082
جملة الدراسات الفلسطينية 93
شتاء 2013
وطنا يافا مدينة تختصر ً
أحمد الناطور*
مقابر يافا بين
املصالح واملفاسد
مع
1
أن يافا مقارنة بغيرها من مدن فلسطين 2مل حتظ بكثير 3 من أضرحة األولياء وقبور الصاحلين، إ ّ ال إنها عانت ،وبشكل مكثف ،ضياع العديد من مدافنها ،وخصوص ًا إذا ما 4 شمل احلديث القرى احمليطة بيافا. و ّ ملا كان من أول هموم قادة إسرائيل السيطرة تمام ًا على كل مساحة أرض احتلها جيشها يف إثر حرب ،1948عالوة على السيطرة على املوارد االقتصادية ألكبر األقليات العربية شرعت عداء للدولة ،فقد ّ ً إسرائيل منظومة من القوانين التي توخت منها اإلجهاز على األرض وما عليها ونقلها إىل أي ٍد يهودية 5،ومن أهم هذه القوانين 6قانون أمالك الغائبين لسنة 7.1950وقد سيطرت إسرائيل من خالل هذه التشريعات على %80من 8 مساحة البلد. املشرع اإلسرائيلي أي يفوت وكي ال ّ ّ فرصة يف انتزاع األموال املنقولة وغير
املنقولة من الالجئين الفلسطينيين الذين كانوا خارج خطوط الهدنة ،فقد شمل تعريف الغائب: ( )1الشخص الذي كان طوال املدة الواقعة بين 16كسليف 29( 5708 تشرين الثاين [نوفمبر] )1947واليوم وفقا للمادة 9 الذي ُنشر فيه تصريح ً (د) من قانون أنظمة السلطة والقضاء )1( 1948-5708يعلن بأن حالة الطوارئ التي أعلنتها احلكومة املؤقتة يف يوم 10أيار [مايو] 19( 5708 أيار [مايو] ،)2( )1948قد زالت ـ املالك الشرعي ملال يف األراضي اإلسرائيلية وانتفع به أو وضع يده عليه سواء بنفسه أو بواسطة غيره وبصفة دائمة خالل تلك املدة. ( )Iأو كانت له رعوية أو جنسية تابعة للبنان ،أو مصر ،أو سوريا ،أو اململكة العربية السعودية ،أو شرق األردن ،أو العراق ،أو اليمن ،أو ( )IIكان يف أحد البلدان
* أستاذ الشريعة يف كلية احلقوق يف جامعة تل أبيب وكلية نتانيا.
امللف
املذكورة أو يف أي قسم من فلسطين خارج مساحة إسرائيل .أو ( )IIIكان من رعايا فلسطين وترك حمل إقامته العادي يف فلسطين: ( أ ) إىل مكان خارج فلسطين قبل يوم 27آب [أغسطس] 1( 5708أيلول [سبتمبر] .)1948أو ( ب ) إىل مكان يف فلسطين كانت تسيطر عليه يف ذلك الوقت القوات التي قاومت إنشاء دولة إسرائيل أو حاربتها 9 بعد إنشائها. كذلك فقد شمل القانون كل ( )2جماعة من الناس كانت طيلة املدة املذكورة يف البند ( )1ـ املالكة الشرعية ملال يف األراضي اإلسرائيلية أو املنتفعة به أو الواضعة اليد عليه، بنفسها ،أو بواسطة شخص آخر ،وجميع مالكيه أو املشتركين فيه أو أصحاب أسهمه ،أو مديريه أو مديري أشغاله ،هم 10 من الغائبين حسب مدلول البند (.)1 أما املال املقصود يف هذا القانون فهو ّ املال الذي يشمل العقارات واملنقوالت والنقود واحلق يف املال اخلاضع لوضع اليد أو االستحقاق ،وحق االسم ،وكل حق يف 11 شركة أو إدارتها. ومع أن األوقاف اإلسالمية مل ُتذكر يف القانون صراح ًة ،فإن الدولة اعتبرتها أمالك غائبين ووضعتها يف قبضة الق ّيم 12 على أمالك الغائبين. هذا ،وقد ُأنيطت أمالك الغائبين هذه نهائي ًا بالق ّيم على أمالك الغائبين املع ّين 13 من طرف وزير املالية.
وب ّين قرار احملكمة العليا" ،بولس ضد وزير التطوير" 14،أن للمتويل اجلديد الذي ع ّينته احملكمة الشرعية عوض ًا عن املتويل الغائب ،أن يتسلم الوقف من غير أن يطلب حتريره من الق ّيم على أمالك الغائبين ،وال سيما أن وضع الق ّيم على أمالك الغائبين يده على هذا الوقف إنما يكون تصرف ًا ِ بملك ليس حتت إرادته 15.لقد كان معنى هذا القرار هو أن تعيين متولين جدد على األوقاف التي "غاب" متولوها ،من جانب احملكمة الشرعية ذات االختصاص ،من شأنه إعادة هذه األوقاف إىل أصحابها. ولتجنّب هذا االحتمال اخلطر من وجهة نظر احلكومة ،فإنها قدمت إىل الكنيست مشروع قر يف تعديل للقانون ُس ِّمي تعديل رقم ،3و ُأ ّ سنة 16،1965وتقام بموجبه جلان ُأمناء على الوقف اإلسالمي يف خمس من املدن اخملتلطة :يافا وحيفا واللد والرملة وعكا والناصرة وشفا عمرو 17،كي حتل حمل اللجان االستشارية التي كانت احلكومة ع ّينتها يف بعض هذه املدن 18.وجاء هذا ال على األوقاف اإلسالمية إذ التعديل وبا ً تقرر فيه أن الق ّيم على أمالك الغائبين مل يصبح مالك ًا ألمالك األوقاف فحسسب، بل إن هذه األمالك أصبحت متحررة من أي حتفظ أو حتديد وما شابه ذلك ،كانت قد وردت يف أي شرع أو وثيقة يتعلقان بالوقف ،أكان ذلك بعد التملك أو قبله، ما دام املالك أو واضع اليد أو صاحب التصرف أو املوقوف عليه (املنتفع) غائب ًا 19.من ناحية ُأخرى ،فإن جعل سريان هذا التعديل بأثر رجعي ،وهو أمر ليس عادي ًا ،يب َّين مدى شغف الدولة باستمالك هذه األمالك بشكل نهائي 20،كما أن هذا سوغ وشرعن بأثر رجعي الصفقات التعديل ّ التي قام بها الق ّيم على هذه األمالك.
083
084
جملة الدراسات الفلسطينية 93
شتاء 2013
بهذه الطريقة استوىل الق ّيم على األوقاف املضبوطة ،وهي التي كانت حتت إدارة اجمللس اإلسالمي األعلى 21،وكذلك على األوقاف امللحقة والذرية ،بعد أن اعتبر أن املتولين املنصوبين عليها غائبون. مل ْلحقة والذرية ـ التي بقي أما األوقاف ا ُ ّ املتولون عليها داخل حدود الدولة ـ فظلت املشرع يد الق ّيم خارج يد الق ّيم 22.وكما أطلق ّ يف التصرف يف األمالك املوقوفة الواقعة وحررها من كل حكم شرعي أو قيد يف يده ّ ديني ،فقد أطلق أيض ًا يد جلان األمناء يف التصرف يف األمالك التي أحالها إليها 23،إ ّ ال 24 إنه منع بيع أرض عليها مسجد. ونحن يف هذه العجاله لن نخوض يف مصير األمالك التي تصرف فيها الق ّيم، وإنما سنقتصر على املقابر التي باعها أو فرط فيها املتولون أو أقطاب جلان األمناء ّ
مقبرة مأمن الله
واللجان االستشارية يف يافا .فرئيس ينصب القاضي جلنة األمناء كان أحيان ًا ّ متولي ًا على املقابر 25ويفوض إليه بيعها والتصرف فيها. لقد أدى قاضي احملكمة الشرعية يف العقود األوىل لقيام الدولة ،دوراً رئيسي ًا يف تسويغ بيع املقابر ،إذ كان اإلفتاء يطلب منه أن يعتبر املقبرة مندرسة ،فيصدر أمراً بأنها بهذا صارت وقف ًا عام ًا ،ويف املرحلة التالية يجري االدعاء أنها بحاجة إىل َمن يديرها أو يستثمرها ،وعندها يع ّين القاضي متولي ًا ويفوضه التصرف فيها. ومع أن القاضي قد يسوغ حكمه هذا أحيانا بأن احلفاظ على حرمة املقابر تعذّر 26،وأحيانا بأن الدفن انقطع فيها منذ زمن بعيد 27،أو بأن "املصلحة العامة" تتطلب إباحة املقبرة ونقل القبور والبناء
مقابر يافا بين املصالح واملفاسد
عليها 28،فإن هذه املسوغات يف أغلبيتها مل تكن حقيقية .فمقبرة مأمن الله 29التي ُأفتي يف سنة 1964بأنها مندرسة 30ـ أي 16عام ًا فقط بعد جالء املسلمين عن غربي القدس من غير أن يعاينها القاضي صاحب الفتوى 31ـ فقد ثبت بالدليل القاطع أن فتواه خمالفة للواقع حتى بعد مرور 42 عام ًا على تلك الفتوى ،إذ ُأخرجت هياكل عظمية كاملة يف حفريات ما يسمى متحف 32 التسامح. ويف هذه املقالة سنستطلع املسوغات التي استخدمها القضاة يف إفتاءاتهم هذه ،يساندهم ويبرر تصرفاتهم بعض الباحثين اإلسرائيليين ،بدعوى أنهم اعتمدوا "املصلحة" كمصدر من مصادر التشريع وكانوا يف ذلك صائبين. أهرون اليش ،الذي من أهم هؤالءَ ، اعتبر أن ما فعلته إسرائيل جتاه األوقاف اإلسالمية من "دجمها يف عجله اإلقتصاد اإلسرائيلي" 33،ومن مصادرة وتأميم ،إنما هو عملية إصالحية ،مثل اإلصالحات التي جرت يف مصر وسورية بشأن األوقاف األهلية ،وهي يف أساسها تستند إىل "املصلحة" .34كما أن "اإلصالحات" اإلسرائيلية ،وبخالف الدول اإلسالمية غير يف أحكام اجملاورة والعديدة ،مل ُت ّ الوقف الشرعية 35.ونحن إذ نتفق مع دمبر على أن هذا قول مضلل 36،فإننا نرى ال واستخفاف ًا بالناس، أن فيه استغفا ً وخصوص ًا أن الق ّيم استملك هذه األمالك وأحالها إىل أي ٍد يهودية ،ال إىل أي ٍد إسالمية، أكان ذلك أيدي املنتفعين أم غيرهم .ثم إن االعتماد على "املصلحة" يف دولة إسالمية يختلف تمام ًا عن "املصلحة" يف الدولة اليهودية 37،وسنستفيض يف هذا االمر فيما يلي.
امللف
قال اليش يف شهادته اخلطية أمام احملكمة العليا 38،مسوغ ًا فتاوى الشيخ حماد (قاضي يافا منذ تأسيس طاهر ّ احملكمة الشرعية هناك حتى أواسط الستينيات) أو الشيخ توفيق عسلية (قاضي يافا الشرعي منذ أواسط الستينيات) ،وهي التي تبيح البناء على املقابر واقتالع القبور ،إنها هي التي تمثل احلكم الشرعي، إذ "إن آراء القضاة طاهر الطبري (مفتي طبرية سابق ًا) وموسى الطبري قاضي عكا آنذاك وحسن أمين احلبش قاضي املثلث الشرعي ،التي ُتتيح حفر القبور وحتى حرث األرض والبناء عليها ،تتفق مع الشرع اإلسالمي ،اعتماداً على مبدأ 39 'املصلحة'". ثم يستنتج اليش أن املقبرة حين تكون "مندرسة" فإنه يجوز حفر القبور ونقلها إىل مكان آخر ،شرط أن تكون "املصلحة" ويفسر اليش أن حكم حت ّتم ذلك 40،هذا ّ "االندراس" يستند إىل افتراض قضائي ب ِبلى املوتى 41،ويتابع بأن الشيخين حماد وعسلية ،هما مفسران مؤهالن ّ ألحكام الشريعة اإلسالمية بروح احلركة التجديدية التي شرع بها الشيخ حممد عبده (مفتي مصر يف أواخر القرن التاسع ال عشر) الذي جعل "املصلحة العامة" أص ً ال الستنباط األحكام ،من دون التقيد مستق ً 42 باألصول النصية القرآنية أو احلديث. هذا ،وملا كانت مسألة "اإلندراس" ـ وهي ِبلى القبر وصيرورته تراب ًا ـ التي جعلها الزيلعي 43شرط ًا ال بد منه الستخدام أرض امليت ،لدى اليش فرضية قضائية، ال ادعاء يجب ثبوته أمام القضاء ،فإن الفارق بينهما ،هو أن املفتي يكتفي يف احلال األول بعدد األعوام التي يفترض معها ِبلى جسد امليت ،واحلكم به ،مع أن
085
086
جملة الدراسات الفلسطينية 93
شتاء 2013
االفتراض قد ال يوافق احلقيقة من حيث أما الثاين فإنه يستند إىل ثبوت املبدأّ ، احلقيقة ،بحيث يتيقن القاضي من واقع احلال بالفحص العيني واملعاينة .إ ّ ال إن اعتماد القاضيين ح ّماد وعسلية اتباع االفتراض من دون التحقق القضائي يشفع 44 لاليش يف ذلك. احلقيقة هي أن القاضيين املذكورين مل يعتمدا على مبدأ "املصلحة" صراحة يف جميع احلاالت التي أفتيا فيها بحفر القبور ،وإنما اعتمدا أساس ًا على رأي الزيلعي املذكور ،ثم على قول البن 46 عابدين 45عارض فيه التاتارخانية حين كرهت دفن ميت آخر يف قبر ميت قبله، حتى لو صار األول تراب ًا ،بقوله" :قلت :لكن يف هذا مشقة عظيمة ،فاألوىل إناطة اجلواز ِ بالبلى إذ ال يمكن أن ُي َع ّد لكل ميت قبر ال يدفن فيه غيره ،وإن صار األول تراب ًا ،ال سيما يف األمصار الكبيرة ،اجلامعة ،وإالّ 47 لزم أن تعم القبور السهل والوعر". ولو أن قول ابن عابدين هذا ،يحدد إباحة النبش يف حال ضرورة دفن ميت آخر يف قبر قائم ،خوف ًا من أن يمتلىء السهل والوعر بالقبور ،ومل تعد األرض تكفي للدفن ،فإن قياس احلالة الياف ّية يمت على هذا القول ،هو قياس ُمضلل ال ّ إىل احتاد العلة بصلة ،ذلك بأن األمر ال يتعلق بضرورة دفن أموات املسلمين يف تراب املقابر ذاتها ،وإنما بإباحة أراضي املقابر ملتعهدين ومؤسسات رسمية 48 وشركات جتارية اسرائيلية. حماد "بقياس" لقد قام القاضي ّ مماثل لتسويغ إذنه بحرث املقابر ،حين اعتمد على إباحة نبش القبور ونقل رفات ٍّ بحق آلدمي يف أرض املوتى بسبب يتعلق مغصوبةُ ،دفن فيها ميت ،أو يف أرض
ألحد فيها حق الشفعة ،فقال" :إذا كان يجوز نبش القبر ونقل امليت ألسباب تتعلق باحلق اخلاص كالشفعة (أ) فال يجوز ذلك من باب أوىل إذا كانت املصلحة العامة تقتضيه سواء كانت املقبرة مندرسة أو 49 ال"... حماد يرى أن مسألة وهذا معناه أن ّ اإلندراس التي يجعلها الزيلعي وابن عابدين شرط ًا لزرع القبر والبناء عليه أو دفن آخر فيه ،ليست ذات قيمة ،وإنما هي "املصلحة العامة" .ويتابع ح ّماد قوله: "وحيث إن السلطة هي التي تقرر ما هي املصلحة العامة ،وما هو الصالح العام، فإن النص الشرعي ينطبق واحلالة هذه 50 على هذه القضية ["].... وملن يتساءل عن أي هي السلطة العليا َ ال: يقصدها التي حماد هنا ،فهو يجيب قائ ً ّ "[ ]....فإذا وافق ذوو السلطة والسلطات على طلب بلدية تل أبيب ورأوا يف 51 استجابته املصلحة العامة [ ."]....فمن الواضح تمام ًا أنه يقصد الدولة اإلسرائيلية وموظفيها ال إمام املسلمين أو ويل أمرهم. ويف كتابه إىل مدير دائرة الشؤون االسالمية ،ور ّداً على طلب األخير اإلذن لبلدية الرملة شق طريق يف مقبرة إسالمية ،يوضح القاضي ح ّماد ،أنه "ال يباح ملثلي ـ بوصفي قاضي ًا شرعي ًا ورئيس ًا دينيا للجنة االسالمية ـ تأييد عمل خمالف للشرع ،كما ال يباح يل قانون ًا أن أوافق عليه ألن مثل هذه الصالحية للمجلس اإلسالمي .واسمحوا يل أن ألفت نظركم إىل أن املقابر واملساجد ليست حتت إدارة احملاكم الشرعية ،بل املعروف أنها حتت إشراف وزارة األديان ،والصالحية أبين احلكم الشرعي الوحيدة يل هي أن ّ يف احلاالت التي يحدث فيها أو تستدعي
مقابر يافا بين املصالح واملفاسد
امللف
أشغال داخل مقبرة الرملة حرمه وقدسية هذه األماكن املقدسة 52 [".].... وهذا معناه أنه يدع األمر للسلطات اإلسرائيلية مطلق ًا ،ويحصر دوره يف تبيان احلكم الشرعي فقط. ومع ذلك فقد أصدر القاضي نفسه يف سنة ،1964ما سماه "قرار فتوى" أمر بموجبه بإزالة القبور من مقبرة مأمن الله يف القدس الشريف ،من أجل إقامة مرافق وحديقة عامة ،استجابة لطلب رئيس بلدية 53 القدس الغربية. ويف فتواه "إلزالة معامل القبور يف 54 يبرر القاضي مقبرة إجليل الغربية" ّ توفيق عسلية موقفه هذا بقوله" :وقد قمت بزيارة املقبرة املشار إليها وشاهدتها فوجدتها كما ورد من ترك الدفن فيها وأنها
أصبحت غير الئقة من وجود األوساخ فيها، وعليه فال مانع من إزالة معامل القبور يف مقبرة إجليل الغربية [ ]....بشرط أن ُينقل القبر القائم البارز مع الرفات يف داخله وكذا ما يخرج من عظام املوتى إىل مقبرة ويدفن فيها بعد أداء ما يجب شرع ًا أُخرى ُ وحتت إشرايف وبعدها يمكن استعمال 55 األرض للمصلحة العامة". ونحن إذ نالحظ أن القاضي يعي تمام ًا أن هذه املقبرة ليست مندرسة 56،فإن لنا أن نتساءل هل ما سماه عسلية "املصلحة العامة" هنا يف مدينة ال يسكنها مسلمون، هي "املصلحة" املقصودة شرع ًا؟ إن املسألة األساسية يف كل ما تقدم هي :ما هي "املصلحة" التي يعتمدها هؤالء أساس ًا للحكم الشرعي ويبرر بها الباحثون
087
088
جملة الدراسات الفلسطينية 93
شتاء 2013
اإلسرائيليون إحالة أراضي املقابر اإلسالمية إىل األيدي اليهودية ،وهل يجوز جتيير هذا األصل لضياع مقابر يافا ،حتى صار خرابها وبناء املصالح اإلسرائيلية عليها "مصلحة"؟ وفيما يلي سنستطلع مدى مالءمة "املصلحة" الشرعية املشروعة للحال الذي نحن فيه كأساس للحكم؟
معنى "املصلحة"
إن املصلحة يف األصل إنما هي جلب منفعة أو دفع مضرة ،ومعنى ذلك احملافظة ّ 57 على مقصود الشرع ،ومقصود الشرع من اخللق خمسة :وهو أن يحفظ عليهم 58 دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم، ومعناه أن كل ما يف ّوت هذه األصول ،إنما هو مفسدة ،ودفعه مصلحة 59.ولذا ،فإن املصلحة ،ليس املراد بها مالءمة الطبع أو منافرته ،بل ما َي ْعت ُّد به الشارع ويرتب عليه مقتضياتها ،ذلك ألنه هو النظر يف مسببات األسباب من حيث كانت األسباب مشروعة أو غير مشروعة ،أي من جهة ما هي داخلة حتت نظر الشرع ،ال من جهة ما هي أسباب عادية ملسببات عادية 60.أي أن تقدير ما به يكون الصالح والفساد عائد إىل الشريعة ذاتها ،ومعيار قياس ذلك هو املقاصد اخلمسة :حفظ الدين والنفس والعقل والنسل 61 واملال. ويفهم من ذلك أن معيار املصالح ُ يف الشريعة اإلسالمية منضبط باحلياتين: احلياة الدنيا واحلياة اآلخرة مع ًا 62،وليس هناك جمال للفصل بينهما ،ألن مصلحة 63 الدنيا مرهونة بمصلحة اآلخرة. لذلك ،فإن ما يخالف يف كنهه املقاصد مما يشابه املصلحة يف اخلمسة ،ولو كان ّ ظاهره ،فإنه يف حقيقته ينتمي إىل نوع
املفاسد ،ويجب أن ُيلتفت إىل مثل ذلك احترازاً .إن من حمترزات املقاصد جت ّنب اعتبار ما يشمل امللذات مصلحة ،ألنه يخالف حقيقة املقاصد اخلمسة ،ومنها أيض ًا ما مل يخالفها يف جوهره ،لكنه ينقلب بسبب سوء القصد ،إىل وسيلة لهدم روح تلك املقاصد أو اإلخالل بها 64،ويف ذلك يقول الشاطبي" :إن األخذ باملشروع من حيث مل يقصد به الشارع ذلك القصد ،أخ ٌذ يف غير شرعه ألمر مشروع حقيقة ،ألن الشارع إنما ّ معلوم بالغرض ،فإذا أخذ بالقصد إىل غير ذلك األمر املعلوم ،فلم يأت بذلك املشروع 65 ال [".].... أص ً هذا ،وبخالف ما قاله اليش ،من أن ال الستنباط ال مستق ً املصلحة أصبحت دلي ً األحكام ،من دون التقيد بالقرآن أو ال باحلديث 66فإنها يف احلقيقة ليست دلي ً ال من األدلة الشرعية كالكتاب والسنّة مستق ً 67 واإلجماع والقياس ل ُتبنى عليها االحكام اجلزئية ،وإنما هي معنى ك ّلي اس ُتخلص من جمموع جزيئات األحكام املأخوذة من أدلتها الشرعية ،أي أنها بحاجة إىل دعم دليل شرعي من األدلة الشرعية 68 التفصيلية. يستخلص من ذلك أن عبء إثبات أن أمراً ما هو مصلحة يقع على َمن يراه كذلك، أي أن عليه أن يب ّين أن ما يراه مصلحة إنما هو حافظ ملقاصد الشريعة اخلمسة. إن التعامل مع املقاصد اخلمسة التي أجمع عليها املسلمون 69،يجب أن يكون وفق ترتيبها ،فيؤخذ باألول مرتب ًة ،حتى إن 70 مما دونه. قضت الضرورة التضحية بجزء ّ فمصلحة حفظ الدين وتقويم شرعته واجب حتى لو استلزم األمر فوات ما دونه ـ وهو مصلحة حفظ النفس ،ولذلك ُش ِّرع اجلهاد. وكذا حفظ النفس واجب حتى لو اقتضى
مقابر يافا بين املصالح واملفاسد
ذلك فوات ما دونها وهو مصلحة حفظ العقل ،وبذلك جاز للمرء أن يفتدي حياته باخلمر إن ُأكره عليها ،وكذا حفظ ضوابط 71 النسل وإن اقتضى األمر تفويت املال. وبذا ،جتتمع مصالح الدين والدنيا، ألنها مبنيه على احملافظة على األمور اخلمسة ،حيث اع ُتبر قيام هذا الوجود الدنيوي مبني ًا عليها حتى إذا انخرمت مل يبق للدنيا وجود ،وكذلك األمور األخروية ال َ 72 قيام لها إ ّ ال بذلك. أما بالنسبة إىل وسيلة حفظ املقاصد ّ اخلمسة ،فإنها تندرج يف ثالث مراحل وفق ًا ألهميتها وهي :الضروريات واحلاجيات والتحسينات 73،وقد جعلها 74 صاحب املوافقات ،أقسام ًا للمقاصد. فالضرورية منها مع ما كان ال بد منها هي قيام مصالح الدين والدنيا ،بحيث إذا ُفقدت مل جت ِر مصالح الدنيا على استقامة، وإنما على فساد وتهارج وفوت حياة، 75 أما ويف األُخرى فوت النجاة والنعيمّ ، احلاجيات فهي تلك التي تتحقق من دونها األمور اخلمسة لكن مع الضيق ،ومثالها يف الدين الرخص اخملففة 76،والتحسينات ما كان تركها ال يؤدي إىل ضيق ،77لكن مراعاتها متفقة مع مبدأ األخذ بما يليق من مكارم األخالق .78ومن ناحية ُأخرى فإن املقاصد الضرورية يف الشريعة أصل 79 للحاجية والتحسينية. إنه ملن املعلوم أن املصالح واملفاسد إنما ُتفهم على مقتضى ما ُغلب ،فإن كان الغالب جهة املصلحة ،فهي املصلحة املفهومة عرف ًا ،وإذا غلبت اجلهةاألُخرى فهي املفسدة املفهومة عرف ًا ،لذلك فإن الفعل ذا الوجهين ُي ْنسب إىل جهته 80 الراجحة. وإنك لترى أن التفريط يف املقابر على
امللف
تلك الشاكلة من تفويت حرمتها وضياع أرضها ،ليس فيه حفظ للدين وال للنفس وال للعقل وال للنسل وال للمال ،بل إنه ضرر حمض بهم جميع ًا ،وال سيما أنه ال ينضوي أي من الضروريات أو احلاجيات أو حتت ٍّ التحسينات.
حتقيق املناط واعتبار املآل
إن من مواضع تعيين املناط األسباب املوجبه لتقرير األحكام ،أي األسباب التي نزلت فيها اآلية أو احلديث الشريف ،عندها يكون الدليل بحسبه 81،ومنها أن ُيتوهم ال أو خارج ًا عنه ،إ ّ ال بعض املناطات داخ ً 82 إنه ليس كذلك يف احلكم ،وقد يكون مثاله اعتماد الشيخ عسلية على كراهة تبييض القبور باجلص سبب ًا إلزالة القبور 83.ومنها ّ أيض ًا التمييز بين املناط العام واملناط ملا كان "ال يصح للعا ِلم إذا ُسئل اخلاص .و ّ عن أمر كيف يحصل يف الواقع ،إ ّ ال أن يجيب حسب الواقع .فإن أجاب على غير ذلك أخطأ يف عدم اعتبار املناط املسؤول عن حكمه ،ألنه ُسئل عن مناط معين، فأجاب عن مناط غير معين 84".وقد ينطبق هذا املعيار على اعتماد جواز دفن ميت يف 85 قبر قائم إلباحة نبش القبور عامة. إن معرفة احملكوم فيه تمام ًا ،ومعرفة ما يدخل فيه وما ال يدخل فيه ،يقتضي معرفة الواقع جيداً ومعرفة األشياء 86 وأوصافها ،واألفعال وأسبابها وآثارها. إن غير ذلك يؤدي إىل جعل األحكام يف غير ما ُوضعت له ،كما يمكن أن ُي َّ عطل احلكم مع 87 وجود حمله ومناطه. هذا ،و"على اجملتهد أ ّ ال يحكم على فعل من األفعال الصادرة عن املكلفين باإلقدام أو باإلحجام ،إ ّ ال بعد نظره إىل ما يؤول إليه
089
090
جملة الدراسات الفلسطينية 93
شتاء 2013
ذلك الفعل ،مشروع ًا ملصلحة تستجلب ،أو 88 ملفسدة تدرأ". ونحن إذ نعي أن مدار احلوار هنا هو ليس عن جمتهد يعمل يف استنباط األحكام ال إننا نالحظ أن من أدلتها التفصيلية ،إ ّ حماولة قياس القاضيين املذكورين الواردة يف بعض فتاواهما ،قد ص َّورتهما كذلك.
الضرورة
لقد اعتمدت بعض تلك الفتاوى إلباحة املقابر وحرث قبورها على أن "املقبرة الفالنية" يف حال غير الئق وأنه قد تعذّر احلفاظ على حرمتها 89،األمر الذي يستدعي التساؤل ع ّما إذا كانت هذه حماولة تلميح إىل "الضرورة" كأساس للحكم .ونحن نفترض أن القاضي ـ وهو صاحب الوالية العامة على الوقف ،وصاحب الصفة اإلسالمية الرسمية الوحيدة التي تبقت للمسلمين يف البلد 90،بعد انهيار الهيكلية الدينية للمجتمع االسالمي 91،كان يتوقع منه أن يصرخ مطالب ًا باحلفاظ على ال من أن يشارك مقدسات املسلمين ،بد ً يف عملية ضياعها ،على طريقة معاجلة املريض بالقتل. إن الضرورة بتعريف شامل هي" :أن تطرأ على اإلنسان حالة من اخلطر واملشقة الشديدة يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو أو بالعرض أو بالعقل أو باملال وتوابعها 92".وكي يجوز األخذ بحكم الضرورة ،ال بد من حتقق ضوابطها وشروطها وهي أن تكون قائمة حاضرة ،أو يجري التحقق من أن هناك خطراً حقيقي ًا على إحدى الضروريات اخلمس 93وهي املقاصد اخلمسة ،وأ ّ ال يكون هناك وسيلة أوىل للتعامل مع املوقف إ ّ ال اخملالفة ،وأن
تكون الضرورة ملجئة وأ ّ ال جتري خمالفة 94 ملا كان من مبادئ الشريعة األساسية .و ّ غير املباح للمضطر إتالف حقوق الغير، فعل فإنه ُيض َّمن 95،فإن تضمين فإن َ ْ املفرط يف احلق العام من غير ضرورة وارد ّ من باب أوىل. من ناحية ُأخرى فإن القاضي إن قضى 96 أما إذا باجلور فالغرم عليه يف ماله هوّ ، اعتبرنا قضاءه باجلور من غير عمد ،فإن 97 نصبته قاضي ًا. الضمان على الدولة التي ّ أما بالنسبة لنبش القبر للضرورة ـ فقد ّ أباحت الشافعية فتح القبر إذا ُدفن امليت من غير أن ُيغسل أو إذا وضع على غير 98 أما احلنفية القبلة ،أو يف أرض مغصوبةّ ، فقد رأوا أن مفسدة هتك حرمة امليت تغلب فوات غسله بعد دفنه ،ولذا فقد حرموا نبشه 99 بعد أن أهيل عليه التراب. وإنك لترى أن النبش لدى َمن يبيحه إنما هو حمدود بقدره فقط ،ألن الضرورة 100 تقدر بقدرها. قلت باستبدال الوقف ْ وإن َ للضرورة ،فإن هذا مشروط بتعطيل االنتفاع به بالكلية ،وأ ّ ال يكون هناك ريع يع ّمر به ،ثم أ ّ ال يكون البدل بغبن فاحش وأن يحل حمله عقار آخر لضمان مصلحة 101 الوقف. أما يف حالنا هذا ،فإنك لترى أن ّ النبش مل يكن لفوات حكم شرعي أو ألن األرض مغصوبة ،وإنما ألن الفتاوى املذكورة "قاست" على حكم فتح قبر امليت يف األرض املغصوبة لتحلل لنفسها نبش ًا مطلق ًا يف كل حال وألي غرض 102.من ناحية ُأخرى فإن بيع هذه املقابر كان بغبن فاحش من جهة ،ثم إنه مل يج ِر استبداله بعقار وقف جديد يحل حمله. واألخطر من هذا وذاك ،أن املال الذي ُقبض ال يدري أحد مصيره 103،كما أن احملكمة
مقابر يافا بين املصالح واملفاسد
مل حتاسب املتوليين أو تسألهم ع ّما فعلوا باملال. هذا ،ومن نافل القول إن االعتداد بتعذّر حفظ حرمة املقبرة ،حتى على فرض صحته ،ال يشكل بأي حال "ضرورة" لبيعها أو حرثها وبناء األحياء اليهودية عليها.
خالصة
إن "املصلحة" إذاً هي ما كانت حتفظ املقاصد اخلمسة ،بدءاً بأعالها رتب ًة ثم ما يليه ،ويتعين من أجل احلكم بقيامها بيان جهات حفظ هذه املقاصد :بالنسبة إىل الدين من حيث الوجود ومن حيث تقويم األركان ودرء الفساد ،وحفظ النفس من حيث الوجود ومن حيث املنع ،وحفظ النسل من حيث الوجود ومن حيث املنع ملا كان على الفقية أن يب ّين وهكذا" ...و ّ كيف يكون ما يراه من أفعال 'مصلحة' ،فإن عبء ِتبيان كون فتواه حافظة للمقاصد اخلمسة واقع عليه ،أو قل إن عليه أن يب ّين على األقل أن قوله ليس خمالف ًا للمقاصد، وذلك أضعف اإليمان ،ألن ما كان غالب ًا عليه الضرر واملفسدة ،إنما هو مفسده ال حمالة 104،بل إنه ال يمكن أن يكون 'مصلحة' ملا كانت مصالح العباد الدنيوية بحال .و ّ 105 إنما هي مقدمات لنتائج املصالح"، فإن ضياع أراضي املقابر يف يافا كما هو احلال يف سائر أراضي البلد عام ًة ،ال يمكن أن يندرج حتت راية املصالح .لقد ال أن درج هؤالء القضاة على القرار أو ً الدفن يف املقبرة انقطع ،وأنها مهملة يتعذر فيقضى بحرثها وإزالة احلفاظ عليهاُ ، قبورها ،ثم أنها بذلك صارت وقف ًا عام ًا يجري عليها ما يجري على األرض العادية 107 من األحكام 106.بعدها يأتي َمن يطلب
امللف
ٍّ متول عليها ،هو يف العادة رئيس تنصيب 108 جلنة األمناء املنصوبة من طرف الدولة، نصبه القاضي ويفوضه بالتصرف كما ُي ّ يرى بامللك 109.ثم تباع هذه األرض وال يدري أحد أين يذهب الثمن ،مع أن من واجب القاضي أن ُيجري حماسبة املتويل ع ّما قبض وع ّما أنفق 110،ألنه صاحب الوالية العامة ،إ ّ ال إنه ،يف أي حال من األحوال ،مل يفعل ،على الرغم من أن القاضي ممنوع من التصرف يف الوقف إ ّ ال يف وجه مصلحة الوقف 111.وليس أقل من إفتاء هؤالء القضاة ذاته كونهم شكلوا نمط ًا لبعض َمن ممن هم أصغر منهم سن ًا :لقد وقّع تبعهم ّ زكي مدلج ـ الذي كان ُع ّين للقضاء يف سنة ،1985صفق َة مقبرة االستقالل يف حيفا ملصلحة شركة إسرائيلية ،ثم أدى به األمر إىل أن ُعزل عن القضاء ،بعد أن أدين بجملة وحكم عليه باحلبس من التهم اجلنائية ُ املوقوف من جانب حمكم َتي حيفا ـ الصلح 112 واملركزية. هذا ،ونؤكد هنا أنه مل يجر امتالك متر ال من هذه العقارات املبيعة ،األمر واحد بد ً الذي يجعل َعزو هذه األفعال إىل املصلحة هو ضالل وتضليل ،إذ إن ضياع املوقع اإلسالمي يف مدن وقرى صارت يهودية السكان ،من حيث املبدأ ،هو مفسدة وضرر خالصان من جهة ،ومن جهة ُأخرى ،فإنه حمو الصلة اإلسالمية مع مكان غلب عليه غياب املسلمين فيه. أما من ناحية املقاصد الشرعية فإن ّ هذا التوجه ليس فيه فقط ما يمت بصلة إىل حفظ الدين أو النفس أو العقل أو النسل أو املال ،بل هو ضرر واقع عليها جميع ًا. إن اعتبار املصلحة رعاية املقاصد الشرعية يجعلها مصلحة إسالمية خالصة، أي أنها "مصلحة األمة" 113،ال ضرر األمة،
091
092
جملة الدراسات الفلسطينية 93
شتاء 2013
سوغ تصرف جهات جتارية إسرائيلية بأن ُي ّ مع "مكتب األراضي اإلسرائيلية" يف أرض املقبرة اإلسالمية 114.ومع استذكار أن املرسوم القضائي رقم ( 115)1منع قضاة الشرع من اتباع هذه الفتاوى ،وخصوص ًا أنه جاء بعد فتاوى عديدة أصدرناها لتثبيت قدسية مقبرة اجلماسين 116،وهي الفتوى التي أرست قواعد تثبيت قدسية املقابر اإلسالمية ومنع بيعها ،وبذا فإنها تشكل نقطة التحول التاريخي يف هذا 117 الشأن ،وكذلك فتوى الشيخ مونس ومقابر ُأخرى عديدة. إن هذا املقام ال يتسع للخوض يف مسألة تأصيل حرمة نبش القبور شرع ًا 118 وهو الذي عليه فتاوانا حاضراً،
فلسطينيون ينظفون مقبرة اجلماسين املصدر :املوقع اإللكتروين "هوية"
وبموجبها ت َّمت حماية مقابر غير قليلة من 120 يد املتغلبة ،كاجلماسين 119وكفر سابا وأم التوت 121وغيرها ،فقد ب ّينا أن هذا هو 122 احلكم الشرعي من حيث املبدأ. ويذكر أنه ُ منذ صدور هذا التحريم َعنّا ،مل جتر حالة 123 بيع واحدة ملقابر إسالمية. إن املصلحة املقصودة بطبيعة احلال، هي مصلحة املسلمين 124ال غيرهم، وخصوص ًا يف سياق نزاع على األرض، معلوم على رؤوس األشهاد .لذا فإنه لعسير ال تبرير على الفهم تمام ًا كيف يمكن مث ً إباحة أرض مقبرة بئر السبع من أجل بناء حمطة باصات مركزية لشركة الباصات، أما وبناء حي سكني يهودي عليها؟! ّ القاضي فع ّلل فتواه بقوله" :وبناء على ما
مقابر يافا بين املصالح واملفاسد
شاهدته يف التاريخ املذكور من حيوية التنظيم يف املدينة ،ووقوع القسم املقترح ضمه للتنظيم قرب منطقة سكنية وإفتاء العلماء [ ]....يوجد به بعض القبور القديمة التي ال يمكن احملافظة عليها ،وعليه ال مانع من ضم القسم املقترح ضمه خارج اخلط األحمر حسب اخملطط اجلديد لقسم التنظيم [ 125".]....وكذلك األمر بالنسبة إىل 126 بيع مقبرة طاسو يف تل الريش يف يافا ملا جعل اإلمام لشركة جتارية يهودية .و ّ الطويف أساس رعاية املصالح من حديث
امللف
الرسول ﷺ "ال ضرر وال ضرار" 127،فإنه ال يجوز التمويه بمعنى املصالح لدرجة اعتبار الضرر احملض واحدة منها .ومع أننا ال نرى جواز نبش القبور حتى يف بلد إسالمي ،وخصوص ًا إذا ما كانت األرض موقوفة أصال للدفن 128،فإننا نختلف مع َمن يرى جواز ذلك 129يف حالنا هذا ،وال سيما أن أي ًا من شروط اجلواز الذي يرددها هؤالء أنفسهم سنداً لفتواهم ليس قائم ًا ال وأولها ،بل أساسها ،مصلحة املسلمين أص ً من قبل ومن بعد.
املصادر 1
للتوسع انظر :
Ahmad Natour , “The Battle Over The Moslem Cemeteries In Israel”, in Sacred Space in Israel and Palestine: Religion and Politics, edited by M.J.Breger, Y. Reiter and L Hammer (New York, London: Routledge, 2012), pp. 168-192.
2يذكر املقدسي أن يف بيت املقدس ألف قبر من قبور األنبياء عليهم السالم .انظر :املقدسي ،شهاب الدين ،حتقيق "مثير الغرام إىل زيارة القدس والشام" ،أحمد اخلطيمي (بيروت :دار اجليل ،ط ،1 ،)1994ص .249 3هناك أضرحة النبي روبين (مسجد) جنوبي يافا ،ومقام ـ مسجد علي بن ُعل َْيم شمايل يافا ـ على ساحل أرسوف ،ومقام عبد النبي يف مقبرة عبد النبي يف تل أبيب ،ومقام الشيخ رسالن يف البلدة القديمة (مه ّدم) ،وضريح الشيخ العجمي قرب مسجد العجمي ،وضريح الصحابي أما توفيق كنعان فال يذكر منها إ ّ ال النبي روبين وسيدنا علي ومزار تل سلمة بن هشام اخملزوميّ . يونس .انظر :توفيق كنعان" ،األولياء واملزارات اإلسالمية يف فلسطين" ،ترجمة نمر سرحان (رام أما املقدسي فمع أنه حين يستعرض الله :وزارة الثقافة الفلسطينية ،)1998 ،ص ّ .298 – 290 فضل مواضع الشام يذكر بيت حلم واللد وعسقالن وغزة والرملة وبيت املقدس ،فال يذكر يافا، كما يب ّين فضل الدفن يف بيت املقدس .املقدسي ،ص 246وما يليها. 4يحيط يافا من القرى :يازور؛ بيت دجن؛ السافرية؛ سلمة؛ اخليرية؛ ساقية؛ كفرعانة؛ فجة؛ امل ّر؛ املويلح؛ عرب السواملة؛ اجلماسين الغربي واجلماسين العباسية؛ رنتية؛ ّ الشرقي؛ جريشة؛ املسعودية؛ الشيخ ّ مونس؛ عرب أبو كشك؛ إجليل الشمالية والقبلية؛ بيار عدس؛ قرية احلرم ـ سيدنا علي .لالستزادة انظر :مصطفى الدباغ" ،بالدنا فلسطين" (فلسطين: دار الهدى ،اجلزء ،4قسم ،2ط ،)2002ص .360-301
093
094
جملة الدراسات الفلسطينية 93
5
شتاء 2013
D. Peretz, “Israel and the Palestinian Arabs” (Washington, D.C.: Middle East Institute, 1958), p. 143.
6مثل قانون استمالك االراضي ـ ،1953حقيبة املنشورات 352بتاريخ ،1954/5/20قانون التقادم ـ ،1958كتاب القوانين ،251ص 112بتاريخ 1958/4/6وغيرهما. " 7قانون أمالك الغائبين ،"1950اجلريدة الرسمية ،العدد ،)1948/5/25( 2يف "كتاب القوانين"، العدد 23 ،27تشرين الثاين/نوفمبر.1949 ، 8انظر: “Absentee Property Law”, statute book 5710, no. 37, 20 march 1950, Supra note 5, p. 143.
9 10 11 12
"قانون أمالك الغائبين" ،مصدر سبق ذكره ،املادة ( 1ب ـ .)1 املصدر نفسه ،املادة ( 1ب ـ .)2 املصدر نفسه ،املادة ( 1أ). البت فيها من طرف احملاكم اإلسرائيلية .ففي التماس رقم 282/61حممد هذه املسألة مل يج ِر ّ السروجي وآخرين ضد وزارة الشؤون الدينية ،اعتمدت احملكمة تصريح ًا للمدعو كهانا ـ ممثل تلك الوزارة ومديرها العام ،أن أعضاء اجمللس األعلى غائبون ،إ ّ ال إنه مل يقدم وثيقة تشهد بذلك .انظر: Natour, op.cit.
13 14 15 16
"قانون أمالك الغائبين" ،مصدر سبق ذكره ،املادة ( 2أ). التماس حمكمة عليا 69/55بولس حنا بولس ضد وزير التطوير )1( 10قرارات عليا– 673 . ( 1956بالعبرية). املصدر نفسه ،ص .681 "قانون أمالك الغائبين" (تعديل رقم " )3حترير واستغالل أمالك االوقاف" ـ ،1965يف" :كتاب القوانين" ،العدد ،1965/2/5 ،445ص .58 مل تع ّين احلكومة جلان ًا يف الناصرة ويف شفا عمرو. يف حيفا وعكا ويافا. انظر تعديل املادة ( 1 ،4أ) (أ )1( )1يف”Absentee Property Law”, op.cit. :
17 18 19 Ibid. 20 ُ 21أسس اجمللس اإلسالمي األعلى يف فلسطين بأمر املندوب السامي يف 9كانون األول /ديسمبر ،1921انظر: “Supreme Muslim Shari’a Council”, Official Gazette of the Government of Palestine 58, Jerusalem, January 1st, 1921, pp. 2-4.
22 23 24 25
مايكل دمبر" ،سياسة إسرائيل جتاه األوقاف اإلسالمية يف فلسطين ( "1988-1948بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية ،ط ،)1992 ،1ص .32 انظر املادة 29أ (أ)( ،ب)(29 ،ج) يف”Absentee Property Law, op.cit. : ،Ibidاملادة (29ج) ،يفIbid. : املدعو علي رشيدي الذي كان رئيس ًا للجنة األمناء يف يافا ،كان متولي ًا على العديد من املقابر يف لواء يافا بتعيين من القاضي توفيق عسلية.
مقابر يافا بين املصالح واملفاسد
26 27 28 29
30
امللف
ال فتوى عسلية بشأن مقبرة إجليل القبلية بتاريخ ،1967/2/19وكذلك فتوى بشأن انظر مث ً مقبرة "اليهودية" بتاريخ .1967/1/2 ال الفتوى بشأن مقبرة "اليهودية" يف املصدر نفسه ،وكذلك ،فتوى عسلية بشأن مقبرة انظر مث ً ّ الشيخ مونس بتاريخ ،1967/3/19وغيرها كثير. مما انظر فتوى مقبرة قيسارية بتاريخ " ،1968/8/14تطوير األماكن األثرية وإنشاء احلدائق ّ يستلزم إزالة آثار القبور". تقع مقبرة مأمن الله يف ظاهر القدس من اجلهة الغربية (وتنحصر اليوم ما بين شارع امللك ال وشرق ًا ،وشارع أغرون جنوب ًا) ،ومساحتها تربو على 120 جورج غرب ًا وشارع هليل شما ً ال عن األمراء دونم ًا ،وهي مقبرة تاريخية ُدفن فيها أعالم القضاء واإلفتاء الشرعيين ،فض ً واجملاهدين املعروفين ،ومنهم :قاضي القضاة عماد الدين الكركي؛ شيخ اإلسالم ابن الهائم؛ القاضي جنم الدين األنصاري القاضي شمس الدين أبو عبد الله األنصاري؛ القاضي زين الدين أبو املكارم الزرعي؛ القاضي شرف الدين القرقشندي؛ قاضي القضاة وخطيب اخلطباء برهان الدين أبو إسحاق بن جماعة الكناين وغيرهم كثير. حماد بشأن مقبرة مأمن الله ،حمكمة يافا ،امللف رقم 79/64بتاريخ فتوى الشيخ طاهر ّ " ،1964/6/7ملف الفتاوى الشرعية" ،رئاسة حمكمة االستئناف ،القدس. املصدر نفسه. "هآرتس" ،)2006/2/8( ،ص .48
31 32 Layish A., “The Muslim Waqf in Israel”, Asian and African studies, vol. 2, 1966, Jerusalem, 33 Israel, p.66.
34 Eisnman, R., Islamic Law in Palestine and Israel: A history of the Survival of Tanzimat and 35 Ibid., p. 67.
Shari’a in the British Mandate and the Jewish State (Leiden: E.J. Brill, 1978), p. 232.
36دمبر ،مصدر سبق ذكره ،ص 3؛ .98-96 Natour, op. cit. 37 38رأي خبير مقدم من اليش إىل احملكمة العليا يف ،2006/2/5من خالل التماس 52/06شركة األقصى لتطوير أمالك الوقف اإلسالمي م.ض .ضد جمعية متحف مركز شمعون ويزنثال وآخرين، دينيم عليون (احملكمة العليا) ،بتاريخ .2008/10/29تاك ـ عال .1074)4(2008 39املصدر نفسه ،ص .5 40املصدر نفسه ،ص .6 41املصدر نفسه. 42املصدر نفسه ،ص .32 43فخر الدين الزيلعي" ،تبيين احلقائق" ،اجمللد ( 1بيروت :دار املعرفة ،د.ت ،).ص .246 حماد بشأن مقبرة مأمن الله ،مصدر سبق ذكره .وكذلك كتاب الشيخ 44انظر :فتوى الشيخ طاهر ّ عسلية بشأن مقبرة سلمة (ب) بتاريخ ،1969/2/20بعنوان "ملن يهمه االمر" ،إذ ُيفهم منه أنه زار املقبرة فقط بعد أن جرت إزالة قبورها .انظر" :ملف الفتاوى الشرعية" ،مصدر سبق ذكره.
095
096
جملة الدراسات الفلسطينية 93
45 46 47 48 49 50 51 52 53
54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64
شتاء 2013
حممد أمين ابن عابدين" ،رد احملتار على الدر اخملتار" (بيروت ،دار الفكر ،ط ،2اجمللد ،2اجلزء .)1979 ،2 الشيخ نظام وجماعة من علماء الهند" ،الفتاوى الهندية وبهامشه فتاوى قاضيخان والفتاوى ّازية" (بيروت :دار الفكر ،اجلزء ،)1991 ،2ص .471 البز ّ ابن عابدين ،مصدر سبق ذكره ،ص .234 – 233انظر فتوى الشيخ عسلية بشأن مقبرة سلمة (ب) التي أباح فيها إزالة معامل القبور ،بتاريخ ،1969/1/1بحجة أنه "انعدم الدفن فيها واستلزم العمران"" ،ملف فتاوى قديمة" ،رئاسة حمكمة االستئناف الشرعية ،القدس. مقبرة طاسو يف تل الريش بيعت لشركة يوسي ،ومقبرة عبد النبي استُغلت إلقامة فندق هيلتون يف تل أبيب ،وهكذا ... رد على لكنه تاريخ)، دون (من يافا يف اإلسالمية اللجنة سكرتير إىل اد حم ّ كتاب القاضي طاهر ّ كتاب األول بتاريخ 1961/4/9بشأن مقبرة يف تل أبيب ،يبدو أنها مقبرة "عبد النبي". املصدر نفسه. املصدر نفسه. حماد إىل مدير دائرة الشؤون اإلسالمية يف وزارة األديان يف " ،1955/2/26ملف كتاب القاضي ّ الفتاوى القديمة" ،مصدر سبق ذكره. حماد ،حمكمة يافا الشرعية ،فتوى يف ملف رقم ،79/64بتاريخ ،1964/6/7 الشيخ طاهر ّ "ملف الفتاوى القديمة" ،مصدر سبق ذكره .وصدرت هذه الفتوى يف الوقت الذي كان القاضي حماد قد قُ دم إىل احملكمة اجلنائية بتهمة االحتيال و ُأدين بها .انظر :ملف جنائي ،822/64دولة ّ حماد بتاريخ ( 66/1/2مل ُينشر). إسرائيل ضد طاهر بن حممد ّ اليوم ُأقيمت هناك مدينة هيرتسليا ،وتقع املقبرة يف حوض ،7320قسيمة .21 إن "املصلحة العامة" التي قصدها عسلية هنا كانت شق طريق عامة يف أرض املقبرة ،انظر: فتوى الشيخ توفيق عسلية ،حمكمة يافا الشرعية (د.ت" ،).ملف الفتاوى القديمة" ،مصدر سبق ذكره. تكررت احلالة نفسها يف فتواه بالنسبة إىل مقبرة العباسية (اليهودية) ،بتاريخ .1978/11/2 انظر :الشيخ عسلية ،حمكمة يافا الشرعية" ،ملف الفتاوى القديمة" ،مصدر سبق ذكره .وأيض ًا فتواه بشأن مقبرة قيسارية يف ،1968/1/17املصدر نفسه. أبو حامد الغزايل" ،املستصفى من علم األصول" ،حتقيق حممد األشقر (بيروت :مؤسسة الرسالة، ط ، 1ج ،)1997 ، 1ص .416 املصدر نفسه. املصدر نفسه. أبو إسحاق الشاطبي" ،املوافقات يف أصول الشريعة" ،شرح عبد الله دراز (بيروت :دار الكتب العلمية ،اجمللد ،1اجلزء ،1د.ت ،).ص .178 حممد رمضان البوطي" ،ضوابط املصلحة يف الشريعة اإلسالمية" (بيروت :مؤسسة الرسالة، ط ،)1977 ، 2ص .15 املصدر نفسه ،ص .45 املصدر نفسه. املصدر نفسه ،ص .124
مقابر يافا بين املصالح واملفاسد
65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89
90 91 92 93 94
امللف
097
الشاطبي ،مصدر سبق ذكره ،اجمللد ،1اجلزء ،2ص .254 رأي خبير مقدم من اليش إىل احملكمة العليا يف قضية مأمن الله (انظر الهامش رقم .)38 يالحظ أن اإلمام الطويف يعتبر رعاية املصالح أقوى من اإلجماع ،انظر" :رسالة يف رعاية املصلحة" ،حتقيق أحمد السايح (القاهرة :الدار املصرية اللبنانية ،ط ،)1993 ،1ص .25 البوطي ،مصدر سبق ذكره ،ص .116 الغزايل ،مصدر سبق ذكره ،ص 140؛ الشاطبي ،مصدر سبق ذكره ،اجلزء ،2ص .10 البوطي ،مصدر سبق ذكره ،ص .60 املصدر نفسه. الشاطبي ،املوافقات ،مصدر سبق ذكره ،اجمللد ،2-1اجلزء ،2ص .13 البوطي ،مصدر سبق ذكره ،ص .119 الشاطبي ،مصدر سبق ذكره ،ص .7 املصدر نفسه. البوطي ،مصدر سبق ذكره ،ص .120 املصدر نفسه. الشاطبي ،مصدر سبق ذكره ،ص .8 املصدرنفسه ،ص .13 الشاطبي ،مصدر سبق ذكره ،ص .20 املصدر نفسه ،ص .60 املصدر نفسه ،ص .61 فتوى الشيخ عسلية بشأن مقبرة قيسارية ،حمكمة يافا الشرعية بتاريخ " ،1968/8/14ملف الفتاوى القديمة" ،مصدر سبق ذكره. الشاطبي ،مصدر سبق ذكره ،ص .62 انظر فتوى الشيخ عسلية بخصوص مقبرة سلمة (ب) ،حمكمة يافا بتاريخ " ،1969/1/1ملف الفتاوى القديمة" ،مصدر سبق ذكره. أحمد اليوسفي" ،االجتهاد" (دمشق :دار الفكر ،ط ،)2000 ،1ص .64 كما هي احلال يف الفتاوى املذكورة. الشاطبي ،مصدر سبق ذكره ،ص .140 ّ مونس بتاريخ ،1963/2/16وفتوى مقبرة بئر السبع يف انظر مثالً ،فتوى مقبرة الشيخ ،1968/1/17وكالهما للشيخ عسلية ،وفتوى مقبرة عبد النبي بشأن مقبرة عبد النبي ،يف ،1952/6/30مصدر سبق ذكره. Layish, op. cit., p. 42.
بعد نكبة ،1948مل يعد هناك مف ٍ ت وال جملس إسالمي أعلى أو دور أيتام أو مدارس دينية. وهبة الزحيلي" ،نظرية الضرورة الشرعية" (بيروت :مؤسسة الرسالة ،ط ،)1985 ، 4ص .68 – 67 املصدر نفسه ،ص .69 املصدر نفسه ،ص ( 71منها إقرار الغاصب ألرض على غصبه).
098
جملة الدراسات الفلسطينية 93
شتاء 2013
95املصدر نفسه ،ص .227 96ابن عابدين ،مصدر سبق ذكره ،اجمللد ،5ص .418 97املصدر نفسه. 98وهبة ،الزحيلي" ،الفقه اإلسالمي وأدلته" (بيروت :دار الفكر ،ط ،4اجلزء ،)1997 ،2ص .1558 املصدر نفسه ،ص .227 99زين الدين ابن النجيم" ،البحر الرائق ،شرح كنز الدقائق" (بيروت :دار املعرفة ،ط ،3اجلزء ،2 ،)1993ص .187 100انظر :رستم باز" ،جملة األحكام العدلية وشرحها" (بيروت :دار الكتب العلمية ،ط 1328 ،3ه ــ،). املادة .22 101انظر :ابن عابدين ،مصدر سبق ذكره ،اجلزء ،4ص 425وما بعدها. حماد ،مصدر سبق ذكره. 102انظر :فتوى الشيخ طاهر ّ 103هناك تقارير ملراقب الدولة تدين جلان االمناء ،انظر: State Ombudsman’s Annual Report, no. 45 (1994), in http://www.mevaker.gov.il
104الشاطبي ،مصدر سبق ذكره ،ص .21 105املصدر نفسه ،ص .141 106انظر أوراق فتوى الشيخ ّ مونس يف ،1967/3/19مصدر سبق ذكره. 107غالب ًا ما اعتاد الشيخ عسلية أ ّ ال يذكر يف قراره أسماء الشهود وكان يكتفي بالقول" :حضر َمن أما يف شهد" انظر مث ً ال :فتوى مقبرة إجليل الشمالية بتاريخ ،1967/2/17مصدر سبق ذكرهّ . حاالت أُخرى فقد حضر شخصان يبدو من بصمة أحدهما أنه أ ُّمي. 108املدعو علي رشيدي وسعيد الهباب. 109أضاف القاضي عسلية أحيان ًا القول "بإذن هذه احملكمة". 110انظر :حممد قدري باشا" ،العدل واإلنصاف للقضاء على مشكالت األوقاف" (القاهرة :طبعة بوالق ،)1902 ،املادة 217وما يليها. 111املصدر نفسه ،املادة .209 112شموئيل بيركوفيتش" ،كم هو رهيب هذا املكان"" ،كارتا" ،القدس ،2006 ،ص .240 113انظر املرسوم القضائي رقم 1الصادر عن رئيس حمكمة االستنئاف الشرعية القاضي الناطور يف ،1994/6/21الكشاف عن قرارات االستئناف" ،هيرتسليا" ،1995 ،ص .8-5 114انظر فتوى الشيخ عسلية بشأن مقبرة إجليل القبلية ،حمكمة يافا الشرعية بتاريخ ،1967/2/19مصدر سبق ذكره. 115قرر املرسوم القضائي رقم ،1مصدر سبق ذكره ،أن حرمة املقابر قائمة دائمة ال تزول وال تزال. 116امللف رقم ،187/851حمكمة يافا الشرعية" ،سجل املقدسات" ،ص .10 – 7 117انظرNatour, op. cit., p 2. : 118منذ ذاك احلين اتبع قضاة الشرع هذا التوجه يف البلد كافة. 119انظر قرار احملكمة املركزية يف تل أبيب 1417/91نخسي هالخا ( م.ض ).ضد جلنة أمناء الوقف اإلسالمي ،ت ق ـ م ح ( ،)2008( 6728 ،)3( 2008بالعبرية) ،الذي قرر احلكم ببطالن بيع املقبرة لعدم موافقة احملكمة الشرعية عليه.
مقابر يافا بين املصالح واملفاسد
امللف
120قررت حمكمة صلح كفر سابا اعتماد فتوى القاضي ناطور ومنع شركة املياه "مكوروت" من مد أنابيبها يف مقبرة النبي يمين ،ألنها بهذا تستبيح حرمتها ،انظر ملف مدين 6005/04حمكمة صلح كفر سابا 19 ،أيلول /سبتمبر ( ،2004مل ُينشر). 121انظر :رسالة املهندس ليبون مدير شركة "ديرخ إيرتس" إىل الرئيس ناطور بتاريخ 2005/8/9 ("ملف املقدسات" برئاسة حمكمة االستئناف) ،يب ّلغه فيها استجابته ملوقف القاضي ناطور بحرمة املقبرة التاريخية أم التوت ،من عهد الفتح العمري ،وبقراره تغيير مسار الطريق السريع اجلديد ـ رقم ،6لتجنب املس بالقبور. ال :حسام املعاين الطرابلسي" ،كتاب اإلنصاف يف أحكام األوقاف" (مصر :مطبعة 122انظر مث ً هندية ،ط ،)1902 ،2ص 80؛ "فتوى األزوجندي" يف "الفتاوى الهندية" ،مصدر سبق ذكره، ص 1471؛ مصادر معاصرة أُخرى. 123بيركوفيتش ،مصدر سبق ذكره ،ص .239 124الطويف ،مصدر سبق ذكره ،ص .25 125فتوى الشيخ عسلية ،حمكمة يافا ،بتاريخ ،1968/1/17مصدر سبق ذكره. 126انظر قرار االستئناف رقم 22/1974يف :أبو غوش" ،قرارات شرعية من احملكمة االستئنافية" (القدس :وزارة األديان ،)1992 ،ص .205-203 127الطويف ،مصدر سبق ذكره ،ص .23 ال إنها مل ّ ال وبين أرض ُيدفن فيها ،إ ّ توقف على 128لقد ميز الفقهاء بين أرض موقوفة على الدفن أص ً الدفن فجعلوا حرمة األوىل حرمة أبدية .انظر فتوى الشيخ بكر الصديف ،س 5م 166ـ ص ،49 29جمادى األوىل لسنة ،1328وفتوى الشيخ حممد البرديسي ـ س 20م 196ـ ص 27 ،52 ربيع األول 1339يف "الفتاوى اإلسالمية من دار اإلفتاء املصرية" (القاهرة :م ،4ط ،)1997 ،2 ص .1374 – 1373 ،1332 129يوسف القرضاوي" ،فتاوى معاصرة" (القاهرة :دار القلم ،اجلزء ،1ط ،)2000 ،8ص ،729الذي أفتى بجواز مد أنابيب جماري يف مقبرة قديمة يف دبي ،فقد خالفناه تمام ًا بفتوانا التي حت ّرم مد أنابيب كهذه يف مقبرة اجلماسين يف تل أبيب بدعوى أن هذه جنسة ،وبما أنها تالمس تراب امليت فإنها تدنسه .انظر فتوى القاضي ناطور ،حمكمة االستئناف الشرعية ،بتاريخ ،5/10/3 رئاسة حمكمة االستئناف.
099