‬ ‫الصغيرة نسبيا‪ .‬وفي الوقت نفسه‪ ،‬يقتضي القانون أن تضع جلنة االتصاالت االحتادية خطة‬ ‫وطنية للنطاق العريض قبل الشهر ‪ .2010/2‬إن ما سوف تتضمنه تلك اخلطة‪ ،‬وكيف سيتم‬ ‫تخصيص املنح املالية‪ ،‬سوف يحددان على نحو كبير قدرات اإلنترنت والقيود املفروضة‬ ‫عليها لسنوات قادمة‪.‬‬ ‫إن السؤال الرئيسي املطروح هو إنْ كانت جلنة االتصاالت االحتادية سوف تطلب نوعا‬ ‫من حماية «حيادية الشبكة» في اخلطة الوطنية للنطاق العريض‪ .‬ميكن لهذه احلماية أن‬ ‫تقتضي أال يعوق مزوِّ دو خدمة اإلنترنت أشكاال معينة من حركات اإلنترنت‪ ،‬وأن يعاملوا‬ ‫جميع أنواع احلركة بالتساوي‪ .‬يدَّعي مزوِّ دو خدمة اإلنترنت أنهم يستطيعون احلفاظ على‬ ‫الصحة العامة للشبكة إذا كانوا يستطيعون‪ ،‬مثال‪ ،‬إبطاء تقاسم امللفات بني األفراد الذي‬ ‫يستهلك كثيرا من عرض النطاق‪ .‬ولكن من دون حماية حيادية الشبكة‪ ،‬ميكن ملزوِّ دي اخلدمة‬ ‫أيضا أن يكونوا قادرين على حجب أي نوع من امللفات أو التطبيقات التي يختارونها‪ ،‬وهذا‬ ‫ما يعطيهم القدرة على تقرير مصير جميع اخلدمات القائمة على اإلنترنت‪.‬‬ ‫يضاف إلى ذلك‪ ،‬أن على جلنة االتصاالت االحتادية أن تقرر ماذا يعني «النطاق العريض»‬ ‫بالضبط‪ .‬إنها تع ّرفه حاليا بسرعة تنزيل معلنة ال ّ‬ ‫تقل عن ‪ 0.77‬ميگابت في الثانية‪ ،‬وهذه سرعة‬ ‫ال تساوي إال جزءا ضئيال من السرعة املتوسطة البالغة ‪ 92‬ميگابت في الثانية املعلنة في‬ ‫اليابـان‪( .‬السـرعات املعلنـة أقـل مـن السـرعـات الفعليـة دائمـا؛ ألنهـا تفـترض تـوصيـالت مثـالية ال‬ ‫يتقاسمها عدد من املستخدمني)‪ .‬إن السرعة املنخفضة تعني أنه ميكن وصل عدد أكبر من املنازل‬ ‫باإلنترنت مقابل تكلفة أقل‪ ،‬ولكن دون مقدرة على استجرار ڤيديو متدفق عالي اجلودة‪.‬‬

‫الشركات الكبلية‪ ،‬وشركات إنتاج احملتوى‪ ،‬جتد في‬ ‫بيعك برامج التلفاز عبر الكبل ربحا أكبر لها‪ ،‬فتو َّق ْع‬ ‫بقاء القيود مفروضة‪.‬‬ ‫يكم������ن احل������ل طبع������ا في ف������ك ارتب������اط اإلنترنت‬ ‫بالشركات الكبلية‪ .‬وما نظم األلياف الضوئية اجلديدة‬ ‫إال خطوة في هذا االجتاه‪ .‬فنظرا إلى أنها نظم «إنترنت‬ ‫فق������ط»‪ ،‬وغير مرتبطة بنماذج العمل املوروثة التي تق ِّيد‬ ‫مشغلي الكبال‪ ،‬فإنها مت ِّكن من خوض جتربة إنترنت‬ ‫حتويلية محتملة‪ .‬انظر إلى كوريا اجلنوبية مثال حيث‬ ‫اإلنترنت س������ريعة وعميمة‪ .‬فقد بدأت الشركة ‪Warner‬‬ ‫‪ Brothers‬بتقليص أعمالها في أقراص الڤيديو الرقمية‬ ‫‪ DVD‬هناك لتر ِّكز اهتمامها حصريا في األفالم التي‬ ‫تق ّدم عبر اإلنترنت والتي تتوفر اآلن قبل أسبوعني من‬ ‫ظهور األقراص ‪ DVD‬في األس������واق‪ .‬حتى إن بعض‬ ‫اس������توديوهات األفالم املس������تقلة في الواليات املتحدة‬ ‫بدأت بتجريب تقدمي أفالمها عبر اإلنترنت قبل وصول‬ ‫الفيلم إلى صاالت الس������ينما‪ .‬قد يستغرق نقل جميع‬ ‫وس������ائط اإلعالم إلى ه������ذا النوع م������ن العرض اآلني‬ ‫القائ������م على اإلنترنت بعض الوقت‪ ،‬يقول >الي<‪« :‬غير‬ ‫>‬ ‫أنه آت ولن يستطيع أحد إيقافه‪».‬‬ ‫<‪ .M‬موير> كاتب ومحرر يعمل‬ ‫لدى مجلة ساينتفيك أمريكان‬ ‫( ) ‪The Internet’s New Rules‬‬

‫‪77‬‬

‫مراجع لالستزادة‬

‫ا جلمعية‬ ‫املصري���ة‬ ‫لتعــري���ب‬ ‫الــعــلـ���وم‬

‫تنظم‬

‫اجلمعية امل�صرية لتعريب العلوم‬

‫( )‬

‫مؤمترها السنوي السادس عشر‬ ‫حتت شعار‬

‫م�سرية تعريب العلوم‪:‬‬ ‫الأمل والعمل‬ ‫القاهرة ‪2010 / 4 / 22 - 21 :‬‬ ‫ُيعق������د هذا املؤمت������ر تفعيال لدور اللغ������ة العربية في‬ ‫استنهاض أمتنا للقيام بدورها احلضاري ‪.‬‬ ‫محاور بحوث املؤمتر ‪:‬‬

‫< لغة التعليم والوالء القومي‪.‬‬ ‫< التجارب العاملية في احلفاظ على اللغة القومية‬ ‫وعلى كيان املجتمع ذاته‪.‬‬ ‫< اللغة والتنمية ‪.‬‬ ‫< تقييم مسيرة اجلمعية املصرية لتعريب العلوم‬ ‫بعد خمسة عشر عاما‪.‬‬ ‫< عرض وتقييم خطة عمل اجلمعية املصرية‬ ‫لتعريب العلوم‪.‬‬ ‫< وضع ُأطر تنفيذية لتحقيق هدف تعريب العلوم‪.‬‬ ‫< وضع رؤية كلية للعمل في مجال التعريب بهدف‬ ‫تنمية املجتمع من خالل هذا الثغر‪.‬‬ ‫< عرض وتقييم منجزات الهيئات واألفراد في‬ ‫مجال التعريب‪.‬‬ ‫< عرض وتقييم جتارب الهيئات املختلفة في مجال‬ ‫التعريب‪.‬‬ ‫< اللغة األجنبية واللهجات العامية في التعليم‬ ‫واملجتمع‪.‬‬ ‫تُرسل البحوث في إطار محاور املؤمتر بالبريد‬ ‫اإللكتروني إلى ‪:‬‬

‫أ‪.‬د‪ .‬عبد احلافظ حلمي حممد‬

‫رئيس اجلمعية املصرية لتعريب العلوم‬ ‫أو إلى ‪:‬‬

‫أ‪.‬د‪ .‬حممد يون�س احلمالوي‬ ‫أمني عام املؤمتر‬

‫‪mhamalwy@hotmail.com‬‬

‫الدعوة عامة حلضور اجللسات العلمية‬

‫‪9002 rebmevoN ,naciremA cfiitneicS‬‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫( ) ص‪.‬ب ‪ , 5301‬غرب مصر اجلديدة ‪ ,‬القاهرة‬ ‫فاكس‪+(20) 2637744 :‬‬ ‫الصفحة اإللكترونية‪www.taareeb.info :‬‬

‫‪11771‬‬


‫تنميات مستدامة‬ ‫احلاجة إلى معاجلة صريحة‬ ‫ما يجب على إدارة الرئيس >أوباما< فعله هو إعادة النظر في األساليب‬ ‫التي تدار بها السياسات‪ ،‬وليس مجرد إصالح السياسات ذاتها‪.‬‬ ‫(٭)‬

‫عندم������ا وعد الرئي������س >باراك أوبام������ا< بالتغيير‪ ،‬ركز‬ ‫عل������ى موضوعني في ج������دول أعماله‪ :‬أولهم������ا‪ ،‬تغيير‬ ‫جوهري واسع يتناول إصالحات في قطاعات رئيسية‬ ‫م������ن االقتصاد‪ ،‬كالرعاية الصحي������ة‪ ،‬والتغير املناخي‪،‬‬ ‫واألس������واق املالية‪ ،‬واألسلحة‪ .‬أما الثاني‪ ،‬فكان إجراء‬ ‫تغيي������ر في أس������اليب معاجلات القضايا‪ ،‬أهمها إحداث حتس������ينات في‬ ‫طرائق رس������م السياس������ات العامة‪ ،‬وفي الكيفية التي ُتتَّخذ بها قرارات‬ ‫التموي������ل العام‪ .‬وعل������ى الرغم من الظروف املضادة‪ ،‬ف������إن إدارة أوباما‬ ‫حتقق بعض التقدم في املوضوع األول ـ ولكن على حساب الثاني‪.‬‬ ‫إن تشريع الرعاية الصحية املهم‪ ،‬الذي يشق طريقه إلى الكونگرس‬ ‫في الوقت الذي ترس������ل فيه هذه املقالة إلى املطبعة‪ ،‬س������يزيد كثيرا من‬ ‫ع������دد األمريكيني الذين يش������ملهم تأمني الرعاية الصحية‪ ،‬وس������يح ّد من‬ ‫بعض حوادث س������وء استعمال شركات التأمني الصحي اخلاصة‪ ،‬التي‬ ‫كثي������را ما ترفض تس������ديد ما يترتب عليها من التزام������ات مالية لزبائنها‬ ‫باخت���ل��اق ذرائع غير حقيقية‪ .‬وباملثل‪ ،‬فإن تش������ريع التغير املناخي كان‬ ‫يسير ُقدما إلى األمام‪ ،‬وأتيحت له فرصة لوضع نظام يسمح مبدة زمنية‬ ‫(‪)1‬‬ ‫قبل الش������روع في حتديد حجم انبعاثات غازات االحتباس احلراري‬ ‫‪ ،greenhouse effect‬ومنح اقتصاد الواليات املتحدة مدة طويلة للتوصل‬ ‫إلى تقانات تخفيض هذه االنبعاثات‪.‬‬ ‫بيد أن طريقة إجناز ه������ذا التقدم املتواضع كانت مثيرة للقلق‪ .‬فلم‬ ‫تقدم إدارة أوباما خطة متماسكة‪ ،‬كاقتراح لسياسة مفصلة‪ .‬فكل جزء‬ ‫أساس������ي من السياس������ة العامة كان يحول إلى الغرف اخللفية(‪ )2‬في‬ ‫الكونگرس‪ ،‬حيث يخضع لعملية مساومة بني املصالح العامة واخلاصة‪.‬‬ ‫ول������م تكن ثمة خط������ة محكمة لإلنعاش االقتص������ادي‪ ،‬وال خطة واضحة‬ ‫املعالم إلصالح الرعاية الصحية‪ ،‬وال اس������تراتيجية محددة للتحكم في‬ ‫التغي������ر املناخي‪ ،‬وهل ّم جرا‪ .‬ول������و افترضنا وجود خطط فعال‪ ،‬فإنها لم‬ ‫تقدم إلى اجلمهور‪.‬‬ ‫وغالبا ما يق������ال إن هذه الطريقة أفادت من إخفاقات إدارة الرئيس‬ ‫كلينتون في مس������عاها إلى إصالح الرعاية الصحية والتحكم في التغير‬ ‫املناخ������ي‪ .‬ففي ه������ذه املرة‪ ،‬لن تت������رك اإلدارة ملنتقديها أهدافا س������هلة ـ‬ ‫على ش������كل اقتراحات مفصلة للسياس������ة التي ستنتهجها ـ متكن هؤالء‬ ‫املنتقدين من إس������قاطها‪ .‬س������تترك اإلدارة املفاوض������ات بني مجموعات‬ ‫أصحاب املصالح جتري أوال‪ ،‬ثم تقود عملية تس������وية بينها للتوصل إلى‬ ‫مش������روع قانون يقدم إلى الكونگرس إلقراره‪ .‬هذا هو املنطق املتبع في‬ ‫السياسة بوصفها فن املمكن‪.‬‬ ‫إن رف������ض اإلدارة وضع خطط واضحة‪ ،‬أدى إل������ى إحداث ثغرات‬ ‫ونقاط ضعف ال لزوم لها في السياس������ة العامة‪ .‬أولها‪ ،‬وأكثرها أهمية‪،‬‬ ‫وجود أجزاء سيئة من التشريع لم يجر استبعادها‪ .‬وعلى سبيل املثال‪،‬‬ ‫فرض‬ ‫لم يس������بق الكونگرس قط النظ������ر في الفوائد الناجم������ة عن نظام ِ‬ ‫‪78‬‬

‫ضريبة كربون مباش������رة‪ ،‬على نظ���ام احل ّد األقصى واالجت���ار(‪ )3‬األكثر‬ ‫إرباكا ‪ cap - and - trade system‬بس������بب ضآلة الفرصة املتاحة للتخطيط‬ ‫لسياسة جادة‪.‬‬ ‫ثانيا‪ ،‬إن املفاوضات التي جت������ري في الغرف اخللفية هي‪ ،‬بالطبع‪،‬‬ ‫������ص إطالق الكربون‪،‬‬ ‫دع������وة لتبادل غامض واس������ع النطاق للثروة‪ .‬ف ُرخَ ُ‬ ‫التي قيمها املالية مئات مليارات الدوالرات‪ُ ،‬خصصت ملصالح شخصية‬ ‫عن طريق صفقات خاصة ال علم للجمهور بها‪ ،‬ومن دون مش������اركته في‬ ‫أي نق������اش يدور حول هذا املوضوع‪ .‬وهناك صفقات مماثلة في الرعاية‬ ‫الصحي������ة واإلص���ل��اح املالي‪ ،‬جعل������ت اجلمهور يكافح لفه������م الرابحني‬ ‫واخلاسرين احلقيقيني من تصرفات مختلفة للسلطة التشريعية‪.‬‬ ‫أض������ف إلى ذلك أن اإلدارة أضاعت م������رارا وتكرارا الفرصة لنقل‬ ‫معلومات مهمة إلى الش������عب األمريكي‪ .‬هذا‪ ،‬وإن ثلث الشعب األمريكي‬ ‫فقط يؤمن بأن التغير املناخي الناجت من النش������اطات البش������رية حقيقي‪.‬‬ ‫فليس لدى اجلمه������ور مطلقا أي فكرة عن التكالي������ف الضئيلة والفوائد‬ ‫الكبي������رة للتحكم في انبعاثات الكرب������ون‪ .‬ويعاني اجلمهور أيضا إرباكا‬ ‫يصعب التخلص منه حول الرعاية الصحية واإلصالح املالي ومبادرات‬ ‫سياسية أخرى‪.‬‬ ‫إن املواضي������ع املعقدة واحلاس������مة التي نواجهه������ا تتطلب معلومات‬ ‫يقدمه������ا خبراء‪ ،‬وفهم������ا جماهيريا‪ .‬وفي كل موضوع أساس������ي يتعلق‬ ‫بالسياس������ة العامة‪ ،‬يتعني على إدارة أوباما أن تقدم أوال تقريرا رسميا‬ ‫يش������رح أسباب طلبها تلك املبادرة السياس������ية ومقدار تكلفتها والفوائد‬ ‫التي جتنيها منها وطريقة تطبيقها‪ .‬ويجب على املقترحات التشريعية أن‬ ‫تصاغ حول هذه الوثائق االستراتيجية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬فإن من الضروري دعوة‬ ‫مجموعات من اخلبراء املستقلني لوضع مخطط متهيدي لإلجابات‪.‬‬ ‫واألهم من هذا كله هو أن جماعات الضغط ‪ lobbys‬يجب ازدراؤها‬ ‫بدال من دعمها وإعالء منزلته������ا‪ .‬ولو أتيحت الفرصة للجماهير‪ ،‬لدعمت‬ ‫إدارة أوباما في مواجهتها احلازمة لهذه املصالح الضيقة‪ ،‬وهي املصالح‬ ‫نفس������ها التي أس������همت كثيرا في االنصهار املالي ‪financial meltdown‬‬ ‫وتكالي������ف الرعاية الصحي������ة املغالى فيها وس������يارات متداعية وتعريض‬ ‫الطاقة للخطر‪ .‬وميكن للعلماء واملهندس���ي��ن واخلبراء في السياسة العامة‬ ‫أن يساعدوا على إيجاد حلول حقيقية‪ ،‬ومن ثم فإن اجلمهور املتنور الذي‬ ‫ميك������ن االعتماد عليه قادر على وضع هذه احلل������ول موضع التنفيذ على‬ ‫>‬ ‫الرغم من املقاومة التي يتعرض لها من أصحاب املصالح الضيقة‪.‬‬ ‫>‪ .D .J‬ساكس ‪< ،‬مدير معهد‬ ‫األرض في جامعة كولومبيا‬

‫(٭) ‪The Need for Open Process‬‬

‫(‪ )1‬أو غازات الدفيئة‪.‬‬ ‫(‪ ،the backrooms )2‬مكان اجتماع مجموعة من القادة الذين يتخذون فيه قراراتهم‬ ‫عبر مفاوضات خاصة‪.‬‬ ‫(‪ )3‬انظر‪« :‬تشغيل أسواق الكربون»‪ ،‬العلوم‪ ،‬العددان ‪ ،(2009) 2/1‬ص ‪.65‬‬ ‫‪(2010) 2/1‬‬


BIOLOGY

46

Taking Wing

By Nancy B. Simmons

Fossil and genetic findings elucidate the evolution of bats–and settle a longstanding debate over the origins of flight and echolocation.

54

AUTOMOTIVE TECHNOLOGY

The Future of Cars By Stuart F. Brown

Industry leaders look way down the road. PSYCHOLOGY

58

The Post-Traumatic Stress Trap

EDITOR IN CHIEF: Mariette DiChristina MANAGING EDITOR: Ricki L. Rusting CHIEF NEWS EDITOR: Philip M. Yam SEnIor writeR: Gary Stix EDITORS: Davide Castelvecchi, Graham P. Collins, Mark Fischetti, Steve Mirsky, Michael Moyer, George Musser, Christine Soares, Kate Wong CONTRIBUTING EDITORS: Mark Alpert, Steven Ashley, Stuart F. Brown, W. Wayt Gibbs, Marguerite Holloway, Christie Nicholson, Michelle Press, John Rennie, Michael Shermer, Sarah Simpson ASSOCIATE EDITORS, ONLINE: David Biello, Larry Greenemeier news Reporter, ONLINE: John Matson ART DIRECTOR, online: Ryan Reid

By David Dobbs

A growing number of experts assert that overdiagnosis of post-traumatic stress disorder may compound the suffering of soldiers who are actually afflicted with depression, brain trauma or other problems or who are simply taking time to adjust.

64

COPY DIRECTOR: Maria-Christina Keller Editorial Administrator: Avonelle Wing SENIOR SECRETARY: Maya Harty

MEDICINE

New Ways to Squash Superbugs By Christopher T. Walsh - Michael A. Fischbach

Scientists are using new tools and tactics in the race to discover novel antibiotics. INFORMATION TECHNOLOGY

72

The Everything TV By Michael Moyer

The Internet stands ready to upend the television - viewing experience, but exactly how is a matter of considerable dispute.

78

ART DIRECTOR: Edward Bell ASSISTANT ART DIRECTOR: Jen Christiansen PHOTOGRAPHY EDITOR: Monica Bradley

Sustainable Developments The Obama administration must reform how policies are made, not just the policies themselves.

(Chairman)

Abdullah S. Al-Fuhaid (Deputy)

PRODUCTION MANAGER: Christina Hippeli ADVERTISING PRODUCTION MANAGER:  Carl Cherebin PREPRESS AND QUALITY MANAGER:  Silvia De Santis CUSTOM PUBLISHING MANAGER:  Madelyn Keyes-Milch pRESIDENT: Steven Inchcoombe VICE PRESIDENT, operations and Administration: Frances Newburg Vice president, finance and BUSINESS DEVELOPMENT: Michael Florek BUSINESS MANAGER: Marie Maher

Letters to the Editor Scientific American 75 Varick Street, 9th Floor, New York, NY 10013-1917 or editors@SciAm.com

ADVISORY BOARD

Ali A. Al-Shamlan

COPY and PRODUCTION, nature publishing group: Senior COPY editor, npg: Daniel C. Schlenoff COPY editor, npg: Michael Battaglia editorial assistant, npg: Ann Chin managing pRODUCTION EDITOR, npg:  Richard Hunt senior pRODUCTION EDITOR, npg: Michelle Wright

Adnan Hamoui (Editor - In Chief)

(2010) 2/1

Letters may be edited for length and clarity. We regret that we cannot answer each one. Post a comment on any article instantly at

www.ScientificAmerican.com/ sciammag

79


January / February - 2010

4

Volume 26

Number 1/2

ASTRONOMY

Portrait of a Black Hole

By Avery E. Broderick - Abraham Loeb

Black holes swallow everything that crosses into their domains– even light. Here’s how astronomers will get their first look ever at the dark silhouettes of these invisible cosmic monsters.

14

ALTERNATIVE ENERGY

The Power of Renewables By Matthew L. Wald

The need to tackle global climate change and energy security makes developing alternatives to fossil fuels crucial. Here is how the possibilities stack up.

20

MEDICINE

Surprises from Celiac Disease By Alessio Fasano

Study of a potentially fatal food-triggered disease has uncovered a process that may contribute to many autoimmune disorders.

28

NEUROSCIENCE

Turbocharging the Brain By Gary Stix

Will a pill at breakfast improve concentration and memory–and will it do so without long-term detriment to your health?

38

NEUROSCIENCE

Magic and the Brain By Susana Martinez-Conde - Stephen L. Macknik

Magicians have been testing and exploiting the limits of cognition and attention for hundreds of years. Neuroscientists are just beginning to catch up. (2010) 2/1

80


‫املجلد ‪ 26‬ـ ـ العددان‬

‫‪(2010) 2/1‬‬

‫‪262/261‬‬

‫الهيئة االستشارية‬

‫علي عبـداهلل ال�شـمالن‬ ‫رئ ـيـس الهيـئـ ــة‬

‫‪20856‬‬ ‫‪oloom@kfas.org.kw‬‬ ‫‪(+965) 22428186‬‬

‫عبداهلل �سليمـان الفهيد‬

‫‪13069‬‬ ‫‪www.kfas.org‬‬ ‫‪(+965) 22403895‬‬

‫نائب رئيس الهيئة‬

‫عـدنـان احلـموي‬

‫‪Advertising correspondence from outside the Arab World should be addressed to‬‬ ‫‪SCIENTIFIC AMERICAN 415, Madison Avenue, New York, NY 10017 - 1111‬‬ ‫‪Or to MAJALLAT AL-OLOOM, P.O. Box 20856 Safat, Kuwait 13069 - Fax. (+965) 22403895‬‬

‫عضو الهيئة ـ رئيس التحرير‬

‫شارك في هذا العدد‬

‫❊‬ ‫‪100‬‬ ‫❊‬

‫‪1.800‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪1.800‬‬ ‫‪2.5‬‬ ‫❊‬ ‫❊‬ ‫‪20‬‬

‫علي األمير أحمد‬ ‫عدنان احلموي‬

‫‪2‬‬ ‫‪1.25‬‬ ‫‪20‬‬

‫هند داود‬

‫‪1.500‬‬ ‫❊‬ ‫❊‬ ‫‪7‬‬ ‫‪30‬‬ ‫❊‬ ‫‪250‬‬

‫‪$‬‬

‫‪4‬‬ ‫‪2.5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪6‬‬

‫❊‬

‫‪£‬‬ ‫‪Cl‬‬

‫‪$‬‬

‫‪Britain‬‬ ‫‪Cyprus‬‬ ‫‪France‬‬ ‫‪Greece‬‬ ‫‪Italy‬‬ ‫‪u.S.A.‬‬ ‫‪Germany‬‬

‫)‪(uSA $ 1.5‬‬

‫زياد درويش‬ ‫بشر دعبول‬ ‫محمد توفيق الرخاوي‬

‫‪12‬‬

‫‪45‬‬

‫إبراهيم الرفاعي‬

‫‪16‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪56‬‬ ‫‪112‬‬

‫قاسم السارة‬ ‫سهيل سليمان‬ ‫رميون شكوري‬ ‫نضال شمعون‬ ‫فؤاد العجل‬ ‫عبدالناصر عمرين‬ ‫عزت قرني‬ ‫أنطون مارين‬ ‫نزار املير‬ ‫حامت النجدي‬

‫‪CD‬‬

‫‪-1‬‬

‫‪Settings‬‬

‫‪-2‬‬

‫‪Regional and Language Options‬‬

‫‪-3‬‬

‫‪Arabic‬‬

‫‪start‬‬

‫‪Control Panel‬‬

‫‪Standards and formats‬‬

‫‪www.kfas.org‬‬

‫‪OK‬‬

‫‪1986‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.