ـ 1ـ
ـ 2ـ
دليل الكتاب : مق ّدمة ادلركز 5 ................................. ................................ سبهيد 7 ....................................... ................................ افًتاء ابن تيمية على الشيخ نصَت الدين الطوسي 9 ................................. نص ما قالو ابن تيميّة 11 ....................... ................................ الرجوع يف قضية سقوط بغداد إىل َمن شهد الواقعة 15 .............................. الرجوع إىل ابن الفوطي 15 ...................... ................................ الرجوع إىل ابن الطقطقي 17 .................... ................................ الرجوع إىل أيب الفداء 19 ....................... ................................ الرجوع إىل الذىيب 22 .......................... ................................ الرجوع إىل ابن شاكر الكتيب 22 ................. ................................ الرجوع إىل الصفدي 24 ........................ ................................ الرجوع إىل ابن خلدون 25 ...................... ................................ الرجوع إىل السيوطي 26 ........................ ................................ الرجوع إىل أصحاب ابن تيمية 26 ............... ................................ الثناء على الشيخ نصَت الدين الطوسي 31 ........ ................................ خاسبة البحث 37 .............................. ................................
ـ 3ـ
ـ 4ـ
بسم اهلل الرحمن الرحيم مق ّدمة المركز :
ال سنفى أنّنا ال زلنا حباجة إىل تكريس اجلهود ومضاعفتها حنو الفهم الصحيح اجلاد بالربامج واالفهام ادلناسب لعقائدنا احل ّقة ومفاىيمنا الرفيعة ،ممّا يستدعي اإللتزام ّ وادلناىج العلمية اليت توجد حالة من ادلفاعلة الدائمة بُت االُّمة وقيمها احل ّقة ،بشكل التطور التقٍت احلديث. يتناسب مع لغة العصر و ّ وانطالقاً من ذلك ،فقد بادر مركز األحباث العقائدية التابع دلكتب مساحة آية اهلل العظمى السيد السيستاين ـ م ّد ظلّو ـ إىل ّازباذ منهج ينتظم على ع ّدة زلاور هبدف طرح الفكر اإلسالمي الشيعي على أوسع نطاق ممكن. ادلختصة ،باستضافة خنبة من أساتذة ومن ىذه احملاور :عقد الندوات العقائديّة ّ اذلامة ،حيث رنري احلوزة العلمية ومف ّكريها ادلرموقُت ،اليت تقوم نوعاً على ادلوضوعات ّ تناوذلا بالعرض والنقد
ـ 5ـ
والتحليل وطرح الرأي الشيعي ادلختار فيها ،مث سنضع ذلك ادلوضوع ـ بطبيعة احلال ـ احلرة لغرض احلصول على أفضل النتائج. للحوار ادلفتوح وادلناقشات ّ وألجل تعميم الفائدة فقد أخذت ىذه الندوات طريقها إىل شبكة اإلنًتنت العادلية صوتاً وكتابةً. كما رنري تكثَتىا عرب التسجيل الصويت وادلرئي وتوزيعها على ادلراكز وادلؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية يف شىت أرجاء العامل. وأخَتاً ،فإ ّن اخلطوة الثالثة تكمن يف طبعها ونشرىا على شكل كراريس ربت عنوان « سلسلة الندوات العقائدية » بعد إجراء رلموعة من اخلطوات التحقيقية والفنيّة الالزمة عليها. الكراس ادلاثل بُت يدي القارئ الكرمي واح ٌد من السلسلة ادلشار إليها. وىذا ّ سائلينو سبحانو وتعاىل أن ينالو بأحسن قبولو. مركز األبحاث العقائدية الحسون فارس ّ
ـ 6ـ
بسم اهلل الرحمن الرحيم تمهيد : زلمد وآلو الطاىرين ،ولعنة اهلل احلمد هلل ّ رب العادلُت ،والصالة والسالم على سيّدنا ّ األولُت واآلخرين. على أعدائهم أمجعُت من ّ سألتم عن دور احلكيم االذلي الشيخ احملقق العظيم اخلواجة نصَت الدين الطوسي يف سقوط بغداد على يد ىوالكو. ألنّو قد ينسب يف بعض الكتب إىل الشيخ نصَت الدين الطوسي أ ّن لو ضلعاً يف سقوط بغداد على يد ادلشركُت ،وما ترتّب على ىذه احلادثة من آثار سيّئة بالنسبة إىل اإلسالم وادلسلمُت ،من قتل النفوس ،وزبريب البالد ،وادلدارس العلميّة ،وسائر ما ترتب على ىذه احلادثة العظيمة من اآلثار السيّئة.
ـ 7ـ
ـ 8ـ
افتراء ابن تيمية على الشيخ نصير الدين الطوسي لعل من أش ّد الناس على الشيخ نصَت الدين الطوسي ; يف ىذه القضيّة ىو ابن تيميّة ّ الّتام ىذا الشيخ هبذا عما إذا كان السبب األصلي ّ ،ممّا يثَت الشك ويدعو إىل البحث ّ األمر ىو االختالف العقائدي ،وما كان للشيخ نصَت الدين الطوسي من دور نشر ادلذىب الشيعي ،ودعمو باألدلّة والرباىُت ،والسيّما بتأليفو كتاب ذبريد اإلعتقاد ،ىذا الكتاب يدرس وما زال ىذا الذي أصبح من ادلتون األصلية واألوليّة يف احلوزات العلميّة كلّها ،وكان ّ يدرس يف بعض احلوزات العلميّة ،ولذا كثرت عليو الشروح واحلواشي من علماء الكتاب ّ وحىت أ ّن كتاب ادلواقف للقاضي اإلرني ،وكتاب ادلقاصد للسعد التفتازاين ، الشيعة والسنّة ّ ، يف كتاب التجريد ، ىذان الكتابان أيضاً ّإدنا أُلّفا نظراً إىل ما ذكره اخلواجو نصَت الدين يردوا عليو آراءه وأفكاره ،ولرّدبا وزناولون أن ّ
ـ 9ـ
يذكرون امسو بصراحة ،وقد عثرنا على مورد يف إحدى تلك الكتب حيث جاء التهجم عليو والسب لو ،وىو كتاب شرح التصريح باسم الشيخ نصَت الدين الطوسي مع ّ ادلقاصد. يتعرض للخواجة نصَت الدين الطوسي دبناسبة أ ّن العالّمة احللّي ـ و ّأما ابن تيميّة ّ ، فإدنا ّ تلميذ اخلواجة ـ ينقل عن أُستاذه استدالالً لدعم ادلذىب الشيعي وإثبات عقيدة اإلماميّة ، على أساس حديثُت صحيحُت واردين يف كتب الفريقُت. احلق بعد رسول اهلل ،فأجاب بأ ّن ينقل العالّمة ; عن أُستاذه أنّو سئل عن ادلذىب ّ رسول اهلل 6قد أخرب يف احلديث ادلتفق عليو بأ ّن االُّمة ستفًتق من بعده على ثالث وسبعُت فرقة ،وىذا احلديث متّفق عليو. قال :فمع كثرة ىذه الفرق قال رسول اهلل :فرقة ناجية والباقي يف النار. عُت تلك الفرقة الناجية بقولو ّ « :إدنا مثل أىل بييت كمثل سفينة مثّ إ ّن رسول اهلل ّ نوح من ركبها جنا ». األول ،وال يف وىذا اإلستدالل ال شنكن الحد أن يناقش فيو ،ال يف احلديث احلديث الثاين ،وال يف النتيجة ادلًتتبة على ىذين احلديثُت.
ـ 10ـ
أي إيراد علمي يف مقابل أي مناقشة وإبداء ّ وحينئذ نرى ابن تيميّة العاجز عن إظهار ّ يتفوه بو مسلم بالنسبة ىذا اإلستدالل ،نراه ّ يتهجم على الشيخ نصَت الدين ،ويسبّو دبا ال ّ اىل فرد عادي من أفراد الناس. نص ما قالو ابن تيميّة يف الشيخ نصَت الدين الطوسي : وال بأس بأن أقرأ لكم ّ نص ما قاله ابن تيميّة :
يقول ابن تيمية :ىذا الرجل قد اشتهر عند اخلاص والعام أنّو كان وزيراً ادلالحدة الباطنية اإلمساعيليّة يف األدلوت ،مثّ دلا قدم الًتك ادلشركون إىل بالد ادلسلمُت ،وجاؤوا إىل ّ منجماً مشَتاً دللك الًتك ادلشركُت ىوالكو ،أشار عليو بقتل بغداد دار اخلالفة ،كان ىذا ّ اخلليفة وقتل أىل العلم والدين ،واستبقاء أىل الصناعات والتجارات الذين ينفعونو يف الدنيا ،وأنّو استوىل على الوقف الذي للمسلمُت ،وكان يعطي منو ما شاء اهلل لعلماء ادلشركُت وشيوخهم من البخشية السحرة وأمثاذلم. وأنّو دلا بٌت الرصد الذي دبراغة على طريقة الصابئة ادلشركُت ،كان أخبس الناس نصيباً ّ منو من كان إىل أىل ادللل
ـ 11ـ
ادلشركُت ومثل
أقرب ،وأوفرىم نصيباً من كان أبعدىم عن ادللل ،مثل الصابئة ادلعطلة وسائر ادلشركُت. وزلرماتو ،ال زنافظون على ومن ادلشهور عنو وعن أتباعو اإلستهتار بواجبات اإلسالم ّ الفرائض كالصلوات ،وال ينزعون عن زلارم اهلل من الفواحش واخلمر وغَت ذلك من ادلنكرات حىت ّأّنم يف شهر رمضان يذكر منهم من إضاعة الصلوات وارتكاب الفواحش وشرب ّ ، اخلمور ما يعرفو أىل اخلربة هبم. شر من دين اليهود والنصارى ، ومل يكن ذلم ّقوة وظهور إالّ مع ادلشركُت الذين دينهم ّ وذلذا كان كلّما قوي اإلسالم يف ادلغل وغَتىم من الًتك ضعف أمر ىؤالء ،لغرض معاداّتم لإلسالم وأىلو ... يعرف وباجلملة فأمر ىذا الطوسي وأتباعو عند ادلسلمُت أشهر وأعرف من أن ّ ويوصف. ومع ىذا فقد قيل :إنّو يف آخر عمره زنافظ على الصلوات اخلمس ،ويشتغل بتفسَت البغوي وبالفقو وحنو ذلك ،فإن كان قد تاب من اإلحلاد ،فاهلل يقبل التوبة عن عباده ويعفو ِ ِ َّ ِ َس َرفُوا َعلَى أَنْ ُف ِس ِه ْم الَ تَ ْقنَطُوا ين أ ْ عن السيّئات ،واهلل تعاىل يقول ( :يَا عبَادي الذ َ
ـ 12ـ
ِمن رحم ِة ِ اهلل َّن اهللَ يَ ْ ِف ُر ُّذ وب َ ِميعاًا ) (.)1 الذنُ َ ْ ََْ لكن ما ذكره ىذا ،إن كان قبل التوبة مل يقبل قولو ،وإن كان بعد التوبة مل يكن قد ّ تاب من الرفض ،بل من اإلحلاد وحده ،وعلى التقديرين فال يقبل قولو. منجماً للمغل ادلشركُت ،واالحلاد واألظهر أنّو ّإدنا كان رنتمع بو وبأمثالو دلّا كان ّ معروف من حالو إذ ذاك ،فمن يقدح يف مثل أيب بكر وعمر وعثمان وغَتىم من السابقُت األولُت من ادلهاجرين واألنصار ،ويطعن على مثل مالك والشافعي وأيب حنيفة وأمحد بن ويعَتىم بغلطات بعضهم يف مثل إباحة الشطرنج والغناء ،كيف يليق بو أن حنبل وأتباعهم ّ حرم اهلل ّ زنرمون ما ّ زنتج دلذىبو بقول مثل ىؤالء الذين ال يؤمنون باهلل وال باليوم اآلخر ،وال ّ حىت يعطوا اجلزية عن يد وىم ورسولو ،وال يدينون دين احلق ،من الذين أُوتوا الكتاب ّ احملرمات اجملمع على ربرشنها ،كالفواحش واخلمر يف شهر رمضان ، صاغرون ،ويستحلّون ّ دبحرمات الدين ، الذين أضاعوا الصالة واتّبعوا الشهوات وخرقوا سياج الشرائع ،واستخفوا ّ وسلكوا غَت طريق ادلؤمنُت ... __________________ ( )1سورة الزمر .53 :
ـ 13ـ
لكن ىذا حال الرافضة دائماً يعادون أولياء اهلل ادلتقُت ،من السابقُت األولُت من ادلهاجرين واألنصار والذين اتّبعوىم بإحسان ،ويوالون الك ّفار وادلنافقُت ...إىل آخر كالمو (.)1 ىذا جوابو على استدالل العالّمة بكالم أُستاذه ،اإلستدالل الذي ذكرناه ،ألن اإلستدالل قوائمو حديث متفق عليو :ىو « ستفرق ّأميت » وحديث آخر أيضاً متّفق عليو ،احلديث الثاين يقول :ال جناة إالّ بركوب سفينة أىل البيت ،والنتيجة واضحة. وىذا جواب ابن تيميّة على ىذا اإلستدالل !! لكن علينا أن نبحث عن أصل ادلسألة اليت طلبتم البحث عنها يف ىذه اللّيلة.
__________________ ( )1منهاج السنة 445 / 3ـ .451
ـ 14ـ
الر وع في قضية سقوط ب داد لى َمن شهد الواقعة يف مثل ىذه القضيّة ،وىي قضيّة واقعة يف القرن السابع ،ويف أواسط ىذا القرن ، ادلؤرخُت الب ّد وأ ْن نرجع إىل من شهد تلك الواقعة وكان حاضراً فيها وسنرب عنها ،وأيضاً إىل ّ حىت يقال بأ ّن الشيعة ادلؤرخُت الشيعة ّ قرييب العهد من تلك احلادثة ،ال أقول نرجع إىل ّ وإدنا أقول نرجع إىل أي شيء يطعن فيهم بو ّ ، يربئوا ساحة علمائهم وكربائهم من ّ زناولون أن ّ ادلؤرخُت من أىل السنّة أنفسهم. ّ الر وع لى ابن الفوطي : لعل خَت كتاب شنكننا الرجوع إليو بالدرجة األوىل كتاب ّ تأليف العالّمة ابن الفوطي. أذكر لكم باختصار عن بعض ادلصادر ادلعتربة ترمجة ابن
ـ 15ـ
احلوادث اجلامعة ،وىو
الفوطي احلنبلي البغدادي ادلتوىف سنة 723ى : ترجم لو الذىيب قائالً :ابن الفوطي العامل البارع ادلتفنّن احمل ّدث ادلفيد ،مؤرخ االفاق زلمد بن أيب ادلعايل ،مفخر أىل العراق ،كمال الدين أبو الفضائل عبد الرزاق بن أمحد بن ّ احملرم سنة 642ببغداد ،وأُسر يف الوقعة وىو َح َدث ـ أُسر الشيباين ابن الفوطي ،مولده يف ّ يف الوقعة :وقعة بغداد ـ مثّ صار إىل أُستاذه ومعلّمو خواجة نصَت الدين الطوسي يف سنة ، 660فأخذ منو علوم األوائل ،ومهر على غَته يف األدب ،ومهر يف التاريخ والشعر وأيام الناس ،ولو النظم والنثر ،والباع األطول يف ترصيع تراجم الناس ،ولو ذكاء مفرط ،وخط منسوب رشيق ،وفضائل كثَتة ،مسع الكثَت ،وعٍت هبذا الشأن (.)1 يعرب عنو ب : ويعرب عنو صاحب فوات الوفيات ابن شاكر الكتيب ،عندما يعنونو ّ ّ () 2 ادلؤرخ األخباري الفيلسوف . الشيخ اإلمام احمل ّدث ّ ادلؤرخ كمال الدين ابن و ّأما ابن كثَت ،فيذكر ابن الفوطي يف تارسنو قائالً :اإلمام ّ الفوطي أبوالفضل عبد الرزاق ،ولد سنة __________________ ( )1تذكرة احلفاظ .1493 / 4 ( )2فوات الوفيات .319 / 2
ـ 16ـ
642ببغداد ،وأُسر يف واقعة التتار ،مثّ زبلّص من األسر ،فكان مشرفاً على الكتب بادلستنصريّة ،وقد صنّف تأرسناً يف مخس ومخسُت رللّداً ،وآخر ـ أي كتاباً آخر ـ يف حنو عشرين ،ولو مصنّفات كثَتة ،وشعر حسن ،وقد مسع احلديث من زلي الدين ابن اجلوزي احملرم يف السنة اليت ذكرناىا (.)1 ،وتويف يف ثالث ّ مؤرخ ادلؤرخ ،الذي شاىد القضيّة ،وحضرىا ،وأُسر فيها ،وىو إمام ّ فهذا العامل ّ معتمد ،يذكره علماء أىل السنّة بالثناء اجلميل ،ويذكرون كتبو يف التاريخ ،ىذا الرجل لو يتعرض لقضيّة سقوط بغداد على يد ىوالكو ، كتاب احلوادث اجلامعة ،يف ىذا الكتاب ّ وليس خلواجة نصَت الدين اسم يف ىذه القضيّة وال ذكر أبداً ،يذكرون أنّو قد ألّف كتابو ىذا بعد الواقعة بسنة واحدة ،أي أ ّن سنة 657تاريخ تأليف كتاب احلوادث اجلامعة. الر وع لى ابن الطقطقي : ادلتوىف سنة ، 709ىذا مثّ بعد ابن الفوطي ،نرى ابن الطقطقي ادلولود سنة 660و ّ صاحب كتاب الفخري يف اآلداب __________________ ( )1البداية والنهاية .106 / 14
ـ 17ـ
السلطانيّة والدول اإلسالميّة ،يروي احلوادث ،حوادث بغداد ،بواسطة واحدة فقط ،وال ذكر يف ىذا الكتاب حيث يذكر احلوادث خلواجة نصَت الدين يف القضيّة أصالً ،ال من قريب وال من بعيد. يبُت دخول ابن العلقمي على ىوالكو. مرةً واحدةً ،حيث ّ نعم يذكر اسم اخلواجة ّ ادلستعصم العباسي من ابن العلقمي كان وزير ادلستعصم العباسي ،أصبح بعد الشخصيّات ادلرموقة يف بغداد ،وينسب إليو أيضاً من قبل بعض كتّاب السنّة ـ السابقُت والالّحقُت ـ أ ّن لو يداً يف سقوط بغداد ،لكن حبثنا اآلن يف خواجة نصَت الدين وليس يف ابن العلقمي ،وبإمكانكم أن ترجعوا إىل كتاب أعيان الشيعة للسيّد االمُت العاملي ; يذكر ىناك ما يقال عن ابن العلقمي وبراءة ساحة ىذا الرجل أيضاً. مرًة ففي كتاب الفخري يف اآلداب السلطانيّة يذكر الشيخ نصَت الدين الطوسي ّ واحد ًة دبناسبة أ ّن الشيخ نصَت الدين كان واسطة يف دخول ىذا الوزير ،أي ابن العلقمي توىل ترتيبو يف احلضرة السلطانيّة الوزير السعيد على ىوالكو ،يقول :وكان الذي ّ
ـ 18ـ
زلمد الطوسي ق ّدس اهلل روحو (.)1 نصَت الدين ّ الر وع لى أبي الفداء : مثّ ننتقل إىل تاريخ أيب الفداء ،ادلولود سنة 672وادلتوىف سنة ، 732وىذا قريب العهد بالواقعة ،ألن الواقعة كانت سنة ، 656وىذا مولود يف سنة ، 672أي بعد سنوات قليلة ،ومتوىف يف سنة .732 فنراه يذكر قضيّة فتح بغداد ،واستيالء ادلشركُت والتًت على بغداد ،وانقراض احلكومة العبّاسيّة ،يقول :يف ّأول ىذه السنة ـ سنة 656ـ قصد ىوالكو ملك التًت بغداد ،وملكها احملرم ،وقتل اخلليفة ادلستعصم باهلل ،وسبب ذلك أ ّن وزير اخلليفة مؤيّد يف العشرين من ّ الدين ابن العلقمي كان رافضيّاً ،وكان أىل الكرخ أيضاً روافض ،فجرت فتنة بُت السنّـيّة والشيعة ببغداد على جاري عادّتم. [ دائماً ىذه الفنت كانت موجودة يف بغداد بُت الشيعة والسنّة ،منذ زمن الشيخ ادلفيد والشيخ الطوسي ،ويف بعض ىذه الفنت __________________ ( )1الفخري يف اآلداب السلطانية .338 :
ـ 19ـ
أسس احلوزة العلميّة ،لذلك يقول : ىاجر الشيخ الطوسي من بغداد إىل النجف األشرف و ّ على جاري عادّتم ،أي ىذا شيء معتاد بينهم ،زللّة الكرخ واحمللّة اليت تقابلها ،ىؤالء شيعة وأُولئك أىل سنّة ،جرت فتنة ]. فأمر أبوبكر ابن اخلليفة وركن الدين الدوادار [ ىذا رئيس العسكر ] العسكر ،فنهبوا منهن الفواحش. الكرخ ،وىتكوا النساء ،وركبوا ّ فعظم ذلك على الوزير ابن العلقمي ،وكاتب التًت وأطمعهم يف ملك بغداد ،وكان عسكر بغداد يبلغ مائة ألف فارس ،فقطّعهم ادلستعصم ليحمل إىل التًت متحصل اقطاعاّتم ،وصار عسكر بغداد دون عشرين ألف فارس ،وأرسل ابن العلقمي إىل التًت أخاه عسكر اخلليفة لقتاذلم يستدعيهم ،فساروا قاصدين بغداد يف جحفل عظيم ،وخرج ومق ّدمهم ركن الدين الدوادار ،والتقوا على مرحلتُت من بغداد ،واقتتلوا قتاالً شديداً ،فاّنزم عسكر اخلليفة ،ودخل بعضهم بغداد وسار بعضهم إىل جهة الشام. ونزل ىوالكو على بغداد من اجلانب الشرقي ،ونزل باجو ـ وىو مق ّدم كبَت ـ يف اجلانب الغريب ،على قرية قبالة دار اخلالفة ،وخرج مؤيد الدين الوزير ابن العلقمي إىل ىوالكو ،فتوثّق منو
ـ 20ـ
لنفسو ،وعاد إىل اخلليفة ادلستعصم وقال :إ ّن ىوالكو يبقيك يف اخلالفة كما فعل بسلطان الروم ،فخرج إليو ادلستعصم يف مجع من أكابر أصحابو ،وأنزل يف خيمتو ،مثّ ادلدرسون ،وكان استدعى الوزير الفقهاء واألماثل ،فاجتمع ىناك مجيع سادات بغداد و ّ فلما منهم زلي الدين ابن اجلوزي وأوالده ،وكذلك بقي سنرج إىل التًت طائفة بعد طائفة ّ ، تكاملوا قتلهم التًت عن آخرىم ،مثّ م ّدوا اجلسر وعدا باجو ومن معو ،وبذلوا السيف يف كل من كان فيها من األشراف ،ومل يسلم إالّ من بغداد ،وىجموا على دار اخلالفة وقتلوا ّ كان صغَتاً ،فأُخذ أسَتاً ،ودام القتل والنهب يف بغداد حنو أربعُت يوماً ،مثّ نودي باألمان. فإّنم قتلوه ،ومل يقع االطّالع على كيفيّة قتلو ،فقيل خنق ،وقيل وضع ّأما اخلليفة ّ حىت مات ،وقيل غرق يف دجلة ،واهلل أعلم حبقيقة ذلك ،وكان ادلستعصم يف عدل ورفسوه ّ ضعيف الرأي ،قد غلب عليو أُمراء دولتو لسوء تدبَته ،وىو آخر اخللفاء العبّاسيُّت (.)1 وال ذكر خلواجو نصَت الدين الطوسي أبداً ،و ّأما ما ذكر عن ابن __________________ ( )1ادلختصر يف أحوال البشر 193 / 3ـ .194
ـ 21ـ
العلقمي ففيو نظر ،فالب ّد وأ ْن زن ّقق عنو. الر وع لى الذهبي : و ّأما الذىيب ،الذىيب ىو تلميذ ابن تيميّة وإ ْن كان سنالفو يف بعض اآلراء ،إالّ أنّو تلميذه ،وقد خلّص كتاب منهاج السنّة أيضاً ،فمن مؤلفات الذىيب منهاج اإلعتدال وىو تلخيص منهاج السنّة. يقول الذىيب يف حوادث سنة : 656كان ادلؤيد ابن العلقمي قد كاتب التًت ، وحرضهم على قصد بغداد ،ألجل ما جرى على إخوانو الرافضة من النهب واخلزي. ّ فذكر الواقعة كما تق ّدم عن أيب الفداء ،وليس فيها ذكر لنصَت الدين الطوسي أصالً (.)1 الر وع لى ابن شاكر الكتبي : وصاحب فوات الوفيات ابن شاكر الكتيب ادلولود سنة ، 686أي بعد الواقعة بثالثُت سنة ،وادلتوىف سنة ، 764يًتجم اخلليفة العبّاسي ويًتجم نصَت الدين الطوسي كليهما يف كتابو ،وال يذكر __________________ ( )1العرب يف خرب من غرب .277 / 3
ـ 22ـ
شيئاً من دخل اخلواجة يف حوادث بغداد أبداً ،وبًتمجة اخلليفة يقول : متمسكاً دبذىب أىل السنّة واجلماعة على ما كان عليو والده وج ّده ،ومل كان متيناً ّ اذلمة ،بل كان قليل ادلعرفة والتدبَت والتي ّقظ ،نازل يكن على ما كانوا عليو من التي ّقظ و ّ اذلمة ،زلبّاً للمال ،مهمالً لالُمور ،يتّكل فيها على غَته ،ولو مل يكن فيو إالّ ما فعلو مع ّ ادللك الناصر داود يف الوديعة لكفاه ذلك عاراً وشناراً ،واهلل لو كان الناصر من الشعراء ، يتعُت عليو أن ينعم عليو وقد قصده ّ وتردد عليو على بعد ادلسافة ومدحو بع ّدة قصائد ،كان ّ بقريب من قيمة وديعتو من مالو ،فقد كان يف أجداد ادلستعصم باهلل من استفاد منو آحاد الشعراء أكثر من ذلك. ومل يرجعها إىل تصرف فيها [ ّ كأدنا كانت عنده وديعة لشخص ،وىذه الوديعة ّ صاحبها ،يذكر ىذه القضيّة ،إىل غَت ذلك من االُمور اليت كانت تصدر عنو ،ممّا ال يناسب منصب اخلالفة ،ومل يتخلّق هبا اخللفاء قبلو ]. فكانت ىذه األسباب كلّها مق ّدمات دلا أراد اهلل تعاىل باخلليفة والعراق وأىلو ،وإذا أراد اهلل تعاىل أمراً ىيّأ أسبابو. [ ومل يذكر سائر أعمال ىذا اخلليفة وأسالف ىذا اخلليفة ،من
ـ 23ـ
اخلالعة واجملون واإلستهتار بالدين والسكر وشرب اخلمر ورلالس اللهو واللعب ،وإىل أي حكومة تكون ]. كل ذلك أسباب إلنقراض احلكومة ّ آخره ّ ، قال :واختلفوا كيف كان قتلو ،قيل :إ ّن ىوالكو دلا ملك بغداد أمر خبنقو ،وقيل ّ رفس إىل أن مات ،وقيل كذا إىل آخره واهلل أعلم حبقيقة احلال .وكانت واقعة بغداد وقتل اخلليفة من أعظم الوقائع (.)1 ومل يذكر شيئاً يتعلّق باخلواجة نصَت الدين الطوسي أبداً. الر وع لى الصفدي : وإذا راجعتم كتاب الوايف بالوفيات للصفدي ،ىذا الرجل مولود يف سنة 696أي بعد أربعُت سنة من الواقعة ،ومتوىف يف سنة .764 متمسكاً يقول بًتمجة اخلليفة :كان حليماً كرشناً ،سليم الباطن ،حسن الديانة ّ ، بالسنّة ،ولكنّو مل يكن كما كان عليو أبوه وج ّده ،وكان الدوادار والشرايب ذلم االرض ،جاء ىوالكو البالد يف حنو __________________ ( )1فوات الوفيات .230 / 2
ـ 24ـ
ادلدرسون واألعيان حنو مائتُت ألف فارس ،وطلب اخلليفة وحده فطلع ومع القضاة و ّ فلما وصلوا إىل احلريبة جاء األمر حبضور اخلليفة وحده ،ومعو سبعة عشر سبعمائة نفس ّ ، نفساً ،فساقوا مع اخلليفة وأنزلوا من بقي من خيلهم وضربوا رقاهبم ،ووقع السيف يف بغداد ،وعمل القتل أربعُت يوماً ،وأنزلوا اخلليفة يف خيمة وحده والسبعة عشر يف خيمة أخرى ، مثّ إ ّن ىوالكو أحضر اخلليفة وجرت لو معو ومع ابنو أيب بكر زلاورات وأخرجا ورفسوذنا إىل أ ْن ماتا ،وع ّفي أثرذنا (.)1 الر وع لى ابن خلدون : ننتقل إىل ابن خلدون ،ابن خلدون متولّد يف سنة ، 732ووفاتو سنة ، 808يذكر يف تارسنو خرب ادلستعصم آخر ملوك بٍت العبّاس ببغداد ،فلم يصف اخلليفة دبا وصفو بو غَته من الصفات الدنيئة ادلوجبة للعار والشنار ،وادلسببة دلا وقع بو وبأىل بغداد ،بل وصفو بقولو :كان فقيهاً زل ّدثاً ...مثّ ذكر ما كان من السنّة ض ّد الشيعة يف الكرخ بأمر من اخلليفة وابنو أيب بكر وركن الدين __________________ ( )1الوايف بالوفيات .641 / 17
ـ 25ـ
الدوادار ،مثّ ذكر زحف ىوالكو إىل العراق ودخول بغداد وقتل اخلليفة وغَته. وليس يف شيء ممّا ذكر ذكراً لنصَت الدين الطوسي أبداً ،فالحظوا تارسنو (.)1 الر وع لى السيوطي : وذكر جالل الدين السيوطي يف تارسنو تاريخ اخللفاء ،السيوطي وفاتو سنة ، 911 ذكر أخبار التًت ،وورودىم إىل بغداد ،وقتل اخلليفة وغَت ذلك ،يف صفحات كثَتة ، وليس فيها ذكراً لنصَت الدين الطوسي أبداً (.)2 فأين ما ذكره ابن تيميّة حول نصَت الدين الطوسي ; فيما يتعلّق بقضيّة بغداد. الر وع لى أصحاب ابن تيمية : ادلقربُت منو ،وىم ثالثة :الذىيب ،وابن كثَت ، حينئذ ننتقل إىل أصحاب ابن تيميّة و ّ وابن القيّم.
__________________
( )1تاريخ ابن خلدون .1104 / 6 ( )2تاريخ اخللفاء 467 :ـ .477
ـ 26ـ
الذىيب ذكرنا عبارتو ،ووجدناه ال يشَت ال من قريب وال من بعيد إىل ما ذكره ابن تيميّة ،وكذا بًتمجة ادلستعصم إذا راجعتم سَت أعالم النبالء حيث ذكر الواقعة ناقالً شرحها عن مجال الدين سليمان بن رطنُت احلنبلي ،والظهَت الكازروين ،وغَتذنا ،وليس يف ذلك ذكراً لنصَت الدين الطوسي أبداً (.)1 ّأما ابن كثَت ،ابن كثَت والدتو سنة 700أي بعد الواقعة حدود اخلمسُت سنة ووفاتو سنة ، 774ترجم لنصَت الدين الطوسي ،ومل ينسبو إىل شيء أو مل ينسب شيئاً ممّا ذكر ابن تيميّة إىل اخلواجة نصَت الدين ،من اإلخالل بالصلوات وشرب اخلمر وارتكاب وإدنا ذكر ما نسب إليو من االشارة على ىوالكو الفواحش ،مل يذكر شيئاً من ىذه أبداً ّ ، نص ما قالو ابن كثَت يف بقتل اخلليفة ،بعبارة ظاىرة ج ّداً يف التشكيك يف ذلك ،وإليكم ّ تارسنو يف ىذه القضية : يقول :ومن الناس من يزعم أنّو ـ اخلواجو نصَت الدين ـ أشار على ىوالكو خان بقتل اخلليفة ،فاهلل أعلم. ال يقول أكثر من ىذا ،ومن الناس من يزعم ،واهلل أعلم. وال ب ّد وأنّو يقصد من الناس ابن تيميّة. __________________ ( )1سَت أعالم النبالء .181 / 23
ـ 27ـ
مثّ يقول بعد أن يذكر ذلك عن بعض الناس :وعندي أ ّن ىذا ال يصدر من عاقل وال فاضل ،وقد ذكره بعض البغاددة [ أي أىايل بغداد ] فأثٌت عليو وقال :كان عاقالً فاضالً كرمي األخالق ،ودفن يف مشهد موسى بن جعفر ،يف سرداب كان قد أُع ّد للخليفة الناصر لدين اهلل (.)1 وىذا من مجلة ادلواضع اليت ال يوافق فيها ابن كثَت شيخو ابن تيميّة. يبقى ابن قيّم اجلوزيّة ،ابن قيّم اجلوزيّة مل يتبع ابن تيميّة فقط ،بل زاد على ما قال شيخو أشياء أُخرى أيضاً ،الحظوا عبارتو بالنص عندما يذكر نصَت الدين الطوسي يقول : نصَت الشرك والكفر واالحلاد ،وزير ادلالحدة النصَت الطوسي ،وزير ىوالكو ،شفى حىت شفى إخوانو من ادلالحدة نفسو من أتباع الرسول وأىل دينو ،فعرضهم على السيف ّ واشتفى ىو ،فقتل اخلليفة ادلستعصم والقضاة والفقهاء واحمل ّدثُت. [ كلمة « احملدثُت » مادام ىي بالنصب ،الب ّد أ ْن تقرأ الكلمة :قَـتَ َل ،أي قتل ادلستعصم والقضا َة والفقهاء واحمل ّدثُت. نصَت الدين َ __________________
( )1البداية والنهاية .267 / 13
ـ 28ـ
هم إالّ أ ْن نرجع الضمَت إىل ىوالكو ،لكن بأمر اخلواجة نصَت الدين ]. اللّ ّ ادلنجمُت والطبايعيُت والسحرة ،ونقل أوقاف ادلدارس وادلساجد واستبقى الفالسفة و ّ ونصَر يف كتبو قدم العامل وبطالن ادلعاد وإنكار والربط إليهم ،وجعلهم خاصتو وأولياءه َ ، جل جاللو من علمو وقدرتو وحياتو ومسعو وبصره ،و ّازبذ للمالحدة مدارس ، صفات ّ الرب ّ ورام جعل إشارات إمام ادللحدين ابن سينا مكان القرآن ،فلم يقدر على ذلك فقال :ىي قرآن اخلواص وذلك قرآن العوام ،ورام تغيَت الصالة وجعلها صالتُت ،فلم يتم لو األمر ، وتعلّم السحر يف آخر األمر فكان ساحراً يعبد األصنام ،انتهى. ابن تيميّة قال :يف آخر األمر تاب نصَت الدين الطوسي ،قرأنا عبارتو يف أنّو يف آخر األمر تاب نصَت الدين الطوسي وكان يصلّي وتعلّم الفقو وقرأ تفسَت البغوي يف آخر عمره. وىذا يقول :تعلّم السحر يف آخر األمر ،فكان ساحراً يعبد األصنام !! تبُت أ ّن ما ينسب سابقاً والحقاً إىل اخلواجة نصَت الدين الطوسي ليس لو وإىل ىنا ّ سبب ،سوى أ ّن ىذا الرجل العظيم استفاد من تلك الظروف لِصاحل ىذا ادلذىب ادلظلوم ، وسب ّكن من
ـ 29ـ
يدرس يف تأليف كتابو ذبريد اإلعتقاد ،وأصبح ىذا الكتاب ىو الكتاب الذي ّ األوساط العلميّة ،وطرحت أفكار اإلماميّة يف األوساط العلميّة ،بعد أن مل تكن ألفكار أي رلال ألن يذكر شيء منها يف ىذه الطائفة أيّة فرصة ،ومل يكن آلراء ىذه الطائفة ّ ادلدارس العلميّة واألوساط العلميّة ،حينئذ أصبح اآلخرون عياالً على اخلواجة نصَت الدين الطوسي يف علم الكالم والعقائد ،وبتبع كتاب التجريد أُلّفت كتبهم يف العقائد ،وىذا ممّا يغتاظ منو القوم ،فهذا كان ىو السبب العمدة ألن ينسب ما مسعتم إىل ىذا الرجل العظيم. الصحة ،إستناداً إىل كل ما ينسب إليو باطل ،وال أساس لو من ّ وقد ثبت أ ّن ّ ادلؤرخُت من أىل السنّة أنفسهم ،من ابن الفوطي الذي عاصر القضيّة وكان من كلمات ّ األسرى يف الواقعة ،مثّ ابن الطقطقي ،مثّ ابن كثَت ،مثّ الذىيب ،والصفدي ،وابن شاكر الكتيب ،وغَتىم ،وىؤالء كلّهم من أىل السنّة ،وىكذا أبوالفداء ،ومل ننقل شيئاً لتربئة ساحة ىذا الشيخ العظيم عن أحد من علماء الشيعة.
ـ 30ـ
الثناء على الشيخ نصير الدين الطوسي واآلن ،ال بأس أن أذكر لكم بعض النصوص يف الثناء اجلميل على ىذا الشيخ العظيم من كتب القوم. زلمد زلمد بن عبداهلل [ لكن والده ّ الحظوا عبارة ابن كثَت يقول :النصَت الطوسي ّ زلمد ] كان يقال لو ادلوىل نصَت الدين ،ويقال اخلواجة نصَت الدين ،اشتغل زلمد بن ّ فهو ّ وحصل علم األوائل جيّداً ،وصنّف يف ذلك يف علم الكالم ،وشرح اإلشارات يف شبيبتو ّ ، البن سينا ،ووزر ألصحاب قالع األدلوت من اإلمساعيليّة ،مثّ وزر ذلوالكو ،وكان معهم يف واقعة بغداد ،ومن الناس من يزعم أنّو أشار على ىوالكو بقتل اخلليفة ،فاهلل أعلم ،وعندي أ ّن ىذا ال يصدر من عاقل وال فاضل ...إىل آخر ما قرأناه سابقاً. قال :وىو الذي كان قد بٌت الرصد يف مراغة ،ورتّب فيو احلكماء من الفالسفة وادلتكلّمُت والفقهاء واحمل ّدثُت واألطبّاء ،
ـ 31ـ
وغَتىم من الفضالء ،وبٌت لو فيو قبّة عظيمة ،وجعل فيو كتباً كثَتةً ج ّداً ،تويف يف بغداد يف الثاين عشر من ذي احلجة من ىذه السنة ،ولو مخس وسبعون سنة ،ولو شعر قوي ،وأصل اشتغالو على ادلعُت سامل بن بدران بن علي ادلصري ادلعتزيل ادلتشيّع ،فنزع جيّد ّ حىت أفسد اعتقاده. فيو حروب كثَتة منو ّ ىذا كلّو ذكره يف ترمجة نصَت الدين الطوسي ،وفيو الثناء اجلميل على علمو ،إالّ أنّو يعرض بو ألجل مذىبو (.)1 ّ زلمد بن وقال الذىيب يف وفيات سنة : 672كبَت الفالسفة خواجة نصَت الدين ّ زلمد بن حسن الطوسي صاحب الرصد. ّ زلمد بن احلسن ، زلمد بن ّ وقال أيضاً :خواجو نصَت الدين الطوسي أبو عبداهلل ّ احلجة ببغداد ،وقد نيّف على الثمانُت ،وكان رأساً يف علم األوائل ،ذا منزلة مات يف ذي ّ من ىوالكو (.)2 وقال أبو الفداء :وفيها ـ أي يف السنة ادلذكورة ـ يف يوم األثنُت ( ) 18ذي احلجة ، زلمد اإلمام ادلشهور ،وكان سندم زلمد بن ّ تويف الشيخ العالّمة نصَت الدين الطوسي ،وامسو ّ صاحب األدلوت ،مثّ خدم ىوالكو ،وحظي عنده ،وعمل ذلوالكو __________________ ( )1البداية والنهاية .276 / 13 ( )2العرب يف خرب من غرب ، 326 / 3دول اإلسالم.
ـ 32ـ
يتضمن اختالط األوضاع رصداً دبراغة وزرناً ولو مصنفات عديدة كلّها نفيسة ،منها أقليدس ّ ،وكتاب اجملسطي ،والتذكرة يف اذليئة مل يصنّف يف فنّها مثلها ،وشرح اإلشارات ،وأجاب عن غالب إيرادات فخرالدين الرازي ،وكانت والدتو يف احلادي عشر مجادى األوىل سنة سبع وتسعُت ومخسمائة ،وكانت وفاتو ببغداد ،ودفن يف مشهد موسى اجلواد (.)1 [ يعٍت موسى واجلواد « الواو » ىذه الب ّد منها ]. زلمد بن احلسن نصَت الدين الطوسي زلمد بن ّ وقال الصفدي :نصَت الدين الطوسي ّ ،الفيلسوف ،صاحب علم الرياضي ،كان رأساً يف علم األوائل ،ال سيّما يف األرصاد واجملسطي ،فإنّو فاق الكبار ،قرأ على ادلعُت سامل بن بدران ادلعتزيل الرافضي وغَته ،وكان ذا حرمة وافرة ومنزلة عالية عند ىوالكو ،وكان يطيع على ما يشَت عليو ،واألموال يف تصريفو ،وابتٌت دبراغة قبّة ورصداً عظيماً ،وازبذ يف ذلك خزانة عظيمة ،فسيحة األرجاء ذبمع فيها زيادة على أربعمائة ومالىا من الكتب اليت ّنبت من بغداد والشام واجلزيرة ّ ، حىت ّ أقر ألف رللّد [ فأين تلك الكتب ] و ّ __________________
( )1ادلختصر يف أخبار البشر .8 / 4
ـ 33ـ
ادلنجمُت والفالسفة ،وجعل ذلم األوقاف ،وكان حسن الصورة ،مسحاً كرشناً جواداً بالرصد ّ حليماً حسن العشرة غزير الفضل. حكي أنّو دلا أراد العمل بالرصد رأى ىوالكو ما يقدم عليو ،فقال لو :ىذا العلم ّ ادلتعلق بالنجوم ما فائدتو ،أيدفع ما ق ّدر أن يكون ؟ فقال :أنا أضرب لك مثالً ،يأمر القان من يطلع إىل ىذا ادلكان ،ويرمي من أعاله طشتاً حناساً كبَتاً من غَت أن يعلم بو أحد كل من ىناك ،وكاد بعضهم ،ففعل ذلك ،ودلّا وقع كان لو وقعة عظيمة ىائلة ّروعت ّ فإّنما ما حصل ذلما شيء لعلمهما بأ ّن ذلك يقع ،فقال لو : فأما ىو وىوالكو ّ يصعق ّ ، ىذا العلم النجومي لو ىذه الفائدة ،يعلم ادلتح ّدث فيو ما زندث ،فال زنصل لو من الروعة ما زنصل للذاىل الغافل عنو ،فقال لو :ال بأس هبذا ،وأمره بالشروع فيو ،إىل آخره. ومن دىائو ما حكي :أنّو حصل ذلوالكو غضب على عالء الدين اجلويٍت صاحب الديوان ،فأمر بقتلو ،فجاء أخوه إىل النصَت وذكر لو ،فقال النصَت ...إىل آخره فسعى يف خالص ىذا الشخص. وممّا وقف لو عليو أن ورقة حضرت إليو عن شخص من مجلة ما فيها :يا كلب يابن الكلب ،فكان اجلواب منو ّأما قولو :يا كلب ،
ـ 34ـ
فليس بصحيح ،أل ّن الكلب من ذوات األربع وىو نابح طويل األظفار ،و ّأما أنا فمنتصب القائمة بادي البشرة عريض األظفار ناطق ضاحك ،فهذه الفصول واخلواص غَت تلك الفصول واخلواص ،وأطال يف نقض كل ما قالو ذلك القائل. ىكذا ّرد عليو حبسن طوية وتأن غَت منزعج ،ومل يقل يف اجلواب كلمة قبيحة. مثّ ذكر تصانيفو ،مثّ ذكر بعض القضايا االُخرى (.)1 كل ما يف كتاب الوايف بالوفيات. وال أُريد أن أُطيل عليكم بقراءة ّ والحظوا ىذه العبارة من كالمو ،أقرؤىا عليكم ،يقول :وكان للمسلمُت بو نفع يربىم ويقضي أشغاذلم وزنمي أوقاّتم ، خصوصاً الشيعة والعلويُت واحلكماء وغَتىم ،وكان ّ وكان مع ىذا كلّو فيو تواضع وحسن ملتقى ،وكان نصَت قدم من مراغة إىل بغداد ،ومعو كثَت من تالمذتو وأصحابو ،فأقام هبا م ّدة أشهر ومات ،ومولد النصَت بطوس سنة كذا ووفاتو سنة كذا ،وشيّعو صاحب الديوان والكبار ،وكانت جنازتو حفلة ،ودفن يف مشهد الكاظم. __________________ ( )1الوايف بالوفيات .179 / 1
ـ 35ـ
وىل يف ىذا النص على طولو من نقص ،من طعن ؟! والوايف بالوفيات كتاب معترب ،ومؤلّفو من أىل السنّة ادلعروفُت ادلشهورين ادلعتمدين. زلمد بن وأقرأ لكم ما جاء يف فوات الوفيات يقول :اخلواجة نصَت الدين الطوسي ّ زلمد بن احلسن نصَت الدين ،كان رأساً يف علم األوائل ،ال سيّما يف االرصاد واجملسطي ، ّ وكان يطيعو ىوالكو فيما يشَت عليو ،واألموال يف تصريفو. [ ىذه تقريباً عبارات الوايف بالوفيات وإىل أ ْن يقول ] :وكان حسن الصورة مسحاً كرشناً جواداً حليماً حسن العشرة غزير الفضائل جليل القدر داىية. إىل أ ْن ذكر تصانيفو وىي كثَتة ج ّداً ،وذكر كلمات بعض العلماء يف ح ّقو قال : ودفن يف مشهد الكاظم ;. وكذا ذبدون الثناء عليو يف النجوم الزاىرة (.)1 وكذا غَت ىؤالء من ادلؤلفُت وادلؤرخُت. فأين ما ذكره ابن تيميّة أو ما زاد عليو تلميذه ابن قيّم اجلوزيّة ؟ والعمدة ما ذكرتو لكم. __________________ ( )1النجوم الزاىرة يف ملوك نصر والقاىرة .245 / 7
ـ 36ـ
خاتمة البحث والعجيب أنّكم لو قرأمت كتب علمائنا يف الًتاجم وسَت العلماء ويف التواريخ ،لن حق علماء الشيعة ،لن ذبدوا لفظة واحدة من ىذه األلفاظ اليت تصدر من بعض ىؤالء يف ّ فإدنا حق علماء السنة ،فإن ذكروا شيئاً عن بعض علماء أىل السنّة ّ ، ذبدوا لفظةً منها ىف ّ يذكرونو بأدب ومتانة ،فكيف وأن ينسبوا إىل أحد منهم ما ليس فيو ،وما ال رنوز نسبتو إليو ،الحظوا الكتب ،قارنوا بُت كتبنا وكتبهم ،قارنوا بُت أساليب علمائنا وأساليب شيخ احلق وتكونوا من أتباع احلق. إسالمهم ،لتعرفوا ّ تردد. احلق تعرفون أىلو ،وإذا عرفتم احلق تتّبعونو بال ّ إذا عرفتم ّ إذن ،عرفنا يف ىذا البحث أموراً ،وكان ذلذا البحث فوائد عديدة ،وال حاجة إىل اإلطالة بأكثر ممّا ذكرتو لكم. زلمد وآلو الطاىرين. وصلّى اهلل على ّ
ـ 37ـ