Journalism in Syria : an impossible job ? (arabic version)

Page 1


‫تقديم‬ ‫لعبة حظ قذرة‬

‫ ‪3‬‬

‫يقارن بعض املراسلني الحربيني املحنكني مهنة اإلعالم يف سوريا‬ ‫بلعبة "اليانصيب" أو "الروليت الروسية"‪ .‬فكام ورد عىل لسان‬ ‫أحدهم‪" ،‬الذهاب إىل هناك ينطوي عىل مخاطر قبل بضعة أشهر‪.‬‬ ‫أما اآلن‪ ،‬فإنك محظوظ إذا استطعت الخروج ساملاً عىل قيد‬ ‫الحياة‪ ،‬أو عىل األقل حرا ً طليقاً"‪ .‬صحيح أن تغطية الرصاعات‬ ‫تُعترب مهمة محفوفة باملخاطر دامئاً‪ ،‬لكن من املفرتض أال يكون‬ ‫الصحفيون ومعاونيهم مستهدفني من قبل األطراف املتنازعة أو‬ ‫فريسة للقناصة أو الجنود املدججني بالسالح أو الخاطفني‪.‬‬

‫عىل مدى األشهر االثنني والثالثني التي تلت اندالع هذا الرصاع‪،‬‬ ‫تغريت الصعوبات واملخاطر التي تعرتض سبيل اإلعالميني‪ .‬ففي‬ ‫بادئ األمر‪ ،‬كان جنود الجيش النظامي السوري وأتباعه وحدهم‬ ‫من يستهدفون الصحفيني انتقاماً منهم عىل تغطية االحتجاجات‬ ‫ونقل مظاهر قمعها‪ .‬أما اآلن‪ ،‬فقد بات الصحفيون األجانب‬ ‫والسوريون يقعون قيد االحتجاز عىل أيدي عنارص الجيش‬ ‫النظامي وجامعات املعارضة املسلحة يف املناطق "املحررة" بشامل‬ ‫البالد‪ ،‬فضالً عن القوات التابعة لحزب االتحاد الدميقراطي‪ ،‬الهيئة‬ ‫السياسية األكرث نفوذا ً يف صفوف األكراد يف البالد‪.‬‬

‫بيد أن امليدان السوري يشهد كثريا ً من الكر والفر‪ ،‬حيث يختلط‬ ‫الحابل بالنابل يف صفوف الجهات املعنية‪ ،‬لدرجة أن حتى‬ ‫تشهد عمليات االختطاف تزايدا ً مستمرا ً‪ .‬وبحسب جان فيليب‬ ‫املراسلني املخرضمني تجدهم تائهني ويف حرية من أمرهم‪ ،‬وهم‬ ‫رميي‪ ،‬مراسل صحيفة لوموند‪" ،‬توجد هناك مخاطر يف أي رصاع‬ ‫الذين عادة ما يعرفون إىل أين ميكن التقدم دون مجازفة‪ .‬ففي‬ ‫كان‪ .‬ويف سوريا‪ ،‬يتعرض الصحفيون إىل نفس املخاطر التي‬ ‫سوريا‪ ،‬مقارنة بالنزاعات األخرى‪ ،‬من الصعوبة معرفة من‬ ‫واجهتهم خالل النزاعات املامثلة السابقة‪ .‬ولكن الفرق هو أن‬ ‫يسيطر عىل هذه الحارة أو تلك‪ ،‬ومعرفة من يتحالف مع من‪،‬‬ ‫عمليات االختطاف أصبحت ت ُنفذ بشكل منهجي يف بعض املناطق‬ ‫أو ببساطة من يكون من‪ .‬فاألمر يتعلق ببلد ترسخت فيه بعض‬ ‫من البالد‪ .‬وكأننا أمام مطاردة تستهدف الصحفيني"‪ .‬فبعدما‬ ‫املامرسات املقيتة من قبيل الخداع السيايس أو املناورات عىل‬ ‫كان بشار األسد هو "صياد حرية الصحافة" الوحيد يف سوريا‬ ‫مدى العقود التي شهدت حكم عائلة األسد‪.‬‬ ‫عام ‪ ،2011‬ظهرت الجامعة اإلسالمية جبهة النرصة عىل الئحة‬ ‫الصيادين التي نرشتها مراسلون بال حدود يف مايو\أيار ‪،2013‬‬ ‫ت ُعترب سوريا حالياً أخطر بلد يف العامل بالنسبة للصحفيني‪ .‬فوفقاً‬ ‫علامً أن بعض الجامعات الجهادية األخرى مثل الدولة اإلسالمية‬ ‫إلحصاء منظمة مراسلون بال حدود‪ ،‬قُتل ما يفوق ‪ 110‬من‬ ‫يف العراق والشام تستحق هي األخرى أن تنضم اليوم إىل نادي‬ ‫اإلعالميني أثناء تأدية واجبهم منذ مارس\آذار ‪( 2011‬من بينهم أعداء حرية اإلعالم هذا‪.‬‬ ‫‪ 25‬صحفياً محرتفاً)‪ ،‬بينام ال يزال ‪ 60‬تقريباً قيد االحتجاز أو‬ ‫يف عداد املفقودين‪ ،‬إذ منهم من يوجدون رهائن لدى جامعات‬ ‫إن قضية اإلعالم يف سوريا تكتيس أهمية بالغة‪ .‬فوفقاً لتقديرات‬ ‫إسالمية‪ ،‬يف حني يقبع البعض اآلخر يف معتقالت بشار األسد‪.‬‬ ‫موثوقة‪ ،‬خلَّف هذا الرصاع أكرث من ‪ 110.000‬ضحية حتى‬ ‫وينبغي إضافة "الصحفيني‪-‬املواطنني" إىل حصيلة الضحايا‪ .‬فاألمر اآلن‪ .‬وإذا كانت وسائل اإلعالم الحكومية مبثابة الجناح غري‬ ‫يتعلق بـ"إعالميون" غري محرتفني يدفعون مثناً باهظاً مقابل‬ ‫املسلح للنظام يف حرب الدعاية والتضليل التي يشنها هذا األخري‪،‬‬ ‫"صناع‬ ‫فإن وسائل اإلعالم الجديدة تتحول يف كثري من األحيان إىل دمى‬ ‫مامرسة نشاطهم املستقل‪ ،‬علامً أن هذه الفئة من ُ‬ ‫األخبار"‪ ،‬الذين ال تُصنفهم مراسلون بال حدود يف إطار الدعاية‬ ‫تحركها أيادي "الثورة"‪ ،‬بحيث ميكنها أن تساهم يف انتشار شكل‬ ‫لصالح كال الجانبني‪ ،‬متأل الفراغ الذي يرتكه غياب الصحفيني يف‬ ‫جديد من أشكال الديكتاتورية الفكرية‪ .‬فالصحفيون األجانب‬ ‫الزمان ويف املكان‪.‬‬ ‫غالباً ما يُح َرمون من تأشريات الدخول‪ ،‬ولذلك فإنهم نادرا ً ما‬ ‫يتمكنون من الوصول إىل طريف الرصاع‪ ،‬علامً أن وجود شهود‬ ‫محايدين ومستقلني يف الخطوط األمامية جنباً إىل جنب مع القوى‬ ‫املتنازعة يُعترب أمرا ً رضورياً لسرب أغوار املشهد وإبالغ املجتمع‬ ‫الدويل حول واقع الرصاع‪.‬‬


‫‪1‬‬

‫فهرس‪I‬‬

‫ ‪5‬‬

‫‪3‬‬

‫تقديم ‪ -‬لعبة حظ قذرة‬

‫‪6‬‬

‫‪ .1‬البلد األكرث خطورة عىل الصحفيني‬

‫‪6‬‬

‫‪ : 1.1‬الصحفيون األجانب‪" :‬أبواب املطاردة مفتوحة عىل مرصاعيها"‬

‫‪8‬‬

‫‪ :2.1‬اإلعالميون السوريون تحت مجهر النظام‬

‫‪11‬‬

‫‪ :3.1‬صيادو حرية اإلعالم‬

‫‪15‬‬

‫‪ .2‬الصحفيون األجانب‪ :‬مسار املحاربني‬

‫‪15‬‬

‫‪ :1.2‬مهنة أصعب من أي وقت مىض‬

‫‪21‬‬

‫‪ : 2.2‬الرغبة يف السيطرة‬

‫‪24‬‬

‫‪" : 3.2‬األهم هو أال تختفي سوريا من الخريطة"‬

‫‪25‬‬

‫‪ :1.1‬الصحفيون األجانب‪" :‬أبواب‬ ‫املطاردة مفتوحة عىل مرصاعيها"‬ ‫منذ بداية الرصاع‪،‬‬ ‫• ‪ 7‬صحفيني أجانب لقوا حتفهم‬ ‫• أكرث من ‪ 30‬صحفياً اعتقلتهم السلطات الحكومية‬ ‫• ‪ 37‬صحفياً أجنبياً يف عداد الرهائن و\أو املفقودين‬

‫‪25‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪" 2.3‬كانت مهمتنا تتمثل يف القتل بالكلمة"‬

‫‪27‬‬

‫‪ :3.3‬صحفيون تحت رقابة مشددة‬

‫‪27‬‬

‫‪ :4.3‬جيل جديد من الصحفيني ووسائل اإلعالم‬

‫‪31‬‬

‫‪ .4‬مراسلون بال حدود تدعم الفاعلني اإلعالميني يف سوريا‬

‫‪31‬‬

‫‪ :1.4‬حامية الفاعلني اإلعالميني‬

‫‪32‬‬

‫‪ 2.4‬تقديم املساعدة للصحفيني يف املنفى‬

‫‪32‬‬

‫‪ :3.4‬تدريب ومعدات للفاعلني اإلعالميني الجدد ومنابرهم اإلعالمية‬

‫‪32‬‬

‫‪ :4.4‬حمالت تواصلية للتنديد بانتهاكات حرية اإلعالم‬

‫‪33‬‬

‫‪ :5.4‬املطالبة بعدم اإلفالت من العقاب لدى هيئات األمم املتحدة‬

‫ومنذ سبتمرب\أيلول ‪ ،2013‬ال ترتدد بعض املنتديات الجهادية يف‬ ‫الحث عىل "إلقاء القبض عىل جميع الصحفيني‪ " ،‬والسيام األجانب‬ ‫منهم‪ ،‬حيث يُشتبه يف عملهم "جواسيس لصالح الغرب"‪ ،‬علامً أن‬ ‫تلك التهديدات تؤخذ عىل محمل الجد‪ ،‬إذ يف ‪ 21‬أكتوبر\ترشين‬ ‫األول ‪ 2013‬نرشت وزارة الخارجية األمريكية تحذيرا ً أشارت‬ ‫فيه إىل تلقيها معلومات بشأن وجود مؤامرة تهدف إىل خطف‬ ‫الصحفيني الغربيني املتوجهني إىل وسط وجنوب سوريا‪.‬‬

‫بدأت عمليات اختطاف الصحفيني األجانب يف يوليو\متوز‬ ‫‪ :1.1.1‬الرهائن واملفقودون‬ ‫‪ .2012‬فعىل مدى عدة أيام‪ ،‬ظل املصوران العامالن لحسابهام‬ ‫يف أواخر أكتوبر\ترشين األول ‪ ،2013‬اعتُقل ما ال يقل عن ‪ 16‬الخاص‪ ،‬الهولندي يروينس أورملانس والربيطاين جون كانتيل‪،‬‬ ‫صحفياً أجنبياً يف سوريا‪ ،‬حيث يوجدون اآلن يف عداد الرهائن أو رهينتني لدى املتمردين قبل أن يطلق الجيش السوري الحر‬ ‫املفقودين‪ .‬فقد أحصت مراسلون بال حدود ما مجموعه ‪ 37‬حالة رساحهام‪ .‬ثم أصبحت هذه املامرسات تتخذ شكالً منهجياً يف نهاية‬ ‫عىل األقل بني عمليات االختطاف وحاالت االختفاء يف صفوف‬ ‫عام ‪ ،2012‬لتتسارع الوترية يف ربيع عام ‪ ،2013‬حيث بات‬ ‫الصحفيني األجانب منذ مارس\آذار ‪ ،2011‬علامً أن األشهر‬ ‫الصحفيون األجانب مستهدفني عىل وجه التحديد يف ما يسمى‬ ‫األخرية شهدت زيادة ملحوظة يف عمليات الخطف التي أخذت‬ ‫باملناطق "املحررة" من شامل البالد من قبل العصابات اإلجرامية‬ ‫تكتيس طابعاً احرتافياً أكرث فأكرث‪ ،‬مام يخلق جوا ً يقوض رغبة‬ ‫أو جامعات املعارضة املسلحة‪ ،‬أو عىل الخصوص من قبل جامعات‬ ‫اإلعالميني يف التوجه إىل ميدان الرصاع‪ .‬ويف هذا الصدد‪ ،‬كتب‬ ‫جهادية مثل تلك التي ت ُطلق عىل نفسها اسم "الدولة اإلسالمية‬ ‫باتريك كوكربن يف صحيفة اإلنديبندنت الربيطانية أن "العنف‬ ‫يف العراق والشام" (داعش)‪ .‬فعىل سبيل املثال‪ ،‬ال الحرص‪ ،‬تم‬ ‫مصدر‬ ‫يشء مألوف [يف مثل هذه الحاالت] ولكن االختطاف هو‬ ‫اختطاف املصور األمرييك مات رشاير (الذي ظل رهينة من‬ ‫الرتهيب الحقيقي"‪.‬‬ ‫يناير\كانون الثاين إىل يوليو\متوز ‪ ،)2013‬و‬

‫‪ .3‬اإلعالم السوري‪ ،‬بني صحافة النظام الرسمية واملنابر الجديدة الساعية إىل‬ ‫االستقاللية‬ ‫‪ :1.3‬الصحافة الرسمية‪ :‬بني التضليل والدعاية‬

‫البلد األكرث خطورة عىل‬ ‫الصحفيني‬

‫إطار ‪ -‬الصحفيون األجانب الرهائن‬

‫(بحلول نهاية أكتوبر\ترشين األول ‪)2013‬‬

‫• ‪ 4‬فرنسيني‪ :‬إدوارد إلياس وديدييه فرانسوا (اختُطفا يوم ‪6‬‬ ‫يونيو\حزيران ‪ ;)2013‬نيكوال هينان وبيري توريس (اختُطفا‬ ‫يوم ‪ 22‬يونيو\حزيران ‪)2013‬‬ ‫• ‪ 2‬من الواليات املتحدة األمريكية‪ :‬أوسنت تايس‪ ،‬متعاون مع‬ ‫الواشنطن بوست‪ ،‬قناة الجزيرة باللغة اإلنجليزية وماكالتيش (‪13‬‬ ‫أغسطس\آب ‪)2012‬وجيمس فويل (‪ 22‬نوفمرب\ترشين الثاين‬ ‫‪) 2012‬؛‬

‫• ‪ 1‬أسباين‪ :‬مارك مارجينيداس‪ ،‬املبعوث الخاص لصحيفة إل‬ ‫برييوديكو اإلسبانية (‪ 4‬سبتمرب\أيلول ‪.)2013‬‬ ‫• ‪ 1‬أردين من أصل فلسطيني‪ :‬بشار فهمي القدومي‪ ،‬العامل يف‬ ‫القناة األمريكية الحرة (‪ 20‬أغسطس\آب ‪)2013‬؛‬ ‫• ‪ 1‬لبناين‪ :‬سمري كساب‪ ،‬مصور قناة سكاي نيوز العربية (‪15‬‬ ‫أكتوبر\ترشين األول ‪)2013‬‬

‫‪© Zac Baillie / AFP‬‬

‫• ‪ 1‬موريتاين‪ :‬إسحاق مختار‪ ،‬مراسل قناة سكاي نيوز العربية‬ ‫(‪ 15‬أكتوبر\ترشين األول ‪)2013‬‬


‫جوناثان ألبريي (الصحفي األمرييك املحتجز ملدة ‪ 83‬يوماً قبل‬ ‫اإلفراج عنه يف ‪ 20‬يوليو\متوز ‪ )2013‬والصحفي اإليطايل‬ ‫دومينيكو كرييكو واملعلم البلجييك بيري بيسينان (املحتجز بني‬ ‫أبريل\نيسان وسبتمرب\أيلول ‪.)2013‬‬

‫ ‪7‬‬

‫قبل تسليمهام إىل عنارص املخابرات السورية‪ ،‬ل ُيفرج عنهام بعد‬ ‫شهرين إثر وساطة من جمهورية إيران اإلسالمية‪ .‬ويف اآلونة‬ ‫األخرية‪ ،‬تم اعتقال الصحفي األملاين أرمني فريتس يف حلب يوم‬ ‫‪ 5‬مايو\أيار ‪ 2013‬قبل أن يُطلق رساحه يف ‪ 5‬أكتوبر\ترشين‬ ‫األول‪.‬‬

‫وإذا كان بعض عمليات االختطاف هذه يندرج يف إطار الجرمية‬ ‫الخسيسة‪ ،‬فإن البعض اآلخر نابع من أسباب سياسية‪ .‬ويف املقابل‪ ،‬من جهته‪ ،‬حصل الربازييل كليسرت كافالكانتي (‪ 42‬عاماً) عىل‬ ‫فإن دوافع الدولة اإلسالمية يف العراق والشام مل تتضح بعد‪ ،‬مع‬ ‫التأشرية الرسمية‪ ،‬حيث كان صحفي مجلة إيستوي ينوي الذهاب‬ ‫العلم أن هذا التنظيم مازال يحتفظ ببعض الصحفيني رهائن‬ ‫إىل سوريا إلنجاز تقرير عن األوضاع املعيشية لسكان مدينة‬ ‫لديه‪ :‬فهل تنم هذه االختطافات عن أسباب أيديولوجية أو دينية؟ حمص التي دمرتها املعارك الطاحنة بني املتمردين والقوات‬ ‫هل الغرض من ورائها هو الحصول عىل املال؟ أم أن الدافع هو‬ ‫النظامية يف فرباير\شباط ‪ .2012‬ولدى وصوله إىل دمشق يف‬ ‫إخالء املنطقة من جميع الشهود الذين قد يشكلون مصدر إزعاج‪ 19 ،‬مايو\أيار ‪ ،2012‬استقل عىل الفور حافلة متجهة إىل حمص‪.‬‬ ‫أجنبيني كانوا أو سوريني؟ ففي ظل غياب مطالب علنية رصيحة‪ ،‬ويف حوايل الساعة الثالثة بعد الظهر‪ ،‬وصل املراسل إىل محطة‬ ‫يبقى الباب مفتوحاً عىل مرصاعيه أمام جميع االفرتاضات‬ ‫الحافالت‪ ،‬حيث استقل سيارة أجرة متوجهاً إىل وسط املدينة‪.‬‬ ‫والتأويالت‪ .‬وأمام هذا الوضع‪ ،‬يعيش أقارب الصحفيني الرهائن‬ ‫لكن قوات الجيش السوري أوقفت السيارة بعد لحظات من‬ ‫حالة يلفها الغموض ويطغى عليها عدم اليقني‪ .‬ولذلك فإن معظم انطالقها‪ ،‬ورغم أن كافالكانتي أظهر تأشريته للجنود‪ ،‬إال أنهم‬ ‫األرس غالبا ما تفضل الكتامن‪ ،‬قبل اإلبالغ باالختطاف علناً يف‬ ‫أخذوه إىل مركز الرشطة مكبل اليدين‪ ،‬حيث خضع الصحفي‬ ‫حال تعطُّل أو انعدام الحوار مع الخاطفني‪ ،‬و يف حال توجيه تُهم الستجواب وجيز‪ .‬وعىل غرار الجنود‪ ،‬حاول عنارص الرشطة معرفة‬ ‫ألقاربهم املحتجزين الذين يحتاجون إلثبات صفتهم الصحفية علناً‪ .‬سبب حضوره إىل حمص‪ .‬فكان جواب الصحفي‪" :‬أنا هنا ليك أقوم‬ ‫بعميل وحضوري هنا مرخص له من قبل الحكومة السورية"‪ .‬ثم‬ ‫يف الرصاعات "الحديثة"‪ ،‬أصبح خطف اإلعالميني أمرا ً شائعاً‪،‬‬ ‫طلب بإجراء مكاملة هاتفية ولكن طلبه قوبل بالرفض‪ .‬ثم قدم له‬ ‫والسيام يف أوساط الصحفيني األجانب‪ .‬ولألسف ال ت ُعترب سوريا‬ ‫ضابط ورقة بيضاء وأخرج سيجارة من جيبه‪" :‬إذا مل توقع عىل‬ ‫حدود‬ ‫استثناء لهذه القاعدة‪ .‬ففي العراق‪ ،‬أحصت مراسلون بال‬ ‫هذه الورقة‪ ،‬فسوف أكوي عينك"‪ .‬لكن كليسرت كافالكانتي رفض‬ ‫ما ال يقل عن ‪ 93‬عملية اختطاف بني عامي ‪ 2003‬و‪،2010‬‬ ‫االمتثال‪ ،‬فام كان من الرشطي إال أن أشعل سيجارة قبل أن يضعها‬ ‫موزعة عىل مختلف الجنسيات‪ ،‬حيث شملت رعايا بريطانيني‬ ‫عىل وجهه‪ ،‬بجانب العني‪ .‬فوجد الصحفي نفسه مضطرا ً للتوقيع‬ ‫وأتراك وأمريكيني وتشيكيني وفرنسيني وإيطاليني ويابانيني‬ ‫عىل الورقة البيضاء‪ .‬ويف اليوم التايل عند الفجر‪ ،‬تم نقله إىل‬ ‫وغريهم‪ ،‬علامً أن فرنسا كانت هي الدولة األكرث ترضرا ً (باستثناء أحد السجون ل ُيحبس يف زنزانة إىل جانب حوايل عرشين سجيناً‬ ‫العراق)‪ ،‬حيث تعرض تسعة صحفيني فرنسيني للخطف رغم أن آخر‪ ،‬كان أحدهم يتحدث قليالً من اإلنكليزية وهو ما أتاح له‬ ‫بالدهم مل تكن ضمن الدول األعضاء يف االئتالف‪ .‬يُذكر أن جميع إمكانية التواصل‪ ،‬حيث علم أن بعض املعتقلني كانوا هناك بسبب‬ ‫اإلعالميني األجانب الرهائن يف العراق قد تم إطالق رساحهم‪،‬‬ ‫مشاركتهم يف معارك مسلحة ضد الجيش السوري النظامي‪ ،‬بينام‬ ‫باستثناء اإليطايل الصحفي املستقل إنزو بالدوين‪ ،‬الذي أُعدم عىل مل يرتكب البعض اآلخر سوى ُجنحاً بسيطة‪ .‬ويروي الصحفي‬ ‫يد خاطفيه يف أغسطس\آب ‪( 2004‬قرأ التقرير‪ - " ،‬الحرب يف الربازييل أن تجربته يف تلك الزنزانة "مل تكن سيئة للغاية"‬ ‫العراق‪ ،‬أفظع مجزرة يف تاريخ الصحافة‪ ،‬مارس\آذار ‪- 2003‬‬ ‫باملقارنة مع مركز الرشطة"‪ ،‬مشريا ً يف الوقت ذاته إىل القلق‬ ‫أغسطس\آب ‪ .) "2010‬ويف أفغانستان‪ ،‬اختُطف ‪ 16‬صحفياً‬ ‫الذي يرتتب عن حالة عدم اليقني التي انتابته وهو يف املعتقل‪،‬‬ ‫أجنبياً عىل األقل منذ يناير\كانون الثاين ‪.2002‬‬ ‫حيث بقي يف الظالم عىل مدى ستة أيام "دون معرفة يشء عن‬ ‫أي يشء"‪ .‬ويف ‪ 25‬مايو\أيار‪ ،‬دون تلقي أي تفسري أو توضيح‪،‬‬ ‫‪ :2.1.1‬صحفيون أجانب بني مطرقة االعتقال وسندان االعتداء‬ ‫أُفرج عنه ل ُيقتاد مبارشة إىل دمشق‪ .‬ورغم إطالق رساحه‪ ،‬ظل‬ ‫يتعرض الصحفيون األجانب وممثلو وسائل اإلعالم األجنبية‬ ‫كافالكانتي يف العاصمة خالل يومني‪ ،‬بعدما انتهت مدة صالحية‬ ‫ملختلف أنواع العنف‪ ،‬بدءأ بالتهديدات ووصوالً إىل االعتداءات‪،‬‬ ‫تأشريته‪ .‬وفور تسوية وضعيته‪ ،‬غادر األرايض السورية متوجهاً إىل‬ ‫مرورا ً باالستنطاق أو االعتقال‪ ،‬علامً أن نحو ‪ 60 ٪‬من حاالت‬ ‫لبنان عىل منت سيارة تابعة للسفارة الربازيلية‪ .‬بعض الصحفيني‬ ‫االعتقال هذه تتم عىل يد قوات النظام‪.‬‬ ‫اآلخرين مل يكونوا محظوظني مثله‪.‬‬ ‫ففي يوم ‪ 10‬مارس\آذار ‪ ،2012‬يف أعقاب نرش وزارة اإلعالم ‪ :3.1.1‬الصحفيون األجانب الذين قتلوا يف سوريا‬ ‫بياناً تُهدد فيه باتخاذ إجراءات ضد دخول وسائل اإلعالم األجنبية‬ ‫قُتل سبعة صحفيني أجانب عىل األقل أثناء تغطية النزاع يف‬ ‫والصحفيني األجانب األرايض السورية بطريقة غري رشعية‪،‬‬ ‫سوريا‪ ،‬حيث لقي أربعة مرصعهم يف عام ‪ 2012‬بينام فارق ثالثة‬ ‫اختطفت إحدى امليليشيات املوالية للحكومة الصحفيني الرتكيني‪،‬‬ ‫آخرون الحياة يف عام ‪ .2013‬وسواء تعلق األمر بعمليات اغتيال‬ ‫آدم أوزكوسة‪ ،‬مراسل جريدة ميالت اليومية ومجلة جرشك حياة‪،‬‬ ‫أو أرضار جانبية نتيجة الرصاع‪ ،‬فإن اإلفالت من العقاب هو‬ ‫واملصور حميد جوشكون‪ ،‬يف منطقة إدلب (شامل غرب سوري)‪،‬‬ ‫القاعدة السائدة يف جميع الحاالت‪.‬‬

‫‪ :2.1‬اإلعالميون السوريون تحت‬ ‫مجهر النظام‬

‫يف ‪ 11‬يناير\كانون الثاين ‪ ،2012‬قىض جيل جاكييه‪ ،‬مراسل‬ ‫قناة فرانس ‪ ،2‬نحبه إثر عملية إطالق نار بينام كان يؤدي مهمته‬ ‫يف مدينة حمص‪ .‬ويف فرباير\شباط ‪ ،2012‬قُتل رميي أوشليك‪،‬‬ ‫املصور الفرنيس الذي كان يعمل لوكالة آي يب ‪ 3‬بريس‪ ،‬جنبا إىل‬ ‫جنب مع ماري كولفني‪ ،‬الصحفية األمريكية بجريدة صنداي تاميز‪ ،‬منذ بداية الرصاع‪،‬‬ ‫عىل إثر القصف العنيف الذي تعرض له حي بابا عمرو (حمص) • قُتل ‪ 107‬إعالمياً سورياً عىل األقل (‪ 17‬صحفياً عىل األقل؛‬ ‫ ‪ 85‬صحفياً‪-‬مواطناً و‪ 5‬متعاونني)‬ ‫والذي استهدف املركز اإلعالمي‪ ،‬وفقاً لبعض الشهادات‪ .‬ويف‬ ‫أغسطس\آب ‪ ،2012‬قُتلت ميكا ياماموتو‪ ،‬مراسلة وكالة األنباء • ألقت القوات النظامية القبض عىل أكرث من ‪200‬‬ ‫اليابانية‪ ،‬أثناء تغطيتها ملواجهات بني الجيش السوري واملتمردين • اعتُقل أو اختُطف ما ال يقل عن ‪ 58‬عىل يد القوات غري‬ ‫ الحكومية (الجيش السوري الحر‪ ،‬قوات األمن التابعة لحزب‬ ‫يف منطقة سليامن الحلبي رشقي مدينة حلب‪.‬‬ ‫ االتحاد الدميقراطي يف إقليم كردستان‪ ،‬جبهة النرصة والدولة‬ ‫ اإلسالمية يف العراق والشام)‬ ‫يف يوم ‪ 17‬فرباير\شباط ‪،2013‬‬ ‫اغتيل إيف ديباي يف حلب برصاص‬ ‫قناصة أثناء إعداده تقريرا ً للمجلة‬ ‫الفرنسية املتخصصة ُّأسو‪ .‬كام‬ ‫تويف املصور الفرنيس أوليفييه‬ ‫ُولد أوليفييه فوازان يف كوريا الجنوبية حيث‬ ‫بقلم ألفريد دي مونتيسكيو‪ ،‬صحفي باري ماتش‬ ‫فوازان يوم ‪ 24‬فرباير\شباط‬ ‫وصاحب جائزة ألربت لوندر يف نسخة عام ‪ 2012‬تخىل عنه والداه وهو ال يزال يف نعومة أظافره‪،‬‬ ‫‪ 2013‬يف مستشفى أنطاكيا‬ ‫قبل أن يشب ويرتعرع يف قرية صغرية مبنطقة‬ ‫الدويل متأثرا ً بالجروح الخطرية‬ ‫ميتد خندق من الوحل عىل طول "طريق املوت"‪ ،‬بورغوندي‪ .‬ثم وجد أخريا ً أرسته البيولوجية‬ ‫التي أصابت رأسه وذراعه األمين‬ ‫الرشيان الرئييس الذي يربط مدن حمص وحامة عام ‪ 2008‬يف الواليات املتحدة‪ .‬كان مهووساً‬ ‫جراء تطاير الشظايا أثناء تغطيته‬ ‫وإدلب‪ ،‬شامل سوريا‪ .‬من مواقعهم‪ ،‬يطلق‬ ‫مبسألة التبني وأهميتها املعنوية واملعاناة التي‬ ‫لعمليات إحدى الكتائب يف‬ ‫املتمردون النار عىل جميع العربات التي تحاول ميكن أن ترتتب عنها‪ ،‬إىل أن أصبحت سوريا‬ ‫منطقة إدلب (شامل سوريا)‪ .‬ويف‬ ‫املرور‪ .‬ولكن من التالل املقابلة يرد جيش بشار شغله الشاغل ومركز تفكريه‪ ،‬كام لو أن رحلة‬ ‫شهر أغسطس\آب عام ‪،2013‬‬ ‫األسد عىل تلك الهجامت بقصف مدفعي‪ ،‬يف‬ ‫بحثه عن الحقيقة من خالل التصوير الفوتوغرايف‬ ‫قُتل بالقرب من دمشق املخرج‬ ‫مشهد أعاد إىل ذهن املخرج غريغوار دينيو‬ ‫يف الحرب قد أصبحت متداخلة مع رحلته‬ ‫الوثائقي اإليراين هادي بغباين الذي‬ ‫"صورة خنادق الحرب العاملية األوىل"‪ .‬فقد كان الشخصية لتحقيق الذات‪.‬‬ ‫كان يعمل لصالح املؤسسة اإليرانية‬ ‫حارضا ً هناك يف يوم ‪ 20‬فرباير\شباط‪ ،‬ليسلمه‬ ‫لإلذاعة والتلفزيون ووسائل إعالم‬ ‫الثوار كامريا ملطخة بالدم ومعها بعض األدوات‪ ،‬صحيح أنه سبق ألوليفييه أن غطى الرصاع‬ ‫مق َّربة من الحرس الثوري اإليراين‬ ‫اإلرسائييل الفلسطيني وواكب األحداث يف ليبيا‪،‬‬ ‫هي كل ما كان بحوزة مصور الحرب أوليفييه‬ ‫(مثل وكالة األنباء تسنيم)‪ ،‬حيث‬ ‫فوازان‪ ،‬الذي أصيب بقذيفة للتو‪ ،‬ليفارق الحياة ولكنه أبان عن علو كعبه يف سوريا‪ .‬فكل من‬ ‫لقي مرصعه عندما كان "مجندا ً"‬ ‫عرب حدود هذا البلد الذي مزقته الحرب سعياً‬ ‫بعد أربعة أيام نتيجة نزيف يف الدماغ‪ ،‬وهو‬ ‫مع الجيش السوري النظامي‪.‬‬ ‫الذي كان سيحتفل بعيد ميالده التاسع والثالثني إىل إعداد استطالع أو تحقيق أو تقرير‪ ،‬إال‬ ‫ووجده بالقرب من جبهة القتال حارضا ً بجسمه‬ ‫يف ‪ 1‬مارس‪.‬‬ ‫إذا كانت مختلف أطراف النزاع‬ ‫املتوتر بعض اليشء وابتسامته التي تفوح بهجة‬ ‫تستهدف الصحفيني األجانب بشكل‬ ‫كان أوليفييه‪ ،‬املنحدر من أصول كورية‪ ،‬يتخذ‬ ‫وانرشاحاً‪ .‬لقد التحقت روحه بأرواح الضحايا‬ ‫متزايد‪ ،‬فإن اإلعالميني السوريني‬ ‫رجل‬ ‫من بورغون مقرا ً إلقامته‪ ،‬ولكنه كان مثل‬ ‫الـ‪ 60.000‬اآلخرين الذين حصدتهم آلة‬ ‫يظلون يف طليعة الضحايا‪ .‬ويوضح‬ ‫ينتمي للعامل أجمع دون الحاجة إىل حمل جنسية الحرب األهلية‪.‬‬ ‫جان فيليب رميي يف هذا الصدد‬ ‫معينة‪ .‬كان يسعى إىل إيجاد معنى لحياته‬ ‫أن "عمليات االختطاف تستهدف‬ ‫من خالل رصد النزاعات عرب الصور‪ .‬مل يكن‬ ‫نص منشور يف ألبوم "‪ 001‬صورة من أجل حرية الصحافة" من إعداد منظمة‬ ‫السوريني واألجانب عىل حد سواء‪،‬‬ ‫مراسلون بال حدود‪ ،‬رقم ‪ 24‬ربيع‪-‬صيف ‪2013‬‬ ‫الخطر هو ما يستهويه بقدر ما كان الطموح‬ ‫لكن الخطر الذي يتهدد الصحفيني‬ ‫للوصول– من خالل الصورة ‪ -‬إىل فهم ما‬ ‫السوريني أكرب بكثري من ذلك الذي‬ ‫تنطوي عليه الحرب من ظلم ومعاناة وقلق أمام‬ ‫يحوم حول نظرائهم األجانب‪.‬‬ ‫عمى األسلحة التي تحصد األرواح بدم بارد‪.‬‬ ‫والفرق األهم يف ذلك أن األجانب‬ ‫كان متشبعاً بالقيم اإلنسانية حتى النخاع‪ ،‬حيث‬ ‫لهم سعر عالٍ‪ ،‬يف حني أن السوريني‬ ‫كان يسعى إىل إبراز الجانب اإلنساين لكل أولئك‬ ‫ال ميلكون نفس اإلمكانيات لدفع‬ ‫الذين يقعون يف دوامة العنف‪ ،‬محاوالً رصد‬ ‫الفدية"‪.‬‬ ‫تلك النقطة املفصلية التي يتعني فيها عىل كل‬ ‫واحد أن يختار بني البقاء يف ركب "اإلنسانية" أو‬ ‫االنغامس يف مستنقع الهمجية‪.‬‬

‫مقال عن سرية أوليفييه فوازان‬

‫‪© HO / AFP‬‬


‫مازن درويش واملركز اإلعالمي‬ ‫يف ‪ 16‬فرباير\شباط ‪ ،2012‬تعرض املركز‬ ‫السوري لإلعالم وحرية التعبري لحملة مداهمة‬ ‫شاملة‪ ،‬ألقي فيها القبض عىل أربعة عرش شخصاً‪،‬‬ ‫ثالثة منهم ال يزالون قابعني يف السجن‪ :‬املدير‬ ‫مازن درويش واملتعاونان حسني غرير وهاين‬ ‫زيتاين‪ .‬وقد تم تأجيل محاكمتهم مرة أخرى‬ ‫إىل يوم ‪ 18‬نوفمرب\ترشين الثاين ‪.2013‬‬ ‫كام شملت موجة االعتقاالت كالً من منصور‬ ‫العمري وعبد الرحمن حامدة‪ ،‬اللذين أُفرج‬

‫عنهام يف ‪ 6‬فرباير\شباط ‪ .2013‬ويُتابع‬ ‫جميع هؤالء بتهمة "الدعاية ألعامل إرهابية"‬ ‫مبوجب املادة ‪ 8‬من قانون مكافحة اإلرهاب‪،‬‬ ‫الذي أصدره الرئيس بشار األسد يف عام‬ ‫‪ ،2012‬حيث يواجهون عقوبة قد تصل إىل‬ ‫‪ 15‬عاماً سجناً نافذا ً مع األشغال الشاقة‪ .‬وقد‬ ‫تأجلت محاكمتهم أربع مرات منذ شهر مايو\‬ ‫أيار املايض‪ ،‬ومن املتوقع أن تشكل جلسة ‪18‬‬ ‫نوفمرب\ترشين الثاين فرصة ليقرر القايض تأكيد‬ ‫أو إسقاط التهم التي نسبتها املخابرات الجوية‬ ‫السورية إىل مازن درويش وزمالئه‪ .‬ويُحاكم‬ ‫الخمسة عىل أنشطتهم داخل املركز‪ ،‬ومن بني‬ ‫تلك األنشطة التي يتابعون عىل مامرستها‬

‫رص ُد املعلومات املنشورة عىل اإلنرتنت من قبل‬ ‫املعارضة السورية‪ ،‬ونرش تقارير عن حالة حقوق‬ ‫اإلنسان ووسائل اإلعالم يف سوريا‪ ،‬وتوثيق‬ ‫أعداد وهويات املعتقلني واملفقودين واملطلوبني‬ ‫والقتىل منذ بداية النزاع السوري‪ ،‬إذ يعترب‬ ‫قايض التحقيق يف الئحة االتهام أن هذه األنشطة‬ ‫تشكل أساساً ملحاولة "زعزعة استقرار الوضع‬ ‫الداخيل من خالل دفع املنظامت الدولية إلدانة‬ ‫سوريا"‪ .‬ومن دون شك‪ ،‬متثل هذه االتهامات‬ ‫انتهاكاً لحرية اإلعالم‪ .‬يُذكر أن مازن درويش‬ ‫فاز يف عام ‪ 2012‬بجائزة منظمة مراسلون بال‬ ‫حدود لحرية الصحافة‪.‬‬

‫ ‪9‬‬ ‫العديد من الجرائد‪ ،‬مثل السفري والحياة‪ ،‬وكذلك قناة الجزيرة‪،‬‬ ‫• اليوم‪ ،‬ال يزال ‪ 50‬إعالمياً عىل األقل يف عداد املعتقلني أو‬ ‫حيث قىض خمسة أشهر يف السجن‪ .‬هذا وقد تم اعتقال مواطنني‬ ‫املختطفني أو املفقودين (عىل يد مختلف أطراف النزاع)‪.‬‬ ‫سوريني آخرين تحدَّوا الخوف من االنتقام‪ ،‬علامً أن بعضهم‬ ‫‪ :1.2.1‬مستهدفون من قبل النظام وشبيحته‬ ‫ال يزالون يقبعون يف السجون ويتعرضون للتعذيب عقاباً لهم‬ ‫شكل عام ‪ 2012‬بداية مجزرة حقيقية أتت عىل األخرض واليابس عىل اتصاالتهم مع الصحفيني األجانب وما قدموا لهم من دعم‬ ‫يف أوساط الفاعلني يف اإلعالم السوري‪ ،‬حيث قُتل ‪ 13‬صحفياً‪،‬‬ ‫ومساعدة‪.‬‬ ‫و‪ 47‬صحفياً‪-‬مواطناً و‪ 5‬متعاونني مع مؤسسات إعالمية‪ .‬وخالل‬ ‫األشهر الثامنية األوىل من عام ‪ ،2013‬لقي خمسة صحفيني و‪ 27‬ومنذ منتصف عام ‪ ،2012‬ارتفعت وترية االغتياالت املستهدفة‪،‬‬ ‫التي باتت تشكل الوسيلة املفضلة الجديدة التي يلجأ إليها النظام‬ ‫صحفياً‪-‬مواطناً مرصعهم أثناء أداء واجبهم املهني‪ ،‬بينام قىض‬ ‫السوري‪ .‬ويف املقابل‪ ،‬تواصلت موجة االعتقاالت‪ ،‬وإن بوترية‬ ‫تسعة إعالميني نحبهم يف عام ‪.2011‬‬ ‫أقل‪ ،‬إذ يف ‪ 1‬أغسطس\آب ‪ ،2013‬ألقت قوات األمن يف دمشق‬ ‫فحتى يونيو\حزيران ‪ ،2012‬كانت االعتداءات عىل الفاعلني‬ ‫القبض عىل جهاد أسعد محمد‪ ،‬الذي كان يشغل منصب رئيس‬ ‫اإلعالميني املحليني تُرتكب باألساس من قبل السلطات السورية‪،‬‬ ‫التحرير بجريدة قاسيون حتى اندالع الثورة‪ ،‬والذي يُعترب رمزا ً من‬ ‫والشبيحة املوالني لها‪ ،‬والذين يتصدون بعنف للمحتجني املطالبني رموز الصحافة يف سوريا‪.‬‬ ‫بالتغيري الدميقراطي والنشطاء اآلتني لتغطية التظاهرات‪ .‬حينها‪،‬‬ ‫كانت تنوي السلطات فرض تعتيم إعالمي عىل األحداث ومظاهر ‪ 2.2.1‬قوات املعارضة تستهدف وسائل اإلعالم والصحفيني‬ ‫املوالني للنظام‬ ‫قمعها‪ ،‬حيث بات التعذيب ميا َرس بطريقة منهجية وأصبحت‬ ‫يف أواخر يونيو\حزيران ‪ ،2012‬شنت مجموعات املعارضة‬ ‫االعتداءات الجسدية صورة مألوفة من املشاهد اليومية‪.‬‬ ‫املسلحة أوىل الهجامت ضد وسائل اإلعالم الحكومية أو تلك‬ ‫وقد كان رسام الكاريكاتري عيل فرزات ممن دفعوا الثمن‪ .‬فقد‬ ‫املوالية للنظام‪ .‬وقبل ذلك‪ ،‬كان االستثناء الوحيد يتمثل يف مقتل‬ ‫اختطفته أجهزة املخابرات يوم ‪ 25‬أغسطس\آب ‪ 2011‬من‬ ‫شكري أحمد راتب ابو الربغل‪ ،‬نائب مدير قسم الرقابة يف صحيفة‬ ‫ساحة األمويني يف وسط دمشق‪ ،‬حيث تعرض للرضب واليك‬ ‫الثورة املوالية للحكومة ومقدم الربامج يف إذاعة دمشق‪ ،‬الذي‬ ‫عىل‬ ‫الجالدون‬ ‫بالسجائر يف مختلف أطراف جسمه‪ ،‬قبل أن يُقدم‬ ‫أصيب برصاصة يف رأسه قبل أن يفارق الحياة متأثرا ً بجراحه يف‬ ‫كرس يده اليرسى‪ ،‬التي كان يستخدمها للرسم‪ .‬وقد أُطلق رساحه يوم ‪ 30‬ديسمرب\كانون األول ‪.2011‬‬ ‫بعد بضع ساعات‪ ،‬حيث ُرمي عىل طريق املطار ورأسه مغطي‬ ‫وقد بات التضليل يطغى بشكل غالب عىل حرب املعلومات‪ ،‬التي‬ ‫بكيس‪.‬‬ ‫بلغت مستويات مهولة أصبح من املستحيل معها التيقن من هوية‬ ‫كام يخىش السوريون واألجانب املقيمون يف البالد من تبعات‬ ‫الجهات التي تقف وراء بعض االغتياالت والتفجريات‪ .‬ففي غياب‬ ‫اإلدالء بشهاداتهم‪ .‬أما أولئك الذين يجرؤون عىل الكالم أو‬ ‫شهود محايدين ومستقلني‪ ،‬أصبح من الصعوبة مبكان التمييز بني‬ ‫التعاون مع وسائل اإلعالم األجنبية‪ ،‬فإنهم يدفعون مثناً باهظاً يف الصواب والبهتان‪ .‬فبينام أضحت الشائعات هي العملة املتداولة‪،‬‬ ‫كثري من األحيان‪ .‬ففي يوم ‪ 3‬يوليو\متوز ‪ ،2011‬ألقي القبض‬ ‫تراجعت املعلومات النابعة من املصادر املستقلة إىل أدىن‬ ‫عىل الصحفي عمر األسد‪ ،‬الذي كان يعمل منذ بداية الرصاع مع املستويات‪ ،‬ليبقى الباب مفتوحاً عىل مرصاعيه لدعاية السلطات‬ ‫وتلك الواردة من بعض وسائل اإلعالم السورية الجديدة‪.‬‬

‫ويف هذا الخضم‪ ،‬ذكرت وكالة األنباء الرسمية (سانا)‪ ،‬يوم‬ ‫‪ 27‬يونيو\حزيران ‪ ،2012‬أن عملية تفجريية استهدفت مقر‬ ‫القناة اإلخبارية‪ ،‬املحطة التلفزيونية الخاصة املوالية للنظام‪،‬‬ ‫والتي تقع يف دروشا عىل بعد ‪ 20‬كيلومرتا جنوب دمشق‪.‬‬ ‫وقد وصفت السلطات الهجوم بـ"اإلرهايب" و"الوحيش"‪ ،‬حيث‬ ‫نرشت سانا صور الدمار الذي شهده املبنى‪ .‬ويف ترصيح بثه‬ ‫التلفزيون الحكومي عىل الهواء مبارشة‪ ،‬قال عمران الزعبي‪،‬‬ ‫وزير اإلعالم الجديد آنذاك‪" ،‬إن مجموعات من اإلرهابيني مل‬ ‫يتم تحديد عددهم اقتحموا قناة اإلخبارية السورية وقاموا‬ ‫بتفخيخ هذه األبنية واالستوديوهات وفجروا كل ما ميكن‬ ‫تفجريه وحملوا يف سياراتهم ما ميكن تحميله"‪ ،‬مشريا ً إىل أن‬ ‫هؤالء اإلرهابيني "قاموا بإعدام املوظفني يف هذه املؤسسة"‪،‬‬ ‫دون تقديم تفاصيل عن هوية الضحايا أو طبيعة وظائفهم‬ ‫وال حتى ظروف وفاتهم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬واصلت القناة عملها بعد‬ ‫الهجوم‪.‬‬ ‫كام يصعب تحديد العدد املضبوط للخسائر البرشية جراء‬ ‫الهجوم الذي استهدف يوم ‪ 6‬أغسطس\آب ‪ 2012‬مقر‬ ‫التلفزيون السوري الرسمي‪ ،‬الواقع يف قلب منطقة األمويني‬ ‫بالعاصمة دمشق‪ ،‬حيث يتم تشديد اإلجراءات األمنية إىل أقىص‬ ‫حد ممكن‪ ،‬وهو ما ينطبق كذلك عىل حصيلة الهجوم الذي‬ ‫تعرض له مبنى التلفزيون الحكومي يف حلب قبل ذلك بيومني‪.‬‬ ‫منذ مارس\آذار ‪ ،2011‬نُفِّذت عمليات خطف وإعدام دون‬ ‫محاكمة يف حق حوايل ‪ 20‬صحفياً موالني للنظام‪ .‬فقد اختُطف‬ ‫طالل جنبكيل‪ ،‬مصور التلفزيون الرسمي السوري‪ ،‬يف دمشق‬ ‫يوم ‪ 5‬أغسطس\آب ‪ 2012‬من قبل كتيبة هارون الرشيد‬ ‫التابعة للجيش السوري الحر‪ .‬وبعد خمسة أيام‪ ،‬جاء الدور‬ ‫عىل أربعة من موظفي القناة اإلخبارية املقربة من الدوائر‬ ‫النظامية‪ ،‬حيث قبضت عليهم كتيبة تابعة للجيش السوري‬ ‫الحر أثناء تغطيتهم ملواجهات يف ضواحي دمشق‪ .‬وقد أُطلق‬ ‫رساح ثالثة منهم يف التل بعد عملية عسكرية شنها الجيش‬ ‫السوري النظامي‪ ،‬بينام قُتل رابعهم‪ ،‬املصور املساعد حاتم أبو‬ ‫يحيى‪ ،‬يوم ‪ 10‬أغسطس\آب يف ظروف غامضة‪ .‬كام اغتيل‬ ‫عيل عباس‪ ،‬صحفي وكالة األنباء السورية (سانا)‪ ،‬يف منزله‬ ‫ببلدة جديدة عرطوز يوم ‪ 11‬أغسطس\آب من العام نفسه‪.‬‬ ‫ومن جهتها‪ ،‬لقيت صحفية اإلخبارية يارا عباس حتفها يوم‬ ‫‪ 27‬مايو\أيار ‪ 2013‬بنريان قناصة بينام كانت تغطي الحصار‬ ‫املفروض عىل القصري‪.‬‬ ‫‪ :3.2.1‬اإلعالميون تحت مجهر الجامعات الجهادية‬ ‫كان لظهور الجامعات الجهادية يف سوريا أواخر عام ‪،2012‬‬ ‫مثل جبهة النرصة ومؤخرا ً الدولة اإلسالمية يف العراق والشام‪،‬‬ ‫تأثري مبارش عىل اإلعالميني السوريني يف املناطق "املحررة"‪.‬‬ ‫ففي غضون األشهر األخرية‪ ،‬كانت "داعش" وراء معظم‬ ‫االعتداءات يف حق الصحفيني‪ ،‬سعياً منها إىل فرض قانونها فوق‬ ‫األرايض التي تسيطر عليها‪ ،‬حيث باتت منطقة الرقة خطرية‬ ‫للغاية‪.‬‬

‫مازالت مل ترد أية أخبار عن الصحفي رامي الرزوق‪ ،‬املتعاون مع‬ ‫راديو أنا‪ ،‬الذي اختُطف يوم ‪ 1‬أكتوبر\ترشين األول يف الرقة من‬ ‫قبل جامعة الدولة اإلسالمية يف العراق والشام‪ ،‬التي قام عنارصها‬ ‫بتخريب مقر اإلذاعة واالستيالء عىل أجهزة البث‪ .‬كام ال توجد‬ ‫أنباء حتى اآلن عن سامي جامل‪ ،‬املراسل املستقل الذي كان يعمل‬ ‫لصالح راديو روزانا عندما خطفته "داعش" يوم ‪ 14‬أغسطس\‬ ‫آب يف مدينة أتارب (حلب)‪ ،‬وال عن عبود حداد‪ ،‬الذي اعتقلته‬ ‫الجامعة نفسها يف ‪ 26‬يونيو\حزيران ‪ 2013‬مبنطقة ريف‬ ‫إدلب‪ ،‬علامً أنه أصبح مصورا ً يف ديسمرب\كانون األول ‪2011‬‬ ‫بعد فراره من الجيش‪ .‬ويف املقابل‪ ،‬مل يفرج بعد عن أعضاء فريق‬ ‫قناة أورينتالثالثة‪ ،‬الصحفي عبيدة البطل‪ ،‬ومهندس الصوت حسام‬ ‫نظام الدين‪ ،‬والفني عبود العتيق‪ ،‬الذين اختُطفوا يوم ‪ 25‬يوليو\‬ ‫متوز ‪ 2013‬يف تل رفعت (‪ 40‬كم شامل حلب‪.‬‬ ‫بحسب مسعود عكا‪ ،‬عضو‬ ‫رابطة الصحفيني السوريني‪،‬‬ ‫تختلف املخاطر التي تواجه‬ ‫اإلعالميني السوريني يف‬ ‫املناطق الكردية من مكان‬ ‫إىل آخر‪ ،‬مشريا ً إىل ثالث‬ ‫مناطق رئيسية‪ :‬منطقة‬ ‫الحسكة (التي تُسمى‬ ‫الجزيرة)‪ ،‬وريف الرقة‬ ‫وريف حلب الرشقي‬ ‫(حلب) ومنطقة عفرين‪.‬‬ ‫ففي منطقة الجزيرة‪،‬‬ ‫ال تزال قوات النظام‬ ‫حارضة‪ ،‬جنباً إىل جنب‬ ‫مع الجامعات الجهادية‬ ‫وحزب االتحاد الدميقراطي‪،‬‬ ‫الذي يسعى إىل مراقبة‬ ‫عمل وسائل اإلعالم عن‬ ‫طريق اتحاد اإلعالم الحر‬ ‫عىل وجه الخصوص‪ .‬وعىل‬ ‫حد قول مسعود عكا‪ ،‬فإن‬ ‫الخطر األكرب يف ريف الرقة‬ ‫وريف حلب الرشقي يتمثل‬ ‫أساساً يف جامعة الدولة‬ ‫اإلسالمية يف العراق والشام‪،‬‬ ‫مؤكدا ً أن "ال أحد بإمكانه‬ ‫أن يعمل هناك‪ ،‬وليس فقط‬ ‫األكراد"‪ ،‬مستشهدا ً بحالة‬ ‫محمد نور مطر‪ ،‬شقيق‬ ‫عامر مطر‪ ،‬املختفي منذ‬ ‫‪ 13‬أغسطس\آب ‪.2013‬‬ ‫أما منطقة عفرين‪ ،‬فتخضع‬ ‫لسيطرة وحدات حامية‬ ‫الشعب التابعة لحزب‬ ‫االتحاد الدميقراطي‪.‬‬

‫عمر الخاين‬ ‫ناشط تحول إىل مصور مستقل قبل أن تختطفه‬ ‫"داعش"‬ ‫اختطفني أفراد "داعش" يوم ‪ 4‬أغسطس\آب‬ ‫‪ ،2013‬يف املنطقة الصناعية الشيخ نجار شامل‬ ‫رشق مدينة حلب‪ .‬كنت قد وصلت إىل هناك‬ ‫يف اليوم السابق لتثبيت اإلنرتنت ملنظمة دولية‬ ‫غري حكومية‪ .‬كنت يف السيارة مع ثالثة أشخاص‬ ‫آخرين من تلك املنظمة غري الحكومية عندما‬ ‫أوقفتنا سيارة ذات الدفع الرباعي‪ ،‬فنزل منها‬ ‫ستة أو سبعة رجال ملثمني ومدججني بالسالح‬ ‫ثم أرغمونا تحت التهديد عىل الركوب معهم‪.‬‬ ‫لدى وصولنا‪ ،‬أخذوا كل أغرايض الشخصية قبل‬ ‫أن يفتشوين ويكبلوا يدي وراء ظهري‪ .‬أخذوا‬ ‫يستنطقون السائق ثم أطلقوا رساحه بعد‬ ‫خمس ساعات‪ .‬ثم جاء دوري‪ .‬سألوين إن كنت‬ ‫أصيل وحاولوا االستفسار حول ما كنت أقوم‬ ‫به يف حلب لفائدة تلك املنظمة غري الحكومية‪.‬‬ ‫اتهموين‪ ،‬من بني أمور أخرى‪ ،‬بتثبيت معدات‬ ‫تجسس ومساعدة منظمة إنسانية تابعة للكفار‪.‬‬ ‫سألوين أيضاً عن عميل كمصور وعن عالقتي مع‬ ‫وسائل اإلعالم‪ ،‬مبا يف ذلك األجنبية‪ .‬وعندما‬ ‫وجدوا ملفات موسيقية يف حاسويب الخاص‪،‬‬ ‫اتهموين باالستامع إىل "الهارد روك"‪ .‬استمرت‬ ‫املحنة ‪ 33‬يوماً تعرضت خاللها للتعذيب‬ ‫خمس مرات‪ :‬رضبوين مرارا ً وتكرارا ً بالكابالت‬ ‫الكهربائية وأنواع مختلفة من السالسل‪ ،‬كام‬ ‫تعرضت لصدمات كهربائية عىل لساين‪ ،‬وعلقوين‬ ‫من يدي ملدة ‪ 10‬دقائق‪ ...‬وقبل أن يطلقوا‬ ‫رساحي‪ ،‬أجربوين عىل التوقيع عىل وثيقة أتعهد‬ ‫فيها بالتخيل نهائياً عن العمل مع وسائل اإلعالم‪.‬‬


‫ويروي صحفي من تل أبيض كيف أن السكان املحليني‪ ،‬وخاصة‬ ‫الفاعلني اإلعالميني‪ ،‬يجدون أنفسهم اليوم مرتنحني بني مطرقة‬ ‫حزب االتحاد الدميقراطي وسندان جبهة النرصة وسوط الدولة‬ ‫اإلسالمية يف العراق والشام‪ ،‬مفصحاً عن تجربته بالقول‪" :‬تتهمني‬ ‫هيئة الرشيعة التابعة لجبهة النرصة بالعمل لصالح حزب االتحاد‬ ‫الدميقراطي‪ ،‬بينام يتهمني هذا األخري بالتعاون مع جبهة النرصة‬ ‫(‪ )...‬ال ميكنك أن تكتب كل ما تريد‪ ،‬إذ ال يقبل أي من الطرفني‬ ‫أن تكتب بحرية"‪.‬‬

‫ ‪11‬‬

‫الذين يرصدون ما تقرتفه آلته القمعية من جرائم‪.‬‬

‫يف قامئة عام ‪ 2013‬لصيادي حرية اإلعالم‪ ،‬انضمت جامعة‬ ‫جبهة النرصة الجهادية إىل الرئيس السوري بسبب االعتداءات‬ ‫التي يرتكبها هذا التنظيم املسلح ضد اإلعالميني‪ ،‬السوريني منهم‬ ‫واألجانب عىل حد سواء‪ .‬طفت جبهة النرصة عىل السطح يف‬ ‫أبريل\نيسان ‪ 2011‬بدعوى محاربة بشار األسد وإسقاط نظامه‪،‬‬ ‫علامً أن هذه املجموعة الجهادية تدعو إىل إقامة خالفة تسود‬ ‫فيها الرشيعة‪ .‬ومنذ صيف ‪ ،2012‬توسعت قاعدتها وتعززت إثر‬ ‫هذا ويف حديث ملنظمة مراسلون بال حدود‪ ،‬أعرب مسعود حميد‪ ،‬تحرير بعض املناطق يف رشق وشامل سوريا‪ ،‬وارتفاع وترية العنف‬ ‫والشعور املتزايد بالركود يف صفوف املعارضة‪ .‬وبعدما انضمت‬ ‫رئيس تحرير نوديم نصف الشهرية الصادرة بالعربية والكردية‪،‬‬ ‫عن سخطه حيال الصعوبات التي تعرتض عملية توزيع الصحيفة جبهة النرصة إىل قامئة املنظامت اإلرهابية يف الواليات املتحدة‬ ‫أواخر ‪ ،2011‬أعلنت هذه الجامعة الجهادية والءها لتنظيم‬ ‫يف بعض املناطق الشاملية بسبب انتشار عنارص الجامعات‬ ‫القاعدة يف عام ‪.2013‬‬ ‫الجهادية عىل الطرق‪ ،‬وخاصة بالقرب من مدن عفرين وكوباين‬ ‫وتل أبيض‪.‬‬ ‫ومن املرجح بقوة أن يشهد عام ‪ 2014‬انضامم الدولة اإلسالمية‬ ‫يف العراق والشام إىل صفوف الجامعات الجهادية املعادية لحرية‬ ‫ويضيف مسعود حميد‪" :‬حتى يف جريديت‪ ،‬ال أستطيع أن أكتب‬ ‫الصحافة‪ .‬فهي ت ُعترب فرعاً لتنظيم القاعدة يف العراق‪ ،‬الذي أنشئ‬ ‫ما أريد خشية عىل زماليئ‪ .‬هذا عىل الرغم من أن منطقتنا أكرث‬ ‫يف عام ‪ 2004‬ردا ً عىل التدخل العسكري األمرييك يف العراق عام‬ ‫أماناً من مناطق أخرى!"‪ .‬كام يعرتف برضوخه أمام عدد من‬ ‫‪ ،2003‬حيث يهدف إىل إقامة خالفة يف املناطق ذات األغلبية‬ ‫املحرمات‪ ،‬ومنها عىل وجه الخصوص العالقة بني حزب االتحاد‬ ‫الدميقراطي ونظام دمشق‪ ،‬مشريا ً يف الوقت ذاته إىل الخطر الذي السنية يف البالد‪ .‬ويف عام ‪ ،2006‬بعد وفاة زعيمه الزرقاوي‪،‬‬ ‫قام تنظيم القاعدة يف العراق بتغيري اسمه ليصبح دولة العراق‬ ‫قد يرتتب عىل انتقاد أحد الشخصيات السياسية يف كردستان‬ ‫العراق )مثل مسعود الربزاين‪ ،‬جالل الطالباين‪ ،‬إلخ‪ ،(...‬حيث ت ُطبع اإلسالمية‪ .‬وعقب انطالق األحداث يف سوريا‪ ،‬عززت هذه املنظمة‬ ‫صفوفها يف عام ‪ ،2012‬قبل أن يكشف زعيمها أبو بكر البغدادي‬ ‫صحيفته يف مدينة دهوك الواقعة يف كردستان العراق‪.‬‬ ‫يف أبريل\نيسان ‪ 2013‬أن جبهة النرصة امتداد لدولة العراق‬ ‫اإلسالمية‪ ،‬معلناً اندماجهام يف ما أصبح يُطلق عليه "الدولة‬ ‫اإلسالمية يف العراق والشام"‪ .‬هذا وقد كذَّب زعيم جبهة النرصة‬ ‫أبو غوالين تلك األنباء‪ ،‬وذلك بتأييد من زعيم تنظيم القاعدة أمين‬ ‫الظواهري‪ .‬لكن أبو بكر البغدادي أرص يف مزاعمه تلك بعمليات‬ ‫‪ :1.3.1‬تزايد مستمر يف صفوف أعضاء نادي ال َق َّناصة‬ ‫الستعراض القوة‪ ،‬مبا يف ذلك االستيالء عىل قاعدة املناخ الجوية‬ ‫يف عام ‪ ،2011‬كان بشار األسد السوري الوحيد يف قامئة صيادي‬ ‫التابعة للجيش النظامي )محافظة حلب( يف شهر أغسطس\‬ ‫حرية اإلعالم الثامنية والثالثني‪ .‬ففي كل سنة مبناسبة اليوم‬ ‫آب املايض‪ .‬ويف الوقت الحايل‪ ،‬تتمركز "داعش" بشكل رئييس يف‬ ‫العاملي لحرية اإلعالم‪ ،‬تحيص منظمة مراسلون بال حدود رؤساء‬ ‫املناطق " املحررة" بالشامل السوري‪ ،‬مثل الرقة وإدلب وحلب‪،‬‬ ‫الدول والساسة والزعامء الدينيني وامليليشيات واملنظامت‬ ‫حيث تقف هذه الجامعة الجهادية وراء غالبية االعتداءات‬ ‫اإلجرامية التي تفرض رقابة عىل الصحفيني وبقية الفاعلني يف‬ ‫املرتكبة منذ ربيع ‪ 2013‬يف حق املدنيني‪ ،‬مبن فيهم الفاعلون يف‬ ‫الحقل اإلعالمي‪ ،‬فضالً عن سجنهم وخطفهم وتعذيبهم بل وقتلهم‬ ‫املجال اإلعالمي‪ ،‬إذ يُشكل االختطاف نشاطها الرئييس‪.‬‬ ‫أحياناً‪ .‬ذلك أن هؤالء الق َّناصة يعتربون أنفسهم فوق القانون‪ ،‬إذ‬ ‫عادة ما يتميزون بالسلطة والجربوت والرشاسة والعنف‪.‬‬ ‫وتوضح لينا شواف‪ ،‬مديرة الربامج يف راديو روزانا‪ ،‬أن "مصدر‬

‫‪ :3.1‬صيادو حرية اإلعالم‬

‫بعد ثالثني عاما من الحكم الديكتاتوري املتسلط عىل يد والده‬ ‫حافظ األسد‪ ،‬وصل بشار األسد إىل السلطة يف ‪ 10‬يوليو\متوز‬ ‫‪ .2000‬وعىل غرار املجتمع الدويل‪ ،‬رأى فيه الشعب السوري‬ ‫رجالً منفتحاً و ُمصلحاً من شأنه أن يجلب الدميقراطية إىل بلده‪.‬‬ ‫بيد أن الوضع مختلف متاماً اليوم بعد ثالثة عرش عاماً عىل‬ ‫تسلمه سدة الرئاسة‪ .‬فمنذ اندالع الثورة يف ربيع عام ‪2011‬‬ ‫والرئيس السوري يرفض بعناد طريق اإلصالح‪ ،‬إذ ال يرتدد يف‬ ‫إسكات أصوات معارضيه إما عن طريق الزج بهم يف السجون‬ ‫أو من خالل التعذيب أو اإلعدام دون محاكمة‪ .‬فبسبب تشبثه‬ ‫بالسلطة مقابل أي مثن‪ ،‬يُعترب اليوم مسؤوالً عن حامم دم مل يسبق‬ ‫له مثيل‪ ،‬وعن حرب رشسة ضد الفاعلني اإلعالميني املستقلني‬

‫رعب اإلعالميني يف املناطق "املحررة" اليوم بات يتمثل يف الدولة‬ ‫اإلسالمية يف العراق والشام أكرث من النظام السوري! فعنارص هذه‬ ‫املنظمة أشبه ما يكونون بالعصابات‪ ،‬إذ ال ميكن التنبؤ بحركاتهم‬ ‫وترصفاتهم‪ ،‬عىل عكس عنارص الجيش النظامي"‪.‬‬ ‫‪ :2.3.1‬مصادر تهديد أخرى‬ ‫مثة مصادر تهديد أخرى تواجه الصحفيني‪ ،‬وإن كانت بحدة أقل‪:‬‬ ‫ويتعلق األمر بوحدات حامية الشعب‪ ،‬قوات األمن التابعة لحزب‬ ‫االتحاد الدميقراطي‪ ،‬الذي يُعترب السلطة السياسية الرئيسية‬ ‫يف املناطق الكردية‪ ،‬حيث تستهدف هذه الوحدات اإلعالميني‬ ‫السوريني باالعتقاالت والتهديدات‪.‬‬

‫حصلت مراسلون بال حدود عىل شهادات كثرية من ضحايا‬ ‫(الذي صيغ عام ‪ 1996‬يف القاهرة من قبل الجامعة العربية‪،‬‬ ‫االعتداءات الذين فضلوا عدم الكشف عن هويتهم مخافة االنتقام دون أن يُعتمد)‪ .‬أما االئتالف‪ ،‬الذي ينضوي تحت لوائه أعضاء‬ ‫من عائالتهم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يوجد هناك اختالف كبري تجدر اإلشارة من مشارب مختلفة وتوجهات متناقضة أحياناً‪ ،‬فإنه مل يقرر‬ ‫إليه‪ :‬فبينام ت ُفرج قوات حزب االتحاد الدميقراطي عن املعتقلني‬ ‫بعد طبيعة القانون الذي ينبغي أن يطبق يف ما يسمى املناطق‬ ‫بعد استجوابهم لعدة أيام‪ ،‬قليل هم الذين يُطلق رساحهم بهذه‬ ‫"املحررة"‪ .‬ويف املقابل‪ ،‬فإن هذه الحالة التي تتميز بانعدام القرار‬ ‫الرسعة بعد اختطافهم من قبل الدولة اإلسالمية يف العراق‬ ‫السيايس تتيح الفرصة للعديد من البلدان‪ ،‬مبا يف ذلك دول الخليج‪،‬‬ ‫والشام‪.‬‬ ‫لتمويل عمليات تدريب خاصة للقضاة الذين يتوخون تنفيذ‬ ‫القانون الجزايئ العريب املوحد‪ .‬ويف ظل انعدام قانون موحد ميكن‬ ‫‪ :3.3.1‬عدالة موازية؟‬ ‫استخدامه وغياب التنسيق بني هذه اللجان‪ ،‬يبقى باب التعسف‬ ‫بعض هذه الجامعات الجهادية‪ ،‬بحكم طبيعتها التعسفية‪ ،‬تلجأ إىل مفتوحاً عىل مرصاعيه‪ ،‬وخاصة فيام يتعلق بإصدار األحكام‬ ‫أدوات أو هياكل تشكل خطرا ً عىل احرتام الحريات األساسية وعىل وحقوق األشخاص املقبوض عليهم‪.‬‬ ‫عمل وسالمة الصحفيني و الصحفيني‪-‬املواطنني‪ .‬وهذا ينطبق‬ ‫إن هذه الهيئات القضائية املوازية التي تضعها الجامعات الجهادية‬ ‫عىل هيئات الرشيعة (اللجان القانونية) التي تحدثها جامعات‬ ‫تُعد من بني األدوات املستخدمة لتعزيز قبضتها عىل املناطق‬ ‫املعارضة املسلحة يف مناطق سيطرتها لتحل محل مؤسسات‬ ‫"املحررة"‪ .‬فهي تخلق تحديات جديدة لإلعالميني السوريني‬ ‫العدالة‪.‬‬ ‫والصحفيني األجانب الذين مازالوا يتوافدون عىل البالد لتغطية‬ ‫يف أعقاب السيطرة عىل رشق حلب‪ ،‬أنشأ مختلف األلوية محكمة املأساة السورية رغم التدهور املقلق امللحوظ عىل مستوى ظروف‬ ‫وحدة حلب يف شهر سبتمرب\أيلول ‪ ،2012‬يف محاولة لبناء‬ ‫عملهم‪ .‬وبصفتهم شهود عيان رئيسيني‪ ،‬يتعني عليهم توخي‬ ‫عىل‬ ‫اإلدارة املدنية‪ ،‬وذلك بهدف معاقبة االعتداءات املرتكبة‬ ‫الحيطة والحذر من ارتياب‪ ،‬بل ومن عقاب‪ ،‬الجامعات املقربة من‬ ‫أيدي مقاتيل الجيش السوري الحر‪ .‬وبينام كان من املفرتض أن‬ ‫املعارضة واألهايل‪ .‬ولكن الهاجس األول يتمثل يف كيفية دخولهم‬ ‫تبسط تلك املحكمة سلطتها عىل محافظة حلب وتنسق عملية‬ ‫إىل األرايض السورية‪.‬‬ ‫إنشاء محاكم محلية يف كل مدنها‪ ،‬حال نقص املوارد الالزمة لدعم‬ ‫جهود بناء جهاز قضايئ موا ٍز دون سري عملياتها اليومية بالشكل‬ ‫الصحيح‪ ،‬مام ترك الباب مفتوحاً عىل مرصاعيه ملبادرات أخرى‬ ‫مثل إنشاء هيئة رشيعة من قبل ألوية التوحيد وأحرار الشام‬ ‫وصقور الشام وجبهة النرصة يف نوفمرب\ترشين الثاين ‪.2012‬‬ ‫ويف وقت الحق‪ ،‬دخل نظاما التحكيم هاذين يف منافسة بينهام‬ ‫عىل خلفية الرصاع بني بلدية حلب وهيئة الرشيعة للسيطرة عىل‬ ‫إدارة املدينة‪ .‬وهناك مفاوضات جارية من أجل إعادة توحيد‬ ‫النظامني القضائيني القامئني يف حلب‪ ،‬لكن محكمة الوحدة فقدت‬ ‫وزنها بسبب ضعف مصادر التمويل‪ ،‬يف حني ترفض هيئة الرشيعة‬ ‫التعاون مع مؤسسات حلب املدنية‪.‬‬ ‫وبينام تحاول هيئة الرشيعة يف حلب تنسيق أعامل نظرياتها يف‬ ‫املناطق املحررة بهدف توحيد املامرسات والقرارات‪ ،‬فإن بعض‬ ‫املحاكم األخرى ال تزال خارج دائرة هذه املبادرة‪ ،‬علامً أن هيئة‬ ‫الرشيعة يف حلب فقدت وزنها ونفوذها منذ انسحاب جبهة‬ ‫النرصة (مارس\آذار ‪ ،)2013‬فيام يبدو أن الدولة اإلسالمية‬ ‫يف العراق والشام تسعى إىل التحكم يف هيئات الرشيعة يف بقية‬ ‫املناطق "املحررة" حيث تبسط سيطرتها‪.‬‬ ‫وعموماً‪ ،‬فإن هذه املحاكم (محكمة الوحدة‪ ،‬هيئات الرشيعة‬ ‫النابعة من مبادرة التوحيد املركزية‪ ،‬وهيئات الرشيعة املستقلة)‬ ‫تطبق قوانني مختلفة‪ ،‬وفقاً للمناهج التي يتبعها كل قاض من‬ ‫القضاة‪ ،‬وبالتايل طبقاً للتوجه السيايس للجامعة التي تسيطر‬ ‫عىل كل منطقة من املناطق‪ .‬فهذه املحاكم تستوحي أحكامها‬ ‫مبارشة من النصوص الدينية أو من القانون الجزايئ العريب املوحد‬


‫تزايد أعداد القتىل عىل يد الجيش النظامي والقوات املسلحة املعارضة بني مايو\‬ ‫أيار ‪ 2011‬و أكتوبر\ترشين األول ‪2013‬‬

‫تزايد أعداد املحتجزين عىل يد الجيش النظامي والقوات املسلحة املعارضة بني‬ ‫مارس\آذار ‪ 2011‬و أكتوبر\ترشين األول ‪2013‬‬

‫‪40‬‬

‫‪10‬‬

‫‪35‬‬

‫‪9‬‬

‫الجيش النظامي‬

‫‪30‬‬

‫‪8‬‬

‫القوات املسلحة املعارضة للنظام‬

‫‪7‬‬

‫‪25‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪20‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪15‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪2‬‬

‫ ‪13‬‬

‫‪10‬‬

‫‪1‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪pt‬‬ ‫‪se‬‬

‫‪ju‬‬

‫‪m‬‬

‫‪ai‬‬

‫‪ly‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪3‬‬

‫‪13‬‬

‫‪13‬‬ ‫‪m‬‬

‫‪ja‬‬

‫‪n‬‬

‫‪ar‬‬

‫‪13‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪no‬‬

‫‪pt‬‬

‫‪v1‬‬

‫‪12‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪ju‬‬

‫‪se‬‬

‫‪ai‬‬ ‫‪m‬‬

‫‪ne‬‬

‫‪12‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪m‬‬

‫‪n‬‬ ‫‪ja‬‬

‫‪no‬‬

‫‪ar‬‬

‫‪12‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪v1‬‬

‫‪11‬‬ ‫‪pt‬‬

‫‪ju‬‬

‫‪se‬‬

‫‪ly‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫‪11‬‬ ‫‪ai‬‬ ‫‪m‬‬

‫‪3‬‬

‫‪13‬‬

‫‪t1‬‬ ‫‪oc‬‬

‫‪se‬‬

‫‪au‬‬

‫‪g‬‬

‫‪pt‬‬

‫‪13‬‬

‫‪3‬‬

‫‪13‬‬ ‫‪ju‬‬

‫‪ju‬‬

‫‪ne‬‬

‫‪ai‬‬ ‫‪m‬‬

‫‪ly‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪13‬‬

‫‪13‬‬

‫‪13‬‬ ‫‪ap‬‬

‫‪ril‬‬

‫‪3‬‬

‫‪ja‬‬

‫‪m‬‬

‫‪ar‬‬

‫‪13‬‬ ‫‪n‬‬

‫‪c‬‬ ‫‪de‬‬

‫‪no‬‬

‫‪oc‬‬

‫‪se‬‬

‫‪fe‬‬ ‫‪v1‬‬

‫‪12‬‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫‪v1‬‬

‫‪12‬‬

‫‪t1‬‬

‫‪12‬‬

‫‪pt‬‬

‫‪2‬‬

‫‪g‬‬

‫‪l1‬‬

‫‪n‬‬

‫‪ju‬‬

‫‪ju‬‬

‫‪au‬‬

‫‪ri‬‬

‫‪m‬‬

‫‪ap‬‬

‫‪ai‬‬

‫‪12‬‬

‫‪12‬‬

‫‪12‬‬

‫‪12‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪m‬‬

‫‪ar‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪ja‬‬

‫‪n‬‬

‫‪c‬‬ ‫‪de‬‬

‫‪fe‬‬ ‫‪v1‬‬

‫‪11‬‬

‫‪1‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪oc‬‬

‫‪se‬‬

‫‪no‬‬

‫‪v1‬‬

‫‪11‬‬

‫‪t1‬‬

‫‪g‬‬ ‫‪au‬‬

‫‪pt‬‬

‫‪11‬‬

‫‪1‬‬

‫‪11‬‬

‫‪ju‬‬

‫‪ju‬‬

‫‪ne‬‬

‫‪ai‬‬ ‫‪m‬‬

‫‪ly‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪11‬‬

‫‪11‬‬

‫‪11‬‬

‫‪ril‬‬

‫الجيش النظامي‬ ‫‪77 %‬‬

‫الجيش النظامي‬ ‫‪81 %‬‬

‫التوزيع بحسب أسباب الوفاة‬ ‫‪90‬‬

‫‪ar‬‬

‫القوات املسلحة املعارضة للنظام‬ ‫‪23 %‬‬

‫‪5 %‬‬

‫‪80‬‬

‫‪ap‬‬

‫القوات املسلحة املعارضة للنظام‬ ‫‪ 14 %‬غري معروفة‬

‫‪m‬‬

‫توزيع حاالت القتىل من الفاعلني يف الحقل اإلعالمي (عىل يد الجيش النظامي‬ ‫والقوات املسلحة املعارضة)‬

‫توزيع حاالت االعتقال يف صفوف الفاعلني يف الحقل اإلعالمي عىل يد الجيش‬ ‫النظامي والقوات املسلحة املعارض‬

‫تزايد أعداد الصحفيني األجانب املحتجزين عىل يد الجيش النظامي والقوات‬ ‫املسلحة املعارضة بني مارس\آذار ‪ 2011‬و أكتوبر\ترشين األول ‪2013‬‬ ‫‪70‬‬

‫‪60‬‬

‫‪50‬‬

‫‪40‬‬

‫‪30‬‬

‫‪20‬‬

‫‪10‬‬

‫الجيش النظامي‬

‫‪4‬‬

‫القوات املسلحة املعارضة للنظام‬ ‫مستهدفون‬ ‫انفجار قذيفة‬ ‫أثناء االعتقال‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬

‫غري معروفة‬ ‫‪1‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪oc‬‬

‫‪t1‬‬

‫‪g‬‬

‫‪se‬‬

‫‪au‬‬

‫‪pt‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪13‬‬

‫‪3‬‬

‫‪13‬‬

‫‪ju‬‬ ‫‪ly‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ai‬‬

‫‪ju‬‬ ‫‪ne‬‬

‫‪m‬‬

‫‪ap‬‬

‫‪ja‬‬

‫‪m‬‬

‫‪ar‬‬

‫‪ril‬‬

‫‪13‬‬

‫‪13‬‬

‫‪13‬‬

‫‪3‬‬

‫‪n‬‬

‫‪c‬‬ ‫‪de‬‬

‫‪fe‬‬ ‫‪v1‬‬

‫‪13‬‬

‫‪12‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪v1‬‬ ‫‪no‬‬

‫‪oc‬‬

‫‪t1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪12‬‬ ‫‪se‬‬

‫‪au‬‬ ‫‪g‬‬

‫‪pt‬‬

‫‪12‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪l1‬‬ ‫‪ju‬‬

‫‪ju‬‬

‫‪n‬‬

‫‪ai‬‬ ‫‪m‬‬

‫‪m‬‬

‫‪ja‬‬

‫‪ap‬‬ ‫‪ri‬‬

‫‪ar‬‬

‫‪12‬‬

‫‪12‬‬

‫‪12‬‬

‫‪12‬‬

‫‪2‬‬

‫‪n‬‬

‫‪c‬‬ ‫‪de‬‬

‫‪fe‬‬ ‫‪v1‬‬

‫‪12‬‬

‫‪11‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪v1‬‬ ‫‪no‬‬

‫‪oc‬‬

‫‪t1‬‬

‫‪1‬‬

‫‪11‬‬ ‫‪se‬‬

‫‪au‬‬ ‫‪g‬‬

‫‪pt‬‬

‫‪11‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪ly‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪11‬‬

‫‪ju‬‬

‫‪ju‬‬

‫‪ne‬‬

‫‪ai‬‬ ‫‪m‬‬

‫‪ap‬‬ ‫‪ril‬‬

‫‪11‬‬

‫‪11‬‬

‫‪11‬‬ ‫‪ar‬‬ ‫‪m‬‬


‫‪2‬‬ ‫ ‪15‬‬

‫الصحفيون األجانب‪ :‬مسار‬ ‫املحاربني‬ ‫‪ :1.2‬مهنة أصعب من أي وقت مىض‬ ‫‪" :1.1.2‬رؤية ما يحدث عىل أرض الواقع"‪" ،‬معرفة إيجاد‬ ‫التوازن"‪ ...‬ومقاومة التضليل‬ ‫تتكيف وسائل اإلعالم مع خطورة امليدان‪ .‬فمعظم املؤسسات‬ ‫اإلعالمية الدولية الكربى متيل اليوم إىل الحد بشكل قاطع من‬ ‫إرسال صحفييها إىل سوريا – إال يف حال الحصول عىل ترصيح‬ ‫رسمي للذهاب إىل دمشق – مكتفية باالعتامد عىل الصحفيني‬ ‫املستقلني املوجودين يف قلب الحدث والذين أضحت أعدادهم يف‬ ‫تزايد مستمر‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن تغطية األحداث السورية مازالت‬ ‫متواصلة‪ .‬صحيح أن صحيفة صنداي تاميز ترفض نرش مساهامت‬ ‫الصحفيني العاملني لحسابهم الخاص‪ ،‬منذ مقتل مراسلتها ماري‬ ‫كولفني‪ ،‬معتربة أن ذلك يدفعهم إىل مزيد من املخاطرة‪ ،‬بيد أن‬ ‫مثل هذا املوقف ال ميثل سوى أقلية صغرية‪ .‬ذلك أن هذه الفئة‬ ‫من الصحفيني أصبحت ممثلة بأعداد كبرية ومتزايدة يف ميدان‬ ‫الرصاع رغم الظروف املزرية التي يعملون فيها‪.‬‬

‫يف مقال بتاريخ ‪ 12‬سبتمرب\أيلول ‪ ،2013‬يوضح وليام‬ ‫ديرمودي‪ ،‬نائب رئيس قسم الشؤون الخارجية يف يو‪.‬إس‪.‬إيه‬ ‫توداي‪ ،‬أنه بسبب عدم الحصول عىل تأشرية الدخول إىل سوريا‪،‬‬ ‫فإن الصحيفة تستند إىل مصادر يف دمشق وحلب وحمص وشبكة‬ ‫من اإلعالميني العاملني لحسابهم الخاص يف مختلف دول الرشق‬ ‫األوسط‪ ،‬فضال عن السوريني املقيمني يف املنفى أو قوات متمردين‬ ‫يف املناطق الحدودية‪ .‬ويف املقابل مازالت إدارة الجريدة ترسل‬ ‫صحفيني إىل سوريا ولكن لفرتات قصرية جدا ً‪ ،‬حيث "إن املنطقة‬ ‫خطرية إىل درجة تكاد تصبح معها التغطية مستحيلة‪ ،‬ولذلك‬ ‫ميكن أن يذهب الصحفيون إىل مكان معني ليوم واحد‪ ،‬وأحياناً‬ ‫ليومني قبل أن يعودوا‪ ...‬هذه النافذة الزمنية ليست كافية بتاتاً‬ ‫ليك ت ُغطي حرباً من هذا القبيل وترشح للناس ما يجري حقاً عىل‬ ‫أرض الواقع‪ .‬إنها مجرد "خبطة رسيعة" لكنها تنطوي عىل مخاطر‬ ‫كبرية‪ ،‬علامً أن الصحفي قد يُلقى عليه القبض أو يُصاب أو يُقتل‬ ‫أثناء ذلك"‪.‬‬ ‫وقال سامي كيتز‪ ،‬مدير مكتب وكالة فرانس برس يف بريوت‪،‬‬ ‫متحدثاً ملنظمة مراسلون بال حدود يف يوليو\متوز ‪ 2013‬إنه ال‬ ‫يزال يقوم بزيارات منتظمة إىل سوريا برفقة أحد مصوري الوكالة‬

‫ويتابع‪" :‬إن أصعب يشء يف سوريا بالنسبة يل هو العثور عىل‬ ‫مصادر موثوقة ومستقلة‪ ،‬دون أن تكون تحت تأثري العاطفة أو‬ ‫’التفكري الرغبوي‘‪ ،‬ولو أنه باستطاعتنا أن نفهم رد فعل من هذا‬ ‫القبيل بعد كل هذا العنف‪.‬‬ ‫"كنت أود أن أذهب إىل الشامل‪ ،‬ليك أكون بجانب املتمردين‪،‬‬ ‫ولكن أعتقد أين مل أكن ألحظى بالرتحيب هناك‪ ،‬خصوصا بعد‬ ‫نرش املقال الذي كتبت فيه أن املتمردين مسؤولون عن مقتل‬ ‫جيل جاكييه‪ ،‬بعد خطأ فادح‪ .‬ونظرا ً لتفاقم عمليات االختطاف‪،‬‬ ‫فإنني ال أريد أن أعيش تلك التجربة مرة أخرى"‪.‬‬

‫الفرنسية‪ ،‬التي لديها مكتب يف قلب الحدث‪ .‬وأوضح أنه "ميكنك‬ ‫كتابة الكثري من األشياء‪ ،‬ولكن يجب عليك أن تعرف كيف تحقق‬ ‫التوازن وتجد املزيج املثايل"‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬يقول جورج مالربونو‪ ،‬مراسل صحيفة لوفيجارو‪" ،‬إن‬ ‫الصحفيني العاملني يف الصحافة املكتوبة ال يزال بإمكانهم العمل‬ ‫يف دمشق‪ ،‬ولو أنها ليست املكان املثايل ملامرسة مهنة كهذه‪.‬‬ ‫لكن مبجرد ظهور كامريا‪ ،‬فإن األجهزة األمنية تدخل عىل الخط‪.‬‬ ‫يعاين كثريا ً مراسلو القنوات التلفزيونية ملامرسة‬ ‫مهامهم هناك"‪.‬‬ ‫ويرضب جان فيليب رميي مثال لحالة أحد‬ ‫زمالئه يف املهنة الذي يعمل لحساب قناة‬ ‫تلفزيونية‪ ،‬حيث متكن من دخول دمشق بشكل‬ ‫قانوين من أجل إنجاز تقرير إخباري‪ ،‬ولكنه‬ ‫رفض يف األخري إمتام تلك املادة اإلعالمية بعدما‬ ‫وجد نفسه تحت ظروف تفرض عليه القيام‬ ‫بالدعاية للنظام القائم يف دمشق‪.‬‬ ‫بالنسبة لـجورج مالربونو‪" ،‬تتجىل أهمية‬ ‫الذهاب إىل دمشق يف إمكانية االلتقاء باملصادر‬ ‫املستقلة القليلة التي ال تزال هناك‪ ،‬مثل بعثة‬ ‫األمم املتحدة التي تقوم بعمل متميز‪ ،‬مبا أنها‬ ‫عىل اتصال مع كال الجانبني"‪.‬‬ ‫ويضيف مالربونو‪" :‬ميكن للمرء أن يتنقل بأمان‬ ‫وسط دمشق عندما يكون لوحده‪ .‬لكن الخروج‬ ‫من العاصمة يُعترب أمرا ً أكرث صعوبة‪ :‬عندما‬ ‫ذهبت إىل حمص‪ ،‬تعني عيل إبالغ املخابرات‪،‬‬ ‫التي تابعتني‪ ،‬كام تعني عيل الذهاب لرؤية‬ ‫املحافظ‪ ،‬حيث يتم تأطري عمل الصحفيني عىل‬ ‫الفور‪ .‬حصل اليشء نفسه يف الالذقية‪ ،‬ولحسن‬ ‫الحظ‪ ،‬كان هناك شخصان أو ثالثة أعرفهم‬ ‫شخصياً‪ .‬اتصلت بهم مبارشة ومتكنت من‬ ‫الحصول عىل رواية أقرب إىل الواقع"‪.‬‬

‫‪© Nicole Tung / AFP‬‬

‫يف املقابل‪ ،‬يؤكد لوك ماتيو‪ ،‬من جريدة ليبرياسيون‪ ،‬أنه من النادر‬ ‫جدا ً أن مينح النظام تأشرية دخول لصحفي سبق له أن عمل إىل‬ ‫جانب املتمردين‪.‬‬ ‫ويف غياب تأشرية رسمية‪ ،‬يضطر العديد من الصحفيني لدخول‬ ‫سوريا بطريقة غري رشعية‪ .‬ويف هذا الصدد‪ ،‬يوضح جان فيليب‬ ‫رميي قائالً‪" :‬من دون تأشرية‪ ،‬نحن ممنوعون من زيارة جزء كبري‬

‫من األرايض السورية‪ .‬نحن مضطرون لتغطية النزاع من جانب‬ ‫واحد‪ .‬هل هذا يعني أننا رصنا حمقى ومتحدثني باسم الثورة؟‬ ‫لهذا‪ ،‬قررنا أنا ولوران فان دير ستوك أن نذهب إىل دمشق ألننا‬ ‫أردنا أن نتحقق مام قاله لنا املتمردون بشأن انطالق معركة‬ ‫دمشق بالفعل‪ .‬كنا نريد أن نرى ما يحدث حقاً عىل أرض الواقع‪.‬‬ ‫إن تغطية الحروب تتم عىل امليدان يف املقام األول )‪ (...‬قد ال‬ ‫توفر التغطية امليدانية كل يشء‪ ،‬بيد أنه ال ميكن االستغناء عنها‬ ‫بأي شكل من األشكال"‪.‬‬ ‫‪ 2.1.2‬تدهور تدريجي يف بيئة عمل الصحفيني‬ ‫منذ بداية االنتفاضة وحتى فتح السلطات الرتكية معرب أونكوبينار‬ ‫\ باب سالمة قرب كيليس يف صيف عام ‪ ،2012‬تزايدت وترية‬ ‫تنقالت الصحفيني بني سوريا وتركيا دون الحاجة إىل تأشريات أو‬ ‫تصاريح خاصة‪ .‬صحيح أنهم يدخلون سوريا بطريقة غري رشعية‪،‬‬ ‫ولكنهم يغادرون تركيا أيضاً بصورة غري قانونية ليعودوا إليها‬ ‫بصفة غري رشعية مرة أخرى مبجرد االنتهاء من إنجاز تقاريرهم‪.‬‬ ‫ويستحرض لوك ماتيو تجربته بالقول‪" :‬كان علينا أن نستعني‬


‫ ‪17‬‬

‫مبهربني وقطع بعض الكيلومرتات سريا ً عىل األقدام حاملني معنا‬ ‫كل العتاد‪ .‬وكان يجب أن نتجنب دوريات التفتيش‪ ،‬واألهم من‬ ‫ذلك هو أال تنكشف‪ .‬كان املهربون‪ ،‬ومعظمهم من املتاجرين يف‬ ‫السلع املهربة أيضاً‪ ،‬يأتون الصطحايب من الفندق يف تركيا‪ .‬لكن‬ ‫دخول سوريا ليس هو املشكل الرئييس‪ ،‬بل العودة إىل تركيا هي‬ ‫التي تشكل املهمة املعقدة‪ .‬يف مارس\آذار ‪ ،2012‬قُبض عيل‬ ‫قرب الريحانية‪ ،‬يف تركيا‪ ،‬عىل الجانب اآلخر من مدينة عتمة‬ ‫السورية‪ .‬مل يصدقوا أنني صحفي‪ ،‬فحسبوين جاسوساً‪ .‬بقيت‬ ‫‪ 20‬ساعة يف الحجز يف أنطاكية قبل أن يُفرج عني"‪ .‬يف مرحلة‬ ‫معينة‪ ،‬وصل الحد بالسلطات الرتكية إىل فرض غرامات باهظة‬ ‫بل وحتى منع دخول أراضيها عىل بعض الصحفيني املضبوطني يف‬ ‫حالة تلبس‪.‬‬

‫بعرشة مقاتلني مسلحني‪ .‬مل يعد بإمكاننا العمل مع نشطاء املراكز‬ ‫اإلعالمية‪ .‬فحتى هم ال يستطيعون حاميتنا اآلن‪ .‬ولكن حتى‬ ‫بوجود مرافقني لحاميتك‪ ،‬فإنك لست مبنأى عن الخطر‪ :‬إذ يتعني‬ ‫عليك أن تحسن اختيار حرسك حتى ال يكونوا هم من يختطفونك‬ ‫فيام بعد‪ ،‬كام يجب أن يكونوا أقوياء مبا يكفي لعبور نقاط تفتيش‬ ‫"داعش" بأمان‪ ،‬ومن ثم حاميتك عندما تصل إىل وجهتك‪ .‬ثم يأيت‬ ‫السؤال عن كيفية العمل وسط كل هذه الحراسة‪ ،‬وما هو هامش‬ ‫الحرية الذي يحظى به الصحفي عندما يعمل يف مثل هذه‬ ‫الظروف؟ دون إغفال املبالغ املالية التي يجب دفعها مقابل تلك‬ ‫الخدمة‪ :‬عليك أن تسدد ما بني ‪ 500‬و‪ 1000‬دوالر فقط لعبور‬ ‫الطريق بني كيليس وحلب"‪.‬‬

‫يتذكر عمر وامان من خالل تجربته‬ ‫يف ربيع عام ‪ ،2013‬بات الوضع األمني يف شامل البالد يشهد‬ ‫"يف ليبيا وكوت ديفوار" أن "خطوط‬ ‫تدهورا ً مهوالً‪ ،‬ومعه ظروف عمل الصحفيني األجانب‪ ،‬حيث‬ ‫الجبهة كانت محددة بوضوح"‪ .‬ويف‬ ‫أصبح االختطاف ميثل الخطر الرئييس الذي يتهددهم‪ .‬ويوضح‬ ‫املقابل‪" ،‬كل يشء غامض يف سورية‪.‬‬ ‫لوك ماتيو يف هذا الشأن أن الصحفي "معرض دامئاً للقتل أو‬ ‫ليس هناك من يشء واضح‪ ،‬يف ظل‬ ‫اإلصابة بجروح يف عمليات القصف‪ ،‬ولكن هذا ليس هو الخطر‬ ‫تعدد الجبهات‪ .‬كام أنك ال تستطيع‬ ‫الرئييس (‪ .)...‬ففي بعض املناطق الشاملية‪ ،‬مثل حامة أو‬ ‫رؤية نهاية النفق أبدا ً"‪ .‬من جهته‪،‬‬ ‫إدلب‪ ،‬حيث القتال ال يزال عىل أشده‪ ،‬قد تجد نفسك أمام خطر يستحرض لوك ماتيو تجربته يف‬ ‫مزدوج‪ :‬فإما أن تغتالك قوى النظام أو تختطفك الجامعات‬ ‫أفغانستان حيث عمل فرتة طويلة‪،‬‬ ‫الجهادية‪ .‬لقد أصبح الوضع اليوم مثل لعبة اليانصيب‪ .‬عادة ما‬ ‫موضحاً أنه "ميكنك أن ت ُنجز تقارير‬ ‫يُقال إن الحظ مل يحالفك إذا وقعت رهينة‪ .‬أما هنا فالعكس هو صحفية هناك‪ ،‬حتى يف املناطق‬ ‫الذي يحصل‪ :‬أنت محظوظ إذا مل ت ُختطف"‪ .‬من جهته‪ ،‬يشَ بِّه عمر الخطرة‪ ،‬إذ ميكنك أن تلتقي مبسؤولني‬ ‫وامان الوضع بـ"الروليت الروسية"‪ ،‬التي من شأنها أن تجعل املرء من حركة طالبان‪ ،‬ناهيك عن إمكانية‬ ‫"ينىس الحرب والقناصة‪ ،‬والقصف وما إىل ذلك"‪.‬‬ ‫"االنضامم" إىل جيش أجنبي‪ .‬ميكنك‬ ‫أن ترتب لكل هذا‪ .‬يف سوريا‪ ،‬ال يوجد‬ ‫ويضيف لوك ماتيو‪" :‬يف ربيع عام ‪ ،2013‬كنا نرى الجهاديني‪،‬‬ ‫أحد ميكنك التفاوض معه‪ ،‬اللهم إال‬ ‫ولكننا كنا نتجنب بعضنا البعض‪ .‬كنا نعرف أنه يجب علينا أال‬ ‫إذامل يكن كان األمر يتعلق بعملية‬ ‫نقوم بتصويرهم دون أخذ اإلذن منهم‪ .‬بل وكان بإمكاننا أن‬ ‫خطف خسيسة‪ .‬ال ميكنك أن تطلب‬ ‫نطلب رؤيتهم واللقاء بهم‪ .‬أما اليوم‪ ،‬فإن ذلك مل يعد ممكنا‪ ،‬ال‬ ‫إذناً من’"داعش‘! ال أحد يعرف ما‬ ‫ميكنك التحدث معهم‪ .‬كام لو كانت هناك تعليامت متنعهم من‬ ‫يريدون بالضبط"‪.‬‬ ‫ذلك‪ .‬إنهم يحتاطون من الصحفيني‪ ،‬وخاصة من التلفزيون"‪.‬‬ ‫‪" :3.1.2‬ال ترتك أي يشء‬ ‫ويروي عمر وامان إحدى التجارب التي عاشها يف سوريا بالقول‪ :‬للصدفة"‪ .‬أحسن اختيار مرافقك‬ ‫"يف مارس\آذار‪ ،‬بني حامة وإدلب‪ ،‬أوقفنا ستة رجال ملثمني‬ ‫من أجل إعداد تقرير صحفي‪ ،‬بات‬ ‫وسألونا عن هوياتنا‪ .‬قال لهم السائق إين أعمل صحفياً‪ .‬تعني عيل األمر يتطلب وقتاً أطول من ذي قبل‪.‬‬ ‫أن أُظهر لهم جواز سفري الفرنيس‪ .‬سألني أحدهم ما إذا كنت‬ ‫وهذا ما يوضحه لوك ماتيو من خالله‬ ‫قد ذهبت إىل هناك من أجل الجهاد‪ .‬قلت له ال‪ ،‬إنني صحفي‪.‬‬ ‫ما عاشه هو شخصياً يف سوريا‪ ،‬حيث‬ ‫فسألني إن كنت مسلامً؟ بالكاد تلوت عليه سورة من القرآن‪.‬‬ ‫"أصبح األمر أكرث تعقيدا ً وأكرث خطورة‬ ‫دوافعهم‪.‬‬ ‫هكذا نجحت يف إجراء املقابلة معهم حيث سألتهم عن‬ ‫من السابق‪ ،‬وبات الرتتيب لذلك أطول‬ ‫لست متأكدا ً إن كان بإمكاين أن أفعل ذلك اليوم‪ .‬فقد أصبح‬ ‫من أي وقت مىض‪ .‬التنقل‪ ،‬والعثور‬ ‫املخاطر"‪.‬‬ ‫الوضع يلفه كثري من الغموض وينطوي عىل كثري من‬ ‫عىل املرتجمني‪ ،‬وتقييم املخاطر‪...‬‬ ‫كل هذا أضحى يتطلب الكثري من‬ ‫من جهته‪ ،‬قرر لوك ماتيو إلغاء تقرير كان ينوي إنجازه يف شهر‬ ‫سبتمرب\أيلول ‪ ،2013‬معلالً ذلك بالقول‪" :‬إنه من النادر أن ألغي الوقت"‪.‬‬ ‫عمالً كهذا‪ ،‬ولكن انتابني شعور ال يبعث عىل االرتياح‪ .‬كان يتعني أصبح من األهمية مبكان ُحسن اختيار‬ ‫عيل أن أتنقل وسط حراسة مشددة يف شاحنتني صغريتني ومحاطاً املرافق‪ ،‬ذلك الشخص الذي يستأجره‬

‫الصحفيون نظرا ً ملعرفته باملنطقة وشبكة اتصاالته‪ ،‬والذي غالباً‬ ‫ما يضطلع مبهمة الرتجمة‪ .‬وبالنسبة للصحفي اإلسباين أنخيل‬ ‫ساسرتي‪ ،‬فإن "أهم يشء هو إيجاد الشخص املناسب‪ ،‬ألنك مبجرد‬ ‫دخول البالد‪ ،‬فإنك تصبح متاماً تحت ترصفه‪ .‬ال ميكنك أن تفعل‬ ‫أي يشء من دونه مبجرد أن تطأ قدماك األرض السورية"‪.‬‬ ‫وبدورها‪ ،‬تسلط الصحفية املستقلة مارين أوليفيزي الضوء عىل‬ ‫هذا الهاجس‪ ،‬مشرية إىل االعتبارات األمنية التي يجب مراعاتها‬ ‫أثناء التحضري للريبورتاجات الصحفية‪ ،‬موضحة يف هذا الصدد‬ ‫أن "املرافقني الجيدين عملة نادرة‪ ،‬وحتى العثور عليهم ال يخلو‬ ‫من مشاكل‪ :‬فهم معروفون لدى الكتائب أو الجامعات املسلحة‪،‬‬ ‫وبالتايل فإنهم ال ميرون دون أن يُشتبه فيهم"‪ .‬وأمام هذا الوضع‪،‬‬ ‫فإن الصحفيني مخريون بني أمرين أحالهام ُمر‪" :‬إما االعتامد عىل‬

‫مرافق موىص به وعىل مستوى عا ٍل من الكفاءة‪ ،‬مع ما ينطوي‬ ‫عليه ذلك من مجازفة‪ ،‬أو انتقاء مرافق غري معروف‪ ،‬وبالتايل‬ ‫أحد ال نعرف من يكون بالضبط"‪ .‬وتضيف أوليفيزي أن إعداد‬ ‫التقارير "يستغرق عدة أسابيع"‪ ،‬موضحة أن "الجانب اللوجستي‬ ‫هو الذي يحظى بنصيب األسد عىل حساب البقية يف كثري من‬ ‫األحيان‪ .‬فقد الحظت فرقاً شاسعاً عندما ذهبت إىل اليونان‬ ‫إلجراء تحقيق عن وضعية الالجئني السوريني الذين يسعون إىل‬ ‫دخول أوروبا‪ .‬سار كل يشء ببساطة وعفوية‪ ..‬يف ظروف عمل‬ ‫طبيعية"‪ .‬ويف السياق ذاته‪ ،‬يؤكد عمر وامان‪" :‬قبل دخول‬ ‫األرايض السورية‪ ،‬أحاول أن أخطط لكل يشء وأترك كل األمور‬ ‫جاهزة قدر اإلمكان‪ .‬أقوم بذلك من باريس‪ ،‬ثم من تركيا‪ .‬ال‬ ‫ترتك أي يشء للصدفة‪ .‬وال سيام مسألة املرافقني والسائقني‪.‬‬ ‫يجب أن تتحقق من دوافعهم‪ ...‬أال تكون‬ ‫املسألة مرتبطة باملال فقط"‪.‬‬ ‫وتسرتسل مارين أوليفيزي بالقول‪" :‬يف ليبيا‬ ‫كان األمر مختلفاً متاماً‪ :‬كنا نصعد سيارة املرافق‬ ‫بعد أن نلتقي به للتو عىل الحدود‪ ،‬دون حتى‬ ‫التفكري يف إمكانية خطفنا‪ .‬يف ليبيا‪ ،‬كان الخطر‬ ‫األكرب عىل جبهة القتال"‪.‬‬ ‫‪ – 4.1.2‬شهادات صحفيات‬ ‫بحسب مارين أوليفيزي‪ ،‬تحظى الصحفيات‬ ‫مبيزة مهمة مقارنة بنظرائهن الرجال‪" :‬أن‬ ‫تكوين امرأة‪ ،‬فهذا عامل مساعد بطبيعة الحال‪.‬‬ ‫مبجرد ارتداء اللباس السوري‪ ،‬يصبح من السهل‬ ‫جدا ً االندماج وسط عامة الناس‪ ...‬بكل بساطة‬ ‫ألنهم ال ميعنون النظر يف النساء‪ .‬أما الصحفي‬ ‫الرجل فال ميكنه أن مير مرور الكرام بنفس‬ ‫الطريقة‪ ،‬وخاصة عند نقاط التفتيش‪ ،‬حيث‬ ‫يكون هو محور االنتباه وعادة ما يُطلب منه‬ ‫اإلفصاح عن هويته"‪ .‬وتضيف هالة قضامين يف‬ ‫السياق نفسه‪" :‬كامرأة‪ ،‬لديك إمكانية زيارة‬ ‫النساء يف منازلهن‪ ،‬وهو أمر ليس يف متناول‬ ‫الرجال"‪.‬‬ ‫كام تعترب الصحفية الفرنسية‪-‬السورية أن‬ ‫عمرها يشكل ميزة أيضاً‪" :‬لست شابة يف‬ ‫مقتبل العمر‪ .‬أدركت عىل الفور أن ذلك مصدر‬ ‫احرتام ومودة‪ .‬يف نوفمرب\ترشين الثاين ‪،2012‬‬ ‫عندما كنت يف بنش‪ ،‬كان أحد أبناء األرسة‬ ‫التي كنت مقيمة عندها يأخذين كل مساء عىل‬ ‫دراجته النارية إىل مقهى اإلنرتنت‪ .‬كنت أضع‬ ‫الحجاب عىل رأيس فكنت أبدو مثل خالته‪ .‬لو‬ ‫كان عمري ‪ 25‬سنة‪ ،‬ملا كان باإلمكان فعل ذلك‬ ‫أبدا ً"‪.‬‬

‫‪© Anwar Amro / AFP‬‬


Š Tauseef Mustafa / AFP


‫وتضيف يف هذا الصدد‪" :‬مبا أين سورية الجنسية‪ ،‬فإن الناس‬ ‫صحيح أين مل أعش شخصياً أية تجربة سلبية‪ ،‬ولكني مل أُجر مقابلة‬ ‫ينسون أين صحفية‪ .‬وبالتايل فإنهم يكونون أكرث عفوية أثناء‬ ‫وسئلت عن تقاعس حكوماتنا‪ .‬يف دير الزور يف شهر مايو\أيار‪،‬‬ ‫إال ُ‬ ‫الحديث‪ .‬أتذكر أين حرضت يف نوفمرب\ترشين الثاين ‪ 2012‬بعض مبا أن عدد الصحفيني األجانب الذين ذهبوا إىل هناك كان قليالً‬ ‫املناقشات الساخنة بني أفراد األرسة التي كنت أقطن عندها‪.‬‬ ‫جدا ً‪ ،‬فإنني مل أالحظ مثل هذا املوقف املتوجس‪ ،‬ومل أعانِ من‬ ‫كانوا يتحدثون عن ظهور جبهة النرصة يف منطقة بنش‪ ،‬حيث كان ذلك عىل اإلطالق‪ .‬بل عىل العكس متاماً"‪.‬‬ ‫أحد أبناء العائلة قد انضم للتو إىل صفوف تلك الجامعة‪ .‬أتذكر‬ ‫أن املناقشات حول املوضوع كانت محتدمة ومتأججة‪ .‬كام كان‬ ‫بإمكاين أن أستقل وسائل النقل العام‪ ،‬وأقف شاهدة عىل الحياة‬ ‫اليومية دون أن يُكشف أمري‪ .‬وحصل اليشء نفسه عندما ذهبت‬ ‫إىل الرقة يف سبتمرب\أيلول‪ .‬عربت النقطة الحدودية يف جرابلس‬ ‫‪ 1.2.2‬تأشريات الدخول وبطاقات االعتامد‪ ،‬أسلحة رقابية يف‬ ‫وأنا أرتدي رسوال الجينز وقميصاً بأكامم طويلة وحجاباً عىل‬ ‫يد النظام‬ ‫رأيس‪ ،‬كنت قد وضعته قبيل الوصول إىل الحدود‪ .‬بفضل جواز‬ ‫من الصعب جدا ً الحصول عىل تأشريات الدخول وبطاقات‬ ‫وحقيبتي االثنتني املمتلئتني بعلب الشامبو وغريها‬ ‫سفري السوري‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫االعتامد‪ ،‬وحتى نيلها ال يعفي الصحفيني من املخاطر‪.‬‬ ‫من املواد التي طلبها مني أفراد األرسة التي كنت ذاهبة إىل بيتها‪،‬‬ ‫مررت مثل أية امرأة سورية قادمة لزيارة بعض األقارب‪ .‬قَبَّلني يف بداية االنتفاضة‪ ،‬تم طرد عدد من مراسيل وسائل اإلعالم‬ ‫الناشط الذي كان ينتظرين عىل الجانب اآلخر من الحدود كام لو األجنبية‪ .‬فقد أُلقي القبض عىل مراسيل أسوشيتد برس ورويرتز‬ ‫كنت خالته أو عمته‪ .‬ولدى وصويل إىل الرقة‪ ،‬كان اليشء الوحيد ليتم ترحيلهام يف مارس\آذار ‪ 2011‬عقب اندالع الحركة‬ ‫الذي يشغل بايل هو أن أظل بعيدا ً عن الشبهات‪ ،‬أال أجذب إيل‬ ‫االحتجاجية‪ .‬كام ُسحبت بطاقة االعتامد من يعقوب خالد‬ ‫أجنبية‪،‬‬ ‫االنتباه‪ ،‬وخاصة أال أنكشف ويعرف الناس أنني صحفية‬ ‫عويس‪ ،‬مراسل رويرتز يف دمشق‪ ،‬يوم ‪ 25‬مارس\آذار ‪،2011‬‬ ‫وهو ما كان من شأنه أن يُعرض األرسة التي كانت تستضيفني‬ ‫وأغلقت قناة الجزيرة مكتبها يف أبريل\نيسان ‪ 2011‬يف أعقاب‬ ‫للخطر‪ .‬كان أفرادها وأقاربهم يعرفون من أنا‪ ،‬ولكنهم كانوا‬ ‫التهديدات واالعتداءات ضد الصحفيني العاملني بها‪ ،‬حيث ات ُّهمت‬ ‫يقدمونني لآلخرين باعتباري صديقة من دمشق‪ .‬كانت األم هي املحطة التلفزيونية القطرية بنرش "األكاذيب" و"املبالغة" يف‬ ‫التي تقدمني للناس‪ ،‬حيث كان يتعني عيل أن أضبط ترصفايت‬ ‫تغطيتها لألحداث‪ ،‬قبل أن يتعرض مقرها ألعامل تخريب‪.‬‬ ‫بعناية فائقة‪ .‬يف إحدى املرات‪ ،‬ارتكبت خطأ بإخراج مصوريت‬ ‫ومنذ مايو\أيار ‪ ،2011‬بدأت السلطات تحد بشكل كبري من وصول‬ ‫بينام كنت معها بالقرب من نهر الفرات‪ ،‬فجاء إلينا عىل الفور‬ ‫رجالن من رجال جبهة النرصة لتقيص ما كنا نفعله‪ .‬لكنهام وجدا الصحفيني األجانب إىل األرايض السورية وذلك مبنح تأشرية الدخول‬ ‫إال يف حاالت نادرة‪ ،‬بحسب وسيلة اإلعالم املعنية والوضع الدويل‪.‬‬ ‫أمامهام امرأتني يف الخمسني من العمر‪ ،‬وال يبدو من مظهرهام‬ ‫أنهام صحفيتان‪ ،‬فغادر الرجالن املكان عىل الفور بل وكادا‬ ‫كان جورج مالربونو ممنوعاً من دخول سوريا بني ‪2006‬‬ ‫يعتذران منا"‪.‬‬ ‫و‪ 2011‬يف أعقاب نرش مقال يف يناير\كانون الثاين ‪ 2006‬حول‬ ‫األقلية العلوية التي ينتمي إليها بشار األسد‪ .‬ويف أغسطس\آب‬ ‫‪ : 5.1.2‬احرتاس متزايد من الصحفيني األجانب‬ ‫‪ ،2011‬استغل دعوة من مجموعة صناعية سورية ليقيض يومني‬ ‫تغريت نظرة الناس تجاه الصحفيني األجانب يف سوريا‪ ،‬وهو ما‬ ‫يف حامة‪ ،‬حيث حصل عىل تأشرية دخول من وزارة الداخلية‪.‬‬ ‫ترشحه مارين أوليفيزي بالقول‪" :‬بات واضحاً اآلن أن رشيحة‬ ‫ويروي مراسل لو فيغارو‪ ،‬الذي كان مصحوباً مبواطنته كارولني‬ ‫هامة من السكان يشعرون بأنهم وقعوا ضحية كذبة الصحفيني‬ ‫سينز‪ ،‬من قناة فرانس ‪ 3‬التلفزيونية‪" :‬بعد حامة‪ ،‬ذهبت إىل‬ ‫الذين قالوا لهم يف البداية إن وجودهم مهم جدا ً ليك تتغري‬ ‫األمور‪ .‬واليوم‪ ،‬مل يتغري يشء‪ ... ،‬لقد أصبحنا نلمس هذا االحرتاس دمشق‪ ،‬حيث مكثت ‪ 5‬أيام‪ .‬التقيت هناك بعض الدبلوماسيني‬ ‫الغربيني واملعارضني والسكان‪ ،‬الذين كان بعضهم من املعادين‬ ‫خصوصاً يف حلب‪ ،‬التي كانت قد احتضنت عددا ً كبريا ً من‬ ‫للنظام بينام كان البعض اآلخر ال يزال مرتددا ً‪ ،‬حيث مل يكونوا‬ ‫الصحفيني لعدة أشهر"‪ .‬ومن جهته‪ ،‬يضيف لوك ماثيو يف هذا‬ ‫الشأن أنه "أصبح أكرث صعوبة من السابق التقاط صور أو دخول يُذكرون إال قليالً‪ .‬منذ ما يقرب من عرشين عاما وأنا أذهب إىل‬ ‫كامريا تلفزيونية إىل املستشفيات أو أماكن التفجريات يف حلب منذ سوريا‪ ،‬حيث لدي اتصاالت خاصة‪ .‬ال ألجأ إىل خدمات املرافقني‪،‬‬ ‫فهم غالباً ما يكونون عىل صلة بالنظام‪ .‬أستعني فقط مبرتجم عند‬ ‫شهر مايو\أيار‪ ،‬وحتى قبله"‪.‬‬ ‫الحاجة‪ .‬عدت يف سبتمرب\أيلول ‪ 2012‬بتأشرية الصحافة هذه‬ ‫وتضيف مارين أوليفيزي‪" :‬يف ليبيا‪ ،‬كان الناس ينظرون إىل‬ ‫املرة‪ ،‬وتكررت الزيارة يف فرباير\شباط ويونيو\حزيران وأخريا يف‬ ‫يستقبلونني‬ ‫الصحفيني باعتبارهم حلفاء‪ .‬لكوين فرنسية‪ ،‬كانوا‬ ‫سبتمرب\أيلول ‪."2013‬‬ ‫بأذرع مفتوحة وهم يرددون "ساركوزي‪’ ...‬ساركوزي!!!‘ كان‬ ‫ذلك يجعل األمور بسيطة إىل حد ما‪ .‬أما يف سوريا‪ ،‬فبسبب غياب يؤكد جورج مالربونو أن التحيل بالصرب أمر رضوري يف مثل هذه‬ ‫التغيري وتقاعس املجتمع الدويل‪ ،‬يسود هناك نوع من سوء الفهم‪ ،‬الحاالت‪" :‬اضطررت لالنتظار سنة كاملة بني ‪ 2011‬و‪،2012‬‬ ‫ولكن أيضاً عدم الثقة أو البغض من قبل السكان تجاه الصحفيني‪ .‬قبل أن أمتكن من العودة‪ .‬حصلت وكالة فرانس بريس ويب يب‬

‫‪© Hervé Bar / AFP‬‬

‫‪ : 2.2‬الرغبة يف السيطرة‬

‫ ‪21‬‬

‫يس ويس إن إن بدورها عىل التأشرية‪ .‬من الصعب للغاية أن يمُ نح‬ ‫صحفي فرنيس تأشرية الدخول إىل سوريا‪ ،‬حيث تعتقد السلطات‬ ‫السورية أن الصحافة الفرنسية أدانت النظام منذ البداية‪ ،‬معتربة‬ ‫أن ’أيامه باتت معدودة‘ ويف املقابل قللت من أهمية تسلل‬ ‫اإلسالميني إىل صفوف الثوار‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬تريد من وسائل‬ ‫اإلعالم أن تقوم بتغطية شاملة ال تقترص فقط عىل مواكبة نشاط‬ ‫املتمردين"‪.‬‬ ‫بينام كانت السلطات السورية تتفاخر يف مارس\آذار ‪2012‬‬ ‫مبنحها تراخيص اعتامد ملا ال يقل عن ‪ 365‬من وسائل اإلعالم‬ ‫العربية واألجنبية منذ بدء االنتفاضة قبل عام واحد عىل ذلك‬ ‫التاريخ‪ ،‬فإنها رفضت‪ ،‬يف الواقع‪ ،‬السامح للعديد من الصحفيني‬ ‫بالدخول إىل سوريا رغم امتالكهم تأشرية الصحافة‪ .‬وقال رميي‬ ‫أوردان‪ ،‬نائب مدير تحرير لوموند‪ ،‬أن هذه الجريدة الفرنسية‬ ‫مل تحصل أبدا ً عىل التأشرية السورية‪ ،‬عىل الرغم من الطلبات‬ ‫العديدة واملتكررة‪ ،‬معتربا ً ذلك "خيارا ً بيد النظام"‪ .‬وأمام هذه‬ ‫املعوقات‪ ،‬اضطر بعض الصحفيني للدخول بطريقة غري رشعية‬ ‫عرب الحدود اللبنانية أو الرتكية‪ ،‬بينام متكن آخرون من الحصول‬ ‫عىل تأشريات أعامل أو تأشريات سياحية يف عام ‪ ،2011‬يف حني‬ ‫مل يجد البعض اآلخر أي عناء يف الدخول إىل سوريا ألنهم ال‬ ‫يحتاجون إىل تأشرية (اللبنانيون‪ ،‬الجزائريون‪ ،‬إلخ)‪.‬‬

‫عن التهديد باتخاذ إجراءات ضد مراسيل وسائل اإلعالم العربية‬ ‫واألجنبية الذين دخلوا سوريا بطريقة غري قانونية وضد جميع‬ ‫األشخاص الذين يعملون معهم كذلك‪ ،‬حيث اتهمتهم بالتواطؤ‬ ‫مع "اإلرهابيني" والدعاية ألنشطتهم "بتربير جرامئهم" و"فربكة‬ ‫معلومات ال أساس لها من الصحة"‪ .‬وقد أكد بشار األسد تلك‬ ‫املزاعم يف مقابلة مع صحيفة لوفيغارو يف سبتمرب\أيلول ‪،2013‬‬ ‫حيث سأله املبعوث الخاص عن "مصري العديد من الصحفيني‬ ‫الفرنسيني املحتجزين يف سوريا" وعام إذا كانت السلطات السورية‬ ‫تعرف شيئاً وهل هي التي تحتجزهم‪ .‬فأجاب بشار األسد بالقول‪:‬‬ ‫"إذا كانوا رهائن لدى اإلرهابيني‪ ،‬فإنه يجب توجيه هذا السؤال‬ ‫لإلرهابيني؟ إما إذا كانت الدولة قد أوقفت أي شخص دخل‬ ‫البالد بطريقة غري رشعية‪ ،‬فسيتم تقدميه للعدالة"‪.‬‬ ‫تختلف سياسة (عدم) منح التأشريات لوسائل اإلعالم األجنبية‬ ‫باختالف السياق الجيوسيايس‪ .‬فكلام كان النظام متخبطاً يف حالة‬ ‫من الضعف والشك كلام قلت وترية منح التأشريات أو اقترصت‬ ‫فقط عىل وسائل اإلعالم األجنبية "الصديقة"‪ .‬أما عندما تفقد‬ ‫قوى املعارضة نفوذها بسبب صعود الجامعات الجهادية‪ ،‬فإن‬ ‫موقف النظام يتعزز كام تبلغ معه درجة الغطرسة ذروتها‪ ،‬ليبدأ‬ ‫يف توزيع هذا الكنز النفيس بسخاء‪ .‬ففي سبتمرب\أيلول ‪،2013‬‬ ‫مثالً‪ ،‬بينام كانت فرنسا والواليات املتحدة تبحثان إمكانية توجيه‬ ‫رضبات عسكرية لسوريا‪ ،‬تم منح التأشرية للعديد من وسائل‬ ‫اإلعالم الغربية‪.‬‬ ‫‪ 2.2.2‬التعاون مع "املراكز اإلعالمية" التابعة للمعارضة‪ ،‬بني‬ ‫االرتجال والتوجس‬ ‫يروي عمر وامان‪ ،‬الصحفي العامل يف راديو فرنسا‪" :‬خالل صيف‬ ‫عام ‪ ،2012‬كنت أعمل وحيدا ً‪ .‬كنت أنام يف تركيا‪ ،‬ومن هناك‬ ‫كنت أستقل سيارة أجرة إىل بلدات مختلفة من منطقة حلب‪.‬‬ ‫هناك‪ ،‬كنا نعمل مع املراكز اإلعالمية‪ .‬كان الصحفيون يجتمعون‬ ‫يف مجموعة واحدة‪ .‬كانوا يصطحبوننا معهم إىل الجبهة‪ ،‬جنباً‬ ‫إىل جنب مع الجيش السوري الحر‪ .‬عىل األقل كان بإمكاننا أن‬ ‫نعمل"‪ .‬ومن جهته‪ ،‬أكد لوك ماتيو ذلك بالقول‪" :‬كان من السهل‬ ‫جدا ً الذهاب مع أفراد الجيش السوري الحر‪ ،‬فقد كانوا يسمحون‬ ‫لنا مبرافقتهم دامئاً‪ .‬كنا نتنقل مجاناً"‪ .‬ويضيف ماتيو أن "األخطار‬ ‫يف املناطق الشاملية كانت تأيت من النظام حينها‪ ،‬حيث كان هناك‬ ‫الكثري من الغارات‪ ،‬ناهيك عن القناصة والشبيحة"‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإن بعض الصحفيني ينتقدون كتائب الجيش السوري‬ ‫الحر التي تجعل اإلعالميني "عرضة للخطر" أمام هامش صغري‬ ‫للنجاة بحياتهم عندما يكونون عىل الجبهة‪ ،‬حيث يوضح عمر‬ ‫وامان أن "املرء‪ ،‬يف مثل هذه الحالة‪ ،‬ال يستطيع السيطرة عىل أي‬ ‫يشء‪ ،‬وال حتى النفاذ بجلده يف حال حدوث مشكل ما"‪ ،‬معتربا ً أن‬ ‫"الصحفيني يعملون حينها مثل البوق لتغطية الهجامت واملعارك‬ ‫التي يخوضها الجيش السوري الحر"‪.‬‬

‫يف بيان صدر يوم ‪ 9‬مارس\آذار ‪ ،2012‬بُعيد تفجري املركز‬ ‫وهناك فئة أخرى من الصحفيني الذين يشجبون محدودية الهامش‬ ‫اإلعالمي باب عمرو من قبل الجيش النظامي‪ ،‬والذي قُتل عىل‬ ‫إثره رميي أوشليك وماري كولفان‪ ،‬مل تتوا َن وزارة اإلعالم السورية املخصص لهم يف املراكز اإلعالمية أثناء تأدية عملهم‪ ،‬والسيام يف‬


‫ ‪23‬‬

‫‪© Louai Beshara / AFP‬‬

‫كام أضحى عمل الصحفيني األجانب مثار انتقادات وشكوك يف‬ ‫اعزاز وحلب‪ .‬ويرى البعض أن هذه املراكز ليست سوى وسيلة‬ ‫يستعملها النشطاء لكسب املال عىل حساب الصحفيني األجانب‪ ،‬أوساط املقاتلني واألهايل عىل حد سواء‪ .‬ذلك أن املقاتلني يحملون‬ ‫حيث يفرضون عليهم اللجوء إىل خدمات املراكز إليجاد مرافقني اإلعالميني املسؤولية وراء قصف األماكن التي تظهر يف صور‬ ‫الجرائد أو شاشات التلفزيون بعد صدور مقاالت أو بث تقارير‬ ‫ومرتجمني وسائقني‪ ،‬مع أن الكثري من الصحفيني لديهم شبكة‬ ‫حولها‪ .‬وبالنسبة للسوريني‪ ،‬الذين يرزحون تحت وطأة نظرية‬ ‫اتصاالت خاصة بهم‪ .‬ويف حديث ملنظمة مراسلون بال حدود يف‬ ‫أبريل\نيسان ‪ ،2013‬قال رئيس أحد املراكز اإلعالمية يف حلب املؤامرة منذ بداية ديكتاتورية األسد‪ ،‬فإن هؤالء الصحفيني‬ ‫األجانب ليسوا سوى جواسيس مام يجعلهم موضع اشتباه دائم‪،‬‬ ‫إن هذه املراكز توفر مصادر معلومات هامة بالنسبة للصحفيني‬ ‫وهو ما يفرس بدوره تردد البعض يف اصطحابهم إىل الخطوط‬ ‫األجانب‪ ،‬موضحاً أن التدابري املتخذة إمنا ترمي إىل حامية‬ ‫الصحفيني وضامن سالمتهم‪ .‬أما البعض اآلخر فإنهم يتوجسون من األمامية‪ .‬ويف هذا الصدد‪ ،‬يوضح عمر وامان أن "األشخاص الذين‬ ‫الروابط املوجودة بني هذه املراكز وقوات الجيش السوري الحر‪ ،‬تلتقيهم يحثونك عىل إيقاف هاتفك الخليوي وإزالة البطارية‬ ‫وعدم أخذ صور"‪ ،‬مشريا ً يف الوقت ذاته إىل أن "الوضع مل يكن‬ ‫فضالً عن قربها الجغرايف من قواعد املتمردين‪.‬‬ ‫هكذا يف يوليو\متوز ‪."2012‬‬ ‫ويرى لوك ماتيو أن "العمل مع املراكز اإلعالمية أصبح أكرث‬ ‫تعقيدا ً من أي وقت مىض‪ ،‬والسيام بعدما بدأ يعم التشويش فيام ومن جانبه‪ ،‬اضطر مراسل فرانس ‪ 24‬يف سوريا‪ ،‬شادي شالال‪ ،‬إىل‬ ‫مغادرة األرايض السورية يف ‪ 29‬يوليو\متوز ‪ ،2012‬بعد مرور‬ ‫بينها عقب اغتيال عبد الله ياسني يوم ‪ 2‬مارس\آذار ‪،"2013‬‬ ‫يف إشارة إىل الجندي املنشق الذي صار صحفياً‪-‬مواطناً يف حلب‪ 48 ،‬ساعة فقط عىل عبوره حدود البالد‪ ،‬بسبب تلقيه تهديدات‬ ‫خطرية نُقلت عىل شبكات التواصل االجتامعي وتدعو إىل منعه‬ ‫حيث كان يعمل مرافقاً ومرتجامً للصحفيني األجانب‪ ،‬علامً أن‬ ‫عن العمل مع التمردين باعتباره عميلاً شيعياً موالياً للنظام‬ ‫الشائعات بشأن الجهة املسؤولة عن اغتياله خلقت حالة من‬ ‫السوري‪ .‬وتقول الصحفية األسرتالية‪-‬اللبنانية املستقلة‪ ،‬رانيا أبو‬ ‫التوتر واالرتياب بني "املراكز اإلعالمية" يف املدينة‪.‬‬ ‫زيد‪ ،‬إنها مل تكذب أبدا ً بشأن هويتها‪ ،‬مؤكدة أن هذا مل مينعها من‬ ‫بعد ذلك‪ ،‬أخذ الوضع يتدهور تدريجياً‪ ،‬حيث أصبحت جامعات إنجاز العديد من التقارير يف سوريا باملناطق التي يسيطر عليها‬ ‫املعارضة املسلحة أكرث تطرفاً بينام تزامن ذلك مع ظهور جامعات املتمردون‪ ،‬حيث جاء يف ترصيح لها يف شهر يوليو\متوز املايض‪:‬‬ ‫جهادية عىل الواجهة‪ ،‬والسيام جبهة النرصة‪.‬‬ ‫"بسبب لهجتي اللبنانية‪ ،‬يحسبني بعض املتمردين جاسوسة‬ ‫لحساب حزب الله‪ .‬مل تنل بعض مقااليت إعجابهم‪ ،‬وخصوصاً عندما‬ ‫تطرقت فيها لعمليات النهب التي تقرتفها الجامعات املسلحة"‪.‬‬

‫كثري هم املقاتلون واملدنيون الذين ينتقدون عمل هؤالء‬ ‫الصحفيني يف تغطية ثورتهم ومواكبة ظهور الجامعات الجهادية‬ ‫يف املناطق "املحررة" بينام مييلون هم إىل التقليل من ذلك أو‬ ‫إنكاره جملة وتفصيالً‪ .‬بل إن هناك صحفيني تلقوا تهديدات من‬ ‫بعض النشطاء‪ ،‬بينام تقول شائعة بوجود "قامئة سوداء" بأسامء‬ ‫صحفيني أجانب يُحظر دخولهم إىل تلك األرايض‪.‬‬

‫‪" : 3.2‬األهم هو أال تختفي سوريا‬ ‫من الخريطة"‬

‫ويف نظر مارين أوليفيزي‪" ،‬ال يُقدَّر عملنا حق تقديره وال ينال‬ ‫املكانة التي يستحقها يف الوقت الراهن‪ ،‬وذلك عىل الرغم من‬ ‫املخاطر واملجازفات الجسيمة التي نتحملها‪ .‬هل يستحق األمر‬ ‫املخاطرة بحياتنا إذا كان عملنا مل يُنرش؟ هذا أحد األسباب التي‬ ‫جعلتني أقرر الذهاب يف شهر مايو\أيار إىل دير الزور‪ ،‬حيث مل‬ ‫يسبق أن زارها سوى عدد قليل جدا ً من الصحفيني‪ ،‬مام يعني أن‬ ‫هذه املدينة ‪ -‬بخالف حلب ‪ -‬مل تكن موضع حديث إال نادرا ً‪،‬‬ ‫رغم أنها تنطوي عىل ميزات مثرية لالهتامم‪ ،‬والسيام يف ظل‬ ‫توافر النفط يف هذه املنطقة‪ .‬كنت أعرف أن الذهاب إىل هناك‬ ‫سيمكنني من نرش بعض املواضيع"‪.‬‬

‫اختارت هذه الصحفية الشابة أن تحط الرحال يف أنطاكية "للبقاء‬ ‫عىل اتصال مع سوريا والالجئني والفاعلني يف جهود املساعدة‬ ‫بحسب مارين أوليفيزي‪" ،‬يف سوريا‪ ،‬كام يف أماكن أخرى‪،‬‬ ‫اإلنسانية"‪ ،‬حيث تُواصل يف هذا الصدد‪" :‬يف عملنا هذا‪ ،‬تعودنا‬ ‫نقوم بعملنا ليك تدفع مقاالتنا الناس إىل التفكري والعمل‪ .‬لكن‬ ‫عىل عدم االستقرار بعض اليشء‪ ،‬كام أصبحت صعوبة التكهن‬ ‫مئات املقاالت كُتبت والناس ال يرون فعالً مدى تأثري عملنا"‪.‬‬ ‫ويشاطرها لوك ماتيو االنطباع نفسه‪ ،‬حيث أوضح قائالً‪" :‬مل يكن باألشياء أمرا ً مألوفاً لدينا‪ .‬ولكن الفرق هنا هو أننا ال نعرف‬ ‫ما إذا كنا نستطيع العودة إىل ديارنا ساملني"‪ .‬وبينام قررت هي‬ ‫عميل الصحفي مفيدا ً يف يشء‪ .‬لقد كُتب كل يشء‪ ،‬مع التوثيق‬ ‫والتصوير‪ ...‬لكن ذلك كان عديم الفائدة‪ .‬رمبا كان مفيدا ً يف بعض أن تظل بالقرب من الحدود الرتكية‪-‬السورية‪ ،‬فضل جل زمالئها‬ ‫وزميالتها اإلقامة يف إسطنبول‪ ،‬حيث أوضحت يف هذا الشأن‪:‬‬ ‫األحيان‪ ،‬ولكنه جوهرياً مل يُفد يف يشء‪ .‬إنه أمر محبط للغاية‬ ‫ويصعب استيعابه‪ .‬ولكني مل أصل أبدا ً إىل درجة القول ’تُرى‪ ،‬ماذا "خالل فصل الشتاء املايض كنا عرشة هنا يف أنطاكية‪ .‬أما اليوم مل‬ ‫أتبق إال أنا هنا‪ .‬أعتقد أنه يجب البقاء عىل امليدان لتوثيق هذا‬ ‫أنا فاعل هنا‘‪ .‬عندما تذهب إىل هناك فإنك تعرف سبب ذلك‬ ‫حق املعرفة"‪ .‬أما آنخيل ساسرتي‪ ،‬فريى أن "األهم هو أال تختفي الرصاع"‪.‬‬ ‫سوريا من الخريطة"‪.‬‬ ‫أما لوك ماتيو‪ ،‬فال يزال حائرا ً أمام استحالة إيجاد السبيل األمثل‬ ‫لتغطية النزاع‪" :‬لقد أصبح العمل من تركيا ينطوي عىل مخاطر‬ ‫ويف املقابل‪ ،‬يرشح فابريس روسيلو‪ ،‬مدير تحرير ليبرياسيون‪ ،‬أن‬ ‫كبرية جدا ً‪ .‬العمل من لبنان؟ قطعاً ال‪ .‬العمل من األردن؟ األمر‬ ‫الصحيفة قررت عدم إرسال صحفيني إىل سوريا‪ ،‬بشكل مؤقت‬ ‫صعب للغاية بسبب موقف السلطات األردنية‪ .‬العمل من‬ ‫فقط وألسباب تتعلق باألمن والسالمة‪،‬‬ ‫العراق؟ املشكلة أن الحكومة العراقية تدعم بشار‪ ،‬و’داعش‘ ‪-‬‬ ‫موضحاً أن اإلدارة ترفض املشاركة يف‬ ‫كام يظهر من اسمها – موجودة يف كال الجانبني من الحدود‪ .‬فام‬ ‫الرحالت الجامعية التي تنظمها سلطات‬ ‫دمشق للصحفيني‪ ،‬معللة قرارها هذا بأن العمل إذن لتغطية األحداث يف سوريا؟ ال أعرف‪ ...‬ال أملك حالً‬ ‫النظام السوري ال يرتك سوى هامشاً ضئيالً لهذه املشكلة‪ .‬يجب االنتظار"‪.‬‬ ‫للصحفيني‪ .‬كام يذكِّر بأن إمكانية الوقوع‬ ‫يف فخ االختطاف عالية جدا ً موضحاً أن هذا بينام ال يحصل الصحفيون األجانب عىل التأشرية السورية إال يف‬ ‫سبب إضايف يدفع الصحيفة إىل عدم تحمل حاالت نادرة جدا ً‪ ،‬مام يضطرهم للدخول بطريقة غري رشعية‪،‬‬ ‫مسؤولية إرسال صحفييها إىل سوريا‪ .‬ومن وفيام ت ُطرح عالمات استفهام بشكل متزايد يوماً بعد يوم حول‬ ‫اإلمكانيات املناسبة لتغطية النزاع‪ ،‬فإن مصري الصحفيني السوريني‬ ‫جهته‪ ،‬يقول رميي أوردان‪ ،‬نائب مدير‬ ‫املستقلني يكون إما االعتقال أو اإلجالء عن البالد‪ .‬وهكذا‪ ،‬تصبح‬ ‫تحرير لوموند "إن إدارة الصحيفة تتخذ‬ ‫كل االحتياطات لتجنب عمليات الخطف‪ ،‬وسائل اإلعالم الحكومية السورية مبثابة الذراع غري املسلح لنظام‬ ‫األسد‪ .‬ويف ظل غياب إعالميني محرتفني ومستقلني لتوثيق هذه‬ ‫لكنها ال متنع صحفييها من الذهاب إىل‬ ‫االنتفاضة السلمية والقمع العنيف الذي توا َجه به‪ ،‬فإن املواطنني‬ ‫امليدان"‪.‬‬ ‫السوريني ينظمون صفوفهم ويتحولون من تلقاء أنفسهم إىل فئة‬ ‫جديدة من الفاعلني اإلعالميني‪.‬‬


‫‪3‬‬ ‫ ‪25‬‬

‫اإلعالم السوري‪ ،‬بني صحافة‬ ‫النظام الرسمية واملنابر الجديدة‬ ‫الساعية إىل االستقاللية‬ ‫‪ :1.3‬الصحافة الرسمية‪ :‬بني التضليل‬ ‫والدعاية‬ ‫خالل عهد حافظ األسد‪ ،‬كانت ترشين والبعث والثورة هي‬ ‫الصحف الوحيدة املسموح لها بالنرش‪ ،‬باعتبارها جرائد يومية‬ ‫حكومية‪ ،‬إىل جانب منشورات حزب البعث‪ .‬حينها كان املشهد‬ ‫اإلعالمي األحادي يتألف فقط من محطات اإلذاعة والتلفزيون‬ ‫التابعة للدولة‪.‬‬ ‫صحيح أن بشار األسد رفع الحظر املفروض عىل إنشاء وسائل‬ ‫اإلعالم الخاصة يف عام ‪ ،2001‬ولكن ال تزال هناك العديد من‬ ‫القيود‪ .‬ذلك أن الجهات املقربة من حزب البعث هي الوحيدة‬ ‫التي تحصل عىل الرتخيص إلصدار صحيفة أو مجلة‪ .‬ويف هذا‬ ‫الصدد‪ ،‬تقول لينا شواف‪ ،‬مديرة الربامج السابقة يف إذاعة‬ ‫أرابيسك الخاصة‪ ،‬إنها مل تتمكن أبدا ً من العمل موظفة يف إحدى‬ ‫املؤسسات اإلعالمية العامة‪ .‬والسبب؟ "مل تكن لدي العالقات‬ ‫التي يستوجبها ذلك‪ ،‬وألين من حامة"‪ .‬كام ال يتواىن النظام عن‬ ‫التصدي بقبضة من حديد ألي "انحراف" ويقف باملرصاد لكل من‬ ‫يحاول كسب هامش كبري من الحرية‪ .‬وعىل هذا األساس‪ ،‬أغلقت‬ ‫السلطات جريدة الدومري الساخرة التي كانت تحظى بشعبية‬ ‫كبرية تحت إدارة عيل فرزات‪ ،‬حيث كانت أول صحيفة خاصة‬ ‫تُباع منها أكرث من ‪ 75‬ألف نسخة‪ ،‬يف حني كانت املنشورات‬ ‫األخرى بالكاد تصل إىل ستة آالف‪ .‬وقعت الدومري ضحية‬ ‫لنجاحها وشعبيتها‪ ،‬إذ واجهت مختلف مظاهر التحرش وشتى‬ ‫أشكال الصعوبات الفنية واإلدارية والبريوقراطية عىل مستوى‬

‫الطباعة والنرش والتوزيع‪ ،‬قبل أن ت ُحظر أخريا ً يف عام ‪ 2003‬إثر‬ ‫نرش صورة كاريكاتورية حول التدخل األمرييك يف العراق‪ ،‬حيث‬ ‫اتهم النظام عيل فرزات بدعم الواليات املتحدة‪ ،‬بينام كانت‬ ‫دمشق تقف يف صف صدام حسني‪.‬‬ ‫تحرص وزارة اإلعالم السورية عىل ضامن تطابق الخط التحريري‬ ‫للمنشورات الصادرة مع املسار الذي ميليه الحزب الحاكم‪ ،‬حيث‬ ‫تُعترب وسائل اإلعالم أداة للدعاية والسيطرة عىل الشارع يف آن‬ ‫واحد‪ ،‬مام يفرس قلة الصحفيني املستقلني يف سوريا إىل حد كبري‪،‬‬ ‫بل وحتى مفهوم االستقاللية ال محل له من اإلعراب يف النموذج‬ ‫البعثي‪.‬‬ ‫عند اندالع االنتفاضة الشعبية يف مارس\آذار ‪ ،2011‬أصبحت‬ ‫وسائل اإلعالم الدعائية والتضليلية هذه مبثابة الذراع غري املسلح‬ ‫لنظام بشار األسد‪ .‬وعىل غرار لينا شواف‪ ،‬التي غادرت سوريا يف‬ ‫أغسطس\آب ‪ ،2011‬فإن أغلب "الصحفيني املحرتفني املعارضني‬ ‫للنظام فروا من البالد"‪ ،‬فيام قُتل اآلخرون أو زُج بهم يف السجون‪،‬‬ ‫كام كان حال منصور العمري‪ ،‬الذي أمىض أكرث من سنة تحت‬ ‫قبضة النظام بني فرباير\شباط ‪ 2012‬وفرباير\شباط ‪.2013‬‬ ‫إذا كانت محطات اإلذاعة والتلفزيون التابعة للنظام ال تزال قادرة‬ ‫عىل تغطية كل األرايض السورية من الناحية التقنية‪ ،‬فإن الصحف‬ ‫الحكومية‪ ،‬والتي تقلص عددها إىل مثانٍ عىل حد قول منصور‬ ‫العمري‪ ،‬مل يعد من املمكن توزيعها إال يف املناطق التي يسيطر‬ ‫عليها الجيش النظامي‪ ،‬حيث تلعب وسائل اإلعالم الرسمية دور‬ ‫الدعاية‪.‬‬

‫‪" 2.3‬كانت مهمتنا تتمثل يف القتل‬ ‫بالكلمة"‬ ‫كان فؤاد عبد العزيز يعمل مراسالً لوكالة األنباء الرسمية(سانا)‬ ‫قبل أن يفر من البالد‪ ،‬رافضاً أن يكون بوقاً ألكاذيب النظام‬ ‫يف أعقاب انتفاضة درعا‪ ،‬أول مدينة سورية متمردة‪ ،‬والتي‬ ‫غزاها الجيش يف أبريل\نيسان ‪ .2011‬فقد كانت مقاالته‬ ‫تخضع للتحريف والتحوير حتى تتامىش مع اسرتاتيجية التضليل‬ ‫املتبعة عىل صعيد الوكالة‪ .‬ويستحرض تلك التجربة قائالً‪" :‬قمت‬ ‫بتغطية أحداث درعا‪ .‬كانت صدمتي كبرية عندما رأيت مقااليت‬ ‫محرفة متاماً‪ .‬كانت درجة التدليس مهولة‪ .‬فإذا ذكرت أن‬ ‫عدد املتظاهرين يناهز ‪ ،50.000‬تقلص العدد فجأة إىل بعض‬ ‫عرشات‪ .‬وحيثام تحدثت عن شعارات مناهضة للنظام ومطالبة‬ ‫باستقالة بشار وإنهاء الفساد املسترشي يف البالد‪ ،‬وجدت أن املقال‬ ‫يتحدث عن دعوة إىل اإلصالح ودعم بشار األسد‪ ،‬مع إنكار وفاة‬ ‫متظاهرين مدنيني"‪.‬‬ ‫من جهتها‪ ،‬تتذكر لينا شواف بعض الحاالت التي يدخل فيها‬ ‫عنارص املخابرات غرف األخبار التابعة لوسائل اإلعالم الحكومية‪،‬‬ ‫حيث "كان الصحفيون يكتفون بالجلوس فقط واإلصغاء إليهم‪،‬‬ ‫وسط خوف رهيب عىل عائالتهم"‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬يرشح املذيع الشهري أحمد فاخوري كيف أن القناة‬ ‫الحكومية رسعان ما تحولت إىل أداة للدعاية الرئيسية يف يد‬ ‫النظام‪ ،‬حيث بات الصحفيون يرزحون تحت ضغط كبري لالكتفاء‬ ‫بتالوة تقارير أجهزة األمن واالستخبارات من جهة‪ ،‬وبرقيات‬ ‫وكالة األنباء الرسمية (سانا)‪.‬‬

‫كام يُ َذكِّر أحمد فاخوري بأنه أُجرب عىل تالوة أخبار مزيَّفة حول‬ ‫قتل بعض املحتجني من قبل مجموعات إرهابية خالل واحدة‬ ‫من أهم املظاهرات يف دوما (دمشق) يف يوليو\متوز ‪.2011‬‬ ‫وبعدما وقع يف هذا الفخ‪ ،‬التقى رئيس لجنة التحقيق والتفتيش‬ ‫القضايئ الذي أرص عىل عدم اإلشارة إىل مسؤولية األجهزة األمنية‬ ‫يف الحادث‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬حل كامل جامل بيك ضيفاً عىل قناة فرانس ‪،24‬‬ ‫حيث أفصح املدير السابق للربامج يف الراديو السوري الرسمي أن‬ ‫"هذه اإلذاعة مل تعد إذاعة حقيقية‪ .‬كانت وكالة األنباء الرسمية‬ ‫التابعة للنظام‪ ،‬سانا‪ ،‬هي املصدر الوحيد الذي كان يُسمح لنا‬ ‫باستخدامه‪ .‬كان لدينا الكثري من الصحفيني عىل امليدان‪ ،‬ولكنهم‬ ‫كانوا يوفدون فقط للعمل إىل جانب الجيش النظامي‪ .‬كانوا هم‬ ‫أيضاً يرزحون تحت الضغط‪ .‬إذن‪ ،‬كانت التغطية منحرصة يف‬ ‫جانب واحد‪ ،‬أما نحن فكنا نضطر إىل تنقيح املعلومات وتحويرها‪.‬‬ ‫وباإلضافة إىل ذلك‪ ،‬فإن مجرد مشاهدة قناة أجنبية مثل فرانس‬ ‫‪ 24‬أو البي يب يس أو الجزيرة كان كافياً ليك نوضع موضع شك‬ ‫(‪ )...‬من الواضح أننا أمام نظام يعيش حالة حرب ضد شعبه‪،‬‬ ‫وبالتحديد من خالل وسائل اإلعالم الرسمية"‪.‬‬ ‫وتقول لينا شواف يف هذا الصدد‪" :‬عىل مدى سنوات عديدة‪ ،‬كنا‬ ‫ممنوعني من التحدث يف السياسة عىل الهواء‪ ،‬إذ كان علينا االكتفاء‬ ‫بإعداد برامج يعرب فيها املستمعون عن مدى تأييدهم للنظام‪.‬‬ ‫عندما طلبوا مني أن أحول برنامجي األسبوعي "زيروبيسك"‪،‬‬ ‫الذي كان يتطرق للمشاكل االجتامعية‪ ،‬إىل برنامج سيايس‪،‬‬ ‫استقلت من وظيفتي"‪.‬‬ ‫وبدورها‪ ،‬تروي بدور عبد الكريم‪ ،‬املديرة السابقة لقسم الثقافة‬ ‫يف إذاعة دمشق‪" :‬يف إحدى الحلقات‪ ،‬اتصلت زميلتي ملا الخرضا‬ ‫برقم تبني أنه ألحد املعارضني الذي توسل إليها الحرتام رأيه‬ ‫وعدم تزوير الحقيقة بشأن جرائم القتل التي تتحمل أجهزة‬ ‫االستخبارات مسؤوليها"‪ .‬وعىل إثر ذلك‪ُ ،‬منع بث تلك املقابلة‪،‬‬ ‫التي اختفت من املحفوظات‪ ،‬بينام كان التوبيخ مصري مقدمة‬ ‫الربنامج‪.‬‬

‫كام يستحرض فاخوري تقنيات التضليل املستخدمة من قبل‬ ‫السلطات النتقاء املعلومات‪ ،‬مشريا ً إىل مظاهرات حامة التي‬ ‫راح ضحيتها ‪ 106‬أشخاص يف ‪ 3‬يونيو\حزيران ‪ ،2011‬عىل‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬حيث أوضح مقدم نرشة األخبار يف القناة الحكومية‬ ‫"إن التلفزيون الرسمي بث صورا ً من األحداث إذ تم تصويرها‬ ‫من مسافة قريبة جدا ً من املتظاهرين بشكل يوحي بفشل‬ ‫تلك التجمعات من جهة‪ ،‬ويُعطي انطباعاً خاطئاً متاماً عن عدد‬ ‫وتلخص بدور عبد الكريم عملها يف الراديو يف جملة واحدة‪:‬‬ ‫املشاركني فيها (‪ )...‬كام أن التعليامت كانت واضحة جدا ً‪ :‬وصف "كانت مهمتنا هي القتل بالكلمة"‪ .‬وبعد رفضها العمل يف‬ ‫املحتجني باإلرهابيني‪ ،‬والقول إن القناصة يعملون لجهات أجنبية"‪ .‬هذه الظروف‪ ،‬غادرت سوريا مع ملا الخرضا وجامل كامل بيك‬ ‫يف ديسمرب\كانون األول ‪ .2012‬ويف مقابلة مع فرانس ‪،24‬‬ ‫وتؤكد المى الخرضا هذا الطرح بشدة‪ ،‬حيث توضح املسؤولة‬ ‫ذهبت ملا الخرضا إىل حد القول‪ " :‬منذ بداية االنتفاضة‪ ،‬يف جميع‬ ‫عن الربامج السياسية والثقافية يف إذاعة دمشق أن التوجيهات‬ ‫نرشات األخبار املذاعة عىل محطتنا‪ ،‬كنا نشعر وكأننا نقتل الشعب‬ ‫كانت صارمة "بحيث كان علينا التشهري باملعارضني‪ ،‬وعىل سبيل السوري بكلامتنا"‪.‬‬ ‫املثال كان علينا أن نقول ’جامعات مسلحة‘ بدالً من ’متظاهرين‘‬ ‫و’مؤامرة‘ بدالً من ’احتجاج‘"‪.‬‬


‫‪ :3.3‬صحفيون تحت رقابة مشددة‬

‫يف وكالة سانا‪ُ ،‬وضعت تدابري استثنائية ملراقبة الصحفيني‪ .‬فقد‬ ‫متكن فؤاد عبد العزيز من مغادرة البالد يف مارس\آذار ‪2012‬‬ ‫بعد اعتقاله يف أعقاب تقرير أعدته "خلية األزمة"‪ ،‬التي تتألف‬ ‫من الصحفيني املقربني إىل البالط وأجهزة االستخبارات‪ ،‬حيث‬ ‫تضطلع برصد الصحفيني وإعداد قامئة بأسامء العاملني يف الحقل‬ ‫اإلعالمي الذين قد يشكلون تهديدا ً للنظام أو يخططون للفرار‬ ‫من البالد‪.‬‬

‫ ‪27‬‬

‫من جهته‪ ،‬اعتُقل أحمد فاخوري يف يونيو\حزيران ‪ ،2012‬ومل‬ ‫يُطلق رساحه إال بتدخل وزير اإلعالم يف أكتوبر\ترشين األول‬ ‫‪.2012‬‬ ‫ويستحرض كامل جامل بيك أجواء العمل بعد اندالع الثورة‪:‬‬ ‫"تعرض البعض منا لضغوط شديدة‪ ،‬إما من اإلدارة أو من‬ ‫أجهزة األمن النظامي‪ ،‬حيث كانوا يعتربوننا مقربني من‬ ‫املعارضة‪ .‬لقد تعرضت شخصياً لالستجواب ثالث مرات‪ ،‬كانت‬ ‫إحداها من قبل أجهزة املخابرات‪ .‬كان أول سؤال ألقاه عيل‬ ‫الضابط املرشف عىل استنطاقي هو‪’ :‬لدينا معلومات تفيد بأنك‬ ‫تقف مع الشعب ضد النظام‪ ،‬هل هذا صحيح؟" (‪ )...‬كان‬ ‫كل طابق من مقر اإلذاعة والتلفزيون يحرسه رجال مسلحون‪،‬‬ ‫بينام يتمركز القناصة عىل السطح‪ ،‬يف حني كانت كل حركة من‬ ‫حركاتنا تحت املراقبة‪ .‬وبالتايل فإن هذه الضغوط املستمرة‬ ‫وهذه الرقابة املتواصلة كان يرتتب عنها نوع من الرقابة‬ ‫الذاتية"‪.‬‬

‫بدور النشطاء اإلعالميني‪ .‬رسعان ما تتشكل شبكات وتنسيقيات‬ ‫ومراكز إعالم‪ ،‬وغريها من الهيئات‪ .‬ويف بعض الحاالت‪ ،‬يتم تقسيم‬ ‫املهام‪ ،‬ألسباب تتعلق بالسالمة والفعالية‪ ،‬فيضطلع البعض بتصوير‬ ‫املسريات‪ ،‬ويتوىل البعض اآلخر إرسال مقاطع الفيديو ليتم تحميلها‬ ‫وإرسالها إىل القنوات اإلخبارية يف جميع أنحاء العامل‪ .‬وهكذا‪،‬‬ ‫أصبح الرصاع السوري برسعة الرصا َع األكرث توثيقاً وتصويرا ً‪ ،‬حيث‬ ‫بات كل من الفيسبوك ويوتيوب املوقعني الرئيسيني حيث تودع‬ ‫وتتناقل تلك املعلومات‪.‬‬

‫يف املؤمتر الصحفي الذي عقدوه يوم ‪ 13‬ديسمرب\كانون األول‬ ‫‪ 2012‬يف باريس‪ ،‬حيث أعلنوا انشقاقهم‪ ،‬أوضح الصحفيون‬ ‫الثالثة أن نرش أخبار كاذبة منذ بداية االنتفاضة كان يُعترب مصدر‬ ‫أمل حقيقي بالنسبة لهم‪ ،‬مؤكدين أن تقديم االستقالة يف تلك‬ ‫الظروف كان أمرا ً بالغ الصعوبة‪ ،‬كام ترشح ملا الخرضا‪" :‬كانت‬ ‫الضغوط شديدة للغاية‪ .‬كانو يستدعوننا ويهددوننا باستمرار‪...‬‬ ‫نحن وعائلتنا‪ .‬كانوا يقولون ’إذا كنتم ال تخافون عىل أنفسكم‪،‬‬ ‫يجب أن تخافوا عىل أرسكم‪ ،‬آبائكم‪ ،‬أمهاتكم‪ ،‬أطفالكم‪ ،‬إخوانكم‬ ‫وأخواتكم‘‪ .‬كانت تلك تهديدات واضحة بالقتل"‪.‬‬

‫متلك كل مدينة "مكتباً إعالمياً" واحدا ً عىل األقل‪ .‬ويف فرتة من‬ ‫الفرتات‪ ،‬كانت تنترش عرشات املراكز اإلعالمية يف مدينة حلب‬ ‫وحدها‪ .‬ويف هذا الصدد‪ ،‬كانت االبتسامة بادية عىل محيا الصحفي‬ ‫جميل سالو‪ ،‬مؤسس الوكالة السورية الحرة لألنباء‪ ،‬عندما كشف‬ ‫يف سبتمرب\أيلول ‪ 2013‬أن مدينة الرقة يوجد فيها ما ال يقل عن‬ ‫‪ 39‬من املكاتب اإلعالمية املدنية‪.‬‬

‫‪ :4.3‬جيل جديد من الصحفيني‬ ‫ووسائل اإلعالم‬

‫‪ :1.4.3‬الدور األسايس الذي يلعبه الصحفيون‪-‬املواطنون‬ ‫أمام النقص الواضح يف استقاللية وسائل اإلعالم السورية‬ ‫الرسمية‪ ،‬ويف ظل غياب الصحفيني لتغطية االحتجاجات ومظاهر‬ ‫قمعها‪ ،‬ونظرا ً لصعوبة دخول الصحافة األجنبية إىل البالد‪ ،‬أصبح‬ ‫املواطنون السوريون صحفيني‪-‬مواطنني يقومون بتوثيق االنتفاضة‬ ‫وأشكال القمع التي ت ُوا َجه بها‪.‬‬

‫بيد أن لينا شواف تثري االنتباه إىل أن هؤالء الصحفيني‪-‬املواطنني‬ ‫معظمهم من الرجال الذين ترتاوح أعامرهم بني ‪ 18‬و‪ 30‬عاماً‪،‬‬ ‫موضحة يف الوقت ذاته أن "هناك بعض النساء بالطبع‪ ،‬ولكن‬ ‫أعدادهن متيل إىل االنخفاض بشكل ملحوظ"‪ .‬كام أن جل هؤالء‬ ‫الفاعلني اإلعالميني الجدد مل يسبق لهم أن درسوا الصحافة‪.‬‬ ‫فالبعض منهم كان ميارس مهناً خاصة‪ ،‬وهناك من حاز عىل‬ ‫شهادات جامعية‪ ،‬بينام يُعترب مستوى البعض اآلخر أقل من ذلك‪.‬‬ ‫وهناك منهم من ميلك املال‪ ،‬وهناك من ال ميلك شيئاً‪ .‬فاألمر ال‬ ‫يتعلق "بالوسط االجتامعي أو الثقايف"‪ ،‬عىل حد قول شواف‪.‬‬

‫يُغطي هؤالء الصحفيون‪-‬املواطنون املسريات والتجمعات‬ ‫واملظاهرات السلمية األخرى‪ ،‬مسلحني يف ذلك بالهواتف املحمولة‬ ‫والكامريات‪ ،‬حيث ينظمون صفوفهم أمام موجة القمع العارمة‬ ‫وغياب بنية إعالمية قامئة ملواجهة دعاية النظام‪ ،‬فيضطلعون‬ ‫‪© Antonio Pampliega / AFP‬‬

‫كام أن صورة املواطنني‪-‬الصحفيني‪ ،‬أولئك الذين يسعون إىل نقل‬ ‫األخبار‪ ،‬قد تبدو قامتة يف بعض األحيان بسبب انخراط املقاتلني‬ ‫ومنابرهم الدعائية يف الحرب اإلعالمية وكذلك بسبب ظهور‬ ‫ما يسمى "النشطاء اإلعالميني املنضوين تحت لواء الجامعات‬ ‫العسكرية"‪ .‬ويرشح جان فيليب رميي كيف أن هذا الصنف من‬ ‫الصحفيني يتخذ أشكاالً مختلفة ومتنوعة متاماً‪ .‬فهناك الفرد الذي‬ ‫تدفعه قناعاته لالنضامم إىل مجموعة مسلحة من أجل املشاركة‬ ‫يف القتال‪ .‬وباإلضافة إىل ذلك (أو يف الوقت نفسه)‪ ،‬يقوم هذا‬ ‫املقاتل بعملية التواصل‪ :‬فهو يصور وقائع الحرب من زاوية‬ ‫الجامعة التي ينتمي إليها ثم ينرش مقاطع الفيديو عىل اإلنرتنت‬ ‫للدعاية لجامعته‪ .‬وهكذا‪ ،‬فإن كل مجموعة مسلحة لديها "فريق‬ ‫إعالمي" يتألف من شخص واحد عىل األقل يتوىل التقاط الصور‬ ‫الفوتوغرافية وتصوير مقاطع الفيديو بالكامريا‪ ،‬ومن ثم إدارة‬ ‫صفحة الفيسبوك‪ .‬والهدف من ذلك ال يتجىل فقط يف توثيق‬ ‫الرصاع‪ ،‬ولكن أيضاً يف جذب سبل التمويل من املانحني املحتملني‪،‬‬ ‫والسيام من دول الخليج‪.‬‬

‫حيث أصبحت الدقة يف اإلشارة إىل مكان الصور وتاريخ التقاطها‬ ‫وساعتها من األمور املسلَّم بها"‪ .‬بيد أن هذا الطابع االحرتايف‬ ‫يُعد أيضاً مثرة من مثرات الدورات التدريبية التي تجريها مختلف‬ ‫املنظامت غري الحكومية‪ .‬وتتحدث هذه اإلعالمية أيضاً عن وجود‬ ‫"جيش من الصحفيني" يف الوقت الحايل‪ ،‬وهم ليسوا بالرضورة‬ ‫مجرد هواة‪ ،‬مربزة أن "النشاط اإلعالمي أصبح مصدر دخل للكثري‬ ‫من الشباب‪ ،‬ووسيلة لكسب لقمة العيش‪ ،‬حيث إن العديد منهم‬ ‫يعملون لوسائل اإلعالم الدولية‪ ،‬ولكن هناك أيضاً من يعمل‬ ‫لوسائل اإلعالم املحلية"‪.‬‬ ‫ويف هذا السياق‪ ،‬شهد الحقل اإلعالمي إنشاء هيئات جديدة‬ ‫مثل نقابة الصحفيني السورية وتجمع الصحفيني األحرار واتحاد‬ ‫الصحفيني الكرد السوريني ونقابة الصحفيني يف كردستان سورية‪.‬‬ ‫‪ :2.4.3‬وسائل اإلعالم الجديدة‪ :‬سديم ناشئ‬ ‫يف نظر لينا شواف‪ ،‬مديرة برنامج راديو روزانا‪ ،‬هناك نوعان من‬ ‫وسائل اإلعالم يف سوريا اليوم‪ :‬تلك التي تؤيد النظام‪ ،‬وتلك التي‬ ‫تدعم الثورة‪.‬‬ ‫بعد بدء االنتفاضة يف سوريا‪ ،‬ظهرت العديد من وسائل اإلعالم‬ ‫الجديدة عىل شكل صحف ووكاالت أنباء وإذاعات وما إىل ذلك‪.‬‬ ‫ويف هذا الصدد‪ ،‬يوضح منصور العمري أن أكرث من ‪ 100‬صحيفة‬ ‫رأت النور منذ مارس\آذار ‪ .2011‬وبينام توقف العديد منها عن‬ ‫الطباعة ألسباب مالية وأمنية‪ ،‬فإن منشورات كثرية تُوزع حالياً يف‬ ‫مختلف املناطق "املحررة"‪.‬‬ ‫ويشدد جل رؤساء التحرير عىل أهمية الصحافة املكتوبة‪ ،‬وذلك‬ ‫بسبب مشاكل الكهرباء والغموض الذي يلف مستقبل اإلنرتنت‬ ‫يف سوريا‪ ،‬مؤكدين يف الشهادات التي أدلوا بها ملنظمة مراسلون‬ ‫بال حدود عىل رضورة الدعم املتبادل والحصول عىل تحليالت‬ ‫أكرث دقة وتفصيال‪ .‬وعالوة عىل ذلك‪ ،‬يقول أحد الصحفيني‪" ،‬مبا‬ ‫أن هامش العفوية آخذ يف التضاؤل‪ ،‬فهذا يسمح بتجنب رسائل‬ ‫الكراهية‪ ،‬أو عىل األقل تناقلها"‪ .‬وهذا يشكل أيضاً وسيلة لرتك‬ ‫إرث مفيد وأرشيف ذي منفعة‪ ،‬حيث يحيل ناجي الجرف رئيس‬ ‫تحرير حنطة عىل أهمية الثقافة لدى السوريني مذكرا ً بأن "كل‬ ‫بيت سوري توجد فيه مكتبة"‪ ،‬بينام يوضح منصور العمري أن‬ ‫"هناك ‪ 3‬أو ‪ 4‬مجالت لألطفال‪ ،‬وواحد أو اثنني من املنشورات‬ ‫التي تستهدف النساء‪ ،‬ثم واحد موجه للشباب"‪.‬‬

‫كام يُعترب الراديو وسيلة هامة من وسائل اإلعالم‪ ،‬وخصوصاً عندما‬ ‫يكون بث املحطات اإلذاعية عىل موجة التضمني الرتددي‪ .‬بيد أن‬ ‫محطات هذه املوجة مازالت ال تغطي املناطق "املحررة" برمتها‪،‬‬ ‫رغم أن عددها آخذ يف التزايد‪ ،‬مثل راديو هوا سامرت (الربنامج‬ ‫الذي أطلقته سامرت وجمعية دعم وسائل اإلعالم الحرة ‪ -‬وهام‬ ‫يف كلمة ألقتها مبعهد العامل العريب يوم ‪ 9‬أكتوبر\ترشين األول‬ ‫‪ ،2013‬أوضحت الصحفية هالة قضامين أن "الصحفيني‪-‬املواطنني منظمتان تدعامن وسائل اإلعالم اإلذاعية السورية‪ ،‬األوىل تقنيا‬ ‫أصبحوا [بشكل عام] إعالميني محرتفني كام زادت جودة عملهم واألخرى مالياً)‬ ‫بشكل كبري‪ .‬فقد متكن بعضهم من اكتساب مهارات صحفية‬ ‫حقيقية‪ ،‬والسيام يف استجابتهم لطلب القنوات العربية والدولية‪،‬‬


‫ ‪29‬‬

‫أو تلك التي تدعمها بسمة (وهي جهة مانحة أخرى لدعم وسائل ‪ :4.4.3‬مشاكل تقنية وأمنية متكررة‬ ‫اإلعالم) أو راديو اآلن‪ .‬كام ال يزال كثري من هذه اإلذاعات يبث‬ ‫تواجه وسائل اإلعالم الجديدة نوعني من املشاكل يف املناطق‬ ‫فقط عىل شبكة اإلنرتنت أو عن طريق األقامر الصناعية (ياسمني "املحررة"‪ :‬صعوبات تقنية من جهة‪ ،‬ومخاطر أمنية من جهة‬ ‫سوريا من اململكة العربية السعودية‪ ،‬أو روزانا من باريس)‪.‬‬ ‫ثانية‪ .‬ترتبط الصعوبات التقنية يف الغالب بغياب اإلنرتنت‬ ‫والكهرباء بشكل شبه دائم‪" ،‬ومن دون إنرتنت وال كهرباء‪ ،‬ال‬ ‫وعالوة عىل ذلك‪ ،‬يالحظ ظهور وسائل اإلعالم باللغة الكردية‪،‬‬ ‫ميكننا أن نعمل"‪ ،‬عىل حد قول الصحفي املستقل مسعود عكو‪.‬‬ ‫مثل آرتا إف إم‪ ،‬التي تتخذ من عامودا مقرا ً لها وتبث جزءا ً‬ ‫من‬ ‫صحيح أن الناس يستخدمون شبكات الهاتف واإلنرتنت الرتكية أو‬ ‫برامجها باللغة الكردية (والعربية فضال عن الرسيانية)‪ ،‬وراديو‬ ‫العراقية يف املناطق املتاخمة لهذين البلدين‪ ،‬ولكن العمل يصبح‬ ‫كول الذي أطلق بدوره برنامجاً للتو باللغة الكردية‪ ،‬فضالً عن‬ ‫أكرث صعوبة يف املناطق النائية الواقعة يف وسط سوريا‪ ،‬حيث‬ ‫جريدة نوديم نصف الشهرية الصادرة بلغتني (العربية ‪ /‬الكردية) يجب االستعانة مبعدات اتصال عرب األقامر الصناعية علامً أنها‬ ‫وصحيفة واليت التي تصدر صفحة باللغة الكردية‪.‬‬ ‫غالباً ما تكون مكلفة للغاية‪ .‬ويف هذا الصدد‪ ،‬يسوق لنا مسعود‬ ‫عكو مثاالً من منطقة عفرين‪ ،‬حيث عادة ما يتعني عىل اإلعالميني‬ ‫‪ :3.4.3‬تركيا‪ ،‬القاعدة الخلفية لوسائل اإلعالم الجديدة‬ ‫قطع مسافة تصل إىل ‪ 40‬كلم بالسيارة ليك يتمكنوا من إرسال‬ ‫بينام تتخذ بعض هذه الوسائط الجديدة من سوريا مقرا ً لها‪ ،‬فإن‬ ‫مقاالتهم وتقاريرهم فقط ألنهم ال ميلكون معدات لالتصال عرب‬ ‫العديد منها فضل فتح مكاتب (أو استوديوهات) خارج األرايض‬ ‫األقامر الصناعية‪.‬‬ ‫السورية‪ ،‬ألسباب فنية وأمنية كذلك‪ ،‬إذ استقر بعضها يف القاهرة‬ ‫‪14‬‬ ‫(راديو آنا الذي ظل يبث من العاصمة املرصية حتى أحداث‬ ‫ويف املقابل‪ ،‬يُعد األمن املشكلة الرئيسية الثانية التي تواجه وسائل‬ ‫أغسطس\آب ‪ 2013‬التي اضطرت معها اإلدارة لنقل املقر إىل‬ ‫اإلعالم الجديدة يف املناطق "املحررة"‪ ،‬حيث بات الصحفيون‬ ‫باريس‬ ‫غازي عنتاب يف تركيا)‪ ،‬بينام وقع اختيار البعض اآلخر عىل‬ ‫عرضة لتهديدات داعش أكرث من أي وقت مىض‪ .‬ولكن األمر ال‬ ‫(راديو روزانا)‪ ،‬أو اإلمارات العربية املتحدة (راديو اآلن)‪ ،‬أو‬ ‫يقف عند هذا الحد‪ ،‬بل إن "الكتائب املقاتلة تسعى للسيطرة عىل‬ ‫كردستان العراق (نوديم)‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن تركيا تظل هي القاعدة وسائل اإلعالم املوجودة يف املدن التي أصبحت تحت قبضتها"‪،‬‬ ‫الخلفية الرئيسية لوسائل اإلعالم السورية الجديدة‪ ،‬باعتبار هذا‬ ‫عىل حد قول منصور العمري‪.‬‬ ‫البلد األكرث أمناً من بني الدول املجاورة مثل لبنان (حيث يوجد‬ ‫حضور قوي لحزب الله الذي يدعم نظام بشار األسد) أو األردن‪ .‬ومن جهته‪ ،‬يُربز مسعود حميد‪ ،‬رئيس تحرير جريدة نوديم‪ ،‬شكالً‬ ‫آخر من أشكال الصعوبات الكربى التي تعرتض سبيل هذه املنابر‬ ‫وهكذا‪ ،‬سواء يف إسطنبول أو أنطاكيا أو غازي عنتاب‪ ،‬فإن العديد اإلعالمية التي طفت عىل السطح‪ ،‬حيث يتعذر ضامن استدامة‬ ‫من وسائل اإلعالم السورية الجديدة تتخذ من الجارة تركيا‬ ‫مصادر التمويل املستقلة التي ال تخضع ألية اعتبارات سياسية‪،‬‬ ‫مقرا ً لها‪ ،‬عىل غرار راديو الكل يف إسطنبول وجريدة الشام التي‬ ‫علامً أن كل قوة سياسية أو كتيبة محاربة متلك وسيلة إعالمية‬ ‫تم إغالقها لتحل محلها صدى الشام (أنطاكية) وإذاعة نسائم‬ ‫خاصة بها‪ :‬اإلخوان املسلمون )العهد( وحزب االتحاد الدميقراطي‬ ‫عىل‬ ‫سوريا أو بعض الطبعات من صحيفة حنطة (غازي عنتاب)‪،‬‬ ‫)روناهي( عىل سبيل املثال ال الحرص‪.‬‬ ‫سبيل املثال ال الحرص‪ .‬وتعتزم جمعية دعم وسائل اإلعالم الحرة‬ ‫فتح وكالة أنباء (وكالة سامرت) ومركز تدريب قريباً يف غازي‬ ‫‪ :5.4.3‬االستقاللية ‪ -‬تحدٍّ صعب‬ ‫عنتاب‪ .‬وإن كان مقرها يف تركيا‪ ،‬فإن وسائل اإلعالم هذه تخاطب بحسب لينا شواف‪ ،‬مييل معظم الصحفيني‪-‬املواطنني إىل العمل‬ ‫السوريني يف سوريا‪ ،‬حيث تستند جميعها إىل شبكة من املراسلني بطريقة عاطفية بسبب افتقارهم لتدريب أسايس يف مجال‬ ‫من داخل البالد‪.‬‬ ‫الصحافة‪ .‬مع اندالع االنتفاضة ويف خضم مواجهة دعاية النظام‪،‬‬ ‫ساهمت الثورة يف إحداث ما يسمى "إعالم الثورة" الذي يضطلع‬ ‫هذا ومتلك بعض وسائل اإلعالم طابعات خاصة يف سوريا لتسهيل بدور الدعاية اإلعالمية باسم الثورة‪ .‬بيد أن مديرة برامج روزانا‬ ‫عملية التوزيع‪ ،‬يف حني يظل جزء من فريق العمل يف تركيا‪ ،‬من‬ ‫توضح أن "هذا ينطبق أساساً عىل املحطات اإلذاعية‪ ،‬وبدرجة أقل‬ ‫أجل التغلب عىل الصعوبات التقنية النابعة من انعدام اإلنرتنت‬ ‫عىل الصحافة املكتوبة"‪.‬‬ ‫والكهرباء يف بعض األحيان‪ .‬ويف املقابل‪ ،‬تعمل وسائل إعالم أخرى‬ ‫بشكل كامل من داخل سوريا‪ ،‬حيث يكون مقر هيئة التحرير‬ ‫يف محاولة لبناء معارضة شمولية‪ ،‬انتهى األمر بوسائل اإلعالم‬ ‫واملطبعة (بالنسبة للصحافة املكتوبة) أو مركز إرسال البث‬ ‫الجديدة إىل إعادة إنتاج نفس منوذج النظام الذي كانت ترفضه‬ ‫بالنسبة‬ ‫(بالنسبة للراديو) يف األرايض السورية‪ ،‬كام هو الحال‬ ‫وتنتفض ضده‪ ،‬وذلك من خالل اعتامد خطاب "إن مل تكن معنا‪،‬‬ ‫لبعض الطبعات من صحيفة حنطة (درعا وضواحي العاصمة)‪،‬‬ ‫فأنت ضدنا"‪ ،‬والذي يتناىف متاماً مع مفهوم ومبدأ الحياد يف العمل‬ ‫زيتون (رساقب)‪ ،‬ضوضاء (السويداء)‪ ،‬عني املدينة (دير الزور)‪ ،‬اإلعالمي‪ .‬وعىل هذا األساس‪ ،‬تقوم دكتاتورية جديدة ميجد فيها‬ ‫الغربال (كفر ن ُّبل)‪ ،‬إمييسا (حمص)‪ ،‬بسمة حلب (حلب‪.‬‬ ‫صحفيني الثورة واملعارضة املسلحة وال يشء سواهام‪ ،‬حيث يؤكد‬

‫عالء الرشيدي‪ ،‬املرشف عىل الدورات التدريبية لفائدة الفاعلني‬ ‫يف الحقل اإلعالمي‪ ،‬أن "العديد من الناس يخلطون بني الثورة‬ ‫والصحافة"‪.‬‬ ‫من جهته‪ ،‬يالحظ منصور العمري أن "القلة القليلة جدا ً هي التي‬ ‫تنتقد الثورة"‪ .‬وذكر أحد الصحفيني يف أبريل\نيسان ‪2013‬‬ ‫مبدينة غازي عنتاب أنه "من املستحيل اليوم أن تكون صحفياً‬ ‫مستقالً‪ .‬ببساطة‪ ،‬ال ميكنك وال ينبغي لك أن تكون كذلك"‪ .‬يف‬ ‫أبريل\نيسان ‪ ،2013‬كان عدد من الصحفيني والنشطاء السوريني‬ ‫يعتقدون أن مهمة وسائل اإلعالم هي "حامية الثورة"‪ ،‬وأن‬ ‫الحديث عن االنتهاكات التي ترتكبها جامعات املعارضة املسلحة‬ ‫مل يكن أمرا ً ذا أولوية‪ .‬كثري هم الذين كانوا يريدون عىل األقل‬ ‫نقل ما يقع "حقا" فوق امليدان‪ ،‬بعيدا ً عن الصور النمطية التي‬ ‫تروج لها وسائل اإلعالم‪ ،‬لكن الخطاب تغري إىل حد ما خالل‬ ‫املقابالت التي أجرتها منظمة مراسلون بال حدود خالل سبتمرب\‬ ‫أيلول ‪ 2013‬يف تركيا‪.‬‬ ‫يرى حميد مسعود أن "االستقاللية منعدمة لدى وسائل اإلعالم‪،‬‬ ‫وذلك ألسباب مالية باألساس"‪ ،‬فيام توضح لينا شواف أن "أكرب‬ ‫عقبة أمام استقاللية وسائل اإلعالم ال تتمثل يف التمويل بالرضورة‪،‬‬ ‫وإمنا يف السوريني أنفسهم‪ .‬فالصحفيون‪-‬املواطنون يلجؤون إىل‬ ‫نفس الخطاب الذي ينتهجه النظام‪ :‬إذا كنت ال تشاطرين وجهة‬ ‫نظري‪ ،‬فأنت عدوي‪ .‬كام أن أغلب الناس ال يفهمون موقف‬ ‫الصحفي الذي ال يسعى للتعبري عن رأيه الشخيص‪ .‬سوف يستغرق‬ ‫األمر جيلني عىل األقل لتغيري العقليات"‪ .‬ومن جهته‪ ،‬يفصح رئيس‬ ‫تحرير آخر بالقول‪" :‬من حني آلخر‪ ،‬عندما يرسل يل الصحفيون‬ ‫مقاالتهم‪ ،‬أشعر وكأين أقرأ مقاالً من مقاالت وسائل اإلعالم‬ ‫الحكومية‪ ،‬ولكن بأفكار معارضة‪ :‬إنك تجد فيها نفس العبارات‬ ‫وبنفس األسلوب"‪.‬‬


‫‪4‬‬ ‫ ‪31‬‬

‫مراسلون بال حدود تدعم‬ ‫الفاعلني اإلعالميني يف سوريا‬ ‫تدافع مراسلون بال حدود كل يوم عن حرية الصحافة والعاملني يف هذا وتضع مراسلون بال حدود رهن إشارة اإلعالميني السوريني‬ ‫الحقل اإلعالمي‪ .‬وملساعدة الفاعلني اإلعالميني يف سوريا‪ ،‬وضعت مجموعة مستلزمات النجاة الرقمية ملواجهة الهجوم الذي شنه‬ ‫النظام السوري عىل اإلنرتنت‪ .‬وتوجد مجموعة املستلزمات هذه‬ ‫املنظمة عددا ً من اإلجراءات امللموسة‪.‬‬ ‫عىل موقع ‪ WeFightCensorship.org‬الذي أحدثته‬ ‫مراسلون بال حدود‪ ،‬وهي توفر عدة أدوات عملية ونصائح‬ ‫وعنارص تقنية لتعليم مستخدمي اإلنرتنت كيفية التحايل عىل‬ ‫الرقابة وتأمني االتصاالت والبيانات‪ .‬كام وفرت املنظمة للعاملني‬ ‫يف الحقل اإلعالمي السوري محركات أقراص الناقالت التسلسلية‬ ‫أمام تزايد املخاطر التي تواجه الصحفيني يف امليدان وتفيش‬ ‫عمليات الخطف‪ ،‬اضطرت معظم وسائل اإلعالم الدولية إىل الحد العامة تضم برمجيات للتشفري كام توفر لهم شبكات إلكرتونية‬ ‫من إيفاد مراسليها إىل جبهة النزاع واالكتفاء باالستعانة بخدمات خاصة‪.‬‬ ‫اإلعالميني العاملني لحسابهم الخاص والذين يف الغالب ال ميلكون‬ ‫هذا وتضع مراسلون بال حدود رهن إشارة اإلعالميني "دليالً‬ ‫بالرضورة اإلمكانيات الالزمة للحصول عىل معدات السالمة أو‬ ‫عملياً للصحفيني" أصدرته بالرشاكة مع اليونسكو‪ .‬ويستهدف‬ ‫االشرتاك يف خدمات التأمني‪ ،‬علامً أن قلة خربة هؤالء الصحفيني‬ ‫هذا الكتاب باألساس الصحفيني الذين يحلون باملناطق الخطرة‪،‬‬ ‫املستقلني يف تغطية النزاعات املسلحة من ميدان املعارك تجعلهم‬ ‫حيث يذكرهم باملعايري القانونية الدولية التي تحمي حرية‬ ‫عرضة للخطر يف أي وقت‪.‬‬ ‫الصحافة ويقدم لهم النصائح لتجنب مزالق التغطية امليدانية‪ .‬أما‬ ‫فيام يتعلق بالجانب النفيس والسيكولوجي‪ ،‬فإن املنظمة ت ُطلع‬ ‫وتوفر املنظمة سرتات واقية من الرصاص وخوذات مجاناً‬ ‫الصحفيني عىل ما يسمى باضطرابات ما بعد املهمة وتوفر لهم‬ ‫للصحفيني املستقلني املشرتكني‪ .‬وتحمل تلك املعدات كلمة‬ ‫“‪( ”PRESS‬صحافة)‪ ،‬وهي متوفرة يف ثالثة أحجام (صغرية‪ ،‬سبل االتصال باملهنيني الكفيلني مبساعدتهم‪.‬‬ ‫متوسطة‪ ،‬كبرية)‪ ،‬حيث تزن كل سرتة حوايل ‪ 15‬كلغ مقابل ‪1.5‬‬ ‫كام دعمت مراسلون بال حدود التقرير الذي نرشته جمعية‬ ‫بالنسبة للخوذة‪ ،‬إذ تصل مدة إعارتها إىل شهر واحد كحد أقىص‪.‬‬ ‫سكايز التي تتخذ من لبنان مقرا ً لها‪ .‬ويستند التقرير‪ ،‬الصادر يف‬ ‫أغسطس\آب ‪ ،2013‬إىل مؤمتر نظمته سكايز يف بريوت خالل‬ ‫كام تعرض مراسلون بال حدود عىل الصحفيني املستقلني فرصة‬ ‫االشرتاك يف إحدى خدمات التأمني عن طريق وساطتها‪ ،‬علامً أنهم شهر يوليو\متوز ‪ 2013‬وحرضه صحفيون يقومون بتغطية‬ ‫يذهبون لتغطية النزاعات دون تأمني يف كثري من األحيان‪ ،‬إذ ت ُعد األحداث يف سوريا ويأتون من مختلف أنحاء العامل‪ .‬وتستكشف‬ ‫هذه الوثيقة األوضاع األمنية عىل امليدان‪ ،‬وردود الفعل الجيدة‬ ‫التكاليف الباهظة ونقص املعلومات من بني األسباب الرئيسية‬ ‫وراء ذلك‪ .‬ويف هذا الصدد‪ ،‬وقعت مراسلون بال حدود اتفاقاً مع التي ينبغي أخذها يف االعتبار فضالً عن الدعم الذي ميكن أن‬ ‫رشكة ‪( April International Canada‬املعروفة سابقاً يحصل عليه الصحفيون املستقلون يف الوقت الراهن والتوقعات‬ ‫التي ميكن أن ينتظرونها من مشغليهم‪ .‬ويلخص التقرير املناقشات‬ ‫باسم ‪ )Escapade Assurances Voyages‬لتقديم‬ ‫التي شهدها املؤمتر والتوصيات التي خرج بها‪ ،‬كام يستعرض‬ ‫خدمة التأمني للصحفيني العاملني لحسابهم الخاص بأسعار‬ ‫الوثيقة التي أعدها املشاركون والتي صدرت بعنوان "املعايري‬ ‫تفضيلية‪ .‬ومنذ أن رشعت مراسلون بال حدود يف تقديم هذا‬ ‫الربنامج يف أواخر عام ‪ ،2002‬اشرتك ما يقرب من ‪ 400‬صحفي الدنيا لعمل الصحفيني يف مناطق النزاع"‪.‬‬ ‫مستقل يف هذه الخدمة التأمينية عرب وساطة املنظمة‪ ،‬وذلك‬ ‫للسفر إىل أفغانستان والعراق وسوريا والسودان عىل وجه‬ ‫التحديد‪.‬‬

‫‪ :1.4‬حامية الفاعلني اإلعالميني‬

‫‪ 2.4‬تقديم املساعدة للصحفيني يف‬ ‫املنفى‬

‫‪ :3.4‬تدريب ومعدات للفاعلني‬ ‫اإلعالميني الجدد ومنابرهم اإلعالمية‬

‫عجلت آلة القمع والعنف وتهديدات صيادي حرية اإلعالم يف‬ ‫سوريا برحيل العرشات من الصحفيني املحرتفني والصحفيني‪-‬‬ ‫املواطنني السوريني منذ اندالع انتفاضة مارس\آذار ‪.2011‬‬

‫إىل جانب منظمة دعم اإلعالم الدولية وقناة فرنسا الدولية‬ ‫وإذاعة هولندا العاملية‪ ،‬تُعد مراسلون بال حدود من بني رشكاء‬ ‫املحطة اإلذاعية السورية راديو روزانا‪ ،‬التي رأت النور يف يونيو\‬ ‫حزيران ‪.2013‬‬

‫ففي أواخر سبتمرب\أيلول ‪ ،2013‬أحصت مراسلون بال حدود ما‬ ‫ال يقل عن ‪ 116‬من الفاعلني اإلعالميني السوريني الذين اضطروا‬ ‫للجوء إىل املنفى خشية عىل سالمتهم‪ ،‬علامً أن حوايل ثالثني‬ ‫اتخذوا مسار الهجرة العيش يف املهجر منذ بداية عام ‪.2013‬‬ ‫يف كثري من األحيان ينتهي بهم املطاف يف الدول املجاورة‪ ،‬حيث‬ ‫تظل وضعية العديد منهم هشة للغاية‪ .‬فبعدما أُجربوا عىل الفرار‬ ‫باستعجال‪ ،‬يجد بعضهم نفسه حالياً دون موارد يف تركيا واألردن‬ ‫ولبنان ومرص‪ .‬وباإلضافة إىل حالتهم املادية املزرية‪ ،‬فإن موقف‬ ‫سلطات البلدان التي يحاولون اللجوء إليها يشكل مصدر قلق كبري‬ ‫أيضاً‪ ،‬حيث استنكر أغلبهم االستجوابات التي يخضعون لها عىل يد‬ ‫أجهزة األمن األردنية وأساليب الرتهيب التي تلجأ إليها السلطات‬ ‫املرصية‪ .‬فأمام تزايد االتهامات ضدهم بدعم اإلخوان املسلمني‪ ،‬فر‬ ‫اآلالف من الالجئني السوريني من مرص واالضطهاد الذي تعرضوا‬ ‫له هناك منذ إقالة الرئيس محمد مريس من منصبه يف يوليو\‬ ‫متوز ‪ .2013‬وإذا كان دخول أحد البلدان املجاورة صعباً ومعقدا ً‬ ‫يف حد ذاته منذ فرتة طويلة‪ ،‬فإن مسألة بقاء الالجئني السوريني‪،‬‬ ‫وخاصة فلسطينيي سوريا‪ ،‬فوق األرايض اللبنانية يُعد أمرا ً غاية‬ ‫يف التعقيد والصعوبة‪ .‬وتتابع مراسلون بال حدود عن كثب قضية‬ ‫إعالميَني اثنني من فلسطينيي سوريا بعد أن تم إبالغهام بوجوب‬ ‫مغادرة لبنان‪.‬‬ ‫ويف هذا السياق‪ ،‬خصصت املنظمة ‪ 34‬منحة مساعدة لفاعلني‬ ‫إعالميني سوريني منذ أبريل\نيسان ‪ .2011‬صحيح أن هذه‬ ‫املساعدات موجهة بشكل رئييس إىل سد نفقات االحتياجات‬ ‫األساسية‪ ،‬بيد أنها توفر أيضاً السالمة للصحفيني املحرتفني أو‬ ‫الصحفيني‪-‬املواطنني كام من شأنها أن تيرس لهم الوصول إىل‬ ‫بلدان آمنة‪ .‬وعالوة عىل ذلك‪ ،‬توفر مراسلون بال حدود الدعم‬ ‫الالزم لإلعالميني السوريني الذين يطلبون الحصول عىل تأشريات‬ ‫أو عىل الحامية الدولية‪ .‬وعىل مدى األشهر االثني عرش املاضية‬ ‫بعثت مراسلون بال حدود أكرث من ثالثني رسالة لدعم الصحفيني‬ ‫السوريني يف املنفى‪.‬‬

‫وتعمل مراسلون بال حدود أيضاً عىل تنظيم دورات تدريبية‬ ‫لفائدة وسائل اإلعالم‪ ،‬والسيام الصحافة املكتوبة‪ ،‬وذلك بهدف‬ ‫تعزيز الحياد واملوضوعية لدى العاملني يف هذه الصحف الجديدة‬ ‫واملتعاونني معها وحامية سالمتهم البدنية وعىل اإلنرتنت‪.‬‬ ‫كام تقدم املنظمة دورات تدريبية خاصة للفاعلني اإلعالميني‬ ‫السوريني والصحفيني األجانب الذين يقومون بتغطية األحداث‬ ‫عىل امليدان‪ ،‬بُغية تحسني حامية بياناتهم واتصاالتهم الخاصة‪.‬‬ ‫وتوفر املنظمة أيضاً معدات وأدوات (أجهزة كمبيوتر‪ ،‬ماسحات‬ ‫ضوئية وطابعات) لوسائل اإلعالم السورية الجديدة التي تحتاج‬ ‫إىل التجهيزات الالزمة لتنفيذ مهمتها اإلخبارية‪.‬‬

‫‪ :4.4‬حمالت تواصلية للتنديد‬ ‫بانتهاكات حرية اإلعالم‬ ‫منذ بداية األحداث يف سوريا‪ ،‬مل تتوان مراسلون بال حدود أبدا ً‬ ‫عن التنديد مبختلف أشكال انتهاكات حرية اإلعالم يف البالد‪ .‬ويف‬ ‫هذا الصدد‪ ،‬قدمت املنظمة عددا ً من الجوائز ونظمت عددا ً من‬ ‫الحمالت يف هذا االتجاه‪:‬‬ ‫• ديسمرب\كانون األول ‪ - 2011‬عيل فرزات ينال جائزة‬ ‫ مراسلون بال حدود لحرية الصحافة‬ ‫• مراسلون بال حدود تقوم بتعبئة أمام مقر السفارة السورية يف‬ ‫ باريس‪ :‬الحرب هو الذي يجب أن يُسال‪ ،‬وليس الدماء‬ ‫• مارس\آذار ‪ – 2012‬جائزة املواطنة اإللكرتونية من نصيب‬ ‫ املراكز اإلعالمية التابعة للجان التنسيق املحلية يف سوريا‬ ‫• حملة ‪Syrie vs Siri‬‬ ‫• ديسمرب\كانون األول ‪ - 2012‬مازن درويش ينال جائزة‬ ‫ مراسلون بال حدود لحرية الصحافة‬ ‫وتشارك مراسلون بال حدود أيضاً يف لجنة دعم الصحفيني الرهائن‬ ‫يف سوريا‪ .‬كام نقلت نداءات عائالت أوسنت تايس‪ ،‬بشار القدومي‬ ‫وجيمس فويل‪.‬‬


‫‪ :5.4‬املطالبة بعدم اإلفالت من‬ ‫العقاب لدى هيئات األمم املتحدة‬

‫تقود مراسلون بال حدود حملة لتطبيق القرار ‪)2006( 1738‬‬ ‫الصادر عن مجلس األمن لألمم املتحدة بشأن سالمة الصحفيني‬ ‫ومتديده ليشمل الصحفيني‪-‬املواطنني كذلك‪.‬‬

‫ ‪33‬‬

‫ويف بيان صادر يوم ‪ 2‬أكتوبر\ترشين األول ‪ ،2013‬أدان‬ ‫رئيس مجلس األمن من جديد "ما ترتكبه السلطات السورية‬ ‫من انتهاكات واسعة النطاق لحقوق اإلنسان وللقانون الدويل‪،‬‬ ‫وكذلك ما ترتكبه الجامعات املسلحة من إساءات لحقوق اإلنسان‬ ‫وانتهاكات للقانون الدويل"‪ ،‬مضيفاً أن "مجلس األمن يشدد عىل‬ ‫رضورة وضع حد لإلفالت من العقاب عىل انتهاكات القانون‬ ‫اإلنساين الدويل وما يُرتكب من انتهاكات وتجاوزات لحقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬ويؤكد من جديد عىل وجوب تقديم مرتكبي تلك‬ ‫االنتهاكات والتجاوزات أو املسؤولني عنها عىل نحو آخر يف سوريا‬ ‫إىل العدالة"(‪.)S/PRST/2013/15‬‬ ‫وترى مراسلون بال حدود أنه من املؤسف أال يتطرق هذا البيان‬ ‫إىل الصحفيني علامً أن الفاعلني اإلعالميني معنيون بشكل كامل‪.‬‬ ‫هذا ويتوخى القرار ‪ 1738‬ملجلس األمن بشأن سالمة الصحفيني‬ ‫واتفاقيات جنيف حامية الصحفيني ومكافحة اإلفالت من العقاب‬ ‫عن االعتداءات البدنية املقرتفة يف حقهم‪.‬‬

‫بيد أن نداء رئيس مجلس األمن الرامي إىل "وضع حد لإلفالت من‬ ‫العقاب عىل االنتهاكات" قد يذهب أدراج الرياح مادام مجلس‬ ‫األمن ال ينوي اللجوء إىل املحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬استجابة لطلب‬ ‫نايف بيالي‪ ،‬املفوضة السامية لحقوق اإلنسان‪ ،‬وغريها من الفاعلني‬ ‫الدوليني‪.‬‬ ‫يُذكر أن قواعد اختصاص املحكمة الجنائية الدولية‪ ،‬فيام يتعلق‬ ‫بالجرائم التي يشملها نظامها األسايس‪ ،‬ال تتيح لها إمكانية الحكم‬ ‫عىل االنتهاكات املرتكبة يف سوريا‪ .‬فحتى إذا كانت الجرائم‬ ‫املرتكبة يف سوريا تدخل يف نطاق جرائم الحرب أو الجرائم ضد‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬فإن سوريا ليست طرفاً يف النظام األسايس‪ .‬وحتى‬ ‫األفراد الذين يُشتبه يف تحملهم مسؤولية تلك االنتهاكات ليسوا‬ ‫مواطنني من جنسيات أخرى‪ ،‬وإمنا رعايا من سوريا‪ ،‬التي مازالت‬ ‫خارج دائرة الدول األعضاء يف معاهدة روما‪.‬‬ ‫ويف الوقت الحايل‪ ،‬متر االنتهاكات ضد الفاعلني اإلعالميني يف جو‬ ‫يسوده اإلفالت التام من العقاب‪ ،‬إذ ال تُفتح تحقيقات يف أعقاب‬ ‫االنتهاكات إال نادرا ً‪ .‬لكن يف فرنسا‪ ،‬مثالً‪ ،‬تم اللجوء إىل القضاء‬ ‫للتحقيق يف الهجوم الذي راح ضحيته رميي أوشليك وإديث بوفري‬ ‫يف فرباير\شباط ‪ ،2012‬وكذلك يف جرمية اغتيال جيل جاكييه‪.‬‬ ‫وقد ذكَّرت مراسلون بال حدود مرارا ً وتكرارا ً بالوضع املزري الذي‬ ‫يعيشه الصحفيون يف سوريا‪ ،‬وخصوصاً من منرب مجلس حقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬خالل دورته الـ‪ 24‬يف سبتمرب\أيلول ‪( 2013‬انظر نص‬ ‫البيان ‪ ،)A/HRC/24/NGO/62‬كام تساهم بشكل‬ ‫فعيل يف الجهود الرامية إىل حامية سالمة الصحفيني‪.‬‬

‫غادروا ألجلكم‪،‬سيعودون بفضلكم‬ ‫تقف مراسلون بال حدود إىل جانب لجنة دعم الصحفيني الفرنسيني الذين يوجدون رهن االختطاف‬ ‫يف سوريا منذ يونيو\حزيران املايض‪ :‬ديدييه فرانسوا‪ ،‬إدوار إلياس‪ ،‬بيري توريس ونيكوال هينان‪.‬‬ ‫وقد تأسست اللجنة منذ إعالن نبأ خطف إدوارد ديدييه يف شامل حلب‪ ،‬ويرأسها كل من فلورانس‬ ‫أوبينا وسريج جويل وكارين الجون‪ ،‬حيث تضطلع مبهمة الرصد واملراقبة بشكل دائم‪ .‬فكل شهر‪،‬‬ ‫ت ُنظَّم عملية للمطالبة باإلفراج الفوري‬ ‫عنهم (من خالل تعبئة الهيئات املحلية‬ ‫والتجمعات األهلية يف جميع أنحاء‬ ‫فرنسا‪ ،‬ونرش مقاالت خاصة يف وسائل‬ ‫اإلعالم‪ .)...‬وقد وقَّع ما يقرب من‬ ‫‪ 9.000‬شخص عريضة متاحة عىل‬ ‫اإلنرتنت عرب املوقع‬ ‫‪www.otagesensyrie.orf‬‬ ‫‪© Haytham-Pictures / BenoitSchaeffer / famille Torres‬‬


‫تدعم مراسلون بال حدود حرية اإلعالم واالستعالم يف جميع أنحاء العامل‪ .‬تتخذ املنظمة من باريس مقرا ً لها‬ ‫ولديها عرشة مكاتب دولية (برلني‪ ،‬بروكسل‪ ،‬جنيف‪ ،‬مدريد‪ ،‬مونرتيال‪ ،‬نيويورك‪ ،‬ستوكهومل‪ ،‬تونس فيينا‬ ‫وواشنطن)‪ ،‬إضافة إىل أكرث من ‪ 150‬مراسالً يف جميع القارات الخمس‪.‬‬ ‫الرئيس التنفيذي‪ :‬كريستوف ديلوار‬ ‫مديرة مكتب املغرب العريب والرشق األوسط‪ :‬سوازيك دوليه‬ ‫‪moyen-orient@srf.org‬‬ ‫‪© James Lawler Duggan / AFP‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.