ﺭﺟﺎﺀ ﻋﺪﻡ ﺇﻟﻘﺎﺀ ﺻﻔﺤﺔ ﺩﻧﻴﺎ ﻭﺩﻳﻦ ﻓﻰ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺍﳴﻬﻤﻼﺕ ﻻﺣﺘﻮﺍﺋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺁﻳﺎﺕ ﻗﺮﺁﻧﻴﺔ ﻭﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﻧﺒﻮﻳﺔ
ﺩﻧﻴﺎ ﻭﺩﻳﻦ
اﻟﻌﺪد - ٥٨٩اﳋﻤﻴﺲ ٤أﻏﺴﻄﺲ ٢٠١٦
ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻋﺒﺪ ﺍﳴﻌﺰ ﻣﺤﺬﺭ ﹰﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻴﺄﺱ:
08
ﺍﻷﻣﻞ ﻓﻰ ﺍﷲ ..ﺇﺣﺪﻯ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ
اﳊﻴﺎة ﺗﺴﻴﺮ ﻓﻰ ﺻﺮاع داﺋﻢ ﺑﲔ اﳌﺘﻨﺎﻗﻀﺎت ..اﻟﺴﻌﺎدة واﻷﻟﻢ.. اﻷﻓﺮاح واﻷﺣــﺰان اﻟﻨﺠﺎح واﻟﻔﺸﻞ ..اﻷﻣﻞ واﻟﻴﺄس ..وﳋﻄﻮرة أن ﻳﺴﻴﻄﺮ اﻟﻴﺄس واﻟﻘﻨﻮط ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺴﺎن ﻓﺘﺘﺤﻮل ﺣﻴﺎﺗﻪ إﻟﻰ ﻛﺘﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻮاد واﳉﺤﻴﻢ ﻳﺄﺧﺬﻧﺎ اﻟﺪاﻋﻴﺔ اﻟﺸﻴﺦ رﻣﻀﺎن ﻋﺒﺪ اﳌﻌﺰ ﻓﻰ ﻫﺬه اﻟﺮﺣﻠﺔ ﺑﲔ اﻟﻴﺄس واﻷﻣﻞ ..ﻣﺤﺒﺒﺎ ﻓﻰ اﻷﻣﻞ ﻓﻰ وﺟﻪ اﷲ ..وﻣﺤﺬراً ﻣﻦ اﻟﻴﺄس ﻣﻦ رﺣﻤﺘﻪ ..ﻓﻤﺎذا ﻗﺎل؟ اﻷﻣﻞ ﻫﻮ ﺷﻌﻮر إﻳﺠﺎﺑﻰ واﻟﺘﻔﺎؤل ﺑﺸﻰء ﻧﺮﻳﺪ اﳊﺼﻮل ﻋﻠﻴﻪ ﺳﻮاء ﻛﺎن ﻋﻤﻼً أو ﻫﺪﻓﺎ ً أو ﺷﺨﺼﺎً ،واﻷﻣﻞ ﻗﺪ ﻳﻘﻞّ وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﳝﻮت أﺑﺪاً. إن اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺨﻴﺒﺔ اﻷﻣﻞ ﻓﻰ اﷲ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ﺧﺎﻃﺌﺎ ً أو ﺧﻄﻴﺌﺔ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ اﻹﻧﺴﺎن ،ﻓـ "ﺧﻴﺒﺔ اﻷﻣﻞ" ﺗﻌﻨﻰ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﻌﺪم اﻟﺮﺿﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﺗﺘﺤﻘﻖ آﻣﺎل أو رﻏﺒﺎت أو ﺗﻮﻗﻌﺎت اﻹﻧﺴﺎن ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﻔﻠﺢ اﷲ ﻓﻰ إﺷﺒﺎع آﻣﺎﻟﻨﺎ أو ﲢﻘﻴﻖ ﺗﻮﻗﻌﺎﺗﻨﺎ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﻮر ﺧﻴﺒﺔ اﻷﻣﻞ ،إذا ﻟﻢ ﻳﻌﻤﻞ اﷲ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻰ ﻧﻈﻦ أﻧﻪ ﻳﺠﺐ أن ﻳﻌﻤﻞ ﺑﻬﺎ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺮﺿﻰ ﻋﻦ أداﺋﻪ وﻧﺸﻌﺮ ﺑﻌﺪم اﻟﺮﺿﻰ ،وﻫﺬا ﻗﺪ ﻳﺆدى إﻟﻰ ﺗﺬﺑﺬب إﳝﺎﻧﻨﺎ ﻓﻰ اﷲ ﺧﺎﺻﺔ ﺛﻘﺘﻨﺎ ﻓﻰ ﺳﻠﻄﺎﻧﻪ وﺻﻼﺣﻪ. ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺎس ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻪ إرادة اﻟﺘﺤﺴﻦ ،ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻪ أى ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ وﻣﺴﺘﺴﻠﻤﺎ ،ﻻ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻷن ﻳﺘﺨﺬ ﺧﻄﻮات إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ،ﲡﺪه ﻣﺴﺘﻜﻴ ًﻨﺎ ً ﻗﻄﻌﺎ ﻻ ﻳﺄﺧﺬ اﳌﺒﺎدرات ،وﻫﺬا ﻻ ﳝﻜﻦ أن ﻳﺘﻐﻴﺮ، اﳌﻌﺠﺰات ،ﻟﻜﻨﻪ ً ﻟﻜﻦ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬى ﻳﺼﺮ وﺗﻜﻮن ﻟﻪ اﻟﺪاﻓﻌﻴﺔ واﻹرادة واﻟﺘﻮﻛﻞ ﻋﻠﻰ داﺋﻤﺎ أى :ﺑﺎﻷﻣﻞ واﻟﻌﻤﻞ ﻓﻰ ذات اﻟﻮﻗﺖ، اﷲ ﺑﺼﻮرة ﻗﺎﻃﻌﺔ ،واﻟﺘﻮﻛﻞ ً ﻓﺎﻹﻧﺴﺎن ﳝﻜﻦ أن ﻳﻐﻴﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻫﺬه اﻵﻟﻴﺎت ،ﻟﻜﻦ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﻘﻮل إن اﻹﻧﺴﺎن ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪه ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺻﺤﻴﺤﺎ. ﺗﻔﻜﻴﺮه ،ﻫﺬا ﻟﻴﺲ ً رﲟﺎ اﻷﻣﺮ اﻷﻗﺮب ﻟﻠﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻮ أن اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺘﺸﺎؤﻣﻰ ﺣﲔ ﻳﺴﺘﺒﺪل ﻛﺜﻴﺮا ،وﻳﺠﺪ أن اﻷﻣﻮر اﻟﺘﻰ ﺑﻔﻜﺮ إﻳﺠﺎﺑﻰ ﻫﺬا ﻳﺴﻬﻞ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن ً ﻛﺎن ﻳﺴﺘﺼﻌﺒﻬﺎ ﺳﺎﺑ ًﻘﺎ أﺻﺒﺤﺖ ﺳﻬﻠﺔ ﻓﻰ ﻧﻈﺮه ،وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺗﺘﺤﺴﻦ اﻟﺪاﻓﻌﻴﺔ واﻹﳒﺎز ،وﻳﺤﺲ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎﻟﺮﺿﻰ. ﻛﻢ ﻫﻮ اﻟﻔﺮق اﻟﻜﺒﻴﺮ ﺑﲔ ﻛﻠﻤﺘﻰ )اﻟﻴﺄس واﻷﻣﻞ(. وﻛﻢ ﻫﻮ اﻟﻔﺎرق ﻋﻈﻴﻢ ﺑﲔ رﺟﻞ ﻳﻌﻴﺶ ﺑﺮوح اﻟﺘﻔﺎؤل واﻷﻣﻞ وﺑﲔ رﺟﻞ ﺑﺎت ﺿﺤﻴﺔ اﻟﻘﻨﻮط واﻻﻧﻬﺰاﻣﻴﺔ ..اﻟﻔﺎرق ﺑﲔ اﻻﺛﻨﲔ ﻫﻮ أن
اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬى ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻠﺤﻴﺎة ﺑﺄﻣﻞ وﻓﺄل ﺣﺴﻦ ..ﻓﺈﻧﻪ ُﻳﺤﺴﻦ رﺳﻢ ﺻﻮرة اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ وﻳﺒﺪع ﻓﻰ اﻧﺸﺎء اﳋﻴﺎل ﻷﻧﻪ ﻻ ﺣﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﻄﻠﻮب واﳌﻄﻠﻮب ﻫﻮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺻﻮر ﻣﺮﺗﺴﻤﺔ ﻓﻰ اﻟﺬﻫﻦ وﻛﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻷﺟﻞ ﻣﻄﻠﻮب واﳌــﺮء ﺣﲔ ﻳﻀﻊ ﻫﺪﻓﺎ ً ﻣﺤﺪداً ﻧﺼﺐ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻳﻠﻬﻤﻪ وﻳﺒﻌﺚ ﻓﻴﻪ اﻟﻬﻤﺔ واﳉﺪ واﻟﻌﻄﺎء ..ﻓﺈﻧﻪ ﺗﻨﺒﻌﺚ ﻓﻰ روح ﻫﺬا اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ اﻟﻘﻮة واﳊــﺮﻛــﺔ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﺼﻮره ﻋﻘﻞ ..وﺣــﲔ ﺗﻐﻴﺐ اﳌﻠﻬﻤﺎت واﳌﺤﺮﻛﺎت واﻟﺼﻮر اﳌﺸﺮﻗﺔ ﻣﻦ ﻋﻘﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺼﺒﺢ ﻳﺎﺋﺴﺎ ً ﻗﺎﻧﻄﺎ ً ﺧﺎﻧﻊ اﻟﻬﻤﺔ ﺿﻌﻴﻒ اﻟﻨﻔﺲ ﻻ ﻳﻘﺪر ﻋﻠﻰ ﺻﻨﻊ ﺷﻰء. ﻓﺼﺎﺣﺐ اﻷﻣﻞ واﻟﺘﻔﺎؤل ﻳﻬﺘﻢ ﺑﺎﳌﺴﺘﻘﺒﻞ وﻣﺎ ﻳﺠﺐ أن ﳝﻸه ﺑﻪ ﲟﺎ ﻳﻌﻮد ﻋﻠﻴﻪ وأﻣﺘﻪ ﺑﺎﻟﻨﻔﻊ واﳋﻴﺮ واﻹﻧﺴﺎن اﳌﻨﻬﺰم ﻫﻮ اﻟﺬى ﻳﻌﻴﺶ ﲢﺖ وﻃﺄة اﳌﺎﺿﻰ وآﻻم اﳌﺎﺿﻰ ﻓﻬﻮ اﺑﻦ اﳌﺎﺿﻰ ﲟﺎ ﺣﻮاه ﻣﻦ ﻣﻮاﻗﻒ وﻇﺮوف وﻣﺼﺎﻋﺐ. واﳌﺆﻣﻦ داﺋﻤﺎ ﻳﻌﻴﺶ اﻷﻣﻞ ﻓﻰ اﻟﺴﺮاء واﻟﻀﺮاء ،ﻓﻘﺪ ﻗﺎل اﻟﺮﺳﻮل ﷺ) :ﻋﺠﺒﺖ ﻷﻣﺮ اﳌﺆﻣﻦ أﻣﺮه ﻛﻠﻪ ﺧﻴﺮ إن أﺻﺎﺑﺘﻪ ﺳﺮاء ﺷﻜﺮ وإن أﺻﺎﺑﺘﻪ ﺿﺮاء ﺻﺒﺮ(. إن اﻟﻴﺄس ﻻ ﻳﻘﺪم ﺣﻠﻮﻻً وﻻ ﻳﺼﻨﻊ ﺷﻴﺌﺎ ً ﺳﻮى ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻵﻻم واﳌﺼﺎﻋﺐ ..واﻻﻟﺘﻔﺎت اﳌُﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻪ إﻟﻰ اﳋﻠﻒ واﻟﺮﺟﻮع اﳌﺴﺘﻤﺮ إﻟﻰ اﻟﻮراء ﻳﺴﻬﻢ ﻓﻰ ﺗﻀﺨﻴﻢ اﻟﺼﻮرة اﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻚ وﻇﺮوﻓﻚ وأﺣﻮاﻟﻚ. إﻧﻨﺎ ﺣﲔ ﻧﻌﻴﺶ ﺑﺎﻷﻣﻞ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺼﻨﻊ ﻷﻧﻔﺴﻨﺎ ﺑﻴﺘﺎ ً ﻣﻦ اﻟﻮﻫﻢ أو اﻷﺣﻼم اﻟﻮردﻳﺔ اﻟﻜﺎذﺑﺔ ﻛﻼ ..ﺑﻞ ﻧﺮﻳﺪ ﻣﺤﺮﻛﺎ ً ووﻗﻮداً ﻳﻜﻮن ﺑﺪاﻳﺔ اﻻﻧﻄﻼق ﻧﺤﻮ اﻷﻣﺎم..ﻧﺮﻳﺪ اﳋﻄﻮة اﻷوﻟــﻰ اﻟﺘﻰ ﺗﻌﻘﺒﻬﺎ ﺧﻄﻮات اﻟﻨﺠﺎح واﻟﺮﻳﺎدة واﻹﺑﺪاع ..ﻟﻨﻘﻞ ﻟﺰﻣﻦ اﻻﻧﻬﺰاﻣﻴﺔ وداﻋﺎ ً وﻟﻨﺒﺪأ ﻣﻦ اﻟﻠﺤﻈﺔ ﻓﻰ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻧﻔﺴﻨﺎ وزرع اﻟﺜﻘﺔ ﻓﻰ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻓﻰ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﺣﻰ اﳊﻴﺎة ..ﻓﺈن اﻷﻣﺔ اﻟﺘﻰ ﻳﺪب اﻟﻴﺄس واﻟﻘﻨﻮط وﺿﻌﻒ اﻟﻬﻤﺔ ﻓﻰ أﻓﺮادﻫﺎ ﻟﻬﻰ أﻣﺔ ﻻ ﺗﺴﺘﺤﻖ اﻟﻨﺼﺮ وﻻ اﻟﻨﺠﺎح وﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻣﺆﻫﻠﺔ ﻟﻠﺘﺮﺑﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺮش اﻟﺮﻳﺎدة واﳊﻀﺎرة واﻟﺘﻘﺪم ..وﻣﺎ ﺗﻘﺪم أﺣﺪ وﻻ ﳒﺤﺖ أﻣﺔ ﻣﻦ اﻷﱈ إﻻ ﺣﲔ وﺿﻌﻮا ﻓﻰ أذﻫﺎﻧﻬﻢ وﻋﻘﻮﻟﻬﻢ وأرواﺣﻬﻢ أﻫﺪاﻓﺎ ً ﺗﻠﻬﻤﻬﻢ ﺗﺴﺘﻔﺰ ﻛﻞ ﺧﻠﻴﺔ ﻓﻰ ﺟﺴﺪﻫﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻠﻮا إﻟﻰ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪون. دﺧﻞ رﺳﻮل اﷲ ﷺ،ذات ﻳﻮم اﳌﺴﺠﺪ ﻓﺈذا ﻫﻮ ﺑﺮﺟﻞ ﻣﻦ اﻷﻧﺼﺎر
ﻓﻠﻨﺘﻤﺴﻚ ﺟﻤﻴﻌ ﹰﺎ ﺑﺎﻷﻣﻞ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻠﻨﺎ ﺩﺍﺋﻤ ﹰﺎ ﺣﺴﻨﻰ ﺍﻟﻈﻦ ﺑﻚ.. ﻣﻮﻗﻨﻦﻴ ﻓﻰ ﻛﺮﻣﻚ ﻭﻋﻔﻮﻙ ﻭﺭﺣﻤﺘﻚ ﺁﻣﻠﻦﻴ ﺩﺍﺋﻤ ﹰﺎ ﻓﻰ ﺟﻨﺘﻚ
ﺳﻤﺎﺡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ
ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﺠﻨﺪﻯ ﻳﺤﺪﺩ ﻟﻨﺎ ﺃﻗﺴﺎﻣﻪ ﻭﻣﻔﻬﻮﻣﻪ
ﺃﺩﺏ ﺍﻻﺧﺘﻼﻑ ﺑﻦﻴ ﺍﻟﻨﺎﺱ
اﳋــﻼف واﻻﺧــﺘــﻼف ﻣﻦ ﺻﻔﺎت اﻟﺒﺸﺮ..ﻓﻘﺪ ﺧﻠﻖ اﷲ اﻟﻨﺎس وﺟﻌﻞ اﻻﺧﺘﻼف ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺗﻬﻢ..وﻟﻜﻦ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻻﺧﺘﻼف ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺗﺘﻨﻮع ﺑﻬﺎ اﻟﺮؤى واﻷﻓﻜﺎر ﻟﻴﻨﻔﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﻨﺎس اذا ﻣﺎﻛﺎن اﳋﻼف ﻓﻰ إﻃﺎر اﳋﻠﻖ واﻟﻀﻮاﺑﻂ واﻻداب اﻟﺘﻰ ﻋﻠﻤﻨﺎ إﻳﺎﻫﺎ اﳊﺒﻴﺐ ﷺ..وﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﻟﻌﻜﺲ ﻓﻴﺆدى إﻟﻰ اﻟﺸﻘﺎق واﻟﺘﺸﺮذم واﻟﻔﺮﻗﺔ..وﺣﻮل أدب اﻻﺧﺘﻼف وﺧﻠﻘﻪ وﻣﻔﻬﻮﻣﻪ وأﻗﺴﺎﻣﻪ ﻳﺤﺪﺛﻨﺎ اﻟﺪاﻋﻴﺔ اﻟﺸﻴﺦ ﺧﺎﻟﺪ اﳉﻨﺪى..ﻓﻤﺎذا ﻗﺎل؟ إن ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻻﺧﺘﻼف ﺗﻔﺮض آداﺑﻪ ﻓﻘﺪ ﻳﻜﻮن ﻋﻠﻤﻴﺎ ً وﻗﺪ ﻳﻜﻮن ﻓﻜﺮﻳﺎ ً وﻗﺪ ﻳﻜﻮن اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎً..وﻟﻜﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻻﺧﺘﻼﻓﺎت أدﺑﻪ اﳋﺎص ﻗﺴﻢ ﻫﺬه اﻵداب إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﻗﺴﺎم: ﺑﻪ ..وﻗﺪ َّ أوﻻً:اﻵداب اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ :وﺗﻮﺟﺪ ﻟﻬﺎ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻷﺧﻼﻗﻴﺔ اﻟﺘﻰ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﺮاﻋﺎﺗﻬﺎ ﻣﺜﻞ )اﺣﺘﺮام اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ ﲟﻌﻨﻰ ﻋﺪم اﺣﺘﻘﺎره ﺑﺎﻟﻠﻔﻆ او اﻟﺘﻌﺎﺑﻴﺮ اﳊﺮﻛﻴﺔ ،ﺣﺴﻦ اﻟﻈﻦ ﺑﺎﻵﺧﺮ،ﻋﺪم ﻏﻴﺒﺔ اﻵﺧﺮ وﺗﺘﺒﻊ ﻋﻴﻮﺑﻪ وﻋﻮراﺗﻪ؟ﻋﺪم ﺗﺼﻴﺪ ﻋﻮرات اﻵﺧﺮ(. ﺛﺎﻧﻴﺎً:اﻵداب اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ :وﺗﺸﻤﻞ وﺟﻮب ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻃﺮاف اﳊﻮار ﺑﺎﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﺤﻮر اﻟﻨﻘﺎش وﲤﺘﻌﻬﻢ ﺑﺎﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﺑــﺪاء اﻟﺮأى وﺣﺐ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﳊﻘﻴﻘﺔ ﻛﺄﺳﻠﻮب ﻋﻠﻤﻰ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ.. وﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻜﺎﻓﺆ أﻃﺮاف اﳊﻮار وﻗﺪ ﺻﺪق اﻟﺸﺎﻓﻌﻰ رﺣﻤﻪ اﷲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل) :ﻣﺎ ﺟﺎدﻟﺖ ﻋﺎﳌﺎ ً إﻻ وﻏﻠﺒﺘﻪ ،وﻣﺎ ﺟﺎدﻟﻨﻰ ﺟﺎﻫﻞ إﻻ ﻏﻠﺒﻨﻲ!( .واﻟﺸﺎﻓﻌﻰ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ أن ﻫﻨﺎك ﺻﻨﻔﺎ ً ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﻻﻳﺠﻴﺪون أدب اﻻﺧﺘﻼف وﻣﺘﻌﺼﺒﻰ اﻟﺮأى وﻻﻳﺘﻴﺤﻮا ﻟﻠﻄﺮف اﻵﺧــﺮ أن ﻳﻘﻮل رأﻳــﻪ ﲢﺠﺮاً وﺗﺸﺎﻏﺒﺎ ً دون اﻵداب واﻻﻟﺘﺰام ﺑﺎﳌﻮﺿﻮﻋﻴﺔ وإﻧﺼﺎف اﻟﺮأى اﻵﺧﺮ ﺑﺎﻻﺑﺘﻌﺎد ﻋﻦ "ﺣﺐ اﻟﺬات وﺻﻨﻤﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮ واﻷﺷﺨﺎص"وﻟﺬﻟﻚ رﲟﺎ ﺗﻜﻮن اﻟﻐﻠﺒﺔ ﻟﻬﻢ وﻟﻜﻦ ﻟﻴﺲ اﺣﻘﺎﻗﺎ ً ﻟﻠﺤﻖ واﺑﻄﺎل اﻟﺒﺎﻃﻞ. ﺛﺎﻟﺜﺎً:اﻵداب اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ :ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﻣﺮاﻋﺎة أﻣﻮر ﻋﺪة ﻣﺜﻞ: )اﻟﺘﻜ ّﻴﻒ ﻣﻊ اﻟﺮأى اﻵﺧﺮ وﻗﺒﻮل اﻻﺧﺘﻼف،ﻋﺪم إﺳﻘﺎط اﻵﺧﺮ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎً ،اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺤﻖ إﺑﺪاء اﻟﺮأي(. إﻧﻨﺎ ﻧﻌﻠﻢ اوﻻدﻧﺎ وﻧﻠﻘﻨﻬﻢ آداب اﻻﻛﻞ واﻟﺸﺮب واﻟﻨﻮم ..اﻟﺦ وذﻟﻚ ﺣﺴﺐ ﺗﻌﺎﻟﻴﻢ دﻳﻨﻨﺎ ﻟﻜﻨﻨﺎ اﺑﺪاً ﻟﻢ ﻧﻌﻠﻤﻬﻢ اداب اﻟﺮﺳﻮل اﻟﻜﺮﱘ ﷺ ﻓﻰ اﳊﻮار وﺗﺄدﺑﻪ ﻓﻰ اﻟﻠﻔﻆ. إن ادب اﳊﻮار ﻣﻬﺎرة ﻳﺠﺐ أن ﻧﺤﺮص ﻋﻠﻰ أن ﻳﻜﺘﺴﺒﻬﺎ اﻻﻃﻔﺎل اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﺼﺒﺤﻮن ﺷﺒﺎﺑﺎ ﳝﺜﻠﻮن ﺳﻮاﻋﺪ ﻣﺠﺘﻤﻌﻬﻢ.. ﻫﻞ ﻳﺆﻣﻦ ﺷﺒﺎﺑﻨﺎ اﻟﻴﻮم ﲟﻘﻮﻟﺔ اﻻﻣــﺎم اﻟﺸﺎﻓﻌﻰ) :ﻣﺎ ﻛﻠﻤﺖ أﺣــﺪاً ﻗ ّ ﺴﺪد و ُﻳﻌﺎن ،وﺗﻜﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﻂ إﻻ أﺣﺒﺒﺖ أن ُﻳﻮﻓّﻖ و ُﻳ ّ رﻋﺎﻳﺔ اﷲ وﺣﻔﻈﻪ ،وﻣﺎ ﻧﺎﻇﺮﻧﻰ أﺣﺪ إﻻدﻋﻮت اﷲ ُ!أن َﻳﻈ ََﻬ َﺮ اﳊﺠﺔُ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻧﻪ أو ﻟﺴﺎﻧﻲ(. ّ ﺳﻮء اﻟﻔﻬﻢ :إن ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺳﻮء اﻟﻔﻬﻢ أو اﻟﺘﻔﺎﻫﻢ واﺣﺪة ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﳌﻬﻤﺔ اﻟﺘﻰ ﻧﻌﻴﺸﻬﺎ ﺳﻮاء ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻔﻜﺮى أو اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻰ وﻣﺎ ﺗﺸﻬﺪه ﺳﺎﺣﺎت اﳊﻮار ﻣﻦ اﻓﺮاز ﻋﺪاﺋﻰ ﻫﻮ دﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺳﻮء اﻟﻔﻬﻢ ﻓﻨﺤﻦ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺤﺘﺮم ﻣﻦ ﻧﺨﺘﻠﻒ ﻣﻌﻪ وﻻ ﺣﺘﻰ ﻧﻘﺒﻞ وﺟﻮده،ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺸﻬﺪ ﺣﺎﻟﺔ اﳉﻔﺎء وﻋﺪم اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻟﺒﻌﻀﻨﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻔﻜﺮي،وﲢﻴﻂ
ﺑﻨﺎ ﻋﺪم اﻟﺜﻘﺔ ﻓﻰ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻵﺧﺮ،ﻛﻤﺎ اﻧﻨﺎ اﺳﺘﺴﻬﻠﻨﺎ ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﺘﻬﻢ،وﻗﺪ ﺗﻮرﻃﻨﺎ ﻓﻰ ﻣﺤﺎوﻟﺔ إﻗﺼﺎء اﻵﺧﺮ،وﻗﻮﻟﺒﺘﻪ ﺿﻤﻦ اﳌﻤﻨﻮع او اﳌﺨﺘﻠﻒ اﻟﺸﺎذ ،وﳒﺪ ﻫﺬا اﻟﺼﻨﻒ ﺗﺴﻠﻄﻴﺎ ً ﻳﻔﺮض اﳊﻮار ﺑﻨﻔﻮذه أﺣﻴﺎﻧﺎ دون ﺗﻘﻮى ﻣﻦ اﷲ. ان اﻟﻄﻔﻞ اﻟــﺬى ﻳﻘﻤﻊ رأﻳــﻪ وﻻ ﲢﺘﺮم رﻏﺒﺘﻪ ﻻ ﳝﻜﻦ أن ﻳﻮﺟﺪ ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺘﺴﻊ ﻟﺘﻔﻬﻢ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﳌﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻮﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮه،وأﻻ ﻳﺮﺑﻰ ﻋﻠﻰ اﳋﻼف ﻓﻰ اﻟﺮأي،وﻳﺠﺐ أن ﻳﺘﺎح ﻟﻪ ﻓﺮﺻﺔ أن ﻳﻘﻮل رأﻳــﻪ دون ﺣﺠﺮ أو وﺻﺎﻳﺔ ﺣﺘﻰ وإن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺛﻢ ﻧﻘﻨﻌﻪ ﺑﺎﻟﺼﻮاب. اﻻﺧﺘﻼف ﻗﺎﺋﻢ: ان اﻋﺘﻤﺎدﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻜﺮ اﳌﻌﻠﺐ ﻻ ﻳﺸﺠﻊ ﻋﻠﻰ اﺛﺮاء اﳌﻌﺮﻓﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺑﻞ اﻟﺘﻘﻮﻗﻊ واﻻﻧﻜﻤﺎش اﻟﺬى ﻳﺠﻤﺪ اﻟﻔﻜﺮ واﻟﺘﻔﻜﺮ واﻟﺘﺪﺑﺮ ﻓﻰ ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﻮات واﻷرض وﻫﻮ ﻋﺒﺎدة. وان اﺧﺘﻠﻔﺖ آراؤﻧﺎ وﺗﻮﺟﻬﺎﺗﻨﺎ ﻧﺸﺘﺮك ﻓﻴﻤﺎ وﻫﺒﻪ اﷲ ﻟﻜﻞ اﻟﺒﺸﺮ وﻓﻀﻠﻨﺎ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ وﻫﻮ اﻟﻌﻘﻞ ..وﻫﺬا ﺑﻌﺪ أن ﺟﻤﻌﻨﺎ رب واﺣﺪ وﻛﺘﺎب واﺣﺪ ورﺳﻮل واﺣﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﷺ. ﻫﺬا اﻟﻌﻘﻞ ﻗﺪ ﻳﻘﺮأ ﺑﻨﻮر اﻟﻘﻠﺐ واﻟﺒﺼﻴﺮة ﻗﺒﻞ أن ﻳﻘﺮأ ﺑﻌﻴﻨﻪ وﻻﺑﺪ أن ﻳﻜﻮن اﻟﻌﻘﻞ ﺗﺎﺑﻌﺎ ً ﻟﻠﻨﻘﻞ وﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﳝﻜﻦ ﻟﻨﺎ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺸﻜﻞ اﻳﺠﺎﺑﻰ ﻟﻜﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻌﻘﻞ اﻧﻨﺎ ﻧﺤﻦ اﻟﺒﺸﺮ ﻣﻦ ﻳﻐﺬﻳﻪ ﺑﺎﻟﻌﻠﻢ واﳌﻌﺮﻓﺔ وﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻟﺰاﻣﺎ ً أن ﻳﺪرك اﻻﻧﺴﺎن ﻣﺴﺌﻮﻟﻴﺘﻪ
وﻗﻌﺖ ﻓﻰ ﺷﻬﺮ ﺷﻮال ﻣﻦ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻣﻦ ﻫﺠﺮة اﻟﻨﺒﻰ ﷺ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎن ﻟﻔﺘﺢ ﻣﻜﺔ رد ﻓﻌﻞ ﻟﺪى اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة اﻟﻘﺮﻳﺒﺔ، وﻓﻰ ﻣﻘﺪﻣﺘﻬﺎ ﻗﺒﻴﻠﺘﺎ )ﻫﻮزان( و)ﺛﻘﻴﻒ( ،واﺟﺘﻤﻊ رؤﺳﺎء اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ وﺳﻠﻤﻮا ﻗﻴﺎد أﻣﺮﻫﻢ إﻟﻰ ﻣﺎﻟﻚ ﺑﻦ ﻋﻮف ﺳﻴﺪ )ﻫﻮزان( ،وأﺟﻤﻌﻮا أﻣﺮﻫﻢ ﻋﻠﻰ اﳌﺴﻴﺮ ﻟﻘﺘﺎل اﳌﺴﻠﻤﲔ ،ودارت رﺣﺎﻫﺎ ﻓﻰ وادى
ﺣﻨﲔ ،وﻛﺎن ﻋﺪد اﳌﺴﻠﻤﲔ اﺛﻨﻰ ﻋﺸﺮ أﻟ ًﻔﺎ ،،ﻓﻘﺎل اﳌﺴﻠﻤﻮن" :ﻟﻦ ﺷﻖ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ ﷺ وﻇﻬﺮ ﻋﻠﻰ ُﻧ ْﻐﻠَﺐ اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﻗﻠﺔ"َّ ، وﺟﻬﻪ اﳊــﺰن ،وﺣﺪﺛﺖ ﺑﻌﺪﻫﺎ اﻟﻜﺎرﺛﺔ ،ﻓﻤﺎ ﻫﻰ إﻻ دﻗﺎﺋﻖ ﻣﻦ دﺧﻮل ﺟﻴﺶ اﳌﺴﻠﻤﲔ ﺣﺘﻰ اﻧﻬﺎﻟﺖ ﻋﻠﻴﻪ اﻷﺳﻬﻢ واﻟﺮﻣﺎح ﻓﺨﺎرت ﻋﺰاﺋﻤﻬﻢ ﻓﻰ ﳊﻈﺎت ،وﻇﻞ درﺳﻬﺎ ﻣﻦ أﻋﻤﻖ اﻟــﺪروس ،ﻓﻜﻠﻬﻢ
ﻳﺠﺐ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﳴﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﳴﺆﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺬﻛﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻟﻴﺴﺘﻌﺪ ﻟﻪ ﻭﺫﻟﻚ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ
ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ
ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ "ﻳﻮﻣﺌﺬ ﺗﻌﺮﺿﻮن ﻻ ﺗﺨﻔﻰ ﻣﻨﻜﻢ ﺧﺎﻓﻴﺔ" )اﳊﺎﻗﺔ ( ١٨ :اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺰرﻋﺔ ﻟﻼﺧﺮة ﻓﻤﻦ زرع ﻫﻨﺎ ﺣﺼﺪ ﻓﻰ اﻵﺧﺮة واﻟﺰرع ﻫﻨﺎ اﻻﻋﻤﺎل اﻟﺼﺎﳊﺔ وﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺬﻛﺮ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﻳﻀﻴﻒ اﻟﻴﻪ أن ﻳﻜﻮن ﺻﺎﳊﺎ ً ﺻﺎﳊﺎ ً ﻣﻦ اﻟﺮﻳﺎء وﺻﺎﳊﺎ ً ﻟﻠﻌﺮض ﻋﻠﻰ اﳌﻮﻟﻰ ﻋﺰ وﺟﻞ واﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻘﻮل "ﻳﻮﻣﺌﺬ ﺗﻌﺮﺿﻮن" ﻫﺬا اﻟﻌﺮض ﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ اﷲ ﺷﻰء وﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻰ اﷲ ﺷﻰء ﻓﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ وﻻ ﻓﻰ اﻻﺧﺮة ﻫﺬا ﻳﻮم اﻟﻌﺮض ﻳﻮم اﳊﺴﺎب ﻳﻮم اﻟﻄﺎﻣﺔ ﻳﻮم اﻟﺼﺎﺧﺔ ﻳﻮم اﻟﻘﺎرﻋﺔ ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻰ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﱘ ﻳﻮم ﻋﺴﻴﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺎﻓﺮﻳﻦ ﻏﻴﺮ ﻳﺴﻴﺮ "إن اﳌﺘﻘﲔ ﻓﻰ ﻇﻼل وﻋﻴﻮن وﻓﻮاﻛﻪ ﳑﺎ ﻳﺸﺘﻬﻮن ﻛﻠﻮا واﺷﺮﺑﻮا ﻫﻨﻴﺌﺎ ﲟﺎ ﻛﻨﺘﻢ ﺗﻌﻤﻠﻮن إﻧﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﳒﺰى اﳌﺤﺴﻨﲔ " ﻫﺬا اﻟﻴﻮم ﻫﻨﻴﺌﺎ ﺑﻪ ﻟﻠﻤﺤﺴﻨﲔ ﻟﻠﺬﻳﻦ أﺣﺴﻨﻮا اﻟﻌﻤﻞ واﺧﻠﺼﻮا ﷲ ﻓﻰ أﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻣﺘﻰ ﻳﺄﺗﻰ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم إﳕﺎ ﻋﻠﻤﻪ ﻋﻨﺪ رﺑﻰ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻪ اﻻ اﷲ ﻓﺈذا ﻗﺮأﻧﺎ اﻟﻘﺮآن وﺗﺪﺑﺮﻧﺎ ﳒﺪ اﻻﺟﺎﺑﺔ ﻣﻦ رﺑﻨﺎ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ
ﲡﺎه ﺗﺼﻮره وﻓﻬﻤﻪ ﻟﻸﻣﻮر. وﻣﻦ اﻷدﻟﺔ اﻟﺘﻰ ﺗﺸﻬﺪ ﻟﻔﻄﺎﻧﺔ اﻟﺮﺳﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﺴﻼم ﻗﺼﺔ ﻧﻮح ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ﻣﻊ ﻗﻮﻣﻪ ﺣﻴﺚ ﺟﺎدﻟﻬﻢ وﺳﻠﻚ ﻣﻌﻬﻢ ﻣﺴﻠﻚ اﳊﻜﻤﺔ واﻷﺳﻠﻮب اﳌﻘﻨﻊ إﻻ أﻧﻬﻢ ﺿﺎﻗﻮا ذرﻋﺎ ً ﺑﻘﻮة ﻣﺠﺎدﻟﺘﻪ وﺑﻴﺎﻧﻪ وردوه رداً ﻏﻴﺮ ﺟﻤﻴﻞٍ . ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻰ ذﻟﻚ اﻟﺸﺄن) :ﻗﺎﻟﻮا ﻳﺎ ﻧﻮح ﻗﺪ ﺟﺎدﻟﺘﻨﺎ ﻓﺄﻛﺜﺮت ﺟﺪاﻟﻨﺎ ﻓﺄﺗﻨﺎ ﲟﺎ ﺗﻌﺪﻧﺎ إن ﻛﻨﺖ ﻣﻦ اﻟﺼﺎدﻗﲔ(. وﻗﺪ أﻣﺮه اﷲ ﲟﺠﺎدﻟﺔ ﺧﺼﻮﻣﻪ ﺑﺎﻟﺘﻰ ﻫﻰ أﺣﺴﻦ ،واﳌﺠﺎدل ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺘﻤﻴﺰ ﺑﻨﺒﺎﻫﺔ زاﺋﺪة وﻓﻄﺎﻧﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﺻﻞ ﺧﺼﻮﻣﻪ إﻟﻰ ﻃﺮﻳﻖ اﳊﻖ وﻳﻌﺮﻓﻬﻢ ﺑﻪ،اذا ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻫﺪى ﻣﻦ رﺑﻪ. ﻗﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ) :وﺟﺎدﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﻰ ﻫﻰ أﺣﺴﻦ( ﻓﺄﻣﺮ اﷲ ﻟﻪ ﲟﺠﺎدﻟﺔ اﳋﺼﻮم. وﻛﺎن رﺳﻮﻟﻨﺎ ﷺ ﻳﺤﺰن وﻳﺸﺘﺪ ﺣﺰﻧﻪ ﻣﻦ ﻗﻮل اﳌﺸﺮﻛﲔ ﻓﻴﻘﻮل ﺗﻌﺎﻟﻰ) :ﻓﻼ ﻳﺤﺰﻧﻚ ﻗﻮﻟﻬﻢ إﻧﺎ ﻧﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻳﺴﺮون وﻣﺎ ﻳﻌﻠﻨﻮن(. ﻳﻘﻮل اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻟﻌﺰﻳﺰ) :وﻟﻮ ﺷﺎء رﺑﻚ ﳉﻌﻞ اﻟﻨﺎس أﻣﺔ واﺣﺪة وﻻ ﻳﺰاﻟﻮن ﻣﺨﺘﻠﻔﲔ(. ﻟﻘﺪ اﻗﺘﻀﻰ اﷲ أن ﻳﺨﻠﻖ اﻟــﻨــﺎس ﺟﻤﻴﻌﺎ ً ﻣﺨﺘﻠﻔﲔ، واﻻﺧــﺘــﻼف أﻣــﺮ ﻃﺒﻴﻌﻴﻰ ﻳــﻘــﺮره اﻟــﻘــﺮآن واﻟﻌﻘﻞ واﻟﺘﺎرﻳﺦ أﻳﻀﺎ،وﻫﺬا اﻻﺧﺘﻼف ﻫﻮ ﻣﻦ ﺛﻮاﺑﺖ ﻧﻈﺎم اﳋﻠﻖ وﻗﺎﻧﻮن ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻰ داﺋﺮﺗﻪ ﺟﻤﻴﻊ اﳌﺨﻠﻮﻗﺎت اﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﻓﻠﺬا ﻣﻦ اﻟﻄﺒﻴﻌﻰ أن ﳒﺪ اﻟﻨﺎس ﻣﺨﺘﻠﻔﲔ ﻓﻰ اﻓﻜﺎرﻫﻢ وﺳﻠﻮﻛﻴﺎﺗﻬﻢ وﻋﺎداﺗﻬﻢ وﻋﻠﻴﻨﺎ ﻗﺒﻮل اﻵﺧﺮ اﻟﺬى ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﺎ وﻟﻴﺲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﺳﺘﻨﺴﺎﺧﻪ ﻓﻜﺮﻳﺎ إذ إﻧﻬﺎ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺧﺎﺳﺮة ﻓﻘﺪ ﺧﻠﻖ اﷲ اﻟﻨﺎس ﻣﺨﺘﻠﻔﲔ ﳊﻜﻤﺔ وﻋﺒﺮة. إﻧﻨﺎ ﻓﻰ رﻓﻀﻨﺎ ﻟﻬﺬا اﳌﺨﺘﻠﻒ ﻋﻨﺎ ﻧﻜﺮس ﻟﺪى ذواﺗﻨﺎ ﻓﻜﺮة ﺻﻮاﺑﻨﺎ وﺧﻄﺌﻪ وﻫﺬا ﻟﻴﺲ ﺻﺤﻴﺤﺎ ً وﻻ ﳝﻜﻦ ﻗﺒﻮل ﺗﺨﻄﺌﺔ اﻵﺧﺮ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺸﺒﻬﻨﺎ إذ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ اﺛﺒﺎت اﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﻮاب ﻓﻰ آراﺋﻨﺎ وﺗﻮﺟﻬﺎﺗﻨﺎ ﲡﺎه ﻗﻀﻴﺔ ﻣﺎ. واﳊــﻮار واﳉــﺪال ذو دﻻﻟﺔ واﺣــﺪة ،وﻗﺪ اﺟﺘﻤﻊ اﻟﻠﻔﻈﺎن ُﻚ ِﻓﻰ َزوﺟِ َﻬﺎ ﺳ ِﻤ َﻊ اﷲَُّ ﻗَﻮ َل ا َﻟ ِّﺘﻰ ُ َ ﲡ ِﺎدﻟ َ ﻓﻰ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ) :ﻗَﺪ َ ﺳ ِﻤﻴ ٌﻊ ﺑَ ِ ﺼﻴ ٌﺮ(. ﺴﻤ ُﻊ َ َ ﲢﺎ ُورَﻛ َُﻤﺎ إِ َّن اﷲَّ َ َوﺗَﺸ َﺘ ِﻜﻰ إِ َﻟﻰ اﷲَِّ َواﷲَُّ َﻳ َ وﻳﺮاد ﺑﺎﳊﻮار واﳉﺪال ﻓﻰ ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﻨﺎس :ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﺑﲔ ﺣﺠ ٍﺔ، ﻃﺮﻓﲔ أو أﻃﺮافُ ،ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻬﺎ ﺗﺼﺤﻴﺢ ﻛﻼمٍ ،وإﻇﻬﺎر َّ ٍ ﺷﺒﻬﺔ ،ور ُّد اﻟﻔﺎﺳﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻮل واﻟﺮأى. وإﺛﺒﺎت ﺣﻖٍ ،ودﻓﻊ ﻓﺎذا ﻋﻠﻤﻨﺎ أن اﳊﻮار واﳉﺪال ﻣﺘﻄﺎﺑﻘﺎن ﻓﻰ اﳌﺪﻟﻮل ﻓﺎن ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﻌﺮف ﻛﻴﻒ ﳝﻜﻦ أن ﳕﺎرس اﳊﻮار واﳌﺠﺎدﻟﺔ ﻓﻰ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ. ﻓﺎﳊﻮار ﺟﺰء ﻣﻦ ﺣﻴﺎة اﻻﻧﺴﺎن اﻟﺬى ﻣﻨﺤﻪ اﷲ ﻧﻌﻤﺔ اﻟﻠﻐﺔ واﻟﻔﻬﻢ..ﻓﺎﻟﻠﻬﻢ اﻫﺪﻧﺎ وأﺻﻠﺢ ذات ﺑﻴﻨﻨﺎ وأﻟــﻒ ﺑﲔ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ واﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮن اﻟﻘﻮل ﻓﻴﺘﺒﻌﻮن أﺣﺴﻨﻪ.
ﺳﻤﺎﺡ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻔﺘﺎﺡ
ﺩﻋﺎﺀ
اﻟﻠﻬﻢ إﻧﻰ أﺳﺄﻟﻚ اﻟﻔﻮز ﻋﻨﺪ اﻟﻘﻀﺎء وﻣﻨﺎزل اﻟﺸﻬﺪاء وﻋﻴﺶ اﻟﺴﻌﺪاء واﻟﻨﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﺪاء وﻣﺮاﻓﻘﺔ اﻷﻧﺒﻴﺎء، اﻟﻠﻬﻢ إﻧﻰ أﻧﺰل ﺑﻚ ﺣﺎﺟﺘﻰ وإن ﺿﻌﻒ رأﻳﻰ وﻗﻠﺖ ﺣﻴﻠﺘﻰ وﻗﺼﺮ ﻋﻤﻠﻰ واﻓﺘﻘﺮت إﻟﻰ رﺣﻤﺘﻚ ،ﻓﺄﺳﺄﻟﻚ ﻳﺎ ﻛﺎﻓﻰ اﻷﻣﻮر وﻳﺎ ﺷﺎﻓﻰ اﻟﺼﺪور ﻛﻤﺎ ﲡﻴﺮ ﺑﲔ اﻟﺒﺤﻮر أن ﲡﻴﺮﻧﻰ ﻣﻦ ﻋﺬاب اﻟﺴﻌﻴﺮ وﻣﻦ دﻋﻮة اﻟﺜﺒﻮر وﻣﻦ ﻓﺘﻨﺔ اﻟﻘﺒﻮر، اﻟﻠﻬﻢ ﻣﺎ ﻗﺼﺮ ﻋﻨﻪ رأﻳﻰ وﺿﻌﻒ ﻋﻨﻪ ﻋﻤﻠﻰ وﻟﻢ ﺗﺒﻠﻐﻪ ﻧﻴﺘﻰ وأﻣﻨﻴﺘﻰ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ وﻋﺪﺗﻪ أﺣﺪ ًا ﻣﻦ ﻋﺒﺎدك أو ﺧﻴﺮ ًا أﻧﺖ ﻣﻌﻄﻴﻪ أﺣﺪ ًا ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻚ ﻓﺈﻧﻰ أرﻏﺐ إﻟﻴﻚ ﻓﻴﻪ وأﺳﺄﻟﻜﻪ ﻳﺎرب اﻟﻌﺎﳌﲔ ،اﻟﻠﻬﻢ اﺟﻌﻠﻨﺎ ﻫﺎدﻳﻦ ﻣﻬﺘﺪﻳﻦ ﻏﻴﺮ ﺿﺎﻟﲔ وﻻ ﻣﻀﻠﲔ ﺣﺮﺑ ًﺎ ﻷﻋﺪاﺋﻚ وﺳﻠﻤ ًﺎ ﻷوﻟﻴﺎﺋﻚ ﻧﺤﺒﺐ ﺑﺤﺒﻚ ﻣﻦ أﻃﺎﻋﻚ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻚ وﻧﻌﺎدى ﺑﻌﺪاوﺗﻚ ﻣﻦ ﺧﺎﻟﻔﻚ ﻣﻦ ﺧﻠﻘﻚ ،اﻟﻠﻬﻢ ﻫﺬا اﻟﺪﻋﺎء وﻋﻠﻴﻚ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻳﺎرب اﻟﻌﺎﳌﲔ.
ﺣﺪﻳﺚ
ب اﻟﻌﺎﳌﲔ أﻳﻘﻨﻮا أن اﻟﻨﺼﺮ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻌﺪد ،وﻻ ﺑﺎﻟﻌﺪة ،وإﳕﺎ ﺑﻨﺼﺮ ر ِّ ﺳﺠﻠﺖ ﻫﺬه اﻟﻐﺰوة ﻓﻰ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﱘ ﺑﻘﻮل اﷲ ﻟﻠﺠﻴﺶ ،وﻗﺪ ُ ﲔ إِ ذْ أَ ْﻋ َﺠ َﺒ ْﺘﻜُ ْﻢ ﺣ َﻨ ْ ٍ ﻴﺮ ٍة َو َﻳ ْﻮ َم ُ ﺗﻌﺎﻟﻰَ " :ﻟ َﻘ ْﺪ َﻧ َ ﺼ َﺮ ُﻛ ُﻢ اﷲُّ ِﻓﻰ َﻣ َﻮاﻃِ َﻦ َﻛ ِﺜ َ ﺖ ﺛ َُّﻢ ﺣ َﺒ ْ ﺿﺎ َﻗ ْ ﺷ ْﻴﺌًﺎ َو َ َﻛﺜ َْﺮ ُﺗﻜُ ْﻢ َﻓﻠَ ْﻢ ُﺗ ْﻐ ِﻦ َﻋﻨﻜُ ْﻢ َ ﲟﺎ رَ ُ ﺖ َﻋﻠَ ْﻴﻜُ ُﻢ اﻷَرْ ُ ضِ َ َو َّﻟ ْﻴﺘُﻢ ُّﻣ ْﺪﺑِ ﺮِﻳ َﻦ" )اﻟﺘﻮﺑﺔ.(٢٥:
ﻓﻰ ﺭﺣﺎﺏ ﺁﻳﺔ ﺟﺎﺑﺮ ﺍﻟﺪﺳﻮﻗﻲ
ﻓﻰ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم ﻣﻦ ﻳﺄﺧﺬ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﻴﻤﻴﻨﻪ وﻓﺮﻳﻖ آﺧﺮ ﻳﺄﺧﺬ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺑﺸﻤﺎﻟﻪ وﻓﺮﻳﻖ آﺧﺮ ﻳﺄﺧﺬ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻣﻦ وراء ﻇﻬﺮه وﻻ ﻳﻈﻠﻢ رﺑﻚ أﺣﺪاً واﻟﻘﺎﺿﻰ ﻓﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻳﺤﻜﻢ ﲟﺎ ﻇﻬﺮ ﻟﻪ وﻟﻜﻦ اﷲ ﻳﻘﻀﻰ وﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻰء واﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﱘ ﻳﻮﺿﺢ وﻳﺒﲔ ﻟﻨﺎ ﻛﻞ ذﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ "أﻓﻼ ﻳﺘﺪﺑﺮون اﻟﻘﺮآن أم ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻮب اﻗﻔﺎﻟﻬﺎ" وآﻳﺔ أﺧﺮى ﻳﻘﻮل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ " أﻓﻼ ﻳﺘﺪﺑﺮون اﻟﻘﺮآن وﻟﻮ ﻛﺎن ﻣﻦ ﻋﻨﺪ ﻏﻴﺮ اﷲ ﻟﻮﺟﺪوا ﻓﻴﻪ اﺧﺘﻼﻓﺎ ً ﻛﺜﻴﺮاً "ﻓﺈذا ﺗﺪﺑﺮﻧﺎ ﻫﺬه اﻻﻳﺔ اﻟﺘﻰ ﻣﻌﻨﺎ أى ﻳﻮم اﻟﻌﺮض ﻓﻬﻞ ﻧﺄﺗﻰ ﲟﻦ ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻨﺎ؟ أو ﻫﻞ ﻧﺄﺗﻰ ﲟﺤﺎم أو ﻗﺎض أو ﻧﺪﻓﻊ أﻣﻮاﻻً ﻟﻨﺪاﻓﻊ ﻋﻦ أﻧﻔﺴﻨﺎ وﻟﻜﻦ ﺗﺸﻬﺪ اﻻﻋﻀﺎء وﻳﻨﻄﻘﻬﺎ اﷲ اﻟﺬى أﻧﻄﻖ ﻛﻞ ﺷﻰء وﻫﻮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻰء ﻗﺪﻳﺮ وﻟﻦ ﻳﻌﺠﺰه ﺷﻰء ﻓﻰ اﻷرض وﻻ ﻓﻰ اﻟﺴﻤﺎء ﻟﺬا ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﳌﺴﻠﻢ ﻋﻠﻰ اﳌﺆﻣﻦ أن ﻳﺘﺬﻛﺮ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ﻟﻴﺴﺘﻌﺪ ﻟﻪ وذﻟﻚ ﻻ ﻳﻜﻮن اﻻ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ وذﻟﻚ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﳌﻮاﺻﻠﺔ واﻻﺳﺘﻤﺮار ﻓﻰ اﻟﻌﺒﺎدة واﷲ ﻏﻨﻰ ﻋﻦ اﻟﻌﺎﳌﲔ
ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ "ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﺻﺎﳊﺎ ً ﻓﻠﻨﻔﺴﻪ ..إﻣﺎ ﻟﻚ وإﻣﺎ ﻋﻠﻴﻚ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮل "ﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﻛﺴﺒﺖ وﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺎ اﻛﺘﺴﺒﺖ " وﻛﻤﺎ ﻗﻴﻞ :اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺳﺎﻋﺔ ﻓﺎﺟﻌﻠﻬﺎ ﻃﺎﻋﺔ واﻟﻬﺪف ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدة واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺼﺎﻟﺢ ﺳﻌﺎدة اﻟﺪﻧﻴﺎ وﺳﻌﺎدة اﻻﺧﺮة واﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﱘ ﻳﺬﻛﺮ اﻟﺘﺮﻏﻴﺐ واﻟﺘﺮﻫﻴﺐ أى اﻓﻌﻞ وﻻ ﺗﻔﻌﻞ أى اﻓﻌﻞ اﳌﻌﺮوف وﻻ ﺗﻔﻌﻞ اﳌﻨﻜﺮ واﷲ ﻳﻘﻮل وذﻛﺮ ﻓﺈن اﻟﺬﻛﺮى ﺗﻨﻔﻊ اﳌﺆﻣﻨﲔ واﳌﺆﻣﻦ ﺳﻤﻊ ﻓﺄﻃﺎع "ﺳﻤﻌﻨﺎ وأﻃﻌﻨﺎ" واﻻﳝــﺎن ﻣﺎ وﻗﺮ ﻓﻰ اﻟﻘﻠﺐ وﺻﺪﻗﻪ اﻟﻌﻤﻞ وﻟﻴﺲ ﻣﺠﺮد اﻟﻜﻼم أو اﻟﻘﻴﻞ واﻟﻘﺎل وﻻﺑﺪ ﻣﻦ اﻻﺧﻼص ﻓﻰ اﻟﻌﻤﻞ وﻳﻜﻮن اﻟﻘﺼﺪ وﺟﻪ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻓﺈذا ﻗﺮأﻧﺎ اﻟﻘﺮآن وﺗﺪﺑﺮﻧﺎ ﲟﺎ ﻓﻴﻪ وﻧﻌﻤﻞ وﻧﺨﻠﺺ ﻓﻰ أﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ﺣﺘﻰ ﻧﻨﺠﻮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﻴﻮم أى ﻳﻮم اﳊﺴﺎب وﻧﺴﺄل اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ أن ﻳﺪﺧﻠﻨﺎ اﳉﻨﺔ ﺑﻐﻴﺮ ﺣﺴﺎب وﻻ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﺬاب اﻟﻠﻬﻢ اﺳﺘﺠﺐ دﻋﺎﻧﺎ ﻓﻀﻼَ وﻛﺮﻣﺎ ً ﻣﻨﻚ ﻳﺎ رﺑﻨﺎ وﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ وﻋﻠﻰ اﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ أﺟﻤﻌﲔ ..أﻣﲔ
ﺇﺫﺍ ﺩﺧﻞ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﺍﳴﺴﺠﺪ ﻓﻠﺮﻴﻛﻊ ﺭﻛﻌﺘﻦﻴ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺠﻠﺲ
ﻗ ــﺎل رﺳ ــﻮل اﷲ ﷺ" :ﻣ ــﻦ ﺻــﻠــﻰ ﺻﻼﺗﻨﺎ واﺳﺘﻘﺒﻞ ﻗﺒﻠﺘﻨﺎ وأﻛــﻞ ذﺑﻴﺤﺘﻨﺎ ﻓﺬﻟﻚ اﳌﺴﻠﻢ اﻟﺬى ﻟﻪ ذﻣﺔ اﷲ وذﻣﺔ رﺳﻮﻟﻪ ﻓﻼ ﺗﺨﻔﺮوا اﷲ ﻓﻰ ذﻣﺘﻪ". ﻗﺎل رﺳﻮل اﷲ ﷺ" :ﻻ ﺗﺸﺪ اﻟﺮﺣﺎل إﻻ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺴﺎﺟﺪ اﳌﺴﺠﺪ اﳊﺮام وﻣﺴﺠﺪ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ وﻣﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﻰ. ﻗــﺎل رﺳ ــﻮل اﷲ ﷺ" :أﻋــﻄــﻴــﺖ ﺧﻤﺴﺎ ﻟﻢ
ﻏﺰﻭﺓ ﺣﻨﻦﻴ ﻓﻰ ﺷﻮﺍﻝ ﺳﻨﺔ ) 8ﻫـ(
ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ
ﻳﻘﺎل ﻟﻪ:أﺑﻮ أﻣﺎﻣﺔ ،ﻓﻘﺎل ﻳﺎ أﺑﺎ أﻣﺎﻣﺔ:ﻣﺎ ﻟﻰ أراك ﺟﺎﻟﺴﺎ ً ﻓﻰ اﳌﺴﺠﺪ ﻓﻰ ﻏﻴﺮ وﻗﺖ اﻟﺼﻼة؟ ﻗﺎل:ﻫﻤﻮم ﻟﺰﻣﺘﻨﻰ ودﻳﻮن ﻳﺎ رﺳﻮل اﷲ ،ﻗﺎل: أﻓﻼ أﻋﻠﻤﻚ ﻛﻼﻣﺎ ً إذا أﻧﺖ ﻗﻠﺘﻪ أذﻫﺐ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻫﻤﻚ وﻗﻀﻰ ﻋﻨﻚ دﻳﻨﻚ؟ ﻗﺎل:ﻗﻠﺖ ﺑﻠﻰ ﻳﺎ رﺳﻮل اﷲ ،ﻗﺎل:ﻗﻞ إذا أﺻﺒﺤﺖ وإذا أﻣﺴﻴﺖ:اﻟﻠﻬﻢ إﻧﻰ أﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ اﻟﻬﻢ واﳊﺰن وأﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ اﻟﻌﺠﺰ واﻟﻜﺴﻞ وأﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ اﳉﱭ واﻟﺒﺨﻞ وأﻋﻮذ ﺑﻚ ﻣﻦ ﻏﻠﺒﺔ اﻟﺪﻳﻦ وﻗﻬﺮ اﻟﺮﺟﺎل ،ﻗﺎل :ﻓﻔﻌﻠﺖ ذﻟﻚ ﻓﺄذﻫﺐ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ﻫﻤﻰ وﻗﻀﻰ ﻋﻨﻰ دﻳﻨﻰ. ﻗﺎل اﺑﻦ ﻗ ّﻴﻢ اﳉﻮز ّﻳﺔ :ﻛﻞّ اﺛﻨﲔ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﺮﻳﻨﺎن: ﻓﺎﻟﻬ ّﻢ واﳊﺰن ﻗﺮﻳﻨﺎن :ﻓﺈ ّن اﳌﻜﺮوه اﻟﻮارد ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻠﺐ إن ﻛﺎن ﻣﻦ أﻣﺮ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻳﺘﻮﻗّﻌﻪ أﺣﺪث اﻟﻬ ّﻢ ،وإن ﻛﺎن ﻣﻦ أﻣﺮ ﻣﺎض ﻗﺪ وﻗﻊ أﺣﺪث اﳊﺰن .واﻟﻌﺠﺰ واﻟﻜﺴﻞ ﻗﺮﻳﻨﺎن :ﻓﺈن ﺗﺨﻠّﻒ اﻟﻌﺒﺪ ﻋﻦ أﺳﺒﺎب اﳋﻴﺮ واﻟﻔﻼح إن ﻛﺎن ﻟﻌﺪم ﻗﺪرﺗﻪ ﻓﻬﻮ اﻟﻌﺠﺰ ،وإن ﻛﺎن ﻟﻌﺪم إرادﺗﻪ ﻓﻬﻮ اﻟﻜﺴﻞ. واﳉﱭ واﻟﺒﺨﻞ ﻗﺮﻳﻨﺎن :ﻓﺈ ّن ﻋﺪم اﻟﻨّﻔﻊ ﻣﻨﻪ إن ﻛﺎن ﺑﺒﺪﻧﻪ ﻓﻬﻮ اﻟﺒﺨﻞ. اﳉﱭ ،وإن ﻛﺎن ﲟﺎﻟﻪ ﻓﻬﻮ ُّ اﻟﺪ ْﻳﻦ وﻗﻬﺮ اﻟ ّﺮﺟﺎل ﻗﺮﻳﻨﺎن :ﻓﺈ ّن اﺳﺘﻴﻼء اﻟﻐﻴﺮ ﻋﻠﻴﻪ إن وﺿﻠْﻊ َّ اﻟﺪ ْﻳﻦ ،وإن ﻛﺎن ﺑﺒﺎﻃﻞ ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﻗﻬﺮ اﻟ ّﺮﺟﺎل. ﻛﺎن ّ ﺑﺤﻖ ﻓﻬﻮ ﻣﻦ َ ﺿﻠْﻊ ّ واﻟﺬّ ﻧﻮب ﻫﻰ ﻣﻦ أﻗﻮى اﻷﺳﺒﺎب اﳉﺎﻟﺒﺔ ﻟﻬﺬه اﻟﺜّﻤﺎﻧﻴﺔ ..ﻓﺎﻟﺬﻧﺐ إﻣﺎ أن ﳝﻴﺖ اﻟﻘﻠﺐ أو ﳝﺮﺿﻪ ﻣﺮﺿﺎ ﻣﺨﻮﻓﺎ أو ﻳﻀﻌﻒ ﻗﻮﺗﻪ وﻻﺑﺪ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠّﻰ اﷲ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﺘﻬﻰ إﻟﻰ اﻷﺷﻴﺎء اﻟﺜّﻤﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻰ اﺳﺘﻌﺎذ ﻣﻨﻬﺎ ّ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠّﻢ. أن اﷲ ﻻ ﻳﻜﺘﺐ ﻟﻰ ﺷﻰء إﻻ وﻫﻮ اﻷﻓﻀﻞ ﻟﻰ وﻟﻨﺸﻌﺮ ﺑﺎﻷﻣﻞ وﺑﺄن اﳊﻴﺎة ﺣﻠﻮة ﻟﻨﻨﻈﺮ ﳌﻦ ﻫﻢ أﻗﻞ ﻣﻨﺎ ،وﻧﻌﺮف أن اﷲ ﻣﻨﻌﻢ وﻣﻔﻀﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ..ﻓﻠﻨﺘﻤﺴﻚ ﺟﻤﻴﻌﺎ ً ﺑﺎﻷﻣﻞ ،اﻟﻠﻬﻢ اﺟﻌﻠﻨﺎ داﺋﻤﺎ ً ﺣﺴﻨﻰ اﻟﻈﻦ ﺑــﻚ ..ﻣﻮﻗﻨﲔ ﻓﻰ ﻛﺮﻣﻚ وﻋﻔﻮك ورﺣﻤﺘﻚ آﻣﻠﲔ داﺋﻤﺎ ً ﻓﻰ ﺟﻨﺘﻚ.
ﻳﻌﻄﻬﻦ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻷﻧﺒﻴﺎء ﻗﺒﻠﻰ ﻧﺼﺮت ﺑﺎﻟﺮﻋﺐ ﻣــﺴــﻴــﺮة ﺷــﻬــﺮ وﺟــﻌــﻠــﺖ ﻟــﻰ اﻷرض ﻣﺴﺠﺪا وﻃﻬﻮرا وأﳝــﺎ رﺟﻞ ﻣﻦ أﻣﺘﻰ أدرﻛﺘﻪ اﻟﺼﻼة ﻓﻠﻴﺼﻞ وأﺣﻠﺖ ﻟﻰ اﻟﻐﻨﺎﺋﻢ وﻛــﺎن اﻟﻨﺒﻰ ﻳﺒﻌﺚ إﻟــﻰ ﻗــﻮﻣــﻪ ﺧــﺎﺻــﺔ وﺑــﻌــﺜــﺖ إﻟــﻰ اﻟــﻨــﺎس ﻛﺎﻓﺔ وأﻋﻄﻴﺖ اﻟﺸﻔﺎﻋﺔ. ﻗ ــﺎل رﺳـ ــﻮل اﷲ ﷺ" :إذا دﺧ ــﻞ أﺣــﺪﻛــﻢ اﳌﺴﺠﺪ ﻓﻠﻴﺮﻛﻊ رﻛﻌﺘﲔ ﻗﺒﻞ أن ﻳﺠﻠﺲ".
ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻯ ﺃﺻﺢ ﻛﺘﺎﺏ ﺑﻌﺪ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﷲ ﺑﺤﻖ
ﺗﺄﻣﻼﺕ
ﺍﻟﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﳴﺸﻜﻜﻦﻴ ﻓﻰ ﺳﻨﺔ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﳴﺮﺳﻠﻦﻴ ﺗﺘﻌﺮض اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ اﳌــﺸــﺮﻓــﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎرى ﻓﻰ ﻫﺬه اﻵوﻧﺔ إﻟﻰ ﻫﺠﻤﺎت ﺷــﺮﺳــﺔ وﻋ ـ ــﺪوان ﺻــﺮﻳــﺢ.وﳌــﺎ ﻛ ــﺎن ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎرى أﺻﺢ ﻛﺘﺎب ﺑﻌﺪ ﻛﺘﺎب اﷲ ﻛﺎن اﻟﻌﺪوان ﻋﻠﻴﻪ واﻟﺘﺸﻜﻴﻚ ﻓﻴﻪ ،ﻋﺪواﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻨﺔ ﻛﻠﻬﺎ وﺗﺸﻜﻴﻜﺎ ﻓﻰ ﺟﻤﻴﻊ أﺣﺎدﻳﺜﻬﺎ وﻫــﻰ اﳌﺼﺪر اﻟﺜﺎﻧﻰ ﻟﻠﺘﺸﺮﻳﻊ اﻹﺳﻼﻣﻰ ،وﺑﻬﺎ ﻳﻔﻬﻢ اﻟﻘﺮآن وﺗﻌﺮف ﺗﻔﺼﻴﻼت أﺣﻜﺎﻣﻪ ،أى أﻧــﻪ ﻋــﺪوان ﻋﻠﻰ اﻻﺳﻼم ﻛﻠﻪ ،ﻟﻘﺪ زﻋﻢ ﺑﻌﺾ اﻵﺛﻤﲔ أن ﻓﻰ أﺣﺎدﻳﺚ ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎرى ﻋﺪدا ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﻳﺚ اﻟﺘﻰ ﻻ ﻳﺴﺘﻌﻴﻨﻬﺎ ﻓﻜﺮﻫﻢ ،وﻋﻘﻮﻟﻬﻢ وﻟﻢ ﻳﻔﻬﻤﻮا ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ،ﻷﻧﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻘﺮأوا ﺷﺮﺣﻬﺎ ﻓﻰ ﻛﺘﺐ اﻟﺸﺮوح ،وﻟﻢ ﻳﺴﺄﻟﻮا ﻋﻨﻬﺎ أﻫﻞ اﻟﺬﻛﺮ. واﻟﺬﻳﻦ زﻋﻤﻮا أن ﻓﻰ "ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎري" وﻫﻮ أﺻــﺢ ﻛﺘﺎب ﺑﻌﺪ ﻛﺘﺎب اﷲ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﺎدﻳﺚ اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ رأوا ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻰ: أوﻻ :أﻧــﻬــﺎ ﻻ ﺗﺘﻤﺎﺷﻰ ﻣــﻊ ﻋﻘﻮﻟﻬﻢ وﻟﻢ ﻳﺴﺘﺴﻴﻐﻮاﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﺛﺎﻧﻴﺎ :ﻛﺎن ﺣﻜﻤﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻷﺣﺎدﻳﺚ ﻧﺎﺑﻌﺎ ﻣﻦ أﻫﻮاﺋﻬﻢ وﻟﻴﺲ ﻋﻦ ﻣﻨﻬﺞ ﻋﻠﻢ وﻟــﻠــﺮد ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻳﻦ اﻟﺴﺒﺒﲔ اﻟﻠﺬﻳﻦ دﻓﻌﺎ اﳌﻌﺘﺪﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻨﺔ ،أﻗﻮل وﺑﺎﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺘﻮﻓﻴﻖ: إن زﻋﻤﻜﻢ ﺑــﺄن اﻷﺣــﺎدﻳــﺚ ﻻ ﺗﺘﻤﺎﺷﻰ ﻣﻊ ﻋﻘﻮﻟﻜﻢ وﻟﻢ ﺗﺴﺘﺴﻴﻐﻮا ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ زﻋﻢ ﺑﺎﻃﻞ ﻧﺸﺄ ﺑﺴﺒﺐ أﻧﻜﻢ ﻻ ﻋﻠﻢ ﻟﻜﻢ ﺑﺎﻷﺣﺎدﻳﺚ وﻻ ﲟﻌﻨﺎﻫﺎ، ﻓﻠﺴﺘﻢ أﻫــﻞ اﻟﻌﻠﻢ وﻻ ﻣﻦ اﳌﺘﺨﺼﺼﲔ ﻓﻰ ﻋﻠﻢ اﳊﺪﻳﺚ اﻟﻨﺒﻮى اﻟﺸﺮﻳﻒ ،ﻓﻠﻮ أﻧﻜﻢ ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ أو ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﻠﻔﺘﻢ أﻧﻔﺴﻜﻢ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻰ ﻛﺘﺐ ﺷﺮوح اﳊﺪﻳﺚ أو ﺳﺄﻟﺘﻢ ﺑﻌﺾ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ ﻟﻌﺮﻓﺘﻢ ﺑﻴﻘﲔ ،وﻟﻌﻠﻤﺘﻢ ﻋﻠﻢ اﻟﻴﻘﲔ أن ﻛﻞ ﻣﺎﻓﻰ ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎرى ﺻﺤﻴﺢ وﻟﻴﺲ ﻓﻴﻪ ﺣﺪﻳﺚ ﺿﻌﻴﻒ. إن اﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ اﻷﺣﺎدﻳﺚ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻷﺣﻜﺎم اﳌﺸﺒﻮﻫﺔ اﻟﺼﺎدرة ﻋﻦ ﻋﻘﻮل ﻻ ﺗﺴﺘﺴﻴﻎ ﻣﻌﻨﺎﻫﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﲡﻬﻠﻬﺎ وﻻ ﻋﻠﻢ ﻟﻬﺎ ﺑﻬﺎ وإﳕﺎ اﳊﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ اﻷﺣﺎدﻳﺚ ﻳﻜﻮن ﲟﻘﺎﻳﻴﺲ ﻋﻠﻤﻴﺔ وﻣﻨﺎﻫﺞ دﻗﻴﻘﺔ وﻗﻮاﻋﺪ ﻋﻤﻴﻘﺔ. وأﻣﺎ زﻋﻤﻬﻢ اﻵﺧﺮ اﻟﺬى ﺻﺪر ﻋﻦ أﻫﻮاﺋﻬﻢ وﻟﻴﺲ ﻋﻦ ﻣﻨﻬﺞ ﻋﻠﻤﻰ ،ﻓﺬﻟﻚ ﻷﻧﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮا ﻣﻦ
ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻭﻓﺘﺎﻭﻱ ﺻﻤﺖ ﺧﻤﺴﺔ أﻳﺎم ﻣﻦ ﺷﻮال ﺛﻢ أﻓﻄﺮت ،ﺛﻢ ﺣﺪث ﻟﻰ ﻋﺬر ﺷﺮﻋﻰ، ﻓﻬﻞ ﻳﻜﺘﺐ ﻟﻰ ﺻﻴﺎم ﺳﺘﺔ ﻣﻦ ﺷﻮال؟ اﻹﺟﺎﺑــﺔ :اﳊﻤﺪ ﷲ واﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻋﻠﻰ رﺳﻮل اﷲ وﻋﻠﻰ آﻟﻪ وﺻﺤﺒﻪ ،أﻣﺎ ﺑﻌـﺪ :ﻓﻘﺪ ذﻫﺐ ﺑﻌﺾ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ إﻟﻰ ﻋﺪم ﻣﺸﺮوﻋﻴﺔ ﻗﻀﺎء اﻟﺴﺖ ﻣﻦ ﺷﻮال ﻷﻧﻬﺎ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ وﻗﺖ ﻣﺨﺼﻮص ﻓﻼ ﲢﺼﻞ ﻓﻰ ﻏﻴﺮه ،وﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻘﻮل ﻓﺈن ﻟﻚ ﺛﻮاب ﻣﺎ ﺻﻤﺘﻪ ﻣﻦ اﻷﻳﺎم وﻻ ﻳﺸﺮع ﻟﻚ ﻗﻀﺎء اﻟﻴﻮم اﻟﺬى ﻓﺎﺗﻚ ﺻﻮﻣﻪ ،ﻟﻜﻦ ﻳﺮﺟﻰ ﻟﻚ ﺣﺼﻮل أﺟﺮه ﺑﻨﻴﺘﻚ .ﻗﺎل اﻟﺒﻬﻮﺗﻰ ﻓﻰ ﻛﺸﺎف اﻟﻘﻨﺎع :وﻻ ﲢﺼﻞ اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺑﺼﻴﺎﻣﻬﺎ ﻓﻰ ﻏﻴﺮ ﺷﻮال ﻟﻈﺎﻫﺮ اﻷﺧﺒﺎر،وﻗﺎل اﻟﻌﻼﻣﺔ اﺑﻦ ﺑﺎز رﺣﻤﻪ اﷲ :وﻻ ﻳﺸﺮع ﻗﻀﺎؤﻫﺎ ﺑﻌﺪ اﻧﺴﻼخ ﺷﻮال ،ﻷﻧﻬﺎ ﺳﻨﺔ ﻓﺎت ﻣﺤﻠﻬﺎ، ﺳﻮاء ﺗﺮﻛﺖ ﻟﻌﺬر أو ﻟﻐﻴﺮ ﻋﺬر ،وﻗﺎل أﻳﻀﺎ ً رﺣﻤﻪ اﷲ :ﺻﻴﺎم اﻷﻳﺎم اﻟﺴﺘﺔ ﻣﻦ ﺷﻮال ﻋﺒﺎدة ﻣﺴﺘﺤﺒﺔ ﻏﻴﺮ واﺟﺒﺔ ،ﻓﻠﻚ أﺟﺮ ﻣﺎ ﺻﻤﺖ ﻣﻨﻬﺎ ،وﻳﺮﺟﻰ ﻟﻚ أﺟﺮﻫﺎ ﻛﺎﻣﻠﺔ إذا ﻛﺎن اﳌﺎﻧﻊ ﻟﻚ ﻣﻦ إﻛﻤﺎﻟﻬﺎ ﻋﺬراً ﺷﺮﻋﻴﺎً ،ﻟﻘﻮل اﻟﻨﺒﻰ ﷺ :إذا ﻣﺮض اﻟﻌﺒﺪ أو ﺳﺎﻓﺮ ﻛﺘﺐ اﷲ ﻟﻪ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﻣﻘﻴﻤﺎ ً ﺻﺤﻴﺤﺎً .روه اﻟﺒﺨﺎرى ﻓﻰ ﺻﺤﻴﺤﻪ .وﻟﻴﺲ ﻋﻠﻴﻚ ﻗﻀﺎء ﳌﺎ ﺗﺮﻛﺖ ﻣﻨﻬﺎ. وذﻫﺐ ﺑﻌﺾ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ إﻟﻰ أن ﻣﻦ ﻓﺎﺗﻪ اﻟﺴﺖ ﻣﻦ ﺷﻮال أو ﺷﻰء ﻣﻨﻬﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻘﻀﻴﻪ ﻓﻰ ذى اﻟﻘﻌﺪة ،ﺟﺎء ﻓﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺰﻳﻦ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ اﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ :وﺗﻔﻮت ﺑﻔﻮات ﺷﻮال وﻳﺴﻦ ﻗﻀﺎؤﻫﺎ ،وﻓﻰ ﺣﻮاﺷﻰ ﲢﻔﺔ اﳌﺤﺘﺎج :ﻗﻮﻟﻪ ﺳﻦ ﻟﻪ ﺻﻮم ﺳﺖ ﻣﻦ ذى اﻟﻘﻌﺪة ،ﻷن ﻣﻦ ﻓﺎﺗﻪ ﺻﻮم
ﺃﺣﻤﺪ ﻋﻤﺮ ﻫﺎﺷﻢ أﻫﻞ اﻟﻌﻠﻢ وﻻ اﻟﺘﺨﺼﺺ ﻓﻰ ﻋﻠﻮم اﳊﺪﻳﺚ ﻓﻠﻌﺒﺖ ﺑﺮؤوﺳﻬﻢ اﻷﻫــﻮاء اﳌﺸﺒﻮﻫﺔ ﻓﺰﻋﻤﻮا ـ ﺑﺪاﻓﻊ اﻟﻬﻮى واﻟﺘﻌﻨﺖ ان ﻓﻰ ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎرى أﺣــﺎدﻳــﺚ ﻟﻴﺴﺖ ﺻﺤﻴﺤﺔ وﻟــﻮ أﻧﻬﻢ ﺣﻜﻤﻮا ﺿﻤﻴﺮا ﺣﻴﺎ وﻋﻘﻼ ﺳﻠﻴﻤﺎ ،وﺳﺄﻟﻮا ،أﻫﻞ اﻟﺬﻛﺮ ورﺟﻌﻮا ﻟﻠﺤﻖ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻟﻴﺪﻋﻮا ﻫﺬا اﻻدﻋــﺎء اﻟﺒﺎﻃﻞ واﻟﻈﺎﻟﻢ ،ﻷن ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎرى أﺻﺢ ﻛﺘﺎب ﺑﻌﺪ ﻛﺘﺎب اﷲ ﺑﺤﻖ ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﳉﻤﻬﻮر ﻋﻠﻤﺎء اﳊﺪﻳﺚ ﻳﺘﻔﻘﻮن ﻋﻠﻰ ﻫﺬا إﻻ ﻷﻧﻬﻢ رأوا أن ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ اﻟﺼﺤﺔ ﻓﻰ ﻫﺬا اﻟﻜﺘﺎب ﻻ ﺗﻌﺎدﻟﻬﺎ ﻣﻘﺎﻳﻴﺲ ﻓﻰ أى ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻓﻰ اﻟﻮﺟﻮد. وﻗﺪ اﺗﻔﻖ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻋﻠﻰ أن أﺻﺢ اﻟﻜﺘﺐ ﺑﻌﺪ ﻛﺘﺎب اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ اﻟﺼﺤﻴﺤﺎن ـ ﺻﺤﻴﺢ اﻟﺒﺨﺎرى وﺻﺤﻴﺢ ﻣﺴﻠﻢ ـ ﻟﻼﻣﺎﻣﲔ اﳉﻠﻴﻠﲔ :اﻟﺒﺨﺎرى وﻣﺴﻠﻢ ،وﺗﻠﻘﺘﻬﻤﺎ اﻷﻣﺔ ﺑﺎﻟﻘﺒﻮل ،وازدﻫﺮت ﺑﻬﻤﺎ رﻳﺎﺿﺔ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻓﻰ ﺳﺎﺋﺮ اﻟﻘﺮون ،وﻗﺪ اﻟﺘﺰم ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ اﻻﻣﺎﻣﲔ أن ﻳﺨﺮج ﻓﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ اﻻﺣﺎدﻳﺚ اﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻓﻬﻤﺎ إذن ﻣﺸﺘﺮﻛﺎن ﻓﻰ اﻟﺼﺤﺔ وﻓﻰ أﻋﻠﻰ درﺟﺎت اﻟﺼﺤﺔ. وأﻣﺎ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ أﺻﺤﺎب اﻟﺰﻋﻢ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻓﻬﻮ ﺟﺎﻫﻞ ﺑﺤﻘﺎﺋﻖ ﻋﻠﻢ اﳊﺪﻳﺚ ،وﻳﺘﺒﻊ أﺻﺤﺎب اﻟﻬﻮى واﻟﺰﻳﻎ ،ﻓﻼ ﻋﻠﻢ ﻟﻪ وﻻ دراﻳﺔ ﻋﻨﺪه وﻣﺎﻫﻮ إﻻ ﺗﺎﺑﻊ ﻷﻫﻞ اﻟﺰﻳﻎ واﻟﻀﻼل. وﳑﺎ زاد اﻷﻣﺮ ﺳﻮءا أن ﺑﻌﺾ ﻫﺆﻻء رأى أن اﳊﻜﻢ ﺑﺎﻟﺼﺤﺔ أو ﻋﺪﻣﻬﺎ ﻳﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﻣﺎ ﳝﻜﻦ أن ﻳﻘﺒﻠﻪ اﻟﻌﻘﻞ أوﻻ ﻳﻘﺒﻠﻪ .ﻣﻊ اﻟﻌﻠﻢ ﺑﺄن اﻟﻌﻘﻮل ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻰ ﺣﻜﻤﻬﺎ وﻓــﻰ ﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ وﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻮل ﻻ ﳝﻜﻦ أن ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ ﺑﻌﺾ اﻷﺣﺎدﻳﺚ وﻻ ﻳﺮﻗﻰ ﻓﻬﻤﻬﻢ إﻟﻴﻬﺎ ﻓﻴﺤﻜﻤﻮن ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻀﻌﻒ ﻣﻊ أﻧﻬﺎ ﻓﻰ أﻋﻠﻰ درﺟﺎت اﻟﺼﺤﺔ. ﻫﺬا وﻗﺪ أﻣﺮﻧﺎ اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﻧﻄﻴﻊ رﺳﻮل اﷲ ﷺ ﻓﻴﻤﺎ ﺟﺎء ﻋﻨﻪ ،ﻣﺎدام ﻗﺪ ﺛﺒﺘﺖ ﺻﺤﺘﻪ واﺳﻨﺎده إﻟﻰ اﻟﺮﺳﻮل ﷺ؛ ﻻن رب اﻟﻌﺰة ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﻗﺎل" :ﻳﺎ أﻳﻬﺎ اﻟﺬﻳﻦ آﻣﻨﻮا أﻃﻴﻌﻮا اﷲ وأﻃﻴﻌﻮا اﻟﺮﺳﻮل وأوﻟــﻰ اﻷﻣــﺮ ﻣﻨﻜﻢ ﻓﺈن ﺗﻨﺎزﻋﺘﻢ ﻓﻰ ﺷﻰء ﻓﺮدوه إﻟﻰ اﷲ واﻟﺮﺳﻮل إن ﻛﻨﺘﻢ ﺗﺆﻣﻨﻮن ﺑﺎﷲ واﻟﻴﻮم اﻵﺧﺮ" ﺳﻮرة اﻟﻨﺴﺎء ) .(٥٩وﻗــﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ" :وﻣــﺎ آﺗﺎﻛﻢ اﻟﺮﺳﻮل ﻓﺨﺬوه وﻣﺎﻧﻬﺎﻛﻢ ﻋﻨﻪ ﻓﺎﻧﺘﻬﻮا" ﺳﻮرة اﳊﺸﺮ ).(٧
ﺻﻴﺎﻡ ﺳﺘﺔ ﻣﻦ ﺷﻮﺍﻝ راﺗــﺐ ﻳﺴﻦ ﻟﻪ ﻗﻀﺎؤه .أﻓﺘﻰ ﺑﺬﻟﻚ ﺷﻴﺨﻨﺎ اﻟﺸﻬﺎب اﻟﺮﻣﻠﻰ ﺣﻜﻤﺎ ً وﺗﻌﻠﻴﻼً. وﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻟﻘﻮل ﻓﺎﳌﺸﺮوع ﻟﻚ ﻟﺘﺤﺼﻴﻞ ﻛﻤﺎل اﻷﺟﺮ ﻫﻮ أن ﺗﻘﻀﻰ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم اﻟﺬى ﻓﺎﺗﻚ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻌﺬر اﻟﺸﺮﻋﻰ ،وذﻫﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء إﻟﻰ أن ﺻﻮﻣﻬﺎ ﻳﺼﺢ ﻓﻰ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺴﻨﺔ وﻻ ﺗﻜﻮن ﻗﻀﺎء وأن ﺷﻮال ﻏﻴﺮ ﻣﺨﺼﻮص ﺑﺈرادة ﺻﻮﻣﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ. ﻗﺎل اﺑﻦ ﻣﻔﻠﺢ ﻓﻰ اﻟﻔﺮوع :وﻳﺘﻮﺟﻪ اﺣﺘﻤﺎل :ﲢﺼﻞ اﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺑﺼﻮﻣﻬﺎ ﻓﻰ ﻏﻴﺮ ﺷﻮال ،وﻓﺎﻗﺎ ﻟﺒﻌﺾ اﻟﻌﻠﻤﺎء ،ذﻛﺮه اﻟﻘﺮﻃﺒﻰ، ﻷن ﻓﻀﻴﻠﺘﻬﺎ ﻛﻮن اﳊﺴﻨﺔ ﺑﻌﺸﺮ أﻣﺜﺎﻟﻬﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻓﻰ ﺧﺒﺮ ﺛﻮﺑﺎن وﻳــﻜــﻮن ﺗﻘﻴﻴﺪه ﺑــﺸــﻮال ﻟﺴﻬﻮﻟﺔ اﻟــﺼــﻮم ﻻﻋــﺘــﻴــﺎده رﺧﺼﺔ، واﻟﺮﺧﺼﺔ أوﻟﻰ .وﺗﻌﻘﺒﻪ اﳌﺮداوى ﻓﻰ اﻹﻧﺼﺎف ﻗﺎﺋﻼً :ﻗﻠﺖ: وﻫﺬا ﺿﻌﻴﻒ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ،وإﳕﺎ أﳊﻖ ﺑﻔﻀﻴﻠﺔ رﻣﻀﺎن، ﻻ ﻟﻜﻮن اﳊﺴﻨﺔ ﺑﻌﺸﺮ أﻣﺜﺎﻟﻬﺎ ،وﻷن اﻟــﺼــﻮم ﻓﻴﻪ ﻳﺴﺎوى رﻣﻀﺎن ﻓﻰ ﻓﻀﻴﻠﺔ اﻟﻮاﺟﺐ. واﳊﺎﺻﻞ أن اﻷوﻟﻰ ﻟﻚ واﻷﻓﻀﻞ إن ﺷﺎء اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻫﻮ أن ﺗﻘﻀﻰ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم ﻃﻠﺒﺎ ً ﻟﻜﻤﺎل اﻷﺟﺮ. واﷲ أﻋﻼ وأﻋﻠﻢ.
ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺭﻳﺎﺽ