الآمال العظيمة

Page 1

@Rawafed-k

1

@Rawafed_k


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫عنوان الكتاب‪ :‬اآلمال العظيمة‬ ‫المؤلف‪ :‬تشارلز ديكنز‬

‫‪2‬‬


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫أسماء الملخصين ‪:‬‬ ‫أفنان الغروي‬ ‫روان القحطاني‬ ‫رقية روضة‬ ‫صالحة محمد صفحي‬ ‫زينب عطية‬ ‫حنين الحركان‬ ‫رفاء نافذ البشيتي‬ ‫امنة‬

‫المقدمة والخاتمة ‪:‬‬ ‫إيمان حسين جبريل‬

‫تدقيق ‪:‬‬ ‫سماهر محمد صالح‬

‫تنسيق ‪:‬‬ ‫أمل العيسى‬

‫‪3‬‬


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫الفهرس‬ ‫المقدمة‬ ‫الفصل االول‬ ‫الفصل الثاني‬ ‫الفصل الثالث‬ ‫الفصل الرابع‬ ‫الفصل الخامس‬ ‫الفصل السادس‬ ‫الفصل السابع‬ ‫الفصل الثامن‬ ‫الفصل التاسع‬ ‫الفصل العاشر‬ ‫الفصل الحادي عشر‬ ‫الفصل الثاني عشر‬ ‫الفصل الثالث عشر‬ ‫الفصل الرابع عشر‬ ‫الفصل الخامس عشر‬ ‫الخاتمة‬

‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪43‬‬

‫‪4‬‬


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫المقدمة‬ ‫من منا يحلم دوما بأحالم وآمال عظمية ويراها تتحقق في يوم ما ؟‬ ‫بطل قصتنا ( بيب ) عاش بآماله العظيمة والكبرى كانت تتحقق يوما بعد يوم حتى أتى اليوم‬ ‫الموعود النقضاء جميع آماله ‪..‬‬ ‫نترككم مع القصة ونتمنى لكم ساعات مليئة بالمتعة والفائدة‪..‬‬

‫‪5‬‬


@Rawafed-k

‫الفصل االول‬

6

@Rawafed_k


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫مقابلة بين المقابر‬

‫عشت معظم السنوات األولى من حياتي في مقاطعة (( ِكنت )) ‪ ,‬ومع ذلك فإن‬ ‫مستنقعاتها الموحشة مازالت تخيفني حتى اآلن ‪ ,‬فقد كنت اسمع أصوات غريبة صادرة من‬ ‫النهر المجاور ‪.‬‬ ‫وعندما كنت في السابعة من عمري ‪ ,‬في عشية عيد الميالد ‪ .‬ذهبت لزيارة قبر أبي و‬ ‫أمي الذي يقع في ساحة الكنيسة بالقرب من مستنقعات موحشة ‪ ,‬وفي أثناء الزيارة حاولت أن‬ ‫أتذكر أي شي عنهما فلم أستطع ‪ ,‬لذلك انهمرت الدموع من عيني وبدأت بالبكاء ‪ ,‬فجاءه سمعت‬ ‫صوتا مخيفا يصيح بي ‪ :‬توقف عن هذا الضجيج و إال قطعت رقبتك ‪!..‬‬ ‫وظهر أمامي رجل عمالق خرج من بين المقابر و أمسكني من ذقني بقبضته الحديدية ‪,‬‬ ‫كان يرتدي مالبس رمادية اللون ‪ ,‬ويحيط بقدميه طوق حديدي ‪ .‬كانت مالبسه مبتلة ويرتعش‬ ‫جسمه من شدة البرد‪ .‬وأخذ يحملق في بعينين يتطاير منهما الشرر‪ ,‬فقلت وأنا ارتجف من شدة‬ ‫الرعب‪ :‬ال تقتلني أرجوك!‬ ‫سألني الرجل‪ :‬ما اسمك؟ ‪ ,‬ومن هم أهلك ؟ ‪ ,‬أجب بسرعة !‬ ‫فقلت على الفور‪ :‬اسمي ((بيب)) ووالداي مدفونان في هذه القبور‪ ,‬وأنا أعيش مع أختي‬ ‫وزوجها الحداد ((جو))‪ .‬فقال الرجل وهو ينظر إلى القيد الحديدي بقدمه‪ :‬هه حداد ؟!‬ ‫وفي لمح البصر ‪ ,‬أمسكني بقوة وقلبني رأسا على عقب ‪ ,‬وافرغ كل ما في جيوبي ‪,‬‬ ‫ولم يكن معي شئ ثمين ‪ ,‬ثم أجلسني على شاهد حجري ألحد المقابر وهزني بقوة وقال ‪ :‬أيها‬ ‫الوغد الصغير هل تعرف (( المبرد )) الحديدي ؟‬ ‫فأومأت إليه برأسي موافقا‪ ,‬وقال‪ :‬إذن عليك بإحضار مبرد حديدي وبعض الطعام إلى‬ ‫هنا في صباح الغد‪ .‬هل تفهم؟‬ ‫فأخذت أبلع ريقي بصعوبة ‪ ,‬وقلت له في خوف ‪ :‬حاضر يا سيدي !!‬ ‫ثم أكمل ‪ ,‬وإياك أن تخبر أحدا بذلك وإال لقتلناك أنا وصديقي الذي يهوى قتل األوالد وتمزيقهم‬ ‫‪ ,,‬تذكر هذا جيدا ‪ ..‬هيا انصرف أالن !‬ ‫و أومأت براسي بالموافقة على كل ما قاله وركضت على الفور باتجاه البيت ‪.‬‬ ‫ولكن في البيت كانت تنتظرني متاعب أخرى ‪ .‬فعند دخولي إلى المنزل متسلال امسك‬ ‫بي زوج أختي (( جو )) وسألني ‪ :‬أين كنت يا (( بيب )) إن أختك قد خرجت للبحث عنك !‬ ‫وفي هذه اللحظة دخلت أختي وهي في قمة الغضب وبدون أن تنطق بكلمة واحدة ‪ ,‬انقضت‬ ‫علي وضربتني على رأسي ولكن زوجها ((جو)) وقف حائال بيني وبينه ‪ ,,‬وحاولت هي أن‬ ‫‪7‬‬


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫تراوغ زوجها لكي تضربني لكنها لم تستطع ألنني تسمرت خلفه وأصبحت أراوغها معه إلى أن‬ ‫تعبت وذهبت ‪.‬‬ ‫ذهبنا أنا و (( جو )) للجلوس قرب المدفأة ‪ ,‬و فجاءه سمعت صوت طلقة نارية فسألت‬ ‫((جو)) ‪ :‬ما هذا الصوت ؟ فقال ((جو)) هذه طلقة تحذير تطلقها سفن السجن وهي تعبر النهر‬ ‫للتحذير من سجين هارب ‪ .‬وهذه هي الطلقة الثانية فأما األولى فقد كانت الليلة الماضية ‪.‬‬ ‫ودقت أختي على المائدة بنفاذ صبر وهي تدعونا إلى تناول العشاء ‪ ,‬وأخذت تضع الزبد‬ ‫على الخبز وتناول كل واحد منا نصيبه ‪ .‬وبينما انهمكت أختي في الحديث عن استعداداتها لحفل‬ ‫عيد الميالد ‪ ,‬وضعت نصيبي من الخبز في جيبي ألخذه للسجين الهارب الذي ينتظرني ‪.‬‬ ‫وبعد انتهاءنا من العشاء ذهبت إلى سريري ‪ ,‬أخذت أتخيل أن سجينا صغيرا يقبع بجوار السرير‬ ‫مستعدا لتمزيق قلبي ‪ ,‬ولهذا احتفظت بقطعة الخبز في يدي لكي يراها وال يقتلني ‪.‬‬ ‫وفي أول الفجر تسللت من غرفتي إلى المطبخ وبمناسبة العيد فقد وجدت بالمطبخ‬ ‫وبغرفة التخزين طعاما أكثر مما كنت أتوقع ‪ ,‬ولذلك فقد أخذت مزيدا من الخبز وقطعة كبيرة‬ ‫من الجبن وفطيرة كبيرة محشوة باللحم كانت موضوعة على الرف الخلفي ‪ ,‬وبعض‬ ‫((البراندي)) ‪.‬‬ ‫ثم تسللت من باب بالمطبخ يؤدي إلى ورشة حدادة ((جو)) وأخذت مبردا ثقيال من أدواته ‪.‬‬ ‫وخبأت جميع هذه األشياء داخل معطفي ‪ ,‬ثم أسرعت إلى المستنقعات ‪.‬‬

‫‪8‬‬


@Rawafed-k

‫الفصل الثاني‬

9

@Rawafed_k


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫السجين الثاني‬ ‫كانت ال تزال هناك مسافة طويلة حتى أصل إلى الحائط المهدم الذي أتوقع أن السجين‬ ‫ينتظرني خلفه ‪ ,,‬ولكن فجاءه رايته من ظهره وهو جالس على حجر قريب ويبدو نائما ‪.‬‬ ‫اقتربت على حذر وربت على كتفه ‪ ,‬فهب واقفا على الفور واستدار إلي ‪ ,,‬لكنه لم يكن هو نفس‬ ‫الرجل ‪.‬‬ ‫كان يرتدي نفس ثياب السجين األول ونفس القيد الحديدي في قدمه ولكن المالمح كانت‬ ‫مختلفة ‪,‬التفت إلي الرجل وحاول ضربي على رأسي ولكني تفاديت الضربة لكونها ضعيفة تدل‬ ‫على أن الرجل مريض ‪ .‬وأخذ يفر من أمامي و اختفى في الضباب الكثيف ‪ .‬كنت على يقين‬ ‫بأنه صديق السجين األول الذي يمزق قلوب األطفال ‪.‬‬ ‫وأكملت طريقي إلى الحائط المهدم ووجدت نفس الرجل الذي شاهدته باألمس ‪ ,‬ودون‬ ‫أن انطق بكلمة واحده أخرجت الطعام والمبرد من معطفي ‪ ,‬فاتسعت عيناه فرحا وبدأ يلتهم‬ ‫الطعام بنهم ‪ .‬وبعد أن انتهى من الطعام والشراب مسح فمه بظهر يده وسألني ‪ :‬هل أخبرت أحدا‬ ‫؟ ‪ ,‬فأجبت ‪ :‬ال يا سيدي لم أخبر أحدا ‪ ,‬لقد سرقت لك الطعام ‪.‬‬ ‫فأومأ برأسه راضيا ‪ ,‬وأخذ يقضم قطعا كبيرة من فطيرة اللحم حتى كاد ينهيها بأكملها ‪,‬‬ ‫فقلت له ‪ :‬إني مسرور يا سيدي ألن الفطيرة أعجبتك ‪ ,‬ولكن ! ألن تحتفظ لصديقك ببعض منها ؟‬ ‫فقال بخبث ودهاء ‪ :‬تقصد صديقي الذي يمزق قلوب األطفال ؟‬ ‫و أخذ يضحك وهو يقول ‪ :‬انه ليس بحاجة إلى الطعام ‪ .‬فقلت على الفور ‪ :‬ال أعتقد ذلك‬ ‫يا سيدي ‪ ,‬فهو يبدو جائعا وبحاجة ماسة إلى الطعام ‪.‬‬ ‫عندها هب واقفا وامسكني بقوة و سألني ‪ :‬تقول انه ((بيدو))! هل رأيته ! أين ! ومتى !‬ ‫فأجبت بسرعة و أنا أشير إلى االتجاه الذي اختفى فيه الرجل الثاني ‪ :‬هناك يا سيدي ‪,‬‬ ‫لقد أطلقت سفينة السجن طلقة باألمس لتحذر الناس منه ‪ ,‬ألم تسمعها ؟‬ ‫ربما سمعتها وربما لم أسمعها ‪ ..‬إن البقاء وحيدا في مثل هذه المستنقعات شيء يدير الرأس ‪,,‬‬ ‫ما شكل مالمحه ؟‬ ‫صفه لي!‬ ‫واستعدت على الفور منظر السجين الثاني في رأسي ‪ ..‬وقلت ‪ :‬رأيت كدمه على خده !‬ ‫وعندئذ شعر بشيء من االرتياح وقال لي ‪ :‬انه هو ‪ ..‬سوف أصطاده كما تصطاد‬ ‫الكالب ‪ ,‬ولكن أين المبرد ! أعطني المبرد ‪..‬كان المبرد على األرض فالتقطته وقدمته إليه ‪,‬‬ ‫وبسرعة انحنى وركع على العشب المبتل وبدأ ببرد القيد الحديدي الملتف على قدمه ‪ .‬وخطر‬ ‫‪10‬‬


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫ببالي أن أنصرف فتراجعت خطوات إلى الوراء ولكنه لم يهتم بي إطالقا لشدة انهماكه في برد‬ ‫القيد الحديدي ‪.‬‬ ‫وفي البيت ‪ ,‬كانت أختي منهمكة في أعمالها المنزلية ‪ .‬وتناولت أنا و ((جو)) طعام‬ ‫اإلفطار ونحن واقفين ‪ ,‬ألن أختي لم تجد وقتا كافيا لتقديم اإلفطار على المائدة ‪ .‬وفجأة ‪,‬‬ ‫أحسست وكأن قلبي قد توقف عن النبض ‪ ..‬هل كانت فطيرة اللحم معدة لالحتفال بالعيد ؟ لقد‬ ‫شعرت بالفزع من هذه الفكرة المخيفة ‪ ,‬استدعتني أختي وأخذت تغسل لي وجهي ورأسي ثم‬ ‫ألبستني أنظف ما لدي من المالبس ‪ .‬وكذلك ((جو)) ارتدى أنظف مالبسه ‪ ,‬وجلسنا جميعنا في‬ ‫غرفة الجلوس ‪ ,,‬في انتظار الضيوف ‪ ..‬وعند أول طرقه للباب قمت أنا وفتحت وكانوا ((مستر‬ ‫ووبسل)) كاتب الكنيسة ‪ ,‬ثم حضر بعده صانع العجالت وزوجته وبعدهم عمي ((مستر‬ ‫بامبلشوك)) الحقيقة أنه عم ((جو)) ‪.‬‬ ‫تمتع الجميع بتناول الطعام فيما عداي ‪ ,,‬فقد كنت ممنوعا من الكالم بأمر من أختي ‪ ,‬ثم‬ ‫بدأ يحدث ما كنت أخشاه و أتوقعه عندما قالت أختي لقد أعدت فطيرة كبيرة محشوة باللحم‬ ‫سأذهب إلحضارها ‪ !!..‬وسمعت كل حركات أختي وهي تبحث عن الفطيرة في كل مكان‬ ‫وتخيلت ما سوف يحدث ‪ ,‬وإذا بها أختي تعود خالية اليدين وهي تقول ‪ :‬يا الهي ال أعرف ماذا‬ ‫حدث لقد اختفت الفطيرة ؟!‬ ‫لم أستطع الصمود أكثر من ذلك ‪ ,‬فاندفعت إلى الباب ألهرب ‪ ,‬وما كدت أفتح الباب‬ ‫حتى صدمت بمنظر لم أتوقعه ‪ ..‬رأيت مجموعة من جنود الشرطة ‪ ,‬وكان قائدهم يمسك في يده‬ ‫بقيدين حديديين ‪ ,‬رفعهما أمام وجهي وهو يقول ‪ ,‬يا فتى !!‬

‫‪11‬‬


@Rawafed-k

‫الفصل الثالث‬

12

@Rawafed_k


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫القبض واالعتراف‬ ‫تلعثمت وتعثرت خطواتي يا الهي لقد عرفوا أني لص وجاءوا للقبض علي ‪ ,‬وأمسكني‬ ‫((جو)) من ذراعي قبل أن أهوى إلى األرض ‪ ..‬وعندئذ ‪ ,‬ابتسم لي قائد الشرطة وقال ‪ :‬معذرة‬ ‫سيداتي وسادتي ‪ ..‬أنا ((جاويش)) في خدمة الملك وقد كلفت أنا ورجالي بالقبض على السجناء‬ ‫الهاربين ‪ ,‬ونحن في حاجة عاجلة إلى خدمة من الحداد‪ .‬فقالت أختي قبل أن ينطق ((جو)) ‪ :‬هذا‬ ‫هو الحداد ‪ ,,‬ماذا تريدون منه في احتفال عيد الميالد ‪..‬؟‬ ‫نريد إصالح هذه القيود الحديدية ألن قفلها ال يعمل ‪ ,‬ونحن بحاجة إليها ‪.‬‬ ‫أشارت أختي بيدها إلى ((جو)) لكي يبدي رأيه ‪ ..‬فأمسك بتلك القيود وفحصها وقال ‪:‬‬ ‫ال بد من إشعال فرن الحدادة ‪ ,‬و إصالحها قد يستغرق ساعة كاملة ‪ .‬فوافق قائد الشرطة وقال ‪:‬‬ ‫ال بأس سوف نستطيع القبض على الهاربين قبل حلول الظالم ‪.‬‬ ‫ودخل جميع رجال الشرطة إلى البيت ‪ ..‬وارتدى ((جو)) مريلته الجلدية وذهب للورشة‬ ‫وتبعه جميع الجنود بأمر من قائدهم لمساعدته ‪ .‬وبعد أن انتهى ((جو)) من إصالح القيود ‪,‬‬ ‫سمح لنا قائد الشرطة بأن نذهب برفقته لمشاهدة عملية القبض على السجناء ‪ ,‬وسمحت لي أختي‬ ‫بصحبتهم ولكن بعدة أن حذرت ((جو)) بصوت مسموع ‪ :‬إذا عدت ورأس الولد مقطوعة ‪ ,‬فال‬ ‫تنتظر مني أن أعيدها إلى مكانها الصحيح ‪!..‬‬ ‫وذهبنا جميعا إلى ساحة المقابر خلف الكنيسة ‪ ,‬نفس المكان الذي قابلت فيه السجين‬ ‫األول ‪ .‬وبينما الجنود منهمكون بالبحث و التفتيش ‪ ,‬شعرت بالخوف ‪ ,‬فربما ظن السجين‬ ‫الهارب أني خدعته و أني أبلغت الشرطة عنه ‪.‬‬ ‫ولكن لم يعثر الجنود على أحد ‪ ,‬فتحركنا في اتجاه أخر ‪ ,‬وبدأ المطر بالسقوط وفجأة‬ ‫سمعنا صرخة عالية تأتي من مكان بعيد ‪ ,‬فأشار الجاويش لرجاله بالتقدم نحو المكان الذي‬ ‫صدرت منه الصرخة وأخذ الجميع يجري حتى وصلنا إلى حفرة واسعة يتناثر منها الماء‬ ‫والطين ‪ ,‬وسمعنا الجاويش يصرخ بقوة ‪ :‬سلما نفسيكما ! أنت وهو ‪!..‬‬ ‫ووقف الجنود جميعهم حول الحفرة مصوبين بنادقهم نحو السجينين اللذين كانا منهمكين‬ ‫في عراك شديد ‪ ,‬ولم يستمعا ألمر الجاويش ‪ ,‬لذا نزل الجنود إلى الحفرة وقبضوا على‬ ‫السجينين ‪ ,‬وصاح السجين األول غاضبا وهم يضعون القيود في يديه ‪ :‬تذكروا جيدا ‪ ,,‬أنا‬ ‫الذي قبضت عليه من أجلكم ‪!..‬‬ ‫أما السجين الثاني فقد كان يلهث من شدة ما ناله من الضرب وكان غير قادر على‬ ‫الوقوف دون مساعدة‪ ,‬وتلعثم وهو يقول مشيرا إلى السجين األول ‪ :‬لقد حاول قتلي ‪!...‬‬ ‫وقال السجين على الفور ‪ :‬أنا لم أحاول قتله ‪ ,‬لقد حرصت على القبض عليه حيا ألسلمه‬ ‫لكم ‪ ,‬انظر يا سيدي الجاويش ليس في قدمي قيد حديدي ‪ ,‬وكان يمكنني أن أذهب إلى حال‬ ‫سبيلي ولكن طاردته ولحقت به حتى أمنعه من الهرب ‪ .‬وعندها صاح الجاويش أمرا ‪ :‬كفى !! ‪.‬‬ ‫‪13‬‬


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫وأشعلت بعض المشاعل كما أطلقت البنادق كإشارة إلى سفينة السجن لكي ترسل قاربا ‪.‬‬ ‫وعلى ضوء المشاعل لمحني السجين األول ‪ ..‬ونظرت إليه مواسيا ‪ ,‬وحركت يدي حركة خفيفة‬ ‫وهززت رأسي له كإشارة مني بأني لست مسئوال عن إحضار هؤالء الشرطة للقبض عليه ‪,‬‬ ‫وحملق في عيني للحظة ‪ ,‬كما لو كان يريد أن يتبين مدى صدقي ‪ .‬ومشينا جميعا تجاه شاطئ‬ ‫النهر ‪ ,‬حيث وصل القارب ألخذ الجنود والسجينين إلى السفينة ‪ .‬وقبل أن يضع السجين األول‬ ‫قدمه في هذا القارب ‪ ,‬التفت إلى الجاويش وقال بصوت عالي ‪ :‬لقد سرقت بعض الطعام و‬ ‫البراندي من بيت حداد القرية ‪ ,‬لقد سرقت فطيرة محشوة باللحم ‪.‬‬ ‫فقال ((جو)) على الفور ‪ :‬هذا هو السبب في أن زوجتي لم تعثر على الفطيرة إذن ‪,,‬‬ ‫ولكننا مع ذلك ال نبخل بطعامنا على شخص جائع ‪ ..‬أليس كذلك يا ((بيب)) ؟! فأومأت برأسي‬ ‫موافقا ألنني كنت عاجزا عن الكالم ‪ .‬وابتعد القارب متوجها إلى السجن ‪ ,‬أما نحن فذهبنا إلى‬ ‫البيت ‪.‬‬

‫‪14‬‬


@Rawafed-k

‫الفصل الرابع‬

15

@Rawafed_k


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫دعوه من اآلنسة هافيشام‬ ‫بعد انقضاء أيام قليله عن حفلة عيد الميالد حدث تغير كبير في حياة بيب فقد أتى العم‬ ‫بامبلشوك قائال أن السيدة هافيشام تدعوه للقدوم للعب في بيتها " كانت أمراه عجوز واسعة‬ ‫الثراء تعيش حياه كئيبة " بيب لم يرى األنسة هافينشام من قبل ولم يعرف كيف يلعب ولكن من‬ ‫الناحية األخرى كانت أخته " مسسز جو " سعيدة جدا وتأمل بان تعود هذه الدعوة بالنفع لهم‬ ‫وأخذت تجهزه للذهاب إلى منزل اآلنسة هافيشام وعند استعداده ذهب مع العم بامبلشوك إلى‬ ‫منزل األنسة وعند وصولهم بداء العم بالطرق على الجرس ففتحت لهم فتاه جميله في سن بيب‬ ‫تدعى ستيال وقد كان يعلو على وجهها التكبر والتغطرس اذنت لبيب بالدخول إلى المنزل وقد‬ ‫كان المنزل مظلما أضاءت ستيال شمعه وأرشدت بيب إلى غرفة اآلنسة هافيشام وعندها سمع‬ ‫صوت مبحوحا يدعوه إلى الدخول وعند دخوله كانت الغرفة واسعة مضاءة بالشموع ووجد فيها‬ ‫اغرب سيده شاهدها في حياته فقد كانت ترتدي مالبس العروس البيضاء وترتدي فردة حذاء‬ ‫بيضاء واحده أما الثانية فقد كانت على منضدة قريبه رغم ذلك كان واضح لبيب ان ثوب‬ ‫العروس الذي كانت ترتديه كان معدا من قبل لعروس شابه‬ ‫عندها قالت اآلنسة لبيب من أنت فأجابها أنا بيب يا سيدة فقد أتى بي العم بامبلشوك لكي العب‬ ‫عندها سالت أتعلم ماذا يوجد هنا داخل صدري ؟‬ ‫أجابها على الفور قلبك يا سيدتي ابتسمت ابتسامه غريبة وقالت بفخر قلب مكسور‬ ‫عندها أشارت إليه لينظر إلى ساعة متوقفة وقالت أنا متعبه وأريد شيئا يسليني وعندي ميل شديد‬ ‫ألرى شخصانا وهو يلعب هيا العب‬ ‫وقف بيب بدون حراك فهو ال يعرف ما يلعب وكيف يلعب وبعد أن نفذ صبر اآلنسة صرخت‬ ‫عليه قائله نادي على " ستيال " انك على األقل تستطيع فعل ذلك‬ ‫خرج بيب من الباب ونادي على ستيال وما هي إال لحظات حتى أتت وعندها اقتربت‬ ‫من اآلنسة هافيشام وأخذت اآلنسة هافيشام قطعة مجوهرات ووضعتها على رأس ستيال‬ ‫وبضحكة غريبة قالت لها " في يوم ما ستصبح هذه الجوهرة ملك لك يا عزيزتي ‪ ..‬ستكسبين‬ ‫بها إعجاب الرجال الذين ستحطمين قلوبهم واآلن العبي الورق مع هذا الصبي وأنا سأتفرج‬ ‫عليكم‬ ‫فأجابت ستيال بسخط ‪ :‬العب مع هذا الفتى ؟ انه عامل صغير من أبناء العوام ‪!..‬‬ ‫همست لها اآلنسة في أذنها حتى ولو كان كذالك يمكنك تحطيم قلبه أليس كذلك ؟‬ ‫عندها أطاعتها ستيال وبدئوا باللعب ولكن بيب لم يستطع التركيز باللعب فقد كانت مالحظات‬ ‫ستيال الجارحة واستهزائها به تشتت انتباهه حتى أدى ذلك إلى خسارته في الجولة‬ ‫وعندها انحنت اآلنسة هافينشام من على الكرسي الذي كانت تستلقي عليه قائله لبيب ‪ :‬إن ستيال‬ ‫قالت أمور كثيرة غير طيبه عنك وأنت لم تقل أي شيء ما رأيك اخبرني ؟‬

‫‪16‬‬


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫عندها همس بيب في أذنها قائال ‪ :‬إن ستيال فتاه جميله فخوره بنفسها ‪ ..‬ولكنها كثيرة التشاؤم ‪,‬‬ ‫هل يمكنني االنصراف اآلن ؟‬ ‫ولكن اآلنسة (( هافينشام )) لم تسمح له باالنصراف حتى يكمل الجولة الثانية من اللعب على‬ ‫شرط أن يعود بعد ‪ 6‬أيام وبعدها أمرت ستيال أن تقدم الطعام لبيب‬ ‫فقدمت بعض الخبز وقطعه من اللحم بطريقة جعلته يحس انها تقدم الطعام الحد الكالب‬ ‫حزن بيب من سوء المعاملة حتى تساقطت دموعه على خده وعندما لمحت ستيال دموع بيب‬ ‫ارتسمت على وجهها ابتسامه االستمتاع ‪.‬‬ ‫عاد بيب إلى المنزل فعاملته أخته معامله حسنه باعتبار انه وصل إلى مكان ما في هذا العالم‬ ‫ولكن في حقيقة األمر كان بيب بائسا‬ ‫فقد شعر بالخجل والعار في منزل اآلنسة هافينشام‬ ‫ولكن كان اللقاء مع ستيال في ذلك اليوم سببا في تغير حياته كلها ‪.‬‬

‫‪17‬‬


@Rawafed-k

‫الفصل الخامس‬

18

@Rawafed_k


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫أول قبله في حياتي ‪!..‬‬ ‫بعد ستة أيام عادي بيب إلى منزل اآلنسة هافينشام وكالمعتاد استقبلته ستيال ولكن في‬ ‫هذا المرة استقبلت اآلنسة هافينشام بيب قائله ‪ :‬انك ال تجيد اللعب هل ترغب في العمل ؟‬ ‫اوماء بيب برأسه موافقا ف أمرته بان ينتظرها في صالة الطعام وقد كانت صالة الطعام‬ ‫مماثله لغرفة اآلنسة هافينشام فهي مظلمة ومغطاة بالستائر وكانت قطعه األثاث الوحيدة بتلك‬ ‫الغرفة عبارة عن مائدة مستطيله مغطاة بغطاء يعلوه التراب وفي منتصف المائدة حامل فضي‬ ‫فقد بريقه عليه صينيه وفوق الصينية توجد كومه صفراء اللون من شيء لم يستطع بيب التعرف‬ ‫عليه عندها قدمت اآلنسة هافينشام وهي متكئه على عصاه تساعدها على المشي وأشارت‬ ‫بعصاها على الكومة الصفراء التي تغطيها خيوط العنكبوت وقالت ‪ :‬هذه كعكة زفافي ‪!..‬‬ ‫ثم استندت على كتف بيب قائله أالن كل ما عليك هو أن استند على كتفك وتدور معي حول‬ ‫الغرفة ‪..‬‬ ‫فقد داروا حول الغرفة مرات عديدة وبعدها أمرته بلعب جولة من الكوتشينا مع ستيال‬ ‫تحت مراقبتها وانتهى األمر بتغذية بيب مثل الكالب‬ ‫استمر الحال على هذا المنوال لمدة ثمانية شهور أو أكثر‬ ‫تقدم بيب قليال في اللعب ولكن مازالت ستيال تقسو عليه بتعليقاتها كلما سنحت لها الفرصة‬ ‫ولكن هذا النظام اختلف في مرتين‬ ‫المرة األولى حدثت عندما كانت ستيال تقود بيب في الصعود إلى السلم حينها قابل رجل ضخم‬ ‫الجسم كبير الرأس سأل ستيال من هذا الفتى ؟ أجابته بعدم اهتمام مجرد فتى‬ ‫عندها سال قائال هو من الجيران ؟ فأجاب بيب على الفور نعم يا سيدي ‪ ..‬أنا بيب‬ ‫تأمله الرجل للحظه ثم أزاحه عن الطريق‬ ‫أما المرة الثانية حين تركت اآلنسة هافينشام بيب وستيال يلعبون الورق أكثر من المعتاد عندها‬ ‫تأنى بيب في ترتيب األوراق وكسب الجولة فاثنت عليه اآلنسة هافينشام‬ ‫هذا الثناء اثر في نفس ستيال ألنها حين أوصلت بيب إلى البواب استدارة إليه قائله ‪ :‬يمكنك أالن‬ ‫أن تقبلني ‪ ..‬إن كنت راغبا في ذلك !‬ ‫وعندها قبلها بيب على خدها وقد كان بيب مستعدا أن يضحي بأي شيء مقابل قبله من‬ ‫ستيال ولكن حتى وهي تمنحه هذه القبلة كانت تتحدث معه بطريقة متعالية ومتغطرسة فقد كانت‬ ‫تقلد اآلنسة هافينشام في كل شيء ‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫وفي يوم من األيام حينما كانت اآلنسة هافينشام تستند بيدها على كتف بيب في ليقوموا‬ ‫بالجولة المعتادة فقالت ‪ :‬يبدو انك ازددت طوال يابيب ثم سألته إن كان زوج أخته الحداد مازال‬ ‫متمسكا به الن يكون صبيه بصفه رسميه‬ ‫حيتها أجاب بيب ‪ :‬أن هذه اعز أمنيه لصديقي جو‬ ‫عندها قالت له ‪ :‬حان الوقت لذلك دعني أرى األوراق الرسمية‬ ‫ذهب بيب إلى مجلس المدينة برفقة أخته وجو والعم بامبلشوك وهناك قاموا بتسجيل اسم بيب‬ ‫ليصبح صبيا عند جو‬ ‫وذهب بيب باألوراق إلى اآلنسة هافينشام لتراها كما طلبت فوافقت اآلنسة وأعطت بيب مبلغا‬ ‫عظيما من النقود خمسه وعشرين جنيها ذهبيا‬ ‫وقالت ‪ :‬لقد كنت لطفا وهذه مكافئتك ال تتوقع أكثر من ذلك ‪ ..‬وال تحضر إلى هنا أبدا فقد أصبح‬ ‫جو سيدك وأستاذك وعند عودت بيب إلى المنزل سعدت أخته بالمكافئة‪.‬‬

‫أما جو كان سعيدا الن بيب أصبح صبيا عنده بالرغم من أن ذلك كان ما يتمناه بيب فيما‬ ‫مضى إال انه أصبح غير راغبا بالوقوف أمام فرن الحداد وان يصبح حدادا‬ ‫فلقائه باآلنسة هافينشام وستيال قد غير مشاعر بيب تماما ‪.‬‬

‫‪20‬‬


@Rawafed-k

‫الفصل السادس‬

21

@Rawafed_k


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫الحزن والخجل‬ ‫ومرت األيام و أنا أعمل كصبي حداد‪ ,‬وكانت كراهيتي تزداد لهذه المهنة يوما بعد يوم‪,‬‬ ‫فكرت مرة أن أهرب من هذه المهنة ألعمل في البحر‪ ,‬ولكن خشيت على جو من أن أؤذي‬ ‫مشاعره وأن أشعره بأن مهنته غير جيدة‪ ,‬لذلك قررت إخفاء مشاعري التعيسة والحزينة عنه‪,‬‬ ‫وإظهار السعادة بدال منها‪.‬‬ ‫بعد مرور سنة‪ ,‬أصبحت أتوق لرؤية ستال واآلنسة هافيشام أكثر من ذي قبل‪ ,‬وما إن‬ ‫وافق جو على منحي إجازة ليوم واحد حتى وجدت نفسي في الطريق الى بيتهما‪ ,‬لحسن الحظ‬ ‫سمحت اآلنسة هافيشام بدخولي‪ ,‬وكان كل شيء بالبيت كما هو‪ ,‬وقالت لي فور استقبالي‪:‬‬ ‫هاه‪.....‬أرجو أال تطلب شيئا لنفسك‪ ,‬فلن أعطيك أي شيء بالمرة‪ ,‬فأجبت‪ :‬ال يا آنسة‪ ,‬فقد جئت‬ ‫ألشكرك ألنك ساعدتني‪ ,‬واآلن أنا أعمل كصبي حداد‪.‬‬ ‫فقالت‪ :‬هذا شيء طيب‪ ,‬تستطيع زيارتي بين حين وآخر‪ ,‬الحظت اآلنسة بأنني أبحث عن شيء‪,‬‬ ‫فابتسمت ابتسامة ماكرة وهي تقول‪ :‬هل تبحث عن ستال؟‬ ‫فقلت على الفور‪ :‬نعم‪ ,‬أرجو أن تكون بخير‪ ,‬فقالت ونفس اإلبتسامة على فمها‪ :‬إنها بخير‪ ,‬لقد‬ ‫سافرت إلى خارج البالد‪ ,‬وهي اآلن تتعلم لكي تصبح سيدة‪ ,‬هي اآلن أكثر جماال وتحوز‬ ‫اعجاب كل من يشاهدها‪ ,‬هل تشعر بأنك فقدتها؟‬ ‫وأطلقت ضحكة حقودة‪ ,‬لم أجبها بشيء‪ ,‬وانتهت المقابلة وخرجت من البيت على الفور‪.‬‬ ‫كان الظالم قد حل فور اقترابي من بيتنا‪ ,‬دهشت عندما رأيت أنوار البيت وورشة‬ ‫الحدادة مضاءة‪ ,‬وعدد من الناس مجتمعون عنده‪ ,‬فركضت نحوه ودخلت إلى المطبخ فرأيت‬ ‫مجموعة أخرى مجتمعة على شكل حلقة‪ ,‬وكان جو يقف بينهم ومعه طبيب القرية‪ ,‬وكانت أختي‬ ‫ملقاة على األرض بال حراك وتنزف بغزارة من جرح كبير في رأسها‪ ,‬فقال لي جو‪ :‬لقد تسلل‬ ‫شخص شرير وضرب مسز جو على رأسها‪ ,‬فأردفت قائال‪ :‬هل مازالت حية ياجو؟‬ ‫أجاب الطبيب‪ :‬نعم حية‪ ,‬ولكن من المحتمل أال تعود الى حالتها الطبيعية‪ .‬استمر التحقيق‬ ‫ألسابيع طويلة‪ ,‬دون أن يعرف من الجاني‪ .‬ظلت أختي حية‪ ,‬ولكنها فقدت ذاكرتها وأصبحت‬ ‫عاجزة تماما عن الكالم‪ ,‬وبالتالي تغيرت شخصيتها أصبحت هادئة وصبورة‪ ,‬في البداية قلق‬ ‫جو على حالتها‪ ,‬ولكنه تدريجيا بدأ يحس بالهدوء والمتعة‪ ,‬خصوصا بعد أن جاءت بيدي لتعيش‬ ‫معنا وتخدمنا‪.‬‬ ‫كانت بيدي فتاة يتيمة من فتيات القرية تربطها عالقة قرابة بعيدة بمستر ووبسل‪ ,‬كانت‬ ‫ذكية بشكل يثير اإلعجاب‪ ,‬وقد تقدمت بشكل كبير في القراءة والكتابة بفضل توجيهاتها‪ ,‬وكانت‬ ‫أيضا طباخة ماهرة‪ ,‬وعطوفة جدا مع أختي‪ ,‬فبدأت أثق بها وأفضيت لها بسري الذي لم أبحه‬ ‫ألحد قبلها‪ ,‬قلت لها أريد أن أصبح جنتلمان يبادي واترك مهنة الحدادة‪.‬‬ ‫فرفعت عينيها من القماش وقالت‪ :‬من أجل ستال؟ وبمنتهى البؤس قلت لها‪ :‬نعم‪.‬‬

‫‪22‬‬


@Rawafed-k

‫الفصل السابع‬

23

@Rawafed_k


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫اآلمال الكبرى‬ ‫انقضت أربعة سنوات منذ أن عملت صبيا لجو‪.‬‬ ‫أمام البيت ظهر مستر جاجزر فعرفته على الفور‪ ,‬هو نفس الرجل الذي قابلناه أنا وستال في‬ ‫بيت اآلنسة هافيشام منذ سنوات‪ ,‬نفس الرجل بعينيه الحادة النظرات وحواجبه الكثيفة السوداء‪.‬‬ ‫قال وكأنه يتمتع بنفوذ عظيم‪ :‬أعتقد بأن هذا هو بيت الحداد جوزيف جارجري وصبيه بيب؟‬ ‫فقال جو‪ :‬هذا صحيح‪ ,‬فقال الرجل‪ :‬اسمي جاجرز وأنا أعمل محاميا في لندن‪ ,‬وقد جئت إلى هنا‬ ‫بناء على طلب أحد عمالئي‪ ,‬لقد جئت إلى هنا ألعرض عليك أن تتخلى عن بيب وهذا من أجل‬ ‫مصلحته‪ ,‬فكم تطلب لكي تعفيه من العمل معك؟‬ ‫فأجاب جو بال تردد‪ :‬ال أطلب أي شيء اطالقا‪ ,‬التفت مستر جاجرز إلي وقال‪ :‬ستصل‬ ‫إلى عالم الثروة والمال‪ ,‬ولكن لدي تعليمات سأخبرك بها‪ ,‬الشخص الذي سيمنحك الثروة يريدك‬ ‫من اآلن أن تكون قادرا على إدارتها‪ ,‬ويريدك أن تتعلم لتصبح جنتلمان له آمال كبرى بالثراء‬ ‫في المستقبل‪ ,‬فاض بي إحساس عظيم بالسعادة‪ ,‬فها هو حلمي الخيالي يتحقق أخيرا إلى حقيقة‪,‬‬ ‫واصل مستر جاجرز حديثه‪ :‬مستر بيب لدي بعض الشروط البد أن تعرفها‪ :‬أوال‪ :‬هذا الشخص‬ ‫يريد منك أن تتمسك باسم بيب‪ ,‬ثانيا‪ :‬اسم الشخص المتبرع لك يجب أن يظل سرا إلى أن يعلنه‬ ‫هو بنفسه وقتما يريد‪ ,‬هل قبلت هذه الشروط؟ فأومأت برأسي موافقا‪,‬‬ ‫واتبع مستر جاجرز‪ :‬فقد خصص لك مبلغ يكفي وزيادة لمصاريف التعليم ونفقات‬ ‫المعيشة‪ ,‬وعليك بصرفه أوال بأول‪ ,‬لذلك يجب أن تعتبرني وصيا عليك‪ ,‬حاولت أن أشكره‪,‬‬ ‫فأشار الي بيديه وقال‪ :‬كال كال‪ ,‬لقد حصلت على أجر كبير نظير هذه الخدمات‪,‬عليك الحضور‬ ‫إلى لندن مباشرة بعد شراء مالبس مناسبة‪ ,‬وستسكن مع هربرت بوكيت هو جنتلمان صغير‬ ‫بنفس سنك‪ ,‬تستطيع أن تتعلم منه العادات الحسنة‪ ,‬و اقترح أن يكون أبوه معلمك الخاص‪.‬‬ ‫وناوله عشرين جنيها من الذهب لمصاريف الرحلة ولشراء المالبس‪ ,‬وترك بطاقة صغيرة بها‬ ‫اسمه وعنوانه في لندن‪ ,‬وودعنا وخرج‪ ,‬وظللنا أنا وجو صامتين مدهوشين‪.‬‬ ‫في صباح اليوم التالي استيقظت مبكرا‪ ,‬وذهبت إلى دكان مستر ترامب خياط القرية ‪,‬‬ ‫اضطررت إلى انتظاره فترة أوشكت فيها أن افقد صبري‪ ,‬دعاني أخيرا إلى شقته خلف الدكان‬ ‫وكان يتناول افطاره ولم يكن مباليا بوجودي‪ ,‬قلت له‪ :‬أريد منك خدمة عاجلة أن تصنع حلة‬ ‫حديثة تناسبني وأخرجت بعض الجنيهات الذهبية‪ ,‬وفي لمح البصر نهض و بدأ بممارسة عمله‬ ‫بهمة ونشاط وأمر صبيه بإنزال األقمشة واحدا بعد اآلخر‪ ,‬وساعدني في اختيار النوع واللون‬ ‫المناسب لي‪ ,‬وبعد ذلك قام بتوصيلي إلى الخارج وفتح الباب لي بنفسه‪ ,‬وكانت هذه تجربتي‬ ‫األولى في معرفة مدى تأثير النقود على النفوس‪ ,‬وبعد اإلنتهاء من صناعة الحلة ارتديتها‬ ‫وذهبت إلى بيت اآلنسة هافيشام ألودعها‪ ,‬وبعد ذلك ودعت جو فازداد كآبة وحزنا‪ ,‬وقال لي‬ ‫بتأثر شديد‪ :‬سأفتقدك يا بيب‪ ,‬سأفتقد الصبي المطيع والصديق العزيز الذي احببته منذ أن كان‬ ‫طفال‪ ,‬فنزلت من عيني الدموع ألن شغفي بهذه الرحلة جعلتني أوشك بأن أنسى أعز أصدقائي‪.‬‬ ‫‪24‬‬


@Rawafed-k

‫الفصل الثامن‬

25

@Rawafed_k


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫سافرت الى لندن راكبا عربه تجرها أربعه جباد أستغرقت نحو خمس ساعات وكنت‬ ‫أشعر بالرهبه الى أني صدمت حين رأيتها غير نظيفه والشوارع ضيقه وقبيحه الشكل وذهبت‬ ‫مباشره لمكتب (مستر جاجرز )‬ ‫وأخبرني بحصتي من المال وكان أكثر مما توقعته وأعطاني بطاقات ماليه أستطيع‬ ‫التعامل بها مع أصحاب المحالت األخرى على أن ترسل فواتيري الى مكتبه ليساعده ذلك على‬ ‫مراقبه نفقاتي ويسهل علي حياتي ونادى مستر جاجرز على كاتبه مستروميك فأوصلني الى‬ ‫الحجرات المخصصه ألقامتي مع الشاب الصغير هربرت بوكيت الذي كان قصيرا ونحيفا تتألق‬ ‫عيناه بنظرات حاده وقادني الى مبنى كبير يسمى (خان بارنارد) ثم أتجهنا الى أحد تلك المباني‬ ‫وصعدنا الى حجرات الطابق العلوي فوجدنا على الباب ورقه مكتوب عليها (سأحضر حاال )‬ ‫فكان الباب مفتوح لذلك دلفنا الى الداخل فودعني مستروميك وشكرته كثيرا فأخذت‬ ‫أفحص حجرات سكني فالحجرات كبيره وغير نظيفه وبعد نحو عشرين دقيقه سمعت وقع‬ ‫خطوات بالصاله فظهر شاب صغير يافع يحمل صندوقا صغير به كميه من ثمار الفراوله‬ ‫فابتسمنا ورحبنا ببعضنا وأعتذر لتأخره فلم يكن يعلم بموعد وصولي كان ذلك اللقاء االول دليل‬ ‫على طيبه وعطفه وفي مطعم بالمبنى المجاور كنا نتناول وجباتنا فحكيت له قصتي بنفسي‬ ‫فأستغرقت ساعه شملت كل التفاصيل وطلبت منه أن يرشدني الى طريقه الحياه اللندنيه وطال‬ ‫علينا الوقت ونحن على المائده فقال لي برقه ولطف من المعتاد هنا أن تضع الشوكه في فمك‬ ‫بدال عن السكين وشكرته لذلك وبعدها أكمل قصه ( هافيثام ) التي ماتت أمها وهي طفله وأهملها‬ ‫أبوها لكنها ورثت عنه ثروه طائله ووقعت في حب رجل أنيق فأعطته مبالغ كبيره أثناء خطبتها‬ ‫وعند قرب موعد زفافهما أرسل رساله يتنصل فيها من هذا الزواج فهززت رأسي آسفا وأنا‬ ‫أقول مسكينه ياأنسه (هافيثام )‬

‫‪26‬‬


@Rawafed-k

‫الفصل التاسع‬

27

@Rawafed_k


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫وفي اليوم التالي حصل هربرت على أجازه ليصحبني لوالده مستر بوكيت الذي يشبهه‬ ‫الى حد كبير وقدمني أليه وأفهمني أني سأتلقى دروسي من (ستار توب ) الطيب و (بنتلي درامل‬ ‫) الكريهه والمتعالي مع معظم الناس الذي يشبهه العنكبوت وذكر لي األماكن الهامه ألزورها‬ ‫فأحببت معلمي من البدايه كان ذا شعر رمادي ووجهه ملئ بالحيويه وذا أبتسامه طبيعيه وفي‬ ‫يوم ما قررت أن أغير جميع األثاث وأفاجئ هربرت وبينما كنت أبلغ مستر جاجرز بذلك دخلت‬ ‫أمرأه طويله ذات عينان واسعتان حوالي االربعين سنه كانت غير طبيعيه وذليله وطعامها لذيذا‬ ‫وصرف لي المبلغ فورا وسر هربرت بذلك وهنأني وما أن أنتهيت من تجميل شقتي أخبروني‬ ‫بزائر ينتظرني فلقد كتب لي (بيدي ) أن جو يرغب في الحضور لي الى أني لم أكن أريد ذلك‬ ‫فأنا لم أعد بيب الذي كان يعرفه وفي اليوم الموعود سمعت وقع خطواته وهو يصعد السلم‬ ‫وأخيرا دخل وحاولت أن أخذ قبعته الأعلقها في المكان المناسب لكنه تمسك بها وظل يدور‬ ‫بنظرات عينه متفحصا كل شئ بأعجاب وصمت ووصل هربرت وعندما جلسنا للطعام كان جو‬ ‫كثير السرحان والقلق وسقطت قبعت جو عده مرات وكل مره يعيدها الى الرف فسأله هربرت‬ ‫في أدب ماذا تريد أن تشرب فأجابه أي شئ تختاره بنفسك وعندما أنصرف هربرت بدأ جو‬ ‫حديثه قائال واآلن أصبحنا وحدنا يا سيدي فصحت غاضبا من فضلك يا جو كيف تناديني‬ ‫بياسيدي فأخفض رأسه وتأسف على مجيئه وتصرفه الغبي ومالبسه الغير الئقه وأنتمائه الى‬ ‫ورشه الحداد فودعته وظللت أشعر بالخجل من زيارته وزاد هذا األحساس عندما وصلتني‬ ‫رساله بموت أختي ومرت عده سنوات الى أن بلغت العشرين سنه وفي يوما ما وصلتني أخبار‬ ‫طيبه بأن (ستال) قد عادت أخيرا من فرنسا وتنوي العيش في لندن وأنها تدعوني لمقابلتها‬ ‫"يالها من أخبار عظيمه "‬

‫‪28‬‬


@Rawafed-k

‫الفصل العاشر‬

29

@Rawafed_k


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫عاش "بيب" طوال حياته في وهم بأن األنسه "هافيشام" هي التي كانت تُحسن إليه و‬ ‫ترعاه لكي يتعلم ويُصبح جنتلمان ولكن أخيرا انكشفت الحقيقة من المحامي "مستر جاجرز"‬ ‫بأن المحسن الحقيقي هو "آبيل ماجويتش" السجين الهارب الذي قدم له يوما ما الطعام والمبرد‬ ‫الحديدي‪.‬‬ ‫أرسلت "ستيال" ل"بيب" دعوة حضور حفل زواجها من شخص غني واسع الثراء متجاهلة‬ ‫إعتراض "بيب" على زواجها‪.‬‬

‫‪30‬‬


@Rawafed-k

@Rawafed_k

‫الفصل الحادي عشر‬

31


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫انكسر قلب "بيب" بعد زواج "ستيال" و أخذ يتجول في شوارع لندن يُمزق اليأس قلبه‪.‬‬ ‫تدور األحداث ويعرف ” بيب” أن أم "ستيال" تعمل خادمة عند المحامي "مستر جاجرز" الذي‬ ‫كان الوسيط بينه وبين والداها الذي قدم له العون في استكمال تعليمة ولكن ” استال” عاشت طيلة‬ ‫حياتها تجهل امها وابيها ‪ .‬اتهمت ام ” استال” بالقتل فقد قتلت عشيقة والداها ودخلت والسجن‬ ‫وحكم عليها بالبرائة وعملت عند المحامي "مستر جاجرز" الذي ترافع عنها‪.‬‬

‫‪32‬‬


@Rawafed-k

@Rawafed_k

‫الفصل الثاني عشر‬

33


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫افتقدت السيدة ”هافيشام” ” استال” بعد زواجها‪.‬‬ ‫كانت ترتدي السيدة ”هافيشام” ثياب العرس بالرغم من إنها عجوز طاعنة في السن وكان لهذا‬ ‫سبب واضح من إنها تم الغدر بها من شخص وعدها بالزواح وخلي بها لذا صارت حزينة‬ ‫واحتفظت بكل مراسم العرس من ثياب حتي الساعة توقفت عند الساعة التي اعلن فيها تركها‬ ‫بعد أن استولي علي أموالها‪ ,‬بعد ذلك نشبت النار في ثيابها بعد أن اشتعلت غرفتهاو فقدت‬ ‫وعيها لكنها كانت التزال حيه ‪.‬‬

‫‪34‬‬


@Rawafed-k

@Rawafed_k

‫الفصل الثالث عشر‬

35


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫يا بني العزيز‪!!..‬‬ ‫كان " ماجوتيش " قد أصيب بإصابات بالغة أثناء محاولتنا للهرب إلى " هامبورج" التي‬ ‫انتهت بالفشل وإلقاء القبض على " ماجويتش " من قبل السلطات ومقتل " كومبايسون " حيث‬ ‫اختفت آثاره ثم وجدت جثته على الشاطئ فيما بعد‪.‬‬ ‫ودار حوار عميق بيني وبين " ماجويتش" قبل يوم المحاكمة‪ ,‬حيث كنا نتحدث بمشاعر‬ ‫مليئة بالتضحية واإلخالص‪ ,‬ولن أنسى إلى األبد مشاعر الحب الصادق وهو يقول لي‪ :‬يابني‬ ‫العزيز‪!!...‬‬ ‫ولم تستغرق المحاكمة فترة طويلة‪ ,‬وتولى " مستر جاجرز " الدفاع عنه رغم علمي‬ ‫المسبق بأن األمر ميؤوس منه!‪ ..‬وقدم " مستر جاجرز " إلى المحكمة شهادة تؤكد براءة "‬ ‫ماجوتيش " وأنه قد تاب عن اإلجرام منذ فترة طويلة‪ ,‬ولكن ال فائدة من ذلك حيث كان على "‬ ‫ماجوتيش " أن يقف أمام الحقيقة ويواجه عقوبة اإلعدام شنقا إذا عاد إلى إنجلترا!؟‬ ‫وبعد أن صدر الحكم‪ ,‬كنتُ دائما أول زائر يدخل مستشفى السجن قبل كل الزوار‬ ‫اآلخرين‪ ..‬وأخذت أصلي ألجلي أن يموت " ماجويتش " قبل أن ينفذوا فيه حكم اإلعدام‪ ,‬كما‬ ‫أخذت أكتب الرسائل و االلتماسات لكل شخص في السلطة يمكنه أن يقدر الموقف‪ ,‬لكنها كانت‬ ‫" ماجويتش “كل يوم في مستشفى السجن‪.‬‬ ‫دون جدوى سوى أنه أصبح بإمكاني زيارة‬ ‫كانت حالة " ماجوتيش " تتدهور يوما وراء يوم‪ ..‬وفي زيارتي العاشرة له‪ ..‬كان يبدو‬ ‫وكأنه مودعا لي حيث كان يشكرني بشده الهتمامي به ووقوفي إلى جانبه وهنا بدأ صوته‬ ‫يضعف وخارت قواه تماما‪ ..‬حتى انتهى وقت الزيارة حين هممت بالنهوض وضع يده على‬ ‫كتفي كإشارة منه أن أبقى بجانبه وال أنصرف‪ ..‬وفهمت من ذلك أن " ماجوتيش " يحتضر‬ ‫ويعيش لحظاته األخيرة‪.‬‬ ‫وعندئذ انحنيت عليه‪ ..‬وقلت هامسا وأنا أغالب دموعي‪ :‬يا عزيزي " ماجوتيش "‪..‬‬ ‫أريد أن أخبرك سرا قبل أن تغادر هذه الدنيا‪ ..‬هل تذكر ابنتك التي كنت تعتقد أنها قتلت ‪...‬؟!‬ ‫إنها لم تقتل " يا ماجويتش "‪ ..‬إنها على قيد الحياة اآلن وإنها من أجمل نساء هذا المجتمع وأنا‬ ‫أحبها من كل قلبي‪!...‬‬ ‫وحينئذ سحب يدي بمنتهى الضعف وقبلها ثم أعادها إلى مكانها وكانت هذه آخر حركة قام بها‬ ‫" ماجويتش " في هذا العالم!‬ ‫لم أكن أستطيع فهم نفسي جيدا في تلك اللحظة‪ ..‬لكني شعرت باالرتياح والهدوء‬ ‫والسالم‪ ,‬والحت في ذهني فكرة الندم على أني لم أكن مخلصا للصداقة الحقيقية التي يكنها لي "‬ ‫جو جاجري “‪!...‬‬ ‫‪36‬‬


@Rawafed-k

@Rawafed_k

‫الفصل الرابع عشر‬

37


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫تغيرات كثيرة‪!!...‬‬ ‫أفقت إلى نفسي أخيرا وكيف حالت إليه ظروفي والتي ازدادت سوءا أكثر من أي وقت‬ ‫مضى‪ ,‬كان علي أن أقوم بتأجير شقتي ألني أصبحت غير قادر على اإللمام بجميع تكاليفها‬ ‫خصوصا بعد أن سافر "هربرت" إلى القاهرة في مصر ليدير فرع شركة "كالريكار"‪.‬‬ ‫وعلى كل حال فلم أستطع أن اتخاذ أي قرار فيما يخص مستقبلي ألني سقطت أرضا‪,‬‬ ‫فقد كنت أشعر ببوادر المرض تتسلل إلى جسدي إلى أن مات " ماجويتش " فعندئذ بدأ المرض‬ ‫يشتد حتى أصبحت طريح الفراش مرتعشا غير قادر على الحركة‪..‬‬ ‫وبين حين وآخر كانت تنتابني نوبات من الهذيان فأذهب متجوال في الشوارع بال وعي‬ ‫ودون جدوى‪ ..‬وفي يوم ما تنبهت لوجود شخصين بالقرب مني وبعد اقترابي منهم وسؤالهم عن‬ ‫غايتهم‪ ,‬تبين لي أنهما جاؤوا للقبض علي بسبب عجزي عن الوفاء بالديون!!‬ ‫فصدرت مني آهة مؤلمة وقلت لهما يائسا‪ :‬كان بودي أن أذهب معكما‪ ..‬ولكني مريض وال‬ ‫أستطيع‪..‬‬ ‫عدت للبيت ورقدت على السرير مستسلما للمرض وأضغاث الكوابيس‪ ..‬كنت أتخيل‬ ‫جميع الناس الذين عرفتهم وقابلتهم في حياتي وكأنهم جالسون جوار سريري ‪ ..‬وعندما كانت‬ ‫تختفي كل الوجوه ‪ ..‬ال يبقى إال وجه واحد دائما وهو وجه " جو "‪..‬‬ ‫وأفقت في لحظة‪ ,‬فرأيت أمامي نفس الوجه ‪ ..‬فقلت في ضعف‪ :‬هل أنت هنا يا " جو "؟‬ ‫فابتسم بفرح وقال‪ :‬نعم يا " بيب " ‪ ..‬ياصديقي العجوز ‪!...‬‬ ‫فانخرطت على الفور في البكاء ‪ ..‬ليس هذيانا هذه المرة‪ ,‬وإنما هو بكاء صادق يعبر عن‬ ‫احساسي بالندم تجاه " جو "‪!..‬‬ ‫وأخذ " جو " يرعاني ويمرضني لمدة شهر كامل‪ ,‬إلى أن بدأت أستعيد قواي بالتدريج‪ ,‬حينها‬ ‫أخبرني " جو " بأن اآلنسة " هافيشام " قد ماتت متأثرة بحروقها وقد ورثت " ستال " كل‬ ‫أمالكها‪..‬‬ ‫أخبرت " جو " بكل ما جرى في قصة حياتي وانهيار آمالي الكبرى ‪ ..‬واكتشافي حقيقة المحسن‬ ‫الذي تبرع لي بكل أمواله‪..‬‬ ‫وبعد أن اكتمل شفائي ‪ ..‬استيقظت ذات صباح فلم أجد " جو " ‪ ..‬لقد رحل في الصباح الباكر‬ ‫وترك لي رسالة مليئة باألخطاء اإلمالئية!‬ ‫كانت رسالة وداع رقيقة ‪ ..‬ومرفق بها إيصال بدفع الديون المتراكمة علي‪ ..‬والحقيقة‬ ‫أن " جو " هو الذي قام بتسديد هذا الدين!‬ ‫وبينما كنت غارقا في فيض الذكريات‪ ..‬ال حت في ذهني فكرة هائلة‪ ..‬لماذا ال أبدأ حياة جديدة‪..‬‬ ‫ولماذا ال أتزوج من "بيدي"؟!‬ ‫‪38‬‬


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫وما ان انقضت ثالثة أيام‪ ,‬حتى أخذت عربة السفر متجها إلى "كنت" ‪ ..‬وعندما اقتربت‬ ‫من البيت‪ ,‬لم أسمع دقات مطرقة "جو" المعهودة وفوجئت بأن الورشة كانت مغلقة ‪ ..‬فانتابني‬ ‫إحساس عارم من الخوف!‬ ‫أما البيت فلم يكن يبدو مهجورا ‪ ..‬بل كانت الستائر بيضاء نظيفة تتطاير من خالل النافذة‬ ‫المفتوحة بغرفة الجلوس‪ ..‬وعندما نظرت إلى الداخل رأيت " بيدي و جو " وهما يلوحان لي‬ ‫مرحبين بحضوري ‪ ..‬حينها قالت "بيدي"‪ :‬ها أنت ذا يا أعز صديق‪ ,‬ليتك قد جئت يوم زفافنا أنا‬ ‫و "جو"!!‬ ‫هنأتهما بحرارة وأنا أخفي خيبة أملي ‪ ..‬وقضيت معهم عدة ساعات قبل أن أرحل عائدا إلى‬ ‫لندن‪..‬‬ ‫وبعت كل ممتلكاتي وسويت معظم ديوني وسافرت إلى مصر وعملت موظفا بفرع‬ ‫شركة "كالريكار" معاونا "لهربرت" وكان األخير قد تزوج "كالرا" فعشت معهما في نفس‬ ‫البيت‪..‬‬ ‫وبالتدريج‪ ,‬حققت الكثير من النجاح والتقدم وكنت أكتب الرسائل إلى " جو وبيدي “بين الحين‬ ‫واآلخر‪..‬‬ ‫وفي يوم ما قرر "كالريكار" أن يخبر " هربرت" بالسر الذي بيننا وأني أنا الذي دفعت‬ ‫حصة اشتراكه في رأس مال الشركة وأنا الذي أوصيت عليه ووظفته منذ البداية‪..‬‬ ‫ومن اجل هذا ازداد حب " هربرت " لي وازداد تقديره لصنيعي الجميل‪..‬‬

‫‪39‬‬


@Rawafed-k

@Rawafed_k

‫الفصل الخامس عشر‬

40


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫وبعد احدى عشرة سنة عدت إلى إنجلترا ‪.‬‬ ‫وفي يوم من األيام وبعد حلول الظالم دخلت في البيت القديم في مستنقعات (كنت)‪.‬‬ ‫كان جو يجلس قرب المدفأة وبالقرب منه في نفس المكان الذي كنت اجلس فيه في طفولتي كان‬ ‫يجلس بيب الصغير ‪,‬‬ ‫قفز جو واندفع نحوي من الفرح يحتضنني ‪ ,‬و جاءت بيدي و اخذت تقبلني و تبكي من الفرح‬ ‫بعودتي ‪,‬‬ ‫اما بيب فكان يشعر بشيء من الخوف و الدهشة ‪.‬‬ ‫و بعد مضي أيام قليلة أصبحت انا وبيب الصغير أصدقاء ‪.‬‬ ‫و عندما حل موعد رحيلي إلى لندن الحظت أن بيب اصبح يحبني ويتمسك بي تماما مثل ما‬ ‫كنت اتمسك بأبيه جو في الماضي ‪.‬‬ ‫قبل مغادرتي زرت أطالل منزل االنسة هافيشام المحترق الذي لم يبق منه اال الحديقة ‪.‬‬ ‫جلست أتذكر ذكرياتي و أتذكر ستيال التي كنت قد علمت انها تزوجت و عاشت شقية مع زوجها‬ ‫بنتلي درامل الذي هجرته و انفصلت عنه قبل عامين ‪.‬‬ ‫بينما كنت أفكر و أتجول وجدت امرأة تقف وحيدة بعيدا‬ ‫اتجهت نحوها فالتفت لي ‪,‬و كانت المفاجأة‬ ‫صحت وأنا اتجه نحوها ‪ :‬ستيال !‬ ‫قالت ‪ :‬بيب هل عرفتني ‪!..‬‬ ‫كانت محتفظة بجمالها و في عينيها نظرة حزن هادئة ‪.‬‬ ‫و أخبرتني انها اول مرة تأتي لهذا المكان بعد حياة طويلة الذي باعته فكان اخر ممتلكاتها ‪.‬‬ ‫فسألتني ‪ :‬هل ما زات تعيش ف الخارج ؟ فأخبرتها عن نجاحاتي و أنني أصبحت شريكا في‬ ‫شركة( كالريكار) فبدت سعيدة ‪,‬‬ ‫و أخبرتني انها كانت تفكر بي و تلوم نفسها أنها تجاهلت حبي الصادق أيام غرورها ‪ ,‬و أنها‬ ‫الزالت تحتفظ لي بمكانة عزيزة في قلبها ‪.‬‬ ‫فأمسكت بيدها و قلت ‪ :‬و أنت كنت دائما في أعز مكانة في قلبي ‪...‬‬

‫‪41‬‬


‫‪@Rawafed_k‬‬

‫‪@Rawafed-k‬‬

‫اخلامتة‬ ‫بطل قصتنا ( بيب ) عاش معظم حياته األوىل يف أحد مستنقعات ( كنت ) وقضى طفولته يف ختيالت‬ ‫خميفة ‪ ,,‬وعندما كان يف السابعة من عمره ذهب لزايرة قرب أمه وأبيه اللذان مل يشاهدمها قط يف حياته ‪,,‬‬ ‫وبينما هو منهمر يف البكاء والدموع تسيل من عينيه ظهر رجل عمالق خرج من بني املقابر ويف ملح‬ ‫البصر أمسكه بقوة وقلبه رأساً على عقب وأمره إبحضار املربد احلديدي له وبعض من الطعام دون أن‬

‫خيرب أحداً ‪ ,,‬يف هذه األثناء وبينما كانت أخته منهمكة يف جتهيز حفل عيد امليالد تسلل إىل الطبخ‬ ‫ِّ‬ ‫ليأمن حصة الرجل العمالق من الطعام ‪ ,,‬وتسلل جمموعة من جنود الشرطة للبحث عن احلداد ( جو )‬ ‫رغبة يف خدمة عاجلة منه للقبض على السجناء اهلاربني ‪ ,,‬وبعد انقضاء أايم قليلة بعد حفل امليالد جاء‬ ‫العم ( ابمبلشوك ) أبمر من اآلنسة ( هافيشام ) الستدعاء ( بيب ) للعب يف بيتها ‪ ,,‬قابل بيب (‬ ‫ستال ) ولعب معها ‪ ,,‬بيب الصيب احلداد كره هذه املهنة وفكر يف اهلرب منها للعمل يف البحر ‪ ,,‬وبعد‬ ‫مرور أربع سنوات من العمل ظهر ( مسرت جاجزر ) حمامي لندن الصطحاب بيب معه ليصبح جنتلمان‬ ‫لديه آمال كربى يف مستقبل مزهر ابلثراء ‪ ,,‬وبعد موافقته على تنفيذ الشروط املقدمة له قدم له عشرين‬ ‫جنيهاً من الذهب لي ًّأمن سفره إىل لندن ‪ ,,‬ذهب إىل مسرت جاجزر فأخربه بقيمة احلصة املخصصة له‬

‫من املال والبطاقات املالية ‪ ,,‬وقام ( مسرت وميك ) الكاتب لتوصيل بيب إىل حجراته املخصصة له ‪,,‬‬ ‫قضى حياته اجلديدة مع رفيقه ( هربوت ) الذي ائتمنه على مجيع أسراره وكربا معاً ‪ ,,‬وعرف بيب فيما‬

‫بعد أبن السجني اهلارب ( آبيل ماجويتش ) هو الذي ساعده وأنفق له كل ما ميلك ليصبح جنتلمان ‪,,‬‬ ‫وأن القاتلة ( موللى ) هيا زوجة ماجويتش وأم ستيال اليت محاها ودافع عنها جاجزر ‪ ,,‬وأن السجني‬ ‫اآلخر ( كوابيسون ) عدو ماجويتش هو الذي أحبته هافيشام ومل يتم الزوج بينهما ‪ ,,‬وبعد موت‬ ‫ماجويتش وهافيشام وزواج كل من جو وبيدي وهربوت وستيال مرض بيب مرضاً شديداً اعتىن به صديقه‬ ‫الصدوق ‪.‬‬

‫‪42‬‬


@Rawafed-k

43

@Rawafed_k


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.