ﺿﻤﻮر اﻟﻨﻤﻮذج وﻏﻴﺎب اﻟﺒﺪاﺋﻞ؟! أﻣ� ﻣﺨﻮل* ﻣﺆﴍا أﺣﺪ اﳌﻌﺎﻳ� ﻷﻫ ّﻤ ّﻴﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺒﻠﺪﻳﺔ ﺑ� اﻟﺠ�ﻫ� اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﰲ "إﴎاﺋﻴﻞ" ﻳﺘﺤ ّﺪد ﻤﺑﺪى ﻣﺎ ﺗ ُﺸﻜ ُﱢﻞ ّ ً ﻟﺘﺤﻮﻻت ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ اﺟﺘ�ﻋﻴﺔ ،وأﺛ ًﺮا ﻋﲆ اﳌﺆﺳﺴﺎت اﻟﻜﻴﺎﻧﻴّﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﺠﻤﻬﻮر ،أو ﻤﺑﻘﺪار اﺳﺘﺤﺪاث �ﺎذج ﻟﻔﻌﻞ ﺳﻴﺎﳼ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﲆ اﻟﺘﻐﻴ� اﻻﺟﺘ�ﻋﻲ. اﻟﺴﻠﻄﺎت اﳌﺤﻠﻴﺔ واﻟﺒﻠﺪﻳﺔ ،ﻷﺳﺒﺎب ﺑﻨﻴﻮﻳّﺔ وﻻرﺗﺒﺎﻃﻬﺎ اﳌﺮﺟﻌﻲ ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ اﳌﺮﻛﺰي اﻹﴎاﺋﻴﲇ وأﻧﻈﻤﺘﻪ، ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺆﻫﻠﺔ ﺑﺤ ّﺪ ذاﺗﻬﺎ ﻟﺮﻓﻊ ﺳﻘﻒ اﻟﺘﻄﻠﻌﺎت اﻟﻜﻔﺎﺣﻴﺔ ﻟﻠﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴ� ﰲ اﻟﺪاﺧﻞ .وﻫﻲ ﻟﻴﺴﺖ أدوات ﺣﻜﻢ ذاﻲﺗ ،ﻣﻊ ﴐورة اﻹﺷﺎرة اﱃ اﺧﺘﻼف دورﻫﺎ ﺑﻘﻴﺎدة ﻗﻮى وﻃﻨﻴﺔ وﻗﻮى اﻟﺘﻐﻴ� -وان ﻛﺎن ذﻟﻚ ﺿﻤﻦ اﳌﺤﺪودﻳﺔ اﻟﺒﻨﻴﻮﻳﺔ. اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺑﻠﺪﻳﺔ اﻟﻨﺎﴏة ﻫﻲ ﺟﺰء ﻏ� ﻣﻨﻔﺼﻞ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻴﻬﺎ وﺗﺘﺄﺛﺮ ﻣﻨﻬﺎ ،وﺗﻜﺘﻤﻞ ﺻﻮرﺗﻬﺎ ﺣ� ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ .ﰲ اﻋﺘﻘﺎدي ،ﻣﻦ اﻟﺨﻄﺄ اﳌﻐﺎﻻة ﰲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺗﺤﺖ ﻣﺴﻤﻴﺎت "اﳌﺼ�ﻳﺔ" ،ﺑﻞ ﺣﺘﻰ اﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﻨﺎﴏة ﻫﻲ ﻋﺎﺻﻤﺔ اﻟﺠ�ﻫ� اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻫﻮ ﻣﺼﻄﻠﺢ ﻣﺠﺎز ّي .وإن ﻛﺎن ﰲ اﻹﻣﻜﺎن اﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ "ﻋﺎﺻﻤﺔ" ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ،ﻓﺬﻟﻚ ﻗﺒﻞ أرﺑﻌﺔ ﻋﻘﻮد ﰲ أﻋﻘﺎب اﻟﺘﺤﻮل اﻷﻛﱪ واﻻﻧﺘﺼﺎر اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ ﻟﺠﺒﻬﺔ اﻟﻨﺎﴏة اﻟﺪ�ﻮﻗﺮاﻃﻴﺔ ،وﰲ ﺻﺪارﺗﻬﺎ اﻟﺤﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﺑﻘﻴﺎدة ﺗﻮﻓﻴﻖ زﻳّﺎد .ﻓﻘﺪ ﺷﻜّﻞ ذﻟﻚ اﻧﺘﺼﺎ ًرا وﻃﻨ ًّﻴﺎ ﺷﻌﺒ ًّﻴﺎ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴًّﺎ ﻋﲆ اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻹﴎاﺋﻴﻠﻴّﺔ ،وﻧﻘﻄﺔ ﺗﺤ ّﻮل ﰲ ﻣﻌﺎدﻟﺔ اﳌﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺪاﻤﺋﺔ .ﻛﺬﻟﻚ ﺷﻜﻠﺖ ﻣﺨﻴ�ت اﻟﺘﻄﻮﻋﻲ ،ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺖ اﻻﻧﺘﺼﺎر ،أﺣ َﺪ أﻫ ّﻢ وأرﻗﻰ ﻣﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻨﻬﻀﺔ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ واﳌﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻌﻤﻞ ّ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ ﻣﺴ�ة ﺑﻨﺎء اﻟﺒﻠﺪ واﻟ ُﻬﻮﻳّﺔ واﻟﻜﺮاﻣﺔ اﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ،وذﻟﻚ ﻋﲆ ﺻﻌﻴﺪ ﻓﻠﺴﻄ� اﻟﻮﻃﻦ ﻛﻠﻪ، ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﻮاﺣﺪ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن أول 2014
1
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
وﻋﲆ ﺻﻌﻴﺪ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻌﺎﻢﻟ .ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻋﻨﺪ ذاك روح اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻨﺎﻫﻀﺔ واﳌﺘﺠﺪدة .ﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺤﻘﺒﺔ ﻗﺪ اﻧﺘﻬﺖ ﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮد ﺛﻼﺛﺔ. ﻟﻘﺪ ﺷﻬﺪت ﺳﻨﻮات اﻟﺴﺒﻌ� ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻬﻀﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،ﰲ اﻟﺴﻴﺎق اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ واﻟﻌﺮﻲﺑ واﻟﻌﺎﳌﻲ اﳌﻨﺎﻫﺾ ﻟﻼﺳﺘﻌ�ر ،واﻧﻌﻜﺴﺖ ﻋﲆ ﺟ�ﻫ� ﺷﻌﺒﻨﺎ ﰲ ﻓﻠﺴﻄ� .48 ﻫﻨﺎك ﺣﺎﻟﺘﺎن ﻣﻔﺼﻠ ّﻴﺘﺎن ﺗﺘﻌﻠﻘﺎن ﺑﺎﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻨﺎﴏة؛ أوﻻﻫ� ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺎم ،1975واﻟﺜﺎﻧﻴﺔ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت -2014 - 2013وﺗﺤﻤﻞ اﻷﺧ� ُة ﻣﻼﻣﺢ ﺿﻤﻮر اﻷوﱃ. ﺣﻘﻴﻘﺔ أن اﻟﺠﺒﻬﺔ اﻟﺪﻣﻘﺮاﻃﻴﺔ ﻟﻠﺴﻼم واﳌﺴﺎواة ﻗﺪ ﻓﻘﺪت ﻣﻮﻗﻌﻬﺎ ﰲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻌﺎم 2013ﰲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺒﻠﺪات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮأّﺳﺖ ﺳﻠﻄﺎﺗِﻬﺎ اﳌﺤﻠﻴﺔ ،ﻫﺬه اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ دﻟﻴﻞ أن اﻟﻨﺎﴏة ﻟﻴﺴﺖ اﺳﺘﺜﻨﺎء ،ﺑﻞ ﻫﻲ ﺗﻐ�ات اﺟﺘ�ﻋﻴﺔ ﺟﺰء ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻻﻧﺤﺴﺎر ﻗﻴﺎد ّي ﰲ "اﻟﺠﺒﻬﺔ" وﻟﺼﺪارﺗﻬﺎ ،وﻫﻲ دﻟﻴﻞ ﺣﺼﻮل ﱡ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ. أﺟﺮﻳﺖ ﰲ اﻟﻨﺎﴏة وﺣﺪﻫﺎ( ﻣ ّﻬﺪت ﻟﺘﺤﻮﻻت وﻟﻠﺪﻻﻟﺔ ﻋﲆ ﻫﺬا ،ﻧﺸ� أ ّن اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻋﺎم 1975اﳌﺬﻛﻮرة ) ْ وﺑﴩت ﺑﻬﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﳌﺆﺛﺮة ﻋﲆ ﺣﺴﻢ اﳌﻮﻗﻒ ﻟﺼﺎﻟﺢ إﴐاب ﻳﻮم اﻷرض ﻋﺎم ،1976 ﻛﱪى ّ وﻋﲆ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻋﺎم 1977ﻟﻠﺴﻠﻄﺎت اﳌﺤﻠﻴﺔ وﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﻦ ﻣﻊ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻜﻨﻴﺴﺖ اﻹﴎاﺋﻴﲇ .وﻧﺠﺢ اﻟﺤﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﰲ ﺑﻠﻮرة وﺗﻌﻤﻴﻢ �ﻮذج اﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎت اﻟﺠﺒﻬﻮﻳﺔ ﻣﺤﻠّ ًّﻴﺎ وﻗﻄﺮﻳًّﺎ ،ﻟﺘﺤﻘﻖ اﻟﺠﺒﻬﺔ اﻧﺘﺼﺎ ًرا ﻣﺰدو ًﺟﺎ؛ إذ ﺣﺼﻠﺖ -وﻷ ّول ﻣﺮة -ﻋﲆ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻷﺻﻮات اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺖ ،ﻟﺘﱰاﺟﻊ اﻷﺣﺰاب اﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ وﻧﻔﻮذﻫﺎ. ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺎزت "اﻟﺠﺒﻬﺔ" ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﳌﺤﻠﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻟﺘﻔﺸﻞ ﺑﺬﻟﻚ "ﻟﺠﻨﺔ رؤﺳﺎء اﻟﺴﻠﻄﺎت اﳌﺤﻠﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ" ،اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮ ّﺧﻰ اﻟﻨﻈﺎم اﻻﺳﺘﻌ�ري ﻣﻨﻬﺎ أن ﺗﻜﻮن أداة ﻃ ّﻴﻌﺔ ﺑﻴﺪه وﺿﻤﻦ أدوات اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ واﻟﻀﺒﻂ وﳌﺤﺎﴏة ﻧﻬﺞ "اﻟﺘﻄ ّﺮف" .وﻫﻜﺬا ﺟﺮت ﻣﺤﺎﴏة اﳌﴩوع اﻟﺼﻬﻴﻮ ّ�. ﰲ اﻟﻌﺎم ،1975ﺷﺎ َرﻛﺖ اﱃ ﺟﺎﻧﺐ "اﻟﺤﺰب اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ" ﰲ ﺗﺄﺳﻴﺲ "ﺟﺒﻬﺔ اﻟﻨﺎﴏة اﻟﺪ�ﻘﺮاﻃﻴﺔ" ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺸﻜﱡﻼتُ اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ،ﻗﻮى اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ واﻟﺘﻘﺪم واﻟﻨﺨﺐ اﻟﺤﺪاﺛﻮﻳﺔ ،ﰲ ﺣ� ﻧﻔﺮت ﰲ اﻟﻌﺎم 2013ﻣﻦ اﺋﺢ واﺳﻌﺔ ﻣﻦ ﺗﺸﻜّﻼت أﻫﻠﻴﺔ ﺗﺮﻳﺪ أن ﺗﻜﻮن ﴍﻳﻜﺔ ﰲ اﻟﻘﺮار وﺗﻐﻴ� اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺒﻠﺪﻳﺔ ﻻ "اﻟﺠﺒﻬﺔ" ﴍ ُ ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﻮاﺣﺪ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن أول 2014
2
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
ﻣﺠ ّﺮد داﻋﻤﺔ ﳌﺘّﺨﺬي اﻟﻘﺮار .وإذ ﺷﻜّﻠﺖ اﻟﺠﻮﻟﺔ اﻷوﱃ ﻟﻼﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺧﺴﺎرة اﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ "ﻟﻠﺠﺒﻬﺔ" )ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺣﺼﻮل "اﻟﺠﺒﻬﺔ" ﻋﲆ أﻛﺮﺜﻳّﺔ أﺻﻮات ﺑﻔﺎرق ﻃﻔﻴﻒ ﺟ ًّﺪا( ،ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺠﻮﻟﺔ اﳌ ُﻌﺎدة ﴐﺑﺔ ﻋﱪت ﻋﻦ إرادة ﺷﻌﺒﻴﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﻣﻐﺎﻳﺮة ،وﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻨﺎﻓﺮ ﺷﺪﻳﺪ ﻣﻊ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺬي ﻗﺎد اﻟﺒﻠﺪ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﱪى ّ أرﺑﻌﺔ ﻋﻘﻮد ،وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﻣﺆﻳﺪﻳﻪ ﰲ ﺑﺪاﻳﺎﺗﻪ ،وﻣﻦ دﻋﺎﻣﺎﺗﻪ ﰲ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ. وﺗﺠﺪر اﻹﺷﺎرة إﱃ أن "اﻟﺠﺒﻬﺔ" ﻫﻲ أ ّول وأﻛﺮﺜ ﻣﻦ راﻫﻦ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺒﻠﺪي وأﺛ ّﺮ ﻓﻴﻪ .وﻫﻲ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺬي ﻃ ّﻮر �ﻮذج اﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎت وﻢﻟ ﺗﻈﻬﺮ ﺑﺪاﺋﻞ ﻣﺒﻠﻮرة ﻟﻪ ﺳﻮى ﻣﺎ ﺑﺪر ﰲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻷﺧ�ة ﰲ اﻟﻨﺎﴏة وﻏ�ﻫﺎ؛ إذ إنّ ﺗﺂﻛﻞ ﻗﻮة اﻟﺠﺬب اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﳌﺴﺘﻘﻄﺒﺔ ﻳﺘﺰاﻣﻦ ﻣﻊ اﻧﺤﺴﺎر ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺼﺪارة ﻷﺣﺪ أﻛﺮﺜ اﻟﺘﻴﺎرات ﻋﺮاﻗ ًﺔ وأﺛ ًﺮا ﰲ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺴﻴﺎﳼ اﳌﱰاﻛﻢ .وﰲ اﻋﺘﻘﺎدي أ ّن أﺣﺪ إﺷﻜﺎﻻت ﻫﺬا اﻟﻨﻤﻮذج ﻫﻮ أن اﻻﻋﺘﺒﺎرات اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ زاد وزﻧﻬﺎ ،ﻣﻘﺎ َرﻧ ًﺔ ﺑﺎﻻﻋﺘﺒﺎرات اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﺮاﻣﺞ وﻣﺒﺎدىء وأﺧﻼق ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ وﻣﺼﺪاﻗﻴﺔ ﻣﻌﺎﻳ�ﻫﺎ .وﻫﺬا ﺣ ّﻴﺪ ﻗﻮى ﻣﻦ اﻟﻜﻮادر وﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻹﻗﺼﺎء ﻟﺘﱰك اﻹﻃﺎر اﱃ اﻟﻬﺎﻣﺶ ،وﺑﻌﻀﻬﺎ اﻟﺘﻘﻰ ﰲ "ﺷﺒﺎب اﻟﺘﻐﻴ�" –ﻣﺜﻼً .-ﻟﻜﻦ اﻟﻔﺌﺎت اﻷوﺳﻊ اﻟﺘﻲ ﺷﻌﺮت ﺑﺎﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ﻫﻲ ﴍاﺋﺢ ﻣﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻻ ﺗﺤﻤﻞ ﺑﺮﻧﺎﻣ ًﺠﺎ ﺳﻴﺎﺳ ًّﻴﺎ اﺟﺘ�ﻋ ًّﻴﺎ ،وﺟﺪت ﰲ "ﻧﺎﴏﻲﺗ" اﻹﻃﺎر اﳌﻨﺎﺳﺐ ﻟﻠﺘﺄﺛ� واﻟﺘﻐﻴ� وﻤﺗﺜﻴﻞ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ. إن اﻟﺘﺸﻜّﻼت اﳌﺤﻠّ ّﻴﺔ اﻟﺠﺪﻳﺪة اﻟﺘﻲ ﻣ ّﻴﺰت ﻫﺬه اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻗﺪ ﺣﻘﻘﺖ إﻧﺠﺎزات ﻏ� ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ ،واﺣﺘﻠﺖ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺼﺪارة .وﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺒﺪو ،ﺳﻴﻜﻮن ﻟﻬﺎ أﺛﺮ ﻋﻤﻴﻖ ﻋﲆ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺴﻴﺎﳼ ﻟﻠﺠ�ﻫ� اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،و�ﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ اﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻧﺘﺎج ﻫﺬا اﻟﺘﺤ ّﻮل؛ وذﻟﻚ أنّ اﺗﺴﺎع اﻟﺘﻌﺪدﻳﺔ ﻢﻟ ﻳﺤﺼﻞ ﻫﺬه اﳌﺮة ﻋﲆ ﻫﻴﺌﺔ أﺣﺰاب أو ﺗﻴﺎرات ﺟﺪﻳﺪة وﺑﺮاﻣﺞ ،وإ�ّ ﺎ ﻋﲆ ﻫﻴﺌﺔ ﴍاﺋﺢ ﺷﻌﺒﻴﺔ واﺳﻌﺔ ﺗﺄﻃّﺮت ﺣﻮل اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺒﻠﺪﻳﺔ. ﻟﻘﺪ ﺟﺎءت ﻗﻴﺎدات وأوﺳﺎط واﺳﻌﺔ ﰲ ﻫﺬه اﻟﺘﺸﻜﱡﻼت ﻣﻦ ﺑﻴﺌﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺴﻴﺎﳼ ،وﺿﻤﻦ ﻣﺎ ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻒ اﻟﻮﻃﻨﻲ .وﻫﻲ ﻻ ﺗﺰال ﰲ ﺑﺪاﻳﺔ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ ،وﺑﺎﻟﺬات إﻃﺎر "ﻧﺎﴏﻲﺗ" وﻻ ﻳﺰال ﻏ� واﺿﺢ ﻣﻨﺤﺎﻫﺎ ّ وﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻬﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﻔﻮز ﺑﺮﺋﺎﺳﺔ اﻟﺒﻠﺪﻳﺔ؛ ﻫﻞ ﻫﻲ ﻣﺤﻠﻴﺔ أم ﻗﻄﺮﻳﺔ أم ﻛﻠﺘﺎﻫ� ﻣ ًﻌﺎ ،وﻛﻞ اﻟﺨﻴﺎرات ﴍﻋﻴﺔ؟ ﺗﻀﻤﺤﻞ .واﻷﻣﺮ َﻣﻨﻮط ّ وﻗﺪ ﺗﺘﺒﻠﻮر وﺗﺘﺤﻮل اﱃ ﺣﺰب أو ﺣﺮﻛﺔ ﺟﺪﻳﺪة أو ﺗﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﻊ ﺣﺰب ﻗﺎﺋﻢ وﻗﺪ ﻤﺑﺮﻛّﺒﺎت "ﻧﺎﴏﻲﺗ" وﺑﻜﻴﻔﻴﺔ إدرﺗﻬﺎ ﻟﻠﺒﻠﺪﻳﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﺑﺎﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺴﻴﺎﳼ اﻻﺟﺘ�ﻋﻲ ،وﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ ﺻﻴﺎﻏﺔ ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﻮاﺣﺪ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن أول 2014
3
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻣﺘﻜﺎﻣﻞ ﻳﺼﺐ ﰲ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم اﻟﺠ�ﻋﻲ اﻟﻨﴫاوي واﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ،ﻣﻊ اﻻﻗﺘﻨﺎع أن إﻋﺎدة وأي ﺗﺮاﺟﻊ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻮﻃﻨﻲ ﺳﻴﺆدي اﻷﻟﻔﺔ وﺣ�ﻳﺘﻬﺎ ﰲ اﻟﻨﺎﴏة ﻫﻲ اﻟﻬﺪف اﻷﺳﻤﻰ واﻻﻣﺘﺤﺎن اﻷﻫﻢّ ، اﻧﺘﻘﺎﻣﻲ ﻣﻦ ﴍﻛﺎء اﻷﻣﺲ ﺳﻴﺠﻌﻞ اﻟﺸّ ﺪ ﰲ اﺗﺠﺎه اﱃ ﺗﻔﻜﻚ وإﱃ ﻓﻘﺪان اﻟﴩﻋﻴﺔ .ﻛﺬﻟﻚ إن أ ّي ﺗﻮ ّﺟﻪ ّ اﻻﻧﻜ�ش واﻻﺿﻤﺤﻼل .ﻋﻼوة ﻋﲆ ﻫﺬا ،إنّ أ ّي ﺗﺮاﺟﻊ ﻋﻦ اﻟﻨﻬﺞ اﻟﻮﻃﻨﻲ أو ﺗﺮ ّدد ﰲ ﺗﺒﻨّﻴﻪ وﺗﻘﺎﺳﻢ اﳌﻬﺎم اﻟﻮﻃﻨ ّﻴﺔ ﺳﻮف ﻳﺸ ّﺪ ﰲ اﺗﺠﺎه اﻻﺿﻤﺤﻼل واﻟﺘﻔﻜﻚ وﻓﻘﺪان اﻟﴩﻋ ّﻴﺔ . رﻏﻢ اﻟﺘﺤﻮﻻت ،إ ّن اﻷﺣﺰاب واﻟﺤﺮﻛﺎت اﳌﺮﻛﺰﻳﺔ ﻫﻲ ﺷﻜﻞ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻷﻗﻮى واﻷﺛﺒﺖ ،وﻫﻲ ﺻﺎﺣﺒﺔ اﻟﻘﺮار َ أﺷﻜﺎل ﺗﻨﻈﻴﻢ أﺧﺮى ﺗﻬ ّﺪد ﺻﺪارﺗﻬﺎ -وﻫﺬا إﻳﺠﺎ ّﻲﺑ .-ﻟﻜﻦ اﻷﻣﻮر ﻟﻴﺴﺖ ﺛﺎﺑﺘﺔ، ﰲ "ﻟﺠﻨﺔ اﳌﺘﺎﺑﻌﺔ" ،وﻻ ﻓﻬﻨﺎك إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻓﺎﺋﺾ اﻟﺘﻤﺜﻴﻞ واﻟﻘﻮة ﰲ "ﻟﺠﻨﺔ اﻟﺮؤﺳﺎء" وﺗﻀﺨﻢ ﰲ وزﻧﻬﺎ ﰲ "اﳌﺘﺎﺑﻌﺔ" .وﰲ ﺣﺎل إﻗﺮار ﻗﺎﻤﺋﺔ اﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ ﻣﺸﱰﻛﺔ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺖ اﻹﴎاﺋﻴﲇ ﻟﻸﺣﺰاب اﳌﻌﻨﻴﺔ ،وإذا ﻛﺎن ﻣﻌﻴﺎر اﻟﻮﺣﺪة اﻟﺸﻜﻠﻴﺔ اﻻﺿﻄﺮارﻳﺔ ﻫﻮ اﳌﺤﺎﺻﺼﺔ ،ﻓﺈن اﻻﻧﺘﻬﺎزﻳﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺳﺘﻜﻮن ﺳ ّﻴﺪة اﳌﻮﻗﻒ .وﺳﻮف ﺗﺠﺪ اﻟﺘﺸﻜﱡﻼت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻣﺎ ﻳﺸ ّﺪﻫﺎ إﱃ اﳌﺤﺎﺻﺼﺔ ،إ ّﻣﺎ ﺿﻤﻨﻬﺎ أو ﺿﻤﻦ دﻋﻢ ﻟﻬﺎ ﻣﺤﻠّﻴًّﺎ ﻣﻘﺎﺑﻞ دﻋﻢ اﻟﻜﻨﻴﺴﺖ .وﻫﺬا ﻣﺎ ﻗﺪ ﻳﻀﻌﻒ اﻷﺣﺰاب أﻛﺮﺜ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺒﻠﺪﻳﺔ ،وﻳﻌﻴﺪ إﻧﺘﺎج اﻟﻘﻮة ﻟﻠﺒﻨﻰ اﳌﺤﻠّﻮﻳّﺔ ،ﻤﺑﺎ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺤﻤﻮﻟﺔ واﻟﻄﺎﺋﻔﺔ. ﻣﻊ دﺧﻮل "اﻟﻼﻋﺒ� اﻟﺠﺪد" ،ﺗﺘﻮاﻓﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺮﺻﺔ ﻣﻮاﺗﻴﺔ ﻟﺘﻐﻴ�ات ﺑﻌﻴﺪة اﳌﺪى إنْ أُ ْﺣ ِﺴﻦ اﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ، إﺳﱰاﺗﻴﺠﻲ وﻳﺘﺤﺪد ﰲ اﺳﺘﺤﺪاث �ﺎذج ﺟﺪﻳﺪة ﻟﻠﺘﻨﻈﻴﻢ اﳌﺠﺘﻤﻌﻲ ،وﻣﻨﻬﺎ اﳌﻌﺮوف ﻋﺎﳌ ًّﻴﺎ، وﻫﺬا ﺗ َ َﺤ ﱟﺪ ّ وﻫﻮ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻻﺟﺘ�ﻋﻴﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ واﻟﺤﺮاﻛﺎت اﳌﻔﺘﻮﺣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜّﻞ ﻓﻀﺎ ًء رﺣ ًﺒﺎ ﻟﻜﻞ اﻻﺟﺘﻬﺎدات اﻟﻘﺎﻤﺋﺔ واﳌﻌﻨ ّﻴﺔ ﻟﺘﺠﺘﻤﻊ ﻣ ًﻌﺎ وﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﺘ�ﻳﺰاﺗﻬﺎ ﰲ إﻃﺎر اﻟﺴﻌﻲ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ أﻫﺪاف ﻋﻠﻴﺎ .وﻫﺬا، إﱃ ﺟﺎﻧﺐ "ﻟﺠﻨﺔ اﳌﺘﺎﺑﻌﺔ" ،ﻳﺮﻓﺪﻫﺎ وﻳﺠ ّﺪدﻫﺎ ﺑﻘﻮة اﳌﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻏ� اﳌﺤﺪودة ،وﰲ ذﻟﻚ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻟﺪور ﻓﻠﺴﻄﻴﻨ ّﻴﻲ اﻟـ 48ﺑﻜﻞ أﺑﻌﺎده وﻟﺘﻮﺳﻴﻊ أﻓﻖ اﻷﻃﺮ اﳌﺤﻠّ ّﻴﺔ.
ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﻮاﺣﺪ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن أول 2014
4
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
ﰲ اﻋﺘﻘﺎدي ،إن ﺷﻜﻞ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻷرﻗﻰ ﻫﻮ اﻻﻧﺘﺨﺎب اﳌﺒﺎﴍ ﻟﻠﺠﻨﺔ اﳌﺘﺎﺑﻌﺔ ﰲ ﻓﻠﺴﻄ� ،48واﻋﺘ�د اﳌﻨﺘﺨﺒ� واﳌﻨﺘﺨﺒﺎت ﺿﻤﻦ ﻋﻀﻮﻳﺔ اﳌﺠﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ وﻣﻨﻈّﻤﺔ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨ ّﻴﺔ ،ﻟﻜﻦ ﻫﺬا أﺑﻌﺪ أﻓﻘًﺎ ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺒﻠﺪﻳّﺔ. * أﻣ� ﻣﺨﻮل ،ﺣﻴﻔﺎ ،أﺳ� ﺳﻴﺎﳼ ﺑﺴﺠﻦ اﻟﺠﻠﺒﻮع ،ﺷﻐﻞ ﻣﻨﺼﺐ ﻣﺪﻳﺮ ﻋﺎم "اﺗﺠﺎه"-اﺗﺤﺎد ﺟﻤﻌﻴﺎت أﻫﻠﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻟﺤ� ﻳﻮم اﻋﺘﻘﺎﻟﻪ ﻋﺎم .2010
ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﻮاﺣﺪ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن أول 2014
5
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org