قصة المعراج

Page 1

‫ُ‬ ‫اج ِ‬ ‫ِصةالم ِْع َر ِ​ِ‬ ‫ق َّ‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫المسماة‪ِ:‬االبتهاجِبالكالمِعلىِاإلسراءِوالمعراج ِ‬ ‫تأليف‪ِ :‬‬ ‫شيخِاإلسالمِنجمِالدينِالغيطيِ(ت‪ِ389:‬هـ)‬ ‫ويليه ِ‬

‫َّاجِفِيِ ْ‬ ‫اجِ‬ ‫ِالوه ِ​ِ‬ ‫ج َ‬ ‫س َرا ُ‬ ‫ال ِّ‬ ‫اجِالم ِْع َر ِ‬ ‫ازد َِو ِ‬ ‫تأليف‬ ‫ابنِناصرالدينِالدمشقيِ​ِ(ت‪ِ848ِ:‬هـ)‬

‫اعتنى به الشيخ الدكتور‬ ‫هشام الكامل حامد موسى الشافعي األزهري‬ ‫إمام وخطيب بجامع الظاهر بيربس‬ ‫ومدرس بجامع األزهر الرشيف‬ ‫‪1‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حقوقِالطبعِمحفوظةِللمؤلف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الطبعةِالثالثة ِ‬ ‫‪4444‬هـِ‪ِ 8282ِ/‬‬ ‫الطبعةِالثانية ِ‬ ‫ِ‪4442‬هـ‪ِ8243/‬م ِ‬ ‫الطبعةِاألولى ِ‬ ‫‪ِ4498‬هـ‪ِ8248/‬م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫رقمِاإليداع ِ‬ ‫‪ِ 8248/6767‬‬ ‫ِ‬

‫‪2‬‬


‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬ ‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم عىل املبعوث رمحة للعاملني مما بعد‪:‬‬ ‫فإنه من دواعي الرسور من نقدم إىل املكتبة اإلسالمية كتاب ﴿االبتهاج بالكالم‬ ‫عىل اإلرساء واملعراج﴾ تأليف موالنا نجم الدين الغيطي‪( :‬ت‪ 383 :‬هـ) وكتاب‬ ‫﴿الرساج الوهاج يف ازدواج املعراج﴾ تأليف موالنا ابن نارص الدين الدمشقي‬ ‫(ت‪ 842‬هـ) بمناسبة فرحة األمة اإلسالمية بأسعد ليلة عند رسول اهلل ‪ ‬حيث‬ ‫ارتقى فيها إىل ما فوق السموات السبع وذلك تصديقا لقول القائل ‪" :‬األمة‬ ‫اإلسالمية حتيا بمواسمها" قال الشيخ حممد الغزايل ‪" :‬من حافظ عىل قراءة ما‬ ‫خيص األيام والشهور من املناسبات الدينية لصارت عنده الكفاية من علوم الدين‬ ‫خالل عام" هلذا كله كان اعتنائي هبذين الكتابني‬ ‫واهلل مرجو النفع والقبول واإلخالص يف العمل ومن يكون سببا يف نجايت‬ ‫ومهيل وطاليب ومشاخيي من النار‬ ‫غرة رجب الفرد ‪ 1441‬هـ‬ ‫كتبه‪:‬‬ ‫الدكتور هشام الكامل حامد موسى الشافعي األزهري‬ ‫إمام وخطيب بجامع الظاهر بيربس‬ ‫ومدرس بجامع األزهر الرشيف‬

‫‪3‬‬


‫‪‬بني يدي اإلرساء واملعراج ‪‬‬ ‫املعجزة ‪ :‬هي ممر خارق للعادة يظهر عىل يد نبي مو رسول‪ ،‬تصديقا ملا جاء‬ ‫به واملعجزة دليل عىل صدق دعوة الرسل واألنبياء‪ ،‬وهي فضل من اهلل تعاىل ومنة‪،‬‬ ‫وال جيب عىل اهلل يشء‬ ‫وتأيت املعجزة حسب كل نبي‪ ،‬وختتلف باختالف القوم فموسى ‪ ‬معجزته‬ ‫العصا التي حتولت إىل حية حقيقية روح ودم وحلم‪ ،‬لذلك مسلم السحرة‬ ‫وعيسى‪ ‬معجزته فاقت الطب‪ ،‬فالطب ال يقدر عىل إحياء املوتى‪ ،‬فأحيا‬ ‫عيسى‪ ‬بإذن ربه مربعة مشخاص‪،‬لكن مهل مكة خاصة والعرب عامة مل يشتهر‬ ‫عندهم السحر كام يف قوم موسى‪ ،‬وال الطب كام يف قوم عيسى ‪ ،‬بل اشتهر‬ ‫عندهم الشعر واللغة‪ ،‬فجاءهتم املعجزة اخلالدة "القرآن الكريم"‪ ،‬ومن‬ ‫معجزاته‪ ‬الباهرة ومن دالئل نبوته‪ ‬من تطوى له األرض طيا‪ ،‬ومن يذهب إىل‬ ‫مماكن مل يصل إليها ملك مقرب وال جان وال إنس‪ ،‬فكانت معجزته‪ ‬اإلرساء‬ ‫واملعراج آيتني عظيمتني من دالئل نبوته‪‬‬

‫اإلسراء‪ :‬هو السري ليال‪ ،‬مكانه ‪ :‬من مكة إىل القدس يقظة ال مناما فقد مرسي‬ ‫به‪‬من املسجد احلرام وقيل كان من بني املقام وزمزم‪ ،‬وقيل كان يف بيت مم هانئ‪،‬‬ ‫وقيل كان يف شعب ميب طالب‪ ،‬وكلها بجوار الكعبة إىل املسجد األق ى بالقدس يف‬ ‫فلسطني وسمي باملسجد األق ى لبعده عن املسجد احلرام‬

‫‪4‬‬


‫‪ ‬شق صدره‪ :‬جاء جربيل ‪ ‬وشق صدر الرسول‪ ‬من مسفل الرقبة إىل مسفل‬ ‫البطن وكان معه ميكائيل وطست من ماء زمزم فغسل قلبه الرشيف‪ ‬ثالث‬ ‫مرات وكان الشق من غري آلة مو ممل وهذا هو الشق الرابع‬ ‫قال العالمة األجهوري ‪ -‬رمحه اهلل ‪:-‬‬ ‫وشق صدر املصطفى وهو يف‬

‫دار بني سعد بغري مرية‬

‫كشقــه وهــو ابن عشــر يف‬

‫ليلة املعراج وعند البعثة‬

‫‪ ‬الوسيلة (البراق) ‪:‬وهي دابة ال يركبها إال األنبياء قيل يف وصفها مهنا دون‬ ‫احلصان وفوق احلامر‪ ،‬وسمي براقا ألنه مأخوذ من الربيق مي اللمعان وهي‬ ‫شدة اللمعان‪ ،‬وصاحبه يف الرحلة جربيل ‪ ‬وميكائيل ‪‬‬ ‫‪ ‬ومعنى المعراج‪ :‬الصعود إىل األعىل بدايته من قبة الصخرة بالقدس الرشيف‬ ‫وهنايته إىل ما فوق الساموات السبع‪ ،‬وهناية الرحلة العودة إىل الكعبة املرشفة‬ ‫‪ ‬تاريخ اإلسراء والمعراج‪ :‬ليلة اإلثنني السابع والعرشون من شهر رجب يف‬ ‫العام احلادى عرش من البعثة عىل مرجح األقوال‬ ‫‪‬‬

‫حكم إنكار اإلسراء والمعراج‪ :‬اإلرساء من املسجد احلرام إىل املسجد األق ى‬ ‫ثبت بالكتاب فدليله دليل قطعي فمنكره كافر‬

‫ﭧﭐﭨﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ‬

‫ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑﱒ ﱓ ﱔ‬

‫ﱕ ﱖ ﱗ ﱠ اإلرساء‪،١ :‬أما منكر المعراج ‪ :‬فإنه مل يرصح به كام رصح‬ ‫باإلرساء فمن منكره فهو مبتدع فاسق وليس بكافر‬ ‫‪5‬‬


‫‪ ‬اإلسراء والمعراج وقعا بالروح والجسد‪ :‬لو كان اإلرساء واملعراج باجلسد‬ ‫فقط ال فائدة منه‪ ،‬ولو كان بالروح فقط ما اعرتضت العرب عىل ذلك‪ ،‬لكن‬ ‫اعرتاضهم عليه ‪‬منه مرسي به بالروح واجلسد‪ ،‬فلام اعرتضوا جاءهم باألدلة‬ ‫والعالمات التي يعرفوهنا وهذا مذكور يف آخر كتاب قصة املعراج ملوالنا‬ ‫الغيطي الذي نقدم له‬ ‫‪ ‬صالة الرسول‪ ‬باألنبياء‪ :‬انتهى اإلرساء بوصول الرسول ‪ ‬إىل بيت‬ ‫املقدس‪ ،‬فوجد األنبياء مجيعا فصىل هبم ركعتني‪ ،‬وفيه إشارة ودليل عىل منه‬ ‫مفضل الرسل واألنبياء‪ ،‬فقد اصطفوا صفوفا‪ ،‬فجاء جربيل‬

‫‪‬‬

‫وقدم‬

‫الرسول‪ ‬وصىل هبم إماما‬ ‫‪ ‬الكؤوس التي وضعها‬

‫جبريل‪‬‬

‫لرسول هللا‪ : ‬جاء جربيل ‪ ‬بأكواب‬

‫ثالثة األول فيه ماء والثاين فيه مخر والثالث فيه لبن‪ ،‬فاختار ‪ ‬اللبن‪ ،‬فاملاء‬ ‫يروي فقط واخلمر ال يروي وال يشبع واللبن يروي ويشبع‪ ،‬فقال له‬ ‫جربيل‪ :‬لقد اخرتت الفطرة‬ ‫‪ ‬رؤية جبريل‪:‬لقد رمى الرسول‪‬جربيل عىل حقيقته التي خلقه اهلل عليها‬ ‫مرتني‪ ،‬وال يرى امللك عىل حقيقته التي خلقه اهلل عليها إال رسول مو نبي‬ ‫‪ ‬تشريف النبي ‪ ‬وتفضيله‪ :‬فقد حبا اهلل رسوله‪‬ترشيفا وتعظيام بأن فتح له‬ ‫بابا يف السامء األوىل‪ ،‬وقال له امللك إن هذا الباب مل يفتح ألحد من قبل‪ ،‬ومنت‬ ‫مول من يدخل منه‪ ،‬وهذا إن دل فإنام يدل عىل علو شأنه‪‬ومنزلته عند ربه‬ ‫‪6‬‬


‫‪ ‬مقابلة األنبياء‪:‬رمى يف السامء األوىل آدم مبا البرش‪ ‬فسلم عليه ورد عليه‬ ‫السالم ودعا له بخري وسلم عىل ممته‪ ،‬ثم عرج به إىل السامء الثانية فرمى حييى‬ ‫وعيسى عليهام السالم‪ ،‬ثم عرج به إىل السامء الثالثة فرمى يوسف ‪ ،‬ثم عرج‬ ‫به إىل السامء الرابعة فرمى إدريس ‪ ،‬ثم عرج به إىل السامء اخلامسة فرمى‬ ‫هارون ‪ ،‬ثم عرج به إىل السامء السادسة فرمى كليم اهلل موسى ‪ ،‬ثم عرج‬ ‫به إىل السامء السابعة ودخل البيت املعمور وهو فوق الكعبة مبارشة‪ ،‬فوجد‬ ‫إبراهيم ‪ ‬ثم ذهب إىل مكان مل يصل إليه إنس وال جان وال ملك مقرب‪،‬‬ ‫فقال له جربيل‪ :‬تقدم يا حممد‪ ‬فإن تقدمت اخرتقت‪ ،‬وإن تقدمت احرتقت‪،‬‬ ‫فتقدم‪ ‬إىل احلرضة العلية واملقام الرشيف‪ ،‬ففرض عليه ربنا تبارك وتعاىل‬ ‫مخسني صالة‪ ،‬ثم خففت فكانت مخسة يف العمل ومخسني يف الثواب واألجر‬ ‫فهذه هدية اهلل لرسوله‪ ‬ولعباده املؤمنني الصالة جوهرة‪ ،‬العبادات ومول ما‬ ‫حياسب عليه العبد يوم القيامة‬ ‫‪ ‬رؤية الرسول‪ ‬ربه‪ :‬اختلف العلامء يف ذلك هل رمى الرسول‪‬ربه بعني‬ ‫اليقظة من غري كيف مو انحصار؟ فأثبتها ابن عباس‪ ،‬ومنكرهتا عائشة‬

‫ضي اهلل عنها‬

‫وقيل رآه بقلبه‪ ،‬وقيل التوقف‪ ،‬فهذه مقوال مربعة‪ ،‬الراجح منها منه رآه بعني‬ ‫اليقظة عن ابن عباس ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل‪ :‬رميت ريب تبارك وتعاىل‬ ‫وقال مبو احلسني عيل بن إسامعيل األشعري ومجاعة من مصحابه إنه رمى اهلل تعاىل‬ ‫ببرصه وعيني رمسه وقال‪ :‬كل آية موتيها نبي من األنبياء فقد مويت نبينا حممد‪‬مثلها‬ ‫‪7‬‬


‫وخص بينهم بتفضيل الرؤية ويف تفسري عبد الرزاق عن معمر عن الزهري وذكر‬ ‫إنكار عائشةرضي هللا عنها منه ‪ ‬رآه فقال الزهري‪ :‬ليست بأعلم عندنا من ابن عباس‬ ‫وقال مبو هريرة يف هذه املسألة كقول ابن عباس منه رآه‬ ‫والقاعدة تقول‪ :‬إذا اختلفت الصحابة يقدم املثبت عىل النايف ‪ ،‬والسيدة عائشة مل‬ ‫تقل "قال رسول اهلل" بل قالت ما فهمته من اآلية‬ ‫‪ ‬تسرية وابتهاج الرسول‪ :‬لقد وقع اإلرساء واملعراج بعد عام احلزن‪ ،‬حيث‬ ‫توفيت زوجته‪ ‬السيدة خدجية رضي اهلل عنها خري النساء‪ ،‬وكذلك عمه مبو طالب‬ ‫وتعرضه‪ ‬للشدائد عندما ذهب رسول اهلل‪ ‬يدعو إىل الطائف‪ ،‬فكل هذه‬ ‫ممور جعلته حيتاج إىل منحة ربانية‪ ،‬فكانت اإلرساء واملعراج الذي ظهرت فيها‬ ‫قوة رسول اهلل‪ ‬وشجاعته عندما قص عىل الناس ما حدث يف الرحلة‪ ،‬ومل يبال‬ ‫بمن ينكر مو يكذب‪ ،‬ومول من صدق هبا مبو بكر‪ ‬فسمي صديقا‬ ‫وإىل هنا نرتككم تستمتعون برحلة اإلرساء واملعراج مع شيخ العالمة نجم الدين‬ ‫الغيطي والشيخ ابن نارص الدين الدمشقي ر يض اهلل تعاىل عنهام‬ ‫قدمه‪:‬‬ ‫الدكتور هشام الكامل حامد موسى الشافعي األزهري‬ ‫إمام بجامع الظاهر بيربس واملدرس بجامع األزهر الرشيف‬

‫‪8‬‬


‫اج ‪ِ ‬‬ ‫صة ال ِم ْع َر‬ ‫‪ ‬قِ َّ‬ ‫ِ‬ ‫المسماة‪ِ:‬االبتهاجِبالكالمِعلىِاإلسراءِوالمعراج ِ‬ ‫تأليف‪ِ:‬شيخِاإلسالمِنجمِالدينِالغيطيِ(ت‪ِ389:‬هـ) ِ‬

‫‪ ‬ترجمة مختصرة عن المؤلف ‪‬‬ ‫اسمه‪ :‬حممد بن ممحد بن عيل بن ميب بكر اإلسكندري املرصي الشافعي‪ ،‬وقد‬ ‫نسب إىل حمل سكنه حيث سكن بغيطة العدة بمرص‬ ‫مولده‪ :‬ولد يف موائل القرن العارش‬ ‫نشأته‪ :‬نشأ نشأة علمية مباركة فقد قرم البخاري كامال عىل شيخ اإلسالم زكريا‬ ‫األنصاري ‪ :‬وكذلك باقي املرويات عىل علامء عرصه وقرم رشح املنهاج للمحيل‪،‬‬ ‫ومذن له باإلفتاء والتدريس‬ ‫وكان ريض اهلل عنه حمدث مرص وعاملها الشهري‬ ‫من مشايخه‪:‬‬ ‫‪ 1‬القايض زكريا األنصاري‬ ‫من طالبه‪:‬‬ ‫‪ 1‬عبد الوهاب بن حممد الزقاق‬

‫‪ 2‬الرشف عبد احلق بن حممد السنباطي‬ ‫‪ 2‬حممد بن عبد الرمحن بن جالل التلمساين‬

‫من مصنفاته‪:‬‬ ‫‪ 1‬هبجة السامعني والناظرين بمولد سيد األولني واآلخرين‬ ‫‪ 2‬االبتهاج بالكالم عن اإلرساء واملعراج‬ ‫وفاته‪ :‬تويف ريض اهلل عنه سنة ‪ 383‬هـ‬ ‫‪3‬‬


‫بِ ْس ِم اهللِ الر ْمح ِن الر ِح ْي ِم‬ ‫احلج ِر(‪ِ )2‬عنْد البي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت م ْضط ِجعا ب ْني رجل ْني متاه ِج ْ ِرب ْيل و ِم ْيك ِائ ْيل‬ ‫ْ‬ ‫ب ْينام(‪ )1‬النبِ ُّي ‪ِ ‬يف ْ‬ ‫ومعهام ملك(‪ )3‬آخر فاحتملوه حتى جاءوا بِ ِ‬ ‫است ْلق ْوه عىل ظ ْه ِر ِه فتواله ِمنْه ْم‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ز‬ ‫م‬ ‫ز‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِج ْ ِرب ْيل‪ ، ‬و ِيف ِرواي ٍة ف ِرج(‪ )4‬س ْقف ب ْيتِي فنزل ِج ْ ِرب ْيل‪ ‬فشق ِم ْن ث ْغر ِة‬ ‫ت(‪ِ )6‬من م ِ‬ ‫نح ِره(‪)5‬إِىل مسف ِل ب ْطنِ ِه ثم قال ِج ِربيل ملِيك ِائيل‪ :‬ائْتِنِي بِطس ٍ‬ ‫اء ز ْمزم ك ْيام‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫مطهر ق ْلبه وم ْرشح ص ْدره‪ ،‬فاست ْخرج ق ْلبه فغسله ثالث مر ٍ‬ ‫ات ونزع ما كان بِ ِه ِم ْن‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫اء زمزم ثم متى بِطس ٍ‬ ‫ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫مذى(‪ )7‬و ْ‬ ‫ت ِم ْن‬ ‫ْ‬ ‫اختلف إِل ْيه م ْيكائ ْيل‪ ‬بِثالث طسات م ْن م ْ‬ ‫ذه ٍ‬ ‫ب ُمْتلِ ٍئ ِحكْمة وإِ ْيامنا فأ ْفرغه ِ ْيف ص ْد ِر ِه ومَله ِح ْلام و ِع ْلام وي ِق ْينا وإِ ْسالما ثم‬

‫م ْطبقه ثم ختم ب ْني كتِف ْي ِه بِخات ِم النُّبو ِة ثم متى الرباق مرسجا م ْلجاموهو دا ُّبة م ْبي ُ‬ ‫ط ِويل فوق ِ‬ ‫احلام ِر ود ْون الب ْغ ِل يضع حافِره ِعنْد منْتهى ط ْرفِ ِه م ْضط ِرب األذن ْ ِ‬ ‫ني‪ ،‬إِذا‬ ‫ْ ْ‬ ‫خذي ِ‬ ‫ان ِيف ف ِ‬ ‫متى عىل جب ٍل ارتفع ْت ِرجاله وإِذا هبط ارتفع ْت يداه له جناح ِ‬ ‫حي ِفز ِ ِ​ِها‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫ِ‬ ‫است ْصعب عل ْي ِه فوضع ِج ْ ِرب ْيل يده عىل م ْع ِرفتِ ِه ثم قال مال ت ْست ْح ِيي يا براق؟‬ ‫ِر ْجل ْيه ف ْ‬ ‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬ ‫(‪)1‬‬

‫بينام ظرف زمان والقائل هنا الصحايب ويف رواية بيننا فالقائل هو الرسول‪‬‬

‫(‪ )2‬املكان الذي حتت ميزراب الكعبة والذي يشكله نصف دائرة مفتوحة من اجلانبني‬ ‫(‪ )3‬قيل‪ :‬هو إرسافيل‬

‫(‪)4‬‬

‫بالنباء للمفعول مي فتح والقائل هو الرسول ‪‬‬

‫( ‪ )5‬املنخسف فوق الصدر املالصق للنحر املسامة باللبة التي هي حمل النحر مي الذكاة من اإلبل‬ ‫(‪ )6‬إناء كبري مستدير من نحاس مو نحوه يغسل فيه‬ ‫(‪ )7‬وهي العلقة السوداء الذي هو حظ الشيطان‬

‫‪11‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫است ْحيا حتى ْارف ُ عرقا وقر حتى ر ِكبها‪،‬‬ ‫فو اهللِ ما ركبك خ ْلق مكْرم عىل اهلل منْه! ف ْ‬ ‫وكان ِ‬ ‫ت األ ْنبِياء ت ْركبه ق ْبله‬ ‫اهيم التِي كان يركب عليها لِ ْلبي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وقال س ِع ْيد ْبن املس ِّي ِ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ب وغ ْريه وهي دابة إِ ْبر ْ‬ ‫ْ‬ ‫احلرا ِم فا ْنطلق بِ ِه ِج ْ ِرب ْيل وهو ع ْن ي ِم ْين ِ ِه و ِم ْيك ِائ ْيل ع ْن يس ِ‬ ‫ار ِه و ِعنْد ا ْب ِن س ْع ٍد ‪ :‬وكان‬ ‫ِ‬ ‫اآلخذ بِ ِركابِ ِه ِج ْ ِرب ْيل وبِ ِزما ِم(‪ )1‬الرب ِاق ِم ْيك ِائ ْيل فسار ْوا حتى بلغ ْوا م ْرضا ذات ن ْخ ٍل‬ ‫فقال له ِج ْ ِرب ْيل ‪ :‬ا ْن ِز ْل فص ِّل ههنا ففعل ثم ركِب فقال له ِج ْ ِرب ْيل مت ْد ِر ْي م ْين صل ْيت؟‬ ‫فقال‪ :‬ال ‪ ،‬قال ‪ :‬صل ْيت بِط ْيبة وإِل ْيها املهاجرة‬ ‫فا ْنطلق الرباق َْي ِوي(‪ )2‬بِ ِه يضع حافِره ح ْيث م ْدرك ط ْرفه‪ ،‬فقال له ِج ْ ِرب ْيل‪ :‬اِ ْن ِز ْل‬ ‫فص ِّل ههنا ‪ ،‬ففعل ثم ركِب فقال له ِج ْ ِرب ْيل مت ْد ِر ْي م ْين صل ْيت ؟ قال ‪ :‬ال‪ ،‬قال ‪:‬‬ ‫صل ْيت بِم ْدين ِعنْد شجر ِة م ْوسى‬ ‫فا ْنطلق الرباق َْي ِو ْي بِ ِه ثم قال ِج ْ ِرب ْيل‪ :‬اِ ْن ِز ْل فص ِّل ‪ ،‬ففعل ثم ركِب فقال له ِج ْ ِرب ْيل‪:‬‬ ‫مت ْد ِر ْي م ْين صل ْيت ؟ قال‪:‬ال‪ ،‬قال‪ :‬صل ْيت بِط ْو ِر ِس ْيناء ح ْيث كلم اهلل م ْوسى‬

‫ت له قص ْور الشا ِم فقال له ِج ْ ِرب ْيل ‪ :‬اِ ْن ِز ْل فص ِّل ففعل ثم ركِب‬ ‫ثم بلغ م ْرضا فبد ْ‬ ‫فا ْنطلق الرباق َي ِوي بِ ِه قال ‪ :‬مت ْد ِري مين صليت ؟ قال ‪ :‬ال‪ ،‬قال ‪ :‬صليت بِبي ِ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫حل ٍم(‪ )3‬ح ْيث ولِد ِع ْيسى ابن م ْريم‬ ‫( ‪ )1‬الركاب‪ :‬ما توضع فيه الرجل الزمام‪ :‬اخليط الذي يشد يف الربة مو يف اخلشاش ثم يشد إىل طرف املقود‬ ‫(‪َ )2‬يوي‪ :‬يسري سريا حثيثا قويا كاهلوى‬ ‫(‪ )3‬اسم قرية تلقاء بيت املقدس‬ ‫‪11‬‬


‫وب ْينام هو ي ِس ْري عىل الرب ِاق إِ ْذ رمى ِع ْف ِر ْيتا ِمن ِ‬ ‫اجل ِّن ي ْطلبه بِش ْعل ٍة ِم ْن ن ٍ‬ ‫ار كلام ا ْلتفت‬ ‫رآه فقال له ِج ِربيل‪ :‬مال مع ِّلمك كلِام ٍ‬ ‫ت تق ْوهلن إِذا ق ْلتهن ط ِفئ ْت ش ْعلته وخر ل ِ ِف ْي ِه؟‬ ‫ْ ْ‬ ‫فقال رسول اهللِ‪ :‬بىل ‪،‬فقال ِج ِربيل ق ْل‪":‬معوذ بِوج ِه اهلل الك ِري ِم وبِكلِام ِ‬ ‫ت اهللِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬

‫اجر ِمن رش ما ين ِْزل ِمن السام ِء و ِ‬ ‫التام ِ‬ ‫اوزهن بر وال ف ِ‬ ‫ات التِ ْي ال جي ِ‬ ‫رش ما ي ْعرج‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض و ِم ْن رش ما خيْرج ِمنْها و ِم ْن فِت ِن الل ْي ِل والنه ِ‬ ‫رش ما ذرم ِيف األ ْر ِ‬ ‫ار و ِم ْن‬ ‫ِّ‬ ‫ف ْيها وم ْن ِّ‬ ‫ار إِال ط ِ‬ ‫طو ِار ِق(‪)4‬الل ْي ِل والنه ِ‬ ‫ارقا ي ْطرق بِخ ْ ٍري يا ر ْمحن" فا ْنكب ل ِ ِف ْي ِه(‪)5‬وط ِفئ ْت‬ ‫ش ْعلته‬ ‫حيصد ْون ِيف ي ْو ٍم‪ ،‬كلام حصد ْوا عاد كام‬ ‫فسار ْوا حتى مت ْوا عىل ق ْو ٍم ي ْزرع ْون ِ ْيف ي ْو ٍم و ْ‬ ‫كان فقال ‪ :‬يا ِج ِربيل ما هذا ؟ فقال ‪ :‬هؤال ِء املج ِ‬ ‫اهد ْون ِيف سبِ ْي ِل اهللِ تضاعف هل ْم‬ ‫ْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ ِ ِ ٍ‬ ‫يش ٍء فهو خيْلفه ‪ ،‬ووجد ِر ْحيا ط ِّيبا فقال‪ :‬يا‬ ‫احلسنة بِس ْبعامئة ض ْعف وما م ْنفق ْوا م ْن ْ‬ ‫اشطة بِن ِ‬ ‫ِج ِربيل ما ه ِذ ِه الر ِائحة ؟ قال ‪ :‬ه ِذ ِه ر ِائحة م ِ‬ ‫ْت فِ ْرع ْون وم ْو ِالدها ‪ ،‬ب ْينام ِهي‬ ‫ْ ْ‬

‫َت ِشط بِنْت فِرعون إِ ْذ سقط امل ْشط‪ ،‬فقال ْت‪ :‬بِس ِم اهللِ ت ِعس(‪ )6‬فِرعون‪ ،‬فقال ِ‬ ‫ت ا ْبنة‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يب؟ قال ْت‪ :‬نع ْم‪،‬‬ ‫ف ْرع ْون‪ :‬مولك ر ٌّب غ ْري م ِيب؟ فقال ْت‪ :‬نع ْم ‪ ،‬قال ْت ‪ :‬مفأ ْخ ِرب بِذلك م ِ ْ‬ ‫فأ ْخرب ْته فدعاها‪ ،‬فقال‪ :‬مول ِك ر ٌّب غ ْ ِري ْي؟ قال ْت نع ْم ر ِّيب ور ُّبك اهلل‪ ،‬وكان ل ِ ْلم ْرم ِة‬ ‫ابن ِ‬ ‫ان وز ْوج فأ ْرسل إِل ْي ِه ْم فراود امل ْرمة وز ْوجها م ْن ي ْر ِجعا ع ْن ِد ْين ِ ِهام فأبيا‪ ،‬فقال‪ :‬إِ ِّين‬ ‫ْ‬

‫(‪ )4‬حوادث‬ ‫(‪ )5‬هلك‬ ‫( ‪ )6‬خاب وخرس‬ ‫‪12‬‬


‫تو ِ‬ ‫َتعلنا ِيف بي ٍ‬ ‫اح ٍد(‪ )7‬فت ْدفننا فِ ْي ِه مجِ ْيعا‪،‬‬ ‫قاتِلكام‪ ،‬قال ْت‪ :‬إِ ْحسانا ِمنْك إِ ْلينا إِ ْن قت ْلتنا م ْن ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫قال ‪ :‬ذ ِ‬ ‫اك ل ِك بِامل ِك عل ْينا ِمن احل ِّق‪ ،‬فأمر بِبقر ٍة ِم ْن نح ٍ‬ ‫اس فأ ْمحِي ْت ثم ممر ِهبا‬ ‫احدا و ِ‬ ‫لِت ْلقى ِفيها ِهي وموالدها فأ ْلقوا و ِ‬ ‫احدا حتى بلغ ْوا م ْصغر ر ِض ْي ٍع فِ ْي ِه ْم فقال‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫يا ممه ق ِعي وال تتقاع ِ‬ ‫س(‪)8‬فإِن ِك عىل احل ِّق‪ ،‬فأ ْل ِقي ْت ِهي وم ْوالدها قال‪ :‬وتكلم ِ ْيف‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫اهد يوس ‪ ،‬وص ِ‬ ‫امله ِد مربعة وهم ِصغار‪ :‬هذا وش ِ‬ ‫احب جر ْي ٍج و ِع ْيسى ا ْبن م ْريم‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ت كام كان ْت وال ي ْفرت عنْه ْم‬ ‫ثم متى عىل ق ْو ٍم ت ْرضخ(‪ )3‬رؤ ْوسه ْم كلام ر ِضخ ْت عاد ْ‬ ‫ِمن ذل ِ‬ ‫يشء فقال‪ :‬يا ِج ْ ِرب ْيل ‪ :‬م ْن هؤال ِء ؟ قال ‪ :‬هؤ ِالء ال ِذ ْين تتثاقل رؤ ْوسه ْم‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ع ِن الصال ِة املكْتوب ِة ‪ ،‬ثم متى عىل قو ٍم عىل م ْقب ِ‬ ‫اهل ْم ِرقاع(‪ )11‬وعىل م ْدب ِ‬ ‫ار ِه ْم ِرقاع‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫يرسح ْون كام ت ْرسح ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرض ْيع والز ُّق ْوم ور ْضف جهنم‬ ‫اإلبِل والغنم وي ْأكل ْون‬ ‫و ِحجارهتا فقال ‪ :‬من هؤال ِء يا ِج ِربيل ؟ قال ‪ :‬هؤ ِالء ال ِذين ال يؤدون صدق ِ‬ ‫ات‬ ‫ُّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ممو ِ‬ ‫اهل ْم وما ظلمهم اهلل ش ْيئا‬ ‫ْ‬ ‫ثم متى عىل ق ْو ٍم ب ْني م ْي ِد َْيِ ْم حلْم ن ِض ْيج ِ ْيف قد ْو ٍر وحلم آخر نِ ْيئ خبِ ْيث فجعلوا ي ْأكل ْون‬ ‫( ‪)11‬‬

‫ِمن النِّي ِء اخلبِي ِ‬ ‫ث ويضع ْون الن ِض ْيج الط ِّيب‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫(‪ )7‬مي قرب واحد‬ ‫(‪ )8‬تتأخري‬ ‫(‪ )3‬تكرس وتدق باحلجارة وغريها‬ ‫(‪ )11‬مجع رقعة مي بقدر سرت الدبر مو القبل‬ ‫‪ )11‬رضيع‪ :‬الشجر الشائك ال يطيق الدواب مكله خلشنه والزقوم‪ :‬نبت شديد املرارة وقيل ثمر شجر ال يوجد يف‬ ‫الدنيا وإنام هو من شجر النار مجر جهنم املحامة‬ ‫‪13‬‬


‫فقال ‪ :‬ما هذا يا ِج ْ ِرب ْيل ؟ قال‪ :‬هذا الرجل ِم ْن ممتِك تك ْون ِعنْده امل ْرمة احلالل الط ِّيبة‬ ‫في ْأ ِيت ا ْمرمة خبِ ْيثة فيبِ ْيت ِعنْدها حتى ي ْصبِح وامل ْرمة تق ْوم ِم ْن ِعن ِْد ز ْو ِجها حالال ط ِّيبا‬ ‫فت ْأ ِيت رجال خبِ ْيثا فتبِ ْيت معه حتى ت ْصبِح‬

‫ثم متى عىل خشب ٍة عىل الط ِر ْي ِ‬ ‫ِ‬ ‫يشء إِال خرق ْته فقال‪ :‬ما هذا يا‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ث‬ ‫ا‬ ‫هب‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ِج ْ ِرب ْيل ؟ قال ‪ :‬هذا مثل م ْقوا ٍم ِم ْن ممتِك ي ْقعد ْون عىل الط ِر ْي ِق في ْقطع ْونه وتال ‪‬وال‬ ‫تقعدو ْا بِك ِّل ِرصاط ت ِ‬ ‫وعدون وتص ُّدون عن سبِ ِ‬ ‫يل اهللِ‪ ‬ورمى رجال ي ْسبح ِيف هن ْ ٍر ِم ْن‬ ‫د ٍم ي ْلقم(‪ِ )12‬‬ ‫احلجارة فقال ‪ :‬ما هذا يا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الربا‬ ‫ْل‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫؟‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫رب‬ ‫ج‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ثم متى عىل رج ٍل ق ْد مجع ح ْزمة حط ٍ‬ ‫محلها وهو ي ِز ْيد عل ْيها؟ فقال‪ :‬ما‬ ‫ب ال ي ْستطِ ْيع ْ‬ ‫هذا يا ِج ْ ِرب ْيل ؟ قال ‪ :‬هذا الرجل ِم ْن ممتِك تك ْون ِعنْده ممانات الن ِ‬ ‫اس ال ي ْق ِدر عىل‬ ‫مد ِائها وي ِر ْيد م ْن يتحمل عل ْيها‬

‫ومتى عىل ق ْو ٍم ت ْقرض م ْل ِسنته ْم و ِشفاهه ْم بِمق ِ‬ ‫ار ْي ُ(‪ِ )13‬م ْن ح ِد ْي ٍد كلام ق ِرض ْت‬ ‫ت كام كان ْت ال ي ْفرت عنْه ْم فقال ‪ :‬م ْن هؤ ِالء يا ِج ْ ِرب ْيل ؟ قال ‪ :‬هؤ ِالء خطباء‬ ‫عاد ْ‬ ‫ِ‬ ‫الف ْتن ِة خطباء ممتك يق ْول ْون ماال ي ْفعل ْون‬ ‫ومر بِق ْو ٍم هل ْم م ْظفار ِم ْن نح ٍ‬ ‫اس خيْمش ْون(‪ِ )14‬هبا وج ْوهه ْم وصد ْوره ْم فقال‪ :‬م ْن‬ ‫اس ويقعون ِيف م ْعر ِ‬ ‫هؤال ِء يا ِج ْ ِرب ْيل ؟ قال هؤال ِء ال ِذ ْين ي ْأكل ْون حل ْوم الن ِ‬ ‫اض ِه ْم؟‬ ‫ْ‬ ‫(‪ )12‬يرمى باحلجارة يف فيه فيلتقمها به ويبلعها‬ ‫(‪ )13‬املقص املعروف‬ ‫(‪ )14‬خيدشون وخيرجون‬ ‫‪14‬‬


‫ومتى عىل حج ٍر(‪ )15‬ص ِغ ْ ٍري خيْرج ِمنْه ث ْور عظِ ْيم فجعل الث ْور ي ِر ْيد م ْن ي ْر ِجع ِم ْن‬ ‫ح ْيث خرج فال ي ْستطِ ْيع فقال ‪ :‬ما هذا يا ِج ْرب ْيل ؟ قال ‪ :‬هذا الرجل ِم ْن ممتِك‬ ‫يتكلم بِالك ِلم ِة العظِ ْيم ِة ثم ينْدم عل ْيها فال ي ْستطِ ْيع م ْن يردها‬ ‫وب ْينام هو ي ِس ْري إِ ْذ دعاه دا ٍع ع ْن ي ِم ْين ِ ِه يا حممد ! ا ْنظ ْر ِين م ْسألك فل ْم جيِ ْبه فقال ‪ :‬ما‬ ‫هذا يا ِج ِربيل ؟ قال ‪ :‬هذا د ِ‬ ‫ت ممتك‬ ‫اعي اليه ْو ِد مما إِنك ل ْو مج ْبته لتهود ْ‬ ‫ْ ْ‬

‫فب ْينام هو ي ِس ْري إِ ْذ دعاه دا ٍع ع ْن ِشامل ِ ِه يا حممد! ا ْنظ ْر ِين م ْسألك فل ْم ِ‬ ‫جي ْبه فقال ‪:‬‬ ‫ما هذا يا ِج ِربيل ؟ قال ‪ :‬هذا د ِ‬ ‫ت ممتك‬ ‫اعي النصارى مما إِنك ل ْو مج ْبته لتنرص ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫وبينام هو ي ِسري إِ ْذ هو بِامرم ٍة ح ِ‬ ‫ارس ٍة(‪ )16‬ع ٍن ِذراع ْيها وعل ْيها ِم ْن ك ِّل ِزين ٍة خلقها‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫اهللِ تعاىل فقال ْت ‪ :‬يا حممد ا ْنظ ْر ِين م ْسألك فل ْم ي ْلت ِف ْت إِل ْيها ‪ ،‬فقال م ْن ه ِذ ِه يا ِج ْ ِرب ْيل؟‬ ‫الد ْنيا عىل ِ‬ ‫اآلخر ِة‬ ‫ت ممتك ُّ‬ ‫قال ‪ :‬تِ ْلك ُّ‬ ‫الد ْنيا مما إِنك ل ْو مج ْبتها ال ْختار ْ‬ ‫وب ْينام هو ي ِس ْري إِ ْذ هو بِش ْي ٍخ ي ْدع ْوه متن ِّحيا يق ْول ‪ :‬هلم يا حممد! فقال ِج ْ ِرب ْيل‪‬‬

‫ب ْل ِ‬ ‫رس يا حممد ‪ ،‬فقال ‪ :‬م ْن هذا يا ِج ْ ِرب ْيل ؟ قال ‪ :‬هذا عد ُّو اهللِ إِ ْبلِ ْيس مراد م ْن َت ِ ْيل‬ ‫ْ‬ ‫إِل ْي ِه وسار فإِذا هو بِعج ْو ٍز عىل جانِ ِ‬ ‫ب الط ِر ْي ِق فقال ْت ‪ :‬يا حممد! ا ْنظ ْر ِين م ْسألك‪ ،‬فل ْم‬ ‫الد ْنيا إِال ما ب ِقي‬ ‫ي ْلت ِف ْت إِل ْيها فقال ‪ :‬م ْن ه ِذ ِه يا ِج ْ ِرب ْيل ؟ قال ‪ :‬إِنه مل ْ ي ْبق ِم ْن ع ْم ِر ُّ‬ ‫ِم ْن ع ْم ِر ه ِذ ِه العج ْو ِز‬

‫( ‪ )15‬ويف نسخة جحر ومعناه الثقب املستدير‬ ‫( ‪ )16‬كاشفة عن ذراعيها‬ ‫‪15‬‬


‫وسار حتى متى م ِدينة بي ِ‬ ‫ت امل ْق ِد ِ‬ ‫س ودخلها ِم ْن ب ِاهبا اليام ِ ِّين ثم نزل ع ِن الرب ِاق‬ ‫ْ ْ‬ ‫وربطه بِب ِ‬ ‫اب امل ْس ِج ِد بِاحل ْلق ِة التِي كان ْت ت ْربطه بِ ِه األ ْنبِ ِياء عل ْي ِهم الصالة والسالم ‪،‬‬ ‫و ِيف ِرواي ٍة من ِج ْ ِرب ْيل ‪ ‬متى الص ْخرة فوقع م ْصبعه فِ ْيها فخرقها وشد ِهبا الرباق‬

‫ودخل امل ْس ِجد ِم ْن ب ٍ‬ ‫اب َت ِ ْيل فِ ْي ِه الش ْمس إِىل القم ِر ثم صىل هو و ِج ْ ِرب ْيل ‪ ‬ك ُّل‬ ‫ِ‬ ‫و ِ‬ ‫اح ٍد ركْعت ْ ِ‬ ‫اجتمع ناس كثِ ْري فعرف النبِ ُّي ‪ ‬النبِ ِّي ْني ِم ْن‬ ‫ني فل ْم ي ْلب ْث إِال يس ْريا حتى ْ‬ ‫اج ٍد ثم مذن مؤ ِّذن وم ِقيم ِ‬ ‫ني ق ِائ ٍم وراكِ ٍع وس ِ‬ ‫بْ ِ‬ ‫ت الصالة فقام ْوا صف ْوفا ينْتظِر ْون م ْن‬ ‫ْ‬

‫يؤ ُّمه ْم فأخذ ِج ْ ِرب ْيل بِي ِد ِه صىل اهلل عل ْي ِه وسلم فقدمه فصىل ِهبِ ْم ركعت ْ ِ‬ ‫ني‬ ‫وع ْن ك ْع ٍ‬ ‫ب ‪ :‬فأ ّذن ِج ْ ِرب ْيل املال ِئكة فنزل ْت ِمن السام ِء‪ ،‬وحرش اهلل له مجِ ْيع‬ ‫امل ْرس ِل ْني واأل ْنبِياء فصىل النبِ ُّي ‪ ‬بِاملال ِئك ِة وامل ْرسلِ ْني فلام ا ْنرصف قال ِج ْ ِرب ْيل‪:‬‬ ‫يا حممد مت ْد ِري م ْن صىل خ ْلفك؟ قال ‪ :‬ال ‪ ،‬قال ‪ :‬ك ُّل نبِ ٍّي بعثه اهلل تعاىل ثم م ْثنى ك ُّل‬ ‫( ‪)17‬‬

‫اء عىل رب ِه بِثن ٍ‬ ‫نبِي ِمن األ ْنبِي ِ‬ ‫اء مجِ ْي ٍل ‪ :‬فقال النبِ ُّي‪ : ‬ك ُّلك ْم م ْثنى عىل ر ِّب ِه ومنا م ْث ٍن عىل‬ ‫ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ر ِّيب ‪ ،‬ثم رشع يقول ‪ " :‬احل ْمد هللِ ال ِذي م ْرسلنِي ر ْمحة ل ِ ْلعاملِ ْني وكافة لِلن ِ‬ ‫اس ب ِش ْريا‬ ‫ون ِذيرا وم ْنزل عيل القرآن فِي ِه تِبيان ل ِ‬ ‫يش ٍء ‪ ،‬وجعل ممتِى خ ْري مم ٍة م ْخ ِرج ْت لِلن ِ‬ ‫ِّ‬ ‫اس‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وجعل ممتِى وسطا وجعل ممتِي هم األولون و ِ‬ ‫اآلخر ْون‪ ،‬ورشح ِيل ص ْد ِر ْي ووضع‬ ‫ْ‬

‫( ‪ )17‬مي قبل عروجه عىل املعتمد الراجح ‪ ،‬قال نجم الدين الغيطي‪ :‬تظافرت الروايات منه ‪ ‬صىل باألنبياء يف بيت‬ ‫املقدس يف البيت املقدس قبل عروجه وهو محد احتاملني للقايض عياض ‪ ،‬وقال احلافظ ابن حجر ‪ :‬إنه األظهر‬ ‫واالحتامل الثاين منه صىل هبم بعد من هبط من السامء فهبطوا ميضا وصححه احلافظ ابن كثري وقال بعضهم ‪ :‬وما‬ ‫املانع من منه ‪ ‬صىل هبم مرتني فإن األحاديث ذكر الصالة هبم بعد املعراج‬ ‫‪16‬‬


‫عنِّي ِو ْز ِري ورفع ِيل ِذك ِْري وجعلنِي ف ِ‬ ‫احتا خاَتا " فقال إِبر ِ‬ ‫اه ْيم عل ْي ِه الصالة‬ ‫ْ‬ ‫والسالم ِهبذا فضلك ْم حممد‬ ‫ٍ‬ ‫ومخذ النبِ ُّي ‪ِ ‬من العط ِ‬ ‫مخ ٍر‬ ‫ش مشد ما مخذه فجاءه ِج ْ ِرب ْيل عل ْي ِه السالم بِإِناء ِم ْن ْ‬ ‫وإِن ٍ‬ ‫اخرتت ِ‬ ‫ِ‬ ‫الف ْطرة(‪)18‬ول ِو ِ‬ ‫اء ِم ْن لب ٍن ف ْ‬ ‫رش ْبت اخل ْمر‬ ‫اختار اللبن فقال له ج ْ ِرب ْيل ‪ْ ْ ‬‬ ‫ت ممتك ومل ْ يتبِ ْعك ِمنْه ْم إِال الق ِل ْيل و ِيف ِرواي ٍة من اآلنِية كان ْت ثالثة و الثالِث‬ ‫لغ و ْ‬ ‫فِ ْي ِه ماء ومن ِج ْ ِرب ْيل قال له‪ :‬ل ْو ِ‬ ‫رش ْبت املاء لغ ِرق ْت ممتك‪ ،‬و ِيف ِرواي ٍة من محد اآلنِي ِة‬ ‫الثالث ِة التِي ع ِرضت علي ِه كان فِيها عسل بدل امل ِ‬ ‫اء ومنه رمى ع ْن يس ِ‬ ‫ار الص ْخر ِة‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫احل ْور الع ْني فسلم عل ْي ِهن فرد ْدن عل ْي ِه السالم وسأهلن فأج ْبنه ما ت ِق ُّر بِ ِه الع ْني‬ ‫ثم م ِيت بِاملِ ْعر ِ‬ ‫اج ال ِذ ْي ت ْعرج عل ْي ِه م ْرواح بنِي آدم فل ْم تر اخلال ِئق م ْحسن ِمنْه له ِم ْرقاة‬ ‫ب وهو ِمن جن ِة ِ‬ ‫ِم ْن فِضة و ِم ْرقاة(‪ِ )13‬م ْن ذه ٍ‬ ‫الف ْرد ْو ِ‬ ‫س منضد(‪ )21‬بِال ُّل ْؤل ِؤ ع ْن ي ِم ْين ِ ِه‬ ‫ْ‬ ‫مال ِئكة وع ْن يس ِ‬ ‫اب ِم ْن م ْب ِ‬ ‫ار ِه مال ِئكة فص ِعد هو و ِج ْ ِرب ْيل‪ ‬حتى ا ْنتهيا إِىل ب ٍ‬ ‫واب‬ ‫الد ْنيا يقال له باب احلفظ ِة وعلي ِه ملك يقال له إسام ِعيل وهو ص ِ‬ ‫احب السام ِء‬ ‫السام ِء ُّ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫الد ْنيا ي ْسكن اهلواء مل ي ْصع ْد إِىل السام ِء ق ُّط ومل َْيبِ ْط إِىل األ ْر ِ‬ ‫ض ق ُّط إِال ي ْوم مات‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫النبِ ُّي‪ ‬وب ْني يد ْي ِه س ْبع ْون م ْلف مل ٍك مع ك ِّل مل ٍك جنْد ِمن املال ِئك ِة س ْبع ْون م ْلف‬ ‫ٍ‬ ‫است ْفتح ِج ْ ِرب ْيل باب السام ِء ِق ْيل‪ :‬م ْن هذا؟ قال‪ِ :‬ج ْ ِرب ْيل ِق ْيل‪ :‬وم ْن معك؟‬ ‫ملك ف ْ‬

‫(‪ )18‬املراد هبا اإلسالم‬ ‫(‪ )13‬موضع الرقى‬ ‫( ‪ )21‬مرصع‬ ‫‪17‬‬


‫قال‪ :‬حممد ‪ِ ،‬ق ْيل وق ْد م ْر ِسل إِل ْي ِه؟‪ ،‬و ِيف ِرواي ٍة مب ِعث إِل ْي ِه؟ قال‪ :‬نع ْم‪ِ ،‬ق ْيل‪ :‬م ْرحبا‬ ‫بِ ِه وم ْهال! حياه اهلل ِم ْن مخٍ و ِم ْن خلِ ْيف ٍة! فن ِ ْعم األخِ ! ونِ ْعم اخل ِل ْيف ِة! ونِ ْعم امل ِج ْي ِء‬ ‫جاء! ففتح هلام فلام خلصا فإِذا فِ ْيها آدم ‪ ‬وهو مبو الب ِ‬ ‫رش كه ْيئتِ ِه ي ْوم خلقه اهلل تعاىل‬ ‫عىل صورتِ ِه تعرض علي ِه مرواح األ ْنبِي ِ‬ ‫اء وذ ِّريتِ ِه امل ْؤ ِمن ِ ْني فيق ْول‪ :‬ر ْوح ط ِّيبة ون ْفس‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫طيبة اجعلوها ِيف ِ‬ ‫الع ِّل ِّي ْني(‪ )21‬ثم ت ْعرض عل ْي ِه م ْرواح ذ ِّريتِ ِه الك ّف ِ‬ ‫ار فيق ْول‪ :‬ر ْوح خبِ ْيثة‬ ‫ِّ ْ ْ‬ ‫اجعل ْوها ِيف ِس ِّج ْني(‪ ،)22‬ورمى ع ْن ي ِم ْين ِ ِه م ْس ِودة وبابا خيْرج ِمنْه ِر ْيح ط ِّيبة‬ ‫ون ْفس خبِ ْيثة ْ‬ ‫وع ْن ِشامل ِ ِه م ْس ِودة وبابا خيْرج ِمنْه ِر ْيح خبِ ْيثة منْتِنة فإِذا نظر ِقبل ي ِم ْين ِ ِه ض ِحك‬ ‫است ْبرش وإذا نظر ِقبل ِشامل ِ ِه ح ِزن وبكى فسلم عل ْي ِه النبِ ُّي ‪ ‬فرد عل ْي ِه السالم ثم‬ ‫و ْ‬ ‫قال‪ :‬مرحبا بِ ِ‬ ‫اال ْب ِن الصال ِ ِح والنبِ ِّي الصالِ ِح‪ ،‬فقال النبِ ُّي ‪ :‬م ْن هذا يا ِج ْ ِرب ْيل؟ قال‬ ‫ْ‬ ‫هذا مبوك آدم وه ِذ ِه األ ْس ِودة نسم بنِ ْي ِه فأ ْهل الي ِم ْ ِ‬ ‫ني ِمنْه ْم م ْهل اجلن ِة وم ْهل ِّ‬ ‫الشام ِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِمنْه ْم م ْهل الن ِ‬ ‫است ْبرش وإِذا نظر ِقبل ِشامل ِ ِه بكى‬ ‫ار فإِذا نظر قبل يم ْينه ضحك و ْ‬ ‫وح ِزن‪ ،‬وهذا الباب ال ِذي ع ْن ي ِم ْين ِ ِه باب اجلن ِة إِذا نظر م ْن ي ْدخله ِم ْن ذ ِّريتِ ِه ض ِحك‬ ‫است ْبرش والباب ال ِذ ْي ع ْن ِشامل ِ ِه باب جهنم إِذا نظر م ْن ي ْدخله ِم ْن ذ ِّريتِ ِه بكى‬ ‫و ْ‬

‫وح ِزن‬ ‫ِ‬ ‫الزناة وغ ْريه ْم عىل حال ٍة شنِ ْيع ٍة‬ ‫الربا وم ْموال اليتامى و ُّ‬ ‫ثم مَض هن ْيهة فوجد آكيل ِّ‬ ‫بِن ْح ِو ما تقدم وم ْشنع‬ ‫(‪ )21‬اسم ألعىل مكان يف اجلنة‬ ‫(‪ )22‬السجني ‪ :‬اسم ألسفل جهنم‬ ‫‪18‬‬


‫ِ ِ ِ‬ ‫است ْفتح ِج ْ ِرب ْيل ِق ْيل‪ :‬م ْن هذا؟ قال‪ِ :‬ج ْ ِرب ْيل ِق ْيل‪ :‬وم ْن‬ ‫ثم صعدا إِىل السامء الثانية ف ْ‬ ‫معك؟ قال ‪ :‬حممد ‪ِ ، ‬ق ْيل موق ْد م ْر ِسل إِل ْي ِه‪ ،‬قال ‪ :‬نع ْم ‪ِ ،‬ق ْيل‪ :‬م ْرحبا بِ ِه! وم ْهال‬ ‫حياه اهلل ِم ْن مخٍ و ِم ْن خ ِل ْيف ٍة ! فن ِ ْعم األخ ! ونِ ْعم اخل ِل ْيفة ! ونِ ْعم امل ِج ْيء جاء! ففتِح‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫حييى ْب ِن زك ِريا شبِ ْيه محدِها‬ ‫هلام فلام خلصا إِ ْذ هو بِا ْبني اخلالة ع ْيسى ْب ِن م ْريم و ْ‬ ‫بِص ِ‬ ‫احبِ ِه بِثِي ِاهبِام وش ْع ِر ِ​ِها ومعهام نفر ِم ْن ق ْو ِم ِهام وإِذا ِع ْيسى‪ ‬ج ْعد ي ِم ْيل إِىل‬ ‫احل ْمر ِة والبي ِ‬ ‫س كأنام خرج ِم ْن ِد ْيام ٍ‬ ‫اض سبِط الر ْم ِ‬ ‫س م ْي محا ٍم شبهه بِع ْرو ِة ْب ْن م ْسع ْو ٍد‬ ‫الثق ِف ِّي‪ ،‬فسلم عل ْي ِهام النبِ ُّي ‪ ‬فر ُّد ْوا عل ْي ِه السالم ثم قاال‪ :‬م ْرحبا بِاألخِ الصالِحِ‬ ‫والنبِ ِّي الصال ِ ِح ودعوا له بِخ ْ ٍري‬ ‫ثم صعدا إِىل السام ِء الثالِث ِ‬ ‫است ْفتح ِج ْ ِرب ْيل ِق ْيل ‪ :‬م ْن هذا ؟ قال ‪ِ :‬ج ْ ِرب ْيل ِق ْيل‪:‬‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫ْ‬ ‫وم ْن معك ؟ قال ‪ :‬حممد ‪ِ ، ‬ق ْيل موق ْد م ْر ِسل إِل ْي ِه ‪ ،‬قال ‪ :‬نع ْم ‪ِ ،‬ق ْيل‪ :‬م ْرحبا بِ ِه‬ ‫وم ْهال ! حياه اهلل ِم ْن مخٍ و ِم ْن خلِ ْيف ٍة ! فن ِ ْعم األخ ! ونِ ْعم اخل ِل ْيف ِة! ونِ ْعم امل ِج ْي ِء جاء!‬ ‫ففتِح هلام فلام خلصا إِذا هو بِي ْوسف ‪ ‬ومعه نفر ِم ْن ق ْو ِم ِه‪ ،‬فسلم عل ْي ِه فرد عل ْي ِه‬ ‫السالم ثم قال ‪ :‬م ْرحبا بِاألخِ الصال ِ ِح والنبِ ِّي الصال ِ ِح ودعا له بِخ ْ ٍري‪ ،‬وإِذا هو ق ْد‬ ‫م ْعطِي ش ْطر احل ْس ِن‪ ،‬و ِيف ِرواي ٍة م ْحسن ما خلق اهلل ق ْد فضل الناس بِاحل ْس ِن كالقم ِر‬ ‫ل ْيلة الب ْد ِر عىل س ِائ ِر الكواكِ ِ‬ ‫ب‪ ،‬قال‪ :‬م ْن هذا يا ِج ْ ِرب ْيل؟ قال‪ :‬مخ ْوك ي ْوسف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫است ْفتح ِج ْ ِرب ْيل ِق ْيل ‪ :‬م ْن هذا ؟ قال‪ِ :‬ج ْ ِرب ْيل ِق ْيل‪:‬‬ ‫ثم صعدا إِىل السامء الرابِعة ف ْ‬ ‫وم ْن معك ؟ قال ‪ :‬حممد ‪ِ ،‬ق ْيل موق ْد م ْر ِسل إِل ْي ِه‪ ،‬قال ‪ :‬نع ْم‪ِ ،‬ق ْيل‪ :‬م ْرحبا بِ ِه وم ْهال!‬ ‫حياه اهلل ِم ْن مخٍ و ِم ْن خ ِل ْيف ٍة ! فن ِ ْعم األخ ! ونِ ْعم اخللِ ْيفة! ونِ ْعم امل ِج ْي ِء جاء! ففتِح‬ ‫‪13‬‬


‫هلام فلام خلصا إِ ْذ هو بِإِ ْد ِر ْيس عل ْي ِه السالم ق ْد رفعه اهلل مكانا ع ِل ًّيا فسلم عل ْي ِه فرد‬ ‫عل ْي ِه السالم ثم قال‪ :‬م ْرحبا بِاألخِ الصالِ ِح والنبِ ِّي الصال ِ ِح ثم دعا له بِخ ْ ٍري‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫است ْفتح ِج ْ ِرب ْيل ِق ْيل‪ :‬م ْن هذا ؟ قال ‪ِ :‬ج ْ ِرب ْيل ِق ْيل‪:‬‬ ‫ثم صعدا إِىل السامء اخلامسة ف ْ‬ ‫وم ْن معك؟ قال‪ :‬حممد ‪ِ ،‬ق ْيل موق ْد م ْر ِسل إِل ْي ِه‪ ،‬قال‪ :‬نع ْم‪ِ ،‬ق ْيل‪ :‬م ْرحبا بِ ِه وم ْهال!‬ ‫حياه اهلل ِم ْن مخٍ و ِم ْن خ ِل ْيف ٍة! فن ِ ْعم األخ! ونِ ْعم اخللِ ْيفة! ونِ ْعم امل ِج ْيء جاء! ففتِح‬ ‫هلام فلام خلصا فإِذا هو ِهبار ْون‪ ‬ونِ ْصف ِحلْيتِ ِه ب ْيضاء ونِ ْصفها س ْوداء تكاد ت ْ ِ‬ ‫رضبه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫ص عل ْي ِه ْم فسلم عل ْي ِه فرد‬ ‫إِىل رسته م ْن ط ْوهلا وح ْوله ق ْوم م ْن بني إِ ْرسائ ْيل وهو يق ُّ‬ ‫عل ْي ِه السالم ثم قال‪ :‬م ْرحبا بِاألخِ الصال ِ ِح والنبِ ِّي الصالِ ِح ثم دعا له بِخ ْ ٍري فقال‪:‬‬ ‫م ْن هذا يا ِج ْ ِرب ْيل؟ قال‪ :‬هذا الرجل املحبب ِيف ق ْو ِم ِه هار ْون ْبن ِع ْمران‬ ‫ادس ِ‬ ‫ثم صعدا إِىل السام ِء الس ِ‬ ‫است ْفتح ِج ْ ِرب ْيل ِق ْيل‪ :‬م ْن هذا ؟ قال‪ِ :‬ج ْ ِرب ْيل ِق ْيل‪:‬‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫ْ‬ ‫وم ْن معك ؟ قال‪ :‬حممد ‪ِ ،‬ق ْيل موق ْد م ْر ِسل إِل ْي ِه‪ ،‬قال‪ :‬نع ْم‪ِ ،‬ق ْيل‪ :‬م ْرحبا بِ ِه وم ْهال!‬

‫حياه اهلل ِم ْن مخٍ و ِم ْن خ ِل ْيف ٍة! فن ِ ْعم األخ! ونِ ْعم اخللِ ْيفة! ونِ ْعم امل ِج ْيء جاء! ففتِح‬

‫هلام فجعل يم ُّر بِالنبِ ِّي والنبِ ِّي ْني معه ْم الر ْهط(‪ ،)23‬والنبِ ِّي والنبِ ِّي ْني معه ْم الق ْوم‪ ،‬والنبِ ِّي‬ ‫والنبِيني ليس معهم محد ثم مر بِسو ٍ‬ ‫اد(‪ )24‬عظِ ْي ٍم سد األفق‪ ،‬فقال‪ :‬م ْن هذا اجل ْمع ؟‬ ‫ِّ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِقيل ‪ :‬موسى وقومه ولكِن ارفع ر ْمسك ‪ ،‬فإِذا هو بِسو ٍ‬ ‫اد عظِ ْي ٍم ق ْد سد األفق ِم ْن ذا‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ب و ِم ْن ذا اجلانِ ِ‬ ‫اجلانِ ِ‬ ‫ب ف ِق ْيل له‪ :‬هؤ ِالء ممتك و ِسوى هؤ ِالء س ْبع ْون م ْلفا ي ْدخل ْون‬

‫(‪ )23‬مصله ما دون العرشة‬ ‫(‪ )24‬مجاعة كثرية‬ ‫‪21‬‬


‫اجلنة بِغ ْ ِري ِحس ٍ‬ ‫اب فلام خلصا فإِذا هو بِم ْوسى ْب ِن ِع ْمران ‪ ‬رجل آدم طوال‬ ‫ال شنوءة (‪ )26‬كثِري الشع ِر لو كان علي ِه ق ِميص ِ‬ ‫كأنه ِم ْن ِرج ِ‬ ‫ان لنفذ ش ْعره د ْوهنام‪ ،‬فسلم‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫عل ْي ِه النبِ ُّي ‪ ‬فرد عل ْي ِه السالم ثم قال‪ :‬م ْرحبا بِاألخِ الصال ِ ِح والنبِ ِّي الصال ِ ِح ثم دعا‬ ‫له بِخ ْ ٍري وقال‪ :‬ي ْزعم الناس م ِّين مكْرم بنِ ْي آدم عىل اهللِ ِم ْن هذا ب ْل هو مكْرم ِعىل اهللِ‬ ‫ِمنِّي ‪ ،‬فلام جاوزه النبِ ُّي ‪ ‬بكى ف ِق ْيل له‪ :‬ما ي ْبكِ ْيك؟ قال‪ :‬م ْبكِ ْي ِألن غالما ب ِعث‬ ‫ِم ْن ب ْع ِد ْي ي ْدخل اجلنة ِم ْن ممتِ ِه مكْثر ُِم ْن ي ْدخل اجلنة ِم ْن ممتِي ي ْزعم بن ْو إِ ْرسائِ ْيل م ِّين‬ ‫( ‪)25‬‬

‫مكْرم بنِي آدم عىل اهللِ وهذا رجل ِم ْن بنِي آدم خلفنِي ِيف د ْنيا ومنا ِيف م ْخرى فل ْو منه ِيف‬ ‫ن ْف ِس ِه مل مب ِ‬ ‫ال ولكِ ْن معه ممته‬ ‫ْ‬ ‫ثم صعدا إِىل السام ِء السابِع ِ‬ ‫است ْفتح ِج ْ ِرب ْيل ِق ْيل‪ :‬م ْن هذا ؟ قال‪ِ :‬ج ْ ِرب ْيل ِق ْيل‪:‬‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫ْ‬ ‫وم ْن معك؟ قال‪ :‬حممد ‪ِ ،‬ق ْيل موق ْد م ْر ِسل إِل ْي ِه‪ ،‬قال‪ :‬نع ْم ‪ِ ،‬ق ْيل‪ :‬م ْرحبا بِ ِه وم ْهال!‬ ‫حياه اهلل ِم ْن مخٍ و ِم ْن خ ِل ْيف ٍة ! فن ِ ْعم األخ ! ونِ ْعم اخللِ ْيفة ! ونِ ْعم امل ِج ْيء جاء! ففتِح‬ ‫اب اجلن ِة عىل كر ِ‬ ‫اهيم اخل ِلي ِل‪ ‬جالِس ِ‬ ‫هلام فلام خلصا فإِذا النبِي ‪ ‬بِإِبر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِس ِم ْن‬ ‫ب‬ ‫ْد‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ ٍّ‬ ‫ب مسنِد ظهره إِىل البي ِ‬ ‫ت امل ْعم ْو ِر معه نفر ِم ْن ق ْو ِم ِه فسلم عل ْي ِه النبِ ُّي ‪ ‬فرد عل ْي ِه‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ذه ٍ ْ‬ ‫السالم وقال ‪ :‬مرحبا بِ ِ‬ ‫اال ْب ِن الصال ِ ِح والنبِ ِّي الصال ِ ِح ثم قال‪ :‬م ْر ممتك ف ْلتكْثِ ْر ِم ْن‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِغر ِ‬ ‫اسعة ‪ ،‬فقال ‪ :‬وما ِغراس اجلن ِة ؟ قال ‪ :‬ال‬ ‫اس(‪ )27‬اجلنة فإِن ت ْربتها ط ِّيبة وم ْرضها و ْ‬

‫(‪ )25‬ومعناه‪ :‬مديم اللون مي بياضه يميل إىل احلمرة ‪ ،‬وطوال مي الطويل‬ ‫(‪ )26‬ومعناه‪ :‬قبيلة من اليمن شأهنم الطول واألدمة‬ ‫( ‪ )27‬ما يغرس من الشجر ونحوه‬ ‫‪21‬‬


‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ربه ْم‬ ‫ح ْول وال قوة إِال بِاهللِ الع ِّيل العظ ْي ِم ‪ ،‬و ِيف ِرواية م ْق ِر ْئ ممتك منِّي السالم وم ْخ ِ ْ‬ ‫الرتب ِة ع ْذبة امل ِ‬ ‫اء ومن ِغراسها س ْبحان اهلل واحل ْمد هللِ وال إله إِال اهلل واهلل‬ ‫من اجلنة ط ِّيبة ُّ ْ‬

‫س(‪ )28‬وقوم ِيف م ْلو ِ‬ ‫مكْرب ‪ ،‬و ِعنْده قوم جلوس بِي ُ الوجو ِه ممثال القراطِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يشء‬ ‫م‬ ‫اهن‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫فقام هؤال ِء ال ِذين ِيف م ْلو ِ‬ ‫( ‪)23‬‬ ‫ِ‬ ‫يشء فدخل ْوا هنْرا فا ْغتسل ْوا فِ ْي ِه فخرج ْوا وق ْد خلص‬ ‫م‬ ‫اهن‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫يشء ثم دخل ْوا هنْرا فا ْغتسل ْوا فِ ْي ِه فخرج ْوا وق ْد خلص ِم ْن م ْلو ِ ِ‬ ‫ِم ْن م ْلو ِ ِ‬ ‫يشء‬ ‫اهن ْم ْ‬ ‫اهن ْم ْ‬ ‫ثم دخلوا هنرا ثالِثا فا ْغتسلوا فِي ِه وق ْد خلص ْت م ْلواهنم فصارت ِم ْثل م ْلو ِ‬ ‫ان م ْصح ِاهبِ ْم‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫فجاء ْوا فجلس ْوا إِىل م ْصح ِاهبِ ْم فقال‪ :‬يا ِج ْ ِرب ْيل م ْن هؤال ِء البِ ْي ُ الوج ْوه ؟ وم ْن‬

‫هؤ ِالء ال ِذين ِيف م ْلو ِ‬ ‫ِ‬ ‫يشء ؟ وما ه ِذ ِه األ ْهنار التِي دخل ْوها فا ْغتسل ْوا فِ ْيها؟ فقال ‪:‬‬ ‫م‬ ‫هن‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫مما هؤال ِء البِ ْي ُ الوج ْوه فق ْوم مل ي ْلبِس ْوا إِ ْيامهن ْم بِظ ْل ٍم(‪ )31‬ومما هؤال ِء ال ِذ ْين ِيف م ْلو ِ ِ‬ ‫اهن ْم‬ ‫ْ‬ ‫يشء فقوم خلطوا عمال ص ِ‬ ‫احلا و آخر س ِّيئا فتأبوا فتاب اهلل عل ْي ِه ْم ‪ ،‬ومما ه ِذ ِه‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫األ ْهنار‪ :‬فأوهلا ر ْمحة اهللِ‪ ،‬والثا ِ‬ ‫ين نِ ْعمة اهللِ ‪ ،‬والثالِث سقاه ْم ر ُّهب ْم رشابا طه ْورا‪،‬‬ ‫و ِق ْيل‪ :‬هذا مكانك ومكان ممتِك وإِذا هو بِأمتِ ِه ش ْطر ْي ِن(‪ )31‬ش ْطر عل ْي ِه ْم ثِياب كأهنا‬ ‫القراطِ ْيس وش ْطر عل ْي ِه ْم ثِياب ر ْمد(‪ )32‬فدخل الب ْيت امل ْعم ْور ودخل معه ال ِذ ْين‬ ‫علي ِهم ال ِّثياب البِي ُ وح ِجب اآلخرون ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫الر ْمد وه ْم عىل خ ْ ٍري‬ ‫اب‬ ‫ي‬ ‫ث‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬

‫(‪ )28‬مجع القرطاس واملراد به‪ :‬البياض‬ ‫(‪ )23‬صفا‬ ‫(‪ )31‬بمعاص‬ ‫( ‪ )31‬نصفني‬ ‫(‪ )32‬غرب فيها كدرة كلون الرماد‬ ‫‪22‬‬


‫فصىل ومن معه ِمن امل ْؤ ِمنِني ِيف البي ِ‬ ‫ت امل ْعم ْو ِر وإِ ْذ هو ي ْدخله كل ي ْو ٍم س ْبع ْون م ْلف‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫مل ٍك ال يعودون إِلي ِه إِىل يو ِم ِ‬ ‫القيام ِة ومنه بِ ِحذ ِاء الك ْعب ِة ل ْو خر ِمنْه حجر خلر عل ْيها‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫آخر ما عل ْي ِه ْم‪ ،‬و ِيف ِرواي ٍة إِنه ع ِرض ْت عل ْي ِه اآلنِية الثالثة املتق ِّدمة فأخذ اللبن فصوب‬

‫ِج ِربيل ‪ ‬فِعله كام تقدم وقال كام ِيف ِرواي ِة ه ِذ ِه ِ‬ ‫الف ْطر ِة التِي م ْنت عل ْيها وممتك‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ثم رفِع إِىل ِس ْدر ِة املنْتهى وإِل ْيها ينْت ِه ْي ما ي ْعرج ِمن األ ْر ِ‬ ‫ض في ْقبِ ُ ِمنْها وإِل ْيها‬ ‫ينْت ِه ْي ما َْيبِط ِم ْن ف ْوق في ْقب ُ ِمنْها وإِذا ِهي شجرة(‪ )33‬خيْرج ِم ْن م ْصلِها م ْهنار ِم ْن‬ ‫م ٍ‬ ‫اء غ ِري ِ‬ ‫مخ ٍر لذ ٍة لِلش ِ‬ ‫اربِ ْني ‪ ،‬وم ْهنار‬ ‫آس ٍن(‪ ،)34‬وم ْهنار ِم ْن لب ٍن مل ْ يتغ ْري ط ْعمه وم ْهنار ِم ْن ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِم ْن عس ٍل مصفى ي ِس ْري الراكِب ِيف ظِ ِّلها س ْب ِع ْني عاما ال ي ْقطعها‪ ،‬وإِذا ن ْبقها(‪ِ )35‬م ْثل‬ ‫ان ِ‬ ‫ِقال ِل(‪ )36‬هج ٍر(‪ ،)37‬وإِذا ورقها كآذ ِ‬ ‫الف ْيل ِة(‪ )38‬تكاد الورقة تغ ِّطي ه ِذ ِه األمة‪ ،‬و ِيف ِرواي ٍة‬ ‫الورقة ِمنْها تظِ ُّل اخلال ِئق عىل ك ِّل ورق ٍة فِ ْيها ملك فغ ِشيها(‪ )33‬م ْلوان ال ي ْدرى ما ِهي‪،‬‬

‫(‪ )33‬هلا ساق مي هو مصلها اآليت وهلا فروع فوق السامء السابعة يف جوف السامء الثامنة وهو املسمى بالكرِس قاله‬ ‫القليويب‬ ‫(‪ )34‬غري متغري طعام مو لونا مو رحيا وإذا رشب منه مهله خرج عىل مجسادهم عرقا كاملسك مادام يف اجلنة‬ ‫(‪ )35‬محل السدر‬ ‫(‪ )36‬مجع قلة وهو اإلناء للعرب كاجلرة الكبرية‬ ‫(‪ )37‬قرية من قرى املدينة وهي التي تنسب إليها القالل اهلجرية وهي غري البلد الذي يف جهة البحرين‬ ‫(‪ )38‬وآذان الفيلة املراد منها مي يف الشكل ومما يف القدر فأشار إليه بقوله تكاد الورقة تغطي هذه األمة مي ممة الدعوة‬ ‫فهو بمعنى الرواية التي بعدها فاملراد باخللق ‪:‬الناس‬ ‫(‪ )33‬مي مصاهبا‬ ‫‪23‬‬


‫فلام غ ِشيها ِم ْن م ْم ِر اهللِ ما غ ِشيها تغري ْت‪ ،‬و ِيف ِرواي ٍة حتول ْت ياق ْوتا وزب ْرجدا(‪ )41‬فام‬ ‫ب وإِذا ِيف م ْصلِها م ْربعة م ْهن ٍ‬ ‫ي ْستطِ ْيع محد م ْن ينْعتها ِم ْن ح ْسنِها فِ ْيها فراش(‪ِ )41‬م ْن ذه ٍ‬ ‫ار‪:‬‬ ‫اهر ِ‬ ‫ان ‪ ،‬وهنر ِ‬ ‫ان باطِن ِ‬ ‫هنر ِ‬ ‫ان ظ ِ‬ ‫ان ‪ ،‬فقال ‪ :‬ما ه ِذ ِه األ ْهنار يا ِج ْ ِرب ْيل ؟ قال ‪ :‬مما الباطِنا ِن‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫اهر ِ‬ ‫فنهر ِ‬ ‫ان ِيف اجلن ِة(‪ ،)42‬ومما الظ ِ‬ ‫ان فالنِّ ْيل والفرات‪ ،‬و ِيف ِرواي ٍة منه رمى ِج ْ ِرب ْيل ِعنْد‬ ‫ْ‬ ‫اح ِمنْها ق ْد سد األفق يتناثر ِم ْن م ْجنِحتِ ِه الته ِ‬ ‫اح ك ُّل جن ٍ‬ ‫الس ْدر ِة وله ِس ُّت ِامئ ِة جن ٍ‬ ‫او ْي ِل‬ ‫ِّ‬ ‫الد ُّر والياق ْوت ُِما ال ي ْعلمه إِال اهلل تعاىل ثم مخذ عىل الك ْوث ِر حتى دخل اجلنة فإِذا‬ ‫ُّ‬ ‫بب ٍ‬ ‫ت وال مذن س ِمع ْت وال خطر عىل ق ْل ِ‬ ‫رش‪ :‬فرمى عىل ب ِاهبا مكْت ْوبا‬ ‫فِ ْيها ماال ع ْني رم ْ‬ ‫( ‪)43‬‬

‫رش ممث ِ‬ ‫اهلا والق ْرض ثامنِية عرش‪ ،‬فقال‪ :‬يا ِج ْ ِرب ْيل ما بال الق ْرض م ْفضل‬ ‫الصدقة بِع ْ ِ ْ‬ ‫ِمن الصدق ِة؟ قال ‪ِ :‬ألن الس ِائل يسأل و ِ‬ ‫يشء وامل ْست ْق ِرض ال ي ْست ْق ِرض إِال ِم ْن‬ ‫ه‬ ‫ْد‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫مخ ٍر لذ ٍة لِلش ِ‬ ‫اربِ ْني وم ْهنار‬ ‫حاج ٍة فسار فإِذا هو م ْهنار ِم ْن لب ٍن مل ْ يتغ ْري ط ْعمه وم ْهنار ِم ْن ْ‬ ‫الدال ِء و ِيف ِرواي ٍة فإِذا فِ ْيها‬ ‫ِم ْن عس ٍل مصفى وإِذا فِ ْيها جنابِذ(‪ )44‬ال ُّل ْؤل ِؤ وإِذا رماهنا ك ِّ‬ ‫رمان كأنه جل ْود ِ‬ ‫اإلبِ ِل امل ْقتبة(‪ )45‬وإِذا بِط ْ ِريها كالبخ ِايت‬

‫( ‪)46‬‬

‫فقال مبو بك ٍْر‪ :‬يا رس ْول‬

‫(‪ )41‬والزبرجد معناه‪ :‬حجر كريم يشبه الزمرد وهو ذو ملوان كثرية‬ ‫(‪ )41‬جراد ومصل الفراش هو ما يلقى نفسه يف الرساج من الطري وهو مكرب من الذباب‬ ‫(‪ )42‬وِها الكوثر والسلسبيل مو الزنجبيل‬ ‫(‪ )43‬مي األمور املهولة العظيمة‬ ‫(‪ )44‬القبة‬ ‫(‪ )45‬مي التي عليها مقتاهبا مي الرحل الذي تكون حتت األمحال ليقي ظهورها من الدبر مي كأنه مجل بجلده وقتبه‬ ‫(‪ )46‬والبخايت ‪ :‬مجع بختى وهو البعري اخلراساين ذو السنامني‬ ‫‪24‬‬


‫اهللِ إِهنا الن ِ‬ ‫اعمة‪ ،‬قال‪ :‬مك ْلتها م ْنعم ِمنْها وإِ ِّين أل ْرج ْو م ْن ت ْأكل ِمنْها‪ ،‬ورمى هنْر الك ْوث ِر‬ ‫الدر املجو ِ‬ ‫ف وإِذا طِ ْينه ِم ْسك م ْذفر(‪ ،)48‬ثم ع ِرض ْت عل ْي ِه النار‬ ‫عىل حافت ْي ِه ِقباب(‪ُِّّ )47‬‬ ‫فإِذا فِيها غضب اهللِ وزجره ونِ ْقمته لو ط ِرح فِيها ِ‬ ‫احلجارة واحل ِد ْيد ألكل ْتها فإِذا ِفي ْها‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ق ْوم ي ْأكل ْون ِ‬ ‫اجل ْيف ‪ ،‬فقال‪ :‬م ْن هؤال ِء يا ِج ْ ِرب ْيل؟ قال ‪ :‬هؤال ِء ال ِذ ْين ي ْأكل ْون حل ْوم‬ ‫ازن الن ِ‬ ‫اس‪ ،‬ورمى مالِكا خ ِ‬ ‫الن ِ‬ ‫ار فإِذا هو رجل عابِس ي ْعرف الغضب ِيف و ْج ِه ِه فبدمه‬ ‫النبِي ‪ ‬بِالسال ِم ثم م ْغلِق ِ‬ ‫ت النار د ْونه ثم رفِع إِىل ِس ْدر ِة املنْتهى فغ ِشي ْته سحابة فِ ْيها‬ ‫ُّ‬ ‫ِم ْن ك ِّل ل ْو ٍن فتأخر ِج ْ ِرب ْيل ثم ع ِرج بِ ِه ‪ ‬ملِ ْستوى س ِمع فِ ْي ِه ِ‬ ‫رص ْيف األ ْقال ِم(‪ )43‬ورمى‬

‫رجال م ِغ ْيبا ِيف ن ْو ِر الع ْر ِ‬ ‫ش‪ ،‬فقال‪:‬م ْن هذا ؟ مملِك؟ ِق ْيل ‪ :‬ال‪ ،‬قال ‪ :‬منبِ ٌّي ؟ ِق ْيل ‪ :‬ال‬ ‫الد ْنيا لِسانه ر ْطب بِ ِذك ِْر اهللِ تعاىل وق ْلبه معلق‬ ‫‪ ،‬قال ‪ :‬م ْن هو ؟ ِق ْيل هذا رجل كان ِيف ُّ‬ ‫بِاملس ِ‬ ‫اج ِد ومل ْ ي ْست ِسب(‪ )51‬لِوالِد ْي ِه ق ُّط‬ ‫فرمى ربه س ْبحانه وتعاىل ‪ ،‬فخر النبِي ‪ ‬س ِ‬ ‫اجدا وكلمه ر ُّبه ِعنْد ذلِك‪ ،‬فقال له‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫يا حممد ! قال ‪ :‬لبيك يا رب ! قال ‪ :‬س ْل ! فقال ‪ :‬إِنك اخت ْذت إِبر ِ‬ ‫اه ْيم خلِ ْيال‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫وم ْعط ْيته م ْلكا عظِ ْيام‪ ،‬وكل ْمت م ْوسى تكْلِ ْيام وم ْعط ْيت داود م ْلكا عظِ ْيام‪ ،‬وملنْت له‬ ‫اجلبال‪ ،‬وم ْعط ْيت سل ْيامن م ْلكا عظِ ْيام‪ ،‬وسخ ْرت له ِ‬ ‫احل ِد ْيد وسخ ْرت له ِ‬ ‫اجلن‬

‫(‪ )47‬مجع قبة والدر ‪ :‬كبار اللؤلؤ املجوف كالوصف الكاشف وهي اجلنابذ املتقدم ذكرها‬ ‫(‪ )48‬ومسك مذفر‪ :‬شديد الرائحة‬ ‫(‪ )43‬رصيف األقالم ‪ :‬صوت حركتها‬ ‫(‪ )51‬مي مل يفعل ما يقتيض سبهام‬ ‫‪25‬‬


‫ِ‬ ‫و ِ‬ ‫الرياح وم ْعط ْيته م ْلكا ال ينْب ِغي ِألح ٍد ِم ْن ب ْع ِد ِه‬ ‫اإل ْنس والشياط ْني وسخ ْرت له ِّ‬ ‫وعلمت ِ‬ ‫اإل ْن ِ‬ ‫( ‪)51‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫حي ِيي امل ْوتى‬ ‫و‬ ‫ص‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫األ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ْم‬ ‫ك‬ ‫األ‬ ‫ئ‬ ‫رب‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫اة‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫الت‬ ‫ى‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ان الر ِجي ِم فلم يكن لِلشيط ِ‬ ‫بِإِ ْذنِك ومع ْذته وممه ِمن الشيط ِ‬ ‫ان عل ْي ِهام سبِ ْيل‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫فقال اهلل س ْبحانه وتعاىل ‪ :‬ق ِد اخت ْذتك حبِ ْيبا‪ ،‬قال الر ِاوي وهو مكْت ْوب ِيف الت ْور ِاة‬ ‫حبِ ْيب اهللِ وم ْرس ْلتك لِلن ِ‬ ‫اس كافة ب ِش ْريا ون ِذ ْيرا ورش ْحت لك ص ْدرك ووض ْعت‬ ‫عنْك ِو ْزرك ورف ْعت لك ِذكْرك ال م ْذكر إِال ذكِ ْرت م ِعي وجع ْلت ممتك خ ْري مم ٍة‬

‫م ْخ ِرج ْت لِلن ِ‬ ‫اس وجع ْلت ممتك ممة وسطا وجع ْلت ممتك هم األول ْون وهم‬ ‫ِ‬ ‫اآلخر ْون وجع ْلت ممتك ال َت ْوز هل ْم خ ْطبة حتى ي ْشهد ْوا منك ع ْب ِدي ورس ْو ِيل‬ ‫اجيلهم وجع ْلتك مول النبِيني خ ْلقا و ِ‬ ‫وجع ْلت ِم ْن ممتِك م ْقواما قل ْوهبم من ِ‬ ‫آخره ْم ب ْعثا‬ ‫ِّْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وموهل ْم ي ْقَض له وم ْعط ْيتك س ْبعا ِمن املث ِاين مل ْ م ْعطِها نبِيا ق ْبلك وم ْعط ْيتك خواتِ ْيم‬ ‫س ْورة البقر ِة ِم ْن كن ٍْز ْحتت الع ْر ِ‬ ‫ش مل ْ م ْعطِها نبِ ًّيا ق ْبلك وم ْعط ْيتك الك ْوثر وم ْعط ْيتك‬ ‫اجلهاد والصدقة وصوم رمضان واألمر بِاملعرو ِ‬ ‫اإلسالم و ِ‬ ‫ثامنِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ج‬ ‫اهل‬ ‫‪:‬‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫والن ْهي ع ِن املنْك ِر وإِ ِّين ي ْوم خل ْقت السموات واأل ْرض فر ْضت عل ْيك وعىل ممتِك‬ ‫مخ ِس ْني صالة فق ْم ِهبا م ْنت وممتك‬ ‫ْ‬ ‫و ِيف ِرواي ٍة م ْعطى رسول اهللِ ‪ ‬الصلو ِ‬ ‫ات اخل ْمس وخواتِ ْيم س ْورة البقر ِة وغفر ملِ ْن‬ ‫ْ‬

‫مل ي ْ ِ‬ ‫رش ْك بِاهللِ ِم ْن ممتِك ش ْيئا امل ْق ِحامت‬ ‫ْ‬

‫( ‪)52‬‬

‫(‪ )51‬الذي خلق معمى ‪ ،‬واألبرص من قام به داء الربص‬ ‫(‪ )52‬املقحامت ‪ :‬الذنوب املهلكة‬ ‫‪26‬‬


‫ثم ا ْنجل ْت عنْه السحابة ومخذ بِي ِد ِه ِج ْ ِرب ْيل‪ ‬فا ْنرصف ِ‬ ‫رس ْيعا فأتى عىل‬ ‫اهيم ‪ ‬فلم يق ْل شيئا ثم متى عىل موسى ‪ ‬قال ‪ :‬نِعم الص ِ‬ ‫إِبر ِ‬ ‫احب كان لك ْم‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫فقال ما صن ْعت يا حممد ؟ ما فرض ر ُّبك عل ْيك وعىل ممتِك ؟ قال فرض عيل وعىل‬ ‫ٍ‬ ‫ممتِى ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اسأ ْله الت ْخ ِف ْيف عنْك وع ْن‬ ‫مخس ْني صالة كل ي ْو ٍم ول ْيلة‪ ،‬قال ‪ْ :‬ارج ْع إِىل ر ِّبك ف ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ربت الناس ق ْبلك وبل ْوت بنِي إِ ْرس ِائ ْيل‬ ‫ممتك فإِن ممتك ال تط ْيق ذلك فإِ ِّين ق ْد خ ْ‬

‫وعاجلْته ْم مشد املعاجل ِة عىل م ْدنى ِم ْن هذا فضعف ْوا عنْه وترك ْوه فأمتك م ْضعف‬ ‫م ْجسادا وم ْبدانا وقل ْوبا وم ْبصارا وم ْسامعا‪ ،‬فا ْلتفت النبِ ُّي ‪ ‬إِىل ِج ْ ِرب ْيل‪ ‬ي ْست ِش ْريه‬ ‫فأشار إِل ْي ِه ْ ِ‬ ‫جرب ْيل م ْن نع ْم إِ ْن ِش ْئت ف ْار ِج ْع‪ ،‬فرجع ِ‬ ‫رس ْيعا حتى ا ْنتهى إِىل الشجر ِة‬

‫فغ ِشي ْته السحابة وخر س ِ‬ ‫ف ع ْن ممتِي فإِهنا م ْضعف األم ِم‪،‬‬ ‫اجدا ثم قال‪ :‬ر ِّب خ ِّف ْ‬

‫مخسا ثم ا ْنجل ْت السحابة ورجع إِىل م ْوسى ‪ ،‬فقال‪ :‬وضع‬ ‫قال‪ :‬وض ْعت عنْه ْم ْ‬ ‫ِ‬ ‫اسأ ْله الت ْخ ِف ْيف فإِن ممتك ال تطِ ْيق ذلِك‪ ،‬فل ْم يز ْل‬ ‫عنِّي ْ‬ ‫مخسا‪ ،‬فقال‪ْ :‬ارج ْع إِىل ر ِّبك ف ْ‬ ‫مخسا حتى قال اهلل ‪ :‬يا حممد !‬ ‫مخسا ْ‬ ‫ي ْر ِجع ب ْني م ْوسى ‪ ‬وب ْني ر ِّب ِه ‪ ‬حي ُّط عنْه ْ‬ ‫مخس صلو ٍ‬ ‫ات كل ي ْو ٍم ول ْيل ٍة ك ُّل صال ٍة بِع ْ ٍ‬ ‫رش‪،‬‬ ‫قال ‪ :‬لب ْيك وس ْعد ْيك! قال ‪ :‬هن ْ‬ ‫مخس ْون صالة ال يبدل الق ْول لدي وال ينْسخ كِت ِايب ‪ ،‬وم ْن هم(‪ )53‬بِحسن ٍة فل ْم‬ ‫فتِ ْلك ْ‬ ‫ي ْعم ْلها كتِب ْت له حسنة ‪ ،‬فإِ ْن ع ِملها كتِب ْت ع ْرشا ‪ ،‬وم ْن هم بِس ِّيئ ٍة فل ْم ي ْعم ْلها مل‬ ‫تكْتب علي ِه شيئا‪ ،‬فإِ ْن ع ِملها كتِب ْت سيئة و ِ‬ ‫احدة و ْانجل ْت‪ ،‬فنزل ‪ ‬حتى ا ْنتهى إِىل‬ ‫ِّ‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫اسأ ْله الت ْخ ِف ْيف فإِن ممتك ال تطِ ْيق ذلِك‪،‬‬ ‫م ْوسى فأ ْخربه ‪ ،‬فقال ‪ْ :‬ارج ْع إِىل ر ِّبك ف ْ‬

‫(‪ )53‬هم ‪ :‬مي ترجح عنده قصد فعلها‬ ‫‪27‬‬

‫ْ‬


‫فقال ‪ :‬ق ْد راجعت ريب حتى استحييت ِمنْه ولكِن مرَض ومس ِّلم‪ ،‬فنادى من ٍ‬ ‫اد م ْن ق ْد‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ممضيت ف ِريضتِي وخف ْفت عن ِعب ِ‬ ‫اد ْي‪ ،‬فقال م ْوسى‪ْ ‬اهبِ ْط بِ ْس ِم اهللِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َل املال ِئكة إِال قالوا عليك باِ ِحلجام ِة و ِيف ِرواي ٍة مر ممتك بِ ِ‬ ‫ومل يمر عىل م ٍ‬ ‫احلجام ِة‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ثم ا ْنحدر فقال ِجل ِربيل‪ ‬م ِايل مل ِ‬ ‫آت م ْهل سام ٍء إِال رحب ْوا ِيب وض ِحك ْوا ِيل غ ْري‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫يب ودعا ِيل ومل ْ ي ْضح ْك ِيل فقال ‪ :‬ذلِك‬ ‫واحد سل ْمت عل ْيه فرد عيل السالم ورحب ِ ْ‬ ‫ازن الن ِ‬ ‫مالِك خ ِ‬ ‫ار مل ْ ي ْضح ْك منْذ خلِق ول ْو ض ِحك ِألح ٍد لض ِحك لك‬ ‫فلام نزل إِىل سام ِ‬ ‫ان ومصو ٍ‬ ‫الد ْنيا نظر إِىل مسفل ِمنْه فإِذا هو بِره ٍج(‪ )54‬ودخ ٍ‬ ‫ات‪،‬‬ ‫ء‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫فقال ما هذا يا ِج ْ ِرب ْيل ؟ قال ‪ :‬ه ِذ ِه الشياطِ ْني حي ْوم ْون عىل عي ْو ِن بنِي آدم ال يتفكر ْون‬ ‫ت السمو ِ‬ ‫ِيف ملكو ِ‬ ‫ات واأل ْر ِ‬ ‫ض ول ْوال ذلِك لرم ْوا العج ِائب‬ ‫ْ‬ ‫ش بِمك ٍ‬ ‫ثم ركِب من ِ‬ ‫ْرصفا فمر بِ ِع ْ ٍري(‪ )55‬لِقر ْي ٍ‬ ‫ان كذا وكذا وفِ ْيها مجل عل ْي ِه‬

‫ان(‪ )56‬غرارة سوداء وغرارة بيضاء‪ ،‬فلام حاذا ِ‬ ‫غرارت ِ‬ ‫ت ورصع‬ ‫استدار ْ‬ ‫الع ْري نفر ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫تو ْ‬ ‫ذلِك الب ِع ْري وا ْنكرس‪ ،‬ومر بِ ِع ْ ٍري ق ْد ض ُّل ْوا ب ِع ْريا(‪ )57‬هل ْم ق ْد مجعه بن ْو فال ٍن فسلم عل ْي ِه ْم‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الص ْب ِح بِمكة‬ ‫فقال ب ْعضه ْم هذا ص ْوت حممد ثم متى إِىل م ْصحابِه قب ْيل ُّ‬

‫(‪ )54‬الدخان الكثري واألصوات املزعجة‬ ‫(‪ )55‬العري ‪:‬قافلة لتجارة قريش ذاهبة من الشام إىل مكة‬ ‫(‪ )56‬تثنية غرارة وهي وعاء من اخليش وغريه يوضع فيه القمح وغريه‬ ‫(‪ )57‬ناقة‬ ‫‪28‬‬


‫فلام م ْصبح قطع وعرف من الناس تك ِّذبه فقعد ح ِز ْينا فمر بِ ِه عد ُّو اهللِ مبو ج ْه ٍل‬ ‫فجاء حتى جلس إِلي ِه فقال له كاملسته ِز ِئ ‪ :‬ه ْل كان ِ‬ ‫يش ٍء ؟ قال ‪ :‬نع ْم‪ ،‬قال ‪ :‬ما‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫رسي ِيب الليلة ‪ ،‬قال إِىل مين ؟ قال إِىل بي ِ‬ ‫هو ‪ ،‬قال م ْ ِ‬ ‫ت امل ْق ِد ِ‬ ‫س‪ ،‬قال ‪ :‬ثم م ْصب ْحت‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫جيحده احل ِد ْيث إِ ْن دعا ق ْومه‬ ‫ب ْني ظ ْهران ْينا ؟! قال ‪ :‬نع ْم ‪ ،‬فل ْم ير منه يك ِّذبه َمافة منه ْ‬ ‫إِل ْي ِه ‪،‬قال ‪ :‬مرم ْيت إِ ْن دع ْوت ق ْومك محت ِّدثه ْم بِام حدث ْتنِي؟ قال ‪ :‬نع ْم‪ ،‬قال يا م ْعرش‬ ‫بن ِ ْي ك ْع ِ‬ ‫ب ْب ِن لؤ ْي هل ُّم ْوا فا ْنفض ْت إِل ْي ِه املجالِس وجاء ْوا حتى جلس ْوا إِل ْي ِهام‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫ث ق ْومك بِام حد ْثتنِ ْي بِ ِه ‪ ،‬فقال رس ْول اهللِ ‪ ‬إِ ِّين م ْ ِ‬ ‫ح ِّد ْ‬ ‫رسي ِيب الل ْيلة‪ ،‬قال ْوا إِىل م ْين؟‬

‫قال ‪ :‬إِىل بي ِ‬ ‫ت امل ْق ِد ِ‬ ‫س‪ ،‬قال ْوا ثم مصب ْحت ب ْني ظ ْهران ْينا(‪ )58‬؟ قال ‪ :‬نعم ف ِم ْن ب ْني‬ ‫ْ‬ ‫مص ِّف ٍق وبني و ِ‬ ‫اض ٍع يده عىل ر ْم ِس ِه متع ِّجبا‪ ،‬وض ُّج ْوا وم ْعظم ْوا ذلِك‪ ،‬فقال امل ْط ِعم ْبن‬ ‫ْ‬ ‫ع ِدي ك ُّل مم ِرك قبل اليو ِم كان مُما(‪ )53‬غري قولِك اليوم ‪ ،‬منا م ْشهد منك ك ِ‬ ‫اذب‪ ،‬ن ْحن‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ٍّ‬ ‫ْ‬

‫اإلبِ ِل إِىل بي ِ‬ ‫رضب مكْباد ِ‬ ‫نْ ِ‬ ‫ت امل ْق ِد ِ‬ ‫س مص ِّعدا ش ْهرا ومنْح ِدرا(‪ )61‬ش ْهرا ت ْزعم منك مت ْيته‬ ‫ْ‬ ‫ِيف ليل ٍة ؟ والال ِ‬ ‫ت والعزى ال مص ِّدقك ! فقال مبو بك ٍْر ‪ :‬يا م ْط ِعم بِ ْئس ما ق ْلت ِال ْب ِن‬ ‫ْ‬ ‫م ِخيك جبهته(‪ )61‬وكذبته ؟ منا م ْشهد منه ص ِ‬ ‫ف لنا ب ْيت‬ ‫ادق‪ ،‬فقال ْوا ‪ :‬يا حممد ِص ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫امل ْق ِد ِ‬ ‫س ك ْيف بِناؤه وك ْيف ه ْيئته وك ْيف ق ْربه ِمن اجلب ِل و ِ ْيف الق ْو ِم م ْن سافر إِل ْي ِه؟‬

‫(‪ )58‬مي بني مظهرنا واملراد بيننا‬ ‫(‪ )53‬مي خفيفا سهال‬ ‫(‪ )61‬مي ذهابا ورجوعا‬ ‫(‪ )61‬مي قابلته بمكروه‬ ‫‪23‬‬


‫فذهب ينْعت هل ْم بِناءه كذا وه ْيئته كذا وق ْربه ِمن اجلب ِل كذا فام زال ينْعته هل ْم حتى‬ ‫ا ْلتبس عل ْي ِه الن ْعت فكرب ك ْربا ما كرب ِم ْثله ف ِج ْيء بِامل ْس ِج ِد وهو ينْظر إِل ْي ِه حتى‬ ‫و ِضع د ْون د ِار ع ِق ْي ٍل م ْو ِعق ٍ‬ ‫ال‪ ،‬فقال ْوا ‪ :‬ك ْم لِ ْلم ْس ِج ْد ِم ْن ب ٍ‬ ‫اب ؟ ‪ -‬ومل ْ يك ْن عدها –‬ ‫فجعل ينْظر إِل ْي ِه ويع ُّدها بابا بابا ويع ِّلمه ْم ومبو بك ٍْر يق ْول‪ :‬صد ْقت صد ْقت م ْشهد‬ ‫منك رس ْول اهللِ ‪ ،‬فقال الق ْوم‪ :‬مما الن ْعت فو اهللِ لق ْد مصاب ‪ ،‬ثم قال ْوا ِأل ِيب بك ٍْر ‪:‬‬ ‫مفتص ِّدقه منه ذهب الليلة إِىل بي ِ‬ ‫ت امل ْق ِد ِ‬ ‫س وجاء ق ْبل م ْن ي ْصبِح؟ قال ‪ :‬نع ْم إِ ِّين‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ألص ِّدقه فِ ْيام هو م ْبعد ِم ْن ذلِك‪ ،‬مص ِّدقه بِخ ِرب السام ِء ِ ْيف غ ْدو ٍة م ْو ر ْوح ٍة‪ ،‬فلِذلِك‬

‫الص ِّد ْيق‬ ‫س ِّمي مبو بك ٍْر ِّ‬

‫ثم قالوا يا حممد م ْخ ِربنا عن ِع ِرينا‪ ،‬فقال‪ :‬متيت عىل ِع ِري بنِي فال ٍن بِالروح ِ‬ ‫اء ق ْد ض ُّل ْوا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫اهلم وليس ِهبا ِمنْه محد وإِذا بِقد ِح م ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اء‬ ‫ناقة هل ْم فا ْنطلق ْوا ِيف طلبِها فا ْنتهت إِىل ِرح ْ ْ‬ ‫رشبت ِمنْه ثم ا ْنتهيت إِىل ِع ِري بنِي فال ٍن بِمك ِ‬ ‫ان كذا وكذا وفِ ْيها مجل م ْمحر عل ْي ِه غرارة‬ ‫ْ‬ ‫ف ِْ‬ ‫ْ‬

‫سوداء وغرارة بيضاء فلام حاذيت ِ‬ ‫ت ورصع ذلِك الب ِع ْري وا ْنكرس ثم‬ ‫الع ْري نفر ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ا ْنتهيت إِىل ِع ِري بنِي فال ٍن ِيف التن ِْعي ِم ي ْقدمها مجل مورق علي ِه ِمسح(‪ )62‬مسود وغرارت ِ‬ ‫ان‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫سوداو ِ‬ ‫ان وها ِهي ِذ ِه ت ْطلع عل ْيكم ِمن الثنِي ِة(‪ ،)63‬قال ْوا ‪ :‬فمتى ِ‬ ‫َت ْيء ؟ قال‪ :‬ي ْوم‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫األربِع ِ‬ ‫اء فلام كان ذلِك اليوم م ْرشف ْت قريش ينْتظِرون ِ‬ ‫العري وق ْد وىل النهار ومل ِ‬ ‫َت ْئ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫فدعا النبِ ُّي ‪ ‬ف ِز ْيد يف الن ِ‬ ‫است ْقبل ْوا‬ ‫ار ساعة وحبس ْت له الش ْمس حتى طلعت الع ْري ف ْ‬ ‫(‪ )62‬مورق ‪ :‬مي يف لونه بياض إىل سواد ‪ ،‬واملسح ‪:‬جالل اجلمل‬ ‫(‪ )63‬التثنية ‪ :‬الطريق‬ ‫‪31‬‬


‫اإلبِل‪ ،‬فقالوا ه ْل ضل لكم ب ِعري؟ قالوا ‪ :‬نعم‪ ،‬قال ‪ :‬فسألوا ِ‬ ‫ِ‬ ‫الع ْري اآلخر‪ ،‬فقال ْوا‪:‬‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ه ِل ا ْنكرست لكم ناقة محراء ؟ قالوا ‪ :‬نعم‪ ،‬قالوا‪ :‬فه ْل كان ِعنْدكم قصعة ِمن م ٍ‬ ‫اء ؟‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫فقال رجل ‪ :‬منا واهللِّ وض ْعتها فام ِ‬ ‫رشهبا محد وال م ْه ِر ْيق ْت ِيف األ ْر ِ‬ ‫الس ْح ِر‬ ‫ض‪ ،‬فرم ْوه بِ ِّ‬ ‫وقالوا ‪:‬‬

‫ِ‬

‫صدق الول ْيد‪ ،‬فأ ْنزل اهلل س ْبحانه وتعاىل ﱡﭐ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ ﱡ‬

‫ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱬﱭ ﱮ ﱯ ﱰ‬ ‫ﱱ ﱲ ﱳ ﱴ ﱠ اإلرساء‪٠٦ :‬‬

‫َتت بحمد اهلل وعونه وصىل اهلل عىل سيدنا حممد وعىل آله وصحبه وسلم‬

‫‪31‬‬


‫ْ‬ ‫اج‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫اج‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫از‬ ‫اج فِي‬ ‫ْ‬ ‫ال ِّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫س َراج ال َو َّه ِ‬ ‫تأليفِ‪ :‬ابنِناصرالدينِالدمشقيِ(ت‪ِ848ِ:‬هـ)‬

‫‪ ‬ترجمة مختصرة عن المؤلف ‪‬‬ ‫اسمه ‪ :‬هو حممد بن عبد اهلل (ميب بكر) بن حممد بن ممحد بن جماهد القيس الدمشقي‬ ‫الشافعي‪ ،‬شمس الدين‪ ،‬الشهري بابن نارص الدين‬ ‫ولد بدمشق‪ ،‬وويل مشيخة دار احلديث األرشفية (سنة ‪ 837‬هـ)‬ ‫طلب احلديث‪ ،‬وجود اخلط عىل طريقة الذهبي بحيث صار حياكي خطه‪ ،‬وصنف‬ ‫عدة تصانيف‬ ‫فسمع وقرأ على جماعة منهم‪:‬‬ ‫‪ 1‬إبراهيم بن حممد بن ميب بكر بن عمر بن مسلم‬ ‫‪ 2‬وممحد بن مقربص بن بلغاق الكنجكي‬ ‫وتخرج به ‪ :‬نجم الدين عمر بن فهد املكي وصار حمدث البالد الدمشقية‬ ‫قال المقريزي‪ :‬طلب احلديث‪ ،‬فصار حافظ بالد الشام من غري منازع‪ ،‬وصنف‬ ‫عدة مصنفات‪ ،‬ومل خيلف يف الشام بعده مثله‬ ‫من مصنفاته‪:‬‬ ‫‪ 1‬جامع األثار يف مولد املختار‬ ‫‪ 2‬الرساج الوهاج يف ازدواج املعراج‬ ‫وفاته‪ :‬تويف يف إحدى قرى دمشق سنة ‪ 842‬هـ‬ ‫‪32‬‬


‫بِ ْس ِم اهللِ الر ْمح ِن الر ِح ْي ِم‬ ‫ا ْحل ْمد هللِ ال ِذي قرب إِىل جنابِ ِه م ْن محب و ْ‬ ‫اختار‪ ،‬وصريه ِم ْن م ْحبابِ ِه الساد ِة‬ ‫احلكْم هللِ ا ْلو ِ‬ ‫ْاأل ْبر ِار‪ ،‬وطرد ع ْن م ْبوابِ ِه كل ش ِق ٍّي وجب ٍ‬ ‫ار‪ ،‬وحرمه ج ِز ْيل ثوابِ ِه‪ ،‬ف ْ‬ ‫اح ِد‬ ‫ا ْلقه ِ‬ ‫حيكم ما ي ِر ْيد بِع ْدل ِ ِه‪ ،‬ال مع ِّقب ِحلك ِْم ِه‪ ،‬وال راد لِف ْضلِ ِه‪ ،‬غمر‬ ‫ار‪ ،‬ي ْفعل ما يشاء و ْ‬ ‫رب ِه وط ْول ِ ِه‪ ،‬بِي ِد ِه ْاأل ْمر يق ِّلب الل ْيل والنهار‪ ،‬م ْبدع ْ‬ ‫اخلال ِئق بِق ْدرتِ ِه‪ ،‬وقدر‬ ‫ب ِريته بِ ِ ِّ‬ ‫م ْرزاقه ْم وآجاهل ْم بِ ِحكْمتِ ِه‪ ،‬وعدل ب ْينه ْم ِيف ِق ْسمتِ ِه‪ ،‬وفضل ب ْعضه ْم عىل ب ْع ٍ‬ ‫ ُ ِيف‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرسل‬ ‫ْاأل ْرزاق و ْاأل ْعام ِر و ْاأل ْقد ِار‪ ،‬ا ْختار منْهم ْاأل ْولياء ْاأل ْعالم‪ ،‬ثم ا ْنتخب منْهم ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ار إِىل ِخي ٍ‬ ‫اصطفى ِمنْه ْم نبِينا حممدا س ِّيد ْاألنا ِم‪ ،‬فهو ِخيار ِم ْن ِخي ٍ‬ ‫ار‪،‬‬ ‫ا ْلكرام‪ ،‬ثم ْ‬ ‫وربك خيْلق ما يشاء وخيْتار‪ ،‬م ْنعم علي ِه وم ْفضل‪ ،‬وم ْعطاه ما مل يع ِ‬ ‫ط محدا وم ْجزل‪،‬‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫اختاره ِم ْن ب ْ ِ‬ ‫ني م ْن بعثه وم ْرسل‪ ،‬وجعله ِ‬ ‫رش ْيف النس ِ‬ ‫و ْ‬ ‫ب‪ ،‬عظِ ْيم ا ْملِ ْقد ِار‪ ،‬رشفه‬ ‫بِ ْ ِ‬ ‫الدن ِّو وا ْلق ْر ِ‬ ‫ب عل ْي ِه‪ ،‬ومناله ف ِض ْيلة النظ ِر إِل ْي ِه‪،‬‬ ‫اإل ْرس ِاء‪ ،‬لِكرامتِ ِه لد ْي ِه‪ ،‬وخلع ِخ ْلعة ُّ‬ ‫اجلب ِ‬ ‫فتمتع بِر ْؤي ِة ا ْلع ِز ْي ِز ْ‬ ‫محدا يضاعف عل ْينا‬ ‫ار ن ْحمده عىل نِع ِم ِه ون ْشكر ا ْمتِنانه‪ْ ،‬‬ ‫ف ْضله وإِ ْحسانه‪ ،‬فام بِنا ِمن النِّع ِم ف ِمنْه س ْبحانه‪ ،‬عم ف ْضله ا ْملت ِق ْني وا ْلفج ِ‬ ‫ار‬

‫ون ْشهد م ْن ال إِله إِال اهلل و ْحده ال ِ‬ ‫رش ْيك له‪ ،‬ا ْلع ِ ُّيل ا ْلكبِ ْري ْ‬ ‫احل ُّي ا ْلق ُّي ْوم ا ْلعلِ ْيم‬ ‫ا ْلق ِد ْير‪ ،‬ل ْيس ك ِم ْثلِ ِه يشء وهو الس ِم ْيع ا ْلب ِص ْري‪ ،‬تقدس وتعاىل عام يق ْول ا ْلكف ِ‬ ‫ار‬ ‫ْ‬ ‫ون ْشهد من حممدا عبده الس ِيد ا ْلف ِائق‪ ،‬ورسوله ْاأل ِمني الص ِ‬ ‫ادق‪ ،‬وخ ِل ْيله ْ‬ ‫احلبِ ْيب‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫ار‪ ،‬صىل اهلل علي ِه م ْفضل الصلو ِ‬ ‫املْوافق‪ ،‬املْن ِْقذ بِشفاعتِ ِه ممته ِمن الن ِ‬ ‫ات وم ْزكى‪ ،‬وساق‬ ‫ْ‬ ‫‪33‬‬


‫إِلي ِه م ْطيب الت ِحي ِ‬ ‫ات وم ْنمى‪ ،‬وجزاه عنا م ْفضل ْ‬ ‫اجلز ِاء وم ْرَض‪ ،‬وآتاه ا ْلو ِس ْيلة ِيف د ِار‬ ‫ْ‬ ‫اء‪ ،‬ومصحابِ ِه ا ْلقاد ِة ا ْلكرم ِ‬ ‫ا ْلقر ِار‪ ،‬ور ِيض اهلل عن آل ِ ِه الساد ِة النُّجب ِ‬ ‫اء‪ ،‬وتابِ ِع ْي ِه ِم‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وس ِائ ِر ا ْلعلام ِء‪ ،‬ما ا ْنفجر ص ْبح ونار‪ ،‬ويمم ط ْيبة الزوار‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لديار ب ِّل ْ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ــار‬ ‫ـــي وق ْيـــــت ا ْلعـِث ْ‬ ‫ـــغ حتيــــات ْ‬ ‫إِ ْن ج ْزت يا حاد ْي بِت ْلك ا ِّ ْ‬ ‫احلــ ْز ِن و ِ‬ ‫وق ْـل ِأل ْه ِ‬ ‫احل ِّي ع ْبــد لـك ْم َمــلــف بِ ْ‬ ‫ـل ْ‬ ‫ــــــار‬ ‫اال ْفــتِـــك‬ ‫ْ‬ ‫َمـلــف عنْـك ْم بِـذ ْن ٍ‬ ‫ــار‬ ‫ـب مـَض وغـيـْره ق ْ‬ ‫ـد نـــال و ْصــــال وســـ ْ‬ ‫وع ْبــدكـم ِمـ ْن ف ْض ِلكم ر ِ‬ ‫ـــوبــا ِغـــــــز ْار‬ ‫ـو ذن ْ‬ ‫اجيا شـفـاعــة َتْـح ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ــوا يــا ســ ِّيد ْ‬ ‫ـــــار‬ ‫اخلــــ ْل ِق وذا ْا ِال ْفتــِخ‬ ‫ـسألـ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ــم مهـل أل ْن ت ْ‬ ‫فـأنــْت ْ‬ ‫اس الزكِـــني ْ ِ‬ ‫ــاد ِ‬ ‫اجلــم لِـقـص ِ‬ ‫يــا مـعـطِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ـار‬ ‫ـــ‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫اخل‬ ‫ـ‬ ‫ّــ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫كـ‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ياص ِ‬ ‫احب ا ْلربه ِ‬ ‫ــار‬ ‫ـان يا مـ ْن متى‬ ‫بِـــاملْ ْعجـزات ا ْلبــيــِّنــــات ا ْلكب ْ‬ ‫ْ‬ ‫ــآن مـِن كـ ِّف ِ‬ ‫يـا مر ِوي الظـم ِ‬ ‫ـه إِل ْيك حـن ْ‬ ‫ــار‬ ‫ْ‬ ‫اجل ْزع ش ْوقـــــا وخـــــ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫مرسى بِـك الر ْمحــن ِمن مـكـة ليال إِلـى ْاأل ْقـصـى الرفِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ـار‬ ‫ـ‬ ‫ــــ‬ ‫ن‬ ‫مل‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫ــ‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ــــزت بِالر ْؤيـــــ ِة و ِ‬ ‫اال ْن ِ‬ ‫ـــجبــــ ْار‬ ‫عر ْجـت ِمنْــه لِ ْلعــــىل ر ِاقيــا وف ْ‬ ‫ُّ‬ ‫يـا ع ْظــم ما ق ْد نِ ْلت يــا جمْتبى يــــا ص ْفوة الر ْمحــــ ِن يـــا خ ْري جــ ْار‬

‫ت م ْخبارك ْ‬ ‫احل ْسنـى وضــــاء النهـــــــ ْار‬ ‫عل ْيــك صـىل اهلل مـــا ك ِّرر ْ‬ ‫ب لـــكم خ ِري ا ْلقرو ِن الطيبِـــــــني ْ ِ‬ ‫كذا عـــىل ِ‬ ‫آل وص ْح ٍ‬ ‫اخليــــــــ ْار‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ِ‬

‫ِ‬

‫قال اهلل تعاىل ِيف كتابِه ا ْملبِ ْ ِ‬ ‫ني ا ْملن ْ ِ‬ ‫ري‪:‬ﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ‬ ‫ﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱐ ﱑﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱠ اإلرساء‪١ :‬‬

‫‪34‬‬


‫م ْخرب اهلل بِام مكْرم بِ ِه نبِينا حممدا – عل ْي ِه م ْفضل الصال ِة والسال ِم‪ِ -‬من ْ ِ‬ ‫اإل ْرس ِاء بِ ِه ل ْيال‬ ‫احلرا ِم إِىل املْ ْس ِج ِد ْاأل ْق ى املْقد ِ‬ ‫ِمن املْ ْس ِج ِد ْ‬ ‫س املْبار ِك ْاأل ْسنى‪ ،‬ثم ع ِرج بِ ِه إِىل‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات لِ ِ ِ‬ ‫السمو ِ‬ ‫رييه من ْاآليات‪ ،‬وق ْد رصح اهلل بِذلك وم ْثنى بِق ْوله‪ :‬ﭐﱡﭐ ﱁﱂ ﱃ ﱄ ﱅ‬

‫ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱠ ا إِىل ق ْول ِ ِه‪:‬‬

‫ﭐﱡﭐ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱠ انلجم‪.9- ٨ :‬‬

‫فكان املْرسى بِرسو ِل اهللِ ﷺ ِمن ِحج ِر مكة املْرش ِ‬ ‫ف املْعظ ِم‪ ،‬ل ْيال ِيف ا ْلي ْقظ ِة ال‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫الرشي ِ‬ ‫ف عىل الص ِح ْي ِح ب ْني ْاأل ْعال ِم‪ ،‬وع ْمره إِ ْذ ذاك إِ ْحدى‬ ‫ِيف ا ْملنا ِم‪ ،‬بِجس ِد ِه‬ ‫ِْ‬ ‫مخسون سنة وثامنِية م ْشه ٍر وثالثة عرش يوما حسنة‪ ،‬قبل ْ ِ‬ ‫اهل ْجر ِة بِسن ٍة‪ ،‬ل ْيلة س ْبع‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫و ْ ْ‬ ‫ع ْرشة ِم ْن ربِ ْي ِع ْاألو ِل‪ ،‬و ِق ْيل ل ْيلة س ْب ٍع و ِع ْ ِ‬ ‫رش ْين ِم ْن رج ٍ‬ ‫ب‪ ،‬وعىل ْاألو ِل املْعو ِل‬ ‫وق ْد روى ه ِذ ِه القصة ط ِائفة كثِ ْرية ِمن الصحاب ِة ْاألكْر ِم ْني‪ِ ،‬م ْن ِرواي ِة مجاع ٍة‬ ‫كثِ ْري ٍة ِمن التابِ ِع ْني ِم ْن طر ٍق ج ِّيد ٍة وحسن ٍة وغ ْ ِري ذلِك‪ ،‬ووج ْو ٍه يش ُّق ح ْرصها عىل‬ ‫السالِ ِك‪ ،‬مجعت غالِبها وس ْقته ِيف هذا ْا ِ‬ ‫لكت ِ‬ ‫اب‪ِ ،‬ألن فِ ْي ِه ِم ْن م ْم ِر اهللِ ِوق ْدرتِ ِه وس ْلطانِ ِه‬ ‫ْ‬ ‫ويل ْاأل ْلب ِ‬ ‫وعج ِائ ِ‬ ‫ب َمْل ْوقاتِ ِه ِع ْربة ِأل ِ‬ ‫اب‬ ‫اخل ِرب منه بينام هو ن ِائم ِيف ِْ‬ ‫فكان فِ ْيام بلغنِي ع ْن م ْرسى رس ْو ِل اهللِ ﷺ ِمن ْ‬ ‫احل ْج ِر‪ ،‬جاءه‬ ‫ْ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫احتمل ْوه‪ ،‬و ِعنْد بِ ْئ ِر‬ ‫ثالثة نف ٍر من ا ْملالئكة ا ْلكرا ِم ف ْي ِه ْم ِج ْ ِرب ْيل‪ ‬فل ْم يك ِّلم ْوه حتى ْ‬ ‫اجللِيل‪ ،‬وغسله ِمن م ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء ز ْمزم حتى‬ ‫ْ‬ ‫ز ْمزم وضع ْوه‪ ،‬فتواله منْه ْم ِج ْ ِرب ْيل فشق ج ْوفه ْ ْ‬ ‫م ْنقاه‪ ،‬ومتى بِت ْو ٍر ِم ْن ذه ٍ‬ ‫ب حمْش ًّوا إِ ْيامنا و ِحكْمة‪ ،‬فطيب ص ْدره وحشاه‪ ،‬ورشح‬ ‫ص ْدره ه ِذ ِه ا ْملر ِة ل ِ ِّلق ِ‬ ‫إلزال ِة ح ِّظ الشيط ِ‬ ‫اء الر ْمح ِن‪ ،‬وتِ ْلك التِي ِعنْد ظِ ْئ ِر ِه حلِ ْيمة ِ ِ‬ ‫ان‬ ‫ْ‬

‫‪35‬‬


‫ثم قدم ِج ْ ِرب ْيل ا ْلرباق م ْرسجا م ْلجام ب ْني يد ْي ِه‪ ،‬وهو دابة م ْبي ُ ب ْني الب ْغ ِل‬ ‫احلام ِر‪ِ ،‬يف ف ِ‬ ‫و ِْ‬ ‫خذي ِه جناح ِ‬ ‫حي ِفز(‪ِ )64‬هبِام ِر ْجل ْي ِه‪ ،‬يضع حافِره ِعنْد م ْق ى ط ْرفِ ِه‬ ‫‪،‬‬ ‫ان‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫است ْصعب عل ْي ِه‬ ‫ومنْتهاه‪ ،‬وهو م ْركب ْاأل ْنبِياء ق ْبل نبِ ِّينا وم ْرساه‪ ،‬فذهب ل ْريكبه ف ْ‬ ‫وتشدد‪ ،‬فأ ْمسك ِج ْ ِرب ْيل بِأذنِ ِه وقال‪ :‬مال ت ْست ْح ِي يا براق ُِما ت ْصنع بِمحم ٍد؟ واهللِ ما‬ ‫ر ِكبك محد فِ ْيام تقدم مكْرم عىل اهللِ ِم ْن حمم ٍد صىل اهلل عل ْي ِه وسلم‪ ،‬ف ْارف ُ ا ْلرباق‬ ‫احلي ِ‬ ‫عرقا ِمن ْ‬ ‫اء‪ ،‬ثم قر له حتى صار راكِبه‪ ،‬فسار ومعه ِج ْ ِرب ْيل ال يف ْوت محدِها‬

‫احبه حتى بلغا مرضا ذات ن ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫خ ْي ٍل فقال‪ :‬اِ ْن ِز ْل فص ِّل م َُّيا ْ‬ ‫اخللِ ْيل‪ ،‬ففعل ما ممره‬ ‫ْ‬ ‫ِج ْ ِرب ْيل فقال له‪ :‬ه ِذ ِه ط ْيبة التِي وق ْفت عل ْيها‪ ،‬وتك ْون ِه ْجرتك إِل ْيها‪ ،‬ثم سارا ق ِل ْيال‬ ‫ان‪ ،‬فقال له ِج ِربيل‪ :‬اِ ْن ِز ْل فص ِّل ِهبذا املْك ِ‬ ‫مع ْاألم ِ‬ ‫ان‪ ،‬ففعل ما ممره ِم ْن ذلِك‪ ،‬فقال‬ ‫ْ ْ‬ ‫له‪ :‬صل ْيت بِط ْو ِر س ْيناء ح ْيث كلم اهلل م ْوسى هنالِك‪ ،‬ثم سارا ي ْعل ْوِها ن ْور‪ ،‬حتى‬ ‫بلغا م ْرضا ذات قص ْو ٍر‪ ،‬فقال له ِج ْ ِرب ْيل‪ :‬اِ ْن ِز ْل فص ِّل ِهب ِذ ِه ا ْلب ْقع ِة ِ‬ ‫الرش ْيف ِة‪ ،‬ففعل‬ ‫فأ ْخربه مهنا ب ْيت حلْ ٍم ح ْيث ولِد ِع ْيسى ا ْبن م ْريم ا ْلع ِف ْيف ِة‬ ‫ثم سارا إِىل م ْن دخال ب ْيت املْ ْق ِد ِ‬ ‫س ِم ْن بابِ ِه ا ْليام ِين‪ ،‬وحصل بِذلِك ا ْل ِعز والرشف‬

‫والته ِاين‪ ،‬ونزل ع ِن ا ْلرب ِاق س ِّيد ْاألنا ِم‪ ،‬وربطه بِحلق ِة ب ِ‬ ‫اب املْ ْس ِج ِد التِي ي ْربِط ِهبا‬ ‫ْاأل ْنبِياء عل ْي ِهم السالم‬

‫ثم دخال املْ ْس ِجد ِم ْن ب ٍ‬ ‫اب فِ ْي ِه ي ِم ْيل ن ْور ا ْلقمر ْي ِن‪ ،‬فصىل نبِ ُّينا ﷺ ح ْيث شاء‬ ‫ني‪ ،‬ثم دخل وجد إِبر ِ‬ ‫اهلل ِمن املْ ْس ِج ِد ركْعت ْ ِ‬ ‫اه ْيم وم ْوسى و ِع ْيسى وداود وسل ْيامن ِيف‬ ‫ْ‬

‫(‪ )64‬يدفع‬ ‫‪36‬‬


‫نف ٍر ِمن ْاأل ْنبِي ِ‬ ‫اء ق ْد مجعوا له ِيف ذلِك املْك ِ‬ ‫ان‪ ،‬فصىل بِ ِه إِماما لد َْيِ ْم‪ ،‬لِيكْمل له الرشف‬ ‫ْ‬ ‫اجل ِلي ِل بِام حرضه ِمن الثن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء ْ‬ ‫اجل ِم ْي ِل‪ ،‬فلام س ِمع‬ ‫عل ْي ِه ْم‪ ،‬ثم إِن ك ًّال منْه ْم م ْثنى عىل ر ِّبه ْ ْ‬ ‫نبِينا ما م ْثنى ك ٌّل ِمن صحبِ ِه‪ ،‬م ْثنى بِثن ٍ‬ ‫اء عظِ ْي ٍم عىل ر ِّب ِه‪ ،‬فقال‪ْ « :‬‬ ‫احل ْمد هللِ ال ِذي‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫م ْرسلنِي ر ْمحة لِ ْلعاملِ ْني‪ ،‬وكافة لِلن ِ‬ ‫اس م ْمج ِع ْني‪ ،‬ب ِش ْريا ون ِذ ْيرا‪ ،‬وم ْنزل عيل ا ْلف ْرقان فِ ْي ِه‬ ‫ِ‬ ‫يش ٍء‪ ،‬وجعل ممتِي ممة وسطا‪ ،‬وهم ْاألول ْون و ْاآل ِخر ْون‪ ،‬ورشح ِيل‬ ‫ت ْبيان ك ِّل ْ‬ ‫اَتا»‪ ،‬فلام فرغ ِمن الثن ِ‬ ‫احتا خ ِ‬ ‫ص ْد ِري‪ ،‬ووضع عنِّي ِو ْز ِري‪ ،‬وجعلنِي ف ِ‬ ‫اء املْ ْحم ْو ِد قال‬ ‫اهيم ل ِ َْل ْنبِي ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء‪ِ « :‬هبذا فضلك ْم حممد »‬ ‫إِ ْبر ْ‬ ‫ٍ‬ ‫مخ ٍر ع ِج ْيب ٍة‪ ،‬وق ْد ثبت ِم ْن طر ٍق واتصل‪،‬‬ ‫ثم م ِيت بِثالث ِة آنِي ٍة ق ِر ْيب ٍة‪ ،‬لب ٍن وماء و ْ‬ ‫منه ع ِرض عل ْي ِه م ْيضا إِناء ِم ْن عس ٍل‪ ،‬فأخذ اللبن ف ِ‬ ‫رشبه وترك املْاء وا ْملدام‪ ،‬فقال‬ ‫ِج ْ ِرب ْيل‪ :‬مص ْبت ا ْل ِف ْطرة م ْنت وممتك ا ْل ِكرام‬ ‫س ويمامها‪ ،‬فصعدا الص ْخرة ِمن ِجه ِ‬ ‫ت املْ ْق ِ‬ ‫ثم توجها نحو بي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرش ِق‬ ‫ة‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫اضطرب ْت ْحتت قد ِم نبِ ِّينا والن ْت‪ ،‬فأ ْمسك ْتها ا ْملال ِئكة ملا حترك ْت ومال ْت‬ ‫م ْعالها‪ ،‬ف ْ‬ ‫ثم م ِيت بِاملِْ ْعر ِ‬ ‫اج ا ْلف ِائ ِق‪ ،‬فن ِصب ب ْني يد ْي ِه‪ ،‬مل ْ ير ِم ْثله ح ْسنا ومجاال‪ ،‬مل ْ ينْظ ْر‬ ‫الناظِرون إِىل يش ٍء ق ُّط محسن ِمنْه‪ ،‬و ِمنْه تعرج املْال ِئكة‪ ،‬مصله ِمن ص ْخر ِة بي ِ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫س‪ ،‬ور ْمسه م ْلت ِصق بِالسام ِء‪ ،‬إِ ْحدى ع ِ‬ ‫املْ ْق ِد ِ‬ ‫محراء و ْاأل ْخرى ز ْبرجدة‬ ‫ارض ْي ِه ياق ْوتة ْ‬ ‫خ ْرضاء‪ ،‬درجة ِم ْن فِض ٍة ودرجة ِم ْن ذه ٍ‬ ‫الد ِّر‬ ‫ب ودرجة ِم ْن ز ْمر ٍد‪ ،‬مكلل بِ ُّ‬ ‫وا ْلياقو ِ‬ ‫ت‪ ،‬وهو ال ِذي يم ُّد املْ ْحترض إِل ْي ِه ع ْين ْي ِه‬ ‫ْ‬

‫‪37‬‬


‫الد ْنيا‪ ،‬فرضب ِج ْ ِرب ْيل بابا ِم ْن م ْبو ِاهبا‬ ‫فأ ْصعده ِج ْ ِرب ْيل وعرجا فِ ْي ِه إِىل السام ِء ُّ‬ ‫ا ْلع ْليا عىل املْال ِئك ِ‬ ‫حيفظ ْونه بِأ ْم ِر ْ‬ ‫ِّ‬ ‫اجل ِل ْي ِل‪ ،‬فقال له ا ْملوكل ْون‪ :‬م ْن ذا؟ فقال‪:‬‬ ‫ني‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫ص‬ ‫ة‬ ‫ْ ْ‬ ‫ِج ْ ِرب ْيل فقال ْوا‪ :‬وم ْن معك ِمن ْاألنا ِم؟ قال‪ :‬حممد عل ْي ِه الصالة والسالم قال ْوا‪ :‬وق ْد‬

‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫است ْبرش م ْهل السام ِء‬ ‫بعث إِل ْيه ا ْلع ُّيل ْاأل ْعىل؟ قال‪ :‬نع ْم‪ ،‬قال ْوا‪ :‬فم ْرحبا بِه وم ْهال‪ ،‬ف ْ‬ ‫بِقدو ِم ِه املْبار ِك ا ْمليمو ِن‪ ،‬وتلق ْته ا ْملال ِئكة ِحني دخل ض ِ‬ ‫اح ِك ْني م ْست ْب ِ ِ‬ ‫رش ْين‪ ،‬يق ْول ْون‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫خ ْريا وي ْدع ْون‬ ‫اح ِج ِربيل ‪ ‬مبواب السام ِء و ِ‬ ‫احلكْمة ِيف استِ‬ ‫و ِْ‬ ‫االستِ ْئذ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ان – ومل ْ يك ْن ق ْبل‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ذلِك ي ْست ْفتِح وال ي ْست ْأ ِذن – وذلِك إِ ْظهارا لِف ْض ِل حمم ٍد ﷺ ‪ ،‬وإِ ْعالما ِمنْه تبارك‬ ‫ات السب ِع ق ِ‬ ‫وتعاىل إِياه من اسمه ِيف السمو ِ‬ ‫است ْشهر‪ ،‬ون ْعته و ِصفته و ِذكْره فِ ْي ِهن‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫استِ ْشه ِ‬ ‫ض‪ ،‬فلِذلِك كان ِج ْ ِرب ْيل ي ْو ِقفه عىل ك ِّل ب ِ‬ ‫ار ِه ِيف ْاأل ْر ِ‬ ‫اب سام ٍء‪،‬‬ ‫مكْثر م ْن ذك ِْره و ْ‬ ‫حتى من النبِي ﷺ يسمع ِمن خز ِاهنا وسك ِ‬ ‫اهنا ِذكْر ن ْف ِس ِه‪ ،‬وي ْعلم ْاشتِهار م ْم ِر ِه‪ ،‬وعظم‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِمننه لد ْي ِه ِيف ك ِّل م ْحوال ِ ِه وم ْوقاتِ ِه‬ ‫ول ِقيه ملك عابِس‪ ،‬فقال خ ْريا ودعا‪ ،‬فقال ِج ْ ِرب ْيل‪ :‬يا حممد‪ ،‬هذا مالِك خ ِ‬ ‫ازن‬ ‫ار‪ ،‬متى إِليك وسعى‪ ،‬ومل ير ض ِ‬ ‫احكا ِم ْن ِح ْ ِ‬ ‫الن ِ‬ ‫ني خلقه ْ‬ ‫اجلبار‪ ،‬فقال‪ :‬م ْره ف ْل ِريينِي‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ت م ْن ت ْأخذ‬ ‫ت وكاد ْ‬ ‫النار‪ ،‬فقال‪ :‬يا مالِك‪ ،‬م ِرها ا ْمل ْختار‪ ،‬فكشف عنْها ِغطاءها‪ ،‬ففار ْ‬

‫ت ِح ْني ْارتفع ْت‪ ،‬فأمره بِر ِّدها‪ ،‬فقال هلا مالِك‪ :‬اِ ْخب ِئ ْي(‪ )65‬فرجع ْت‬ ‫ما رم ْ‬

‫(‪ )65‬سكن هليبها‬ ‫‪38‬‬


‫ثم رمى رجال جالِسا ينْظر إِىل م ْس ِود ٍة(‪ )66‬ع ْن ي ِم ْين ِ ِه وي ْضحك وي ْست ْب ِرش‪ ،‬ثم ي ْلت ِفت إِىل‬ ‫م ْس ِود ٍة ع ْن ِشامل ِ ِه في ْبكِي وي ْست ْع ِرب‪ ،‬فقال ِج ْ ِرب ْيل‪ :‬هذا مب ْوك آدم فس ِّل ْم عل ْي ِه‪ ،‬ففعل‬ ‫اب ا ْلوال ِ ِد النا ِص ِح‪ :‬مرحبا ومهال بِ ِ‬ ‫فا ْلتفت آدم إِلي ِه‪ ،‬وخاطبه بِ ِ‬ ‫خط ِ‬ ‫اال ْب ِن الصالِحِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫والنبِ ِّي الصال ِ ِح"‪ ،‬فسأل ِج ْ ِرب ْيل ع ِن ْاأل ْس ِود ِة التِي رآها ا ْمل ْختار‪ ،‬فقال‪ِ :‬هي نسم‬ ‫ار‪ ،‬فأ ْهل ا ْلي ِم ْ ِ‬ ‫الشام ِل م ْهل الن ِ‬ ‫بنِ ْي ِه املْ ْؤ ِمنِ ْني وا ْلكف ِ‬ ‫ني م ْهل ْ‬ ‫اجلن ِة دار ا ْلقر ِار‪ ،‬وم ْهل ِّ‬ ‫ار‬ ‫ثم رمى ِرجاال هل ْم مشافِر(‪ )68‬عظِ ْيم ٍة‪ِ ،‬يف م ْي ِد َْيِ ْم ِقطع ِمن الن ِ‬ ‫ار ج ِس ْيمة‪،‬‬ ‫ي ْق ِذفوهنا ِيف م ْفو ِ‬ ‫اه ِه ْم فت ْخرج ِم ْن م ْدب ِ‬ ‫ار ِه ْم‪ ،‬فسأل ِج ْ ِرب ْيل عنْه ْم لِي ْزداد ِع ْلام‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫هؤالء مكل ِة ممو ِ‬ ‫ال ا ْليت ِامى ظ ْلام‬ ‫ْ‬ ‫ثم م ْبرص ناسا ي ْعرض ْون عىل الن ِ‬ ‫ار هل ْم بطون كبِ ْرية‪َ ،‬ت ُّر عل ْي ِه ْم ك ْ ِ‬ ‫اإلبِ ِل‬ ‫( ‪)67‬‬

‫كثِ ْرية‪ ،‬يطؤ ْوهن ْم كلام م ُّر ْوا هنالِك‪ ،‬ال يتحول ْون ِم ْن مك ِ ِ‬ ‫اهن ْم ذلِك‪ ،‬فقال ِج ْ ِرب ْيل‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الربا ْاهلوال ِ ِك‬ ‫هؤالء مكلة ِّ‬ ‫ثم نظر إِىل ِرج ٍ‬ ‫ال ب ْني م ْي ِد َْيِ ْم حلم ط ِّيب س ِم ْني‪ ،‬إِىل جانِبِ ِه حلْم غ ٌّث منْتِن م ِه ْني‪،‬‬ ‫ِمن املْنْتِ ِن آكِل ْون‪ ،‬ولِلس ِم ْ ِ‬ ‫ارك ْون‪ ،‬فقال ِج ْ ِرب ْيل‪ :‬هؤال ِء ت ِ‬ ‫بت ِ‬ ‫ني الط ِّي ِ‬ ‫ارك ْوا ما محل اهلل‬ ‫ِ‬ ‫هلم ِمن النِّس ِ‬ ‫اخلبِيث ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء الطيب ِ‬ ‫ات‪ ،‬وم ْرت ِكبوا ْ‬ ‫ات‬ ‫احلرام من النِّساء ْ ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬

‫(‪ )66‬مسودة مجع قلة لسواد‪ ،‬وهو الشخص‬ ‫(‪ )67‬يعني مرواحهم‬ ‫(‪ )68‬املراد منه ‪ :‬شفته‬ ‫(‪ )63‬شدة العطاش‬ ‫‪33‬‬


‫ات بِث ِدَيِن‪ ،‬فسأل ِج ِربيل عن محو ِ‬ ‫ثم رمى نِساء معلق ٍ‬ ‫اهلن‪ ،‬فقال‪ :‬هن الالئِي‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ال بِا ْل ِعن ِ‬ ‫م ْدخ ْلن عىل الرج ِ‬ ‫اد م ْن ل ْيس ْوا هل ْم بِأ ْوال ٍد‬ ‫ِّ‬ ‫ثم مَض ِج ْ ِرب ْيل بِنبِ ِّينا حممد‪ ،‬فرمى هنْرا عل ْي ِه ق ْرص ِم ْن ل ْؤل ٍؤ وز ْبرجد‪ ،‬فرضب بِي ِد ِه‬ ‫إِىل ترابِ ِه فإِذا هو ِم ْسك م ْذفر(‪ ،)71‬فقال ِج ْ ِرب ْيل‪ :‬هذا ما خبأه لك ر ُّبك‪ ،‬هذا ا ْلك ْوثر‬ ‫ثم صعد بِ ِه السامء الثانِية‪ ،‬ومل ْ يز ْل ي ْعرج بِ ِه ِم ْن سام ٍء إِىل سام ٍء س ِامي ٍة‪ ،‬حتى‬ ‫ات ا ْلع ِجيب ِة‪ ،‬واملْكْنون ِ‬ ‫ب الر ِائع ِة‪ ،‬واملْ ْخلوق ِ‬ ‫ا ْنتهى إِىل السام ِء السابِع ِة‪ ،‬ذ ِ‬ ‫ات ا ْلعج ِائ ِ‬ ‫ات‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫از ِهلم الرفِيع ِ‬ ‫ا ْلغ ِريب ِة‪ ،‬يرى ْاأل ْنبِياء ِيف السمو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ات‪ ،‬فآدم ِيف ْاأل ْوىل كام تقدم‪،‬‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ىل‬ ‫ع‬ ‫ات‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الص ِد ْيق‪ ،‬و ِيف‬ ‫حييى وع ْيسى صىل اهلل عل ْي ِهام وسلم‪ ،‬و ِيف الثالثة‪ :‬يوسف ِّ‬ ‫و ِيف الثانية‪ْ :‬‬ ‫اخل ِامس ِة‪ :‬هارون ا ْلك ِريم‪ ،‬و ِيف الس ِ‬ ‫الرابِع ِة‪ :‬إِ ْد ْر ْيس الرفِ ْيق‪ ،‬و ِيف ْ‬ ‫ادس ِة‪ :‬م ْوسى‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ْلكلِيم‪ ،‬ورمى ِيف السابِع ِة‪ِ ِ ِ ْ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِس إِىل‬ ‫ْ‬ ‫اخلل ْيل إ ْبراه ْيم ذا الش ْيبة والنُّ ْور‪ ،‬جالسا عىل ك ْر ِّ‬ ‫اب ا ْلبي ِ‬ ‫ت املْعمو ِر‪ ،‬فرحب بِ ِه واستبرش بِقدو ِم ِه ا ْلعظِي ِم‪ ،‬وسلم علينا عىل لِس ِ‬ ‫ان نبِ ِّينا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ب ِ ْ‬

‫ا ْلك ِر ْي ِم‪ ،‬فعل ْي ِهام م ْنمى الصال ِة وم ْزكى الت ْسلِ ْي ِم‬ ‫ثم دخل بِ ِه ِج ْ ِرب ْيل جنة ا ْمل ْأوى وس ْقفها ع ْرش الر ْمح ِن‪ ،‬فرمى فِ ْيها قباب ال ُّل ْؤل ِؤ‬ ‫وا ْلياقو ِ‬ ‫ت وا ْملرج ِ‬ ‫الد ُّر و ْ‬ ‫اجل ْوهر‪ ،‬ثم عرج بِ ِه‬ ‫ان‪ ،‬وإِذا تراهبا ا ْملِ ْسك ْاأل ْذفر‪ ،‬ونثارها ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِج ْ ِرب ْيل ِم ْن ذلِك املْقا ِم إِىل م ْستوى س ِمع فِ ْي ِه ِ‬ ‫رص ْيف(‪ْ )71‬األ ْقال ِم‬

‫(‪ )71‬طيب الريح‬ ‫(‪ )71‬يعني صوت جرياهنا‬ ‫‪41‬‬


‫احل ِ‬ ‫ثم متى بِ ِه ِس ْدرة املْنْتهى ِيف ْ‬ ‫ال‪ ،‬وإِذا ورقها كآذا ِن ا ْلفي ْو ِل ون ْبقها كا ْل ِقال ِل‪،‬‬ ‫ان‪ ،‬فقال ِج ِربيل‪ :‬مما ا ْلباطِن ِ‬ ‫اهر ِ‬ ‫ان وآخر ِ‬ ‫ان باطِن ِ‬ ‫ِيف مصلِها هنر ِ‬ ‫ان ظ ِ‬ ‫ان ف ِفي ْ‬ ‫اجلن ِة د ِار‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ان فالنِّيل وا ْلفر ِ‬ ‫ا ْملرس ِ‬ ‫اهر ِ‬ ‫ات‪ ،‬ومما الظ ِ‬ ‫ات‬ ‫ْ‬ ‫ثم غ ِشيها ِم ْن م ْم ِر اهللِ ِما غ ِ​ِش فتغري ْت‪ ،‬فام محد ِمن ْ‬ ‫اخل ْل ِق ي ْستطِ ْيع م ْن ينْعتها ِم ْن‬

‫اخللِ ْيل‪ ،‬فناداه الر ُّب ْ‬ ‫احلبِ ْيب ْ‬ ‫ح ْس ِن ما تزين ْت فتأخر عنْه ِج ْ ِرب ْيل‪ ،‬وتقدم ْ‬ ‫اجل ِل ْيل‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬لب ْيك وس ْعد ْيك و ْ‬ ‫اخل ْري ِيف يد ْيك‪ ،‬فأمره اهلل بِسؤالِ ِه لِي ِف ْي ُ عل ْي ِه ِم ْن عظِ ْي ِم‬ ‫ات‪ ،‬وترك املْنْكر ِ‬ ‫اخلري ِ‬ ‫نوال ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ات‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ين‬ ‫إ‬ ‫‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫‪،‬‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫حم‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫‪:‬‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ني‪ ،‬وإِذا مردت بِ ِعب ِ‬ ‫وا ِّتباع الطيب ِ‬ ‫ات‪ ،‬وحب املْساكِ ْ ِ‬ ‫ادك فِ ْتنة فا ْقبِ ْضنا إِل ْيك غ ْري‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬

‫م ْفت ْونِ ْني‪ ،‬قال رس ْول اهللِ‪ :‬فام س ِم ْعت ش ْيئا ق ُّط ملذ ِم ْن كال ِم ر ِّيب جل وعال‪،‬‬ ‫فناد ْيت‪ :‬م ْنت السالم يا س ِّي ِدي‪ ،‬فقال ِيل الر ُّب – جل وعال ‪ :-‬منا السالم يا حبِ ْيبِ ْي‬ ‫يا حممد‪ ،‬فق ْلت‪ :‬الت ِحيات هللِ والصلوات والط ِّيبات والزاكِيات هللِ​ِ‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪:‬‬ ‫السالم عل ْيك م َُّيا النبِ ُّي ور ْمحة اهللِ وبركاته‪ ،‬قال رس ْول اهللِ ‪ : ‬فأ ْهلمنِي ر ِّيب س ْبحانه‬ ‫اد اهللِ الص ِ‬ ‫وتعاىل من السالم علينا وعىل ِعب ِ‬ ‫احل ْني‪ ،‬فقال ْت محلة ا ْلع ْر ِ‬ ‫ش‪ :‬ن ْشهد م ْن ال‬ ‫ْ‬ ‫إِله إِال اهلل‪ ،‬ون ْشهد من حممدا ع ْبده ورس ْوله‪ ،‬ثم قال اهلل ﭐﱡﭐ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ‬

‫ﲍ ﲎﲏﭐﱠ إِىل ﱡﭐﲕﱠ فأ ْهلمنِي اهلل م ْن مق ْول ﭐﱡﭐ ﲞﭐﱠﭐ إِىل‬

‫ﱡﲤ ﲥ ﱠ ‪،‬‬

‫فقال اهلل ‪ :‬يا حممد ﭐﱡﭐ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫ ﭐﱠ إِىل ﱡ ﲱ ﲲﲳﱠ يا حممد‪،‬‬ ‫ا ْحلسنة ا ْلو ِ‬ ‫احدة بِع ْرش ٍة‪ ،‬وا ْلع ْرشة بِ ِمئ ٍة‪ ،‬والس ِّيئة بِ ِم ْثلِها وم ْغ ِفرها وال مب ِايل‪ ،‬قال‬ ‫‪41‬‬


‫رس ْول اهللِ ‪ :‬ﱡﲴ ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺﭐﱠ فقال اهلل تعاىل‪ :‬ق ْد فع ْلت ذلِك‬ ‫يا حممد‪ ،‬فق ْلت ﱡ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﱠ إِىل ِ‬ ‫آخ ِرها‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪ :‬ق ْد فع ْلت لك ذلِك‬ ‫الد ْنيا تر ِاين‪ ،‬ومنا‬ ‫يا حممد‪ ،‬لق ْد عظم ش ْأ ِين‪ ،‬وعز س ْلط ِاين‪ ،‬و ْارتفع مك ِاين‪ ،‬وال ع ْني ِيف ُّ‬ ‫ا ْمللِك ا ْلو ِ‬ ‫اجلبابِر ِة‪ ،‬وق ِ‬ ‫احد ْاألحد ال ِذي ل ْيس ِيل ث ِ‬ ‫اين‪ ،‬منا اهلل ال إِله إِال منا جبار ْ‬ ‫اصم‬ ‫ٌّ‬ ‫الد ْنيا و ِ‬ ‫اهر املْلو ِك و ْاألك ِ‬ ‫ارين‪ ،‬وق ِامع املْتمر ِدين‪ ،‬وق ِ‬ ‫ْ‬ ‫اآلخر ِة‪،‬‬ ‫ارس ِة‪ ،‬منا اهلل مالِك ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ ْ‬ ‫اجلب ِ ْ‬ ‫ثم قال اهلل تبارك وتعاىل‪ :‬يا حممد‪ ،‬ا ْنظر إِىل مي مو ِض ٍع مصع ْدتك‪ ،‬و ِيف مي مك ٍ‬ ‫ان‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫كل ْمتك‪ ،‬ثم قال ِيل‪ :‬يا حممد‪ ،‬س ْلنِي ِيف ه ِذ ِه الل ْيل ِة ما ِش ْئت بِال خ ْشي ٍة‪ ،‬فإِنه ل ْيس ب ْينِي‬ ‫وب ْينك ِيف ه ِذ ِه الل ْيل ِة ِحجاب وال رس ْول وال بواب‪ ،‬ومنا املْلِك ا ْلعظِ ْيم ا ْلوهاب‪،‬‬

‫قال‪ :‬فرفعت ر ْم ِ​ِس وإِذا بِسي ِ‬ ‫ف ا ْل ِف ْتن ِة معلق ممام ا ْلع ْر ِ‬ ‫ش وهو ي ْقطر دما‪ ،‬فق ْلت‪ :‬إِ ِهلي‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وسي ِدي وموالي اِرف ِع السيف عن ممتِي‪ ،‬فقال اهلل تعاىل‪ :‬يا حممد‪ ،‬بع ْثتك بِالسي ِ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫وال م ْفنِي ممتك إِال بِالسي ِ‬ ‫ف‪ ،‬فق ْلت‪ :‬إِ ِهلي وال م ْسألك ش ْيئا‪ ،‬فقال اهلل تبارك وتعاىل‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫اِسأ ْل يا حبِيبِي يا حممد‪ ،‬فإِ ِّين آليت عىل ن ْف ِس ِمن قبل م ْن م ْخلق مباك آدم بِأ ْل ِ‬ ‫ف عا ٍم‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫الرضا‪ ،‬فق ْلت‪ :‬إِ ِهلي وس ِّي ِدي خل ْقت آدم بِي ِدك‪ ،‬ونف ْخت‬ ‫الرضا وف ْوق ِّ‬ ‫م ْن م ْعطيك ِّ‬

‫فِي ِه ِمن رو ِحك‪ ،‬ومسج ْدت له مال ِئكتك‪ ،‬وجع ْلته ب ِديع فِ ْطرتِك‪ ،‬واخت ْذت إِبر ِ‬ ‫اه ْيم‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫احل ِد ْيد‪ ،‬وسخ ْرت له ِْ‬ ‫خ ِل ْيال‪ ،‬وم ْوسى كلِ ْيام‪ ،‬وملنْت لِداود ْ‬ ‫اجلبال‪ ،‬وم ْعط ْيته م ْلكا‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرياح‬ ‫عظ ْيام‪ ،‬وم ْعط ْيت سل ْيامن م ْلكا ال ينْبغي ألحد من ا ْلعامل ْني‪ ،‬وسخ ْرت له ِّ‬ ‫اإل ْنس و ِْ‬ ‫اجلن والشياطِ ْني‪ ،‬وعل ْمت ِع ْيسى الت ْوراة و ْ ِ‬ ‫و ِْ‬ ‫اإل ْن ِج ْيل‪ ،‬وجع ْلته ي ْ ِربئ‬ ‫ْاألكْمه و ْاألبرص والس ِقيم‪ ،‬ومع ْذته وممه ِمن الشيط ِ‬ ‫ان الر ِج ْي ِم‪ ،‬فخاطبه ْ‬ ‫اجلبار‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫‪42‬‬


‫طم ْأنِ ْينة لِق ْلبِ ِه وت ْط ِي ْيبا‪ :‬يا حممد‪ ،‬ق ِد اخت ْذتك حبِ ْيبا‪ ،‬وم ْرس ْلتك كافة لِلن ِ‬ ‫اس م ْمج ْع ْني‪،‬‬ ‫وجع ْلت ممتك ْاآل ِخ ِر ْين السابِ ِق ْني‪ ،‬وال َت ْوز هل ْم خ ْطبة ِيف مقا ٍم حتى ي ْشهدوا منك‬ ‫آخرهم بعثا‪ ،‬ه ِ‬ ‫ويل إِىل ْاألنا ِم‪ ،‬وجع ْلتك مول النبِيني خ ْلقا‪ ،‬و ِ‬ ‫ع ْب ِدي ورس ِ‬ ‫اديا م ْه ِديا‪،‬‬ ‫ْ ْ‬ ‫ِّ ْ‬ ‫وآت ْيتك س ْبعا ِمن املْث ِاين مل ْ م ْعطِها ق ْبلك نبِ ًّيا‪ ،‬وم ْعط ْيتك خواتِ ْيم س ْورة ا ْلبقر ِة ْ‬ ‫اجل ِل ْيل ِة‬ ‫املْ ْفت ِ‬ ‫خر ِة ِم ْن كن ٍْز ْحتت ع ْر ِيش عطاء د ِائام‪ ،‬وشق ْقت لك م ْسامء ِم ْن م ْسام ِئي‪ ،‬فأنا‬ ‫احل ِامد ْون‪ ،‬يا حممد‪ ،‬إِ ِّين ال م ْذكر ِيف سام ٍء وال ِيف ْاأل ْر ِ‬ ‫ا ْمل ْحم ْود وم ْنت حممد وممتك ْ‬ ‫ض‬

‫إِال فت ْذكر م ِعي‪ ،‬وال يؤ ِّذن ِيل مؤ ِّذن وال يص ِّىل مص ٍّل حتى ي ْشهد م ْن ال إِله إِال اهلل‬ ‫احتا خ ِ‬ ‫احد ا ْلقهار‪ ،‬ومنك حممد رسو ِيل‪ ،‬وجع ْلتك ف ِ‬ ‫ا ْلو ِ‬ ‫اَتا‪ ،‬ومباحه ْ‬ ‫اجلبار ‪ ‬النظر‬ ‫ْ‬ ‫إِل ْي ِه‪ ،‬ومتم نِعمه وف ْضله لد ْي ِه‬ ‫مخ ِس ْني صالة عل ْي ِه‪ ،‬فرجع وعل ْي ِه خ ْلع ا ْلق ْر ِ‬ ‫ب‬ ‫وفرض ِيف ك ِّل ي ْو ٍم ول ْيل ٍة ْ‬

‫والر ْضو ِ‬ ‫ان‪ ،‬م ْغمورا بِمو ِ‬ ‫اه ِ‬ ‫ب الر ْمح ِن‪ ،‬إِىل م ْن هبط بِ ِه ِج ْ ِرب ْيل ا ْلك ِر ْيم حتى بلغ م ْوسى‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ا ْلكلِيم‪ ،‬فقال له موسى‪ :‬يا حممد‪ ،‬ماذا فرض ربك عىل ممتِك ِمن ا ْل ِعباد ِ‬ ‫ات؟ فقال‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِيف ك ِّل يو ٍم وليل ٍة ْ ِ ِ‬ ‫ربت الناس ق ْبلك‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫مخس ْني من الصلوات‪ ،‬فقال‪ :‬يا حممد‪ ،‬إِ ِّين خ ِ ْ‬ ‫وجر ْبت وعاجلْت بنِي إِ ْرس ِائ ْيل مشد املْعاجل ِة وكاب ْدت‪ ،‬وإِن ممتك ال ت ْستطِ ْيع هذا‬ ‫ف عنْك اللطِ ْيف ْ‬ ‫اخلبِ ْري‪ ،‬فا ْلتفت إِىل ِج ْ ِرب ْيل‬ ‫ا ْلعمل ا ْلكثِ ْري‪ ،‬ف ْار ِج ْع إِىل ر ِّبك ف ْليخ ِّف ْ‬ ‫اجلب ِ‬ ‫كأنه ي ْست ِش ْريه هنالِك‪ ،‬فقال له‪ :‬نع ْم‪ ،‬إِ ْن ِش ْئت ذلِك‪ ،‬فعال بِ ِه إِىل ْ‬ ‫ار ‪ ‬ودنا‪،‬‬ ‫ف عنا ُِما ممرتنا‪ ،‬فوضع عنْه ع ْرش صلو ٍ‬ ‫ات ِمن ْ‬ ‫اخل ْم ِس ْني‪ ،‬فرجع بِ ِه‬ ‫فقال‪ :‬يا ر ِّب خ ِّف ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِج ْ ِرب ْيل ْاأل ِم ْني حتى بلغ م ْوسى‪ ،‬فسأله‪ :‬بِام ممره؟ فقال‪ :‬بِأ ْرب ِع ْني‪ ،‬فرده م ْوسى إِىل‬ ‫‪43‬‬


‫ر ِّب ِه‪ ،‬ي ْسأله الت ْخ ِف ْيف ِهل ِذ ِه ْاألم ِة‪ ،‬شفقة ِمنْه عل ْينا ور ْمحة‪ ،‬وتل ُّذذا بِكال ِم م ْن س ِمع‬ ‫ان‪ ،‬ومل يز ْل يردده حتى صار ِ‬ ‫ِخطاب الر ْمح ِن‪ ،‬وفاز بِالر ْؤي ِة ا ْلعظِيم ِة الش ِ‬ ‫ت الصلوات‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫مخسا‪ ،‬فرجع إِىل م ْوسى وق ْد وجد بِ ِه م ْنسا‪ ،‬فأ ْخربه بِام فرض اهلل عل ْي ِه‪ ،‬وم ْوحى ِيف‬ ‫ْ‬

‫ِ‬ ‫اجلت بنِي إِ ْرس ِائ ْيل وراو ْدهت ْم عىل م ْدنى‬ ‫هذا املْ ْرسى إِل ْيه‪ ،‬فقال‪ :‬يا حممد‪ ،‬ق ْد واهللِ ع ْ‬ ‫ِم ْن هذا ا ْلعم ِل ا ْلقلِ ْي ِل فل ْم ي ْقبل ْوه‪ ،‬وضعف ْوا عنْه فرتك ْوه‪ ،‬وممتك م ْضعف م ْجسادا‬ ‫وم ْسامعا وم ْبصارا‪ ،‬ومق ُّل ْاألم ِم م ْعامرا‪ ،‬ف ْار ِج ْع إِىل ر ِّبك ْ‬ ‫اجل ِل ْي ِل‪ ،‬لِي ْأمرك بِعم ٍل ق ِل ْي ٍل‪،‬‬ ‫ك ُّل ذلِك ي ْلت ِفت إِىل ِج ْ ِرب ْيل لِ ْلمش ْور ِة‪ ،‬وال يكْره ذلِك ِج ْ ِرب ْيل لِيت ِّمم رس ْوره‪ ،‬فرفعه‬ ‫ف عن ممتِي فإِهنم ضعفاء ْاألبد ِ‬ ‫اجلب ِ‬ ‫ِعنْد ذلِك إِىل ْ‬ ‫ان ِقصار‬ ‫ْ‬ ‫ار‪ ،‬فقال‪ :‬يا ر ِّب خ ِّف ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْاأل ْعام ِر‪ ،‬فقال‪ :‬يا حممد‪ ،‬قال‪ :‬ق ْلت‪ :‬لبيك وسعديك تل ُّذذا بِ ْ ِ‬ ‫اخلط ِ‬ ‫اب‪ ،‬قال‪ :‬إِنه ال‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫رش ممث ِ‬ ‫يبدل ا ْلق ْول لدي كام فر ْضته عل ْيك ِيف م ِّم ا ْل ِكت ِ‬ ‫اب‪ ،‬ف ْ‬ ‫اهلا مضاعفة‬ ‫احلسنة بِع ْ ِ ْ‬

‫مخس ْون ِيف م ِّم ا ْل ِكت ِ‬ ‫مخس عل ْيك م ْسط ْورة‪ ،‬وم ْن هم بِحسن ٍة فل ْم‬ ‫اب و ْ‬ ‫م ْأث ْورة‪ ،‬ف ِهي ْ‬ ‫ي ْم ِ‬ ‫ ُ هلا م ْمرا كتِب ْت حسنة‪ ،‬فإِ ْن ع ِملها كتِب ْت ع ْرشا‪ ،‬وم ْن هم بِس ِّيئ ٍة فل ْم ي ْعم ْلها مل‬

‫تو ِ‬ ‫احدة لد ْي ِه‪ ،‬فرجع حتى متى م ْوسى ‪ ،‬فأ ْخربه‬ ‫ب عل ْي ِه‪ ،‬فإِ ْن ع ِملها صار ْ‬ ‫تكْت ْ‬ ‫بِام ممره املْ ِلك ا ْلعالم‪ ،‬فقال م ْوسى‪ :‬ق ْد واهللِ راو ْدت ق ْو ِمي عىل م ْدنى ِم ْن ذلِك فل ْم‬ ‫ِ‬ ‫اسأ ْله الت ْخ ِف ْيف لِ َْلم ِة و ِزيادة‬ ‫ي ْقبل ْوه‪ ،‬وضعفوا عنْه وترك ْوه‪ ،‬ف ْارج ْع إِىل ر ِّبك و ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫است ْحي ْيت ُِما ْ‬ ‫اختل ْفت إِىل اهللِ‬ ‫للنِّ ْعمة‪ ،‬فقال‪ :‬يا م ْوسى‪ ،‬قد ْ‬ ‫قال فاهبِ ْط بِس ِم اهللِ‪ ،‬فهبط بِ ِه ِج ِربيل ‪ ،‬فإِذا بِا ْلرب ِاق و ِاقفة عىل ح ِ‬ ‫اهلا‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫فركب ْتها‪ ،‬ورجع ْت إِىل مكة والل ْيل مل ْ يتغ ْري‪ ،‬فودعنِي ِج ْ ِرب ْيل وقال‪ :‬يا حممد‪ ،‬ح ِّد ْ‬ ‫ث‬ ‫‪44‬‬

‫ْ‬


‫قريشا بِكرامتِك عىل اهللِ ِيف ه ِذ ِه الليل ِة‪ ،‬فق ْلت‪ :‬يا م ِخي‪ ،‬ال يص ِّدقو ِين‪ ،‬قال‪ :‬ص ِ‬ ‫احبك‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫مبو بك ٍْر يص ِّدقك‪ ،‬فإِن اهلل س ْبحانه وتعاىل ق ْد ر ِيض بِشهادتِ ِه وت ْص ِدي ْق ِه فال تب ِايل‬ ‫بِتك ِْذ ْي ِ‬ ‫ب غ ْ ِري ِه‬ ‫احلرا ِم فلام صىل ا ْلفجر قال ِألم هانِ ٍئ بِن ِ‬ ‫ْت م ِيب طالِ ٍ‬ ‫فأ ْصبح وهو ِيف املْ ْس ِج ِد ْ‬ ‫ب‪ :‬لق ْد‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬

‫س‪ ،‬فصليت ِيف ب ْقعتِ ِه ا ْلف ِ‬ ‫صل ْيت معك ْم ا ْل ِعشاء ْاآل ِخرة‪ ،‬ثم ِج ْئت ب ْيت املْ ْق ِد ِ‬ ‫اخر ِة‪ ،‬ثم‬ ‫ْ‬ ‫الص ْبح معكم ا ْلي ْوم‪ ،‬وألح ِّدثن بِ ِه ا ْلق ْوم‪ ،‬فقال ْت‪ :‬يا نبِي اهللِ‪ ،‬ال حت ِّدثه ْم‬ ‫صل ْيت ُّ‬ ‫بِذلِك فيك ِّذب ْوك‪ ،‬وال ت ْذك ْره هل ْم في ْؤذ ْوك‪ ،‬فذكره لِقر ْي ٍ‬ ‫ش فأ ْنكر ْته‪ ،‬وكذب ْت بِ ِه‬ ‫ت ط ِائفة ُِمن مسلم‪ ،‬وا ْفتتن ناس ِمن ْ ِ‬ ‫اال ْلتِب ِ‬ ‫اس‪ ،‬فأ ْنزل اهلل فِ ْي ِه ْم‪:‬‬ ‫وجحد ْته و ْارتد ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ﭐﱡﭐﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ ﱡ ﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ﱧ ﱨ ﱩ‬

‫ﱪ ﱫ ﱬﱭﱮﱯﱰ ﱱﱲﱳﱴ ﱠ اإلرساء‪ ،٠٦ :‬وذهب الناس إِىل‬ ‫م ِيب بك ٍْر فأ ْخرب ْوه ْ‬ ‫اخلرب‪ ،‬فقال‪ :‬إِ ْن كان قاله فق ْد صدق فِ ْيام ذكر‪ ،‬وما يع ِّجبك ْم ُِما‬ ‫اخلرب ي ْأتِ ْي ِه ِمن السام ِء إِىل ْاأل ْر ِ‬ ‫س ِم ْعت ْم ِم ْن صالتِ ِه هنالِك‪ ،‬فواهللِ إِنه لي ْخ ِرب ِين من ْ‬ ‫ض‬

‫ِيف ساع ٍة فأص ِّدقه بِذلِك‪ ،‬ثم متى إِىل رس ْو ِ‬ ‫است ْخربه عام نوه بِ ِه وتكلم‪،‬‬ ‫و‬ ‫ﷺ‬ ‫ِ‬ ‫هلل‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫س فأنا متيته وزرته ورميته‪ ،‬فكشف اهلل له عن بي ِ‬ ‫ت املْ ْق ِد ِ‬ ‫ف ِيل ب ْيت املْ ْق ِد ِ‬ ‫س‬ ‫وقال ِص ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وجاله لد ْي ِه‪ ،‬فط ِفق خي ِْربه ْم ع ْن آياتِ ِه وهو ينْظر إِل ْي ِه‪ ،‬كلام وصف ش ْيئا ُِما رآه يق ْول‬ ‫له مبو بك ٍْر‪ :‬صد ْقت‪ ،‬م ْشهد منك رسول اهللِ‪ ،‬فلام ا ْنتهى ِمن ا ْلوص ِ‬ ‫ف عىل الت ْح ِق ْي ِق‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫الص ِّد ْيق‪ ،‬فأ ْنزل اهلل تعاىلﭐﱡﭐ ﱓ‬ ‫قال له مب ْو بك ٍْر‪ :‬صد ْقت‪ ،‬فقال‪ :‬وم ْنت يا مبا بك ٍْر ِّ‬ ‫ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱠ الزمر‪.٣٣ :‬‬

‫‪45‬‬


‫ثم م ْخرب قريشا بِأمار ٍ‬ ‫حت ِق ْي ِق ه ِذ ِه ا ْلق ِضي ِة‪ ،‬منه مر بِ ِع ْ ِري ق ْو ٍم‬ ‫ات جلِية‪ ،‬تد ُّهل ْم عىل ْ‬ ‫ْ‬ ‫اخل ِرب‪ ،‬بِو ٍ‬ ‫سامه ْم ِيف ْ‬ ‫اد وصفه هل ْم فِ ْيام ذكِر‪ ،‬فأ ْنفره ْم ح ُّس الداب ِة فند هل ْم ب ِع ْري لد ْي ِه‪،‬‬ ‫فطلبوه فدهلم علي ِه‪ ،‬وهو ذ ِ‬ ‫اهب إِىل الشا ِم‪ ،‬فلام رجع عل ْي ِه الصالة والسالم‪ ،‬مر بِ ِع ْ ِري‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫بنِي فال ٍن وهو سائِر بِضجنان‪ ،‬فوجد ا ْلقوم نِياما بِذلِك ا ْملك ِ‬ ‫ان‪ ،‬وهل ْم إِناء فِ ْي ِه ماء‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫الدالال ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ت والت ْف ِه ْي ِم‪ ،‬من تِ ْلك ا ْل ِع ْري تص ِّوب‬ ‫رشبه ثم غطاه كام كان‪ ،‬وزاد قر ْيشا ِمن ِّ‬ ‫علي ِهم ِمن ا ْلبيض ِ‬ ‫اء ثنِية التن ِْع ْي ِم‪ ،‬ي ْقدمها مجل م ْورق عل ْي ِه ِم ْسح م ْسود كأنه ِرداء‪ ،‬ف ْوقه‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬

‫ان سوداء وبرقاء فلام س ِمع ا ْلقوم كالم سي ِد ْاألص ِفي ِ‬ ‫غرارت ِ‬ ‫اء‪ ،‬سأل ْوه ع ِن ا ْلب ِع ْ ِري متى‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َتيء؟ قال‪ :‬يوم ْاألربِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء‪ ،‬فلام كان ذلِك ا ْلي ْوم‪ ،‬م ْرشف ْت قر ْيش ينْظر ْون ا ْلب ِع ْري ه ْل‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َتيء كام قال ا ْلب ِشري الن ِذ ْير؟ فلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫َتى ْء حتى كاد ا ْلي ْوم ي ْدخل ِيف خ ِرب م ْم ِ‬ ‫س‪ ،‬فدعا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫نبِ ُّينا ف ِز ْيد له ِيف النه ِ‬ ‫ار ساعة‪ ،‬وحبِس ْت عل ْي ِه الش ْمس‬

‫فأ ْقبل ِ‬ ‫ت ا ْل ِع ْري ِمن الثنِي ِة ي ْقدمها ذلِك ْ‬ ‫اجلمل املْع ِّلم‪ ،‬كام وصف رس ْول اهللِ ‪، ‬‬ ‫اإلن ِ‬ ‫وسأل ْوه ْم ع ِن ْ ِ‬ ‫اء فأ ْخرب ْوه ْم مهن ْم مَل ْوه ماء ومخر ْوه‪ ،‬ومل ْ جيِد ْوا فِ ْي ِه ماء ِح ْني‬ ‫كشف ْوه‪ ،‬وسألوا ْاآلخ ِر ْين ع ْن خ ِرب ا ْلب ِع ْ ِري ال ِذي ند هل ْم ووجد ْوه‪ ،‬فقال ْوا‪ :‬صدق واهللِ‬ ‫اخل ِرب‪ ،‬لق ْد م ْنفرنا ِيف ا ْلو ِ‬ ‫ِيف ْ‬ ‫ادي ال ِذي ذكِر‪ ،‬فند لنا ب ِع ْري وطل ْبناه‪ ،‬فس ِم ْعنا ص ْوت رج ٍل‬ ‫اإليام ِن‪ ،‬واهللِ إِنه الص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ادق‬ ‫ي ْدع ْونا إِل ْيه حتى مخ ْذناه فصدق ِهبذه ا ْلقصة م ْهل الطاعة و ْ ِ ْ‬ ‫ا ْمل ْصد ْوق‪ ،‬لِق ْول ِ ِه تعاىل‪:‬ﭐﱡﭐﱋ ﱌ ﱍ ﱎ ﱏ ﱠ انلجم‪ ،٣ :‬وجحد ِهبا م ْهل النِّف ِ‬ ‫اق‬ ‫وال ُّ ِ‬ ‫ط ْغيانﭐﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄ ﱅ ﱆﱇ ﱈ ﱉ ﱊ ﱋ ﱌ ﱍ ﱠ‬

‫انلمل‪،١١ :‬بعد ما قام ِ‬ ‫الدالالت ا ْلقاطِعة لِ ْل ِجد ِ‬ ‫ال‪ ،‬ولع ْم ِري لق ْد م ْحسن م ْن قال‪:‬‬ ‫ت ِّ‬ ‫ْ‬ ‫‪46‬‬


‫احتاج النهار إِىل دلِ ْي ِل‬ ‫إِذا ْ‬

‫وليس ي ِصح ِيف ْاأل ْذه ِ‬ ‫يشء‬ ‫ان‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬

‫اهر‪ ،‬و ِدالالهتا بينة ظ ِ‬ ‫وكيف تنْكر ه ِذ ِه ا ْل ِقصة ا ْلب ِ‬ ‫اهرة‪ ،‬وق ْد ذكرها الر ْمحن‬ ‫ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ادي ِ‬ ‫ِ‬ ‫جمْملة ِيف ا ْلقر ِ‬ ‫ث النب ِوي ِة املْ ْأث ْور ِة‪ ،‬و ِهي‬ ‫آن‪ ،‬وورد ْ‬ ‫ت مفصلة م ْشه ْورة ِيف ْاألح ْ‬ ‫ْ‬ ‫ات‪ِ ،‬ألن فِيها م ِري نبِينا ملكوت السمو ِ‬ ‫ات وخطِري املْع ِجز ِ‬ ‫عظِيم ْاآلي ِ‬ ‫ات و ْاأل ْر ِ‬ ‫ض‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ض‪ ،‬وشاهد ما شاهد ِمن ا ْلعج ِائ ِ‬ ‫ووجب عل ْي ِه ما وجب ِمن ا ْلف ْر ِ‬ ‫ب وا ْلق ْدر ِة‬ ‫ان‪ ،‬ورمى ما رمى ِمن ْاآلي ِ‬ ‫ات ا ْلعظِيم ِة الش ِ‬ ‫والس ْلط ِ‬ ‫ان‪ ،‬وم ْنعم عل ْي ِه بِمناجاتِ ِه رب‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ا ْلعاملِني‪ ،‬ومباحه النظر إِلي ِه مرحم الر ِ‬ ‫امحِ ْني‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ــل ِيف ا ْلعـاملِ‬ ‫س ْبحان م ْن ق ْد خص خ ْري ا ْلورى حمـمـدا بِا ْلـف ْض ِ‬ ‫ـني‬ ‫ـــ‬ ‫ــ‬ ‫ْ‬ ‫مسـرى بِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـل ِمـ ْن مكــة عــىل بـــر ٍاق م ْرك ِ‬ ‫ـه ِيف الل ْي ِ‬ ‫ـــني‬ ‫ــرسـل ْ‬ ‫ــب املْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫متى ِحمل ا ْلق ْد ِ‬ ‫ـــني‬ ‫س فـي م ْس ِج ِد ا ْلـ م ْق ى ال ِذي ب‬ ‫ْ‬ ‫ـــــــو ِرك ل ْلعاكـف ْ‬ ‫رقــاه ِمـنــْه مـرتـقـا عـالِــيـا فوق السمو ِ‬ ‫ات ا ْلعـــــــىل بِا ْلي ِقـــ ْ ِ‬ ‫ني‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫إِلـى مقـا ٍم م ْشـر ِ‬ ‫ـــد غــدا مؤ ِّخرا عـنْــه ا ْلـق ِ‬ ‫ـني‬ ‫فق ْ‬ ‫ــو ِّي ْاملـــكــــ ْ‬

‫وجـازه ا ْمل ْختـار عــ ْن ممـ ٍْر مـ ْن ناجـاه فِــ ْيـــ ِه بِـا ْلكــــال ِم املْــ بــ ْ ِ‬ ‫ِني‬ ‫مبــاحـــه ملــا دنــا ر ْؤيـــــة م ْعجز عن تك ِْيــيــ ِفـها ا ْلـو ِ‬ ‫اص ِفــــ ْني‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ــني‬ ‫فــيـا هلا مـ ْن ر ْتـبـة نـاهلـــــا نبِ ُّينا ْاهلـــادي الرســ ْول ْاألمـــــ ْ‬ ‫عل ْي ِه صىل اهلل مــــا شــنـف ْت م ْخباره ْاأل ْسام ِع ِيف كـــ ِّل ِحـــــــــ ْ ٍ‬ ‫ني‬ ‫كــذا عــىل ِ‬ ‫آل لــــه قـــاد ٍة‬

‫وص ْحبِ ِه ساداتِــنا ْاأل ْكــر ِمـــــــــ ْني‬ ‫‪47‬‬


‫فهرس‬ ‫المقدمة‬

‫‪3‬‬

‫بين يدي اإلسراء والعراج‬

‫‪4‬‬

‫شق صدره‪5......................................................................‬‬ ‫‪5‬‬ ‫الوسيلة )البراق)‬ ‫تاريخ اإلسراء والمعراج‬

‫‪5‬‬

‫حكم إنكار اإلسراء والمعراج‬

‫‪5‬‬

‫اإلسراء والمعراج وقعا بالروح والجسد‬

‫‪6‬‬

‫صالة الرسول باألنبياء‬

‫‪6‬‬

‫الكؤوس التي وضعها جبريل لرسول هللا ‪ ‬ورؤية جبريل‪6 . ............‬‬ ‫رؤية جبريل‪‬‬

‫‪6‬‬

‫تشريف النبي ‪‬وتفضيله‬

‫‪6‬‬

‫مقابلة األنبياء‬

‫‪7‬‬

‫رؤية الرسول ‪‬ربه‬

‫‪7‬‬

‫تسرية وابتهاج الرسول ‪‬‬

‫‪8‬‬ ‫‪3‬‬

‫ترجمة اإلمام الغيطي‬

‫‪31-11‬‬

‫قصة المعراج‬

‫‪32‬‬

‫ترجمة اإلمام ابن ناصر الدين‬

‫‪47-33‬‬

‫السراج الوهاج‬

‫‪48‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.