كــلــمــة الـعــــدد إيناس عودة -حاجّ* أصبح الحديث عن تكريس هيمنة اليمين في االنتخابات اإلسرائيليّة ،وغياب ما يسمَى اليسار اإلسرائيليّ ،أمرًا شبه مفروغ منه في السنوات األخيرة ،ويكون السؤال المركزيّ عشيّة كلّ انتخابات هو حول توزيع المقاعد بين األحزاب اليمينيّة وتركيبة االئتالف الحكوميّ ،وسط ذوبان الفوارق بين أحزاب اليمين واليسار والتي كانت تُحدَد تاريخيًا في إسرائيل بحسب مواقف تلك األحزاب من القضايا السياسيّة واألمنيّة من جهة ،وتوجّهاتها االقتصاديّة من جهة أخرى. لعلّ من أهمّ مميّزات الحملة االنتخابيّة األخيرة هو انتقال أجِنْدتها من العامل "الخارجيّ"، المتمثّل بالقضايا السياسيّة الكبرى (كالموقف من الصراع الفلسطينيّ اإلسرائيليّ -على سبيل المثال)، إلى العامل "الداخليّ" المتعلّق بقضايا اجتماعيّة اقتصاديّة داخل المجتمع اإلسرائيليّ .ال يعني ذلك ي انخفاضًا في أهمّيّة العامل األوّل لصالح األخير ،بقدر ما يعكس إجماعًا داخل المجتمع اليهود ّ واألحزاب الصهيونيّة حول سُبُل التعامل مع ما يسمّى بالتهديدات الخارجيّة. لقد هيمن على الحملة االنتخابيّة شعار "تقاسم العبء" الذي رفعه حزب "يوجد مستقبل" ("يش عتيد") برئاسة يائير لبيد .ورغم أنّه قد يبدو -ظاهريًا -موجَهًا إلى اليهود المتزمّتين (الحريديم) ،فإنّه يرمي كذلك إلى إعادة صياغة العالقة بين الدولة والمواطنين العرب من خالل تحديد إطار شرعيّة المواطَنة اإلسرائيليّة ،وإخراج كلّ مَن ال يشارك في هذا "العبء" خارج إطار هذه الشرعيّة .إنّ فوز الحزب الذي تبنّى هذه المقولة بتسعة عشر مقعدًا ،ليكون القوّة الثانية في الكنيست، هو استمرار للقفزة التي حقّقها ليبرمان في االنتخابات الماضية من خالل إطالق شعار "ال مواطَنة دون والء" ،ذاك الشعار الذي وُجِه صراحة وجهارًا نحو نزع الشرعيّة عن المواطنين العرب الذين
جـدل العدد السابع عشر /أيار 1023
1
مدى الكرمل www.mada-research.org