الفـــــــــهـرس
المقدمه
3
جدد حٌاتك
5
الثبات واألناة
8
كٌؾ نزٌل القلق
11
آفات الفراغ
13
قضاء وقدر
14
حٌاتك من صنع أفكارك
15
روحانٌة الرسول
19
حاسب نفسك
22
جدد حياتك
الصفحة 2
مقدمــــــة :
أرٌد أن ألفت الجمٌع إلى الخاصة األولى فً الدٌن ,أال وهً أنه دٌن الفطرة .ولعل احترامً لإلسالم وبقابً فٌه ٌرجعان إلى ما لمسته بٌدي من تجاوبه مع الفطرة الراشدة فلو لم ٌكن دٌنا" من لدن حكٌم علٌم ماوسعنً وال وسع ؼٌري أن نخترع أفضل منه فً إقامة صالته مع هللا والناس . إن كلمة فطرة إذا أطلقت ال ٌصح أن ٌراد بها إال الفطرة السلٌمة ,فؤصحاب الصحة النفسٌة والعقلٌة واألمزجة المعتدلة والطباع المكتملة هم وحدهم الذٌن ٌسمع وٌإخذ منهم ,أما المعتلون والمنحرفون وذو العقول واألفكار المتخلفة لٌسوا أمثلة لسالمة الفطرة وال ٌجوز أن’ٌطمؤن إلى أحكامهم وال إلى آرابهم . إن نبً اإلسالم محمد صلى هللا علٌه وسلم قال للسابل عن البر (استفت قلبك ) ,لم ٌقدم هذا الجواب لمجرم ٌستبٌح الدماء وٌؽتال الحقوق ,إنه ساق هذا الجواب النبٌل لرجل ٌتحرج من اإللمام بصؽٌرة ,رجل سلٌم الفطرة شفاؾ الجوهر ,عاشق للخٌر ,أراد النبً أن ٌرٌحه من عناء التساإل واالستفتاء فرده إلى فإاده ٌستلهمه الرشد كلما تشابهت أمامه األمور ,وهذا الرجل وأمثاله من أصحاب القلوب الكبٌرة والفطرة السلٌمة هم موازٌن العالم . لذلك من المهم أن ننبه إلى أنه ال ٌوجد فابدة فً نفع زمن كان ملتاث الطبٌعة مرٌض الفطرة ,ماقٌمة المنظار المقرب أو المكبر لدى امرئ فقد بصره ؟ إن فقدان البصٌرة الواعٌة اللماحة حجاب طامس دون فهم الحق بله تفهٌمه .وهناك الكثٌر من الطوابؾ التً تسمى رجال الدٌن وهم ال ٌرٌدون إال التشوٌة بالدٌن .وصاحب الفطرة السلٌمة هو وحده تستقر فً ذهنه صورة الدٌن على هذا النحو المبٌن ولٌس على ماٌدعوه ,أما مع اضطراب البصٌرة فإنك ستجد من ٌعرض علٌك الدٌن مشوها" وهذد الفوضى لٌست إال ضربا" من تحرٌؾ الكلم عن مواضعه وهو مرض أفسد الدٌانتٌن الٌهورٌة والنصرانٌة .وربما تعجزنا حماٌة الدٌن من أصحاب الفطرة العلٌلة ,فالحل الوحٌد أن ٌتقدم أصحاب الفطره السلٌمة لٌإدوا واجبهم وبهذا الحل تتحقق فابدتٌن جلٌلتان: ٔ -أن ٌنتفع أولبك األصفٌاء بما شرع هللا لعباده . ٕ -أن تنتفع حقابق الدنٌا بمن ٌحسن فهمها وعرضها ؼٌر مشوهة وال مضطربة ,فإن الفقه فً الدٌن حكمة ال ٌإدٌها كل إنسان.
جدد حياتك
الصفحة 3
إن فً الحٌاة من ٌحملون األدوٌة التً ٌنتفعون بها وال ٌنتفعون هم منها ,وفً الحٌاة كذلك من ٌحمل جراثٌم األمراض والٌعتل بها لظروؾ معقدة فً بدنه ,تجعله ٌنقل العدوى إلى اآلخرٌن ,وٌبقى معافى ,وأٌضا" ٌوجد فً الحٌاة الجهال الذٌن ٌحملون العلم ,والسفهاء الذٌن ٌنقلون الرشد .إن اإلنسان بفطرته السلٌمة قد ٌعرؾ الحقٌقة ,فالحالل بٌن والحرام بٌن ولكن هذه المعرفة ستصبح ال قٌمة لها إن لم نحل الحالل ونحرم الحرام ,وإن لم تقفنا الحدود الفاصلة بٌن الفضٌلة والرذٌلة. إن حملة الفقه الذٌن ال فقه لهم ٌدلوننا على الحقٌقة ولكن فً نطاق ضٌق ومحصور وال ٌستطٌعون األخذ بؤٌدٌنا إلٌها ,ألنهم علموها ولم ٌعلموا بها ,أنهم فقط ٌقومون بدور البضاعة أو دواب الحمل فهم منفٌون ابتداء" من مٌادٌن التهذٌب والتؤدٌب. إن كتال" كثٌفة من البشر ال تزال بعٌدة عن اإلسالم ,ألنها تجهل تعالٌمه جهال" مطبقا" ومن ثم فهً ال تطلب إلٌه سبٌال" .واإلسالم هو الفطرة التً جاء بها النبً محمد صلى هللا علٌه وسلمٌ ,جلو صفحتها وٌظهر وراءها, وٌعود بالبشر إلٌها بعد أن اجتالتهم الشٌاطٌن عنها ,ومنهده ٌإٌد ماجاء به الرسل من قبلهٌ ,إٌد كل رجل هجر الخرافات وقرر أن ٌسٌر إلى هللا على ضوء من اإلٌمان والعمل الصالح . لقد قرأت كتاب ( دع القلق وابدأ الحٌاة ) لدٌل كارنجً وعزمت فور انهابً منه أن أرده إلى أصوله اإلسالمٌة فً ذلك هو أن الخالصات التً أثبتها بعد استقراء جٌد ألقوال الفالسفة والمربٌن تتفق مع وجوه ال حصر لها مع اآلٌات الثابتة فً قرآننا ةاألحادٌث المؤثورة من نبٌنا ,إن المإلؾ ال ٌعرؾ اإلسالم ولو عرفه لنقل منه دالبل تشهد للحقابق التً قررها أضعاؾ مانقل فً أي مصدر أخر ,فالفطرة السلٌمة سجلت وصاٌاها فً هذا الكتاب بعد تجارب واختبارات وجاءت هذه على لسان العربً منذ قرون ,وبذلك اتفق وحً التجربة ووحً السماء . خطتً فً هذا الكتاب أن أعرض اإلسالم فً حشدٌن متماٌزٌن: األول من نصوصه نفسها ,والثانً من النقول التً تظاهرها فً كتابات وتجارب وشواهد األستاذ األمرٌكً دٌل كارنجً ,فكؤن المقارنة العلمٌة تجا عرضا" أو فً المرتبة التالٌة ,ألننً ال أكتب إشباعا" لترؾ علمً قدر ما أكتب إصالحا" ألؼالط شابعة وأوضاع جابرة .
جدد حياتك
الصفحة 4
جدد حياتك: كثٌرً ا ما ٌحب اإلنسان أن ٌبدأ صفحة جدٌدة فً حٌاته ولكنه ٌقرن هذه البداٌة المرؼوبة مع األقدار المجهولة كتحسن فً حالته أو تحول فً مكانته ,وهو فً هذا التسوٌؾ ٌشعر بؤن ً رافدا من روافد القوة المرموقة قد ٌجا مع هذا الموعد ,فٌنشطه بعد خمول وًٌمنٌه بعد إٌاس ,وهذا وهم ,ألن تجدد الحٌاة ٌنبع قبل كل شًء من داخل النفس ,فال تعلق بناء حٌاتك على أمنٌة ٌردها الؽٌر فإن هذا اإلرجاء لن ٌعود علٌك بخٌر ,فال مكان لإلبطاء أو انتظار ,ثم إن كل تؤخٌر إلنقاذ منهاج تجدد به حٌاتك ,وتصلح به أعمالك ال ٌعنً إال إطالة الفترة الكابٌة التً تبؽً الخالص منها ,فما أجمل أن ٌعٌد اإلنسان تنظٌم نفسه من حٌن إلى حٌن ,وأن ٌرسل نظرات ناقدة لٌتعرؾ عٌوبها وآفاتها وأن ٌرسم السٌاسات قصٌرة المدى وطوٌلة المدى لٌتخلص من هذه الهنات التً ًتزرى به. إن اإلنسان أحوج الخالبق إلى التنقٌب فً أرجاء نفسه وتعهد حٌاته الخاصة والعامة بما ٌصونها من العلل والتفكك؛ ذلك أن الكٌان العاطفً والعقلً لإلنسان قلما ٌبقى متماسك اللبنات مع حدة االحتكاك بصنوؾ الشهوات ,ومن ثم نرى ضرورة العمل الدابم لتنظٌم النفس وإحكام الرقابة علٌها. فً هذه اللحظة ٌستطٌع كل امرئ أن ٌجدد حٌاته وأن ٌعٌد بناء نفسه على أشعة من األمل والتوفٌق والٌقظة, فصوت الحق ٌهتؾ فً كل مكان لٌهتدي الحابرون وٌتجدد البالون ,فال تإودنك كثرة الخطاٌا؛ فلو كانت َركامًا ً قصدا وانطلقت إلٌه راكضًا. أسود كزبد البحر ما بالى هللا عزو جل بالتعفٌة علٌها إن أنت اتجهت إلٌه إن الكنود القدٌم ال ٌجوز أن ٌكون عاب ًقا أمام أوبة صادقة ,ففً الحدٌث القدسً عن هللا عز وجلٌَ " :ا اب َْن آدَ َم إِ َّن َك ٌِك َو َال أ ُ َبالًٌَِ ,ا اب َْن آدَ َم لَ ْو َبلَ َؽ ْ َما دَ َع ْو َتنًِ َو َر َج ْو َتنًِ َؼ َفرْ ُ ان ال َّس َما ِء ُث َّم ك َع َن َ ت ُذ ُنو ُب َ ان ف َ ت لَ َك َعلَى َما َك َ اسْ َت ْؽ َفرْ َتنًِ َؼ َفرْ ُ ك ِبً َش ٌْ ًبا ض َخ َطا ٌَا ُث َّم لَقٌِ َتنًِ َال ُت ْش ِر ُ ك لَ ْو أَ َت ٌْ َتنًِ ِبقُ َرا ِ ت لَ َك َو َال أ ُ َبالًٌَِ ,ا اب َْن آ َد َم إِ َّن َ ب ْاألَرْ ِ ك ِبقُ َر ِاب َها َم ْؽف َِر ًة َألَ َت ٌْ ُت َ وفً هذا الحدٌث وأمثاله َجرعة َتحًٌ األمل وتنهض العزٌمة ,ال أدري لماذا ال ٌطٌر العباد إلى ربهم على أجنحة من الشوق بدل أن ٌساقوا إلٌه بسٌاط من الرهبة؟ إن الجهل باهلل وبدٌنه هو علة هذا الشعور البارد النافر, مع أن البشر لن ٌجدوا أبر بهم وال أحنى علٌهم من هللا عز وجل. وظٌفة الدٌن بٌن الناس أن ٌضبط مسالكهم وعالبقهم على أسس من الحق والقسط حتى ٌحٌوا ولٌس الظلم والقسوة والجهل ,فالدٌن لإلنسان كالؽذاء لبدنه ضرورة للوجود ,وهللا بشرٌعته مع الوالد ضد عقوق الولد ومع المظلوم ضد سطوة الظالم ومع أي أمرئ ضد أن ٌصاب فً عرضه أو ماله أو دمه .فهل هذه التعالٌم قسوة على البشر ونكال بهم؟ ألٌست محض الخٌر والرحمة؟
جدد حياتك
الصفحة 5
الحق أن هللا لم ٌرد للناس قاطبة إال الٌسر والسماحة والكرامة ,ولكن الناس أبوا أن ٌستجٌبوا هلل وفق ما رسم لهم فزاؼت بهم األهواء فً كل فج وطفحت األقطار بتظالمهم وتناكرهم ومع هذا الظالل فإن منادي اإلٌمان ٌهتؾ
أن عودوا إلى باربكم وإن فرحته بعودتهم إلٌه فوق كل وصؾ ,قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلمّ َ : (هلل ُ أش ُّد ْف َرحا بتوب ِة عبده) .أوجدت من هو أبر وأحن من هللا سبحانه؟
ولكن من الطب ٌعً أن تكون هذه التوبة نقلة كاملة من حٌاة إلى حٌاة ,وال أن ٌرتد المرء بعدها إلى ما ألؾ من فوضى وإسفاؾ ,إن هذه العودة الظافرة التً ٌفرح هللا بها هً انتصار اإلنسان على أسباب الضعؾ والخمول وانطالقه من قٌود الهوى والجحود ثم استقراره فً مرحلة من اإلٌمان واإلحسان والنضج واالهتداء .هذه هً صالِحً ا ُث َّم اهْ َتدَ ٰى) ,إنها حٌاة تجددت بعد اب َوآ َم َن َو َع ِم َل َ (وإِ ِّنً لَ َؽ َّفا ٌر لِّ َمن َت َ العودة التً ٌقول هللا فً صاحبهاَ : بلى النفس ,ونقلة حاسمة ؼٌرت معالم النفس.
جدد حياتك
الصفحة 6
عش في حدود يومك:
من إخطاء اإلنسان أن ٌنوء فً حاضره بؤعباء مستقبله الطوٌل ,فلماذا تخامرك الرٌبة و ٌخالجك القلق لؽدك؟ عش فً حدود ٌومك فذاك أجدر بك وأصلح لك والعٌش فً حدود الٌوم وفق هذه الوصاٌا ٌتسق مع قول الرسول صلى هللا علٌه وسلم" :من أصبح منكم آم ًنا فً سربه ,معافى فً جسده ,عنده قوت ٌومه ,فكؤنما حٌزت له الدنٌا بؤسرها" ,إنك تملك العالم كله ٌوم تجمع هذه العناصر كلها فً ٌدٌك فحذر أن تحرقها. بعض الناس ٌستهٌن بما أواله هللا من سالمة وطمؤنٌنة فً نفسه وأهله وقد ٌزدري هذه اآلالء العظٌمة وٌضخم آثار الحرمان من الثروة والتمكٌن ,وهذه االستهانة ؼمط للواقع ومتلفة للدٌن والدنٌا .إن االكتفاء الذاتً وحسن استؽالل ما فً الٌد ونبذ االتكال على المنى هً نواة العظمة النفسٌة وسر االنتصار على الظروؾ المعنتة. واسمع قول ابً حازم (إنما بٌنً وبٌن الملوك ٌوم واحد) إما أمس فال ٌجدون لذته وأنا وهم من ؼ ٍد على وجل وإنما هو الٌوم فما عسى أن ٌكون الٌوم؟ هذا الفقٌر الصالح ٌتحدى الملوك إن لذابذ الماضً تفنى مع أمس الذاهب ما ٌستطٌع أحد إمساك بعضهما ,والؽد فً ضمٌر الؽٌب ٌستوي السادة والصعالٌك فً ترقبه ,فلم ٌبق إال الٌوم الذي ٌعٌش العقالء فً حدوده وحدها, وفً نطاق الٌوم ٌتحول إلى ملك من ٌملك نفسه وٌبصر قصده فما وجه الهوان؟ وما مكان التفاوت؟ على أن العٌش فً حدود الٌوم ال ٌعنً تجاهل المستقبل؛ فإن اهتمام المرء بؽده وتفكٌره فٌه حصافة وعقل, وهناك فارق بٌن االهتمام بالمستقبل واالؼتمام به ,بٌن االستعداد به واالستؽراق فٌه ,بٌن التٌقظ فً استؽالل الٌوم الحاضر وبٌن التوجس المربك المحٌر مما قد ٌفدوا به الؽد ,أتدري كٌؾ ٌسرق عمر المرء منه؟ ٌذهل عن ٌومه فً ارتقاب ؼده وال ٌزال كذلك حتى ٌنقضً أجله وٌده صفر من أي خٌر.
جدد حياتك
الصفحة 7
الثبات واألناة واألحتيال
إذا دهمتك شدة تخاؾ منها على كٌانك كله فما عساك تصنع؟ تدع الروع ٌنهب فإادك والعواصؾ الجابحة ترمً بك فً مكان سحٌق؟ أم تقؾ مطمبنا تحاول أن تتلمس بٌن هذه الضوابق مؤمنا" ٌهدٌك إلٌه الفكر الصابب؟ ال شك أن الرجل الذي ٌضبط أعصابه أمام األزمات وٌملك إدارة البصر فٌما حوله هو الذي ٌظفر فً النهاٌة بجمع العاقبة ,وقد ٌتوقع األنسان بعض النوازل المخوفة وٌستبد به القلق فً انتشارها وكؤنما فً الموت أو أشد, وربما لم ٌهنؤ له طعام ,وال ارتسم على فمه ابتسامة ,والناس من خوؾ الفقر فً فقر ,ومن خوؾ الذل فً ذل!, وهذا خطؤ بالػ .. وقد نقل لنا دٌل كارنجً هذه النصٌحة( :أعدوا أنفسكم لتقبل الحقٌقة فإن التسلٌم بما حدث هو الخطوة األولى فً التؽلب على المصابب) ,فالتحسر على الماضً الفاشل والبكاء المجهد على ما وقع فٌه من آألم وهزابم هو فً نظر اإلسالم بعض مظاهر الكفر باهلل والسخط على قدره ومنطق اإلٌمان ٌوجب نسٌان هذه المصابب جملة واستبناؾ حٌاة أدنى إلى الرجاء واحفل بالعلم واإلقدام .ونلفت النظر إلى الؽلط الشنٌع فً فهم الموت ,فالموت هو مرحلة تتلوها حٌاة أضخم من حٌاتنا هذه وأعمق إحساسا" ,وأرحب آفاقا" ,حٌاة تعد حٌاتنا هذه لهوا"وعبثا" الى جانبها ,قال تعالى (:وما هذه الحٌاة الدنٌا إال لهو ولعب وإن الدار اآلخرة لهً الحٌوان لو كانوا ٌعلمون ), إن الشعور بؤن الموت بداٌة فناء مطلق وهم ٌشٌع لألسؾ بٌن الكثٌرٌن وهو الذي ٌخامر المنتحرٌن عندما ٌقررون مؽادرة الحٌاة ,إن بعد الموت طور أخر من أطوار الوجود األنسانً ٌتسم بزٌادة الوعً و حدة الشعور . قٌل :إن أبا حامد الؽزالً لما أحس دنوا أجله قال لبعض أصحابه " :ابتنً بثوب جدٌد". فقال له " :ما ترٌد به؟ ".قال أبو حامد " :سؤلقى به الملك ".فجاءوه بالثوب ,فطلع به إلى بٌته وأبطؤ على أصحابه ,فلم ٌعد ,فذهب إلٌه أصحابه ٌستطلعون نبؤه فإذا هو مٌت ,وإذا عند رأسه ورقة كتب فٌها هذه األبٌات : قل إلخوان رأونً مٌتا" فبكونً ورثونً حزنا أتظنون بؤنً مٌتكم؟ لٌس هذا المٌت وهللا أنا أنا فً الصور وهذا جسدي كان لباسً وقمٌصً زمنا أنا در قد حوانً صدؾ طرت عنه وبقى مرتهنا أنا عصفور وهذا قفصً كان سجنً فتركت السجنا
جدد حياتك
الصفحة 8
كنت قبل الٌوم مٌتا بٌنكم فحٌٌت وخلعت الكفنا قد ترحلت وخلفتكم لست أرضى داركم لً وطنا وأنا الٌوم أناجً ملكا وأرى الحق جهارا علنا قد ترحلت وخلفتكم لست أرضى داركم لً وطنا حً ذي الدار بنوم مؽرق فإذا ما مات طار الوسنا ال تظنوا الموت موتا إنه لحٌاة وهو ؼاٌات المنى ال ترعكم هجمة الموت فما هو إال انتقال من هنا
الواقع أن الجزع والجبن والتحسؾ التً تنتاب الناس بإزاء الموت تفود إلى فهمه على أنه انتقال من وجود إلى عدم ,ومن ضٌاء ٌوم إلى ظالم ,ومن إٌناس إلى وحشة ,فهل ٌدري هإالء أن الحٌاة الدنٌا بما فٌها ومن فٌها ستكون ذكرٌات حافلة مثٌرة وأن البد منه سوؾ ٌقدم لٌتالقى فٌه الصالحون فٌقول بعضهم لبعض : } قالوا إنا كنا من قبل فً أهلنا مشفقٌن ( )ٕٙفمن هللا علٌنا ووقانا عذاب السموم ( )ٕ2إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحٌم { . أما حدٌثهم عن الملحدٌن والجحدة فإلٌك نباه } :فؤقبل بعضهم على بعض ٌتساءلون (ٓ٘) قال قابل منهم إنً قرٌن (ٔ٘) ٌقول أبنك لمن المصدقٌن (ٕ٘) أبذا متنا وكنا ترابا" وعظاما" أبنا لمدٌنون(ٖ٘) قال هل أنتم مطلعون(ٗ٘) فاطلع فرآه فً سواء الجحٌم (٘٘)قال تاهلل إن كدت لتردٌن (. { )٘ٙ
جدد حياتك
الصفحة 9
هموم و سموم
الخبراء فً حٌاة الؽرب ٌشكون من مرارة الكفاح الدابر والمستتب من قبل األفراد والجماعات ,للحصول على المال و المكاثرة به والعمل بجمٌع الخصابص اإلنسانٌة الدنٌا والعلٌا ,كاآلالت الداببة وراء هذه الؽاٌة ,إال أن اآلالت ٌقطر علٌها من الزٌت لمنع الشرر الناتج من االحتكاك أما أعصاب اإلنسان تفتقد لهذا العنصر الملطؾ وتمضى مستثارة ُ "عشت فً نٌوٌورك بالقلق و الضٌق .وقد كتب دٌل كارنجً ٌصؾ هذا المشهد و تؤثٌره على النفس والجسد ,فقال أكثر من سبع و ثالثٌن سنة فلم ٌحدث أن طرق أحد بابً لٌحذرنً من مرض ٌدعى القلق ,هذا المرض الذي سبب
فً األعوام السبع و الثالثٌن الماضٌة من الخسابر أكثر ما سببه الجدري بعشرة آالؾ ضعؾ ,نعم لم ٌطرق أحد لٌحذرنً أن شخصًا من كل عشرة أشخاص من سكان أمرٌكا معرض لإلصابة بانهٌار عصبً مرجعه فً أؼلب األحوال إلى القلق". ً واحدا من كل عشرٌن أمرٌكًٌا سوؾ ٌقضً مدة من حٌاته فً مصح لألمراض العقلٌة . و ٌقرر األطباء أن ٌكره لإلسالم تعالٌم طٌبة فً موقؾ اإلنسان من دنٌاه ,إنه ٌتجه ابتدا ًء إلى القلب فٌؽرس فٌه العفاؾ والترفع ,و ِ إلٌه الجشع و الشراهة و التطلع ,إن المال كالفاكهة جمٌلة اللون وشهٌة المذاق ,ومٌل الطباع إلى اقتناء هذا الخضر الحلو معروؾ ,بٌد أن مِن الناس َمن ٌظل ٌطعم حتى تقتله التخمة ,ومنهم ما ٌختطؾ ما فً أٌدي اآلخرٌن إلى جانب نصٌبه المعقول ,و منهم من ٌدخر و ٌجوع و منهم من ٌشؽله القلق خشٌة الحرمان ومن ٌشؽله القلق طلب المزٌد ,وأفضل الناس من ٌؤخذونه بسماحة وشرؾ فإذا تحول عنهم لم ٌشٌعوه بحسرة أو ٌرسلوا وراءه العبرات. إن المجد و النجاح واإلنتاج تظل أحالمًا لذٌذة فً نفوس أصحابها ,و ما تتحول حقابق حٌة إال إذا نفخ فٌها العاملون من روحهم ,ووصلوها بما فً الدنٌا من حس و حركة.
جدد حياتك
الصفحة 01
كيف نزيل القلق ال أعرؾ مظلومًا توطؤ الناس على هضمه وزهدوا فً إنصافه كالحقٌقة! فالحقٌقة قد تكون تهدؾ إلى الحق ,ومن ٌستمسك باالستقامة على الحق ٌكون أقرب إلى التوفٌق ,قال دٌل كارنجً " :بقً أن نتعلم الخطوات الثالث التً ٌجب أن نتخذها لتحلٌل مشكلة ما والقضاء علٌها ,وهذه الخطوات هً :استخلص الحقابق ,حلل هذه الحقابق ,اتخذ قرار حاسم ثم اعمل بما ٌقتضً هذا القرار". فالخطوة األولى تفرض علٌنا التؤمل فٌما حولنا لتجمٌع الحقابق وإرساء سلوكنا على قواعدها ,و ل ُّم هذه الحقابق واجب و إن كان صعبًا على اإلنسان ,وإذا خدع المرء عن الحقٌقة فكٌؾ ٌوفق الى حل صحٌح لمشكالت الحٌاة التً تالقٌه؟ والخطوة التالٌة فً جمع الحقابق ,استشعار السكٌنة التامة فً تلقٌها ,و ضبط النفس أمام ما ٌظهر محٌرً ا أو مروعًا منها ,فإن الفرق من األحداث ٌنتهً حتمًا بالؽرق فً لجتها. إذا عرؾ اإلنسان الحقابق المتصلة به ,و سبر ؼورها جمٌعً ا دون دهشة أو روع ,بقٌت أمامه الخطوة األخٌرة وهً أن ٌتصرؾ بحزم و قوة ,وأن ٌنفذ القرار الذي انتهى إلٌه بعزم صادق. قال ولٌم جٌمس " :عندما تصل إلى قرار و تشرع فً تنفٌذه ضع نصب عٌنٌك الحصول على النتٌجة وال تهتم لؽٌر هذا "ٌ ,قصد أن ال تتردد وال تخلق وال تحجم لنفسك الشكوك واألوهام ,وال تعاود النظر إلى الوراء بل أقدم على إنفاذ قرارك ؼٌر هٌاب وال وجل .والحق أن الرجوالت الضخمة ال تعرؾ إال فً مٌدان الجرأة ,وأن المجد والنجاح واإلنتاج تظل أحالمًا فً نفوس أصحابها؛ إال إذا نفخوا فٌها العاملون من روحهم و وصلوها بما فً الدنٌا من حس و حركة. لندرس مواقفنا فً الحٌاة بذكاء ,ولنرسم مناهجنا فً المستقبل على بصٌرة ,ثم لنرمً بصدورنا إلى األمام ال تثنٌنا عقبة وال ٌلوٌنا توجس ,واألهم أن نثق و نتوكل على هللا.
جدد حياتك
الصفحة 00
علم أثمره العمل فً دراساتنا القدٌمة تلقٌنا فً تعرٌؾ العلم :أنه إدراك ,وقواعد و َملَ َكة . ٌعنون باإلدراك :أنه التصور المجرد لألشٌاء. وبالقواعد :جملة المبادئ والقوانٌن والمصطلحات التً وضعها أهل الفنون المختلفة. وبالملكة :الخبرة المكتسبة من رسوخ المرء فٌما حصل علٌة من معارؾ ,و فٌما وعاه من مناهج علم خاص أو علوم شتى ,والملكة تتكون من وفرة اإلدراك واستحضار القواعد ,وأصحاب الملكات المتؤلقة فً الشعوب هم العلماء. ً كامال ولنترك مجال العلم النظري إلى مجال السلوك والخلق واإلٌمان والعمل ,لنقول أن الدٌن قد ٌكون منهاجً ا للرقً والتهذٌب؛ لكن االستفادة منه ال تصلح بإدارة معلوماته أو باألداء الصوري لعباداته ,فهذا التناول للدٌن ؼٌر نافع ,ففً األثر " :العلم علمان :علم فً القلب ,وعلم فً اللسان ,فاألول هو العلم النافع ,والثانً هو حجة هللا على بنً آدم ". إن المعلومات النظرٌة التً لم ٌنقلها العمل من دابرة الذهن إلى الواقع ,تشبه الطعام الذي لم ٌحوله الهضم إلى حركة .وكذلك الصالة فإن األمر ٌبدأ بدروس ,وال ٌؤتً الخشوع واإلخالص إال إذا أقبل التلمٌذ ٌصلً .وفً مجال التربٌة و اإلصالح البد أن تتطور المعلومات إلى اكتمال نفسً واجتماعً. عن لٌون شمٌكن أحد رجال األعمال قال " :وضعت قاعدة تحتم على كل واحد من مساعديٌ ,رٌد أن ٌعرض علً مشكلة ما ,أن ٌقدم لً ً أوال مذكرة تشمل اإلجابة عن هذه األسبلة األربعة: ٔ -ماهً المشكلة؟ ٕ -ما هو منشؤ المشكلة؟ ٖ -ما هً الحلول الممكنة لهذه المشكلة؟ ٗ -ما هو أفضل الحلول؟ و كان من نتٌجة هذه الخطة أن مساعدي قل اتجاههم إلً فً وقت المشاكل ,ونحن اآلن بفضل هذه الخطة ً طوٌال فً العمل. نستهلك وقت أقل فً القلق ومناقشة األخطاء و وق ًتا
جدد حياتك
الصفحة 02
آفات الفراغ فً أحضان البطالة تولد آالؾ الرذابل وإذا كان العمل رسالة األحٌاء فإن العاطلٌن موتى. وقد نبه النبً صل هللا علٌه وسلم من ؼفلة الناس عن نعمتًّ الوقت والعافٌة ,فقال ( :نعمتان مؽبون فٌهما كثٌر من الناس :الصحة والفراغ ). و من أصدق ما رواه الشافعً فً أسس التربٌة ( :إذا لم تشؽل نفسك بالحق شؽلتك بالباطل) ,و هذا صحٌح فإن النفس ال تهدأ ,وأٌضًا توزٌع التكالٌؾ الشرعٌة فً اإلسالم منظور فٌه إلى هذه الحقٌقة أن ال ٌترك للنفس فراغ ٌمتأل بالباطل؛ ألنه لم ٌمتلا من قبل بالحق .ومن حق المربٌن أن ٌحذروا أوقات الفراغ وٌحصنوا أنفسهم من شرورها فإن مأل األوقات و االنتقال من عمل إلى عمل هو وحدة ٌحمٌنا من التبطل ولوثات الفراغ. قدٌمًا َعرَّ ؾ المصلحون أن بطالة الؽنً ذرٌعة إلى الفسوق ,وكذلك بطالة الفقراء تضٌٌع لقدرة بشرٌة هابلة من عضالت وأعصاب وأفبدة وطاقات لو فجرت لؽٌرت العالم .واإلسالم ٌملك على اإلنسان أقطار نفسه من هذه الناحٌة ,فإن أؼلب الشعابر تدور حول جهاد النفس وجهاد الناس .فجهاد النفس :هو فطامها عمى تشتهً من أثام, وجهاد الناس :منع مظالمهم من إفساد حٌاة الناس وخلخلة اإلٌمان. إن الحق إذا استنفذ من اإلنسان كل طاقته فلن ٌجد الباطل طرٌقه إلٌه ,فال ٌستطٌع أحد أن ٌشؽل نفسه بشٌبٌن فً نفس الوقت ,وهذا القانون البسٌط هو الذي مكن األطباء النفسٌٌن الملحقٌن بالجٌش أن ٌؤتوا بالعجابب خالل الحرب عندما ٌؤتً إلٌهم الجنود الذٌن قد تلفت أعصابهم من الحرب فٌقولون لهم :انشؽلوا بعمل ما.
التدع التوافه تغلبك على أمرك قال دٌل كارنجً " :إننا ؼالبًا ما نواجه كوارث الحٌاة وأحداثها فً شجاعة نادرة وصبر جمٌل ثم ندع التوافه بعد ذلك تؽلبنا على أمرنا ".ثم ٌقص علٌنا كارنجً حكاٌة شجرة ضخمة نبتت منذ أربعمابة عام وتعرضت فً حٌاتها الطوٌلة للصواعق أربع عشرة مرة وهزتها العواصؾ العاتٌة طوال أربعة قرون ومع ذلك ظلت الشجرة جاثمة ,ثم حدث أن زحفت جٌوش الهوام والحشرات على هذه الشجرة الضخمة فمازالت بها تنخرها وتقرضها حتى سوتها بسطح االرض وجعلتها أثرً ا ,لقد انمحت ماردة الؽابة اختفت من الوجود بفعل هوام من الضالة بحٌث ٌستطٌع اإلنسان أن ٌسحقها بٌدٌه .أال ترانا مثل هذه الشجرة؟ ألسنا ننجو من األعاصٌر التً تعترض حٌاتنا ثم نستسلم بعد ذلك للتوافه التً تلتهم حٌاتنا التهامًا؟
جدد حياتك
الصفحة 03
قضاء وقدر:
إحساس المإمن بؤن زمام العالم لن ٌفلت من ٌد هللا ٌقذؾ بمقادٌر كبٌرة من الطمؤنٌنة فً فإاده. إن شركة لوٌد وهً أشهر شركات التؤمٌن فً العالم قد ربحت مالٌٌن الجنٌهات من استؽالل مٌل اإلنسان إلى ً احتماال ,هذه الشركة تراهن الناس على أن الكوارث التً ٌخشون حدوثها وٌساورهم التوجس من أبعد األمور القلق من أجلها لن تحدث ً أبدا على أنها بداهة ال ُتسمًِ هذا العمل مراهنة بل تسمٌه تؤمٌ ًنا.
بالحق أنزلناه وبالحق نزل : إن االٌمان باهلل والٌوم اآلخر وفرابض الصالة والزكاة ,أشعة تتجمع فً حٌاة اإلنسان لتسدد خطوه وتلهمه رشده ً موصوال بالحق ال ٌتنكر له وال ٌزٌػ عنه. وتجعله فً الوجود ً حدودا ٌقؾ عندها ومعالم ٌنتهً إلٌها ,أما العٌش من ؼٌر ضوابط إن مقتضى اإلٌمان أن ٌعرؾ المرء لنفسه والتمشً وراء النزوات المهتاجة دون تحفظ ,فلٌس ذلك سلوك المسلم وال ما ٌرتقب منه. قال دٌل كارنجً " :إن المرء ال ٌنبؽً أن ٌضٌع نصؾ حٌاته فً المشاحنات ,ولو أن ً أحدا من أعدابً انقطع عن مهاجمتً ما فكرت لحظة واحدة فً عِ دابه القدٌم لً" .
ال تبك على مافات : فً هذه الحدود المبٌنة ٌجب أن ندرس الماضً وابتؽاء العظة المجردة وحدهاٌ ,صح أن نلتفت إلى الوراء أما العودة إلى األمس القرٌب أو البعٌد لنجدد حز ًنا أو ننكؤ جرحً ا أو ندور حول مؤساة حزت فً نفوسنا لنقول (لٌت /ولو) فإن هذا ما ٌكرهه اإلسالم وٌنفر من التردي فٌه. إن دٌل كارنجً ٌلجؤ إلى العقل لٌصل بنا إلى هذه الؽاٌة فٌقول " :من الممكن أن تحاول تعدٌل النتابج التً ترتبت على أمر حدث منذ ٓ ٔ٨ثانٌة ,أما أن تحاول تؽٌٌر الزمن فهذا هو الذي ال ٌعقل ,ولٌس ثمة إال طرٌقة واحدة ٌمكن بواسطتها فً الماضً واالستفادة منها ثم نسٌانها نسٌا ًنا تامًا".
جدد حياتك
الصفحة 04
صنع أفكارك : حياتك من ُ سعادة اإلنسان أو شقاوته أو قلقه أو سكٌنته تنبع من نفسه وحدها .إنّ ً أحدا ال ٌستطٌع إنكار ما للروح المعنوي من أثر باهر لدى األفراد والجماعات ,فالجٌوش التً ٌحسن بالإها وتعظم بسالتها إنما تستمد طول مقاومتها من رسوخ العقٌدة وقوة الصبر أكثر مما تستمده من وفرة السّالح والعتاد ,فذخٌرة الخلؾ المتٌن والمسلك العالً أرجى على أصحابها وأكسب للنصر من أي شًء آخر .إنّ األحوال النفسٌة الحٌّة تجعل القلٌل كثٌر ,والواحد أمّة ,ونحن نستطٌع أن نضع من أنفسنا ً مثال رابعة إذا أردنا. اإلسالم كسابر رساالت السماء ٌعتمد فً إصالحه العام على تهذٌب النفس اإلنسانٌة قبل كل شًء ,فهو ٌصرؾ ً جهودا عظٌمة للتؽلؽل فً أعماقها ,وؼرس تعالٌمه فً جوهرها حتى ٌستحٌل جزءًا منها ,ومن هنا كان اإلصالح النفسً الدعّامة األولى لِ َتؽلّب الخٌر فً هذه الحٌاة ,فإذا لم تصلح النفس ,أظلمت األفاق وسادت الفتن فً حاضر الناس ومستقبلهم. من أمد بعٌد وأنا أكتب لإلسالم وأخطب وأجوب أرجاء الدنٌا ,ولم تكن خطابتً َبسْ طة لسان ٌهدر بالقول ,ولم تكن كتابتً سطوة قلم ٌصول وٌجول ,بل كان ذلك كله َذ ْوبّ عاطفة تضطرم باإلخالص ,وفكر ٌستكشؾ صمٌم الحق وٌبادر إلى إعالنه.
للقصاص : الثمن الباهظ َ إن اإلهانات تسقط على قاذفها قبل أن تصل إلى مرماها البعٌد ,وهذا المعنى ٌفسر لنا حلم هود وهو ٌستمع إلى اك فًِ َس َفا َه ٍة َوإِ َّنا لَ َن ُ ٌن (*) َقا َل ٌَا َق ْو ِم ظ ُّن َك م َِن ْال َكاذ ِِب َ إجابة قومه بعدما دعاهم إلى توحٌد هللا ,قالوا له( :إِ َّنا لَ َن َر َ ت َربًِّ َوأَ َنا لَ ُك ْم َناصِ ٌح أَ ِمٌنٌ ) ,إنّ شتابم هإالء ٌِن (*)أ ُ َبلِّ ُؽ ُك ْم ِر َس َاال ِ ْس ِبً َس َفا َه ٌة َو ٰلَ ِك ِّنً َرسُو ٌل ِّمن رَّ بِّ ْال َعالَم َ لٌَ َ رسوال ,فهو فً ُّ ً الذ َإابة من الخٌر والبر, الجهّال لم ٌَطِ ش لها حلم هود ,ألن الش ّقة بعٌدة بٌن رجل اصطفاه هللا تهاو ْوا على عبادة األحجارٌ ,حسبونها تضر وتنفع. وبٌن قوم سفهوا أنفسهم و َ
ال تنتظر الشكر من أحد : اإلسالم ٌوجه الم َ ُعطى إلى ذكر النعمة التً سٌقت له وإلى الثناء على مرسلها ,لذلك قال الرسول ص ّل هللا علٌه و سلّم ( إن أشكر الناس هلل تبارك وتعالى أشكرهم للناس( .فاإلسالم مع توكٌده لواجب الشكر وتحقٌره لشؤن الجاحدٌنٌ ,طلب من أولً الخٌر أن ٌجعلوا أعمالهم خالصة لوجه هللا ,وأن المعروؾ الذي ٌُقبل و ٌُحترم هو الذي ٌبذله صاحبه بدون أن ٌطلب علٌه ثناء بشرْ وال شكره.
جدد حياتك
الصفحة 05
هل تستبدل مليون جنيه بما تملك ؟ إن العافٌة التً تمرح فً سعتها وتستمتع بحرٌتها لٌست شٌ ًبا ً قلٌال ,وإن كنت فً ذهول عمّا أوتٌت من صحة فً بدنك وسالمة أعضابك ,فاحمد هللا ولً أمرك وولً نعمتك وانظر إلى الخلق الذي ابتلوا بفقدهم النعم .من الخطؤ أن تحسب رأس مالك هو ما اجتمع لدٌك من ذهب وفضة ,إن رأس مالك األصل جملة من المواهب التً سلّحك القدر بها من ذكاء وقدرة وحرٌة وعلى رأسها الصحة والعافٌة .فهل تذكر هذا الفضل؟ وهل ُتق ِّدر هذه النعمة؟ وهل تشكر هللا علٌها؟ الحق أن ما فً الحٌاة من منؽصات ومتاعبٌ ,جًء من فوضى الناس و َن َزق ؼرابزهم و طٌش مسالكهم ,أكثر مما ٌجًء من طبٌعة الحٌاة نفسها ,كذلك الحٌاة الدنٌا ,و هللا ما أفسدها وكسؾ ضٌاءها وشاب نعماءها إال ركض البشر فً جوانبها ركضًا مجنو ًنا ال ٌخضع لشرابع هللا وال ٌستقٌم مع نصحه وهداه ,فبعض الحمقى ٌمطون كلمة "إنما األشٌاء برحمة هللا" لٌجعلوا الحساب فوضى ,ولٌوهموا أن العمل ال ٌر ّ شح لج ّنة أو نار .وقد شاعت هذه السخافات بٌن األجٌال المتؤخرة من المسلمٌن فضلّلت فكرهم وأوهنت سعٌهم ,ولم تزدهم عن هللا إال ب ً ُعدا و بدٌنهم إال ً جهال ,إذن كٌؾ ٌدخل الجنة من لم ٌرشحه لها جهده؟ إنّ معصٌة هللا ال تنٌّل رحمته ورضاه ,والعمل الصالح هو الذي ٌقرّ ب من عطفه ومؽفرته وفً مقدمة الصالحات أن تدرك ضخامة النعم التً أُسبؽت علٌك ,فإنّ هللا لو ناقشك الحساب علٌها وتقاضاك الوفاء بثمنها لعجزت . بمعنى :أنت نسٌج وحدك فً هذه الدنٌا ,فاؼبط نفسك على هذا ,واعمل على االستزادة مما ركبته فٌك الطبٌعة من مواهب وصفات. ٌنببك علم الوراثة بؤنك تخلقت جٌنًٌا نتٌجة لتالقً أربعة وعشرٌن زوجً ا من الكروموسومات ,أسهم فٌها بالنصؾ من كال والدٌك ,وقد تضافرت هذه األزواج األربعة والعشرون على تورٌثك الصفات التً تتمٌز بها ,فلماذا ال ٌنمو الرجال على فطرتهم التً خلقهم هللا بها كما تنمو النباتات فً مؽارسها ؟ فال النخٌل تتحول أعنابًا ,وال الثمار تحاكً ؼٌر الطعم واللون. وبما أن سلوك المرء ما هو إال الخط الذي ترسمه له طباعه ,ومٌوله وؼرابزه وذهنه ,فال جرم أن ٌكون لكل امرئ خطه الذي ال ٌشاركه فٌه احد ووجهته التً ٌتمٌز بها عن الناس وهذا كله من معانً قوله سبحانه : ( َولِ ُك ٍّل ِوجْ َه ٌة ه َُو م َُولٌِّ َها ) ,و هللا سبحانه ٌرٌد أن ٌقرر حرٌة الرأي لكل إنسان ,فلكل إنسان وجهة ٌنظر للحٌاة من زاوٌتها ,وال ٌدري أحد فً أي زاوٌة ٌكون الحق والخٌر.
جدد حياتك
الصفحة 06
لٌس معنى حرٌة التفكٌر أن اإلنسان حر فً تنشٌط مواهبه العقلٌة وعدم تنشٌطها ,فإن شاء فكر وشحذ ذهنه ,وإن ً ً معطال ,فإن لكل موهبة وهبها لنا سبحانه وتعالى ح ًقا علٌنا ,هو كاسدا شاء تجاهل كل ما حوله وترك ذهنه تنشٌطها واستعمالها فٌما خلقت له ,وذلك من صمٌم شكر هللا ,أما تعطٌلها وإهمالها فهو ضرب من الكنود والجحود لنعمته سبحانه ,فإذا كان لكل إنسان وجهته الخاصة ,فٌجب أن تكون لتلك الوجهة ؼاٌة معٌنة تنظم سٌرها ,وتحكم أمرها ,فال نستطٌع أن نتصور اتجاهًا للمرء لٌس ؼاٌة مقصده أو ؼرض منشود إال أن ٌكون أبله أو مجنو ًنا.
العمل بين اإلثارة واإليثار: القانون النفسانً القابم على حب اللذة وكره األلم ,القابم على طلب المنفعة الخاصة ورفض الضرر ,هو سر االتصال الدابم فً مواكب الحٌاة واالتساع المستمر فً دابرتها ,بل لعله سر التقدم العلمً المطرد ,والكشوؾ التً نقلت العالم من طور إلى طور .إن المسلم الكامل عضو نافع فً أمته ,ال ٌصدر عنه إال الخٌر ,وال ٌتوقع منه إال الفضل والبر ,فهو فً حركته شعاع من نور الحق ومدد من روافد البركة والٌمن ,وعون على تقرٌب البعٌد وتذلٌل الصعب.
نفاء السر والعالنية: عالج األمور بتؽطٌة العٌوب ال جدوى منه وال خٌر فٌه ,الجمال عمل حقٌقً فً جوهر النفسٌ ,صقل معدنها وٌذهب كدرها وٌرفع خصابصها وٌعصمها من مزالق الشر وٌنقذها من خواطر السوء.
جدد حياتك
الصفحة 07
بين اإليمان واإللحاد:
قال ابن عطاء هللا ٌحض على التسلٌم هلل ,وٌحصى آداب التجرد : األول :علمك بسابق تدبٌر هللا فٌك ,وذلك أن تعلم أن هللا كان لك قبل أن تكون لنفسك. الثانً :أن تعلم أن التدبٌر منك لنفسك جهل منك بحسن النظر لها. الثالث :علمك بؤن القدر ال ٌجري على حسب تدبٌرك. الرابع :علمك بؤن هللا تعالى هو المتولً لتدبٌر ملكه ,علوها وسفلها ,وؼٌبها وشهادتها ,وكما سلمت له تدبٌره فً عرشه وكرسٌه وسماواته وأرضه ,فسلم له تدبٌره فً وجودك بٌن هذه العوالم .
كم من عبقرٌات مرؼتها فً الوحل خصومات خسٌسة !
إن وقابع الحٌاة أعتى مما نتمنى ,ودسابس الحاقدٌن ومكاٌدهم ومإامراتهم ال تنتهً حتى تبدأ ,إن الحال فً كل زمان تحتاج إلى أمداد سرٌعة من المساندة أو العزاء لتعٌد إلى الموهوبٌن ثقتهم بؤنفسهم وتشجعهم على المضً فً طرٌقهم دون ٌؤس أو إعٌاء ,إنهم فً حاجة ألن ٌقال لهم :ال تؤسوا ,فإن ما تتوجسون من نقد أو تجاهل هو كفاء ما أوتٌتم من طاقة ورسوخ .
جدد حياتك
الصفحة 08
روحانية الرسول : للنفوس المعتادة لحظات تصفو فٌها من كدر ,و ترق من ؼلظة ,و ترقى إلى مستوى ٌحلق بؤفكارها و مشاعرها إلى جو نقً طهور ,فهً كالطٌر الذي ألؾ الذرا ال ٌنحط دونها إال لمامًا .كذلك خلق هللا الناس ,و كذلك درجوا منذ األزل ,و إذا كان شؤن العامة أنزل رتبة من شؤن الخاصة ,فإن هإالء الممتازٌن أنفسهم ٌ ,قع بٌنهم من التفاوت فً الخٌر والفضل ما ٌشبه التفاوت بٌن أبعاد الكواكب ,وقد اقتضت حكمة هللا أن ٌختار حملة الوحً األعلى من الصفوة المنتقاة بٌن هإالء الخاصة ,و هً صفوة مبرزة فً كل شًء. إن األنبٌاء رجال ال ٌدانون فً ذكابهم ,و صالبة عزابمهم ,و بعد هممهم ,و سعة فطنتهم ,وإدراكهم الشامل لحقابق النفوس و طبابع الجماعات .ذاك هو معنى االصطفاء. فً ماضً الحٌاة وحاضرها ومستقبلها ,كان الوحً اإللهً و الٌزال العاصم الذي ٌمسك األرض أن تزول ,إنه الم ُُثل العلٌا كلها فً إطار من اللحم و الدم ,تستطٌع أن تعرفه فً ٌسر من الكتاب الذي جاء به ,و من الحكمة التً ٌتفجر بها منطقه .إن من خصابص القٌادات الروحٌة الكبرى أنها تقدح زناد النشاط اإلنسانً فٌمن اقترب منها ,و تطلق قواه الكامنة لٌخدم الحقٌقة الكبرى فً حدود ما أوتى. إن ٌنابٌع الحٌاة العاطفٌة والفكرٌة فً نفس الرسول الكرٌم محمد صل هللا علٌه وسلم تجًء من معرفته الساطعة باهلل ,و ذكره الدابم له ,و أخذه بنصٌبه الضخم من معانً الكمال فً أسمابه الحسنى. و العالم من أزله إلى أبده ال ٌعرؾ إنسا ًنا استؽرق فً التؤمل العالً ومشى على األرض وقلبه فً السماء كما ٌعرؾ فً سٌرة محمد بن عبد هللا علٌه أفضل الصالة والسالم. إذن ما معنى أن ٌقول الرسول لربه " :أشهد أن محمداً عبدك و رسولك " ؟ ذلك ضرب من اإلصرار على تحمل األمانة و إبالغ الرسالة للناس كافة ,مهما كذبوا بها و تنكروا لصاحبها ,إن النبً الكرٌم ٌجمع بٌن نبهة النهار وٌقظة اللٌل تقوم على هذا االتجاه المستمر إلى هللا ,و التشبث العجٌب بذكره. و نحن فٌما نؤلؾ من تجاربنا نرى أن حٌاة التؤمل المحض والمناجاة الحلوة ,ال تخلص لصاحبها إال ً بعٌدا عن الناس ,و فً نجوة من لؽوهم العرٌض ,و شإونهم التافهة ,إال أن الدارسٌن لحٌاة النبً العظٌم ٌرون فً مسلكه ما ٌخالؾ هذه العادة المؤثورة عن بعض الممتازٌن من الناس ,ومع ذلك فإن صفاءه النفسً ,و توقده العقلً لم تشبهما شاببة.
جدد حياتك
الصفحة 09
كان ٌترك أثره العمٌق فً اآلخرٌن ,وال ٌتؤثر هو بما فً نفوسهم من ضٌق و انحصار ,إنه موجه ٌدفع و ال ٌندفع .لكنك ترى هذا النبً الجلٌل بٌن أفواج األعراب ,و صخب الجماعات المختلفة ٌرسل كلمه الرتٌب فال تدري بؤٌهما تعجب ,أبرقة الروح الذي ٌصحبه عباراته أم بروعة التنسٌق الذي ٌإلؾ بٌن ألفاظه؟ و من الطبٌعً أن ٌعٌش صاحب هذه الرسالة طٌلة عمره مبرأ من كل عٌب منزها ً عن أٌة مالمة ,ال ٌإثر فً سره و علنه و رضاه و سخطه إال ما تهوى العال.
بقدر قيمتك يكون النقد الموجه لك : رذٌلة الحسد قدٌمة على األرض قدم اإلنسان نفسه ,ما إن تكتمل خصابص العظمة فً نفس ,أو تتكاثر مواهب هللا لدى إنسان حتى ترى كل محدود أو منقوص ٌضٌق بما رأى ,وٌطوى جوانحه على ؼضب مكتوم ,و ٌعٌش منؽصًا ال ٌرٌحه إال زوال النعمة ,وانطفاء العظمة ,وتحقق اإلخفاق ,السر فً ذلك أن الدمٌم ٌرى فً الجمال تحدًٌا له ,والؽبً ٌرى فً الذكاء عدوا ًنا علٌه ,و الفاشل ٌرى فً النجاح إزرا ًء به. إن وقابع الحٌاة أعتى مما نتمنى ,ودسابس الحاقدٌن ومكاٌدهم و مإامراتهم ال تنتهً حتى تبدأ ,إن الحال فً كل زمان تحتاج إلى أمداد سرٌعة من المساندة أو العزاء لتعٌد إلى الموهوبٌن ثقتهم بؤنفسهم ,و تشجعهم على المضً فً طرٌقهم دون ٌؤس أو إعٌاء. أجل إنهم فً حاجة ألن ٌقال لهم :ال تؤسوا ,فإن ما تتوجسون من نقد أو تجاهل هو كفاء ما أوتٌتم من طاقة و رسوخ. فمنذ أربعة عشر قر ًنا ظهر "محمد بن عبد هللا علٌه أفضل الصالة والسالم" فً العرب ,وكان أصحاب الرباسات الدٌنٌة المبجلة من األحبار والرهبان قد أحسوا نبؤه ,و التفوا به لٌستوثقوا من صدق دعوته و صحة رسالته ,و لم ٌحتج األمر إلى طول تمحٌص ,فسرعان ما أٌقن القوم أنهم أمام رسول من رب العالمٌن ٌجب أن ٌإمنوا به وأن ٌنضموا إلٌه ,بٌد أنهم طووا أنفسهم على هذه الحقٌقة ,و كرهوا أن ٌذكروها بل أن ٌنشروها. و لم ذلك الكتمان؟ حفٌظة ذوي النفوس الدنٌبة عندما تلمح دالبل العظمة والمجد قد ساقتها األقدار إلى إنسان .إنه الحسد! إن النجاة من ظلمات الحٌاة ومظالم الناس وأحقادهم لٌس باألمر السهل ,البد لها من أضواء ٌبعثها رب الفلق الذي ٌستطٌع وحده أن ٌمحو آٌة اللٌل بآٌة النهار.
جدد حياتك
الصفحة 21
ومع أن أنبٌاء هللا أكبر من أن ٌفقدوا ثقتهم بؤنفسهم أمام سٌل التكذٌب واالتهام الذي ٌرمٌهم به الحاسدون و الكافرون ,فإنهم احتاجوا فً كل لحظة إلى معونة هللا وتثبٌته ,حتى ال ٌإثر فٌهم استخفاؾ أو تحقٌر.
كن عصيا على النقد : إن الرجل القوي ٌجب أن ٌدع أمر الناس جانبًا ,وأن ٌندفع بقواه الخاصة شا ًقا طرٌقه إلى ؼاٌته ,واضعًا فً حسابه أن الناس علٌه ال له ,و أنهم أعباء ال أعوان ,وأنه إذا ناله جرح أو مسه إعٌاء فلٌكتم ألمه عنهم ,وال ٌنتظر خٌرً ا من بثهم أحزانه. و كل ما ُنوصً به أال ُتع َطى العامة فوق ما لها من حقوق عقلٌة أو خلقٌة ,فإن مستوٌات الجماهٌر ال تتحكم فً تقرٌر الحق ,أو تحدٌد الفضٌلة .إن أصحاب الحساسٌة الشدٌدة بما ٌقول الناس ,الذٌن ٌطٌرون فرحً ا بمدحهم ,و ٌختفون جزعًا من قدحهم ,هم بحاجة إلى أن ٌتحرروا من هذا الوهم ,و أن ٌسكبوا فً أعصابهم مقادٌر ضخمة من البرود و عدم المباالة .والذٌن ٌبنون احترامهم ألمر ما ,على أساس ماٌ ,قارن هذا األمر من عناصر الؽلب والظهور كثٌر ً جدا فً الناس ,أما الذٌن ٌعتنقون الحق المجرد و لو أثخنته الهزابم ,و ٌؽالون بنفاسته و لو مرغ فً التراب ,فهإالء ؼرباء فً الناس ,و قد كره النبً صلى هللا علٌه وسلم أال ٌتحرك الناس إال تحت ضؽط هذه الدوافع الدنٌبة ,بٌد أن مشاعر الرؼبة والرهبة والمنفعة و الحرمان ما تزال السر الدفٌن وراء كثٌر من النقد والرضاء والنقمة والتؤٌٌد. ومن البدٌهً أن المرء ٌلوذ بهذا االستعالء و االستؽناء إذا دهمه سٌل من هزات الحاسدٌن واتهامات الحاقدٌن ,و كان الحق معه ,أما االنتقاد الصحٌح لما وقع فٌه من أخطاء أو االستدراك على ما فاته من كمال فٌجب أن نقبله على العٌن و الرأس ,ولو كان النقاد مدخولً النٌة ,سٌا القصد؛ فسوء نٌتهم علٌهم وحدهم ,وخٌر لنا أن ننتفع بما أجراه القدر على ألسنتهم من تصوٌب.
جدد حياتك
الصفحة 20
حاسب نفسك :
ما من عمل مهم إال وله حساب ٌضبط دخله وخرجه ,و ربحه وخسارته ,إال حٌاة اإلنسان فهً وحدها التً تسٌر على نحو مبهم ال ٌدرى فٌه ارتفاع أو انخفاض. الحق أن هذا االنطالق فً أعمال الحٌاة دون اكتراث بما كان و ٌكون أو االكتفاء بنظرة خاطفة لبعض األعمال البارزة أو األعراض المخوفة ,الحق أن ذلك نذٌر شإم ,وقد عده القرآن الكرٌم من األوصاؾ البهٌمٌة التً ٌعرؾ بها المنافقون الذٌن ال كٌاسة لدٌهم و ال ٌقٌن. و علماء التربٌة فً اإلسالم متفقون على ضرورة محاسبة المرء لنفسه تماشًٌا مع طبٌعة اإلسالم .كذلك ٌرى ابن ً جاعال الصفحة الٌمنى للحسنات و الٌسرى للسٌبات. المقفع أن ٌسجل اإلنسان ما ٌصدر عنه فً صدر شبابً األول كنت دقٌ ًقا فً محاسبة نفسً ,وكنت أرسم برامج قصٌرة األجل للتطهر مما أحقره من خالل و أعمال ,وأذكر أننً استعنت بإحدى المفكرات السنوٌة إلثبات األطوار التً أتنقل بٌنها من الناحٌتٌن الذهنٌة والنفسٌة ,و إن كنت فشلت آخر مرة فً استدامة هذا األسلوب .لقد كنت فً مٌدان الرٌاضة النفسٌة أتعسؾ الطرٌق أحٌا ًنا كثٌرة لقلة المرشدٌن الذٌن ٌرعون الناشبة ,و ندرة الثقافات التً تؤخذ بناصٌتهم إلى الصراط المستقٌم ,ومع ما خلفته فً أعصابً هذه المحاوالت المضنٌة ,فلست آس ًفا على ما بذلت من جهد أخطؤت فٌه أو أصبت ,فألن أشتط فً حساب نفسً أفضل من أن أدعها تنطلق من ؼٌر حساب. و الحق أن تروٌض النفس على الكمال و الخٌر ,و فطامها عن الضالل والشر ٌحتاج إلى طول رقابة و طول حساب ,فإذا شبت اإلفادة من ماضٌك ,بل من حٌاتك كلها ,فاضبط أحوالك و أنت تتعهد نفسك ,اضبطها فً سجل أمٌن ٌحصً الحسنات و السٌبات ,و ٌؽالب طبٌعة النسٌان فً ذهن اإلنسان.
جدد حياتك
الصفحة 22
خــــاتمة :
لكً تصون الحقٌقة وتضبط حدودها ٌجب أن تعرؾ هذه الحقٌقة وأن تعرؾ ؼٌرها معها ,أن الصورة الكاملة ال بد لها من حدود تنتهً إلٌها ,و عند النهاٌة المرسومة لهذه الحدود تبدأ حقابق مؽاٌرة . و كلمة أخٌرة إلى علماء المسلمٌن :إن قصر باعهم فً علوم الحٌاة هو أبشع جرٌمة ٌمكن أن ترتكب ضد اإلسالم ,هذا القصور إن أمسوا به فً هذه الدنٌا متخلفٌن ,فهم عند هللا و رسوله أشد تخل ًفا و أسوأ عقبى . إن أنفسنا وبالدنا وحٌاتنا وآخرتنا فً ظمؤ هابل إلى مزٌد من المعرفة و الضٌاء .
جدد حياتك
الصفحة 23
جدد حياتك
الصفحة 24