أحكام الأضحية فى الفقه الإسلامي لمحمد بن إبراهيم الهزاع

Page 1


‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬

‫أحكام األضحية يف الفقه اإلسالمي‬

‫إعداد‬

‫حممد بن إبراهيم اهلزاع‬


‫املقدمة‬ ‫إن احلمدهلل حنمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه‪ ،‬ونعوذ ابهلل من شرور أنفسنا وسيئات‬ ‫أعمالنا‪ ،‬من يهده هللا فال مضل له‪ ،‬ومن يضلل فال هادي له‪ ،‬وأشهد أال إله إال هللا وحده ال‬ ‫حممدا عبده ورسوله‪ ،‬صلى هللا عليه وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬أما بعد ‪،،،‬‬ ‫شريك له‪ ،‬وأن ً‬ ‫فإن هللا سبحانه وتعاىل قد شرع على العباد شرائع‪ ،‬وأمرهم ابلقيام هبا‪ ،‬منها ماعلى سبيل‬ ‫الندب ومنها ماعلى سبيل الوجوب؛ لكي حيققوا العبودية التامة له ويثيبهم عليها يف الدنيا‬ ‫وبّي سبحانه أن من عظم شعائره وامتثل ألمره؛ قد حقق التقوى يف قلبه‪ ،‬قال تعاىل‬ ‫واآلخرة‪ ،‬ن‬ ‫ِ (‪)1‬‬ ‫اَّللِ فِإنهها ِمن ت ْقوى الْ ُقلُوب)‬ ‫‪(:‬ذلِك ومن يُع ِظن ْم شعائِر ه‬ ‫ومن هذه الشعائر شعرية األضحية اليت أمر الشرع هبا وحث عليها‪ ،‬قال تعاىل ‪(:‬والْبُ ْدن‬ ‫ِ‬ ‫جع ْلناها ل ُكم ِمن شعائِ​ِر هِ‬ ‫اَّللِ علْي ها صو ه‬ ‫ت‬ ‫اسم ه‬ ‫اف ۖ فِإذا وجب ْ‬ ‫اَّلل ل ُك ْم فيها خْي ٌر ۖ فاذْ ُك ُروا ْ‬ ‫ن‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ُجنُوبُها ف ُكلُوا ِمْن ها وأطْعِ ُموا الْقانِع والْ ُم ْعت هر ۚ كذلِك س هخ ْرَنها ل ُك ْم لعله ُك ْم ت ْش ُك ُرون)‬ ‫ومن تعظيم هذه الشعرية معرفة أحكامها قبل القيام هبا‪ ،‬ومن ذلك معرفة وقت ذحبها‬ ‫أيضا مراعاة‬ ‫ومراعاة الشروط فيها أبن تكون من هبيمة األنعام وأن تكون ساملة من العيوب‪ ،‬و ً‬ ‫السن احملدد فيها‪ ،‬وأن خيلص املضحي فعله هلل سبحانه وتعاىل ويطلب منه القبول‪ ،‬قال تعاىل‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ومها وال ِدم ُاؤها ول ِكن ي نالُهُ الته ْقوى ِمن ُك ْم)‬ ‫‪ (:‬لن ي نال ه‬ ‫اَّلل ُحلُ ُ‬ ‫فمما سبق يتبّي أمهية املوضوع وأسباب اختياره‪ ،‬وسأذكرها خمتصرة‪-:‬‬ ‫‪-1‬أهنا شعرية من شعائر اإلسالم‪ ،‬فوجب أن تبحث كما حبث غريها‬ ‫‪-2‬أن الشرع قد أمر هبا وحث عليها ورغب فيها‪ ،‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‬ ‫دما‪ ،‬وإنه ليأيت يوم القيامة بقروهنا‬ ‫‪(:‬ما عمل ابن آدم عمالً يوم النحر أحب إىل هللا من إهراقه ً‬ ‫(‪)4‬‬ ‫نفسا)‬ ‫وأشعارها وأظالفها‪ ،‬وإن الدم ليقع من هللا مبكان قبل أن يقع ابألرض‪ ،‬فطيبوا هبا ً‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫احلج ‪32‬‬ ‫احلج ‪36‬‬ ‫احلج ‪37‬‬ ‫أخرجه الرتمذي (‪ )1493‬وقال‪ :‬حسن غريب ‪ ،‬وضعفه األلباين يف السلسة الضعيفة (‪)562‬‬

‫‪2‬‬


‫‪-4‬انتشار اجلهل يف بعض البلدان اإلسالمية حول أحكام األضحية‪ ،‬فكان من الضروري‬ ‫تبيّي بعض األحكام الضرورية يف حبث مستقل‪.‬‬ ‫منهج البحث‪-:‬‬ ‫‪-1‬استقرأت من بعض الكتب أحكام األضحية إمجاالً‬ ‫‪-2‬حصرت من هذه الكتب األحكام اليت يف خطة البحث‬ ‫‪-3‬اعتمدت يف هذا البحث على أمهات الكتب الفقهية يف املذاهب األربعة‬ ‫‪-4‬التزمت عند النقل من أي مرجع اإلشارة إىل رقم جزئه وصفحته ابإلضافة إىل ذكر‬ ‫الطبعات يف فهرس املراجع‬ ‫تباعا‪ ،‬مث أدلة كل قول‪ ،‬وأذكر حتت القول‬ ‫‪-5‬عند ذكر أي خالف‪ ،‬فإين أذكر األقوال ً‬ ‫املرجوح مناقشة أدلته‪ ،‬مث أذكر الرتجيح‬ ‫‪ -6‬عندما أقف على نص طويل مناسب‪ ،‬فإين أقوم ابختصاره وأكتب يف احلاشية "انظر"‬ ‫مع بيان اجلزء والصفحة‬ ‫‪-7‬بينت مواضع اآلايت اليت وردت بذكر اسم السورة ورقم اآلية‬ ‫‪-8‬عزوت اآلحاديث اليت وردت يف البحث إىل مصادرها من كتب السنة املعتمدة‬ ‫‪-9‬ترمجت لبعض العلماء املذكورين‪ ،‬واقتصرت على غري املشهور منهم‬ ‫‪-9‬وضعت فهرس علمي عام للبحث يعّي على الرجوع إىل املراد‬ ‫الدراسات السابقة‪-:‬‬ ‫بعد االطالع القاصر‪ ،‬وقفت على بعض الدراسات اليت حتدثت عن أحكام األضحية‪،‬‬ ‫نذكر أبرزها‪:‬‬ ‫‪ -1‬أحكام الذابئح يف االسالم حملمد عبدالقادر أبو فارس‬ ‫‪ -2‬أحكام األضحية والعقيقة يف الشريعة اإلسالمية إلبراهيم حاضر حوسيتش‬ ‫‪ -3‬أحكام الصيد والذابئح حلماد بن محد احلماد‬ ‫خطة البحث‪-:‬‬ ‫املقدمة‪ ،‬وفيها أمهية املوضوع وأسباب اختياره ومنهج البحث وخطة البحث‬ ‫‪3‬‬


‫اصطالحا‬ ‫التمهيد‪ ،‬وفيه تعريف األضحية لغة و‬ ‫ً‬ ‫املبحث األول‪ ،‬وفيه مشروعية األضحية وفضلها‬ ‫املبحث الثاين‪ :‬حكم األضحية‪ ،‬وفيه مطلبان‪:‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬بيان حكم األضحية‬ ‫مايضحى به‪ ،‬وفيه‪:‬‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬بيان جنس‬ ‫ن‬ ‫مسألة‪ :‬األفضل يف الضحااي‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬شروط صحة األضحية‪ ،‬وفيه مطلبان‪:‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬بيان شروط صحة األضحية‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬العيوب املؤثرة يف األضحية‪ ،‬وفيه أربع مسائل‪:‬‬ ‫املسألة األوىل‪ :‬العيوب املؤثرة يف مذهب احلنفية‬ ‫املسألة الثانية‪ :‬العيوب املؤثرة يف مذهب املالكية‬ ‫املسألة الثالثة‪ :‬العيوب املؤثرة يف مذهب الشافعية‬ ‫املسألة الرابعة‪ :‬العيوب املؤثرة يف مذهب احلنابلة‬ ‫املبحث الرابع‪ :‬وقت ذبح األضحية‪ ،‬وفيه مطلبان‪:‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬بيان بداية وقت ذبح األضحية‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬بيان هناية وقت ذبح األضحية‬ ‫املبحث اخلامس‪ :‬األمور اليت يتجنبها من أراد أن يضحي‬ ‫اخلامتة‬ ‫الفهرس‬ ‫وهللا أسأل التوفيق واإلعانة والسداد‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫التمهيد‬ ‫تعريف األضحية‪-:‬‬ ‫تعريف األضحية يف اللغة‪-:‬‬ ‫"ضحى ابلشاة أي ذحبها ضحى يوم النحر‪ ،‬هذا هو األصل‪ ،‬وقد‬ ‫جاء يف لسان العرب‪ :‬ن‬ ‫تستعمل يف مجيع أوقات أايم النحر"(‪ ، )1‬وقال ابن فارس‪" :‬والضحية معروفة‪ ،‬وهي األضحية‪،‬‬ ‫قال األصمعي ‪ :‬فيها أربع لغات ‪ :‬أُضحية وإضحية واجلمع أضاحي‪ ،‬وضحية واجلمع ضحااي‪،‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫يضحى به‪ ،‬أي يذبح ومجعها‬ ‫وأضحاة ومجعها أُضحى" ‪ ،‬وقال القونوي‪" :‬األضحية اسم ملا ن‬ ‫(‪)3‬‬ ‫األضاحي"‬ ‫تعريف األضحية يف االصطالح‪-:‬‬ ‫األضحية يف االصطالح‪" :‬اسم ملا يذبح يف أايم النحر بنية التقرب إىل هللا سبحانه‬ ‫وتعاىل"(‪ ، )4‬قال عبدالرمحن املالكي‪" :‬وهي مايذبح يوم النحر للتصدق هبا على الفقراء‬ ‫(‪)5‬‬ ‫واملساكّي‪ ،‬ومسيت بذلك ألهنا تذبح يوم األضحى ووقت الضحى"‬

‫(‪ )1‬لسان العرب ‪476/14‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫مقاييس اللغة ‪392/3‬‬ ‫أنيس الفقهاء ‪278/1‬‬ ‫التعريفات ‪ ، 39/1‬وينظر‪ :‬كفاية األخيار ‪ ، 695/1‬مغين احملتاج ‪ ، 282/4‬اإلقناع ‪401/1‬‬ ‫أشرف املسالك ‪121/1‬‬

‫‪5‬‬


‫املبحث األول‪ :‬مشروعية األضحية وفضلها‬ ‫ثبتت مشروعية األضحية ابلكتاب والسنة واإلمجاع‪ ،‬قال ابن قدامة‪" :‬مشروعية األضحية‪:‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫الكتاب والسنة واإلمجاع"‬ ‫أما الكتاب‪ ،‬فقوله تعاىل‪( :‬فص ِنل لِربِنك و ْاحن ْر)(‪ ، )2‬وقوله ‪( :‬والْبُ ْدن جع ْلناها ل ُكم ِنمن‬ ‫ِ‬ ‫شعائِ​ِر هِ‬ ‫اَّللِ علْي ها صو ه‬ ‫ت ُجنُوبُها ف ُكلُوا ِمْن ها‬ ‫اسم ه‬ ‫اف ۖ فِإذا وجب ْ‬ ‫اَّلل ل ُك ْم فيها خْي ٌر ۖ فاذْ ُك ُروا ْ‬ ‫)‪(3‬‬ ‫وأطْعِ ُموا الْقانِع والْ ُم ْعت هر ۚ كذلِك س هخ ْرَنها ل ُك ْم لعله ُك ْم ت ْش ُك ُرون)‬ ‫وأما السنة‪ :‬فحديث أنس رضي هللا عنه قال‪( :‬ضحى النلص صلى هللا عليه وسلم بكبشّي‬ ‫اضعا قدمه على صفاحهما يسمي ويكرب‪ ،‬فذحبهما بيده)(‪ ، )4‬وعن زيد بن‬ ‫أملحّي‪ ،‬فرأيته و ً‬ ‫أرقم رضي هللا عنه قال ‪ ( :‬قلت أو قالوا ايرسول هللا‪ :‬ماهذه األضاحي؟ قال‪ :‬سنة أبيكم‬ ‫إبراهيم ‪ ،‬قالوا‪ :‬مالنا فيها؟ قال‪ :‬بكل شعرة حسنة‪ ،‬قالوا‪ :‬الصوف؟ قال‪ :‬بكل شعرة من‬ ‫الصوف حسنة)(‪ ، )5‬وعن جابر بن عبدهللا رضي هللا عنه قال‪( :‬صليت مع رسول هللا صلى هللا‬ ‫عليه وسلم عيد األضحى‪ ،‬فلما انصرف أُيت بكبش فذحبه وقال‪ :‬ابسم هللا وهللا أكرب‪ ،‬اللهم‬ ‫(‪)6‬‬ ‫هذا عين وعن من مل يضحي من أميت)‬ ‫(‪)7‬‬ ‫وأما اإلمجاع فقد أمجعت األمة على مشروعية األضحية‬ ‫اَّللِ ل ُك ْم فِيها‬ ‫ويف األضحية فضل كبري‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬والْبُ ْدن جع ْلناها ل ُكم ِنمن شعائِ​ِر ه‬ ‫خْي ٌر)(‪ )8‬يعين خري الثواب‪ ،‬قال ابن سعدي‪" :‬ويف النحر تقرب إىل هللا أبفضل ماعند العبد من‬

‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫املغين ‪95/11‬‬ ‫الكوثر ‪2‬‬ ‫احلج ‪36‬‬ ‫رواه البخاري ‪5238‬‬

‫(‪)5‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫(‪)7‬‬ ‫(‪)8‬‬

‫أخرجه أمحد ‪ 368/4‬واحلاكم يف املستدرك ‪ 422/2‬وضعفه األلباين يف السلسلة الضعيفة ‪527‬‬ ‫رواه أبو داود ‪ 2810‬والرتمذي ‪ 1505‬وصححه األلباين ‪349/4‬‬ ‫انظر‪ :‬مغين احملتاج ‪ ، 282/4‬الروض املربع ‪288/1‬‬ ‫احلج ‪36‬‬

‫‪6‬‬


‫(‪)1‬‬

‫األضاحي‪ ،‬وإخراج للمال الذي جبلت النفوس على حمبته والشح به"‬ ‫وعن عائشة رضي هللا عنها أن النلص صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬ماعمل آدمي من عمل‬ ‫دما‪ ،‬وإهنا لتأيت يوم القيامة بقروهنا وأظالفها‪ ،‬وإن‬ ‫يوم النحر أحب إىل هللا عز وجل من إهراقه ً‬ ‫(‪)2‬‬ ‫نفسا)‬ ‫الدم ليقع من هللا عز وجل مبكان قبل أن يقع ابألرض فطيبوا هبا ً‬ ‫احلكمة من مشروعية األضحية‪-:‬‬ ‫شرع هللا األضحية حلكم عظيمة‪ ،‬ومن هذه احلكم‪-:‬‬ ‫‪-1‬مشاركة احلجاج ابلتقرب إىل هللا تعاىل‪ ،‬حيث أن احلجاج يتقربون إليه ابهلدي وغريهم‬ ‫يتقربون إليه ابألضحية‪ ،‬قال ابن عثيمّي‪" :‬وهي من نعمة هللا على اإلنسان أن يشرع هللا له‬ ‫مايشارك به أهل موسم احلج؛ ألن أهل املوسم هلم احلج واهلدي‪ ،‬وأهل األمصار هلم األضحية‪،‬‬ ‫وهلذا جند من فضل هللا ورمحته أنه جعل ألهل األمصار نصيبًا مما ألهل املاسك‪ ،‬مثل اجتناب‬ ‫األخذ من الشعر والظفر يف أايم العشر‪ ،‬من أجل أن يشارك أهل األمصار أهل اإلحرام ابلتعبد‬ ‫هلل تعاىل برتك األخذ من هذه األشياء‪ ،‬وألجل أن يشاركوا أهل احلج ابلتقرب إىل هللا تعاىل‬ ‫بذبح األضاحي‪ ،‬ألنه لوال هذه املشروعية العظيمة لكان ذحبها بدعة‪ ،‬ولنُهي اإلنسان عنها‪،‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ولكن هللا شرعها هلذه املصاحل العظيمة"‬ ‫‪ -2‬التوسعة على الناس يوم العيد‪ ،‬فحّي يذبح املسلم أضحيته‪ ،‬فإنه يوسع على نفسه‬ ‫وأهل بيته‪ ،‬وحّي يهدي منها ألصدقائه وجريانه وأقاربه فإنه يوسع عليهم‪ ،‬وحّي يتصدق من‬ ‫(‪)4‬‬ ‫أضحيته على الفقراء واحملتاجّي‪ ،‬فإنه يغنيهم عن السؤال يف اليوم الذي هو يوم فرح وسرور‬

‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫تيسري الكرمي الرمحن ‪935‬‬ ‫سبق خترجيه‬ ‫الشرح املمتع ‪454/7‬‬ ‫انظر‪ :‬أحكام العيدين وعشر ذي احلجة لعبدهللا الطينار ‪65‬‬

‫‪7‬‬


‫املبحث الثاين‪ :‬بيان حكم األضحية‬ ‫املطلب األول‪ :‬بيان حكم األضحية يف الشرع‪-:‬‬ ‫بعد اتفاق العلماء على مشروعية األضحية‪ ،‬اختلفوا يف حكمها على قولّي مشهورين‪:‬‬ ‫القول األول‪ :‬أهنا واجبة‪ ،‬وهو قول أيب حنيفة‪ ،‬وهو أحد القولّي يف مذهب مالك‪ ،‬قال‬ ‫(‪)2‬‬ ‫السرخسي احلنفي(‪" :)1‬وهي واجبة على الذكر واألنثى عند اإلمام أيب حنيفة‪ ،‬وهو املعتمد"‬ ‫(‪)4‬‬ ‫‪ ،‬وقال ابن رشد(‪" :)3‬و روي عن مالك مثل قول أيب حنيفة"‬ ‫القول الثاين‪ :‬أهنا سنة مؤكدة‪ ،‬وهو قول الشافعية واحلنابلة واملشهور عند املالكية‪ ،‬قال ابن‬ ‫قدامة)‪" :(5‬واألضحية سنة اليستحب تركها ملن يقدر عليها‪ ،‬وهو قول أكثر أهل العلم‪ ،‬يرون‬ ‫األضحية سنة مؤكدة غري واجبة"(‪ ، )6‬ونص على ذلك البهويت(‪ ، )7‬ونص اإلمام الشافعي على‬ ‫سنيتها(‪ ، )8‬وقال الشربيين الشافعي(‪" :)1‬التضحية سنة مؤكدة يف حقنا‪ ،‬أما يف حقه عليه‬ ‫(‪)1‬‬

‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫حممد بن أمحد بن أيب سهل مشس األئمة السرخسي‪ .‬فقيه أصويل حنفي‪ .‬ينسب إىل سرخس بلدة قدمية من بالد‬ ‫َنصحا للحكام‪ .‬سجنه اخلاقان بسبب نصحه له‪ .‬ومل يقعده السجن عن تعليم تالميذه؛‬ ‫خراسان‪ ،‬كان عاملًا عامالً ً‬ ‫اجلب‪ ،‬من مؤلفاته املبسوط وأصول السرخسي يف علم األصول‪ ،‬تويف‬ ‫فقد أملى كتاب املبسوط وهو سجّي يف ن‬ ‫‪ 483‬ه ‪ ،‬انظر‪ :‬اجلواهر املضيئة يف طبقات احلنفية ‪28/2‬‬ ‫املبسوط ‪ 171/6‬وينظر‪ :‬البناية شرح اهلداية ‪4/12‬‬ ‫حممد بن أمحد بن حممد بن رشد األندلسي‪ ،‬من أهل قرطبة‪ ،‬عرف املنصور (املؤمين) قدره فأجله وقدمه‪ ،‬واهتمه‬ ‫خصومه ابلزندقة واإلحلاد‪ ،‬فأوغروا عليه صدر املنصور‪ ،‬فنفاه إىل مراكش‪ ،‬وأحرق بعض كتبه‪ ،‬مث رضي عنه وأذن له‬ ‫ابلعودة إىل وطنه‪ ،‬من مؤلفاته‪ :‬بداية اجملتهد وهناية املقتصد و الضروري يف أصول الفقه‪ ،‬تويف ‪ 595‬ه ‪ ،‬انظر‪ :‬سري‬ ‫أعالم النبالء ‪308/21‬‬ ‫بداية اجملتهد ‪597/1‬‬ ‫عبد هللا بن أمحد بن حممد بن قدامة اجلماعيلي املقدسي مث الدمشقي احلنبلي‪ ،‬فقيه حم ندث ولد جبماعيل‪ ،‬وهى قرية‬ ‫جب بل َنبلس بفلسطّي‪،‬كان حجة يف املذهب احلنبلي‪ ،‬برع وأفىت وَنظر وتبحر يف فنون كثرية‪ ،‬من مؤلفاته‪ :‬املغين‬ ‫والكايف واملقنع والعمدة يف الفقه‪ ،‬وروظة الناظر يف علم األصول‪ ،‬تويف ‪620‬ه ‪ ،‬انظر‪ :‬ذيل طبقات احلنابلة‬ ‫‪133/2‬‬

‫(‪ )6‬املغين ‪27/11‬‬ ‫(‪ )7‬الروض املربع ‪291/1‬‬ ‫(‪ )8‬األم ‪348/2‬‬

‫‪8‬‬


‫الصالة والسالم فواجبة"(‪ ، )2‬وقال عبد الوهاب املالكي البغدادي(‪" :)3‬واألضحية سنة مؤكدة‬ ‫(‪)5‬‬ ‫خياطب هبا كل قادر عليها إال احلاج مبىن"(‪ ، )4‬وقال مثل ذلك ابن رشد‬ ‫أدلة القول األول‪-:‬‬ ‫استدل من قال بوجوب األضحية أبدلة‪ ،‬منها‪-:‬‬ ‫‪-1‬قوله تعاىل‪( :‬فص ِنل لِربِنك و ْاحن ْر)(‪ ،)6‬فأمر النحر واألصل يف األمر الوجوب‪.‬‬ ‫(‪)7‬‬ ‫يضح فال يقربن مصالَن)‬ ‫‪-2‬قوله عليه الصالة والسالم‪( :‬من وجد سعة فلم ِن‬ ‫‪-3‬قوله عليه الصالة والسالم‪( :‬اي أيها الناس‪ ،‬إن على أهل كل بيت أضحية يف كل عام‬ ‫(‪)8‬‬ ‫وعترية)‬ ‫‪-4‬قوله عليه الصالة والسالم‪( :‬من ذبح قبل الصالة فليذبح مكاهنا أخرى‪ ،‬ومن مل يذبح‬ ‫)‪(10‬‬ ‫فليذبح ابسم هللا)(‪ ،)9‬فأمر ابلذبح واألصل يف األمر الوجوب‬ ‫املناقشة‪-:‬‬ ‫أجاب اجلمهور على أدلة أصحاب القول أبجوبة نذكرها ابختصار‪:‬‬ ‫(‪ )1‬حممد بن أمحد الشربيين‪ ،‬مشس الدين‪ :‬فقيه شافعي‪ ،‬مفسر‪ .‬من أهل القاهرة‪ ،‬أفىت يف حياة أشياخه‪ ،‬وانتفع به‬ ‫خالئق ال حيصون‪ ،‬وأمجع أهل مصر صالحه ووصفوه ابلعلم والعمل‪ ،‬والزهد والورع‪ ،‬وكثرة النسك والعبادة‪ ،‬من‬ ‫مؤلفاته‪ :‬مغين احملتاج إىل معرفة ألفاظ املنهاج و اإلقناع يف حل ألفاظ أيب شجاع‪ ،‬تويف ‪977‬ه‪ ،‬انظر الكواكب‬ ‫السائرة أبعيان املائة العاشرة ‪77/3‬‬ ‫(‪ )2‬مغين احملتاج ‪282/4‬‬ ‫(‪ )3‬عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعللص البغدادي‪ ،‬من فقهاء املالكية‪ ،‬ولد ببغداد‪ ،‬وويل القضاء يف إسعرد‪ ،‬وابدرااي‬ ‫(يف العراق) ورحل إىل الشام فمر مبعرة النعمان ‪،‬وتوجه إىل مصر‪ ،‬فعلت شهرته وتويف فيها‪ ،‬من مؤلفاته‪ :‬التلقّي و‬ ‫عيون املسائل‪ ،‬تويف ‪422‬ه انظر‪ :‬سري أعالم النبالء‪430/17 :‬‬ ‫(‪ )4‬التلقّي ‪262/1‬‬ ‫(‪ )5‬بداية اجملتهد ‪597/1‬‬ ‫(‪ )6‬الكوثر ‪2‬‬ ‫(‪ )7‬رواه أمحد ‪ 466/16‬وابن ماجه برقم ‪ ، 3114‬قال ابن حجر‪" :‬رجاله ثقات ‪ ،‬لكن اختلف يف رفعه ووقفه=‬ ‫= ‪ ،‬واملوقوف أشبه ابلصواب" فتح الباري ‪10/5‬‬ ‫(‪ )8‬رواه الرتمذي ‪ 1518‬وصححه األلباين‬ ‫(‪ )9‬رواه البخاري ‪ 5181‬ومسلم ‪1960‬‬ ‫(‪ )10‬انظر‪ :‬املبسوط ‪ ، 8/12‬بدائع الصنائع ‪63/5‬‬

‫‪9‬‬


‫‪-1‬أجابوا على الدليل األول أبنه اليتعّي أن يكون املراد هبا حنر القرابن‪ ،‬فقد قيل‪ :‬إن‬ ‫املراد هبا وضع اليدين حتت النحر عند القيام يف الصالة‪ ،‬وهذا القول وإن كان ضعي ًفا لكن مع‬ ‫االحتمال قد ميتنع االستدالل‪ ،‬وإن قلنا إن املراد هبا حنر القرابن كما هو ظاهر القرآن‪ ،‬فإنه‬ ‫اليتعّي أن يكون املراد هبا فعل النحر‪ ،‬فقد قيل‪ :‬إن املراد هبا ختصيص النحر هلل تعاىل‬ ‫وإخالصه له‪ ،‬وهذا واجب بال شك وال نزاع‪ ،‬وإذا قلنا أن املراد هبا فعل النحر كما هو ظاهر‬ ‫اآلية‪ ،‬فهو أمر مطلق حيصل امتثاله بفعل ماينحر تقرًاب إىل هللا من أضحية أو هدي أو عقيقة‬ ‫ولو مرة‪ ،‬فال يتعّي أن يكون املراد به األضحية كل عام‪ ،‬وقد يقال‪ :‬إن وجوب النحر الذي‬ ‫شكرا منه لربه تعاىل على ما أعطاه من اخلري‬ ‫تدل عليه اآلية خاص ابلنلص عليه الصالة والسالم ً‬ ‫أحدا غريه‪ ،‬بدليل ترتيبه عليه ابلفاء‪.‬‬ ‫الذي مل يعطه ً‬ ‫أيضا ليس صرحيًا يف اإلجياب‪ ،‬إذ‬ ‫‪-2‬أجابوا على الدليل الثاين أبن الراجح أنه موقوف‪ ،‬و ً‬ ‫حيتمل أن منعه من املسجد وحرمانه من حضور الصالة ومجاعة املسلمّي عقوبة له على ترك‬ ‫هذه الشعرية وإن مل تكن واجبة‪ ،‬ولكن من أجل أتكدها‪.‬‬ ‫‪-3‬أجابوا على الدليل الثالث أبن أحد رواته أبو رملة‪ ،‬قال يف التقريب‪ :‬اليعرف‪.‬‬ ‫‪-4‬أجابوا على الدليل الرابع أبن األمر إمنا هو ذبح بدهلا‪ ،‬وهو ظاهر؛ ألهنم ملا أوجبوها‬ ‫تعينت‪ ،‬وذحبهم إايها قبل الوقت الجيزئ‪ ،‬فوجب عليهم ضماهنا أبن يذحبوا بدهلا‪ ،‬وأما قوله‬ ‫عليه الصالة والسالم‪( :‬ومن مل يذبح فليذبح ابسم هللا) فهو أمر بكون الذبح على اسم هللا‪ ،‬ال‬ ‫(‪)1‬‬ ‫مطلق الذبح‪ ،‬فال يكون فيه دليل على وجوب األضحية‪.‬‬ ‫أدلة القول الثاين‪-:‬‬ ‫استدل أصحاب القول الثاين أبدلة عديدة(‪ ،)2‬منها‪:‬‬ ‫‪-1‬قوله عليه الصالة والسالم‪( :‬إذا رأيتم هالل ذي احلجة‪ ،‬وأراد أحدكم أن يضحي‪،‬‬ ‫فليمسك عن شعره وأظفاره)(‪ )3‬ووجه الداللة‪ :‬أن النلص عليه الصالة والسالم علق األضحية‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬حاشية الروض املربع جملموعة من املشايخ ‪390-389/5‬‬ ‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املهذب ‪ 432/1‬اجملموع ‪ ، 386/8‬املغين ‪ 436/9‬الشرح الكبري ‪ 581/3‬حاشية الروض جملموعة من‬ ‫املشايخ ‪391/5‬‬ ‫(‪ )3‬رواه مسلم ‪1977‬‬

‫‪10‬‬


‫على اإلرادة‪ ،‬والواجب اليعلق على اإلرادة‪ ،‬فدل على أهنا مستحبة‪.‬‬ ‫‪-2‬أن النلص صلى هللا عليه وسلم ضحى عن أمته‪ ،‬ملا روي عن أيب رافع رضي هللا عنه‬ ‫قال‪ :‬أن النلص عليه الصالة والسالم كان إذا ضحى اشرتى كبشّي أقرنّي أملحّي‪ ،‬فإذا صلى‬ ‫وخطب أتى أبحدمها وهو قائم يف مصاله‪ ،‬فذحبه ابملدية بنفسه‪ ،‬مث يقول‪( :‬اللهم هذا عن أميت‬ ‫مجيعا‪ ،‬من شهد لك ابلتوحيد وشهد يل ابلبالغ)(‪ )1‬ووجه الداللة‪ :‬أن النلص عليه الصالة‬ ‫ً‬ ‫تطوعا‪.‬‬ ‫والسالم قام ابلواجب عن أمته‪ ،‬فيكون الباقي ً‬ ‫‪-3‬قوله عليه الصالة والسالم‪( :‬هن علي فرائض ولكم تطوع‪ ،‬النحر والوتر وركعتا‬ ‫(‪)2‬‬ ‫الضحى)‬ ‫‪-4‬أنه صح عن أيب بكر وعمر رضي هللا عنهما أهنما اليضحيان خمافة أن يظن أن‬ ‫األضحية واجبة‪ ،‬وصح عن ابن مسعود رضي هللا عنه أنه قال‪" :‬إين ألدع األضحية وأَن من‬ ‫(‪)3‬‬ ‫أيسركم كراهة أن يعتقد الناس أهنا حتم واجب"‬ ‫‪ -5‬التمسك بألصل‪ ،‬فإن األصل براءة الذمة حىت يقوم دليل الوجوب السامل من‬ ‫املعارضة‪.‬‬ ‫الرتجيح‪:‬‬ ‫مما سبق يتبّي أن القول الراجح هو القول الثاين‪ ،‬لقوة أدلته‪ ،‬وألن األصل براءة الذمة حىت‬ ‫أييت مايشغلها‪ ،‬ومل يرد نص صحيح صريح سامل من املعارض يوجب األضحيىة‪ ،‬ولو كانت‬ ‫واجبة الشتهر ذلك بّي الصحابة‪ ،‬وألنكروا على أيب بكر وعمر وابن مسعود وغريهم يف تركهم‬ ‫األضحية‪ ،‬وأدلة القول األول إما ضعيفة أو حمتملة وهللا أعلم‪.‬‬

‫(‪ )1‬أخرجه أمحد ‪ 391/6‬وابن ماجه ‪ ، 3122‬قال اهليثمي يف جممع الزوائد‪ :‬إسناده حسن ‪ 22/24‬وحسنه األلباين‬ ‫يف إرواء الغليل‪ ،‬قال‪" :‬إسناده حسن لوال أن شريكا وهو ابن عبد هللا القاضي سيء احلفظ لكن قد اتبعه مجاعة‬ ‫من الثقات" ‪360/4‬‬ ‫(‪ )2‬أخرجه أمحد ‪ 231/1‬واحلاكم ‪ 300/1‬والبيهقي ‪264/9‬‬ ‫(‪ )3‬انظر‪ :‬السنن الكربى للبيهقي‬

‫‪11‬‬


‫مايضحى به‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬بيان جنس‬ ‫ّ‬ ‫بعد أن بيننا حكم األضحية والراجح فيها‪ ،‬جيب علينا أن نبّي أجناس األضاحي املشروعة‬ ‫للتضحية هبا‬ ‫فاجلنس الذي يضحى به هو هبيمة األنعام فقط‪ ،‬لقوله تعاىل‪( :‬ولِ ُك ِنل أُهم ٍة جع ْلنا منس ًكا‬ ‫ِ‬ ‫اَّللِ على ما رزق ُهم ِنمن هبِيم ِة ْاألنْع ِام)(‪ ، )1‬قال ابن كثري(‪" :)2‬هي اإلبل والبقر‬ ‫اسم ه‬ ‫لني ْذ ُك ُروا ْ‬ ‫والغنم‪ ،‬قاله احلسن وقتادة وغري واحد‪ ،‬قال ابن جرير‪ :‬وكذلك هو عند العرب")‪ ، (3‬وقال ابن‬ ‫قدامة‪" :‬وال جيزئ يف األضحية غري هبيمة األنعام"(‪ ، )4‬وقال السرخسي‪" :‬والجيوز يف الضحااي‬ ‫والواجبات بقر الوحش ومحر الوحش والظلص‪ ،‬ألن األضحية قربة عرفت ابلشرع‪ ،‬وإمنا ورد الشرع‬ ‫هبا من األنعام‪ ،‬وألن إراقة الدم من الوحشي ليس بقربة أصالً‪ ،‬والقربة التتأدى مبا ليس‬ ‫بقربة"(‪ ، )5‬وبّي الكاساين(‪ )6‬احلنفي أنه يدخل حتت كل نوع من هذه النعم جنسه‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫"ويدخل يف كل جنس نوعه‪ ،‬والذكر واألنثى منه‪ ،‬واخلصي والفحل‪ ،‬النطالق اسم اجلنس على‬ ‫ذلك‪ ،‬واملعز نوع من الغنم‪ ،‬واجلاموس نوع من البقر"(‪ ، )7‬وقال ابن رشد املالكي‪" :‬أمجع‬ ‫العلماء على جواز الضحااي من هبيمة األنعام"(‪ ، )8‬وقال الشريازي الشافعي(‪" :)9‬وال جيزئ يف‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫(‪)7‬‬ ‫(‪)8‬‬ ‫(‪)9‬‬

‫احلج ‪34‬‬ ‫املفسر عماد الدين أبو الفداء ‪ :‬إمساعيل بن عمر بن كثري بن ضوء القرشي البصروي ‪ ،‬مث الدمشقي‪ ،‬حفظ القرآن‬ ‫الكرمي وختم حفظه وقرأ القراءات وبرع يف التفسري وأفىت ودرس وَنظر وبرع يف الفقه والتفسري والنحو ‪ ،‬وأمعن النظر‬ ‫يف الرجال والعلل‪ ،‬من مؤلفاته‪ :‬تفسري القرآن العظيم و البداية والنهاية‪ ،‬تويف ‪774‬ه انظر‪176/1 :‬‬ ‫تفسري القرآن العظيم ‪8/3‬‬ ‫املغين ‪440/9‬‬ ‫املبسوط ‪171/6‬‬ ‫أبو بكر بن مسعود بن أمحد الكاساين احلنفي‪ ،‬فقيه حنفي‪ ،‬من أهل حلب‪ ،‬مجع بّي احلديث والفقه والتفسري‪ ،‬من‬ ‫مؤلفاته‪ :‬بدائع الصنائع و السلطان املبّي يف أصول الدين‪ ،‬تويف‪587 :‬ه انظر‪ :‬اتج الرتاجم ‪327/1‬‬ ‫بدائع الصنائع ‪205/4‬‬ ‫بداية اجملتهد ‪600/1‬‬ ‫أبو اسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشريازي ‪،‬ولد يف فريوزآابد (بفارس) وانتقل إىل شرياز فقرأ على علمائها‪.‬‬ ‫وظهر نبوغه يف علوم الشريعة اإلسالمية‪ ،‬فكان مرجع الطالب ومفيت األمة يف عصره‪ ،‬واشتهر بقوة احلجة يف اجلدل‬ ‫واملناظرة‪ ،‬من مؤلفاته‪ :‬املهذب و التبصرة يف أصول الفقه‪ ،‬تويف‪476 :‬ه انظر‪ :‬سري أعالم النبالء ‪452/18‬‬

‫‪12‬‬


‫األضحية إال األنعام‪ ،‬وهي اإلبل والبقر والغنم"(‪ ، )1‬قال ابن عثيمّي‪" :‬ألن األضحية عبادة‬ ‫كاهلدي‪ ،‬فال يشرع منها إال ماجاء عن رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬ومل ينقل عنه عليه‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ضحى بغري اإلبل والبقر والغنم"‬ ‫الصالة والسالم أنه أهدى أو ن‬

‫(‪ )1‬املهذب ‪74/1‬‬ ‫(‪ )2‬أحكام األضحية والذكاة ‪52‬‬

‫‪13‬‬


‫مسألة‪ :‬األفضل يف الضحااي‬ ‫يضحى به هو أجناس هبيمة األنعام إبمجاع العلماء‪ ،‬ولكن اختلفوا‬ ‫تقدم معنا أن جنس ما ن‬ ‫يف األفضل منها على قولّي‪-:‬‬ ‫القول األول‪ :‬أن األفضل يف الضحااي اإلبل مث البقر مث الغنم‪ ،‬وهو مذهب احلنابلة‬ ‫(‪)2‬‬ ‫والشافعية‪ ،‬قال ابن قدامة‪" :‬وأفضل األضاحي البدنة مث البقرة مث الشاة"(‪ ، )1‬وقال احلجاوي‬ ‫احلنبلي‪" :‬أفضلها إبل مث بقر مث غنم"(‪ ، )3‬وقال املزين(‪ )4‬الشافعي‪" :‬واإلبل أحب إيل أن‬ ‫يضحي هبا من البقر‪ ،‬والبقر من الغنم"(‪ ، )5‬وقال الشريازي الشافعي‪" :‬والبدنة أفضل من البقرة‪،‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫ألهنا أعظم‪ ،‬والبقرة أفضل من الشاة‪ ،‬ألهنا بسبع من الشاة"‬ ‫القول الثاين‪ :‬أن األفضل يف الضحااي هو الضأن‪ ،‬وهو مذهب املالكية وقول للحنفية‪،‬‬ ‫جاء يف فقه العبادات للحنفية‪" :‬وأفضلها الغنم"(‪ ، )7‬وقال ابن رشد‪" :‬ذهب مالك إىل أن‬ ‫(‪)8‬‬ ‫األفضل يف الضحااي الكباش مث البقر مث اإلبل"‬ ‫أدلة القول األول‪-:‬‬

‫(‪ )1‬املغين ‪99/11‬‬ ‫(‪ )2‬موسى بن أمحد بن موسى بن سامل بن عيسى بن سامل احلجاوي املقدسي‪ ،‬فقيه حنبلي‪ ،‬من أهل دمشق نسبته إىل‬ ‫(حجة) من قرى َنبلس ‪ ،‬برع يف الفقه وكان مفيت احلنابلة يف وقته‪ ،‬من مؤلفاته‪ :‬اإلقناع لطالب االنتفاع و زاد‬ ‫املستقنع يف اختصار املقنع ‪ ،‬تويف ‪968‬ه انظر‪ :‬املدخل البن بدران ‪441‬‬ ‫(‪ )3‬زاد املستقنع ‪85‬‬ ‫(‪ )4‬إمساعيل بن حيىي بن إمساعيل‪ ،‬أبو إبراهيم املزين من أهل مصر ‪ ،‬كان زاهدا عاملا جمتهدا قوي احلجة ‪،‬وهو إمام‬ ‫الشافعيّي نسبته إىل مزينة (من مضر) ‪ ،‬قال الشافعي‪ :‬املزين َنصر مذهلص‪ .‬وقال يف قوة حجته‪ :‬لو َنظر الشيطان‬ ‫لغلبه ! من مؤلفاته‪ :‬خمتصر املزين و شرح السنة‪ ،‬تويف ‪264‬ه انظر‪:‬سري أعالم النبالء ‪493/12‬‬ ‫(‪ )5‬خمتصر املزين ‪299/1‬‬ ‫(‪ )6‬املهذب ‪74/1‬‬ ‫(‪ )7‬فقه العبادات ‪205/1‬‬ ‫(‪ )8‬بداية اجملتهد ‪600/1‬‬

‫‪14‬‬


‫استدل أصحاب القول األول بعدة أدلة(‪ ،)1‬منها‪:‬‬ ‫‪-1‬قوله عليه الصالة والسالم‪( :‬من راح يف الساعة األوىل فكأمنا قرب بدنة‪ ،‬ومن راح يف‬ ‫كبشا)(‪ ، )2‬فدل‬ ‫الساعة الثانية فكأمنا قرب بقرة‪ ،‬ومن راح يف الساعة الثالثة فكأمنا قرب ً‬ ‫احلديث على أن الذي يتقدم يف احلضور لصالة اجلمعة كأنه يقدم بدنة‪ ،‬والذي يتأخر عنه كأنه‬ ‫كبشا‪ ،‬فكما أن األجر خمتلف بينهم‪ ،‬كذلك هو‬ ‫يقدم بقرة‪ ،‬والذي يتأخر عنه كأنه يقدم ً‬ ‫خمتلف يف تقدميها‪ ،‬وعليه تبىن األفضلية‬ ‫حلما كانت أفضل‬ ‫‪-2‬وألن األضحية يتقرب هبا صاحبها إىل هللا‪ ،‬فكلما كانت أكثر ً‬ ‫‪-3‬وألهنا أكثر مثنًا وأنفع للفقراء‪ ،‬قال البهويت احلنبلي‪" :‬أفضلها إبل مث بقر إن أخرج‬ ‫(‪)3‬‬ ‫كامالً لكثرة الثمن ونفع الفقراء‪ ،‬مث غنم"‬ ‫أدلة القول الثاين‪:‬‬ ‫استدل أصحاب القول الثاين أبن النلص عليه الصالة والسالم إمنا ضحى ابلغنم‪ ،‬كما جاء‬ ‫يف حديث أنس رضي هللا عنه‪( :‬أن النلص صلى هللا عليه وسلم كان يضحي بكبشّي أقرنّي‬ ‫(‪)4‬‬ ‫خريا منه لفدى به‬ ‫هللا‬ ‫علم‬ ‫لو‬ ‫و‬ ‫األفضل‪،‬‬ ‫إال‬ ‫اليفعل‬ ‫السالم‬ ‫و‬ ‫الصالة‬ ‫عليه‬ ‫النلص‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫أملحّي)‬ ‫ً‬ ‫(‪)5‬‬ ‫إمساعيل‬ ‫املناقشة‪:‬‬ ‫أجاب العلماء على دليل املالكية فقالوا‪ :‬أنه عليه الصالة والسالم ضحى ابلكبش ألنه‬ ‫أفضل أنواع الغنم‪ ،‬ال أنه أفضل األنواع‪ ،‬وكذلك حيصل الفداء‪ ،‬وقد يقال‪ :‬أن النلص عليه‬ ‫الصالة والسالم قد خيتار غري األوىل رف ًقا ابألمة‪ ،‬ألهنم يتأسون به‪ ،‬وال حيب عليه الصالة‬ ‫(‪)6‬‬ ‫والسالم أن يشق عليهم‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬املغين ‪99/11‬‬ ‫(‪ )2‬رواه البخاري ‪ 841‬ومسلم ‪850‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫الروض املربع ‪352/5‬‬ ‫رواه البخاري ‪5229‬‬ ‫انظر‪ :‬بداية اجملتهد ‪ 600/1‬فقه العبادات ‪205/1‬‬ ‫انظر‪ :‬املغين ‪ 438/9‬خمتصر اإلنصاف والشرح الكبري ‪347/1‬‬

‫‪15‬‬


‫الرتجيح‪:‬‬ ‫مما سبق يتبّي أن الراجح هو القول األول‪ ،‬لصراحة أدلته وقوهتا‪ ،‬وقد نبّي عليه الصالة‬ ‫والسالم فضل البدنة على البقر والغنم كما جاء يف احلديث‪ ،‬وأما أبنه عليه الصالة والسالم‬ ‫كان يضحي ابلغنم فليس صرحيًا يف أهنا األفضل‪ ،‬ألنه قد يريد الرفق ابألمة وعدم حتيلهم ماال‬ ‫يطيقون وهللا أعلم‪.‬‬

‫‪16‬‬


‫املبحث الثالث‪ :‬شروط األضحية‬

‫املطلب األول‪ :‬بيان شروط صحة األضحية‪:‬‬

‫تقدم معنا حكم األضحية‪ ،‬وأن الراجح أهنا سنة مؤكدة‪ ،‬وسنذكر يف هذا املطلب إن شاء‬ ‫هللا شروط صحتها‬ ‫الشرط األول‪ :‬يشرتط أن تكون األضحية من هبيمة األنعام‪ ،‬وهي اإلبل والبقر والغنم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اَّللِ على ما رزق ُهم ِنمن‬ ‫اسم ه‬ ‫وهذا إبمجاع العلماء‪ ،‬قال تعاىل‪( :‬ول ُك ِنل أُهمة جع ْلنا منس ًكا لني ْذ ُك ُروا ْ‬ ‫هبِيم ِة ْاألنْع ِام)(‪ ، )1‬وقد سبق الكالم عن هذا الشرط يف مطلب (بيان جنس مايضحى به)‬ ‫فارجع له إن شئت‬ ‫الثين يف اإلبل والبقر‬ ‫الشرط الثاين‪ :‬يشرتط يف األضحية أن تبلغ السن املعترب ً‬ ‫شرعا‪ ،‬وهو ن‬ ‫الثين فيها ما مت مخس سنّي‪ ،‬والبقر سنتّي‪ ،‬واملعز سنة‪ ،‬أما الضأن فيجزئ فيها‬ ‫واملعز‪ ،‬فاإلبل ن‬ ‫اجلذع‪ ،‬وهو مامت ستة أشهر‪ ،‬لقوله عليه الصالة والسالم‪( :‬التذحبوا إال مسنة إال أن تعسر‬ ‫(‪)2‬‬ ‫الثين‬ ‫و‬ ‫الضأن‬ ‫من‬ ‫اجلذع‬ ‫إال‬ ‫جيزئ‬ ‫"وال‬ ‫قدامة‪:‬‬ ‫بن‬ ‫ا‬ ‫قال‬ ‫‪،‬‬ ‫عليكم فتذحبوا جذعة من الضأن)‬ ‫ن‬ ‫من غريه‪ ،‬واجلذع من الضأن ماله ستة أشهر ودخل يف السابع"(‪ )3‬وقال‪" :‬والثنية من البقر هي‬ ‫املسنة‪ ،‬ومن اإلبل ما كمل هلا مخس سنّي"(‪ ، )4‬وقال السرخسي احلنفي‪" :‬يشرتط الثين يف‬ ‫هبيمة األنعام إال الضأن"(‪ ، )5‬وقال الكاساين احلنفي‪" :‬وختصيص هذه القربة بسن دون سن‬ ‫أمر اليعرف إال ابلتوقيف فيتبنع ذلك"(‪ ، )6‬وقال املزين الشافعي‪" :‬وجيوز يف الضحااي اجلذع من‬ ‫الضأن والثين من اإلبل والبقر واملعز‪ ،‬والجيوز دون هذا السن"(‪ ، )7‬وقال عبدالوهاب املالكي‪:‬‬ ‫"وسنها‪ :‬من الضأن اجلذع ومما سواها الثين"(‪ ، )8‬وقال ابن رشد‪" :‬أمجعوا على أنه الجيوز اجلذع‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫احلج ‪28‬‬ ‫رواه مسلم ‪1963‬‬ ‫املغين ‪100/11‬‬ ‫الكايف ‪471/1‬‬

‫(‪)5‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫(‪)7‬‬ ‫(‪)8‬‬

‫املبسوط ‪171/6‬‬ ‫بدائع الصنائع ‪205/4‬‬ ‫خمتصر املزين ‪299/1‬‬ ‫التلقّي ‪262/1‬‬

‫‪17‬‬


‫من املعز‪ ،‬بل الثين فما فوقه‪ ،‬لقوله عليه الصالة والسالم أليب بردة رضي هللا عنه ملا أمره‬ ‫(‪)2( )1‬‬ ‫بإلعادة‪( :‬جيزيك وال جيزئ جذع عن غريك) "‬ ‫الشرط الثالث‪ :‬السالمة من العيوب املانعة من اإلجزاء‪ ،‬وبياهنا إن شاء هللا يف مبحث‬ ‫مستقل‬ ‫شرعا‪ ،‬وبيانه إن شاء هللا يف مبحث مستقل‬ ‫الشرط الرابع‪ :‬أن يقع الذبح يف وقته املقدر ً‬ ‫الشرط اخلامس‪ :‬اشرتط احلنابلة والشافعية أنه يلزم التصدق من األضحية‪ ،‬لقوله تعاىل‪:‬‬ ‫(ف ُكلُوا ِمْن ها وأطْعِ ُموا الْقانِع والْ ُم ْعت هر)(‪ ، )3‬واألمر يقتضي الوجوب‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن أكلها كلها ومل‬ ‫(‪)4‬‬ ‫يتصدق أبقل مايطلق عليه اسم اللحم‪ ،‬ضمن ذلك القدر‬

‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫رواه البخاري ‪ 5556‬ومسلم ‪1961‬‬ ‫بداية اجملتهد ‪433/1‬‬ ‫احلج ‪36‬‬ ‫انظر‪ :‬الكايف ‪ 474/1‬مغين احملتاج ‪389/1‬‬

‫‪18‬‬


‫املطلب الثاين‪ :‬العيوب املؤثرة يف األضحية‬ ‫تقدم معنا يف شروط صحة األضحية أن تكون ساملة من العيوب‪ ،‬ويف هذا املطلب سأبّي‬ ‫العيوب اجملمع عليها واملختلف فيها املؤثرة يف صحة األضحية‬ ‫فالعيوب اجملمع عليها هي املذكورة يف حديث الرباء بن عازب رضي هللا عنه‪ ،‬فال‪ :‬قام فينا‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم فقال‪( :‬أربع ال جتوز يف األضاحي؛ العوراء البّي عورها‪ ،‬واملريضة‬ ‫(‪)1‬‬ ‫البّي مرضها‪ ،‬والعرجاء البّي ظلعها‪ ،‬والعجفاء اليت ال تنقي)‬ ‫ومعىن قوله (البّي عورها) أي‪ :‬اخنفست عينها وذهبت‪ ،‬فإن ذلك ينقصها‬ ‫وقوله (البّي عرجها) أي‪ :‬اليت عرجها فاحش ومينعها من السري مع الغنم ومشاركتهن الرعي‬ ‫وقوله (البّي مرضها) قيل‪ :‬هي اجلرابء‪ ،‬ألن اجلرب يفسد اللحم‪ ،‬وظاهر احلديث أن كل‬ ‫مرضا يؤثر يف هزاهلا أو يف فساد حلمها فإنه مينع التضحية به‪ ،‬وهذا أوىل لتناول اللفظ له‬ ‫مريضة ً‬ ‫واملعىن‬ ‫(‪)2‬‬ ‫وقوله (العجفاء اليت التنقي) أي‪ :‬اليت ال مخ فيها هلزاهلا‬ ‫قال ابن رشد املالكي‪" :‬أمجع العلماء على اجتناب العرجاء البّي عرجها يف الضحااي‪،‬‬ ‫مصريا حلديث الرباء بن عازب رضي هللا عنه"(‪، )3‬‬ ‫واملريضة البّي مرضها‪ ،‬والعجفاء اليت ال تنقي ً‬ ‫وقال ابن قدامة‪" :‬أما العيوب األربعة األول فال نعلم بّي أهل العلم خالفًا يف أهنا متنع‬ ‫(‪)4‬‬ ‫اإلجزاء"‬ ‫ظهورا‬ ‫وكذلك أمجع العلماء على أنه إذا كانت العيوب املذكورة آن ًفا خفيفة وغري ظاهرة ً‬ ‫فاحشا فإهنا ال تؤثر يف صحة األضحية؛ قال ابن رشد املالكي‪" :‬وكذلك أمجعوا على أن ماكان‬ ‫ً‬ ‫(‪)5‬‬ ‫من هذه األربع خفي ًفا فال أتثري له يف منع اإلجزاء"‬ ‫عيواب كثرية‪ ،‬منها ما هو مشرتك بّي‬ ‫أما العيوب املختلف فيها‪ ،‬فقد ذكر الفقهاء ً‬ ‫(‪ )1‬رواه أبو داود ‪ 2802‬والرتمذي ‪ 1497‬والنسائي ‪ 4369‬وابن ماجه ‪ 3244‬وصححه األلباين‬ ‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املغين ‪100/11‬‬ ‫(‪ )3‬بداية اجملتهد ‪601/1‬‬ ‫(‪ )4‬املغين ‪101/11‬‬ ‫(‪ )5‬بداية اجملتهد ‪601/1‬‬

‫‪19‬‬


‫املذاهب‪ ،‬ومنها ماهو خمتص أبحد منها‪ ،‬وسأبّي إن شاء هللا العيوب املؤثرة يف املذاهب األربعة‬ ‫يف املسائل القادمة‪.‬‬ ‫املسألة األوىل‪ :‬العيوب املؤثرة يف مذهب احلنفية‪-:‬‬ ‫‪-1‬مقطوعة األذن‪ ،‬واستدلوا بقوله عليه الصالة والسالم‪( :‬استشرفوا العّي واألذن)(‪ )1‬أي‪:‬‬ ‫اطلبوا سالمتها‪ ،‬قال السرخسي احلنفي‪" :‬فإذا كانت مقطوعة األذن مل جتز النعدام شرط‬ ‫(‪)2‬‬ ‫منصوص"‬ ‫(‪)3‬‬ ‫‪-2‬مقطوعة الذنب‪ ،‬ألنه عضو كامل مقصود فكان كاألذن‬ ‫‪-3‬مقطوعة األلية‪ ،‬ألنه عضو كامل مقصود‪ ،‬وأجابوا عن حديث أيب سعيد اخلدري رضي‬ ‫كبشا ليضحي به‪ ،‬فعدا الذئب فأخذ األلية‪ ،‬فسأل النلص عليه الصالة‬ ‫هللا عنه ملا اشرتى ً‬ ‫(‪)4‬‬ ‫فقريا رضي هللا عنه‪ ،‬وأما الغين فال جتزئه لوجوهبا يف‬ ‫والسالم فقال‪ :‬ن‬ ‫(ضح به) ‪ ،‬أبنه كان ً‬ ‫(‪)5‬‬

‫ذمته‬ ‫واختلف احلنفية يف مقدار القطع الذي ال جيزئ‪ ،‬فالرواية األوىل أنه إن كان القطع دون الثلث‬ ‫فيجزئ‪ ،‬وإن كان فوق الثلث فإنه ال جيزئ‪ ،‬مستدلّي حبديث الوصية (الثلث والثلث كثري)(‪، )6‬‬ ‫وقيل‪ :‬إذا كان الذاهب الربع فإنه ال جيزئ‪ ،‬ألن للربع حكم الكمال كما يف مسح الرأس‪،‬‬ ‫(‪)7‬‬ ‫وقيل‪ :‬إذا بقي األكثر أجزأه‬

‫(‪ )1‬رواه الرتمذي ‪ 1498‬وقال‪ :‬حسن صحيح‪ ،‬ورواه ابن ماجه ‪ 2561‬والنسائي ‪ 4388‬وقال األلباين‪ :‬حسن صحيح‬ ‫(‪ )2‬املبسوط ‪ 15/12‬وانظر‪ :‬اهلداية يف شرح بداية املبتدي ‪358/4‬‬ ‫(‪ )3‬انظر‪ :‬اهلداية يف شرح بداية املبتدي ‪ 358/4‬العناية شرح اهلداية ‪515/9‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫(‪)7‬‬

‫رواه الطحاوي يف شرح معاين اآلاثر ‪ 169/4‬وقال‪ :‬فاسد‪ ،‬ورواه البيهقي يف السنن ‪ 289/9‬وضعفه‬ ‫انظر‪ :‬تبيّي احلقائق شرح كنز الدقائق ‪6/6‬‬ ‫رواه البخاري ‪ 5659‬ومسلم ‪1629‬‬ ‫انظر‪ :‬املبسوط ‪16/12‬‬

‫‪20‬‬


‫املسألة الثانية‪ :‬العيوب املؤثرة يف مذهب املالكية‪-:‬‬ ‫‪ -1‬مقطوعة أو مشقوقة األذن‪ ،‬واستدلوا حبديث علي رضي هللا عنه‪( :‬أمرَن رسول هللا‬ ‫صلى هللا عليه وسلم أن نستشرف العّي واألذن‪ ،‬وال يضحى بشرقاء وال خرقاء وال‬ ‫مدابرة وال برتاء)(‪ ، )1‬والشرقاء‪ :‬مشقوقة األذن‪ ،‬واخلرقاء‪ :‬مثقوبة األذن‪ ،‬واملدابرة‪ :‬اليت‬ ‫(‪)2‬‬ ‫قطع جنلص أذهنا من اخللف‪ ،‬وأما إذا القطع دون فإنه يغتفر‬ ‫‪ -2‬مقطوعة الذنب‪ ،‬إذا كان القطع أكثر من الثلث‪ ،‬ألن الذنب حلم وعصب وقد‬ ‫(‪)3‬‬ ‫يستطاب‬ ‫مرضا من األمراض اليت متنع اإلجزاء‪،‬‬ ‫املدمي‪ ،‬ألن اإلمام مالك يراه ً‬ ‫‪ -3‬مكسورة القرن ن‬ ‫(‪(5))4‬‬ ‫واستدلوا أن النلص عليه الصالة والسالم (هنى عن أعضب األذن والقرن)‬ ‫(‪)6‬‬ ‫‪ -4‬الص نكاء‪ ،‬وهي اليت خلقت بال أذنّي‪ ،‬ألهنا خملوقة َنقصة فال خري فيها‬ ‫املسألة الثالثة‪ :‬العيوب املؤثرة يف مذهب الشافعية‪-:‬‬ ‫يضحى أبعضب األذن‬ ‫‪ -1‬مقطوعة األذن‪ ،‬حلديث (هنى النلص صلى هللا عليه وسلم أن ن‬ ‫(‪)7‬‬ ‫والقرن)‬ ‫(‪)8‬‬ ‫‪ -2‬مقطوعة الذنب‪ ،‬ألنه عضو كسائر األعضاء‬ ‫‪ -3‬الثوالء‪ ،‬وهي اجملنونة اليت تستدير يف الرعي وال ترعى إال قليالً‪ ،‬فال جتزئ ألهنا تورث‬ ‫(‪)9‬‬ ‫اهلزال‬ ‫‪ -4‬اجلرابء‪ ،‬وقد نص اإلمام الشافعي على ذلك فقال‪" :‬وال جتزئ اجلرابء‪ ،‬واجلرب قليله‬ ‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫رواه أمحد ‪ 236/2‬وصححه أمحد شاكر‬ ‫انظر‪ :‬بداية اجملتهد ‪ 193/2‬جامع األمهات ‪ 229/1‬التاج واإلكليل ملختصر خليل ‪368/4‬‬ ‫انظر‪ :‬الكايف يف فقه أهل املدينة ‪ 421/1‬فقه العبادات ‪397/1‬‬ ‫رواه أمحد ‪ 127/2‬وصححه أمحد شاكر ‪ ،‬وأبو داود ‪ 2805‬وضعفه األلباين‬ ‫انظر‪ :‬بداية اجملتهد ‪ 195/2‬املدونة ‪ 546/1‬حاشية العدوي ‪571/1‬‬

‫(‪)6‬‬ ‫(‪)7‬‬ ‫(‪)8‬‬ ‫(‪)9‬‬

‫انظر‪ :‬املدونة ‪ 550/1‬التاج واإلكليل ملختصر خليل ‪367/4‬‬ ‫سبق خترجيه‬ ‫انظر‪ :‬اإلقناع للماوردي ‪ 184/1‬كفاية األخيار ‪530/1‬‬ ‫انظر‪ :‬اجملموع شرح املهذب ‪ 401/8‬حتفة احملتاج ‪352/9‬‬

‫‪21‬‬


‫(‪)1‬‬

‫وكثريه مرض نبّي مفسد للحم ومنقص للثمن"‬ ‫‪ -5‬ذاهبة مجيع األسنان‪ ،‬وقد وقع خالف يف املذهب‪ ،‬قال يف اجملموع‪" :‬جتزئ ذاهبة بعض‬ ‫األسنان‪ ،‬فإن انكسرت مجيع أسناهنا أو تناثرت فقد أطلق البغوي وآخرون أهنا الجتزئ‪،‬‬ ‫وقال إمام احلرمّي‪ :‬قال احملققون‪ :‬جتزئ وقيل الجتزئ‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬إن كان ذلك‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ملرض أو كان يؤثر يف االعتالف وينقص اللحم؛ منع وإال فال"‬ ‫(‪)3‬‬ ‫‪ -6‬اليت مل خيلق هلا أذن‪ ،‬ألن األذن عضو الزم غالبًا وفقده ينقص من األضحية‬ ‫‪ -7‬احلامل‪ ،‬وفيها خالف يف املذهب‪ ،‬قال يف كفاية األخيار‪" :‬وهل جتزئ احلامل؟ فيه‬ ‫خالف‪ ،‬قال ابن الرفعة‪ :‬املشهور أهنا جتزئ ألن نقص اللحم جيرب ابجلنّي‪ ،‬وفيه وجه‬ ‫(‪)4‬‬ ‫أهنا الجتزئ‪"...‬‬ ‫املسألة الرابعة‪ :‬العيوب املؤثرة يف مذهب احلنابلة‪-:‬‬ ‫‪-1‬العضباء‪ ،‬وهي اليت ذهب أكثر قرهنا أو أذهنا‪ ،‬والدليل حديث علي رضي هللا عنه أن‬ ‫(‪(6))5‬‬ ‫يضحى أبعضب األذن والقرن)‬ ‫النلص صلى هللا عليه وسلم (هنى أن ن‬ ‫‪-2‬اهلتماء‪ ،‬وهي اليت ذهبت ثناايها من أصلها‪ ،‬وهي قياس املذهب‪ ،‬والوجه الثاين أهنا‬ ‫(‪)7‬‬ ‫جتزئ‪ ،‬اختاره شيخ اإلسالم ابن تيمية‬ ‫(‪)8‬‬ ‫‪-3‬مقطوعة األلية‪ ،‬ألن األلية ذات قيمة مقصودة‬ ‫‪-4‬اجل نداء‪ ،‬وهي اليت نشف وشاب ضرعها‪ ،‬قال ابن عباس رضي هللا عنه‪" :‬الجتوز‬ ‫(‪)9‬‬ ‫العجماء وال اجلداء"‪ ،‬قال اإلمام أمحد‪" :‬هي اليت يبس ضرعها"‬ ‫(‪ )1‬األم ‪ 245/2‬وانظر‪ :‬احلاوي الكبري ‪ 84/15‬خمتصر املزين ‪391/8‬‬ ‫(‪ )2‬اجملموع شرح املهذب ‪ 402/8‬وانظر‪ :‬كفاية األخيار ‪530/1‬‬ ‫(‪ )3‬انظر‪ :‬اجملموع شرح املهذب ‪ 401/8‬روضة الطالبّي ‪196/3‬‬ ‫(‪ )4‬كفاية األخيار ‪ 531/1‬وانظر‪ :‬املهذب ‪74/1‬‬ ‫(‪ )5‬سبق خترجيه‬ ‫(‪ )6‬انظر‪ :‬املغين ‪ 595/3‬منار السبيل ‪ 189/1‬حاشية الروض املربع جملموعة من املشايخ ‪365/5‬‬ ‫(‪ )7‬انظر‪ :‬املبدع شرح املقنع ‪ 443/9‬اإلنصاف ‪ 8/4‬حاشية الروض املربع ‪ 363/5‬جمموع الفتاوى ‪40/8‬‬ ‫(‪ )8‬انظر‪ :‬املغين ‪ 443/9‬الشرح املمتع ‪435/7‬‬ ‫(‪ )9‬انظر‪ :‬املغين ‪ 433/9‬كشاف القناع ‪6/3‬‬

‫‪22‬‬


‫املبحث الرابع‪ :‬وقت ذبح األضحية‬

‫املطلب األول‪ :‬بيان بداية وقت ذبح األضحية‪-:‬‬

‫بعد اتفاق العلماء على مشروعية األضحية‪ ،‬اتفقوا على أن لذبح األضحية وقت حمدد‪،‬‬ ‫واختلفوا يف تقديره على أقوال‪-:‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫القول األول‪ :‬وقت الذبح يبدأ بعد صالة العيد‪ ،‬وهو قول احلنفية واحلنابلة‬ ‫القول الثاين‪ :‬وقت الذبح يبدأ بعد مضي قدر الصالة‪ ،‬صلنى اإلمام أو ال‪ ،‬وهو قول‬ ‫(‪)2‬‬ ‫الشافعية‬ ‫القول الثالث‪ :‬وقت الذبح يبدأ بعد ذبح إمام صالة العيد أو قدره إن مل يذبح لعذر‪ ،‬فإن‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ترك الذبح لغري عذر فمن فِعل الصالة‪ ،‬وهو قول املالكية‬ ‫أدلة القول األول‪-:‬‬ ‫‪-1‬حديث الرباء بن عازب رضي هللا عنه أن النلص صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬إن أول‬ ‫مانبدأ به يف يومنا هذا أن نصلي مث نرجع فننحر‪ ،‬من فعل ذلك فقد أصاب سنتنا‪ ،‬ومن ذبح‬ ‫(‪)4‬‬ ‫قبل فإمنا هو حلم ق ندمه ألهله ليس من النسك يف شيء)‬ ‫‪-2‬حديث جندب بن سفيان البجلي رضي هللا عنه أن النلص صلى هللا عليه وسلم قال‪:‬‬ ‫(من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكاهنا أخرى)(‪ ، )5‬فقد رتب النلص عليه الصالة والسالم الذبح‬ ‫على الصالة‬ ‫أدلة القول الثاين(‪-:)6‬‬ ‫‪-1‬حديث الرباء بن عازب رضي هللا عنه أن النلص صلى هللا عليه وسلم قام يوم النحر‬ ‫(اليذحبن أح ٌد حىت يصلني) فقام خايل فقال‪ :‬ايرسول هللا‬ ‫خطيبًا‪ ،‬فحمد هللا وأثىن عليه مث قال‪:‬‬ ‫ن‬ ‫(‪ )1‬انظر‪ :‬بدائع الصنائع ‪ 73/5‬جممع األهنر ‪ 518/2‬الفروع ‪ 545/3‬اإلقناع ‪404/1‬‬ ‫(‪ )2‬انظر‪ :‬املهذب ‪ 74/1‬احلاوي الكبري ‪ 84/15‬كفاية األخيار ‪695/1‬‬ ‫(‪ )3‬انظر‪ :‬مواهب اجلليل ‪ 242/3‬بداية اجملتهد ‪198/2‬‬ ‫(‪ )4‬رواه البخاري ‪ 5545‬ومسلم‪1961‬‬ ‫(‪ )5‬رواه البخاري ‪5562‬‬ ‫(‪ )6‬انظر‪ :‬فتح الباري شرح صحيح البخاري ‪22/10‬‬

‫‪23‬‬


‫هذا يوم اللحم فيه مكروه‪ ،‬وإين ذحبت نسيكيت فأطعمت أهلي وجرياين‪ ،‬فقال رسول هللا صلى‬ ‫هللا عليه وسلم‪( :‬قد فعلت فأعد ذحبًا آخر)‪ ،‬فقال‪ :‬عندي عناق لنب هي خريٌ من شايت حلم‪،‬‬ ‫(‪)1‬‬ ‫فقال‪( :‬هو خري نسيكتيك‪ ،‬لن جزئ جذعة عن أحد بعدك)‬ ‫‪-2‬قالوا‪ :‬أن من ال صالة عليه خماطب ابلتضحية‪ ،‬وال يدخل وقت التضحية ابلنسبة هلم‬ ‫إال بعد مضي قدر الصالة‪ ،‬فدل على أن املعترب مضي قدر الصالة‬ ‫‪-3‬قالوا‪ :‬التقدير ابلزمان أضبط للناس يف األمصار والقرى والبوادي‬ ‫املناقشة‪-:‬‬ ‫‪-1‬أجيب عن الدليل األول والثاين أبنه ورد النص يف أن املعترب هو فعل الصالة كما يف‬ ‫حديث الرباء بن عازب‪ ،‬ألن النلص عليه الصالة والسالم رتب الذبح على فعل الصالة‪ ،‬وأ‪/‬ا‬ ‫القول أبنه أراد زمن فعلها فهو خالف الظاهر‬ ‫(‪)2‬‬ ‫‪-2‬أجيب عن الدليل الثالث أبنه اجتهاد يف مقابلة النص فال عربة به‬ ‫أدلة القول الثالث‪-:‬‬ ‫استدلوا حبديث جابر بن عبدهللا رضي هللا عنه قال‪( :‬أن النلص صلى هللا عليه وسلم صلى‬ ‫هبم يوم النحر ابملدينة‪ ،‬فسبقهم رجال فنحروا وظنوا أن النلص صلى هللا عليه وسلم قد حنر‪ ،‬فأمر‬ ‫(‪)3‬‬ ‫النلص صلى هللا عليه وسلم من كان حنر قبله أن يعيد بنحر آخر‪ ،‬وال ينحر حىت ينحر النلص)‬ ‫املناقشة‪-:‬‬ ‫أجيب أبن املراد ابحلديث الزجر عن التعجل الذي يؤدي إىل الذبح قبل الوقت‪ ،‬بدليل‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ماورد يف حديث الرباء ابلتقييد ابلصالة‬

‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫رواه مسلم ‪1961‬‬ ‫انظر‪ :‬حاشية الروض املربع جملموعة من املشايخ ‪374/5‬‬ ‫رواه مسلم ‪1964‬‬ ‫شرح النووي على مسلم ‪110/13‬‬

‫‪24‬‬


‫الرتجيح‪-:‬‬ ‫مما سبق يتبّي أن الراجح هو القول األول‪ ،‬لصراحة حديث الرباء و نقوته‪ ،‬وأما من استدل‬ ‫أبن النلص عليه الصالة والسالم أمر من ذبح قبله أن يعيد فال داللة فيه‪ ،‬ألنه ورد يف رواية أخرى‬ ‫أنه أمر من ذبح قبل الصالة أن يعيد‪ ،‬واألوىل محل هذين احلديثّي على حادثة واحدة‪ ،‬ألن من‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ذبح قبل الصالة فإنه ذبح قبل النلص صلى هللا عليه وسلم وهبذا يزول اإلشكال‬

‫املطلب الثاين‪ :‬هناية وقت ذبح األضحية‪-:‬‬

‫بعد اتفاق العلماء أن الذبح قبل الصالة الجيزئ‪ ،‬اختلفوا يف بداية وقت الذبح كما بيننت‪،‬‬ ‫مث اختلفوا أيضاً يف هنايته على قولّي‪-:‬‬ ‫القول األول‪ :‬ينتهي وقت الذبح قبل غروب مشس اثلث أايم النحر‪ ،‬أي اليوم الثاين عشر‪،‬‬ ‫وهو قول احلنفية واملالكية واحلنابلة‪ ،‬قال ابن قدامة‪" :‬وآخر وقتها‪ :‬آخر اليومّي األولّي من أايم‬ ‫التشريق"(‪ ، )2‬وقال الكاساين‪" :‬وينتهي وقتها قبل غروب مشس اثلث أايم النحر"(‪ ، )3‬وقال‬ ‫(‪)4‬‬ ‫عبدالوهاب املالكي‪" :‬وحملها األايم املعلومات‪ ،‬وهي ثالثة أايم‪ ،‬يوم النحر واثنيه واثلثه"‬ ‫القول الثاين‪ :‬ينتهي وقت الذبح مبغيب مشس آخر أايم التشريق‪ ،‬وهو اليوم الثالث عشر‪،‬‬ ‫وهو قول الشافعية واختيار شيخ اإلسالم ابن تيمية وابن القيم(‪ ، )5‬قال الشربيين‪" :‬وقت‬ ‫(‪)6‬‬ ‫التضحية حىت تغرب الشمس آخر أايم التشريق‪ ،‬وهي ثالثة عند الشافعي رمحه هللا"‬ ‫أدلة القول األول‪-:‬‬ ‫اَّللِ ِيف أ هايٍم همعلُوم ٍ‬ ‫ات على ما رزق ُهم ِنمن هبِيم ِة‬ ‫اسم ه‬ ‫ْ‬ ‫‪-1‬استدلوا بقوله تعاىل‪( :‬وي ْذ ُك ُروا ْ‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬بداية اجملتهد ‪198/2‬‬ ‫(‪ )2‬الكايف ‪473/1‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬ ‫(‪)6‬‬

‫بدائع الصنائع ‪212/4‬‬ ‫التلقّي ‪262/1‬‬ ‫زانظر‪ :‬زاد املعاد ‪317/2‬‬ ‫مغين احملتاج ‪282/4‬‬

‫‪25‬‬


‫ْاألنْع ِام)(‪ ، )1‬فقوله (أايم معلومات) مجع‪ ،‬واملتيقن من اجلمع ثالثة أايم‬ ‫‪-2‬استدلوا حبديث النهي عن نادخار حلوم األضاحي كما يف حديث سلمة بن األكوع‬ ‫يصبحن بعد الثالثة‬ ‫ضحى منكم فال‬ ‫رضي هللا عنه‪ ،‬عن النلص صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬من ن‬ ‫ن‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ويف بيته منه شيء)‬ ‫املناقشة(‪-:)3‬‬ ‫‪-1‬أجيب عن الدليل األول أبن املراد من األايم املعلومات هي أايم عشر ذي احلجة‪.‬‬ ‫‪-2‬أجيب عن الدليل الثاين أبن النهي عن نادخار حلوم األضاحي فوق ثالث اليدل على‬ ‫االدخار مابينه وبّي ثالثة‬ ‫أن أايم النحر ثالثة؛ بدليل أنه لو أخر الذبح إىل اليوم الثالث جلاز ن‬ ‫أايم‪ ،‬فال تالزم بّي هنيه وبّي اختصاص النحر بثالثة أايم‪.‬‬ ‫أدلة القول الثاين‪-:‬‬ ‫فوعا‪( :‬وكل أايم التشريق ذبح)(‪ ، )4‬قال البيهقي‪:‬‬ ‫‪1‬استدلوا حبديث جبري بن مطعم مر ً‬ ‫(‪)6‬‬ ‫"الصحيح أنه مرسل"(‪ ، )5‬وأجيب أبن له طرق ومتابعات يقوى هبا‬ ‫‪-2‬حديث نبيشة اهلذيل رضي هللا عنه أن النلص صلى هللا عليه وسلم قال‪( :‬أايم التشريق‬ ‫أايم أكل وشرب وذكر هلل)(‪ ، )7‬فذكر هللا مشروع يف مجيع أايم التشريق‪ ،‬ومنه الذكر عند ذبح‬ ‫(‪)8‬‬ ‫األضاحي‪ ،‬وألهنا أايم تكبري وإفطار‪ ،‬فكان الثالث من أايم التشريق وقتًا للذبح كاألولّي‬

‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫احلج ‪28‬‬ ‫رواه البخاري ‪ 5569‬ومسلم ‪1974‬‬ ‫انظر‪ :‬زاد املعاد ‪ 318/2‬حاشية الروض املربع جملموعة من املشايخ ‪376/5‬‬ ‫رواه ابن حبان ‪ 3854‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع ‪4537‬‬

‫(‪)5‬‬ ‫(‪)6‬‬ ‫(‪)7‬‬ ‫(‪)8‬‬

‫السنن الكربى ‪295/9‬‬ ‫انظر‪ :‬زاد املعاد ‪318/2‬‬ ‫رواه مسلم ‪1141‬‬ ‫انظر‪ :‬حاشية الروض املربع جملموعة من املشايخ ‪376/5‬‬

‫‪26‬‬


‫الرتجيح‪-:‬‬ ‫مما سبق يتبّي يل أن الراجح هو القول الثاين‪ ،‬لقوة ما استدلوا به‪ ،‬وألن األايم املعلومات‬ ‫هي يوم النحر وثالثة أايم بعده كما قال ابن عباس رضي هللا عنه‪ ،‬وألن هذه األايم أايم مشرتكة‬ ‫يف مجيع األحكام ‪-‬ما عدا موضع اخلالف‪ -‬فكلها أايم مىن‪ ،‬وأايم رمي للجمار‪ ،‬وأايم ذكر‬ ‫هلل‪ ،‬وصيامها حرام؛ فما الذي خيرج الذبح عن ذلك حىت خيتص منها ابليومّي األولّي؟‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬أحكام األضحية والذكاة ‪226/2‬‬

‫‪27‬‬

‫(‪)1‬‬


‫يضحي‬ ‫املبحث اخلامس‪ :‬األمور اليت جيتنبها من أراد أن ّ‬ ‫من أراد األضحية فإن عليه أن جيتنب بعض األمور‪-:‬‬ ‫‪-1‬األخذ من الشعر والظفر‪ ،‬لقوله عليه الصالة والسالم‪( :‬إذا دخل العشر‪ ،‬وأراد أحدكم‬ ‫أن يضحي فال أيخذ من شعره وال من أظفاره شيئًا حىت يضحي)(‪ ، )1‬واختلف العلماء يف هذا‬ ‫النهي هل هو للكراهة أو للتحرمي على قولّي‪-:‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫القول األول‪ :‬أن النهي للكراهة وهو قول اجلمهور العلماء‬ ‫(‪)3‬‬ ‫القول الثاين‪ :‬أن النهي للتحرمي وهو قول احلنابلة‬ ‫أدلة القول األول‪-:‬‬ ‫استدلوا حبديث عائشة رضي هللا عنها قالت‪( :‬كنت أفتل قالئد هدي رسول هللا صلهى هللا‬ ‫(‪)4‬‬ ‫ميسك عن ش ٍيء مما ميسك عنه احملرم حىت ينحر هديه)‬ ‫عليه وسلهم بيدي‪ ،‬مث ُ‬ ‫يبعث هبا‪ ،‬وما ُ‬ ‫املناقشة‪-:‬‬ ‫أجيب عن هذا احلديث أبنه عام‪ ،‬وحديث الباب خيصصه‬ ‫أدلة القول الثاين‪-:‬‬ ‫استدلوا ابحلديث الوارد (إذا دخل العشر‪ ،‬وأراد أحدكم أن يضحي فال أيخذ من شعره وال‬ ‫(‪)5‬‬ ‫من أظفاره شيئًا حىت يضحي)‬ ‫الرتجيح‪-:‬‬ ‫الراجح هو القول الثاين‪ ،‬وذلك للقاعدة أن النص اخلاص مقدم على اللفظ العام‬

‫(‪ )1‬رواه مسلم ‪1977‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫انظر‪ :‬التاج وإلكليل ‪ 380/4‬احلاوي الكبري ‪15/74‬‬ ‫املغين ‪473/9‬‬ ‫رواه مسلم ‪1321‬‬ ‫سبق خترجيه‬

‫‪28‬‬


‫‪-2‬أن يبيع شيئًا من األضحية‪ ،‬ألهنا تعينت ابلذبح‪ ،‬ولقوله عليه الصالة والسالم‪:‬‬ ‫(‪)2()1‬‬ ‫(التبيعوا حلوم األضاحي واهلدي)‬ ‫‪-3‬أن يعطي اجلزار منها على سبيل األجرة‪ ،‬حلديث علي رضي هللا عنه قال‪( :‬أمرين‬ ‫رسول هللا صلى هللا عليه وسلم أن أقوم على بدنه‪ ،‬وأن أقسم جلودها وجالهلا‪ ،‬وأن ال أعطي‬ ‫(‪)4()3‬‬ ‫اجلازر منها شيئًا)‬ ‫‪-4‬ركوب األضحية وأتجريها واالنتفاع بلبنها قبل أن يضحى هبا‪ ،‬بل يتصدق بكل ما‬ ‫أيخذه منها ألهنا قربة هلل تعاىل‪ ،‬فال ينتفع بشيء منها حىت يذحبها‪ ،‬قال الكاساين احلنفي‪:‬‬ ‫نقصا فيها وهو‬ ‫"ويكره االنتفاع جبزء من أجزائها قبل إقامة القربة ‪ ...‬ألن احللب واجلز يوجب ً‬ ‫(‪)5‬‬ ‫ممنوع من إدخال النقص يف األضحية"‬ ‫جز صوف األضحية قبل الذبح‪ ،‬ملا فيه إنقاص مجاهلا‪ ،‬ونص احلنابلة على جواز جز‬ ‫‪ -5‬ن‬ ‫(‪)6‬‬ ‫صوفها إن كان أنفع هلا ويتصدق به‬

‫(‪)1‬‬ ‫(‪)2‬‬ ‫(‪)3‬‬ ‫(‪)4‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫أخرجه أمحد وهو مرسل صحيح اإلسناد‪ ،‬انظر‪ :‬الفتح الرابين ‪54/13‬‬ ‫انظر‪ :‬املهذب ‪ 74/1‬حاشية الروض املربع جملموعة من املشايخ ‪382/5‬‬ ‫رواه مسلم ‪1317‬‬ ‫انظر‪ :‬املغين ‪ 110/11‬حاشية الروض املربع جملموعة من املشايخ ‪ 382/5‬منار السبيل ‪191/1‬‬ ‫بدائع الصنائع ‪ 219/4‬وانظر‪ :‬فقه العبادات احلنفي ‪ 205/1‬حاشية الروض املربع جملموعة من املشايخ ‪381/5‬‬

‫(‪ )6‬انظر‪ :‬حاشية الروض املربع جملموعة من املشايخ ‪ 381/5‬فقه العبادات احلنفي ‪ 205/1‬فقه العبادات املالكي‬ ‫‪399/1‬‬

‫‪29‬‬


‫اخلامتة‬ ‫احلمدهلل والصالة والسالم على رسول هللا وبعد‪،،‬‬ ‫ويسر يل بيان بعض أحكام‬ ‫فإين أمحد هللا عز وجل أن ن‬ ‫من علي إبمتام هذا البحث‪ ،‬ن‬ ‫األضحية وتفصيلها مستقيًا ذلك من الكتاب والسنة وأمهات كتب العلماء رمحهم هللا‬ ‫وهذا البحث هو جهد مقل ال خيلو من أخطاء‪ ،‬فما كان صو ًااب فمن هللا وما كان خطئًا‬ ‫فمن نفسي والشيطان‪ ،‬وهللا اهلادي إىل سواء السبيل‬ ‫ويف ختام هذا البحث توصلت إىل بعض النتائج القيمة واملفيدة وسأذكرها على نقاط‪-:‬‬ ‫‪-1‬مشروعية األضحية وفضلها العظيم‬ ‫‪-2‬الراجح يف حكم األضحية أهنا سنة مؤكدة‬ ‫‪-3‬ال جيزئ من األضاحي إال هبيمة األنعام‪ ،‬وهي اإلبل والبقر والغنم‬ ‫‪-4‬الراجح أفضلية البدنة على البقرة‪ ،‬والبقرة على الغنم إن ذحبتا كاملتّي‬ ‫‪-5‬يعترب يف األضحية أن تبلغ السن املقدر‪ ،‬وهو الثين يف اإلبل والبقر واملاعز‪ ،‬ويف الضأن‬ ‫جيزئ اجلذع‪ ،‬وهو ماله ستة أشهر‬ ‫‪-6‬أن العيوب يف األضحية منها ما هو متفق عليها‪ ،‬ومنها ماهو خمتلف فيه‬ ‫‪-7‬الراجح يف بداية وقت ذبح األضحية هو بعد صالة العيد‬ ‫‪-8‬الراجح أن وقت الذبح يستمر إىل مغيب آخر يوم من أايم التشريق‬ ‫املضحي االقتداء ابلنلص عليه الصالة والسالم يف اجتناب األمور اليت هنى‬ ‫‪-9‬ينبغي على‬ ‫ن‬ ‫عنها‬ ‫كثريا إىل يوم الدين‬ ‫وصلى هللا على نبينا حممد وعلى آله وصحبه وسلم ً‬ ‫تسليما ً‬

‫‪30‬‬


‫فهرس املراجع‬ ‫‪-1‬األم‪ ،‬حممد بن إدريس الشافعي‪ ،‬ت ‪ ،204‬دار املعرفة‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-2‬اإلقناع يف املذهب الشافعي‪ ،‬علي بن حممد البغدادي املاوردي‪ ،‬ت‪ ،450‬املكتبة‬ ‫الشاملة‬ ‫احلجاوي‪ ،‬ت‪ ،968‬دار املعرفة‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-3‬اإلقناع يف فقه اإلمام أمحد‪ ،‬موسى بن أمحد ن‬ ‫األوىل‬ ‫‪-4‬اإلنصاف يف معرفة الراجح من اخلالف‪ ،‬علي بن سليمان املرداوي‪ ،‬ت‪ ،885‬دار‬ ‫إحياء الرتاث‪ ،‬الطبعة الثانية‬ ‫‪-5‬أحكام األضحية والذكاة‪ ،‬حممد بن صاحل العثيمّي‪ ،‬ت‪ ،1421‬مؤسسة الشيخ حممد‬ ‫العثيمّي اخلريية‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-6‬إرشاد السالك إىل أشرف املسالك‪ ،‬عبدالرمحن بن حممد املالكي‪ ،‬ت‪ ،732‬مطبعة‬ ‫مصطفى البايب احلللص‪ ،‬الطبعة الثالثة‬ ‫‪-7‬أنيس الفقهاء‪ ،‬قاسم بن عبدهللا القونوي‪ ،‬ت‪ ،978‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-8‬البناية شرح اهلداية‪ ،‬حممود بن أمحد الغيثايب احلنفي‪ ،‬ت‪ ،855‬دار الكتب العلمية‪،‬‬ ‫الطبعة األوىل‬ ‫‪-9‬بداية اجملتهد وهناية املقتصد‪ ،‬حممد بن أمحد ابن رشد‪ ،‬ت‪ ،595‬دار احلديث‬ ‫‪-10‬بدائع الصنائع يف ترتيب الشرائع‪ ،‬أبوبكر بن مسعود الكاساين‪ ،‬ت‪ ،587‬دار‬ ‫الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة الثانية‬ ‫‪-11‬جامع األمهات‪ ،‬عثمان بن عمر ابن احلاجب املالكي‪ ،‬ت‪ ،646‬املكتبة الشاملة‬ ‫‪-12‬اهلداية يف شرح بداية املبتدي‪ ،‬علي بن أيب بكر املريغباين‪ ،‬ت‪ ،593‬دار إحياء‬ ‫الرتاث‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-13‬زاد املستقنع يف اختصار املقنع‪ ،‬موسى بن أمحد احلجاوي‪ ،‬ت‪ ،968‬دار ابن خزمية‪،‬‬ ‫الطبعة الثالثة‬

‫‪31‬‬


‫‪-14‬زاد املعاد يف هدي خري العباد‪ ،‬حممد بن أيب بكر ابن القيم اجلوزية‪،‬ت‪ ،751‬مؤسسة‬ ‫الرسالة‪ ،‬الطبعة السابعة والعشرون‬ ‫‪-15‬حاشية الروض املربع‪ ،‬عبدالرمحن بن حممد ابن قاسم‪ ،‬ت‪ ،1392‬اليوجد َنشر‪،‬‬ ‫الطبعة السادسة‬ ‫‪-16‬حاشية الروض املربع‪ ،‬جمموعة من املشايخ‪ ،‬مدار الوطن‪ ،‬الطبعة الثانية‬ ‫‪ -17‬احلاوي الكبري‪ ،‬علي بن حممد املاوردي‪ ،‬ت‪ ،450‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة‬ ‫األوىل‬ ‫‪-18‬حاشية العدوي على كفاية الطلب الرابين‪ ،‬علي بن أمحد العدوي‪ ،‬ت‪ ،1189‬دار‬ ‫الفكر‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-19‬الكايف يف فقه اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬موفق الدين عبدهللا بن أمحد ابن قدامة‪،‬‬ ‫ت‪ ،620‬املكتب اإلسالمي‪ ،‬الطبعة الثالثة‬ ‫‪-20‬كشاف القناع عن منت اإلقناع‪ ،‬منصور بن يونس البهويت‪ ،‬ت‪ ،1051‬دار الكتب‬ ‫العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-21‬كفاية األخيار يف حل غاية االختصار‪ ،‬حممد بن عبداملؤمن احلصين‪ ،‬ت‪ ،829‬دار‬ ‫اخلري‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-22‬الكايف يف فقه أهل املدينة‪ ،‬يوسف بن عبدهللا ابن عبدالرب القرطلص‪ ،‬ت‪ ،463‬مكتبة‬ ‫الرايض احلديثة‪ ،‬الطبعة الثانية‬ ‫‪-23‬لسان العرب‪ ،‬حممد بن مكرم ابن منظور‪ ،‬دار صادر‪ ،‬الطبعة الثالثة‬ ‫‪-24‬مسند اإلمام أمحد بن حنبل‪ ،‬أمحد بن حممد بن حنبل‪ ،‬ت‪ ،241‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬ ‫الطبعة األوىل‬ ‫‪-25‬املستدرك على الصحيحّي‪ ،‬حممد بن عبدهللا احلاكم‪ ،‬ت‪ ،405‬دار الكتب العلمية‪،‬‬ ‫الطبعة األوىل‬ ‫‪-26‬املبسوط‪ ،‬حممد بن أمحد السرخسي‪ ،‬ت‪ ،483‬دار املعرفة‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-27‬مغين احملتاج إىل معرفة معاين ألفاظ املنهاج‪ ،‬حممد بن أمحد الشربيين‪ ،‬ت‪ ،977‬دار‬ ‫الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪32‬‬


‫‪-28‬املغين‪ ،‬موفق الدين عبدهللا بن أمحد ابن قدامة‪ ،‬ت‪ ،620‬مكتبة القاهرة‪ ،‬الطبعة‬ ‫األوىل‬ ‫‪-29‬جممع الزوائد ومنبع الفوائد‪ ،‬علي بن أيب بكر اهليثمي‪ ،‬ت‪ ،807‬مكتبة املقدسي‪،‬‬ ‫الطبعة األوىل‬ ‫‪-30‬املهذب‪ ،‬إبراهيم بن علي الشريازي‪ ،‬ت‪ ،476‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-31‬اجملموع شرح املهذب‪ ،‬حيىي بن شرف النووي‪ ،‬ت‪ ،676‬دار الفكر‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-32‬خمتصر املزين‪ ،‬إمساعيل بن حيىي املزين‪ ،‬ت‪ ،264‬دار املعرفة‪ ،‬الطبعة الثالثة‬ ‫‪-33‬خمتصر اإلنصاف والشرح الكبري‪ ،‬حممد بن عبدالوهاب التميمي‪ ،1206 ،‬مطابع‬ ‫الرايض‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-34‬املدونة‪ ،‬مالك بن أنس األصبحي‪ ،‬ت‪ ،179‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-35‬جمموع الفتاوى‪ ،‬أمحد بن عبداحلليم ابن تيمية‪ ،‬ت‪ ،728‬جممع امللك فهد لطباعة‬ ‫املصحف الشريف‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-36‬منار السبيل يف شرح الدليل‪ ،‬إبراهيم بن سامل ابن ضواين‪ ،‬ت‪ ،1353‬املكتب‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬الطبعة السابعة‬ ‫‪-37‬جممع األهنر يف شرح ملتقى األحبر‪ ،‬عبدالرمحن بن حممد بن سليمان امللقب شيخي‬ ‫زاده‪ ،‬ت‪ ،1078‬دار إحياء الرتاث‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-38‬مواهب اجلليل يف شرح خمتصر خليل‪ ،‬حممد بن حممد الطرابلسي‪ ،‬ت‪ ،954‬دار‬ ‫الفكر‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-39‬مقاييس اللغة‪ ،‬أمحد بن فارس الرازي‪ ،‬ت‪ ،395‬دار الفكر‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-40‬سنن الرتمذي‪ ،‬حممد بن عيسى الرتمذي‪ ،‬ت‪ ،279‬مطبعة مصطفى البايب احلللص‪،‬‬ ‫الطبعة الثانية‬ ‫‪-41‬سنن أيب داود‪ ،‬سليمان بن األشعث السجستاين‪ ،‬ت‪ ،275‬املكتبة العصرية‪ ،‬الطبعة‬ ‫األوىل‬ ‫‪-42‬سنن النسائي‪ ،‬أمحد بن شعيب النسائي‪ ،‬ت‪ ،303‬مكتب املطبوعات اإلسالمية‪،‬‬ ‫الطبعة الثانية‬ ‫‪-43‬سنن ابن ماجه‪ ،‬حممد بن يزيد القزويين املعروف اببن ماجه‪ ،‬ت‪ ،273‬دار إحياء‬ ‫‪33‬‬


‫الكتب العربية‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-44‬السلسلة الضعيفة‪ ،‬حممد بن َنصر الدين األلباين‪ ،‬ت‪ ،1420‬مكتبة املعارف‪،‬‬ ‫الطبعة األوىل‬ ‫‪-45‬السنن الكربى‪ ،‬أمحد بن احلسّي البيهقي‪ ،‬ت‪ ،458‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة‬ ‫الثالثة‬ ‫‪-46‬العناية شرح اهلداية‪ ،‬حممد بن حممد الرومي البابريت‪ ،‬ت‪ ،786‬دار الفكر‪ ،‬الطبعة‬ ‫األوىل‬ ‫‪-47‬فقه العبادات على املذهب احلنفي‪ ،‬جناح احلللص‪ ،‬املكتبة الشاملة‬ ‫‪-48‬فقه العبادات على املذهب املالكي‪ ،‬كوكب عبيد‪ ،‬مطبعة اإلنشاء‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-49‬الفروع‪ ،‬حممد بن مفلح احلنبلي‪ ،‬ت‪ ،763‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-50‬صحيح البخاري‪ ،‬حممد بن إمساعيل البخاري‪ ،‬ت‪ ،256‬دار طوق جناة‪ ،‬الطبعة‬ ‫األوىل‬ ‫‪-51‬صحيح مسلم‪ ،‬مسلم بن احلجاج القشريي‪ ،‬ت‪ ،261‬دار إحياء الرتاث‪ ،‬الطبعة‬ ‫األوىل‬ ‫‪-52‬صحيح ابن حبان‪ ،‬حممد ابن حبان التميمي‪ ،‬ت‪ ،354‬مؤسسة الرسالة‪ ،‬الطبعة‬ ‫األوىل‬ ‫‪-53‬روضة الطالبّي وعمدة املفتّي‪ ،‬حيىي بن شرف الدين النووي‪ ،‬ت‪ ،676‬املكتب‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬الطبعة الثالثة‬ ‫‪-54‬صحيح اجلامع‪ ،‬حممد بن َنصر الدين األلباين‪ ،‬ت‪ ،1420‬املكتب اإلسالمي‪،‬‬ ‫الطبعة الثالثة‬ ‫‪-55‬الشرح الكبري على منت املقنع‪ ،‬عبدالرمحن بن حممد ابن قدامة‪ ،‬ت‪ ،682‬دار‬ ‫الكتاب العريب‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-56‬شرح النووي على صحيح مسلم‪ ،‬حيىي بن شرف الدين النووي‪ ،‬ت‪ ،676‬دار إحياء‬ ‫الرتاث‪ ،‬الطبعة الثالثة‬ ‫‪-57‬الشرح املمتع على زاد املستقنع‪ ،‬حممد بن صاحل العثيمّي‪ ،‬ت‪ ،1421‬دار ابن‬ ‫اجلوزي‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪34‬‬


‫‪-58‬تفسري القرآن العظيم‪ ،‬إمساعيل بن عمر ابن كثري‪ ،‬ت‪ ،774‬دار طيبة‪ ،‬الطبعة الثانية‬ ‫‪-59‬تيسري الكرمي الرمحن‪ ،‬عبدالرمحن بن َنصر السعدي‪ ،‬ت‪ ،1376‬مؤسسة الرسالة‪،‬‬ ‫الطبعة األوىل‬ ‫‪-60‬التلقّي يف الفقه املالكي‪ ،‬عبدالوهاب بن علي املالكي‪ ،‬ت‪ ،422‬دار الكتب‬ ‫العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-61‬تبيّي احلقائق شرح كنز الدقائق‪ ،‬عثمان بن علي البارعي الزيلعي‪ ،‬املطبعة األمريية‬ ‫الكربى‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-62‬حتفة احملتاج يف شرح املنهاج‪ ،‬أمحد بن حممد ابن حجر اهليتمي‪ ،974 ،‬املكتبة‬ ‫التجارية الكربى‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-63‬التاج واإلكليل ملختصر خليل‪ ،‬حممد بن يوسف الغرَنطي‪ ،‬ت‪ ،897‬دار الكتب‬ ‫العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل‬ ‫‪-64‬التعريفات‪ ،‬علي بن حممد اجلرجاين‪ ،‬ت‪ ،816‬دار الكتب العلمية‪ ،‬الطبعة األوىل‬

‫‪35‬‬


‫الفهرس‬ ‫املقدمة‬

‫‪2‬‬

‫التمهيد‬

‫‪5‬‬

‫املبحث األول‪ :‬مشروعية األضحية وفضلها‬

‫‪6‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬بيان حكم األضحية‬

‫‪8‬‬

‫املطلب األول‪ :‬حكم األضحية يف الشرع‬

‫‪8‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬بيان جنس مايضحى به‬

‫‪12‬‬

‫مسألة‪ :‬ماألفضل يف الضحااي؟‬

‫‪13‬‬

‫املبحث الثالث‪ :‬بيان شروط صحة األضحية‬

‫‪15‬‬

‫املطلب األول‪ :‬شروط صحة األضحية‬

‫‪15‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬العيوب املؤثرة يف األضحية‬

‫‪17‬‬

‫املسألة األوىل‪ :‬العيوب املؤثرة يف مذهب احلنفية‬

‫‪18‬‬

‫املسألة الثانية‪ :‬العيوب املؤثرة يف مذهب املالكية‬

‫‪19‬‬

‫املسألة الثالثة‪ :‬العيوب املؤثرة يف مذهب الشافعية‬

‫‪19‬‬

‫املسألة الرابعة‪ :‬العيوب املؤثرة يف مذهب احلنابلة‬

‫‪20‬‬

‫املبحث الرابع‪ :‬بيان وقت ذبح األضحية‬

‫‪21‬‬

‫املطلب األول‪ :‬بداية وقت ذبح األضحية‬

‫‪21‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬هناية وقت ذبح األضحية‬

‫‪23‬‬

‫املبحث اخلامس‪ :‬األمور اليت جيتنبها من أراد أن يضحي ‪25‬‬ ‫اخلامتة‬

‫‪28‬‬

‫الفهارس‬

‫‪31‬‬

‫‪36‬‬


‫للتواصل ‪:‬‬

‫الرجاء املراسلة على اإلمييل ‪imam4334@gmail.com‬‬

‫‪37‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.