اﻧﺸﻐﺎﻻت اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ﰲ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﺟﺪل اﻟﻘﺎﺳﻢ*
اﻟﺨﺎص إﱃ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ،وﻣﺎ ﻳﺘﺒﻊ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﻐﻴ�ات ﺗﺘﻨﺎول ﻫﺬه اﳌﻘﺎﻟﺔ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ واﻧﺘﻘﺎﻟﻪ ﻣﻦ اﻟﺤ ّﻴﺰ ّ
دﻛﺘﺎﺗﻮري ﻳﺘﺪ ّﺧﻞ ﰲ ﺷﻌﺒﻲ ،ﰲ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎ� ﻣﻦ ﻧﻈﺎم اﺟﺘ�ﻋ ّﻴﺔ وﺳﻴﺎﺳ ّﻴﺔ واﻗﺘﺼﺎدﻳّﺔ ﺗﺄﻲﺗ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺛﻮرة أو ﺣﺮاك ّ ّ ﻛﻞ ﻣﺎ �ﻜﻦ أن ﻳﻬ ّﺪد اﺳﺘﺒﺪاده وإﻧﻬﺎء ﺣﻜﻤﻪ. ّ ﺗُﻌﺘﱪ اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ﺻﻔﺔ ﻟﺼﻴﻘﺔ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن .ورﻏﻢ أ ّن اﳌﺼﻄﻠﺢ ﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﺣﺪﻳﺜًﺎ ﻋﲆ ﺳﺎﺣﺔ اﻟﺪراﺳﺎت ،ﻓﻘﺪ رأﻳﻨﺎه ﻛﻤﻄﻠﺐ ﰲ اﻟﺜﻮرات اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ ،ﺳﻮاء أﻛﺎن ذاك ﰲ ﺗﻮﻧﺲ أو ﰲ ﻣﴫ أو ﰲ ﺳﻮرﻳﺎ؛ ﻓﺎﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻬﺘﺎﻓﺎت واﻟﻼﻓﺘﺎت ﻗﺪ ﺗﻀ ّﻤﻨﺖ -إﱃ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ -اﻟﻜﺮاﻣ َﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ،وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أ ّن ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ﻗﺪ أﺧﺬ ﰲ اﻟﺘﺒﻠﻮر ﻛﺄﺣﺪ أﻫﺪاف اﻟﺜﻮرات ،رﻏﻢ أﻧّﻪ ﻋﻨﺪ اﻟﺴﺆال ﻋﻦ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﻗﺪ ﻳﻠﺘﺼﻖ اﳌﻌﻨﻰ ﺑﺄﻣﻮر ﻫﻲ أﻗﺮب إﱃ أن اﻟﺨﺎص ﻟﻸﻓﺮاد ،وﻫﺬه اﻟﻔﺮﺿ ّﻴﺔ - ﺗﻜﻮن اﻟﺸﺨﺼ ّﻴﺔ .اﳌﻘﺼﻮد أ ّن اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ﻻ زاﻟﺖ إﱃ اﻵن ﺗﻘﻊ ﺿﻤﻦ اﻟﺤ ّﻴﺰ ّ اﻟﺨﺎص إﱃ اﻟﻌﺎ ّم ﰲ ﺣﺴﺐ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮي -ﻗﺪ ُﺧﺮﻗﺖ ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﻮرة ،أي إ ّن اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﻗﺪ اﻧﺘﻘﻠﺖ ﻣﻦ ّ اﻟﺨﺎص إﱃ اﻟﻌﺎ ّم. ﺑﺪاﻳﺔ اﻟﺜﻮرة .وﻟﻨﺘﻌ ّﺮف ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻋﲆ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻜﺮاﻣﺔ ،ﻤﺗﻬﻴ ًﺪا ﻟﻠﺨﻮض ﰲ اﻧﺘﻘﺎل اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﻣﻦ ّ اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ ﻟﻠﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ اﳌﻔﻬﻮم ّ أﺳﺎﳼ ووﺣﻴﺪ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ،وﻫﺬا اﻻرﺗﺒﺎط ﺣﻖ اﻹﻧﺴﺎن ﰲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻣﺼ�ه ﻫﻲ ﴍط اﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ اﻟـﻤـﺘﻤﺜّﻠﺔ ﰲ ّ ّ ﻛﻼ ﻣﻨﻬ� ﺗﻘﻊ ﰲ ﺑ� اﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ واﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ﻟﻴﺲ ارﺗﺒﺎﻃًﺎ ﺳﺒﺒ ًّﻴﺎ ،أي إﻧّﻪ ﻟﻴﺴﺖ إﺣﺪاﻫ� ﺳﺒ ًﺒﺎ ﻟﻸﺧﺮى ،ﺑﻞ إ ّن ًّ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﳌﺼ� )ﺳﻮاء أﻛﺎن ذاك ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻷﺧﺮى وﺗﺸﻜّﻞ ﴍﻃًﺎ ﻻﺳﺘﻤﺮار وﺟﻮدﻫﺎ ،ﻓﺎﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ اﳌﺘﻤﺜّﻠﺔ ﰲ ّ اﻟﻔﺮدي( ﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻬﺎ دون أن ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ﻫﺪﻓًﺎ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ ،واﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ اﻟﺸّ ﻌﻮب أَم ﻋﲆ اﳌﺴﺘﻮى ّ وﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﳌﺼ� واﻟﺴﻌﻲ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﺤ ّﺮر ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈ ّن اﻟﺘﻲ ﻫﻲ أﺳﺎس اﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎ ّ� ﻻ ﻳﻜﺘﻤﻞ ﻣﻔﻬﻮﻣﻬﺎ دون اﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ ّ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﳌﺼ� ،ﻫﻲ اﻣﺘﻬﺎن ﻟﻠﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ أﻳّﺔ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﻼﻧﺘﻘﺎص ﻣﻦ اﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ أو ﺳﻠﺐ اﻹرادة ﰲ اﻻﺧﺘﻴﺎر ،وﻓﻘﺪان ّ ﻓﺤﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﳌﺼ� ﻫﻮ اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻌﻰ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﺸﻌﻮب أو واﻧﺘﻘﺎص ﻣﻦ إﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺬي ﺗﻌ ّﺮض ﻻﻧﺘﻬﺎك ﺣ ّﺮﻳّﺘﻪ؛ ّ ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن اﻻول 2016
1
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
واﺟﺘ�ﻋﻲ؛ واﻟﺘﻌ ّﺮض ﻻﻧﺘﻬﺎك اﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ واﻗﺘﺼﺎدي ﺳﻴﺎﳼ ﻳﺴﻌﻰ إﻟﻴﻬﺎ اﻷﻓﺮاد ،وﻫﻮ ﻳﺘﻤﺜّﻞ ﰲ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﺧﺘﻴﺎر ﻧﻈﺎم ّ ّ ّ ﺟ�ﻋﻲ ﺑﺴﻠﺐ اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ، ﻳﻌﻨﻲ ﻧﻔﻲ اﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎ ّ� ،وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ﻓﻘﺪان اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ،أي إﻧّﻪ ﺷﻌﻮر ّ اﻟﺨﺎص إﱃ اﻟﻌﺎ ّم، وﻟﻜﻦ ﺗﺒﻘﻰ اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﺷﻌﻮ ًرا ﻓﺮدﻳ�ﺎ إﱃ أن ﻳﻨﺘﻘﻞ )أﻗﺼﺪ ﻫﻨﺎ اﻧﺘﻘﺎل اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻜﺮاﻣﺔ( ﻣﻦ ّ
اﻟﺨﺎص ﺑﺪاﻳ ًﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﺎﻣﻞ اﻷﻓﺮاد ﻣﻊ ﻗﻀﺎﻳﺎﻫﻢ اﻟﻴﻮﻣ ّﻴﺔ وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أ ّن اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ﺗﻈﻬﺮ ﻤﺗﺜﻴﻼﺗﻬﺎ ﰲ اﻟﺤ ّﻴﺰ ّ وﻣﺸﺎﻛﻠﻬﻢ اﻟﻔﺮدﻳّﺔ ،وﺗﻨﺘﻘﻞ إﱃ اﻟﺤﻴّﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﻣﻦ ﺧﻼل ﺛﻮرة أو ﻣﻄﺎﻟَﺒﺔ ﺷﻌﺒ ّﻴﺔ ﺑﺎﻟﺘﻐﻴ� .ﻣﺎ أرﻣﻲ إﻟﻴﻪ ﻫﻨﺎ أ ّن اﻻﻋﺘﻘﺎد اﻟﺨﺎص إﱃ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﻳﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﻈﺮوف اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﺎﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم أ ّو ًﻻ ،وﻣﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﺑﴬورة ﺧﺮوج اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﺤ ّﻴﺰ ّ ﺷﻌﺒﻲ .واﻟﺴﺆال ﻳﻜﻤﻦ ﰲ اﻟﴩوط اﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ أن ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﰲ ﻫﺬا اﻟﺤﻴّﺰ ﺣﺘّﻰ ﻣﻦ ﺗﺪاﻋﻴﺎت ﺗﺠﻌﻠﻪ ﻣﻨﺎﺳ ًﺒﺎ ﻟﺤﺪوث ﺣﺮاك ّ َ اﻟﺨﺎص إﱃ اﻟﻌﺎ ّم. اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ اﻟﺨﺎص إﱃ اﻟﻌﺎ ّم ،وﰲ ﻣﺎ َ�ﻨﻊ ﺗﻨﺘﻘﻞ اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ﻣﻦ ّ ّ ﻳﻜﻤﻦ اﻟﺠﻮاب ﺿﻤﻦ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎ ّ� .إ ّن ﺣ ّﺮﻳّﺔ اﻻﺧﺘﻴﺎر اﳌﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻔﻌﻞ ا ِﻹرادة ﻫﻲ أﺳﺎس ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻮﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎ ّ�؛ أي إ ّن ﻋﲆ ا ِﻹﻧﺴﺎن أن ﻳﻘﻮم ﺑﻔﻌﻞ اﻻﺧﺘﻴﺎر ﻷﻧّﻪ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻮﺟﻮد .وﻫﺬه اﻻﺧﺘﻴﺎرات ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻐﺎﻳﺎت؛ أي إ ﱠن اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﺘّﻲ ﻧﻘﻮم ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ ﺑﺎﻻﺧﺘﻴﺎر ﻫﻲ اﻟﺘّﻲ ﺗﺤ ّﺪد اﺧﺘﻴﺎراﺗﻨﺎ ،ﻋﲆ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ ﻫﻲ أﺳﺎس ﻫﺬه اﻟﻐﺎﻳﺎت، ﺧﺎﺻﺘَ ِﻲ اﻟﻌﻘﻼﻧ ّﻴﺔ اﻟﺴﻤﺔ اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﻐﺎﻳﺎت ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ ،ﻓﻤﻔﻬﻮم اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻨﺪ ﻛﺎﻧﻂ ﻳﱰﻛّﺰ ِﰲ ّ واﳌﻘﺼﻮد أ ّن ﱢ ﺧﺎﺻ ّﻴﺔ اﻟﻌﻘﻞ -ﻟﻪ اﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ ﰲ اﻟﺘﻔﻜ� واﺧﺘﻴﺎر اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪﻫﺎ ﰲ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺣﻴﺎﺗﻪ ،ﺳﻮاء واﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ ،ﻓﻬﻮ -ﻷﻧّﻪ �ﻠﻚ ّ اﻻﺟﺘ�ﻋﻲ .وﻳﻌ ّﱪ ﻛﺎﻧﻂ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻔﻜﺮة ﻤﺑﻨﺤﻪ ﺻﻔﺔ "اﻹﻧﺴﺎن" ﻓﻘﻂ اﻻﻗﺘﺼﺎدي أم اﻟﺴﻴﺎﳼ أم أﻛﺎن ذﻟﻚ ﻋﲆ اﳌﺴﺘﻮى ّ ّ ّ
ﴩﻋﻪ ﺧﻀﻮ ًﻋﺎ ﺣ ًّﺮا ،وﻳﻘﻮل ﰲ ﻫﺬا اﻟﺨﺼﻮص" :ﺗﺴﺘﺘﺒﻊ ﻫﺬا ﺑﻐ� ﻧﺰاع ﻟﻠﻜﺎﺋﻦ اﻟﻌﺎﻗﻞ اﻟﻘﺎدر ﻋﲆ اﻟﺘﴩﻳﻊ واﻟﺨﻀﻮع ﻟِ� ﻳ ّ ﻛﻞ ﻛﺎﺋﻦ ﻋﺎﻗﻞ ﺑﻮﺻﻔﻪ ﻏﺎﻳﺔ ﰲ ذاﺗﻪ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن ﻟﺪﻳﻪ اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ أن ﻳﻌ ّﺪ ﻧﻔﺴﻪ ،ﺑﺎﻟﻘﻴﺎس إﱃ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻘﻮاﻧ� أ ّن ّ ﻛﲇ ﻋﺎ ّم؛ وذﻟﻚ ﻷ ّن ﺻﻼﺣﻴ َﺔ ﻣﺴﻠﱠ�ﺗﻪ ﻷن ﺗﺼﺒﺢ ﺗﴩﻳ ًﻌﺎ ﻋﺎ ًّﻣﺎ ﻫﻲ ﻋﲆ اﻟﺘﻲ ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻬﺎ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ،ﻣﺼﺪر ﺗﴩﻳﻊ ّ ّ
1 ﻳﺘﻮﺻﻞ إﱃ ﴐورة اﻟﺘﺤﺪﻳﺪ ﻣﺎ � ّﻴﺰه ﻛﻐﺎﻳﺔ ﰲ ذاﺗﻪ" ..وﻳﺘﺪ ّرج ﻛﺎﻧﻂ ﰲ ﺗﻮﺿﻴﺢ ﻓﻜﺮﺗﻪ ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻫﺬه اﻟﻘﻮاﻧ� ،ﺣﺘّﻰ ّ
أن ﺗﻜﻮن ﻫﺬه اﻟﺘﴩﻳﻌﺎت ﺻﺎدرة ﻋﻦ إرادة ﺣ ّﺮة ،وﻳﻮﺿّ ﺢ ﻣﻔﻬﻮﻣﻪ ﻋﻦ اﻹرادة اﻟﺤ ّﺮة ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺒﺪء ﰲ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺨ�ة" اﻟﺘﻲ ﻳﺮى أﻧّﻬﺎ "ﻗﻴﻤﺔ ،ﻻ اﳌﻨﻔﻌﺔ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﺗﻀﻴﻒ إﱃ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻤﺔ ﺷﻴﺌًﺎ وﻻ اﻟﻌﻘﻢ �ﻜﻨﻪ أن ﻳﻨﻘﺺ "اﻹرادة ّ ﻣﻨﻬﺎ ﰲ ﳾء" 2 .وﻫﺬه اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺤ ّﺪث ﻋﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﻂ ﻧﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ ﻓﻌﻞ "اﻹرادة"؛ إذ "إ ّن ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻤﺔ ﻻ �ﻜﻦ أن ﺗﻮﺟﺪ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﻐﺎﻳﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺘﺤﻘّﻖ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺜﻞ ذﻟﻚ اﻟﻔﻌﻞ .وﻳﻀﻊ ﻛﺎﻧﻂ ﴍوﻃًﺎ ﻋﲆ ّإﻻ ﰲ ﻣﺒﺪأ اﻹرادة ّ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ﻋﻦ اﻹرادة :اﻟﴩط اﻷ ّول" :اﻓﻌﻞ ﻛ� ﻟﻮ ﻛﺎن ﻋﲆ ﻣﺴﻠﱠﻤﺔ ﻓﻌﻠﻚ أن ﺗﺮﺗﻔﻊ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ إرادﺗﻚ إﱃ ﻗﺎﻧﻮن 1ﻛﺎﻧﺖ ،أﻣﺎﻧﻮﯾﻞ) .1970 .ﺗﺮﺟﻤﺔ اﻟﺸﻨﻄﻲ ،ﻣﺤ ّﻤﺪ( أﺳﺲ ﻣﯿﺘﺎﻓﯿﺰﯾﻘﯿﺎ اﻷﺧﻼق .ﺑﯿﺮوت :دار اﻟﻨﮭﻀﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿّﺔ ص .86
2ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺼﺪر ص .19
ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن اﻻول 2016
2
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
وﻛﻞ ﻛﺎﺋﻦ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﻋﺎ ّم" 3 ،وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أ ّن اﻷﻓﻌﺎل ﻳﺠﺐ أن ﺗﺮﺗﻘﻲ ﻟﺘﻜﻮن ﻗﺎﻧﻮﻧًﺎ ﻃﺒﻴﻌ ًّﻴﺎ ﻋﺎ ًّﻣﺎ؛ واﻟﴩط اﻟﺜﺎ�" :اﻹﻧﺴﺎن ّ ّ ﻋﺎﻗﻞ ﺑﻮﺟﻪ ﻋﺎ ّم ﻳﻮﺟﺪ ﻛﻬﺪف ﰲ ذاﺗﻪ ﻻ ﻛﻤﺠ ّﺮد وﺳﻴﻠﺔ� ،ﻜﻦ ﻟﻬﺬه اﻹرادة أو ﺗﻠﻚ أن ﺗﺴﺘﺨﺪﻣﻪ ﻋﲆ ﻫﺪاﻫﺎ ،ﻓﻬﻮ ﰲ ﻛﻞ أﻓﻌﺎﻟﻪ ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﻌﻠّﻘﺔ ﺑﻪ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ أم ﺑﻐ�ه ﻣﻦ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ اﻷﺧﺮى ،ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳُﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ّ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﲆ أﻧّﻪ ﻏﺎﻳﺔ" 4 ،وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أ ّن اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻨﺪ ﻛﺎﻧﻂ ﻳﻜﻮن إﻧﺴﺎﻧًﺎ ﺑﻘﺪرﺗﻪ ﻋﲆ ﻓﻌﻞ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻨﻪ ﻏﺎﻳﺔ، ﻛﻞ إﻧﺴﺎن ﺳﻮاك ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ وﻳﻠ ّﺨﺺ ﻫﺬه اﻟﻘﺎﻋﺪة ﺑﻘﻮﻟﻪ" :اﻓﻌﻞ اﻟﻔﻌﻞ ﺑﺤﻴﺚُ ﺗﻌﺎﻣﻞ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﰲ ﺷﺨﺼﻚ وﰲ ﺷﺨﺺ ّ داﻤﺋًﺎ وﰲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ ﻏﺎﻳﺔ ﰲ ذاﺗﻬﺎ وﻻ ﺗﻌﺎﻣﻠﻬﺎ أﺑ ًﺪا ﻛ� ﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠ ّﺮد وﺳﻴﻠﺔ"5 .وﻟﻜﻦ ﺣﺘّﻰ ﻳﺼﺒﺢ اﻹﻧﺴﺎن ﻏﺎﻳﺔ ﺑ ّﺤﺪ
ذاﺗﻪ ،ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن ﺗﻠﻚ اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻻ ﺗ ُﻜﺎﻓﺌﻬﺎ أﻳّﺔ ﻗﻴﻤﺔ �ﻜﻦ اﺳﺘﺒﺪاﻟﻬﺎ ،وﻳﺴ ّﻤﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻴﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎدل اﻹﻧﺴﺎن ﻛﻐﺎﻳﺔ "ﻟﻜﻞ ﳾء ﰲ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﻐﺎﻳﺎت ﻤﺛﻦ أو ﻛﺮاﻣﺔ :ﻓ� ﻟﻪ ﻤﺛﻦ ﻓﻤﻦ اﳌﻤﻜﻦ أن ﻳُﺴﺘﺒﺪل ﺑﴚء آﺧﺮ )اﻟﻜﺮاﻣﺔ( ﻳﻘﻮل ﻛﺎﻧﻂّ : ﻛﻞ ﻤﺛﻦ وﻣﺎ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﺗﺒ ًﻌﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﺑﺄن ﻳﻜﺎﻓﺌﻪ ﳾء ،ﻓﺈ ّن ﻟﻪ ﻛﺮاﻣﺔ" 6 ،وﺑﻬﺬا ﻳُﻌ ّﺮف ﻛﺎﻧﻂ ﻣﻜﺎﻓﺊ ﻟﻪ ،أ ّﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﻠﻮ ﻋﻦ ّ اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﺑﺄﻧّﻬﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﺳﺎﻣ َﻴﺔ ﻻ ﺗﻌﺎدﻟﻬﺎ أﻳّﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﰲ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﻐﺎﻳﺎت ،وﻳﻌﺘﱪ أ ّن "ﻛﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﺗﺮﺟﻊ إﱃ ﺧﻀﻮﻋﻪ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮن وإ�ّ ﺎ إﱃ ﺗﴩﻳﻌﻪ ذﻟﻚ اﻟﻘﺎﻧﻮن وﺧﻀﻮﻋﻪ ﻟﻪ ﺧﻀﻮ ًﻋﺎ ﺣ ًّﺮا" 7 ،وﺣﺘّﻰ ﻳﺤﻘّﻖ ﻫﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ﻻ ﺑ ّﺪ ﻣﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻧﺎﺑ ًﻌﺎ ﻣﻦ "إرادة ﺣ ّﺮة" ﺣﺘّﻰ ﺗﻜﻮن إرادة ذاﺗ ّﻴﺔ؛ وذﻟﻚ أ ّن "إرادة اﻟﻜﺎﺋﻦ اﻟﻌﺎﻗﻞ ﻻ �ﻜﻦ أن ﺗﻜﻮن إرادة ذاﺗ ّﻴﺔ ّإﻻ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎس إﱃ ﻓﻜﺮة اﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ وﻫﻜﺬا ﻳﻨﺒﻐﻲ ﳌﺜﻞ ﻫﺬه اﻹرادة ﻣﻦ وﺟﻬﺔ اﻟﻨﻈﺮ اﻟﻌﻤﻠ ّﻴﺔ أن ﺗﻀﺎف إﱃ ﺟﻤﻴﻊ
اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ" 8 ،وﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻠﻚ اﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ ﻻ ﻳﺘ ّﻢ ّإﻻ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺎ ﻳﺴ ّﻤﻴﻪ ﻛﺎﻧﻂ "اﻻﺳﺘﻘﻼل اﻟﺬا ّﻲﺗ" ،إذ ﻳﻘﻮل ﰲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن:
"وﻟﻜﻦ ﻓﻜﺮة اﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺘﺼ ّﻮر اﻻﺳﺘﻘﻼل اﻟﺬاﻲﺗّ ارﺗﺒﺎﻃًﺎ ﻻ ﻳﻨﻔﺼﻢ ﻛ� أ ّن ﺗﺼ ﱡﻮر اﻻﺳﺘﻘﻼل اﻟﺬاﻲﺗّ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﳌﺒﺪأ اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻟﻸﺧﻼق اﻟﺬي ﻳُ َﻌ ّﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻔﻜﺮﻳّﺔ اﻷﺳﺎس اﻟﺬي ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻴﻪ ﺟﻤﻴﻊ أﻓﻌﺎل اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﻌﺎﻗﻠﺔ".
9
ﴩ ًﻋﺎ ﻟﻘﻮاﻧ� ﻳﺨﻀﻊ ﻟﻬﺎ و�ﻜﻦ ﺗﻠﺨﻴﺺ اﻟﻔﻜﺮة ّ ﻣ� ﺳﺒﻖ ﻋﲆ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﱄ :اﻹﻧﺴﺎن ﻲﻛ ﻳﻌ ﱠﺮف إﻧﺴﺎﻧًﺎ ﻻ ﺑ ّﺪ ﻣﻦ أن ﻳﻜﻮن ﻣ ﱢ ﺧﻀﻮ ًﻋﺎ ﺣ ًّﺮا ،وﻫﺬه اﻟﻘﻮاﻧ� ﺣﺘّﻰ ﺗﻠّﺒﻲ ﻣﻔﻬﻮم اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﺑ ّﺪ أن ﺗﺘﻤﺘّﻊ ﺑﻌ ّﺪة ﴍوط؛ أ ّو ًﻻ :أن ﺗﺠﻌﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﻏﺎﻳﺔ ﰲ ﺣ ّﺪ ذاﺗﻪ ،ﻻ وﺳﻴﻠﺔ؛ ﺛﺎﻧ ًﻴﺎ :أن ﺗﻜﻮن ﺗﻠﻚ اﻟﻐﺎﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻀ ّﻤﻨﻬﺎ اﻟﴩط اﻷ ّول ذات ﻗﻴﻤﺔ ﺳﺎﻣ َﻴﺔ ﻻ ﺗﻌﺎدﻟﻬﺎ أﻳّﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﰲ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﻐﺎﻳﺎت ،وﻫﻲ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﻌﺎدل "اﻟﻜﺮاﻣﺔ"؛ ﺛﺎﻟﺜًﺎ :أن ﺗﻜﻮن ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮاﻧ� ﻧﺎﺑﻌﺔ ﻋﻦ إرادة ﺣ ّﺮة ،أي إرادة ﻣﺴﺘﻘﻠّﺔ، وﺑﺤﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﳌﺼ�. ﴩع ﻗﻮاﻧﻴﻨﻪ وﻳﺨﻀﻊ ﻟﻬﺎ ﻣﺘﻤﺘّ ًﻌﺎ ﺑﺎﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ ّ وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ﴐورة أن ﻳﻜﻮن اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﻳ ّ 3ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺼﺪر ص .61 4ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺼﺪر ص .71 5ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺼﺪر ص .73 6ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺼﺪر ص .81 7ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺼﺪر ص .86 8ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺼﺪر ص .108 9ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺼﺪر ص .116
ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن اﻻول 2016
3
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
و�ﻜﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺎ ﺳﺒﻖ وﺿﻊ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﳌﻔﻬﻮم اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ﻋﲆ أﻧّﻬﺎ ﻗﻴﻤﺔ ﻋﻠﻴﺎ وﻟﻬﺎ ﻣﻌﺎﻳ� ودﻻﺋﻞ ﻤﺗﺎ َرس ﻋﲆ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﳌﺼ� ﻟﻠﺸﻌﻮب اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺗﺤﺖ اﻻﺳﺘﺒﺪاد ،واﳌﺸﺎرﻛ ُﺔ ﰲ وﺿﻊ اﻟﻘﻮاﻧ� ﺿﻤﻦ اﻟﴩوط أرض اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻣﻨﻬﺎ ﱡ ﻛﺎﻟﺤﻖ ﰲ اﻟﺤﻴﺎة وﻣ�رﺳﺔ اﳌﻌﺘﻘﺪات اﻟﺪﻳﻨﻴّﺔ واﻻﺟﺘ�ﻋﻴّﺔ ،واﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،واﻟﺘﻤﺘّ ُﻊ ﺑﺎﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ واﻟﺤﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ، ّ واﳌﺴﺎواة ،ﻋﲆ أﺳﺎس اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ،وﻣﺎ ﻳﻨﻄﻮي ﻋﻠﻴﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻋﺪاﻟﺔ اﺟﺘ�ﻋ ّﻴﺔ وﺣ ّﺮﻳّﺔ ﰲ اﻟﻔﻜﺮ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻻﻋﺘﻘﺎد، واﻟﺴﻌﻲ ﻧﺤﻮ اﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ ،وﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬه اﳌﻌﺎﻳ� ﻫﻮ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻟﻠﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ. وﻛﻞ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ّ اﻟﺨﺎص )ﻷﻧّﻬﺎ ﺻﻔﺔ ﻟﺼﻴﻘﺔ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ،ووﺟﻮدﻫﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﻳﺪل ﻋﲆ أ ّن اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ ﻣﻮﺟﻮدة ﰲ اﻟﺤﻴّﺰ ّ ّ اﻟﺨﺎص ﻳﻌﻨﻲ وﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎن( ،وﺗﻨﺘﻘﻞ إﱃ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻄﺎﻟﺐ اﻟﺸﻌﻮب ﺑﺄن وﺟﻮد اﻹﻧﺴﺎن؛ ﻓﻮﺟﻮدﻫﺎ ﰲ اﻟﺤ ّﻴﺰ ّ ﺗﻀﻊ اﻟﻘﻮاﻧ� وﺷﻜﻞ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺤﺎﻛﻢ )اﻟﺠﻮاب ﻳﻜﻤﻦ ﰲ ﻛﻮن اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﻟﺼﻴﻘﺔ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن؛ إذ ﻻ وﺟﻮد ﻹﻧﺴﺎن دون ﻛﺮاﻣﺔ، اﻟﺨﺎص ﺣ ّﺘﻰ ﻟﺪي "اﻟﻌﺒﻴﺪ" -ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ وﻋﺪم ﻇﻬﻮرﻫﺎ ﰲ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أﻧّﻬﺎ اﺧﺘﻔﺖ .إﻧﻬﺎ داﻤﺋًﺎ ﻣﻮﺟﻮدة ﰲ اﻟﺤ ّﻴﺰ ّ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﰲ اﻟﺨﺎص إﱃ اﻟﺤﻴّﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﺗﺮاﻓﻘﻪ ﻣﻄﺎﻟَﺒﺔ اﳌﺜﺎل .-إﻫﺎﻧﺔ اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﻻ ﺗﻌﻨﻲ اﺧﺘﻔﺎءﻫﺎ أﻳﻀً ﺎ( ،ﻷ ّن اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻣﻦ اﻟﺤﻴّﺰ ّ ّ واﻻﻗﺘﺼﺎدي ،وﻏﻴﺎب ﻫﺬه اﳌﻄﺎﻟَﺒﺔ ﻫﻮ واﻻﺟﺘ�ﻋﻲ اﻟﺴﻴﺎﳼ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﰲ وﺿﻊ اﻷﻧﻈﻤﺔ واﻟﻘﻮاﻧ� ،واﺧﺘﻴﺎر ﺷﻜﻞ اﻟﻨﻈﺎم ّ ّ ّ اﻟﺨﺎص. دﻟﻴﻞ ﻋﲆ ﺑﻘﺎء اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ﺿﻤﻦ اﻟﺤ ّﻴﺰ ّ اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ واﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم َ اﻟﺠ�ﻋﻲ اﻟﺤ ّﺮ ﻏ� اﳌﺠﺎل اﻟﻌﺎ ّم ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﺴﺎﺣﺔ اﺟﺘ�ﻋ ّﻴﺔ ﺗﺘﻴﺢ ﻷﻓﺮاد اﳌﺠﺘﻤﻊ اﻟﻨﻘﺎش ُﻳﻌ ّﺮف اﳌﻔﻜّﺮ اﻷﳌﺎ ّ� ﻫﺎﺑﺮﻣﺎس ّ اﳌﻘ ّﻴﺪ ،وﺗﻜﻮﻳﻦ رأي ﻋﺎ ّم ﰲ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠّﻖ ﺑﺎﳌﺼﺎﻟﺢ واﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﳌﺸ َﱰﻛﺔ ﺑﻴﻨﻬﻢ ،اﺑﺘﻐﺎء اﻟﻮﺻﻮل إﱃ ﺗﻮاﻓﻖ ﺑﺸﺄن اﳌﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ وﻛﻴﻔ ّﻴﺔ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ. اﻟﺨﺎص ﻫﻮ ﻣﻜﺎن ﻟﻠﻌﺒﻮدﻳّﺔ" :ﺗﺒﺪو ﺗﻘﺴﻴﻤﺔ اﻟﺘﻐ� واﻟﺘﺤ ﱡﺮر ،ﺑﻴﻨ� اﻟﺤ ّﻴﺰ ّ ﺣﻨﻪ آرﻧﺖ ﺗَﻌﺘﱪ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﻣﻜﺎ َن ﺻﻨﻊ ﱡ اﻟﺨﺎص ،ﻻ واﻟﺨﺎص ﻣﻌﺘﺎدة وﻣﻄﺮوﻗﺔ أﻛﺮﺜ ﻣﻦ ﻣ ّﺮة ،ﻟﻜﻦ ﻓﺮادﺗﻬﺎ ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻦ ﻧﻘﻄﺘ� .اﻷوﱃ أ ّن اﻟﺤ ّﻴﺰ "آرﻧﺖ" ﻟﻠﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ّ ّ �ﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن ﺣﻴّ ًﺰا ﳌ�رﺳﺔ اﻟﺘﺤ ﱡﺮر ﻛ� ﻳ ّﺪﻋﻲ ﻣﻨﻈّﺮو اﻟﻔﺮدﻳّﺔ َو "اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﺼﻐ�ة"؛ ﻓﺎﻟﺨﺎص ّﺑﺎﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻫﻮ ﺣﻴّﺰ ﻟﻠﻌﺒﻮدﻳّﺔ ،وﻣﻜﺎن ﻣﻨﺰوع اﻷﻫﻠ ّﻴﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳ ّﻴﺔ وﻣﻌﺰول ﻋﻦ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﻌﺎ ّم .أ ّﻣﺎ اﻟﺠﺪﻟ ّﻴﺔ اﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ،ﻓﺒﺤﺴﺐ آرﻧﺖ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﻣﺆﺳﺴﺎت وﻗﻮاﻧ� ودﺳﺎﺗ� وﺗَﺮاﺗ ُﺒﻴّﺎت وﻋﻼﻗﺎت ﻗﻮى وﺗﻌﺎﻗُﺪات اﺟﺘ�ﻋ ّﻴﺔ ﻣﺠ ّﺮدة ﻟﻴﺲ ﺣﻴّ ًﺰا اﻓﱰاﺿﻴًّﺎ ،ﺗﻌﻤﻞ ﺑﻪ ّ وﻣﺘﺨ ﱠﻴﻠﺔ ،ﺑﻞ ﻫﻮ ﺣ ّﻴﺰ ﻣﺎ ّد ّي ﻣﻠﻤﻮس ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈ ّن اﻷﻣﺮ ﻳﺘﻄﻠّﺐ ﺣﻀﻮ ًرا ﻣﺎ ّدﻳًّﺎ ﻟﻸﻓﺮاد ﰲ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ،أو ﻣﺎ ﺗﺴ ّﻤﻴﻪ "ﺣ ّﻴﺰ
ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن اﻻول 2016
4
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
اﻟﻈﻬﻮر" ﻟ ُﻴﻀْ ﺤﻮا ﻗﺎدرﻳﻦ ﻋﲆ ﻣ�رﺳﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﻤﻜﻨﺔ ّإﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﻔﺮد ﻣﺮﺋ ًّﻴﺎ وﻣﺴﻤﻮ ًﻋﺎ )ﻇﺎﻫ ًﺮا( 10 ﺣﴘ وﻣﺒﺎﴍ ﻟﻶﺧﺮﻳﻦ". ﺑﺸﻜﻞ ّ ّ وﻗﺪ ُوﺿﻌﺖ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﴩوط اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺘّﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﺣﺘّﻰ ﺗﺤﺪث ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺗﻔﺎﻋﻼت ﻣﺠﺘﻤﻌ ّﻴﺔ: •
أن ﻳﻜﻮن اﳌﺠﺎل ﰲ ﻣﺘﻨﺎول اﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﺳﻮاء أﻛﺎن واﻗﻌ ًّﻴﺎ أم اﻓﱰاﺿ ًّﻴﺎ.
•
أن ﻳﻜﻮن اﳌﺸﺎرﻛﻮن ﰲ اﳌﻨﺎﻗﺸﺎت أﻓﺮا ًدا ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺐ ﻻ ﺷﺨﺼ ّﻴﺎت ذات ﻧﻔﻮذ ﺳﻠﻄ ّﻮي.
•
أن ﻳﻜﻮن ﻣﻮﺿﻮع اﻟﻨﻘﺎش ذا ﻗﻴﻤﺔ ﻋﺎ ّﻣﺔ.
•
أن ﺗﻜﻮن اﳌﻨﺎﻗﺸﺔ ﻋﻘﻼﻧ ّﻴﺔ وﻣﺒﻨﻴّﺔ ﻋﲆ اﻻﺣﱰام اﳌﺘﺒﺎدل واﻻﺳﺘ�ع.
•
اﻟﻨﻘﺪي اﻟﺤﺎ ّد. أن ﺗﺘﺒﻨّﻰ اﳌﻨﺎﻗﺸﺔ اﻷﺳﻠﻮب ّ
11
وﺣﺎﻟﺔ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺤ ّﺪد ﻣﺪى ﺗﺄﺛ�ه ﻋﲆ ﻗﺮارات اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﻘﻮاﻧ� واﻷﻧﻈﻤﺔ ،ﻓﺎﳌﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﺗَﺄَ ّﺳﺲ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺨﺎص ،ﻤﺑﺸﺎرﻛﺔ ﺟﻤﻴﻊ أﻓﺮاد اﻟﺸﻌﺐ ،ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻨﻔﺼﻞ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺪور ﰲ اﻟﺤﻴّﺰ اﻟﺤﻴّﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ اﺳﺘﻴﻌﺎب ّ ّ ﻤﺑﺆﺳﺴﺔ أو ﻃﺒﻘﺔ أو ﺟﻬﺔ ،وﻳﺸﻜّﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻀﺎء �ﻜﻦ ﻷﻓﺮاد اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻛﺎﻓّﺔ ،ﺑﺎﺧﺘﻼف ﻃﺒﻘﺎﺗﻬﻢ أو اﻟﺪوﻟﺔ ،وﻻ ﻳﺮﺗﺒﻂ ّ اﻻﺟﺘ�ﻋﻲ ،أن ﻳﺸﺎرﻛﻮا ﻓﻴﻪ ،ﻗﺎدرﻳﻦ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻋﲆ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺻﺎرت ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ أن اﻟﺴﻴﺎﳼ أو اﻟﺪﻳﻨﻲ أو اﻧﺘ�ﺋﻬﻢ ّ ّ ّ واﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺿﻤﻦ اﻟﺪوﻟﺔ. ﺗﻜﻮن ﺿﻤﻦ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ،ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﳌﺠﺘﻤﻌﺎت ﻗﺎدرة ﻋﲆ اﻟﺘﺄﺛ� ﻋﲆ ﻗﺮارات اﻟﺪوﻟﺔ ّ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺒﺢ ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ،أي ﻣﻜﺎﻧًﺎ ﻟﻠﻨﻘﺎش وﺗﺤﺪﻳﺪ وﻟﻜﻦ ﻳﺒﻘﻰ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﻏ� ﻣﻨﻔﺼﻞ ﻋﻦ ّ اﳌﺸﺎﻛﻞ واﻟﺤﻠﻮل .وﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ اﳌﺠﺎل اﻟﻌﺎ ّم ﻫﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﲆ اﻟﺸﻌﻮب؛ وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ أ ّن اﳌﺠﺎل اﻟﻌﺎ ّم ﰲ اﻟﺪول اﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮرﻳّﺔ ﻫﻮ -ﺑﻼ ّ ﻛﲇ ﺷﻚ -ﻣﺴﻴﻄَﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ِﻗﺒﻞ ّ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮرﻳّﺔ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎﰱ ﻋﲆ ﻧﺤ ٍﻮ ّ ّ ﻣﺴﺘﻘﻼ ،ﻏ� ﺗﺎﺑﻊ ﻟﺪوﻟﺔ ًّ ﻣﻊ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ؛ ﻓﺎﻟﻔﻀﺎء اﻟﺬي ﻳﺠﺐ أن ﻳﺤﺘﻮي ﻧﻘﺎﺷﺎت اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﻻ ﺑ ّﺪ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺨﺎص. أو ﻟﺠﻬﺔ ﺗﺤﺘﻜﺮ اﻟﻘ ّﻮة ،وﻻ ﻗﻴﻤﺔ ﺗﺒﺎدﻟ ّﻴﺔ ﻟﻪ ﰲ ﺳﻮق رأس اﳌﺎل ،وﰲ ذات اﻟﻮﻗﺖ ﻳﺤﺎﻓﻆ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﻋﲆ اﻟﺤ ّﻴﺰ ّ أﺳﺎﳼ ﰲ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ،ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻜﺮاﻣﺔ أن ﻳﻀﻊ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺬي ﻳﺮﻏﺐ إذًا ،اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ّ ﰲ أن ﻳﺤﻜﻤﻪ ،ﻓﺎﳌﺠﺎل اﻟﻌﺎ ّم أﻓﻀﻞ ﻣﻜﺎن ﻟﻨﻘﺎش ﻫﺬه اﻷﻧﻈﻤﺔ واﻟﻘﻮاﻧ� .ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮي ،ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺣﻴّﺰ ﻋﺎ ّم ﻫﻮ 10
ﻣﺮة أﺧﺮى 27 .ﻧﯿﺴﺎن .2016ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻤﺪن .ﺗﺎرﯾﺦ اﻻﺳﺘﺮﺟﺎع 16 :ﺣﺰﯾﺮان .2016 ﻟﻮﯾﺲ ،ﺷﺎدي .اﻟﺤﺸﻮد ّ -http://www.almodon.com/opinion/2016/4/27/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B4%D9%88%D8%AF%D9%85%D8%B1%D8%A9-%D8%A3%D8%AE%D8%B1%D9%89 ﻣﺮ اﻟﻌﺼﻮر ودَوره ﻓﻲ ﺧﻠﻖ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎ ّم 1 .ﻛﺎﻧﻮن اﻟﺜﺎﻧﻲ .2011ﻣﻮﻗﻊ ﻧﻘﻄﺔ .ﺗﺎرﯾﺦ اﻻﺳﺘﺮﺟﺎع 16 :ﺣﺰﯾﺮان ﺗﻄﻮره ﻋﻠﻰ ّ -11ﺧﻠﻒ ،ﻣﻲ .اﻟﺤﯿّﺰ اﻟﻌﺎ ّمّ : http://nok6a.net/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D9%91%D8%B2%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B1%D9%87%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B1%D9%91%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D9%88%D8%AF%D9%88%D8%B1/
ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن اﻻول 2016
5
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
ﺷﻌﺒﻲ ﻳﻬﺪف إﱃ اﻟﺘﺤ ﱡﺮر ،ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺠﺮي ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺣ ّﻴﺰ ﻋﺎ ّم ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻜﻮن اﻟﺨﻄﻮة اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺒﻖ ﺣﺪوث ﺛﻮرة أو ﺣﺮاك ّ اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ﻫﻲ ﻗﺎﻋﺪة ﻫﺬا اﻟﺤ ّﻴﺰ؟ ﻛﻞ ﻫﺬه اﻟﻨﻘﺎﺷﺎت وﻃﺮح إذا اﻓﱰﺿﻨﺎ وﺟﻮد ﺣ ّﻴﺰ ﻋﺎ ّم ﺗ ُﻨﺎﻗَﺶ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﻗﻀﺎﻳﺎ اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻛﺎﻓّﺔ ،ﻓﺈ ّن اﻟﻬﺪف اﻟﺴﺎﻣﻲ ﻣﻦ ّ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻫﻮ ﺻﻮن اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴّﺔ .ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻫﺬا اﻟﺤﻴّﺰ اﻟﻌﺎ ّم واﻗ ًﻌﺎ ﺗﺤﺖ رﻗﺎﺑﺔ أﺟﻬﺰة اﻟﺪوﻟﺔ )ﰲ اﻟﺪول اﻷﺳﺎﳼ ﻟﻮﺟﻮد اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم )وﻫﻮ ﺻﻮن اﻟﻜﺮاﻣﺔ( ﻗﺪ اﻧﺘﻔﻰ اﻧﺘﻔﺎ ًء ﻛﻠّ ًّﻴﺎ؛ ﻓﻜ� ﺟﺎء ﰲ ﺗﻌﺮﻳﻒ اﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮرﻳّﺔ( ،ﻓﺈ ّن اﻟﴩط ّ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻫﻲ ﻣﺎ ﻳﺸﻜّﻞ ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻔﺮدي أو ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﳌﺼ� اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﰲ اﻟﺠﺰء اﻷ ّول ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ ،اﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ اﳌﺘﻤﺜّﻠﺔ ﰲ ّ ّ ّ ﻛﻞ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﻏ� ﻣﺘﻤﺘّﻊ ﺑﺎﻟﺤ ّﺮﻳّﺔ؟ وﻫﺬا ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻜﺮاﻣﺔ ،ﻓﻜﻴﻒ �ﻜﻦ أن ﻳﻜﻮن اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم اﻟﺬي ﺗُﻨﺎﻗَﺶ ﻓﻴﻪ ّ اﻟﻌﺎ ّم ﻳﺘﻘﻠّﺺ ،أو ﻳﺬﻫﺐ إﱃ ﺛﻮرة ﺷﻌﺒﻴّﺔ. ﻳﺆﺳﺲ ﺣﻴّ ًﺰا ﻋﺎ ًّﻣﺎ إ ّن ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻤﺑﻔﻬﻮم اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﻣﻦ ﺟﻮاﻧﺒﻬﺎ ،اﻻﺟﺘ�ﻋﻴّﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳّﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ ﻛﺎﻓّﺔ ،ﻫﻲ ﻣﺎ ّ ّ ﻗﺎد ًرا ﻋﲆ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﻛﺮاﻣﺔ ﺟﻤﻴﻊ أﻓﺮاد اﳌﺠﺘﻤﻊ؛ ﻓﺎﻟﺸﻌﻮب اﻟﺘﻲ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺘﻤﺘّﻊ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﺑﺄﻫ ّﻤ ّﻴﺔ ﻓﺮدﻳّﺔ ،ﺗﻨﻘﻞ إﱃ ﻳﺤﺲ ﺑﺘﻌ ّﺮﺿﻪ ﻛﻞ ﻓﺮد ﰲ اﳌﺠﺘﻤﻊ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈ ّن ّ ﺗﺨﺺ ّ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺼﺒﺢ ﻛﺮاﻣﺔ اﻷﻓﺮاد ﻛﺮاﻣﺔ ﺟ�ﻋ ّﻴﺔ ّ ﻛﻞ ﻓﺮد ّ اﻟﺸﻌﺒﻲ ﻳﺒﺪأ وﻳﻌﱪ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ أﻛﺮﺜ ﺣﻀﺎرﻳّﺔً ،ﻓﺎﻟﺤﺮاك ﻟﻺﻫﺎﻧﺔ ﻋﻨﺪ ﺗﻌ ﱡﺮض ّ أي ﻓﺮد ﻣﻦ أﻓﺮاد اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻟﻺﻫﺎﻧﺔّ ، ّ ﺑﺎﻟﻔ ّﻦ ﻛﺎﻟﻐﻨﺎء واﻟﺮﺳﻢ واﻷﺷﻜﺎل اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ﻛﺎﻓّﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺒ� ﻋﻦ رﻓﺾ إﻫﺎﻧﺔ ،وﻫﺬا ﻣﺎ ﻻ ﻳﺤﺪث ﰲ اﻟﺪول اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺗﺤﺖ ﻛﻞ ﻓﺮد، دﻛﺘﺎﺗﻮري ،إذ إ ّن اﻷﻓﺮاد ﰲ ﻫﺬه اﻟﺪول ﻻ ﻳﻨﺸﻐﻠﻮن ﺑﻜﺮاﻣﺔ اﻷﻓﺮاد ﺑﻜﻮن إﻫﺎﻧﺘﻬﺎ ﻫﻲ إﻫﺎﻧﺔ ﻟﻜﺮاﻣﺔ ّ ﺣﻜﻢ ّ ﺑﺴﺒﺐ ﺳﻴﺎﺳﺎت اﻟﺪول اﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮرﻳّﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﲆ أﺳﺎس وﺿﻊ ﻛﺮاﻣﺎت اﻟﻨﺎس ﰲ ﻃﺒﻘﺎت ،ﺑﺤﻴﺚ ﺗﻜﻮن ﻛﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺷﺨﺺ إﱃ آﺧﺮ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺎﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﻳﺘﺄﺛّﺮ ﺑﻬﺬا اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ،وﻻ ﻧﺮى ﻓﻴﻪ ﻧﻘﺎﺷﺎت ﻣﺘﻌﻠّﻘﺔ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮ ﻛﺄﺣﺪ أﺳﺒﺎب إﻫﺎﻧﺔ اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ -ﻋﲆ ﺳﺒﻴﻞ اﳌﺜﺎل .-ﻟﻜ ْﻦ ﺗ َﻌ ﱡﺮض اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ﻟﻺﻫﺎﻧﺔ ﻻ ﻳﻌﻨﻲ أن ﺗﺨﺘﻔﻲ؛ ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ
ﻟﻜﻞ اﻣﺮأة ﻋﲆ ِﺣﺪة ،ﻓﺈ ّن ﻛﺮاﻣﺘﻬ ّﻦ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ﺗﻜﻮن اﻟﻔﺮدي ّ ﺗﺘﻌ ّﺮض اﻟﻨﺴﺎء ﻟﻺﻫﺎﻧﺔ ﻣﻦ ِﻗﺒﻞ اﳌﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻘﻤﻊ ّ ﺗﻜﻒ ﻋﻦ وﺟﻮدﻫﺎ داﺧﻠﻬﺎ .وﻫﺬا ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﲆ اﻷﻓﺮاد ﻛﺎﻓّﺔ؛ ﻓﺎﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮرﻳّﺔ واﻟﺪﻳﻦ ُﻣﻬﺎﻧﺔ ﻟﻜ ّﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﻨﺘﻔﻲ أو ﺗﺨﺘﻔﻲ أو ّ
وﻛﻞ أﺷﻜﺎل ﻗﻤﻊ اﻹﻧﺴﺎن ﻋﲆ اﺧﺘﻼف أﻧﻮاﻋﻬﺎ وﺗﻌ ﱡﺪد أﺳﺎﻟﻴﺒﻬﺎ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺳﻠﺐ اﻹﻧﺴﺎن ﻛﺮاﻣﺘﻪ ،وإن واﻷﺑﻮﻳّﺔ ّ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ إﻫﺎﻧﺔ ﻛﺮاﻣﺘﻪ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻓﺈ ّن ﻫﺬا اﻟﺸﻌﻮر اﻟﻠﺼﻴﻖ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ﻳﺨﺮج إﱃ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﻋﲆ ﺷﻜﻞ ﺛﻮرة أو ﺣﺮاك ﺷﻌﺒﻲ ،وﺗ َﻨﺸﺄ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﺣﺮﻛ ُﺔ ﻣﻘﺎوﻣﺔ داﺧﻠ ّﻴﺔ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﻠﺘﺤ ّﺮر ،واﻟﺤﻴّﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﻳﺴﺘﻮﻋﺐ ﺗﻠﻚ اﳌﻘﺎوﻣﺔ وﻳﺤﺘﻮﻳﻬﺎ - ّ ﻋﲆ ﻧﺤ ِﻮ ﻣﺎ ﺣﺪث ﰲ اﻟﺜﻮرات اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ ﰲ ﺗﻮﻧﺲ وﻣﴫ وﺳﻮرﻳﺎ.
ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن اﻻول 2016
6
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
اﻟﺸﻌﺒﻲ واﻟﺜﻮرة ،ﻟﻴﺘﺨﻠّﺺ ﻣﻦ وﻻ �ﻜﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ ﺣ ّﻴﺰ ﻋﺎ ّم ﺣ ّﺮ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﲆ ﻛﺮاﻣﺔ أﻓﺮاده ّإﻻ ﺑﺨﻮض ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺤﺮاك ّ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﺴﻴﻄﺮة وﺧﻠﻖ ﺣ ّﻴﺰ ﻣﺴﺘﻘ ّﺮ ﺗﺠﺮي ﻓﻴﻪ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﳌﺠﺘﻤﻌ ّﻴﺔ اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ. ﺧﺎﻤﺗﺔ اﻟﺨﺎص ،وﺗﺘﻮاﺟﺪ ﰲ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ،ﺣ� ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﰲ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم اﻟﴩوط اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﺻﻔﺔ ﻟﺼﻴﻘﺔ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن ،ﺗﺘﻮاﺟﺪ ﺿﻤﻦ اﻟﺤ ّﻴﺰ ّ اﻟﺠ�ﻋﻲ ،واﻻﺳﺘﻘﻼل ﻋﻦ أﺟﻬﺰة أﻣﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﻳﺮ اﳌﺼ� اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻮن اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ،وﻫﻲ أن ﻳُﺤﻔﻆ ّ ّ ﻣﺤﺘﻞ ﻣﻦ ِﻗﺒﻞ أﺟﻬﺰة دوﻟﺔ دﻛﺘﺎﺗﻮرﻳّﺔ ،ﻓﺈ ّن ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻜﺮاﻣﺔ واﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣ ّﻴﺔ وﻏ� اﻟﺤﻜﻮﻣ ّﻴﺔ .ﻋﻨﺪ وﺟﻮد ﺣ ّﻴﺰ ﻋﺎ ّم ّ ّ وﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﻣﺴﺆول ﻋﻦ ﻛﺮاﻣﺘﻪ وﻟﻦ ﺗﺪاﻓﻊ اﻟﺠ�ﻋﺔ ﻋﻦ اﻟﻔﺮد ،ﻓﺎﻟﺤﻴّﺰ اﻟﻌﺎ ّم اﻟﺬي ﻳﺘﻤﺘّﻊ اﻟﺨﺎص ّ ﻳﺒﻘﻰ ﺿﻤﻦ اﻟﺤﻴّﺰ ّ ﺑﺤﻖ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﰲ وﺿﻊ أﻧﻈﻤﺔ ﺳﻴﺎﺳ ّﻴﺔ واﻗﺘﺼﺎدﻳّﺔ ﺑﴩوط ﺻ ّﺤ ّﻴﺔ ﺗﺤﻔﻆ اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ ﻻ ﻳﻨﺸﺄ دون ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺟ�ﻋ ّﻴﺔ ّ أي ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﺣﺘﻼل اﻟﺤﻴّﺰ اﻟﻌﺎ ّم( ،وﺗﺤﺮﻳﺮ واﺟﺘ�ﻋﻴّﺔ ،وﻫﺬا ﻳﺆ ّدي إﱃ ﺑﺪء ﺛﻮرة أو ﺣﺮاك ﺷﻌﺒﻲ )أو ّ ّ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﻳﺼﺒﺢ أﺣﺪ أﻫﺪاف اﻟﺜﻮرة ﻟﺼﻮن اﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧ ّﻴﺔ. وﰲ اﻟﺪول اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺘّﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﺑﺤ ّﺮﻳّﺔ وﻳﻜﻮن ﻣﻔﺘﻮ ًﺣﺎ ﳌﻨﺎﻗﺸﺔ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ ،ﻻ ﻧﻠﺤﻆ اﻟﻔﺮق ﺑ� اﻟﻜﺮاﻣﺔ ﰲ
ﻛﻞ ﻓﺮد ﻋﲆ ِﺣﺪة؛ وذﻟﻚ أ ّن اﻷﻓﺮاد ﻳﺪاﻓﻌﻮن ﻋﻦ ﺣ ّﻴﺰﻫﻢ اﻟﻌﺎ ّم ،واﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم ﻳﺼﻮن ﻛﺮاﻣﺘﻬﻢ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم وﻛﺮاﻣﺔ ّ اﻟﻔﺮدﻳّﺔ. •
ﺟﺪل اﻟﻘﺎﺳﻢ ﺑﺎﺣﺜﺔ ﰲ ﻣﺠﺎل اﻟﻜﺮاﻣﺔ وﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن.
ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن اﻻول 2016
7
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org