كتاب 50شمعة لاضاءة دربكم

Page 1


‫"‪ 50‬شمعة إلضاءة دربكم"‬

‫د‪ .‬عبدالكريم بكار‬

‫‪2‬‬


3


‫إيمان حكمي‬ ‫مروج القرماني‬

‫‪4‬‬


1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 18 19

5


20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 6


42 43 44 45 46 47 48 49 50

7


‫يقدم لكم الدكتور عبد الكريم البكار هذا الكتاب وقد بدأه بخطاب نداء‪( :‬أبنائي وبناتي)‬ ‫لتعلم عزيزي القارئ أنه محتوى كُتب ليصل إليك‪ ،‬إلى عقلك وقلبك وكل ما يمر بمراحل حياتك‪.‬‬

‫بين يديك عدة مقاالت في ‪ ٥٠‬شمعة وكل شمعة تتحدث عن أمر ما وفي نهاية كل شمعة‬ ‫تكون قد أ كتسبت معرفه‪ ،‬وهذه المقاالت كُتبت بنضج لغوي وتجربة ثرية‪.‬‬

‫أتمنى لك وقتا ُممتعا وحياة هنيئا إذا أنصت لهذه الشموع‬ ‫وعملت بما جاءت به فهمي لك لتيسير المصاعب والتقليل من المخاوف‬ ‫ومواجهة التحديات‬

‫‪8‬‬


‫‪1‬‬ ‫حين يولد الواحد منا يبدأ بالتعرف على من حوله ثم يخرج إلى الشارع والمدرسة فتتسع دوائر‬ ‫معرفته وتزداد خبراته فإنه يكون أشبه بمن دخل على قاعة كبيرة مظلمة ومن خالل العيش‬ ‫الطويل في تلك القاعة يتعرف على األشياء البسيطة ومن خالل االحتكاك بالناس واستخدام‬ ‫األشياء يكشف الكثير مما حوله لكنه يشعر بعد طول اإلقامة والمعايشة أن هناك أشياء كثيرة ال‬ ‫يعرف عنها أي شيء هكذا نحن يا بناتي وأبنائي نحاول ا كتشاف أنفسنا وا كتشفا الناس من حولنا‬ ‫لكن سنخرج من هذه الدنيا ولدينا أمور كثيرة غامضة وأسئلة حائرة‪.‬‬ ‫ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي؟‬ ‫‪ -1‬األصل في اإلنسان أن كون جاهال إال إذا تعلم‪.‬‬ ‫‪ -2‬علينا أن توضع وحبذا أن يكون تواضعنا لي قدر جهلنا‪.‬‬ ‫‪ -3‬نحن على قدر ما نعرف وما نتقن وكلما زاد ما نعرفه وما نتقنه ارتفعت منزلتنا وتحققت‬ ‫أهدافنا‪.‬‬

‫‪9‬‬


‫‪ -4‬ما دمنا ال نعرف كل شيء ولم نحط بكل شيء فإن علينا أال نصدر أحكامنا على األحداث‬ ‫حتى تنتهي‪.‬‬ ‫‪ -5‬هناك أمور كثيرة ستكون معرفتنا بها جزئية أو سطحية وتحتاج إلى التعمق فيها وهذا ال‬ ‫يكون إال من خالل امتالكنا لعقل مفتوح وروح متعطش إلى المعرفة‪.‬‬

‫‪10‬‬


‫‪2‬‬ ‫نحن هنا في هذه الحياة في معهد مهني من نوع غريب لكن الغريب أيضا تنوع أساليب االختبار‬ ‫فهذا ممتحن بذكائه وهذا بغبائه وهذا ممتحن بفقره وذاك بثرائه وهذا بصحته وهذا بمرضة وهذا‬ ‫بشهرته فحين نرحل عن هذه الحياة تكون قد أدينا االمتحان األخير والحاسم وهنيئا لمن أجاب‬ ‫على أسئلته بصورة صحيحة والويل والهالك لمن أجاب بصورة خاطئة كم أخطأ الناس يا أبنائي‬ ‫وبناتي في توقعاتهم لمدة االختبار وكم من الناس أطلقوا الصيحات من أجل تمديد مدة االمتحان‬ ‫حتى يتوبوا ويرجعوا ماذا يعنى كل هذا بالنسبة إلى بناتي وأبنائي‪:‬‬ ‫‪ -1‬علينا أن نوسع دائرة إحساسنا بتصرفاتنا وأعمالنا لتكون دائما تحت المراقبة ولتؤديها كما‬ ‫يحب هللا تعالى‪.‬‬ ‫‪ -2‬إذا وقع الواحد منا في خطأ أو زلة فإن المطلوب منه هو المسارعة إلى التوبة وإلى التصحيح‬ ‫قبل أن يلقى هللا تعالى وهو في حال سيئة‪.‬‬

‫‪11‬‬


‫‪ -3‬يجب علينا أن نوطن أنفسنا على مجاهدة النفس وكبح الشهوات على نحو دائم‪.‬‬ ‫‪ -4‬من المهم أن نبتعد عن أولئك المستخفين باالختبار والغافلين عنه حتى ال نتجرف معهم‬ ‫فنخسر خسارة عظمى يصعب تحديدها األن‪.‬‬

‫‪12‬‬


‫‪3‬‬ ‫إنه لشيء الفت ذلك التباين الكبير بين ما تكون عليه عن الوالدة وبين ما نكون عليه عن الموت‬ ‫رجال ونساء يغادرون هذه الحياة وهم أعالم تعلقت بهم القلوب وما ذلك إال ألنهم في حياتهم لم‬ ‫يكونوا أشخاصا عاديين وإنما كانوا دعاة أو فقهاء أو فقهاء أو حكماء أو قادة او باذلين للمعروف‬ ‫ساعتين في الخير إن الذي غادر هذه الحياة هو أضعف شيء فيهم وهو الجسد وإن ما ينتظرهم‬ ‫من كرامة هللا تعالى في اآلخرة هو أعظم بكثير مما نالوه في هذه الدنيا الفانية‪.‬‬ ‫ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬إن الذي يصنع الفرق بين الناس عند الموت ليس النسب وال المال وال القوة لكنه‬ ‫االستقامة والعلم واألثر النافع وحب الخير للناس والمساهمة في إصالح األوضاع‬ ‫واألحوال‪.‬‬ ‫‪ -2‬في إمكان كل واحد منكم أن يسير في طريق العظماء من خالل الجهد اليومي الذي يبذله‬ ‫في المجال الصحيح وبالطريقة الصحيحة‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫‪ -3‬ال يحتقر الواحد منكم نفسه وال يرض بالقليل فالكريم الجواد الغني الحميد هو رب‬ ‫األولين واآلخرين وقد يمنح للمتأخر حجبه عن المتقدم‪.‬‬ ‫تذكروا دائما ساعة الرحيل وخططوا دائما ألن يكون ما يقال عنكم فيها شيئا عظيما ترجون ثوابه عن هللا‬ ‫تعالى‪.‬‬

‫‪14‬‬


‫‪4‬‬ ‫أ كثر ما يقلقكم معاشر الشبان والفتيات هو تلك الغريزة الجنسية التي ركبها هللا تعالى إن الذي‬ ‫يحرك الشهوة لدى الفتيان والفتيات محصور في عدد من األمور من أهمها‪:‬‬ ‫التفكير في أمر الجنس واستخدام الخيال في ذلك فإن الفراغ والتمحور حول الذات من األسباب‬ ‫القوية لتحريك الغريزة الجنسية‪ .‬مشاهدة المناظر الفاضحة ونظر الرجال إلى النساء والنساء إلى‬ ‫الرجال وكذلك االختالط بين الجنسين‪ .‬حضور المجاس التي تثار فيها المسائل الجنسية‪ .‬مصاحبة‬ ‫بعض التافهين والمنحرفين والمنحرفات الذين ليس همة نحو أي شيء سام أو مهم‪.‬‬ ‫ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬ليشتغل كل واحد منكم بشيء نافع ومفيد وليحاول استهالك طاقته فيه وإن الرياضة‬ ‫مما يستهلك الطاقة الجسمية وينفع في تخفيف الضغط الغريزي‪.‬‬ ‫‪ -2‬الزواج المبكر فضيلة عظمى لمن قدر عليه وهو حصن حصين‪.‬‬ ‫‪ -3‬تعزيز الجانب الروحي لدى كل واحد منكم‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫‪ -4‬صحبة الطالحين واألخيار أهل القلوب النقية والهمم العالية‬ ‫‪ -5‬االبتعاد عن المجالس واألماكن التي يتحدث فيها عن الجنس‪.‬‬ ‫‪ -6‬غض البصر والبعد عن االختالط بالجنس اآلخر على قدر الوسع والطاقة‪.‬‬ ‫‪ -7‬ليفكر كل واحد منكم مئة مره قبل أن يخطو خطوة خاطئة‬

‫‪16‬‬


‫‪5‬‬ ‫لو استطعتم معرفة مشاعر الناس حول أوضاعهم المعيشية واالجتماعية لوجدتم أن أ كثرهم‬ ‫يتطلعون إلى أن يكونوا في وضعية أفضل مما هم فيه وهذا يعود إلى ما فطر هللا تعالى عليه‬ ‫النفوس من حب الخير واالستزادة من النعيم‪.‬‬ ‫ماذا يعنى هذا بالنسبة إلى ابنائي وبناتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬احمد هللا لي ما وهبك وأعطاك فهو كثير وإن كان يبدو لك عند المقارنة مع ما لدى‬ ‫غيرك أنه قليل‪.‬‬ ‫‪ -2‬تقبل نفسك وأوضاعك واشعر باالعتزاز بما لديك واتخذ منه نقطة انطالق إلى األمام‪.‬‬ ‫‪ -3‬أبعد نفسك الصغيرة المكبلة باألوهام وبهموم الحاضر عن طريق نفسك الكبيرة‬ ‫القادمة من قلب العاصفة التي تثيرها الجدية والثقة والعمل والمثابرة والطموحات‬ ‫العالية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬

‫‪17‬‬


‫‪ -5‬انفخ على أصغر شرارة لديك لتتحول إلى نور عظيم يضيء طريقك وطريق أهلك‬ ‫وزمالئك‪.‬‬ ‫‪ -6‬ال ترض أبدا أن تكون ظال ألحد وحاول دائما أن تكون قدوة ونموذجا ينتفع بك غيرك‪.‬‬

‫‪18‬‬


‫‪6‬‬ ‫يأتي الواحد منا إلى هذه الحياة وهو جاهل بكل شيء ويبدأ برحلة االستكشاف العظيم في السنة‬ ‫األولى من عمره‬ ‫ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى بناتي وأبنائي‪:‬‬ ‫‪ -1‬ليراجع كل واحد منكم مكنزات رؤيته للحياة حيث إن من المؤكد أن بعضها غير‬ ‫صحيح‪.‬‬ ‫‪ -2‬غلبوا جانب التفاؤل والثقة بالله تعالى واالعتداد بالنفس على اليأس واإلحباط‪.‬‬ ‫‪ -3‬الدنيا فيها الكثير من األخيار والكثير من األشرار ومن يبحث عن األخيار يجدهم‬ ‫‪ -4‬هناك دائما فرصة للتحسن ومجال لألزهار بشرط أال نصفي للمثبطين واليائسين‬ ‫والمخفقين‪.‬‬ ‫‪ -5‬كونوا أنصار الفضائل وحماة المبادئ حتى يصبح لحياتكم معنى وقيمة وإذا فعلتم‬ ‫ذلك فأنتم مظفرون دائما فإن فاتتكم لذة الغلبة لم يفتكم شرف المعركة‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫‪7‬‬ ‫هو أن االختالف في الطبيعة والتركيب يترتب على اآلتي‪ :‬في الوظيفة إن التركيب الجسمي والنفسي‬ ‫والشعوري للفتاة مختلف عن التركيب الجسمي للفتى ولهذا يا ابنتي قد أعددت لتقومي بدور‬ ‫مختلف عن أخيك‪.‬‬ ‫ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى بناتي إنه يعنى اآلتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬ال تحاولي الدخول في منافسة مع الشباب فأنت مخلوقة لدور غير دورهم وعليك أن‬ ‫تأخذي الدرس والعبرة من الوضع المأساوي الذي صارت إليه المرأة في كثير من بالد‬ ‫الغرب والشرق‪.‬‬ ‫‪ -2‬في حياتنا معطيات كثيرة توجب عليك أن يكون اهتمامك بالزواج وببناء أسرة مسلمة‬ ‫وتربية أوالدك التربية الصحيحة هو االهتمام األوالد‪.‬‬ ‫‪ -3‬األنوثة هي السالح األمضى الذي تحارب به المرأة فال تتخلى عن هذا السالح بأوضاع‬ ‫وأعمال وتصرفات غير مالئمة لك‪.‬‬

‫‪20‬‬


‫‪ -4‬ليس األلق االجتماعي للتخصص أو الوظيفة هو المهم لكن هو مالءمته لك ومدى إتقانك‬ ‫له أولها‪.‬‬

‫‪21‬‬


‫‪8‬‬ ‫هذه شمعة متوهجة أرجو أن تفتحوا عيونكم جيدا عليها حيث اننا يا أبنائي وبناتي في زمن فتن‬ ‫الناس‪.‬‬ ‫ماذا يعنى هذا بالنسبة إلى بناتي وأبنائي‪:‬‬ ‫‪ -1‬الحرص على أي قدر من النجاح والتفوق ألن ذلك ضروري لراحتكم وسعادتكم‬ ‫وسعادة أهلكم وخير بلدكم‪.‬‬ ‫‪ -2‬ال تجعلوا الهم األكبر الذي يسيطر عليكم هو الحصول على شهادة أو وظيفة أو امتالك‬ ‫أشياء نفسية فحسب ولكن فكروا في كيفية توظيف ما تحصلون عليه من ذلك في أمور‬ ‫تزيد رصيدكم من الحسنات‪.‬‬ ‫‪ -3‬اجعلوا مشروعية ما تريدون الحصول عليه هي الشرط الذي ال يقبل التفاوض‬ ‫والمساومة‪.‬‬ ‫‪ -4‬استعينوا بالله تعالى واطلبوا التوفيق والرعاية في كل ما تسعون‪.‬‬

‫‪22‬‬


9 10 11

23


‫‪12‬‬ ‫ال أجد تعبيرا عن عظمة النعم التي تغمر كل واحد منا أبن وأبلغ من قوله هللا تعالى "وإن تعدوا‬ ‫نعمة هللا ال تحصوها إن هللا لغفور رحيم" هذا الزمان هو زمان الشكوى من سوء األحوال‪،‬‬ ‫وذلك بسبب تعاظم طموحات الناس وبسبب بعد الفجوة بين إمكاناتهم‪ ،‬وما يرغبون في‬ ‫الحصول عليه‪ .‬وتذكروا دائما أنه مهما ساءت األحوال ‪ ،‬وتتابعت الكروب فإننا سنجد شيئا‬ ‫يستوجب شكر هللا تعالى من نعمة اإليمان ونعمة السمع والبصر ونعمة أننا موجودون اآلن‬ ‫حيث نجد الفرصة للتوبة إن كنا مخطئين ‪ ,‬واالزدياد من الخير إن كنا صالحين انظروا إلى الشكر‬ ‫على أنه شيء تتقربون به إلى هللا ‪-‬تعالى‪ -‬بل إن توفيق هللا – تعالى‪ -‬للعبد للنطق بالشكر هو‬ ‫نعمة تستوجب شكرا آخر على أنه مصدر للسرور والرضا والطمأنينة والسعادة اتخذوا من الحمد‬ ‫والشكر والثناء على هللا –تعالى‪ -‬مصدرا لحماية النفس من التآ كل الداخلي ومناسبة إلظهار‬ ‫النبل والعرفان بالجميل لمن أحسن إليكم ‪.‬‬

‫‪24‬‬


13 14 15

25


‫‪16‬‬ ‫الحياة صندوق مغلق‪ ،‬ونحن جميعا في حاجة ماسة إ لى معرفة ما فيه‪ ،‬وليس له سوى‬ ‫مفتاح واحد‪ ،‬وذلك المفتاح هو (العمل)‪ .‬في القرآن الكريم اقتران شبه مطرد بين‬ ‫اإليمان والعمل الصالح؛ أنا أشعر يا بنا تي وأبنا ئي أن هللا – تعا لى ‪ -‬زود بني اإلنسان‬ ‫بإمكانات هائلة‪ ،‬وأتاح لهم فرصا عظيمة لكنهم ال يستفيدون منها على وجه‬ ‫المطلوب‪ ،‬لماذا ذلك يا ترى؟!‬ ‫هناك عدد من األسباب‪ ،‬من أهمها الكسل‪ ،‬وانحسار الطاقة الروحية المطلوبة‬ ‫لالستمرار في بذل الجهد‪ ،‬ال يؤذيني منظر مثل ما يؤذيني منظر شاب يائس محبط‪،‬‬ ‫يتسكع في الشوارع‪ ،‬ويطلب نفقته اليومية من أب يه الفقير المرهق! كافحوا أيها األعزاء‬ ‫من أجل العثور على عمل تحبونه‪ ،‬فإذا وجدتموه‪ ،‬فأهتموا به وأتقنوه‪.‬‬ ‫سوف تنجحون يا أبنا ئي وبنا تي – بإذن هللا – إذا حولتم األعمال التي تقومون بها إ لى‬ ‫مهنة تؤدونها باحتراف واتقان‪.‬‬

‫‪26‬‬


‫العمل نعمة من هللا‪ ،‬وليس مجموعة مشاق‪ ،‬ومن العجيب حقا أن العمل مهما كان‬ ‫صغيرا يمتلك نفس ميزات العمل الكبير‪ ،‬وعلى سبيل المثال فإن العمل الصغير‬ ‫والعمل الكبير يحقق اآل تي‪:‬‬ ‫ يخلصنا من الفراغ‪.‬‬‫ يساعدنا على ا كتشاف أنفسنا وقدراتنا ومواهبنا‪.‬‬‫ يحسن البيئة التي نعيش فيها؛ لتكون الحياة فيها بعد ذلك أسهل‪.‬‬‫ما الذي يعنيه هذا؟‬ ‫‪ - 1‬عليكم أن ترتبوا أموركم على أساس أن الحياة هي العمل‪ ،‬وأن العمل الجيد‬ ‫هو حياة جيدة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬إذا لم يحصل أحدكم على العمل المالئم له‪ ،‬فال يجلس فارغا ‪ ،‬وليعمل في أي‬ ‫شيء نافع إ لى أن يحصل على العمل الذي يحب‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫‪ - 3‬ال تنظروا إ لى المهن على أنها شيء شائن‪ ،‬فالشائن حقا هو الحاجة إ لى الناس‬ ‫واللصوصية والرشوة‪ ،‬وأ كل أموال الناس بالباطل‪.‬‬ ‫‪ - 4‬في البلد فرص كثيرة وهي تنمو باستمرار‪ .‬فأهلوا أنفسكم على نحو جيد‪.‬‬

‫‪28‬‬


‫‪17‬‬ ‫ليس هناك تالزم ذو قيمة بين الروح والجسد‪ ،‬فقد يكون المرء في مقتبل العمر وروحه روح‬ ‫عجوز‪ .‬وقد يكون المرء في سن الثمانين‪ ،‬وهو يتمتع بروح الشباب! ‪ ،‬وأظن أن أفضل شيء‬ ‫نفعله اآلن ‪ ،‬هو أن نذكر مقومات الروح الشبابية حتى يعرف كل واحد مقدار ما يملكه منها ‪،‬‬ ‫وتعني الروح الشبابية ‪:‬‬ ‫‪ -1‬وجود ثقة كبيرة بكرم هللا – تعالى – ولطفه ومعونته‪ ،‬واالنتظار لمدده وعطاءاته غير‬ ‫المحدودة‪.‬‬ ‫‪ -2‬المرونة والتكيف وتفتح العقل‪.‬‬ ‫‪ -3‬االحتفاظ بالمرح والتفاؤل والضحك ملء القلب من النكات البارعة‪.‬‬ ‫‪ -4‬النمو المستمر على مستوى الروح والعقل واألهداف والتطلعات‪.‬‬ ‫‪ -5‬التفكير بطرق جديدة وقراءة كتب جديدة وممارسة هوايات جديدة‪.‬‬ ‫‪ -6‬أال تفكر أبدا فيما يطرأ على وجوهنا من تغيرات‪ ،‬وأن نركز انتباهنا على ما يمكن أن‬ ‫تفعله‪.‬‬

‫‪29‬‬


‫‪ -7‬االنشغال الدائم وبذل الجهد المتواصل من أجل بناء مستقبل زاهر‪.‬‬ ‫‪ -8‬التخطيط ألعمال ومشروعات‪ ،‬يرجى ثمرها بعد مدة ليست قصيرة‪.‬‬ ‫‪ -9‬القدرة على الصفح والعفو عن أعظم الزالت‪.‬‬ ‫‪ -10‬المسارعة إلى عمل الخير‪ ،‬ونفع العباد‪ ،‬واإلسهام في بناء الوطن‪.‬‬ ‫‪ -11‬التأبي على البيئة البائسة المحطمة‪ ،‬واالنطالق نحو اآلفاق الرحبة‪.‬‬ ‫إنه يعني شيئا واحدا يا أبنائي وبناتي هو أن تجددوا أرواحكم من خالل ما ذكرناه‪ ،‬وهللا يتوالنا‬ ‫بلطفه ومعونته‪.‬‬

‫‪30‬‬


‫‪18‬‬ ‫الناس متشابهون إلى حد بعيد في أمور كثيرة‪ ،‬اللمسة الشخصية شيء يميز اإلنسان عن مئات‬ ‫الناس العاديين الذين يختلط بهم‪ ،‬وليس المقصود بالتميز التميز المعبر عن التعالي‪ ،‬وإنما التميز‬ ‫المعبر عن الذوق الرفيع واللطف والكرم‪ ،‬وهذا يجعل المرء قدوة تتعلم منه األجيال الجديدة‪،‬‬ ‫وتزدهر به الحياة الرا كدة‪ ،‬هنا سيقول البعض‪ :‬ما المقصود باللمس الشخصية؟ وهل في إمكان‬ ‫كل واحد منا أن تكون له لمسته الخاصة؟!‬ ‫الجواب‪ :‬نعم وبكل تأكيد‪ ،‬وهذه بعض األمثلة الموضحة‪:‬‬ ‫ كل الناس يقولون على مسجالت هواتفهم عبارات قريبة من‪ ":‬أرجو أن تذكر أسمك‬‫ورقم هاتفك وحاجتك" هناك شخص صاحب لمسة شخصية وراقية جدا سجل على‬ ‫جهازه عوضا عن " حاجتك لي"‪ " :‬وحاجتي إليك" إ كراما للمتصل! لله دره‪.‬‬

‫‪31‬‬


‫ما الذي يعنيه هذا الكالم بالنسبة إلى أبنائي وبناتي؟ إنه يعني اآلتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬اللمسة الشخصية تعني تميز صاحبها‪ ،‬وأمتنا في حاجة ماسة للمتميزين‪ ،‬فحاول أن‬ ‫تكون واحدا منهم‪.‬‬ ‫‪ -2‬اللمسات الشخصية أ كثر من أن تحصى وحين يتوفر الصدق واالهتمام فإن كل واحد‬ ‫منا قادر على أن تكون له لمسته الخاصة‪.‬‬ ‫‪ -3‬ترتقي األمة من خالل وجود عدد كبير من أصحاب اللمسات الشخصية‪.‬‬ ‫‪ -4‬بناتي ربما يكن أقدر على إبداع اللمسات الشخصية‪ ،‬ونحن نأمل أن يكن عند حسن‬ ‫الظن‪.‬‬

‫‪32‬‬


‫‪19‬‬ ‫تكمن نقطة البداية في النهوض بالذات واالرتقاء بها في التعرف على نقاط قوتها وضعفها‬ ‫إجابياتها وسلبياتها وإنجازاتها وإخفاقاتها‪ ،‬وأنا أعتقد أن وعي جيلكم بنفسه أفضل من وعي‬ ‫جيلنا والجيل الذي قبله؛ وذلك بسبب انتشار التعليم وبسبب ثورة البث الفضائي المتصاعدة‪،‬‬ ‫السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو‪ :‬إذا كان ا كتشاف الذات على هذه الصورة من التعقيد فما‬ ‫الذي يساعدنا على ذلك؟‬ ‫أقول في هذا الجواب على التساؤل‪ :‬إن لدينا عددا من األمور الجيدة‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫‪ -1‬اسأل صديقا فطنا وناصحا‪ ،‬واسألي صديقة ذكية ومخلصة عن األشياء الجيدة في‬ ‫شخصيتك واألشياء التي هي موضع مالحظة ومؤاخذة‪ ،‬وليلح كل واحد منكما على‬ ‫الصراحة والصدق‪ ،‬وقوما بتسجيل تلك المالحظات والتأمل فيها‪.‬‬ ‫‪ -2‬حاولوا أن تحولوا مشاعركم وانطباعاتكم وأفكاركم إلى شيء يمكن أن يناقش‪ ،‬وذلك‬ ‫من خالل صياغتها في جمل وعبارات واضحة‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫‪ -3‬تأمل في سلوكك اليومي‪ :‬هل تقصر في أدا فريضة؟ إذا وجدت شيئا من ذلك فتوقف‬ ‫فورا‪ ،‬وأعلن التوبة‪ ،‬وافعل شيئا من أجل التقدم والصالح‪.‬‬ ‫‪ -4‬المقارنة وسيلة جيدة لزيادة الوعي الذاتي‪ ،‬انظروا ألصدقائكم أو صديقاتكم‪ ،‬أنظر ما‬ ‫لديهم من إنجازات‪ ،‬وما هم عليه من خير وصالح‪ ،‬يقارن هذه بتلك ليعرف موقعه بين‬ ‫نظرائه‪.‬‬ ‫ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي؟‬ ‫‪ -1‬ال يمنع أحدكم الغرور والعجب من أن يتعامل مع ذاته على أنها شيء غامض‪.‬‬ ‫‪ -2‬تعرفوا على أنفسكم من أجل االرتقاء بها‪ ،‬وليس من أجل جلدها‪.‬‬ ‫‪ -3‬اإلنسان في الرؤية اإلسالمية هو مركز الكون‪ ،‬ولهذا فإن فهم الناس ألنفسهم هو‬ ‫المقدمة الحقيقية لفهم الكون‪.‬‬

‫‪34‬‬


‫‪20‬‬ ‫ال يخفى على أحد ما تحقق للناس من تمدن وتحضر واستقرار وتعليم ورفاهية‪ ،‬مما يستوجب‬ ‫الحمد لله والثناء عليه‪ ،‬لكن من المهم أال تنسى أن لدينا شواهد كثيرة على أن (التوحش) وما‬ ‫يصحبه من ظلم وبغي وجفاء‪ ،‬أشبه بالفيروس الكامن‪ ،‬والذي في إمكانه أن يظهر ويثور في أي‬ ‫وقت‪ ،‬إن هللا تعالى وجهنا غلى شيء عظيم يرسخ فضيلة االحترام حيث قال‪ " :‬وقولوا للناس‬ ‫حسنا “سورة البقرة آية (‪ .)52‬أي كلموهم بالكالم الطيب‪ ،‬وألينوا لهم جانبا‪ ،‬كلما درج الناس في‬ ‫سلم الحضارة توقعوا من بعضهم احتراما أ كبر ولطفا أعظم‪ ،‬ولهذا فإن علينا جميعا أن نكون‬ ‫دقيقين في تعبيراتنا وتصرفاتنا حتى ال يؤذي بعضنا بعضا من غير قصد‪ ،‬القاعدة الذهبية في‬ ‫هذا هي أن نخاطب الناس باألسلوب الذي نحب أن يخاطبونا به‪ ،‬ولو أننا عملنا بهذه القاعدة‬ ‫لتخلصنا من كثير من مشكالتنا االجتماعية‪.‬‬ ‫احذروا يا بناتي وأبنائي من التكبر على اآلخرين وإهمالهم واالستخفاف بهم‪ ،‬وقد أحسن من‬ ‫قال‪ :‬إن المتكبر الصاعد في الجبل يرى الناس صغارا‪ ،‬ويرونه صغيرا! كأني بالمتكبر ينشر‬ ‫معادلة االحتقار المتبادل‪ ،‬على حين أن تعاليم ديننا توجهنا إلى أن ندعم قاعدة االحترام‬

‫‪35‬‬


‫المتبادل وقاعدة االهتمام المشترك‪ .‬ال شك أن في المجتمع من يستحق احتراما خاصا‪ ،‬وعلى‬ ‫رأسهم األبوان والمعلمون وكبار السن‪ ،‬ومن لهم أياد بيضاء في خدمة الناس واإلحسان إليهم‬ ‫وفي خدمة البالد ورفعة شأنها‪.‬‬ ‫ماذا يعني هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬من أراد منكم أن يكون محترما جدا‪ ،‬فليعامل الناس على أساس قيم واحدة؛ ألن‬ ‫الشخص المهذب اللطيف الكريم‪ ،‬ال يستطيع أن يتلون في سلوكه‪ ،‬وال أن يلقى الناس‬ ‫بوجوه متعددة‪.‬‬ ‫‪ -2‬احترام الناس يعني فيما يعنيه احترام اجتهاداتهم واختياراتهم وأذواقهم مادام ذلك في‬ ‫إطار المباح والمشروع‪.‬‬ ‫‪ -3‬حاولوا دائما اختيار الكلمات والجمل المعبرة عن أصالتكم وترفعكم عن الدنايا‪.‬‬ ‫‪ -4‬أعملوا دائما على أال تكونوا مصدر إزعاج ألحد‪ ،‬وأال تفاجئوا أحدا بمكروه‪ ،‬وتعلموا التأنق‬ ‫في التصرف‪.‬‬

‫‪36‬‬


‫‪21‬‬ ‫جاء جميع األنبياء – عليهم الصالة والسالم – بفكرة جوهرية هي (المحدودية)‪:‬‬ ‫محدودية الحياة واإلنسان واألشياء‪ ،‬والحقيقة أن لدينا الكثير من التطبيقات لهذه الفكرة‬ ‫المهمة‪ ،‬وإن تجاهلها يجر على المرء الكثير من المشكالت‪ ،‬إذا كان لكل شيء طاقة على‬ ‫التحمل‪ .‬وهذه الشمعة يا أ عزائي وعزيزاتي مخصصة؛ إلضاءة بعض المفاهيم المهمة في هذا‬ ‫الشأن‪ ،‬وذلك من خالل استعراض األمثلة‪:‬‬ ‫• كثير من الشباب والفتيات لديهم ذكاء ونبوغ جيد‪ ،‬لكنهم لم يحققوا أي تفوق أو نجاح‬ ‫الفت‪ ،‬وذلك كثيرا ما يكون بسبب تمويلهم المبالغ فيه على مواهبهم الفطرية‪ ،‬أي أنهم‬ ‫حملوا ذكاءهم فوق طاقته في رحلة الحصول على التفوق‪ ،‬وقد دلت وقائع كثيرة‪ ،‬تفوق‬ ‫الحصر على أن الذكاء ليس أ كثر من عنصر واحد من العناصر التي يطلبها النجاح‪،‬‬ ‫فهناك العلم والتدريب‪ ،‬والجدية والمثابرة ووضوح األهداف واإلرادة الصلبة‪.‬‬

‫‪37‬‬


‫ماذا يعني هذا بالنسبة ألبنائي وبناتي؟‬ ‫‪ -1‬الحظوا دائما أن لكل شيء حدا يجب التوقف عنده‪ ،‬وكما يقولون‪ :‬إن الشيء إذا تجاوز‬ ‫حده انقلب إلى ضده‪.‬‬ ‫‪ -2‬التوازن هو أجمل شيء في الحياة‪ ،‬وأهم شيء‪.‬‬ ‫‪ -3‬احموا أنفسكم من مبالغات الشباب واندفاعاتهم‪ ،‬والتي تدفع دائما في أتجاه التطرف‬ ‫واالبتعاد عن الوسطية‪.‬‬

‫‪38‬‬


‫‪22‬‬ ‫حين تكون في مقتبل العمر في مرحلة ما قبل النضج يغمرنا اعتقاد بأن السعادة تكون في‬ ‫الصحة والجمال والمال وكل األشياء التي يمكن أن نستحوذ عليها‪ ،‬وحين تنضج وتظهر لنا‬ ‫األمور على حقيقتها نكتشف على سبيل التدرج أن السعادة في العطاء وفي جعل الناس حولنا‬ ‫سعداء‪ .‬إن العطاء الحقيقي ليس عطاء المال‪ ،‬وإنما أشياء أخرى أهم من المال‪ ،‬أتعرفون ما‬ ‫هي يا بناتي وأبنائي؟ إنها أشياء تتصل بالروح والعقل والخبرة والوقت‪:‬‬ ‫ نحن نعطي عطاء حقيقيا حين ندعو بإلحاح ألخ في ظهر الغيب‪.‬‬‫ نحن نعطي عطاء حقيقيا حين نعفو عمن أساء إلينا‪ ،‬وتصبح قلوبنا صافية ونقية‬‫ونحوه‪.‬‬ ‫ نحن نعطي عطاء حقيقيا حين نقبل العذر‪.‬‬‫ نحن نعطي عطاء حقيقيا حين نكون مواطنين صالحين‪.‬‬‫ نحن نعطي عطاء حقيقيا حين نتنازل عن شيء من وقتنا لتقديم خدمة أخوية‪.‬‬‫‪ -‬نحن نعطي عطاء حقيقيا حين نقدم االحترام لمن ال يستحقه‪.‬‬

‫‪39‬‬


‫إن األنبياء لم يكونوا يملكون المال – باستثناء حاالت قليلة – ولم تكن األشياء هي أعظم ما‬ ‫قدموه ألممهم‪ ،‬لكنهم قدموا الرؤية والمنهج واألفكار واألهداف والغايات الكبرى‪ ،‬وعلى هديهم‬ ‫سار كل المصلحين الربانيين على امتداد تاريخ أمة اإلسالم‪.‬‬ ‫ماذا يعني هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬أعملوا كل ما في وسعكم إلسعاد من حولكم‪ ،‬فذلك قمة العطاء‪.‬‬ ‫‪ -2‬حين تقدم لمسلم خدمة بإخالص‪ ،‬فإننا في الحقيقة نقدمها ألنفسنا‪.‬‬ ‫‪ -3‬ال تخافوا نجاح زمالئكم‪ ،‬فهو نجاح لألمة‪ ،‬وأنتم جزء منها‪.‬‬ ‫‪ -4‬التبسم وحسن االستقبال والتعاطف واالهتمام والمودة من أ كثر ما يحتاج إليه الناس‪،‬‬ ‫وهو أ كثر ما ينبغي أن نجود به‪.‬‬

‫‪40‬‬


‫‪23‬‬ ‫نحن في هذا الكون نمضي في إطار سنن ربانية ثابتة‪ ،‬ومن تلك السنن أننا ال نستطيع أن نضمن‬ ‫نتائج محاوالتنا واجتهاداتنا على نحو دائم وكلما كان ما نسعى إلى الحصول عليه كبيرا كانت‬ ‫حساباتنا أقل دقة وكان حجم المخاطرة أ كبر‪.‬‬ ‫شيء جيد يا بناتي وأبنائي أن تفهموا هذه الحقيقة وأن تتعاملوا معها كما هي‪ .‬ديننا الحنيف‬ ‫يدعونا أحيانا إلى أن تكون مطالبنا كبيرة وأال نرضى بالقليل وأن يكون لدينا نوع من المخاطر‬ ‫المحسوبة؛ ألن الذين ال يخاطرون قد ال يربحون وإذا ربحوا فإن أرباحهم تكون قليلة‪ .‬نالحظ أن‬ ‫هللا تعالى أحل التجارة وحرم الربا فالتجارة تشتمل على نوع من المخاطرة‪ ،‬لكن الربح فيها واسع‬ ‫وغير محدود‪ .‬أما الربا فإنه يخلو في العادة من المخاطرة‪ ،‬لكن الربح فيه دائما محدود وقليل‬ ‫نسبيا‪ .‬إذا كان اإلخفاق واليأس شيئا متوقعا فكيف ينبغي أن يتعامل أبناؤنا وبناتنا مع ذلك؟‬

‫‪41‬‬


‫لعلي ألخص الجواب في المفردات التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬انظروا إلى اإلخفاق على أنه شيء طبيعي في الحياة أبذلوا جهودكم ولتعلموا بأنه ال‬ ‫يوجد نجاح إال عبر الكثير من المحاوالت وأن داخل كل إنسان إمكانات هائلة‪ ،‬لن‬ ‫تتعلموا إال بالمرور بالكثير من التجارب هذه التجارب هي التي ستخبركم بأن النجاح‬ ‫يحتاج إلى إرادة وإصرار ولن يحصل عليه إنسان يائس كسول‪.‬‬ ‫‪ -2‬علينا أن نعود أنفسنا الرضا بالقضاء والقدر‪ ،‬ونحن البشر قصير والنظر محدودو الرؤية‪،‬‬ ‫قد نتعلق بالشيء ثم يتبين لنا أنه يشكل خطورة كبيرة أو يتبين أنه شيء تافه وتذكروا‬ ‫يا بناتي وأبنائي قول هللا عز وجل "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن‬ ‫تحبوا شيئا وهو شر لكم وهللا يعلم وأنتم ال تعلمون "‬ ‫علينا أن نأخذ باألسباب ونفعل أفضل ما يمكن فعله ثم نتقبل نتائجه بروح صافية ونفس هادئة‬ ‫وراضية‪.‬‬

‫‪42‬‬


‫‪ -3‬نحن ال نستطيع في معظم األحيان أن نتحكم باألحداث ألنها أ كبر منا‪ ،‬ولكننا نستطيع‬ ‫أن نتحكم في ردود أفعالنا عليها وهذا شيء يستحق االنتباه؛ ألن الذي يؤثر علينا ليس‬ ‫ما يحدث وإنما اآلثار التي يتركها في نفوسنا من يأس وقنوط‪ .‬فهنا علينا أال نرضخ لحيز‬ ‫الحزن واليأس بل علينا أن نخرج ونسلك طريق حسن الظن بالله والتفاؤل‪.‬‬ ‫‪ -4‬حاولوا بعد كل فشل أو سقوط أن تنهضوا بشكل أقوى واجعلوا اإلخفاق يشكل وقودا‬ ‫روحيا للوقوف من جديد‪.‬‬ ‫‪ -5‬تعلموا من اإلخفاق ومن تاريخكم الشخصي ومن تجارب االخرين أعظم الدروس‪ ،‬حتى‬ ‫تمضوا في حياتكم واثقين مطمئنين‪.‬‬

‫‪43‬‬


‫‪24‬‬ ‫يسمع أبنائي كثيرين يتحدثون عن أن السعادة تنبع من الداخل‪ .‬وبعض أعزائي يشككون في هذا‪،‬‬ ‫ويقولون‪ :‬أين كل ما تتحدث عنه الدعاية التجارية من متعة المال والمنصب الرفيع والسياحة‬ ‫والسفر واللهو ‪ ...‬هل هذه أشياء داخلية؟ أم أنكم تريدون إيجاد شيء لتعزية المفلسين‬ ‫والمحرومين؟ الجواب‪ :‬ال‬ ‫من المهم أن نفرق بين السعادة واللذة‪ .‬اللذة فعال تأتي في الغالب من وراء تناول شيء أو لمس‬ ‫شيء أو النظر إلى شيء محسوس‪ ،‬وهي تتصف بكونها عابرة ومؤقتة‪ ،‬فالتلذذ بالطعام والشراب‬ ‫مثال شيء مؤقت فإذا انصرفنا عنه إلى شيء آخر‪ ،‬انتهت اللذة وصارت ذكرى‪ .‬وإذا كان التلذذ‬ ‫بشيء محرم‪ ،‬فإن المتلذذ يشعر بشيء من العتمة الروحية‪ ،‬وشيء من اللوم والندم؛ ألنه يشعر‬ ‫بأنه قد عصى هللا وأنه كان ضعيفا أمام رغباته‪.‬‬ ‫أما السعادة يا أبنائي وبناتي‪ ،‬فإنها ليست شيئا عابرا‪ ،‬إنها قمة السرور واالنشراح‪ ،‬والرضا‬ ‫والطمأنينة‪ ،‬وشعور المرء أنه على الطريق الصحيح وأنه في المكان الصحيح والموقف الصحيح‬ ‫والعالقة الصحيحة‪ ،‬باختصار إنه الشعور الذي ينشأ من اعتقاد المرء أنه يعيش وفق مبادئه‬

‫‪44‬‬


‫وقيمه وقناعاته ‪ ,‬ولهذا كان أهل اإليمان والصالح أسعد الناس وأشدهم شعورا بالطمأنينة و‬ ‫األمان ‪ ,‬كما قال تعالى ‪ ( :‬من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة و‬ ‫لنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) ‪ .‬إذا أردنا ذكر بعض التفاصيل‪ ،‬فيمكن أن نقول‪ :‬أننا‬ ‫نشعر بالسعادة‪:‬‬ ‫• حين نتذلل بين يدي الرب الكريم الرحيم‪ ،‬وحين نناجيه ونطلب منه ونشكو إليه‪.‬‬ ‫• حين ننتصر على أهوائنا‪ ،‬ونصمد في وجه المغريات‪.‬‬ ‫• حين نساعد غيرنا‪ ،‬فالسعادة مثل (العطر) ال تستطيع أن ترش منه على اآلخرين دون‬ ‫أن يمسك منه شيء‪.‬‬ ‫• حين تغتني عقولنا باألفكار العظيمة‪ ،‬وحين نكشف روعة التعبيرات الجميلة‪.‬‬ ‫• حين ننجز عمال كبيرا‪ ،‬وتمتلئ قلوبنا بالرضا عما أنجزناه‪.‬‬ ‫• حين نتفاعل مع الجمال الذي بثه هللا في الكون‪ ،‬فنطرب البتسامة طفل ورسالة من‬ ‫صديق عزيز وتغريد بلبل ووهج نور يتسلل إلينا من النافذة‪.‬‬

‫‪45‬‬


‫ما الذي يعنيه هذا بالنسبة ألبنائي وبناتي؟ إنه يعني اآلتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬أن تبحثوا عن المسرات الدائمة من خالل عمل الصالحات والوجود حيث يجب أن‬ ‫تكونوا موجودين‪.‬‬ ‫‪ -2‬البطالة والعطالة والكسل والفوضى مصدر من مصادر التعاسة‪ ،‬فتخلصوا منها إذا‬ ‫أردتم أن تكونوا سعداء‪.‬‬ ‫‪ -3‬دربوا أنفسكم على أن يكون فرحكم جماعيا من خالل إدخال السرور على األهل‬ ‫واألصدقاء والزمالء وهذا من أعظم أبواب التقرب إلى هللا تعالى‪.‬‬ ‫‪ -4‬الرضا والقناعة فإنهما مصادر السرور والسعادة‪.‬‬

‫‪46‬‬


‫‪25‬‬ ‫الحياة اليوم أشبه بصحراء ملتهبة والصديق المخلص فيها هو النسمة العليلة والظل الظليل‬ ‫وقطرة الندى الباردة‪ ،‬فهو العافية للبدن‪ ،‬والضياء للعين والصوت الجميل لألذن‪ ..‬فما سمات‬ ‫الصديق الجيد‪ ،‬وكيف يكون المرء صديقا جيدا ولماذا الشكوى المريرة عبر التاريخ من قلة‬ ‫األصدقاء؟ هذا ما سأوضحه لبناتي وأبنائي عبر السطور اآلتية‪:‬‬ ‫▪ إن أول خطوة في اختيار الصديق أن يكون صالحا ينتفع المرء بصحبته ويقتبس من‬ ‫أخالقه وقد قال صلى هللا عليه وسلم "إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء‬ ‫كحامل المسك إما أن يحاذيك – أي يعطيك – وإما أن تجد منه ريحا طيبة ‪ ،‬ونافخ‬ ‫الكير إما أن يحرق ثيابك ‪ ،‬وإما أن تجد منه ريحا خبيثة " الحذر من رفقاء السوء ‪ ،‬ومن‬ ‫ال همة لهم وال طموح ؛ ألن تأثير الصديق السيئ أخطر بكثير مما تظنون ‪.‬ال تنظروا إلى‬ ‫الصديق على أنه مصدر للنفع ولكن انظروا إليه على أنه مصدر لألنس والهداية والثواب‬ ‫من هللا تعالى ‪ ،‬وأي شيء أعظم من أن يقول هللا تعالى يوم القيامة كما في الحديث‬ ‫القدسي ‪ ":‬أين المتحابون بجاللي اليوم أظلهم بظلي يوم ال ظل إال ظلي "‪ .‬إن الذين‬

‫‪47‬‬


‫يصلحون ألن يكونوا أصدقاء من الدرجة الممتازة هم دائما قليلون وقليلون جدا وذلك‬ ‫لعدد كبير من األسباب ولهذا يروى عن عمر – رضي هللا عنه – أنه قال‪ :‬إذا أصاب‬ ‫أحدكم ودا من أخيه فليتمسك به فقلما يصيب ذلك‪ .‬وأحيانا ال يعثر المرء على صديق‬ ‫ممتاز؛ ألنه هو أصال ليس شخصا ممتازاُ‪ .‬وفي أحيان كثيرة يكون القيام بأعباء الصداقة‬ ‫الحقيقية متعذرا ُ على بعض الناس فيعمدون الى تقليص عدد أصدقائهم‪.‬‬ ‫▪ اشعروا أصدقائكم أن يطلبوا منكم المعونة دون أي حرج ومن غير أن يخافوا من ألمن‬ ‫وأشعروهم أن ما يسرون به إليكم يظل سرا مصونا حتى لو ساءت العالقة بينكم‪.‬‬ ‫▪ غضوا الطرف عن هفوات األصدقاء‪ ،‬واستروا العيوب‪ ،‬وقللوا اللوم‪.‬‬ ‫يقول أحد الشعراء‪:‬‬ ‫واني لمحتاج إلى ظل صاحب‬

‫يروق ويصفو إن كدرت عليه‬

‫▪ من حق الصديق علينا أن ننصحه سراُ‪ ،‬وأن نثني عليه أمام اآلخرين وأن نحمل كالمه‬ ‫على أجمل المحامل ونقبل اعتذاره‪....‬‬

‫‪48‬‬


‫▪ كونوا أصدقاء جيدين وال تطلبوا من أصدقائكم أن يكونوا كذلك فانتظار المكافأة إخالل‬ ‫بمعنى الصداقة‪.‬‬ ‫▪ أخيرا أقول لكم يا بناتي وأبنائي‪ :‬أن هذه ليست أعباء وال تكاليف ثقيلة وأنتم ستأخذون‬ ‫ممن صادقتموهم مثل ما تعطونهم وستنعمون بلفتاتهم الجميلة مثلما ينعمون‬ ‫بلفتاتكم‪.‬‬

‫‪49‬‬


‫‪26‬‬ ‫أنتم يا بناتي وأبنائي تجسدون بإذن هللا مستقبل هذه األمة وإن أمة اإلسالم تسعى إلى استعادة‬ ‫دورها اإلرشادي وإلى استعادة مكانتها بين األمم‪ ،‬ولهذا فإنها في حاجة إلى جيل جديد متشبع‬ ‫بآداب اإلسالم ومفعم باآلمال قادر على العطاء وصابر على طول الطريق وليس لطموحاته‬ ‫حدود‪....‬‬ ‫جددوا النية وأسعوا في مرضاة هللا فالنية الصالحة تجعل األعمال الصغيرة كبيرة‪ ،‬والنية السيئة‬ ‫تحول االعمال الكبيرة الى صغيرة‪ .‬حين يتأكد الواحد منكم أنه يسير في الطريق الصحيح فإن عليه‬ ‫أال يرضى بالقليل‪ ،‬ولو أنكم عرفتم اآلمال العريضة والطموحات الكبرى التي كان يحملها عظماء‬ ‫هذه األمة ألدركتم كيف تم تشييد الحضارة اإلسالمية‪ .‬يقول ابن القيم‪ :‬علو الهمة من عالمة كمال‬ ‫العقل وإن الراضي بالدون دنيء‪.‬‬ ‫أصموا يا بناتي وأبنائي آذانكم عمن يقول‪ :‬ليس في اإلمكان أن أبدع مهما كان‪ .‬وعمن يقول‪ :‬ما ترك‬ ‫األول لآلخر شيئا‪ .‬فالساحة مليئة بالفرص العظيمة التي لم تكن موجودة من قبل‪.‬‬

‫‪50‬‬


‫فالتجربة تدلنا على أن الوقت يتبدد سدى إذا لم نضغط عليه بآمال مستقبلية‪ .‬وأن طاقاتكم‬ ‫الكامنة وإمكاناتكم الهاجعة ستظل معطلة ومهمشة إذا لم تبعثوها وتستفزوها من خالل‬ ‫األهداف الكبرى والمتألقة‪.‬‬ ‫ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي؟ إنه يعني االتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬حرروا أنفسكم باستمرار من اإلحباط واليأس‪ ،‬وكونوا صما وعميا عن كل أولئك الذين‬ ‫يزرعون فيكم الخوف‪ ،‬ويشدونكم نحو الخوف‪.‬‬ ‫أحلموا بالحصول على األشياء في إطار مبادئكم وتعاليم دينكم‪ ،‬وأطلقوا العنان ألخيلتكم‪ ،‬ثم‬ ‫فكروا في السبل التي يمكن أن تسلكوها لبلوغ ما تحلمون به‪ .‬يقول أحد الحكماء‪ :‬ليس‬ ‫الشباب بسواد الشعر وال بنضارة البشرة‪ ،‬وإنما الشباب باالرتقاء المستمر على مستوى العقل‬ ‫والروح وعلى مستوى الطموحات والتطلعات‪.‬‬ ‫‪ -2‬ا كسروا رهبة الخطوة األولى‪ ،‬وانتقلوا من التنظير والتخطيط إلى العمل والتنفيذ‪.‬‬

‫‪51‬‬


‫‪ -3‬عودوا أنفسكم النهوض بعد كل كبوة واالنطالق بعد كل عثرة‪ ،‬فطريق المجد مملوء‬ ‫باألشواك واألحجار‪.‬‬ ‫‪ -4‬هموم الكبار وتطلعاتهم كبيرة وهموم الصغار صغيرة‪ ،‬وبعض الناس يملكون كل‬ ‫مقومات العظمة‪ ،‬لكنهم لم يصبحوا عظماء ال لشيء‪ ،‬سوى أن اهتماماتهم تافهة !‪.‬‬

‫‪52‬‬


‫‪27‬‬ ‫نحن البشر ضعفاء مهما بلغنا من القوة‪ ،‬وفقراء إلى هللا مهما بلغنا من الغنى‪ ،‬وعلينا أن نتصرف‬ ‫دائما في إطار هذه المفاهيم‪ ،‬وإني أحب أن أهمس في آذانكم بنصيحة غالية‪ ،‬ال تقدر بثمن‪ ،‬وهي أن‬ ‫يحرص كل واحد منكم على أن يكون لديه عمل خيري مميز شخصي وخاص بينه وبين هللا‬ ‫تعالى‪ ،‬يرجو ثوابه‪ ،‬ويدخر ألوقات ألمحن والشدائد‪ ،‬فيسأل هللا به‪ .‬تعرفون خبر أولئك الثالثة‬ ‫الذين أووا إلى غار‪ ،‬فاندحرت صخرة من الجبل‪ ،‬فسدت فم الغار‪ ،‬وقد أدركوا أن هذا األمر من هللا‪،‬‬ ‫وأنهم لن يخرجوا إال بمعونة هللا‪ ،‬فأخذوا يسألون هللا بأفضل أعمالهم‪ ،‬وكانت أعماال مميزة‬ ‫وعظيمة‪ ،‬وقد كانت النتيجة أن هللا فرج عنهم‪ ،‬وخرجوا سالمين‪ .‬وتعرفون يا أبنائي وبناتي خبر‬ ‫ذلك الرجل الذي يعمل في التجارة‪ ،‬فإذا رأى معسرا عاجزا عن سداد ديونه له‪ ،‬قال لموظفيه‪:‬‬ ‫اتركوا ذلك الرجل‪ ،‬وال تطالبوه بشيء‪ ،‬لعل هللا يتجاوز عني‪ ،‬فتجاوز هللا عنه وغفر له‪ .‬إذا العمل‬ ‫المميز هو عبارة عن رصيد احتياطي نسحب منه عند الحاجة‪ ،‬وحري بكل واحد منا أن يحرص‬ ‫على ذلك كل الحرص‪ .‬وإن خير ما يمكن أن تقدموه ألهلكم وبالدكم هي المبادرات العظيمة‬ ‫والنماذج السلوكية الرفيعة‪ ،‬فاألمم ال ترتقي عن طريق األفكار المجردة‪ ،‬وإنما عن طريق الصور‬

‫‪53‬‬


‫والنماذج والقدرات‪ ،‬فالذي يقدم نماذج رفيعة أ كثر يكون حبه لوطنه أ كبر‪ .‬وهذه بعض األمثلة‬ ‫التي توضح الفكرة‪:‬‬ ‫• هذه فتاة ترعى أرملة في حيها‪ ،‬ليس لها أحد يقضي حوائجها‪ ،‬فتخدمها‪ ،‬وتساعدها‬ ‫وتؤنسها‪ ،‬وتمنحها بعض المال عند الحاجة‪.‬‬ ‫• شباب وفتيان يستيقظون يوميا ُ قبل الفجر بساعة أو نصف ساعة‪ ،‬ليستغفرو ويصلوا‬ ‫ويوقظوا أهلهم إلى صالة الفجر‪.‬‬ ‫• هذا شاب يلتزم بصدقة يومية قليلة‪ ،‬لكنها مستمرة‪.‬‬ ‫• هذه فتاة أخذت على نفسها عهدا بقول الحق والصدق في كالمها مهما كانت الظروف‪.‬‬ ‫• هذه فتاة تقدم نموذجا نادرا في بر الوالدين والشفقة عليهم‪.‬‬ ‫ماذا يعني هذا بالنسبة ألبنائي وبناتي؟ إنه يعني اآلتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬ال تتمحوروا أبدا حول حسب أو نسب أو منصب أو مال‪ ،‬ليكن اهتمامكم دائما ُ حول‬ ‫المبادئ التي تؤمنون بها واألعمال العظيمة التي تؤدونها‪.‬‬

‫‪54‬‬


‫‪ -2‬أحرصوا على إخفاء حسناتكم كما تحرصون على إخفاء عيوبكم‪.‬‬ ‫‪ -3‬أبدعوا في البحث عن العمل المميز الذي يمكن أن تقوموا به‪ ،‬حتى يغتني المجتمع‬ ‫بألوان السمو الخلقي والسلوكي‪.‬‬

‫‪55‬‬


‫‪28‬‬ ‫حتى يتم إنجاز عمل من األعمال فنحن بحاجة إلى أمرين‪ :‬إرادة وقدرة‪ .‬وإذا تساءلنا‪ :‬يهما أهم‬ ‫لنجاح األعمال؟ فسأقول بدون تردد‪ :‬اإلرادة أهم‪ .‬لماذا؟ ألن اإلنسان حين يريد الحصول على‬ ‫شيء فإن إرادته تدفعه في توفير أسبابه وأدواته‪ ،‬تماما مثل الجائع الذي ال يملك قوت يومه‪ ،‬فإن‬ ‫رغبته الشديدة في الطعام وإرادته القوية في الحصول عليه سوف يدفعانه في اتجاه البحث الحثيث‬ ‫عنه واختراع ألف حيلة وحيلة من أجل ذلك‪ .‬مع اإلرادة القوية يمكن أن يحصل العاجز على قدرة‬ ‫ما‪ ،‬يتعلم الجاهل شيئا مما يحتاج إليه ويمكن اختراع شيء عظيم من شيء تافه‪ ،‬لكن إذا فقدت‬ ‫اإلرادة‪ ،‬فلن يكون لدينا أي شيء‪ .‬وأود هنا أن أشير إلى ثالث نقاط مهمة‪:‬‬ ‫• إذا تأملتم أعزائي في التفاوت الماثل بين البشر على صعيد االستقامة والفالح واإلنجاز‬ ‫فإنكم ستجدون أنه متولد _ على نحو جوهري _ من تفاوت اإلرادات والعزائم‪ ،‬وليس‬ ‫من تفاوت القدرات‪ .‬الشاب (محمود) قادر على أن يقرأ كل يوم ساعة‪ ،‬وقادر على‬ ‫الذهاب إلى المسجد خمسة أوقات في اليوم‪ ،‬لكنه ال يفعل شيئا من ذلك‪ ،‬على حين أن‬ ‫الشاب (أحمد) يفعل كل ذلك يوميا؛ ألنه يملك إلى جانب القدرة اإلرادة وهكذا ‪...‬‬

‫‪56‬‬


‫• إن من رحمة هللا تعالى بنا أبنائي وبناتي أن تقوية اإلرادة _ والتي تشكل شيئا حاسما في‬ ‫تقدمنا _ ممكنة دائما ولكل البشر‪ ،‬فهي من هدايا الرحمن لنا عامة وللفقراء والضعفاء‬ ‫خاصة‪ .‬أما تنمية القدرات فإنها غير متيسرة لكثير من الناس بسبب سوء ظروفهم‪.‬‬ ‫ولهذا فإن إعراض كثير من الشباب وقعودهم عن طلب المعالي يعد شيئا ال مسوغ له‪.‬‬ ‫• كثيرا ما نخلط بين القدرة واإلرادة‪ ،‬فنقول ‪ :‬إننا ال نستطيع فعل كذا وكذا ‪ ،‬والحقيقة أننا‬ ‫ال نريده ‪ ،‬ولكن نستحي من أن نقول‪ :‬ال نريد ‪ ،‬فنقول ‪:‬ال نستطيع ‪ .‬حين تخلف‬ ‫المنافقين عن غزوة تبوك اعتذروا بعدم االستطاعة حيث قالوا _ كما أخبر هللا عنهم _‬ ‫" وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم وهللا يعلم إنهم لكاذبون"‪.‬‬ ‫ثم أخبر هللا سبحانه وتعالى أن المسألة ليست مسألة قدرة‪ ،‬وإنما مسألة إرادة‪ ،‬يقول‬ ‫تعالى‪ " :‬ولو أرادوا الخروج ألعدوا له عدة " تعالوا يا أبنائي وبناتي حتى يتأمل كل واحد منا‬ ‫في أوضاعه وشؤونه ليرى هل مشكلة تقصيره تعود إلى ضعف إرادته أو ضعف قدرته‪ ،‬وأنا‬ ‫واثق أن النظر الموضوعي العميق سينتهي بنا إلى االعتقاد بأن معظم قصورنا يعود إلى‬ ‫ترهل إراداتنا‪ .‬السؤال الذي من حقكم طرحه اآلن هو‪ :‬ما السبيل إلى تقوية اإلرادة؟‬ ‫والجواب يتلخص على نحو موجز في اآلتي‪:‬‬

‫‪57‬‬


‫‪ -1‬نحن في حاجة ماسة إلى معونة هللا كي ننتصر على أنفسنا وشهواتنا وعاداتنا السيئة‪،‬‬ ‫وإن خير ما نستنزل به تلك المعونة هو مجاهدة النفس‪ ،‬يقول هللا عز وجل‪ ":‬والذين‬ ‫جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا “‪ .‬كل الحلول من غير مجاهدة للنفس هي حلول غير‬ ‫صالحة وغير مجدية‪.‬‬ ‫‪ -2‬لنردد داخل أنفسنا العبارات الدالة على قوة اإلرادة مثل‪ :‬أنا أحب الخير لفالن‪ ،‬أنا عازم‬ ‫على مساعدته‪ .‬أنا مصمم على أداء صالة الفجر في المسجد _ وهذا سيكون بإذن هللا‬ ‫تعالى‪ ،‬إرادتي ليست ضعيفة بل قوية وقوية جدا ‪...‬‬ ‫‪ -3‬ألبد لتقوية (اإلرادة) بالتدرج‪ ،‬من خالل إلزام النفس بتنفيذ أشياء صغيرة ومحدودة‪ ،‬ثم‬ ‫إضافة أشياء صغيرة أخرى مثال إذا لم يكن أحدكم يقرأ في اليوم أي شيء ‪ ،‬فليلزم‬ ‫نفسه بالقراءة عشرين دقيقة كل يوم مدة سنة ‪ ،‬وفي السنة الثانية يلزم نفسه بقراءة‬ ‫أربعين دقيقة كل يوم وهكذا ‪...‬‬ ‫‪ -4‬حاول أن تحرم نفسك من بعض األشياء التي تحبها في سبيل إثبات وجودك أمامها‪،‬‬ ‫فإذا حدثتك نفسك بترك العمل لتشرب كأسا من الشاي أو العصير‪ ،‬أو حدثتك‬

‫‪58‬‬


‫ملح‪ ،‬وال حاجة بك إليه‪ ،‬فارفض طلبها‬ ‫بالخروج من المسجد مسرعا لتشتري شيئا غير‬ ‫ٍ‬ ‫قطعيا‪ ،‬وذلك حتى تشعر بأنك تستطيع السيطرة فعال على نفسك‪.‬‬ ‫‪ -5‬حاول كلما تخلصت من عادة سيئة أو شيء محرم أن تحل محله عادة حسنة‪ ،‬أو شيئا‬ ‫نافعا‪ ،‬فإذا كنت من الشكوى للناس فتخلص من ذلك‪ ،‬وأحل محله الثناء على هللا على‬ ‫نحو مكثف في سرك وعالنيتك‪.‬‬ ‫‪ -6‬صاحب أشخاصا معروفين بصالبة اإلرادة وقوة العزيمة‪ ،‬فإنك تقتبس من أرواحهم‬ ‫وعزائمهم دون أن تشعر‪ ،‬وحاول أن تتعلم منهم كيفية مقاومة الرغبات‪.‬‬

‫‪59‬‬


‫‪29‬‬ ‫بناتي العزيزات أبنائي األعزاء‪ ،‬هل تريدون لعقولكم أن تصبح منفتحة‪ ،‬وهل تريدون لرؤيتكم‬ ‫لألشياء أن تصبح واضحة‪ ،‬وهل تريدون االطالع على حكمة عصور بأكملها؟ ‪ ..‬إذا كنتم تريدون‬ ‫ذلك وأ كثر منه‪ ،‬فعليكم بالقراءة‪ .‬نصيحتي لكم ‪ :‬ال تخطفكم وسائل اإلعالم من الكتاب ‪,‬وعليكم‬ ‫أن تدركوا أن مصداقية ما نقروه ونطلع عليه أعلى من مصداقية ما نسمعه ‪،‬وأن قراءة كتاب قد‬ ‫تكون في بعض األحيان أنفع لكم من مجالسة صاحبه ‪،‬وال أريد شرح هذه اآلن ‪،‬لكن أقول لكم‬ ‫‪:‬ابذلوا جهدا في اختيار الكتاب المالئم لكم فعال ‪ ،‬وإذا ُ‬ ‫خ ٍير أحدكم بين كتاب سهل سلس ‪،‬‬ ‫يستوعبه قارئه من غير مشقة وبين كتاب فيه شيء من الصعوبة ‪ ،‬وتحتاج قراءته إلى شيء من‬ ‫التركيز واألناة ‪ ،‬فال يتردد في اختيار الثاني ‪ ،‬وهذا ما أفعله أنا شخصيا في اختياري للكتب ‪ ،‬لماذا‬ ‫نفعل ذلك ؟ألننا نريد من الكتاب أن يرتقي بنا في عالم المعرفة ‪ ،‬وال يمكنه االرتقاء بنا إال إذا كان‬ ‫أعلى من مستوانا قليال‪ .‬ال تفرحوا يا بناتي وأبنائي بقراءة الكتب السهلة؛ ألن المرء حين يقرأ ال يفهم‬ ‫إال ما يعرف‪ ،‬فإذا فهمتم ما تقرؤونه‪ ،‬فهذا يعني أنكم تعرفونه‪ ،‬ويكون دور الكتاب هو التذكير‬ ‫ليس أ كثر‪.‬‬

‫‪60‬‬


‫أحرصوا على قراءة الكتاب بطريقة جيدة‪ ،‬أحرثوه حرثا‪ ،‬وضعوا خطوطا تحت العبارات المهمة‪ ،‬أو‬ ‫انقلوها إلى أوراقكم‪ ،‬حاولوا استنفاد كل ما في الكتاب‪ ،‬وفكروا فيما تقرؤونه؛ ألنه ال يصبح ملكا‬ ‫لكم إال من خالل التفكير فيه‪ .‬نحن ال نشكو من ندرة الكتب الممتازة‪ ،‬وإنما نشكو من ندرة القراء‬ ‫المتميزين‪ ،‬وإن القارئ الجيد ليس هو الذي يقرأ كتبا ُ كثيرة‪ ،‬ولكنه إذا قرأ كتابا ُ قرأه بطريقة جيدة‪.‬‬ ‫إن الواحد منكم أيها األعزاء إذا قرأ كل يوم ربع ساعة‪ ،‬فإنه يضمن لنفسه قراءة عشرين كتابا‬ ‫متوسطا في العام‪ ،‬وهذا ليس بالقليل‪ .‬وإن الواحد منكم لو قرأ في علم من العلوم كل يوم نصف‬ ‫ساعة‪ ،‬فإنه يصبح بعد خمس سنوات أستاذا في ذلك العلم‪.‬‬ ‫ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى بناتي وأبنائي؟ إنه يعني اآلتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬اقتطعوا جزءا من مصروفكم الشهري من أجل شراء الكتب وبناء مكتبة صغيرة في‬ ‫المنزل‪.‬‬ ‫‪ -2‬مطلوب من كل واحد منكم أن يخصص ساعة من كل يوم على األقل للقراءة المدققة‬ ‫والمتأنية‪.‬‬

‫‪61‬‬


‫‪ -3‬اقرؤوا للمبدعين والكتاب الجيدين حتى تحصلوا على أ كبر قدر ممكن من المعرفة‬ ‫الموثوقة والجديدة‪.‬‬ ‫‪ -4‬إذا نظم اإلنسان وقته على نحو جيد‪ ،‬فإنه سيجد لديه فراغا كبيرا يملوه بالقراءة‬ ‫واالطالع‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫‪62‬‬


‫‪31‬‬ ‫الدماغ البشري أعظم ما وهبه هللا لإلنسان‪ ،‬ولكن األشخاص يستفيدون منه بنسبة قليلة تصل‬ ‫إلى ‪ ٪1‬فقط من العقل البشري‪.‬‬ ‫ومن هنا نقول إن التفكير هو أرقى الفنون ألنه يحدد اتجاهنا ويكشف عيوبنا ونستطيع ان نبدع‬ ‫ونخترع‪.‬‬ ‫من األسباب التي جعلتنا نهمل التفكير هو عدم ممارسته من الصغر‪.‬‬ ‫وهذه بعض المالحظات المضيئة لممارسة التفكير‪:‬‬ ‫‪ -1‬إن عقولنا تعمل على معلومات مخزنة بها سابقا‪ ،‬فإن كانت المعلومات جيدة‪،‬‬ ‫فستصبح تصرفاتنا صحيحة‪ ،‬ولو كانت المعلومات مشوه وكاذبة فستصبح تصرفاتنا‬ ‫خاطئة‬ ‫فدائما قبل دخول اي معلومة إلى عقولنا يجب التفكير هل هي صائبة أم ال فالمعلومة يجب ان‬ ‫نمارس عليها المالحظة والتحليل والنقد وعن وجود العالقات واالرتباطات بين األشياء‪.‬‬ ‫‪ -2‬القيام بعملية العصف الذهني قبل اإلقدام على قرارة مهمة مثل الزواج‪ ،‬الدراسة‪،‬‬ ‫انتقال السكن‪ ..‬إلخ‪.‬‬ ‫‪63‬‬


‫ومشاركة الزمالء في اتخاذ القرار‪ ،‬وعدم نقد األقوال التي تطرح اثناء عملية العصف الذهني‪،‬‬ ‫ويجب ان تكون جميع األفكار مقبولة مهما كانت تافهة‪.‬‬ ‫‪ -3‬ألتمحص والتفكير والمشاورة في القرارات الكبيرة والقضايا المصيرية وعدم التعجل‪،‬‬ ‫والقيام بالدراسة الكافية قبل اتخاذ القرار‪.‬‬ ‫‪ -4‬استخدام المنطق والبراهين والتجارب‪.‬‬ ‫‪ -5‬فكروا فيما تقرؤونه ومناقشة الكاتب في بعض ما كتبه‪ ،‬فالكاتب بشر يخطي ويصيب‪.‬‬

‫‪64‬‬


‫‪32‬‬ ‫أرسل نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم رحمة للعالمين‪ ،‬وعلى كل مسلم االقتداء بنبينا محمد‬ ‫صلى هللا عليه وسلم ويجعله أسوة حسنة‪ .‬إن العولمة اليوم تنشر روح القوة وأخالقيات‬ ‫السيطرة والمنافسة وتدعوا أن نكون من األقوياء‪ ،‬ولكن يجب أال تنسينا الضعفاء والرحمة‬ ‫واإلحساس بهم‪ .‬فالرحمة تتصل بالبذل والعطاء واالحسان‪ ،‬والقوة تتصل باألخذ واالستحواذ‬ ‫هللا عليه وسلم " "‪ .‬وهذه‬ ‫والغلبة والسيطرة‪ ..‬ويجب التفريق بينهما‪ .‬وقد قال رسول هللا صلى ه‬ ‫نصائح وإرشادات حتى نتحلى بالرحمة ونجعلها فوق قوتنا‪:‬‬ ‫‪ -1‬الحذر من التكبر والغرور بالقوة والثروة‪.‬‬ ‫‪ -2‬التجاوب مع المشاعر الحزينة والتأثر بفواجع المسلمين‬ ‫‪ -3‬رحمة الخدم وغض الطرف عن هفواتهم‪.‬‬ ‫‪ -4‬عدم التشمت بالعصاة والدعاء لهم‪ ،‬واألخذ بأيديهم إلى طريق الهداية‪.‬‬ ‫‪ -5‬أحق الخلق بالرحمة والمغفرة هي أنفسنا‪ ،‬فعلينا أن نرحمها وان ال نمارس الجلد الذاتي‬ ‫لها بسبب وبغير سبب‪ .‬فعلى اإلنسان حمد لله دائما‪ ،‬وتشجيع نفسه والتفاؤل تارة‬ ‫ولوم نفسه تارة أخرى‪.‬‬ ‫‪65‬‬


‫‪33‬‬ ‫إن حاجة اإلنسان إلى األمن كحاجته إلى الطعام والشراب‪ ،‬فكيف على اإلنسان طرد الخوف‬ ‫والقلق المزعج الذي يصيبه دائما‪:‬‬ ‫أوال ً‪ :‬باإليمان والعمل الصالح " إن اللذين قالوا ربنا"‪.‬‬ ‫وعلى العكس فعل السيئات يؤدي إلى سلب اإليمان وجلب الخوف " وضرب هللا مثال "‪..‬‬ ‫وهناك أمور يجب فعلها حتى نتخلص من الخوف‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الخوف من الهزيمة واإلخفاقات أمر جيد ولكن يجب أال يصل إلى مرحلة الهم المؤذية‬ ‫ثالثا‪ :‬لنعلم أن الحياة الدنيا ليست دار راحة‪ ،‬وأن فيها المسرات والمكدرات‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬التذكر بأنه على قدر الشدة والبالء يكون العطاء‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬االبتعاد عن الكذب والغش والتقصير‪ ،‬فاإلنسان الكاذب يعيش في خوف أن يتم كشف‬ ‫كذبه وفضحه على المأل‪.‬‬ ‫سادسا‪ :‬يعتبر الجهل من مصادر الخوف ويجب على المرء العلم والمعرفة حتى يتبدد الخوف‪.‬‬ ‫سابعا‪ :‬الدخول في المجازفات ذات المخاطر القليلة ألن هذا يولد الثقة بالنفس ويبدد الخوف‬ ‫والقلق‪.‬‬ ‫‪66‬‬


‫‪34‬‬ ‫ان تعيشوا زمانكم يعني ان تفهموا عقل هذا الزمان وروحه وتحاولوا االنسجام بأفضل ما فيه‪،‬‬ ‫قال أحد العلماء " إذا لم تكن لك روح عصر كانت لك كل شروره “‪.‬‬ ‫وروح هذا العصر تتمثل في‪:‬‬ ‫• التحلي بالقيم مثل الصدق واألمانة والدقة‪.‬‬ ‫• امتالك دوافع قوية توجه سلوك الفرد نحو المعالي‪.‬‬ ‫• وجود برنامج يومي بأهداف محددة وواضحة‪.‬‬ ‫• التعلم الجيد‪.‬‬ ‫• التزام الدقة في المواعيد والحرص على القوانين‪.‬‬ ‫وهذه بعض النصائح لكم لكي تعيشوا زمانكم‪:‬‬ ‫• العصر مملوء بالفرص والتحديات‪ ..‬استثمروا هذا الفرص‪.‬‬ ‫• الجدارة والكفاءة واالستقامة والتفتح الذهني مفردات اساسية في قاموس هذا العصر‪.‬‬ ‫• الحذر من الفهم الخاطئ حتى ال يحصل التحلل الخلقي‪.‬‬ ‫• ال ترضوا ابدا ان تكونوا اشخاص عاديين‪ ..‬ابحثوا عن الريادة والتقدم‪.‬‬ ‫‪67‬‬


‫‪" 35‬‬

‫"‪.‬‬

‫جرت عادة الناس اإللحاح على التوافق واالنسجام وكره االختالف‪ ،‬ولكن نحن نعيش في زمن‬ ‫متسع وكثير ٌ فيه االختالف‪ ،‬واالختالف من سنن هللا الكونية‪ ،‬فقد قال "(ومن آيته "وقد اختلفت‬ ‫فلكل منا عين وأنف وفم ولكن لن تجد شخصا مطابقا‬ ‫عقولنا ونفوسنا كما اختلفت وجوهنا)”‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫لآلخر‪ .‬فهكذا هم الناس تجمعهم أمور عامة‪ ،‬وتفرقهم التفاصيل الصغيرة‪ ،‬فقد فطر هللا الناس‬ ‫على طبائع مختلفة‪ ،‬فمنهم الكريم ومنهم الصبور ومنهم الهادي‪ ،‬فهذا كله يؤدي إلى الكثير من‬ ‫النزاعات‪ .‬فقد تجد بعض األسر تربي طفلها على الرخاء والنعيم العتقادهم ان العالم كله طيب‬ ‫وبعضهم يربيه على القسوة والعنف ألنه ينظر إلى العالم بمنظار أسود ‪.‬لذا ال ينظر أحدكم أنه‬ ‫األصل في كل شيء‪ ،‬وحاولوا فهم وجهات نظر اآلخرين وتفهم ظروفهم‪ ،‬ولننظر إلى االختالف أنه‬ ‫مصدر ثراء وليس شيء يكدر صفو األمة اإلسالمية‪ ،‬والكثرة دائما ال تعني الصواب‪ ،‬فقد قال ابن‬ ‫مسعود" وحتى نقلل االختالف فالحوار والتفاوض المباشر هي أفضل وسيلة لذلك‪".‬‬

‫‪68‬‬


‫‪" 36‬‬

‫"‪.‬‬

‫إن األمة تحتاج إلى الجدية إلنجاز األعمال والتقدم‪ ،‬ولكن يجب ان ال ننسى ان نضيف لحياتنا‬ ‫شيء من المرح‪ ،‬حتى ال نقع في الجدية الغبية‪ ،‬فقد كان رسول هللا ال ُيرى إال مبتسما رغم‬ ‫تحمله مسؤولية هذه األمة المباركة‪ ،‬وقد كان يمازح أصحابه ويضحك معهم‪ ،‬ويتعجب مما‬ ‫يتعجبون منه‪ .‬فحاولوا ان تضحكوا من قلوبكم‪ ،‬وترفهوا عن أنفسكم وقاوموا الرتابة والملل‪،‬‬ ‫فإنهما العدوان اللدودان للسعادة‪ .‬وهذه نصائح وتوجيهات لكم حتى تضيفوا لحياتكم شيئا من‬ ‫المرح‪:‬‬ ‫‪ -1‬أتخذوا من الضحك صمام أمان من االكتئاب والتوتر‪.‬‬ ‫‪ -2‬أن الطرفة المهذبة تشكل اداة إلثارة أعماق الروح‪.‬‬ ‫‪ -3‬أضحكوا مثل األطفال الصغار‪ ،‬فهم يضحكون بسهولة ومن أي شيء‪.‬‬ ‫‪ -4‬تخلصوا من الكبر والتعالي على الناس بالضحك‪.‬‬

‫‪69‬‬


‫‪ -5‬تحدثوا مع الناس واألصدقاء وأضحكوا معهم‪ ،‬فالناس يحبون األشخاص اللذين يتصفون‬ ‫بهذه الصفة‪.‬‬ ‫‪ -6‬أفرحوا بالطاعة واإلنجاز وبلقاء األهل واألصدقاء وعبروا عن شكركم لله‪.‬‬

‫‪70‬‬


‫‪37‬‬ ‫عظمة المرء من عظمة ما يؤمن به‪ ،‬وإن ديننا الحنيف الذي نفخر باالنتماء له يوجهنا إلى حب‬ ‫الحق واحترام الحقيقة‪ ،‬وأن نتعامل معها كما هي من غير تزيين وال تقبيح‪ .‬إن التثبت من صحة‬ ‫ما نسمع وما نقرأ يشكل البداية لتحديد موقفنا منه والبداية لمواالة الحق ونصرته‪.‬‬ ‫قال هللا عز وجل في كتابه الكريم‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا‬ ‫قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين “‪.‬‬ ‫ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى بناتي وأبنائي؟ إنه يعني اآلتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬دربوا أنفسكم على عدم تصديق كل ما تسمعونه من خالل إثارة التساؤل حوله وإعمال‬ ‫العقل فيه‪ ،‬ودربوها كذلك على اإلقالل من روايته ونشره بين الناس‪.‬‬ ‫‪ -2‬ابحثوا دائما عن مصدر القول الذي تسمعونه‪ ،‬وحاولوا معرفة ناقليه‪ ،‬هل هم ثقات‬ ‫مؤتمنون أو ال؟‬ ‫‪ -3‬في الغالب يكون ثبوت ما تشاهدونه أعظم وأشد من ثبوت ما تسمعونه‪.‬‬

‫‪71‬‬


‫‪ -4‬تثبت التجارب والوقائع التي تفوت الحصر أن النقل الشفوي يظل غير دقيق‪ ،‬والناس‬ ‫يزيدون في األخبار الشفوية حسب فهمهم وأمزجتهم وأهوائهم‪.‬‬ ‫‪ -5‬كلما أنطوى الخبر على غرائب وأمور غير مألوفة وجب علينا أن نتوقف وندقق فيه‬ ‫أ كثر‪.‬‬ ‫‪ -6‬ال يعرف حجم الشيء‪ ،‬وال يعرف مقداره وخطؤه وصوابه حتى ينتهي‪.‬‬

‫‪72‬‬


‫‪38‬‬ ‫القصور الذاتي عدم كفاية القدرات الذاتية للمرء أو عدم استثمارها على النحو األمثل‪ ،‬كما أعني به‬ ‫ضعف إرادته على صعيد مقاومة رغباته وعلى صعيد قيامه بمسؤولياته‪.‬‬ ‫القصور الذاتي يتجلى في العديد من األمور‪ ،‬منها اآلتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬عدم وضوح األهداف التي يسعى إليها المرء‪.‬‬ ‫‪ -2‬الكسل وفتور الهمة بسبب فتور الدوافع والمحرضات على العمل‪.‬‬ ‫‪ -3‬تسهم الفوضى بحظ وافر في القصور الذاتي‪.‬‬ ‫‪ -4‬التسويف عدو كبير ألصحاب النفوس الكبيرة والهمم العالية‪.‬‬

‫‪73‬‬


‫‪39‬‬ ‫أود من أبنائي وبناتي أن يؤمنوا على نحو جازم أنه ما دام هناك حياة وأحياء‪ ،‬إذن هناك فرص للعمل‬ ‫والسعادة والنجاح والعطاء والترقي ‪ ...‬من النادر أن تطرق الفرصة باب أحد إال إذا كان متميزا جدا‬ ‫ومشهورا جدا‪ .‬أما الشباب والفتيات وحديثو التخرج‪ ،‬فإن عليهم هم أن يبحثوا عن الفرص بجدية‬ ‫وحسب األصول‪.‬‬ ‫وهذه بعض الملحوظات في مسألة الفرص‪:‬‬ ‫‪ -1‬الفرصة رزق من هللا وإن ما عند هللا ينال بطاعته‪.‬‬ ‫‪ -2‬الفرص موجودة وغير موجودة في آن واحدة‪ :‬موجودة أمام المؤهلين لها‪ ،‬وغير موجودة أمام‬ ‫الكسالى والمهملين والفوضويين‪.‬‬ ‫‪ -3‬إن خير أحدكم بين أن يجلس في بيته وبين أن يعمل مجانا‪ ،‬فإن عليه أال يتردد في أن يعمل‬ ‫مجانا‪.‬‬

‫‪74‬‬


‫‪ -4‬حاول دائما أن تكون لك ميزة على أقرانك‪.‬‬ ‫‪ -5‬إذا لم تجد العمل المناسب لك‪ ،‬فال تقعد في بيتك‪ ،‬واقبل بما تيسر‪ ،‬ثم أبحث عما هو أفضل‬ ‫وأليق بك‪.‬‬ ‫‪ -6‬شيء طبيعي أال يجد المرء في مقتبل عمره الوظيفة المناسبة‪ ،‬لكن بعد مدة أربع أو خمس‬ ‫سنوات تستقر األمور‪ ،‬وتنتهي المشكلة‪.‬‬

‫‪75‬‬


‫‪40‬‬ ‫ألبد يا أبنائي وبناتي من أن تلتفتوا في كل مراحل التعليم إلى الوسائل واألساليب الحديثة في‬ ‫التعلم‪ ،‬وهذه األساليب تقوم جميعها على قاعدة واحدة هي " كلما بذل الطالب جهدا أ كبر في‬ ‫التعلم كان ما يحصل عليه أعظم و أنفع و أبقى " و في إمكاني أن أذكركم على هذا الصعيد‬ ‫باألمور األتية‪:‬‬ ‫‪ -1‬كونوا شديدي االنتباه لما يقوله المدرسون والمدرسات‪ ،‬وا كتبوا كل األفكار والفوائد الجميلة‬ ‫والمالحظات القيمة‪.‬‬ ‫‪ -2‬ليحاول كل واحد منكم أن يجلس في مكان حيوي في الفصل‪ ،‬حتى يستطيع التفاعل الجيد‬ ‫مع من يلقي عليه الدروس‪.‬‬ ‫‪ -3‬التعلم تفاعل والتربية كذلك تفاعل‪ ،‬والطالب يتعلم على مقدار ما يتفاعل‪.‬‬ ‫‪ -4‬تحضير الدروس قبل المجيء إلى المدرسة‪.‬‬ ‫‪ -5‬كتابة الواجبات وحل التمارين المنزلية بهمة ونشاط‪.‬‬ ‫‪ -6‬تعلموا أصول كتابة البحوث‪ ،‬وعودوا أنفسكم ممارسة الكتابة‪.‬‬ ‫‪ -7‬تعلموا القراءة السريعة وتعلموا القراءة المركزة‪.‬‬

‫‪76‬‬


‫‪ -8‬حاولوا دائما تسريع مدلول المواد المقررة عليكم في المدارس والجامعات من خالل الرجوع‬ ‫إلى المصادر والمراجع واالطالع على تاريخ العلوم التي تدرسونها‪.‬‬ ‫‪ -9‬ليحاول كل واحد منكم أن يتخصص في فرع من فروع المعرفة على أمل أن يصبح في يوم من‬ ‫األيام حجة ومرجعا فيه‪.‬‬ ‫‪-10‬‬

‫التحديات التي تواجهنا اليوم في كيفية توظيف المعلومات التي لدينا في تحسين نوعية‬

‫الحياة وتحسين األخالق واألوضاع االجتماعية إلى جانب استثمارها على الصعيد العملي‬ ‫واإلنتاجي‪.‬‬ ‫‪-11‬‬

‫حاولوا أن تجلسوا مع أهل العلم والفضل والفكر وأن تنهلوا من معينهم وتستفيدوا من‬

‫تجاربهم‪.‬‬

‫‪77‬‬


‫‪41‬‬ ‫أن المسلم الملتزم بحقيقة الدين يظل مترددا بين خير‪ ،‬ينجزه وخير يتطلع إليه‪ ،‬ولهذا فإن قلبه‬ ‫دائم التألق‪ ،‬وضميره في حالة من الراحة العظيمة‪.‬‬ ‫قد ذكروا أن عبد هللا بن اإلمام أحمد قال ألبيه أحمد‪ :‬يا أبت أوصني‪ ،‬فقال له‪ " :‬يا بني انو الخير‬ ‫فإنك ال تزال بخير ما نويت الخير “‪.‬‬ ‫ما الذي يعنيه هذا بالنسبة ألبنائي وبناتي؟ إنه يعني اآلتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬الخيرون من هذه األمة يحبون اإلحسان إلى الخلق‪.‬‬ ‫‪ -2‬حب الخير وإرادته موجودان لدى المرء‪.‬‬ ‫‪ -3‬إن المنتفع األساسي بأعمال الخير ليسوا الذين يستقبلونها‪ ،‬وإنما الذين يقومون بها‪.‬‬ ‫‪ -4‬اجعلوا من نواياكم معيارا تتعرفون من خالله على جوهر شخصياتكم وعلى القيم التي‬ ‫تؤمنون بها‪.‬‬ ‫‪ -5‬ليحاول كل واحد منكم أن يقوم بعمل خيري صغير كل يوم‪.‬‬

‫‪78‬‬


‫‪ -6‬قارنوا دائما بين ما تفعلونه من الخير وبين ما تتطلعون إليه‪ ،‬وأجعلوا ما تتطلعون إليه‬ ‫أ كبر وأعظم‪ ،‬وأسعوا في تحقيقه‪.‬‬ ‫‪ -7‬اتخذوا من نية الخير حاجزا يحول بينكم وبين الوقوع في المعاصي وحاجزا يمنعكم من‬ ‫السقوط في أوحال األنانية‪.‬‬ ‫‪ -8‬حدثوا أهليكم وأصدقاءكم المقربين بما تتطلعون إليه‪ ،‬واستشيروهم في كيفية الوصول‬ ‫إليه‪ ،‬واطلبوا منهم المساعدة على ذلك‪.‬‬

‫‪79‬‬


‫‪42‬‬ ‫إن حب المسلم لوطنه جزء من حبه لدينه‪ ،‬فإذا أردنا ألمة اإلسالم أن تزدهر‪ ،‬وأردنا للرايات‬ ‫اإلسالمية أن تخفق عاليا بالبشر والخير‪ ،‬فإن علينا العمل على بناء أوطان عزيزة ومنيعة وخيرة‪،‬‬ ‫تفيض بالرحمة والبر والتآلف‪ .‬احذروا يا أبنائي وبناتي أن تتعاملوا مع الوطن كما يتعامل التاجر‬ ‫مع التاجر‪ ،‬إن هذا المنطق يجافي الحب الحقيقي للوطن‪ .‬البلد الصالح هو وطن يسكنه أناس‬ ‫صالحون‪ ،‬والبلد الفاسد بلد يسكنه أناس فاسدون‪ .‬هنا قد تقولون لي‪ :‬من هو المواطن الصالح‪،‬‬ ‫وما هي المواطنة الصالحة؟ وأقول في جواب هذا السؤال‪:‬‬ ‫‪ -1‬المواطن الصالح والمواطنة الصالحة إنسان قادر على أن يمنح الوطن شيئا من حبه‬ ‫وعاطفته واهتمامه‪.‬‬ ‫‪ -2‬المواطن الصالح قبل كل شيء هو لبنة ممتازة يفتخر البناء الماهر بجعله جزا صغيرا‬ ‫من صرح الوطن الكبير!‬ ‫‪ -3‬صالحية المرء ألن يكون جزءا من صرح الوطن تتجلى في شيئين جوهريين هما‪:‬‬ ‫االستقامة في السلوك والكفاءة الشخصية‪.‬‬ ‫‪ -4‬المواطن الصالح يضبط حريته باإلرادة الجمعية لمجتمعه‪.‬‬ ‫‪80‬‬


‫‪ -5‬يشكل المواطن الصالح إضافة لوطنه من خالل إعداده الجيد لذاته‪.‬‬ ‫‪ -6‬حين يعاني الوطن من مشكالت بعينها‪ ،‬فإن المواطن الصالح يكون جزءا من الحل‬ ‫لتلك المشكالت‪.‬‬ ‫‪ -7‬المواطن الصالح يملك فائضا من الوقت أو الجهد أو المال‪ ،‬ويعمل على توظيف ذلك‬ ‫الفائض في خدمة العناصر الضعيفة‪.‬‬ ‫‪ -8‬المواطن الصالح يعامل المكان الذي يعيش فيه كما يعامل مثقف ممتاز مكتبته‬ ‫الخاصة‪.‬‬

‫‪81‬‬


‫‪43‬‬ ‫أنا أعرف حجم المعاناة التي يالقيها أبنائي وبناتي في هذا العالم المملوء بالشكوك والشهوات‬ ‫والمغريات والتعقيدات ‪ ،...‬وهذا هو بالضبط ما يدفعني إلى التركيز على الجانب الروحي‪ .‬الطريق‬ ‫إلى ذلك بسيط وجميل وواضح‪ ،‬ويمكن أن أشير إلى أهم مالمحه المفردات اآلتية‪:‬‬ ‫‪ -1‬تذكروا دائما أن مستقبلكم ومصيركم وكل شأنكم في يد هللا البر الكريم العزيز الرحيم‪،‬‬ ‫وحاولوا ترسيخ هذا المعنى في وعيكم من خالل استحضاره وفهم مدلوالته‪.‬‬ ‫‪ -2‬كلما رأيتم فرصة للعمل الصالح‪ ،‬سارعوا إليه‪.‬‬ ‫‪ -3‬هناك شيء فريد في إشعال جذوة الشوق في القلوب وفي التنعم بنفحات الكريم‬ ‫الرحيم‪ ،‬وهو االستيقاظ قبل الفجر والتوجه إلى هللا‪.‬‬ ‫‪ -4‬تعلموا فن التذلل لله والتملق له واالنكسار بين يديه‪.‬‬ ‫‪ -5‬قاوموا المغريات وكل ما يصرفكم عن التفكر في فضل هللا وعظمته وسلطانه‪.‬‬

‫‪82‬‬


‫‪44‬‬ ‫كثيرا ما يتجادل الناس في المفاضلة بين العقل والعلم‪ ،‬أيهما أهم‪ .‬فال أحد يستطيع ان يه هون من‬ ‫شأن الذكاء ودوره في المعرفة‪ ،‬ولكن كال من العلم والذكاء أساس في اإلبداع والنجاح‪ .‬ومن هنا‬ ‫يجب ان نقول انه كلما قل العلم ظهر دور الذكاء‪ ،‬وكلما كثر العلم تراجع دور الذكاء‪ .‬واالعتقاد‬ ‫السائد هو أن العلم المصدر األساسي لتشغيل العقل‪ .‬ذكاء متوسط مع تعلم جيد خير ٌ من‬ ‫ذكاء متوهج ال يصحبه تنظيم وال علم وال طموح‬ ‫نصيحتي لكم هي كالتالي‪:‬‬ ‫‪ -1‬ال تفكروا في مستقبلكم بناء على ذكاءكم وقدراتكم‪ ،‬بل على العلم النافع الذي‬ ‫يساعدكم على الوصول إلى تلك األهداف‪.‬‬ ‫‪ -2‬ال تلتفتوا إلى من يحبط من ذكاءكم‪.‬‬ ‫‪ -3‬ابحثوا عن الجامعات الممتازة ولو كانت مكلفة‪.‬‬ ‫‪ -4‬الصبر والعزيمة واإلصرار على طلب العلم قد يحقق منكم من التقدم الشخصي ما‬ ‫يعجز عنه كثير من األذكياء‪.‬‬

‫‪83‬‬


‫‪45‬‬ ‫الصدق هو مفتاح الخيرات فقد قال رسول هللا " إن الصدق يهدي "‪ .‬والبر اسم جامع لكل خير‪،‬‬ ‫فكأن الصادق يحرز الخيرية وينال شرف االنتماء‪ .‬أما الكذب فقد فشا في الناس‪ ،‬وأصبح وباء هذا‬ ‫العصر‪ .‬الصدق هو االستقامة واستواء الظاهر والباطن وهو دافعا كبيرا لتحسين األخطاء‪ .‬واألمة‬ ‫بحاجة ماسة إلى الصدق حتى تسود الثقة في عالقتها المختلفة‪ ،‬فهو يجعلنا نشعر باألمن واألمان‬ ‫والوضوح والطمأنينة‪.‬‬

‫‪84‬‬


‫‪46‬‬ ‫الناس مفطورون على حب أنفسهم واإلعجاب بأعمالهم‪ ،‬ولكن يواجهون مشكالت جمة ومتنوعة‬ ‫حين يتعاملون مع بعضهم‪ ،‬وسبب هذه المشاكل يعود إلى تحكم أهوائهم بهم وضعف‬ ‫مقاومتهم لرغباتهم‪ .‬نحن مطالبون من قبل الخالق ان نقول الحق ولو على أنفسنا سواء كنا‬ ‫نتعامل مع صديق حميم او عدوٌ لدود‪ .‬ونتعامل مع الجميع باألنصاف وال تأخذنا في ذلك لومة‬ ‫الئم‪ .‬نحن نحب ان يعاملنا الناس بالحسنى وال يقللوا من شأن مواهبنا‪ ،‬ومن شأن الخير الذي‬ ‫لدينا‪ ،‬نحن نحب كل هذا‪ ،‬فيجب علينا معاملة اآلخرين بالمثل والعدل واالنصاف‪.‬‬ ‫ومقاومة التحيز تكون بمعاملة الناس بالعدل واإلنصاف واستخدام الكلمات الدقيقة لوصف‬ ‫األشياء مثل‪ :‬مقبول وحسن‪ ،‬وعدم اصدار األحكام على الناس على أساس الظن او على أساس‬ ‫الحدس الشخصي‪ ،‬وعدم الحكم على نوايا الناس ومقاصدهم‪.‬‬

‫‪85‬‬


‫‪47‬‬ ‫لدى الشباب والفتيات قيم سامية يؤمنون بها‪ ،‬ولكن األمور ال تسير دائما كما نشتهي أو كما‬ ‫نظن‪ ،‬ويجب علينا التكيف مع ما هو موجود‪ .‬الواقع خليط من القيم والمصالح والظروف‬ ‫الصعبة‪ ،‬وبسبب هذه الظروف يتخلى كثير من الناس عن المبادئ في سبيل تحقيق مصالحهم‪،‬‬ ‫وهذا مرفوض ولكنه حقيقة واقعة ويجب التعامل معها بحكمة وفعالية‪.‬‬

‫‪86‬‬


‫‪48‬‬ ‫هناك طموح مشترك وعظيم لدى جميع الشباب والشابات وهو إقامة عائلة متحابة وناجحة‪،‬‬ ‫لكل منهما نجد أن الرجل ُ‬ ‫خلق‬ ‫وهذا الطموح نابع من تكوين كُل من المرأة والرجل‪ .‬وحين ننظر‬ ‫ٍ‬ ‫ليعيش بجوار المرأة‪ ،‬وخلقت المرأة لتعيش بجوار الرجل‪ ،‬فالرجل المعرض عن الزواج والفتاة‬ ‫التي ال تطمح له يوجد خلل في شخصيتهما‪ .‬فالزواج يكسب المرء شخصية جديدة وتنمو عنده‬ ‫بعض المشاعر والمفاهيم وتتغير نظرته للحياة‪ ،‬وستنمو روح التضحية وااليثار والتنازل‬ ‫والتراحم‪ .‬وعلينا تذكر ان الزواج سبب لتحصين النفس من االنحراف‪.‬‬ ‫وحتى نتهيأ لبناء اسرة متدينة ومتحابة ومتميزة‪ ،‬فعلينا ادخال مسألة الزواج وبناء األسرة في‬ ‫الخطط المستقبلية للشباب والفتيات‪ ،‬وليكن الدين والخلق اهم ما يبحث عنه الشاب واهم ما‬ ‫تبحث عنه الفتاة‪ .‬وسبب كثرة الطالق هذه األيام هو كثرة الخالفات الزوجية‪ ،‬بسبب الثقافة التي‬ ‫تنشرها العولمة التي تدعو لألنانية والتمتع والتسلية واللهو‪ ،‬فيجب على المرء معرفة آداب‬ ‫الحياة األسرية وواجباتها‪.‬‬

‫‪87‬‬


‫‪49‬‬ ‫يشعر الكثير من الناس باالرتباك عند التعامل مع الحاضر والمستقبل والماضي ‪ ،‬فنجد‬ ‫الشخص يغرق في ماضيه وال يستطيع التركيز على حاضره ومستقبله ‪ ،‬فعلى المرء الموازنة بين‬ ‫هذه األمور الثالثة ‪ ،‬فالله عز وجل أوصانا أن ننظر إلى األمام وأن نراقب الغد ‪ ،‬وعلى المسلم أم‬ ‫يحسن القرارات التي يتخذها ويجعل حركاته اليومية في االتجاه الصحيح ‪ ،‬واالجتهاد في معرفة‬ ‫‪.‬الطرق الموصلة لالتجاه الصحيح ‪ ،‬وعليه ايضا عيش حاضره والتمتع باألشياء التي بين يديه ‪،‬‬ ‫وال يض هيع حاضرا من أجل مستقبل وال مستقبال من أجل حاضر ‪ ،‬وال يجعل التفكير في المستقبل‬ ‫جالبا للهموم والخواطر السوداء ‪.‬‬

‫‪88‬‬


‫‪50‬‬ ‫أصبحت اليوم مجالسنا تضج بالنقد لكل شيء وأصبحنا متمرسين بنقد الذات وجلدها والكل‬ ‫يشكوا ويتأفف‪ ،‬هذا الفعل خاطي وعلينا شكر هللا على نعمه وتذكرها وان نطرد اليأس والهم‬ ‫والغم الذي يطوقنا في جميع أحاديثنا‪ .‬وعلينا ان ننشر البشر والبشرى بإدخال السرور‬ ‫والطمأنينة على جميع القلوب‪ ،‬وإذا تحدث الناس يوميا بالخسائر نذكرهم باألرباح وان نريهم‬ ‫الوجه المشرق لألشياء‪ ،‬وعلينا االحتفاظ ببراءة األطفال وتعلم الفرح الذي يغمر قلوبهم عند‬ ‫حصولهم على قطعة حلوى‪ ،‬وال تنسوا شكر هللا دائما وابدا على الذي بين أيديكم واستخدام‬ ‫الكلمات الجميلة والرقيقة في التعبير عن مشاعركم واوضاعكم وأشيائكم‪.‬‬

‫‪89‬‬


‫ً‬ ‫فكرة كانت أو معلوم ٍة قد‬ ‫قد تكون وجدت ضالتك في هذا الكتاب‪،‬‬ ‫سرقت ُلب قلبك‪ ،‬و ُر بما اقتبست منه نورا ً يشع بك‪ ،‬فهل ُتشارك‬ ‫اآلخرين هذا النور عبر حسابنا ف ُنضيء جم ًيعا؟‬

‫‪90‬‬


91


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.