مسائل في النفاق. . أنواعه وأحكامه

Page 1

‫‪1‬‬

‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫عمر بن محمود أبو عمر‬ ‫أبو قتادة الفلسطيني‬ ‫الدمد ل رب العالني‪ ،‬والصل ة والسل م على مدمد وآله وصحبه أجعني‪.‬‬ ‫هذه ورقات ف أنواع النفاق وحكدممه‪ ،‬ل ن همذا اللفمظ ممن ألفماظ الشمرع‪ ،‬وإذا كما ن اللفمظ كمذلك‬ ‫فممإنه يمم ب رد العلممم بممه إل م ال م ورس وله صمملى ال م عليممه وسملم‪ ،‬ولفممظ النفمماق مممن أعظممم اللفمماظ‬ ‫الشرعية الت ي ب العلم با‪ ،‬ومثله لفظ الكفر والميا ن‪ ،‬والأطأ ف فهم هذه اللفاظ يوقع صماحبه‬ ‫ف الهل با قاله ال ورسوله صلى ال عليه وسلم… وقد رأينا من كا ن سممكوته خيماً مممن كلمممه‬ ‫يزعم أ ن مممن تممرك حكممم الم تعممال واسممتبدل بممه شمرائع الباطممل الكممافر ة أنممه منممافق وليممس بكممافر‪ ،‬ثم‬ ‫يستأطرد بأ ن ال تعمال أمرنا بمأ ن نعاممل النمافقني معاملمة السملدمني‪ ،‬وذهم ب همذا –وذهم ب معمه ممن‬ ‫ذه ب– إل أ ن رسول ال صلى ال عليمه وسلم لم يقمم المد علمى النمافقني‪ ،‬ول يقتلهمم ممع ثبموت‬ ‫النفمماق ف م قلمموبم‪ ،‬وقمالوا‪ :‬هممؤل ء كأولئممك س موا ء بس موا ء‪ ،‬فممالواج ب علينمما – زعدم موا– أ ن لحنكممم‬ ‫عليهم بالكفر‪ ،‬ث ليوز قتالم‪ ،‬بل حكدمهم حكم النافقني زمن رسول ال صلى ال عليممه وسلم‬ ‫وهو الوادعة والسالة والصب عليهم‪.‬‬ ‫ثم رأيمت ناسما يسمدمو ن بعمض النماس منمافقني‪ ،‬ويصمرحو ن أكمثر بمأنم زنادقمة‪ ،‬ثم بقليمل ممن الموار‬ ‫تعلم أنه ل يقصد تكفيهم‪ ،‬ول الكم عليهم بالرد ة‪.‬‬ ‫بممل رأينمما مممن يفممت ي ويزعم أ ن التدمممع الممدن زمن رسول ال م صمملى ال م عليممه وسلم كمما ن متدمممع‬ ‫أحمزاب متعممدد ة العقائممد والديمما ن‪ ،‬ويسممتدل علممى هممذا بوجود حممزب للدمنممافقني‪ ،‬وهو حمزب ظمماهر‬ ‫يعرفه الناس ول يصادرو ن حريته‪.‬‬ ‫ورأينا من يفت ي ويزعم أ ن حكم الرد ة ليس بواج ب إل إذا خرج الرتد عن نظا م الدولة السلمية‬ ‫بةجممة أ ن رسول ال م صمملى ال م عليممه وسملم ل م يكممن يقيممم الممدود علممى النممافقني –وهم كفممار‪،-‬‬ ‫فةجاز للناس ف الدنيا أ ن يغيوا أديانم‪ ،‬وقال‪ :‬هما هممو ذا القممرآ ن يقمول‪) :‬آمنموا ثم كفممروا(‪ ،‬ول يممرد‬ ‫أ ن رسول ال صلى ال عليه وسلم قتل واحد منهم‪.‬‬ ‫وقالوا… وقالوا…‬ ‫فدمن أجل هذا ولغي ذلك من الفوائد المت سمتاها ك‪1‬ما ن هممذا البحممث‪ ،‬وسيتبني لممك فيمه أ ن الكممم‬ ‫على الرجل بالنفاق ف زمننا هو حكمم عليمه بمالرد ة ) (‪ ،‬ول يموز لمك ذلمك حمت تقما م لمك الةجمة‬ ‫الشممرعية علممى كفممر بمماطنه‪ ،‬ومن العلمو م أ ن علدمممك بالشممي ء ملمز م لممك وحدك‪ ،‬وملمز م لغيممك بالبينممة‬ ‫الشرعية الت تقا م با الحكا م‪.‬‬ ‫ث م سمميتبني لممك أنممه إ ن ثبممت ف م حممق رجل حكممم النفمماق‪ ،‬وأنممه يسممر كفممره ويظهممر خلفممه‪ ،‬فممإ ن‬ ‫حكدمه هو حكم الزنديق‪ ،‬وهو أشد حكدماً عند جهور العلدما ء من الرتد إذ يوجبو ن قتله ممن غيم‬ ‫استتابة‪ ،‬بل ليقبلو ن تموبته حمت لمو فعلهما‪ ،‬لنمه لم يفعمل سموى أ ن عماد إلم أممره المذ ي كما ن عليمه‬ ‫قبل ظهور بينات وحةجج زندقته‪.‬‬

‫‪ 1‬وليس هو حكم آخر يفارق هذا الكم‪.‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫‪2‬‬

‫وف هممذا البحممث الممرد علممى مممن زعم أ ن النممافقني زمن رسول الم صمملى الم عليممه وسلم قممد علممم‬ ‫الناس نفماقهم وثبمت حكمم النفماق عليهمم بالبينمة الشمرعية ثم تمرك رسول الم صملى الم عليمه وسلم‬ ‫إقامة الد عليهم – عياذا بال تعال ‪ -‬وفيه بيا ن نوعي النفماق‪ ،‬ويتمبني لمن علدمهما أ ن أحمد نموعيه‬ ‫مينع ثبوت حكم النفاق عليه لعد م استقراره عليه فيدمنع إطلق الكم عليه‪.‬‬

‫تذكرة‪:‬‬ ‫حنممن هنمما نتكلممم عممن النفمماق الكممب الممذ ي هممو الكفممر بعينممه كدممما سمميأت‪ ،‬ل الصممغر وه و الممذ ي‬ ‫يسدميه البعض نفاق العدمل ويسدمو ن الول نفاق العتقاد‪ ،‬وهي تسدمية عليها كمثي ممن المتزات‪،‬‬ ‫نممتك الكل م عليهمما لمموطن آخممر‪ ،‬وأهممم هممذه الممتزات أ ن النفمماق الكممب يكممو ن مممن عدمممل القلمم ب‬ ‫وعدمممل اللسمما ن‪ ،‬وجز ء مممن عدمممل القلمم ب هممو العتقمماد‪ ،‬فتسممدميته بنفمماق العتقمماد يممرج الكممثي مممن‬ ‫صمموره‪ ،‬وكذا النفمماق الصممغر يكممو ن فم القلمم ب واللسمما ن والموارح‪ ،‬فتسممدميته بنفمماق العدمممل قصممر لممه‬ ‫علممى بعممض صمموره‪ ،‬وليممس هممذا نفيمما لممذا التقسمميم بممل هممو إعمماد ة ل متتيبه ترتيب ماً صممحيحًا‪ ،‬قممال ابممن‬ ‫تيدمية‪) :‬النفاق كالكفر‪ ،‬نفاق‪ 2‬دو ن نفاق‪ ،‬ولذا كمثياً ممما يقمال‪ -:‬كفممر عمن اللممة‪ ،‬وكفممر ل ينقمل‪،‬‬ ‫ونفاق أكب‪ ،‬ونفاق أصغر( ) (‪.‬‬

‫النفاق )‪: (3‬‬ ‫النفاق‪ :‬هو إظهار الميا ن والسل م وإسرار الكفر )‪.(4‬‬ ‫قال ال تعال‪) :‬ومن الناس من يقول آمنا بال واليو م الخر وما هم بممؤمنني‪ ،‬يمادعو ن الم والمذين‬ ‫آمنوا وما يدعو ن إل أنفسهم وما يشعرو ن * ف قلوبم ممرض فزادهمم الم مرض اً ولم عمذاب أليمم‬ ‫با كانوا يكذبو ن( ]البقر ة ‪.[10 8‬‬ ‫وقال تعال‪) :‬إذا جما ءك النمافقو ن قممالوا نشممهد إنمك لرسول الم والم يعلمم إنمك لرس وله والم يشممهد‬ ‫إ ن النافقني لكاذبو ن( ]النافقو ن ‪.[1‬‬ ‫وقمال تعممال‪) :‬وإذا لق موا الممذين آمن موا قممالوا آمنمما وإذا خل موا إل م شممياطينهم قممالوا إنمما معكممم إنمما حنممن‬ ‫مستهزؤو ن( ]البقر ة ‪. [14‬‬ ‫فهذه اليات دليل علمى أ ن النمافق بماطنه علمى خل ف ظماهره‪ ،‬وهذا همو معنم النفماق فم ديمن الم‬ ‫تعال‪.‬‬ ‫قال عبد ال بن الما م أحد ف السنة حدثن وكيممع عمن العدممش عمن شممقيق عمن أ ‪5‬بم القمدا م عمن‬ ‫أب يىي قال‪ -:‬سئل حذيفة عن النافق قال‪) :‬الذ ي يعر ف السل م ول يعدمل به( ) (‪.‬‬ ‫فإ ن قيل هل النافقو ن كفار؟ قلنا‪ -:‬نعم‪ .‬فإ ن قيل ِلَ ل يقتلهم رسول ال صلى الم عليممه وسلم؟‬ ‫قلنما‪ :‬لنمم خمدعوا المؤمنني ول تقمم عليهمم حةجمة شمرعية بالقتمل‪ .‬فمإ ن قيمل مما المدليل؟ قلنما‪ -:‬إقمرأ‬ ‫هذا البحث‪-:‬‬

‫‪ 2‬مدموع الفتاوى ‪.7/524‬‬ ‫‪ 3‬الممديث عممن العنم اللفظممي للنفمماق موجود فم أغلمم ب الراجممع الممت تممدثت عممن النفمماق وف كممل‬ ‫معةجممم‪ ،‬ول ضممرور ة هنمما لممذكره… وقال ابممن تيدميممة‪ :‬وكدممما ينبغممي أ ن يعلممم أ ن اللفمماظ الوجود ة فم‬ ‫القرآ ن والديث إذا عمر ف تفسميها وما أريد بما ممن جهمة النمب صملى الم عليمه وسلم لم يتمج فم‬ ‫ذلك إل الستدلل بأقوال أهل اللغة ول غيهم‪) .‬مدموع الفتاوى ‪.(7/286‬‬ ‫‪ 4‬انظر شرح السنة للببار ي فقر ة ‪.44‬‬ ‫‪ 5‬ح رقم ‪ 806‬وقال مققه الدكتور‪ /‬مدمد سعيد القحأطان‪ :‬أبو يىي ل أجد له ترجة‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬هو حبي ب بن أب ثابت‪ ،‬وهو كوف تابعي ثقة‪ ،‬وسند الديث صحيح‪.‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫‪3‬‬

‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫كفر المنافق )‪: (6‬‬ ‫يشهد لذا آيات عظيدمة ف كتاب ال تعال نأت على بعضها‪-:‬‬ ‫قال ال تبارك وتعال‪) :‬إذا جا ءك النافقو ن قالوا نشهد إنك لرسول ال وال يعلم إنك لرسوله وال‬ ‫يشهد إ ن النافقني لكاذبو ن * اتذوا أميانم جنة فصدوا عن سبيل ال إنم سمما ء ممما كممانوا يعدملممو ن‬ ‫* ذلك بأنم آمنوا ث كفروا فأطبع على قلوبم فهم ل يفقهو ن( ]النافقو ن ‪.[3–1‬‬ ‫فهذا نوع من النفاقق آمنوا ث كفروا ث استقر النفاق ف قلوبم‪ ،‬وختم عليها وهو فيه‪.‬‬ ‫قال تعال‪) :‬إ ن الذين آمنوا ث كفروا ثم آمنموا ثم كفممروا ثم ازدادوا كفمراً لم يكممن الم ليغفمر لممم ول‬ ‫ليهديهم سبيل * بشر النافقني بأ ن لم عذابا أليدما * ‪...‬الم قموله تعممال‪ ...‬إ ن النممافقني فم الممدرك‬ ‫السممفل مممن النممار ولن تممد لممم نصميا * إل الممذين تممابوا وأصمملحوا واعتصممدموا بممال وأخلصموا دينهممم‬ ‫فألئك مع الؤمنني وسو ف يؤت ال الؤمنني أجراً عظيدمًا( ]النسا ء ‪.[146–137‬‬ ‫فهذه اليات فيها بيا ن حال جاعة من النافقني آمنوا ث كفروا ث آمنوا ث كفروا ث ازدادوا كفرًا‪.‬‬ ‫ث حكدمهم أنم فم المدرك السمفل ممن النمار‪ ،‬والنمار دركات‪ ،‬كدمما النمة درجات‪ ،‬ومعلمو م أ ن ممن‬ ‫كمما ن هممذا حمماله فهممو مممن عتمما ة الكفممار كدممما قممال تعممال‪) :‬هممم العممدو فاحممذرهم قمماتلهم ال م أن م‬ ‫يؤفكو ن(‪.‬‬ ‫ثم بنيم سممبحانه أنمم ليممدخلو ن زمر الممؤمنني حممت يتوب وا ويصمملحوا ممما أفسممدوا‪ ،‬ويلممتزموا حكممم الم‬ ‫تعممال‪ ،‬ويسممنوا ممما ف م ب مواطنهم لليوافق موا ظمماهرهم… قممال تعممال‪) :‬أل م تممر إل م الممذين تولم وا قومم اً‬ ‫غض ب ال عليهم ما هم منكم ول منهم يلفو ن على الكذب وهم يعلدممو ن * أعمد الم لمم عمذاباً‬ ‫شديداً إنم سا ء ما كانوا يعدملو ن * اتذوا أميانم جنة فصدوا عن سبيل ال فلهم عذاب مهني *‬ ‫لممن تغنم عنهممم أمموالم ول أولدهممم مممن الم شمميئاً أولئممك أصممحاب النممار هممم فيهمما خالممدو ن * يمو م‬ ‫يبعثهم ال جيعاً فيحلفو ن له كدما يلفو ن لكم ويسبو ن أنم على شي ء أل إنم هم الكمماذبو ن *‬ ‫اسممتحوذ عليهممم الشمميأطا ن فأنسمماهم ذك ر ال م أولئممك حممزب الشمميأطا ن أل إ ن حممزب الشمميأطا ن هممم‬ ‫الاسرو ن(]الادلة ‪.[19– 14‬‬ ‫قوله‪) :‬أولئك أصحاب النار هم فيها خالدو ن( ل تقال إل للكفار‪.‬‬ ‫وقال تعال‪) :‬وعد الم النمافقني والنافقمات والكفمار نمار جهنمم خالمدين فيهما همي حسمبهم ولعنهمم‬ ‫ال ولم عذاب مقيم(]التوبة ‪.[68‬‬ ‫فقد جع ال النافقني والكفار ف مستقر واحد وهو جهنمم فممدل علممى اتماد أمرهم فم الكممم عنمد‬ ‫ال تعمال‪ .‬وقبلهما قمال الم تعمال‪) :‬النمافقو ن والنافقمات بعضمهم ممن بعمض يمأمرو ن بمالنكر وينهمو ن‬ ‫عن العرو ف نسوا ال فنسيهم إ ن النافقني هم الفاسقو ن(]التوبة ‪.[67‬‬ ‫وقم وله تعممال‪) :‬إ ن النممافقني هممم الفاسممقو ن( يشممبه ق موله سممبحانه‪) :‬والكممافرو ن هممم الظممالو ن(‪ .‬وال م‬ ‫أعلم‪.‬‬ ‫واستقصا ء هذا يأطول‪ ،‬وهذا يكفي لن أسلم قلبه ل تعال…‬ ‫ولكن قد يعتض أحدهم بقوله‪ :‬إ ن ال جعل النافقني من السملدمني بقموله‪) :‬قمد يعلمم الم العموقني‬ ‫منكممم والقممائلني لخ موانم هلممم إلينمما ول يممأتو ن البممأس إل قليل * أشممحة عليكممم فممإذا جمما ء الممو ف‬ ‫‪ 6‬هذا المر معلو م بّني وإنا ذكرته لننا ف زمن العةجائ ب ولن نعد م وجود قمو م ينفمو ن ذلمك‪ ،‬كدمما‬ ‫وجدنا ما ينفي كفر اليهمود والنصمارى وسي كفرهم كفمراً أصمغراً فالعةجممائ ب لتنقضممي‪ ،‬وقد ذكر‬ ‫ابممن تيدميممة )مدممموع الفتمماوى ‪ (7/216‬أ ن بعممض الصممنفني فم اللممل والنحممل نسمم ب للكراميممة )نسممبة‬ ‫لدمد بن كرا م السةجسمتان( القمول إ ن النمافقني ممن أهمل النمة‪ ،‬قمال‪ :‬همو غلمط عليهمم وإنما نمازعوا‬ ‫ف السم ل ف الكم‪.‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫‪4‬‬

‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫رأيتهممم ينظممرو ن إليممك تممدور أعينهممم كالممذ ي يغشممى عليممه مممن المموت فممإذا ذهمم ب الممو ف سمملقوكم‬ ‫بألسنة حداد‪ ،‬أشحة على الي أولئممك لم يؤمنموا فمأحبط الم أعدممالم وكا ن ذلممك علمى الم يسميا(‬ ‫فهؤل ء من النافقني ل يؤمنوا ومع ذلك قال ال عنهم )منكم(‪.‬‬ ‫فيق ممال لممه‪ -:‬إ ن ه ممذه ل تنمماف ق موله س ممبحانه وتع ممال‪) :‬ويلف ممو ن بممال إنممم لنك ممم وممما ه ممم منكممم‬ ‫ولكنهم قو م يفرقو ن(]التوبة ‪.[56‬‬ ‫فإ ن النافقني من السلدمني –بل من أصحابه صلى الم عليمه وسلم‪ -‬فم الظماهر وليسموا فم البماطن‬ ‫إل مباينني للدمؤمنني‪ ،‬فهم ف الظاهر منهم وف الباطن )هم العدو فاحذرهم(‪.‬‬ ‫"وجاع المر أ ن السم الواحد ينفي ويثبت بس ب الحكا م التعلقة به" )‪.(7‬‬

‫هل بقى حكم النفاق ؟‬

‫منافق المس على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم هو الزنديق ف ممما بعممده مممن الزما ن‪ ،‬وأ ن‬ ‫ثبوت النفاق على أحد من السلدمني إنما يتمم بثبمموت حكممم المرد ة عليممه‪ ،‬والنمافق إنما يعاممل معاملمة‬ ‫السلدمني لننا ل نعلم باطنه‪ ،‬ولكن لو قامت بينة على كفر باطنه فل قيدمة لما يماول إظهماره ممن‬ ‫العدمممل الصممال‪ ،‬قممال ابممن تيدميمة‪ :‬الظمماهر إنما يكمو ن دليلً صمحيحاً معتدمممداً إذا لم‪ 8‬يثبمت فم البماطن‬ ‫بلفه‪ ،‬فإذا قا م دليل ف الباطن ل يلتفت إل ظاهر قد علم أ ن الباطن بلفه ) (‪.‬‬ ‫ومن هنا فقد قمال ابمن ‪9‬البمارك رحه الم تعمال‪ :‬النفماق علمى عهمد رسول الم صملى الم عليمه وسلم‬ ‫هي الزندقة من بعده ) (‪.‬‬ ‫وقال صاح ب الغن‪ :‬والزنديق‪10‬همو المذ ي يظهمر السمل م ويبأطمن الكفمر وكا ن يسمدمى فم عهمد النمب‬ ‫صلى ال عليه وسلم منافقا ً) (‪.‬‬ ‫ومن فّرق بني الزنديق والنافق )‪ (11‬فإنا هو تفريق ل يضر هذه السألة‪ ،‬إذ النافق همو ممن ل ُتعلمم‬ ‫حقيقته الباطنة بشي ء من ظاهره‪ ،‬فإ ن ظهرت بالةجة الشرعية فإنا هو زنديق عليه حكدمه‪.‬‬ ‫ومن سأل عن التفريق بني الرتد والزنديق فهو أمر يسمي‪ ،‬إذ الرتد يعلمن ردتمه وهذا تقبمل منمه تموبته‬ ‫ويسممتتاب عنممد جمماهي العلدممما ء‪ ،‬وأممما الزنديق فهممو ُيس ّر نفمماقه وكفممره‪ ،‬ول تقبممل تمموبته ول يسممتتاب‬ ‫كدما سيأت‪.‬‬ ‫ومما يدل على التفريق بينهما ما فعله علي رضي ال عنه ‪:‬‬ ‫فدمممن طريق ُه شمميم عممن إسمماعيل بممن سممال عممن أبم إدريس الممولن قممال‪ُ :‬أت علممي رضي الم عنممه‬ ‫بأنمماس مممن الزنادقممة ارت دوا عممن السممل م فسممألم‪ ،‬فةجحممدوا‪ ،‬فقممامت عليهممم البينممة العممدول‪ ،‬قممال‬ ‫فقتلهممم ول يسمتتبهم‪ ،‬وقال‪ :‬وُأت برجل كما ن نصمرانياً وأسمملم‪ ،‬ثم رجع عمن السمل م‪ ،‬قممال‪ :‬فسمأله‬ ‫فممأقر بمما كمما ن منممه‪ ،‬فاسممتتابه‪ ،‬فممتكه‪ ،‬فقيممل لممه‪ :‬كيممف تسممتتي ب هممذا ول تسممتتي ب أولئممك؟ قممال‪ :‬إ ن‬ ‫همذا أقمر بما كما ن منمه وإ ن أولئمك لم يقمروا وجحمدوا حمت قمامت عليهمم البينمة فلمذلك لم أسمتتبهم‪.‬‬ ‫‪12‬ل ممرد ة‬ ‫رواه ال ممدارمي ف م كت مماب "ال ممرد عل ممى الهدمي ممة" وسممنده ص ممحيح‪ ،‬ورواه أح ممد ف م أه ممل الل ممل وا‬ ‫والزنادقة وتارك الصل ة والفرائض من كتاب الامع )ح‪ (1339/‬من طريق ُه شميم عنه به ) (‪.‬‬ ‫‪ 7‬مدموع الفتاوى ‪.418 /7‬‬ ‫‪ 8‬الصار م السلول ‪.3/648‬‬ ‫‪ 9‬البانة عن أصول الديانة للعكب ي ح‪.944/‬‬ ‫‪ 10‬الغن مع الشرح الكبي ‪.7/172‬‬ ‫‪ 11‬يقممال الغزالمم‪ -:‬وأ ن النممافقو ن يظهممر قفره م بالاخايممل ل بالتص مريح ول يمموز بنمما ء المممر علممى‬ ‫الاخايل‪ ،‬وأما الزنديق فقد جاهر باللاد ثم حماول سمته وذلمك ممن صمل ب دينمه )شمفا ء الغليمل فم‬ ‫مسممائل التعليممل(… ومال الغزالم –وهو مممن الشممافعية– إلم عممد م قبممول تمموبته‪ ،‬انظممر "الستصممفى"‬ ‫‪" ،1/141‬والتفرقة بني السل م والزندقة"‪.‬‬ ‫‪ 12‬قال مقق "الرد على الهدمية" الستاذ بدر البدر‪ :‬إسناده ضعيف فيه ُه شميم وهو مدلس‪.‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫‪5‬‬

‫فهذا من أميم المؤمنني علمي رضي الم عنمه بيما ن أ ن كمل زنديق كتمم زندقته وجحمدها حمت قمامت‬ ‫عليه البينة قتل ول‪13‬يستت ب‪ ،‬وأ ن النب صلى ال عليه وسلم ل يقتل ممن جحمد زندقته ممن النممافقني‬ ‫لعد م قيا م البينة ) (‪.‬‬ ‫يشهد عليه بالبدعة فيةجحد؛ ليست له توبة‪ ،‬إنما التوبة لمن اعمت ف فأمما‬ ‫ولذا قال أحد ف الرجل‬ ‫من جحدها فل توبة له )‪.(14‬‬ ‫لكن لو اعترف بالزندقة قبل القدرة عليه قبلت منه التوبة ‪-:‬‬ ‫قال القاضي أبمو يعلمى وغيمه‪ -:‬وإذا اعمت ف بالزندقمة ثم تماب قبلمت تموبته‪ ،‬لنمه بماعتافه يمرج عمن‬ ‫حد الزندقة‪ ،‬ل ن الزنديق هو‪15‬الذ ي يستبأطن الكفر وينكره ول يظهره‪ ،‬فإذا اعت ف به ث تاب خرج‬ ‫عن حده فلهذا قبلنا توبته ) (‪.‬‬ ‫قال ابمن القاسمم‪ :‬إذا أخفمى الرجل دينماً فمأتى تائبماً منمه قبلمت منمه تموبته ول يقتمل‪ ،‬قمال‪ :‬وإ ن أخمذ‬ ‫على دين أخفاه مثل الزندقة أو اليهودية أو النصرانية وكا ن ديناً يفيه قتل ول يستت ب ل ن تمموبته ل‬ ‫تعر ف‪ ،‬وإ ن أنكمر مما شموهد عليمه بمه لم يقبمل إنكماره وقبمل ول يسمتت ب‪ ،‬وإ ن إدعمى التوبة أيضماً لم‬ ‫تقبل توبته أيضًا‪.‬‬ ‫قال ابن رشد الد‪ :‬هذا أمر متفق عليه ف الذه ب )‪.(16‬‬ ‫إذا علدمت هذا تبني لك معن قمول حذيفمة رضي الم عنمه‪ :‬إن‪17‬ما كما ن النفماق علمى عهمد رسول الم‬ ‫صلى ال عليه وسلم فأما اليو م فإنا هو الكفر بعد الميا ن ) (‪.‬‬ ‫قال ابن حةجر‪ :‬والذ ي يظهر ل أ ن حذيفة ل يرد نفي الوقوع إنا أراد نفي اتفاق الكم )‪.(18‬‬ ‫وقول ابمن حةجمر رحه الم‪" :‬إنما أراد اتفماق الكمم" لختل ف المال وق وله فيدمما تقمد م التفريق بنيم‬ ‫النممافقني الممذين كممانوا يسممرو ن نفمماقهم علممى عهممد رسول الم صمملى الم عليممه وسلم وبنيم مممن أظهممر‬ ‫نفاقه وأعلنه‪.‬‬ ‫قال ابن التني رحه ال‪ :‬كا ن النافقو ن على عهمد رسول الم صملى الم عليمه وسلم آمنموا بألسمنتهم‬ ‫ول تؤمن قلوبم‪ ،‬وأما من جا ء بعدهم فإنه و‪19‬لد ف السل م وعلى فأطرته فدمن كفر منهم فهو مرتد‬ ‫ولذلك اختلفت أحكا م النافقني والرتدين ) (‪.‬‬ ‫ويشممهد لقممول ابممن الممتني رحه الم قممول أحممد‪20‬رحه المم‪ :‬الزنادقممة حكدمهممم القتممل‪ ،‬ليسممت لممم توبة‪،‬‬ ‫لنم ولدوا على الفأطر ة ونزعوا إل خلفه ) (‪.‬‬ ‫وقد يعتض على ما قلنا با قاله ابن تيدمية رحه ال تعال‪ ،‬يقول‪ :‬فمإ ن كمثياً ممن التمأخرين مما بقمي‬ ‫فم الظهرين للسممل م عنممدهم إل عممدل أو فاسممق‪ 21،‬وأعرض وا عمن حكممم النممافقني‪ ،‬والنممافقو ن مممازالوا‬ ‫ول يزالو ن إل يو م القيامة والنفاق شع ب كثي ة ) (‪.‬‬ ‫قلممت‪ :‬صممرح ُه شمميم بالتحممديث عممن أحممد فم الرجع السممابق‪ ،‬والتضممعيف بممذه الأطريقممة هممو طريقممة‬ ‫ظاهرية التأخرين‪ ،‬انظر "الفروسية" لبن القيم رحه ال تعال ف نقد هذه الأطريقة‪.‬‬ ‫‪ 13‬الصار م السلول ‪.3/686‬‬ ‫‪ 14‬السابق‪.‬‬ ‫‪ 15‬السابق ‪.3/687‬‬ ‫‪ 16‬البيا ن والتحصيل ‪.16/391‬‬ ‫‪ 17‬الباخار ي ‪ 13/69‬مع الفتح‪.‬‬ ‫‪ 18‬السابق ‪.13/74‬‬ ‫‪ 19‬السابق‪.‬‬ ‫‪ 20‬أحكا م أهل اللل والنحل فقر ة ‪.1331‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫‪6‬‬

‫وقبل الواب على هذا العتاض نسوق قاعد ة سبكت من شذرات البلتني ف طريقة التعامل مممع‬ ‫كل م الفقها ء والعلدما ء… يقول ابن تيدمية رحه ال تعال‪ :‬وأخذ مممذاه ب الفقهمما ء مم‪22‬من الطلقمات‬ ‫من غي مراجعة لا فسروا به كلمهم وما تقتضيه أصولم ير إل مذاه ب قبيحة ) (‪.‬‬ ‫وحت يفهم كل م شيخ السل م فإننا لبد أ ن نفهدممه فم سممياقه‪ ،‬وقبممل كمل ذلممك فإننمما ل ننفممي فم‬ ‫بثنمما هممذا وجود النفمماق الكممب‪ ،‬ول ننفممي حكدمهممم علممى الالممة الممت وجدت ف م زمن رسول ال م‬ ‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهذه الصور ة أ ن يقع ف قل ب السلم أ ن فلناً منافق‪ ،‬وأ ن ف قلبه بغممض لم‬ ‫ورسوله وشريعته‪ ،‬ومعادا ة الؤمنني ومبة الكافرين‪ ،‬وهذا الذ ي يقع ف قل ب الناظر سببه ما يراه من‬ ‫أفعمال وأقموال تشممي لمذا وتدل عليممه‪ ،‬وهي ممن لمن القمول‪ ،‬وهي مما يعتقممد بما البعمض أنما كافيمة‬ ‫عنده وهو للحكم بنفاق الر ء‪ ،‬ويالفه آخر‪ ،‬ولن القول يتدمل‪ ،‬وهذا يعامل معاملة السلدمني ف‬ ‫الحكا م‬ ‫بيث تؤكل ذبيحته ويرث ويورث… قممال ابممن تيدميمة‪ :‬وقد تنمازع الفقهمما ء فم النممافق الزنديق المذ ي‬ ‫يكتم زندقته هل يرث ويورث‪ ،‬وإ ن علم ف الباطن أنه منمافق كدمما كما ن الصمحابة علمى عهمد النمب‬ ‫صلى ال عليه وسلم )أ ي يعلدمو ن نفاقه( ل ن الياث مبناه على الموال ة الظماهر ة ل علمى ال‪23‬بمة المت‬ ‫ف القلموب‪ ،‬فمإنه لمو علمق بمذلك لم تكمن معرفتمه‪ ،‬والكدممة إذا كمانت خفيمة أو مسمتت ة ) ( علمق‬ ‫الكم بظنتها‪ ،‬وهو ما أظهره من موال ة السلدمني‪.‬‬ ‫وابن تيدميمة فم كلممه السمابق إنما يعنم همذا النموع ممن النفماق‪ ،‬وكلممه التمال إنما سماقه قبمل عبمارته‬ ‫تلك – فإ ن كثياً… ‪ -‬والنفاق شع ب كثي ة‪ ،‬فدل على أنا مراده‪.‬‬ ‫وما يمموج ب حلهمما علممى هممذا العن م أنممه قممال بعممدها‪ :‬ولذا لمما كشممفهم ال م ف م سممور ة ب مرا ء ة بق موله‪:‬‬ ‫)منهم( )ومنهم( صار يعر ف نفاق ناس منهم ل يكن يعمر ف نفماقهم قبمل ذلمك‪ ،‬فمإ ن الم وصفهم‬ ‫بصممفات علدمهمما النمماس منهممم‪ ،‬وما كمما ن النمماس يزمو ن بأنمما مسممتلزمة لنفمماقهم‪ ،‬وإ ن كمما ن بعضممهم‬ ‫يظن ذلك وبعضهم يعلدمه‪ ،‬فلمم يكممن نفماقهم معلمو م عنمد الدماعممة‪ ،‬بل ف حمالم لما نممزل القمرآ ن‪،‬‬ ‫ولذا لا نزلت سور ة برا ء ة كتدموا النفاق‪ ،‬وما بقي ميكنهم مممن إظهمماره أحيانماً ممما كما ن ميكنهممم‪24‬قبممل‬ ‫ذلك‪ ،‬وأنزل ال‪) :‬لئن ل ينته النافقو ن…( فلدما توعدهم بالقتل إذا أظهروا نفاقهم كتدموه ) (‪.‬‬ ‫وبذا يظهر لنا مراد الشيخ وأنه يقصد بالنفاق الذ ي بقي حكدمه هو ما ل يظهره الرجل‪ ،‬أو ظهممر‬ ‫منه با ل ميكن إقامة الةجة عليه ممن لمن القمول‪ ،‬أو عمن طريق واحممد ممن العمدول فيأطدمئممن النماس‬ ‫إلم قممول العممدل ولكممن ل تصممل إلم درجة إقامممة الممد عليممه‪ ،‬فهممذا هممو النفمماق الممذ ي يتعامممل النمماس‬ ‫معمه كدمما تعاممل رسول الم صملى الم عليمه وسلم ممع منمافقي زمانه‪ ،‬وأمما ممن أظهمر وملمك النماس‬ ‫الةجممة عليممه فحكدمممه القتممل كدممما قممال ال م تعممال‪) :‬لئممن ل م ينتممه النممافقو ن والممذين ف م قلمموبم مممرض‬ ‫والرجفو ن ف الدينة لنغرينك بم ث ل ياورونك فيها إل قليلً * ملعونني أيندما ثقفوا ُأخذوا وقتل موا‬ ‫ل( ]الحزاب ‪.[61– 60‬‬ ‫تقتي ً‬ ‫إذا فهدمن مما ه ممذا وتممبني لن مما م مراد ش مميخ السممل م جزمن مما بأط ممأ بتس ممدمية م ممن أت ممى بممالكفرات الظ مماهر ة‬ ‫وأقيدمت الةجة الشمرعية عليممه أنممه منمافق يعامممل بما عاممل رسول الم صمملى الم عليممه وسلم منممافقي‬ ‫زمانه‪ ،‬بل هو كافر مرتد‪ ،‬فإ ن كا ن يسرها ويفيها ث أظهرها الم تعمال منممه فممإنه زنديق وهو أشممد‬ ‫وأقبح‪.‬‬

‫مسألة ‪:‬‬ ‫وردت ألفمماظ عديممد ة عممن أئدمممة السمملف منهمما الممو ف مممن النفمماق وفيهمما الوصمف كممذلك لنتشممار‬ ‫النفاق ف زمانم‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫‪ 21‬مدموع الفتاوى ‪.7/212‬‬ ‫‪ 22‬الصممار م السمملول ‪ ،2/512‬وليممت الممذين ينتسممبو ن للسمملفية ويرح و ن النمماس ببعممض كلمهممم‬ ‫يراعو ن هذه القاعد ة فيضدموا الكل م بعضه إل بعض قبل الكم عليهم‪.‬‬ ‫‪ 23‬ف الأطبوع‪ :‬منتشر ة‪ ،‬وأظن أ ن الصواب هو ما ذكرته‪.‬‬ ‫‪ 24‬مدموع الفتاوى ‪.215– 7/214‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫‪7‬‬

‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫‪ -1‬قممال ابممن أب م مليكممة‪ :‬أدركت ثلثني م مممن أصممحاب النممب صمملى ال م عليممه وسلم كلهممم يمما ف‬ ‫النفمماق علممى نفسممه‪ ،‬ممما منهممم مممن أحممد يقممول‪ :‬إنممه علممى إميمما ن جبيمل وميكائيممل ]رواه الباخممار ي‬ ‫تعليقٌا[‪.‬‬ ‫وابن أب مليكة أدرك عائشة وعلي بن أب طال ب وسعد بمن أبم وقاص وأسما ء وأ م سملدمة والعبادلمة‬ ‫الربعة وأبا هرير ة وعقبة بن الارث والسور بن مرمة‪ ،‬رضي ال عنهم جيعًا‪.‬‬ ‫‪ -2‬عن العد أب عثدما ن قال‪ :‬قلت لب رجا ء العأطارد ي‪ :‬هل أدركت مممن أدركت مممن أصممحاب‬ ‫عدمر رضي ال عنه‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬إن‬ ‫رسول ال صلى ال عليه وسلم يشو ن النفاق؟ وكا ن قد أدرك‬ ‫أدركت بدمد ال منهم صدراً حسنًا‪ ،‬نعم شديدًا‪ ،‬نعم شديداً )‪.(25‬‬ ‫وأبممو رجا ء أدرك غي م عدمممر علي ماً وعدم مرا ن بممن الصممني وعبممد ال م بممن عبمماس وس ر ة بممن جنممدب وأبمما‬ ‫موسى الشعر ي رضي ال عنهم جيعًا‪.‬‬ ‫‪ -3‬قال السن البصر ي رحه ال‪ :‬لول النافقو ن لستوحشتم من الأطرقات )‪.(26‬‬ ‫‪ -274‬قال مالك بن دينار‪ :‬أقسمدمت لمو نبمت للدمنمافقني أذنماب مما وجد الؤمنمو ن أرضًاميشمو ن عليهما‬ ‫) (‪.‬‬ ‫‪ -5‬قال‪28‬عبد ال بن عدمرو بن العاص‪ :‬يأت زما ن علممى النمماس يتدمعممو ن فم مسمماجدهم ليممس فيهممم‬ ‫مؤمن ) (‪.‬‬ ‫‪ -6‬قال السن البصر ي‪ :‬ما خا ف)أ ي النفاق( إل بؤمن وما أمنه إل منافق )‪.(29‬‬ ‫فهذه ي ب حلهما علممى النفمماق الصممغر‪ ،‬والممذ ي همو يمان ب الميمما ن فم بعضمه ول يمالفه فم أصمله‪،‬‬ ‫فل يفرح با أولئك الذين يكفرو ن الناس بالعدمو م‪ ،‬أو يرو ن أ ن أهل القبلة قممد كفممروا فيتبموا السممألة‬ ‫على طريقة أهل البدع ويقول وا‪" :‬همذا الزما ن المذ ي قماله الئدممة‪ ،‬وهو زمن انتشمار النفماق والزندقمة‪،‬‬ ‫فأهل الساجد زنادقة"‪ ،‬وهذا القول ضملل وبدعي‪ ،‬ولذلك قمال ابمن‪30‬تيدميممة رحه الم تعممال‪ :‬وهذا‬ ‫النفاق الذ ي كا ن يافه السلف على نفوسهم)أ ي النفاق الصغر( ) (‪.‬‬ ‫ويشهد لذا ما رواه أبو بكر بن أب شميبة فم كتماب الميما ن )ح‪ (71/‬قمال حمدثنا حماد بمن معقمل‬ ‫عمن غمال ب عمن بكمر قمال‪ :‬لمو سمئلت عمن أفضمل أهمل السمةجد فقمالوا‪ :‬تشمهد أنمه ممؤمن مسمتكدمل‬ ‫الميمما ن بر ي ء مممن النفمماق؟ لم أشممهد‪ ،‬ولو شمهدت لشممهدت أنممه فم النممة‪ ،‬ولو سممئلت عمن شمر أو‬ ‫أخب ممث –الش ممك م ممن أب م العل ء– رج ل‪ ،‬فق ممالوا‪ :‬تش ممهد أن ممه من ممافق مس ممتكدمل النف مماق بر ي ء م ممن‬ ‫الميا ن؟ ل أشهد‪ ،‬ولو شهدت لشهدت أنه ف النار‪.‬‬ ‫فالدمد ل رب العالني‪.‬‬

‫ومعنا مسألة ‪:‬‬ ‫فقد روى الفرياب ف صفة النافق أ ن سفيا ن الثور ي قال‪ :‬خل ف ما بيننا وبني الرجئة ثلث‪:‬‬ ‫نقول‪ :‬الميا ن قول وعدمل‪ ،‬وهم يقولو ن‪ :‬الميا ن قولً بل عدمل‪.‬‬ ‫‪ 25‬رواه الفرياب ف م صممفة النممافق ح‪ ، 81/‬قممال مققممه السممتاذ بممدر البممدر‪ :‬اسممناده حسممن‪ ،‬وهو‬ ‫كذلك‪ ،‬وانظر فتح البار ي لبن رج ب النبلي ‪.1/194‬‬ ‫‪ 26‬البانة ح‪.933/‬‬ ‫‪ 27‬السابق ح‪.937/‬‬ ‫‪ 28‬صفة النافق للفارياب ح‪.108/‬‬ ‫‪ 29‬الباخار ي تعليقاً‪ 1/109‬مع الفتح ‪.‬‬ ‫‪ 30‬مدموع الفتاوى ‪.7/428‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫‪8‬‬

‫نقول‪ :‬الميا ن يزيد وينقص‪ ،‬وهم يقولو ن‪ :‬ل يزيد ول ينقص‪.‬‬ ‫نقول‪ :‬النفاق‪ ،‬وهم يقولو ن‪ :‬ل نفاق )‪.(31‬‬ ‫فهممذا القمول منمه ليمس رداً علمى قمول حذيفمة رضي الم عنمه –وليممس لممه ذلممك– ولكمن قممول سممفيا ن‬ ‫الثممور ي رح ه ال م هممو رد علممى الرجئممة الممذين ل يممرو ن اختل ط الميمما ن والنفمماق ف م قلمم ب رج ل )أ ي‬ ‫النفاق الصغر(‪ ،‬فإنم لقممولم الميما ن همو القممول فقممط أدى بمم إلم القممول بمأ ن الميما ن ل يزيد ول‬ ‫ينقص ولز م قولم هذا )وقد التزموه( أنه ل يتدمع إميا ن ومعصية ف قل ب العبمد‪ ،‬وكذلك ل يتدممع‬ ‫إميا ن ونفاق‪ ،‬فهذا هو قول سفيا ن رحه ال تعال ف الرد عليهم‪.‬‬ ‫ويشهد لذا العن الذ ي قاله سفيا ن رحه ال قول حذيفة رضي ال عنممه فم إثبممات إجتدممماع النفمماق‬ ‫ف‪32‬قل ب الرجل مع وجود الميا ن‪ -:‬القلوب أربعة‪ ،‬قل ب مصفح فذلك قل ب النممافق‪ ،‬وقلمم ب أغلممف‬ ‫) ( فذالك قل ب الكافر‪ ،‬وقل ب أجرد كأنا فيمه سمراج يزهر فمذلك قلم ب المؤمن‪ ،‬وقلم ب فيمه نفماق‬ ‫وإميا ن‪ ،‬فدمثله كدمثل قرحة ميدها قيح ود م ومثله كدمثل شممةجر ة يسممقيها ممما ء خممبيث وطيمم ب‪ ،‬فأيهدممما‬ ‫غل ب عليها غل ب‪.‬‬ ‫وهو مممأخوذ مممن قموله صمملى ال م عليممه وسلم‪ :‬مممن كممانت فيممه خصمملة منهممم كممانت فيممه شممعبة مممن‬ ‫النفاق حت يدعها‪] .‬متفق عليه[‪ .‬وبذا يتبني أ ن حذيفة رضي ال عنه ل ينف الوقوع وهو الممذ ي‬ ‫نفاه الرجئة‪.‬‬

‫أنواع النفاق ‪:‬‬ ‫النفاق كحقيقة ف القل ب يقسم إل قسدمني كدما ذكر الم تعمال فم كتممابه‪ ،‬ففممي سممور ة البقمر ة وف‬ ‫ذكرها للةجدمل البية ضرب ال للدمنافقني مثلني ها‪-:‬‬ ‫المثل الول‪-:‬‬ ‫)مثلهم كدمثل الذ ي اسمتوقد نماراً فلدمما أضما ءت مما حموله ذهم ب الم بنمورهم وتركهمم فم ظلدممات ل‬ ‫يبصرو ن‪ ،‬صم بكم عدمي فهم ل يرجعو ن( ]البقر ة ‪.[18–17‬‬ ‫همذا النموع الول ممن النفماق همو ممن اسمتقر قلبمه علمى الكفمر‪ ،‬وثبمت عليمه‪ ،‬لقموله سمبحانه وتعمال‪:‬‬ ‫)ذه ب ال بنورهم وتركهم ف ظلدمات ل يبصرو ن(‪ ،‬ولقوله سبحانه‪) :‬فهمم ل يرجعمو ن( أ ي إلم مما‬ ‫حصل معهم من إميا ن ونور أول المر‪.‬‬ ‫قممال ابممن كممثي –رحه الم– )‪ : (33‬وتقرير هممذا الثممل أ ن الم سممبحانه وتعممال شممبههم فم اشمتائهم‬ ‫الضممللة بالممدى‪ ،‬وصميورتم بعممد التبص مر ة إل م العدمممى‪ ،‬بممن اسممتوقد نممارًا‪ ،‬فلدممما أضمما ءت ممما ح موله‬ ‫وانتفممع بمما وأبصممر بمما عممن ميينممه وشاله‪ ،‬وتمأنس بمما فبيندممما هممو كممذلك إذ طفئممت نمموره‪ ،‬وصمار ف م‬ ‫ظل م شديد ل يبصر ول يهتد ي‪ ،‬وهو ممع ذلمك أصمم ل يس‪34‬مدمع‪ ،‬أبكمم ل ينأطمق‪ ،‬أعدممى لمو كما ن‬ ‫ضيا ء لا أبصر‪ ،‬فلهذا ل يرجع إل ما كا ن عليه قبل ذلك ) (‪.‬‬ ‫‪ 31‬صفة النافق ح‪.93/‬‬ ‫‪ 32‬ضبأطه اللبان ف الميا ن لبن أب شميبة ح‪ ،45/‬ومقمق البانمة ح‪ ،929/‬بالقما ف أ ي أغلمق‪،‬‬ ‫ومعنمماه أ ي عليممه غشمما ء عممن قبممول الممق وساعه‪ ،‬وهو عنممد عبممد الم بممن أحممد فم السممنة)ح ‪(820‬‬ ‫أغلف وهو نفس العن‪ ،‬وف السند)‪ (17 /3‬أغلف مربو ط على غلفه‪ ،‬ولكنه فم السمند مرفوع‪،‬‬ ‫وسنده ضعيف فيه الليث بن أب سليم وهو مضعف‪ ،‬والصحيح وقفه‪.‬‬ ‫‪ 33‬ابن كثي ‪.6/483‬‬ ‫‪ 34‬لهل التفسي أقوال أخرى غي همذا المذ ي نقلنماه‪ ،‬بعضمها ضمعيف كدممن حمل النمور علمى معنم‬ ‫منفعتممه الاصمملة ف م الممدنيا‪ ،‬والظلدمممة علممى جزائممه ف م الخ مر ة‪ ،‬وبعضممها مممن مقتضمميات هممذا الممذ ي‬ ‫قدمناه‪ ،‬ث اختار ابن جرير أ ن هذا النوع ف الثل القرآن ل يؤمن ف وقت من الوقات وهو خأطمأ‬ ‫منمه رحه الم تعمال ممع جللتمه‪ ،‬وفسمر ابمن جرير الثمل بمالعن الضمعيف المذ ي ذكرناه فم المامش‪،‬‬ ‫وهو كممذلك جعممل الثلني م لصممنف واحممد مممن النممافقني وهو غلممط كممذلك‪) .‬انظممر مدممموع الفتمماوى‬ ‫‪ 7/272‬وابن كثي ‪.(18 – 1/17‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫‪9‬‬

‫وهذا النوع آمن وعر ف الق ث كفمر‪ ،‬وهنماك نموع يمدخل فم همذا النموع ممن جهمة اسمتقرار صماحبه‬ ‫علممى الكفممر وه و داخممل ف م ق موله تعممال‪) :‬وممن النمماس مممن يقممول آمنمما بممال والي مو م الخممر ومما هممم‬ ‫بممؤمنني( ]البق مر ة ‪ [8‬ولكنممه نمموع يممدخل فيممه مممن ل م يممؤمن قممط ول يهتممد قلبممه بنممور المموحي‪ ،‬بل ف‬ ‫الول فإنه مثل ف من عر ف الق ث كفر‪.‬‬ ‫وهذا الصنف فيه آيات منها‪-:‬‬ ‫قممال تعممال‪) :‬كيممف يهممد ي الم قوم اً كفممروا بعممد إميمانم وشهدوا أ ن الرسول حممق وجا ءهم البينممات‬ ‫وال ل يهد ي القو م الظالني( ]آل عدمرا ن ‪.[86‬‬ ‫قممال ابممن كممثي رح ه ال م تعممال‪ :‬أ ي قممامت عليهممم الةجممج وال مباهني علممى صممدق ممما جمما ءهم بممه‬ ‫الرسول ووضح‪ 35‬لم المر ث ارتدوا إل ظلدمة الشرك‪ ،‬فكيف يستحق هؤل ء الداية بعدما تلبسوا بمه‬ ‫من العدماية ) (‪.‬‬ ‫وهذا الصنف يتنزل فيه كذلك قوله تعال‪) :‬إذا جما ءك النمافقو ن قمالوا نشمهد إنمك لرسول الم والم‬ ‫يعلم إنك لرسوله وال يشهد إ ن النافقني لكاذبو ن * اتذوا أميانم جنة فصدوا عن سمبيل الم إنمم‬ ‫سا ء ما كانوا يعدملو ن * ذلمك بمأنم أمنموا ثم كفمروا فأطبمع علمى قلموبم فهمم ل يفقهمو ن( ]النمافقو ن‬ ‫‪.[3 –1‬‬ ‫فهؤل ء آمنوا ث كفروا واستقر الكفر ف قلوبم‪.‬‬ ‫المثل الثاني‪-:‬‬ ‫)أو كصي ب من السدما ء فيمه ظلدممات ورعد وبرق يعلمو ن أصمابعهم فم آذانمم ممن الصمواعق حمذر‬ ‫المموت والم ميممط بالكممافرين * يكمماد الممبق يأطممف أبصممارهم كلدممما أضمما ء لممم مشموا فيممه وإذا أظلممم‬ ‫عليهم قاموا ولو شا ء ال لذه ب بسممدمعهم وأبصممارهم إ ن الم علمى كمل شمي ء قممدير( ]البقمر ة ‪–19‬‬ ‫‪.[20‬‬ ‫وهذا الثل يدل على وجود نوع ممن أنمواع النفماق القلمب‪ ،‬وهو النمموع الممذ ي ل يسمتقر علمى الدايممة‪،‬‬ ‫بل هو حال النافق الضأطرب التغي‪ ،‬تتبدل حاله على وفق حصول الشهو ة أو وفق غلبمة الشمبهة‪،‬‬ ‫وهذا النوع يغل ب على‪-:‬‬ ‫‪ -1‬أهل الهوا ء ممن أهمل البممدع والضمللت وعلممى الصمموص أفمراخ الفلسمفة والتكلدمنيم والنظممار‬ ‫وأغل ب مناهج الغي من البتدعة من قمدما ء ومدثني‪ ،‬ومثلهممم أصمحاب العاصممي الممذين يسمتكثرو ن‬ ‫منها‪.‬‬ ‫‪ -2‬القلد ة والعوا م من بائم البشر الذين يقلدو ن ف إميانم الرجال‪.‬‬ ‫فالصممنف الول‪ :‬لكممثر ة تعمماطيهم الكل م الفاسممد‪ ،‬وقيمما م نظره م علممى الشممك‪ ،‬واعتدمممادهم قواعممد‬ ‫العقل اليونان أو الفلسفي أو الشراقي‪ ،‬ث بعدهم عن طريقة القرآ ن وهداية السنة فم الوصول إلم‬ ‫القممائق والعلمو م‪ ،‬فيكممثر فيهممم الشممك والضممأطراب‪ ،‬وتعمتيهم العموارض الوهومة القادحممة فم صممحة‬ ‫التوحيممد والميمما ن‪ ،‬فتهممتز ثقتهممم ف م العل مو م النبويمة‪ ،‬وتمزداد حيتم حممت يصممل المممر بممم ف م بعممض‬ ‫الحيمما ن إل م اتمما م الش مريعة والكممم عليهمما بممالغلط والفسمماد… وأمثلممة هممؤل ء مممن الشممكاك كممثي ة‬ ‫جدًا‪ ،‬وإليك بعضها‪-:‬‬ ‫صارس الكل م سصيف الصدين علصي بصن أبصي علصي بصن محمصد التغلصبي المصدي‬ ‫العلمة المصصنف ف‬ ‫الحنبلي ثم الشافعي )‪: (36‬‬ ‫فهممذا رجل مممن كبممار النظممار‪ ،‬ق مرأ الفلسممفة والنأطممق‪ ،‬قممال سممبط ابممن المموز ي ف م "مممرآ ة الزما ن"‪ :‬ل م‬ ‫يكن ف زمانه مممن يماريه فم الصمملني )أصممول المدين وأصممول الفقمه( وعلممم الكل م!!!‪ ،‬وكا ن يظهمر‬ ‫‪ 35‬تفسي القرآ ن العظيم ‪.2/71‬‬ ‫‪ 36‬هكذا ورد اسه ولقبه ف السي ‪.22/364‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫‪10‬‬

‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫منه رقة قل ب وسرعة دمعة‪ ،‬أقا م بدما ة‪ ،‬ث بدمشق‪ ،‬ومن عةجي ب ما يكممى عنممه أنممه مم‪37‬ماتت لممه قأطممة‬ ‫بدما ة‪ ،‬فدفنها فلدما سكن دمشق بعث من نقل عظامها ف كيس ودفنها بقاسيو ن ) (‪.‬‬ ‫قال الذهب‪ :‬وكا ن القاضي تقي الدين سليدما ن بن حز ة يكي عن شياخه ابن أب عدمر‪ ،‬قممال‪ :‬كنمما‬ ‫نممتدد إل م السمميف )المممد ي( فشممككنا هممل يصمملي أ م ل؟ فنمما م فعلدمنمما علم‪38‬مى رجلممه بممالب فبقيممت‬ ‫العلمة يومني مكانا‪ ،‬فعلدمنا أنه ما تؤضأ‪ ،‬نسأل ال السلمة ف الدين ) (‪.‬‬ ‫ث قال الذهب‪ :‬قال ل شياخنا ابن تيدمية‪ :‬يغل ب على المد ي الي ة والوقف )‪.(39‬‬ ‫ولذلك قال عنه قبل‪ :‬وتفنن ف حكدمة الوائل فرق دينه وأظلم‪ ،‬وكا ن يتوقد ذكا ء‪.‬‬ ‫فهذا رجل أصمول بمر‪ ،‬لمه مؤلف فيمه‪ ،‬وفقيمه )واسمع( لمه فم بمابه مشماركات‪ ،‬ولكمن كما ن لمه قلم ب‬ ‫يظلم مر ة بالشبهة فيتحي‪ ،‬ويقف به حاله فيتعثر‪ ،‬فيؤد ي به أمره إلم تمرك الصملوات‪) ،‬كلدمما أضما ء‬ ‫لم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا(‪ ،‬نعوذ بال من الضللة بعد الدى‪.‬‬ ‫أبصصو عبصصد ال ص محمصصد بصصن عمصصر بصصن الحسصصين الصصتيمي البكصصري ال صرازي الملقصصب فخصصر الصصدين‪،‬‬ ‫المعروف بابن الخطيب ‪:‬‬ ‫قالوا ف علومه‪ :‬فاق أهل زمانه ف علو م الكل م والعقولت وعلم الوائل‪ ،‬له التصممانيف الفيممد ة فم‬ ‫الفنممو ن العديممد ة منهمما تفسممي القممرآ ن الكري … وف الصممول‪ :‬الصممول‪ ،‬وله شممرح الشممارات لبممن‬ ‫سممينا‪ ،‬وشرح عيممو ن الكدمممة‪ ،‬وف الأطلدمسممات‪ :‬السممر الكتمو م‪ ،‬وف الفقممه‪ :‬شممرح المموجيز للغزالم…‬ ‫ضمما ء‪ ،‬وكا ن يعممظ باللسمانني العرب والفارسي‪ ،‬وكا ن يلحقممه الوجد فم حمال‬ ‫وله فم المموعظ اليمد البي‬ ‫الوعظ ويكثر البكا ء )‪.(40‬‬ ‫قال ف كتابه "أقسا م اللذات")‪: (41‬‬ ‫ناية إقدا م العقول ِعقاُل‬ ‫وأرواحنا ف وحشة من جسومنا‬ ‫ل نستفد من بثنا طول عدمرنا‬

‫وأكثر سعي العالني ضلُل‬ ‫وغاية دنيانا أذى ووباُل‬ ‫سوى أ ن جعنا فيه قيل وقالوا‬

‫وق وله شمك وحيم ة أوصلته إلم بعمض الحموال الباطلمة‪ ،‬فمألف فم مما يقمدح بمدينه وعقيمدته مثمل مما‬ ‫تقد م من كت ب الأطلدمسات والسحر‪.‬‬ ‫وعظائم وسحر واحنرافمات عمن السمنة‪ ،‬والم يعفمو عنمه‪،‬‬ ‫قال الذهب‪ :‬وقد بدت منه ف تواليفه بليا‬ ‫فإنه توف على طريقة حيد ة‪ ،‬وال يتول السرائر )‪.(42‬‬ ‫وقال ف اليزا ن‪ :‬له تشكيكات على مسائل من دعائم الدين تورث الي ة )‪.(43‬‬ ‫أما قول الذهب "فإنه توف على طريقة حيد ة" فإنه ظاهر ف وصيته ا‪44‬لمت أوصى بما تلدميمذه إبراهيمم‬ ‫بن أب بكر الصبهان لا حضرته الوفا ة وهي عند التاج السبكي ) (‪.‬‬ ‫‪ 37‬مرآ ة الزما ن لسبط ابن الوز ي ‪.8/691‬‬ ‫‪ 38‬السي ‪.22/366‬‬ ‫‪ 39‬السابق‪.‬‬ ‫‪ 40‬وفيات العيا ن لبن خلكا ن ‪ 4/250‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ 41‬قال الدكتور مدمد رشاد سال رحه ال نعال ف هامش "در ء تعارض العقل والنقل" ‪1/160‬؛‬ ‫وهذا الكتاب مأطو ط ف الند ول يذكره بروكلدما ن ضدمن مؤلفات الراز ي‪.‬‬ ‫‪ 42‬السي ‪.21/550‬‬ ‫‪ 43‬لسا ن اليزا ن ‪.4/426‬‬ ‫‪ 44‬لسا ن اليزا ن ‪.4/426‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫‪11‬‬

‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫وهذا النوع من النفاق ل يستقر على حال‪ ،‬تأتيه أنوار الميا ن فيتقممي بما‪ ،‬ويرج مممن شممبهته‪ ،‬فممإذا‬ ‫حصلت له الظلدمة وانأطفأت عنه معال الدى وأنوار الميا ن انتكس ووقف‪ ،‬فحيناً تمرج منمه علمو م‬ ‫الشريعة وأنوار الدى‪ ،‬فيكت ب ويصنف فم المدين وعلمومه‪ ،‬ويتكلمم عمن الميما ن وحقمائقه وواجبماته‪،‬‬ ‫وبيندما هو كذلك إذ تراه بعد مد ة يكت ب ف الظلدمات‪ :‬السحر والأطلسم ونفي القائق‪ ،‬ويعممرض‬ ‫عن الأطاعات‪ ،‬فهو حائر متدد‪ ،‬وال أعلم على أ ي حال يأتيه الوت‪ ،‬وقد تقد م لك حال الفاخممر‬ ‫الراز ي عند موته‪.‬‬ ‫فإ ن سألت عن حكم هذا الصنف فكل أمرهم إلم الم إلم أ ن تقمو م قرينمة قوية تغلم ب لمديك أحمد‬ ‫المرين‪ ،‬ولكممن الكممم علممى الكتمم ب ظمماهر بّني م فدمنهمما كتمم ب إميانيممة تق مرأ ويسممتفاد منهمما‪ ،‬وأخممرى‬ ‫شيأطانية ترد ويذر منها‪.‬‬ ‫وهؤل ء وجودهم ف كل زما ن‪ ،‬إذ أ ن هذا النفاق )الشك والي ة( قد يعت ي قضايا العقائد والممور‬ ‫البية‪ ،‬مثمل الميما ن بمالن أو اليمو م الخمر المامع للنماس‪ ،‬أو أ ي خمب ممن أخبمار الكتماب والسمنة‪،‬‬ ‫أو يصي ب السمائل الأطلبيمة والمت لما تعلمق بمالمر والنهمي‪ ،‬ومثلمه مما ذكره عمن العمر ي فم تري ذبمح‬ ‫اليوا ن‪ ،‬أو مثل مدمد بن هارو ن الوراق أبم عيسمى‪ ،‬قمال ابمن القيمم فم طريق الةجرتنيم‪ :‬ولا انتهمى‬ ‫أبممو عيسممى المموراق إل م حيممث انتهممت إليممه أرب اب القممالت فأطمماش عقلممه ول يتسممع لكدمممة إيل م‬ ‫الي موا ن وذبممه صممنف كتاب ماً سمماه "النمموح علممى البهممائم" فأقمما م عليهمما الممتآت ونمماح‪ ،‬وبمماح بالزندقممة‬ ‫‪ 45‬ة النعدمما ن الكنم بمأب‬ ‫الصراح‪ ،‬ومن كا ن على هذا الذه ب كا ن أعدمى البصر والبصمي ة كلم ب معمر‬ ‫العل ء العر ي‪ ،‬فإنه امتنع من أكل اليوا ن‪) ،‬زعم( لظلدمه باليل م والذبح ) (‪.‬‬ ‫ومثلها العتاض على حكدمة ال ف قدره وخلقه وما يعت ي النفوس عند نزول الصيبة‪.‬‬ ‫واما أمثلة السائل البية فأكثر من أ ن تصى وتعد‪ ،‬وفيه اصأطرعت الفممرق والنحممل فم تاريخ أهمل‬ ‫السل م‪ ،‬وال الاد ي لدينه وشريعته‪.‬‬ ‫ويمدخل ف م هممذا النمموع ومثلممه أصممحاب العاصممي‪ :‬قممال ابممن رج ب ف م فتممح البممار ي‪ :‬الص مرار علممى‬ ‫العاصي وشع ب النفاق ممن غيم توبة يشمى منهما أ ن يعماق ب صماحبها مممن سممل ب الميما ن بالكليممة‪،‬‬ ‫وبالوصول‪ 46‬إل النفاق الالص وإل سو ء الاتة‪ ،‬نعوذ بال من ذلك‪ ،‬كدما يقال‪ :‬إ ن العاصي بريد‬ ‫الكفر ) (‪.‬‬ ‫ويدخل فم همذا النموع أيضماً القلمد ة والهمال )‪ ،(47‬وهؤل ء تعمتيهم الشمهوات فتأخمذهم إلم أقموال‬ ‫ضممالة كممافر ة‪ ،‬وكذلك تشممغلهم عممن الممذكر والأطاعممات فتقسممو قلمموبم وتصممل بمم إلم العمراض عمن‬ ‫ديممن ال م تعممال‪ ،‬أو ميتحن موا بتعظيممم متبمموع فيضمملهم إل م العتقممادات الكفري ة الباطلممة‪ ،‬أو يفتنهممم‬ ‫بأعدمال هي الكفر بعينه‪.‬‬ ‫فعن ابن عدمر رضي ال تعال عنهدما عن النب صلى الم عليمه وسلم أنمه قمال‪" :‬مثمل النمافق كدمثمل‬ ‫الشا ة العائر ة بني الغندمني تعي إل هذه مر ة وإلم هممذه ممر ة‪ ،‬ل تمدر ي أيهدممما تتبمع" وف روايمة‪" :‬تكمر‬ ‫ف هذه مر ة وف هذه مر ة" ]تفرد به مسلم ‪ 17/128‬بشرح النوو ي[‪.‬‬ ‫وروى ابممن أبم حممات فم تفسمميه أثمرا مممن قممول ابممن مسممعود رضي الم عنممه سممنده علممى شممر ط مسمملم‬ ‫قال‪ :‬مثل الؤمن والنافق والكافر مثل ثلثة نفمر انتهموا إلم واد فمدفع أحممدهم فعمبه‪ ،‬ثم وقع الخممر‬ ‫حت إذا أتى علمى نصمف المواد ي نماداه المذ ي علمى شمفي المواد ي‪ :‬ويلمك أيمن تمذه ب؟ إلم اللكمة؟‬ ‫ارجع عممودك علمى بمدئك‪ ،‬وناداه المذ ي عمب هلمم إلم النةجما ة‪ ،‬فةجعممل ينظممر إلم همذا ممر ة وإلم هممذا‬ ‫ممر ة‪ ،‬قممال‪ :‬فةجمما ء سمميل فممأغرقه‪ ،‬فالممذ ي عممب مم‪48‬مؤمن والممذ ي غممرق منممافق) مذبممذبني بنيم ذلممك ل إلم‬ ‫هؤل ء ول إل هؤل ء(‪ ،‬والذ ي مكث كافر ) (‪.‬‬ ‫‪ 45‬طريق الةجرتني لبن القيم بتحقيقي ص ‪.251‬‬ ‫‪ 46‬فتح البار ي لبن رج ب ‪.1/197‬‬ ‫‪ 47‬انظر مدارج السالكني لبن القيم ‪.1/351‬‬ ‫‪ 48‬تفسي ابن كثي ‪.2/440‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫‪12‬‬

‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫وفيهم تتنزل هذه الية‪) :‬مذبذبني ل إل هؤل ء ول إلم همؤل ء ومن يضملل الم فلمن تمد لمه سمبيل(‬ ‫]النسا ء ‪ ،[143‬قال ابن كثي رحه الم تعمال‪ :‬يعنم النمافقني ميين بنيم الميما ن والكفمر‪ ،‬فل همم‬ ‫مممع الممؤمنني ظمماهراً وباطنماً ول مممع الكممافرين ظمماهراً وباطنماً بممل ظمواهرهم مممع الممؤمنني وب واطنهم مممع‬ ‫الكممافرين‪ ،‬ومنهممم مممن يعمتيه الشممك‪49‬فتممار ة مييممل إلم هممؤل ء وتار ة مييممل إلم أولئممك )كلدممما أضمما ء لممم‬ ‫مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا( ) (‪.‬‬ ‫وفيهم كذلك يتنزل قوله سبحانه وتعال‪) :‬وليعلم الذين نافقوا وقيل لمم تعمالوا قماتلوا فم سمبيل الم‬ ‫أو ادفعوا قالوا لمو نعلمم قتمال لتبعنماكم همم للكفمر يومئمذ أقمرب منهمم للميما ن يقولو ن بمأفواههم مما‬ ‫ليممس ف م قلمموبم وال م أعلممم بمما يكتدمممو ن( ]آل عدم مرا ن ‪ …[167‬قممال ابممن كممثي رح ه ال م تعممال‪:‬‬ ‫استدلوا به على أ ن‪50‬الشماخص قمد تتقلم ب بمه الحموال فيكمو ن فم حمال أقمرب إلم الكفمر‪ ،‬وف حمال‬ ‫أقرب إل الميا ن ) (‪.‬‬ ‫وقال شيخ السل م ابمن تيدميمة رحه الم‪ :‬فقمد‪51‬كما ن قبمل ذلمك فيهمم نفماق مغلموب‪ ،‬فلدمما كما ن يمو م‬ ‫أحد غل ب نفاقهم فصاروا إل الكفر أقرب ) (‪.‬‬ ‫ومما ينبغممي التنممبيه عليممه أ ن هممؤل ء بنممص اليممة ل م يكفممروا لكنهممم ل م يبعممدوا عممن الكفممر‪ ،‬فممإذا فتن موا‬ ‫بالشممهوات أو الشممبهات فسممقأطوا‪ ،‬كفممروا‪ ،‬وإل نموا وابتعممدوا مممن قربم مممن الكفممر… قممال تعممال‪:‬‬ ‫)ومن الناس من يقولوا آمنا بال‪ ،‬فإذا أوذ ي ف ال جعل فتنة الناس كعذاب ال‪ ،‬ولئممن جمما ء نصممر‬ ‫ممن ربك ليقولو ن إنما كنما معكمم‪ ،‬أوليمس بمأعلم بما فم صمدور العمالني * وليعلدممن الم المذين آمنموا‬ ‫وليعلدمن النافقني(]العنكبوت ‪.[11 –10‬‬ ‫إذا فهدمت هذا تما م الفهمم وعلدممت همذا النموع ممن النفماق فمإنه يكشمف لمك خأطمأ السمتقرار علمى‬ ‫حكمم لمؤل ء النمافقني المداخلني فم همذا النموع لنمم "كشما ة بنيم الغندمني‪52‬م‪ ،‬تعيم إلم همذه ممر ة وإلم‬ ‫هذه مر ة‪ ،‬ول تستقر مع إحدى الأطائفتني‪ ،‬فهم واقفو ن بني الدمعني" ) (‪.‬‬ ‫وتذكر جيداً أننا نتحدث هنا عن حقيقممة النفمماق‪53،‬ومعنمماه أ ن تقلم ب هممؤل ء القمو م تقلم ب حقيقممي ل‬ ‫مصأطنع‪ ،‬وأ ن اضأطرابم وحيتم حقيقة ل تقية ) (‪.‬‬ ‫وناية المر كدما قاله الما م ابن كثي رحه ال تعال‪ :‬النافقو ن هم قسدما ن‪ :‬خّلص وهم الضروب‬ ‫لممم الثممل النممار ي‪ ،‬ومنممافقو ن يممتددو ن‪ ،‬تممار ة يظهممر‪54‬لممم لَدممع مممن الميمما ن وتار ة يبممو‪ ،‬وهم أصممحاب‬ ‫الثل الائي‪ ،‬وهم أخف حالً من الذين قبلهم ) (‪.‬‬ ‫وقول المما م‪ :‬وهم أخمف حمالً ممن المذين قبلهممم‪ ،‬همذا ممن جهمة النفمماق وحقيقتممه‪ ،‬وأممما ممن جهمة‬ ‫ثمماره علممى التدمممع السمملم والدماعممة السمملدمة فقممد يكممو ن حممالم أشممد وأكممثر إيممذا ء لممتددهم‪ ،‬وال م‬ ‫أعلم‪.‬‬ ‫تنبيه ‪:‬‬ ‫قال ابن تيدمية رحه ال تعال‪ :‬قد يكو ن النافق )…( تار ة متصفا ًبذا‪ 55‬الوصف وتار ة متصممفاً بمذا‬ ‫الوصف فيكو ن التقسيم ف الثلني لتنوع الشاخاص ولتنوع أحوالم ) (‪.‬‬

‫هل أظهر المنافقون نفاقهم ؟‬ ‫‪ 49‬السابق ‪.2/439‬‬ ‫‪ 50‬السابق ‪.2/160‬‬ ‫‪ 51‬مدموع الفتاوى ‪.7/304‬‬ ‫‪ 52‬مدارج السالكني ‪.1/351‬‬ ‫‪ 53‬انظر مدموع الفتاوى ‪ . 7/272‬وفيه الرد على من قال إ ن إميا ن هؤل ء ليس حقيقيًا‪.‬‬ ‫‪ 54‬التفسي ‪ ،1/192‬وانظر بتفصيل رائع مدموع الفتاوى ‪ 7/274‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ 55‬مدموع الفتاوى ‪.7/278‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫‪13‬‬

‫قال ال تعال‪) :‬لئن ل ينته النافقو ن والذين فم قلموبم ممرض والرجفمو ن فم الدينمة لنغرينمك بمم ثم‬ ‫ل ياورونك فيها إل قليل * ملعونني أيندما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيل * سنة ال ف الذين خلوا من‬ ‫قبل ولن تد لسنة ال تبديل( ]الحزاب ‪.[62 -60‬‬ ‫ف م هممذه اليممات تممذير مممن ال م تعممال للدمنممافقني بممالكف عممن إظهممار نفمماقهم‪ ،‬وهو دليممل علممى أ ن‬ ‫النممافقني قبممل كممانوا يظهممرو ن نفمماقهم‪ ،‬ث م بعممد هممذا التحممذير كفموا عممن الظهممار خوف اً مممن السمميف‬ ‫تقتيل( وهذا هو الغمرا ء المذ ي قماله الم تعمال فم اليمة الول‪ ،‬وهو قمول ابمن عبماس‬ ‫)أخذوا وقتلوا‬ ‫رضي ال عنهدما )‪.(56‬‬ ‫وقد كان المنافقون يظهرون نفاقهم قبل لمرين‪:‬‬ ‫الول‪ :‬لعفممو السمملدمني عنهممم‪ ،‬فممإ ن السمملدمني قبممل فتممح مكممة كممانوا يتممألفو ن النمماس ويعفممو ن عنهممم‬ ‫طدمعاً ف إسلمهم‪.‬‬ ‫الثان‪ :‬هو أمر ال تعال لنبيه صلى ال عليه وسلم بالعراض عمن الشمركني والنمافقني‪ ،‬قمال تعممال‪:‬‬ ‫)ول تأطع الكافرين والنافقني ودع أذاهم وتوكل على ال وكفى بال وكيل( ]الحزاب ‪.[49‬‬ ‫فهممذا هممو المممر الول الممذ ي كمما ن الرسول صمملى الم عليممه وسلم وأصممحابه مممع النممافقني‪ ،‬ث م جمما ء‬ ‫التحذير التقد م وقوله تعمال‪) :‬يمما أيهمما النمب جاهممد الكفممار والنمافقني( )‪ ،(57‬فدمممن أظهممر نفماقه بعممد‬ ‫هذه اليات فإنه يؤخذ بمه‪ ،‬ول يصمح –بمل همو ممن الضملل– القمول‪ :‬إ ن السملدمني كمانوا يعلدممو ن‬ ‫أعيا ن النافقني بالةجمج المت تثبمت بما البينمة علمى أمثمالم ثم ل يعماقبونم‪ ،‬بمل قمولم همذا طعمن فم‬ ‫الصحابة رضي ال عنهم وهو قبل ذلك طعن ف رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬ ‫ق ممال القراف مم‪ :‬إنعق مماد الجتدم مماع اليم مو م عل ممى أ ن م ممن عل ممم نف مماقه ل يق ممر‪ ،‬فنق ممول‪ :‬عن ممدنا وعن ممدهم‬ ‫يس ممتتاب‪ ،‬وإن مما فعل ممه علي ممه الس ممل م لئل يتح ممدث الن مماس أ ن مدم ممداً ص مملى الم م علي ممه وسمملم يقت ممل‬ ‫أصحابه‪ ،‬ولو ثبت ذلك قتلهم لقيا م الةجة له عليه السل م‪ ،‬كدما‪58‬كا ن يقتلهم ف الزنا وغيه لقيمما م‬ ‫البينة‪ ،‬وعلدمه هو وحده ويقر مع علدمه‪ ،‬فاخاص عندنا وعندكم ) (‪.‬‬ ‫فتأمل بارك ال فيك قوله‪" :‬ولو ثبت ذلك قتلهم لقيا م الةجممة لمه عليمه السممل م‪ ،‬كدمما كما ن يقتلهممم‬ ‫فم الزنا وغيمه لقيمما م البينمة" فمإنه يممدل علمى أنمم لم يكون وا يظهممرو ن نفماقهم إظهماراً تقمو م بمه الةجممة‬ ‫للنب صلى ال عليه وسلم وللصحابة رضي ال عنهم وللناس أنم منافقو ن يستحقو ن القتل‪.‬د‬ ‫وقد سأل ابن تيدمية هذا السؤال‪ ،‬وهو‪ :‬كيف ميكن ماهد ة النافق مع إجرا ء أحكا م السل م عليممه‬ ‫ف الظماهر؟‪ ،‬فأجماب رحه الم‪ :‬فمإذا أظهمر النمافق ممن تمرك الواجبمات‪ ،‬وفعمل الرمات مما يسمتحق‬ ‫عليه العقوبة عوق ب على الظاهر‪ ،‬ول يعاق ب على ما يعلم من باطنه بل حةجة ظاهر ة‪ ،‬ولذا كما ن‬ ‫من عرفه ال بم وكانوا يلفو ن له وهم كماذبو ن وكا ن‬ ‫النب صلى ال عليه وسلم يعلم من النافقني‬ ‫يقبل منهم علنيتهم ويكل سرائرهم إل ال )‪.(59‬‬ ‫فق موله‪" :‬بل حةجممة ظمماهر ة" دليممل علممى إنممه ممما مممن منممافق أظهممر نفمماقه ظهمموراً بين ماً بعممد أ ن أمممر ال م‬ ‫بقتلهم وجهادهم‪ ،‬وقد فصل ابن حز م رحه ال ف اللى هذه السألة تفصمميلً جيلً جليلً فممارجع‬ ‫إليه‪.‬‬ ‫‪ 56‬التفسي ‪.6/483‬‬ ‫‪ 57‬لبعض أهل العلم رحهم ال قول ف التفريق بني جهاد الكفار الاربني وبني جهاد النافقني‪ ،‬إذ‬ ‫ي ممرو ن أ ن جه مماد الكف ممار بالس مميف والس ممنا ن‪ ،‬وجه مماد الن ممافقني بالةج ممة والبي مما ن‪ ،‬هك ممذا ب ممإطلق‪،‬‬ ‫وهواطلق للتفريق ل يصح فكلها ياهد بالةجة والبيا ن والسيف والسنا ن إذا أظهر النمافق نفمماقه‬ ‫ول ينته عنه‪ ،‬ويصح هذا التفريق للدمنافق )أ ي يقتصر علممى التوبيممخ والتقريع والمموعظ( إذا كتدمممه ول‬ ‫يظهره وعلدمه الناس منه من لن القول‪.‬‬ ‫‪ 58‬الذخي ة للقراف ‪.12/39‬‬ ‫‪ 59‬مدموع الفتاوى ‪.7/620‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫‪14‬‬

‫وقمال ابممن تيدميممة رح ه ال م ف م الصممار م السمملول‪ :‬فحاصممله أ ن الممد ل م يقممم ع‪60‬لممى واحممد بعينممه لعممد م‬ ‫ظهوره بالةجة الشرعية الت يعلدمه با الاص والعا م أولعد م إمكا ن إقامته ) (‪.‬‬ ‫وهو عني قول ابن حز م رحه ال تعال ف اللى‪ :‬ومن الباطممل البحممت أ ن يكممو ن الرسول صملى الم‬ ‫عليه وسلم يعلم أ ن فلناً بعينه منافق متصل النفاق ث ل ياهده فيعصمي ربه تعمال ويالف أممره‪،‬‬ ‫ومن إعتقد هذا فهممو كمافر لنمه نسمم ب السمتهانة بمأمر الم تعممال إلم رس وله صملى الم عليمه وسلم‬ ‫)‪.(61‬‬ ‫ولكن ابن حز م )الما م الهبذ( فاته التوفيق فم همذا البماب فم قموله‪ :‬إ ن رسول الم صمملى الم عليممه‬ ‫وسملم ل م يكممن يعلممم أعيمما ن بعممض النممافقني عممن طريق المموحي‪ ،‬وذلممك لق موله بممأ ن للممما م أ ن يقيممم‬ ‫الدود بعلدمه هو إذا علدمه بأ ي طريق حدث‪ ،‬وهذا خل ف الق‪ ،‬فإنه صلى ال عليه وسلم كمما ن‬ ‫يقيم الدود بالبينات الت نصبها ال تعال للحكمما م الشممرعية‪ ،‬وهي الةجمج الممت علدمهما الم تعمال‬ ‫نبيه صلى ال عليه وسلم وعلدمها للناس‪ ،‬ولو تأملت كل م القرافم وكل م ابممن تيدميمة السممابق لرأيمت‬ ‫أ ن الديث يدور على الةجة الشرعية الت تقا م با الحكا م وليس على أمر آخر‪.‬‬ ‫قال ابن حز م رحه ال‪ :‬النافقو ن قسدما ن‪ :‬قسم ل يعرفهم قممط عليمه السممل م‪ ،‬وقسمم آ‪62‬خمر افتضمحوا‬ ‫فعرفهم فلذوا بالتوبة ول يعرفهم عليه السل م أنم كاذبو ن أو صادقو ن ف توبتهم ) (‪.‬‬ ‫فهذا قوله رحه ال تعال‪ ،‬وهو متلئم مع قوله التقد م )‪.(63‬‬ ‫وللتوسع قليلً نأتي على هذه المسألة‪-:‬‬ ‫هل كا ن الرسول صلى ال عليه وسلم يعلم أعيا ن النافقني وكيف؟‬ ‫مما لكشك فيه أن المنافقين في هذا الباب على أقسا م‪:‬‬ ‫القسم الول من ل يكن رسول ال صلى ال عليه وسلم يعلدمه‪:‬‬ ‫لقموله تعمال‪) :‬ومن حمولكم ممن العمراب منمافقو ن ومن أهمل الدينمة ممردوا علمى النفماق ل تعلدمهمم‬ ‫حنن نعلدمهمم سمنعذبم مرتنيم ثم يمردو ن إلم عمذاب عظيمم( ]التوبة ‪ .[101‬وق وله سمبحانه‪ :‬ممردوا‪:‬‬ ‫أ ي مرنوا واستدمروا عليه‪.‬‬ ‫وهذا القسم ل يعلدمهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬ ‫‪ 60‬الصار م السلول ‪.3/681‬‬ ‫‪ 61‬اللى ‪.11/218‬‬ ‫‪ 62‬السابق‪.‬‬ ‫‪ 63‬اتفق الفقها ء على أنه ليوز للحاكم أ ن يكمم بل ف علدمممه وإ ن شممهد عنمده بمذلك العمدول‪،‬‬ ‫واختلفوا ف مسألة حكم الاكم بعلدمه‪-:‬‬ ‫القول الول‪ :‬ليس له أ ن يكم بعلدمه‪ ،‬وهذا يروى عن شريح والشعب وهو قول مالك واسحق بن‬ ‫رهاوية وأب م عبيممد القاسممم بممن سممل م ومدمممد بممن السممن الشمميبان وأحممد قممول الشممافعي وهو ظمماهر‬ ‫الذه ب وهو قول أحد ف رواية‪.‬‬ ‫وقال أبو يوسف وأبو ثور وهو قول آخر للشافعي واختماره الزن ممن أصمحابه وروايمة عمن أحمد أنمه‬ ‫يوز له ذلك‪.‬‬ ‫والقول الول هو الذ ي تشهد له الدلة واستقصا ء ذلك يأطول على هذا القا م‪.‬‬ ‫وانظر أدلة القوال ف فتح البار ي ‪.13/138‬‬ ‫وقمول ابممن ح مز م ف م وجوب قضمما ء القاضممي بعلدمممه هممو ف م اللممى مسممألة رقم ‪1796‬ج ‪،9/426‬‬ ‫قمال‪ :‬وفرض علمى الماكم أ ن يكمم بعلدممه فم المدما ء والقصماص والمموال والفمروج والمدود‪ ،‬سموا ء‬ ‫علممم ذلممك قبممل وليتممه أو بعممد وليتممه‪ ،‬وأقمموى ممما حكممم )بممه( بعلدمممه ل ن يقني م الممق ث م بممالقرار ث م‬ ‫بالبينة‪.‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫‪15‬‬

‫لكممن قممد يعممتض عليممه بممأ ن ال م أعلدمممه إيمماهم بعممد ذلممك لمما رواه الأطممب ي ف م تفسمميه أ ن ابممن عبمماس‬ ‫رضي ال عنهدما قال‪ :‬قا م رسول ال صلى ال عليه وسلم يمو م الدمعممة فقممال‪ :‬اخمرج يما فل ن فإنمك‬ ‫منممافق‪ ،‬واخممرج يمما فل ن فإنممك منممافق فممأخرج مممن السممةجد ناسمما منهممم فضممحهم‪ ،‬فةجمما ء عدمممر وهم‬ ‫يرجو ن من السةجد فاختبأ منهم حيا ء أنه ل يشمهد الدمعمة وظن أ ن النماس قمد إنصممرفوا‪ ،‬واختبمؤوا‬ ‫هم من عدمر‪ ،‬وظنوا أنه قد علم بأمرهم‪ ،‬فةجا ء عدمر فدخل السةجد فإذا الناس ل يصلوا‪ ،‬فقال لممه‬ ‫رجل من السلدمني‪ :‬أبشر يا عدمر قد فضح ال النافقني اليو م‪.‬‬ ‫قال ابن عباس‪ :‬فهذا العذاب الول حني أخرجهم من السةجد‪ ،‬والعذاب الثان عذاب القب‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬هذا الديث ل يصح سندا ول متنًا‪:‬‬ ‫فسممنده عنممد الأطممب ي‪ (64) :‬قممال‪ :‬حممدثنا السممني بممن ع‪65‬دمممرو العنقممز ي قممال‪ :‬حممدثنا أبم قممال‪ :‬حممدثنا‬ ‫أسبا ط عن السد ي عن أب مالك عن ابن عباس به ) (‪.‬‬ ‫والس ممني بممن ع‪66‬دم ممرو بممن مدمممد العنقممز ي‪ ،‬قممال أبممو زرعم ة‪ :‬كمما ن ل يصممدق‪ ،‬وقممال أب ممو حممات‪ :‬لني م‬ ‫يتكلدمو ن فيه ) (‪.‬‬ ‫اية السد ي الكبي )إساعيل بن إبراهيم( ف التفسي الت جعهمما أسممبا ط بممن مدمممد لم يتفقموا‬ ‫ث إ ن رو‬ ‫عليه مما )‪ ،(67‬وهمي وإ ن ك ممانت مقبولممة ف م التفس ممي لك ممن ل يص ممح الحتةج مماج ب مما ف م الح مماديث‬ ‫الرفوعة‪.‬‬ ‫مديث رو ي مممن طري ق الثممور ي عممن السممد ي عممن أب م مالممك مرفوعمما ول يممذكر فيممه أسمما ء‬ ‫ث م إ ن الم‬ ‫النافقني )‪.(68‬‬ ‫هذا من جهة سنده…‬ ‫أممما متنممه فدمنكممر جممدًا‪ :‬إذ العل مو م أ ن رس ول ال م صمملى ال م عليممه وسملم كمما ن يقبممل مممن النممافقني‬ ‫علنيتهم‪ ،‬وف همذا المديث أ ن رسول الم صملى الم عليمه وسلم طردهمم ممن السمةجد ومن صمل ة‬ ‫الدمعة وهذا ليعلم أبدا عنه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فكيف يأطرد صلى ال عليه وسلم الصلني من‬ ‫أمممر واجم ب )بمأب هممو وأممي(‪ ،‬نعمم ورد حمديث آخممر فم إخبممار النممب صملى الم عليمه وسلم بأسمما ء‬ ‫النم‪69‬مافقني فم صممل ة الدمعممة ولكممن ليممس فم إخراجهممم مممن السممةجد وهو ممما رواه ابممن حمز م فم اللممى‬ ‫) (‪ :‬قال‪ :‬حدثنا مدمد بن سعيد بن نبات حدثنا أحد بن عبممد البصممي حممدثنا القاسممم بممن أصممبغ‬ ‫حدثنا مدمد بن عبد السل م الشن حدثنا مدمد بن الثن حدثنا أبو مدمد –وهو الزبي ي– حدثنا‬ ‫سممفيا ن الثممور ي عممن سمملدمة بممن كهيممل عممن عيمماض بممن عيمماض عممن أبيممع أبيممه عممن ابممن مسممعود قممال‪:‬‬ ‫خأطبنمما رسول ال م صمملى ال م عليممه وسملم فممذكر ف م خأطبتممه ممما شمما ء ال م تعممال‪ ،‬ث م قممال‪ :‬إ ن منكممم‬ ‫منافقني فدمن سيت فليقم‪ ،‬ث قال‪ :‬قم يا فل ن‪ ،‬قم يا فل ن‪ ،‬قم يا فل ن‪ ،‬حمت عمّد سمتة وثلثنيم‪،‬‬ ‫ث قال‪ :‬إ ن منكم وإ ن فيكم فسلوا ال العافية‪ ،‬فدمر عدمر برجل مقنع وكا ن بينمه وبينمه معرفة‪ ،‬قمال‪:‬‬ ‫ما شأنك؟ فأخبه با قاله النب صلى ال عليه وسلم فقال عدمر‪ :‬تبا لك سائر اليو م‪.‬‬ ‫ولكن ابن حز م ضعفه )‪ (70‬بقوله‪ :‬وأما حديث ابن مسعود فإنه ل يصح فإنما قمد روينماه ممن طريق‬ ‫قاسم بن أصبغ حدثنا أحد بن زهي بن حمرب حممدثنا أبمو نعيممم عمن سممفيا ن الثممور ي عمن سمملدمة بمن‬ ‫كهيمل عمن رجل عمن أبيمه عمن ابمن مسمعود فمذكر المديث‪ ،‬وقال سمفيا ن عمن همذا الرجل المذ ي لم‬ ‫يسم عن أبيه‪ :‬أراه عياض بن عياض‪ ،‬فقد أخب أبو نعيم عن سفيا ن أنه مشكوك فيه‪.‬‬ ‫‪ 64‬جامع البيا ن ‪.11/10‬‬ ‫‪ 65‬ورواه الأطمبان فم الوسط ح ‪ 796‬مممن طريق السممني عنممه بممه‪ ،‬وقال السمميوطي‪ :‬رواه ابممن أبم‬ ‫حات وأبو الشيخ وابن مردويه‪.‬‬ ‫‪ 66‬لسا ن اليزا ن ‪.2/207‬‬ ‫‪ 67‬الرشاد للاخليلي ص ‪.98‬‬ ‫‪ 68‬جامع البيا ن ‪.11/10‬‬ ‫‪ 69‬اللى ‪.10/221‬‬ ‫‪ 70‬السابق ص ‪.224‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫‪16‬‬

‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫ال تعمال فم السممند )‪ (71‬ممن حمديث أبم مسمعود عقبمة‬ ‫قلت‪ :‬هذا الديث رواه الما م أحد رحه‬ ‫بن عدمرو النصار ي )وليس ابن مسعود( )‪ (72‬وهو ف السند بالز م من طريق وكيممع حممدثنا سممفيا ن‬ ‫عنه به‪.‬‬ ‫‪73‬‬ ‫ورواه الباخار ي ف التاريخ الكبي ) ( وهو بالز م كذلك من طريق موسى بن مسعود وقبيصة‪.‬‬ ‫قممال ابممن ‪74‬حةجممر‪ :‬ث م أخرجه أحممد عممن موسى بممن مسممعود عممن سممفيا ن ول يشممك وعن قبيصممة عممن‬ ‫سفيا ن ) (‪.‬‬ ‫قلممت‪ :‬ل م أجممده ف م السممند إل ف م روايممة أب م نعيممم بالشممك وممن روايممة وكيممع بممالز م ‪ ،‬والممذ ي ذك ره‬ ‫الافظ هو ف التاريخ كدما تقد م‪.‬‬ ‫وأما عياض بن عياض فهو أبو قيلة الكوف‪ ،‬وثقه ابن حبا ن وتوثيقه ل يرفع جهالته )‪.(75‬‬ ‫ث لو صح الديث –وأن له ذلك– فإ ن الية تبني وجود بعممض النممافقني الممذين ل يعلدمهممم رسول‬ ‫الم صمملى الم عليممه وسلم وهم فم الدينممة‪ ،‬وبعضممهم حولا‪ ،‬وليممس كممل مممن شممهد بالسممل م كمما ن‬ ‫يشهد الدمعة مع رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فبقى يقيناً وجود منافقني ل يعلدمهم رسول ال م‬ ‫صلى ال عليه وسلم‪.‬‬ ‫وحنن ها هنا نرد على التفسي النسوب لبن عباس فم قموله تعمال‪) :‬سمنعذبم مرتنيم( وأ ن العمذاب‬ ‫الول هو تعريف النب صلى ال عليه وسلم بم ث قيامه صلى ال عليه وسلم بفضحهم‪.‬‬ ‫والصممحيح أ ن العممذاب الول )الفضممح( هممو غي م ممما ذك ره وإنمما هممو عممذاب ف م الممدنيا وهمو القتممل‬ ‫والسممبا ء )‪ (76‬وعمذاب ف م القممب‪ ،‬ث م )يممردو ن إل م عممذاب عظيممم( وهو عممذاب الخ مر ة‪ ،‬هممذا القسممم‬ ‫الول وال أعلم‪.‬‬ ‫القسم الثاني منافقون علمهم رسول ال صلى ال عليه وسلم بأعيانهم عن طريق الوحي‪:‬‬ ‫وهذا القسم أنكمره ابمن حمز م رحه الم تعمال وأطمال النفمس عةجيبما فم رده وإنكماره بمل أغلمظ لثبمتيه‬ ‫إغلظما شمديدا لمما تقمد م مممن قموله بوجوب إقاممة المد والحكما م بةجمرد علممم القاضممي وإ ن لم تكممن‬ ‫لديه بينة الحكا م من شهود وغيها‪.‬‬ ‫وها نحن نذكر الدلة على وجود هذا القسم وال الموفق‪-:‬‬ ‫ما رواه الما م مسلم فم صمحيحه عمن إيماس بمن سملدمة بمن الكموع عمن أبيمه قمال‪ :‬عمدنا ممع رسول‬ ‫الم صمملى الم عليممه وسلم رجل موعوكا‪ ،‬قممال‪ :‬فوضعت يممد ي عليممه فقلممت‪ :‬والم ممما رأيممت كماليو م‬ ‫رجل أشد حرًا‪ ،‬فقمال النمب صملى الم عليمه وسلم‪ :‬أل أ‪77‬خمبكم بأشمد حمرا منمه يمو م القياممة همذينك‬ ‫الرجلني الراكبني القفيني– لرجلني حينئذ من أصحابه ) (‪.‬‬ ‫وما رواه الما م أحد ف مسنده قال‪ :‬حدثنا مدمد بن جعفر حمدثنا شمعبة بمن سماك بمن حمرب عمن‬ ‫سمعيد بمن جمبيي عمن ابمن عبماس قمال‪ :‬قمال رسول الم صملى الم عليمه وسلم‪ :‬يمدخل عليكمم رجل‬ ‫ينظممر بعني م شمميأطا ن أو بعين م شمميأطا ن‪ ،‬قممال‪ :‬فممدخل رج ل أزرق‪ ،‬فقممال‪ :‬يمما مدمممد عل م سممببتن أو‬ ‫‪ 71‬السند ‪.5/273‬‬ ‫‪ 72‬وكذلك وقع الأطأ ف التاريخ الكبي للباخار ي ‪.4/1/22‬‬ ‫‪ 73‬التاريخ الكبي ‪.4/1/22‬‬ ‫‪ 74‬تعةجيل النفعة ص ‪.326‬‬ ‫‪ 75‬الثقات لبن حبا ن ‪ ،5/267‬وقال اليثدمي ف الدمع‪ :‬ل أجد من ترجه‪.‬‬ ‫‪ 76‬انظر ابن كثي ‪.4/205‬‬ ‫‪ 77‬النوو ي على مسلم ‪.128– 17/127‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫‪17‬‬

‫شتدمتن أو حنمو همذا‪ ،‬قمال‪ :‬وجع‪78‬مل يلمف قمال فنزلت همذه اليمة فم الادلمة)ويلفمو ن علمى الكمذب‬ ‫وهم يعلدمو ن( والية الخرى ) (‪ .‬وسنده صحيح‪.‬‬ ‫ورواه ابن جرير )‪ (79‬ف تفسي سور ة الادلة من طريق شعبة عنه بمه‪ ،‬ولكمن فيمه خل ف اذ ورد فيمه‬ ‫ا ن القائل‪ :‬عل م تشتدمن أو تسبن هو رسول ال صلى ال عليه وسلم وليس الرجل‪.‬‬ ‫قال الدث أحد شاكر رحه ال‪ ،‬ف تعليقه على السند )‪ (80‬فالظاهر أ ن الأطممأ بممذه‪81‬الزياد ة )أ ي‬ ‫الواقعة ف السند( من بعض روا ة السند أو ناساخيه لنا ثابتة أيضا ف مدمع الزوائد ) (‪.‬‬ ‫وقال ابممن كممثي‪ :‬ورواه ابممن أب م حممات مممن طريق زهي م عممن سمماك بممن حممرب بممأطول مممن هممذا وفيممه‪:‬‬ ‫فدعاه رسول ال فكلدمه فقال‪ :‬عل م تشتدمن أنت وفل ن وفل ن؟ نفر دعاهم بأسائهم‪.‬‬ ‫قال ابن كثي– اسناده جيد )‪.(82‬‬ ‫ورواه الاكم ف مستدركه )‪.(83‬‬ ‫وممن الدلممة كممذلك ممما رواه الممما م الباخممار ي ف م صممحيحه ف م كتمماب فضممائل الصممحابة )‪ (84‬مممن‬ ‫حديث أب الدردا ء قوله عمن حذيفمة رضي الم عنهدمما‪ :‬أوليمس فيكمم صماح ب سمر النمب صملى الم‬ ‫عليه وسلم الذ ي ل يعلم أحد غيه؟‬ ‫وهذا السر همو مما جما ء مفسمرا فم حمديث آخمر رواه المما م مسملم فم صمحيحه ممن حمديث عدممار‬ ‫قال‪ :‬لكن حذيفة أخبن عن النمب صملى الم عليمه وسلم أنمه قمال‪ :‬فم أصمحاب اثنما عشمر منافقمًا‪،‬‬ ‫منهم ثانية ل يدخلو ن النة حت يلج الدمل ف سم اليا ط‪.‬‬ ‫ورواه بمماطول منممه مممن حممديث عدمممار ايضمما قممال‪ :‬حممدثن حذيفممة انممه قممال‪ :‬إ ن ف م أمممت اثن م عشممر‬ ‫منافقمما ل يممدخلو ن النممة ول يممدو ن ريهمما حممت يلممج الدمممل ف م سممم ‪85‬اليمما ط‪ ،‬ثانيممة منهممم تكفيهممم‬ ‫الّد بميلة‪ ،‬شراج من نار تظهر بني أكتافهم حت تنةجم من صدورهم ) (‪.‬‬ ‫وما يشهد كذلك أ ن حذيفة رضي ال عنه كا ن يعلم أسا ء النمافقني بإخبمار رسول الم صملى الم‬ ‫عليه وسلم له ما ورد ف الديث الصحيح من سؤال عدمر رضي ال عنه لذيفة عن نفسه‪-:‬‬ ‫فقممد قممال وكيممع بممن المراح فم كتمماب الزهد )‪ (86‬حممدثنا ابممن أبم خالممد قممال سممعت زيد بممن وه ب‬ ‫الهن عن حذيفة قال‪ :‬مر ب عدمر بن الأطاب وأنا جالس ف السةجد‪ ،‬فقال ل‪ :‬يمما حذيفممة‪ ،‬إ ن‬ ‫لمم‪ ،‬فرآنم وأنمما‬ ‫فلنمما قممد مممات‪ ،‬فاشممهد‪ .‬قممال‪ :‬ثم مضممى حممت إذا كمماد يممرج مممن السممةجد‪ ،‬التفممت إ‬ ‫جالس فعر ف‪ ،‬فرجع إل‪ ،‬فقال‪ :‬يا حذيفة أنشدك‪ 87‬بال‪ :‬أمن القو م أنا؟ قال‪ :‬قلمت ّاللهممم ل‪ ،‬ولن‬ ‫أبرئ أحدا بعدك‪ ،‬قال فرأيت عين عدمر جادتا ) (‪.‬‬ ‫‪ 78‬السند ‪.1/24‬‬ ‫‪ 79‬جامع البيا ن ‪.28/23‬‬ ‫‪ 80‬السند ح ‪.2147‬‬ ‫‪ 81‬مدمع الزوائد ‪ ،7/122‬وقال اليثدمي فيه‪ :‬رجاله رجال الصحيح‪.‬‬ ‫‪ 82‬التفسي ‪ 272– 8/271‬طبعة دار الشع ب‪.‬‬ ‫‪ 83‬الستدرك ‪.2/482‬‬ ‫‪ 84‬فتح البار ي ‪.7/90‬‬ ‫‪ 85‬ح ‪ 9‬و ‪ 10‬من كتاب صفات النافقني وأحكامهم‪.‬‬ ‫‪ 86‬ح ‪.477‬‬ ‫‪ 87‬ف م تريي لممذا الممديث ف م طريق الةجرتني م لبممن القيممم بينممت عممد م عثممور ي عممى هممذا الممديث‬ ‫مسممندا مممع تنقيممب الشممديد عنممه )ص ‪ ،(433‬فهمما هممو ال ن مممرج والدمممد ل م رب العممالني‪ ،‬وقمد‬ ‫ضممعفه ابممن ح مز م ف م اللممى بغي م حةجممة )‪ ،(11/225‬وقال‪ :‬هممذا باطممل ومن الكممذب الممض…‬ ‫وقال )‪ (222-221‬أنه غي مسند‪ ،‬والواب عليه كدما ترى‪.‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫‪18‬‬

‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬ ‫قال مقق الكتاب عبد الرحن بن عبد البار الفريوائي‪ :‬رجاله ثقات وإسناده صحيح‪.‬‬

‫قلت‪ :‬وهو كدما قممال‪ ،‬بمل وعلممى شممر ط الصمحيح‪ ،‬وابممن أبم خالممد هممو إسمماعيل‪ ،‬وقد رواه الفسمو ي‬ ‫‪88‬ماه‪ ،‬ثم قمال الفسمو ي‪ :‬وهذا‬ ‫ف "العرفة والتاريخ" ممن طريق العدممش عمن زيد بمن وه ب عنمه بمه بعن‬ ‫الال وأخا ف أ ن يكو ن كذبا… ولكن حديث زيد به خلل كبي ) (‪.‬‬ ‫قال الذهب‪ :‬زيد بن وه ب متفق علمى الحتةجماج بمه… فهممذا المذ ي اسممتنكره الفسمو ي ممن ‪89‬حمديثه‬ ‫ما سبق إليه‪ ،‬ولو فتحنا هذه الوساوس علينا لرددنا كثيا من السنن الثابتة بالوهم الفاسد ) (‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬تابع زيد بن وه ب أبو وائممل عنممد الممبزار فم مسممنده قمال‪ :‬حممدثنا عبمد الواحمد بممن غيممث قممال‪:‬‬ ‫أخبنا عبمد العزيز بمن مسملم قمال‪ :‬أخبنا العدممش عمن أبم وائمل عمن حذيفمة رضي الم عنمه قمال‪:‬‬ ‫دعممي عدمممر لنمماز ة فاخممرج فيهمما‪ ،‬أو يريدها‪ ،‬فتعلقممت بممه‪ ،‬فقلممت‪ :‬اجلممس‪90‬يمما أمي م الممؤمنني فممإنه مممن‬ ‫أولئك‪ ،‬فقال‪ :‬نشدتك ال أنا منهم؟ قلت‪ :‬ل‪ ،‬ول أبرئ أحدا بعدك ) (‪.‬‬ ‫قال اليثدمي ف الدمع )‪ :(91‬رجاله ثقات‪.‬‬ ‫وقال ابن حةجر ف متصر زوائد البزار‪ :‬إسناده صحيح )‪.(92‬‬ ‫ومثلممه ممما رواه الممما م الباخممار ي )‪ (93‬بنفممس السممند التقممد م قممال زي د بممن وه ب‪ :‬كنمما عنممد حذيفممة‬ ‫فقال‪ :‬ما بقي من أصحاب هذه الية إل ثلثة ول النافقني إل أربعة‪.‬‬ ‫والية هي‪) :‬وإ ن نكثوا أميانم من بعد عهدهم وطعنوا ف دينكم فقاتلوا أئدمة الكفر(‪.‬‬ ‫فهذا الديث يدل على علم حذيفة بأعيا ن النافقني ف الدينة‪.‬‬ ‫وفيه الدليل على حكم ال تعال ف النافقني وهو القتل‪.‬‬ ‫فإن سأل سائل فلماذا لم يقاتلوهم؟‬ ‫فالواب ما رواه الأطب ي من طريق حبي ب بن حسا ن عن زيد بن وه ب قال‪ :‬كنا عند حذيفمة فقمرأ‬ ‫هذه الية )فقاتلوا أئدمة الكفر( قال‪ :‬ما قوتل أهل هذه الية بعد‪.‬‬ ‫وقد تابع العدمش حبي ب بن حسا ن ف رواية هذا الديث )‪.(94‬‬ ‫قممال الممافظ بممن حةجممر‪ :‬وال مراد بكممونم ل م يقمماتلوا أ ن قتممالم ل م يقممع لعممد م وقموع الشممر ط ل ن لفممظ‬ ‫الية‪) :‬وإ ن‪95‬نكثوا أميانم من بعد عهمدهم وطعنموا فم دينكمم فقماتلوا( فلدمما لم يقمع نكمث ول طعمن‬ ‫ل يقاتلوا ) (‪.‬‬ ‫‪ 88‬العرفة والتاريخ ‪.2/769‬‬ ‫‪ 89‬ميزا ن العتدال ‪.2/107‬‬ ‫‪ 90‬البحر الزخار ‪ ،293– 7/292‬ح رقم ‪.2885‬د‬ ‫‪ 91‬مدمع الزوائد ‪.3/42‬‬ ‫‪ 92‬ح ‪.590‬‬ ‫‪ 93‬الفتح ‪.8/322‬‬ ‫‪ 94‬جامع البيا ن ‪.10/88‬‬ ‫‪ 95‬الفتح ‪.8/323‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫‪19‬‬

‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫فتممبني أ ن هممذه اليممات تشممبه قموله سممبحانه وتعممال‪) :‬لئممن لم ينتممه النممافقو ن والممذين فم قلمموبم مممرض‬ ‫والرجفو ن ف الدينة لنغرينك بم ث ل ياورونك فيها إل قليلً * ملعونني أيندما ثقفوا ُأخذوا وقتل موا‬ ‫ل(‪.‬‬ ‫تقتي ً‬ ‫ويشممهد لممذا ‪-‬وهو أ ن النممافقني كممانوا يسممرو ن نفمماقهم زمن النممب صمملى ال م عليممه وسلم‪ -‬حممديث‬ ‫حذيفة رضي ال عنه‪ :‬النافقو ن الذين فيكم اليمو م شمر ممن النمافقني المذين كمانوا علمى عهمد رسول‬ ‫ال م صمملى ال م عليممه وسلم‪ .‬قممال أبممو‪96‬وائممل‪ :‬قلنمما‪ :‬ل م ذاك يمما أبمما عبممد المم؟ قممال‪ :‬ل ن أولئممك كممانوا‬ ‫يسرو ن نفاقهم‪ ،‬وإ ن هؤل ء أعلنوه ) (‪.‬‬ ‫وف هذا كفاية ف الستدلل لذا الباب ول نرد الستقصا ء‪.‬‬ ‫ث م إ ن الكممثي مممن اليممات والحمماديث الممت فيهمما أحكمما م النممافقني ل ميكممن فهدمهمما إل بممذا المموجه‪،‬‬ ‫وهو أ ن رسول ال صلى ال عليه وسلم علممم أعيممانم عمن طريق الموحي أو عمن طريق الاخايلممة الممت‬ ‫ل تصممل إل م القأطممع بقيمما م الةجممة مثممل تممرك السممتغفار لممم والصممل ة عليهممم وعد م اتمماذهم بأطانممة‪،‬‬ ‫وغي ذلك من الحكا م‪ ،‬وهذه الحكما م ممازالت قائدممة فم حمق النمافقني المذين يعرفو ن عمن طريق‬ ‫اللحن الذ ي ل يصل إل الةجة الت تقا م با الدود والحكا م كدمما سمميأت‪ ،‬ثم إ ن أمممر الموحي قممد‬ ‫انقأطع وحسبنا ال ونعم الوكيل‪.‬‬ ‫وابن حز م رحه ال تعال يوج ب علينا بنص كلمه أ ن نعتقد أ ن عبد ال بن أب بن سلول هو مممن‬ ‫أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم وعلينا أ ن نستغفر له ونعتقد صحة إميانه!‬ ‫ويقول ابن حز م رحه ال تعال ف هذا‪ :‬إ ن عبد ال بن أب من جلمت أصمحاب الرسول صملى الم‬ ‫عليه وسلم بظاهر إسلمه وأنه‪97‬من جلة الصحابة السلدمني الذين لممم حكممم السمل م والممذين حمر م‬ ‫ال تعال دما ءهم إل بقها ) (‪.‬‬ ‫وهذا من أبأطل الباطل وأشد الغلط‪ ،‬وهو ما يعرفه الناس والعامة وتكلمف المرد عليمه نأطماح ممن غيم‬ ‫فائد ة‪.‬‬ ‫القسم الثالث‪ :‬معرفة المنافقين عن طريق لحن القول‪-:‬‬ ‫قممال تعممال‪) :‬أ م حسمم ب الممذين فم قلمموبم مممرض أ ن لممن يممرج الم أضممغانم * ولو نشمما ء لرينمماكهم‬ ‫فلتعرفهم بسيدماهم ولتعرفنهم ف لن القمول والم يعلممم أعدممالكم * ولنبلمونكم حمت نعلممم الاهمدين‬ ‫منكم والصابرين ونبلو أخباركم( ]مدمد ‪.[31–29‬‬ ‫قال ابن كثي رحه ال تعال‪ :‬لو نشا ء يا مدمد لريناك أشاخاصهم فعرفتهم عيانا‪ ،‬ولكممن لم يفعممل‬ ‫تعمال ذلمك فم جيمع النمافقني سمتا منمه علمى خلقمه وحل للممور علمى ظماهر السملمة ورد السمرائر‬ ‫الم عالهما‪) ،‬ولتعرفنهممم فم لمن القمول( أ ي فيدمما يبممدو مممن كلمهممم المدال علم‪98‬مى مقاصممدهم‪ ،‬يفهممم‬ ‫التكلم من أ ي الزبني هو بعان كلمه وفحواه‪ ،‬وهو الراد من لن القول ) (‪.‬‬ ‫وأمم مما صم ممفاتم وأخبم ممارهم فقم ممد تكفلم ممت سم ممور ة ب م مرا ء ة بفضم ممحها حم ممت سم مميت بالفاضم ممحة والنق م مر ة‬ ‫والشقشقة‪ ،‬لتنقيها على قلوب النافقني والشقشقة عنها‪.‬‬ ‫وهذا القسم يدخل فيه ما ورد من أحاديث بعد م إقامة رسول ال صملى الم عليمه وسلم حمد المرد ة‬ ‫على النافقني‪ ،‬وبشي ء من التفصيل الدمكن نأت ف همذه الورقات علمى كبمار الحمداث المت ظهمر‬ ‫من النافقني بعض أقوالم وأعدمالم ول تصمل إلم درجة البينمات المت تقما م بما الحكما م ومنهما حمد‬ ‫الرد ة‪-:‬‬ ‫تحقيق قوله صلى ال عليه وسلم "معاذ ال أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي" ‪:‬‬ ‫‪ 96‬رواه الباخار ي ‪ 13/69‬فتح البار ي ‪.‬‬ ‫‪ 97‬اللى ‪.11/217‬‬ ‫‪ 98‬التفسي ‪.7/321‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫‪20‬‬

‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫بعممض مممن يتممج بعممد م إقممامت الممدود علممى النممافقني دو ن أ ن ينظممر إل م التفريق التقممد م ف م أح موال‬ ‫النافقني كدما تبني من وجود منافقني ل يثبتمو ن علمى نفماقهم وهم المذين وصفهم رسول الم صملى‬ ‫ال م عليممه وسملم بالشمما ة العممائر ة بني م الغندمنيمم‪ ،‬وممن وجود أعدمممال وأق موال ل تصممل إل م درجة إقامممة‬ ‫الدود‪ ،‬أو معرفة رسول ال صلى ال عليه وسلم عن طريق الوحي‪ ،‬وهو طريق ل تقمما م بممه الممدود‬ ‫كدما هو الصحيح من أقوال العلدما ء‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬إ ن بعضهم يتج بذا اللفظ‪ ،‬وهو قوله صلى ال عليه وسلم‪" :‬معماذ الم أ ن يتحمدث النماس‬ ‫أن أقتل أصحاب" ‪ ،‬وهو يرت ب قوله بالأطريقة التالية‪ :‬إ ن هؤل ء النافقني ثبت فم حقهممم حممد الممرد ة‬ ‫وانكشف نفاقهم ث ل يقدمه عليهمم حمت ل يتحمدث النماس أ ن مدممدا صملى الم عليمه وسلم يقتمل‬ ‫أصحابه‪.‬‬ ‫وحت نفهم هذا القول فسنحققه حت نتبني حقيقته‪.‬‬ ‫ورد هذا القول ف موطنني‪:‬‬ ‫الول‪ :‬ف منصرفه صلى ال عليه وسلم من حنني‪.‬‬ ‫الثان‪ :‬ف منقلبه صلى ال عليه وسلم من غزو ة بن الصأطلق‪.‬‬ ‫كشرح ذلك‪:‬‬ ‫الول‪:‬‬ ‫روى مسلم ف صحيحه ) ( عن جابر بن عبد ال رضي ال عنه قال‪ :‬أتى رجل رسول ال صلى‬ ‫ال م عليممه وسلم بالعرانممة‪ ،‬منص مرفه مممن حننيمم‪ ،‬وف ثمموب بلل فضممة‪ ،‬ورسول ال م صمملى ال م عليممه‬ ‫وسلم يقبض فيهما‪ ،‬ويعأطمي النماس‪ ،‬فقمال‪ :‬يما مدممد!! اعمدل‪ .‬قمال‪ :‬ويلمك! ومن يعمدل إذا لم اكن‬ ‫أعدل؟ لقد خبت وخسرت إ ن لم أكمن أعممدل‪ ،‬فقمال‪ :‬عدممر بمن الأطماب رضي الم عنممه‪ :‬دعنم يما‬ ‫رس ول ال م فأقتممل هممذا النممافق‪ .‬فقممال‪ :‬معمماذ ال م أ ن يتحممدث النمماس أن م أقتممل أصممحاب‪ .‬إ ن هممذا‬ ‫وأصحابه يقرأو ن القرآ ن ل ياوز حناجرهم‪ ،‬ميرقو ن منه كدما ميرق السهم من الرمية‪.‬‬ ‫‪99‬‬

‫‪ 100‬صلى ال عليه وسلم‪" :‬لقد خبممت وخسممرت" جمز م ابممن تيدميمة فم الصمار م السمملول أنمم بالفتممح‬ ‫قوله‬ ‫) ( وجوز القاضي عياض الوجهني‪ :‬الفتح والرفع‪.‬‬ ‫فهذا الديث ف صفات الموارج‪ ،‬وسى عدمربن الأطماب رضي الم عنممه القائمل منافقمما‪ ،‬وأقممره النممب‬ ‫صمملى ال م عليممه وسملم علممى تسممدميته ون اه عممن قتلممه ل لعصممدمة نفسممه بممل لئل يتحممدث النمماس أ ن‬ ‫‪ 101‬قولته العظيدمة ف س ب رسول الم صمملى‬ ‫مدمدا صلى ال عليه وسلم يقتل أصحابه‪ ،‬وهو رجل قال‬ ‫الم عليممه وسلم ول شممك فم أنمه قموله هممذا رد ة وكفممر ) (‪ ،‬أمما لماذا لم يقممم رسول الم صملى الم‬ ‫‪102‬لممد عليممه فهممذا قممد كفانمما إيمماه شمميخ السممل م ابممن تيدميممة رحه الم فم الصممار م السمملول‬ ‫عليممه وسلم ا‬ ‫فلياجع ) (‪.‬‬

‫‪ 99‬ح ‪.1063‬‬ ‫‪ 100‬الصار م السلول ‪.2/351‬‬ ‫‪ 101‬انظر الصار م السلول ‪ .986– 3/984‬قال القرطب فكل من اتم رسول ال صلى ال عليه‬ ‫وسلم ف الكم فهو كافر )الامع ‪.(5/267‬‬ ‫‪ 102‬واختصمارا لمما قماله الشمميخ فمإنه يمرى أنممه كما ن لرسول الم صملى الم عليمه وسلم أ ن يعفمو عدمممن‬ ‫آذاه فإ ن قيممل همذه رد ة فاخرجت مممن كونا حقما لرسول الم صملى الم عليمه وسلم إلم أ ن صمارت‬ ‫حممدا ل يسمقأطه صماحبه‪ ،‬ويرد ابمن تيدميممة علمى همذا بتفصميل للحقموق انظمره فم ج ‪ ،2/537‬فممإنه‬ ‫مهم جدا وف نفس الز ء ص ‪ 534‬وقال كذلك‪ :‬وإنا عفا عن ذلك المر ف حياته عدمن يؤذيه‬ ‫من النافقني لا يعلدمه أنم خارجو ن ف المة ل مالة‪ ،‬وأ ن ليمس فم قتمل ذلمك الرجل كمثي فائمد ة‪،‬‬ ‫بمل فيمه ممن الفسمد ة مما فم قتمل سمائر النمافقني وأشمد )‪ 2/355‬الصمار م السملول( وهذا كلمه يتفمق‬ ‫مع القول أ ن العفو عنه خاص لرسول ال صلى ال عليه وسلم وليست لحد من بعده‪.‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫‪21‬‬

‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫ولكن ما ل يتلف فيه أحد أ ن الد على أمثال هذا الرجل لو وقع ممن أحمد بعمد وفا ة رسول الم‬ ‫صلى ال عليه وسلم ل يكن للمة أ ن تعفو عنه‪ ،‬بل ي ب قتله‪ ،‬قال القرطب‪ :‬فلو‪103‬صدر مثل همذا‬ ‫من أحد ف حق النب صلى ال عليه وسلم أو ف حق شريعته لقتل قتلة زنديق ) (‪.‬‬ ‫وقال‪ :‬وليست لحد )أ ي العفو عن من يسبه( بعد النب صلى ال عليه وسلم )‪.(104‬‬ ‫قال ابن حةجر‪ :‬ونقل النوو ي حنوه عن العلدما ء )‪.(105‬‬ ‫‪106‬عممد ممموت النممب صمملى ال م عليممه وسملم يتعني م القتممل ل ن السممتحق ل ميكممن مممن‬ ‫وقمال ابممن تيدميممة‪ :‬ب‬ ‫الأطالبة والعفو ) (‪.‬‬ ‫وأممما ابممن حمز م فقمد جعممل المديث منسموخا بقموله‪ :‬المواب فم همذا أ ن الم تعمال لم يكمن أمممر بعمد‬ ‫وسلم ولذلك نمى عمن قتلمه ثم أممره الم‬ ‫بقتل ممن ارتد فلمذلك لم يقتلمه رسول الم صملى الم عليمه‬ ‫تعال بعد ذلك بقتل من ارتد عن دينه فنسخ تري قتلهم )‪.(107‬‬ ‫الثاني‪:‬‬ ‫روى الممما م الباخممار ي )‪ (108‬ومسمملم )‪ (109‬فم صممحيحيهدما عممن جممابر بممن عبممد الم رضي الم عنممه‬ ‫قممال‪ :‬كنمما فم غمزا ة فكسممع رجل مممن الهمماجرين رجل مممن النصممار‪ ،‬فقممال النصممار ي‪ :‬يمما للنصممار‪،‬‬ ‫وقال الهاجر ي‪ :‬يا للدمهاجرين‪ ،‬فسدمعهدما رسول الم صملى الم عليمه وسلم )لفمظ الباخممار ي( فقمال‬ ‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ما بال دعوى الاهلية )لفظ مسلم(‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول المم‪ :‬كسممع‬ ‫رجل مممن الهمماجرين رجل مممن النصممار‪ ،‬فقممال‪ :‬دعوها فإنمما منتنممة‪ ،‬فسممدمعها عبممد الم بممن أبمم)ابممن‬ ‫سلول(‪ ،‬فقال‪ :‬قد فعلوها‪ ،‬وال لئن رجعنا إل الدينة لياخرجن العز منها الذل‪ ،‬قال عدمر‪ :‬دعنم‬ ‫أضرب عنق هذا النافق‪ ،‬فقال‪ :‬دعه‪ ،‬ل يتحدث الناس أ ن مدمدا يقتل أصحابه‪.‬‬ ‫والكسع هو أ ن تضرب بيدك على دبر شي ء أو برجلك‪.‬‬ ‫وسى ابن اسحق هذه الغزو ة غزو ة بن الصأطلق وكذا وقع عند الساعيلي )‪.(110‬‬ ‫وقد وهم البعض حني قال‪ :‬إ ن هذه القصة كانت بتبوك‪.‬‬ ‫قال ابن كثي رحه ال تعال‪ :‬فيه نظر‪ ،‬بل ليس بق‪ ،‬فإ ن عبد ال بن أب بممن سمملول لم يكممن مممن‬ ‫خرج ف غزو ة تبموك‪ .‬بمل رجع بأطائفممة مممن اليممش‪ ،‬وإنمما‪111‬الشممهور عنمد أصممحاب الغماز ي والسمي أ ن‬ ‫ذلك كا ن ف غزو ة الريسيع وهى غزو ة بن الصأطلق ) (‪.‬‬ ‫ولتكتدمممل الصمور ة فإننما سممنذكر كيمف سّمعها الم رس وله صملى الم عليمه وسلم‪ ،‬أ ي كلدمممة عبمد الم‬ ‫ابن أب سلول إذ با تتم الةجة‪-:‬‬ ‫فقد روى الباخار ي و مسلم من حديث زيد بمن أرقم قمال‪ :‬كنمت ممع عدممي فسمدمعت عبمد الم بمن‬ ‫أب م بممن سمملول يقممول‪ :‬ل تنفق موا علممى مممن عنممد رس ول ال م حممت ينفض موا‪ ،‬ولئممن رجعنمما إل م الدينممة‬ ‫لياخرجن العز منها الذل‪ ،‬فذكرت ذلك لعدمي فذكره عدمي للنب صلى الم عليمه وسلم‪ ،‬فمدعان‪،‬‬ ‫فحدثته‪ ،‬فأرسل إل عبد ال بن أب وأصحابه فحلفوا ما قالوا‪ ،‬فصدقهم رسول ال صلى الم عليمه‬ ‫‪ 103‬فتح البار ي ‪.5/40‬‬ ‫‪ 104‬الامع لحكا م القرآ ن ‪.5/267‬‬ ‫‪ 105‬الفتح ‪.5/40‬‬ ‫‪ 106‬الصار م السلول ‪.2/537‬‬ ‫‪ 107‬اللى ‪.11/226‬‬ ‫‪ 108‬الفتح ‪.8/652‬‬ ‫‪ 109‬النوو ي على مسلم ‪.17/120‬‬ ‫‪ 110‬فتح البار ي ‪.8/649‬‬ ‫‪ 111‬التفسي ‪ ،8/127‬وانظر فتح البار ي ‪.8/650‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫‪22‬‬

‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫وسلم وكذبن‪ ،‬فأصابن غمم لم يصمبن مثلمه قمط‪ ،‬فةجلسممت فم بيمت‪ ،‬وقال عدممي‪ ،‬ممما أردت إل أ ن‬ ‫كممذبك النممب صمملى ال م عليممه وسملم؟! فممأنزل ال م تعممال‪) :‬إذا جمما ءك النممافقدمن قممالوا نشممهد إنممك‬ ‫ل النب صلى ال عليه وسلم فقرأها وقال‪ :‬إ ن ال قد صدقك‪.‬أ‪.‬هم‪.‬‬ ‫لرسول ال( وأرسل إ ّ‬ ‫فقممد ثبممت ق موله النكممر بشممهاد ة رجل واحممد وهو زيد بممن أرقم رضي الم عنممه‪ ،‬وبالوحي‪ ،‬وشهاد ة‬ ‫الواحد ل تقا م با الدود‪ ،‬وقد تقد م القول بالوحي‪.‬‬ ‫قممال ابممن تيدميممة‪ :‬لم يقممم النممب صمملى الم عليممه وسلم الممد علممى ابممن سمملول فم هممذه القصممة حممت ل‬ ‫يقممال‪ :‬إ ن مدمممدا يقتممل أصممحابه‪ ،‬ل ن النفمماق لم يثبممت بالبينممة‪ ،‬وقد حلممف أنممه ممما قممال‪112،‬وإنمما علممم‬ ‫بالوحي وخب زيد بن أرقم‪ .‬وهذا يوج ب فتنة بقتله وغض ب أقوا م يا ف افتتانم بقتله ) (‪.‬‬ ‫يقول الشاطب رحه ال فم الوافقمات‪ :‬فمإ ن سميد البشمر صملى الم عليمه وسلم ممع إعلممه بمالوحي‪،‬‬ ‫وغيهم‪ ،‬وإ ن علمم بمواطن أحموالم‪ ،‬ول يكمن ذلمك باخرجه‬ ‫ير ي المور على ظواهرها ف النمافقني‬ ‫عن جريا ن الظواهر على ما جرت عليه )‪.(113‬‬ ‫ث م هنمماك وجه آخممر غي م ممما قمماله الممما م وهو أ ن لفممظ عممدو الم ابممن سمملول يسممتأطيع أ ن ميممار ي فيممه‬ ‫ويدمله الكثي من العان الت يبعد با الشبهة عن نفسه‪ ،‬هذا وال أعلم‪.‬‬ ‫وقد ورد هذا اللفظ ف موطن ثالث‪ ،‬لكن ل يصح…‬ ‫ففممي الممدلئل للممبيهقي قممال‪ :‬أخبن ا أبممو السممن علممي بممن أحممد بممن عبممدا ن أخبن ا أحممد بممن عبيممد‬ ‫الصممفار حممدثنا أبممو عدمممرو الرانم حممدثنا أبممو الصممبغ عبممد العزيز بممن يىيم الرانم حممدثنا مدمممد بممن‬ ‫مسمملدمة عممن مدمممد بممن اسممحق عممن العدمممش عممن عدمممرو بممن ممر ة عممن أبم الباخممت ي عممن حذيفممة بممن‬ ‫اليدما ن قال‪ :‬كنت آخذ بأطا م ناقة رسول ال صلى ال عليه وسلم أقود به‪ ،‬وعدمار يسوقه‪ ،‬أو أنا‬ ‫أسوقه وعدمار يقوده حت إذا كنا بالعقبة فإذا أنا باثن عشر راكبا قد اعتضوه فيها‪ ،‬قال‪ :‬فممأنبهت‬ ‫رسول ال صلى ال عليه وسلم بمم‪ ،‬فصمرخ بمم فول وا ممدبرين فقمال لنما رسول الم صملى الم عليمه‬ ‫وسلم‪ :‬هممل عرفتممم الق مو م؟ قلنمما‪ :‬ل يمما رسول المم‪ ،‬كممانوا متلثدمنيمم‪ ،‬ولكممن قممد عرفنمما الركاب‪ ،‬قممال‪:‬‬ ‫هممؤل ء النممافقو ن إلم يمو م القيامممة‪ ،‬وهل تممدرو ن ممما أرادوا؟ قلنمما‪ :‬ل‪ ،‬قممال أرادوا أ ن يزح وا رسول الم‬ ‫صلى ال عليه وسلم ف العقبة فيلقوه منها‪ ،‬قلنا يا رسول ال أول تبعث إلم عشمائرهم حمت يبعمث‬ ‫إليك كل قو م برأس صماحبهم؟ قمال‪ :‬ل‪ ،‬أكمره أ ن تمدث العمرب بينهما ِأ ن مدممدا قاتمل بقمو م‪ ،‬حمت‬ ‫‪114‬ة‪،‬م قلنمما‪ :‬يمما رس ول ال م ومما‬ ‫إذا أظهممره ال م بممم أقبممل عليهممم يقتلهممم‪ ،‬ث م قممال‪ :‬اللهممم ارمهممم بالُّد بميلَ م‬ ‫الدبيلة؟ قال‪ :‬شهاب من نار يقع على نيا ط قل ب أحدهم فيهلك ) َ (‪.‬‬ ‫وهذه القصة وردت ف تبوك رواها البيهقي ف الدلئل من حديث عرو ة مرسل )‪.(115‬‬ ‫‪117‬ممدلئل أيضمما )‪ (116‬مممن حممديث ابممن اسممحق )صمماح ب الغمماز ي( وفم السممنن الكممبى‬ ‫ورواهمما ف م ال‬ ‫معضل ) (‪.‬‬ ‫والسند الول ضعيف لعلتين‪-:‬‬ ‫فهممو مممن روايممة ابممن اسممحق ول يصممرح بالتحممديث وهو مممدلس‪ ،‬وعبممد العزيز بممن يىيم الرانم ذكره‬ ‫الباخار ي ف الضعفا ء‪ ..‬وتسني مقق الصار م ليس له بسن‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬ ‫‪ 112‬الصار م السلول ‪.3/671‬‬ ‫‪ 113‬الوافقات ‪.2/271‬‬ ‫‪ 114‬دلئل النبو ة ‪.5/260‬‬ ‫‪ 115‬السابق ‪.5/256‬‬ ‫‪ 116‬السابق ‪.5/257‬‬ ‫‪ 117‬السنن الكبى ‪.33– 9/32‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫‪23‬‬

‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫ولكممن قصممة ماولمة النممافقني قتممل رسول ال م صمملى ال م عليممه وسملم ف م غممزو ة تبمموك‪118‬وردت بأسممانيد‬ ‫أخرى بعضها حسن دو ن هذا اللفظ‪ ،‬منها ما أخرجه أحمد رحه الم فم السمند ) ( قمال حمدثنا‬ ‫يزيد )أ ي ابن زريع( قال أخبنا الوليد)يعن ابن عبد الم بمن جيمع( عمن أبم الأطفيمل‪ ،‬قمال‪ :‬لما أقبمل‬ ‫رسول ال صلى ال عليه وسلم من غزو ة تبوك‪ ،‬أمممر مناديما‪ ،‬فنمادى‪ :‬إ ن رسول الم صملى الم عليمه‬ ‫وسلم قمد أخممذ بالعقبممة‪ ،‬فل يأخممذها أحمد‪ ،‬فبيندممما رسول الم صمملى الم عليممه وسلم يقمموده حذيفممة‬ ‫ويسوقه عدمار‪ ،‬إذ أقبل رهط متلثدمو ن على الرواحل فغشوا عدمارا وهو يسوق برسول الم صملى الم‬ ‫عليه وسلم وأقبل عدمار يضرب وجوه الرواحل فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم لذيفممة‪) :‬قممد‪،‬‬ ‫قممد(‪ ،‬حممت هبممط رسول الم صمملى الم عليممه وسلم مممن المواد ي‪ ،‬فلدممما هبممط ورجع عدمممار‪ ،‬قممال‪ :‬يمما‬ ‫عدمار هل عرفت القو م‪ ،‬قال‪ :‬قد عرفت عامة الرواحل والقو م متلثدمو ن‪ ،‬قال‪ :‬همل تممدر ي ممما أرادوا؟‬ ‫قمال‪ :‬الم ورس وله أعلمم ‪ ،‬قمال‪ :‬أرادوا أ ن ينفمروا برسول الم صملى الم عليمه وسلم فيأطرحوه‪ ،‬قمال ‪:‬‬ ‫فسممار عدمممار رجل مممن أصممحاب النممب صمملى الم عليممه وسلم‪ ،‬وقال‪ :‬نشممدتك بممال كممم تعلممم مممن‬ ‫أصممحاب العقبممة؟ قممال‪ :‬أربعممة عشممر رجل‪ ،‬فقممال‪ :‬إ ن كنممت فيهممم فقممد كممانوا خممس عشممر‪ ،‬قممال ‪:‬‬ ‫فعذر رسول ال صلى ال عليه وسلم منهم ثلثة‪ ،‬قالوا‪ :‬ما سعنا مناد ي رسول ال صلى ال عليممه‬ ‫وسلم‪ ،‬وما علدمنا ما أراد القمو م‪ ،‬فقمال عدممار‪ :‬أشمهد أ ن الثنم عشمر البماقني حمرب لم ولرس وله فم‬ ‫اليا ة الدنيا ويو م يقو م الشهاد‪.‬‬ ‫ورواه أحممد بسممند آخممر قممال‪ :‬حممدثنا مدمممد بممن عبممد ال م بممن الزبي م وأبممو النعيممم قممال‪ :‬حممدثنا الوليممد‬ ‫‪ 119‬قال أبو النعيمم عمن أبم الأطفيمل‪ ،‬مثمل جيمع حممدثنا أبمو الأطفيممل قريبمما منمه… وهو‬ ‫)يعن ابن جيع(‬ ‫سند حسن ) (‪.‬‬ ‫فهممؤل ء النممافقو ن ل م يعلممم رس ول ال م صمملى ال م عليممه وسمملم أعيممانم ول ممما أرادوا إل عممن طري ق‬ ‫الوحي‪ ،‬ولذلك ل يعلم عدمار رضي ال عنه ما أرادوا‪ ،‬وأما أعيانم فلم يعرفها من ضرب رواحلهم‬ ‫وإنا علدمهم رسول ال صلى ال عليه وسلم عن طريق الوحي‪.‬‬ ‫وفم الممديث دليممل علممى أ ن رس ول ال م صمملى ال م عليممه وسملم كمما ن يعلممم أعيمما ن النممافقني وأخممب‬ ‫حذيفة بم‪.‬‬ ‫وف دلئل النبو ة للبيهقي ذكر لسائهم من طريق ل تصح نتك ذكرها مافة الطالة‪.‬‬ ‫قممال ابممن تيدميممة ف م الصممار م‪ :‬فممإ ن قيممل فلممم لم يقتلهممم النممب صمملى الم عليممه وسلم مممع علدمممه بنفمماق‬ ‫بعضهم‪ ،‬وقبل علنيتهم؟‬ ‫قلنا‪ :‬إنا ذاك لوجهني‪-:‬‬ ‫أحدها‪ :‬أ ن عامتهم ل يكن ما يتكلدمو ن به من الكفر ما يثبت عليهممم بالبينممة‪ ،‬بممل كمانوا يظهممرو ن‬ ‫السل م‪ ،‬ونفاقهم يعر ف تار ة بالكلدمة يسدمعها منهم الرجل الؤمن فينقلها إل النب صلى الم عليممه‬ ‫وسلم فيحلفو ن بال أنم ما قالوها أو ل يلفو ن‪ ،‬وتار ة با يظهر ممن تمأخرهم عمن الصمل ة والهماد‬ ‫واستثقالم للزكا ة وظهور الكراهية منهم لكثي من أحكا م ال وعامتهم يعرفو ن ف لن القول‪ ،‬كدما‬ ‫قممال تعممال‪) :‬أ م حسمم ب الممذين ف م قلمموبم مممرض أ ن لممن يممرج ال م أضممغانم ولمو نشمما ء لرينمماكهم‬ ‫فلعرفتهممم بسمميدماهم ولتعرفنهممم ف م لممن القممول(]مدمممد ‪ .[30– 29‬فممأخب سممبحانه أنممه لممو شمما ء‬ ‫لعرفهم رسوله بالسيدما ء ف وجوههم‪ ،‬ث قال‪) :‬ولتعرفنهم ف لممن القممول( فأقسممم علممى أنممه لبممد أ ن‬ ‫يعرفهم ف لن القول‪ ،‬ومنهم من كا ن يقول القول أو يعدمل العدمل فينممزل القممرآ ن يممب أ ن صماح ب‬ ‫‪ 118‬السند ‪.390/5-391‬‬ ‫‪ 119‬وأصل القصة عند مسلم ف صحيحه ‪ 4/2143‬ح ‪9‬و ‪.10‬‬ ‫وقد ضعف ابن حز م هذا المديث بقموله‪ :‬حمديث)‪ (..‬سماقط لنمه ممن طريق الوليمد بمن جيمع وهو‬ ‫هالك‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬كذا قمال‪ ،‬والوليممد مممن رجال مسمملم‪ ،‬قممال أحممد وأبمو داود‪ :‬ليممس بمه بمأس‪ ،‬وقال ابمن معنيمم‪:‬‬ ‫ثقة ممأمو ن مرضي‪ ،‬وقال أبمو زرعة‪ :‬لبمأس بمه‪ ،‬وقال أبمو حمات‪ ،‬صمال المديث‪ ،‬وقال ابمن سمعد‪:‬‬ ‫كا ن ثقمة لمه أحماديث‪ ،‬وذكره ابمن حبما ن فم الثقمات)‪ (5/492‬ثم ذكره فم الضمعفا ء )‪– 78 /3‬‬ ‫‪(79‬م ‪ ،‬قممال الممبزار‪ :‬احتدملموا حممديثه وكا ن فيممه تشمميع‪ ،‬وذكره الممذهب فم الممروا ة التكلممم فيهممم بمما ل‬ ‫يوج ب الرد ) ت‪.( 357/‬‬ ‫فهل هذا يقال فيه ما قاله ابن حز م رحه الم ‪ ،‬لكمن ابمن حمز م معمرو ف بأطرحه للرجل بأقمل الكل م‬ ‫فيه‪ ،‬وللتوسع يراجع مقدمة كتاب "تريد أسما ء المروا ة المذين تكلمم فيهمم ابمن حمز م جرحا وتعمديل"‬ ‫بالشاركة‪ ،‬ث إ ن ابن حز م قد رد حديثه الذ ي رواه مسلم ف صحيحه ف قصممة هةجمر ة حذيفممة وأبيممه‬ ‫لينتص ممر لرأي ممه بممأ ن الص ممل ف م الش ممرو ط والعقممود الرم ة كدممما ف م الحك مما م )‪ (5/10‬وهمو خل ف‬ ‫الصواب كدما شرحه ابن القيم رحه ال ف إعل م الوقعني‪.‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫‪24‬‬

‫ذلك القول والعدمل منهم‪ ،‬كدمما فم سمور ة بمرا ء ة )ومنهمم…(‪) ،‬ومنهممم …( وكا ن السمملدمو ن أيضمما‬ ‫يعلدمو ن كثيا منهم بالشواهد والدللت والقرائن والمارات‪ ،‬ومنهممم ممن لم يكممن يعمر ف كدمما قممال‬ ‫تعممال‪) :‬ومن حمولكم مممن العمراب منممافقو ن ومن أهممل الدينممة مممردوا علممى النفمماق ل تعلدمهممم حنممن‬ ‫نعلدمهم(]التوبة ‪ [101‬ث جيع هؤل ء النافقني يظهرو ن السل م‪ ،‬ويلفو ن أنم مسلدمو ن‪.‬‬ ‫وقد اتذوا أميانم جنمة وإذا كمانت همذه حمالم فمالنب صملى الم عليمه وسلم لم يكمن يقيمم المدود‬ ‫بعلدمه ول بب الواحد ول بةجرد الوحي‪ ،‬ول بالدلئل والشواهد حت يثبت المموج ب للحممد ببينممة أو‬ ‫أقرار‪ ،‬أل ترى كيف أخب عن الرأ ة اللعنة أنا إ ن جا ءت بالولد على نعت كذا وكذا فهو للذ ي‬ ‫رميت به‪ ،‬وجا ءت على النعت الكروه‪.‬‬ ‫فقال‪" :‬لول الميا ن لكا ن ل ولا شأ ن"]رواه الباخار ي[ * ‪.‬‬ ‫وكا ن بالدينة امرأ ة تعلن الشر‪ ،‬فقال‪" :‬لو كنت راجا أحدا من غي بينة لرجتها"]متفق عليه[‪.‬‬ ‫ل‪ ،‬ولعممل بعضممكم أ ن يكممو ن ألممن بةجتممه مممن بعممض‬ ‫وقال للذين اختصدموا إليه‪" :‬إنكم تتصدمو ن إ‬ ‫فأقضي بنحو مما أسمع‪ ،‬فدممن قضميت لمه ممن حّمق أخيمه شميئا فل يأخمذه‪ ،‬فإنما أقأطمع لمه قأطعمة ممن‬ ‫النممار"]رواه السممتة ومالممك وأحممد[‪ .‬فكمما ن تممرك قتلهممم مممع كممونم كفممارا لعممد م ظهممور الكفممر منهممم‬ ‫بةجة شرعية‪.‬‬ ‫ويدل على هذا أنه ل يستتبهم على التعيني‪ ،‬ومن العلمو م أ ن أحسمن حمال ممن ثبمت نفماقه وزندقته‬ ‫أ ن يستتاب كالرتد‪ ،‬فإ ن تاب وإل قتل‪ ،‬ول يبلغنا أنه استتاب واحدا بعينممه منهممم‪ ،‬فعلممم أ ن الكفممر‬ ‫والرد ة ل تثبت على واحد بعينه ثبوتا يمموج ب أ ن يقتمل كالرتد‪ ،‬ولذا كما ن يقبممل علنيتهممم‪ ،‬ويكممل‬ ‫سمرائرهم إلم المم‪ ،‬فممإذا كممانت هممذه حممال مممن ظهممر نفمماقه بغيم البينممة الشممرعية فكيممف حممال مممن لم‬ ‫يظهر نفماقه؟ ولذا قمال صملى الم عليمه وسلم‪" :‬إنم لم أومر أ ن أنقم ب عمن قلموب النماس ول أشمق‬ ‫بأطونم"]متفق عليه[‪.‬‬ ‫لا استؤذ ن ف قتل ذ ي الويصر ة‪ ،‬ولا استؤذ ن ف قتل رجل من النافقني قال‪" :‬أليممس يشممهد أ ن ل‬ ‫إلممه إل المم؟ "قيممل‪ :‬بل‪ ،‬قممال‪" :‬أليممس يصمملي؟ " قيلممل‪ :‬بل‪ ،‬قممال‪" :‬أولئممك الممذين نممان ال م عممن‬ ‫قتلهم"]رواه الما م مالك وأحد[‪ ،‬فأخب صلى ال عليه وسلم أنه ني عن قتل مممن أظهممر السمل م‬ ‫ممن الشمهادتني والصمل ة وإ ن ُزّ ن )أ ي اتمم( بالنفماق ورمي بمه وظهمرت عليمه دللتمه – إذا لم يثبمت‬ ‫بةج ممة ش ممرعية أن ممه أظه ممر الكف ممر وك ذلك ق موله ف م ال ممديث الخ ممر‪" :‬أم ممرت أ ن أقات ممل الن مماس ح ممت‬ ‫يشممهدوا أ ن ل إلممه إل ال م وأن م رس ول المم‪ ،‬فممإذا قالوهما عصممدموا من م دممما ءهم وأم موالم إل بقهمما‬ ‫وحسابم على ال"]رواه الستة ورواه الما م أحد[‪ .‬معناه أن أمرت أ ن أقبل منهمم ظماهر السمل م‪،‬‬ ‫وأكممل ب مواطنهم إل م المم‪ ،‬والزنديق والنممافق إنمما يقتممل إذا تكلممم بكلدمممة الكفممر وقمامت عليممه بممذلك‬ ‫البينة‪ ،‬وهذا حكم بالظاهر‪ ،‬ل بالباطن‪ ،‬وبذا الواب يظهر فقه السألة‪.‬‬ ‫المموجه الثممان‪ :‬أنممه صمملى الم عليممه وسلم كمما ن يمما ف أ ن يتولد مممن قتلهممم مممن الفسمماد أكممثر ممما فم‬ ‫اسممتبقائهم‪ ،‬وقد بنيم ذلممك حيممث قممال‪" :‬ل يتحممدث النمماس أ ن مدمممدا يقتممل أصممحابه" وقال‪" :‬إذا‬ ‫ترعد لممه آنممف كممثي ة بيممثرب"‪ ،‬فممإنه لممو قتلهممم بمما يعلدمممه مممن كفممر لوشك أ ن يظممن الظمما ن أنممه إنمما‬ ‫قتلهم لغراض وأحقاد وإنا قصده الستعانة بم على اللك‪ ،‬كدما قال‪ ":‬أكره أ ن تقول العرب لمما‬ ‫ظف ممر بأص ممحابه أقب ممل يقتله ممم"‪ ،‬وأ ن ي مما ف م ممن يريم د ال ممدخول ف م الس ممل م أ ن يقت ممل م ممع إظه مماره‬ ‫السل م كدما قتل غيه‪.‬‬ ‫وقمد كمما ن أيضمما يغضمم ب لقتممل بعضممهم قممبيلته ونماس آخممرو ن ويكممو ن ذلممك سممببا ف م الفتنممة‪ ،‬واعتممب‬ ‫ذلك بما جمرى فم قصمة عبمد الم بمن أبم لما عمرض سمعد بمن معماذ بقتلمه خاصمم لمه أنماس صمالو ن‬ ‫وأخذتم الدمية حت سكنهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وقد بني ذلك رسول الم صمملى الم‬ ‫عليه وسلم لا استأذنه عدمر ف قتل ابن أب‪ ،‬قمال أصمحابنا‪ :‬وحنن ال ن إذا خفنما مثمل ذلمك كففنما‬ ‫عن القتل‪.‬‬ ‫فحاصممله أ ن الممد ل م يقممم علممى واحممد بعينممه‪ ،‬لعممد م ظهمموره بالةجممة الشممرعية الممت يعلدمممه بمما العمما م‬ ‫والاص‪ ،‬أو لعد م إمكا ن إقامته‪ ،‬إل مع تنفي أقوا م عن الدخول ف السل م‪ ،‬وارتداد آخرين عنممه‪،‬‬ ‫وإظهار قو م من الرب والفتنة ما يرب فساده على فساد ترك قتل منافق‪ ،‬وهذا ن العنيا ن حكدمهدما‬ ‫باق إل يومنا هذا‪ ،‬إل ف شي ء واحد وهو أنه صلى ال عليه وسلم ربا خا ف أ ن يظن الظا ن أنممه‬ ‫يقتل أصحابه لغرض آخر مثل أغراض اللوك‪ ،‬فهذ منتف اليو م‪.‬‬

‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫‪25‬‬

‫والممذ ي يممبني حقيقممة ال مواب الثممان أ ن النممب صمملى ال م عليممه وسملم لمما كمما ن بكممة مستضممعفا هممو‬ ‫وأصمحابه عماجزين عمن الهماد أمرهم الم بكمف أيمديهم والصمب علمى أذى الشمركني‪ ،‬فلدمما هماجروا‬ ‫إل الدينة وصار له دار عز ومنعة أمرهم بالهاد وبالكف عدمن سالهم وكف يممده عنهممم‪ ،‬لنممه لممو‬ ‫أمره م إذ ذلممك بإقامممة الممدود علممى كممل كممافر ومنممافق لنفممر عممن السممل م أكممثر العممرب إذ رأو أ ن‬ ‫بعض من دخل فيه يقتل‪ ،‬وف مثل هذه الال نزل قوله وتعال‪) :‬ول تأطممع الكممافرين والنممافقني ودع‬ ‫أذاهم وتوكل علمى الم وكفمى بمال وكيل(]الحمزاب ‪ .[48‬وهذه السمور ة نزلت بعمد النمدق‪ ،‬فمأمره‬ ‫الم فم تلممك المال أ ن يممتك أذى الكممافر ن والنممافقني لممه فل يكممافئهدمم عليممه لمما يتولد فم مكافممتآتم‬ ‫من الفتنمة‪ ،‬ول يمزل الممر كمذلك حمت فتحمت مكمة‪ ،‬ودخلمت العمرب فم ديمن الم قاطبمة‪ ،‬ثم أخمذ‬ ‫النممب صمملى الم عليممه وسلم فم غممزو الممرو م‪ ،‬وأنممزل الم سممور ة بمرا ء ة‪ ،‬وكدمممل شمرائع الممدين مممن الهمماد‬ ‫والممج والمممر بممالعرو ف‪ ،‬فكمما ن كدمممال الممدين حنيم نممزل قموله تعممال‪) :‬اليمو م أكدملممت لكممم دينكممم(‬ ‫]الائد ة ‪ [3‬قبل الوفا ة بأقل من ثلثة أشهر‪ ،‬ولا أنزل برا ء ة أمره بنبذ العهود الت كممانت للدمشممركني‬ ‫وقال فيها‪) :‬يا أيهما النمب جاهمد الكفمار والنمافقني وأغلمظ عليهمم(]التوبة ‪ [73‬وهذه اليمة ناسماخة‬ ‫لقموله‪) :‬ول تأطممع الكممافرين والنممافقني ودع أذاهممم( وذلممك أنممه لم يبقممى حينئممذ للدمنممافق مممن يعينممه او‬ ‫يقيمم عليمه المد‪ ،‬ول يبقمى حمول الدينمة ممن الكفمار ممن يتحمدث بمأ ن مدممدا يقتمل أصمحابه‪ ،‬فمأمره‬ ‫ال بهادهم والغلظ عليهم‪ ،‬وقد ذكر أهمل العلمم أ ن آيمة الحمزاب منسموخة بمذه اليمة وحنوها‪،‬‬ ‫وقال ف الحزاب‪) :‬لئن ل ينته النافقو ن والذين ف قلوبم مرض والرجفو ن ف الدينمة لنغرينمك بمم‬ ‫ثم ل ياورونك فيهما إل قليلً * ملعمونني أيندمما ثقفموا ُأخذوا … اليمة(]الحمزاب ‪ [61-60‬فعلمم‬ ‫أنممم كممانوا يفعلممو ن أشمميا ء إذ ذاك ل م ينتهموا عنهمما قتل موا عليهمما فم السممتقبل لمما أعممز الم دينممه ونصممر‬ ‫رسوله صلى ال عليه وسلم فحيثدما كا ن للدمنافق ظهور يما ف ممن إقاممة المد عليمه فتنمة أكمب ممن‬ ‫بقممائه عدملنمما بتآيممة‪) :‬دع أذاهممم( كدممما إنممه حيممث عةجزنا عممن قتممال الكفممار عدملنمما بتآيممة الكممف عنهممم‬ ‫والصفح‪ ،‬وحيثدما حصل القو ة والعز ة خوطبنا بقوله‪) :‬جاهد الكفار والنافقني(‪.‬‬ ‫فهممذا يممبني أ ن المسمماك عممن قتممل مممن أظهممر نفمماقه بكتمماب ال م علممى عهممد الرسول صمملى ال م عليممه‬ ‫وسلم إذ ل نسخ بعده‪ ،‬ول ندع أ ن الكم تغي بعده لتغيي الصلحة من غي وحي نممزل‪ ،‬فممإ ن هممذا‬ ‫تصممر ف ف م الش مريعة‪ ،‬وتويمل لمما ب مرأ ي‪ ،‬ودعمموى أ ن الكممم الأطلممق كمما ن لعن م قممد زال‪ ،‬وه و غي م‬ ‫مال‪ :‬إ ن حكممم الؤلفممة انقأطممع ول يمأت علممى انقأطمماعه بكتمماب ول سممنة‬ ‫جممائز‪ ،‬كدمما نسممبوا إلم مممن قم‬ ‫سوى ادعا ء تغيي الصلحة )‪.(120‬‬ ‫قلممت‪ :‬والممو ف مممن فتنممة قتممل النممافقني إنمما يعممود بعممد المممر بقتلهممم وتغيي م الكممم إل م عممد م ثبمموت‬ ‫ممموج ب القتممل‪ ،‬وهذا يق موله ابممن تيدميممة نفسممه كدممما ف م مدممموع الفتمماوى حيممث يقممول‪ :‬والممذين كمما ن‬ ‫‪121‬كمما ن يصممل‬ ‫يعرفهممم لممو عمماق ب بعضممهم لغضمم ب لممه قممومه ولقممال النمماس إ ن مدمممدا يقتممل أصممحابه‪ ،‬ف‬ ‫بسب ب ذلك نفور عن السل م‪ ،‬إذ ل يكن الذن ب ظاهرا يشتك الناس ف معرفته ) (‪.‬‬ ‫وبذا ل يمموز الحتةجمماج بممذا اللفممظ النبممو ي علممى أ ن رسول ال م صمملى ال م عليممه وسملم تممرك قتممل‬ ‫بعض أصحابه ممع اسمتحقاقهم القتمل وثبموت التهدممة عليهمم ثم يقمول‪ :‬ل أقتلهمم حمت ل يقمال أنم‬ ‫أقتل أصحاب‪ ،‬فإنه قد علم أ ن رسول الم صمملى الم عليممه وسلم قتممل بعمض الفضمل ء ممن أصممحابه‬ ‫كدماعز والغامدية‪ ،‬وهم القأطوع لم بالميا ن والنمة‪ ،‬بمل رجهدمما بالةجمار ة رضي الم عنهدمما‪ ،‬وبذا‬ ‫يتبني أ ن الناس سيقولو ن أ ن مدمدا صملى الم عليمه وسلم يقتمل أصمحابه لما ل يكمو ن حةجمة شمرعية‬ ‫ظمماهر ة عليهممم‪ ،‬وهمذا ممما يمموج ب اضممأطراب القلمموب وتغيهما‪ ،‬ولممذلك سمميقولو ن‪ :‬إ ن مدمممدا يقتممل‬ ‫أصحابه‪.‬‬ ‫ث م تأمممل كلدمممة "أصممحابه" هممذه تنبيممك بممالواب‪ ،‬فممإ ن هممؤل ء النممافقني عنممد بعممض الصممحابة وعنممد‬ ‫العرب هم من الصحابة‪ ،‬ول تقم بينة أنم ممن أعمدائه بمل ممن أشمد أعمدائه )همم العمدو فاحمذرهم(‬ ‫وه ذا لس مرارهم وتفيهممم‪ ،‬وأممما إذا أقيدمممت الةجممة الشممرعية عليهممم بظهممور نفمماقهم فقممد بمما ن لكممل‬ ‫مالف أنم من أعدائه وليسوا لمه بأصمحاب كدمما قتمل جاعمة عكمل وعرينمة لما بما ن عمدائهم ‪ ،‬والم‬ ‫أعلم‪.‬‬ ‫‪ 120‬الصار م السلول ‪ 3/673‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ 121‬مدموع الفتاوى ‪.423-7/422‬‬ ‫انظممر قممول الشمماطب رحه ال م ف م الوافقممات )‪ 2/271‬ومما بعممدها( وتأمممل بتعةجمم ب مأطممرب كيممف‬ ‫تتوافممق أق موال الئدمممة بعانيهمما لتفهممم كيممف تكممو ن هدايممة الكتمماب والسممنة لممن صممدر عنهدممما‪ ،‬وابممن‬ ‫تيدميممة رحه ال م مش مرقي شممامي‪ ،‬والشمماطب رحه ال م مغربم أندلسممي‪ ،‬وابممن تيدميممة تمموف سممنة ‪728‬‬ ‫هةجرية والشاطب ‪ 790‬هةجرية‪ ،‬فلم يأخذ أحدها من الخر ولكنها الداية واتفاق الصممدر‪ ،‬رحم‬ ‫ال أئدمتنا وألقنا بم على خي وهداية‪.‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫‪26‬‬

‫التحقيق في سصبب ورود قصوله تعصالى‪) :‬ولئممن سممألتهم ليقولو ن إنمما كنمما نمموض ونلعمم ب‪ ،‬قممل أبممال‬ ‫وآيمماته ورس وله كنتممم تسممتهزؤو ن * ل تعتممذروا قممد كفرت بعممد إميممانكم إ ن نعممف عممن طائفممة منكممم‬ ‫نعذب طائفة بأنم كانوا مرمني( ]التوبة ‪.[66-65‬‬ ‫ورد مرفوعا )‪ (122‬ف سب ب نزول هاتني اليتني ما يلي‪-:‬‬ ‫قال ابن أب حات‪ :‬حدثنا يونس بن عبد العلى حدثنا عبد الم بمن وه ب أخمبن هشمما م بمن سممعد‬ ‫عن زيد بمن أسملم عمن عبمد الم بمن عدممر قمال‪ :‬قمال رجل فم غمزو ة تبموك فم ملمس يوما‪ :‬مما رأيمت‬ ‫مثل قرا ئنا ّهؤل ء‪ ،‬ل أرغ ب بأطونا ول أكذب ألسنة ول أجب عند اللقا ء‪ ،‬فقمال رجل فم اللمس‪:‬‬ ‫كذبت‪ ،‬ولكنك منافق‪ ،‬لخب ن رسول ال صلى ال عليمه وسلم‪ ،‬فبلمغ ذلمك النمب صملى الم عليمه‬ ‫وسلم ونزل القممرآ ن‪ ،‬قممال عبممد المم‪ :‬فأنمما رأيتممه متعلقمما بقمم ب ناقممة رسول الم صمملى الم عليممه وسلم‬ ‫تنكبه الةجار ة وهو يقول‪ :‬يا رسول ال إنا كنا نموض ونلعم ب‪ ،‬ورسول الم صملى الم عليمه وسلم‬ ‫يقول‪ :‬أبال واياته ورسوله كنتم تستهزؤو ن‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬سنده صحيح ومن طريق هشا م بن سعد رواه الأطب ي ف تفسيه‪.‬‬ ‫وورد ف ذلك سب ب آخر أعرضت عنه لضعفه‪ ،‬وأما تعيني الرجل فورد ف ذلممك أحماديث ل تزيدنا‬ ‫ف هذا الباب الذ ي حنن فيه‪.‬‬ ‫ولو أنعدمممت فم الممديث نظمرا‪ ،‬وفكممرت فم قممول الرجل لوجدته مممن لممن القممول الممذ ي ل تقمو م بممه‬ ‫حةجة على قتله رد ة‪ ،‬ولكن جا ء القرآ ن ليفضح ما ف قلبه عنممد قموله وهو الكفممر‪ ،‬ولذلك قمال الم‬ ‫قبممل‪) :‬يممذر النممافقو ن أ ن تنممزل عليهممم سممور ة تنممبئهم بمما ف م قلمموبم‪ ،‬قممل اسممتهزؤوا إ ن ال م مممرج ممما‬ ‫تذرو ن( ]التوبة ‪.[64‬‬ ‫فالية فضحت كفر قلبه الذ ي دفعه لذا الكل م‪ ،‬وهو كل م أخفى الكثي من مراده وأظهر بعضممه‬ ‫مافة السيف أو مافة الفضيحة‪ ،‬وهو قول لو قاله اليو م أحد لا ثبمت لنما ممراده حمت نسمتوثق منمه‪،‬‬ ‫وهذا شأ ن كل كل م متدمل غي صريح‪ ،‬والرجل بكل يسر سيقول‪ :‬أنا أس ب رجال با أراه فيهمم‪،‬‬ ‫وأقص ممى م مما يك ممم علي ممه التعزيم ر ف م ش ممتدمه الس مملدمني‪ ،‬م ممع أ ن الال ممة ال ممت ورد فيه مما س ممب ب الن ممزول‬ ‫سيدخل ف كلممه فم الشمتم والسم ب رسول الم صملى الم عليمه وسلم‪ ،‬ولكنمه يسمتأطيع أ ن يلمف‬ ‫)كعاد ة النافقني وكدما فعل( أنه ما أراد‪.‬‬ ‫ث لمو أنعدممت أخمرى فسمتى أنمه حلمف أنمه كما ن يموض ويلعم ب‪ ،‬ولفظمه يتدممل همذا‪ ،‬ولكننما نمز م‬ ‫بكذبه بنص الوحي‪ ،‬وليس هو ما تقا م به الدود والحكا م‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬ ‫هذا ناية المر ف هذا الباب‪ ،‬فل يوز لحد أ ن يزعم أ ن رسول ال صلى ال عليه وسلم أسممقط‬ ‫عن النافقني حد الرد ة مع استحقاقهم له‪ ،‬فإ ن قائل هذا مبأطل مةجوج ول يبعممد عنممه الكفممر عيمماذا‬ ‫بال تعال كدما تقد م من كل م ابن حز م رحه ال تعال‪.‬‬ ‫قوله سبحانه‪) :‬اتخذوا أيمانهم جنة( ‪:‬‬ ‫وما ذكره ال تعال ف كتابه من أسباب النافقني ف دفع الكم الشمرعي عنهمم بالقتمل همو اللمف‬ ‫لرسول الم صمملى الم عليممه وسلم ولصممحابه رضي الم عنهممم أنممم علممى ديممن السممل م ول يرج وا‬ ‫منه‪.‬‬ ‫قال تعال‪) :‬يلفو ن بال ليضوكم وال ورسوله أحق أ ن يرضوه إ ن كانوا مؤمنني( ]التوبة ‪.[62‬‬ ‫قال الأطب ي‪ :‬يلف لكم أيها الؤمنو ن هؤل ء النافقو ن بمال ليضوكم فيدمما بلغكمم عنهمم ممن أذاهمم‬ ‫رسول ال صلى ال عليه وسلم وذكره إياهم بالأطعن عليه‪ ،‬والعي ب له‪ ،‬ومأطابقتهم سرا أهل الكفر‬ ‫‪ 122‬قلت مرفوعا‪ :‬ل ن سب ب النزول إذا ورد من قول الصحاب فإنه ف حكم الرفوع كدما قاله جع‬ ‫من الئدمة منهم الباخار ي وأبو عبد ال الاكم ونصره ابن تيدمية ف رسالته مقدمة ف التفسي‪.‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫‪27‬‬

‫الفاجر ة أنم مما فعلموا ذلمك‪ ،‬وإنمم لعلمى دينكمم ومعكمم علمى ممن خمالفكم‪،‬‬ ‫عليكم‪ ،‬بال والميا ن‬ ‫يبتغو ن بذلك رضاكم )‪.(123‬‬ ‫وقال تعال‪) :‬يلفو ن لكمم لتض وا عنهمم فمإ ن ترض وا عنهمم فمإ ن الم ل يرضى عمن القمو م الفاسمقني(‬ ‫]التوبة ‪.[96‬‬ ‫وقال تعمال‪) :‬يمو م يبعثهممم الم جيعمما فيحلفمو ن لمه كدمما يلفممو ن لكمم ويسممبو ن أنمم علممى شممي ء أل‬ ‫إنم هم الكاذبو ن( ]الادلة ‪ ،[18‬وقال تعال‪) :‬ويلفو ن بال إنم لنكممم وما هممم منكمم ولكنهممم‬ ‫قو م يفرقو ن( ]التوبة ‪.[65‬‬ ‫فممبني ال م سممبحانه أ ن خمموفهم منكممم هممو الممذ ي جعلهممم يلفممو ن هممذه الميمما ن الكاذبممة إنممم منكممم‪،‬‬ ‫فدل هذا أنه كا ن لميانم مانعا من قتلهم‪.‬‬ ‫وقد ورد قبل بعض الحاديث ف حلفهم الكذب ف سب ب آية الادلة التقدمة من حديث الرجل‬ ‫الزرق‪ ،‬وحلف ابن أب أنممه مما قممال كلدمتمه العظيدمممة )لئممن رجعنمما إلم الدينممة…‪ (.‬وقد تقممد م أصممل‬ ‫الممديث وحلممف الرهط الممذين أرادوا قتلممه فم العقبممة منصممرفه صمملى الم عليممه وسلم مممن تبمموك‪ ،‬وقد‬ ‫تقد م أصل الديث كذلك‪.‬‬ ‫وروى مسمملم ف م صممحيحه عممن أب م سممعيد الممدر ي قممال‪ :‬إ ن رج ال مممن النممافقني ف م عهممد الرسول‬ ‫صلى ال عليه وسلم كما ن إذا خمرج رسول الم صملى الم عليمه وسلم تلفموا عنمه بقعمدهم خل ف‬ ‫رسول ال صلى ال عليمه وسلم‪ ،‬فمإذا قمد م النمب صملى الم عليمه وسلم اعتمذروا إليمه وحلفموا وأحبموا‬ ‫أ ن يدمدوا با ل يفعلوا‪ ،‬فل تسبنهم بفاز ة من العذاب‪.‬‬ ‫ومثلها ما وقع ممن سمب ب نمزول قموله تعمال‪) :‬سميحلفو ن بمال لكمم إذا انقلبتمم إليهمم لتعرض وا عنهمم‬ ‫فأعرضوا عنهم إنم رجس ومأواهم جهنم جزا ء با كانوا يكسبو ن( ]التوبة ‪.[95‬‬ ‫وذلك بعد رجوعه صلى ال عليه وسلم من تبوك‪ ،‬قال كع ب بن مالك‪ :‬لمما قممد م رسول الم صمملى‬ ‫‪ 124‬مممن تبمموك جلممس للنمماس‪ ،‬فلدممما فعممل ذلممك جمما ءه الاخلفممو ن فأطفق موا يعتممذرو ن إليممه‬ ‫ال م عليممه وسملم‬ ‫ويلفو ن له ) (‪.‬‬ ‫ومن العلمو م أ ن أميمما ن التهممم ل قيدمممة لمما إذا قممامت البينممة الشممرعية‪ ،‬وإنمما الميمما ن تنفممع صمماحبها إذا‬ ‫ضعفت البينة‪ ،‬فإ ن التهم يدرأ عنه التهدمة باللف‪ ،‬وما تقد م ممن حلفهمم كما ن ينفعهمم فم دفعهمم‬ ‫حكممم القتممل عنهممم لعممد م ثبمموت الةجممة الشممرعية عليهممم فيدممما قممالوا مممن لممن القممول‪ ،‬أو فيدممما قممالوه‬ ‫أصل‪ ،‬فإنم كانوا ينفو ن ف بعمض الحمداث أصممل الكل م المذ ي يصمل إلم مسمامع الرسول صمملى‬ ‫ال عليه وسلم عن طريق الوحي أو عن طريق آحاد الصحابة رضي ال عنهم‪.‬‬ ‫ولذا كانت أميانم جنة أ ي حاية لم من وقوع السيف عليهم‪.‬‬ ‫قممال ابممن تيدميممة‪ :‬واليدمني م إنمما ت‪125‬كممو ن جنممة إذا لم تممأت بينممة عادلممة تكممذبا‪ ،‬فممإذا كممذبتها بينممة عادلممة‬ ‫انرقت النة‪ ،‬فةجاز قتلهم ) (‪.‬‬

‫حكم الزنديق في مذاهب الفقهاء ‪:‬‬ ‫ومتابعة الرسول وأبأطنوا الكفر ومعادا ة ال ورسوله‪ ،‬وهؤل ء النممافقو ن‬ ‫الزنادقة ‪ :‬هم أظهروا السل م‬ ‫هم ف الدرك السفل من النار )‪.(126‬‬ ‫‪ 123‬جامع البيا ن ‪.10/170‬‬ ‫‪ 124‬رواه الأطب ي ‪ 11/3‬بسند صحيح‪ ،‬وأصله ف الباخار ي ف كتاب الغاز ي باب غزو ة تبوك‪.‬‬ ‫‪ 125‬الصار م السلول ‪ ،3/657‬وانظر ما قاله الما م الأطلب رحه ال ف ال م )‪.(180-6/179‬‬ ‫‪ 126‬طريق الةجرتني بتحقيقي ص ‪.595‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫‪28‬‬

‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫وقال ابن حةجر‪ :‬الزنديق من ل يعتقد ملة وينكر الشرائع‪ ،‬ويأطلق على النافق )‪.(127‬‬ ‫وقال ابن تيدمية‪ :‬الزنديق فم عمر ف الفقهما ء همو النمافق الممذ ي كما ن علمى عهمد النممب صملى الم عليمه‬ ‫‪ 128‬كممدين اليهمود والنصمارى‬ ‫وسلم وهو أ ن يظهر السل م ويبأطن غيمه‪ ،‬سموا ء أبأطمن دينما مممن الديمما ن‪،‬‬ ‫أو غيهم‪ ،‬أو كا ن معأطل جاحدا للصانع والعاد والعدمال الصالة ) (‪.‬‬ ‫حكمة ‪:‬‬ ‫مو ي‪ :‬وذهمم ب جاعممة إلم أ ن إسممل م الزنديق والباطنيممة ل يقبممل بكممل حممال وهو قممول مالممك‬ ‫قممال البغم‬ ‫وأحد )‪.(129‬‬ ‫قممال مالمك‪ :‬النفماق فم عهممد الرسول صملى الم عليمه‪130‬وسلم همو الزندقممة فينما اليمو م‪ ،‬فيقتممل إذا شممهد‬ ‫عليه با دو ن استتابة لنه ليظهر ما يستتاب منه ) (‪.‬‬ ‫‪ 131‬وأما إذا كا ن مستتا بالكفر فهو الزنديق وحكدمه عندنا الكفر من غي استتابة‪،‬‬ ‫وقال ابن سلدمو ن‪:‬‬ ‫فل تقبل توبته) (‪.‬‬ ‫قبل أ ن يؤخذ فأقر أنه زنديق فتماب عمن ذلمك‪ ،‬تقبمل‬ ‫وأما أبو حذيفة ففي الانية‪ :‬إ ن جا ء الزنديق‬ ‫توبته‪ ،‬وإ ن أخذ ث تاب ل تقبل توبته ويقتل)‪.(132‬‬ ‫وقال‪ :‬أقتل الزنديق سرا فإ ن توبته ل تعر ف)‪.(133‬‬ ‫وهو قول أحد )‪ .(134‬واسحق )‪.(135‬‬ ‫وقال الشافعي‪ :‬يستتاب الرتد ظاهرا والزنديق جيعا )‪.(136‬‬ ‫وللعلدما ء تفصيل ف تعدد القوال ف الذه ب الواحد نعرض عنه مافة الطالة‪.‬‬ ‫‪137‬ممي حةجتهممم فم قتممل الرتد دو ن فممرق وهو قموله صمملى الم عليممه وسلم‪:‬‬ ‫وحةجتهممم فم قتممل الزنديق ه‬ ‫"من بدل دينه فاقتلوه" ) (‪.‬‬ ‫‪ 127‬مقدمة الفتح )هدى السار ي( ص ‪.128‬‬ ‫‪ 128‬مدممموع الفتمماوى ‪ 7/471‬وابممن تيدميممة إنمما تكلممم عممن النفمماق ف م هممذا المموطن لمممر مهممم جممدا‬ ‫ينبغممي أ ن يلحممق فم مسممألة أهممل الهموا ء ودخممولم فم أهممل القبلممة‪ ،‬فممإنه بنيم أ ن أهممل الهموا ء فيهممم‬ ‫الاهممل العممذور وفيهممم النممافق الزنديق الممذ ي يظهممر خل ف ممما يبأطممن‪ ،‬وهو رد منممه علممى مممن كفممر‬ ‫أهل الهوا ء من أهل القبلة بأعيانم جلة‪ ،‬ومراده أنه لبد أ ن يكمم علمى أعيمانم بما يعمر ف منهمم‬ ‫ف الظاهر‪ ،‬فالول جاهل معذور والقسم الخر فيهمم منمافق فم البماطن مسملم فم الظماهر‪ ،‬ومنهمم‬ ‫منافق ف الباطن علم نفاقه من لن القول‪ ،‬ومنهم منافق ف الباطن كافر ف الظاهر بما أظهمره ممن‬ ‫كفره‪ ،‬وهذا بعض مقصودنا ف هذا البحث ف بيا ن حكم النافقني‪.‬‬ ‫‪ 129‬شرح السنة ‪.10/243‬‬ ‫‪ 130‬تبصمر ة الكمما م فم أصمموب أقضممية الحكمما م ‪ ،2/193‬وكذا قممال ابممن عبممد الممب فم السممتذكار‬ ‫‪.22/146‬‬ ‫‪ 131‬هامش تبصر ة الكا م ‪.2/268‬‬ ‫‪ 132‬البحر الرائق لبن نيم ‪ 5/136‬وانظر الشباه والنظائر له ص ‪.189‬‬ ‫‪ 133‬أحكا م القرآ ن للةجصاص ‪ ،3/350‬وانظر الدر الاختار لبن عابدين ‪.3/456‬‬ ‫‪ 134‬البدع للحنابلة ‪ ،9/179‬والغن ‪ .8/126‬وإ ن كا ن صاح ب الغن قد اختار قبول توبته‪.‬‬ ‫‪ 135‬التدمهيد لبن عبد الب ‪.5/310‬‬ ‫‪ 136‬انظر الهذب للشياز ي ‪ ،223– 2/222‬وكفاية الخيار للحصكفي ‪.2/125‬‬ ‫‪ 137‬رواه الباخار ي ‪ 12/237‬و ‪ 239‬من حديث ابن عباس رضي ال عنهدما‪.‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


‫‪29‬‬

‫مسائل في النفاق‪. . .‬‬

‫وقم وله سممبحانه‪) :‬أخممذوا وقتل موا تقممتيل(‪ ،‬وقم وله‪) :‬جاهممد الكفممار والنممافقني(‪ ،‬وقم وله‪) :‬فقمماتلوا أئدمممة‬ ‫الكفر(‪ ،‬وقد تقد م وجه هذه الدللة لذه اليات‪.‬‬ ‫‪138‬مر‪ ،‬فمإذا وقف علمى ذلمك منمه‬ ‫يقول الزركشي‪ :‬وأما الزنديق فلنه كا ن مظهرا للسل م‪ ،‬ومسمرا للكف‬ ‫فأظهر التوبة ل يزد على ما كا ن منها قبلها وهو إظهار السل م ) (‪.‬‬ ‫يقول ابن تيدمية‪ :‬والزنديق هو النافق وإنما يقتلمه ممن يقتلمه إذا ظهمر منمه أنمه يكتمم النفماق‪ ،‬قمالوا ول‬ ‫‪139‬ميمما ن وهو منممافق ولو‬ ‫تعلممم تمموبته ل ن غايممة ممما عنممده أنممه يظهممر ممما كمما ن يظهممر‪ ،‬وقد كمما ن يظهممر ال‬ ‫قبلت توبة الزنادقة ل يكن سبيل إل تقتيلهم والقرآ ن قد توعدهم بالقتل ) (‪.‬‬ ‫وحةجممة الشممافعي رحه المم‪ ،‬قموله تعممال‪) :‬اتممذوا أميممانم جنممة(‪ ،‬فقممد قبممل الم منهممم أميممانم جنممة فم‬ ‫عد م قتلهم‪ ،‬فإ ن استتيبوا فحلفوا خلي سبيلهم‪.‬‬ ‫والممذ ي أعتقممده أ ن الصمواب عممد م قبممول تمموبته‪ ،‬وما احتممج بممه إمامنمما الشممافعي رحه الم ليممس بةجممة‬ ‫على ما أراد‪ ،‬وقد تقد م كل م ابن تيدمية رحه الم فم تفسممي النممة المت ل تمرق‪ ،‬ثم إ ن الميما ن المت‬ ‫نفعتهممم هممي عنممد ضممعف الدلممة أو عممد م قبولما ف م حممق زندقتهم كدممما تممبني لنمما ف م مبحممث عممد م‬ ‫إظهار النافقني لنفاقهم‪.‬‬ ‫والدمد ل رب العالني‬

‫تم تنزيل هذه المادة من‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬ ‫‪http://www.tawhed.ws‬‬ ‫‪http://www.almaqdese.com‬‬ ‫‪http://www.alsunnah.info‬‬

‫‪ 138‬شرح الزركشي على متصر الرقي ‪.6/228‬‬ ‫‪ 139‬مدموع الفتاوى ‪.7/212‬‬ ‫منبر التوحيد والجهاد‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.