ﺑﺮوز اﻷﻗﻨﻌﺔ واﻧﺤﺴﺎر اﻟﻮﺟﻮه اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ﻟـ ِ "ﻛﺘﺎب اﻟﻮﺟﻮه" ﻓﻲ اﻟﻔﻀﺎء ّ
1
د .ﻣﺴﻠﻢ ﻣﺤﺎﻣﯿﺪ* ﻣﺪﺧﻞ: ّ ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﺷﺒﮫ ﻛﻤﺴﺎﺣﺔ اﻓﺘﺮاﺿﯿّﺔ ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻋﻠﻰ إن ﺗﺸ ﱡﻜﻞ اﻟﻔﻀﺎء ﻲ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ِ اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ -ﻻ ﻛﻤﺼﻄﻠﺢ اﺟﺘﻤﺎﻋ ّ ّ َ ﻲ ﺑﻜ ّﻞ أﺷﻜﺎﻟﮫ اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾّﺔ ﻣﻮ ّﺣﺪة ،ﺗﺪور ﻓﻲ ﻓﻠﻚ اﻻﺗّﺼﺎل أو اﻟﺘﻮاﺻﻞ ،أو ﺗﺼﺐّ ﻓﻲ ﻧﮭﺮ اﻟﺘﻌﺎرف اﻻﺟﺘﻤﺎﻋ ّ واﻟﻌﻠﻤﯿّﺔ واﻟﻌﻤﻠﯿّﺔ واﻟﻔﻜﺮﯾّﺔ ﺑﻞ واﻟﻌﺎطﻔﯿّﺔ ،وﺣﺘّﻰ إذا ﺷﺌﻨﺎ اﻟﻔﻠﺴﻔﯿّﺔ -ھﺬا اﻟﺘﺸ ّﻜﻞ ﻟﻢ ﯾﺆ ِدّ إﻟﻰ وﻻدة ﺷﻜﻞ ﺟﺪﯾﺪ ﻣﻦ 2 اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻲ ﺴﺒﺔ ،ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ ّ أﺷﻜﺎل ﻓﮭﻢ اﻻﺗّﺼﺎل واﻟﺘﻮاﺻﻞ ،ﺑﻞ إﻟﻰ أﻧﻤﺎط اﺗّﺼﺎﻟﯿّﺔ وﺗﻮاﺻﻠﯿّﺔ ﻣﻜﺘ َ َ ﻣﻨﻈﻮﻣﺎ ٍ ت ﻣﺘﻌﺎﻟﻘﺔ وﻣﺘﻔﺎﻋﻠﺔ ﺑﺼﻮرة ﻻ ﺗﻨﻘﻄﻊ. ّ اﻟﺘﻄﻮر ھﺬه ﻟﻦ ﯾﺠﺪھﺎ ﺗﺘﺮاءى ﻟﻌﯿﻨﮫ ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺴﮭﻮﻟﺔّ ،إﻻ إذا ﻓﺼﻞ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺘﻐﯿّﺮات إن اﻟﻨﺎظﺮ إﻟﻰ ﻋﻤﻠﯿّﺔ ّ اﻟﺘﻲ ﺗﺸ ّﻜﻞ ھﺬه اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺎت اﻟﺘﻄﻮرﯾّﺔ .ﻓﺎﻟﺬي ﯾﺤﯿﺎ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ھﺬه اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺎت اﻟﻤﺘﺴﺎرﻋﺔ ،رﺑّﻤﺎ ﺳﯿﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺘﻐﯿﯿﺮات ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻓﻘﻂ .أ ّﻣﺎ اﻟﺴﯿﺮورة ﻓﻠﻦ ﯾﺸﻌﺮ ﺑﮭﺎّ ،إﻻ إذا ﻓﺼﻞ ً ﻣﺜﻼ ﻣﺘﻐﯿّﺮ اﻟﺰﻣﻦ وﻗﺎرن ﺑﯿﻦ ﻲ وﻧﺮﯾﺪ إﻣﺎطﺔ اﻟﻠﺜﺎم ﻋﻦ ﻲ اﻟﺘﺠﺮﯾﺒ ّ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻓﻲ ﻓﺘﺮﺗﯿﻦ أو أﻛﺜﺮ .وﻟﻮ ﻛﻨّﺎ ﻧﺴﻌﻰ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻮرﻗﺔ إﻟﻰ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﻜ ّﻤ ّ ت ت ﻣﻨﻈﻮﻣﺎ ِ ﻛﻨﮫ ھﺬا اﻷﻣﺮ ،ﻟﺤﺎوﻟﻨﺎ أن ﻧﺜﺒﺖ ﻓﺮﺿﯿّﺘﻨﺎ اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ أنّ اﻟﺰﻣﻦ ،ﻛﻤﺘﻐﯿّﺮ ﻣﺴﺘﻘ ّﻞ ﺑﻤﺴﺎﻋﺪة ﻣﺘﻐﯿّﺮا ِ اﻟﺘﻄﻮر ،ﺳﯿﺆﺛّﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﻐﯿّﺮ اﻟﻤﺘﻌﻠّﻖ ،وھﻮ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ ،ﺑﺤﯿﺚ ﺳﻨﺤﺎول أن ﻧﺜﺒﺖ ّ ﻛﺜﯿﺮا ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ ﻗﺪ أن ً ّ اﻟﺘﻄﻮر. ﺗﻐﯿّﺮت ﺑﻔﻌﻞ اﻟﺰﻣﻦ وﻣﺴﺎﻋﺪة ﻣﻨﻈﻮﻣﺎت ّ ﻲ "اﻟﻔﯿﺴﺒﻮك" ﻛﻨﻤﻮذج ﻣﻦ ﻧﻤﺎذج ﺗﺴﻌﻰ ھﺬه اﻟﻮرﻗﺔ إﻟﻰ اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻠﻰ دور ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋ ّ اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ﻓﻲ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ وﺗﻐﯿﯿﺮ ﺑﻌﺾ أﺷﻜﺎل اﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻻﺗّﺼﺎل ،وأﺛﺮ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻀﺎء ّ ﺻﺔ. اﻷﺑﻌﺎد اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿّﺔ ،اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ واﻟﺨﺎ ّ
أﺛﺮ اﻟﺜﻮرة اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺗﯿّﺔ ﻓﻲ ﺗﺸﻜﯿﻞ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ: 1 ﻲ "اﻟﻔﯿﺴﺒﻮك" ،ﻗﺎم ﺑﮭﺎ اﻟﻜﺎﺗﺐ ﻟﺤﺎﺟﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﯾﻌﻘﻮب ،ﺣﺘّﻰ ﯾﺠﺪَ ﺷﺮﻋﯿّﺔ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺷﺒﮫ ﺣﺮﻓﯿّﺔ ﻟﻤﻮﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋ ّ ﻻﺳﺘﻌﻤﺎل ﻣﺼﻄﻠﺢ "اﻟﻮﺟﻮه" ﺑﻤﺎ ﯾﺤﻤﻠﮫ ﻣﻦ ﺗﻮرﯾﺔ .ﻓﻤﻌﻨﺎه اﻟﻘﺮﯾﺐ ھﻮ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ اﻟﺤﺮﻓﯿّﺔ ﻟﻠﻔﯿﺴﺒﻮك ،وﻣﻌﻨﺎه اﻟﺒﻌﯿﺪ ھﻮ ﺗﻠﻚ ﻲ. اﻟﻮﺟﻮه اﻟﻤﺨﺘﺒﺌﺔ ﺧﻠﻒ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋ ّ 2ﻧﻘﺼﺪ ھﻨﺎ ﻓﮭﻢ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻟﺪى ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﯿﮫ واﻟﺴﻠﻮﻛﯿّﺎت اﻟﺘﻮاﺻﻠﯿّﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻨﺘﮭﺠﻮﻧﮭﺎ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﻔﮭﻢ اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﺛﻘﺎﻓﺔً اﺗّﺼﺎﻟﯿّﺔ وﺗﻮاﺻﻠ ّﯿﺔ وﻟّﺪﺗﮭﺎ ھﺬه اﻟﻈﺮوف.
ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن اﻻول 2016
1
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
ﺷﻚ ّ ﻻ ّ ﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﺪّ ﺳﻮاء ﻓﻲ ﻣﻨﺎﺣﻲ اﻟﺤﯿﺎة ﺟﻤﯿ ِﻌﮭﺎ .ﻓﻠﻘﺪ أن ﻟﻠﺜﻮرة اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺗﯿّﺔ َ ﻲ وأﺛ َ َﺮھﺎ اﻟﺴﻠﺒ ﱠ أﺛﺮھﺎ اﻹﯾﺠﺎﺑ ﱠ ﻋﺎ ﻣﻠﺤﻮ ً ﺗﺤﻮﻻ ٍ ظﺎ ﻓﻲ ﻋﺪد ﺑﺮاﻣﺞ ت ﺟﺬرﯾّﺔً ﻓﻲ ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﺘﻘﻨﯿّﺎت اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ ،وارﺗﻔﺎ ً ﺷﮭﺪت اﻟﻌﻘﻮد اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻷﺧﯿﺮة ّ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺎس ،ﺑﺪ ًءا ﺑﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺒﺪاﺋﯿّﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﻜﺎد ﺗﻮﺻﻞ اﻹﺷﺎرة أو اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ،واﻧﺘﮭﺎ ًء ّ واﻟﺒﺚ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ،وﺣﺘّﻰ اﻟﻤﺘﻄﻮرة اﻟﺘﻲ ﯾﻤﻜﻨﮭﺎ ﻧﺸﺮ ﻣﻘﺎطﻊ اﻟﻔﯿﺪﯾﻮ واﻟﺼﻮر واﻟﺼﻮﺗﯿّﺎت ﺑﺎﻟﺒﺮاﻣﺞ واﻟﻤﻮاﻗﻊ ّ اﻟﻤﻜﺎن ،ﺑﺪﻗّﺔ اﻷﻗﻤﺎر اﻟﺼﻨﺎﻋﯿّﺔ. وﻟﻘﺪ أﻣﺴﺖ ھﺬه اﻟﻤﻮاﻗﻊ ﺛﻘﺎﻓﺔً ﻣﺘﻨﻘّﻠﺔ ﺗﺮاﻓﻖ اﻟﻔﺮد أﯾﻨﻤﺎ ذھﺐ ،وھﻲ ﻓﻲ ﺣﻀﻮر وﺟﺎھﺰﯾّﺔ داﺋﻤﺔ .ﻓﻠﻘﺪ أﺻﺒﺢ ﻣﺠﺮدَ ﺑﯿ ٍ ﻲ واﺳﻊ، ﻣﺮة ﺑﺎﻟﻘﺮﯾﺔ اﻟﺼﻐﯿﺮة، ّ ﺻﻒ ذات ّ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻤﺮء ﻓﻲ ﺟﯿﺒﮫ ،وأﺻﺒﺢ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺬي ُو َ ﺖ اﻓﺘﺮاﺿ ّ ي وﻗﺖ أن ﯾﻄﺮق ﺑﺎب أﺧﯿﮫ اﻓﺘﺮاﺿﯿ�ﺎ وأن ﯾﺘّﺼﻞ ﺑﮫ أو ﻣﻘ ّ ي ﺷﺨﺺ ﻓﻲ أ ّ ﺴﻢ إﻟﻰ ﻣﻼﯾﯿﻦ اﻟﻐﺮف ،ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ أ ّ ﯾﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻌﮫ .وھﺬه اﻟﺒﺮاﻣﺞ واﻟﻤﻮاﻗﻊ ﻣﺘﻌﺪّدة ﺑﺤﯿﺚ ﻟﻺﻧﺴﺎن أن ﯾﺨﺘﺎر ﻣﺎ ﯾﺸﺎء ﻣﻨﮭﺎ ﻟﻜﻲ ﯾﺼﻞ إﻟﻰ أﺧﯿﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ أﺟﺰاء ﻗﻠﯿﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ.
اﻟﻔﯿﺴﺒﻮك ﺳﯿّﺪ اﻟﻤﻮﻗﻒ: ﻛﺒﯿﺮا ﻓﻲ ﺣﯿﺎة اﻟﻤﻼﯾﯿﻦ ،ﺣﯿﺚ ﺻﺔ "ﻛﺘﺎب اﻟﻮﺟﻮه" )اﻟﻔﯿﺴﺒﻮك( ،ﺣﯿ ًّﺰا ﺣﻘﯿﻘﺔً ،ﻟﻘﺪ ﺷﻐﻠﺖ ھﺬه اﻟﻤﻮاﻗﻊ ،وﺑﺨﺎ ّ ً ﻣﻨﺒﺮا ُﺣ �ﺮا طﻠﯿﻘًﺎ ﻟﻘﻮل ﻣﺎ ﯾﺮﯾﺪون دون رﻗﯿﺐ .وﻟﻘﺪ ﻛﺎن ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻊ أﻓﻀﻞ وﺳﯿﻠﺔ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء أن َو َﺟﺪ ﻛﺜﯿﺮون ً ﯾﻈﮭﺮ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﮭﺎ ﻛﻤﺎ ﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﯿﻘﺘﮫ .ﻓﻤﺎ إن ﯾﻈﮭﺮ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻠﺒﺎس اﻟﻤﻐﺎﯾﺮ ﻟﻠﺒﺎﺳﮫ ﻓﻲ طﺒﯿﻌﺘﮫ اﻟﯿﻮﻣﯿّﺔ ،أو ﻛﺜﯿﺮا ﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﻣﻨﻘﻮﻟﺔً ﻣﻦ ﻣﻮاﻗﻊ أﺧﺮى أو ﻣﻦ ﺻﻔﺤﺎت ﺑﻤﺠﺮد أن ﯾﻈﮭﺮ ﺑﺒﻌﺾ اﻟﻤﻘﻮﻻت اﻟﺤﻜﯿﻤﺔ ،واﻟﺘﻲ ّ ً ﻲ ،وﺣﺘّﻰ ﯾﺴﺘﻘﻄﺐ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﮫ أﺷﺨﺎص آﺧﺮﯾﻦ ،ﺣﺘّﻰ ﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋ ّ ﯾﺒﺪو ﺷﺨﺼﯿّﺔً ﻣﺘﻤﯿّﺰة ﻟﮭﺎ وزﻧﮭﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓ ّ َ ﺻﺎ ﺑﮫ ،ﻣﺎ ﻛﺎن رﺑّﻤﺎ ﻟﯿﮭﺒﮫ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻘﺔ وذﻟﻚ اﻻﺣﺘﺮام ﻟﻮ ﻋﺮﻓﮫ ﻓﻲ واﻗﻊ اﻟﺤﯿﺎة وﻟﯿﺲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﻤﮭﻮرا ﺧﺎ � ً اﻟﺸﺎﺷﺎت. ّ ﻋﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﯿﺮة ،وذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﻲ "اﻟﻔﯿﺴﺒﻮك" أﺻﺒﺢ اﻟﻤﻮﻗﻊ اﻷﻛﺜﺮ ﺷﯿﻮ ً إن ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋ ّ ﻛﻮﻧﮫ ﻣﻮﻗﻌًﺎ ﻟﻼﺗّﺼﺎل واﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﮫ .ﻓﻠﻘﺪ ﻟﺒّﻰ ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻊ ھﺪﻓﯿﻦ ﻟﻠﻤﺘّﺼﻠﯿﻦ واﻟﻤﺘﻮاﺻﻠﯿﻦ .ﻓﻤﻦ ﺳﻞ ﺑﯿﻦ ﺷﺨﺼﯿﻦ أو أﻛﺜﺮ ﺑﺎﻣﺘﯿﺎز ،ﺳﻮاء ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻋﻦ طﺮﯾﻖ ﺟﮭﺔ ،ھﻮ ﻣﻮﻗﻊ اﺗّﺼﺎل ﯾﺘﻤﺜّﻞ ﻓﻲ ﺧﺎﺻﯿّﺔ اﻟﺘﺮا ُ ﺻﺔ أو ﻋﻦ طﺮﯾﻖ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ داﺧﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ،ﻛﻤﺎ ّ أن ھﺬه اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﻗﺪ ﺗﺘﻀ ّﻤﻦ وﺳﺎﺋﻂ ﻋﺎﻟﯿﺔ اﻟﺘﻘﻨﯿّﺔ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺨﺎ ّ ﻲ ،ﺣﯿﺚ ﯾﺘﯿﺢ ﻟﻠﻜﺜﯿﺮﯾﻦ ﻛﺎﻟﺼﻮر وﻣﻘﺎطﻊ اﻟﺼﻮت واﻟﻔﯿﺪﯾﻮ .وﻣﻦ اﻟﺠﮭﺔ اﻷﺧﺮى ،ﻓﮭﻮ ﻣﻮﻗﻊ ﺗﻮاﺻﻞ اﺟﺘﻤﺎﻋ ّ ﺻﯿّﺔ ھﻲ اﻟﺘﻲ ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ﺗﻠﻤﯿﻊ اﻟﻮﺻﻮ َل إﻟﻰ اﻵﺧﺮﯾﻦ ﺑﺄﻓﻜﺎرھﻢ وﺑﻤﺎ ﯾﺪور ﻓﻲ أذھﺎﻧﮭﻢ وﻗﻠﻮﺑﮭﻢ .وھﺬه اﻟﺨﺎ ّ ي رﻗﺎﺑﺔ أو ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ .ورﺑّﻤﺎ ﯾﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎر وﺗﺮوﯾﺞ ﻛﺜﯿﺮﯾﻦ ،وأﺗﺎﺣﺖ اﻟﻤﻨﺒﺮ ﻟﻜﺜﯿﺮﯾﻦ أن ﯾﻘﻮﻟﻮا ﻣﺎ ﯾﺮﯾﺪون دون أ ّ 3 ھﺬا اﻷﻣﺮ ﺗﺠﺴﯿﺪًا ﻟﻤﻔﮭﻮم اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ﻓﯿﻤﺎ ھﻮ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮﯾّﺔ وﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاطﯿّﺔ . ّ وﻟﻘﺪ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ھﺬه اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ،ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ واﻻﺗّﺼﺎل اﻻﻓﺘﺮاﺿﯿّﯿﻦ ،أن ﺗﻐﯿّﺮ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي اﻟﺨﺎص اﻧﻌﻜﺲ ﺑﺼﻮرة واﺿﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮﻛﯿّﺎت؛ ﻓﻘﺪ أﺗﺎﺣﺖ ھﺬه اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻌﺎ ّم واﻟﻤﻌﻨﻰ ّ ﺳﻠﻮﻛﯿّﺎ ٍ ت ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﺘﮭ َﺠﻨﺔً ﻗﺒﻞ ﺑﺮوز ھﺬه اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ .وﺗﻐﯿﯿﺮ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ اﻟﺬي ﺑﺪأ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻮﻛﯿّﺎت اﻟﻔﺮدﯾّﺔ اﻧﻌﻜﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺄﺳﺮه وﺟﻌﻞ ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻛﺜﯿﺮة ﻓﯿﮫ ﺗﺘﻐﯿّﺮ ﺑﺼﻮرة ﺟﺬرﯾّﺔ. 3 ﻲ ،ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻄﯿﻒ" .2007 .ﻧﺤﻮ ﻣﻘﺎرﺑﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﻟﻠﺪﯾﻤﻘﺮاطﯿّﺔ" .رھﺎﻧﺎت.7-9 :3 راﺟﻊ :ﺧﻤﺴ ّ
ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن اﻻول 2016
2
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
اﻷﻗﻨﻌﺔ: ﻣﻦ أھ ّﻢ أدوات اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻻﻓﺘﺮاﺿﯿّﺔ اﻟﻮﺳﺎﺋ ُ ﻣﺸﺘﺮكٌ ﺑﯿﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺻﺔ اﻟﺼﻮر .وھﺬا اﻷﻣﺮ ﻂ اﻟﻤﺮﺋﯿّﺔ ،وﺑﺨﺎ ّ َ ﻟﻜﻦ اﻟﻔﺮق ﺑﯿﻦ ھﺬه وﺗﻠﻚ ھﻮ ّ ﻲ وﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﻤﻘﺮوءة واﻟﻤﺮﺋﯿّﺔّ . أن ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻻﻓﺘﺮاﺿ ّ ﻣﮭﻨﯿّﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻘﺎط اﻟﺼﻮر واﺗّﺨﺎذ اﻟﻘﺮار اﻟﺼﺎﺋﺐ ﺑﺸﺄن ﻣﻮﺿﻌﮭﺎ أو ﺗﺮﺗﯿﺒﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺨﺒﺮ أو اﻟﺘﻘﺮﯾﺮ ،أو ﻓﻲ ي اﻟﺼﻔﺤﺔ اﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ أو ﻟﺤﻈﺔ اﻟﻌﺮض ﻓﻲ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻤﺮﺋﯿّﺔ .أ ّﻣﺎ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻔﯿﺴﺒﻮك ،ﻓﻼ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ أ ّ ي ﻣﮭﻨﯿّﺔ .ﻓﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺼﻮر ﺗُﻠﺘﻘﻂ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﮭﻮاﺗﻒ اﻟﺬﻛﯿّﺔ أو ﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ،وﺑﺼﻮرة ﻋﻔﻮﯾّﺔ ،دون أ ّ ً ارﺗﺠﺎﻻ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺎت ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻊ ،دون أن ﺗُﺮا َﺟﻊ أو أن ﯾُﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻣﺪى ﺗﺄﺛﯿﺮھﺎ أو ﻣﮭﻨﯿّﺔ .وھﺬه اﻟﺼﻮر ﺗ ُﻨﺸﺮ ﻓﺎﻋﻠﯿّﺘﮭﺎ .ﻓﺎﻟﻤ ّﮭﻢ أن ﺗُﺴﺘﻌﻤﻞ ﻛﻮﺛﯿﻘﺔ ﻟﺘﻮﺛﯿﻖ اﻷﺣﺪاث اﻟﺸﺨﺼﯿّﺔ واﻟﻌﺎ ّﻣﺔ .وھﻨﺎ ﻻ ﺑُﺪّ ﻣﻦ اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ّ أن ھﺬه اﻟﻈﺎھﺮة أﺳﮭﻤﺖ إﺳﮭﺎ ًﻣﺎ واﺿ ًﺤﺎ ﻓﻲ ﺗﻤﯿﯿﻊ ﻣﮭﻨﺔ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ واﻹﻋﻼم ،وﻻ ﺳﯿّﻤﺎ ّ أن ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻊ أﺻﺒﺢ ﯾﺘﺼﺪّر ً ﻲ ﺑﺴﺒﺐ أدﻋﯿﺎء ﯾَ ِﻠﺠﻮن ظﺎھﺮة َ ﻣﺎ ﯾُﺴ ّﻤﻰ "اﻹﻋﻼم اﻟﺠﺪﯾﺪ" ،اﻟﺘﻲ ﻲ وإﺑﺪاﻋ ّ أﺻﻼ ﺑﺎﺗﺖ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻧﺤﺴﺎر ﻣﮭﻨ ّ ﺑَﻮاطﻨﮭﺎ دون أن ﯾﻔﻘﮭﻮا ﺣﺘّﻰ ظﻮاھﺮھﺎ .ﻓﺠﺎء اﻟﻔﯿﺴﺒﻮك ﻟﯿﻤ ّﮭﺪ اﻷرﺿﯿّﺔ ﻟﮭﺆﻻء وﯾﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﺻﻔﺤﺎت أﻋﻀﺎﺋﮫ ﺼﺎت ﻋﺸﻮاﺋﯿّﺔ ﺗﺘﻨﺎﻗﻞ اﻷﺧﺒﺎر ﺑﺼﻮرة ﻏﯿﺮ ﻣﺪروﺳﺔ وﻏﯿﺮ ﻣﺮاﻋﯿﺔ ﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﯿﻢ واﻷﺳﺲ اﻟﺤﯿﺎﺗﯿّﺔ .ﻓﻜﻢ ﻣﻨ ّ ً وﻣﺮاﺳﻼ ﻣﻌﺘﺮﻓًﺎ ﻲ إﻋﻼﻣﯿ�ﺎ ﻻﻣﻌًﺎ ﻣﻦ ﻣﺪّعٍ ﯾﺤﻤﻞ ھﺎﺗﻔًﺎ ذﻛﯿ�ﺎ ﯾﺪور ﺑﮫ ھﻨﺎ وھﻨﺎك أﺻﺒﺢ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻻﻓﺘﺮاﺿ ّ ﺑﮫ! واﻷﻣﺮ ھﻮ ّ ﯾﺘﻮرﻋﻮن ﻋﻦ ﻧﺸﺮ ﺻﻮر ﻣﺮﻋﺒﺔ أن ھﺆﻻء ﻻ ﯾﺮاﻋﻮن ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﻨﺎس ،ﻓﮭﻢ ﻻ واﻷدھﻰ ّ ّ ً ﻓﻀﻼ ﻋﻦ أﻧّﮭﻢ ﻻ ﯾﺤﺘﺮﻣﻮن ﺧﺼﻮﺻﯿّﺎت اﻟﻨﺎس ،إذ ﻗﺪ ﯾﻘﻮﻣﻮن ﺑﺎﻟﺘﻘﺎط اﻟﺼﻮر وﻣﺨﯿﻔﺔ ﻟﺤﻮادث ﻗﺘﻞ وﻋﻨﻒ، ﻟﻠﺠﻨﺎﺋﺰ واﻟﺠﺜﺚ واﻟﻘﺒﻮر. ﺛ ّﻢ ّ إن ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻊ ﻗﺪ ﺟﻌﻞ أرﺿﯿّﺔ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﺟﺎھﺰة ﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻷدﻋﯿﺎء ﻓﻲ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺎﻻت .ﻓﮭﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﺸﮭﺪ ﺼﺔ اﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ ﻋﻠﻰ ھﺮوﻟﺔً ﻛﺒﯿﺮة ً ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞ أدﻋﯿﺎء اﻟﺸﻌﺮ واﻷدب واﻟﻔﻜﺮ واﻟﺪﯾﻦ واﻟﺴﯿﺎﺳﺔ إﻟﻰ ھﺬه اﻟﻤﻨ ّ ﻣﺼﺮاﻋﯿﮭﺎ .وﻣﻦ اﻟﺴﮭﻞ ﻓﻲ ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻷﻣﺮ ﻛﺸﻒ اﻟﻮﺟﻮه اﻟﺤﻘﯿﻘﯿّﺔ ﻟﮭﺆﻻء اﻷدﻋﯿﺎء ،إ ّﻣﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل أﺧﻄﺎﺋﮭﻢ اﻟﻠﻐﻮﯾّﺔ واﻟﻨﺤﻮﯾّﺔ اﻟﻔﺎدﺣﺔ واﻟﻔﺎﺿﺤﺔ إن ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ أدﻋﯿﺎء اﻷدب ،أو ﻣﻦ ﺧﻼل رﻛﺎﻛﺔ وﺳﻄﺤﯿّﺔ أطﺮوﺣﺎﺗﮭﻢ إن ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ أدﻋﯿﺎء اﻟﻔﻜﺮ واﻟﺴﯿﺎﺳﺔ ،أو ﻣﻦ ﺧﻼل ﻋﺪم ﻣﺼﺪاﻗﯿّﺔ أﻗﻮاﻟﮭﻢ وﻣﻨﻘﻮﻻﺗﮭﻢ اﻟﻔﻜﺮﯾّﺔ واﻟﻌﻘﺎﺋﺪﯾﺔ إن ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ أدﻋﯿﺎء اﻟﻔﻘﮫ واﻟﺨﺒﺮة اﻟﺪﯾﻨﯿّﺔْ . ﻖ ذﻟﻚ اﻟﻤﺄزق ﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ اﻟﺸﺪﯾﺪ ،ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﯾﻨﺠﻮ ھﺆﻻء ّ وﯾﻤﺮون ﻣﻦ ﺿﯿ ِ ﺑﺴﻼﺳﺔ ﻟﺒﻌﺾ اﻻﻋﺘﺒﺎرات اﻟﻤﺆﺳﻔﺔ ،وﻣﻨﮭﺎ: • ﻋﺪم ﺧﺒﺮة اﻟﻌﺎ ّﻣﺔ أو ھﺒﻮط اﻟﺬوق اﻟﻌﺎ ّم أو ﺿﺤﺎﻟﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ :وذاك ﻣ ّﻤﺎ ﻻ ﯾﺠﻌﻞ اﻟﻤﺘﻠﻘّﻲ اﻟﻔﯿﺴﺒﻮ ّﻛﻲ ﻧﺎﻗﺪًا ﺣﺎذﻗًﺎ ِﻟﻤﺎ ﯾﻘﺮأ أو ﯾﺴﻤﻊ أو ﯾﺸﺎھﺪ؛ ﻓﮭﻮ ﯾﻘﺒﻞ ﻛ ّﻞ ﻣﺎ ﯾﺄﺗﯿﮫ ﻣﻦ ھﺆﻻء اﻷدﻋﯿﺎء ﻛﺄﻣﺮ ﻣﺴﻠّﻢ ﺑﮫ وﻛﺤﻘﯿﻘﺔ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ اﻟﻨﻘﺎش. ﻛﺜﯿﺮا ﻣﺎ ﯾﻘﻮم اﻟﻔﯿﺴﺒﻮﻛﯿّﻮن ﺑﺎﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﻋﻦ إﻋﺠﺎﺑﮭﻢ ﺑﺒﻌﺾ ﻣﻨﺸﻮرات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ: • اﻟﻤﺠﺎﻣﻼت واﻟﻨﻔﺎق ً ّ أﺻﺪﻗﺎﺋﮭﻢ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﻤﺠﺎﻣﻠﺔ أو ﺑﺪواﻓﻊ واﻋﺘﺒﺎرات أﺧﺮى .ﻓﮭﻨﺎﻟﻚ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻘﻠﻘﮭﻢ ﻋﺪد إﺷﺎرات اﻹﻋﺠﺎب اﻟﺘﻲ ﯾﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﯿﮭﺎ أو اﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎت ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺸﻮراﺗﮭﻢ ،وﻟﻜﻲ ﺗﺘﻜﺎﺛﺮ إﺷﺎرات اﻹﻋﺠﺎب ً أﺻﻼ؛ ﻓﮭﻲ واﻟﺘﻌﻠﯿﻘﺎت ھﺬه ،ﻓﺈﻧّﮭﻢ ﯾﻀﻌﻮﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺸﻮرات رﺑّﻤﺎ ﻻ ﺗﻌﺠﺒﮭﻢ أو رﺑّﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻘﺮؤوھﺎ ﻟﯿﺴﺖ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﯿّﺎت ﺗﺒﺎدل وﻣﺠﺎﻣﻠﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﺘﺒﺎدل اﻟﻨﺎس اﻟﮭﺪاﯾﺎ واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻷﻓﺮاح واﻷﺗﺮاح ﻣﻦ ﻲ وﻟﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﻀﺾ. ﺑﺎب اﻟﻮاﺟﺐ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋ ّ ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن اﻻول 2016
3
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
وﻛﺬﻟﻚ ،ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻻﺗ ّ ﺼﺎﻟﻲ ﻣ ّﮭﺪ اﻟﻔﯿﺴﺒﻮك اﻷرﺿﯿّﺔ اﻻﺗﺼﺎﻟﯿّﺔ ﻟﯿُ ْﺴ ِﮭﻢ ﻓﻲ ﺗﻐﯿﯿﺮ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ اﻟﻨﺎﺗﺠﺔ ّ ﻋﻦ ﺗﻐﯿﯿﺮ اﻟﺴﻠﻮﻛﯿّﺎت اﻟﻔﺮدﯾّﺔ ،واﻟﺘﻲ اﻧﻌﻜﺴﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﺎ ّﻣﺔً.
• ﻣﻦ وراء ﺣﺠﺎب ﻣﻀﺎﻋﻒ :ھﻨﺎﻟﻚ ظﺎھﺮة ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﺎرة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺒّﺮ ﻋﻦ أﺻﺤﺎﺑﮭﺎ وﻣﺸﺎﻋﺮھﻢ وﻧﻮاﯾﺎھﻢ .ﻓﻘﺪ ﺗﺸﯿﺮ ھﺬه اﻷﺳﻤﺎء إﻟﻰ اﻟﺬﻛﻮرة أو اﻷﻧﻮﺛﺔ ،وإﻟﻰ اﻟﺤﺰن أو اﻟﻔﺮح وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر. وأﺻﺤﺎب ھﺬه اﻷﺳﻤﺎء ﯾﺘﻮاﺻﻠﻮن ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﮭﻢ ،أو ﻣﻊ أﺻﺤﺎب أﺳﻤﺎء ﺣﻘﯿﻘﯿّﺔ .وھﺬه اﻷﺳﻤﺎء اﻟﻤﺴﺘﻌﺎرة اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ ،ﻓﺘﺴ ّﮭﻞ ﻋﻤﻠﯿّﺔ اﻟﺘﻌ ّﻤﻖ ﻓﻲ اﻻﻓﺘﺮاﺿﻲ ﺗﺨﻠﻖ ﺣﺠﺎﺑًﺎ إﺿﺎﻓﯿ�ﺎ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﺤﺠﺎب ّ ّ اﻟﺘﺮاﺳﻞ واﻟﻤﺤﺎدﺛﺎت. ﺻﯿّﺔ اﻻﺗّﺼﺎل ﺑﯿﻦ أﺑﻨﺎء • اﻻﺗّﺼﺎل ﻋﻦ ﺑﻌﺪ وﺑﻤﺠﻤﻮﻋﺎت واﻧﺤﺴﺎر اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ اﻟﻌﺎطﻔﯿّﺔ :ﺗﺘﯿﺢ ھﺬه اﻟﺨﺎ ّ اﻷﻗﻄﺎر اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،ﻓﺒﻌﺪ أن ﻛﺎن ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺤﻠﻢ أن ﯾﺘّﺼﻞ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ ﺑﺸﺨﺺ آﺧﺮ ﻓﻲ دوﻟﺔ أﺧﺮى ﺑﻌﯿﺪة ،ﺑﺎت اﻻﺗّﺼﺎل ﻗﺮﯾﺒًﺎ ﺳﮭﻞ اﻟﻤﻨﺎل وﻣ ّﺠﺎﻧﯿ�ﺎ .وﻛﺬﻟﻚ ّ إن إﻣﻜﺎﻧﯿّﺔ ﺑﻨﺎء ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻣﻐﻠﻘﺔ أو ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﺗﺘﯿﺢ اﻻﺗّﺼﺎل ﺑﯿﻦ اﻷﺷﺨﺎص ﻟﮭﺪف ﻣﺎ .وھﺬا اﻷﻣﺮ ﻗﺪ ﻏﯿّﺮ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿّﺔ .ورﻏﻢ ﺺ ﻣﺎ ﯾﺪرس ﺧﺎرج ﺗﺴﮭﯿﻠﮫ ﻲ .ﻓﻠﻮ ﻛﺎن ﺷﺨ ٌ َ اﻷﻣﻮر ،ﻓﺈﻧّﮫ ﯾﺤﻤﻞ ﻓﻲ داﺧﻠﮫ ﻟﻮﻧًﺎ ﻣﻦ اﻟﺠﻔﺎف اﻟﻌﺎطﻔ ّ ﺑﻼده ،ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل ،وأﺧﻮه ﯾﺪرس داﺧﻞ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ،ﻻﺷﺘﺎق اﻷﺑﻮان رﺑّﻤﺎ إﻟﻰ اﻟﺬي ﯾﺪرس ﻓﻲ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ ﻧﻔﺴﮭﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻐﺮﯾﺐ ،ﻷﻧّﮫ ﯾﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻌﮭﻢ ﺑﺼﻮرة ﺷﺒﮫ ﯾﻮﻣﯿّﺔ وﺑﺎﻟﺼﻮت واﻟﺼﻮرة، ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻗﺪ ﻻ ﯾﺮﯾﺎن اﺑﻨَﮭﻤﺎ اﻟﻘﺮﯾﺐ ّإﻻ ً ﻗﻠﯿﻼ. ﺣﺮﯾّﺔ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ: اﻟﻘﯿﻢ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاطﯿّﺔ وﻣﺎ ﺑﻌﺪ ّ ﺣﺮﯾّﺔ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ھﻲ ﻣﻦ اﻟﺤ ّﺮﯾّﺎت اﻟﻤﻜﻔﻮﻟﺔ دﯾﻤﻘﺮاطﯿ�ﺎ -ﻋﻠﻰ اﻷﻗّﻞ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻨﻈﺮﯾّﺔ ،-ﻋﻠﻰ أن ﺗﻜﻮن ﻓﻲ إطﺎر ّ ﺣﺮﯾّﺔ اﻵﺧﺮ .وﻟﻘﺪ أﺗﺎح اﻟﻔﯿﺴﺒﻮك ﻣﺴﺎﺣﺎت ﺷﺎﺳﻌﺔ ﻟﻠﻔﺮد ﻋﺪم إﯾﺬاء اﻵﺧﺮ. ﻓﺤﺮﯾّﺔ اﻟﻔﺮد ﺗﻨﺘﮭﻲ ﻋﻨﺪ ﺣﺪود ّ ّ ﺣﺮﯾّﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﻮﺟﺎھﯿّﺔ .ﺑﻞ ّ إن اﻹﻧﺴﺎن ﺑﺎتَ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺴﺐّ واﻟﺘﺸﮭﯿﺮ ﻟﻠﺘﻌﺒﯿﺮ ﻋﻦ رأﯾﮫ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ أﻛﺜﺮ ّ واﺳﺘﻌﻤﺎل ﻟﻔﻈﺎت ﺑﺬﯾﺌﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺘﮫ اﻟﺸﺨﺼﯿّﺔ ﺿﺪّ ﺷﺨﺼﯿّﺎ ٍ ت ﻋﺎ ّﻣﺔ أو ﺿﺪّ أﺷﺨﺎص ﻋﺎدﯾّﯿﻦ .ﻋﻼوة ﻋﻠﻰ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ اﻟﺮدّ ﻋﻠﯿﮫ ذﻟﻚ ،ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ﯾﺨﺎف أن ﯾﺘﺤﺪّى َﻣﻦ ھﻮ أﻛﺜﺮ ﻗﺪرة ً ﻣﻨﮫ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﻣﺎ ،أﺻﺒﺢ ً ُ وﻛﺜﯿﺮا ﻣﺎ ﺗﺼﻞ ھﺬه اﻟﺮدود ﺣﺪود اﻟﺴﺒﺎب واﻹﺳﻔﺎف .وﻓﻲ أﺳﻮأ اﻷﺣﻮال ﯾﺤﻈﻰ ھﺬا أو ذاك ي ﺻﻮرة ﻛﺎﻧﺖ. ً ﺑﺄ ّ اﻟﻤﺴﺘﻤﺮة ﺑﯿﻦ ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺘﻲ ﻲ ﻣﻦ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ .وھﺬا ﻧﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻔﺎﻋﻠﯿّﺔ اﻟﺘﺒﺎدﻟﯿّﺔ ّ ﺑﺤﻈﺮ ﻓﯿﺴﺒﻮﻛ ّ ﺗﺄﺛﯿﺮا وﺗﺄﺛ ّ ًﺮا ﻻ ﯾﺘﻮﻗّﻔﺎن أﺑﺪًا. ﯾﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎرھﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﮫ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﺆﺛّﺮة ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﮭﺎ ،وﻣﺘﺄﺛّﺮة ﻣﻦ ﺑﻌﻀﮭﺎ، ً • ﻋﺪم اﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ اﻟﻔﻌﻠﯿّﺔّ : إن ﻛﻮن اﻟﻤﺮء ﺧﻠﻒ ﺣﺠﺎب ،ﻻ ﻓﻲ ﺣﻠﺒﺔ اﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ اﻟﻔﻌﻠﯿّﺔ ،ﯾﺆﺛّﺮ ﻓﻲ أﻧّﮫ ﯾﻤﻜﻦ ﺳﺐ ﺣﺴﺎﺑًﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒًﺎ .ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺠﺪ ﻛﺜﯿﺮﯾﻦ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﻣﺎ ﯾﺮﯾﺪون ،وﺑﺎﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ أن ﯾﻘﻮل ﻣﺎ ﯾﺮﯾﺪ دون أن ﯾﺤﺎ َ ﯾﺮﯾﺪون ،وﻟﻮ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﮭﺔ ﺣﻘﯿﻘﯿّﺔ ﻷﺧﻔﻮا ﻣﻌﻈﻢ ﻣﺎ ﯾﻜﺘﺒﻮﻧﮫ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺎﺗﮭﻢ أو ﺗﻌﻠﯿﻘﺎﺗﮭﻢ. • اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ وﻋﺪم اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة وإﻣﻜﺎﻧﯿّﺔ اﻹﻣﻌﺎن واﻟﺘﻔﻜﯿﺮ :ﺣﯿﻦ ﯾﻘﺮأ إﻧﺴﺎن ﻣﺎ ﻣﺎدّة ً ﻣﻌﯿّﻨﺔ أو ﯾُﺸﺎھﺪھﺎ أو ﺑﻌﺾ ﻣﺎ أراد أن ﻓﻮرا ،ﻗﺪ ﯾﻘﻊ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻷﺧﻄﺎء ،أو ﻗﺪ ﯾﻐﻔﻞ ﯾﺴﺘﻤﻊ إﻟﯿﮭﺎ ،وﯾﻄﻠﺐ ﻣﻨﮫ اﻟﺘﻌﻠﯿﻖ ﻋﻠﯿﮭﺎ ً َ ّ ﯾﻘﻮل ،ﺛ ّﻢ ﯾﻨﺪم ﻋﻠﻰ ﻋﺪم إﻋﻄﺎﺋﮫ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔَ ﺣﻘﮭﺎْ . ﻟﻜﻦ ،ﺣﯿﻦَ ﯾﻘﺮأ ﻣﺎدّة ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺒﻜﺔ اﻟﻌﻨﻜﺒﻮﺗﯿّﺔ أو اﻟﻔﯿﺴﺒﻮك ،وﯾﺮﯾﺪ اﻟﺮدّ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺸﻮر أو ﺗﻌﻠﯿﻖ ،ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﯾﻘﻮل ﻛ ّﻞ ﻣﺎ ﯾﺮﯾﺪ ﺑﺼﻮرة ﻣﺪروﺳﺔ وﺑﻌﺪ ﺗﻔ ّﻜﺮ وﻗﺮاءةٍ ﺛﺎﻧﯿﺔ وﺛﺎﻟﺜﺔ وﺗﺄ ّﻣﻞ وﺣﺴﺎﺑﺎت دﻗﯿﻘﺔ ﻟﻸﻓﻌﺎل وردود اﻷﻓﻌﺎل ،ﻣ ّﻤﺎ ﯾﺴ ّﮭﻞ ﻋﻤﻠﯿّﺔ اﻟﺮد ّ ﻋﺎ "ﻟﺸﮭﻮة" اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﻋﻦ اﻟﺮأي. وﯾﺠﻌﻠﮭﺎ أﻛﺜﺮ إﺷﺒﺎ ً
ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن اﻻول 2016
4
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
ً ﺷﺎﻣﻼ وأداة ً ﻟﻠﺘﻌﺒﯿﺮ ﺣﺘّﻰ ﺑﻄﺮﯾﻘﺔ ﻣﻨﺒﺮا • اﻟﻔﯿﺴﺒﻮك ﻛﺄداة ﻟﻠﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﺼﻮت ﻣﺮﺗﻔﻊ :ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺢ اﻟﻔﯿﺴﺒﻮك ً ﻓﻜﺜﯿﺮا ﻣﺎ ﯾﻌﺒّﺮ اﻷﺷﺨﺎص ﻋ ّﻤﺎ ﯾﺠﻮل ﻓﻲ ﺧﻮاطﺮھﻢ ،أو ﯾﺨﺎﻟﺞ ﺻﺪورھﻢ ،أو اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﺑﺼﻮت ﻣﺮﺗﻔﻊ. ً ﯾﻌﺘﺮي أﺟﺴﺎدھﻢ ﻣﻦ ﻣﺮض أو ﻏﯿﺮه .ﺑﻞ ّ إن ﻛﺜﯿﺮﯾﻦ ﯾﻌﺒّﺮون ﻋﻦ أﺷﻜﺎل ﻣﻮاﺋﺪھﻢ وﻣﺤﺘﻮﯾﺎﺗﮭﺎ وأﺛﺎث ً ً ﺑﯿﻮﺗﮭﻢ وأﻟﻌﺎﺑﮭﻢ وأوﻗﺎت ﻓﺮاﻏﮭﻢ ،ﻛﺄﻧّﮭﻢ ﯾﺮﯾﺪون أن ﯾﺸﺮﻛﻮا اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻟﺤﻈﺔ ﺑﻠﺤﻈﺔ ﻓﻲ ﻛ ّﻞ ﻣﺎ ﯾﺪور ﻓﻲ ﻀﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎد واﻟﻔﻜﺮ وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻷﻣﻮر .وھﺬا ﯾﺘﺒﺪ ّى ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﮭﻢ .وھﺬا ﯾﻨﻄﺒﻖ أﯾ ً ﻀﺎ .ﻓﻤﻦ اﻟﺴﮭﻞ أن ﻧﺠﺪ اﻟﻨﻘﯿﺾ وﻧﻘﯿﻀﮫ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﻔﯿﺴﺒﻮك ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﯿﻊ اﻷﺣﺪاث اﻟﻤﻮﺳﻤﯿّﺔ أﯾ ً ﻣﻮﺳﻤﯿّﺔ ﻛﺎﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت واﻷﺣﺪاث اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،وﺣﺘّﻰ ﻓﻲ أﻣﻮر ﻏﯿﺮ ﻣﻮﺳﻤﯿّﺔ .ﻓﺎﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎت اﻟﺴﯿﺎﺳﯿّﺔ واﻟﺪﯾﻨﯿّﺔ واﻟﻔﻜﺮﯾّﺔ وﻏﯿﺮھﺎ ،ﻛﻠّﮭﺎ ﺗﺒﺪو ﺟﻠﯿّﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﻔﯿﺴﺒﻮك. اﻟﻤﺒﺮر وﻏﯿﺮ ھﺬه اﻷﻣﻮر وﻏﯿﺮھﺎ ھﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺸ ّﻜﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ "اﻟﻮﻗﺤﺔ" ﻟﻠﺘﻌﺒﯿﺮ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺤﺪود وﻏﯿﺮ ّ ﻣﺴﺘﻤﺮة اﻟﻤﻨﻀﺒﻂ وﻏﯿﺮ اﻟـ ُﻤﺮاﻋﻲ ﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ .وﻛﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎ ،ھﺬه اﻷﻣﻮر ﺗﺘﻔﺎﻋ ُﻞ ﺗﺒﺎدﻟﯿ�ﺎ وﺑﺼﻮرة ّ ﺑﯿﻨﮭﺎ ﻓﺘﺆﺛّﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻀﮭﺎ وﺗﺘﺄﺛّﺮ ﻣﻦ ﺑﻌﻀﮭﺎ .ﻓﻠﻮ أﺧﺬﻧﺎ ﻗﻀﯿّﺔً ﺳﯿﺎﺳﯿّﺔ ،ﻛﻘﻀﯿّﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ً ﻣﺜﻼ ،ﻟﻮﺟﺪﻧﺎ ّ أن ﺑُﻌﺪ اﻟﺸﺨﺺ ﻋﻦ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﻔﻌﻠﯿّﺔ واﺧﺘﺒﺎءه ﺧﻠﻒ ﺣﺠﺎب اﻟﻔﯿﺴﺒﻮك ،ووﺟﻮده ﻓﻲ وﺿﻊ ﯾﺴﻤﺢ ﻟﮫ ﺑﺎﻟﺘﺄ ّﻣﻞ واﻟﻤﺮاﺟﻌﺔ ،وإﺗﺎﺣﺔ اﻟﻤﻨﺒﺮ ﻟﻜﻲ ﯾﻌﺒّﺮ ﻋ ّﻤﺎ ﯾﻔ ّﻜﺮ ﻓﯿﮫ ﺑﺼﻮت ﻣﺮﺗﻔﻊ ،ھﺬه ﻛﻠّﮭﺎ ﺗﺤﻘّﻖ ﻣﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺘﻮازن ﺑﯿﻦ ﻣﻨﺸﻮد اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ وﻣﻮﺟﻮده اﻟﻤﻘﺒﻮل .ﻓﺎﻟﺸﺨﺺ ﯾﺤﺪّد أطﺮاف اﻟﻤﻌﺎدﻟﺔ وﻓﻘًﺎ ﻟﮭﺬه اﻟﻤﻌﺎﯾﯿﺮ ،وﯾُﻄﻠﻖ ﺗﻌﻠﯿﻘﮫ أو ﻲ وﺻﻮرﺗﮫ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﯿّﺔ ﻓﯿﻀﺒﻂ ﻣﻌﺎدﻟﺘﮫ ﻣﻨﺸﻮره ﺧﺎﺿﻌًﺎ ﻟﮭﺎ .ﻓﻤﻨﮭﻢ َﻣﻦ ﯾﺮﯾﺪ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﻣﺮﻛﺰه اﻻﺟﺘﻤﺎﻋ ّ ً ﻗﻠﯿﻼ ،وﻣﻨﮭﻢ َﻣﻦ ﯾﻨﻀﺢ ﺑﻜ ّﻞ ﻣﺎ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ إﺳﻔﺎف ﻻ ﯾُﺮاﻋﻲ أﺣﺪًا وﻻ ﻗﯿﻤﺔ ،وﻣﻨﮭﻢ َﻣﻦ ﯾﺘﻼﻋﺐ ﺑﺎﻟﻮﺗﯿﺮة اﻟﻌﺎﻟﯿﺔ ي ،أو ﺑﺤﺴﺐ ﻗﺪرﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ ﻲ أو اﻻﻗﺘﺼﺎد ّ ﻲ أو اﻻﺟﺘﻤﺎﻋ ّ أو اﻟﻤﻨﺨﻔﻀﺔ ﺑﺤﺴﺐ ھﺪﻓﮫ اﻟﺴﯿﺎﺳ ّ اﻻﻓﺘﺮاﺿﯿّﺔ أو اﻟﻔﻌﻠﯿّﺔ إذا ﻟﺰم اﻷﻣﺮ.
اﻟﺨﻼﺻﺔ: ﺑﺎﻟﻘﻮة واﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﺣﯿﻦ ﻛﺎن ﻣﻌﻠّﻢ اﻟﺠﻐﺮاﻓﯿّﺔ ﺣﯿﻦَ ﻛﻨّﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺪارس اﻻﺑﺘﺪاﺋﯿّﺔ ،ﻛﺎن ﯾﺮاودﻧﺎ ﺣﻠ ٌﻢ ﺟﻤﯿﻞ وﺷﻌﻮر ّ اﻷرض ﺟﻤﯿﻌًﺎ ﺴﻢ ﻓﺮﺣﯿﻦ .ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻀﻊ ﯾﺪﺧﻞ إﻟﻰ ﺴﻢ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﯿّﺔُ .ﻛﻨّﺎ ﻧﻨﻈﺮ إﻟﻰ ذﻟﻚ اﻟﻤﺠ ّ اﻟﺼﻒ وﻣﻌﮫ ﻣﺠ ّ ّ َ ﻧﺪﯾﺮھﺎ أﻧّﻰ ﺷﺌﻨﺎ ،وﻓﻖَ اﺗّﺠﺎه ﻋﻘﺎرب اﻟﺴﺎﻋﺔ أو ﺑﻌﻜﺴﮭﺎ ،وﻧﻨﻘﻠﮭﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻊ إﻟﻰ آﺧﺮ ،ﻛﺄﻧّﮭﺎ ﺑﯿﻦ راﺣﺘ َ ْﻲ ﯾﺪﯾﻨﺎُ ، اﻟﻤﺠﺮة واﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻜﻮﻧﯿّﺔ ﻛﻠّﮭﺎ ،أو ﻛﺄﻧّﮭﺎ ْ ﻣﻠﻚٌ اﻟﯿﻮم ﺧﺎص ﻟﻨﺎ .ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺒﺪو ﺗﺤﻘّﻖ ﻣﺴﺘﻘﻠّﺔ ﻋﻦ ّ ّ َ ﺴﻢ اﻟﻜﺮة اﻷرﺿﯿّﺔ ﻓﻲ درس اﻟﺠﻐﺮاﻓﯿّﺔ ﻲ .ﻓﻘﺪ ﺑﺎﺗﺖ ﻓﺮﺣﺔُ اﻟﻄﻔﻞ ﺑﻤﺠ ّ ﻲ وﺑﺸﻜﻠﮫ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧ ّ ﺑﻤﻔﮭﻮﻣﮫ اﻻﻓﺘﺮاﺿ ّ ﺗﻌﺎدل ﻓﺮﺣﺔ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ اﻻﻓﺘﺮاﺿﯿّﺔ ﺑﻮﺻﻮﻟﮫ إﻟﻰ ﺣﯿﺚ ﯾﺮﯾﺪ أو اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺮﯾﺪ ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻓﻲ أﺟﺰاء ﻣﻦ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ. ﺑﺎﺗﺖ اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺎت اﻟﻜﻮﻧﯿّﺔ أﻗﺮب إﻟﻰ اﻹدراك اﻟﻤﺆدّي إﻟﻰ اﻟﺠﮭﻞ .ﻓﺒﻘﺪر اﻧﻜﺸﺎﻓﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﻨﻮﻧﺎت اﻟﻌﻠﻢ، ﻧﻌﺮف ﻛﻢ ﻧﺤﻦ ﺟﺎھﻠﻮن .ﻓﻠﻘﺪ َﺧﺒِ ْﺮﻧﺎ أﻧﻤﺎ ً ﻏﯿﺮ أﻧّﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﻔﻘﮫ ﺑﻌﺪُ أﺑﻌﺎدَھﺎ اﻟﻔﻠﺴﻔﯿّﺔ. طﺎ ﻛﺜﯿﺮة ً ﻟﻠﺘﻮاﺻﻞ واﻻﺗّﺼﺎلَ ، اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ وﻋﻼﻗﺘﮫ ﻓﺤﺘّﻰ اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺒﺪو ،ﺑﺎﺗﻮا ﯾﺘﺨﺒّﻄﻮن ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ﻣﻨﮭﺠﯿّﺔ واﺿﺤﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻟﻔﻀﺎء ّ اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ﺗﺴﻌﻰ إﻟﻰ ﺗﻮطﯿﺪ ھﺬا اﻟﻤﻔﮭﻮم وﺗﺮﺳﯿﺦ ﺑﻤﻨﻈﻮﻣﺎت اﻻﺗّﺼﺎل واﻟﺘﻮاﺻﻞ أﯾ�ﺎ ﻛﺎﻧﺖ .ﻓﻨﻈﺮﯾّﺔ اﻟﻔﻀﺎء ّ ﺗﺨﺘﺎر ﻣﻌﻄﻔًﺎ ﻓﻠﺴﻔﯿ�ﺎ ﻓﻀﻔﺎﺿًﺎ ،ﺗﺮﯾ ُﺪ أن ﺗﻠﺒﺴﮫ ﻟﻘﺰم اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﻛﺜﯿﺮا ،ﺣﯿﺚ إﻧّﮭﺎ أﺳﺴﮫ ،ﻟﻜﻨّﮭﺎ ﺗ ُﺨﻔﻖ -ﻓﻲ رأﯾﻲ- ً ُ اﻻﺗ ّ واﻟﺘﻮاﺻﻠﻲ. ﺼﺎﻟﻲ ّ ّ
ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن اﻻول 2016
5
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org
وﻟﻘﺪ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ اﻟﺜﻮرة اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺗﯿّﺔ أن ﺗﺘﻤ ّﺨﺾ ﻋﻦ أﺟﻨّﺔ ﻋﻤﻼﻗﺔ ،ﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ ﺑﺤﺠﻢ ھﺎﻟﺔ اﻟﺪھﺸﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﺔ ذﻟﻚ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﻋﺎش ﻋﻠﻰ ﺟﻠﺪه اﻟﺸﻮق واﻻﻧﺘﻈﺎر ﯾﻘﻒ ﻋﻨﺪھﺎ اﻟﻤﺮء ﻣﺸﺪو ًھﺎ ﻻ ﯾﻤﻠﻚ ﻟﮭﺎ ﺗﻔﺴﯿﺮا ،وﺑﺨﺎ ّ ً ﻀﺎ واﻟﻤﻌﺎﻧﺎة ﻣﻦ وﺻﻮل اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺒﺮﯾﺪﯾّﺔ ﻣﺘﺄ ّﺧﺮة ً أو ﻋﺪم وﺻﻮﻟﮭﺎ ،وأﺣﯿﺎﻧًﺎ ﺧﺴﺎرة أﻣﻮر ﺟﻮھﺮﯾّﺔ ،ﺑﻞ أﯾ ً اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ اﻟﻘﯿﻤﯿّﺔ اﻟﻤﻮروﺛﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺑﺤﺠﻢ ذﻟﻚ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ .ذﻟﻚ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ اﻟﺬي أوﺟﺪ ﻓﺠﻮة ﺷﺎﺳﻌﺔ ﺑﯿﻦ ِ ﺗﺤﺎول "اﻟﺰجّ" ﺑﺎﻹﻧﺴﺎن "اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ" ﻓﻲ "ﺳﻼﺳﻠﮭﺎ اﻟﻨﻔﺴﯿّﺔ" ،وﺗﻠﻚ اﻟﻤﺴﺎﺣ ِﺔ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺤﺪودة ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ اﻟﺬي ﺑﺎت ﯾﺘﯿ ُﺢ ﻛ ّﻞ ﺷﻲء وﯾﺸﺮﻋﻨﮫ. ّ ﻛ ّﻞ ذﻟﻚ ﺧﻠﻖ ﻣﺠﺘﻤﻌًﺎ ذا ﻗﯿﻢ ﻣﻐﺎﯾﺮة ،ﻗﺪ ﺗﺒﺪو ﻟﺤﺎﻣﻠﻲ ﻧﻮاﻣﯿﺲ اﻟﻌﺎدات واﻟﺘﻘﺎﻟﯿﺪ واﻟﺪﯾﻦ ﻣﺸﺒﻮھﺔً أو ﻲ ،وﻣﻦ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاطﯿّﺔ ﻣﺴﺘﮭ َﺠﻨﺔً ،ﻟﻜﻨّﮭﺎ ﺑﺎﺗﺖ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔً ﻋﻨﺪَ َﻣ ْﻦ رﺿﻌﻮا ﻣﻔﺎھﯿﻢ اﻟﺤﺪاﺛﺔ ﻣﻦ ﺛﺪﯾﮭﺎ اﻻﻓﺘﺮاﺿ ّ اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ .ﻓﮭﻲ ﻋﻨﺪھﻢ واﻗﻊ ﻣﻘﺒﻮل ،ﻋﻠﯿﮫ ﺗﺮﻋﺮﻋﻮا واﻗﺘﺎﺗﻮا .ﻓﮭﻢ اﻟﻔﻀﻔﺎﺿﺔ اﻟﻐﺎﺋﻤﺔ اﻟﻤﺴﺘ َﻤﺪّة ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﻔﻀﺎء ّ ّ ﺗﺘﻠﻄﺦ أﯾﺪﯾﮭﻢ وھﻢ ﺻﻐﺎر ﺑﻮﺣﻞ اﻷرض وﺗﺮاﺑﮭﺎ ،ﺑﻞ ّ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﻟﻢ إن أﺻﺎﺑﻌﮭﻢ ﻟﻢ ّ ﺗﺘﻌﺮف ﻓﻲ واﻗﻌﮭﻢ إﻟﻰ َ ﺷﺎﺷﺎت أﺟﮭﺰة اﻟﻠﻤﺲ ﺑﺤﺮوﻓﮭﺎ ورﻣﻮزھﺎ وﺛﻘﺎﻓﺘﮭﺎ اﻻﻓﺘﺮاﺿﯿّﺔ ،وﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺒﺪو ،ﻓﺈنّ ذﻟﻚ اﻟﻤﻌﻄﻒ اﻟﻔﻠﺴﻔ ّﻲ اﻟﻔﻀﻔﺎض ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻘﺰﻣﺔ ﻟﻢ ﯾﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﺳﺘﺮ ﺳﻮءﺗﮭﺎ وأﺧﻔﻖ ﻓﻲ ﺗﻐﻄﯿﺔ ﻋﯿﻮﺑﮭﺎ.
• د .ﻣﺴﻠﻢ ﻣﺤﺎﻣﯿﺪ ﺷﺎﻋﺮ وادﯾﺐ وﺑﺎﺣﺚ اﻛﺎدﯾﻤﻲ
ﺟـﺪل اﻟﻌﺪد اﻟﺘﺎﺳﻊ واﻟﻌﴩون /ﻛﺎﻧﻮن اﻻول 2016
6
ﻣﺪى اﻟﻜﺮﻣﻞ www.mada-research.org