دموع الوهم

Page 1



‫دﻣﻮع اﻟﻮﱒ || ﶊﺪ رﺿﻮان‬ ‫عندما تضيق بك سبل الحياة و تصبح بال قيمة ُت ْذكر تبقى الكتابة ھى السالح األول للتھوين‬ ‫‪ ،‬فأرجو من كل من يقرأ قصتى أال ينظر لى بعين الشفقة فأنا ال أكتب حتى أثير شفقتكم‬ ‫‪ ،‬و أرجو أيضا ً أن ال تثير قصتى غثيان البعض ليتھمونى بالغباء فلو كنتم مكانى لفعلتم مثل فعلتى و‬ ‫لم يكن ألحد أن يلومكم عليھا ‪.‬‬ ‫ال أعلم من أين أبدأ حكايتى ھذه ؟!! ‪ ،،‬ھل أبدأھا من حيث انتھت أم أبدأھا من حيث بدأت ؟!!‬ ‫ما أصعب ذلك الشعور الخفى الذى ينغص عليك سرد قصتك !!! ‪ ،،،‬و ما أصعب أن تكون الكتابة‬ ‫مھنتك و تعجز أناملك عن التعبير عما يخفيه صدرك !!!‬ ‫ھل تعلم يا عزيزى إن عمرى و قد تجاوز سنواته الرابعة و العشرون بقليل و لكننى أشعر بأننى قد‬ ‫تجاوزت الستون من عمرى‬ ‫و حتى ال أطيل عليك فى تفاصيل أرى أنھا ستجعلك تمل من قراءة ورقى لتلقيه فى أى ركن ‪ ،‬دعنى‬ ‫أبدأ من حيث بدأت أنا الحياة و ليس من حيث بدأت القصة الحياة ‪.‬‬

‫ُولدت فى أسرة فقيرة نسبيا ً مما جعلنى أمتھن الحرف منذ نعومة اظافرى ‪ ،،‬حاربت كل المعوقات التى‬ ‫وقفت أمام استكمالى لتعليمى ‪ ،،‬كان التفوق فى الدراسة حليفى منذ بداية تعليمى مما جعلنى التحق‬ ‫بكلية اإلعالم‬ ‫كان حلمى منذ الصغر أن أصبح كاتبا ً يكتب عن الفقراء من ھم فى مثل حالى و اسوأ‬ ‫لم تكن حياتى الجامعية مفروشة بالورود ‪ ،،‬فقد واجھت العديد من المصاعب حتى اتمكن من استكمال‬ ‫حياتى الجامعية ‪ ،،‬ساعدنى فى ذلك الكثيرون ‪،،‬‬ ‫فتارة يساعدنى أبى و اصدقائى ‪ ،‬و تارة تساعدنى أمى و أختى ‪ ،،‬و تارة أخرى تساعدنى "ھى"‬ ‫لم يكن لتاء التأنيث مكان فى قاموس حياتى ‪ ،،‬فمثلى ال يھتم إال بدراسته و عمله و ال يھتم بأى شيئ‬ ‫آخر من ھذا القبيل ‪ ،،‬فال توجد فتاة ستقبل أن يكون فى حياتھا فتى كل ھمه سرعة االنتھاء من تعليمه‬ ‫فقط‬ ‫فمن تلك المغفلة التى ستقبل أن تحب فتى ال يسمعھا ما تطرب لھا آذانھا و ھو الجاف القاسى ؟!!!‬ ‫ضر لھا ما تريده وھو الفقير المعدم ؟!!!‬ ‫فمن تلك المغفلة التى ستقبل أن تحب فتى لن ُيح ّ‬ ‫‪١‬‬


‫دﻣﻮع اﻟﻮﱒ || ﶊﺪ رﺿﻮان‬ ‫قادتنى الصدفة البحتة على أن أتعرف عليھا ‪ ،،‬فتاة رائعة الجمال كزھرة انبتھا البستان فى الربيع‬ ‫يرويھا الندى قطرة قطرة ‪ ،،‬جمعتنا دراسة اإلعالم‬ ‫كانت تساعدنى و غيرھا من األصدقاء فى تحصيل ما فاتنى من المحاضرات ‪ ،،‬كم كنت أشتاق للقائھا‬ ‫و سماع صوتھا كأننى طفل صغير تاه فى الزحام عن أحضان أمه و تشوق لرؤيتھا ‪ ،،‬كنت أطرب‬ ‫لرؤيتھا فقد شعرت تجاھا ما لم أشعر به تجاه أى بنت أخرى‬ ‫شعرت و كأننى لم أرى فى حياتى فتاة من قبل و إنھا أول فتاة قد وجدت فى الوجود‬ ‫فتاة جاءت من العدم لتعيد الحياة لذاتى ‪ ،،‬خشيت أن أفقد صداقتھا فلم اعترف لھا بحقيقة مشاعرى‬ ‫الصادقة نحوھا ‪ ،،‬و حاولت نسيانھا لكنى لم استطع ‪ ،،‬فكيف لى أن انسى من نفخت فى من روحھا‬ ‫فدبت بسببھا الحياة فى جسدى‬ ‫تجرأت بعدما ترددت و اعترفت لھا بحبى و على عكس ما توقعت جارتنى فى كلماتى و تقبلت‬ ‫مشاعرى‬ ‫يا ‪ M‬عندما تبتسم لك الحياة ألول مرة !!! ‪ ،،‬يا ‪ M‬عندما ترى حلما ً و تستطيع تحقيقه !!!‬ ‫فأخيراً قد تحرك الفؤاد الذى جاد به الجسد ال ُم ْن َھك من الحياة فنبض بحب قد سما بعذريته ‪.‬‬ ‫قصصت عليھا ظروف حياتى و معيشتى الضنك ‪ ،،‬اتفقت معھا على أننى سأتقدم لخطبتھا بمجرد‬ ‫اإلنتھاء من دراستى ‪ ،،‬تقبلتنى كما كنت و كما أردت‬ ‫و مرت األيام حلوة كالعسل تارة ‪ ،،‬و ُم ّرة كالعلقم تارة أخرى ‪ ،،‬و لكن كان للعلقم معاھا طعما ً آخر‬ ‫أنسانى مرارته‬ ‫عرفنى على أمھا ‪ ،،‬كم كنت مغيب حينھا عندما سعدت‬ ‫حتى جاء اليوم الذى حدثتنى فيه برغبتھا بأن ُت ّ‬ ‫بذلك‬ ‫جاءت أمھا للجامعة لتدفع لھا مصاريف الدراسة و تعرفت عليھا ‪ ،،‬كانت معاملتھا الجافة سببا ً كافى‬ ‫لنسيان سعادتى بلقائھا ‪ ،،‬جلست معھا و تحدثت عن رغبتى فى االرتباط ببنتھا بعد إنھاء دراستى ‪،،‬‬ ‫صدمتنى ردوددھا بأننى لن استطيع أن أجعل فتاتى تعيش سعيدة و أننى البد من ابتعد عنھا ‪ ،،‬فقت من‬ ‫صدمتنى و حدثتھا بإننى سأجعل فتاتى ملكة متوجة ‪ ،،‬سكتت على مضض و قالت لى إن كان ال مفر‬ ‫من أن ترتبط بھا فأرجوك ابتعد عنھا حتى تنتھى الدراسة حتى ال يكثر عنھا القيل و القال ‪ ،،‬كنت‬ ‫أخاف على فتاتى اكثر منھا و قررت أخيراً بأن أرضخ لرغبتھا لمصلحة فتاتى‬ ‫و بالفعل تحدثت مع حبى بما احتواه لقائى مع أمھا ‪ ،،‬لم تكن بأقل منى ألما ً بسبب ما احتواه ذلك‬ ‫اللقاء و اتفقنا على أن نقلل من تواجدنا معا ً‬ ‫‪٢‬‬


‫دﻣﻮع اﻟﻮﱒ || ﶊﺪ رﺿﻮان‬ ‫مرت األيام كالسنين و السنين كاألدھر و اخيراً تمكنت من التخرج بتقدير جعلنى أعمل فى صحيفة‬ ‫طالما حلمت أن أعمل بھا ‪ ،،‬و الرائع بأن فتاتى كانت تعمل معى فى نفس الصحيفة‬ ‫تحدثت معھا عن رغبتى فى أن اخطبھا من أھلھا ‪ ،،‬فقد حانت أخيراً اللحظة المناسبة لذلك الحدث ‪،،‬‬ ‫و رحبت بى حبيبتى كشريك حياة لھا‬ ‫جلست مع أبيھا و ال أخفيكم سراً لقد شعرت بالراحة تجاه و احسست كأنه أب لى مثلما ھو ابا ً لفتاتى‬ ‫و اتفقنا على اتمام الخطبة‬ ‫لم تكن أمھا أبداً راضية على خطبتى من ابنتھا ‪ ،،‬فما زال موقفھا السلبى منى لم يتغير بعد ‪ ،،‬حاولت‬ ‫أن اقترب منھا ألنال رضاھا لكنھا لم تكن حتى تطيق حديثى معھا ‪ ،،‬كانت فتاتى تحثنى على الصبر و‬ ‫على أن اتقبل معاملة أمھا الجافة‬ ‫مرت األيام و تغيرت معاملة أھل حبيبتى بالكامل لى و شعرت حينھا بأننى أصبحت وجه غير مقبول‬ ‫لتلك العائلة الصغيرة ‪ ،،‬لم أجد تفسيراً قط لھذا التغيير فى المعاملة و لكنى مع مرور الوقت أدركت‬ ‫السبب‬ ‫جائتنى مكالمة غير متوقعة من والدة فتاتى تطلب منى مقابلتى ألمر ضرورى طالبة منى أال أخبر بنتھا‬ ‫بشأن ھذا اللقاء ‪ ،،‬وافقت على مضض و قد امتلئت دماغى بالكثير بالتوقعات لھذا اللقاء المفاجئ‬ ‫لم أكن أعلم اي من تلك التوقعات سيكون صادقا ً ‪ ،،‬فما باليد حيلة ‪ ،‬و ھا ھى بضع لحظات و سأقابل‬ ‫أمھا لتوضح لى األمر‬ ‫جلست منتظراً قدومھا بفارغ الصبر ‪ ،،‬كنت أُم ْنى نفسى عندما وجدتھا تأخرت على الموعد المتفق ‪،،‬‬ ‫جائتنى النجدة عندما وجدتھا أمامى أخيراً ‪ ،‬و سرعان ما اعتذرت لى عن تأ ُخرھا متعللة بسوء‬ ‫إلى لترى شوقى فى عيناى اتطوق لمعرفة ماذا تريد منى ‪،،‬‬ ‫الطريق و المواصالت ‪ ،،‬نظرت ّ‬ ‫أردفت مسرعة‬ ‫ أعلم إنك مستعجب من ھذا اللقاء و لكن ھل لى أن اسألك بضعا ً من االسئلة قبل أن ابدأ معك حديثى‬‫؟!!‬ ‫صمت برھة ثم أجبت بعدم الممانعة‬ ‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫ھل تحبھا ؟!!‬ ‫بالتأكيد‬ ‫ھل تخاف عليھا و على أھلھا ؟!!‬ ‫أكثر مما أخاف على نفسى‬ ‫‪٣‬‬


‫دﻣﻮع اﻟﻮﱒ || ﶊﺪ رﺿﻮان‬ ‫ إذاً اتركھا إن كنت صادقا ً !!!‬‫نظرت أليھا مستعجبا ً ثم صمتت برھة و قلت " لماذا ؟!!! "‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫ال ُيخفى عليك يا بنى إننى ال أريدك أن تكون زوجا ً ألبنتى ‪ ،‬و لوال اصرار إبنتى عليك ما وافقت‬ ‫أبداً على خطبتكم‬ ‫أعلم ذلك جيداً و لكننى أحبھا‬ ‫لألسف ھى تبادلك نفس الشعور !!!‬ ‫شيئ لكى حتى تكرھينى‬ ‫لكننى لم أفعل‬ ‫ً‬ ‫ليس ھذا المھم فكرھى لك ممكن أن يتجاوزه حب ابنتى إليك‬ ‫إذاً ما السبب الذى جعلكى تطلبين منى ترك ابنتك ‪،،‬أإلنك تكرھينى ؟!!!‬ ‫لم يكن ھذا السبب الوحيد ‪ ،‬و إنما لألسف فأن والدھا يمر بأزمة مالية حادة جعلت الديون تتراكم‬ ‫عليه ‪ ،‬و ال يجد ُبداً من أن ُي ُّزوج الفتاة إلبن شريكه حتى ُت ّحل تلك المعضلة‬ ‫و لكن ھذا األسلوب الدنيئ سيجعل من إبنتك سلعة رخيصة‬ ‫و ماذا تريد منا أن نفعل ؟!! أنجعلھا تتزوجك و أباھا فى السجن ؟!!! إنك أول شخص سوف يستعر‬ ‫س ِّجن أباھا‬ ‫من أن يتزوجھا إذا ُ‬

‫خيم الصمت المميت على المكان بالكامل ‪ ،‬و كأن ال أحد فى ھذا المكان غيرنا ‪ ،،‬سرعان ما قطعت ھذا‬ ‫الصمت بصوت حنون‬ ‫‪-‬‬

‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫أعلم كم تحب الفتاة و أعلم إنھا أيضا ً تحبك ‪ ،‬و لكن إن كنت حقا ً تحبھا كما تقول فعليك بتركھا ‪،،‬‬ ‫سيئ فى ھذه الدنيا‬ ‫شيئ‬ ‫إن كنت حقا ً تريد لھا السعادة فعليك بتركھا ‪ ،،‬مسكينة إبنتى ‪ ،،‬لم تفعل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لتعيش مع زوج فقير و أب مسجون !!!!‬ ‫لكننى أحبھا بجنون‬ ‫سعادتك أم سعادتھا ؟!!‬ ‫بالتأكيد سعادتھا‬ ‫إذاً ال مفر من تركھا‬ ‫ال استطيع‬

‫سرعان ما تغيرت نبرة صوتھا الحنونة و عادت إلى طبيعتھا الجافة‬ ‫ إذاً انسى أنك ستتزوجھا يوما ً ‪ ،‬و أعلم إننى لن أجعل واحد مثلك يؤثر علينا بالسلب ‪ ،،‬و أياك يا‬‫ھذا ُتخبر إبنتى بما دار بيننا من حديث ‪ ،،‬و من األفضل لك ‪ -‬و لھا ‪ -‬أن تبادر أنت بإنھاء عالقتك‬ ‫معھا‬ ‫ لكن يا سيدتـ ‪....‬‬‫‪٤‬‬


‫دﻣﻮع اﻟﻮﱒ || ﶊﺪ رﺿﻮان‬ ‫ مات الكالم ‪ ،،‬و انتھى الحوار‬‫انتھى الحديث و لم يعد أمامى أى اختيارات بعد ‪ ،،‬فيا أما سعادتى و تعاستھا يا إما تعاستى و سعادتھا‬

‫رفضت الذھاب إلى العمل حتى ال ألقاھا ‪ ،،‬و سافرت إلى إحدى القرى التى يعيش بھا أحد أصدقائى‬ ‫ألفكر ماذا أفعل ‪ ،،‬أغلقت ھاتفى المحمول حتى ال يزعجنى أحد ‪ ،،‬ابتعدت اكثر من عشرة أيام لم أذق‬ ‫فيھم طعما ً للنوم ‪ ،‬فال بديل لى عن التفكير العميق ال ُمطلق‬ ‫ألمر ھام‬ ‫أخذت قرارى بالمواجھة و حزمت حقائبى و عدت إلى القاھرة و طلبت من حبيبتى أن أ ُقابلھا‬ ‫ً‬ ‫‪ ،،‬جائنى صوتھا المعاتب بالموافقة على ميعاد لقائنا‬ ‫مرت الساعات ُم ْث ّقلة بالھموم حتى قابلتھا و سمعت عتابھا الالذع لى على ابتعادى عنھا ألكثر من‬ ‫عشرة أيام ثم أردفت‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫طب طمنى عليك بتليفون حتى !!‬ ‫سامحينى ‪ ،،‬غصب عنى‬ ‫و ال يھمك ‪ ،،‬كنت عايزنى فى إيه بقى ؟!!‬ ‫إنتى عندك شك إنك أغلى حاجة عندى ؟!!‬ ‫أنت عندك إنت شك أنك أنت أغلى حاجة عندى؟! ثم انت بتسألى ليه اصالً ؟!!! إجابة السؤال ده‬ ‫المفروض عندك إنت مش أنا!!‬ ‫إحنا مينفعش نكمل مع بعض‬ ‫إيه ؟!!!!! طب ليه؟!!!! انا ضايقتك فى حاجة ؟!!!‬ ‫بصى من غير كالم كتير ‪ ،‬إحنا مينفعش نكمل مع بعض‬ ‫لو انت بتھزر قولى أرجوك ؟!!‬ ‫موضوع زى ده مفيھوش ھزار ‪ ،،‬انا بتكلم بجد‬ ‫بس انا معملتش ليك حاجة !!‬ ‫الموضوع جيه فجاءة ‪ ،‬إحنا مننفعش لبعض‬ ‫طب ليه ضحكت عليا السنين دى كلھا و فھمتنى إنك بتحبنى ؟!!‬ ‫و ‪ M‬ما كنت بضحك عليكى ‪ ،،‬الظروف جت كدة‬ ‫ظروف !!!! و يا ترى الظروف دى واحدة تانية و ال إيه ؟!!!‬

‫تنھمر دموعھا غزيرة كالبركان الخامد الذى يثور بعد سنين‬

‫‪٥‬‬


‫دﻣﻮع اﻟﻮﱒ || ﶊﺪ رﺿﻮان‬ ‫ ال واحدة و ال واحد !! ھى الظروف جت إننا مينفعش نكمل ‪ ،،‬و لو سمحتى أمسحى دموعك عشان‬‫أنا مبحبش العياط‬ ‫ أنا مش بعيط عليك ‪ ،،‬أنا بعيط على نفسى إلنى كنت عبيطة و صدقتك ‪ ،،‬خالص أنا مش عايزة‬‫أعرفك و ال عايزة أشوف وشك تانى‬ ‫قامت مسرعة من مكانھا و ھى تبكى ثم أوقفت سيارة لتقلھا إلى منزلھا و دموعھا تنھمر بغزارة ‪،،‬‬ ‫مسحت دموعى عقب رحيلھا ‪ ،،‬فال أعلم كيف صدر منى ھذا الفعل و لكننى فعلت كل ھذا من أجلھا ھى‬ ‫ذھبت إلى منزلى و ألول مرة فى حياتى أ ُ‬ ‫شعر بالضعف الشديد ‪ ،‬و أن ظروف الحياة القاسية أقوى‬ ‫منى و ال استطيع مواجھتھا‬ ‫مرت األيام و كنت اتجنب أن القاھا فى العمل ‪ ،،‬كانت تبدو حزينة عندما اراھا ‪ ،،‬كانت ھى األخرى‬ ‫تتعمد تجاھلى و تركى‬ ‫ما ھى إال شھور قالئل حتى جائنى نبأ بإنھا سوف تقيم حفل خطبتھا خالل أيام ‪ ،،‬شعرت حينھا و‬ ‫كأننى أُصبت بمرض عضال شل لسانى و جوارحى و لم يجعلنى قادراً على الكالم ‪ ،،‬غادرت عملى‬ ‫على الفور و شعرت حينھا و كأن الدنيا قد أصبحت قفص صغير ُيح ّبس بداخله حيوان كبير الحجم !!!‬ ‫حالة اكتئاب شديدة قد أمتلكتنى ‪ ،،‬فمن تمنيتھا يوما ً أن تكون زوجتى أصبحت خالل حطام األيام ِملكا ً‬ ‫لر ُجالً آخر ‪ ،‬و كل ھذا تم بإرادتى أنا !!!!‬ ‫قررت أن أقابلھا ألُخبرھا حقيقة ما حدث و أن والدتھا ھى السبب فى ھذا الفراق و إننى فعلت كل ھذا‬ ‫من أجلھا ‪ ،،‬و أننى لم أخونھا أبداً و إنھا ھى الفتاة الوحيدة التى امتلكت على فؤادى‬ ‫قررت االنتظار ليوم السبت حتى اقابلھا فى العمل و ألصرح لھا بذلك‬ ‫نزلت كعادتى ألزوال مھنتى كصحفى يغطى المسيرات الثورية يوم الجمعة ‪ ،‬و كل ما يدور فى بالى‬ ‫حاليا ً ھو حبيبتى التى ستصبح ملكا ً لغيرى ‪ ،،‬كعادتھا المسيرات تبدأ بسلمية ثم سرعان ما تنتھى لعنف‬ ‫متبادل يسقط من خالله مئات من القتلى و الجرحى !!!‬ ‫انتھى ھذا اليوم الكئيب ‪ ،‬و ذھبت إلى بيتى فى آخر اليوم الستريح من عناء الركض طوال اليوم ‪ ،‬و‬ ‫من عناء استنشاق ھذا الغاز المسيل للدموع ‪ ،‬و من رائحة الدم الكريھة التى تسيطر على المسيرات‬ ‫‪ ،،‬كنت أعطى لنفسى أمالً بأن أقاوم تعبى ھذا ‪ ،‬فغداً سوف أقابلھا لكى اعترف لھا بحقيقة ما حدث‬ ‫قُمت من النوم مبكراً و ارتديت ثيابى و توجھت الى عملى على الفور ‪،،‬‬ ‫كم كان ھذا المكان كئيبا ً اليوم ‪ ،،‬فاللون األسود أصبح مسيطراً على المكان ككل ‪ ،،‬فالواقع لم اھتم فى‬ ‫بداية األمر ‪ ،‬و لكن كآآبة المكان لفتت نظرى و جعلتنى اتوجه بالسؤال عما حدث ‪،،‬‬ ‫‪٦‬‬


‫دﻣﻮع اﻟﻮﱒ || ﶊﺪ رﺿﻮان‬ ‫ذھبت مسرعا ً ألحد الموجودين ألسئله عن طبيعة ما حدث ‪ ،‬ليخبرنى قائالً بأن حبيبتى قد أصابھا‬ ‫طلقات غادرة من قوات األمن اثناء تغطيتھا ألحد المسيرات !!! و إنھا قد استشھدت فى صباح ھذا‬ ‫اليوم !!!!‬ ‫يا ‪ !!! M‬أھكذا يفقد المرأ من يحب ؟!!! أھكذا يجف نبع العشق الذى يمأل الفؤاد ؟!!! لماذا نفقد من‬ ‫شيئ بدون مقابل و إال جعلتك تفقده‬ ‫نحب و يبقى من نكره ؟!!! إن الحياة ال تعطى ألحد‬ ‫ً‬ ‫دعونى اعترف بأننى قد اخطأت عندما قررت أن اتركھا بدون أن أطلعھا على حقيقة األمر و لكننى‬ ‫كنت سأصلح تلك الغلطة الشنيعة ‪ ،،‬لكن القدر لم يمھلنى و لم يمھلھا ‪ ،،‬ما أصعب أن يصبح القدر‬ ‫جالداً لك بسوط من نار يكوى نفسك ‪ ،،‬ھاھى تموت و ھى تظن إننى خائن !!!‬ ‫إن براكين عيونى تنفجر بالمدامع ‪ ،،‬و لكن ماذا تفيد الدموع اآلن ؟!!!‬ ‫إن دموع الندم ال تفيد بشيئ فأنھا ال تملك إصالح ما تم إفساده ‪ ،،‬و ما ھذه الدموع إال دموع الوھم‬ ‫يظرفھا اإلنسان ظنا ً منه إنه سيعيد ما فاته ‪ ،،‬و لكن أبداً ما كان للوھم دموع تنھمر فيعود الماضى‬ ‫كفى يا دموع الوھم فأن الماضى لن يعود و رحمة ‪ M‬على من خسرنا و فقدنا ‪.‬‬

‫*** تمت ***‬

‫‪٧‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.