150818 policy bronse print

Page 1

‫فلسفة‬ ‫برنامج‬ ‫التنمية‬ ‫الوطني‬ ‫في سورية‬ ‫‪٢٠٢٤-٢٠١٤‬‬



‫فلسفة‬ ‫برنامج التنمية‬ ‫الوطني‬ ‫في سورية‬ ‫‪٢٠٢٤-٢٠١٤‬‬


‫مجيع احلقوق حمفوظة ملركز االسترشاف لدلراسات واألحباث‬

‫‪www.istishraf.org‬‬


‫ﺍﻟﻐﺎﺏ‬

‫ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ‬ ‫ﺟ‬ ‫ﺒﻞ‬ ‫ﺳﻤ‬ ‫ﻌﺎﻥ‬



‫الفهرس‬

‫‪٧‬‬

‫الفهرس‬

‫‪١٠‬‬

‫وصف برنامج التنمية الوطني يف سورية‬

‫‪٩‬‬

‫‪١١‬‬ ‫‪١١‬‬ ‫‪١٤‬‬ ‫‪١٤‬‬

‫متهيد‬

‫األسس التي يقوم عليها الربنامج‬ ‫أوالً‪ -‬اإلصالح السيايس‬ ‫ثاني ًا ‪ -‬املعيارية‬

‫‪ .١‬املعيار اإلسالمي‬

‫‪١٧‬‬

‫‪ .٢‬املعيار األممي‬

‫‪٢٠‬‬

‫رابع ًا‪ -‬توطني التقانة‬

‫‪١٨‬‬

‫فلسفة برنامج التنمية الوطني يف سورية‬

‫ثالث ًا ‪ -‬العدالة التنموية‬

‫‪7‬‬



‫تمهيد‬ ‫عانــت البرشيــة الكثــر مــن الرصاعــات يف حقبــة احلــرب البــاردة‪ ،‬عــى مســتويات‬ ‫احلــرب واألمــن وحقــوق اإلنســان واالقتصــاد واأليديولوجيات وغريهــا‪ ..‬تلك احلقبة‬ ‫التــي صبغــت املــزاج الســيايس باحتقان شــديد‪ ،‬ونــزاع إيديولوجــي حــاد‪ ،‬وتوجه حمموم‬ ‫نحــو العســكرة‪ ،‬األمــر الــذي انعكــس عــى وظيفــة الدولــة وبــدت وكأهنــا مقتــرة عــى‬ ‫محايــة احلــدود‪ ،‬ورعايــة العالقــات الدوليــة‪ ،‬ورســم السياســات اخلارجيــة‪ .‬فتضخمــت‬ ‫املهــام العســكرية والسياســية للدولــة‪ ،‬واملهــام االقتصاديــة بالــرورة‪ ،‬لتوقــف التفــوق‬ ‫وهشــت بقيــة مهــام الدولــة‪.‬‬ ‫العســكري عــى التقــدم االقتصــادي‪ِّ ُ ،‬‬ ‫وبعــد ذوبــان جليــد حقبــة احلــرب البــاردة‪ ،‬ووقــوف البرشيــة عــى آثــار تلــك‬ ‫الفــرة حصلــت مراجعــة لوظائــف الدولــة‪ ،‬والســيام التــي ضمــرت منهــا‪ .‬وبــدت‬ ‫فكــرة التنميــة الشــاملة أشــد ملعان ـ ًا‪ ،‬وأكثــر احتياج ـ ًا ملســرة الدولــة مــن أي وقــت‬ ‫مــى‪ ،‬ألن شــعوب العــامل التــي انقســمت إىل جناحــن حســب جبهــات احلــرب‬ ‫البــاردة وجــدت نفســها مثقلــة بمجموعــة مــن املشــكالت املعقــدة يف جمــاالت‬ ‫احليــاة كلهــا‪ ،‬فــكان ال بــد مــن عمليــة حتــدث حتــوالً تارخييــ ًا متعــدد األبعــاد‪،‬‬ ‫يمــس هيــاكل الدولــة االقتصاديــة والسياســية واالجتامعيــة‪ ،‬ويتنــاول الثقافــة‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫الوطنيــة‪ ،‬عــى أن يكــون مدفوع ـا بقــوى داخليــة‪ ،‬وليــس جمــرد اســتجابة لرغبــات‬ ‫قــوى خارجيــة‪ ،‬وأن جيــري يف إطــار املؤسســات السياســية التــي تبتعــد عــن رصاع‬ ‫اإليديولوجيــات لتحظــى بالقبــول العــام‪ ،‬وترســم وظائــف الدولــة بصيغــة ختتلــف‬ ‫عــن احلقبــة املاضيــة‪ .‬هــذه العمليــة املطلوبــة هــي «التنميــة الشــاملة»‪ ،‬وهــي وإن مل‬ ‫تكــن مفهوم ـ ًا جديــد ًا فإهنــا الوظيفــة الغائبــة يف كثــر مــن الــدول املعــارصة‪ ،‬التــي‬ ‫غلــب عليهــا الدخــول يف رصاعــات إقليميــة أو أمميــة ‪ -‬طوعــ ًا أو كرهــ ًا ‪ -‬عــى‬ ‫حســاب العائــد الوطنــي‪.‬‬

‫يف زمحــة األحــداث العاصفــة التــي متــر هبــا ســورية‪ ،‬ويف وســط رصاع الســوريني‬ ‫مــع نظــام االســتبداد مــن أجــل احلريــة‪ ،‬مــع مــا يعانيــه الشــعب الســوري مــن شــدة‬ ‫وحصــار‪ ،‬يــراه الثــوار ثمنــ ًا حقيقــ ًا باحلريــة والكرامــة التــي ثــار الســوريون مــن‬ ‫أجلهــا‪ ،‬يف هــذا املعــرك الشــديد يقــدم مركــز االســترشاف للدراســات واألبحاث‪ ،‬و‬ ‫مؤسســة التضامــن للتنميــة الشــاملة بالتعــاون مــع التيــار الوطنــي الســوري «برنامــج‬ ‫التنميــة الوطنــي يف ســورية»‪ ،‬بارقــة أمــل هلــذا الشــعب املضطهــد‪ ،‬ثقــة بــاهلل وإيامن ـ ًا‬ ‫بقــدرة الســوريني عــى حتويــل الكارثــة التــي أنزهلــا النظــام بالبــاد إىل فرصــة حقيقيــة‬ ‫للتغــر نحــو األفضــل‪.‬‬ ‫فلسفة برنامج التنمية الوطني يف سورية‬

‫انحراف الدولة عن‬ ‫وظيفتها يف مرحلة‬ ‫احلرب الباردة بالتوجه‬ ‫للعسكرة عىل حساب‬ ‫التنمية واملهام األخرى‬

‫‪9‬‬


‫وصف برنامج التنمية‬ ‫الوطني في سورية‪:‬‬ ‫يسعى املرشوع‬ ‫إىل وصول سورية‬ ‫إىل مصاف الدول‬ ‫اإلسالمية املتقدمة‬ ‫خالل العرش سنوات‬ ‫األوىل‪.‬‬

‫هــو مــروع تنمــوي مدتــه عــر ســنوات أنجزتــه جهــود مشــركة بــن مركــز‬ ‫االســترشاف للدراســات واألبحــاث‪ ،‬و مؤسســة التضامــن للتنميــة الشــاملة‬ ‫بالتعــاون مــع التيــار الوطنــي الســوري يقــوم عــى تطويــر ســورية وحتديثهــا لرتتقــي إىل‬

‫مصــاف الــدول اإلســامية املتقدمــة‪ ،‬كامليزيــة وتركيــة خــال عــر ســنوات‪ .‬ويتكــون مــن‬ ‫مرحلتــن املرحلــة األوىل هــي‪ :‬اســتيعاب الصدمــة وإعــادة اإلعــار حيــث يتــم إنجــاز ذلــك‬ ‫كلــه يف غضــون ســنتني‪ .‬واملرحلــة الثانيــة هــي مرحلــة التنميــة املســتدامة التــي تبــدأ بالتــوازي‬ ‫مــع املرحلــة الســابقة‪ ،‬وتنتهــي ببلــوغ ســورية بــإذن اهلل مســتوى الــدول اإلســامية املتقدمــة‪.‬‬

‫حتمــل املــروع جمموعــة متخصصــة هــي «اهليئــة الوطنيــة للتنميــة الشــاملة وإعــادة‬ ‫اإلعــار»‪ ،‬وبســبب أمهيــة املــروع وكــره يفضــل أن تكــون هــذه اجلهــة حكوميــة‪ ،‬ولكــن‬ ‫إن مل يتحقــق ذلــك فيمكــن أن تكــون خاصــة عــى أن تطــرح املــروع عــى رشكات أهليــة‬ ‫لتنفيــذه كحقائــب اســتثامرية‪ ،‬وأيـ ًا كان األمــر فــإن متويــل املــروع ســيختلف حســب اجلهــة‬ ‫التــي ســتنفذه‪.‬‬

‫يؤمن املرشوع ‪1.5‬‬ ‫مليون فرصة عمل يف‬ ‫سورية‪.‬‬

‫وقبــل احلديــث عــن التمويــل ال بــد مــن بيــان أنــه لــو كانــت اجلهــة املنفــذة للمــروع‬ ‫أهليــة فمــن الصعــب أن تتــرع بمتطلبــات مرحلــة اســتيعاب الصدمــة‪ ،‬التــي تقــوم‬ ‫أساس ـ ًا عــى دعــم الدولــة للنازحــن واملهجريــن وتعويضهــم‪ ،‬إذ يمكــن أن يعــد رأس‬ ‫املــال املقــدم يف هــذه املرحلــة اســتهالكي ًا‪ ،‬وجــزء غــر يســر مــن هــذا املعنــى موجــود يف‬ ‫مرحلــة إعــادة اإلعــار‪.‬‬ ‫أمــا مرحلــة التنميــة املســتدامة فتقــوم عــى تنفيــذ مجلــة مــن املرشوعــات االقتصاديــة التي‬ ‫تلبــي حاجــات املجتمــع الســوري يف كل جوانــب التنميــة‪ ،‬وال تطــرح هــذه املرشوعــات إال‬ ‫بعــد دراســة معمقــة للحالــة الســورية ونتيجــة لتخطيــط تنمــوي شــامل‪.‬‬ ‫كــا تضــم هــذه املرحلــة جمموعــة كبــرة مــن املرشوعــات االســراتيجية كالتــي ختــص‬ ‫البنيــة التحتيــة والصناعــات الثقيلــة وجمموعــة مــن املرشوعــات الصغــرة واملتوســطة موزعة‬ ‫عــى املــدن واملناطــق والقــرى بحيــث حتقــق العدالــة التنمويــة يف اجلغرافيــة الســورية وتغطــي‬ ‫املجــاالت اخلدميــة والصناعــات املتوســطة‪.‬‬ ‫وتؤمن املرشوعات املطروحة يف هذه املرحلة مليون ًا ونصف املليون فرصة عمل‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫فلسفة برنامج التنمية الوطني يف سورية‬


‫يعتمــد متويــل املــروع عــى مبــدأ التمويــل بضامنــة‪ ،‬أو التمويــل بقــوة املــروع‪ ،‬فــإن‬ ‫كانــت اجلهــة املنفــذة حكوميــة فمــن املمكــن أن يكــون التمويــل بضامنــة النفــط‪ ،‬وإن كان‬ ‫املنفــذ رشكات خاصــة فســيكون بضامنــة قــوة املــروع بعــد تقســيمه إىل حقائــب اســتثامرية‬ ‫عــى عــدد مــن املســتثمرين الكبــار‪ .‬وقــد أبــدت أكثــر مــن جهــة اســتعدادها متويــل املــروع‪،‬‬ ‫واعتربتــه مــن رتبــة املشــاريع القويــة ذات الضامنــة الذاتيــة‪ ،‬كمجموعــة هونــغ كونــغ‬ ‫التــي عرضــت التمويــل بقــرض‪ ،‬وبنــك التنميــة العــام الــذي عــرض التمويــل بصكــوك‬ ‫إســامية‪ .‬إن هــذا النــوع مــن التمويــل لــه فائدتــان‪ ،‬األوىل أنــه متويــل ال يمــس الســيادة‬ ‫السياســية لســورية‪ ،‬كــا لــو كان املمــول هــو البنــك الــدويل‪ .‬والثانيــة أنــه يرحينــا مــن انتظــار‬ ‫املســاعدات واملنــح‪ ،‬ولــو جــاءت فســتكون عنــر ًا مســاعد ًا‪.‬‬

‫ال يتوقف التمويل‬ ‫عىل املنح وال يمس‬ ‫بالسيادة‪.‬‬

‫إن قــوة املــروع جــاءت مــن اعتــاده معايــر دقيقــة للغايــة‪ ،‬قامــت عــى ربــط مقاصــد‬ ‫الرشيعــة اإلســامية مــع متطلبــات التنميــة الشــاملة‪ ،‬عــى نحــو خيــدم مقصــد العمــران‬ ‫بوصفــه أحــد أهــم املقاصــد العاليــة للرشيعــة‪ ،‬وحيقــق معايــر التنميــة وفــق ثنائيــة تعــر عــن‬ ‫خدمــة الدنيــوي لألخــروي يف انســجام تــام ‪ -‬ولعــل الفقــرة القادمــة توضــح ذلــك‪ ،-‬وكان‬ ‫مــن الطبيعــي أن تنعكــس هــذه املعايــر بدقتهــا وتناغمهــا عــى جــودة املــروع‪ ،‬األمــر الــذي‬ ‫أوضحتــه مواقــف اجلهــات التــي أبــدت اســتعدادها للتمويــل‪.‬‬

‫األسس التي يقوم‬ ‫عليها البرنامج‪:‬‬ ‫أو ً‬ ‫ال‪ -‬اإلصالح السياسي‪:‬‬

‫ال تكتمــل دائــرة التنميــة مــن غــر أن تته َّيــأ هلــا الظــروف املوضوعيــة‪ ،‬وعــى رأســها‬ ‫االســتقرار الســيايس‪ ،‬ألن التنميــة تتطلــب قــرار ًا سياســي ًا داعــ ًا‪ ،‬يتك َّيــف مــع الضغــوط‬ ‫اخلارجيــة والداخليــة‪ ،‬بحيــث يو ِّفــر مناخــ ًا آمنــ ًا ال تعكــره األزمــات السياســية أيــ ًا كان‬ ‫منشــؤها‪ .‬فــإن أقــوى الربامــج االقتصاديــة والتنمويــة لــن ُتقــق مــا يرجــى منهــا يف أجــواء‬ ‫التوتــر والشــحن الســيايس‪ ،‬ومــن هــذه الناحيــة حتديــد ًا فإنــه ينظــر إىل الربنامــج التنمــوي‬ ‫عــى أنــه ثمــرة انتصــار الثــورة‪ ،‬وأنــه ال يتحقــق إال بعــد أن تنجــز الثــورة أهدافهــا‪ ،‬وعــى‬ ‫رأســها حصــول الســوريني عــى حقوقهــم السياســية كلهــا‪.‬‬ ‫فلسفة برنامج التنمية الوطني يف سورية‬

‫‪11‬‬


‫من الديمقراطية‬ ‫العددية إىل الدكتاتورية‬ ‫الديمقراطية‪.‬‬

‫وال يتوقــف اإلصــاح الســيايس عنــد حــدود انتصــار الثــورة‪ ,‬بــل يذهــب األمــر إىل أبعــد‬ ‫تغولــت‬ ‫مــن ذلــك‪ ،‬فالناظــر يف الدولــة املعــارصة يــرى أن صالحيــات الســلطة السياســية قــد َّ‬ ‫عــى حســاب املواطنــن‪ ،‬وذلــك لتحـ ُّـول اآلليــات الديمقراطيــة يف كثــر مــن األحيــان إىل‬ ‫صــورة مفرغــة مــن العدالــة‪ ،‬قــد و َّظفهــا أصحــاب املــال الســيايس لرباجمهــم االنتخابيــة‪،‬‬ ‫فلــم تعــد تعكــس القــرار الشــعبي احلــر‪ ،‬وأصبحــت تعيــد إنتــاج القيــادات الســابقة التــي‬ ‫قذفهــا املــال الســيايس إل‍ــى الواجهــة‪ .‬والســبب احلقيقــي الكامــن وراء ذلــك أن آليــة‬ ‫العمــل الســيايس قــد حتولــت مــن تبــادل الســلطة الســلمي القائــم عــى اختيــار الشــعب إىل‬ ‫تدجنــت للضغــط الســيايس بوســائله املتعــددة‪ .‬إن‬ ‫الديمقراطيــة العدديــة‪ ،‬التــي رسعــان مــا َّ‬ ‫املتابــع للشــأن الســيايس اليــوم يــرى أن الديمقراطيــة الشــائعة يف الدولــة املعــارصة حتتــاج إىل‬ ‫ضامنــة حتافــظ عليهــا آليـ ًة عادلـ ًة لتــداول الســلطة الســلمي‪ ،‬وليــس آلـ ًة تعيــد إنتــاج النظــام‬ ‫الســيايس الســابق‪ ،‬وحتافــظ عليهــا انعكاسـ ًا صادقـ ًا إلرادة الشــعوب‪ ،‬وليــس مــرآة تعكــس‬ ‫صــورة املافيــا السياســية املســلحة باملــال الســيايس‪ .‬وقــد ال يكــون مــن املبالغــة أن يقــال‪ :‬إن‬ ‫آليــة تــداول الســلطة اليــوم أصبحــت ت َِســم النظــام الســيايس باالســتبداد ضمــن مــا يمكــن‬ ‫تســميته بالدكتاتوريــة الديمقراطيــة!!‬

‫الصندوق واختزال‬ ‫الشعب يف األحزاب‪.‬‬

‫إن هــذه الدكتاتوريــة املغلفــة بالديمقراطيــة قــد أدت إىل ضعــف املشــاركة الشــعبية يف‬ ‫العمــل الســيايس‪ ،‬ألن النظــام الديمقراطــي الــذي أفــرز الســلطة السياســية َق َص املشــاركة يف‬ ‫الســلطة التنفيذيــة عــى جماميــع يســرة مــن األحــزاب الفائــزة يف االنتخابــات ضمــن قواعــد‬ ‫العمــل احلــزيب‪ ،‬القائــم أساسـ ًا عــى التنافــس والرباغامتيــة الضيقــة ألفــراد احلــزب‪ ،‬وهــي ال‬ ‫تعكــس ال إرادة الشــعب وال تفــرز نوابــه‪ ،‬بــل تفــرز مــن يتقــن هــذا العمــل الرباغــايت‪ ،‬ويف‬ ‫أثنــاء ذلــك متــوت خيــارات املاليــن وختتــر للثلــة االحرتافيــة يف لعبــة الصنــدوق!!‬

‫احلاجة إىل العدالة‬ ‫السياسية‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫إن القضيتــن اإلشــكاليتني الســابقتني حتتاجــان إىل حــل‪ ،‬أعنــي الديمقراطي ـ َة العددي ـ َة‬ ‫ـف املشــاركة املجتمعيــة بســبب ســيطرة العمــل احلــزيب‬ ‫التــي يســتغلها املــال الســيايس‪ ،‬وضعـ َ‬ ‫املحزبــن إىل أدنــى مســتويات الفاعليــة‪ .‬وال يكفــي جمــرد‬ ‫حيجــم دور األفــراد غــر َّ‬ ‫الــذي ِّ‬ ‫انتقــال املجتمــع مــن الدكتاتوريــة إىل الديمقراطيــة‪ ،‬بــل ال بــد مــن آليــات حقيقيــة لتطبيــق‬ ‫العدالــة السياســية يف املجتمــع‪ ،‬وإتاحــة الفــرص املتســاوية للعمــل الســيايس أمــام اجلميــع‪،‬‬ ‫وإال انتقلنــا مــن دكتاتوريــة تقليديــة خشــنة إىل دكتاتوريــة ناعمــة‪ ،‬هــي أخطــر عــى احلريــات‬ ‫مــن ســابقتها‪ .‬وقــد أحــس كثــر مــن املشــتغلني يف الفكــر الســيايس هبــذا االلتفــاف اخلطــر‬ ‫عــى إرادة الشــعب‪ ،‬بحيــث صــارت آليــات االنتخــاب ال تعكــس بالــرورة حاجــات‬ ‫رشائــح املجتمــع كلهــا‪ ،‬وظهــرت أصــوات تنــادي بالديمقراطيــة النســبية‪ ،‬وأخــرى‬ ‫بالديمقراطيــة التوافقيــة‪ ،‬والنســبية أو التوافقيــة ال حتــل مشــكلة تســلط املجموعــة السياســية‬ ‫عــى الدولــة‪ ،‬واختــزال الشــعب هبــم‪ ،‬ملجــرد أهنــم فــازوا يف انتخابــات مل يشــارك فيهــا معظم‬ ‫مــن حيــق هلــم االنتخــاب‪ .‬إن املشــكلة تنبــع مــن توجــه الدولــة املعــارصة نحــو مركــزة القيــادة‬ ‫يف يــد الســلطة التنفيذيــة‪ ،‬وضبــط املواطنــن بقيــود تقلــص هامــش حريتهــم بذريعــة محايتهــم‬ ‫فلسفة برنامج التنمية الوطني يف سورية‬


‫وأمنهــم‪ .‬األمــر الــذي يســتلزم إعــادة النظــر يف النظــام الســيايس املعــارص‪ ،‬وطــرح حلــول‬ ‫حقيقيــة تضمــن صــدق تعبــر املفهــوم العــددي للديمقراطيــة عــن إرادة الغالبيــة‪ ،‬وصيانتــه‬ ‫مــن االرهتــان للضغــوط أو االبتــزاز‪.‬‬ ‫إننــا ‪ -‬وإن كنــا نــرى رضورة قيــام الدولــة بحاميــة أبنائهــا ‪ -‬ال نقبــل بأن يكــون املواطنون‬ ‫ويتدجنــون‬ ‫ويدجنهــم لصالــح الدولــة‪ ،‬وبالتــايل خيضعــون‬ ‫جمــرد أحجــار يضبطهــم القانــون‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ملــن يقومــون عــى الســلطة التنفيذيــة‪ ،‬بــل يــرى أن يضــاف إىل التمثيــل العــددي للشــعب‬ ‫ٌ‬ ‫مرجعــي قائــم عــى الــوزن االجتامعــي‪ ،‬ألن يف املجتمعــات العربيــة واإلســامية‬ ‫متثيــل‬ ‫ٌّ‬ ‫ترابطــ ًا اجتامعيــ ًا لــه ثقــل تارخيــي‪ ،‬أفــرز مــن الشــخصيات مــن يســ ِّلم هلــم املجتمــع‬ ‫باملصداقيــة والقبــول أضعــاف مــا متنحــه الديمقراطيــة العدديــة للناجحــن يف االنتخابــات‪،‬‬ ‫فقــد كشــف تاريــخ صناديــق االقــراع عــن أن نســبة املشــاركة يف االنتخابــات غالبـ ًا مــا حتــوم‬ ‫حــول الثلــث‪ ،‬بمعنــى أن الصنــدوق قــد عكس صــوت األقليــة العدديــة‪ ،‬ألن غالبية الشــعب‬ ‫ال متــارس العمــل الســيايس‪ ،‬فضـ ً‬ ‫ا عــن العمــل احلــزيب الــذي معرتكــه الصناديــق‪ .‬ويضــاف‬ ‫إىل ذلــك أن األكثريــة التــي مل تصـ ِّـوت أو تشــارك يف االنتخابــات تــرى يف هــذه الشــخصيات‬ ‫نبضــ ًا صادقــ ًا يعــر عنهــا‪ .‬وهكــذا تعكــس هــذه املرجعيــات صــوت األكثريــة التــي ال‬ ‫متــارس العمــل احلــزيب أو تتعاطــى مــع أطرافــه‪ ،‬وتقابــل صــوت األقليــة التــي تشــارك عــادة‬ ‫يف االنتخابــات‪ ،‬وباجتــاع التمثيــل املرجعــي والتمثيــل العــددي تنعكــس صــورة التمثيــل‬ ‫الشــعبي بصــدق‪ .‬وباجتامعهــا حتــل ‪ -‬نســبي ًا‪ -‬مشــكلة الديمقراطيــة العدديــة التــي يســتغلها‬ ‫املــال الســيايس‪ ،‬ومشــكلة ضعــف املشــاركة املجتمعيــة بســبب ســيطرة العمــل احلــزيب‪.‬‬

‫القوة االجتامعية‬ ‫الناعمة وترميم‬ ‫الديمقراطية العددية‪.‬‬

‫ويمكــن أن جتمــع الشــخصيات املرجعيــة يف جملــس لألعيــان‪ ،‬كــا جيمــع الفائــزون يف‬ ‫االنتخابــات يف جملــس للنــواب‪ .‬إن هــذه الرؤيــة ينبغــي أن تضبــط دســتوري ً‪,‬ا بمعنــى أن‬ ‫يتضمنهــا الدســتور اجلديــد لســورية‪.‬‬ ‫ومــن املهــم أن يعالــج ضعــف املشــاركة السياســية الشــعبية بتفعيــل الرقابــة املجتمعيــة‬ ‫مــن جهــة‪ ،‬وتعميــق الــدور الرقــايب ملؤسســات املجتمــع املــدين‪ ،‬واملؤسســات غــر‬ ‫احلكوميــة مــن جهــة أخــرى‪ .‬وانطالق ـ ًا مــن هــذه الرؤيــة يؤكــد برنامــج التنميــة الوطنــي‬ ‫عــى رضورة املشــاركة الشــعبية احلقيقيــة يف عمليــة التنميــة‪ ،‬بــدء ًا مــن االقــراح إىل صنــع‬ ‫القــرار‪ .‬وتفاعــ ً‬ ‫ا مــع ذلــك فقــد بنــي الربنامــج التنمــوي عــى حامــل شــعبي رديــف‬ ‫للجســم اإلداري للمــروع املســمى بـ‍‪« :‬اهليئــة الوطنيــة للتنميــة الشــاملة وإعــادة اإلعــار»‪،‬‬ ‫واجلســم الشــعبي هــو «املجلــس األعــى للتنميــة»‪ ،‬الــذي يقــوم بدوريــن‪ ،‬األول الرقابــة‪،‬‬ ‫والثــاين املشــاركة يف عمليــة التنميــة‪ ،‬وتغطيــة مناطــق عمــل املــروع بتقديــر احتياجاهتــا مــن‬ ‫املرشوعــات التنمويــة‪ ،‬وباملشــاركة يف التخطيــط‪ .‬مــع رضورة أن يغطــي املجلــس األعــى‬ ‫للتنميــة املســاحة الســورية بــكل قطاعاهتــا اإلداريــة‪ ،‬هكــذا تتســع دائــرة املشــاركة الشــعبية‬ ‫يف التنميــة الشــاملة‪.‬‬ ‫فلسفة برنامج التنمية الوطني يف سورية‬

‫مؤسسات املجتمع‬ ‫املدين والرقابة‬ ‫املجتمعية‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫ثانيا ‪ -‬المعيارية‪:‬‬ ‫إن التنميــة عمليــة بنــاء تكامــي‪ ،‬ال يمكــن أن تتحقــق مــا مل تتضمــن يف خطتهــا معيــار ًا‬ ‫تنضبــط بــه‪ ،‬و ُيعـ َـرف مــن خاللــه درج ـ ُة مــا تــم إنجــازه مــن تلــك العمليــة‪ ،‬وإال حتولــت‬ ‫التنميــة إىل عمــل ذوقــي حتكمــه االنطباعــات التــي يرتكهــا يف نفــوس مــن يطلــع عليــه مــن‬ ‫النــاس‪ ،‬األمــر الــذي يفقــده خاصيــة التقويــم املوضوعــي‪ .‬وهلــذا فقــد بنــي برنامــج التنميــة‬ ‫الوطنــي وفــق معياريــة ثنائيــة‪ ،‬تصــدر األوىل عــن املرجعيــة اإلســامية التــي تشــكل أكــر‬ ‫مكونــات اهلويــة الســورية‪ ،‬والثانيــة تنبــع مــن قيــم التنميــة الشــاملة‪.‬‬

‫‪ .١‬املعيار اإلسالمي‪:‬‬ ‫مقاصد الرشيعة هي‬ ‫املعيار الرشعي‪.‬‬

‫ملــا كان اإلســام بأبعــاده الدينيــة والثقافيــة واحلضاريــة مرجعيــة الشــعب الســوري‬ ‫وموضــع احرتامــه فقــد أقــام برنامــج التنميــة الوطنــي مشــاريعه عــى أســاس مــن املعــاين‬ ‫التــي حلظهــا الشــارع يف أحكامــه كلهــا‪ ،‬وهــي مــا يعــرف بــ‍ «مقاصــد الرشيعــة»‪ ،‬التــي‬ ‫تنبــئ عــن الغايــات التــي أرادهــا الشــارع احلكيــم مــن أحــكام الرشيعــة إمجــاالً وتفصي ـاً‪.‬‬ ‫واملقاصــد بوصفهــا جمموعــة مــن القيــم اإلجيابيــة فإهنــا مــن هــذا اجلانــب حتظــى بقبــول‬ ‫البــر مجيعـ ًا‪ ،‬وال خيتلــف اثنــان يف وجــوب حتقيقهــا والوصــول إليهــا‪ ،‬ولــو نظرنــا إىل بنيتهــا‬ ‫لوجدنــا إهنــا جمموعــة مــن املصالــح واملنافــع‪ ،‬وحتقيقهــا مــن أهــم وظائــف الدولــة‪.‬‬ ‫فــوراء كل حكــم رشعــي مهــا كان جزئيــ ًا تكمــن مصلحــ ٌة أناطهــا الشــارع بــه‪ ،‬ثــم‬ ‫إن أبــواب الفقــه العامــة كالــزواج والبيــع ونحوهــا قــد ارتبطــت بمصالــح مهمــة‪ ،‬كــا أن‬ ‫الترشيــع اإلســامي عمومـ ًا بــكل أبوابــه جــاء لتحقيــق مصالــح أعــم مــن ســابقتها‪ ،‬وكذلكم‬ ‫الديــن إمجــاالً بــا فيــه مــن ترشيــع وأخــاق وعقائــد جــاء لغايــات أعــم مــن كل مــا ســبق‪.‬‬ ‫فاألحــكام الرشعيــة بمســتوياهتا األربعــة قــد رشعــت لتحقيــق مصالــح للنــاس‪ ،‬تفيدهــم يف‬ ‫دينهــم ودنياهــم‪ ،‬وقــد رتــب علــاء الرشيعــة هــذه املقاصــد عــى مســتويات أربعــة‪ ،‬تقابــل‬ ‫مســتويات األحــكام‪ ،‬ولعــل املخطــط اآليت يزيــد األمــر توضيح ـ ًا‪:‬‬

‫‪14‬‬

‫أحكام الدين‬

‫املقاصد العليا‬

‫أحكام الفقه عموماً‬

‫املقاصد الكلية ‪ -‬العامة‬

‫أحكام أبواب الفقه‬

‫املقاصد الخاصة‬

‫األحكام الفقهية الجزئية‬

‫املقاصد الجزئية‬

‫أنواع األحكام الشرعية‬

‫أنواع المقاصد الشرعية‬ ‫فلسفة برنامج التنمية الوطني يف سورية‬


‫تشــكل مقاصــد الرشيعــة منظومــة املفاهيــم والقيــم واملعــاين املعقولــة التــي مــن أجلهــا‬ ‫جــاءت الرشيعــة‪ ،‬فراعتهــا يف أحكامهــا‪ ،‬وهــي بمثابــة الــروح للحكــم الرشعــي‪ ،‬فلــو فــات‬ ‫اعتبارهــا مــن الشــارع‬ ‫ـاس املنفعــة‬ ‫مقصــد احلكــم لتعطلــت منفعتــه وذهبــت فائدتــه‪ ،‬ألن أسـ َ‬ ‫ُ‬ ‫احلكيــم‪ ،‬وتضمينُــه إياهــا يف مقاصــد أحكامــه‪ ،‬ومــن هــذه الناحيــة بالتحديــد فقــد صــارت‬ ‫مقاصــد الرشيعــة املعيــار الــذي بــه تقــاس املصالــح‪ ،‬وتــوزن املنافــع‪ ،‬ألن الرشيعــة مــا‬ ‫جــاءت إال إلحيــاء النــاس وعــارة األرض‪.‬‬

‫املقاصد معايري تقاس‬ ‫هبا املصالح‪.‬‬

‫وتتميــز مقاصــد الرشيعــة بأهنــا تبدأ تفصيليــة كام يف النوعــن األول والثــاين‪ ،‬ومها املقاصد‬ ‫اجلزئيــة‪ ،‬واملقاصــد اخلاصــة‪ ،‬ثــم تتجه نحــو التجريد كــا يف النوعني الثالــث والرابع‪.‬‬ ‫أ‪ .‬املقاصــد التفصيليــة‪ :‬أمــا اجلزئيــة منهــا فهــي الغايــات مــن كل حكــم رشعــي‪،‬‬ ‫وهــي تزيــد عــى أكثــر مــن ثالثــة آالف مقصــد رشعــي‪ ،‬قــد ضمنهــا الشــارع‬ ‫يف حــواىل ألــف وثالثامئــة مســألة فقهيــة رئيســية‪ .‬وأمــا اخلاصــة فهــي املقاصــد‬ ‫املرجــوة مــن جماميــع األحــكام املتشــاهبة‪ ،‬كأحــكام بــاب الصــاة كامـاً‪ ،‬أو الصــوم‬ ‫أو نحوهــا‪ ،‬وهــي تقــارب املائتــي مقصــد‪ ،‬موزعــة عــى حــوايل مخســن بابــ ًا مــن‬ ‫أبــواب الفقــه‪ ،‬وهــي ثمــرة جتميــع املقاصــد اجلزئيــة يف معــاين أكثــر شــموالً ضمــن‬ ‫ترتيــب أبــواب الفقــه اإلســامي‪.‬‬ ‫ب‪ .‬املقاصــد التــي تتجــه نحــو التجريــد‪ :‬أمــا املقاصــد الكليــة ‪ -‬والتــي يقــال هلــا‬ ‫أحيانـ ًا العامــة ‪ ،-‬فإهنــا املقاصــد املرجــوة مــن الفقــه إمجــاالً‪ ،‬وهــي ترتيــب للمقاصد‬ ‫اجلزئيــة واخلاصــة يف مخســة معــاين كليــة عامــة‪ ،‬هــي حفــظ الديــن‪ ،‬وحفــظ النفــس‪،‬‬ ‫وحفــظ العقــل‪ ،‬وحفــظ العــرض‪ ،‬وحفــظ املــال‪ ،‬وتســمى هــذه املقاصــد بالكليــات‬ ‫اخلمــس‪ ،‬وهــي التــي يــدور حوهلــا الترشيــع اإلســامي بتفصيالتــه وكلياتــه‪ .‬وأمــا‬ ‫املقاصــد العاليــة فهــي أكثــر املقاصــد جتريــد ًا وأشــملها معنــى‪ ،‬لكوهنــا تعـ ِّـر عــن‬ ‫الغايــة مــن الديــن بترشيعاتــه وعقائــده وأخالقــه‪ ،‬خالف ـ ًا للكليــات اخلمــس التــي‬ ‫تقــف عنــد حــدود مقاصــد الترشيــع والفقــه اإلســامي‪ .‬وغايــة مــا ذكــر العلــاء يف‬ ‫املقاصــد العاليــة ال يتجــاوز عرشيــن معنــى‪ ،‬وال شــك يف أن أمههــا عــى اإلطــاق‪:‬‬ ‫احلريــة‪ ،‬والعدالــة‪ ،‬وعــارة األرض‪ .‬ولعــل هــذا املخطــط التوضيحــي يســهم يف‬ ‫بيــان املطلــوب‪.‬‬

‫فلسفة برنامج التنمية الوطني يف سورية‬

‫املقاصد اجلزئية‬ ‫واخلاصة تفصيلية‪.‬‬

‫املقاصد الكلية‬ ‫والعالية جتريدية‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫املقصد ‬ ‫الرسم التوضيحي ‬ ‫العمــل‬ ‫املقاصد ضوابط تعرب‬ ‫عن فلسفة األحكام‬ ‫الفقهية‪.‬‬

‫احلرية والعدالة وعامرة‬ ‫األرض معاين فجرت‬ ‫الثورة‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫املقاصد الجزئية‬ ‫^&*(()&^‪+=٪‬ـ()*^‪٪#±!!@#‬‬ ‫ـ‪)()&^!±@$٪$^&*^$$&*)(+‬‬ ‫(ـ(*)*&^&^‪&^٪$@#!±@!#$‬‬ ‫ـ)**)^‪)(*^٪!@!##٪^٪‬‬ ‫ـ(‪@!##@$#٪$^^**)(٪&**((+‬‬ ‫!@‪)^٪#‬ـ)^‪(*#@#$‬ــ‪+‬‬ ‫^&*(()&^‪+=٪‬ـ()*^‪٪#±!!@#‬‬ ‫ـ‪)()&^!±@$٪$^&*^$$&*)(+‬‬ ‫(ـ(*)*&^&^‪&^٪$@#!±@!#$‬‬ ‫ـ)**)^‪)(*^٪!@!##٪^٪‬ـ(‪**((+‬‬ ‫&‪٪$^^**)(٪&**$#٪$^^**)(٪‬‬ ‫‪@!##@$#‬‬ ‫ـ((*&^‪()&^$@٪‬ـ()*^‪#@#$٪‬‬

‫استقراء املقاصد من املسائل‬ ‫الجزئية‪.‬‬

‫املقاصد الخاصة‬ ‫@@@@@‬

‫‪########‬‬

‫‪$$$$$$$$‬‬

‫‪٪٪٪٪٪٪٪‬‬

‫^^^^^^^‬

‫&&&&&‬

‫*********‬

‫))))))))))‬

‫======‬

‫‪----------‬‬

‫‪++++++‬‬

‫!!!!!!!!!!!‬

‫تصنيف املقاصد‬ ‫الجزئية عىل أبواب‬ ‫الفقه‪ ،‬واستنتاج‬ ‫معاين أكرث شموالًمن‬ ‫الجزئية‪.‬‬

‫املقاصد الكلية‬

‫املقاصد العليا‬

‫^‪@!##@$#٪$‬‬ ‫*)^‪@!##٪^٪‬‬

‫&^&^‪*)(!#$‬‬ ‫‪*)(!#^^&&$‬‬

‫‪!^*&^٪‬ـ((=)*‬

‫تصنيف املقاصد‬

‫الجزئية عىل الكليات‬ ‫الخمس‪ ،‬واستنتاج معاين‬ ‫أكرث شموالً من الخاصة‪.‬‬

‫استنتاج مقاصد من الدين‬ ‫عموماً‪ ،‬أكرث شموالً من كل‬ ‫ما سبق‪.‬‬

‫نالحــظ مــن التفصيــل الســابق أن مقاصــد الرشيعــة معـ ٍ‬ ‫ـان معياريــة‪ ،‬وأهنــا كلــا جتــردت‬ ‫ازداد احلضــور املعيــاري فيهــا‪ ،‬فاملقاصــد اجلزئيــة واخلاصــة تضبــط تفصيــات األحــكام‪،‬‬ ‫واملقاصــد الكليــة والعاليــة أكثــر معياريــة‪ ،‬ألهنــا تضبــط املقاصــد التفصيليــة الســابقة‪،‬‬ ‫فهــي ضوابــط عــى الضوابــط‪ ،‬فض ـ ً‬ ‫ا عــن كوهنــا تعبــر ًا عــن فلســفة األحــكام الفقهيــة‪،‬‬ ‫والعقديــة‪ ،‬واألخالقيــة يف اإلســام‪ ،‬ومــرآ ًة للتصــور اإلســامي الشــامل‪ ،‬الــذي يوضــح‬ ‫ســبب إرســال الرســل وإنــزال الكتــب مــن عنــد اهلل إىل أكــرم خملــوق نفــخ فيــه مــن روحــه‪.‬‬ ‫وهــذا مــا يزيــد مــن أمهيــة املقاصــد‪ ،‬ورضورة مراعاهتــا يف جوانــب التخطيــط االقتصــادي‬ ‫والرتبــوي واالجتامعــي والســيايس والصحــي‪ ،‬ويف كل جوانــب احليــاة‪.‬‬ ‫ويالحــظ أيضــ ًا أن مقاصــد الرشيعــة مجلــة مــن املعــاين املتفــق عليهــا بــن البــر‪،‬‬ ‫والســيام املقاصــد التــي تتجــه نحــو التجريــد‪ ،‬عــى الرغــم مــن والدهتــا مــن رحــم النصــوص‬ ‫أو األحــكام الرشعيــة‪ .‬وهــذا األمــر يدعــو إىل حتويــل مقاصــد الرشيعــة إىل ثقافــة شــعبية يف‬ ‫حميطنــا اإلســامي‪ ،‬وثقافــة إنســانية حلاجــة البــر إىل مثــل هــذا الوضــوح يف الرؤيــة‪.‬‬

‫كــا يالحــظ أن املقاصــد العاليــة الثالثــة‪ :‬احلريــة والعدالــة وعــارة األرض هــي املعــاين‬ ‫التــي كانــت وراء الثــورة الســورية‪ ،‬فجديــر هبــا وباملقاصــد الرشعيــة كافــة‪ ،‬التــي تضبطهــا‬ ‫هــذه املقاصــد الثالثــة أن تكــون معيــار ًا للمــروع التنمــوي الــذي يتطلــع إليــه الســوريون‪.‬‬ ‫فلسفة برنامج التنمية الوطني يف سورية‬


‫‪ .٢‬املعيار األممي‪:‬‬

‫‪.٢‬‬

‫بنــي برنامــج التنميــة الوطنــي ‪ -‬باإلضافــة إىل معيــار مقاصــد الرشيعــة‪ -‬عــى معيــار‬ ‫أممــي‪ ،‬فمــن املعلــوم أن األمــم املتحــدة هتتــم بالتنميــة البرشيــة‪ ،‬وتصــدر تقريــر ًا ســنوي ًا‬ ‫للتنميــة البرشيــة‪ ،‬يعــده برنامــج األمــم املتحــدة اإلنامئــي (‪ ،)UNDP‬ترتــب فيــه دول العــامل‬ ‫حســب مســتويات التنميــة‪ ،‬وفــق معايــر علميــة مدروســة تضعهــا‪.‬‬ ‫يعــد دليــل التنميــة البرشيــة بمثابــة دليــل مركــب يقيــس متوســط اإلنجــازات يف البلــد‬ ‫مــن خــال ثالثــة أبعــاد أساســية للتنميــة البرشيــة‪ ،‬وهــي‪ :‬التمتــع بحيــاة مديــدة وصحيــة‪،‬‬ ‫وإمكانيــة الوصــول إىل املعلومــات‪ ،‬ومســتوى الئــق للمعيشــة‪ .‬ويتــم قيــاس هــذه األبعــاد‬ ‫األساســية وفــق متوســط العمــر املتوقــع عنــد الــوالدة‪ ،‬ومعــدل األميــة عنــد البالغــن‪،‬‬ ‫وجممــوع نســب االلتحــاق اإلمجاليــة باملــدارس االبتدائيــة واإلعداديــة والثانويــة‪ .‬أمــا‬ ‫مســتوى املعيشــة فيتــم قياســه وفق ـ ًا للناتــج الوطنــي اإلمجــايل للفــرد‪ ،‬وفق ـ ًا ملعــدل القــوة‬ ‫الرشائيــة بالــدوالر األمريكــي عــى التــوايل‪ .‬ويتألــف الدليــل مــن املــؤرشات املتوافــرة حاليـ ًا‬ ‫دولي ـ ًا باســتخدام منهجيــة بســيطة وشــفافة‪ ،‬وتعتمــد هــذه املــؤرشات عــى بيانــات موثقــة‪،‬‬ ‫معظمهــا صــادر عــن األمــم املتحــدة‪ ،‬أو عــن مؤسســات ومنظــات دوليــة معتمــدة لدهيــا‪،‬‬ ‫كالبنــك الــدويل‪.‬‬ ‫وتتميز املعايري بأهنا جمموعة من القيم التنموية تتصف بام يأيت‪:‬‬ ‫أ‪ .‬شــمول التنميــة نواحــي احليــاة‪ :‬فــا تتوقــف عنــد اجلانــب االقتصــادي‪ ،‬لتســتوعب‬ ‫اجلانــب الســيايس واالجتامعــي والثقــايف واملعــريف‪ ،‬وهــي تلتقــي مــن ناحيــة الشــمول‬ ‫بمقاصــد الرشيعــة التــي تغطــي جوانــب النشــاط البــري كامـاً‪.‬‬

‫يقوم املعيار األممي عىل‬ ‫قيم التنمية البرشية‪.‬‬

‫ب‪ .‬قابليتهــا للقيــاس الكمــي‪ :‬وفــق معــادالت رياضيــة إحصائيــة‪ ،‬أبدعتهــا عقليــة‬ ‫فــذة لواضعــي التقريــر الســنوي األممــي‪ ،‬األمــر الــذي ييــر عمليــة التقويــم املرحــي‬ ‫والنهائــي ملجريــات التنميــة الوطنيــة الشــاملة‪.‬‬ ‫هــذا والبــد مــن بيــان أن قيــم التنميــة املوجــودة يف التقاريــر الســنوية للتنميــة البرشيــة مل‬ ‫تفــرد بالذكــر كحالــة مدرســية‪ ،‬بــل تــم التوصــل إليهــا واســتخالصها مــن خــال اجلــداول‬ ‫والبيانــات اإلحصائيــة يف التقريــر‪ .‬فهــي قيــم عمليــة حيــة‪ ،‬جتــاوزت احلالــة املدرســية‬ ‫النظريــة‪ ،‬متثــل مــؤرشات التنميــة املتطــورة‪ ،‬وغايـ َة مــا يســعى إليــه بنــاة األوطــان يف األخــذ‬ ‫بأوطاهنــم نحــو التقــدم واملدنيــة والرقــي‪ .‬كــا أهنــا قيــم ال تتعــارض يف جوهرهــا ومقاصــد‬ ‫الرشيعــة‪ ،‬بــل تعــر عــن انســجام مــا بــن الرشيعــة والفطــرة اإلنســانية‪.‬‬ ‫إن متــازج الغايــة الرشعيــة التــي جتعــل مــن اإلنســان حمــور العمــران‪ ،‬مــع القيمــة التنموية‬ ‫يســهم يف بنــاء الدولــة واملجتمــع عــى نحــو تتكامــل فيــه عنــارص صناعــة احلضــارة‪ ،‬وتتعانق‬ ‫فلسفة برنامج التنمية الوطني يف سورية‬

‫‪17‬‬


‫فيــه اهلويــة مــع متطلبــات التطويــر والتحديــث‪ ،‬وتوضــع فيــه الرشيعــة يف موقــع التأثــر‬ ‫والفاعليــة‪ ،‬عــى نحــو ُي ِ‬ ‫ظهــر جان َبهــا العمــي‪.‬‬ ‫ووصوالً إىل الغاية املنشودة فقد اعتمد برنامج التنمية عىل ما يأيت‪:‬‬

‫أ‪ .‬القيــام بدراســة اســتقرائية ماســحة لــكل فــروع الرشيعــة‪ ،‬الســتنباط املقاصــد‬ ‫العامــة واخلاصــة املتعلقــة بمقصــد العمــران مــن خــال هــذه الفــروع‪.‬‬ ‫ب‪ .‬اســتخالص القيــم التنمويــة التــي وضعهــا برنامــج األمــم املتحــدة اإلنامئــي‬ ‫(‪ ،)UNDP‬واعتمدهــا أساســ ًا لقيــاس مســتوى التنميــة البرشيــة يف دول العــامل‪.‬‬ ‫جـــ‪ .‬املزاوجــة مــا بــن تلــك املقاصــد والقيــم التنمويــة‪ ،‬ألهنــا تتكامــل مــن جهــة‪،‬‬ ‫وتســعى إىل غايــة واحــدة مــن جهــة أخــرى‪.‬‬ ‫د‪ .‬اقرتاح املرشوعات التنموية التي حتقق ك ً‬ ‫ال من املقاصد وقيم التنمية الشاملة‪.‬‬

‫ثالثا ‪ -‬العدالة التنموية‪:‬‬

‫تسمح العدالة التنموية‬ ‫لكل منطقة بأن تنال ما‬ ‫حتتاج إليه من التنمية‬ ‫البرشية ‪.‬‬

‫تذكــر معظــم دراســات التنميــة أن َجـ ْـر اهلــوة مــا بــن الريــف واحلــر يشــكل أكــر‬ ‫التحديــات يف وجــه التنميــة يف الــرق األوســط‪ ،‬ذلــك أن مناطــق الريــف أكثــر إمهــاالً‬ ‫وأقــل رعايــة وتفتقــر إىل البنيــة التحتيــة واملرافــق اخلدميــة والفعاليــات االقتصاديــة األمــر‬ ‫الــذي شــجع عــى اهلجــرة الداخليــة نحــو املدينــة واألماكــن األكثــر تنميــة يف الريــف نفسـه‪,‬‬ ‫وهجــرت الزراعــة وتراجعــت املرشوعــات التجاريــة‬ ‫فتكــرس الرتاجــع االقتصــادي ُ‬ ‫الصغــرة فض ـ ً‬ ‫ا عــن املتوســطة وحتــول معظــم املزارعــن إىل موظفــن يف املــدن املجــاورة‪,‬‬ ‫وازداد العــبء عــى املدينــة بينــا ازدادت األريــاف ختلفــ ًا كبــرا‪ً.‬‬ ‫لحــ ًا فقــد تعمــق‬ ‫ــر اهلــوة مــا بــن الريــف واحلــر يف ســورية أصبــح أمــر ًا ُم ّ‬ ‫إن َج ْ‬ ‫مســتوى الضعــف االقتصــادي يف األريــاف وازدادت العشــوائيات حــول املــدن املأهولــة‬ ‫بســبب حتــول أبنــاء الريــف ‪-‬بصــورة رئيســية‪ -‬إىل الســكن يف هــذه املــدن ناهيــك عــن‬ ‫تدهــور مســتويات التنميــة باجلملــة‪.‬‬

‫وحيــال هــذا املطلــب الــروري اعتمــد برنامــج التنميــة الوطنــي مبــدأ العدالــة التنمويــة‬ ‫أساس ـ ًا يرتكــز إليــه يف خطتــه ويعنــي بذلــك أن تنــال مناطــق ســورية مدن ـ ًا وأرياف ـ ًا نصيبهــا‬ ‫مــن التنميــة بــا تســتحقه مــن مشــاريع وقصــده مــن ذلــك حتقيــق الكفايــة التنمويــة لــكل‬ ‫اجلغرافيــة الســورية مــن جهــة واإلســهام يف حــل مشــكالت التمييــز التــي ســببتها احلقبــة‬ ‫املاضيــة مــن جهــة أخــرى‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫فلسفة برنامج التنمية الوطني يف سورية‬


‫وقــد انطلــق برنامــج التنميــة الوطنــي يف ســبيل حتقيــق ذلــك مــن التقســيم اإلداري‬ ‫الســوري حيــث ضــم هــذا التقســيم أول الثــورة أربــع عــرة حمافظــة وأربعـ ًا وســتني منطقــة‬ ‫ومائتــن ومخس ـ ًا وتســعني ناحيــة وحلــظ يف توزيــع مشــاريعه مســتوى النواحــي ومل يتوقــف‬ ‫عنــد حــدود املحافظــات أو املناطــق‪.‬‬ ‫ويمكن للجدول اآليت أن يبني توزع املناطق والنواحي عىل املحافظات السورية‪:‬‬

‫املجموع‬ ‫القنيطرة‬ ‫السويداء‬ ‫درعا‬ ‫الرقة‬ ‫طرطوس‬ ‫دير الزور‬ ‫الحسكة‬ ‫إدلب‬ ‫الالذقية‬ ‫حامه‬ ‫حمص‬ ‫ريف دمشق‬ ‫حلب‬ ‫دمشق‬

‫الداملجموع‬

‫املحافظة‬

‫عدد املناطق ‪٦٤ ٢ ٣ ٣ ٣ ٦ ٣ ٤ ٦ ٤ ٥ ٦ ٩ ١٠ ٠‬‬ ‫عدد النواحي ‪٢٩٥ ٦ ١٢ ١٧ ١٠ ٢٧ ١٤ ١٩ ٢٧ ٢٤ ٢٧ ٢٦ ٤٠ ٤٦ ٠‬‬ ‫كــا أنــه جعــل للمــروع حامـ ً‬ ‫ا شــعبي ًا ممــا ســاه «جمالــس التنميــة» وأوكل إليهــا دوريــن‬ ‫األول‪ :‬دور رقــايب‪ .‬والثــاين‪ :‬دور املشــاركة يف عمليــة التخطيــط التنمــوي‪ ،‬مــن خــال متثيــل‬ ‫مناطــق عمــل املــروع وتقديــر حاجاهتــا مــن املرشوعــات التنمويــة‪ .‬بحيــث تتشــكل‬ ‫ـم يتــم تشــكيل جمالــس املحافظــات‬ ‫جمالــس املناطــق مــن أبنــاء النواحــي واملناطــق ومــن َثـ َّ‬ ‫ومــن جمالــس املحافظــات يتشــكل املجلــس األعــى للتنميــة يف ســورية وهــذه الكيانــات‬ ‫أشــبه مــا تكــون بربملــان يرعــى شــؤون التنميــة‪ .‬وهكــذا تنــال كل مناطــق ســورية اإلداريــة‬ ‫حقهــا مــن مرشوعــات التنميــة ويتــم بذلــك تقليــص الفجــوة مــا بــن الريــف واملدينــة وحتــل‬ ‫معظــم املشــكالت املتولــدة عــن إمهــال الريــف تنموي ـ ًا‪ .‬ويمكــن للجــدول اآليت أن يبــن‬ ‫كيفيــة املجلــس األعــى للتنميــة‪:‬‬

‫املجلس‬

‫األعضاء‬

‫األعداد‬ ‫املجالس‬

‫الكيل‬

‫مالحظات‬

‫مجلس املنطقة‬

‫‪١٠‬‬

‫‪٦٤‬‬

‫‪٦٤٠‬‬

‫هم أنفسهم الهيئة العامة‬

‫مجلس املحافظة‬

‫‪٢٠‬‬

‫‪١٤‬‬

‫‪٢٨٠‬‬

‫هم أنفسهم املؤمتر العام‬

‫املجلس األعىل للتنمية‬

‫‪١٥‬‬

‫‪١‬‬

‫‪١٥‬‬

‫هم أنفسهم الهيئة التنفيذية‬

‫فلسفة برنامج التنمية الوطني يف سورية‬

‫تقوم جمالس التنمية‬ ‫بمراقبة التنمية الوطنية‬ ‫وبمتابعة حاجات‬ ‫املناطق التابعة هلا‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫رابعا‪ -‬توطين التقانة‪:‬‬

‫ال خيفــى دور التقانــة يف عمليــات التنميــة بــدء ًا مــن التخطيــط إىل اختيــار مشــاريع‬ ‫التنميــة إىل تنفيذهــا كــا ال خيفــى دخــول التقانــة يف كل جوانــب احليــاة اإلداريــة واالجتامعيــة‬ ‫والتعليميــة والسياســية فض ـ ً‬ ‫ا عــن العلميــة واالقتصاديــة ألن التقانــة وليــد مهــم للنهضــة‬ ‫العلميــة اإلنســانية إىل حــدٍّ أصبــح رقــي الشــعوب يقــاس بمــدى اعتامدهــا عــى التقانــة‬ ‫ومعطيــات العلــم التجريبــي‪.‬‬ ‫ال يسعى توطني التقانة‬ ‫إىل الربح بقدر ما‬ ‫يسعى إىل أن يؤسس‬ ‫جمتمع ًا متطور ًا تقني ًا‪.‬‬

‫ومــن هــذا املنطلــق فقــد اعتمــد برنامــج التنميــة الوطنــي عــى مبــدأ توطــن التقانــة‬ ‫ويقصــد بــه التطبيــق العمــي للعلــوم ودجمهــا يف برامــج التنميــة والتطويــر وتوظيفهــا يف توفــر‬ ‫احتياجــات الســوق املحليــة والدوليــة ومتطلباهتــا وإجيــاد حاجــات ومتطلبــات جديــدة‬ ‫متاشــي ًا مــع طبيعــة البــر يف الســعي لالرتقــاء نحــو رفــع االحتياجات من ســلم األساســيات‬ ‫إىل الكامليــات والرتفيهيــات وتســخري ذلــك كلــه يف تأمــن فــرص عمــل جديــدة‪ .‬ومــن هــذا‬ ‫اجلانــب فــإن توطــن التقانــة ال يســعى إىل احلالــة الربحيــة فحســب بــل يســعى إىل أن يضــع‬ ‫أسس ـ ًا ملجتمــع تقنــي متطــور ختــرج فيــه املعرفــة مــن احلالــة النظريــة إىل التطبيــق ومــن بــن‬ ‫يــدي العلــاء يف املختــر إىل يــدي النــاس عــر اإلنتــاج الصناعــي وتنهــض بــه الدولــة لتدخل‬ ‫املــرح الــدويل عنــر ًا مؤثــر ًا وفاع ـ ً‬ ‫ا يف عالقاتــه الدوليــة‪.‬‬ ‫تؤســس يف املجتمــع منظوم ـ ٌة جديــد ٌة مــن القيــم ُتــرم فيهــا املعرفــة وينتــر‬ ‫وبذلــك َّ‬ ‫فيهــا التفكــر العلمــي حيــث ختــرج الفكــرة مــن إطارهــا النظــري إىل أن تتبلــور واقعــ ًا‬ ‫ملموس ـ ًا يســهم يف هنضــة املجتمــع فترتســخ التقانــة وتصبــح جــزء ًا فاع ـ ً‬ ‫ا يف حيــاة النــاس‬ ‫ومؤثــر ًا يف أنــاط تفكريهــم إىل درجــة أن يتجــاوز اجلوانــب التطبيقيــة مــن التفكــر ليصبــغ‬ ‫اجلوانــب النظريــة بمنهجــه وينتــج منهــا ‪-‬عــى الرغــم مــن طبيعتهــا النظريــة ‪ -‬برامــج‬ ‫تطبيقيــة‪.‬‬

‫االعتامد عىل البحث‬ ‫العلمي يمكِّن توطني‬ ‫التقانة وحيقق تنميط‬ ‫املجتمع عىل قيمها‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫وهيدف مبدأ توطني التقانة إىل حتقيق مجلة أغراض من أمهها ما يأيت‪:‬‬ ‫‪ .١‬نقل أحدث القضايا التكنولوجية يف العامل؛ لتصنيعها وتطويرها حملي ًا‪.‬‬ ‫‪ .٢‬حتقيق االكتفاء الصناعي والتقاين الذايت يف املجاالت اآلتية‪:‬‬ ‫أ‪ .‬الطاقة‪.‬‬ ‫ب‪ .‬البيئة‪.‬‬ ‫جـ‪ .‬املياه‪.‬‬ ‫د‪ .‬اإلسكان‪.‬‬ ‫هـ‪ .‬الطرق واملواصالت‪.‬‬ ‫و‪ .‬الزراعة‪.‬‬ ‫فلسفة برنامج التنمية الوطني يف سورية‬


‫ز‪ .‬الصحة والصناعات الدوائية‪.‬‬ ‫‪ .٣‬دخــول األســواق العربيــة والعامليــة بمنتجــات وطنيــة منافســة بمعايــر عامليــة‬ ‫عاليــة اجلــودة‪.‬‬ ‫‪ .٤‬اســتقطاب االســتثامرات ورؤوس األمــوال العربيــة واألجنبيــة للمشــاركة يف‬ ‫الصناعــة الوطنيــة‪.‬‬ ‫‪ .٥‬اســتقدام اخلــراء الدوليــن يف جمــاالت التصنيــع لتدريــب الكــوادر الوطنيــة عــى‬ ‫عمليــة اإلنتــاج‪.‬‬ ‫‪ .٦‬اســتقطاب املبدعــن واملخرتعــن العــرب‪ ,‬وتبنــي مــا لدهيــم مــن تكنولوجيــا‬ ‫لتصنيعهــا‪.‬‬ ‫ولكــي يتــم توطــن التقانــة ويتحقــق تنميــط املجتمــع عــى مفاهيمهــا البــد مــن االعتــاد‬ ‫عــى البحــث العلمــي أســلوب ًا لذلــك األمــر الــذي يتطلــب املزيــد مــن إنشــاء مراكــز البحــث‬ ‫والتطويــر ومعاهــد التأهيــل والتدريــب‪.‬‬

‫و مركــز االســترشاف للدراســات واألبحــاث‪ ،‬و مؤسســة التضامــن للتنميــة‬ ‫الشــاملة إذ يقدمــان برنامــج التنميــة الوطنــي هــذا بالتعــاون مــع التيــار الوطنــي الســوري‪،‬‬

‫ويضعونــه بــن يــدي الســوريني يأملــون أن يكــون جهــد ًا جــاد ًا مــع جهــود اآلخريــن لبنــاء‬ ‫ســورية اجلديــدة‪ ،‬كــا حيــب أن يراهــا مــن بذلــوا أرواحهــم يف ســبيل حريتهــا وكرامتهــا‪.‬‬

‫فلسفة برنامج التنمية الوطني يف سورية‬

‫‪21‬‬


‫واهلل املوفق واهلادي إىل سواء السبيل‬



‫فلسفة برنامج التنمية‬ ‫الوطني‬ ‫في سورية‬

‫‪٢٠٢٤-٢٠١٤‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.