اﻟﺴﻴﺎﳼ اﻟﻘﺎﻤﺋﺔ اﳌﺸﱰﻛﺔ واﻟﺨﻄﺎب ّ
ﺳﻠﻴ�ن أﺑﻮ ارﺷﻴﺪ *
ﺣﻖ" .وﰲ اﳌﻌﺘﺎد، اﻟﺤﻖ ﻋﻦ اﻟﺒﺎﻃﻞ ﻳﻈ ّﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﺎﻃﻞ أﻧّﻬﻢ ﻋﲆ ّ ﲇ )ﻛ ّﺮم اﻟﻠﻪ وﺟﻬﻪ(" :ﺣ� ﻳﺴﻜﺖ أﻫﻞ ّ ﻗﺎل اﻹﻣﺎم ﻋ ّ ﺗ ُﺴ َﺒﻎ اﻟﴩﻋ ّﻴﺔ ﻋﲆ ﻫﺬا اﻟﺴﻜﻮت ﺑﺠﻤﻠ ِﺔ ﻣﺴ ﱢﻮﻏﺎت "أﺧﻼﻗ ّﻴﺔ" ،ﻳﺄﻲﺗ ُﺟﻠّﻬﺎ ﻏﺎﻟ ًﺒﺎ ﻣﻦ ﺑﺎب "اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻘﺎﻤﺋﺔ أو اﳌﺰﻋﻮﻣﺔ" َو "اﻟﺘﺨ ّﻮف ﻣﻦ اﻻﺗ ّﻬﺎم ﺑﺰرع ﺑﺬور اﻟﺸﻘﺎق" ،واﻟﻨﺰوع إﱃ "اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻘﺎﺋﻢ" ،وﻏ�ﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﱪﻳﺮات واﻟﺸﻌﺎرات اﻟﺘﻲ ﺗﻬﺪف -ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ -إﱃ ﺳﱰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻀﻌﻒ واﻻﺳﺘﻜﺎﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﱰي اﻟﻄﺮف اﻟﺴﺎﻛﺖ أو اﻷﻃﺮاف اﻟﺴﺎﻛﺘﺔ. ﲇ ،ﺗُﻈﻬِﺮ اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ أ ّن وﺣﺪة اﻟﻌﺮب واﺗّﻔﺎﻗﻬﻢ وﻗﻤﻤﻬﻢ ﻋﻤﻠﺖ داﻤﺋًﺎ ﻋﲆ اﻟﻨﻘﻴﺾ ﻣﻦ ﺻﺎﻟﺢ وﰲ اﻟﺴﻴﺎق اﻟﻌﻤ ّ ﴍ َﻋ َﻨﺖ ﻏﺰو اﻟﻌﺮاق وﻗﺼﻒ ﻟﻴﺒﻴﺎ واﻟﻌﺪوان ﻋﲆ اﻟﻴﻤﻦ واﻟﺘﺂﻣﺮ اﻟﺬي ﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻋﲆ ﻓﻠﺴﻄ�. اﻷ ّﻣﺔ ،ﻓﻬﻲ اﻟﺘﻲ َ ْ وﻓﻠﺴﻄﻴﻨ ًّﻴﺎَ ،ﻋ َﻨﺖ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻮﻃﻨ ّﻴﺔ ﺳﻜﻮتَ ﻓﺼﺎﺋﻞ اﻟﻴﺴﺎر ﻋﻦ ﺗﻔ ﱡﺮد واﻧﺤﺮاف وﻓﺴﺎد اﻟﻘﻴﺎدة ،وﺳ ّﻬﻠﺖ أﺧ ً�ا ﻤﺗﺮﻳﺮ اﺗّﻔﺎق اﻷﻣﻨﻲ ،ﺑﻴﻨ� ﻣﻜّﻦ اﻟﴩﻋﻲ ﻟﱰﺟ�ﺗﻪ وﺗﺒﻌﺎﺗﻪ وﻋﲆ رأﺳﻬﺎ اﳌﻔﺎوﺿﺎت اﻟﻌﺒﺜ ّﻴﺔ واﻟﺘﻨﺴﻴﻖ أوﺳﻠﻮ ،وﻣﺎ زاﻟﺖ ﺗﻮﻓّﺮ اﻟﻐﻄﺎء ّ ّ "اﻧﺸﻘﺎق" ﻓﺼﺎﺋﻞ اﻟﻴﺴﺎر ﰲ ﺣﺎﻟﺘَ ْﻲ ﺟﺒﻬﺔ اﻟﺮﻓﺾ وﺟﺒﻬﺔ اﻹﻧﻘﺎذ ،ﰲ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ،ﻣﻦ ﺻﻴﺎﻧﺔ اﳌﻨ َﺠﺰات اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨ ّﻴﺔ وﻣﻨﻊ اﻻﻧﺰﻻق ﻧﺤﻮ ﺣﻠﻮل وﻧﺘﺎﺋﺞ ﻏ� ﺣﻤﻴﺪة ،وﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ أﻛﺮﺜ إﻳﺠﺎﺑ ّﻴﺔ ﻟﻠﺴﺎﺣﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨ ّﻴﺔ. وﺑﺨﺎﺻﺔ إذا ﻢﻟ ﺑﺄي ﻤﺛﻦ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ داﻤﺋًﺎ اﻟﺨﻴﺎر اﻷﻓﻀﻞ واﻷﻛﺮﺜ ﻓﺎﺋﺪة ﻟﻠﻨﺎس، ّ ﻧﻮرد ﻫﺬه اﻷﻣﺜﻠﺔ ﻟﻠﺘﺪﻟﻴﻞ ﻋﲆ أ ّن اﻟﻮﺣﺪة ّ وﻃﻨﻲ واﺿﺢ اﳌﻌﺎﻢﻟ ،ﻓﺜ ّﻤﺔ ﺷﻘﺎق ﻫﻮ ﺧ� ﻣﻦ ﺗﻜﻦ وﻟﻴﺪة ﺣﺎﺟﺔ ﻣﻮﺿﻮﻋ ّﻴﺔ وﻃﻨ ّﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘ ّﻴﺔ وﻢﻟ ﺗﻘﻢ ﻋﲆ ﻗﺎﻋﺪة ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ّ أي اﺗّﻔﺎق .وﻫﻨﺎ ﻻ ﻳﺠﺪي اﻟﺨﻠﻂ ﺑ� ﺣﺎﺟﺎت وﻣﻘﺘﻀﻴﺎت ﺗﻜﺘﻴﻜ ّﻴﺔ اﺗّﻔﺎق ﻣﺜﻠ� ﻫﻨﺎك ﴍوط وأﻫﺪاف ﻳُﻔﱰض أن ﺗﺤﻜﻢ ّ ﻳﻐ� ﻣﻦ ﻗﺼ�ة اﻷﻣﺪ واﻟﺤﺎﺟﺎت واﻟﻐﺎﻳﺎت اﻹﺳﱰاﺗﻴﺠ ّﻴﺔ ﺑﻌﻴﺪة اﻷﻣﺪ ،ﻛ� أ ّن ﺗﻐﻠﻴﻒ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻤﺑﺜﻞ ﻫﺬه اﻷﻏﻠﻔﺔ ﻻ ّ ﻣﻀﺎﻣﻴﻨﻪ اﻟﻄﺎرﺋﺔ ﺷﻴﺌًﺎ .وﻧﻘﺼﺪ ﻫﻨﺎ ﺗﺤﺎﻟﻒ اﻷﺣﺰاب اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺎرك ﰲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻜﻨﻴﺴﺖ ﰲ إﻃﺎر اﻟﻘﺎﻤﺋﺔ ﻲﻜ ﰲ ﻤﺗﻜ� اﻷﺣﺰاب اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺠﺎوز اﻟﺤﺎﺟﺰ اﻟﺬي اﳌﺸﱰﻛﺔ .ﻫﺬا اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻫﻤ ّﻴﺘّﻪ ﰲ اﳌﺴﺘﻮى اﻟﺘﻜﺘﻴ ّ ُوﺿﻊ ﻹﻓﺸﺎﻟﻬﺎ ﰲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت وإﺧﺮاﺟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻠﻌﺒﺔ اﻟﱪﳌﺎﻧ ّﻴﺔ ،واﳌﺘﻤﺜّﻞ ﺑﺮﻓﻊ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺤﺴﻢ ،ﻫﺬا اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ اﳌﺬﻛﻮر ﻻ ﲇ اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻫ� ﻤﺑﺜﺎﺑﺔ ﻳﺘﺠﺎوز ﻫﺬا اﻟﻨﻄﺎق ،وﻻ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ إﻟﻐﺎ َء اﻟﺘﺒﺎﻳُﻨﺎت اﻟﺠﻮﻫﺮﻳّﺔ وﻗﺘْ َﻞ اﻟﻨﻘﺎش واﻟﺤﺮاك اﻟﺴﻴﺎﳼ اﻟﺪاﺧ ّ ّ اﻟﺴﻴﺎﳼ. رﺋﺔ ﺗﻨﻔﱡﺲ اﻟﻌﻤﻞ ّ إ ّن ﻗﺮاءة ﺗﺎرﻳﺨ ّﻴﺔ ﴎﻳﻌﺔ ﰲ اﻟﻨ�ذج اﻟﺘﺤﺎﻟﻔ ّﻴﺔ ﺑ� اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳ ّﻴﺔ ﰲ اﻟﺪاﺧﻞ ﺗﺸ� إﱃ أن ﻣﺎ رﻓَ َﻊ ﺳﻘﻒ اﻹﺟ�ع اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ وﺣﺎﻓﻆ ﻋﲆ اﻟ ُﻬﻮﻳّﺔ اﻟﻮﻃﻨ ّﻴﺔ وﻋﲆ رﻣﻮزﻫﺎ ﻛﺎن وﺣﺪة اﻟﺨﻄﺎب ،ﻻ وﺣﺪة اﻷﺣﺰاب ،ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻮﻃﻨﻲ ّ ّ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺄت ﻋﲆ ﻗﺎﻋﺪة ِﺣﻮار ،واﻟﴫاع أﺣﻴﺎﻧًﺎ ،ﺑ� اﻟﻘﻮى اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎت اﻟﻈﺮﻓ ّﻴﺔ ،ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻫ ّﻤ ّﻴﺘﻬﺎ اﻟﺘﻜﺘﻴﻜ ّﻴﺔ ﻛ� أﺳﻠﻔﻨﺎ .وﺗﺤﻤﻴﻞ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎت ﻣﺎ ﻻ ﺗﺤﺘﻤﻠﻪ ،واﻟﱰ ّﺟﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺮﺟﻰ ،ﻳﻀﻌﺎﻧﻨﺎ أﻣﺎم ﳼ. ﺧﻴﺒﺔ أﻣﻞ ﻛﺒ�ة ﻗﺪ ﺗﺆ ّدي إﱃ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻜﻮص ﺣﻘﻴﻘ ّﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻷداء وﻋﲆ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺴﻴﺎ ّ ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﻌﴩون /دﻳﺴﻤﱪ 2015
1
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
�ﺎذج اﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎت اﻟﺘﻜﺘﻴﻜ ّﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ وأﺛﺮﻫﺎ ﻋﲆ اﻟﺴﺎﺣﺔ: ﺑﻨﻈﺮة إﱃ اﻟﻮراء� ،ﻜﻦ اﺳﺘﺤﻀﺎر اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨ�ذج اﻟﺘﺤﺎﻟﻔ ّﻴﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑ ّﻴﺔ ،أﺑﺮزﻫﺎ �ﻮذج اﻟﻘﺎﻤﺋﺔ اﻟﻌﺮﺑ ّﻴﺔ اﳌﻮ ّﺣﺪة اﻟﺘﻲ اﺳﺘﻤ ّﺮ اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﰲ إﻃﺎرﻫﺎ ﻷﻛﺮﺜ ﻣﻦ ﻓﱰة اﻧﺘﺨﺎﺑ ّﻴﺔ واﺣﺪة ،ﻟﺤﺎﺟﺔ أﻃﺮاﻓﻬﺎ اﳌﺸﱰﻛﺔ إﱃ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ،اﻟﺬي اﻋﺘُ ِﱪ ﻛﻞ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت. ﺗﺤﺎﻟﻔًﺎ اﻧﺘﺨﺎﺑ ًّﻴﺎ ﻧﺎﺟ ًﺤﺎ ﺣﺼﺪ اﳌﻘﺎﻋﺪ اﳌﺮﺟ ّﻮة ﻣﻨﻪ وأرﴇ أﻃﺮاﻓﻪ اﻟﺘﻲ ازدادت أو ﺗﺒ ّﺪﻟﺖ ﻣﻊ ّ اﻟﻮﻃﻨﻲ وﻤﺛ ّﺔ �ﻮذج آﺧﺮ ﻫﻮ ﻗﺎﻤﺋﺔ اﻟﺠﺒﻬﺔ واﻟﺘﺠ ّﻤﻊ اﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﺖ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻋﺎم 1996ﰲ أﻋﻘﺎب ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﺘﺠ ّﻤﻊ ّ اﻃﻲ 1 .ﺣﺼﻠﺖ اﻟﻘﺎﻤﺋﺔ ﻋﲆ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻘﺎﻋﺪ ﰲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻜﻨﻴﺴﺖ ،ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻣﻘﻌﺪ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﻋﺰﻣﻲ ﺑﺸﺎرة ﻣﻤﺜ ًﱢﻼ اﻟﺪ�ﻘﺮ ّ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ اﳌﺘﻤﺜّﻞ ﰲ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻗﺎﻤﺋﺔ اﻧﺘﺨﺎﺑﻴّﺔ ،ﺣﻴﺚ ﻟﻠﺘﺠ ّﻤﻊ .ورﻏﻢ أﻧّﻬﺎ اﻋﺘُﱪت ﺗﺠﺮﺑﺔ راﺋﺪة ،ﻢﻟ ﻳﺠ ِﺮ ﺗﺤﻤﻴﻠﻬﺎ أﻛﺮﺜ ﻣﻦ وزﻧﻬﺎ ّ ﺟﺮى ﺗﻔﻜﻴﻜﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﱰة ﻗﺼ�ة ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﻫﺪاﻓﻬﺎ ﺑﺎﻟﻌﺒﻮر ﺑﻄﺮﻓﻴﻬﺎ إﱃ ﻏﺎﻳﺎﺗﻬ� اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴّﺔ. وﻤﺑﺮاﺟﻌﺔ ﻟِ� ﺣﺪث ،ﻧﺮى أ ّن اﻟﻔﺎﺋﺪة ﻣﻦ ﺗﻔﻜﻴﻚ ﻗﺎﻤﺋﺔ اﻟﺠﺒﻬﺔ واﻟﺘﺠ ّﻤﻊ اﳌﺸﱰﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﺖ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻋﺎم 1996 اﻟﺴﻴﺎﳼ ،وأﺳﻔﺮا ﻻﺣﻘًﺎ ﻛﺎن إﺳﻬﺎﻣﻬﺎ أﻛﱪ ﻣﻦ إﺳﻬﺎم ﺗﺸﻜﻴﻠﻬﺎ؛ إذ إ ّن اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ واﻟﻨﻘﺎش ﺑ� ﻃﺮﻓﻴﻬﺎ أﺳﻬ� ﰲ إﻏﻨﺎء اﻟﻌﻤﻞ ّ ﻋﻦ إﻃﻼق وﺗﻌﻤﻴﻢ ﺧﻄﺎب أﻛﺮﺜ ﺗﻘ ﱡﺪ ًﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﻄﺎب "اﻟﺴﻼم واﳌﺴﺎواة" ،ﻫﻮ ﺧﻄﺎب "إﻟﻐﺎء ﻳﻬﻮدﻳّﺔ اﻟﺪوﻟﺔ وﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ إﱃ دوﻟﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻮاﻃﻨﻴﻬﺎ". "اﻟﻮﺣﺪة واﻟﴫاع ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺴﻌﻴﻨ ّﻴﺎت": ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺨﻤﺴﻴﻨ ّﻴﺎت ،وﺗﺤﺪﻳ ًﺪا ﻋﺎم ،1958أُ ّﺳﺴﺖ "اﻟﺠﺒﻬﺔ اﻟﺸﻌﺒﻴّﺔ" .وﻫﻲ ﺗﺤﺎﻟﻒ ﺿ ّﻢ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴّ� واﻟﻘﻮﻣﻴّ� ،ﻟﻜ ّﻨﻬﺎ ﻢﻟ ﺗﻌ ﱠﻤﺮ ﺳﻮى ﻓﱰة وﺟﻴﺰة ،إذ اﻧﻔﺮط ﻋﻘﺪﻫﺎ ﻋﲆ ﺧﻠﻔﻴّﺔ اﻟﴫاع اﻟﺬي دار ﺑ� ﻃﺮﻓﻴﻬﺎ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﻫﻴّﺄ ﻻﺣﻘًﺎ ﻻﻧﻄﻼق "ﺣﺮﻛﺔ اﻷرض" اﻟﺘﻲ أﻃّﺮت اﻟﻘﻮﻣﻴّ� ،ﻓﻴ� اﺳﺘﻤ ّﺮ اﻟﴫاع ﺧﻼل ﻓﱰة وﺟﻮدﻫﺎ ﻣﻊ اﻟﺸﻴﻮﻋﻴّ� ،واﻧﺘﻬﻰ ﺑﻌﺪ أن ﻗﻤﻌﺘﻬﺎ اﻟﺴﻠﻄﺎت ﻋﺎم .1964 ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴّﺎت واﻟﺜ�ﻧﻴﻨ ّﻴﺎت ﺧﻠﺖ ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎت ،ﺑﺎﺳﺘﺜﻨﺎء اﻟﻮﺣﺪة ﺿﻤﻦ إﻃﺎر ﻫﻴﺌﺎت وﻃﻨﻴّﺔ ﻛﻠﺠﻨﺔ اﻟﺪﻓﺎع اﻟﻄﻼب اﻟﺠﺎﻣﻌﻴ� اﻟﻌﺮب وﻏ�ﻫ� ،ﺑﻴﻨ� ﺷﻬﺪت ﰲ اﳌﻘﺎﺑﻞ ﴏا ًﻋﺎ ﻣ ًّﺮا ﻋﲆ اﻟﺮﻣﻮز واﻟ ُﻬﻮﻳّﺔ ،وﻫﻮ ﻋﻦ اﻷراﴈ واﺗّﺤﺎد ّ ﴏاع اﺑﺘﺪأ وﺗﻮاﺻﻞ ﻣﻨﺬ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨ ّﻴﺎت ،ﻣﻊ ﺑﻮادر اﻧﻄﻼﻗﺔ ﺣﺮﻛﺔ "أﺑﻨﺎء اﻟﺒﻠﺪ" ،واﺣﺘﺪم ﺧﻼل ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺴﺒﻌﻴﻨﻴّﺎت وأواﺳﻂ اﻟﺜ�ﻧﻴﻨﻴّﺎت ،ﻣﻊ ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺘﻘ ّﺪﻣﻴّﺔ ﺛ ّﻢ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴّﺔ ﻻﺣﻘًﺎ؛ ﻫﺬا اﻟﴫاع اﻟﺬي ﺗﺤ ّﻮﻟﺖ ﺧﻼﻟﻪ ﻣﺴ�ات ﴏت ﺣﺮﻛﺔ "أﺑﻨﺎء اﻟﺒﻠﺪ" آﻧﺬاك ﻋﲆ رﻓﻌﻪ ،ﺗﺄﻛﻴ ًﺪا ﻟِ� ﻳﺮﻣﺰ ﻳﻮم اﻷرض إﱃ ﺳﺎﺣﺔ "ﻗﺘﺎل" ﻋﲆ اﻟﻌﻠﻢ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ اﻟﺬي أ ّ ّ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ ُﻫﻮﻳّﺔ واﻧﺘ�ء .ﰲ اﳌﻘﺎﺑﻞ ،ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺮﻣﻮز اﻹﴎاﺋﻴﻠﻴّﺔ ﻣﻦ َﻋﻠَﻢ وﻧﺸﻴﺪ ﺣﺎﴐة ﰲ ﻫﺬا اﻟﴫاع؛ إذ ﻃﺎﳌﺎ اﻧﺘُ ِﻘﺪ ﻗﻴﺎم اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ ﺑﺮﻓﻊ َﻋﻠَﻢ إﴎاﺋﻴﻞ ﰲ ﻣﻈﺎﻫﺮات أ ّول أﻳّﺎر ،وﺑﺎﻓﺘﺘﺎح ﻣﺆﻤﺗﺮاﺗﻪ ﺑﻨﺸﻴﺪ "ﻫﺘﻜﻔﺎ". اﻟﺤﺰب ّ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ،ﺣﻴﺚ ﺣﺸّ ﺪت َ آﻻف اﻟﻮﻃﻨﻲ ﰲ اﻟﺪاﺧﻞ ﻟﻘﺪ أﻏﻨﺖ ﺳﻨﻮات اﻟﻨﻘﺎش َو "اﻟﴫاع" اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﺳﺎﺣ َﺔ اﻟﻌﻤﻞ ّ ّ اﻟﺸﺒﺎب ﰲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت واﳌﻌﺎﻗﻞ اﻟﻨﻀﺎﻟﻴّﺔ اﻷﺧﺮى ،وأﺳﻬﻤﺖ ﰲ ﻋﻤﻠﻴّﺔ اﻟﺸﺤﻦ واﻟﺘﺴﻴﻴﺲ ،وﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﺎ ﻓ ّﻌﺎﻟﻴّﺘﻬﺎ ﺑ� اﻷﺣﺰاب اﳌﺨﺘﻠﻔﺔ وداﺧﻠﻬﺎ ،إذ وﺻﻠﺖ ﺣ ّﺪ "اﻟﺼﺪام" ﰲ ﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﺎ أﺣﻴﺎﻧًﺎ ،وأﺣﺪﺛﺖ ﺗﺼ ﱡﺪﻋﺎت واﻧﺸﻘﺎﻗﺎت داﺧﻠﻴّﺔ ﰲ أﺣﻴﺎن �ﺲ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻮﺣﺪة داﺧﻞ اﻟﻬﻴﺌﺎت اﳌﺸﱰﻛﺔ. أﺧﺮى ،دون أن ّ
اﻃﻲ ،ﰲ اﻷﺳﺎس ،ﻣﻦ ﺣﺮﻛﺘَ ْﻲ "أﺑﻨﺎء اﻟﺒﻠﺪ" َو "ﻣﻴﺜﺎق اﳌﺴﺎواة" وﺑﻘﺎﻳﺎ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺘﻘ ّﺪﻣ ّﻴﺔ. 1ﺗﺸﻜّﻞ اﻟﺘﺠ ّﻤﻊ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﺪ�ﻘﺮ ّ ّ ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ 2 ﺟـﺪل www.mada-research.org اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﻌﴩون /دﻳﺴﻤﱪ 2015
ﻻﺣﻘًﺎ ،ﻣﻜّﻦ ﺗﺄﺳﻴﺲ اﻟﺘﺠ ّﻤﻊ ،وﻣﻦ ﺛَ ّﻢ ﺗﺤﺎﻟﻒ اﻟﺠﺒﻬﺔ واﻟﺘﺠ ّﻤﻊ ،ﻣﻦ إﻧﺘﺎج ﺧﻄﺎب ﺷﺒﻪ ﻣﻮ ّﺣﺪ ،ﻳﻘﻒ ﰲ ﻣﺮﻛﺰه ﺗﺄﻛﻴﺪ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ،ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ،وﺗﺄﻛﻴﺪ ﻳﻬﻮدﻳّﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﻛﺪوﻟﺔ ﻋﻨﴫﻳّﺔ ﻤﺗﺎرس ﺳﻴﺎﺳﺔ ُﻫﻮﻳّﺘﻨﺎ واﻧﺘ�ﺋﻨﺎ ﻛﺠﺰء أﺻﻴﻞ ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺐ ّ اﻟﺘﻬﻤﻴﺶ واﻹﻗﺼﺎء ﺿ ّﺪﻧﺎ وﺗﺴﻌﻰ إﱃ ﺗﻬﻮﻳﺪ اﻟﺤ ّﻴﺰ اﻟﻌﺎ ّم داﺧﻞ اﻟﺨ ّﻂ اﻷﺧﴬ وﰲ اﻟﻀﻔّﺔ اﻟﻐﺮﺑ ّﻴﺔ ،ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى. َو ْﺣﺪة اﻟﺨﻄﺎب وﺣﺴﻢ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟ ُﻬﻮﻳّﺔ: ﻫﺬا اﻟﺨﻄﺎب وﺿﻊ ﺣ ًّﺪا ﻟﺴﻨﻮات اﻟﴫاع اﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ،وﺣﺴ َﻢ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟ ُﻬﻮﻳّﺔ واﻻﻧﺘ�ء وﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬ� ﻣﻦ رﻣﻮز ،وﰲ وﻃﻨﻲ ﻟﺸﻌﺒﻨﺎ ﰲ وﺑﺨﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ أن ﺑﺎت ﻣﺴﻤﻮ ًﺣﺎ ﺑﻪ ﺑﻌﺪ أوﺳﻠﻮ( ﻛﻌﻠَﻢ ﺗﺮﺳﺦ ) ﻣﻘ ّﺪﻣﺘﻬﺎ رﻓﻊ اﻟﻌﻠﻢ ّ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ اﻟﺬي ّ ّ ّ اﻟﺸﻴﻮﻋﻲ واﻟﺠﺒﻬﺔ ،-ﻛ� ﺣﺴﻢ اﳌﻮﻗﻒ ﻣﻦ اﻟﺮﻣﻮز أﻣﺎﻛﻦ وﺟﻮده ﻛﺎﻓّﺔ ،وﺑﺎﺗﺖ ﺟﻤﻴﻊ اﻷﺣﺰاب ﺗﺮﻓﻌﻪ -ﻤﺑﻦ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺤﺰب ّ أﻗﻞ ﺗﻘﺪﻳﺮ ،رﻣﻮزًا دﻳﻨﻴّﺔ ﻋﻨﴫﻳّﺔ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻴﻬﻮدﻳّﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﴎاﺋﻴﻠﻴّﺔ وﻋﲆ رأﺳﻬﺎ اﻟﻨﺸﻴﺪ واﻟﻌﻠﻢ ﺑﻮﺻﻒ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﻣﻮز ،ﰲ ّ وﻻ ﻤﺗﺜّﻠﻨﺎ ﺳﻴﺎﺳ ًّﻴﺎ وﻻ ﺛﻘﺎﻓ ًّﻴﺎ وﻻ وﻃﻨ ًّﻴﺎ. اﻟﺨﻄﺎب اﳌﻮ ّﺣﺪ اﻟﺬي أﻣﺴﻚ ﺑﻘﻀﻴّﺔ ﻳﻬﻮدﻳّﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﻛﺤﻠﻘﺔ ﻣﺮﻛﺰﻳّﺔ ،ﺳ ّﻬﻞ ﻻﺣﻘًﺎ ﻋﻤﻞ اﻟﻬﻴﺌﺎت اﻟﻮﻃﻨﻴّﺔ اﳌﻮ ّﺣﺪة ،ﻛﻠﺠﻨﺔ اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻹﴎاﺋﻴﻠﻴّﺔ ﻣﺤﻠّﻴًّﺎ وﻋﺎﳌﻴًّﺎ ،إذ أﺧﺬت اﳌﺘﺎﺑﻌﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴّﺔ وﻟﺠﻨﺔ رؤﺳﺎء اﻟﺴﻠﻄﺎت اﳌﺤﻠّ ّﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴّﺔ ،وﺣﴩ وأﺣﺮج ّ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺪوﻟﻴّﺔ ﺗﺼﻔﻬﺎ ﺑﺪوﻟﺔ أﺑﺮﺗﻬﺎﻳﺪ .وﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﳌﺴﺘﻐ َﺮب أن ﻳﺜ� ﺗﴫﻳﺢ ﻧﺘﻨﻴﺎﻫﻮ ﺣﻮل زﺣﻒ اﻟﻌﺮب إﱃ ﻲﻜ ﺷﺨﺼﻴًّﺎ. ﺻﻨﺎدﻳﻖ اﻻﻗﱰاع ﺧﻼل اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻷﺧ�ة ردو َد ﻓﻌﻞ دوﻟﻴّﺔً ،وأن ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ ر ّد ﻓﻌﻞ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻷﻣﺮﻳ ّ ﻫﺬا اﻟﺨﻄﺎب ﻋ ّﺰز وﺣﺪﺗﻨﺎ اﻟﻮﻃﻨﻴّﺔ ﺣﻮل ﻗﻀﺎﻳﺎﻧﺎ اﻟﻘﻮﻣﻴّﺔ واﻟﻴﻮﻣﻴّﺔ ،ﺑﻌﺪ أن ﻗﻠّﺺ ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﺨﻼف ﺑ� أﻃﺮاف اﻟﻌﻤﻞ ﲇ ،ﻛ� أﻧّﻪ أزﻋﺞ إﴎاﺋﻴﻞ ﴎﻟﺔ واﻻﻧﺪﻣﺎج ﻋﲆ ﻫﺎﻣﺶ اﻟﺪوﻟﺔ واﳌﺠﺘﻤﻊ اﻹﴎاﺋﻴ ّ اﻟﻮﻃﻨﻲ ،وﺷﻜّﻞ ﺳ ًّﺪا أﻣﺎم ﻣﺤﺎوﻻت اﻷَ َ ّ اﻟﻌﻨﴫي ود�ﻘﺮاﻃﻴّﺘﻬﺎ اﻹﺛﻨﻴّﺔ ،وﻻ ﺳﻴّ� أﻧّﻪ اﺳﺘﻨﺪ إﱃ ﻋﻤﻘﻨﺎ وأﺣﺮﺟﻬﺎ أﻣﺎم اﻟﻬﻴﺌﺎت اﻟﺪوﻟﻴّﺔ ،ﺑﻌﺪ أن ﻛﺸﻒ ﻃﺎﺑﻌﻬﺎ ّ اﻟﻘﻮﻣﻲ. اﻟﻌﺮ ّﻲﺑ ﻋﱪ اﻟﺘﻮاﺻﻞ وﻣ ّﺪ اﻟﺠﺴﻮر ﻣﻊ ﻣﺤﻴﻄﻨﺎ ّ ﻣﻜّﻦ ﻫﺬا اﻟﺨﻄﺎب ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻬﻮض ووﺣﺪة ﺟ�ﻫ�ﻳّﺔ ِﻣﻦ ﺣﻮﻟِﻪ ﻫﻲ أﻋﻤﻖ ﺑﻜﺜ� ﻣﻦ وﺣﺪة اﻷﺣﺰاب ،ﻛ� وﻃﻨﻲ ﻻ ﻳﺴﺎوم ﻋﲆ ﻣﺼﺎدرة اﻟﺘﺎرﻳﺦ واﻟﺬاﻛﺮة وﻻ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﻮﺻﻔﻬﺎ ﺟﺰ ًءا ﻣﻦ اﻟﱰاث ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ راﻓﻘﻪ ﻣﴩوع ّ اﳌﺆﺳﺴﺔ وﺳﻴﺎﺳﺘﻬﺎ؛ ﻓﺬاك ﻣﴩوع ﻳﻀﻊ رواﻳﺘﻬﻢ أﻣﺎم رواﻳﺘﻨﺎ ،وﻫﻮ ﺑﺎﻟﺘﺎﱄ ﻳﺮﻓﺾ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻛﻮرﻗﺔ أﺳﺎﺳﻴّﺔ ﰲ ﻣﻘﺎرﻋﺔ ّ وﻃﻨﻲ اﻟﺘﻨﺎزل ﻋﻦ اﻟﻮﻃﻦ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﳌﻮاﻃَﻨﺔ وﻳﺤﺘﻘﺮ اﻋﺘﺒﺎر اﳌﻮاﻃَﻨﺔ ِﻣﻨّﺔ أو ﻛ َﺮ َم أﺧﻼق ﻣﻦ ِﻗﺒَﻞ إﴎاﺋﻴﻞ .وﻫﻮ ﻣﴩوع ّ ﻳﻠ ّﻮح ﺑﺎﻟﻮﻃﻦ ﰲ وﺟﻪ َﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪون ﻣﺼﺎدرة اﳌﻮاﻃَﻨﺔ أﻳﻀً ﺎ ،ﺑﻌﺪ أن ﻛﺸﻒ أ ّن اﻟﺪوﻟﺔ "اﻹﺛﻨﻴّﺔ" ﻻ �ﻜﻦ أن ﺗﻘﻮم ﰲ واﻗﻊ وﻗﻒ اﺣﺘﻜﺎر إﺣﺪى اﻟﻘﻮﻣﻴّﺎت )اﻟﻴﻬﻮدﻳّﺔ( ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﻣﺘﻌ ّﺪد اﻟﻘﻮﻣﻴّﺎت ،وأ ّن اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﳌﻮاﻃﻨ� اﻟﻌﺮب ﻤﺑﺴﺎواة ﻳﺘﻄﻠّﺐ َ ﻋﱪ ﻗَ ْﻮﻧﻨﺔ اﻟﻌﻨﴫﻳّﺔ ،وﻫﻮ ﻣﺎ ﺣﺎوﻟﺖ إﴎاﺋﻴﻞ ﺗﺤﺎﺷﻴﻪ ﻃﻴﻠﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻛﺪوﻟﺔ ﻓﺼﻞ اﻟﻜﺸﻒ ﻋﻦ وﺟﻬﻬﺎ أو َ ّ ﻋﻨﴫي ْ ّ اﳌﺆﺳﺴﺔ اﻹﴎاﺋﻴﻠﻴﺔ ﰲ ﻣﺄزق ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﻠﺠﺄ إﱃ َﺳ ّﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻗﻮاﻧ� ﻋﻨﴫﻳّﺔ ﻢﻟ اﻟﻌﻘﻮد اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ .ﻟﻘﺪ أدﺧﻞ ﻫﺬا اﻟﺨﻄﺎب ّ ﻛﴪ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺗﻜﻦ ﻣﻀﻄ ّﺮة إﱃ اﻟﻠﺠﻮء إﻟﻴﻬﺎ ﰲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ،وذﻟﻚ ﻟﺘﺘﻤﻜّﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻊ ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﻌﺮب اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴّ� ْ َ اﻟﻀﺒﻂ واﻟﺴﻴﻄﺮة اﻟﺘﻲ رﺑﻀﺖ ﻋﲆ ﺻﺪورﻫﻢ ﻋﴩات اﻟﺴﻨ� ،وإﺟﻬﺎض ﺧﻄﺎب اﳌﻮاﺟﻬﺔ ،اﻟﺬي اﺳﺘﻮﺣﻰ اﳌﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺨﻲ اﳌﺘﻤﺜّﻞ ﰲ اﻟﻨﻜﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻬﺎ اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺘﺎرﻳﺦ ،ورﺑﻂ وﺷﺎﺋﺞ أﺟﺰاء اﻟﺤﻠﻮل ﺑﺎﻟﻌﻮدة إﱃ اﻷﺻﻮل أو اﻷﺻﻞ ﺧﻼل ّ ّ اﻟﺤﻞ .ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ،إ ّن ﱡ ﺣﻞ اﻟﺪوﻟﺘ� ﻳﺠﻌﻞ ﻫﺬا اﻟﻄﺮح أو ﻫﺬا اﻟﺨﻴﺎر �ﺘ ّﺪ ﻋﲆ ﺗﻌﺮﺜ ّ ﺑﺪأت اﳌﺸﻜﻠﺔ وﻤﺑﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ ﻳﺒﺪأ ّ ﻃﻮل اﻟﻮﻃﻦ و َﻋﺮﺿﻪ. ﰲ اﳌﻘﺎﺑﻞ ،رأﻳﻨﺎ ﺑﻮادر ﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻋﻜﺴﻴّﺔ ﻗﺪ ﺗﻔﺮزﻫﺎ اﻟﻮﺣﺪة ﰲ إﻃﺎر اﻟﻘﺎﻤﺋﺔ اﳌﺸﱰﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﺎﺿﺖ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻜﻨﻴﺴﺖ اﻷﺧ�ة ﻋﺎم ،2014وﻗﺪ ﺗﺒﺪأ ﺑﺘﺄﺳﻴﺲ ﺧﻄﺎب ﰲ اﻹﻣﻜﺎن ﺗﺴﻤﻴﺘﻪ "ﺧﻄﺎب اﻟﻨﱡﻜﻮص" .ﺑﺪأ ذﻟﻚ ﺑﻮﻗﻮف أ�ﻦ ﻋﻮدة ﻋﲆ ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﻌﴩون /دﻳﺴﻤﱪ 2015
3
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
ﻧﺸﻴﺪ "ﻫﺘﻜﻔﺎ" ،واﺳﺘﻤ ّﺮ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺧﻄﺎب "اﻻﻋﺘﺪال" اﻟﺬي أﻟﻘﺎه ﰲ اﻓﺘﺘﺎح دورة اﻟﻜﻨﻴﺴﺖ اﻟـ ،20وﻤﺑﺸﺎرﻛﺘﻪ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻗﺒﺎﻃﻨﺔ إﴎاﺋﻴﻞ ﰲ ﻣﺮاﺳﻢ إﺣﻴﺎء ذﻛﺮى اﻟﻬﻮﻟﻮﻛﻮﺳﺖ. ﻳﺸﻖ ﻃﺮﻳﻘﻪ ﻧﺤﻮ اﻟﺘﺄﺛ� ﻋﲆ ُﻣ ْﺠﻤﻞ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ ،ﺑﻔﻌﻞ اﻧﻀﻮاء ﻣﻌﻈﻢ أﻃﺮاﻓﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﺧﻄﺎب أ�ﻦ ﻋﻮدة اﻟﺬي ّ ﺗﺨﺺ اﻟﻨﺎس واﻟﻨﺰول ﺟﻨﺎح اﻟﻘﺎﻤﺋﺔ اﳌﺸﱰﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺮﺋﺴﻬﺎ ،وﻳﺘﺴﻠّﻞ ﺗﺤﺖ ﺳﺘﺎر ﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺤﻴﺎﺗ ّﻴﺔ واﻟﻴﻮﻣﻴّﺔ اﻟﺘﻲ ّ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻣﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﻨﺎ ،ﺑﻞ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺸﻌﺎراﺗ ّﻴﺔ إﱃ أرض اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻫﺬا اﻟﺨﻄﺎب ﻻ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺈﺳﻘﺎط اﻟﺒﻌﺪ اﻟﻮﻃﻨﻲ ّ ﻳﺘﺼﺎﻟﺢ ﻣﻊ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻴﻬﻮدﻳّﺔ ورﻣﻮزﻫﺎ اﻟﻌﻨﴫﻳّﺔ ،وﻳﻨﺬر ﺑﺎﻟﻌﻮدة ﺑﺠ�ﻫ�ﻧﺎ إﱃ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﻳﻮم اﻷرض ،اﻟﻴﻮم اﻟﺬي ﻛﴪ ﻋﻜﺎﻛﻴﺰ اﻟﺴﻠﻄﺔ واﻧﺘﻔﺾ ﻋﲆ ﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺨﻨﻮع واﻻﺳﺘﺠﺪاء ،وﻋﻠّ َﻤﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﻧﻨﺘﺰع ﺣﻘﻮﻗﻨﺎ اﻧﺘﺰا ًﻋﺎ ﻣﻦ ﺑ� أﻧﻴﺎب ﻣﻐﺘﺼﺒﻴﻬﺎ )وﺑﺎﳌﻨﺎﺳﺒﺔ ،إ ّن ﻫﺬه اﻟﺘﻌﺎﺑ� ﻫﻲ ﺑﻼﻏﺔ ﺧﻄﺎﺑ ّﻴﺔ "ﺟﺒﻬﻮﻳّﺔ" أﻧﺘﺠﺘﻬﺎ اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻜﻔﺎﺣﻴّﺔ اﻟﺘﻲ راﻓﻘﺖ ﻳﻮم اﻷرض وأﻋﻘﺒﺘﻪ(. ﻫﺬا اﻟﺨﻄﺎب اﻟﺬي ﻳﺤﺎول اﻟﺘﻠ ّﺤﻒ ﺗﺎرة ﺑﻐﻄﺎء ﻣﺎرﺗﻦ ﻟﻮﺛﺮ ﻛﻴﻨﻎ ،وﺗﺎرة أﺧﺮى ﺑﺮداء اﳌﻬﺎﻤﺗﺎ ﻏﺎﻧﺪي ،ﻫﻮ ﰲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﲇ ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ﻓﻌﻠﻴًّﺎ ﺳﻘﻒ اﻹﴎاﺋﻴﻠﻴّﺔ "ﻓﻴﻲﻜ ﻛﻨﺎﻓﻮ" اﻟﺘﻲ ﺳﺎر أ�ﻦ ﻋﻮدة ﻋﲆ ﻫﺪي ﺧﻄﺎﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻨﻘﺐ إﱃ ﺧﻄﺎب إﴎاﺋﻴ ّ اﻟﻘﺪس ،وﻧﺄﻣﻞ أن ﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ اﻷﻣﺮ ﺑﺼﺎﺣﺒﻪ إﱃ ﻣﺎ اﻧﺘﻬﻰ إﻟﻴﻪ ﻧﻀﺎل اﻟﺴﻴّﺪة اﳌﺬﻛﻮرة. * ﺳﻠﻴ�ن أﺑﻮ رﺷﻴﺪ ﻫﻮ ﺻﺤﻔﻲ.
ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﻌﴩون /دﻳﺴﻤﱪ 2015
4
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org