الجهل المقدس

Page 1

1


2


3


‫تدقيق امالئي وحنوي‪:‬‬ ‫زينب حسين‬

‫تنسيق الكتاب واخراجه‪:‬‬ ‫مروج أيمن القرماني‬ ‫‪4‬‬


‫المقدمة‬ ‫هل الدين جزء من الثقافة؟‬ ‫متحولون ومرسلون‪ :‬الصدام بين ثقافة ودين‪-‬‬ ‫اإلرساليات الكاثوليكية‬ ‫اإلرساليات البروتستانتية‬ ‫تتر وموريس كيون‬ ‫الدول وصناعة عرقيات جديدة بناء على معالم دينية‬ ‫صناعة السلطات االستعمارية البريطانية في الهند للفئة العرقية الجديدة من المسلمين‬ ‫باكستان‪ :‬دولة المسلمين أم دولة إسالمية؟‬ ‫الحالة البوسنية‬ ‫في الهجرة‬ ‫اليهود بين الدين والثقافة‬ ‫النزاعات القومية الدينية‬ ‫الخاتمة‬

‫‪5‬‬


‫الحمد لله الذي ال تتم نعمة إال بفضله‪ ،‬يعطي الكثير بالقليل ويجازي بما في القلوب‪..‬‬ ‫دائما‬ ‫خلقنا في هذه الحياة مختلفين لنكمل بعضنا البعض ولكن األمر الذي يجمعنا‬ ‫ً‬ ‫تحت راية واحدة هو (اإلسالم) وهذا ملخص بسيط لكتاب (الجهل المقدس) للمؤلف‬ ‫(وليسفيه روا) الذي يتحدث فيه عن عالقة الثقافة بالديانات ومرحلة الحياة التي‬ ‫قضاها في الكنيسة وكيف أثرت رحلته العلمية في المرحلة الجامعية في التعمق في‬ ‫هذا الموضوع والبحث عنه بين النظرة العميقة في الفكر والثقافة في األديان‪.‬‬

‫نترككم مع الرحلة في الكتاب‪ ،‬قراءة ممتعة يا أحبة‪.‬‬

‫‪6‬‬


‫❖‬ ‫إن العالقة بين الدين والثقافة ليست بجديدة‪ ،‬مثلما أن العولمة ليست بمستجدة‪ ،‬غير أن التطور‬ ‫المعاصر للعولمة ينظم ويدخل بعدًا مستجدًا وهو التفريق بين األديان ما يستتبع قد ًرا أ كبر من‬ ‫االستقاللية للدين‪ .‬إن هذه الالمساواة بين األديان حيال العولمة تفسر برحابة الخيارات المتخذة‬ ‫في هذا الكتاب‪ ،‬فاألمر ال يتعلق بمبحث عام في العالقات بين الدين والثقافة‪.‬‬ ‫إن ظواهر التحول من دين إلى آخر تهمنا بوجه خاص‪ ،‬ال ألنها قد تكون أ كثف مما كانت عليه في‬ ‫الماضي وإنما ألن التحوالت تصدر اليوم حصريًا عن اختيار فردي‪ ،‬فهي إ ًذا مؤشرات جيدة على‬ ‫ً‬ ‫انفصاال بينًا عن الضغوط السياسية‪ .‬وتطرح اليهودية حالة خاصة‪ ،‬إنها‬ ‫قيام سوق للدين منفصلة‬ ‫دين عرقي من البداية‪ ،‬ألنها تتماهى مع شعب لكنه شعب غدا شتات ًيا ومواج ًها بتغيير ثقافي‪ ،‬ومذ‬ ‫ذاك تشهد اليهودية إشكالية تفريق منتظم بين المعالم الدينية والمعالم الثقافية‪ .‬أما األنظمة‬ ‫األخالقية والفلسفية فلها منحى آخر‪ .‬ما من شيء يعرف بأنه دين إال ما كان معتر ًفا به كدين من‬ ‫قبل الثقافة المهيمنة اليوم؛ فذلك قد يقوض حجتنا القائلة باالنفصال بين الثقافي والدين‪ .‬غير أن‬ ‫توحيد النمط هذا هو نتيجة للعولمة‪ :‬ألن العولمة تسمح ألديان أخرى بالظهور في هذا الشكل‬ ‫الجديد‪.‬‬

‫جا لثقافة محددة‪ ،‬إننا نتناول كلمة ثقافة في معنيين‪:‬‬ ‫إن العولمة في ذاتها ليست نتا ً‬ ‫‪7‬‬


‫‪ -1‬منتجات أنظمة رمزية‪ ،‬وعروض خيالية‪ ،‬ومؤسسات خاصة بمجتمع‪.‬‬ ‫‪ -2‬المنتجات الرمزية المقومة اجتماع ًيا كأصناف جمالية مستقلة ذات ًيا (الفن)‪.‬‬ ‫نظاما رمزيًا بين أنظمة‬ ‫في المعنى األول يعالج علماء األناسة وعلماء االجتماع الدين بوصفة‬ ‫ً‬ ‫متمما من ثقافة محددة؛ إنه الثقافة‪ .‬ومن جهة ثانية‬ ‫أخرى‪ ،‬وعلى ذلك فهو مدرك بوصفه جز ًءا‬ ‫ً‬ ‫فإن كثي ًرا من األديان ال تدعي أنها شيء أو باألحرى إنها مبنية كدين من الخارج فقط مع كل ما‬ ‫يمكن أن ينطوي عليه ذلك من مفارقة تاريخية نزعة عرقية‪ .‬على أن هذا التعريف يصطدم‬ ‫بسيطا بين أنظمة‬ ‫باالستثناء الديني‪ :‬الدين الذي يرفض أن يكون نظام معتقدات‬ ‫ً‬ ‫أخرى‪ ،‬ألنه يؤكد أنه الحقيقة‪ .‬هذه األديان تعتبر أنها حاملة رسالة عالمية متعالية على الثقافات‬ ‫ألن اإليمان يطرح حقيقة أبعد من العالقة الثقافية‪ .‬إذا ما تأملنا مل ًيا في األديان التي ترجع إلى‬ ‫نظام متعال‪ ،‬نظام الحقيقة والمطلق‪ ،‬نجد أن العالقة فيها بين دين وثقافة عرضية وظرفية‪ ،‬ألن‬ ‫الدين مدرك على هذا النحو ويرغب أن يكون أبعد من كل ثقافة‪ ،‬حتى وإن كان يمكنه أن يعتبر‬ ‫أنه مجسد على الدوام في ثقافة معينة في لحظة معينة‪ .‬أو أنه نتاج ثقافة وهو تحول معايير دينية‬ ‫إلى مظهر خارجي‪ ،‬أي إلى سلوكيات ُمستبطنة وثابتة ال تتبع ال اإليمان وال االعتقاد حتى؛ ويظهر‬ ‫هذا المفهوم الثاني في االستخدام المألوف لدى المسلمين لمفهوم «ثقافة إسالمية »‪ ،‬حيث‬ ‫المقصود معايير ثقافية تخص العائلة‪ ،‬واختالط الجنسين‪ ،‬والحشمة‪ ،‬والغذاء‪ ...‬إلخ؛ وهي تختلف‬

‫‪8‬‬


‫عما يعنيه المستشرقون الغربيون بقولهم ثقافة إسالمية‪ ،‬تلك التي تشتمل على الفن والهندسة‬ ‫المعمارية‪ ،‬والحياة الحضرية‪ ... ،‬إلخ‪ ،‬وفى الحالتين ليس لما هو مفهوم تحت عبارة الثقافة مكانة‬ ‫ً‬ ‫انفصاال بينًا عن الثقافة‪ ،‬والحال‬ ‫الدين في الواقع‪ ،‬ال ُيطرح الدين بصفته دينًا إال عندما ينفصل‬ ‫أن أي دين ال يمكنه أن يلبي شروط العولمة وأن يصبح عالم ًيا‪ ،‬إال إذا قدم نفسه على نحو مجرد‬ ‫على أنه غير ثقافي‪.‬‬

‫❖‬ ‫أ‪ -‬الثقافة وبادئاتها‪:‬‬ ‫كلما كان المراد النظر في العالقات بين الدين والثقافة يبدأ الدوران حول كلمة ثقافة تالع ًبا‬ ‫بالبادئات‪ :‬فقدان الهوية الثقافية‪ ،‬تثاقف‪ ،‬اندراج ثقافي‪ ،‬انسحاب من الثقافة‪ .‬يتجرد الدين من‬ ‫الهوية الثقافية عندما يريد استئصال الوثنية (المسيحية الغازية في أمريكا‪ ،‬اإلسالم التقليدي في‬ ‫شبه القارة الهندية)؛ ويتثاقف عندما يتكيف مع الثقافة المهيمنة عندما يتكيف مع الثقافة‬ ‫المهيمنة‪ ،‬ويندرج في ثقافة عندما يسعى إلى الحلول في صلب ثقافة معينة‪ ،‬وينسحب من ثقافة‬ ‫عندما يخال أنها غائص في ثقافة مهيمنة كان هو طر ًفا مستحو ًذا عليها‪ .‬يمكن أن ينبثق دين من‬ ‫حضن ثقافة بطريقتين‪ :‬من الداخل بواسطة وحي أو من الخارج عن طريق العمل‬

‫‪9‬‬


‫التبشيري بأشكاله‪ ،‬وليست العالقة بالثقافة هي نفسها في الحالتين ففي األولى يحافظ الدين‬ ‫على عالقة وثيقة بالثقافة وفي الثانية عالقة خارجية‪.‬‬ ‫ب‪ -‬التحول في ثقافة المتحول‪:‬‬ ‫كان كثير من المسيحيين األوائل يعتقدون أن المسيحية التي لم يكن لها اسم بعد التزال في‬ ‫نطاق اليهودية‪ ،‬كانوا ال يشعرون أنهم يخرجون من عالم ثقافي‪ ،‬بل يعلمون أنهم يأتون برسالة‬ ‫دينية جديدة هي البشارة‪ ،‬وال يرون أن هذه الرسالة تطعن في اليهودية الثقافية ً‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫ت‪ -‬التحول في ثقافة أخرى‪:‬‬ ‫إن التبشير والتحويل وإن كانا مبررين باعتبارات الهوتية فإن ممارسة التحويل ونفيها محددة‬ ‫دائما مسألة المتفضل بين الدين والثقافة‪ .‬من‬ ‫تحديدًا عمي ًقا بالسياق الثقافي والسياسي وتطرح‬ ‫ً‬ ‫الخطأ االعتقاد أن المسيحيين والمسلمين والبوذيين سعوا «في كل األوقات» إلى تحويل‬ ‫جيرانهم‪ ،‬كما أن من الخطأ القول إن اليهودية لم تعرف التحويل‪ ،‬وغال ًبا ما ُيرى أن التحويل اليوم‬ ‫على أنه امتداد لمشروع سيطرة سياسية جهاد‪ ،‬إرساليات أجنبية‪ .‬أما قضية المحولين عن اإلسالم‬ ‫إلى الكاثوليكية من اإلسبان‪ ،‬بعد إخراج العرب من إسبانيا‪ ،‬فهي مثال مضاد خاطئ‪ ،‬إذ لم يعترف‬ ‫يوما اعترا ًفا حقيق ًيا كمسيحيين صادقين‪ ،‬وفي المقابل‪ ،‬شهدنا بعد صمت دام مئتين‬ ‫بهم ً‬ ‫عاما‪ ،‬دف ًقا من اإلرساليات البروتستانتية في نهاية القرن الثامن عشر‪.‬‬ ‫وخمسين ً‬

‫❖‬ ‫‪10‬‬


‫عندما أنشئت اإلرساليات كان التصور أنها ملحقة باالستعمار‪ ،‬وتمسكت الدول األوروبية كل‬ ‫التمسك كل التمسك ال بمراقبة إرسالياتها الخاصة فحسب بل أ كدت فو ًرا وعلى وجه الخصوص‬ ‫حقها في التوطيد في مستعمراتها الخاصة‪ .‬أنشئت جمعيات دينية متجاوزة للحدود اإلقليمية‪،‬‬ ‫دولية تجنيد عديدها‪ ،‬ومرتبطة بالفاتيكان ارتباط مباش ًرا لتنصير الوثنين‪ ،‬كما أسست معاهد‬ ‫لدعمها مثل المبرة لنشر االيمان‪.‬‬

‫❖‬ ‫أمدت حركة اإلصالح الديني البروتستانتية على الفور االنفصال المطلق بين الدين والثقافة وهذا‬ ‫ما يفسر بوضوح التحفظ األولي عن العمل اإلرسال‪ ،‬وكان نشر البروتستانتية في أوروبا عبر الكتابة‬ ‫في وسط مثقف وقابل للتأثير‪ .‬يوجد الكثير من الثقافات لدى الشعوب لكن الدين واحد‪ ،‬ففي‬ ‫العرف الكاثوليكي يدافع عن حدوث ثقافة جديدة‪ ،‬وكذلك البروستاتتين يرى أن يعيش وف ًقا‬ ‫لدينه وال يطلب السيطرة على أي شعب من الشعوب‪ ،‬فأدى هذا المنطق أن البروتستانتيين لم‬ ‫يقوموا بتنصير الهنود والعبيد السود عكس الكاثوليكيين الذين بذلوا في ذلك أقصى ما لديهم من‬ ‫جهد للتنصير‪ ،‬فكل من الكاثوليكيين والبروتستانتيين يديرون الثقافة والدين بطريقة مختلفة‬ ‫فالكنسية الكاثوليكية تبحث عن عالقة تكافل مع الثقافة‪ ،‬في حين أن الكنيس‬ ‫تماما فتجعل الثقافة بعيدة كليا عن الدين‪.‬‬ ‫معاكسا‬ ‫البروستاتتين تسلك طري ًقا‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪11‬‬


‫من أين أتت أهمية العِ رق‪:‬‬ ‫أتت لما رأوا البروتستانتيين أنهم أقليات في مجتمع الكاثوليكي ثقاف ًيا‪ ،‬فجعلوا من ثقافتهم‬ ‫شرطا للدخول في الدين‪ ،‬فأعلنوا على أن سكان البالد األصليين يكونوا إنجليز جسديًا‬ ‫الجديدة‬ ‫ً‬ ‫وثقاف ًيا‪ .‬في عهد البابا بندوكس السادس كانت ال تزال فكرة أن الثقافة الغربية ال قيمة لها في ذاتها‬ ‫إال إذا ملهمة بالمسيحية‪ ،‬فهذه الثقافة المسيحية كانت تدافع عن الكنائس في ذلك الوقت‪،‬‬ ‫وليس الثقافة الغربية بصفة عامة‪ .‬ومن ضمن األشياء التي لم يذكرها الكاثوليك لنظرائهم من‬ ‫ً‬ ‫وأيضا التثقيف لصالح الحضارة‬ ‫البروتستانت هو أن التغريب مقدم بذاته حتى على التنصير‪،‬‬ ‫الغربية مقدم‪ ،‬بل يضعون ذلك على الكنسية بأنهم يتثقفوا ويقبلوا الثقافات األخرى لصالح‬ ‫كنيستهم‪.‬‬ ‫قدوم الثقافات وأزمة الحضارة‪:‬‬ ‫بعد عام ‪ 1945‬م‪ ،‬جاء مفهوم جديد على أيدي رجال سياسيين يقوم على تساوي الثقافات‪،‬‬ ‫وذلك للمساوة في المكانة والتعقيد‪ ،‬فكان أهم من عمم في هذا الموضوع وساهم في نشره‬ ‫شخص يدعى –كلود ليفي‪ -‬من فرنسا‪.‬‬

‫‪12‬‬


‫دين‪ ،‬عرق‪ ،‬أمة‪:‬‬ ‫وال يزال الصراع مستمر‪ ،‬أما ثقافة مع دين وثقافة بال دين‪ ،‬هذا الصراع كان أ كثر صلة بين‬ ‫معلما لمعالم أخرى كاللغة واألدب‪ ،‬ولكن يمكنه أن‬ ‫المعلمين‪ ،‬فأصبح معلم الدين ال يكون‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مفرغا من أي معنى ديني‪ ،‬كما يمكنه أن يصبح المعلم الغالب للهوية دون‬ ‫معلما ثقاف ًيا‬ ‫يصبح‬ ‫ً‬ ‫أن يقترن بأي ممارسة دينية أصيلة وإن كان يفضلها‪ ،‬فعلى هذا األساس كانت الهوية الثقافية‬ ‫أهم بكثير من الثقافة الدينية‪.‬‬ ‫المعالم الدينية والثقافية‪:‬‬ ‫منطقة سريان ترابدين منفردة بأن تكون سريان ًيا‪ ،‬أن تكون مسيح ًيا تتكلم اللغة السريانية‪ ،‬وال‬ ‫تكون كرد ًيا أو ترك ًيا‪ .‬البامريون كانت ال عالقة منهجية لديهم بين اللغة والدين‪ ،‬غير أن هذا‬ ‫التهامي مع السيد عن طريق الدين ما لبث أن طرح مجددًا‪ ،‬كيف السبيل إ ًذا إلى اختيار هوية‬ ‫دينية‪ ،‬ال تكون هوية السيد األبيض األنكلوسكسوني؟‬ ‫ثمة خيار أول ممكن‪ :‬خيار عالمي آخر‪ ،‬اإلسالم ً‬ ‫مثال‪ ،‬ولكنه سوف يرفض على وجهين مختلفين‬ ‫مع المعلم الثقافي‪ .‬فتحت تأثير االتجاه‪ ،‬محمد اختيار السود‪ ،‬والمعلم الديني تابع للمعلم العرقي‬ ‫وتذهب كنائس مسيحية سوداء أخرى بدورها إلى تقديم نفسها على أنها (سوداء ً‬ ‫أوال) فالعالمية‬ ‫الدينية مرفوضة لصالح العرقية (عرقية محددة هنا وف ًقا للفئة القانونية التي وضعتها المحكمة‬ ‫العليا األميركية في نهاية القرن التاسع عشر‪ :‬األسود هو كل إنسان لدية قطرة واحدة من دم‬ ‫‪13‬‬


‫أسود)‪ ،‬وهذا ما يستعيد في الواقع إيحاء العبوديين البروتستانت الذي أدى إلى نظام الفصل‬ ‫والتمييز العنصري‪ ،‬عندئذ يصار إلى تطوير إعادة كتابة (سوداء) للتاريخ الديني‪ ،‬تندرج في سياق‬ ‫الالهوت البلدي الذي أشرنا إليه أعاله‪ ،‬الممتع رؤية بعض علماء األناسة السود‬ ‫ويجتهدون أنفسهم إلضفاء اعتبار المعلم العرقي هذا‪ ،‬قد يكون الغناء اإلنجليزي هو التعبير عن‬ ‫تدين أفريقي محض‪ ،‬بقي كركيزة ومن شأنه أن يجعل المسيحية (بيضاء)‪ .‬تحت تأثير مؤمنين‬ ‫ذهبوا إلى مكة نشأ تيار تقليدي يقوده وارث الدين محمد‪ ،‬نجل البشاه محمد‪ ،‬الذي رفض في عام‬ ‫‪ ،1975‬أثر وفاة والده‪ ،‬كل عرقنه اإلسالم األمريكي وفضل آنذاك عالمية المعلم‬ ‫الديني‪ .‬األمة‪ ،‬جماعة المؤمنين‪ ،‬وليس الجماعة السوداء وحدها كما كان شأن منظمة أمة‬ ‫اإلسالم‪ .‬واليوم يسيطر التيار الوسطي بزعامة وارث الدين محمد وبات السود الذين يتحولون الى‬ ‫(إسالما أسود)‪ ،‬غير أن‬ ‫اإلسالم ينضمون إلى هذا التيار في معظم األحيان‪ .‬وال يسعهم أن يروا فيه‬ ‫ً‬ ‫قيام طائفة دينية فيما يتعدى األعراف ما زال بعيدًا‪ ،‬ذلك أن اإلسالم التقليدي األمريكي يمثله‬ ‫بوجه خاص‪ ،‬ابتداء من ثمانينيات القرن العشرين‪ ،‬مهاجرون قادمون من الشرق األوسط‬ ‫ً‬ ‫جا‬ ‫الجنوبية‪ ،‬يعتبرون أنفسهم‬ ‫(بيضا)‪ ،‬وينتمون إلى طبقات وسطى وعليا وهم أ كثر اندما ً‬ ‫ً‬ ‫وتحصيال علم ًيا من السود األمريكيين المسلمين‪ ،‬هنا لم يعد الحاجز عرق ًيا بدرجة كبيرة‪ ،‬إنه حاجز‬ ‫اجتماعي‪ .‬وعالوة على ذلك فبمعزل عن إرادة التقارب بين المتحولين إلى اإلسالم السود‬ ‫والمهاجرين المسلمين تبقى االستراتيجيات مختلة‪ .‬فاألخرون يحاولون تقديم أنفسهم على أنهم‬ ‫‪14‬‬


‫مسلمون أمريكيون‪ ،‬حيث المعلم الثقافي أمريكي والمعلم الديني مسلم‪ .‬وهم يتشاكلون وف ًقا‬ ‫للبيئة المحيطة‪ .‬الفتى محمد سوف يطلب أن يدعى مو في المدرسة‪ ،‬وسميع هللا سام‪ .‬وفي‬ ‫معاكسا‪ ،‬فيتخلون عن‬ ‫المقابل ينحو عدد من المتحولين إلى اإلسالم السود األمريكيين منحى‬ ‫ً‬ ‫أسمائهم (البيضاء) إذا ما كان ثمة اتفاق على التقليدية الدينية فالموقف من العالم الثقافية‬ ‫مختلف لدى الفريقين‪ ،‬يسعى السود إلى تفريق‪/‬تكامل باسلتهم المعلم الثقافي‪ ،‬يلتمس‬ ‫المهاجرون أمركة المعلم الديني‪ .‬وعلى ذلك فاإلسالم يستخدم تارة لتعزيز الذاتية السوداء‪ ،‬مثل‬ ‫المسيحية‪ ،‬لمحاولة إذابة الهوية السوداء في جماعة إيمان أوسع‪ .‬ثمة حالة خرى مثيرة لالهتمام‬ ‫هي حالة السود األمريكيين المتحولين إلى اليهودية‪ ،‬في حالة الجماعات المنعزلة التي تدعى‬ ‫ا كتشاف أصولها اليهودية‪ ،‬فالمقصود هو تحول ذاتي مقنع بحكاية أصول‪ ،‬هي قبائل إسرائيل‬ ‫العشر المفقودة؛ وهم يؤكدون أن اإلسرائيليين القدماء كانوا سودًا أ كثر يهودية من اليهود‬ ‫الحاليين‪ ،‬وقد هاجر مئات من اتباع هذه الفرقة الى إسرائيل‪ ،‬لم ُيعترف بهم كيهود‪ ،‬ولكنهم‬ ‫يمنحون في الغالب إذن إقامة‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫❖‬ ‫ثمة أمثلة أخرى على جماعات عرقية مغلوبة اعتنقت دين الغالب‪ ،‬ولكن باإلكراه هذه المرة‪،‬‬ ‫وسبق أن ألممنا بحالة مسلمي إسبانيا ويهودها‪ ،‬وكان تحول هؤالء إلى الكاثوليكية نتيجة إ كراه ال‬ ‫ً‬ ‫تحوال حقيق ًيا من قبل النظام الملكي اإلسباني الذي لم يسعه‬ ‫اختيار‪ .‬فإن تحولهم لم يعتبر قط‬ ‫بكل وضوح أن يرى فيهم مسيحيين منتمين إلى ثقافة أخرى‪ ،‬وعلى ذلك إن كان فقدان الهوية‬ ‫الثقافية في حالة العبيد السود األمريكيين نتيجة تلقائية إلخضاعهم للعبودية‪ ،‬فإن أقليتي إسبانيا‬ ‫المسلمة واليهودية حافظتا على عالقتهما باألرض وعلى بناهما العائلية‪ ،‬وتقوم حالة التتر الروس‪،‬‬ ‫األقل مأساوية على اإلشكالية نفسها‪ .‬إن تركيبة المعلم العرقي والمعلم الديني معقدة هنا‪،‬‬ ‫فالمتحدرون من التتر المتحولين ما انفكوا ينعتون ب (المتحولين)؛ وكانت تسميتهم الرسمية في‬ ‫نهاية القرن التاسع عشر هي (طارئون متحولون)‪ ،‬وفي مطلع القرن العشرين طلب عدد منهم‬ ‫العودة إلى اإلسالم‪ ،‬وكانت الحجة المقدمة من قبل السلطات أن ثقافتهم على وجه التحديد لم‬ ‫تكن مرتبطة بالمسيحية‪ ،‬وعلى ذلك بقيت مسيحتيهم مصطنعة الى حد ما‪ .‬هنا ً‬ ‫أيضا نقع على‬ ‫تأكيد ذاتي للفكرة القائلة بأن ال وجود لدين بال ثقافة‪ ،‬وإن كل ثقافة ال بد من أن تكون مرتبطة‬ ‫بدين‪.‬‬

‫‪16‬‬


‫إن كل التتر عادوا مسلمين مجددًا‪ ،‬بل إن الذين ظلوا مسيحيين باتوا يقدمون أنفسهم على‬ ‫أنهم روس‪ ،‬قد يكون هذا النموذج موجودًا في الحكم غير المتوقع‪ ،‬الصادر عن المحكمة المصرية‬ ‫نظرت‪ ،‬في كانون الثاني ‪/‬يناير ‪ ،2008‬في طلب تقدم به أقطاب كانوا قد اعتنقوا األسالم بشأن‬ ‫ً‬ ‫أصال عن كونهم مسيحيين‪.‬‬ ‫إمكان عودتهم للمسيحية‪ ،‬وقد حكمت المحكمة بأن هؤالء لم يكفوا‬

‫❖‬ ‫شيوعا‬ ‫إن الدول هي صانعة كبرى لفئات عرقية جديدة انطال ًقا من معالم دينية‪ ،‬والحالة األكثر‬ ‫ً‬ ‫طبعا‪ .‬زرعت السكان على جماعات دينية تحتفظ بقوانين أحوال شخصية‬ ‫هي الملة العثمانية‬ ‫ً‬ ‫خاصة بها تحت أشراف سلطاتها الدينية‪ ،‬وغال ًبا ما يحدث تقاطع فعلي ما بين عرق ودين فيما‬ ‫دائما‪ ،‬ألنه إذا ما وجدت كنائس عدة‬ ‫يخص المسيحيين‪ ،‬بيد أن المعيار الديني هو ما يطغى‬ ‫ً‬ ‫لجماعة عرقية لغوية بعينها تخلق ملة (قومية) لكل كنيسة‪ً ،‬‬ ‫مثال هناك ملة‬ ‫أرمنية أرثوذكسية‪ ،‬وملة أرمنية كاثوليكية‪... ،‬إلخ‪ .‬كذلك يمكن ألقوام من أعراق مختلفة أن‬ ‫يحشروا في ملة واحدة‪ :‬العرب األرثوذكس "الملكيون" حشروا في ملة " اليونانيين أرثوذكسية"‬ ‫(كهنتهم اليونانيون) وحددت ملة الموارنة بناء على خصوصية كنيستهم‪ ،‬ال لغتهم (وهم ناطقون‬ ‫بالعربية)‪.‬‬ ‫‪17‬‬


‫إن تاريخ الملل المسيحية المعروفة جدًا‪ ،‬بيد أن قيام الملل مسيحية متنوعة جدًا أحدث صدمة‬ ‫معاكسة وكان من شأنها تقليص أشكال التعبير في اإلسالم‪ .‬قبالة عالم مسيحي منقسم يتعين‬ ‫إبراز وجه واحد لإلسالم‪ ،‬ولنعرض هنا لثالث من حاالت صنع عرق جديد مسلم بناء على قرارات‬ ‫سياسية‪.‬‬

‫❖‬ ‫في غمرة تنوع المشهد الديني والعرقي الهندي‪ ،‬عمد البريطانيون أثناء اإلحصاء السكاني إلى تبسيط‬ ‫حاالت جماعات صغيرة ذات هويات معقدة وتصنيفهم كمسلمين‪ ،‬قبل معاملتهم بهذه الصفة‪.‬‬ ‫ومن ذلك على سبيل المثال أن المسلمين من البنغال يحملون أسماء هندوسية‪ ،‬ويستخدمون‬ ‫مفرداتهم الخاصة لقول (إله) أخذو يتسمون بأسماء مسلمة ويقولون (هللا)‪ ،‬في الموازاة هذه‬ ‫المجانسة اإلدارية‪ ،‬وفي انسجام التام‪ ،‬نمت نزعة الجامعة اإلسالمية لدى المسلمون الهنود ابتداء‬ ‫من نهاية القرن التاسع عشر‪ ،‬بما في ذلك المالبس (اتخذوا الطربوش في أليغار‪ ،‬والمالبس العربية‬

‫‪18‬‬


‫في مناطق أخرى)‪ ،‬وكذلك جرى تثبيت اللغات للداللة على تمايز ديني ال عالقة له البتة بحقيقة‬ ‫لغوية‪ ،‬فينقسم اللسان الهندوسي إلى اللغة األوردو (لغة المسلمين) والهندية (لغة الهندوس)‪.‬‬

‫❖‬ ‫أسفر خلق هيئتين ناخبتين وقسمة المجتمع الهندي بين هندوس ومسلمين‪ ،‬على حساب‬ ‫هويات أ كثر تعقيدًا (عرقية‪ ،‬ودينية‪ ،‬ومنطقية)‪ ،‬عن نتيجة منطقية تمثلت بوالدة حركة انفصالية‬ ‫مسلمة تنادي بإقامة دولة لمسلمي شبة قارة الهندية هي باكستان‪ ،‬لكن تجدر اإلشارة أن اإلسالم‬ ‫كثقافة وليس كدين هو ما يحدد اإلسالم في نظر مؤسسها على الجناح (وهو ما المه عليه أبو‬ ‫األعلى المودودي)‪ .‬وطالما ترددت باكستان بين تعريفين لكيانها‪ :‬أن تصبح دولة‬ ‫أمة إقليمية يتفق أنها مسلمة أو حري بها أن تكون مسلمة عقائدية مدعوة إلى تمثيل كل‬ ‫مسلمي المنطقة‪ ،‬بل األمة‪ .‬بيد ان السياسة اإلسالمية هذه ال يمكن أن تسري إال انطالقا من‬ ‫ً‬ ‫محضا في مقابل ما يتعدى الثقافات‬ ‫تيارات إسالمية او أصولية – جديدة‪ ،‬تحاول أن تقيم دينًا‬ ‫القائمة وال تعترف بالحصانة اإلقليمية للدولة الباكستانية‪ ،‬ها نحن أ كثر من أي وقت مضى في‬ ‫غمار الجهل المقدس‪ ،‬وذاك أن سيادة المعيار الديني تجهض كل محاولة إلقامة ثقافة‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫❖‬ ‫لم يكن مسلمو يوغوسالفيا السابقة جماعة عرقية في يوم من األيام‪ ،‬وكانت حقوقهم الدينية‬ ‫مكفولة من قبل النمسا‪ ،‬هنغاريا عند ضم البوسنة والهرسك (‪ .)1908‬ويتميز مسلمو البوسنة‬ ‫مصطنعا عن مسلمي (تكتب بميم صغيرة) يوغسالفيا اآلخرين‪ ،‬أمثال مسلمي السنجق‬ ‫تمي ًزا‬ ‫ً‬ ‫(الواقع في صربيا) الذين يعرفون بمعلم ديني فقط (إنهم صربيون مسلمون)‪ ،‬وإبان تفكيك‬ ‫يوغسالفيا هاجم الصربيون‪ ،‬مسلمي البوسنة ولكنهم لم يمسوا مسلمي صربيا‪ :‬فقد كانوا‬ ‫يستهدفون الجماعة العرقية – الجديدة من البوسنيين ال معتنقي اإلسالم كدين‪ ،‬إذا لم تكن تلك‬ ‫الحرب حر بًا دين ًيا بل نتيجة لعرقنه االنتماء الديني‪.‬‬

‫❖‬ ‫تعمل الفئة "المسلم " كفئة عرقية – جديدة وليست دينية‪ .‬ويعود طبعا إلى ظواهر معقدة حيث‬ ‫تستخدم الكاثوليكية راية ينضوي تحتها الالتينيين‪ ،‬وكذلك الكنائس البروتستانتية بالنسبة‬ ‫الى الكوريين‪ .‬وعلى هذا النحو سوف يشاهد في أوربا تكون فئة " مسلم "‪.‬‬

‫‪20‬‬


‫❖‬ ‫ال ريب في أن اللعبة الدائرة بين معلم ثقافي ومعلم ديني لم تكن في أي مكان بمثل هذا القدر من‬ ‫التعقيد على مدى حقبة من الزمن بمثل هذا الطول‪ .‬في جميع البلدان المسلمة منها والمسيحية‬ ‫يفترض التمثل التحول‪ ،‬حتى قرن التاسع عشر على كل حال‪ ،‬وعلى ذلك فالمعلم الديني هو‬ ‫الذي يطغى لتحديد اليهودية‪ ،‬وال سيما أن السلطات الدينية تدير شؤون الطائفة وتمثلها في‬ ‫غالب األحيان‪ .‬استتبع الخروج من المعزل (الغيتو) محاوالت مختلفة إلعادة النظر في هوية‬ ‫يهودية ال تكون مرتبطة بعد باالحترام للحاالت‪:‬‬ ‫ً‬ ‫مماثال لألديان األخرى‪ ،‬أو مستنس ً‬ ‫خا عن العمل‬ ‫‪ -1‬اليهودية مصوغة باعتبارها (دينًا)‬ ‫المؤسسي والتدين الخاص بالمسيحية (هذا هو االنتقال من اليهودي إلى اإلسرائيلي في‬ ‫فرنسا)‪.‬‬ ‫‪ -2‬اليهود مفهومة باعتبارها سمة عرقية‪ ،‬بل وعنصرية (بناء العنصر اليهودي باالنتقال من‬ ‫معاداة اليهودية الدينية إلى معاداة السامية العنصرية)‪.‬‬ ‫‪ -3‬اليهودية مرئية باعتبارها نوعا من الثقافة‪ ،‬وروح يهودية‪ ،‬ونزعة إنسانية منفصلة عن أي‬ ‫اعتقاد ديني معين‬

‫‪21‬‬


‫في إسرائيل يبدو أن تفاوت بين اإلسرائيليين ويهود الشتات أخذ في التفاقم‪ ،‬وحتى مع استبعاد‬ ‫المساعي الواضحة لخلق هوية عرقية‪ .‬ويمكن االستنتاج من كل ما تقدم أن المعلم الديني بات‬ ‫متس ًقا مع المعلم الثقافي بصورة نهائية‪ ،‬ولكن على حساب البعد الديني‪ ،‬وأننا بإزاء سيرورة‬ ‫عرقنه للديني‪ ،‬نظ ًرا للصعوبات التي يجدها اليهود الملحدون في االعتراض على المعلم الديني‪،‬‬ ‫أنشأ كنيسة عبرانية‪ ،‬وكانت هذه البادرة السياسية للغاية ممكنة على وجه الدقة لوجود سكان‬ ‫لسانهم عبراني وهم كاثوليك‪ ،‬أزواج يهود إسرائيل بقوا مسيحيين‪ ،‬ويهود اعتنقوا المسيحة وعرب‬ ‫كاثوليك انتقلوا إلى استخدام العبرية‪ ،‬ثم إن تغير المعلم الديني بناء على المضمون الثقافي‬ ‫نفسه‪ ،‬جديد منتهى الجدة ومقلق بال شك‪ ،‬يمكن للمرء أن يكون ملح ًدا‪ ،‬ألن ذلك ال يجعل‬ ‫المعلم الديني مثار للجدال‪ ،‬ولكن هل يمكنه أن يكون يهوديًا مسيح ًيا‪ ،‬يهوديًا من أجل المسيح؟‬

‫‪22‬‬


‫‪:‬‬

‫❖‬

‫أتحدث عن النزعات القومية الدينية وهي تتماهى كمؤسسة دينية بدولة وشعب‪ ،‬فاألمر ال‬ ‫يتعلق إ ًذا بمجرد ارتباط وثيق بين كنيسة ودولة‪ ،‬وإنما يتعلق بالفكرة القائلة تجسيد مؤسسة‬ ‫دينية لروح الشعب ً‬ ‫أيضا‪ ،‬وفي المحصلة ال يمكن لهذه المؤسسة إال أن تكون مرتبطة أشد االرتباط‬ ‫بالمؤسسة السياسية للشعب المعني‪ ،‬أ ًيا كانت الصلة التراتبية بين االثنين‪ ،‬لكن ال جدال في أن‬ ‫حا إنما توجد في األرثوذكسية المسيحية‪ ،‬حيث التماهي بين‬ ‫أشكال القومية الدينية األشد وضو ً‬ ‫طبعا أن المسيحية األرثوذكسية‬ ‫الكنيسة والشعب يمر عبر ارتباط وثيق بالدولة‪ ،‬وهذا ال يعني‬ ‫ً‬ ‫"العرقية " في رؤيتها الدينية‪ ،‬فالنعمة والرسالة معلنتان للعالم قاطبة‪ ،‬لنأخذ مثال على ذلك‪:‬‬ ‫الكنيسة األرثوذكسية "الملكية" في الشرق األوسط‪:‬‬ ‫على أن األديان أثرت ً‬ ‫أيضا على نشر لغة غير دولية بغية التأثير في فئات جديدة من السكان‪ ،‬كان‬ ‫األمر في الهند بخالف ذلك‪ ،‬فاختيار لغة محلية غير مكتوبة سمح بعزل جماعة خاضعة‪ ،‬وإعادة‬ ‫بنائها كمجموعة مسيحية‪ .‬وفي فرنسا إبان اإلصالح الديني‪ ،‬بقيت النخب البروتستانتية ومثلها‬ ‫الكاثوليكية متعلقة بالالتينية (كان كالفن يفضلها على الفرنسية في كتاباته) غير أنهم انتقلوا إلى‬ ‫اللفة المحلية األسباب مماثلة على وجه الدقة (للوصول الى الشعب)‪ ،‬تقويها المنافسة بين‬ ‫كنيستين‪.‬‬ ‫‪23‬‬


‫وبخالف ذلك كانت الكنيسة الكاثوليكية في فرنسا تشجع على نحو متزايد التعبير الديني في‬ ‫اللغات اإلقليمية‪ ،‬وال سيما أن هذه اللغات كانت منذ الثورة الفرنسية تعتبر مال ًذا للهوية‬ ‫الكاثوليكية في وجه اللغة الفرنسية يعقوبية ملحدة‪.‬‬

‫‪24‬‬


‫قد تكون وجدت ضالتك في هذا الكتاب‪ ،‬فكر ًة كانت أو معلومة قد سرقت‬ ‫ُلب قلبك‪ ،‬و ُر بما اقتبست منه نو ًرا يشع بك‪ ،‬فهل ُتشارك اآلخرين هذا النور‬ ‫عبر حسابنا فنُضيء جم ًيعا؟‬

‫‪25‬‬


26


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.