" 50شمعة إلضاءة دربكم"
د .عبدالكريم بكار
2
3
إيمان حكمي مروج القرماني
4
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 18 19
5
20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 6
42 43 44 45 46 47 48 49 50
7
يقدم لكم الدكتور عبد الكريم البكار هذا الكتاب وقد بدأه بخطاب نداء( :أبنائي وبناتي) لتعلم عزيزي القارئ أنه محتوى كُتب ليصل إليك ،إلى عقلك وقلبك وكل ما يمر بمراحل حياتك.
بين يديك عدة مقاالت في ٥٠شمعة وكل شمعة تتحدث عن أمر ما وفي نهاية كل شمعة تكون قد أ كتسبت معرفه ،وهذه المقاالت كُتبت بنضج لغوي وتجربة ثرية.
أتمنى لك وقتا ُممتعا وحياة هنيئا إذا أنصت لهذه الشموع وعملت بما جاءت به فهمي لك لتيسير المصاعب والتقليل من المخاوف ومواجهة التحديات
8
1 حين يولد الواحد منا يبدأ بالتعرف على من حوله ثم يخرج إلى الشارع والمدرسة فتتسع دوائر معرفته وتزداد خبراته فإنه يكون أشبه بمن دخل على قاعة كبيرة مظلمة ومن خالل العيش الطويل في تلك القاعة يتعرف على األشياء البسيطة ومن خالل االحتكاك بالناس واستخدام األشياء يكشف الكثير مما حوله لكنه يشعر بعد طول اإلقامة والمعايشة أن هناك أشياء كثيرة ال يعرف عنها أي شيء هكذا نحن يا بناتي وأبنائي نحاول ا كتشاف أنفسنا وا كتشفا الناس من حولنا لكن سنخرج من هذه الدنيا ولدينا أمور كثيرة غامضة وأسئلة حائرة. ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي؟ -1األصل في اإلنسان أن كون جاهال إال إذا تعلم. -2علينا أن توضع وحبذا أن يكون تواضعنا لي قدر جهلنا. -3نحن على قدر ما نعرف وما نتقن وكلما زاد ما نعرفه وما نتقنه ارتفعت منزلتنا وتحققت أهدافنا.
9
-4ما دمنا ال نعرف كل شيء ولم نحط بكل شيء فإن علينا أال نصدر أحكامنا على األحداث حتى تنتهي. -5هناك أمور كثيرة ستكون معرفتنا بها جزئية أو سطحية وتحتاج إلى التعمق فيها وهذا ال يكون إال من خالل امتالكنا لعقل مفتوح وروح متعطش إلى المعرفة.
10
2 نحن هنا في هذه الحياة في معهد مهني من نوع غريب لكن الغريب أيضا تنوع أساليب االختبار فهذا ممتحن بذكائه وهذا بغبائه وهذا ممتحن بفقره وذاك بثرائه وهذا بصحته وهذا بمرضة وهذا بشهرته فحين نرحل عن هذه الحياة تكون قد أدينا االمتحان األخير والحاسم وهنيئا لمن أجاب على أسئلته بصورة صحيحة والويل والهالك لمن أجاب بصورة خاطئة كم أخطأ الناس يا أبنائي وبناتي في توقعاتهم لمدة االختبار وكم من الناس أطلقوا الصيحات من أجل تمديد مدة االمتحان حتى يتوبوا ويرجعوا ماذا يعنى كل هذا بالنسبة إلى بناتي وأبنائي: -1علينا أن نوسع دائرة إحساسنا بتصرفاتنا وأعمالنا لتكون دائما تحت المراقبة ولتؤديها كما يحب هللا تعالى. -2إذا وقع الواحد منا في خطأ أو زلة فإن المطلوب منه هو المسارعة إلى التوبة وإلى التصحيح قبل أن يلقى هللا تعالى وهو في حال سيئة.
11
-3يجب علينا أن نوطن أنفسنا على مجاهدة النفس وكبح الشهوات على نحو دائم. -4من المهم أن نبتعد عن أولئك المستخفين باالختبار والغافلين عنه حتى ال نتجرف معهم فنخسر خسارة عظمى يصعب تحديدها األن.
12
3 إنه لشيء الفت ذلك التباين الكبير بين ما تكون عليه عن الوالدة وبين ما نكون عليه عن الموت رجال ونساء يغادرون هذه الحياة وهم أعالم تعلقت بهم القلوب وما ذلك إال ألنهم في حياتهم لم يكونوا أشخاصا عاديين وإنما كانوا دعاة أو فقهاء أو فقهاء أو حكماء أو قادة او باذلين للمعروف ساعتين في الخير إن الذي غادر هذه الحياة هو أضعف شيء فيهم وهو الجسد وإن ما ينتظرهم من كرامة هللا تعالى في اآلخرة هو أعظم بكثير مما نالوه في هذه الدنيا الفانية. ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي: -1إن الذي يصنع الفرق بين الناس عند الموت ليس النسب وال المال وال القوة لكنه االستقامة والعلم واألثر النافع وحب الخير للناس والمساهمة في إصالح األوضاع واألحوال. -2في إمكان كل واحد منكم أن يسير في طريق العظماء من خالل الجهد اليومي الذي يبذله في المجال الصحيح وبالطريقة الصحيحة.
13
-3ال يحتقر الواحد منكم نفسه وال يرض بالقليل فالكريم الجواد الغني الحميد هو رب األولين واآلخرين وقد يمنح للمتأخر حجبه عن المتقدم. تذكروا دائما ساعة الرحيل وخططوا دائما ألن يكون ما يقال عنكم فيها شيئا عظيما ترجون ثوابه عن هللا تعالى.
14
4 أ كثر ما يقلقكم معاشر الشبان والفتيات هو تلك الغريزة الجنسية التي ركبها هللا تعالى إن الذي يحرك الشهوة لدى الفتيان والفتيات محصور في عدد من األمور من أهمها: التفكير في أمر الجنس واستخدام الخيال في ذلك فإن الفراغ والتمحور حول الذات من األسباب القوية لتحريك الغريزة الجنسية .مشاهدة المناظر الفاضحة ونظر الرجال إلى النساء والنساء إلى الرجال وكذلك االختالط بين الجنسين .حضور المجاس التي تثار فيها المسائل الجنسية .مصاحبة بعض التافهين والمنحرفين والمنحرفات الذين ليس همة نحو أي شيء سام أو مهم. ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي: -1ليشتغل كل واحد منكم بشيء نافع ومفيد وليحاول استهالك طاقته فيه وإن الرياضة مما يستهلك الطاقة الجسمية وينفع في تخفيف الضغط الغريزي. -2الزواج المبكر فضيلة عظمى لمن قدر عليه وهو حصن حصين. -3تعزيز الجانب الروحي لدى كل واحد منكم.
15
-4صحبة الطالحين واألخيار أهل القلوب النقية والهمم العالية -5االبتعاد عن المجالس واألماكن التي يتحدث فيها عن الجنس. -6غض البصر والبعد عن االختالط بالجنس اآلخر على قدر الوسع والطاقة. -7ليفكر كل واحد منكم مئة مره قبل أن يخطو خطوة خاطئة
16
5 لو استطعتم معرفة مشاعر الناس حول أوضاعهم المعيشية واالجتماعية لوجدتم أن أ كثرهم يتطلعون إلى أن يكونوا في وضعية أفضل مما هم فيه وهذا يعود إلى ما فطر هللا تعالى عليه النفوس من حب الخير واالستزادة من النعيم. ماذا يعنى هذا بالنسبة إلى ابنائي وبناتي: -1احمد هللا لي ما وهبك وأعطاك فهو كثير وإن كان يبدو لك عند المقارنة مع ما لدى غيرك أنه قليل. -2تقبل نفسك وأوضاعك واشعر باالعتزاز بما لديك واتخذ منه نقطة انطالق إلى األمام. -3أبعد نفسك الصغيرة المكبلة باألوهام وبهموم الحاضر عن طريق نفسك الكبيرة القادمة من قلب العاصفة التي تثيرها الجدية والثقة والعمل والمثابرة والطموحات العالية. -4
17
-5انفخ على أصغر شرارة لديك لتتحول إلى نور عظيم يضيء طريقك وطريق أهلك وزمالئك. -6ال ترض أبدا أن تكون ظال ألحد وحاول دائما أن تكون قدوة ونموذجا ينتفع بك غيرك.
18
6 يأتي الواحد منا إلى هذه الحياة وهو جاهل بكل شيء ويبدأ برحلة االستكشاف العظيم في السنة األولى من عمره ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى بناتي وأبنائي: -1ليراجع كل واحد منكم مكنزات رؤيته للحياة حيث إن من المؤكد أن بعضها غير صحيح. -2غلبوا جانب التفاؤل والثقة بالله تعالى واالعتداد بالنفس على اليأس واإلحباط. -3الدنيا فيها الكثير من األخيار والكثير من األشرار ومن يبحث عن األخيار يجدهم -4هناك دائما فرصة للتحسن ومجال لألزهار بشرط أال نصفي للمثبطين واليائسين والمخفقين. -5كونوا أنصار الفضائل وحماة المبادئ حتى يصبح لحياتكم معنى وقيمة وإذا فعلتم ذلك فأنتم مظفرون دائما فإن فاتتكم لذة الغلبة لم يفتكم شرف المعركة.
19
7 هو أن االختالف في الطبيعة والتركيب يترتب على اآلتي :في الوظيفة إن التركيب الجسمي والنفسي والشعوري للفتاة مختلف عن التركيب الجسمي للفتى ولهذا يا ابنتي قد أعددت لتقومي بدور مختلف عن أخيك. ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى بناتي إنه يعنى اآلتي: -1ال تحاولي الدخول في منافسة مع الشباب فأنت مخلوقة لدور غير دورهم وعليك أن تأخذي الدرس والعبرة من الوضع المأساوي الذي صارت إليه المرأة في كثير من بالد الغرب والشرق. -2في حياتنا معطيات كثيرة توجب عليك أن يكون اهتمامك بالزواج وببناء أسرة مسلمة وتربية أوالدك التربية الصحيحة هو االهتمام األوالد. -3األنوثة هي السالح األمضى الذي تحارب به المرأة فال تتخلى عن هذا السالح بأوضاع وأعمال وتصرفات غير مالئمة لك.
20
-4ليس األلق االجتماعي للتخصص أو الوظيفة هو المهم لكن هو مالءمته لك ومدى إتقانك له أولها.
21
8 هذه شمعة متوهجة أرجو أن تفتحوا عيونكم جيدا عليها حيث اننا يا أبنائي وبناتي في زمن فتن الناس. ماذا يعنى هذا بالنسبة إلى بناتي وأبنائي: -1الحرص على أي قدر من النجاح والتفوق ألن ذلك ضروري لراحتكم وسعادتكم وسعادة أهلكم وخير بلدكم. -2ال تجعلوا الهم األكبر الذي يسيطر عليكم هو الحصول على شهادة أو وظيفة أو امتالك أشياء نفسية فحسب ولكن فكروا في كيفية توظيف ما تحصلون عليه من ذلك في أمور تزيد رصيدكم من الحسنات. -3اجعلوا مشروعية ما تريدون الحصول عليه هي الشرط الذي ال يقبل التفاوض والمساومة. -4استعينوا بالله تعالى واطلبوا التوفيق والرعاية في كل ما تسعون.
22
9 10 11
23
12 ال أجد تعبيرا عن عظمة النعم التي تغمر كل واحد منا أبن وأبلغ من قوله هللا تعالى "وإن تعدوا نعمة هللا ال تحصوها إن هللا لغفور رحيم" هذا الزمان هو زمان الشكوى من سوء األحوال، وذلك بسبب تعاظم طموحات الناس وبسبب بعد الفجوة بين إمكاناتهم ،وما يرغبون في الحصول عليه .وتذكروا دائما أنه مهما ساءت األحوال ،وتتابعت الكروب فإننا سنجد شيئا يستوجب شكر هللا تعالى من نعمة اإليمان ونعمة السمع والبصر ونعمة أننا موجودون اآلن حيث نجد الفرصة للتوبة إن كنا مخطئين ,واالزدياد من الخير إن كنا صالحين انظروا إلى الشكر على أنه شيء تتقربون به إلى هللا -تعالى -بل إن توفيق هللا – تعالى -للعبد للنطق بالشكر هو نعمة تستوجب شكرا آخر على أنه مصدر للسرور والرضا والطمأنينة والسعادة اتخذوا من الحمد والشكر والثناء على هللا –تعالى -مصدرا لحماية النفس من التآ كل الداخلي ومناسبة إلظهار النبل والعرفان بالجميل لمن أحسن إليكم .
24
13 14 15
25
16 الحياة صندوق مغلق ،ونحن جميعا في حاجة ماسة إ لى معرفة ما فيه ،وليس له سوى مفتاح واحد ،وذلك المفتاح هو (العمل) .في القرآن الكريم اقتران شبه مطرد بين اإليمان والعمل الصالح؛ أنا أشعر يا بنا تي وأبنا ئي أن هللا – تعا لى -زود بني اإلنسان بإمكانات هائلة ،وأتاح لهم فرصا عظيمة لكنهم ال يستفيدون منها على وجه المطلوب ،لماذا ذلك يا ترى؟! هناك عدد من األسباب ،من أهمها الكسل ،وانحسار الطاقة الروحية المطلوبة لالستمرار في بذل الجهد ،ال يؤذيني منظر مثل ما يؤذيني منظر شاب يائس محبط، يتسكع في الشوارع ،ويطلب نفقته اليومية من أب يه الفقير المرهق! كافحوا أيها األعزاء من أجل العثور على عمل تحبونه ،فإذا وجدتموه ،فأهتموا به وأتقنوه. سوف تنجحون يا أبنا ئي وبنا تي – بإذن هللا – إذا حولتم األعمال التي تقومون بها إ لى مهنة تؤدونها باحتراف واتقان.
26
العمل نعمة من هللا ،وليس مجموعة مشاق ،ومن العجيب حقا أن العمل مهما كان صغيرا يمتلك نفس ميزات العمل الكبير ،وعلى سبيل المثال فإن العمل الصغير والعمل الكبير يحقق اآل تي: يخلصنا من الفراغ. يساعدنا على ا كتشاف أنفسنا وقدراتنا ومواهبنا. يحسن البيئة التي نعيش فيها؛ لتكون الحياة فيها بعد ذلك أسهل.ما الذي يعنيه هذا؟ - 1عليكم أن ترتبوا أموركم على أساس أن الحياة هي العمل ،وأن العمل الجيد هو حياة جيدة. - 2إذا لم يحصل أحدكم على العمل المالئم له ،فال يجلس فارغا ،وليعمل في أي شيء نافع إ لى أن يحصل على العمل الذي يحب.
27
- 3ال تنظروا إ لى المهن على أنها شيء شائن ،فالشائن حقا هو الحاجة إ لى الناس واللصوصية والرشوة ،وأ كل أموال الناس بالباطل. - 4في البلد فرص كثيرة وهي تنمو باستمرار .فأهلوا أنفسكم على نحو جيد.
28
17 ليس هناك تالزم ذو قيمة بين الروح والجسد ،فقد يكون المرء في مقتبل العمر وروحه روح عجوز .وقد يكون المرء في سن الثمانين ،وهو يتمتع بروح الشباب! ،وأظن أن أفضل شيء نفعله اآلن ،هو أن نذكر مقومات الروح الشبابية حتى يعرف كل واحد مقدار ما يملكه منها ، وتعني الروح الشبابية : -1وجود ثقة كبيرة بكرم هللا – تعالى – ولطفه ومعونته ،واالنتظار لمدده وعطاءاته غير المحدودة. -2المرونة والتكيف وتفتح العقل. -3االحتفاظ بالمرح والتفاؤل والضحك ملء القلب من النكات البارعة. -4النمو المستمر على مستوى الروح والعقل واألهداف والتطلعات. -5التفكير بطرق جديدة وقراءة كتب جديدة وممارسة هوايات جديدة. -6أال تفكر أبدا فيما يطرأ على وجوهنا من تغيرات ،وأن نركز انتباهنا على ما يمكن أن تفعله.
29
-7االنشغال الدائم وبذل الجهد المتواصل من أجل بناء مستقبل زاهر. -8التخطيط ألعمال ومشروعات ،يرجى ثمرها بعد مدة ليست قصيرة. -9القدرة على الصفح والعفو عن أعظم الزالت. -10المسارعة إلى عمل الخير ،ونفع العباد ،واإلسهام في بناء الوطن. -11التأبي على البيئة البائسة المحطمة ،واالنطالق نحو اآلفاق الرحبة. إنه يعني شيئا واحدا يا أبنائي وبناتي هو أن تجددوا أرواحكم من خالل ما ذكرناه ،وهللا يتوالنا بلطفه ومعونته.
30
18 الناس متشابهون إلى حد بعيد في أمور كثيرة ،اللمسة الشخصية شيء يميز اإلنسان عن مئات الناس العاديين الذين يختلط بهم ،وليس المقصود بالتميز التميز المعبر عن التعالي ،وإنما التميز المعبر عن الذوق الرفيع واللطف والكرم ،وهذا يجعل المرء قدوة تتعلم منه األجيال الجديدة، وتزدهر به الحياة الرا كدة ،هنا سيقول البعض :ما المقصود باللمس الشخصية؟ وهل في إمكان كل واحد منا أن تكون له لمسته الخاصة؟! الجواب :نعم وبكل تأكيد ،وهذه بعض األمثلة الموضحة: كل الناس يقولون على مسجالت هواتفهم عبارات قريبة من ":أرجو أن تذكر أسمكورقم هاتفك وحاجتك" هناك شخص صاحب لمسة شخصية وراقية جدا سجل على جهازه عوضا عن " حاجتك لي" " :وحاجتي إليك" إ كراما للمتصل! لله دره.
31
ما الذي يعنيه هذا الكالم بالنسبة إلى أبنائي وبناتي؟ إنه يعني اآلتي: -1اللمسة الشخصية تعني تميز صاحبها ،وأمتنا في حاجة ماسة للمتميزين ،فحاول أن تكون واحدا منهم. -2اللمسات الشخصية أ كثر من أن تحصى وحين يتوفر الصدق واالهتمام فإن كل واحد منا قادر على أن تكون له لمسته الخاصة. -3ترتقي األمة من خالل وجود عدد كبير من أصحاب اللمسات الشخصية. -4بناتي ربما يكن أقدر على إبداع اللمسات الشخصية ،ونحن نأمل أن يكن عند حسن الظن.
32
19 تكمن نقطة البداية في النهوض بالذات واالرتقاء بها في التعرف على نقاط قوتها وضعفها إجابياتها وسلبياتها وإنجازاتها وإخفاقاتها ،وأنا أعتقد أن وعي جيلكم بنفسه أفضل من وعي جيلنا والجيل الذي قبله؛ وذلك بسبب انتشار التعليم وبسبب ثورة البث الفضائي المتصاعدة، السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو :إذا كان ا كتشاف الذات على هذه الصورة من التعقيد فما الذي يساعدنا على ذلك؟ أقول في هذا الجواب على التساؤل :إن لدينا عددا من األمور الجيدة ،منها: -1اسأل صديقا فطنا وناصحا ،واسألي صديقة ذكية ومخلصة عن األشياء الجيدة في شخصيتك واألشياء التي هي موضع مالحظة ومؤاخذة ،وليلح كل واحد منكما على الصراحة والصدق ،وقوما بتسجيل تلك المالحظات والتأمل فيها. -2حاولوا أن تحولوا مشاعركم وانطباعاتكم وأفكاركم إلى شيء يمكن أن يناقش ،وذلك من خالل صياغتها في جمل وعبارات واضحة.
33
-3تأمل في سلوكك اليومي :هل تقصر في أدا فريضة؟ إذا وجدت شيئا من ذلك فتوقف فورا ،وأعلن التوبة ،وافعل شيئا من أجل التقدم والصالح. -4المقارنة وسيلة جيدة لزيادة الوعي الذاتي ،انظروا ألصدقائكم أو صديقاتكم ،أنظر ما لديهم من إنجازات ،وما هم عليه من خير وصالح ،يقارن هذه بتلك ليعرف موقعه بين نظرائه. ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي؟ -1ال يمنع أحدكم الغرور والعجب من أن يتعامل مع ذاته على أنها شيء غامض. -2تعرفوا على أنفسكم من أجل االرتقاء بها ،وليس من أجل جلدها. -3اإلنسان في الرؤية اإلسالمية هو مركز الكون ،ولهذا فإن فهم الناس ألنفسهم هو المقدمة الحقيقية لفهم الكون.
34
20 ال يخفى على أحد ما تحقق للناس من تمدن وتحضر واستقرار وتعليم ورفاهية ،مما يستوجب الحمد لله والثناء عليه ،لكن من المهم أال تنسى أن لدينا شواهد كثيرة على أن (التوحش) وما يصحبه من ظلم وبغي وجفاء ،أشبه بالفيروس الكامن ،والذي في إمكانه أن يظهر ويثور في أي وقت ،إن هللا تعالى وجهنا غلى شيء عظيم يرسخ فضيلة االحترام حيث قال " :وقولوا للناس حسنا “سورة البقرة آية ( .)52أي كلموهم بالكالم الطيب ،وألينوا لهم جانبا ،كلما درج الناس في سلم الحضارة توقعوا من بعضهم احتراما أ كبر ولطفا أعظم ،ولهذا فإن علينا جميعا أن نكون دقيقين في تعبيراتنا وتصرفاتنا حتى ال يؤذي بعضنا بعضا من غير قصد ،القاعدة الذهبية في هذا هي أن نخاطب الناس باألسلوب الذي نحب أن يخاطبونا به ،ولو أننا عملنا بهذه القاعدة لتخلصنا من كثير من مشكالتنا االجتماعية. احذروا يا بناتي وأبنائي من التكبر على اآلخرين وإهمالهم واالستخفاف بهم ،وقد أحسن من قال :إن المتكبر الصاعد في الجبل يرى الناس صغارا ،ويرونه صغيرا! كأني بالمتكبر ينشر معادلة االحتقار المتبادل ،على حين أن تعاليم ديننا توجهنا إلى أن ندعم قاعدة االحترام
35
المتبادل وقاعدة االهتمام المشترك .ال شك أن في المجتمع من يستحق احتراما خاصا ،وعلى رأسهم األبوان والمعلمون وكبار السن ،ومن لهم أياد بيضاء في خدمة الناس واإلحسان إليهم وفي خدمة البالد ورفعة شأنها. ماذا يعني هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي: -1من أراد منكم أن يكون محترما جدا ،فليعامل الناس على أساس قيم واحدة؛ ألن الشخص المهذب اللطيف الكريم ،ال يستطيع أن يتلون في سلوكه ،وال أن يلقى الناس بوجوه متعددة. -2احترام الناس يعني فيما يعنيه احترام اجتهاداتهم واختياراتهم وأذواقهم مادام ذلك في إطار المباح والمشروع. -3حاولوا دائما اختيار الكلمات والجمل المعبرة عن أصالتكم وترفعكم عن الدنايا. -4أعملوا دائما على أال تكونوا مصدر إزعاج ألحد ،وأال تفاجئوا أحدا بمكروه ،وتعلموا التأنق في التصرف.
36
21 جاء جميع األنبياء – عليهم الصالة والسالم – بفكرة جوهرية هي (المحدودية): محدودية الحياة واإلنسان واألشياء ،والحقيقة أن لدينا الكثير من التطبيقات لهذه الفكرة المهمة ،وإن تجاهلها يجر على المرء الكثير من المشكالت ،إذا كان لكل شيء طاقة على التحمل .وهذه الشمعة يا أ عزائي وعزيزاتي مخصصة؛ إلضاءة بعض المفاهيم المهمة في هذا الشأن ،وذلك من خالل استعراض األمثلة: • كثير من الشباب والفتيات لديهم ذكاء ونبوغ جيد ،لكنهم لم يحققوا أي تفوق أو نجاح الفت ،وذلك كثيرا ما يكون بسبب تمويلهم المبالغ فيه على مواهبهم الفطرية ،أي أنهم حملوا ذكاءهم فوق طاقته في رحلة الحصول على التفوق ،وقد دلت وقائع كثيرة ،تفوق الحصر على أن الذكاء ليس أ كثر من عنصر واحد من العناصر التي يطلبها النجاح، فهناك العلم والتدريب ،والجدية والمثابرة ووضوح األهداف واإلرادة الصلبة.
37
ماذا يعني هذا بالنسبة ألبنائي وبناتي؟ -1الحظوا دائما أن لكل شيء حدا يجب التوقف عنده ،وكما يقولون :إن الشيء إذا تجاوز حده انقلب إلى ضده. -2التوازن هو أجمل شيء في الحياة ،وأهم شيء. -3احموا أنفسكم من مبالغات الشباب واندفاعاتهم ،والتي تدفع دائما في أتجاه التطرف واالبتعاد عن الوسطية.
38
22 حين تكون في مقتبل العمر في مرحلة ما قبل النضج يغمرنا اعتقاد بأن السعادة تكون في الصحة والجمال والمال وكل األشياء التي يمكن أن نستحوذ عليها ،وحين تنضج وتظهر لنا األمور على حقيقتها نكتشف على سبيل التدرج أن السعادة في العطاء وفي جعل الناس حولنا سعداء .إن العطاء الحقيقي ليس عطاء المال ،وإنما أشياء أخرى أهم من المال ،أتعرفون ما هي يا بناتي وأبنائي؟ إنها أشياء تتصل بالروح والعقل والخبرة والوقت: نحن نعطي عطاء حقيقيا حين ندعو بإلحاح ألخ في ظهر الغيب. نحن نعطي عطاء حقيقيا حين نعفو عمن أساء إلينا ،وتصبح قلوبنا صافية ونقيةونحوه. نحن نعطي عطاء حقيقيا حين نقبل العذر. نحن نعطي عطاء حقيقيا حين نكون مواطنين صالحين. نحن نعطي عطاء حقيقيا حين نتنازل عن شيء من وقتنا لتقديم خدمة أخوية. -نحن نعطي عطاء حقيقيا حين نقدم االحترام لمن ال يستحقه.
39
إن األنبياء لم يكونوا يملكون المال – باستثناء حاالت قليلة – ولم تكن األشياء هي أعظم ما قدموه ألممهم ،لكنهم قدموا الرؤية والمنهج واألفكار واألهداف والغايات الكبرى ،وعلى هديهم سار كل المصلحين الربانيين على امتداد تاريخ أمة اإلسالم. ماذا يعني هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي: -1أعملوا كل ما في وسعكم إلسعاد من حولكم ،فذلك قمة العطاء. -2حين تقدم لمسلم خدمة بإخالص ،فإننا في الحقيقة نقدمها ألنفسنا. -3ال تخافوا نجاح زمالئكم ،فهو نجاح لألمة ،وأنتم جزء منها. -4التبسم وحسن االستقبال والتعاطف واالهتمام والمودة من أ كثر ما يحتاج إليه الناس، وهو أ كثر ما ينبغي أن نجود به.
40
23 نحن في هذا الكون نمضي في إطار سنن ربانية ثابتة ،ومن تلك السنن أننا ال نستطيع أن نضمن نتائج محاوالتنا واجتهاداتنا على نحو دائم وكلما كان ما نسعى إلى الحصول عليه كبيرا كانت حساباتنا أقل دقة وكان حجم المخاطرة أ كبر. شيء جيد يا بناتي وأبنائي أن تفهموا هذه الحقيقة وأن تتعاملوا معها كما هي .ديننا الحنيف يدعونا أحيانا إلى أن تكون مطالبنا كبيرة وأال نرضى بالقليل وأن يكون لدينا نوع من المخاطر المحسوبة؛ ألن الذين ال يخاطرون قد ال يربحون وإذا ربحوا فإن أرباحهم تكون قليلة .نالحظ أن هللا تعالى أحل التجارة وحرم الربا فالتجارة تشتمل على نوع من المخاطرة ،لكن الربح فيها واسع وغير محدود .أما الربا فإنه يخلو في العادة من المخاطرة ،لكن الربح فيه دائما محدود وقليل نسبيا .إذا كان اإلخفاق واليأس شيئا متوقعا فكيف ينبغي أن يتعامل أبناؤنا وبناتنا مع ذلك؟
41
لعلي ألخص الجواب في المفردات التالية: -1انظروا إلى اإلخفاق على أنه شيء طبيعي في الحياة أبذلوا جهودكم ولتعلموا بأنه ال يوجد نجاح إال عبر الكثير من المحاوالت وأن داخل كل إنسان إمكانات هائلة ،لن تتعلموا إال بالمرور بالكثير من التجارب هذه التجارب هي التي ستخبركم بأن النجاح يحتاج إلى إرادة وإصرار ولن يحصل عليه إنسان يائس كسول. -2علينا أن نعود أنفسنا الرضا بالقضاء والقدر ،ونحن البشر قصير والنظر محدودو الرؤية، قد نتعلق بالشيء ثم يتبين لنا أنه يشكل خطورة كبيرة أو يتبين أنه شيء تافه وتذكروا يا بناتي وأبنائي قول هللا عز وجل "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم وهللا يعلم وأنتم ال تعلمون " علينا أن نأخذ باألسباب ونفعل أفضل ما يمكن فعله ثم نتقبل نتائجه بروح صافية ونفس هادئة وراضية.
42
-3نحن ال نستطيع في معظم األحيان أن نتحكم باألحداث ألنها أ كبر منا ،ولكننا نستطيع أن نتحكم في ردود أفعالنا عليها وهذا شيء يستحق االنتباه؛ ألن الذي يؤثر علينا ليس ما يحدث وإنما اآلثار التي يتركها في نفوسنا من يأس وقنوط .فهنا علينا أال نرضخ لحيز الحزن واليأس بل علينا أن نخرج ونسلك طريق حسن الظن بالله والتفاؤل. -4حاولوا بعد كل فشل أو سقوط أن تنهضوا بشكل أقوى واجعلوا اإلخفاق يشكل وقودا روحيا للوقوف من جديد. -5تعلموا من اإلخفاق ومن تاريخكم الشخصي ومن تجارب االخرين أعظم الدروس ،حتى تمضوا في حياتكم واثقين مطمئنين.
43
24 يسمع أبنائي كثيرين يتحدثون عن أن السعادة تنبع من الداخل .وبعض أعزائي يشككون في هذا، ويقولون :أين كل ما تتحدث عنه الدعاية التجارية من متعة المال والمنصب الرفيع والسياحة والسفر واللهو ...هل هذه أشياء داخلية؟ أم أنكم تريدون إيجاد شيء لتعزية المفلسين والمحرومين؟ الجواب :ال من المهم أن نفرق بين السعادة واللذة .اللذة فعال تأتي في الغالب من وراء تناول شيء أو لمس شيء أو النظر إلى شيء محسوس ،وهي تتصف بكونها عابرة ومؤقتة ،فالتلذذ بالطعام والشراب مثال شيء مؤقت فإذا انصرفنا عنه إلى شيء آخر ،انتهت اللذة وصارت ذكرى .وإذا كان التلذذ بشيء محرم ،فإن المتلذذ يشعر بشيء من العتمة الروحية ،وشيء من اللوم والندم؛ ألنه يشعر بأنه قد عصى هللا وأنه كان ضعيفا أمام رغباته. أما السعادة يا أبنائي وبناتي ،فإنها ليست شيئا عابرا ،إنها قمة السرور واالنشراح ،والرضا والطمأنينة ،وشعور المرء أنه على الطريق الصحيح وأنه في المكان الصحيح والموقف الصحيح والعالقة الصحيحة ،باختصار إنه الشعور الذي ينشأ من اعتقاد المرء أنه يعيش وفق مبادئه
44
وقيمه وقناعاته ,ولهذا كان أهل اإليمان والصالح أسعد الناس وأشدهم شعورا بالطمأنينة و األمان ,كما قال تعالى ( :من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة و لنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) .إذا أردنا ذكر بعض التفاصيل ،فيمكن أن نقول :أننا نشعر بالسعادة: • حين نتذلل بين يدي الرب الكريم الرحيم ،وحين نناجيه ونطلب منه ونشكو إليه. • حين ننتصر على أهوائنا ،ونصمد في وجه المغريات. • حين نساعد غيرنا ،فالسعادة مثل (العطر) ال تستطيع أن ترش منه على اآلخرين دون أن يمسك منه شيء. • حين تغتني عقولنا باألفكار العظيمة ،وحين نكشف روعة التعبيرات الجميلة. • حين ننجز عمال كبيرا ،وتمتلئ قلوبنا بالرضا عما أنجزناه. • حين نتفاعل مع الجمال الذي بثه هللا في الكون ،فنطرب البتسامة طفل ورسالة من صديق عزيز وتغريد بلبل ووهج نور يتسلل إلينا من النافذة.
45
ما الذي يعنيه هذا بالنسبة ألبنائي وبناتي؟ إنه يعني اآلتي: -1أن تبحثوا عن المسرات الدائمة من خالل عمل الصالحات والوجود حيث يجب أن تكونوا موجودين. -2البطالة والعطالة والكسل والفوضى مصدر من مصادر التعاسة ،فتخلصوا منها إذا أردتم أن تكونوا سعداء. -3دربوا أنفسكم على أن يكون فرحكم جماعيا من خالل إدخال السرور على األهل واألصدقاء والزمالء وهذا من أعظم أبواب التقرب إلى هللا تعالى. -4الرضا والقناعة فإنهما مصادر السرور والسعادة.
46
25 الحياة اليوم أشبه بصحراء ملتهبة والصديق المخلص فيها هو النسمة العليلة والظل الظليل وقطرة الندى الباردة ،فهو العافية للبدن ،والضياء للعين والصوت الجميل لألذن ..فما سمات الصديق الجيد ،وكيف يكون المرء صديقا جيدا ولماذا الشكوى المريرة عبر التاريخ من قلة األصدقاء؟ هذا ما سأوضحه لبناتي وأبنائي عبر السطور اآلتية: ▪ إن أول خطوة في اختيار الصديق أن يكون صالحا ينتفع المرء بصحبته ويقتبس من أخالقه وقد قال صلى هللا عليه وسلم "إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك إما أن يحاذيك – أي يعطيك – وإما أن تجد منه ريحا طيبة ،ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ،وإما أن تجد منه ريحا خبيثة " الحذر من رفقاء السوء ،ومن ال همة لهم وال طموح ؛ ألن تأثير الصديق السيئ أخطر بكثير مما تظنون .ال تنظروا إلى الصديق على أنه مصدر للنفع ولكن انظروا إليه على أنه مصدر لألنس والهداية والثواب من هللا تعالى ،وأي شيء أعظم من أن يقول هللا تعالى يوم القيامة كما في الحديث القدسي ":أين المتحابون بجاللي اليوم أظلهم بظلي يوم ال ظل إال ظلي " .إن الذين
47
يصلحون ألن يكونوا أصدقاء من الدرجة الممتازة هم دائما قليلون وقليلون جدا وذلك لعدد كبير من األسباب ولهذا يروى عن عمر – رضي هللا عنه – أنه قال :إذا أصاب أحدكم ودا من أخيه فليتمسك به فقلما يصيب ذلك .وأحيانا ال يعثر المرء على صديق ممتاز؛ ألنه هو أصال ليس شخصا ممتازاُ .وفي أحيان كثيرة يكون القيام بأعباء الصداقة الحقيقية متعذرا ُ على بعض الناس فيعمدون الى تقليص عدد أصدقائهم. ▪ اشعروا أصدقائكم أن يطلبوا منكم المعونة دون أي حرج ومن غير أن يخافوا من ألمن وأشعروهم أن ما يسرون به إليكم يظل سرا مصونا حتى لو ساءت العالقة بينكم. ▪ غضوا الطرف عن هفوات األصدقاء ،واستروا العيوب ،وقللوا اللوم. يقول أحد الشعراء: واني لمحتاج إلى ظل صاحب
يروق ويصفو إن كدرت عليه
▪ من حق الصديق علينا أن ننصحه سراُ ،وأن نثني عليه أمام اآلخرين وأن نحمل كالمه على أجمل المحامل ونقبل اعتذاره....
48
▪ كونوا أصدقاء جيدين وال تطلبوا من أصدقائكم أن يكونوا كذلك فانتظار المكافأة إخالل بمعنى الصداقة. ▪ أخيرا أقول لكم يا بناتي وأبنائي :أن هذه ليست أعباء وال تكاليف ثقيلة وأنتم ستأخذون ممن صادقتموهم مثل ما تعطونهم وستنعمون بلفتاتهم الجميلة مثلما ينعمون بلفتاتكم.
49
26 أنتم يا بناتي وأبنائي تجسدون بإذن هللا مستقبل هذه األمة وإن أمة اإلسالم تسعى إلى استعادة دورها اإلرشادي وإلى استعادة مكانتها بين األمم ،ولهذا فإنها في حاجة إلى جيل جديد متشبع بآداب اإلسالم ومفعم باآلمال قادر على العطاء وصابر على طول الطريق وليس لطموحاته حدود.... جددوا النية وأسعوا في مرضاة هللا فالنية الصالحة تجعل األعمال الصغيرة كبيرة ،والنية السيئة تحول االعمال الكبيرة الى صغيرة .حين يتأكد الواحد منكم أنه يسير في الطريق الصحيح فإن عليه أال يرضى بالقليل ،ولو أنكم عرفتم اآلمال العريضة والطموحات الكبرى التي كان يحملها عظماء هذه األمة ألدركتم كيف تم تشييد الحضارة اإلسالمية .يقول ابن القيم :علو الهمة من عالمة كمال العقل وإن الراضي بالدون دنيء. أصموا يا بناتي وأبنائي آذانكم عمن يقول :ليس في اإلمكان أن أبدع مهما كان .وعمن يقول :ما ترك األول لآلخر شيئا .فالساحة مليئة بالفرص العظيمة التي لم تكن موجودة من قبل.
50
فالتجربة تدلنا على أن الوقت يتبدد سدى إذا لم نضغط عليه بآمال مستقبلية .وأن طاقاتكم الكامنة وإمكاناتكم الهاجعة ستظل معطلة ومهمشة إذا لم تبعثوها وتستفزوها من خالل األهداف الكبرى والمتألقة. ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي؟ إنه يعني االتي: -1حرروا أنفسكم باستمرار من اإلحباط واليأس ،وكونوا صما وعميا عن كل أولئك الذين يزرعون فيكم الخوف ،ويشدونكم نحو الخوف. أحلموا بالحصول على األشياء في إطار مبادئكم وتعاليم دينكم ،وأطلقوا العنان ألخيلتكم ،ثم فكروا في السبل التي يمكن أن تسلكوها لبلوغ ما تحلمون به .يقول أحد الحكماء :ليس الشباب بسواد الشعر وال بنضارة البشرة ،وإنما الشباب باالرتقاء المستمر على مستوى العقل والروح وعلى مستوى الطموحات والتطلعات. -2ا كسروا رهبة الخطوة األولى ،وانتقلوا من التنظير والتخطيط إلى العمل والتنفيذ.
51
-3عودوا أنفسكم النهوض بعد كل كبوة واالنطالق بعد كل عثرة ،فطريق المجد مملوء باألشواك واألحجار. -4هموم الكبار وتطلعاتهم كبيرة وهموم الصغار صغيرة ،وبعض الناس يملكون كل مقومات العظمة ،لكنهم لم يصبحوا عظماء ال لشيء ،سوى أن اهتماماتهم تافهة !.
52
27 نحن البشر ضعفاء مهما بلغنا من القوة ،وفقراء إلى هللا مهما بلغنا من الغنى ،وعلينا أن نتصرف دائما في إطار هذه المفاهيم ،وإني أحب أن أهمس في آذانكم بنصيحة غالية ،ال تقدر بثمن ،وهي أن يحرص كل واحد منكم على أن يكون لديه عمل خيري مميز شخصي وخاص بينه وبين هللا تعالى ،يرجو ثوابه ،ويدخر ألوقات ألمحن والشدائد ،فيسأل هللا به .تعرفون خبر أولئك الثالثة الذين أووا إلى غار ،فاندحرت صخرة من الجبل ،فسدت فم الغار ،وقد أدركوا أن هذا األمر من هللا، وأنهم لن يخرجوا إال بمعونة هللا ،فأخذوا يسألون هللا بأفضل أعمالهم ،وكانت أعماال مميزة وعظيمة ،وقد كانت النتيجة أن هللا فرج عنهم ،وخرجوا سالمين .وتعرفون يا أبنائي وبناتي خبر ذلك الرجل الذي يعمل في التجارة ،فإذا رأى معسرا عاجزا عن سداد ديونه له ،قال لموظفيه: اتركوا ذلك الرجل ،وال تطالبوه بشيء ،لعل هللا يتجاوز عني ،فتجاوز هللا عنه وغفر له .إذا العمل المميز هو عبارة عن رصيد احتياطي نسحب منه عند الحاجة ،وحري بكل واحد منا أن يحرص على ذلك كل الحرص .وإن خير ما يمكن أن تقدموه ألهلكم وبالدكم هي المبادرات العظيمة والنماذج السلوكية الرفيعة ،فاألمم ال ترتقي عن طريق األفكار المجردة ،وإنما عن طريق الصور
53
والنماذج والقدرات ،فالذي يقدم نماذج رفيعة أ كثر يكون حبه لوطنه أ كبر .وهذه بعض األمثلة التي توضح الفكرة: • هذه فتاة ترعى أرملة في حيها ،ليس لها أحد يقضي حوائجها ،فتخدمها ،وتساعدها وتؤنسها ،وتمنحها بعض المال عند الحاجة. • شباب وفتيان يستيقظون يوميا ُ قبل الفجر بساعة أو نصف ساعة ،ليستغفرو ويصلوا ويوقظوا أهلهم إلى صالة الفجر. • هذا شاب يلتزم بصدقة يومية قليلة ،لكنها مستمرة. • هذه فتاة أخذت على نفسها عهدا بقول الحق والصدق في كالمها مهما كانت الظروف. • هذه فتاة تقدم نموذجا نادرا في بر الوالدين والشفقة عليهم. ماذا يعني هذا بالنسبة ألبنائي وبناتي؟ إنه يعني اآلتي: -1ال تتمحوروا أبدا حول حسب أو نسب أو منصب أو مال ،ليكن اهتمامكم دائما ُ حول المبادئ التي تؤمنون بها واألعمال العظيمة التي تؤدونها.
54
-2أحرصوا على إخفاء حسناتكم كما تحرصون على إخفاء عيوبكم. -3أبدعوا في البحث عن العمل المميز الذي يمكن أن تقوموا به ،حتى يغتني المجتمع بألوان السمو الخلقي والسلوكي.
55
28 حتى يتم إنجاز عمل من األعمال فنحن بحاجة إلى أمرين :إرادة وقدرة .وإذا تساءلنا :يهما أهم لنجاح األعمال؟ فسأقول بدون تردد :اإلرادة أهم .لماذا؟ ألن اإلنسان حين يريد الحصول على شيء فإن إرادته تدفعه في توفير أسبابه وأدواته ،تماما مثل الجائع الذي ال يملك قوت يومه ،فإن رغبته الشديدة في الطعام وإرادته القوية في الحصول عليه سوف يدفعانه في اتجاه البحث الحثيث عنه واختراع ألف حيلة وحيلة من أجل ذلك .مع اإلرادة القوية يمكن أن يحصل العاجز على قدرة ما ،يتعلم الجاهل شيئا مما يحتاج إليه ويمكن اختراع شيء عظيم من شيء تافه ،لكن إذا فقدت اإلرادة ،فلن يكون لدينا أي شيء .وأود هنا أن أشير إلى ثالث نقاط مهمة: • إذا تأملتم أعزائي في التفاوت الماثل بين البشر على صعيد االستقامة والفالح واإلنجاز فإنكم ستجدون أنه متولد _ على نحو جوهري _ من تفاوت اإلرادات والعزائم ،وليس من تفاوت القدرات .الشاب (محمود) قادر على أن يقرأ كل يوم ساعة ،وقادر على الذهاب إلى المسجد خمسة أوقات في اليوم ،لكنه ال يفعل شيئا من ذلك ،على حين أن الشاب (أحمد) يفعل كل ذلك يوميا؛ ألنه يملك إلى جانب القدرة اإلرادة وهكذا ...
56
• إن من رحمة هللا تعالى بنا أبنائي وبناتي أن تقوية اإلرادة _ والتي تشكل شيئا حاسما في تقدمنا _ ممكنة دائما ولكل البشر ،فهي من هدايا الرحمن لنا عامة وللفقراء والضعفاء خاصة .أما تنمية القدرات فإنها غير متيسرة لكثير من الناس بسبب سوء ظروفهم. ولهذا فإن إعراض كثير من الشباب وقعودهم عن طلب المعالي يعد شيئا ال مسوغ له. • كثيرا ما نخلط بين القدرة واإلرادة ،فنقول :إننا ال نستطيع فعل كذا وكذا ،والحقيقة أننا ال نريده ،ولكن نستحي من أن نقول :ال نريد ،فنقول :ال نستطيع .حين تخلف المنافقين عن غزوة تبوك اعتذروا بعدم االستطاعة حيث قالوا _ كما أخبر هللا عنهم _ " وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم وهللا يعلم إنهم لكاذبون". ثم أخبر هللا سبحانه وتعالى أن المسألة ليست مسألة قدرة ،وإنما مسألة إرادة ،يقول تعالى " :ولو أرادوا الخروج ألعدوا له عدة " تعالوا يا أبنائي وبناتي حتى يتأمل كل واحد منا في أوضاعه وشؤونه ليرى هل مشكلة تقصيره تعود إلى ضعف إرادته أو ضعف قدرته ،وأنا واثق أن النظر الموضوعي العميق سينتهي بنا إلى االعتقاد بأن معظم قصورنا يعود إلى ترهل إراداتنا .السؤال الذي من حقكم طرحه اآلن هو :ما السبيل إلى تقوية اإلرادة؟ والجواب يتلخص على نحو موجز في اآلتي:
57
-1نحن في حاجة ماسة إلى معونة هللا كي ننتصر على أنفسنا وشهواتنا وعاداتنا السيئة، وإن خير ما نستنزل به تلك المعونة هو مجاهدة النفس ،يقول هللا عز وجل ":والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا “ .كل الحلول من غير مجاهدة للنفس هي حلول غير صالحة وغير مجدية. -2لنردد داخل أنفسنا العبارات الدالة على قوة اإلرادة مثل :أنا أحب الخير لفالن ،أنا عازم على مساعدته .أنا مصمم على أداء صالة الفجر في المسجد _ وهذا سيكون بإذن هللا تعالى ،إرادتي ليست ضعيفة بل قوية وقوية جدا ... -3ألبد لتقوية (اإلرادة) بالتدرج ،من خالل إلزام النفس بتنفيذ أشياء صغيرة ومحدودة ،ثم إضافة أشياء صغيرة أخرى مثال إذا لم يكن أحدكم يقرأ في اليوم أي شيء ،فليلزم نفسه بالقراءة عشرين دقيقة كل يوم مدة سنة ،وفي السنة الثانية يلزم نفسه بقراءة أربعين دقيقة كل يوم وهكذا ... -4حاول أن تحرم نفسك من بعض األشياء التي تحبها في سبيل إثبات وجودك أمامها، فإذا حدثتك نفسك بترك العمل لتشرب كأسا من الشاي أو العصير ،أو حدثتك
58
ملح ،وال حاجة بك إليه ،فارفض طلبها بالخروج من المسجد مسرعا لتشتري شيئا غير ٍ قطعيا ،وذلك حتى تشعر بأنك تستطيع السيطرة فعال على نفسك. -5حاول كلما تخلصت من عادة سيئة أو شيء محرم أن تحل محله عادة حسنة ،أو شيئا نافعا ،فإذا كنت من الشكوى للناس فتخلص من ذلك ،وأحل محله الثناء على هللا على نحو مكثف في سرك وعالنيتك. -6صاحب أشخاصا معروفين بصالبة اإلرادة وقوة العزيمة ،فإنك تقتبس من أرواحهم وعزائمهم دون أن تشعر ،وحاول أن تتعلم منهم كيفية مقاومة الرغبات.
59
29 بناتي العزيزات أبنائي األعزاء ،هل تريدون لعقولكم أن تصبح منفتحة ،وهل تريدون لرؤيتكم لألشياء أن تصبح واضحة ،وهل تريدون االطالع على حكمة عصور بأكملها؟ ..إذا كنتم تريدون ذلك وأ كثر منه ،فعليكم بالقراءة .نصيحتي لكم :ال تخطفكم وسائل اإلعالم من الكتاب ,وعليكم أن تدركوا أن مصداقية ما نقروه ونطلع عليه أعلى من مصداقية ما نسمعه ،وأن قراءة كتاب قد تكون في بعض األحيان أنفع لكم من مجالسة صاحبه ،وال أريد شرح هذه اآلن ،لكن أقول لكم :ابذلوا جهدا في اختيار الكتاب المالئم لكم فعال ،وإذا ُ خ ٍير أحدكم بين كتاب سهل سلس ، يستوعبه قارئه من غير مشقة وبين كتاب فيه شيء من الصعوبة ،وتحتاج قراءته إلى شيء من التركيز واألناة ،فال يتردد في اختيار الثاني ،وهذا ما أفعله أنا شخصيا في اختياري للكتب ،لماذا نفعل ذلك ؟ألننا نريد من الكتاب أن يرتقي بنا في عالم المعرفة ،وال يمكنه االرتقاء بنا إال إذا كان أعلى من مستوانا قليال .ال تفرحوا يا بناتي وأبنائي بقراءة الكتب السهلة؛ ألن المرء حين يقرأ ال يفهم إال ما يعرف ،فإذا فهمتم ما تقرؤونه ،فهذا يعني أنكم تعرفونه ،ويكون دور الكتاب هو التذكير ليس أ كثر.
60
أحرصوا على قراءة الكتاب بطريقة جيدة ،أحرثوه حرثا ،وضعوا خطوطا تحت العبارات المهمة ،أو انقلوها إلى أوراقكم ،حاولوا استنفاد كل ما في الكتاب ،وفكروا فيما تقرؤونه؛ ألنه ال يصبح ملكا لكم إال من خالل التفكير فيه .نحن ال نشكو من ندرة الكتب الممتازة ،وإنما نشكو من ندرة القراء المتميزين ،وإن القارئ الجيد ليس هو الذي يقرأ كتبا ُ كثيرة ،ولكنه إذا قرأ كتابا ُ قرأه بطريقة جيدة. إن الواحد منكم أيها األعزاء إذا قرأ كل يوم ربع ساعة ،فإنه يضمن لنفسه قراءة عشرين كتابا متوسطا في العام ،وهذا ليس بالقليل .وإن الواحد منكم لو قرأ في علم من العلوم كل يوم نصف ساعة ،فإنه يصبح بعد خمس سنوات أستاذا في ذلك العلم. ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى بناتي وأبنائي؟ إنه يعني اآلتي: -1اقتطعوا جزءا من مصروفكم الشهري من أجل شراء الكتب وبناء مكتبة صغيرة في المنزل. -2مطلوب من كل واحد منكم أن يخصص ساعة من كل يوم على األقل للقراءة المدققة والمتأنية.
61
-3اقرؤوا للمبدعين والكتاب الجيدين حتى تحصلوا على أ كبر قدر ممكن من المعرفة الموثوقة والجديدة. -4إذا نظم اإلنسان وقته على نحو جيد ،فإنه سيجد لديه فراغا كبيرا يملوه بالقراءة واالطالع.
30
62
31 الدماغ البشري أعظم ما وهبه هللا لإلنسان ،ولكن األشخاص يستفيدون منه بنسبة قليلة تصل إلى ٪1فقط من العقل البشري. ومن هنا نقول إن التفكير هو أرقى الفنون ألنه يحدد اتجاهنا ويكشف عيوبنا ونستطيع ان نبدع ونخترع. من األسباب التي جعلتنا نهمل التفكير هو عدم ممارسته من الصغر. وهذه بعض المالحظات المضيئة لممارسة التفكير: -1إن عقولنا تعمل على معلومات مخزنة بها سابقا ،فإن كانت المعلومات جيدة، فستصبح تصرفاتنا صحيحة ،ولو كانت المعلومات مشوه وكاذبة فستصبح تصرفاتنا خاطئة فدائما قبل دخول اي معلومة إلى عقولنا يجب التفكير هل هي صائبة أم ال فالمعلومة يجب ان نمارس عليها المالحظة والتحليل والنقد وعن وجود العالقات واالرتباطات بين األشياء. -2القيام بعملية العصف الذهني قبل اإلقدام على قرارة مهمة مثل الزواج ،الدراسة، انتقال السكن ..إلخ. 63
ومشاركة الزمالء في اتخاذ القرار ،وعدم نقد األقوال التي تطرح اثناء عملية العصف الذهني، ويجب ان تكون جميع األفكار مقبولة مهما كانت تافهة. -3ألتمحص والتفكير والمشاورة في القرارات الكبيرة والقضايا المصيرية وعدم التعجل، والقيام بالدراسة الكافية قبل اتخاذ القرار. -4استخدام المنطق والبراهين والتجارب. -5فكروا فيما تقرؤونه ومناقشة الكاتب في بعض ما كتبه ،فالكاتب بشر يخطي ويصيب.
64
32 أرسل نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم رحمة للعالمين ،وعلى كل مسلم االقتداء بنبينا محمد صلى هللا عليه وسلم ويجعله أسوة حسنة .إن العولمة اليوم تنشر روح القوة وأخالقيات السيطرة والمنافسة وتدعوا أن نكون من األقوياء ،ولكن يجب أال تنسينا الضعفاء والرحمة واإلحساس بهم .فالرحمة تتصل بالبذل والعطاء واالحسان ،والقوة تتصل باألخذ واالستحواذ هللا عليه وسلم " " .وهذه والغلبة والسيطرة ..ويجب التفريق بينهما .وقد قال رسول هللا صلى ه نصائح وإرشادات حتى نتحلى بالرحمة ونجعلها فوق قوتنا: -1الحذر من التكبر والغرور بالقوة والثروة. -2التجاوب مع المشاعر الحزينة والتأثر بفواجع المسلمين -3رحمة الخدم وغض الطرف عن هفواتهم. -4عدم التشمت بالعصاة والدعاء لهم ،واألخذ بأيديهم إلى طريق الهداية. -5أحق الخلق بالرحمة والمغفرة هي أنفسنا ،فعلينا أن نرحمها وان ال نمارس الجلد الذاتي لها بسبب وبغير سبب .فعلى اإلنسان حمد لله دائما ،وتشجيع نفسه والتفاؤل تارة ولوم نفسه تارة أخرى. 65
33 إن حاجة اإلنسان إلى األمن كحاجته إلى الطعام والشراب ،فكيف على اإلنسان طرد الخوف والقلق المزعج الذي يصيبه دائما: أوال ً :باإليمان والعمل الصالح " إن اللذين قالوا ربنا". وعلى العكس فعل السيئات يؤدي إلى سلب اإليمان وجلب الخوف " وضرب هللا مثال ".. وهناك أمور يجب فعلها حتى نتخلص من الخوف. ثانيا :الخوف من الهزيمة واإلخفاقات أمر جيد ولكن يجب أال يصل إلى مرحلة الهم المؤذية ثالثا :لنعلم أن الحياة الدنيا ليست دار راحة ،وأن فيها المسرات والمكدرات. رابعا :التذكر بأنه على قدر الشدة والبالء يكون العطاء. خامسا :االبتعاد عن الكذب والغش والتقصير ،فاإلنسان الكاذب يعيش في خوف أن يتم كشف كذبه وفضحه على المأل. سادسا :يعتبر الجهل من مصادر الخوف ويجب على المرء العلم والمعرفة حتى يتبدد الخوف. سابعا :الدخول في المجازفات ذات المخاطر القليلة ألن هذا يولد الثقة بالنفس ويبدد الخوف والقلق. 66
34 ان تعيشوا زمانكم يعني ان تفهموا عقل هذا الزمان وروحه وتحاولوا االنسجام بأفضل ما فيه، قال أحد العلماء " إذا لم تكن لك روح عصر كانت لك كل شروره “. وروح هذا العصر تتمثل في: • التحلي بالقيم مثل الصدق واألمانة والدقة. • امتالك دوافع قوية توجه سلوك الفرد نحو المعالي. • وجود برنامج يومي بأهداف محددة وواضحة. • التعلم الجيد. • التزام الدقة في المواعيد والحرص على القوانين. وهذه بعض النصائح لكم لكي تعيشوا زمانكم: • العصر مملوء بالفرص والتحديات ..استثمروا هذا الفرص. • الجدارة والكفاءة واالستقامة والتفتح الذهني مفردات اساسية في قاموس هذا العصر. • الحذر من الفهم الخاطئ حتى ال يحصل التحلل الخلقي. • ال ترضوا ابدا ان تكونوا اشخاص عاديين ..ابحثوا عن الريادة والتقدم. 67
" 35
".
جرت عادة الناس اإللحاح على التوافق واالنسجام وكره االختالف ،ولكن نحن نعيش في زمن متسع وكثير ٌ فيه االختالف ،واالختالف من سنن هللا الكونية ،فقد قال "(ومن آيته "وقد اختلفت فلكل منا عين وأنف وفم ولكن لن تجد شخصا مطابقا عقولنا ونفوسنا كما اختلفت وجوهنا)”، ٍ لآلخر .فهكذا هم الناس تجمعهم أمور عامة ،وتفرقهم التفاصيل الصغيرة ،فقد فطر هللا الناس على طبائع مختلفة ،فمنهم الكريم ومنهم الصبور ومنهم الهادي ،فهذا كله يؤدي إلى الكثير من النزاعات .فقد تجد بعض األسر تربي طفلها على الرخاء والنعيم العتقادهم ان العالم كله طيب وبعضهم يربيه على القسوة والعنف ألنه ينظر إلى العالم بمنظار أسود .لذا ال ينظر أحدكم أنه األصل في كل شيء ،وحاولوا فهم وجهات نظر اآلخرين وتفهم ظروفهم ،ولننظر إلى االختالف أنه مصدر ثراء وليس شيء يكدر صفو األمة اإلسالمية ،والكثرة دائما ال تعني الصواب ،فقد قال ابن مسعود" وحتى نقلل االختالف فالحوار والتفاوض المباشر هي أفضل وسيلة لذلك".
68
" 36
".
إن األمة تحتاج إلى الجدية إلنجاز األعمال والتقدم ،ولكن يجب ان ال ننسى ان نضيف لحياتنا شيء من المرح ،حتى ال نقع في الجدية الغبية ،فقد كان رسول هللا ال ُيرى إال مبتسما رغم تحمله مسؤولية هذه األمة المباركة ،وقد كان يمازح أصحابه ويضحك معهم ،ويتعجب مما يتعجبون منه .فحاولوا ان تضحكوا من قلوبكم ،وترفهوا عن أنفسكم وقاوموا الرتابة والملل، فإنهما العدوان اللدودان للسعادة .وهذه نصائح وتوجيهات لكم حتى تضيفوا لحياتكم شيئا من المرح: -1أتخذوا من الضحك صمام أمان من االكتئاب والتوتر. -2أن الطرفة المهذبة تشكل اداة إلثارة أعماق الروح. -3أضحكوا مثل األطفال الصغار ،فهم يضحكون بسهولة ومن أي شيء. -4تخلصوا من الكبر والتعالي على الناس بالضحك.
69
-5تحدثوا مع الناس واألصدقاء وأضحكوا معهم ،فالناس يحبون األشخاص اللذين يتصفون بهذه الصفة. -6أفرحوا بالطاعة واإلنجاز وبلقاء األهل واألصدقاء وعبروا عن شكركم لله.
70
37 عظمة المرء من عظمة ما يؤمن به ،وإن ديننا الحنيف الذي نفخر باالنتماء له يوجهنا إلى حب الحق واحترام الحقيقة ،وأن نتعامل معها كما هي من غير تزيين وال تقبيح .إن التثبت من صحة ما نسمع وما نقرأ يشكل البداية لتحديد موقفنا منه والبداية لمواالة الحق ونصرته. قال هللا عز وجل في كتابه الكريم " :يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين “. ما الذي يعنيه هذا بالنسبة إلى بناتي وأبنائي؟ إنه يعني اآلتي: -1دربوا أنفسكم على عدم تصديق كل ما تسمعونه من خالل إثارة التساؤل حوله وإعمال العقل فيه ،ودربوها كذلك على اإلقالل من روايته ونشره بين الناس. -2ابحثوا دائما عن مصدر القول الذي تسمعونه ،وحاولوا معرفة ناقليه ،هل هم ثقات مؤتمنون أو ال؟ -3في الغالب يكون ثبوت ما تشاهدونه أعظم وأشد من ثبوت ما تسمعونه.
71
-4تثبت التجارب والوقائع التي تفوت الحصر أن النقل الشفوي يظل غير دقيق ،والناس يزيدون في األخبار الشفوية حسب فهمهم وأمزجتهم وأهوائهم. -5كلما أنطوى الخبر على غرائب وأمور غير مألوفة وجب علينا أن نتوقف وندقق فيه أ كثر. -6ال يعرف حجم الشيء ،وال يعرف مقداره وخطؤه وصوابه حتى ينتهي.
72
38 القصور الذاتي عدم كفاية القدرات الذاتية للمرء أو عدم استثمارها على النحو األمثل ،كما أعني به ضعف إرادته على صعيد مقاومة رغباته وعلى صعيد قيامه بمسؤولياته. القصور الذاتي يتجلى في العديد من األمور ،منها اآلتي: -1عدم وضوح األهداف التي يسعى إليها المرء. -2الكسل وفتور الهمة بسبب فتور الدوافع والمحرضات على العمل. -3تسهم الفوضى بحظ وافر في القصور الذاتي. -4التسويف عدو كبير ألصحاب النفوس الكبيرة والهمم العالية.
73
39 أود من أبنائي وبناتي أن يؤمنوا على نحو جازم أنه ما دام هناك حياة وأحياء ،إذن هناك فرص للعمل والسعادة والنجاح والعطاء والترقي ...من النادر أن تطرق الفرصة باب أحد إال إذا كان متميزا جدا ومشهورا جدا .أما الشباب والفتيات وحديثو التخرج ،فإن عليهم هم أن يبحثوا عن الفرص بجدية وحسب األصول. وهذه بعض الملحوظات في مسألة الفرص: -1الفرصة رزق من هللا وإن ما عند هللا ينال بطاعته. -2الفرص موجودة وغير موجودة في آن واحدة :موجودة أمام المؤهلين لها ،وغير موجودة أمام الكسالى والمهملين والفوضويين. -3إن خير أحدكم بين أن يجلس في بيته وبين أن يعمل مجانا ،فإن عليه أال يتردد في أن يعمل مجانا.
74
-4حاول دائما أن تكون لك ميزة على أقرانك. -5إذا لم تجد العمل المناسب لك ،فال تقعد في بيتك ،واقبل بما تيسر ،ثم أبحث عما هو أفضل وأليق بك. -6شيء طبيعي أال يجد المرء في مقتبل عمره الوظيفة المناسبة ،لكن بعد مدة أربع أو خمس سنوات تستقر األمور ،وتنتهي المشكلة.
75
40 ألبد يا أبنائي وبناتي من أن تلتفتوا في كل مراحل التعليم إلى الوسائل واألساليب الحديثة في التعلم ،وهذه األساليب تقوم جميعها على قاعدة واحدة هي " كلما بذل الطالب جهدا أ كبر في التعلم كان ما يحصل عليه أعظم و أنفع و أبقى " و في إمكاني أن أذكركم على هذا الصعيد باألمور األتية: -1كونوا شديدي االنتباه لما يقوله المدرسون والمدرسات ،وا كتبوا كل األفكار والفوائد الجميلة والمالحظات القيمة. -2ليحاول كل واحد منكم أن يجلس في مكان حيوي في الفصل ،حتى يستطيع التفاعل الجيد مع من يلقي عليه الدروس. -3التعلم تفاعل والتربية كذلك تفاعل ،والطالب يتعلم على مقدار ما يتفاعل. -4تحضير الدروس قبل المجيء إلى المدرسة. -5كتابة الواجبات وحل التمارين المنزلية بهمة ونشاط. -6تعلموا أصول كتابة البحوث ،وعودوا أنفسكم ممارسة الكتابة. -7تعلموا القراءة السريعة وتعلموا القراءة المركزة.
76
-8حاولوا دائما تسريع مدلول المواد المقررة عليكم في المدارس والجامعات من خالل الرجوع إلى المصادر والمراجع واالطالع على تاريخ العلوم التي تدرسونها. -9ليحاول كل واحد منكم أن يتخصص في فرع من فروع المعرفة على أمل أن يصبح في يوم من األيام حجة ومرجعا فيه. -10
التحديات التي تواجهنا اليوم في كيفية توظيف المعلومات التي لدينا في تحسين نوعية
الحياة وتحسين األخالق واألوضاع االجتماعية إلى جانب استثمارها على الصعيد العملي واإلنتاجي. -11
حاولوا أن تجلسوا مع أهل العلم والفضل والفكر وأن تنهلوا من معينهم وتستفيدوا من
تجاربهم.
77
41 أن المسلم الملتزم بحقيقة الدين يظل مترددا بين خير ،ينجزه وخير يتطلع إليه ،ولهذا فإن قلبه دائم التألق ،وضميره في حالة من الراحة العظيمة. قد ذكروا أن عبد هللا بن اإلمام أحمد قال ألبيه أحمد :يا أبت أوصني ،فقال له " :يا بني انو الخير فإنك ال تزال بخير ما نويت الخير “. ما الذي يعنيه هذا بالنسبة ألبنائي وبناتي؟ إنه يعني اآلتي: -1الخيرون من هذه األمة يحبون اإلحسان إلى الخلق. -2حب الخير وإرادته موجودان لدى المرء. -3إن المنتفع األساسي بأعمال الخير ليسوا الذين يستقبلونها ،وإنما الذين يقومون بها. -4اجعلوا من نواياكم معيارا تتعرفون من خالله على جوهر شخصياتكم وعلى القيم التي تؤمنون بها. -5ليحاول كل واحد منكم أن يقوم بعمل خيري صغير كل يوم.
78
-6قارنوا دائما بين ما تفعلونه من الخير وبين ما تتطلعون إليه ،وأجعلوا ما تتطلعون إليه أ كبر وأعظم ،وأسعوا في تحقيقه. -7اتخذوا من نية الخير حاجزا يحول بينكم وبين الوقوع في المعاصي وحاجزا يمنعكم من السقوط في أوحال األنانية. -8حدثوا أهليكم وأصدقاءكم المقربين بما تتطلعون إليه ،واستشيروهم في كيفية الوصول إليه ،واطلبوا منهم المساعدة على ذلك.
79
42 إن حب المسلم لوطنه جزء من حبه لدينه ،فإذا أردنا ألمة اإلسالم أن تزدهر ،وأردنا للرايات اإلسالمية أن تخفق عاليا بالبشر والخير ،فإن علينا العمل على بناء أوطان عزيزة ومنيعة وخيرة، تفيض بالرحمة والبر والتآلف .احذروا يا أبنائي وبناتي أن تتعاملوا مع الوطن كما يتعامل التاجر مع التاجر ،إن هذا المنطق يجافي الحب الحقيقي للوطن .البلد الصالح هو وطن يسكنه أناس صالحون ،والبلد الفاسد بلد يسكنه أناس فاسدون .هنا قد تقولون لي :من هو المواطن الصالح، وما هي المواطنة الصالحة؟ وأقول في جواب هذا السؤال: -1المواطن الصالح والمواطنة الصالحة إنسان قادر على أن يمنح الوطن شيئا من حبه وعاطفته واهتمامه. -2المواطن الصالح قبل كل شيء هو لبنة ممتازة يفتخر البناء الماهر بجعله جزا صغيرا من صرح الوطن الكبير! -3صالحية المرء ألن يكون جزءا من صرح الوطن تتجلى في شيئين جوهريين هما: االستقامة في السلوك والكفاءة الشخصية. -4المواطن الصالح يضبط حريته باإلرادة الجمعية لمجتمعه. 80
-5يشكل المواطن الصالح إضافة لوطنه من خالل إعداده الجيد لذاته. -6حين يعاني الوطن من مشكالت بعينها ،فإن المواطن الصالح يكون جزءا من الحل لتلك المشكالت. -7المواطن الصالح يملك فائضا من الوقت أو الجهد أو المال ،ويعمل على توظيف ذلك الفائض في خدمة العناصر الضعيفة. -8المواطن الصالح يعامل المكان الذي يعيش فيه كما يعامل مثقف ممتاز مكتبته الخاصة.
81
43 أنا أعرف حجم المعاناة التي يالقيها أبنائي وبناتي في هذا العالم المملوء بالشكوك والشهوات والمغريات والتعقيدات ،...وهذا هو بالضبط ما يدفعني إلى التركيز على الجانب الروحي .الطريق إلى ذلك بسيط وجميل وواضح ،ويمكن أن أشير إلى أهم مالمحه المفردات اآلتية: -1تذكروا دائما أن مستقبلكم ومصيركم وكل شأنكم في يد هللا البر الكريم العزيز الرحيم، وحاولوا ترسيخ هذا المعنى في وعيكم من خالل استحضاره وفهم مدلوالته. -2كلما رأيتم فرصة للعمل الصالح ،سارعوا إليه. -3هناك شيء فريد في إشعال جذوة الشوق في القلوب وفي التنعم بنفحات الكريم الرحيم ،وهو االستيقاظ قبل الفجر والتوجه إلى هللا. -4تعلموا فن التذلل لله والتملق له واالنكسار بين يديه. -5قاوموا المغريات وكل ما يصرفكم عن التفكر في فضل هللا وعظمته وسلطانه.
82
44 كثيرا ما يتجادل الناس في المفاضلة بين العقل والعلم ،أيهما أهم .فال أحد يستطيع ان يه هون من شأن الذكاء ودوره في المعرفة ،ولكن كال من العلم والذكاء أساس في اإلبداع والنجاح .ومن هنا يجب ان نقول انه كلما قل العلم ظهر دور الذكاء ،وكلما كثر العلم تراجع دور الذكاء .واالعتقاد السائد هو أن العلم المصدر األساسي لتشغيل العقل .ذكاء متوسط مع تعلم جيد خير ٌ من ذكاء متوهج ال يصحبه تنظيم وال علم وال طموح نصيحتي لكم هي كالتالي: -1ال تفكروا في مستقبلكم بناء على ذكاءكم وقدراتكم ،بل على العلم النافع الذي يساعدكم على الوصول إلى تلك األهداف. -2ال تلتفتوا إلى من يحبط من ذكاءكم. -3ابحثوا عن الجامعات الممتازة ولو كانت مكلفة. -4الصبر والعزيمة واإلصرار على طلب العلم قد يحقق منكم من التقدم الشخصي ما يعجز عنه كثير من األذكياء.
83
45 الصدق هو مفتاح الخيرات فقد قال رسول هللا " إن الصدق يهدي " .والبر اسم جامع لكل خير، فكأن الصادق يحرز الخيرية وينال شرف االنتماء .أما الكذب فقد فشا في الناس ،وأصبح وباء هذا العصر .الصدق هو االستقامة واستواء الظاهر والباطن وهو دافعا كبيرا لتحسين األخطاء .واألمة بحاجة ماسة إلى الصدق حتى تسود الثقة في عالقتها المختلفة ،فهو يجعلنا نشعر باألمن واألمان والوضوح والطمأنينة.
84
46 الناس مفطورون على حب أنفسهم واإلعجاب بأعمالهم ،ولكن يواجهون مشكالت جمة ومتنوعة حين يتعاملون مع بعضهم ،وسبب هذه المشاكل يعود إلى تحكم أهوائهم بهم وضعف مقاومتهم لرغباتهم .نحن مطالبون من قبل الخالق ان نقول الحق ولو على أنفسنا سواء كنا نتعامل مع صديق حميم او عدوٌ لدود .ونتعامل مع الجميع باألنصاف وال تأخذنا في ذلك لومة الئم .نحن نحب ان يعاملنا الناس بالحسنى وال يقللوا من شأن مواهبنا ،ومن شأن الخير الذي لدينا ،نحن نحب كل هذا ،فيجب علينا معاملة اآلخرين بالمثل والعدل واالنصاف. ومقاومة التحيز تكون بمعاملة الناس بالعدل واإلنصاف واستخدام الكلمات الدقيقة لوصف األشياء مثل :مقبول وحسن ،وعدم اصدار األحكام على الناس على أساس الظن او على أساس الحدس الشخصي ،وعدم الحكم على نوايا الناس ومقاصدهم.
85
47 لدى الشباب والفتيات قيم سامية يؤمنون بها ،ولكن األمور ال تسير دائما كما نشتهي أو كما نظن ،ويجب علينا التكيف مع ما هو موجود .الواقع خليط من القيم والمصالح والظروف الصعبة ،وبسبب هذه الظروف يتخلى كثير من الناس عن المبادئ في سبيل تحقيق مصالحهم، وهذا مرفوض ولكنه حقيقة واقعة ويجب التعامل معها بحكمة وفعالية.
86
48 هناك طموح مشترك وعظيم لدى جميع الشباب والشابات وهو إقامة عائلة متحابة وناجحة، لكل منهما نجد أن الرجل ُ خلق وهذا الطموح نابع من تكوين كُل من المرأة والرجل .وحين ننظر ٍ ليعيش بجوار المرأة ،وخلقت المرأة لتعيش بجوار الرجل ،فالرجل المعرض عن الزواج والفتاة التي ال تطمح له يوجد خلل في شخصيتهما .فالزواج يكسب المرء شخصية جديدة وتنمو عنده بعض المشاعر والمفاهيم وتتغير نظرته للحياة ،وستنمو روح التضحية وااليثار والتنازل والتراحم .وعلينا تذكر ان الزواج سبب لتحصين النفس من االنحراف. وحتى نتهيأ لبناء اسرة متدينة ومتحابة ومتميزة ،فعلينا ادخال مسألة الزواج وبناء األسرة في الخطط المستقبلية للشباب والفتيات ،وليكن الدين والخلق اهم ما يبحث عنه الشاب واهم ما تبحث عنه الفتاة .وسبب كثرة الطالق هذه األيام هو كثرة الخالفات الزوجية ،بسبب الثقافة التي تنشرها العولمة التي تدعو لألنانية والتمتع والتسلية واللهو ،فيجب على المرء معرفة آداب الحياة األسرية وواجباتها.
87
49 يشعر الكثير من الناس باالرتباك عند التعامل مع الحاضر والمستقبل والماضي ،فنجد الشخص يغرق في ماضيه وال يستطيع التركيز على حاضره ومستقبله ،فعلى المرء الموازنة بين هذه األمور الثالثة ،فالله عز وجل أوصانا أن ننظر إلى األمام وأن نراقب الغد ،وعلى المسلم أم يحسن القرارات التي يتخذها ويجعل حركاته اليومية في االتجاه الصحيح ،واالجتهاد في معرفة .الطرق الموصلة لالتجاه الصحيح ،وعليه ايضا عيش حاضره والتمتع باألشياء التي بين يديه ، وال يض هيع حاضرا من أجل مستقبل وال مستقبال من أجل حاضر ،وال يجعل التفكير في المستقبل جالبا للهموم والخواطر السوداء .
88
50 أصبحت اليوم مجالسنا تضج بالنقد لكل شيء وأصبحنا متمرسين بنقد الذات وجلدها والكل يشكوا ويتأفف ،هذا الفعل خاطي وعلينا شكر هللا على نعمه وتذكرها وان نطرد اليأس والهم والغم الذي يطوقنا في جميع أحاديثنا .وعلينا ان ننشر البشر والبشرى بإدخال السرور والطمأنينة على جميع القلوب ،وإذا تحدث الناس يوميا بالخسائر نذكرهم باألرباح وان نريهم الوجه المشرق لألشياء ،وعلينا االحتفاظ ببراءة األطفال وتعلم الفرح الذي يغمر قلوبهم عند حصولهم على قطعة حلوى ،وال تنسوا شكر هللا دائما وابدا على الذي بين أيديكم واستخدام الكلمات الجميلة والرقيقة في التعبير عن مشاعركم واوضاعكم وأشيائكم.
89
ً فكرة كانت أو معلوم ٍة قد قد تكون وجدت ضالتك في هذا الكتاب، سرقت ُلب قلبك ،و ُر بما اقتبست منه نورا ً يشع بك ،فهل ُتشارك اآلخرين هذا النور عبر حسابنا ف ُنضيء جم ًيعا؟
90
91