جدد

Page 1


‫الفـــــــــهـرس‬

‫المقدمه‬

‫‪3‬‬

‫جدد حٌاتك‬

‫‪5‬‬

‫الثبات واألناة‬

‫‪8‬‬

‫كٌؾ نزٌل القلق‬

‫‪11‬‬

‫آفات الفراغ‬

‫‪13‬‬

‫قضاء وقدر‬

‫‪14‬‬

‫حٌاتك من صنع أفكارك‬

‫‪15‬‬

‫روحانٌة الرسول‬

‫‪19‬‬

‫حاسب نفسك‬

‫‪22‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪2‬‬


‫مقدمــــــة ‪:‬‬

‫أرٌد أن ألفت الجمٌع إلى الخاصة األولى فً الدٌن‪ ,‬أال وهً أنه دٌن الفطرة‪ .‬ولعل احترامً لإلسالم وبقابً فٌه‬ ‫ٌرجعان إلى ما لمسته بٌدي من تجاوبه مع الفطرة الراشدة فلو لم ٌكن دٌنا" من لدن حكٌم علٌم ماوسعنً وال‬ ‫وسع ؼٌري أن نخترع أفضل منه فً إقامة صالته مع هللا والناس ‪.‬‬ ‫إن كلمة فطرة إذا أطلقت ال ٌصح أن ٌراد بها إال الفطرة السلٌمة‪ ,‬فؤصحاب الصحة النفسٌة والعقلٌة واألمزجة‬ ‫المعتدلة والطباع المكتملة هم وحدهم الذٌن ٌسمع وٌإخذ منهم‪ ,‬أما المعتلون والمنحرفون وذو العقول واألفكار‬ ‫المتخلفة لٌسوا أمثلة لسالمة الفطرة وال ٌجوز أن’ٌطمؤن إلى أحكامهم وال إلى آرابهم ‪.‬‬ ‫إن نبً اإلسالم محمد صلى هللا علٌه وسلم قال للسابل عن البر (استفت قلبك )‪ ,‬لم ٌقدم هذا الجواب لمجرم‬ ‫ٌستبٌح الدماء وٌؽتال الحقوق‪ ,‬إنه ساق هذا الجواب النبٌل لرجل ٌتحرج من اإللمام بصؽٌرة‪ ,‬رجل سلٌم الفطرة‬ ‫شفاؾ الجوهر‪ ,‬عاشق للخٌر‪ ,‬أراد النبً أن ٌرٌحه من عناء التساإل واالستفتاء فرده إلى فإاده ٌستلهمه الرشد‬ ‫كلما تشابهت أمامه األمور‪ ,‬وهذا الرجل وأمثاله من أصحاب القلوب الكبٌرة والفطرة السلٌمة هم موازٌن العالم ‪.‬‬ ‫لذلك من المهم أن ننبه إلى أنه ال ٌوجد فابدة فً نفع زمن كان ملتاث الطبٌعة مرٌض الفطرة‪ ,‬ماقٌمة المنظار‬ ‫المقرب أو المكبر لدى امرئ فقد بصره ؟ إن فقدان البصٌرة الواعٌة اللماحة حجاب طامس دون فهم الحق بله‬ ‫تفهٌمه‪ .‬وهناك الكثٌر من الطوابؾ التً تسمى رجال الدٌن وهم ال ٌرٌدون إال التشوٌة بالدٌن‪ .‬وصاحب الفطرة‬ ‫السلٌمة هو وحده تستقر فً ذهنه صورة الدٌن على هذا النحو المبٌن ولٌس على ماٌدعوه‪ ,‬أما مع اضطراب‬ ‫البصٌرة فإنك ستجد من ٌعرض علٌك الدٌن مشوها" وهذد الفوضى لٌست إال ضربا" من تحرٌؾ الكلم عن‬ ‫مواضعه وهو مرض أفسد الدٌانتٌن الٌهورٌة والنصرانٌة‪ .‬وربما تعجزنا حماٌة الدٌن من أصحاب الفطرة‬ ‫العلٌلة‪ ,‬فالحل الوحٌد أن ٌتقدم أصحاب الفطره السلٌمة لٌإدوا واجبهم وبهذا الحل تتحقق فابدتٌن جلٌلتان‪:‬‬ ‫ٔ‪ -‬أن ٌنتفع أولبك األصفٌاء بما شرع هللا لعباده ‪.‬‬ ‫ٕ‪ -‬أن تنتفع حقابق الدنٌا بمن ٌحسن فهمها وعرضها ؼٌر مشوهة وال مضطربة‪ ,‬فإن الفقه فً الدٌن حكمة ال‬ ‫ٌإدٌها كل إنسان‪.‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪3‬‬


‫إن فً الحٌاة من ٌحملون األدوٌة التً ٌنتفعون بها وال ٌنتفعون هم منها‪ ,‬وفً الحٌاة كذلك من ٌحمل جراثٌم‬ ‫األمراض والٌعتل بها لظروؾ معقدة فً بدنه‪ ,‬تجعله ٌنقل العدوى إلى اآلخرٌن‪ ,‬وٌبقى معافى‪ ,‬وأٌضا" ٌوجد‬ ‫فً الحٌاة الجهال الذٌن ٌحملون العلم‪ ,‬والسفهاء الذٌن ٌنقلون الرشد ‪ .‬إن اإلنسان بفطرته السلٌمة قد ٌعرؾ‬ ‫الحقٌقة‪ ,‬فالحالل بٌن والحرام بٌن ولكن هذه المعرفة ستصبح ال قٌمة لها إن لم نحل الحالل ونحرم الحرام‪ ,‬وإن‬ ‫لم تقفنا الحدود الفاصلة بٌن الفضٌلة والرذٌلة‪.‬‬ ‫إن حملة الفقه الذٌن ال فقه لهم ٌدلوننا على الحقٌقة ولكن فً نطاق ضٌق ومحصور وال ٌستطٌعون األخذ بؤٌدٌنا‬ ‫إلٌها‪ ,‬ألنهم علموها ولم ٌعلموا بها‪ ,‬أنهم فقط ٌقومون بدور البضاعة أو دواب الحمل فهم منفٌون ابتداء" من‬ ‫مٌادٌن التهذٌب والتؤدٌب‪.‬‬ ‫إن كتال" كثٌفة من البشر ال تزال بعٌدة عن اإلسالم‪ ,‬ألنها تجهل تعالٌمه جهال" مطبقا" ومن ثم فهً ال تطلب إلٌه‬ ‫سبٌال"‪ .‬واإلسالم هو الفطرة التً جاء بها النبً محمد صلى هللا علٌه وسلم‪ٌ ,‬جلو صفحتها وٌظهر وراءها‪,‬‬ ‫وٌعود بالبشر إلٌها بعد أن اجتالتهم الشٌاطٌن عنها‪ ,‬ومنهده ٌإٌد ماجاء به الرسل من قبله‪ٌ ,‬إٌد كل رجل هجر‬ ‫الخرافات وقرر أن ٌسٌر إلى هللا على ضوء من اإلٌمان والعمل الصالح ‪.‬‬ ‫لقد قرأت كتاب ( دع القلق وابدأ الحٌاة ) لدٌل كارنجً وعزمت فور انهابً منه أن أرده إلى أصوله اإلسالمٌة‬ ‫فً ذلك هو أن الخالصات التً أثبتها بعد استقراء جٌد ألقوال الفالسفة والمربٌن تتفق مع وجوه ال حصر لها مع‬ ‫اآلٌات الثابتة فً قرآننا ةاألحادٌث المؤثورة من نبٌنا‪ ,‬إن المإلؾ ال ٌعرؾ اإلسالم ولو عرفه لنقل منه دالبل‬ ‫تشهد للحقابق التً قررها أضعاؾ مانقل فً أي مصدر أخر‪ ,‬فالفطرة السلٌمة سجلت وصاٌاها فً هذا الكتاب‬ ‫بعد تجارب واختبارات وجاءت هذه على لسان العربً منذ قرون‪ ,‬وبذلك اتفق وحً التجربة ووحً السماء ‪.‬‬ ‫خطتً فً هذا الكتاب أن أعرض اإلسالم فً حشدٌن متماٌزٌن‪:‬‬ ‫األول من نصوصه نفسها‪ ,‬والثانً من النقول التً تظاهرها فً كتابات وتجارب وشواهد األستاذ األمرٌكً دٌل‬ ‫كارنجً‪ ,‬فكؤن المقارنة العلمٌة تجا عرضا" أو فً المرتبة التالٌة‪ ,‬ألننً ال أكتب إشباعا" لترؾ علمً قدر ما‬ ‫أكتب إصالحا" ألؼالط شابعة وأوضاع جابرة ‪.‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪4‬‬


‫جدد حياتك‪:‬‬ ‫كثٌرً ا ما ٌحب اإلنسان أن ٌبدأ صفحة جدٌدة فً حٌاته ولكنه ٌقرن هذه البداٌة المرؼوبة مع األقدار المجهولة‬ ‫كتحسن فً حالته أو تحول فً مكانته‪ ,‬وهو فً هذا التسوٌؾ ٌشعر بؤن ً‬ ‫رافدا من روافد القوة المرموقة قد ٌجا‬ ‫مع هذا الموعد‪ ,‬فٌنشطه بعد خمول وًٌمنٌه بعد إٌاس‪ ,‬وهذا وهم‪ ,‬ألن تجدد الحٌاة ٌنبع قبل كل شًء من داخل‬ ‫النفس‪ ,‬فال تعلق بناء حٌاتك على أمنٌة ٌردها الؽٌر فإن هذا اإلرجاء لن ٌعود علٌك بخٌر‪ ,‬فال مكان لإلبطاء أو‬ ‫انتظار‪ ,‬ثم إن كل تؤخٌر إلنقاذ منهاج تجدد به حٌاتك‪ ,‬وتصلح به أعمالك ال ٌعنً إال إطالة الفترة الكابٌة التً‬ ‫تبؽً الخالص منها‪ ,‬فما أجمل أن ٌعٌد اإلنسان تنظٌم نفسه من حٌن إلى حٌن‪ ,‬وأن ٌرسل نظرات ناقدة لٌتعرؾ‬ ‫عٌوبها وآفاتها وأن ٌرسم السٌاسات قصٌرة المدى وطوٌلة المدى لٌتخلص من هذه الهنات التً ًتزرى به‪.‬‬ ‫إن اإلنسان أحوج الخالبق إلى التنقٌب فً أرجاء نفسه وتعهد حٌاته الخاصة والعامة بما ٌصونها من العلل‬ ‫والتفكك؛ ذلك أن الكٌان العاطفً والعقلً لإلنسان قلما ٌبقى متماسك اللبنات مع حدة االحتكاك بصنوؾ‬ ‫الشهوات‪ ,‬ومن ثم نرى ضرورة العمل الدابم لتنظٌم النفس وإحكام الرقابة علٌها‪.‬‬ ‫فً هذه اللحظة ٌستطٌع كل امرئ أن ٌجدد حٌاته وأن ٌعٌد بناء نفسه على أشعة من األمل والتوفٌق والٌقظة‪,‬‬ ‫فصوت الحق ٌهتؾ فً كل مكان لٌهتدي الحابرون وٌتجدد البالون‪ ,‬فال تإودنك كثرة الخطاٌا؛ فلو كانت َركامًا‬ ‫ً‬ ‫قصدا وانطلقت إلٌه راكضًا‪.‬‬ ‫أسود كزبد البحر ما بالى هللا عزو جل بالتعفٌة علٌها إن أنت اتجهت إلٌه‬ ‫إن الكنود القدٌم ال ٌجوز أن ٌكون عاب ًقا أمام أوبة صادقة‪ ,‬ففً الحدٌث القدسً عن هللا عز وجل‪ٌَ " :‬ا اب َْن آدَ َم إِ َّن َك‬ ‫ٌِك َو َال أ ُ َبالًِ‪ٌَ ,‬ا اب َْن آدَ َم لَ ْو َبلَ َؽ ْ‬ ‫َما دَ َع ْو َتنًِ َو َر َج ْو َتنًِ َؼ َفرْ ُ‬ ‫ان ال َّس َما ِء ُث َّم‬ ‫ك َع َن َ‬ ‫ت ُذ ُنو ُب َ‬ ‫ان ف َ‬ ‫ت لَ َك َعلَى َما َك َ‬ ‫اسْ َت ْؽ َفرْ َتنًِ َؼ َفرْ ُ‬ ‫ك ِبً َش ٌْ ًبا‬ ‫ض َخ َطا ٌَا ُث َّم لَقٌِ َتنًِ َال ُت ْش ِر ُ‬ ‫ك لَ ْو أَ َت ٌْ َتنًِ ِبقُ َرا ِ‬ ‫ت لَ َك َو َال أ ُ َبالًِ‪ٌَ ,‬ا اب َْن آ َد َم إِ َّن َ‬ ‫ب ْاألَرْ ِ‬ ‫ك ِبقُ َر ِاب َها َم ْؽف َِر ًة‬ ‫َألَ َت ٌْ ُت َ‬ ‫وفً هذا الحدٌث وأمثاله َجرعة َتحًٌ األمل وتنهض العزٌمة‪ ,‬ال أدري لماذا ال ٌطٌر العباد إلى ربهم على‬ ‫أجنحة من الشوق بدل أن ٌساقوا إلٌه بسٌاط من الرهبة؟ إن الجهل باهلل وبدٌنه هو علة هذا الشعور البارد النافر‪,‬‬ ‫مع أن البشر لن ٌجدوا أبر بهم وال أحنى علٌهم من هللا عز وجل‪.‬‬ ‫وظٌفة الدٌن بٌن الناس أن ٌضبط مسالكهم وعالبقهم على أسس من الحق والقسط حتى ٌحٌوا ولٌس الظلم‬ ‫والقسوة والجهل‪ ,‬فالدٌن لإلنسان كالؽذاء لبدنه ضرورة للوجود‪ ,‬وهللا بشرٌعته مع الوالد ضد عقوق الولد ومع‬ ‫المظلوم ضد سطوة الظالم ومع أي أمرئ ضد أن ٌصاب فً عرضه أو ماله أو دمه‪ .‬فهل هذه التعالٌم قسوة على‬ ‫البشر ونكال بهم؟ ألٌست محض الخٌر والرحمة؟‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪5‬‬


‫الحق أن هللا لم ٌرد للناس قاطبة إال الٌسر والسماحة والكرامة‪ ,‬ولكن الناس أبوا أن ٌستجٌبوا هلل وفق ما رسم لهم‬ ‫فزاؼت بهم األهواء فً كل فج وطفحت األقطار بتظالمهم وتناكرهم ومع هذا الظالل فإن منادي اإلٌمان ٌهتؾ‬

‫أن عودوا إلى باربكم وإن فرحته بعودتهم إلٌه فوق كل وصؾ‪ ,‬قال رسول هللا صلى هللا علٌه وسلم‪ّ َ :‬‬ ‫(هلل ُ أش ُّد‬ ‫ْف َرحا بتوب ِة عبده)‪ .‬أوجدت من هو أبر وأحن من هللا سبحانه؟‬

‫ولكن من الطب ٌعً أن تكون هذه التوبة نقلة كاملة من حٌاة إلى حٌاة‪ ,‬وال أن ٌرتد المرء بعدها إلى ما ألؾ من‬ ‫فوضى وإسفاؾ‪ ,‬إن هذه العودة الظافرة التً ٌفرح هللا بها هً انتصار اإلنسان على أسباب الضعؾ والخمول‬ ‫وانطالقه من قٌود الهوى والجحود ثم استقراره فً مرحلة من اإلٌمان واإلحسان والنضج واالهتداء‪ .‬هذه هً‬ ‫صالِحً ا ُث َّم اهْ َتدَ ٰى)‪ ,‬إنها حٌاة تجددت بعد‬ ‫اب َوآ َم َن َو َع ِم َل َ‬ ‫(وإِ ِّنً لَ َؽ َّفا ٌر لِّ َمن َت َ‬ ‫العودة التً ٌقول هللا فً صاحبها‪َ :‬‬ ‫بلى النفس‪ ,‬ونقلة حاسمة ؼٌرت معالم النفس‪.‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪6‬‬


‫عش في حدود يومك‪:‬‬

‫من إخطاء اإلنسان أن ٌنوء فً حاضره بؤعباء مستقبله الطوٌل‪ ,‬فلماذا تخامرك الرٌبة و ٌخالجك القلق لؽدك؟‬ ‫عش فً حدود ٌومك فذاك أجدر بك وأصلح لك والعٌش فً حدود الٌوم وفق هذه الوصاٌا ٌتسق مع قول الرسول‬ ‫صلى هللا علٌه وسلم‪" :‬من أصبح منكم آم ًنا فً سربه‪ ,‬معافى فً جسده‪ ,‬عنده قوت ٌومه‪ ,‬فكؤنما حٌزت له الدنٌا‬ ‫بؤسرها"‪ ,‬إنك تملك العالم كله ٌوم تجمع هذه العناصر كلها فً ٌدٌك فحذر أن تحرقها‪.‬‬ ‫بعض الناس ٌستهٌن بما أواله هللا من سالمة وطمؤنٌنة فً نفسه وأهله وقد ٌزدري هذه اآلالء العظٌمة وٌضخم‬ ‫آثار الحرمان من الثروة والتمكٌن‪ ,‬وهذه االستهانة ؼمط للواقع ومتلفة للدٌن والدنٌا‪ .‬إن االكتفاء الذاتً وحسن‬ ‫استؽالل ما فً الٌد ونبذ االتكال على المنى هً نواة العظمة النفسٌة وسر االنتصار على الظروؾ المعنتة‪.‬‬ ‫واسمع قول ابً حازم (إنما بٌنً وبٌن الملوك ٌوم واحد)‬ ‫إما أمس فال ٌجدون لذته‬ ‫وأنا وهم من ؼ ٍد على وجل‬ ‫وإنما هو الٌوم فما عسى أن ٌكون الٌوم؟‬ ‫هذا الفقٌر الصالح ٌتحدى الملوك إن لذابذ الماضً تفنى مع أمس الذاهب ما ٌستطٌع أحد إمساك بعضهما‪ ,‬والؽد‬ ‫فً ضمٌر الؽٌب ٌستوي السادة والصعالٌك فً ترقبه‪ ,‬فلم ٌبق إال الٌوم الذي ٌعٌش العقالء فً حدوده وحدها‪,‬‬ ‫وفً نطاق الٌوم ٌتحول إلى ملك من ٌملك نفسه وٌبصر قصده فما وجه الهوان؟ وما مكان التفاوت؟‬ ‫على أن العٌش فً حدود الٌوم ال ٌعنً تجاهل المستقبل؛ فإن اهتمام المرء بؽده وتفكٌره فٌه حصافة وعقل‪,‬‬ ‫وهناك فارق بٌن االهتمام بالمستقبل واالؼتمام به‪ ,‬بٌن االستعداد به واالستؽراق فٌه‪ ,‬بٌن التٌقظ فً استؽالل‬ ‫الٌوم الحاضر وبٌن التوجس المربك المحٌر مما قد ٌفدوا به الؽد‪ ,‬أتدري كٌؾ ٌسرق عمر المرء منه؟ ٌذهل عن‬ ‫ٌومه فً ارتقاب ؼده وال ٌزال كذلك حتى ٌنقضً أجله وٌده صفر من أي خٌر‪.‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪7‬‬


‫الثبات واألناة واألحتيال‬

‫إذا دهمتك شدة تخاؾ منها على كٌانك كله فما عساك تصنع؟ تدع الروع ٌنهب فإادك والعواصؾ الجابحة‬ ‫ترمً بك فً مكان سحٌق؟ أم تقؾ مطمبنا تحاول أن تتلمس بٌن هذه الضوابق مؤمنا" ٌهدٌك إلٌه الفكر الصابب؟‬ ‫ال شك أن الرجل الذي ٌضبط أعصابه أمام األزمات وٌملك إدارة البصر فٌما حوله هو الذي ٌظفر فً النهاٌة‬ ‫بجمع العاقبة‪ ,‬وقد ٌتوقع األنسان بعض النوازل المخوفة وٌستبد به القلق فً انتشارها وكؤنما فً الموت أو أشد‪,‬‬ ‫وربما لم ٌهنؤ له طعام‪ ,‬وال ارتسم على فمه ابتسامة‪ ,‬والناس من خوؾ الفقر فً فقر‪ ,‬ومن خوؾ الذل فً ذل!‪,‬‬ ‫وهذا خطؤ بالػ ‪..‬‬ ‫وقد نقل لنا دٌل كارنجً هذه النصٌحة‪( :‬أعدوا أنفسكم لتقبل الحقٌقة فإن التسلٌم بما حدث هو الخطوة األولى فً‬ ‫التؽلب على المصابب)‪ ,‬فالتحسر على الماضً الفاشل والبكاء المجهد على ما وقع فٌه من آألم وهزابم هو فً‬ ‫نظر اإلسالم بعض مظاهر الكفر باهلل والسخط على قدره ومنطق اإلٌمان ٌوجب نسٌان هذه المصابب جملة‬ ‫واستبناؾ حٌاة أدنى إلى الرجاء واحفل بالعلم واإلقدام‪ .‬ونلفت النظر إلى الؽلط الشنٌع فً فهم الموت‪ ,‬فالموت‬ ‫هو مرحلة تتلوها حٌاة أضخم من حٌاتنا هذه وأعمق إحساسا"‪ ,‬وأرحب آفاقا"‪ ,‬حٌاة تعد حٌاتنا هذه لهوا"وعبثا"‬ ‫الى جانبها‪ ,‬قال تعالى ‪(:‬وما هذه الحٌاة الدنٌا إال لهو ولعب وإن الدار اآلخرة لهً الحٌوان لو كانوا ٌعلمون )‪,‬‬ ‫إن الشعور بؤن الموت بداٌة فناء مطلق وهم ٌشٌع لألسؾ بٌن الكثٌرٌن وهو الذي ٌخامر المنتحرٌن عندما‬ ‫ٌقررون مؽادرة الحٌاة‪ ,‬إن بعد الموت طور أخر من أطوار الوجود األنسانً ٌتسم بزٌادة الوعً و حدة الشعور ‪.‬‬ ‫قٌل‪ :‬إن أبا حامد الؽزالً لما أحس دنوا أجله قال لبعض أصحابه‪ " :‬ابتنً بثوب جدٌد‪".‬‬ ‫فقال له‪ " :‬ما ترٌد به؟ ‪ ".‬قال أبو حامد‪ " :‬سؤلقى به الملك ‪ ".‬فجاءوه بالثوب‪ ,‬فطلع به إلى بٌته وأبطؤ على‬ ‫أصحابه‪ ,‬فلم ٌعد‪ ,‬فذهب إلٌه أصحابه ٌستطلعون نبؤه فإذا هو مٌت‪ ,‬وإذا عند رأسه ورقة كتب فٌها هذه األبٌات ‪:‬‬ ‫قل إلخوان رأونً مٌتا" فبكونً ورثونً حزنا‬ ‫أتظنون بؤنً مٌتكم؟ لٌس هذا المٌت وهللا أنا‬ ‫أنا فً الصور وهذا جسدي كان لباسً وقمٌصً زمنا‬ ‫أنا در قد حوانً صدؾ طرت عنه وبقى مرتهنا‬ ‫أنا عصفور وهذا قفصً كان سجنً فتركت السجنا‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪8‬‬


‫كنت قبل الٌوم مٌتا بٌنكم فحٌ​ٌت وخلعت الكفنا‬ ‫قد ترحلت وخلفتكم لست أرضى داركم لً وطنا‬ ‫وأنا الٌوم أناجً ملكا وأرى الحق جهارا علنا‬ ‫قد ترحلت وخلفتكم لست أرضى داركم لً وطنا‬ ‫حً ذي الدار بنوم مؽرق فإذا ما مات طار الوسنا‬ ‫ال تظنوا الموت موتا إنه لحٌاة وهو ؼاٌات المنى‬ ‫ال ترعكم هجمة الموت فما هو إال انتقال من هنا‬

‫الواقع أن الجزع والجبن والتحسؾ التً تنتاب الناس بإزاء الموت تفود إلى فهمه على أنه انتقال من وجود إلى‬ ‫عدم‪ ,‬ومن ضٌاء ٌوم إلى ظالم‪ ,‬ومن إٌناس إلى وحشة‪ ,‬فهل ٌدري هإالء أن الحٌاة الدنٌا بما فٌها ومن فٌها‬ ‫ستكون ذكرٌات حافلة مثٌرة وأن البد منه سوؾ ٌقدم لٌتالقى فٌه الصالحون فٌقول بعضهم لبعض ‪:‬‬ ‫} قالوا إنا كنا من قبل فً أهلنا مشفقٌن (‪ )ٕٙ‬فمن هللا علٌنا ووقانا عذاب السموم (‪ )ٕ2‬إنا كنا من قبل ندعوه إنه‬ ‫هو البر الرحٌم { ‪.‬‬ ‫أما حدٌثهم عن الملحدٌن والجحدة فإلٌك نباه ‪ } :‬فؤقبل بعضهم على بعض ٌتساءلون (ٓ٘) قال قابل منهم إنً‬ ‫قرٌن (ٔ٘) ٌقول أبنك لمن المصدقٌن (ٕ٘) أبذا متنا وكنا ترابا" وعظاما" أبنا لمدٌنون(ٖ٘) قال هل أنتم‬ ‫مطلعون(ٗ٘) فاطلع فرآه فً سواء الجحٌم (٘​٘)قال تاهلل إن كدت لتردٌن (‪. { )٘ٙ‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪9‬‬


‫هموم و سموم‬

‫الخبراء فً حٌاة الؽرب ٌشكون من مرارة الكفاح الدابر والمستتب من قبل األفراد والجماعات‪ ,‬للحصول على المال‬ ‫و المكاثرة به والعمل بجمٌع الخصابص اإلنسانٌة الدنٌا والعلٌا‪ ,‬كاآلالت الداببة وراء هذه الؽاٌة‪ ,‬إال أن اآلالت ٌقطر‬ ‫علٌها من الزٌت لمنع الشرر الناتج من االحتكاك أما أعصاب اإلنسان تفتقد لهذا العنصر الملطؾ وتمضى مستثارة‬ ‫ُ‬ ‫"عشت فً نٌوٌورك‬ ‫بالقلق و الضٌق‪ .‬وقد كتب دٌل كارنجً ٌصؾ هذا المشهد و تؤثٌره على النفس والجسد‪ ,‬فقال‬ ‫أكثر من سبع و ثالثٌن سنة فلم ٌحدث أن طرق أحد بابً لٌحذرنً من مرض ٌدعى القلق‪ ,‬هذا المرض الذي سبب‬

‫فً األعوام السبع و الثالثٌن الماضٌة من الخسابر أكثر ما سببه الجدري بعشرة آالؾ ضعؾ‪ ,‬نعم لم ٌطرق أحد‬ ‫لٌحذرنً أن شخصًا من كل عشرة أشخاص من سكان أمرٌكا معرض لإلصابة بانهٌار عصبً مرجعه فً أؼلب‬ ‫األحوال إلى القلق‪".‬‬ ‫ً‬ ‫واحدا من كل عشرٌن أمرٌكًٌا سوؾ ٌقضً مدة من حٌاته فً مصح لألمراض العقلٌة ‪.‬‬ ‫و ٌقرر األطباء أن‬ ‫ٌكره‬ ‫لإلسالم تعالٌم طٌبة فً موقؾ اإلنسان من دنٌاه‪ ,‬إنه ٌتجه ابتدا ًء إلى القلب فٌؽرس فٌه العفاؾ والترفع‪ ,‬و ِ‬ ‫إلٌه الجشع و الشراهة و التطلع‪ ,‬إن المال كالفاكهة جمٌلة اللون وشهٌة المذاق‪ ,‬ومٌل الطباع إلى اقتناء هذا‬ ‫الخضر الحلو معروؾ‪ ,‬بٌد أن مِن الناس َمن ٌظل ٌطعم حتى تقتله التخمة‪ ,‬ومنهم ما ٌختطؾ ما فً أٌدي‬ ‫اآلخرٌن إلى جانب نصٌبه المعقول‪ ,‬و منهم من ٌدخر و ٌجوع و منهم من ٌشؽله القلق خشٌة الحرمان ومن‬ ‫ٌشؽله القلق طلب المزٌد‪ ,‬وأفضل الناس من ٌؤخذونه بسماحة وشرؾ فإذا تحول عنهم لم ٌشٌعوه بحسرة أو‬ ‫ٌرسلوا وراءه العبرات‪.‬‬ ‫إن المجد و النجاح واإلنتاج تظل أحالمًا لذٌذة فً نفوس أصحابها‪ ,‬و ما تتحول حقابق حٌة إال إذا نفخ فٌها‬ ‫العاملون من روحهم‪ ,‬ووصلوها بما فً الدنٌا من حس و حركة‪.‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪01‬‬


‫كيف نزيل القلق‬ ‫ال أعرؾ مظلومًا توطؤ الناس على هضمه وزهدوا فً إنصافه كالحقٌقة!‬ ‫فالحقٌقة قد تكون تهدؾ إلى الحق‪ ,‬ومن ٌستمسك باالستقامة على الحق ٌكون أقرب إلى التوفٌق‪ ,‬قال دٌل‬ ‫كارنجً‪ " :‬بقً أن نتعلم الخطوات الثالث التً ٌجب أن نتخذها لتحلٌل مشكلة ما والقضاء علٌها‪ ,‬وهذه‬ ‫الخطوات هً‪ :‬استخلص الحقابق‪ ,‬حلل هذه الحقابق‪ ,‬اتخذ قرار حاسم ثم اعمل بما ٌقتضً هذا القرار‪".‬‬ ‫فالخطوة األولى تفرض علٌنا التؤمل فٌما حولنا لتجمٌع الحقابق وإرساء سلوكنا على قواعدها‪ ,‬و ل ُّم هذه الحقابق‬ ‫واجب و إن كان صعبًا على اإلنسان‪ ,‬وإذا خدع المرء عن الحقٌقة فكٌؾ ٌوفق الى حل صحٌح لمشكالت الحٌاة‬ ‫التً تالقٌه؟‬ ‫والخطوة التالٌة فً جمع الحقابق‪ ,‬استشعار السكٌنة التامة فً تلقٌها‪ ,‬و ضبط النفس أمام ما ٌظهر محٌرً ا أو‬ ‫مروعًا منها‪ ,‬فإن الفرق من األحداث ٌنتهً حتمًا بالؽرق فً لجتها‪.‬‬ ‫إذا عرؾ اإلنسان الحقابق المتصلة به‪ ,‬و سبر ؼورها جمٌعً ا دون دهشة أو روع‪ ,‬بقٌت أمامه الخطوة األخٌرة‬ ‫وهً أن ٌتصرؾ بحزم و قوة‪ ,‬وأن ٌنفذ القرار الذي انتهى إلٌه بعزم صادق‪.‬‬ ‫قال ولٌم جٌمس‪ " :‬عندما تصل إلى قرار و تشرع فً تنفٌذه ضع نصب عٌنٌك الحصول على النتٌجة وال تهتم‬ ‫لؽٌر هذا "‪ٌ ,‬قصد أن ال تتردد وال تخلق وال تحجم لنفسك الشكوك واألوهام‪ ,‬وال تعاود النظر إلى الوراء بل أقدم‬ ‫على إنفاذ قرارك ؼٌر هٌاب وال وجل‪ .‬والحق أن الرجوالت الضخمة ال تعرؾ إال فً مٌدان الجرأة‪ ,‬وأن المجد‬ ‫والنجاح واإلنتاج تظل أحالمًا فً نفوس أصحابها؛ إال إذا نفخوا فٌها العاملون من روحهم و وصلوها بما فً‬ ‫الدنٌا من حس و حركة‪.‬‬ ‫لندرس مواقفنا فً الحٌاة بذكاء‪ ,‬ولنرسم مناهجنا فً المستقبل على بصٌرة‪ ,‬ثم لنرمً بصدورنا إلى األمام ال‬ ‫تثنٌنا عقبة وال ٌلوٌنا توجس‪ ,‬واألهم أن نثق و نتوكل على هللا‪.‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪00‬‬


‫علم أثمره العمل‬ ‫فً دراساتنا القدٌمة تلقٌنا فً تعرٌؾ العلم‪ :‬أنه إدراك‪ ,‬وقواعد و َملَ َكة ‪.‬‬ ‫ٌعنون باإلدراك‪ :‬أنه التصور المجرد لألشٌاء‪.‬‬ ‫وبالقواعد‪ :‬جملة المبادئ والقوانٌن والمصطلحات التً وضعها أهل الفنون المختلفة‪.‬‬ ‫وبالملكة‪ :‬الخبرة المكتسبة من رسوخ المرء فٌما حصل علٌة من معارؾ‪ ,‬و فٌما وعاه من مناهج علم خاص أو‬ ‫علوم شتى‪ ,‬والملكة تتكون من وفرة اإلدراك واستحضار القواعد‪ ,‬وأصحاب الملكات المتؤلقة فً الشعوب هم‬ ‫العلماء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كامال‬ ‫ولنترك مجال العلم النظري إلى مجال السلوك والخلق واإلٌمان والعمل‪ ,‬لنقول أن الدٌن قد ٌكون منهاجً ا‬ ‫للرقً والتهذٌب؛ لكن االستفادة منه ال تصلح بإدارة معلوماته أو باألداء الصوري لعباداته‪ ,‬فهذا التناول للدٌن‬ ‫ؼٌر نافع‪ ,‬ففً األثر‪ " :‬العلم علمان‪ :‬علم فً القلب‪ ,‬وعلم فً اللسان‪ ,‬فاألول هو العلم النافع‪ ,‬والثانً هو حجة‬ ‫هللا على بنً آدم "‪.‬‬ ‫إن المعلومات النظرٌة التً لم ٌنقلها العمل من دابرة الذهن إلى الواقع‪ ,‬تشبه الطعام الذي لم ٌحوله الهضم إلى‬ ‫حركة‪ .‬وكذلك الصالة فإن األمر ٌبدأ بدروس‪ ,‬وال ٌؤتً الخشوع واإلخالص إال إذا أقبل التلمٌذ ٌصلً‪ .‬وفً‬ ‫مجال التربٌة و اإلصالح البد أن تتطور المعلومات إلى اكتمال نفسً واجتماعً‪.‬‬ ‫عن لٌون شمٌكن أحد رجال األعمال قال‪ " :‬وضعت قاعدة تحتم على كل واحد من مساعدي‪ٌ ,‬رٌد أن ٌعرض‬ ‫علً مشكلة ما‪ ,‬أن ٌقدم لً ً‬ ‫أوال مذكرة تشمل اإلجابة عن هذه األسبلة األربعة‪:‬‬ ‫ٔ‪ -‬ماهً المشكلة؟‬ ‫ٕ‪ -‬ما هو منشؤ المشكلة؟‬ ‫ٖ‪ -‬ما هً الحلول الممكنة لهذه المشكلة؟‬ ‫ٗ‪ -‬ما هو أفضل الحلول؟‬ ‫و كان من نتٌجة هذه الخطة أن مساعدي قل اتجاههم إلً فً وقت المشاكل‪ ,‬ونحن اآلن بفضل هذه الخطة‬ ‫ً‬ ‫طوٌال فً العمل‪.‬‬ ‫نستهلك وقت أقل فً القلق ومناقشة األخطاء و وق ًتا‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪02‬‬


‫آفات الفراغ‬ ‫فً أحضان البطالة تولد آالؾ الرذابل وإذا كان العمل رسالة األحٌاء فإن‬ ‫العاطلٌن موتى‪.‬‬ ‫وقد نبه النبً صل هللا علٌه وسلم من ؼفلة الناس عن نعمتًّ الوقت والعافٌة‪ ,‬فقال‪ ( :‬نعمتان مؽبون فٌهما كثٌر‬ ‫من الناس‪ :‬الصحة والفراغ )‪.‬‬ ‫و من أصدق ما رواه الشافعً فً أسس التربٌة‪ ( :‬إذا لم تشؽل نفسك بالحق شؽلتك بالباطل)‪ ,‬و هذا صحٌح فإن‬ ‫النفس ال تهدأ‪ ,‬وأٌضًا توزٌع التكالٌؾ الشرعٌة فً اإلسالم منظور فٌه إلى هذه الحقٌقة أن ال ٌترك للنفس فراغ‬ ‫ٌمتأل بالباطل؛ ألنه لم ٌمتلا من قبل بالحق‪ .‬ومن حق المربٌن أن ٌحذروا أوقات الفراغ وٌحصنوا أنفسهم من‬ ‫شرورها فإن مأل األوقات و االنتقال من عمل إلى عمل هو وحدة ٌحمٌنا من التبطل ولوثات الفراغ‪.‬‬ ‫قدٌمًا َعرَّ ؾ المصلحون أن بطالة الؽنً ذرٌعة إلى الفسوق‪ ,‬وكذلك بطالة الفقراء تضٌ​ٌع لقدرة بشرٌة هابلة من‬ ‫عضالت وأعصاب وأفبدة وطاقات لو فجرت لؽٌرت العالم‪ .‬واإلسالم ٌملك على اإلنسان أقطار نفسه من هذه‬ ‫الناحٌة‪ ,‬فإن أؼلب الشعابر تدور حول جهاد النفس وجهاد الناس‪ .‬فجهاد النفس‪ :‬هو فطامها عمى تشتهً من أثام‪,‬‬ ‫وجهاد الناس‪ :‬منع مظالمهم من إفساد حٌاة الناس وخلخلة اإلٌمان‪.‬‬ ‫إن الحق إذا استنفذ من اإلنسان كل طاقته فلن ٌجد الباطل طرٌقه إلٌه‪ ,‬فال ٌستطٌع أحد أن ٌشؽل نفسه بشٌبٌن فً‬ ‫نفس الوقت‪ ,‬وهذا القانون البسٌط هو الذي مكن األطباء النفسٌ​ٌن الملحقٌن بالجٌش أن ٌؤتوا بالعجابب خالل‬ ‫الحرب عندما ٌؤتً إلٌهم الجنود الذٌن قد تلفت أعصابهم من الحرب فٌقولون لهم‪ :‬انشؽلوا بعمل ما‪.‬‬

‫التدع التوافه تغلبك على أمرك‬ ‫قال دٌل كارنجً ‪ " :‬إننا ؼالبًا ما نواجه كوارث الحٌاة وأحداثها فً شجاعة نادرة وصبر جمٌل ثم ندع التوافه‬ ‫بعد ذلك تؽلبنا على أمرنا‪ ".‬ثم ٌقص علٌنا كارنجً حكاٌة شجرة ضخمة نبتت منذ أربعمابة عام وتعرضت فً‬ ‫حٌاتها الطوٌلة للصواعق أربع عشرة مرة وهزتها العواصؾ العاتٌة طوال أربعة قرون ومع ذلك ظلت الشجرة‬ ‫جاثمة‪ ,‬ثم حدث أن زحفت جٌوش الهوام والحشرات على هذه الشجرة الضخمة فمازالت بها تنخرها وتقرضها‬ ‫حتى سوتها بسطح االرض وجعلتها أثرً ا‪ ,‬لقد انمحت ماردة الؽابة اختفت من الوجود بفعل هوام من الضالة‬ ‫بحٌث ٌستطٌع اإلنسان أن ٌسحقها بٌدٌه‪ .‬أال ترانا مثل هذه الشجرة؟‬ ‫ألسنا ننجو من األعاصٌر التً تعترض حٌاتنا ثم نستسلم بعد ذلك للتوافه التً تلتهم حٌاتنا التهامًا؟‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪03‬‬


‫قضاء وقدر‪:‬‬

‫إحساس المإمن بؤن زمام العالم لن ٌفلت من ٌد هللا ٌقذؾ بمقادٌر كبٌرة من الطمؤنٌنة فً فإاده‪.‬‬ ‫إن شركة لوٌد وهً أشهر شركات التؤمٌن فً العالم قد ربحت مالٌ​ٌن الجنٌهات من استؽالل مٌل اإلنسان إلى‬ ‫ً‬ ‫احتماال‪ ,‬هذه الشركة تراهن الناس على أن الكوارث التً ٌخشون حدوثها وٌساورهم‬ ‫التوجس من أبعد األمور‬ ‫القلق من أجلها لن تحدث ً‬ ‫أبدا على أنها بداهة ال ُتسمًِ هذا العمل مراهنة بل تسمٌه تؤمٌ ًنا‪.‬‬

‫بالحق أنزلناه وبالحق نزل ‪:‬‬ ‫إن االٌمان باهلل والٌوم اآلخر وفرابض الصالة والزكاة‪ ,‬أشعة تتجمع فً حٌاة اإلنسان لتسدد خطوه وتلهمه رشده‬ ‫ً‬ ‫موصوال بالحق ال ٌتنكر له وال ٌزٌػ عنه‪.‬‬ ‫وتجعله فً الوجود‬ ‫ً‬ ‫حدودا ٌقؾ عندها ومعالم ٌنتهً إلٌها‪ ,‬أما العٌش من ؼٌر ضوابط‬ ‫إن مقتضى اإلٌمان أن ٌعرؾ المرء لنفسه‬ ‫والتمشً وراء النزوات المهتاجة دون تحفظ‪ ,‬فلٌس ذلك سلوك المسلم وال ما ٌرتقب منه‪.‬‬ ‫قال دٌل كارنجً‪ " :‬إن المرء ال ٌنبؽً أن ٌضٌع نصؾ حٌاته فً المشاحنات‪ ,‬ولو أن ً‬ ‫أحدا من أعدابً انقطع عن‬ ‫مهاجمتً ما فكرت لحظة واحدة فً عِ دابه القدٌم لً" ‪.‬‬

‫ال تبك على مافات ‪:‬‬ ‫فً هذه الحدود المبٌنة ٌجب أن ندرس الماضً وابتؽاء العظة المجردة وحدها‪ٌ ,‬صح أن نلتفت إلى الوراء أما‬ ‫العودة إلى األمس القرٌب أو البعٌد لنجدد حز ًنا أو ننكؤ جرحً ا أو ندور حول مؤساة حزت فً نفوسنا لنقول (لٌت‬ ‫‪/‬ولو) فإن هذا ما ٌكرهه اإلسالم وٌنفر من التردي فٌه‪.‬‬ ‫إن دٌل كارنجً ٌلجؤ إلى العقل لٌصل بنا إلى هذه الؽاٌة فٌقول‪ " :‬من الممكن أن تحاول تعدٌل النتابج التً ترتبت‬ ‫على أمر حدث منذ ٓ‪ ٔ٨‬ثانٌة‪ ,‬أما أن تحاول تؽٌ​ٌر الزمن فهذا هو الذي ال ٌعقل‪ ,‬ولٌس ثمة إال طرٌقة واحدة‬ ‫ٌمكن بواسطتها فً الماضً واالستفادة منها ثم نسٌانها نسٌا ًنا تامًا‪".‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪04‬‬


‫صنع أفكارك ‪:‬‬ ‫حياتك من ُ‬ ‫سعادة اإلنسان أو شقاوته أو قلقه أو سكٌنته تنبع من نفسه وحدها‪ .‬إنّ ً‬ ‫أحدا ال ٌستطٌع إنكار ما للروح المعنوي من‬ ‫أثر باهر لدى األفراد والجماعات‪ ,‬فالجٌوش التً ٌحسن بالإها وتعظم بسالتها إنما تستمد طول مقاومتها من‬ ‫رسوخ العقٌدة وقوة الصبر أكثر مما تستمده من وفرة السّالح والعتاد‪ ,‬فذخٌرة الخلؾ المتٌن والمسلك العالً‬ ‫أرجى على أصحابها وأكسب للنصر من أي شًء آخر‪ .‬إنّ األحوال النفسٌة الحٌّة تجعل القلٌل كثٌر‪ ,‬والواحد‬ ‫أمّة‪ ,‬ونحن نستطٌع أن نضع من أنفسنا ً‬ ‫مثال رابعة إذا أردنا‪.‬‬ ‫اإلسالم كسابر رساالت السماء ٌعتمد فً إصالحه العام على تهذٌب النفس اإلنسانٌة قبل كل شًء‪ ,‬فهو ٌصرؾ‬ ‫ً‬ ‫جهودا عظٌمة للتؽلؽل فً أعماقها‪ ,‬وؼرس تعالٌمه فً جوهرها حتى ٌستحٌل جزءًا منها‪ ,‬ومن هنا كان اإلصالح‬ ‫النفسً الدعّامة األولى لِ َتؽلّب الخٌر فً هذه الحٌاة‪ ,‬فإذا لم تصلح النفس‪ ,‬أظلمت األفاق وسادت الفتن فً حاضر‬ ‫الناس ومستقبلهم‪.‬‬ ‫من أمد بعٌد وأنا أكتب لإلسالم وأخطب وأجوب أرجاء الدنٌا‪ ,‬ولم تكن خطابتً َبسْ طة لسان ٌهدر بالقول‪ ,‬ولم‬ ‫تكن كتابتً سطوة قلم ٌصول وٌجول‪ ,‬بل كان ذلك كله َذ ْوبّ عاطفة تضطرم باإلخالص‪ ,‬وفكر ٌستكشؾ صمٌم‬ ‫الحق وٌبادر إلى إعالنه‪.‬‬

‫للقصاص ‪:‬‬ ‫الثمن الباهظ‬ ‫َ‬ ‫إن اإلهانات تسقط على قاذفها قبل أن تصل إلى مرماها البعٌد‪ ,‬وهذا المعنى ٌفسر لنا حلم هود وهو ٌستمع إلى‬ ‫اك فًِ َس َفا َه ٍة َوإِ َّنا لَ َن ُ‬ ‫ٌن (*) َقا َل ٌَا َق ْو ِم‬ ‫ظ ُّن َك م َِن ْال َكاذ ِ​ِب َ‬ ‫إجابة قومه بعدما دعاهم إلى توحٌد هللا‪ ,‬قالوا له‪( :‬إِ َّنا لَ َن َر َ‬ ‫ت َربًِّ َوأَ َنا لَ ُك ْم َناصِ ٌح أَ ِمٌنٌ )‪ ,‬إنّ شتابم هإالء‬ ‫ٌِن (*)أ ُ َبلِّ ُؽ ُك ْم ِر َس َاال ِ‬ ‫ْس ِبً َس َفا َه ٌة َو ٰلَ ِك ِّنً َرسُو ٌل ِّمن رَّ بِّ ْال َعالَم َ‬ ‫لٌَ َ‬ ‫رسوال‪ ,‬فهو فً ُّ‬ ‫ً‬ ‫الذ َإابة من الخٌر والبر‪,‬‬ ‫الجهّال لم ٌَطِ ش لها حلم هود‪ ,‬ألن الش ّقة بعٌدة بٌن رجل اصطفاه هللا‬ ‫تهاو ْوا على عبادة األحجار‪ٌ ,‬حسبونها تضر وتنفع‪.‬‬ ‫وبٌن قوم سفهوا أنفسهم و َ‬

‫ال تنتظر الشكر من أحد ‪:‬‬ ‫اإلسالم ٌوجه الم َ‬ ‫ُعطى إلى ذكر النعمة التً سٌقت له وإلى الثناء على مرسلها‪ ,‬لذلك قال الرسول ص ّل هللا علٌه و‬ ‫سلّم ( إن أشكر الناس هلل تبارك وتعالى أشكرهم للناس(‪ .‬فاإلسالم مع توكٌده لواجب الشكر وتحقٌره لشؤن‬ ‫الجاحدٌن‪ٌ ,‬طلب من أولً الخٌر أن ٌجعلوا أعمالهم خالصة لوجه هللا‪ ,‬وأن المعروؾ الذي ٌُقبل و ٌُحترم هو‬ ‫الذي ٌبذله صاحبه بدون أن ٌطلب علٌه ثناء بشرْ وال شكره‪.‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪05‬‬


‫هل تستبدل مليون جنيه بما تملك ؟‬ ‫إن العافٌة التً تمرح فً سعتها وتستمتع بحرٌتها لٌست شٌ ًبا ً‬ ‫قلٌال‪ ,‬وإن كنت فً ذهول عمّا أوتٌت من صحة فً‬ ‫بدنك وسالمة أعضابك‪ ,‬فاحمد هللا ولً أمرك وولً نعمتك وانظر إلى الخلق الذي ابتلوا بفقدهم النعم ‪ .‬من الخطؤ‬ ‫أن تحسب رأس مالك هو ما اجتمع لدٌك من ذهب وفضة‪ ,‬إن رأس مالك األصل جملة من المواهب التً سلّحك‬ ‫القدر بها من ذكاء وقدرة وحرٌة وعلى رأسها الصحة والعافٌة‪ .‬فهل تذكر هذا الفضل؟ وهل ُتق ِّدر هذه النعمة؟‬ ‫وهل تشكر هللا علٌها؟‬ ‫الحق أن ما فً الحٌاة من منؽصات ومتاعب‪ٌ ,‬جًء من فوضى الناس و َن َزق ؼرابزهم و طٌش مسالكهم ‪ ,‬أكثر‬ ‫مما ٌجًء من طبٌعة الحٌاة نفسها‪ ,‬كذلك الحٌاة الدنٌا‪ ,‬و هللا ما أفسدها وكسؾ ضٌاءها وشاب نعماءها إال ركض‬ ‫البشر فً جوانبها ركضًا مجنو ًنا ال ٌخضع لشرابع هللا وال ٌستقٌم مع نصحه وهداه‪ ,‬فبعض الحمقى ٌمطون كلمة‬ ‫"إنما األشٌاء برحمة هللا" لٌجعلوا الحساب فوضى‪ ,‬ولٌوهموا أن العمل ال ٌر ّ‬ ‫شح لج ّنة أو نار‪ .‬وقد شاعت هذه‬ ‫السخافات بٌن األجٌال المتؤخرة من المسلمٌن فضلّلت فكرهم وأوهنت سعٌهم‪ ,‬ولم تزدهم عن هللا إال ب ً‬ ‫ُعدا و بدٌنهم‬ ‫إال ً‬ ‫جهال‪ ,‬إذن كٌؾ ٌدخل الجنة من لم ٌرشحه لها جهده؟‬ ‫إنّ معصٌة هللا ال تنٌّل رحمته ورضاه‪ ,‬والعمل الصالح هو الذي ٌقرّ ب من عطفه ومؽفرته وفً مقدمة الصالحات‬ ‫أن تدرك ضخامة النعم التً أُسبؽت علٌك‪ ,‬فإنّ هللا لو ناقشك الحساب علٌها وتقاضاك الوفاء بثمنها لعجزت ‪.‬‬ ‫بمعنى‪ :‬أنت نسٌج وحدك فً هذه الدنٌا‪ ,‬فاؼبط نفسك على هذا‪ ,‬واعمل على االستزادة مما ركبته فٌك الطبٌعة من‬ ‫مواهب وصفات‪.‬‬ ‫ٌنببك علم الوراثة بؤنك تخلقت جٌنًٌا نتٌجة لتالقً أربعة وعشرٌن زوجً ا من الكروموسومات‪ ,‬أسهم فٌها بالنصؾ‬ ‫من كال والدٌك‪ ,‬وقد تضافرت هذه األزواج األربعة والعشرون على تورٌثك الصفات التً تتمٌز بها‪ ,‬فلماذا ال‬ ‫ٌنمو الرجال على فطرتهم التً خلقهم هللا بها كما تنمو النباتات فً مؽارسها ؟ فال النخٌل تتحول أعنابًا ‪ ,‬وال‬ ‫الثمار تحاكً ؼٌر الطعم واللون‪.‬‬ ‫وبما أن سلوك المرء ما هو إال الخط الذي ترسمه له طباعه‪ ,‬ومٌوله وؼرابزه وذهنه‪ ,‬فال جرم أن ٌكون لكل‬ ‫امرئ خطه الذي ال ٌشاركه فٌه احد ووجهته التً ٌتمٌز بها عن الناس وهذا كله من معانً قوله سبحانه ‪:‬‬ ‫( َولِ ُك ٍّل ِوجْ َه ٌة ه َُو م َُولٌِّ َها )‪ ,‬و هللا سبحانه ٌرٌد أن ٌقرر حرٌة الرأي لكل إنسان‪ ,‬فلكل إنسان وجهة ٌنظر للحٌاة‬ ‫من زاوٌتها‪ ,‬وال ٌدري أحد فً أي زاوٌة ٌكون الحق والخٌر‪.‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪06‬‬


‫لٌس معنى حرٌة التفكٌر أن اإلنسان حر فً تنشٌط مواهبه العقلٌة وعدم تنشٌطها‪ ,‬فإن شاء فكر وشحذ ذهنه‪ ,‬وإن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫معطال‪ ,‬فإن لكل موهبة وهبها لنا سبحانه وتعالى ح ًقا علٌنا‪ ,‬هو‬ ‫كاسدا‬ ‫شاء تجاهل كل ما حوله وترك ذهنه‬ ‫تنشٌطها واستعمالها فٌما خلقت له‪ ,‬وذلك من صمٌم شكر هللا‪ ,‬أما تعطٌلها وإهمالها فهو ضرب من الكنود‬ ‫والجحود لنعمته سبحانه‪ ,‬فإذا كان لكل إنسان وجهته الخاصة‪ ,‬فٌجب أن تكون لتلك الوجهة ؼاٌة معٌنة تنظم‬ ‫سٌرها‪ ,‬وتحكم أمرها‪ ,‬فال نستطٌع أن نتصور اتجاهًا للمرء لٌس ؼاٌة مقصده أو ؼرض منشود إال أن ٌكون أبله‬ ‫أو مجنو ًنا‪.‬‬

‫العمل بين اإلثارة واإليثار‪:‬‬ ‫القانون النفسانً القابم على حب اللذة وكره األلم‪ ,‬القابم على طلب المنفعة الخاصة ورفض الضرر‪ ,‬هو سر‬ ‫االتصال الدابم فً مواكب الحٌاة واالتساع المستمر فً دابرتها‪ ,‬بل لعله سر التقدم العلمً المطرد‪ ,‬والكشوؾ‬ ‫التً نقلت العالم من طور إلى طور‪ .‬إن المسلم الكامل عضو نافع فً أمته‪ ,‬ال ٌصدر عنه إال الخٌر‪ ,‬وال ٌتوقع‬ ‫منه إال الفضل والبر‪ ,‬فهو فً حركته شعاع من نور الحق ومدد من روافد البركة والٌمن‪ ,‬وعون على تقرٌب‬ ‫البعٌد وتذلٌل الصعب‪.‬‬

‫نفاء السر والعالنية‪:‬‬ ‫عالج األمور بتؽطٌة العٌوب ال جدوى منه وال خٌر فٌه‪ ,‬الجمال عمل حقٌقً فً جوهر النفس‪ٌ ,‬صقل معدنها‬ ‫وٌذهب كدرها وٌرفع خصابصها وٌعصمها من مزالق الشر وٌنقذها من خواطر السوء‪.‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪07‬‬


‫بين اإليمان واإللحاد‪:‬‬

‫قال ابن عطاء هللا ٌحض على التسلٌم هلل ‪ ,‬وٌحصى آداب التجرد ‪:‬‬ ‫األول ‪ :‬علمك بسابق تدبٌر هللا فٌك‪ ,‬وذلك أن تعلم أن هللا كان لك قبل أن تكون لنفسك‪.‬‬ ‫الثانً ‪ :‬أن تعلم أن التدبٌر منك لنفسك جهل منك بحسن النظر لها‪.‬‬ ‫الثالث ‪ :‬علمك بؤن القدر ال ٌجري على حسب تدبٌرك‪.‬‬ ‫الرابع ‪ :‬علمك بؤن هللا تعالى هو المتولً لتدبٌر ملكه‪ ,‬علوها وسفلها‪ ,‬وؼٌبها وشهادتها‪ ,‬وكما سلمت له تدبٌره فً‬ ‫عرشه وكرسٌه وسماواته وأرضه‪ ,‬فسلم له تدبٌره فً وجودك بٌن هذه العوالم ‪.‬‬

‫كم من عبقرٌات مرؼتها فً الوحل خصومات خسٌسة !‬

‫إن وقابع الحٌاة أعتى مما نتمنى‪ ,‬ودسابس الحاقدٌن ومكاٌدهم ومإامراتهم ال تنتهً حتى تبدأ‪ ,‬إن الحال فً كل‬ ‫زمان تحتاج إلى أمداد سرٌعة من المساندة أو العزاء لتعٌد إلى الموهوبٌن ثقتهم بؤنفسهم وتشجعهم على المضً‬ ‫فً طرٌقهم دون ٌؤس أو إعٌاء‪ ,‬إنهم فً حاجة ألن ٌقال لهم ‪ :‬ال تؤسوا‪ ,‬فإن ما تتوجسون من نقد أو تجاهل هو‬ ‫كفاء ما أوتٌتم من طاقة ورسوخ ‪.‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪08‬‬


‫روحانية الرسول ‪:‬‬ ‫للنفوس المعتادة لحظات تصفو فٌها من كدر‪ ,‬و ترق من ؼلظة‪ ,‬و ترقى إلى مستوى ٌحلق بؤفكارها و مشاعرها‬ ‫إلى جو نقً طهور‪ ,‬فهً كالطٌر الذي ألؾ الذرا ال ٌنحط دونها إال لمامًا‪ .‬كذلك خلق هللا الناس ‪ ,‬و كذلك درجوا‬ ‫منذ األزل ‪ ,‬و إذا كان شؤن العامة أنزل رتبة من شؤن الخاصة ‪ ,‬فإن هإالء الممتازٌن أنفسهم ‪ٌ ,‬قع بٌنهم من‬ ‫التفاوت فً الخٌر والفضل ما ٌشبه التفاوت بٌن أبعاد الكواكب ‪ ,‬وقد اقتضت حكمة هللا أن ٌختار حملة الوحً‬ ‫األعلى من الصفوة المنتقاة بٌن هإالء الخاصة ‪ ,‬و هً صفوة مبرزة فً كل شًء‪.‬‬ ‫إن األنبٌاء رجال ال ٌدانون فً ذكابهم‪ ,‬و صالبة عزابمهم‪ ,‬و بعد هممهم‪ ,‬و سعة فطنتهم‪ ,‬وإدراكهم الشامل‬ ‫لحقابق النفوس و طبابع الجماعات‪ .‬ذاك هو معنى االصطفاء‪.‬‬ ‫فً ماضً الحٌاة وحاضرها ومستقبلها‪ ,‬كان الوحً اإللهً و الٌزال العاصم الذي ٌمسك األرض أن تزول‪ ,‬إنه‬ ‫الم ُ​ُثل العلٌا كلها فً إطار من اللحم و الدم‪ ,‬تستطٌع أن تعرفه فً ٌسر من الكتاب الذي جاء به‪ ,‬و من الحكمة‬ ‫التً ٌتفجر بها منطقه‪ .‬إن من خصابص القٌادات الروحٌة الكبرى أنها تقدح زناد النشاط اإلنسانً فٌمن اقترب‬ ‫منها‪ ,‬و تطلق قواه الكامنة لٌخدم الحقٌقة الكبرى فً حدود ما أوتى‪.‬‬ ‫إن ٌنابٌع الحٌاة العاطفٌة والفكرٌة فً نفس الرسول الكرٌم محمد صل هللا علٌه وسلم تجًء من معرفته الساطعة‬ ‫باهلل‪ ,‬و ذكره الدابم له‪ ,‬و أخذه بنصٌبه الضخم من معانً الكمال فً أسمابه الحسنى‪.‬‬ ‫و العالم من أزله إلى أبده ال ٌعرؾ إنسا ًنا استؽرق فً التؤمل العالً ومشى على األرض وقلبه فً السماء كما‬ ‫ٌعرؾ فً سٌرة محمد بن عبد هللا علٌه أفضل الصالة والسالم‪.‬‬ ‫إذن ما معنى أن ٌقول الرسول لربه ‪ " :‬أشهد أن محمداً عبدك و رسولك " ؟‬ ‫ذلك ضرب من اإلصرار على تحمل األمانة و إبالغ الرسالة للناس كافة‪ ,‬مهما كذبوا بها و تنكروا لصاحبها‪ ,‬إن‬ ‫النبً الكرٌم ٌجمع بٌن نبهة النهار وٌقظة اللٌل تقوم على هذا االتجاه المستمر إلى هللا‪ ,‬و التشبث العجٌب بذكره‪.‬‬ ‫و نحن فٌما نؤلؾ من تجاربنا نرى أن حٌاة التؤمل المحض والمناجاة الحلوة‪ ,‬ال تخلص لصاحبها إال ً‬ ‫بعٌدا عن‬ ‫الناس‪ ,‬و فً نجوة من لؽوهم العرٌض‪ ,‬و شإونهم التافهة‪ ,‬إال أن الدارسٌن لحٌاة النبً العظٌم ٌرون فً مسلكه‬ ‫ما ٌخالؾ هذه العادة المؤثورة عن بعض الممتازٌن من الناس‪ ,‬ومع ذلك فإن صفاءه النفسً‪ ,‬و توقده العقلً لم‬ ‫تشبهما شاببة‪.‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪09‬‬


‫كان ٌترك أثره العمٌق فً اآلخرٌن‪ ,‬وال ٌتؤثر هو بما فً نفوسهم من ضٌق و انحصار‪ ,‬إنه موجه ٌدفع و ال‬ ‫ٌندفع‪ .‬لكنك ترى هذا النبً الجلٌل بٌن أفواج األعراب‪ ,‬و صخب الجماعات المختلفة ٌرسل كلمه الرتٌب فال‬ ‫تدري بؤٌهما تعجب‪ ,‬أبرقة الروح الذي ٌصحبه عباراته أم بروعة التنسٌق الذي ٌإلؾ بٌن ألفاظه؟‬ ‫و من الطبٌعً أن ٌعٌش صاحب هذه الرسالة طٌلة عمره مبرأ من كل عٌب منزها ً عن أٌة مالمة‪ ,‬ال ٌإثر فً‬ ‫سره و علنه و رضاه و سخطه إال ما تهوى العال‪.‬‬

‫بقدر قيمتك يكون النقد الموجه لك ‪:‬‬ ‫رذٌلة الحسد قدٌمة على األرض قدم اإلنسان نفسه‪ ,‬ما إن تكتمل خصابص العظمة فً نفس‪ ,‬أو تتكاثر مواهب‬ ‫هللا لدى إنسان حتى ترى كل محدود أو منقوص ٌضٌق بما رأى‪ ,‬وٌطوى جوانحه على ؼضب مكتوم‪ ,‬و ٌعٌش‬ ‫منؽصًا ال ٌرٌحه إال زوال النعمة‪ ,‬وانطفاء العظمة‪ ,‬وتحقق اإلخفاق‪ ,‬السر فً ذلك أن الدمٌم ٌرى فً الجمال‬ ‫تحدًٌا له‪ ,‬والؽبً ٌرى فً الذكاء عدوا ًنا علٌه‪ ,‬و الفاشل ٌرى فً النجاح إزرا ًء به‪.‬‬ ‫إن وقابع الحٌاة أعتى مما نتمنى‪ ,‬ودسابس الحاقدٌن ومكاٌدهم و مإامراتهم ال تنتهً حتى تبدأ‪ ,‬إن الحال فً كل‬ ‫زمان تحتاج إلى أمداد سرٌعة من المساندة أو العزاء لتعٌد إلى الموهوبٌن ثقتهم بؤنفسهم‪ ,‬و تشجعهم على المضً‬ ‫فً طرٌقهم دون ٌؤس أو إعٌاء‪.‬‬ ‫أجل إنهم فً حاجة ألن ٌقال لهم‪ :‬ال تؤسوا ‪ ,‬فإن ما تتوجسون من نقد أو تجاهل هو كفاء ما أوتٌتم من طاقة و‬ ‫رسوخ‪.‬‬ ‫فمنذ أربعة عشر قر ًنا ظهر "محمد بن عبد هللا علٌه أفضل الصالة والسالم" فً العرب‪ ,‬وكان أصحاب الرباسات‬ ‫الدٌنٌة المبجلة من األحبار والرهبان قد أحسوا نبؤه‪ ,‬و التفوا به لٌستوثقوا من صدق دعوته و صحة رسالته‪ ,‬و لم‬ ‫ٌحتج األمر إلى طول تمحٌص‪ ,‬فسرعان ما أٌقن القوم أنهم أمام رسول من رب العالمٌن ٌجب أن ٌإمنوا به وأن‬ ‫ٌنضموا إلٌه‪ ,‬بٌد أنهم طووا أنفسهم على هذه الحقٌقة‪ ,‬و كرهوا أن ٌذكروها بل أن ٌنشروها‪.‬‬ ‫و لم ذلك الكتمان؟ حفٌظة ذوي النفوس الدنٌبة عندما تلمح دالبل العظمة والمجد قد ساقتها األقدار إلى إنسان‪ .‬إنه‬ ‫الحسد!‬ ‫إن النجاة من ظلمات الحٌاة ومظالم الناس وأحقادهم لٌس باألمر السهل‪ ,‬البد لها من أضواء ٌبعثها رب الفلق‬ ‫الذي ٌستطٌع وحده أن ٌمحو آٌة اللٌل بآٌة النهار‪.‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪21‬‬


‫ومع أن أنبٌاء هللا أكبر من أن ٌفقدوا ثقتهم بؤنفسهم أمام سٌل التكذٌب واالتهام الذي ٌرمٌهم به الحاسدون و‬ ‫الكافرون‪ ,‬فإنهم احتاجوا فً كل لحظة إلى معونة هللا وتثبٌته‪ ,‬حتى ال ٌإثر فٌهم استخفاؾ أو تحقٌر‪.‬‬

‫كن عصيا على النقد ‪:‬‬ ‫إن الرجل القوي ٌجب أن ٌدع أمر الناس جانبًا‪ ,‬وأن ٌندفع بقواه الخاصة شا ًقا طرٌقه إلى ؼاٌته‪ ,‬واضعًا فً‬ ‫حسابه أن الناس علٌه ال له‪ ,‬و أنهم أعباء ال أعوان‪ ,‬وأنه إذا ناله جرح أو مسه إعٌاء فلٌكتم ألمه عنهم‪ ,‬وال‬ ‫ٌنتظر خٌرً ا من بثهم أحزانه‪.‬‬ ‫و كل ما ُنوصً به أال ُتع َطى العامة فوق ما لها من حقوق عقلٌة أو خلقٌة‪ ,‬فإن مستوٌات الجماهٌر ال تتحكم فً‬ ‫تقرٌر الحق‪ ,‬أو تحدٌد الفضٌلة‪ .‬إن أصحاب الحساسٌة الشدٌدة بما ٌقول الناس‪ ,‬الذٌن ٌطٌرون فرحً ا بمدحهم‪ ,‬و‬ ‫ٌختفون جزعًا من قدحهم‪ ,‬هم بحاجة إلى أن ٌتحرروا من هذا الوهم‪ ,‬و أن ٌسكبوا فً أعصابهم مقادٌر ضخمة‬ ‫من البرود و عدم المباالة‪ .‬والذٌن ٌبنون احترامهم ألمر ما‪ ,‬على أساس ما‪ٌ ,‬قارن هذا األمر من عناصر الؽلب‬ ‫والظهور كثٌر ً‬ ‫جدا فً الناس‪ ,‬أما الذٌن ٌعتنقون الحق المجرد و لو أثخنته الهزابم‪ ,‬و ٌؽالون بنفاسته و لو مرغ‬ ‫فً التراب‪ ,‬فهإالء ؼرباء فً الناس‪ ,‬و قد كره النبً صلى هللا علٌه وسلم أال ٌتحرك الناس إال تحت ضؽط هذه‬ ‫الدوافع الدنٌبة ‪ ,‬بٌد أن مشاعر الرؼبة والرهبة والمنفعة و الحرمان ما تزال السر الدفٌن وراء كثٌر من النقد‬ ‫والرضاء والنقمة والتؤٌ​ٌد‪.‬‬ ‫ومن البدٌهً أن المرء ٌلوذ بهذا االستعالء و االستؽناء إذا دهمه سٌل من هزات الحاسدٌن واتهامات الحاقدٌن‪ ,‬و‬ ‫كان الحق معه‪ ,‬أما االنتقاد الصحٌح لما وقع فٌه من أخطاء أو االستدراك على ما فاته من كمال فٌجب أن نقبله‬ ‫على العٌن و الرأس‪ ,‬ولو كان النقاد مدخولً النٌة‪ ,‬سٌا القصد؛ فسوء نٌتهم علٌهم وحدهم‪ ,‬وخٌر لنا أن ننتفع‬ ‫بما أجراه القدر على ألسنتهم من تصوٌب‪.‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪20‬‬


‫حاسب نفسك ‪:‬‬

‫ما من عمل مهم إال وله حساب ٌضبط دخله وخرجه‪ ,‬و ربحه وخسارته‪ ,‬إال حٌاة اإلنسان فهً وحدها التً تسٌر‬ ‫على نحو مبهم ال ٌدرى فٌه ارتفاع أو انخفاض‪.‬‬ ‫الحق أن هذا االنطالق فً أعمال الحٌاة دون اكتراث بما كان و ٌكون أو االكتفاء بنظرة خاطفة لبعض األعمال‬ ‫البارزة أو األعراض المخوفة‪ ,‬الحق أن ذلك نذٌر شإم‪ ,‬وقد عده القرآن الكرٌم من األوصاؾ البهٌمٌة التً‬ ‫ٌعرؾ بها المنافقون الذٌن ال كٌاسة لدٌهم و ال ٌقٌن‪.‬‬ ‫و علماء التربٌة فً اإلسالم متفقون على ضرورة محاسبة المرء لنفسه تماشًٌا مع طبٌعة اإلسالم‪ .‬كذلك ٌرى ابن‬ ‫ً‬ ‫جاعال الصفحة الٌمنى للحسنات و الٌسرى للسٌبات‪.‬‬ ‫المقفع أن ٌسجل اإلنسان ما ٌصدر عنه‬ ‫فً صدر شبابً األول كنت دقٌ ًقا فً محاسبة نفسً‪ ,‬وكنت أرسم برامج قصٌرة األجل للتطهر مما أحقره من‬ ‫خالل و أعمال‪ ,‬وأذكر أننً استعنت بإحدى المفكرات السنوٌة إلثبات األطوار التً أتنقل بٌنها من الناحٌتٌن‬ ‫الذهنٌة والنفسٌة‪ ,‬و إن كنت فشلت آخر مرة فً استدامة هذا األسلوب‪ .‬لقد كنت فً مٌدان الرٌاضة النفسٌة‬ ‫أتعسؾ الطرٌق أحٌا ًنا كثٌرة لقلة المرشدٌن الذٌن ٌرعون الناشبة‪ ,‬و ندرة الثقافات التً تؤخذ بناصٌتهم إلى‬ ‫الصراط المستقٌم‪ ,‬ومع ما خلفته فً أعصابً هذه المحاوالت المضنٌة‪ ,‬فلست آس ًفا على ما بذلت من جهد‬ ‫أخطؤت فٌه أو أصبت‪ ,‬فألن أشتط فً حساب نفسً أفضل من أن أدعها تنطلق من ؼٌر حساب‪.‬‬ ‫و الحق أن تروٌض النفس على الكمال و الخٌر‪ ,‬و فطامها عن الضالل والشر ٌحتاج إلى طول رقابة و طول‬ ‫حساب‪ ,‬فإذا شبت اإلفادة من ماضٌك‪ ,‬بل من حٌاتك كلها‪ ,‬فاضبط أحوالك و أنت تتعهد نفسك‪ ,‬اضبطها فً‬ ‫سجل أمٌن ٌحصً الحسنات و السٌبات‪ ,‬و ٌؽالب طبٌعة النسٌان فً ذهن اإلنسان‪.‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪22‬‬


‫خــــاتمة ‪:‬‬

‫لكً تصون الحقٌقة وتضبط حدودها ٌجب أن تعرؾ هذه الحقٌقة وأن تعرؾ ؼٌرها معها‪ ,‬أن الصورة الكاملة ال‬ ‫بد لها من حدود تنتهً إلٌها ‪ ,‬و عند النهاٌة المرسومة لهذه الحدود تبدأ حقابق مؽاٌرة ‪.‬‬ ‫و كلمة أخٌرة إلى علماء المسلمٌن ‪ :‬إن قصر باعهم فً علوم الحٌاة هو أبشع جرٌمة ٌمكن أن ترتكب ضد‬ ‫اإلسالم ‪ ,‬هذا القصور إن أمسوا به فً هذه الدنٌا متخلفٌن ‪ ,‬فهم عند هللا و رسوله أشد تخل ًفا و أسوأ عقبى ‪.‬‬ ‫إن أنفسنا وبالدنا وحٌاتنا وآخرتنا فً ظمؤ هابل إلى مزٌد من المعرفة و الضٌاء ‪.‬‬

‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪23‬‬


‫جدد حياتك‬

‫الصفحة ‪24‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.