%20%d8%b9%d9%82%d8%af%20%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af

Page 1

‫نحو عقد جديد؟‬

‫* انييس لوفالوا‬ ‫بعد أربع سنوات من اندالع حركات االحتجاج في البلدان العربية والفترة االنتقالية التي تلتها‪ ،‬هناك حاجة ملحة‬ ‫اآلن للتصدي للقضايا االجتماعية واالقتصادية‪ .‬هذا هو أكبر تحد يواجه السلطات الجديدة‪ .‬ومع هذا‪ ،‬فال يمكن‬ ‫التصدي لهذه القضايا إال في مناخ سياسي سلمي وفي إطار دساتير تمثل العقد االجتماعي الجديد بين الحكومات‬ ‫والشعوب‪ .‬لقد برزت القضية الدستورية في أعقاب اإلطاحة بالرئيسين التونسي والمصري‪،‬‬

‫كما طرح التساؤل‬

‫عن مقدرة أو عدم مقدرة السلطات الجديدة على التوصل الى حلول سياسية توافقية‪ ،‬إلرساء معايير ديمقراطية‪ .‬هذا‬

‫هو السياق الذي جرت فيه صياغة الدساتير في تونس ومصر والمغرب واليمن‪ ،‬وان اختلفت النتائج في كل بلد‪.‬‬ ‫وقد ارتكز عمل واضعي الدستور على ثالث قضايا قوية‪ :‬أو تحديد نوع الدولة التي سيتم بناؤها بعد رفض النموذج‬ ‫القديم رغبة في دولة أكثر عدال واحتراما لحقوق المواطن؛ وانشاء نموذج اقتصادي واجتماعي يأخذ في الحسبان‬ ‫التوازن االجتماعي والجغرافي فضال عن التوازن بين األجيال؛ وأخي ار الدعوة لزيادة مشاركة المواطنين و ذلك للخروج‬ ‫من إطار المجتمعات ذات التقاليد السلطوية والبيروقراطية والمحسوبيةورغم أن االضطرابات االجتماعية بدأت عام‬

‫‪ 1122‬بقيادة الشباب الذين كانوا ينشدون حياة أفضل‪ ،‬فإن ما أججها هو المشاكل التي واجهتها الحكومات الجديدة‬ ‫في صياغة عقود اجتماعية وسياسية واقتصادية جامعة في ظل طغيان ثقافة الوصاية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬تقع على الحكومات‬ ‫والنخبة مسؤولية التحرك في هذا الصدد‪.‬‬


‫ومع هذا‪ ،‬فعلى أوروبا أيضا المساعدة في هذه التحوالت‪ ،‬خاصة في القضايا المتعلقة بالشباب والنساء‪ .‬فيمكنها‬ ‫أن توفر التدريب ونقل المعرفة فضال عن برامج المساندة الفنية والمالية بما يتناسب والتحديات الديمقراطية التي‬ ‫تواكب عمليات التحول في العالم العربي‪.‬‬ ‫وقد تمكنت تونس من التوصل إلى توافق تاريخي فيما بين مختلف الشركاء السياسيين‪ .‬فقد وافقت كل من هذه‬

‫األطراف على تقديم تنازالت سمحت بصياغة دستور يمكن أن يشكل قاعدة تبشر بعهد جديد من الحراك السياسي‪.‬‬ ‫لكن الوضع كان مختلفا في مصر حيث وضع الدستور الثاني بدون مشاركة اإلخوان المسلمين في أعقاب انهيار‬ ‫نظام الرئيس محمد مرسي‪ ،‬وهو أحد أعضاء الجماعة‪ .‬وفي حالة المغرب‪ ،‬لم يكن هناك إطاحة بالحكم أو ثورة‬ ‫كما حدث في تونس أو مصر‪ .‬فقد اختارت المملكة ما يمكن أن أصفه باإلصالح "السلمي"‪ .‬والواقع أن اإلصالحات‬ ‫كانت جارية على قدم وساق قبل عام ‪ ،1122‬وكان العمل على إعداد الدستور‪ ،‬الذي طرح لالستفتاء عليه في‬

‫يوليو‪/‬تموز ‪ ، 1122‬مستم ار بهدف تحقيق توازن أفضل بين السلطات التي يمارسها الملك وتلك الممنوحة لرئيس‬ ‫الوزراء‪ ،‬أي تحقيق الفصل بين السلطات‪ .‬ويمكن القول بأنه في الوقت الذي يظل إطار الدستور المغربي هو نفسه‪،‬‬ ‫إال أن التغيرات و اإلصالحات جارية في هذا اإلطار‪.‬‬ ‫وتثير هذه األوضاع العديد من التساؤالت‪ :‬كيف يمكن تطبيق هذه الدساتير بشكل فاعل؟ وما هي العقود السياسية‬ ‫واالقتصادية واالجتماعية التي يمكن صياغتها‪ ،‬وعلى أية أسس‪ ،‬وما هو المستقبل الذي يمكن أن ينتظر كال من‬ ‫هذه البلدان الثالثة؟‬ ‫لم يتقرر بعد مستقبل عملية اإلصالح السياسي‪ .‬وستعتمد إلى حد كبير على التأثير الذي يمارسه الساسة المعنيون‪،‬‬ ‫وعلى حيوية المجتمعات المدنية‪ ،‬والمساعدات الدولية التي تقدمها البلدان العربية والغربية لعمليات التغيير هذه‪،‬‬

‫خاصة فيما يتعلق بالشباب والنساء‪ .‬ويشكل هذا تحديا مشتركا لكل من بلدان شمال البحر المتوسط وجنوبه‪ ،‬تحد‬ ‫سيتعين التصدي له بشكل جماعي‪.‬‬

‫* انييس لوفالوا استشارية ومتخصصة في قضايا العالم العربي والقضايا المتوسطية‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.