مع النبي صلى الله عليه و سلم

Page 1


2


3


‫المقدمة‬ ‫إن في هذا الكتاب يُسطِّر ادهم الشرقاوي احاديث النبي صلى اهلل عليه‬ ‫وسلم ومن بعد كل حديث يستخرج لنا دروس و قيم تستند الحياة على‬ ‫فهمها و الموعظة بها‬

‫كما انه مُمتع و مُختلف فهو ينقل احاديث رواها سيد الخلق مُحمد‬ ‫أي انك ستصغي لها و انت متيقن بأنها حق ومعانيها تعني الخير الكثير‬

‫اسلوب الكاتب سلسل و بسيط يصل لك سريعاً و بلغة بسيطه‬ ‫وإن الحكاية ودروسها دائم ًا ما يُحفران في الذاكره ‪.‬‬

‫الكاتبه ‪ :‬شروق الشريف‬

‫‪4‬‬


‫صدقة‬

‫‪7‬‬

‫جريج العابد‬

‫‪10‬‬

‫اسيا بنت مزاحم‬

‫‪14‬‬

‫دين وسداد‬

‫‪19‬‬

‫السحابة‬

‫‪22‬‬

‫مغيث وبريرة‬

‫‪25‬‬

‫جرة ذهب‬

‫‪28‬‬

‫ماشطة ابنة فرعون‬

‫‪31‬‬

‫األبرص و األقرع و األعمى‬

‫‪35‬‬

‫الخمر‬

‫‪38‬‬

‫رِجالن من خَشَب‬

‫‪40‬‬

‫سارة و الفرعون‬

‫‪41‬‬

‫حوار بين أدم و موسى عليهما السالم‬

‫‪45‬‬

‫‪5‬‬


‫الذي قتل مئة نفس‬

‫‪51‬‬

‫رفاق الغار‬

‫‪57‬‬

‫قضاء سليمان عليه السالم‬

‫‪64‬‬

‫المفاخرة باألنساب‬

‫‪66‬‬

‫رؤيا‬

‫‪73‬‬

‫الذي أضاع ناقته‬

‫‪85‬‬

‫‪6‬‬


‫صدقة!‬ ‫روى البخاري أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬قال رجل ألتصدقن بصدقة فخرج‬ ‫بصدقته فوضعها في يد السارق فأصبحوا يتحدثون ‪ ،‬تصدق على سارق!‬ ‫فقال ‪ :‬اللهم لك الحمد‪ ،‬ألتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية!‬ ‫فأصبحوا يتحدثون ‪ :‬تصدق الليلة على زانية!‬ ‫فقال اللهم لك الحمد على سارق‪ ،‬وعلى زانية‪ ،‬وعلى غني !!! فآتي فقيل له اما صدقتك على‬ ‫سارق فلعله ان يسعتف عن سرقته وأما الزانية فلعلها ان تستعف عن زناها وأما الغني فلعله‬ ‫يعتبر فينفق مما اعطاه اهلل !!! ‪.‬‬

‫الدرس االول‪:‬‬ ‫هذا هو شأن الناس دوما اذا ترفعت عن رد االساءة ‪ ،‬قالوا ‪ :‬جبان‬ ‫و اذا تصدقت ‪ ،‬قالوا ‪ :‬يرائي ‪.‬‬ ‫‪7‬‬


‫و اذا صاحبت عالماً ‪ ،‬قالوا ‪ :‬يتزلف‪.‬‬ ‫و اذا صافحت عاصياً ‪ ،‬قالوا ‪ :‬هو مثله‬ ‫و اذا احسنت الى زوجتك ‪ ،‬قالوا ‪:‬خروف‬ ‫وان لم تجارهم في المعصية ‪ ،‬قالوا ‪:‬متزمت‬ ‫وان لم تجارهم في قبول الرشوة ‪ ،‬قالوا ‪ :‬غشيم‬ ‫ان تحجبت ‪ ،‬قالوا ‪ :‬جاهلة بالموضة‬ ‫وان غطيت وجهك ‪ ،‬قالوا ‪ :‬تستر قبحها‪.‬‬ ‫ان أطعت زوجك ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ضعيفة الشخصية‪.‬‬ ‫فكن أنت وال تسمح لهم أن يغيروك‬ ‫لو تأملت حال الناس ‪ ،‬لوجدت أكثرهم ليسوا راضين عن اهلل فكيف يرضى الناس عن الناس ؟!‬

‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫خذ بأيدي الناس إلى اهلل وتذكر أن اهلل سبحانه لم يرسل إال للعُصاة من خلقه !‬

‫‪8‬‬


‫فلو كانوا أهل طاعة ما احتاجوا الى الرسل‪.‬‬ ‫والذين قالوا ‪ :‬إن األصنام بنات اهلل أرسل لهم صفوة خلقه عليه الصالة والسالم ‪.‬‬ ‫فال تنظر في ذنوب الناس كأنك رب وانظر اليهم كأنك عبد فانظر في اهل المعصية كما‬ ‫تنظر كما تنظر في أهل البالء وأن المرض أهون من الضالل فقد يكون رفعة في األجر ‪ ،‬أما‬ ‫الضالل فعاقبته وخيمة!‬

‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫صحيح أننا أُمرنا أن نحكم على األمور بظاهرنا ولكن كن أذكى من أن تخدعك المظاهر ‪،‬‬ ‫فعن عمر بن الخطاب ‪ -‬رضي اهلل عنه ‪ -‬أن رجال على عهد النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬كان‬ ‫اسمه عبد اهلل ‪ ،‬وكان يلقب حمارا ‪ ،‬وكان ُيضْحك رسولَ اهلل ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ، -‬وكان‬ ‫النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ -‬قد جلده في الشراب ‪ ،‬فأتي به يوما فأمر به فجلد ‪ ،‬فقال رجل‬ ‫من القوم ‪ :‬اللهم العنه ‪ ،‬ما أكثر ما يؤتى به ‪ ،‬فقال النبي ‪ -‬صلى اهلل عليه وسلم ‪ ( : -‬ال تلعنوه‬ ‫‪ ،‬فواهلل ما علمت إال أنه يحب اهلل ورسوله ) (البخاري) ‪.‬‬ ‫إن للقلوب أسرار ال يعلمها إال خالقها ‪ ،‬التي ال تتحجب ليست عاهرة والذي يسمع الموسيقى ال‬ ‫يكره القرآن و أنا ال أدافع عن العصاة و ال أبرر لهم إني أقول فقط ‪ :‬خذوا بأيديهم الى اهلل !‬ ‫‪9‬‬


‫الدرس الرابع‪:‬‬ ‫إن لم تعامل الناس بأخالق ولين فنحنُ نقدم لهم نماذج سيئة عن المتدينين‪ ،‬عندها لن يتركوا‬ ‫معاصيهم ليكونوا متدينين قساة‪ ،‬إن لم نكن نماذج يحتذى بها فال تبغضوا اهلل الى خلقه!!‬

‫جريج العابد!‬ ‫روى البخاري ومسلم في صحيحهما ان النبي صلى اهلل عليه وسالم قال ‪:‬‬ ‫جلًا عَابِدًا ‪ ،‬فَاتَِّخَذَ صَوْمَعَةً ‪َ ،‬فكَانَ فيهَا ‪ ،‬فَأَ َتتْ ُه أُمُِّهُ وَهُوَ ُيصَلِّي فَقَالَتْ ‪ :‬يَا جُرَيْجُ ‪.‬‬ ‫كَانَ جُرَيْجٌ رَ ُ‬ ‫صلَاته ‪ ،‬فَانْصَرَفَتْ ‪َ .‬فلَمَِّا كَانَ منْ الْغَد أَتَتْ ُه وَهُوَ‬ ‫صلَاتي ؟ فَأَ ْق َبلَ َعلَى َ‬ ‫بِ أُمِّي وَ َ‬ ‫فَقَالَ ‪ :‬يَا رَ ِّ‬ ‫صلَاته ‪ ،‬فَانْصَرَفَتْ ‪ .‬فَلَمَِّا‬ ‫صلَاتي ؟ فَأَ ْق َبلَ َعلَى َ‬ ‫ُيصَلِّي فَقَالَتْ ‪ :‬يَا جُرَيْجُ ‪ .‬فَقَالَ ‪ :‬يَا رَبِِّ ‪ ،‬أُمِّي وَ َ‬ ‫صلَاتي ؟ فَأَ ْقبَلَ َعلَى‬ ‫كَانَ منْ الْغَد أَ َتتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَقَالَتْ ‪ :‬يَا جُرَيْجُ ‪ .‬فَقَالَ ‪َ :‬أيْ رَبِِّ ‪ ،‬أُمِّي وَ َ‬ ‫حتَِّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوه الْمُومسَات ‪َ .‬فتَذَاكَرَ َبنُو إِسْرَائيلَ جُرَ ْيجًا‬ ‫صلَاته ‪ ،‬فَقَالَتْ ‪ :‬ال ِّلَهُمَِّ لَا تُمتْهُ َ‬ ‫َ‬ ‫س ِنهَا فَقَالَتْ ‪ :‬إِنْ ش ْئ ُتمْ لَأَفْت َننَِّهُ لَكُمْ ؟ قَالَ " َفتَعَرَِّضَتْ لَهُ‬ ‫ح ْ‬ ‫وَعبَادَتَهُ ‪ ،‬وَكَانَتْ امْ َرَأةٌ بَغيٌِّ ُيتَ َم ِّثَلُ ِب ُ‬ ‫سهَا ‪ ،‬فَوَقَعَ َعلَ ْيهَا ‪،‬‬ ‫ك َنتْهُ منْ نَ ْف ِ‬ ‫َفلَمْ َي ْلتَفتْ إِ َل ْيهَا ‪ ،‬فَأَتَتْ رَاعيًا كَانَ يَ ْأوِي إِلَى صَوْمَعَته فَأَ ْم َ‬ ‫‪10‬‬


‫س َتنْزَُلوهُ ‪ ،‬وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ ‪ ،‬وَجَ َعلُوا‬ ‫َفحَ َملَتْ ‪َ ،‬فلَمَِّا وَلَدَتْ قَالَتْ ‪ :‬هُوَ منْ جُرَيْجٍ ‪ .‬فَأَتَ ْوهُ ‪ ،‬فَا ْ‬ ‫صَبِيُِّ ؟‬ ‫َيضْرِبُونَهُ ‪ ،‬فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ ؟ قَالُوا ‪ :‬زَنَيْتَ بِهَذه ا ْلبَغيِِّ ‪ ،‬فَوَلَدَتْ منْكَ ‪ .‬فَقَالَ ‪ :‬أَ ْينَ ال ِّ‬ ‫طنِه وَقَالَ‬ ‫ف أَتَى الصَِّبِيَِّ فَطَ َعنَ في بَ ْ‬ ‫صلَِّى ‪َ ،‬فلَمَِّا ا ْنصَ َر َ‬ ‫حتَِّى أُصَلِّيَ ‪َ ،‬ف َ‬ ‫َفجَاءُوا بِه ‪ .‬فَقَالَ ‪َ :‬دعُونِي َ‬ ‫سَحُونَ بِه ‪،‬‬ ‫ن أَبُوكَ ؟ قَالَ ‪ُ :‬فلَانٌ الرَِّاعي ‪ .‬قَالَ ‪ :‬فَأَ ْق َبلُوا َعلَى جُرَيْجٍ يُ َقِّبِلُونَهُ ‪ ،‬وَ َيتَ َم ِّ‬ ‫‪ :‬يَا ُغلَامُ مَ ْ‬ ‫وَقَالُوا ‪َ :‬نبْنِي لَكَ صَوْمَ َعتَكَ منْ ذَهَبٍ ؟ قَالَ ‪ :‬لَا ‪ ،‬أَعيدُوهَا منْ طينٍ كَمَا كَانَتْ فَفَ َعلُوا !!!‬

‫الدرس االول‪:‬‬ ‫القدر موكل بالمنطق!‬ ‫فال تدعوا على أوالدكم فتوافق ساعة استجابة وقد رأى عمر رضى اهلل عنه شيخا يده مشلولة‬ ‫فساله ‪ :‬ما الذي أصاب يدك ؟‬ ‫قال ‪ :‬دعا علي ابي في الجاهلية أن تُشلّ فشلت‪.‬‬ ‫فقال عمر هذا دعاء اآلباء في الجاهلية فكيف في اإلسالم !؟‬ ‫تعالوا نعود انفسنا على الدعاء ((ل)) بدل الدعاء ((على)) اذا كسرت بنت صحناً قلنا ‪ :‬كسر اهلل‬ ‫قلبك! ماذا لو وافقت هذه الدعوة ساعة استجابة أيساوي الصحن قلباً؟!!!‬

‫‪11‬‬


‫لماذا ال نقول ‪ :‬أصلحك اهلل ‪.‬‬

‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫ود الزاني لو أن كل الناس زنوا ‪ ،‬وودت المسترجلة لو أن كل النساء استرجلن وود السارق لو أن‬ ‫كل الناس سرقوا هكذا هم أهل الباطل دوماً يزعجهم صالح أهل الحق!!!!‬ ‫أهل الحق يذكرون أهل الباطل بنقصهم لهذا يريدون منهم أن يكونوا مثلهم !‬ ‫عصاه بني اسرا ئيل أزعجهم صالح جريج العابد فأرسلوا له بغيا كي يصير مثلهم ‪.‬‬ ‫الشواذ من قوم لوط عليه السالم أزعجهم انه سوي فقال ( اخرجوا آلَ لوط من قريتكم إنهم‬ ‫أناس يتطهرون)!‬

‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫المومن اذا نزلت به نازلة فزع إلى الصالة!‬

‫‪12‬‬


‫ألنه يعرف أن كل مشاكل األرض حلها في السماء‪ ،‬هذا جريج وقد اجتمعت عليه المصائب‬ ‫تهمة الزنا ‪ ،‬وولد من غير صلبه يريدون نسبته اليه فقال ‪ :‬دعوني أصلي بركعتين أبطلت السماء‬ ‫مؤامرة االرض‪!.‬‬ ‫وهذا سيد الناس صلى اهلل عليه وسلم كان إذا حضرت الصالة قال لبالل ‪ :‬أرحنا بها يا بالل‬ ‫وشئان بين من يتعامل مع الصالة بمنطق أرحنا بها وبين من يتعامل معها بمنطق ارحنا منها !‬

‫الدرس الرابع‪:‬‬ ‫ألتصدق تهمة بال دليل !‬ ‫فشأن الناس دوما أن يفتري بعضهم على بعض فال تخض في رجل لم تشهد خيانته وال تخض‬ ‫في عرض امرأة الن فالناً قال‪ ،‬كفى بالمرء اثماً ان يحدث بكل ما سمع !‬ ‫اإلنسان سمعة‪ ،‬وهدر سمعة إنسان كهدر دمه وحتى لو ثبتت عندك تهمة تذكر ان اهلل ستير‬ ‫ويحب الستر فال تذكر عيوب انسان ليس لذكرها حاجة ترتجى ‪.‬‬

‫الدرس الخامس‪:‬‬ ‫‪13‬‬


‫كن مع اهلل يكن معك‪.‬‬ ‫دخل يوسف عليه السالم السجن مظلوما وخرج منه عزيز مصر‪ ،‬وفتية الكهف فروا بدينهم‬ ‫الى الجبل فأنامهم اهلل مطارين ثم بعثهم وعلى دينهم أهل مدينتهم! الناس أعجز من ان‬ ‫يلحقوا ضررا لم يأذن به اهلل ‪ ،‬وأن يجروا نفعا لم يأذن به اهلل‪ ،‬فالذي ال يزرق نفسه أعجز من‬ ‫أن يرزق غيره والذي ال يملك موته أعجز من تطلب منه الحياة‪.‬‬ ‫فعلق قلبك باهلل ‪.‬‬

‫اسيا بنت مزاحم!‬ ‫روى أبو األوّل‪:‬مُسنده عن أبي هريرة أن النبيَّ صلى اهلل عليه وسلم قال ‪:‬‬ ‫إنَّ فرعون أوتدَ المرأته أربعةَ أوتادٍ في يديها ورجليها‬ ‫فكان إذا تفرَّقُوا عنها ظللتها المالئكة‬ ‫ونجنِي من القوم ألظالمين‬ ‫ونجنِي من فرعون وعمله ِّ‬ ‫فقالت ‪ " :‬ربَّ ابنِ لي عندكَ بيتاً في الجنَّة ِّ‬ ‫فكشفَ لها عن بيتها في الجنَّة !‬

‫‪14‬‬


‫الدَّرسُ األوّل‪:‬‬ ‫يحاربُ اهللُ الطغاةَ من بيوتهم!‬ ‫من قصر الذي قال ‪ " :‬أنا ربكم األعلى "‪ ،‬خرج نبيٌّ ! ‪ ،‬ومن غرفة نومه خرجتْ إحدى أعظم‬ ‫النَّساءِ في التَّاريخ ‪ ،‬يريدُ اهلل أن يخبره كم هو عاجز ! ‪ ،‬ذبحَ آالف األطفال في طلب موسى عليه‬ ‫السّالم ‪ ،‬ثم لمّا عث َر عليه رغماً عنه ربّاه في قصره ‪ ،‬جعلَ ألوفَ النساء تسجدنَ له‬ ‫ولكنه عجز عند امرأته‪ ،‬ألنَّ القلوبَ بيد اهلل‪ ،‬وإنْ ملكَ النَّاسُ األجساد‪.‬‬

‫الدَّرسُ الثاني‪:‬‬ ‫ن أفيون الشعوب!‬ ‫مساكين أولئك الذين يعتقدون أنّ الدِّي َ‬ ‫وأنه ليس إال مخدر يتعاطاه الفقراء ليُصبِّروا أنفسهم!‬ ‫فيعيشون على أمل الجنة كما يعيش السَّائرُ في الصحراء وراء السَّرابِ يحسبه ماءً !‬ ‫هذه سيدة مصر أألولى زوجة الملك الذي يحكم وزوجة اإلله الذي يُعبد من دون اهلل يكفيها‬ ‫أن تأمر لتطاع‪ ...‬وأن تنادي لتُجاب ‪ ...‬ولكنَّها علمتْ أن ما عند اهلل خيرٌ وأبقى لم تؤمنْ بأنهارِ‬ ‫ش ولم تؤمنْ بثمارها من جو ٍع ولم تسألْ بيتاً في الجنة لضيق بيتها في الدنيا‬ ‫الجنَّة من عط ٍ‬ ‫كانتْ سيِّدة القصر وسيِّدة البلد وسيِّدة النَّاس ولكنها رأتْ أن الغنى الحقيقي هو غنى القلب‬

‫‪15‬‬


‫وأنَّ الثَّراءَ الحقيقيّ هو ثراءُ اإلنسان بربِّه وأنَّ كلَّ البيوت مقارنة بالجنِّة ضيّقة !!‬ ‫فكأنها قالت‪ ::‬خُذْ كل ملكك واتركني لربي !‬

‫الدَّرسُ الثَّالث‪:‬‬ ‫قيل لباللٍ رضي اهلل عنه بعد أن سطعَ نجمُ اإلسالمِ في سماء العالم ‪:‬‬ ‫كيف كنتَ تصبرُ على تعذيب أمية بن خَلفٍ لكَ ؟‬ ‫فقال ‪ :‬كنتُ أخلطُ حالوة اإليمان بمرارة العذاب فأصبر !‬ ‫اإليمان مركّبٌ عجيب إذا تملَّكَ من القلبِ قَلبَ حال الناس‬ ‫ل فليس في األمر عجباً كثيراً بالل رجل ‪ ،‬والرجال أكثر صالبة في البنية الجسديّة‬ ‫وإنْ صبرَ بال ٌ‬ ‫من النِّساء وهو قبل هذا كان عبداً وقد اعتاد العمل والمشقَّة ولكن العجب أن تصبر امرأةٌ‬ ‫مُنعمة اعتادتْ على العزّ والدَّالل على كلَّ هذا العذاب وضعها فرعونُ على لوح من خشب ودقّ‬ ‫األوتاد في يديها ورجليها فكانتْ كالجبل ال يئنُّ عندما تقطع الفؤوسُ الصَّخرَ من خاصرته‬ ‫وكاألشّجار العمالقة ال تبكي عندما تمخرُها المناشير جسدٌ رقيقٌ يُعذب في األرض وروحٌ صلبة‬ ‫تُحلّقُ في السَّماء وقبل أن تُسلم الرُّوح تبتسم كما يقول ابن كثير في تفسيره‬ ‫فيُجنُّ فرعون ويقول ‪ :‬أما زالتْ تبتسمُ ؟‬ ‫لم يكن يعلمُ أنَّ اهلل أراها البيتَ الذي سألته إياه في الجنة !‬ ‫‪16‬‬


‫الدَّرس الرَّابع‪:‬‬ ‫كان اهلل قادراً أن يُنجيها من العذاب‬ ‫ليخلصُوها‬ ‫فالذي أرسل لها مالئكةً تُظللها لن يعجزه أن يرسلهم ِّ‬ ‫ولكنه سبحانه جعلَ الدُّنيا دار زراعةٍ ال دار حصاد‬ ‫وآسيا زرعتْ في الدُّنيا لتحصدَ في اآلخرة‬ ‫فأراد اهللُ أن يُنمي لها زرعها !‬ ‫إياكَ أن تسيء األدبَ مع اهلل إذا نزلَ العذابُ بأهلِ اإليمان‬ ‫كما يقولُ الحمقى إذا رأوا الباطلَ ينتصرُ في معركة ‪ :‬أين اهلل ؟!‬ ‫إنَّ اهلل أطلقَ أيدي النَّاس على بعضٍ ليس عن عجزٍ منه‬ ‫وأمهلَ الظالمين ليس عن قلة جُندٍ عنده‬ ‫ولكنه جعل هذه الحياة امتحان‬ ‫كيف سيرسبُ الظَّالمُ إن لم تكن عنده الحُريَّة أن يظلم ؟‬ ‫وكيف سينجحُ العادلُ إن لم تكن عنده الحرية أن يعدل ؟‬ ‫ثم متى كان الطريق الى الجنة معبداً بالورود ؟‬

‫‪17‬‬


‫هذا طريق مشى فيه نوح عليه السالم تسعمئةَ وخمسين سنة من المشقة وطريق أُلقي فيه‬ ‫إبراهيم عليه السالم في النار وطريق أُضجع فيه اسماعيل عليه السالم للذبح‪،‬‬ ‫إن الجنة غالية !!!‬

‫الدرس الخامس‪:‬‬ ‫من خانَ اهللَ ال تتوقعْ منه الوفاءَ مع النَّاس !‬ ‫ال تستغربْ أن فرعون صلبَ امرأته دون أن يراعي العشرة والصُّحبة‬ ‫فهو لم يراعِ إحسان اهلل إليه من قبل !‬ ‫وعندما يُعذب أميّة بن خلفٍ بالالً دون أن يراعي سنوات طويلة من الخدمة‬ ‫هلل قبل أن يعقَّ مواله‬ ‫فهو عقّ ا َ‬ ‫ف ممن ال يخاف اهلل !‬ ‫وأحسن ما قالته العجائز ‪ :‬خَ ْ‬ ‫ال تنتظر األدبَ من قليل األدبِ مع اهلل‬ ‫من لم يقمْ بحقِّ اهللِ فهو عن حق الناس أعجز!‬

‫‪18‬‬


‫دين وسداد!‬ ‫روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة‪ ،‬عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫« أن رجال من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬ائتني بشهداء أشهدهم قال‪ :‬كفى باهلل شهيدا قال ‪ :‬ائتني بكفيل‪ ،‬قال ‪ :‬كفى باهلل‬ ‫كفيال‪ ،‬قال‪ :‬صدقت‪.‬‬ ‫فدفعها إليه إلى أجل مسمى‪ ،‬فخرج في البحر فقضى حاجته‪ .‬ثم التمس مركبا يقدم عليه‬ ‫لألجل الذي أجله‪ ،‬فلم يجد مركبا فأخذ خشبة فنقرها‪ ،‬وأدخل فيها ألف دينار‪ ،‬وصحيفة معها‬ ‫إلى صاحبها ‪.‬‬ ‫ثم زجج موضعها‪ ،‬ثم أتى بها البحر‪ ،‬ثم قال‪ :‬اللهم إنك قد علمت أني استسلفت فالنا ألف‬ ‫دينار‪ ،‬فسألني كفيال فقلت‪ :‬كفى باهلل كفيال‪ ،‬فرضي بذلك‪ ،‬وسألني شهيدا فقلت‪ :‬كفى باهلل‬ ‫شهيدا‪ ،‬فرضي بذلك‪ ،‬وإني قد جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه بالذي أعطاني‪ ،‬فلم أجد مركبا‪،‬‬ ‫وإني استودعتكما‪.‬‬ ‫فرمى بها في البحر‪ ،‬حتى ولجت فيه‪ .‬ثم انصرف وهو في ذلك يطلب مركبا إلى بلدة فخرج‬ ‫الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا يجيئه بمآله فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذها‬ ‫ألهله حطبا فلما كسرها وجد المال والصحيفة‪.‬‬ ‫‪19‬‬


‫ثم قدم الرجل الذي كان تسلف منه فأتاه بألف دينار وقال واهلل ما زلت جاهدا في طلب مركب‬ ‫آلتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت في قال هل كنت بعثت إلي بشيء قال‪ :‬ألم أخبرك‬ ‫أني لم أجد مركبا قبل هذا الذي جئت فيه‪ ،‬قال‪ :‬فإن اهلل أدى عنك الذي بعثت به في الخشبة‪،‬‬ ‫فانصرف بآالف دينار راشداً!‬

‫الدرس االول‪:‬‬ ‫الناس للناس !‬ ‫وكفى بالمرء نبالً ان يكون عند حسن ظن الناس به وأن العطاء ليس ماال فقط وإن كان أكثر ما‬ ‫يحتاج إليه الناس! وأن على كل شيء زكاة ‪.‬‬ ‫فزكاة الغني أن ترحم فقيرًا وزكاة العلم أن ال تكتمه عمن طلبه ‪ ،‬وعمن لم يطلبه وزكاة‬ ‫العقل أن تسدي لمحتار نصيحة ‪ ،‬وزكاة الجسد أن تجبر كسيحاً أو تعبر بأعمى الطريق !‬

‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫من أخذ مال الناس يريد سداده سدد اهلل عنه ومن أخذ مال الناس يريد إتالفه أتلفه اهلل وليس‬ ‫هناك أحقر ممن ينكر المعروف إال من يرد المعروف باإلساءة فال تكن سببا في انقطاع الخير‬ ‫‪20‬‬


‫من الدنيا‪ ،‬كثير من الناس توقفوا عن التسليف المحتاج ألن كثيرا ممن طلبوا السلف نصبوا‬ ‫وهربوا ‪ ،‬وكثير من الناس توقفوا عن تزويج بناتهم بال مهر ألنهم رأوا أن كثيرا ممن تزوجوا‬ ‫بال مهر ظنوا أن البنت رخيصة !!‬ ‫وأجمل ما قالته الجدات ‪:‬‬ ‫من أمنك ال تخُنه ولو كنت خوَاناً !!!‬

‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫إنك ال تعرف في هذه القصة ممن تعجب‬ ‫من الذي قبل أن يكون اهلل شهيدا وكفيال‬ ‫أم ممن خاطر بماله كي ال يُخلف وعدا قطعه‬

‫الدرس الرابع‪:‬‬ ‫انوِ الخير يفتح اهلل لك طريقا له‬ ‫عندما نوى المستدين أن يرد مال الدائن‬ ‫‪21‬‬


‫صارت الخشبة رسالة والبحر ساعي بريد!‬

‫الدرس الخامس‪:‬‬ ‫إن الناس اعتادت أن ال ترد شفاعة شريف يشفع‬ ‫فكيف بمن جاءك باهلل شفيعا‬

‫السحابة!‬ ‫روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪:‬‬ ‫بينما رجل بفالة من األرض‪ ،‬فسمع صوتا في سحابة‬ ‫اسق حديقة فالن!‬ ‫فتنحّى ذلك السحاب‪ ،‬فأفرغ ماءه في حرة‪ /‬جهة‬ ‫فإذا شرجة قطعة‪ /‬قطعة أرض من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله‬ ‫فتتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته يحول الماء بمسحاته‬ ‫فقال له‪ :‬يا عبداهلل‪ ،‬ما اسمك؟‬ ‫‪22‬‬


‫قال‪ :‬فالن‪ ،‬االسم الذي سمع في السحابة‬ ‫فقال له‪ :‬يا عبداهلل لم تسألني عن اسمي؟‬ ‫فقال‪ :‬إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫اسق حديقة فالن ‪-‬السمك‪ -‬فما تصنع فيها؟‬ ‫قال‪ :‬أما إذا قلت هذا‪ ،‬فإني أنظر ما يخرج منها‬ ‫فأتصدق ثلثه‪ ،‬وآكل أنا وعيالي ثلثا‪ ،‬وأردُّ فيها ثلثه!‬

‫الدرس األول‪:‬‬ ‫من سخَّر ما بين يديه هلل سخَّر اهلل له ما بين يديه‬ ‫أراد اهلل يومذاك أن ال يسقي القوم‪ ،‬ولكنه‬ ‫علم أن له عبدا ليس أهال ألن يُحرم معهم‬ ‫فغيّر قانون العالم من أجله‬ ‫أصلح دينه فأصلح اهلل له دنياه!‬

‫‪23‬‬


‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫الشهرة الحقيقية ليست أن تكون معروفا في األرض‬ ‫وإنما أن تكون معروفا في السماء‬ ‫ولو نادانا ملك باسمنا لفرطنا من السعادة‬ ‫فكيف هي الحال وملك الملوك ينادي ويقول‪:‬‬ ‫اسقوا أرض عبدي فالن!‬

‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫شتان بين من يعرف أنه خُلق للعبادة‬ ‫وبين من يعتقد أنه خُلق للحراثة‬ ‫سر الحياة الموازنة‬ ‫واألمر لم يكن يوما أعبد أم أعمل‬ ‫‪24‬‬


‫كان المسيح عليه السالم نجارا في الجليل وهو من أولي العزم من الرسل‬

‫مغيث وبريرة!‬ ‫روى البخاري أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال لعمه " يا عباس أال تعجب من حب مغيث لبريرة‪،‬‬ ‫ومن بغض بريرة مغيثا "‬ ‫وبريرة كانت مملوكة‪ ،‬وكان لها زوج اسمه مغيث‬ ‫تاقت نفس بريرة إلى الحرية فكاتبت أسيادها‪ ،‬وتحررت‬ ‫فقررت أن تترك مغيثا!‬ ‫فكان مغيث يلحقها في الطرقات باكيا‪ ،‬راجيا رجوعها إليه‬ ‫فلما يئس منها‪ ،‬قصد الرحمة المهداة طالبا الشفاعة له عندها‬ ‫فقال لها النبي صلى اهلل عليه وسلم" يا بريرة‪ ،‬لو راجعته فإنه زوجك وأبو ولدك‬ ‫فقالت له‪ :‬يا رسول اهلل أفتأمرني؟‬ ‫فقال‪ :‬إنما أنا شافع‬ ‫‪25‬‬


‫فقالت‪ :‬ال حاجة لي فيه!‬

‫الدرس األول‪:‬‬ ‫الحب من طرف واحد مذلة‬ ‫اعرض قلبك على من أحببت‪ ،‬ولكن ال تتسول الحب‬ ‫جرِّب مرة‪ ،‬وتودد مرة‪ ،‬ولكن عليك أن تعرف متى تتوقف‬

‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫قتل القلوب أشد إثما وألما من قتل األجساد‬

‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫كن رجال‬ ‫ال تغدر قلبا أحبك ألجل العادات والتقاليد‬ ‫‪26‬‬


‫الدرس الرابع‪:‬‬ ‫اشفع!‬ ‫إن استطعت أن تجمع بين قلبين فال تتردد‬ ‫وإن استطعت أن تضع حدا لنزاع عائلي فال تتباطأ‬ ‫قيمة البشر الحقيقية ليست بما يملكون‪ ،‬بل بما يُقدِّمون‬

‫الدرس الخامس‪:‬‬ ‫ال يمنعك من الشفاعة أنه قد ال يستجاب لك‬ ‫يكفيك شرف المحاولة‬ ‫وانظر إليه صلى اهلل عليه وسلم يشفع عند من كانت مملوكة‬ ‫ثم إنها ال تجيبه في شفاعته‬ ‫فهل اعتبر هذا إهانة؟‬ ‫‪27‬‬


‫الدرس السادس‪:‬‬ ‫من كان في حاجة الناس كان اهلل في حاجته‬ ‫ثم أأنت أكثر انشغاال من رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم؟‬ ‫كان يجد وقتا للبسطاء‬ ‫يشفع لزوج عند زوجته‪ ،‬وألمة صغيرة عند مواليها‬ ‫إننا حين ننزل إلى البسطاء نرتفع‬

‫جرة ذهب!‬ ‫روى البخاري أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪:‬‬ ‫اشترى رجل من رجل عقارا له‬ ‫فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب‬ ‫فقال له الذي اشترى العقار‪:‬‬ ‫‪28‬‬


‫خذ ذهبك مني‪ ،‬إنما اشتريت منك األرض ولم أبتع منك الذهب‬ ‫وقال الذي له األرض‪ :‬إنما بعتك األرض وما فيها‬ ‫فتحاكما إلى رجل‪ ،‬فقال‪ :‬ألكما ولد؟‬ ‫قال أحدهما‪ :‬لي غالم‬ ‫وقال اآلخر‪ :‬لي جارية‬ ‫قال‪ :‬أنكحوا الغالم الجارية‪ ،‬وأنفقوا على أنفسهما منه‪ ،‬وتصدقا!‬

‫الدرس األول‪:‬‬ ‫أحيانا ال تكون األمور واضحة جلية‪ ،‬هنا يأتي دور الورع‬ ‫فمشتري األرض تورع من أخذ الذهب‬ ‫ألنه اعتبر أنه يأخذ ما ليس له‬ ‫والبائع إنما تورع عن أخذها‬ ‫ألنه اعتبر أنه باع األرض وما فيها‬

‫‪29‬‬


‫وما أجمل أن يتعامل الناس فيما بينهم بالورع واألخالق!‬ ‫علينا ان نعرف أن القوانين والمحاكم إذا أعطتنا ما ليس لنا‬ ‫فهذا ال يجعله حالال‬

‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫اعرف على من تعرض مشكلتك‬ ‫البعض يجعلون من المشاكل الصغيرة كبيرة‬ ‫فينطبق عليهم المثل العاميُّ‪ :‬جاء ليكحلها فعماها!‬

‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫الجشعون يريدون حقهم وحق غيرهم‬ ‫أما النبالء فلهم شأن آخر‬ ‫إنهم حتى ال يحتاجون إلى حكم بينهم‬ ‫‪30‬‬


‫ماشطة ابنة فرعون!‬ ‫روى أحمد في مسنده من قصة ماشطة ابنة فرعون مفادها‬ ‫أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫لما أُسري به‪ ،‬أتت عليه رائحة طيبة‬ ‫فسأل جبريل عن الرائحة‪ ،‬وأجابه‬ ‫فقال‪ :‬هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأوالدها‬ ‫قال صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬وما شأنها؟‬ ‫قال جبريل‪ :‬بينما هي تمشط ابنة فرعون ذات يوم إذ سقط المشط من يديها‬ ‫فقالت‪ :‬بسم اهلل‬ ‫فقالت لها ابنة فرعون‪ :‬أبي؟!‬ ‫قالت‪ :‬ال ولكن ربي ورب أبيك اهلل‬ ‫فأخبرت االبنة أبيها فرعون عن ذلك‬ ‫‪31‬‬


‫فاستدعى الماشطة وقال لها‪ :‬يا فالنة وإن لك ربّا غيري؟‬ ‫قالت له‪ :‬نعم‪ ،‬ربي وربك اهلل!‬ ‫فأمر بقدر من نخاس فأحميت ثم أمر أن تلقى هي وأوالدها فيها‬ ‫فأُلقوا بين يديها واحدا واحدا‬ ‫إلى أن انتهى إلى صبي لها مُرضع وكأنها تقاعست من أجله‬ ‫فقال الصبي‪ :‬يا أماه‪ ،‬اقتحمي فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب اآلخرة!‬

‫الدرس األول‪:‬‬ ‫عدد الذين تكلموا في المهد ستة‪:‬‬ ‫عيسى عليه السالم‪ ،‬ابن الراعي في قصة جريج العابد‪ ،‬الطفل الذي رد على دعاء أمه‪ ،‬ابن‬ ‫ماشطة ابنة فرعون‪ ،‬الطفل الذي شهد ليوسف عليه السالم بالبراءة‪ ،‬طفل األخدود‬

‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫‪32‬‬


‫كتم المعتقد إذا كان سيؤدي إلى الهالك ال شيء عليه‬ ‫وقد يكون أنفع من وجوه‪:‬‬ ‫اوال‪ :‬حفاظ على الحياة‬ ‫ثانيا‪ :‬عين في قصر العدو‬ ‫ثالثا‪ :‬الجهر منفعة شخصية‪ ،‬ونجاة الدعوة وفوزها مقدمة على نجاة األفراد وفوزهم‬

‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫اإليمان عندما يتمكن من القلب‬ ‫يحوّل صاحبه من مجرد إنسان من لحم ودم إلى جبل ال يركع وال يلين‬

‫الدرس الرابع‪:‬‬ ‫الماشطة التي قُتل أوالدها أمام عينيها‬ ‫لم تكن ناقصة األمومة‬ ‫‪33‬‬


‫هي تعلم أن ما عند اهلل خير وأبقى‬

‫الدرس الخامس‪:‬‬ ‫الطغاة هم الطغاة على مرّ العصور‬ ‫تتبدل األسماء واألساليب‪ ،‬والعقليات واحدة!‬ ‫فرعون يقتل ويصلب‬ ‫أمية وأبو جهل يُعذبان‬ ‫من غبائهم يسيرون في خطى بعض‬ ‫ويلقون نفس المصير في كل عصر‬ ‫وال ينقرض الطغاة!‬

‫‪34‬‬


‫األبرص و األقرع و األعمى!‬ ‫روى البخاري و مسلم في صحيحهما أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال ‪ :‬إن ثالثة في بني‬ ‫إسرائيل ‪ :‬أبرص و أقرع و أعمى ‪ ،‬بدا هلل عز وجل أن يبتليهم ‪ ،‬فبعث إليهم ملكاً فأتى األبرص‬ ‫فقال ‪ :‬أي شيء أحب إليك؟ قال ‪ :‬لون حسن و جلد حسن‪ ،‬قد قذرني الناس‪ ،‬فمسحه فذهب عنه‬ ‫‪ ،‬فأعطي لوناً حسن ًا و جلداً حسن ًا قال ‪ :‬أي المال أحب إليك ؟ قال ‪ :‬اإلبل فأعطاه ناقة عشراء و‬ ‫قال له يُبارك لك فيها‬ ‫و أتى األقرع فقال ‪ :‬أي شيء أحب إليك ؟ قال ‪ :‬شعر حسن و يذهب عني هذا قد قذرني الناس‬ ‫فمسحه فذهب و أعطي شعراً حسناً فقال ‪ :‬أي المال أحب إليك ؟ قال‪ :‬البقر‪ ،‬فأعطاه بقرةً‬ ‫حامالً و قال له يُبارك لك فيها‬ ‫و أتى األعمى فقال ‪ :‬أي شيء أحب إليك؟ قال يرد اهلل إلي بصري ‪ ،‬فأبصر به الناس فمسحه‬ ‫فرد اهلل إليه بصره فقال ‪ :‬أي المال أحب إليك ؟ قال‪ :‬الغنم فأعطاه شاة والداً‬ ‫فكان لهذا واد من إبل و لهذا واد من بقر و لهذا واد من غنم ‪ .‬ثم إنه أتى األبرص في صورته‬ ‫وهيئته فقال رجل مسكين تقطعت بي الحبال في سفري فال بالغ اليوم إال باهلل ثم بك‪.‬‬ ‫أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن و الجلد الحسن و المال ‪ ،‬بعيراً أتبلغ به سفري ‪ .‬فقال له ‪ :‬إن‬ ‫الحقوق كثيرة ‪ .‬فقال له كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس ؟ فقيراً فأعطاك اهلل ؟‬ ‫ت لكابرٍ عن كابر ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن كنت كاذباً فصيرك اهلل إلى ماكنت !‬ ‫فقال‪ :‬لقد ورث ُ‬ ‫‪35‬‬


‫و أتى األقرع في صورته و هيئته ‪ ،‬فقال له مثل ما قال لهذا فرد عليه مثل مارد عليه هذا ‪،‬‬ ‫فقال إن كنت كاذباً فصيرك اهلل إلى ما كنت !‬ ‫و أتى األعمى في صورته فقال‪ :‬رجل مسكين و ابن سبيل و تقطعت بي الحبال في سفري فال‬ ‫بالغ اليوم إال باهلل ثم بك ‪ ،‬أسألك بالذي رد عليك بصرك شاةً أتبلغ بها في سفري ‪ ،‬فقال ‪ :‬كنت‬ ‫أعمى فرد اهلل بصري ‪ ،‬و فقيراً فأغناني فخذ ما شئت فواهلل ال أجهدك اليوم بشيء أخذته هلل !‬ ‫فقال ‪ :‬أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضي اهلل عنك و سخط على صاحبيك‪.‬‬

‫الدرس األول‪:‬‬ ‫االبتالء ليس بالشر فقط و إنما بالخير أيضاً و النجاح في امتحان االبتالء بالشر ‪ ،‬الصبر‪ .‬و النجاح‬ ‫في امتحان االبتالء بالخير ‪ ،‬الشكر‪ .‬هذا سليمان عليه السالم لما علم بقدوم بلقيس إليه بطرفة‬ ‫عين كان العرش بين يديه فعرف أنه امتحان فلم يتكبر و لم يزد على أن قال ‪ ( :‬هذا من فضل‬ ‫ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر)!‬ ‫إذا غرتك قوتك على الناس فتذكر قوة اهلل عليك!‬ ‫تذكر أنه لما تأخر اإلنجاب على زكريا عليه السالم جاءته البشرى و هو في المحراب ‪ ،‬نحن أمة‬ ‫تسأل في السجود و تبشر في المحاريب !‬

‫‪36‬‬


‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫شكر النعمة باللسان و الجوارح وال يسد أحدهما مكان اآلخر ‪ ،‬يريد اهلل أن يسمع الحمد في‬ ‫لسانك و ال أحد أحب إليه المدح من اهلل ! و يريد أن يرى ماذا أنت صانع بنعمته عليك ‪.‬‬ ‫األبرص كان عنده واد من اإلبل و لكنه بخل بواحدة على من قال له ليس لي بعد اهلل غيرك فأخذ‬ ‫اهلل كل إبله و انظر إلى األقرع كيف كانت عاقبته بخل ببقرة و كان عنده واد من البقر فأخذ‬ ‫اهلل كل بقره ‪ .‬أما الذي أعطى فقيل له بارك اهلل لك في مالك ‪.‬‬ ‫موقف واحد يرفعك أبد الدهر و موقف واحد ينزلك أبد الدهر و ما الحياة إال مواقف فإياك أن‬ ‫ترسب ‪.‬‬

‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫المال ليس دليالً لحب اهلل للعبد ‪ .‬أعطى اهلل الدنيا كلها لسليمان عليه السالم و النمرود و لو‬ ‫كانت معياراً لتمايز الناس ما ساوى اهلل بين نبي و طاغية ! فإذا أُعطيت فاشكر و إذا مُنعت‬ ‫فاصبر ‪.‬‬

‫الدرس الرابع‪:‬‬

‫‪37‬‬


‫الطبيب الحقيقي في السماء ! تعالجوا عند أطباء األرض فنحن أمة أمرت بالتداوي و طلب‬ ‫العالج عند األطباء ال يتنافى مع التوكل على اهلل ألنه واقع في قدر اهلل فإن شاء شفى على يد‬ ‫إنسان و إن لم يشأ لم يغن أطباء الدنيا عنك شيئا ‪.‬‬ ‫اشرب دواءك ألنه سبب في الشفاء و قبله قل كما علمنا نبينا صلى اهلل عليه و سلم اللهم ال‬ ‫شفاء إال شفاؤك ‪ ،‬شفاء ال يغادر سقما‪.‬‬

‫الخمر!‬ ‫روى النسائي أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث إنه كان رجل‬ ‫ممن خال قبلكم تعبد فعلقته\عشقته امرأة غوية فأرسلت إليه جاريتها فقالت له إنا ندعوك‬ ‫للشهادة فانطلق مع جاريتها فطفقت كلما دخل بابا أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة‬ ‫عندها غالم و باطية خمر فقالت ‪ :‬إني واهلل ما دعوتك للشهادة ‪ ،‬و لكن دعوتك لتقع علي أو‬ ‫تشرب كأساً من هذه الخمرة أو تقتل هذا الغالم! قال ‪ :‬فاسقني من هذا الخمر كأساً فسقته‬ ‫كأس ًا قال ‪ :‬زيديني ! فلم يلبث أن وقع عليها ‪ ،‬و قتل الغالم ! فاجتنبوا الخمر ‪ ،‬فإنها و اهلل ال‬ ‫يجتمع اإليمان و إدمان الخمر إال ليوشك أن يُخرج أحدهما صاحبه‪.‬‬

‫‪38‬‬


‫الدرس األول‪:‬‬ ‫قال عمر رضي اهلل عنه ‪ :‬ليس الفطن من عرف الخير من الشر إنما الفطن من عرف خير الشرين‬ ‫إن كان باإلمكان أن ال تفعل أي شر من بين شرين متاحين فهذا هو األصل ‪ ،‬انظر لصاحبنا و قد‬ ‫اعتقد أن الخمر أهون شراً من القتل و الزنا فإذا به بعد الخمر يقتل و يزني و يقع فيما هرب‬ ‫منه بداية!‬

‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫الذين يخيرونك بين خيارات متاحة إنما يؤطرون تفكيرك يسجنون عقلك بين هذا و ذاك و‬ ‫يوهمونك أن المتاح فقط هو ما عرضوه لك ‪ ،‬دوماً هناك طريق ثالث أنت ال تراه في هذه‬ ‫اللحظة غاب عن تفكيرك ألنه لمن يكن بين الخيارات المتاحة‬

‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫ما سمي العقل عقالً إال ألنه يعقل صاحبه أي يربطه أن يفعل ما ال يليق بالناس ‪ ،‬لكن من أذهب‬ ‫عقله بيده فهو محاسب عما يفعل أثناء غياب عقله ‪ .‬صحيح أن شرب الخمر كبيرة ليست‬ ‫مخرجة من الملة إال أن الحديث الشريف يصور لنا قلب اإلنسان كبيت ال يجتمع فيه اإليمان و‬ ‫شرب الخمر معاً تحت سقفه و إن أحدهما ما يلبث أن يخرج اآلخر ‪.‬‬ ‫‪39‬‬


‫الدرس الرابع‪ :‬هذه الدنيا مليئة بالمحن و الفتن ألنها دار ابتالء و إن البالء يقع لإلنسان بما يهوى‬ ‫بفطرته و بما يكره‪.‬‬

‫رِجالن من خَشَب!‬ ‫روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى اهلل عليه و سلم قال ‪ :‬كانت امرأة من بني إسرائيل‬ ‫قصيرة تمشي مع امرأتين طويلتين فاتخذت رجلين من خشب و خاتماً من ذهب مغلق مطبق ثم‬ ‫حشته مسكاً و هو أطيب الطيب فمرت بين المرأتين فلم يعرفوها و كانت إذا مرت بالمجلس‬ ‫حركته فنفح ريحه‪.‬‬

‫الدرس األول‪:‬‬ ‫في الحديث أيما امرأة استعطرت و خرجت ليشم الناس ريحها فهي زانية و هذا من باب‬ ‫التشنيع و الترهيب و ليس من باب الزنا الموجب للحد ! ففي اإلسالم باب عظيم اسمه باب سد‬ ‫الذرائع فهذا اإلسالم ال ينتظر أن تشب النار ليعمد بعد ذلك إلى إطفائها إنه يحول دون اندالع‬ ‫النار بداية‬

‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫‪40‬‬


‫على المرأة أن ال تجعل فطرتها تغلب على دينها ‪ ،‬إن الدين ما جاء ليكبت الغرائز و إنما‬ ‫ليهذبها‬

‫سارة و الفرعون!‬ ‫روى البخاري في صحيحه ان رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم قال ‪ :‬لم يكذب إبراهيم النبي‬ ‫عليه السالم إال ثالث كذبات ثنتين في ذات اهلل ! قوله ‪( :‬إنه سقيم) و قوله ‪( :‬بل فعله كبيرهم)‬ ‫و قال ‪ :‬بينما هو ذات يوم و سارة إذ أتى على جبار من الجبابرة فقيل له ‪ :‬إن ها هنا رجالً مع‬ ‫امرأة من أحسن الناس فأرسل إليه فسأله عنها ‪ ،‬فقال ‪ :‬من هذه؟ قال ‪ :‬أختي ! فأتى سارة‬ ‫فقال ‪ :‬يا سارة ليس على وجه األرض مؤمن غيري و غيرك و إن هذا سألني فأخبرته عنك أنك‬ ‫أختي ‪ ،‬فال تكذبيني فأرسل إليهما ‪ ،‬فلما دخلت عليه ذهب يتناولها بيده ‪ ،‬فأخذ فقال لها ‪:‬‬ ‫ادعي اهلل أن يطلق يدي ‪ ،‬و أضرك ‪ ،‬فدعت فأطلق ثم يتناولها الثانية ‪ ،‬فأخذ مثلها أو أشد فقال‬ ‫‪ :‬ادعي اهلل لي و ال أضرك فدعت فأطلق فدعا بعض حجبته ‪ ،‬فقال ‪ :‬إنكم لم تأتوني بإنسان إنما‬ ‫أتيتموني بشيطان ! فأتت إبراهيم و هو يصلي ‪ ،‬و قالت ‪ :‬كف اهلل يد الفاجر و أخدم هاجر ‪.‬‬

‫الدرس األول‪:‬‬ ‫الحديث عن عصمة األنبياء و للعلماء فيه قوالن شهيران معتبران ‪:‬‬ ‫‪41‬‬


‫األول ‪ :‬عصمة األنبياء المطلقة في الدين و الدنيا فال يصدر منهم الخطأ‬ ‫الثاني ‪ :‬العصمة في الدين و اإلبالغ عن اهلل ‪ ،‬و احتمال وقوع الخطأ في شأن الدنيا‬ ‫فأما كذبتي إبراهيم في ذات اهلل فالواضح منهما أنهما من باب إقامة الحجة على قومه ال‬ ‫أكثر و الكذبة مع الفرعون فهي تدخل كما أرى في باب التورية‬

‫الدرس األول‪:‬‬ ‫يقودنا هذا الحديث الشريف إلى الحديث عن عصمة األنبياء و للعلماء فيه قوالن شهيران‬ ‫معتبران‬ ‫األول‪ :‬عصمة األنبياء المطلقة في الدين والدنيا فال يصدر منهم الخطأ‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬العصمة في الدين و اإلبالغ عن اهلل‪ ،‬و احتمال وقوع الخطأ في شأن الدنيا‬ ‫و أنا إن كنت أميل إلى الرأي الثاني‬ ‫فال أرى فيما أفهم من هذا الدين إمكانية كذب األنبياء ولو في الدنيا ألننا لو قلنا به لكان هذا‬ ‫فتح باب في مناقشة الكذب في الدعوة و األنبياء أكرم من هذا و أرفع شأناً‪.‬‬ ‫و اهلل أحكم و أحزم أن يعصم في الدين وال يعصم في الكذب و لو كان في الدنيا‪.‬‬

‫‪42‬‬


‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫و بما أن الحديث عن الكذب فمن ناقلة القول أن نعرج على مواضع إباحته!‬ ‫يبيح اإلسالم الكذب في ثالث حاالت‪:‬‬ ‫األول‪ :‬الكذب على األعداء‬ ‫فليس من المعقول أن يأخذوا أسيراً مسلماً ثم يسألوه فيصدقهم!‬ ‫و الحكمة من إباحته هنا‪ ،‬رفع الضرر عن جماعة المسلمين‬ ‫أما الثانية فالكذب إلصالح ذات البين‪ ،‬حيث يباح لمن أراد أن يصلح بين المتخاصمين أن يذكر‬ ‫كالماً طيباً لم يقله أحد المتخاصمين في اآلخر!‬ ‫و الحكمة منه رأب الصدع بين الناس لصالح دنياهم‬ ‫و أما الثالثة‪ :‬فهي كذب الرجل على زوجته‪ ،‬و الزوجة على زوجها و هو كذب من تطييب‬ ‫الخواطر و المجاملة و حسن العشرة ال يدخل فيه الكذب الذي فيه الذي فيه ضرر و خداع و‬ ‫غش‪.‬‬

‫‪43‬‬


‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫العاقل يقدر المواقف وال يخوض صراعاً خاسراً‪..‬‬ ‫علينا أحياناً أن نقدر قوة الخصم جيداً‪ ،‬ألن أي خطأ في الحسابات يعني نهايتنا!‬ ‫و أحياناً نغدو الطريقة الوحيدة للفوز ببعض الخالفات هي عدم خوضها أساساً‬ ‫و قد كان إبراهيم عليه السالم حكيماً‬ ‫كان يعرف إذا وقف في وجه فرعون ومات سيموت شهيداً‬ ‫و لم يكن عليه السالم جبان ًا وال زاهداً في الشهادة و لكنه كان يعلم أنه أرسل ألمر أعظم من‬ ‫أن يفرط فيه في مواجهة فأخذ باألسباب ما استطاع و أوكل األمر إلى ربه‪.‬‬

‫الدرس الرابع‪:‬‬ ‫بنت األصل ال تمن على زوجها!‬ ‫كانت أمنا خديجة رضي اهلل عنها بنت أصل شديدة الثراء و زوجها صلى اهلل عليه و سلم من‬ ‫أفقر الناس و قد تركت مالها كله بين يديه‪.‬‬

‫‪44‬‬


‫و لم تجعل هذا الفارق المادي حجر عثرة في طريق زواجهما و هذا ما جعلها كبيرة عنده‬ ‫حتى بعد موتها‪ ،‬و ما كان يرضى أن تمس بكلمة و هي تحت التراب‬

‫الدرس الخامس‪:‬‬ ‫المسلم غال و الحفاظ عليه مطلب شرعي!‬ ‫صحيح أنه ليس جباناً‪ ،‬و أنه مرحب بالموت إن كتب‬ ‫و لكن الناس ليست قرابين تزهق و باإلمكان حقن دمائها‬

‫حوار بين أدم و موسى عليهما السالم!‬ ‫روى البخاري و المسلم في صحيحهما أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪:‬‬ ‫احتج آدم و موسى عند ربهما‪ ،‬فحج آدم موسى!‬ ‫قال موسى‪ :‬أنت الذي خلقك اهلل بيده و نفخ فيك من روحه و أسجد لك مالئكته و أسكنك جنته‬ ‫ثم أهبطت الناس إلى األرض بخطيئتك؟!‬ ‫‪45‬‬


‫فقال آدم‪ :‬أنت موسى الذي اصطفاك اهلل برسالته و بكالمه و أعطاك األلواح فيها تبيان كل‬ ‫شيء‪ ،‬و قربك نجياً‬ ‫فبكم وجدت اهلل كتب التوراة قبل أن أخلق؟‬ ‫قال موسى‪ :‬بأربعين عاماً‬ ‫قال أدم‪ :‬فهل وجدت فيها‪ ( :‬و عصى آدم ربه فغوى)؟‬ ‫قال‪ :‬نعم‬ ‫فقال‪ :‬أفتلومني على أن عملت عمالً كتب اهلل علي أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟‬ ‫قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬فحج آدم موسى!‬

‫الدرس األول‪:‬‬ ‫النبالء ينزلون الناس منازلهم و ال يحفظ فضل الفضيل إال الفضيل!‬ ‫ال و ال تمح تاريخ صاحب فضل بموقف واحد‬ ‫فكن نبي ً‬ ‫و انظر لحوار النبالء بين آدم و موسى عليهما السالم‬

‫‪46‬‬


‫إنهما يختصمان في أهم قضية في الوجود "قضية الجنة"‬ ‫فال لوم موسى آلدم أنساه فضل آدم و ال دفاع آدم أنساه فضل موسى‬ ‫فاحفظ للناس مكانتهم و لو اختلفت معهم!‬

‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫نحن أمة الغيب!‬ ‫و ما نؤمن به بالنار و الجنة و البعث و الحساب و الصراط و المالئكة و كلها غيب و أول صفة‬ ‫من صفات المتقين في القرآن إيمانهم بالغيب!‬ ‫و هذا حوار جرى في عالم الغيب أخبر به الصادق األمين نؤمن به كما نؤمن بسائر الغيبيات دون‪:‬‬ ‫متى و لماذا و كيف!‬

‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫رأيك يحتمل الخطأ فال تمش في األرض معتبرا نفسك معصوماً!‬

‫‪47‬‬


‫و مآخذك على الناس ليست إال رأياً‬ ‫ربما لو عرفت ظروفهم و سمعت منهم ال عنهم لعلمت أنك بنيت موقفاً خاطئاً منهم‬

‫الدرس الرابع‪:‬‬ ‫الرأي يضرب بالرأي‪ ،‬و الحجة تقرع بالحجة!‬ ‫و القوة ال تلغي حقاً و لو انتصرت عليه جوالً!‬ ‫كن قوي ًا وال تكن أهوجاً‬ ‫و تذكر دوماً أن كسب األشخاص مقدم على كسب المواقف‬ ‫و الذي يسعى لالنتصار في كل موقف لن يبقى معه أحد!‬

‫الدرس الخامس‪:‬‬ ‫تكرم اهلل على هذه األمة أن حفظ لها قرآنها و أنه سبحانه إذ لم يحفظ الكتب السابقة فليس‬ ‫عن عجز منه و لكنه يريد أن يقضي أمراً كان مفعوالً!‬

‫‪48‬‬


‫و إنها لنعمة أن نقرأ كتاباً هو كتاب اهلل حقاً!‬ ‫و إن هذا القران كتاب حياة أنزل‪ :‬لينذر به من كان حياً!‬ ‫ال ليقرأ على األموات و تقام به األجور‬ ‫و لست أناقش مسألة انتفاع الميت من القرآن من عدمه‬ ‫و لكن من لم ينتفع به حياً ما كان لينتفع به ميتاً!‬

‫الدرس السادس‪:‬‬ ‫نثبت ما أثبت اهلل لنفسه من غير تحريف وال تعطيل وال تمثيل و ال تكييف‬ ‫و من كفر مسلماً أثبت هلل ما جاء بظاهر النص و لم يتأول فقد أساء األدب مع اهلل!‬ ‫و أي قلة أدب أكبر من أن يعتقد مسلم أن اهلل أنزل كتاباً ظاهره الكفر!‬ ‫و حساب الناس جميعاً على اهلل!‬

‫الدرس السابع‪:‬‬ ‫‪49‬‬


‫كتب اهلل كل شيء في اللوح المحفوظ‬ ‫و كل ما كتبه اللوح في اللوح المحفوظ كائن ال محالة‬ ‫و أما أفعال الناس التي كتبها اهلل بعلمه المطلق‬ ‫ال يسقط كتابتها مسؤوليتهم عنها فال ننزل هذه الحادثة على كل فعل‬ ‫و إال النتفى مفهوم الثواب و العقاب‬ ‫و ال تهمنا اهلل سبحانه بالظلم دون أن ندري‬ ‫فكيف يحاسب اهلل الناس على أفعال قد كتبها عليهم‬ ‫و الجواب على هذا أن علم اهلل مطلق ال يساوره خطأ‬ ‫و لتقريب الفكرة نأخذ هذا المثل‬ ‫رزقك اهلل ولداً و ربيته تحت ناظريك لسنين طويلة عرفت أخالقه و معتقداته و نفسيته‬ ‫ثم لما عرفت كل هذا تنبأت أن ابنك سيسرق‬ ‫قد تصدق نبوءتك و قد تخيب‬ ‫فإن صدقت فهل تكون قد أجبرته على السرقة؟‬

‫‪50‬‬


‫أم أن كل ما في األمر أنك قدرت األمور فأصبت‬ ‫و هذا كذاك‪ ،‬مع فارق مهم يجب أال يغيب عن بالنا‬ ‫أن علمنا محدود و علم اهلل مطلق‬ ‫و أن علمنا حدس و علم اهلل يقين‬

‫الذي قتل مئة نفس!‬ ‫روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى اهلل عليه و سلم قال‪:‬‬ ‫كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة و تسعين نفساً‬ ‫‪7‬ففسأل عن أهل األرض‪ ،‬فدل على رجل عالم‬ ‫فقال‪ :‬إنه قتل مئة نفس فهل له من توبة؟‬ ‫فقال‪ :‬نعم‪ ،‬و من يحول بينه و بين التوبة‬ ‫انطلق إلى أرض كذا و كذا فإن بها أناساً يعبدون اهلل فاعبد اهلل معهم‬ ‫و ال ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء‬ ‫‪51‬‬


‫فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت‬ ‫فاختصمت فيه مالئكة الرحمة و مالئكة العذاب‬ ‫فقالت مالئكة الرحمة‪ :‬جاء تائباً مقبالً بقلبه إلى اهلل‬ ‫و قال مالئكة العذاب‪ :‬إنه لم يعمل خيراً قط‬ ‫فأتاهم ملك في صورة آدمي‪ ،‬فجعلوه بينه‬ ‫فقال‪ :‬قيسوا ما بين األرضين‪ ،‬فإلى أيتهما كان أدنى فهو له‬ ‫فقاسوا فوجدوه أدنى إلى األرض التي أراد‬ ‫فقبضته مالئكة الرحمة‬

‫الدرس األول‪:‬‬ ‫إذا اشكل عليك أمر في دينك فاقرع باب العالم ال العابد‬ ‫إذا مرض أحدنا قرع باب األطباء و إذا تلفت سيارته سأل عن أمهر ميكانيكي‬ ‫و إن الدين أغلى من كل ما سبق فنأخذه من أهله‬

‫‪52‬‬


‫ليس كل رواد المساجد علماء فقهاء‬ ‫العبادة أمر محمود و لكنها شيء و العلم شيء آخر‬ ‫حتى الصحابة لم يكونوا جميعاً أهل فتوى و إنما كانوا يتمايزون‬ ‫فهذا أبي ابن كعب رضي اهلل عنه اقرأ الصحابة لكتاب اهلل‬ ‫و هذا معاذ ابن جبل رضي اهلل عنه أعلم الصحابة بالحالل و الحرام‬

‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫من قال اهلل أعلم‪ ،‬فقد أفتى!‬ ‫فال تتحرج أن تقول اهلل أعلم إذا لم تعرف حكم المسألة‬ ‫ها هو الشعبي المحدث العالم و الفقيه و القاضي‬ ‫يسأل عن مسألة‪ ،‬فيقول ‪ :‬اهلل أعلم‬ ‫فقالوا له‪ :‬أما تستحي أن تقول اهلل أعلم و أنت فقيه العراق؟!‬ ‫فقال إن المالئكة لم تستح يوم قالت‪ ( :‬سبحانك ال علم لنا إال ما علمتنا)!‬

‫‪53‬‬


‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫إياك أن تعتقد أن ذنبك مهما عظم فهو أعظم من رحمة اهلل إن الشيطان ال يريد منك إال هذا!‬ ‫يريد أن يكبر الذنب في عينيك و يصغر رحمة اهلل‬ ‫و انظر إلى الصحابة الذين عاصروا البعثة الشريفة كيف كانوا قبلها‬ ‫هذا عمر خرج ليقتل رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم‬ ‫و هذا عكرمة أهدر النبي صلى اهلل عليه و سلم دمه يوم الفتح‬ ‫و هذا خالد قلب نصر المسلمين هزيمة يوم األحد‬ ‫ثم أنظر الى رحمة اهلل‬ ‫عمر يمأل األرض عدالً و رحمة‬ ‫و عكرمة شهيد اليرموك و قائد الميمنة‬ ‫و خالد سيف اهلل المسلول الذي أدب به أبو بكر الروم و فارس‬

‫‪54‬‬


‫الدرس الرابع‪:‬‬ ‫ال تقف بين الناس و بين اهلل!‬ ‫الناس يحتاجون لمن يأخذ بأيديهم إلى اهلل‬ ‫فلماذا تدفعهم عنه!‬ ‫حدث العصاة عن رحمة اهلل قبل عذابه و عن عدله و عفوه قبل انتقامه‬ ‫في الجنة متسع للجميع فال تقلق على مكانك!‬ ‫عامل العصاة بالرحمة و اشفق عليهم‬

‫الدرس الخامس‪:‬‬ ‫الموت يأتي بغتة‬ ‫فصاحبنا مات في الطريق و ما ظن و هو يمشي أن يموت‬ ‫و لكن ما أحالها من موتة و ما أحالها من طريق‬ ‫مات في الطريق إلى اهلل!‬ ‫‪55‬‬


‫اجعل حياتك سفرا إلى اهلل‪ ،‬ثم ما ضرك متى تموت!‬ ‫و انظر حولك كم زرع ما عاش صاحبه ليحصده‬ ‫و كم بيت بنى ما عاش صاحبه ليسكنه‬ ‫و كل الذين ماتوا منذ ساعة‪ ،‬اعتقدوا مثلنا أنهم لن يموتوا!‬

‫الدرس السادس‪:‬‬ ‫النوايا مناط قبول األعمال‬ ‫النية وحدها ترفعنا عالي ًا و إن لم نعمل!‬ ‫أصابت مجموعة بني إسرائيل زمن موسى عليه السالم‬ ‫فنظر فقير إلى الجبال و قال‪:‬‬ ‫اللهم إنك تعلم أنه لو كان لي مثل هذه الجبال ذهباً ألنفقتها على عبادك‬ ‫فأوحى اهلل إلى موسى أن قل لعبدي أنا قبلنا منه صدقته!‬ ‫و النية وحدها تحطنا و إن عملنا‬

‫‪56‬‬


‫فهذا ابن سلول يصلي الفجر جماعة خلف رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم‬ ‫و هو في الدرك األسفل من النار!‬

‫رفاق الغار!‬ ‫روى البخاري و مسلم في صحيحهما أن رسول اهلل صلى اهلل عليه و سلم قال‪:‬‬ ‫بينما ثالثة نفر يتماشون أخذهم المطر‬ ‫فأووا إلى غار في جبل‬ ‫فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل‪ ،‬فأطبقت عليهم‬ ‫فقال بعضهم إلى بعض أنظروا أعماالً عملتموها هلل صالحة فادعوا اهلل بها لعله يفرجها‬ ‫عنكم‬ ‫فقال أحدهم‪ :‬اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران‪ ،‬و امرأتي ولي صبية صغار أرعى‬ ‫عليهم‪،‬‬ ‫فإذا أرحت عليهم حلبت‪ ،‬فبدأت بوالدي فسقيتهما قبل بني و إنه نأى بي الشجر يوماً فلم آت‬ ‫حتى أمسيت‬ ‫‪57‬‬


‫فوجدتهما قد ناما فجلبت كما كنت أحلب‪ ،‬فجئت بالحالب‬ ‫فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما‬ ‫و أكره أن اسقي الصبية قبلهما‪ ،‬و الصبية يتضاغنون عند قدمي‬ ‫فلم يزل ذلك دأبي و دأبهم حتى طلع الفجر‬ ‫فإن كنت تعلم إن فعلت ذلك ابتغاء وجهك‬ ‫فافرج لها فرجة فرأوا منها السماء‬ ‫و قال الثاني‪ :‬اللهم انه كانت لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء‬ ‫و طلبت إليها نفسها فأبت حتى آتيها بمائة دينار‬ ‫فتعبت حتى جمعت مئة دينار فجئتها بها‬ ‫فلما قعدت بين رجليها قالت‪ :‬يا عبد اهلل اتق اهلل و ال تفتح الخاتم إال بحقه‬ ‫فقمت عنها!‬ ‫فإن كنت تعلم أني قد فعلت ذلك ابتغاء وجهك‬ ‫فافرج لها منها فرجة‪ ،‬ففرج لهم فرجة!‬

‫‪58‬‬


‫و قال اآلخر‪ :‬اللهم إني كنت استأجرت أجيرا بفرق أرز‬ ‫فلما قضى عمله قال أعطني حقي فعرضت عليه حقه‪ ،‬فرغب عنه‬ ‫فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقراً‪ ،‬و راعيها‬ ‫فجاءني و قال‪ :‬اتق اهلل وال تظلمني و اعطني حقي‬ ‫فقلت ‪ :‬اذهب إلى تلك البقرة و راعيها فخذها‬ ‫فقال‪ :‬اتق اهلل وال تهزأ بي‬ ‫فقلت ‪ :‬إني ال اهزأ بك فخذ البقرة و راعيها‬ ‫فأخذه فذهب به‬ ‫فإن كنت تعلم إني فعلت ذلك ابتغاء وجهك‬ ‫فافرج لنا ما بقي‪ ،‬ففرج اهلل ما بقي!‬

‫الدرس االول‪:‬‬

‫‪59‬‬


‫المشترك بين القصص القرآني و القصص النبوي هو القصة مجهولة الزمان والمكان‬ ‫والشخصيات‪ ،‬ذاك ان هذه االشياء ليست اال تفاصيل ال تزيد شيئا لمضمون القصة ‪ ،‬لطالما كان‬ ‫بيت القصيد في االفكار و االعمال‪.‬‬ ‫فحين يحدثنا القران عن ابني ادم عله اسالم ال يذكر اسميهما وانما عرفنا هذا من اخبار االمم‬ ‫السابقة‪ .‬ذلك انه ان كانا "هابيل وقابل " او " احمد وخالد" فال اضافة‪ ،‬ما يعنينا هو موقف كل ن‬ ‫الشخصيتين الحسود الطماع رافض حكم اهلل قاتل اخيه‪ ،‬و المؤمن التقي الورع الذي ما كان له‬ ‫ان يمد يده الى اخيه ليقتله ولو بادر اخوه‪.‬‬ ‫وحتى ان ذكرت اسماؤهم سواء في القصص القرآني او النبوي فإنما ذكرت للموقف الذي قام‬ ‫به هذا الشخص‪ .‬فحين يحدثنا اهلل عن محاولة احراق إبراهيم عليه السالم فليخبرنا عن‬ ‫المجتمعات المريضة وثبات المؤمن ال ليسرد لنا سيرة ذاتيه إلبراهيم وال تاريخا لألمم السابقة‪.‬‬ ‫ولو تأملت الحياة لوجدت ان الصراع بين الحق والبال هو ذاته في كل عصر‪ ،‬وامنا يتغير‬ ‫المحاربون‪ ،‬كل طاغية في أي عصر هو فرعون والنمرود و كل داعية في أي عصر هو ابراهيم‬ ‫و موسى‪.‬‬

‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫‪60‬‬


‫اذا ذكرت باهلل فارتدع و ال تأخذك العزة باإلثم‪ ،‬أحيانا تصبح المكابرة بعد اقتراف الذنب أكبر من‬ ‫الذنب نفسه! وانظر الى ادم وإبليس كالهما قد عصى ربه‪ ،‬عصى إبليس ربه لحظة رفض‬ ‫السجود الدم وعصى ادم ربه لحظة أكله من الشجرة المحرمة‪ ،‬واحدة بواحدة و ليست العاقبة‬ ‫سواء ‪ ،‬فلما عوتب إبليس استكبر و لما عوتب ادم استغفر‪ ،‬وشتان بين متكبر ومستغفر‪.‬‬ ‫إياك أن تذكر باهلل فتطغى‪ ،‬فإن ذنب الغافل أيسر من ذنب المصر‪ ،‬فإذا قطعت رحما و جاء من‬ ‫يذكرك بفضل صلة االرحام‪ ،‬فال تجمع ذنب قطع الرحم و ذنب االستكبار ‪ .‬إن صار إليك أمر مال‬ ‫تحفظه وأردت أن تضيعه فذكرت فارتدع فإن شر ذنب يرتكب بعد تذكير ألن فيه تحد وإصرار ‪،‬‬ ‫و تذكر أن الكبير هو الصغير أمام الحق‪.‬‬

‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫قد جاء في الحديث‪ ":‬إنما أنا بشر‪ .‬و إنكم تختصمون إليّ و لعل أحدكم كان ألحن بحجته من‬ ‫أخيه فأقضي له على نحو ما أسمع ‪ ،‬فمن قطعت له من حق اخيه شيئا فال يأخذه فإنما أقطع له‬ ‫قطعة من نار"!‬ ‫إياك وحقوق الناس فاهلل يغفر ما كان له و ال يتساهل لما للناس‪ ،‬وهذا الشهيد يغفر له كل‬ ‫ذنبه مع أول قطرة من دمه إال الدَين! هذا ألن الدين من حقوق الناس‪ .‬وإياك أن تصدق مقولة‬ ‫‪61‬‬


‫االغبياء ( القانون ال يحمي المغفلين و البسطاء و الضعفاء)‪ ،‬فالسرقة حرام بغض النظر عن‬ ‫هوية المسروق بسيطا ام ذكيا‪ .‬ال تهدي مسؤوال سيارة وتسرق خادمتك! فاألناقة الحقيقية‬ ‫هي أناقة دفع الحقوق‪.‬‬

‫الدرس الرابع‪:‬‬ ‫الدعاء سالح المؤمن فال تستهن به! وفي الحديث‪ :‬ال يرد القدر إال الدعاء‪.‬‬ ‫الرزق والشفاء واألوالد كلها بيد اهلل وما الناس إال أسباب فألخذ باألسباب مشروع بل واجب‬ ‫ولكن إياك أن تجعل يقينك على األسباب‪ ،‬فكم من إنسان تداوى ولم يشف‪ ،‬وكم من إنسان عمل‬ ‫ولم يغتن‪ ،‬وكم من إنسان تزوج ولم ينجب ‪ .‬إن اهلل يحب أن يسأل‪ ،‬واالنسان يحب ن يعطى‪،‬‬ ‫فقدم هلل ما يحب ليعطيك ما تحب‪.‬‬ ‫فإذا نظر اهلل الى قلبك ورأى أن ليس فيه أكبر منه سبحانه هيأ لك األسباب وسخر لك الناس‪،‬‬ ‫فهذا نوح عليه السالم لما ضاق ذرعا بقومه يدعوا‪( :‬رب ال تذر على االرض من الكفرين ديارا) ‪،‬‬ ‫فكان الطوفان! وهذا ادم عليه السالم وزوجته يذنبان فيدعوان "ربنا ظلمنا انفسنا وإن لم تغفر‬ ‫لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" ‪ ،‬فكانت المغفرة‪.‬‬

‫‪62‬‬


‫الدنيا معركة مستعرة والدعاء سالح المؤمن والمحارب الذكي ال ينزل الى ساحة المعركة دون‬ ‫سالحه!‬

‫الدرس الخامس‪:‬‬ ‫إن من رحمة اهلل أن العبد إذا هم بحسنة ولم يفعلها كتبت له حسنة كاملة واذا فعلها كتبت له‬ ‫عشر حسنات وإذا هم بالسيئة ولم يعملها كتبت له حسنة كاملة وهذا صاحبنا أراد الزنا وسعى‬ ‫له سعيه ولما هم به وذكر باهلل ارتدع فصارت له منقبة أزاح اهلل له بها صخرة كبيرة عن باب‬ ‫النار‪.‬‬ ‫إذا هممت بسيئة وتذكرت أنها سيئة فاعلم أن اهلل ذكرك ألنه يحبك فال ترد الحب بالبغضاء‪.‬‬

‫الدرس السادس‪:‬‬

‫‪63‬‬


‫اختر دوما رفقه صالحه فانظر إلى الثالثة اصحاب النار ماذا لو أن أحدهم لم يكن له خبيئة وعمال‬ ‫صالحا لكانوا بقوا في الغار وهلكوا ولكن اجتمع صالحهم معا فنجوا جميعا‪.‬‬

‫قضاء سليمان عليه السالم!‬ ‫روى البخاري ومسلم في صحيحهما أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ :‬كانت امرأتان‬ ‫معهما ابناهما فجاء الذئب فذهب بابن إحداهما فقالت لصاحبتها‪ :‬انما ذهب بابنك ‪ ،‬وقالت‬ ‫االخرى‪ :‬انما ذهب بابنك ‪ ،‬فتحاكمتا الى داود عليه السالم فقضى به للكبرى فخرجتا على‬ ‫سليمان بن داود فأخبرتاه فقال ائتوني بالسكين اشقه بينكما ‪ ،‬فقالت الصغرى ال تفعل يرحمك‬ ‫اهلل هو ابنها فقضى به للصغرى!‬

‫الدرس االول‪:‬‬ ‫قد يعطي اهلل نبيا امرا لم يعط لغيره ‪ ،‬فهارون عليه السالم أفصح من أخيه موسى عليه السالم‬ ‫بشهادة موسى نفسه‪ ،‬وخالد بن الوليد أوتي حنكه في الحرب ليست ألبي بكر رضي اهلل عنه ‪،‬‬ ‫‪64‬‬


‫فاألفضلية إذًا تكون بالمجموع والعموم وليس بواحده فقط ‪ ،‬كما يجب أن ال تنظر لحكم داود‬ ‫عليه السالم بالخطأ المحض فال شك أنه اجتهد بالحكم وقضى بما رآه من أدلة وقد تكون‬ ‫الكبرى أفصح لسانا من الصغرى ولما يكن من بينه لهذه او تلك كان منه ما كان ‪.‬‬

‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫كان سليمان عليه السالم داهية في القضاء فقد ذكر اهلل دهاءه في القران إذ حكم وأبوه في‬ ‫الحرث (وداود وسليمان اذ يحكمان في الحرث اذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمه شاهدين)‪.‬‬ ‫والقصة أن أغنام رجل دخلت في الليل على زرع رجل اخر فأكلت من الزرع ما أكلت واتلفت منه‬ ‫ما اتلفت‪ ،‬ثم إن الرجالن اختصما الى داود عليه السالم فقضى أن يعطي صاحب األغنام أغنامه‬ ‫لصاحب الزرع نظير ما أفسد ‪ ،‬فلما خرجا من عنده التقيا بسليمان عليه السالم فسمع من هذا‬ ‫وذاك ثم قال‪ :‬ليس الحكم هذا!‬ ‫وإنما يأخذ صاحب االرض اغنام صاحبه فينتفع بلبنها ويقوم صاحب االغنام على أرض صاحبه‬ ‫فيصلح ما افسدت ماشيته ‪ ،‬فاذا عاد سيرتها االولى أخذ هذا ارضه واسترد هذا غنمه ‪.‬‬ ‫وأثنى اهلل على حكم سليمان قائال‪( :‬ففهمناها سليمان) ‪ ،‬ولم ينس فضل داود فقال‪( :‬وكال اتينا‬ ‫حكما وعلما)‪.‬‬ ‫‪65‬‬


‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫ال تتعصبوا للمذاهب واقوال الرجال واجتهاداتهم ‪ ،‬إن اختالف الفقهاء رحمة ولو اراد اهلل ان‬ ‫يحمل الناس على عمل واحد لقضى في االمر وفعل‪ .‬وكل يصيب وال عصمة اال لألنبياء وحتى‬ ‫االنبياء اذا ما حكموا باالجتهاد أصابوا واخطأوا ولكنهم اذا حكموا بالوحي أصابوا الشك‪.‬‬ ‫فهذان نبيان كريمان يعمالن عقليهما في مسألتين فيقضي داود عليه السالم بالولد للكبرى‬ ‫ويقضي به سليمان عليه السالم للصغرى‪.‬‬

‫المفاخرة باألنساب!‬ ‫انتسب رجالن على عهد رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال احدهما‪ :‬انا فالن بن فالن فمن انت‬ ‫ال أم لك؟ فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬انتسب رجالن على عهد موسى عليه السالم‬ ‫فقال احدهما‪ :‬أنا فالن بن فالن – حتى عد لتسعة – فمن أنت ال أم لك ‪ .‬فأوحى اهلل الى موسى‬

‫‪66‬‬


‫عليه السالم أن قل لهذين المنتسبين أما أنت ايها المنتسب إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم؟‬ ‫وأما أنت يا هذا المنتسب الى اثنين في الجنة فأنت ثالثهما ‪.‬‬

‫الدرس االول‪:‬‬ ‫الناس بقلوبهم ال بجيوبهم وبأخالقهم ال بمالبسهم وبأي طريق يمشون في الحياة ال من أي‬ ‫صلب أتوا ‪.‬‬ ‫وال يحبطن أحد من نسب مهما كان وضيعا فكل إنسان يموت ويحاسب وحده وفي الحديث " يا‬ ‫فاطمة بنت محمد اعملي فإني ال أغني عنك من اهلل شيئا"‬ ‫فما انتفع ابن نوح عليه السالم من نسبه وهو ابن نبي وما تضرر إبراهيم عليه السالم من نسبه‬ ‫وهو ابن مشرك‪.‬‬

‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫من حق اإلنسان أن يفخر بآبائه‬ ‫ولكن هناك فرق شاسع بين الفخر والكبر‬ ‫‪67‬‬


‫فإن كان نسبك رفيعاً‬ ‫فال تقترف عمالً يُسيء إلى نسبك‬ ‫وإن كان نسبُك وضيعاً‬ ‫فال يجتمع عليك وضاعة النسب ووضاعة العمل‬ ‫ال تُدخل عمالً حقيراً على نسب شريف‬ ‫وال يجتمع عليك وضيعتين ‪ :‬وضاعة النسب ووضاعة العمل‬ ‫فهذا سليمان بن داود عليهما السالم نبي من صلب نبي يسأل ربه ‪( ":‬أوزعني أن‬ ‫اشكر نعمتك التي أنعمت علي ) " ‪.‬‬ ‫يبتسم لنملة ‪ ،‬ويسأل عن هدهد غاب وقد ملك األرض من شرقها إلى مغربها‬ ‫فما غرة نسب وما أفسده ملك ‪.‬‬

‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫اهلل أعدلُ من أن يدخل أبا النار بسوء صنيع ابن له‬

‫‪68‬‬


‫أو أن يُدخل ابنا لنار بسوء صنيع أبيه‬ ‫ولكن ما ورد في الحديث خبر منه سبحانه وتعالى‬ ‫علينا أن نتأدب مع اهلل ونحن نقرأ اآليات والقصص‬ ‫إنه اهللُ العادل الذي يجب أن ال يساورنا شك في عدله‬ ‫والرحيم الذي يجب أن ال يساورنا شك برحمته ولو انتقم !‬ ‫وإن كنا قد أُمرنا أن نحسن الظن بالناس‬ ‫فما بالنا بالظن باهلل ؟!‬ ‫إياك أن تقيس أفعال الناس على اهلل ‪ ،‬أو أفعال اهلل على الناس‬ ‫إنه الرب الذي ال يظلم قيد أنمله ‪.‬‬

‫الدرس الرابع‪:‬‬ ‫تواضعوا !‬ ‫إن الجنة منزل كل هين لين سهل قريب‬

‫‪69‬‬


‫والنارُ منزل كل عُتل مُتكبر‬ ‫وقد بلغ من تواضعه صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫أنه نهى الصحابة أن يقفوا له إجالالً إذا دخل عليهم‬ ‫وقد دخل عليهم مرةً فوقفوا ‪ ،‬فغضب‬ ‫وكان إذا غضب عُرف ذلك في وجهه‬ ‫فلم يكن يسب وال يشتم وال يفحش‬ ‫فلما رأى حسان ذلك عليه أراد أ‪ ،‬يُلطف الموقف فقال ‪:‬‬ ‫وقوفي للعزيز علي فرض‬ ‫وتُرك الفرض ما هو مستقيمُ‬ ‫ل وفهم‬ ‫عجبتُ لمن له عق ُ‬ ‫يرى هذا الجمال وال يقومُ‬ ‫فابتسم صلى اهلل عليه وسلم وقد كان بطيء الغضب سريع الرضا !‬ ‫وماقص علينا القرآن فقد وقع ال محاله وان كان بخالف العادة فإن ابراهيم عليه السالم القي‬ ‫في النار ولم يحترق يقينا وموسى عليه السالم شق البحر بعصاه حقا‬ ‫‪70‬‬


‫ويونس عليه السالم مكث في بطن الحوت صدقا‬ ‫وسليمان عليه السالم كلم الطير وحكم الجن واقعا‬ ‫ونوح عليه السالم صنع السفينة وسارت به‬ ‫واسماعيل عليه السالم فدي من الذبح بكبش ال جدال معنا وماصح من قصص النبي صلى اهلل‬ ‫عليه وسلم‬ ‫فالقصص القرآني والنبوي ليست الف ليله وليله تروى للمتعة فقط ليست قصة ابي زيد الهاللي‬ ‫تستحضر فيها الشجاعة والفروسية‬ ‫وليست قصة جلجامش يطوف األرض بحثا عن نبته الخلود في خرافة ممتعة‬ ‫إنها على متعتها للعظة واالعتبار أوال "فاقصص القصص لعلهم يتفكرون"‬ ‫النماذج البشرية التي عرضها القصص القرآني والقصص النبوي‪ ،‬إنما هي نماذج مكررة تتغير‬ ‫أسماؤها في كل عصر ليس إال‬ ‫في كل عصر هناك موسى وفرعون وإبراهيم والنمرود‬ ‫في كل عصر هناك طاغية وأصحاب اخدود‬ ‫ان الناس في هذه الحياة يتبادلون االدوار‪ ،‬مؤمنهم وكافرهم حتى تقوم الساعة‪.‬‬ ‫‪71‬‬


‫الدرس الثاني‪:‬‬ ‫ال تخدعنك المظاهر االشياء عكس ما تبدو احيانا‬ ‫صعد ابن مسعود رضي اهلل عنه أعلى نخلة‬ ‫فضحك الصحابة لدقة ساقيه ونحولهما‬ ‫فقال لهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ :‬لساقي ابن مسعود أثقل في الميزان من جبل أحد‬

‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫اصطحب رجل زوجته الى حديقة الحيوانات فشاهد قردا يالعب انثاه فقالت الزوجة‪ :‬يا لها من‬ ‫قصة حب رائعة‪ ،‬وعندما مروا بقفص االسود رأى االسد يجلس صامتا بينما تلهو اللبؤة بعيدا‬ ‫فقالت الزوجة‪ :‬يا لها من قصة حب مأساوية‪.‬‬ ‫ألقى الزوج عصت صغيرة تجاه اللبؤة فهاج االسد وزأر و اقبل مسرعا يحمي أنثاه‪ ،‬ولما ألقاها‬ ‫تجاه انثى القرد ظل القرد يلهو كأن شيئا لم يحدث‪.‬‬

‫‪72‬‬


‫إياك أن ترى ما ال ترى‪ ،‬فالناس و البيوت اسرار مغلقة‪ ،‬فصور الطعام الشهي في االنستغرام‬ ‫ال تعني بالضرورة أن الناس يملكون كلما يشتهون‪ ،‬أحيانا من قلة السعادة يريد الناس إخبارنا‬ ‫انهم سعداء‪.‬‬

‫الدرس الرابع‪:‬‬ ‫احيانا يطلب الناس ما فيه مضرتهم وال يعلمون أن منع اهلل عطاء‬ ‫إن من الناس من ال يصلحه اال الفقر‬ ‫هناك مرضى لو كانوا اصحاء لتجبروا‬ ‫وهناك غنيا شاكرا لو كان فقيرا لكفر‬ ‫وتذكر قول عمر رضي اهلل عنه لو كشفت لنا حجب الغيب ماختار أحدنا لنفسه اال ماختاره اهلل‬ ‫له‬

‫‪73‬‬


‫رؤيا!‬ ‫روى البخاري من حديث سَمُرة بن جندب رضي اهلل عنه قال ‪:‬‬ ‫كان رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يُكثر أن يقول ألصحابه هل رأى أحدٌ منكم من رُؤيا ؟‬ ‫فمن رأى رؤيا يَقصَّها على النبي صلى اهلل عليه وسلم‬ ‫و إنه قال ذات غداة ‪:‬‬ ‫أتاني الليلةَ اتيان ‪ ،‬و إنهما ابتعثاني وقاال لي انطلق ‪ ،‬فانطلقت معهما‬ ‫فأتينا على رجل مضجع ‪ ،‬وإذا آخرُ قائم عليه بصخرة و إذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فَيثْلع بها‬ ‫رأسَهُ فيتدَهدَ الحجرُ ها هنا ‪ ،‬فيتبعُ الحجرَ فيأخُذُه ‪ ،‬فال يَرجعُ إليه حتى يصحُ رأسُه كما كان ‪،‬‬ ‫ثم يعو ُد عليه فيفعل به مثلَ ما فَ َعلَ به المرَّة األولى فقلتُ لهما ‪ :‬سبحان اهلل ما هذان ؟!‬ ‫فقاال لي ‪ :‬انطلق انطلق‬ ‫كلُوبٍ من حديد و إذا هو يأتي أحدَ‬ ‫فانطلقنا ‪ ،‬فأتينا على رجل مس َتلْقٍ لقَفاهُ و إذا آخرُ قائم عليه ب َ‬ ‫شقّي وجهه فيُشرشر شدّقه إلى قفاه ‪ ،‬وعينه إلى قفاه ثم يتحول إلى الجانب اآلخر فيفعل به‬ ‫مثل ما فعل بالجانب األول فما يَفرُغ من ذلك الجانب حتى يصحُ ذلك الجانب كما كان ثم يعودُ‬ ‫عليه فيفعل مثلَ ما فعل المَرة األولى فقلت ‪ :‬سبحانَ اهلل ما هذان ؟‬ ‫‪74‬‬


‫فقاال لي ‪ :‬انطلق انطلق‬ ‫ب من أسفلَ‬ ‫فانطلقنا ‪ ،‬فأتينا على مثل التنُور فإذا فيه رجالٌ و نساءٌ عراة و إذا هم يأتيهم لَهَ ٌ‬ ‫منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضَوْضَوْا و صرخوا قلتُ لهما ‪ :‬ما هؤالء ؟‬ ‫فقاال لي ‪ :‬انطلق انطلق‬ ‫فانطلقنا ‪ ،‬فأتينا على نهر أحمر مثل الدّم و إذا في النهر رجلٌ سابحٌ يَسبَح و إذا على شط النهر‬ ‫رجلٌ قد جَمَعَ عندَه حجارةً كثيرةً و إذا ذلك السابحُ يسبحُ ما يسبحَ ‪ ،‬ثم يأتي ذلك الذي قد جمعَ‬ ‫عندَه الحجارةَ ثم يأتي السابح فيفغَر له فاهُ فيلقمُهُ حجراً فينطلقُ يسبَح ‪ ،‬ثم يرجعُ إليه وكلما‬ ‫َرجَعَ إليه فغَرَ له فا ُه وألقمه حجراً ‪ ،‬فقلت لهما ‪ :‬ما هذان ؟‬ ‫فقاال لي ‪ :‬انطلق انطلق‬ ‫فانطلقنا ‪ ،‬فأتينا على رجل كريه المرآة ( المنظر ) كأكره ما أنتَ راءٍ رجالً مرآة ‪ ،‬فإذا عن َدهُ نار‬ ‫يحُشُّها ويسعى حولها فقلت لهما ‪ :‬ما هذا ؟‬ ‫فقاال لي ‪ :‬انطلق انطلق‬ ‫فانطلقنا ‪ ،‬فأتينا على روضةٍ معْتمة ( أي شديدة الخضرة ) فيها من كل لون الربيع وإذا بينَ‬ ‫ظهري الروضة رجلٌ طويلٌ ‪ ،‬ال أكا ُد أرى رأسَه طوالً في السماء وإذا حَولَ الرجل من أكثرِ‬ ‫ولدانٍ رأيتهم قط ‪ ،‬فقلت لهما ‪ :‬ما هؤالء ؟‬ ‫‪75‬‬


‫فقاال لي ‪ :‬انطلق انطلق‬ ‫فانطلقنا فانتهينا إلى روضةٍ عظيمة ‪ ،‬لم أرَ روضةٌ قط أعظمَ منها وال أحسن‬ ‫فقاال لي ‪ :‬ا ْرقَ فيها‬ ‫فارتقينا فيها ‪ ،‬فانتهينا إلى مدينة مبنيّة بلبنِ ذهبٍ و لبنِ فضةٍ فأتينا بابَ المدينة فاستفتحنا‬ ‫خلْقهم كأحسن ما أنتَ راءٍ وشطرٌ كأقبح ما‬ ‫ففتحَ لنا فدخلناها ‪ ،‬فتلقانا فيها رجالٌ شطرٌ من َ‬ ‫أنت راءً‬ ‫فقاال لهم ( أَي الملكين ) ‪ :‬اذهبوا فقَعوا في ذلك النهر وإذا نهرٌ معترِض يجري كأنّ ماءه‬ ‫المحضُ من البياض فذهَبوا فوقعوا فيه ‪ ،‬ثم رجعوا إلينا قد ذَهبَ ذلك السوءُ عنهم فصاروا‬ ‫سنِ صورة‬ ‫في أح َ‬ ‫فقاال لي ‪ :‬هذه جنة عدنٍ وذاك منزلك !‬ ‫فقلت لهما ‪ :‬بارك اهلل فيكما ذراني أدخُله‬ ‫قاال ‪ :‬أما اآلن فال ‪ ،‬و إنك داخله‬ ‫فقلتُ لهما ‪ :‬فإني قد رأيتُ منذ الليلة عَجبا ‪ ،‬فما هذا الذي رأيت ؟!‬ ‫قاال ‪ :‬أما إنا سنُخبرُك‬

‫‪76‬‬


‫أما الرجلُ األولُ والذي أتيتَ عليه يُثلَغ رأسه بالحجر فإنه الرجلُ يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن‬ ‫الصالة المكتوبة !‬ ‫ت عليه ‪ ،‬يُشرشَرُ شدقُهُ إلى قفاه ‪ ،‬و منخَرُه إلى قفاه ‪ ،‬وعينه إلى قفاه‬ ‫و اما الرجلُ الذي أتي َ‬ ‫فإنها الرجلُ يغدو من بيته فيكذب الكذبَةَ تبلغُ اآلفاق‬ ‫وأما الرجالُ والنساءُ العراةُ الذين في مثل بناءِ التنور فإنهم الزُناة والزواني !‬ ‫وأما الرجل الكريه الذي أتيتَ عليه يَسبح في النهر ويُلقم الحجارة فإنه آكلُ الرِّبا‬ ‫وأما الرجلُ الكريه المرآة ‪ ،‬الذي عند النار يحشُّها ويسعى حوله فإنه كالكٌ خازن جهنم‬ ‫وأما الرجلُ الطويلُ الذي في الروضة فإنه إبراهيم عليه السالم وأما الولدانُ الذين حَوله فكلُ‬ ‫مولودٍ مات على الفطرة ‪.‬‬ ‫فقال بعضُ الصحابة ‪ :‬يا رسول اهلل ‪ ،‬و أوالد المشركين ؟‬ ‫فقال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ‪ :‬و أوالد المشركين !‬ ‫و أما القوم الذين كانوا شَط ٌر منهم حسن ًا و شطرٌ قبيحا فإنهم قوم خلطوا عمالً صالحا و آخرَ‬ ‫سيئاً ‪ ،‬تجاوز اهلل عنه ‪.‬‬

‫‪77‬‬


‫الدرس األول‪:‬‬ ‫رؤيا األنبياء وحيّ‬ ‫إبراهيم عليه السالم قال البنه ( يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك )‬ ‫فقال إسماعيل عليه السالم ‪ ( :‬يا أبت افعل ما تؤمر ) !‬ ‫نصٌ محكم صريح و حاسم يسقط مع كل تكلف !‬ ‫أما رؤيا الناس فعلى ثالث وجوه ‪:‬‬ ‫● رؤيا حسنة وهي من اهلل تحمل بشرى للمؤمن‬ ‫● رؤيا سيئة من الشيطان يريد أن يُحزن بها المؤمن‬ ‫● حديث النفس وهي أمور تهمُّ اإلنسان و يحدث بها نفسه فيراها في نومه !‬ ‫و النوع األول فقط هو الذي يخضع للتأويل و التفسير لمن أوتي قدرة فتأويل األحالم فتوى و‬ ‫قد نُهينا عن الفتوى بما ال نعلم ‪.‬‬

‫الدرس الثاني ‪:‬‬ ‫يقودنا الحديث عن التأويل إلى طرح السؤال التالي‬

‫‪78‬‬


‫هل تأويل األحالم علم يلقيه اهلل في إنسانٍ ما أم أنه بالتعلم وال يختلف عن العلوم األخرى‬ ‫كالرياضيات و النحو‬ ‫والذي خلصتُ إليه بعد قراءات طويلة في األمر أن بين هذا و ذاك !‬ ‫و أغلبه إلهام من اهلل يحبو به بعض الناس‬ ‫جاء رجل البن سيرين وأخبره أنه رؤي أنه يُؤذِّنُ‬ ‫فقال له ‪ :‬أنتَ سوف تحج إلى بيت اهلل الحرام‬ ‫وجاءه آخر و أخبره أنه يُؤذِّنُ فقال له ‪ :‬أنت ستسرق و تُسجن !‬ ‫فلما استغرب طالبه قال لهم موضحاً ‪:‬‬ ‫األول رأيتُ فيه عالمات الصالح فأخذته على قوله تعالى ‪( :‬وأذِّن في الناب بالحج )‬ ‫والثاني رأيتُ فيه عالمات الفجور فأخذته على قوله تعالى ‪ ( :‬و أذّن مؤذن أيتها العيرُ إنكم‬ ‫لسارقون ) !‬

‫أيضاً هناك أمور ال يراها الجميع فمثال ‪:‬‬ ‫رأى عبداهلل بن الزبير رؤيا فأرسل رجالً إلى سعيد بن المُسيِّب ليعبرها له على أنها رؤيا الرجل ال‬ ‫رؤيا عبداهلل ‪ ،‬فقال له سعيد بن المسيب ‪ :‬مثلك ال يرى هذا‬ ‫أخبركَ لمن الرؤيا أم تخبرني ؟‬ ‫فقال الرجل ‪ :‬أخبرني أنت!‬ ‫‪79‬‬


‫فقال سعيد ‪ :‬الرؤيا البن الزبير !‬ ‫وكان عبداهلل قد رأى أنه يُقاتل عبدالملك بن مروان فيصرعه و يثبت في جسمه أربعة أوتاد‬ ‫فأولها سعيد أن عبدالملك سيقتل ابن الزبير و سيخلفه أربعة من أبنائه !‬ ‫وهذا ما حدث فعالً فقد قُتل ابن الزبير على يد الحجاج عامل عبدالملك و خلفه أوالده سليمان‬ ‫وهشام والوليد ويزيد !‬

‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫الحديث كما أجمع العلماء في شرحه عمّا يكون في البرزخ ‪ ،‬و البرزخ هي الفترة بين موت‬ ‫الناس و بعثهم للحساب‬ ‫وإن كان إنكار عذاب القبر و نعيمه ليس مُخرجاً من الملة كما هو رأي جمهور الفقهاء إال أن‬ ‫فيه مئات النصوص أن القبر أول منازل اآلخرة‬ ‫و أنه إما حفرة من حفر النار أو روضة من رياض الجنان‬ ‫و ماردّ نعيم القبر و عذابه إال من أعمل عقله خارج النصوص ‪ ،‬فإنه لما رأى العظام البالية سأل‬ ‫أين النعيم و العذاب‬ ‫والحقيقة إن هؤالء جهلوا أنَ بين الجسد و الروح عالقة تزيد وتنقص بحسب المرحلة التي فيها‬ ‫اإلنسان‬

‫‪80‬‬


‫نحن نمر بأطوار مختلفة تختلفُ فيها عالقة الروح بالجسد وقد مرّ البشر بمراحل و تبقى لهم‬ ‫مراحل ‪ ،‬ويمكن تلخيص مراحل النمو البشري بما يلي ‪:‬‬ ‫● مرحلة العدم ‪ ،‬وكانت قبل خلق آدم‬ ‫● مرحلة الذّر ‪ ،‬حيث خلق اهلل أرواح بني آدم جميعاً دفعة واحدة‬ ‫● مرحلة الوجود الفعلي على ظهر األرض ‪ ،‬وهي ممتدة من نفخ الروح إلى نزعها‬ ‫● مرحلة البرزخ ‪ ،‬وهي ممتدة من موت كل إنسان إلى بعثه‬ ‫● مرحلة الخلود األبدي ‪ ،‬تبدأ من فراغ اهلل حساب العباد وال تنتهي فإما إلى نار أو إلى جنة‬ ‫وال شك أن عالقة الروح بالجسد مختلفة اختالفاً كثيراً من مرحلة إلى أخرى‬

‫الدرس الرابع ‪:‬‬ ‫من عدل اهلل تعالى أن الجزاء من جنس العمل !‬ ‫و انظرْ ألصحاب العذاب في البرزخ فإنّ كل واحد منهم إنما عُذب بمثل ما صنع‬ ‫فمن أعطي القرآن و رفضَه و نام عن الصالة المكتوبة ضُرب رأسه ألن الرأس هو موضع‬ ‫السجود‪.‬‬ ‫و أما الرجل الذي كان يكذب الكذبة حتى تبلغ اآلفاق ‪ ،‬كان عقابه أن يُشقّ شدقه وهو موضع‬ ‫الكذب ‪.‬‬

‫‪81‬‬


‫وأما الزناة فحشروا عراة وجمعوا فوق التنور تصيب منهم النار مكان العورة وهي موضع‬ ‫الزنا ‪.‬‬ ‫وأما آكل الربا فألقمه حجراً في نهر الدم ‪ ،‬ألن الغم هو موضع أكل الربا ‪.‬‬

‫الدرس الخامس‪:‬‬ ‫إياك أن تشكَّ برحمة اهلل !‬ ‫وقبل الرحمة تذكر أن اهلل عادل‬ ‫وفي الحديث تتجلى رحمة اهلل و عدله ‪ ،‬فأما العدل فإن اهلل يقتص للعباد من العباد‬ ‫ت أشفقت على الكاذب فتذكر ما فعل الكذب في الحياة الدنيا‬ ‫فإن كن َ‬ ‫كم سمعة شُوهت بالكذب ‪ ،‬وكم حق ًا أٌكل بالكذب‬ ‫كم فتنة حصلت بالكذب ‪ ،‬وكم بيت هُدم بالكذب‬ ‫أيسرك أن يمر هذا دون حساب وال عقاب ؟‬

‫وإن كنتَ أشفقت على الزناة فتذكر ما فعل الزناة في الحياة الدنيا كم ولد أُلحق بغير أبيه ‪،‬‬ ‫وكم عرضٍ هُتك وكم شرف استبيح أيسرك أن يمر هذا دون حساب وال عقاب ؟‬ ‫ثم في هذا الحديث العذاب والعدل تأتي الرحمة‬

‫‪82‬‬


‫فهذا إبراهيم عليه السالم يرعى األطفال الذين ماتوا ومعهم أطفال المشركين‬ ‫لرحمته لم يأخذ ولداً بشرك أبيه‬ ‫و انظر للذين خلطوا عمالً صالحاً وآخر سيئاً تعرف الرحمة‬ ‫ألم يتجاوز اهلل عنهم ؟‬ ‫و بمفهوم المخالفة فإن الذين عُذبوا لم يكن لهم عمل صالح وإنما كانت حياتهم الدنيا ظلماً‬ ‫بظلم ‪ ،‬وفجورا بفجور ‪.‬‬

‫الدرس السادس‪:‬‬ ‫علينا ٲن نعرف لماذا ٲنزل اهلل تعالى القرآن‪.‬‬ ‫هذا القرآن لم يُنزل ليُقرٲ على األموات ولكن ليتحاكم به األحياء!‬ ‫((لينذر من كان حياً))‬ ‫إن هذا القرآن دستور حياة متكامل‪.‬‬ ‫ال يتم اإلسالم إال بالعمل بمقتضاه‪.‬‬ ‫ليس من اإلسالم في شيء أن نصلي ونصوم ونحج ونزكي‪.‬‬ ‫ثم نستورد شرائعنا من الشرق والغرب ‪،‬أو نكتب أخرى بأيدينا‪.‬‬ ‫إن اهلل حيث شرع الحدود فلنعمل بها‪ ،‬أعجبتنا أم لم تعجبنا‪.‬‬ ‫‪83‬‬


‫إن قبول القرآن ال يعني أبدا قبول تالوته فقط‪.‬‬ ‫وإنما قبول تحكيمه والتزام أوامره ونواهيه‪.‬‬

‫الدرس السابع‪:‬‬ ‫الكذب قبل أن يكون حراماً فإنه يخدش المروءة!‬ ‫وقد كان العرب في جاهليتهم أهل مروءة‪.‬‬ ‫فهذا أبو جهل‪ ،‬يقترحون عليه اقتحام بيت النبي صل اهلل عليه وسلم‪.‬‬ ‫فيقول‪ :‬أتريدون أن تقول العرب أني روّعتُ بنات محمد‪.‬‬ ‫إن من الكمال أن ال تفعل الخطأ ألنه حرام‪.‬‬ ‫وأن تفعل الصواب ألنه حالل‪.‬‬ ‫وإن كان هذا أمراً حسناً‪.‬‬ ‫ولكن جربوا أن تفعلوا الحالل ألنه يزيد المروءة‪.‬‬ ‫وأن ال تفعلوا الحرام ألنه يقدح فيها‪.‬‬ ‫أن أكبر إساءة في الحياة هي أن يُسيء اإلنسان إلى نفسه‪.‬‬

‫الدرس الثامن‪:‬‬ ‫‪84‬‬


‫إياك وأعراض الناس!‬ ‫ٳنّ اهلل قوة من ال قوة له‪ ،‬وسالم من ال سالم له‪.‬‬ ‫من هتك عرضاً سيٲتيه من يهتك عرضه‪.‬‬ ‫هذه الدنيا دين وسداد‪.‬‬

‫الدرسُ التاسع‪:‬‬ ‫ٳن اهلل لم يخلق قبيحاً عن عجز منه ٲن يخلق جميالً‪.‬‬ ‫ولكنه سبحانه ال يفعل هذا ٳال لحكمة‪.‬‬ ‫فكما يأنس اإلنسان بالوجه الحسن والخلقة الجميلة‪.‬‬ ‫فإنه يستوحش بالوجه القبيح‪.‬‬ ‫فالجمال والقبح أرزاق من عند اهلل‪.‬‬ ‫قسمها اهلل تعالى بين عباده بما شاء لغاية يعلمها سبحانه‪.‬‬ ‫فعلينا أن نتأدب مع اهلل‪.‬‬ ‫فإن من عاب الصنعة إنما عاب الصانع‪.‬‬

‫‪85‬‬


‫الذي أضاع ناقته!‬ ‫روى مسلم في صحيحه أن رسول اهلل صل اهلل عليه وسلم قال‬ ‫((هلل أشد فرحاَ بتوبة عبده المؤمن ))‬ ‫من رجل حمل زاده ومزاده على بعير ثم سار حتى كان‬ ‫بفالة من األرض ‪ ،‬فأدركته القائلة ‪/‬وقت القيلولة‬ ‫فنزل فقال تحت الشجرة فغلبته عينه وانسلّ بعيره ‪.‬‬ ‫فاستيقظ فسعى شرفاً فلم يرَ شيئاً‬ ‫ثم سعى شرفاً ثانياً فلم يرَ شيئاً‬ ‫ثم سعى شرفاً ثالثاً فلم يرَ شيئاً‬ ‫فلما أدركه العطش ‪،‬قال‪:‬‬ ‫أرجع إلى مكاني الذي كنتُ فيه فأنام حتى أموت‬ ‫فوضع رأسه على ساعده ليموت‬ ‫فاستيقظ وعنده راحلته وعليها زاده طعامه وشرابه‬ ‫ثم قال من شدة الفرح‪:‬اللهم أنت عبدي وأنا ربك!‬ ‫أخطأ من شدة الفرح‬ ‫فاهلل أشد فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده !‬

‫الدرس األول‪:‬‬

‫‪86‬‬


‫أن اهلل عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار‪.‬‬ ‫ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل‪.‬‬ ‫فال تدع الشيطان يقنطك من رحمته‪.‬‬ ‫وإياك أن تخجل من قرع بابه مهما كانت حالك‪.‬‬ ‫فإنه اهلل‪ ،‬وليس ملك من ملوك األرض‬ ‫الذين إن أحسنت إليهم دهراً ثم أسأت مرة عاقبوك‪.‬‬ ‫هذه أخالق ملوك األرض أما ملك السماء فله شأن آخر‪.‬‬ ‫يُعصى دهراً فيغفر بلحظة‪.‬‬ ‫يُجترأ عليه عمراً فيرضى بثانية‪.‬‬ ‫فال تزهد فيه وهو ال يزهد فيك‪.‬‬

‫الدرّس الثاني‪:‬‬ ‫الدنيا دار أسباب‪ ،‬واألخذ باألسباب ال ينافي التوكل على اهلل‪.‬‬ ‫على العكس تماماً فقد أمرنا أن نأخذ باألسباب‪.‬‬ ‫ألنها واقعة في قدر اهلل‪.‬‬ ‫ولو استغنى أحد عن األسباب لقوة إيمانه‬ ‫‪87‬‬


‫لكان استغنى عنها رسول اهلل صل اهلل عليه وسلم وال أحد أكثر إيماناً منه‪.‬‬ ‫فخذْ باألسباب ما استطعت إلى ذلك سبيالً‪.‬‬ ‫ولكن ال تجعلْ يقينك على األسباب‪.‬‬ ‫السيوف ال تحقق النصر ولكن ترك السالح في المعارك بالهة‪.‬‬ ‫والعمل ال يجلب الرزق ولكن تركه حماقه‬ ‫الناصر هو اهلل‪ ،‬والرزاق هو اهلل‪ ،‬والشافي هو اهلل‬ ‫ولكنها دار أسباب فال تزهد فيها‪.‬‬

‫الدرس الثالث‪:‬‬ ‫الخطأ مردود !‬ ‫فال تقف للناس على الحرف واللفظة‬ ‫الفرح الغامر يأخذ بالعقول ‪ ،‬والحزن الشديد يسلب األلباب‬ ‫وهذا صاحبنا قال ‪ :‬اللهم أنت عبدي وأنا ربك !‬ ‫وهذه لفظة لو عناها فعالً لكانت كفراً بواحاً‬ ‫ولكن انظر للرحمة المهداة يُبرر حالته النفسية ويقول ‪:‬‬ ‫‪88‬‬


‫أخطأ من شدة الفرح !‬ ‫فال تُكفر بلفظة دون أن تراجع صاحبها فيها‬ ‫فإنه قد يكون جاهالً ‪ ،‬وقد يكون حزيناً وقد يكون فرحاً‬ ‫وأنا ال أبرر للكالم السيء حال الحزن والفرح‬ ‫ولكنني أقول أننا بشر وقد ال نملك زمام قلوبنا وألسنتا أحياناً ‪.‬‬

‫الدرس الرابع‪:‬‬ ‫نقل الكفر ليس كفراً !‬ ‫علينا أن نُميز إن كان القاتل يتبنى المقولة أم ينقلها فقط‬ ‫ال تخلط بين الُمعقد بالكالم وبين ناقلة‬ ‫فها هو النبي ينقل إلينا لفظة ال يعتقدُ بها وحاشاه أن يعتقد‬ ‫وها هو القرآن ينقل إلينا كفر األمم السابقة ‪:‬‬ ‫ألم يقل ربنا ‪(" :‬لقد سمع اهلل قول الذين قالوا إن اهلل فقير ونحن أغنياء)" ‪.‬‬

‫‪89‬‬


‫وألم يقل أيضاً ‪(" :‬وقالت اليهود يد اهلل مغلولة )" !‬ ‫وعلينا أن نحسن الظن بالمسلمين ‪ ،‬ونحمل كالمهم على الخير‬ ‫إن كان يتحمل خيراً فالكالم حمال أوجه وله أكثر من معنى‬ ‫وقد قال أحد الصالحين ‪:‬‬ ‫لو رأيت أحد إخواني على جبل يقول ‪ :‬أنا ربكم األعلى‬ ‫لقلت يتلو اآلية !‬ ‫ولو رأيت لحيته تقطر خمراً‬ ‫لقلتُ ‪:‬لعلها سُكبت عليه !‬ ‫إن ديننا اإلسالمي بسموه وعالوته يحثنا على مكارم األخالقِ وأتمها وهذا كلهُ ينبع من خُطى‬ ‫رسولنا محمد صلى اهلل عليه وسلم ‪ ،‬جّسد فينا األخالق اإلسالمية الحقيقية والكرم على أكمل‬ ‫وجه فكانَ صبورًا حليمًا عادلًا متواضعًا كريمًا شهمًا شُجاعًا ‪ ،‬هوَ قدوتنا ومعلمنا األول في‬ ‫النُبلِ والمكارم ‪ ،‬نسيرُ على خُطاه ونتبعُ سنته في شتى أمور حياتنا ونربي ابنائنا على نشأته‬ ‫وأخالقه ونعلم تالميذنا صفحه وحبه وننشر للعالم سيرته والسالم الذي يحملهُ في رحابِ‬ ‫صدره ألمته ‪،‬‬ ‫لذا بعث اهلل رسوله في زمن الجاهلية‬ ‫‪90‬‬


‫"ليتمم مكارم األخالق "‬ ‫فتممها ونشرها وبقيت رسالته إلى وقتنا الحاضر متمسكين وعاملين بها ووردت قصصٌ‬ ‫كثيرة تدل على أن في الجاهلية أقوامٌ يتحلون باألخالق مثل قصة حاتم الطائي ‪،‬‬ ‫قال قيل ‪ :‬لحاتم الطائي‬ ‫هل في العرب أجود منك ؟‬ ‫فقال ‪ :‬كلُ العرب أجود مني‬ ‫إال أني نزلتُ على غالمٍ يتيم ذاتَ ليلة وكانت لهُ مئةً من الغنم فذبح لي شاة منها فلما قربها إليّ‬ ‫‪،‬‬ ‫قلت‪ :‬ما أطيب هذا الدماغ !‬ ‫فذهب الغالم فلم يزل يأتيني منهُ حتى‬ ‫قُلت ‪ :‬اكتفيت !‬ ‫فلما أصبحتُ فإذا هو قد ذبح المئة شاة وما بقي لهُ شيء ؟‬ ‫فقيل له ‪ :‬فما صنعتَ به ؟‬ ‫قال ‪ :‬اعطيتهُ مئة ناقة من خيار إبلي‬ ‫ت أكرمُ منه !‬ ‫قالوا ‪ :‬إذًا أن َ‬ ‫قال ‪ :‬ال ‪ ،‬هو أكرم مني ‪ ،‬أنا اعطيتُ بعض ما عندي وهو أعطى كل ما عنده ‪.‬‬

‫‪91‬‬


‫في الختام ‪-‬‬‫قد تكون وجدت ضالتك في هذا الكتاب‪ ،‬فكر ًة كانت أو معلوم ٍة قد سرقت لُب قلبك‪،‬‬ ‫ورُبما اقتبست منه نورًا يشع بك‪ ،‬فهل تُشارك اآلخرين هذا النور عبر حسابنا فنُضيء‬ ‫جميًعا؟‬ ‫وديان سعد‬

‫‪92‬‬


93


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.