ٍ ثــــــــوان... فـي “التعلم والقيادة هما مقدمة ونتيجة ،وال ميكن ف�صل املقدمة عن النتيجة، كلما �أجنزنا �أكرث اكت�شفنا حاجتنا للتعلم ب�شكل �أكرب” .كلمات ل�سيدي �صاحب ال�سمو ال�شيخ حممد بن را�شد �آل مكتوم نائب رئي�س الدولة رئي�س جمل�س الوزراء حاكم دبي “رعاه اهلل” .كلمات �أحببت �أن �أبد�أ بها افتتاحية هذه الدفعة من مبادرة “كتاب يف دقائق” ،ويكمن ال�سبب يف اختيارها لأنها توائم وتالئم اختيارنا من الكتب العاملية املتميزة لهذا ال�شهر. لقد �أو�ضح �صاحب ال�سمو مدى ارتباط التعلم بالقيادة ،ومدى ارتباط املعرفة بالقدرة ،ومدى احلاجة ال�ستمرارية االطالع الدائم على �أحدث املعارف والعلوم كي يجد املرء نف�سه وقد التحق بركب احلداثة ،فالب�شرية يف تطور م�ستمر والعامل يف �سباق مع الوقت ،وهناك �أنا�س يواكبونه و�أحيان ًا ي�سبقونه ،وهذا ما نحتاج �إليه حتى ال نتخلف عن ركب التطور. حتر�ص م�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم دوم ًا على ترجمة توجهات القيادة الر�شيدة وتواكب تطلعاتهم امل�شروعة يف خلق جمتمع مبني على املعرفة ،لذا فقد اختارت امل�ؤ�س�سة �أن تغطي يف دفعتها اخلام�سة من امللخ�صات موا�ضيع �صناعة املبتكرين والتغيري والذكاء الإيجابي، ثالث ق�ضايا حمورية لأي جمتمع ي�سعى ل�صناعة قادة ميتلكون املقومات الالزمة لالرتقاء مبعارف ومكت�سبات �أوطانهم ،ويعربون بالأجيال التالية �إلى م�ستقبل �أف�ضل. ويف دفعتنا هذه �ستجدون ملخ�ص كتاب �صناعة املبتكرين :تن�شئة اجليل الذي �سيغري العامل ،من ت�أليف :توين واجرن ويناق�ش الكتاب جدلية االبتكار؛ كفطرة �أم �صنعة ويتحدث عن م�ساهمات الأ�سرة يف �صناعة جيل مبتكر وكيفية توفري الرتبة اخل�صبة للجيل وتنمية قدراته. �أما الكتاب الثاين فيحمل ا�سم :التغيري بثقة� :إجابات عن الت�سا�ؤالت التي تق�ض م�ضاجع القيادات ،من ت�أليف :فيل باكلي ،ويناق�ش الكاتب قيام �أي قائد ب�إدارة مبادرة للتغيري جلهة �صعوبة القرارات التي ميكن �أن يتخذها يف حياته وتبعات هذه القرارات على م�سريته ال�شخ�صية واملهنية.
من الذكاء الإيجابي �إلى التد ُّفق الإيجابي ال يوجد ذكاء �إيجابي مطلق .ويخطئ من يعتقد �أنَّ هناك �أنا�س ًا يتمتَّعون بن�سبة مائة باملائة من الإيجابية ،فمن �ش�أن هذا �إلغاء �إن�سانيتهم و�إ�صابتهم بحالة من الالمباالة .ولذا ف�إنَّ التد ُّفق الإيجابي ي�شري �إلى الن�سبة املئوية من الوقت �أو احلياة التي تعمل فيها عقولنا ل�صاحلنا .وهذا يعني �أي�ض ًا �أنَّ عقولنا تقف �إلى جانبنا �أحيان ًا فتلعب دور ال�صديق ،و�أ َّنها تقف �ضدنا �أحيان ًا �أخرى فتلعب دور العدو .ف�إذا ما و�صل �إيقاعنا الإيجابي �إلى � %75أو %80مث ًال ،ف�إنَّ هذا يعني �أنَّ عقولنا تعادينا بن�سبة ال تزيد عن � %20إلى %25من حياتنا. وهنا جُتيب االكت�شافات والتط ُّورات احلديثة لعلم النف�س الإيجابي عن كثري من الت�سا�ؤالت التي كانت ت�ؤ ِّرقنا ومنها: لمِ َاذا يتال�شى �إح�سا�سنا بال�سعادة ب�سرعة بعد حتقيق �أهدافناالكربى التي طاملا �سعينا �إليها؟ ملاذا نبذل جهد ًا م�ضني ًا عندما نبد�أ برناجم ًا للياقة البدنيةو�إنقا�ص الوزنَّ ،ثم يفرت حما�سنا ونرتاجع ونن�سى ما بد�أناه؟ لمِ َاذا نتخ َّلى عن املهارات القيادية املتقدمة التي اكت�سبناها ،مبجردانتهاء التدريب ،لنف�سح الطريق مرة �أخرى لعاداتنا ال�سلبية كي ت�سود وتقود؟ هل يعاقب عقل الإن�سان نف�سه فيلعب مع نف�سه؛ دور الفاعلواملفعول؟
و�أخري ًاكتابالذكاءالإيجابي:ملاذايت�ألق القليلون ويقودون،ويخفقالكثريون ويرتاجعون؟ من ت�أليف� :شريزاد �شامني ،ويناق�ش الكتاب كيف حتول عقلك �إلى �صديق يعمل ل�صاحلك ،وميكنك من بلوغ �أعلى م�ستويات التدفق الإيجابي .وحتفل اخلال�صة بعدة تطبيقات ميكن حتويلها �إلى بيئة العمل وممار�ستها بفاعلية وحتقيق عوائد �أعلى من التدريب واال�ستثمار الب�شري.
من هذا املنطلق اتخذ العلماء من معدالت الذكاء الإيجابي م�ؤ�شر ًا حقيق ّي ًا لتقييم الطاقات امل�ستثمرة والإمكانات املهدرة ،لأنَّ عقلنا قد يكون �صديق ًا خمل�ص ًا �أو عدو ًا لدود ًا لنا.
ويف اخلتام �أمتنى �أن تنال الدفعة اخلام�سة من “كتاب يف دقائق” �إعجابكم ور�ضاكم� ،آم ًال ب�أن نكون �ساهمنا ولو بجزء ب�سيط من خالل هذا العمل يف منظومة النجاح التي تطمح �إليها قيادتنا الر�شيدة وت�سعى من خاللها لل�سمو ب�أبنائنا وبناتنا جيل امل�ستقبل ..جيل القادة.
�سنحاول يف هذه اخلال�صة قيا�س تلك العالقة الن�سبية بني القطبني، لرنجح �إحدى الكفتني .فحني ترتفع معدالت الإيجابية فهذا يعني �أنَّ العقل يتب َّنى دور ال�صديق ،والعك�س �أي�ض ًا �صحيح ،ثم نحاول �أن نتع ًلم كيف نرفع معدالت الذكاء الإيجابي كي ندير عقولنا فتعمل ل�صاحلنا.
جمال بن حويرب
1
الع�ضو املنتدب مل�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم كتاب في دقائق
مواجهة �أعداء النجاح َّ تتلخ�ص الإجابة عن الت�سا�ؤالت التي طرحناها �سابق ًا يف كلمتني هما: �أعداء النجاح. ال جتهد نف�سك كثري ًا يف البحث حولك؛ فالأعداء هم بع�ض خ�صالك ال�شخ�صية الكامنة فيك .ول�سوء احلظ ال ي�ستطيع الإن�سان �أن يتغا�ضى عن ه�ؤالء ومي�ضي قدم ًا يف �سبيل �أهدافه؛ فعندما تزرع حديقتك بالورود اجلميلة وتزهر ،تقرتب �أحيان ًا لتقطف وردة تبدو رائعة من بعيد ،فتالحظ �أ َّنها كانت �ستبقى �أجمل ،لو مل ت�صبها بع�ض الآفات. وهكذا يختلف �أعداء النجاح من �شخ�ص �إلى �آخر؛ نوع ًا وك ّم ًا وقوة. ونعر�ض فيما يلي �سمات و�صفات ع�شرة من ه�ؤالء الأعداء: uاملنت ِقد :وهو العدو الأكرب وامل�شرتك بني معظم النا�س .يدفعنا هذا العدو �إلى ت�ص ُّيد الأخطاء لأنف�سنا وملن حولنا وانتقاد الظروف املحيطة بنا .يت�س َّبب املنتقد يف �إ�شاعة التوتُّر ،وال�ضغط النف�سي ،وال�شعور بالإحباط والغ�ضب ،والإح�سا�س بالذنب �أي�ض ًا. uاملُ ِّ َّ فيتمخ�ض عن هذا ال�سعي �شعور باال�ستياء وعدم الر�ضا عن دقق :يتمثل �سلوكه يف �سعينا املفرط للو�صول �إلى التم ُّيز والإبهار والكمال، النف�س والآخرين. uاملتم ِّلق :يح ًثنا على ك�سب ا�ستح�سان الآخرين بتقدمي امل�ساعدات واملجامالت والإطراءات ،فت�ضيع �أهدافنا ونحن نحاول تلبية احتياجات غرينا. uمدمن العمل :يتخذ من العمل الدائم والإجنازات م�صدر ًا -وحيد ًا -الحرتام وتقدير الذات ،مما ي�ؤدي �إلى اال�ستماتة يف العمل على ح�ساب احلياة ال�شخ�صية وامل�شاعر الإن�سانية. uال�ضحية :ين�شد اهتمام وعطف الآخرين عرب التظاهر باحل�سا�سية املفرطة وتب ِّني دور املغلوب على �أمرهَّ . تتمخ�ض هذه ال�سمة ال�سلبية عن ا�ستنزاف الطاقة الذهنية والعاطفية وتوليد م�شاعر الذنب والإحباط يف �صاحبها ومن حوله. uعا�شق املنطق :يط ِّبق املعاجلة التحليلية املك َّثفة على كل �شيء يف احلياة -مبا يف ذلك العالقات وال�صداقات – على ح�ساب امل�شاعر الإن�سانية. احلذر :ي�صيبك بحالة من التوتُّر والريبة وال�شك يف كل من حولك وهو يفرت�ض الأ�سو�أ .هذه احلالة تنهك �صاحبها ومن حوله وت�سلبهم u ِ متع احلياة. uامل�شتَّت :يعي�ش يف دوامة من االنهماك الدائم والبحث عن ال �شيء وكل �شيء� ،سعي ًا وراء �سعادة غائمة و�إثارة دائمة ،حتى ي�صاب بال�صداع وال�ضياع وهو يبحث عن �سقط املتاع. ملحة يف التح ُّكم بكل الأمور ،وتروي�ض كل من حوله مبا يح ِّقق م�صاحلهَّ . يتمخ�ض افتقاده لل�سيطرة عن حالة غ�ضب u ِ امل�سيطر :حت ِّركه رغبة َّ من نف�سه وممن حوله. uالنائم (احلامل) :يتج َّنب الواقع الأليم لري ِّكز على اجلوانب الإيجابية وامل�شرقة فقط� ،إلى �أن تغرقه الهموم وامل�شكالت املرتاكمة وتنفجر يف وجهه قبل �أن يفيق.
حمركات �أعداء النجاح ِّ تن�ش�أ حمركات ال�سلبية فطر ّي ًا وقبل اكتمال الذكاء الإيجابي ،لت�ش ِّكل �أولى مراحل التط ُّور العقلي املرتبطة بالبقاء واملعاي�شة� .أي �أنَّ الهدف املبدئي �أو البدائي لتلك اخل�صال هو �ضمان البقاء. فاملُنت ِقد – على �سبيل املثال – ِّ ي�سخر حمرك ًا واحد ًا على الأقل ،ليح ِّقق �أهدافه وي�ضمن اال�ستقرار كما يظن .ويف حني ي�شرتك كل النا�س يف تب ِّني خ�صال املنتقد ،ف�إنَّ املحركات التي ِّ ي�سخرها تختلف ننميها من �شخ�ص �إلى �آخر� ،إذ تلعب االحتياجات ال�شخ�صية دور ًا بارز ًا يف اختيار الدوافع التي ِّ داخلنا ،وهي ذات بعدين هما: كتاب في دقائق
2
-1املحفِّزات
تنق�سم املح ِّفزات التي تعزِّ ز بقاءنا وا�ستقرارنا العاطفي �إلى ثالثة هي: uاال�ستقالل :احلاجة �إلى التخلُّ�ص من ُّ التدخل اخلارجي يف �ش�ؤوننا الداخلية. uالقبول :احلاجة �إلى اكت�ساب ثقة ومو َّدة وا�ستح�سان الآخرين. uالأمان :احلاجة �إلى تقلي�ص م�ؤ ِّرقات احلياة والتخلُّ�ص من القلق للعي�ش ب�سالم.
-2الأمناط
يتب َّنى الإن�سان �أحد ثالثة �أمناط لتلبية حاجات اال�ستقالل ،والقبول ،والأمان ،وهي: uالتفعيل :اتخاذ اخلطوات وانتهاج الآليات التي حت ِّقق االحتياجات الرئي�سية الثالثة. uالك�سب :الك ُّد واالجتهاد من �أجل تلبية تلك االحتياجات. uالتجنُّب :االنعزال عن الن�شاطات والأفراد ،وهجر الأفكار التي تعوق تلبية االحتياجات. ويحدِّ د التفاعل بني حم ِّفزاتك الرئي�سية وبني الأمناط التي تنتهجها ،يحدِّ د نوع املح ِّركات �أو الدعامات التي تنميها يف داخلك .وميكن �أن ي�ساعدك اجلدول التايل ِّ يف اكت�شاف حم ِّركاتك اخلا�صة؛ ف�إن كنت -مث ًال - ممن ين�شدون اال�ستقالل من خالل االنعزال بهدف اال�ستقالل ،ف�إنَّ �سلوك “احلامل �أو النائم” هو الدعامة التي حت ِّرك يف داخلك �أحد �أعداء النجاح ،وهكذا.
النمط
املحفِّز اال�ستقالل
القبول
الأمان
التفعيل
امل�سيطر
الك�سب
املُد ِّقق
مدمن العمل املتم ِّلق
امل�شتَّت احلذر ِ
التجنُّب
النائم (احلامل)
ال�ضحية
عا�شق املنطق
ال�سعادة امل�شروطة �أحيان ًا ميار�س املنت ِقد دوره التخريبي معتمد ًا على م�شاعر الب�ؤ�س وغريها من امل�شاعر ال�سلبية التي يزرعها فينا م�سترت ًا حتت �أكرث من قناع .فمث ًال يعاين بع�ض املديرين ورجال الأعمال من �ضغوط نف�سية –،ويا للمفارقة – ال ت�ش ُّق طريقها �إليهم �إال بعد �أن يدركوا �أهدافهم ويح ِّققوا �أحالمهم! حتدث ال�ضغوط لدى ا�صطدامهم بالواقع الذي ال يعرتف بالعالقة بني النجاح وبني ال�شعور بال�سعادة املن�شودة – �أو بالأحرى امل�شروطة. تلك ال�سعادة امل�شروطة هي �سالح عدونا الداخلي – :املنتقد – الذي يقول لنا دائم ًا: “لت�صبح �سعيد ًا ،يجب �أن”... بت�أ ُّمل هذه الأكذوبة عن كثب يدرك الإن�سان �أ َّنها تخفي بني ط َّياتها كذبتني ال واحدة. الأولى هي �أنَّ الظروف احلالية هي ال�سبب ،لأ َّنها حتول بينك وبني ال�سعادة ،ومن َّثم فهي تفر�ض قيود ًا زمنية على �سعادتك ،ك�أن تربطها بالوقت الذي ت�ستطيع فيه ت�أ�سي�س �شركتك اخلا�صة� ،أو متتلك ثروة هائلة. �أما الأكذوبة الثانية فهي �أ َّنها جتعل من ال�سعادة هدف ًا متحرك ًا ولي�س غاية را�سخة. فبمجرد �أن ت� ِّؤ�س�س �شركتك الأولى� ،سي�ؤكد لك “املنتقد” �أنَّ ال�سعادة احلقيقية لن حتققها لك �شركة واحدة؛ بل جمموعة �شركات! وبالتايل فك َّلما اقرتبت من ال�سعادة، ن�أت هي عنك .وهكذا ي�ستمر املنتقد ومدمن العمل يف دفع �صخرة “�سيزيف” �إلى �أعلى اجلبل ،فما �إن ت�صل منت�صف ال�سفح ،حتى تتدحرج عائدة �إلى القاع ،وهكذا� ..إلى الأبد. 3
كتاب في دقائق
ا�سرتاتيجيات التد ُّفق الإيجابي َّ يتغذى “�أعداء النجاح” على الأجزاء العقلية التي حت ِّفز البقاء واال�ستقرار اجل�سدي والعاطفي .تلك الأجزاء هي ما نطلق عليه “العقل النفعي ”.يف حني ي�ستمد “املنقذ” -والذي يعك�س اجلانب الأكرث حكمة وعمق ًا – ق َّوته من “العقل املتد ِّفق ”.وميكنك م�ضاعفة التد ُّفق الإيجابي لعقلك الذي ي�شهد هذا ال�صراع الأبدي املحتدم ما بني “املنقذ” و”�أعداء النجاح” من خالل ثالث ا�سرتاتيجيات ،وهي:
اال�سرتاتيجية الأولى :مهاجمة �أعداء النجاح توجهاتك ،ح ِّرر بعد �أن تع َّرفت �إلى �أعداء النجاح الأكرث �سيطرة على �سلوكياتك وحت ُّكم ًا يف ُّ نف�سك من قيودها .فالإن�سان حني يتق َّلد دور املحارب ،تتم َّلكه م�شاعر الغ�ضب والعنف ليفقد �أهم �أ�سلحته :الدهاء؛ فمث ًال :حني تطفو خ�صال “ال�ضحية” �إلى ال�سطح وتبد�أ بانتقادها والغ�ضب حيالها ،ف�أنت بذلك تُف ِّعل – دون �أن تدري – العد َّو الأخطر “املنتقد” .ومن َّثم ف�إنَّ �أف�ضل و�سيلة لدحر قوة �أعدائك هي ر�صد امل�شاعر والأفكار امل�صاحبة لها .وقد تناول امل�ؤلف “�إيكهارت تول” هذه اال�سرتاتيجية م�ش ِّبه ًا �أعداء النجاح برجل اجلليد الذي �سرعان ما يذوب عندما تالم�سه �أ�شعة “الوعي والر�صد” .وملزيد من التع ُّمق يف ا�ستيعاب ور�صد تخ�ص�ص و�صف ًا �أكرث دق ًة ٍّ لكل منها .ف�إن كان “امل�سيطر” هو املح ِّرك الأقوى للمنتقد ،فب�إمكانك �أن تطلق عليه “املُخرب” مث ًال. �أعدائك ،ميكنك �أن ِّ ف�إذا ما باغتك هذا العدو بزيارة مفاجئة يف �أحد االجتماعات ،فابد�أ عملية الر�صد واملالحظة ب�أن ت�صب عليه وعيك و�إدراكك ملحاوالته البائ�سة للتح ُّكم يف جمريات الأحداث؛ ك�أن تقول لنف�سك“ :ها هو املخرب املتكبرِّ قد جاء عاب�س ًا ليخربنا ب�أنَّ االجتماع ال ي�سري كما يريد” .قد تت�ساءل كيف لهذه الآلية الب�سيطة �أن ت�ؤتي ثمارها وتق�ضي على عدوك! �إال �أنَّ هذه الت�سا�ؤالت �سرعان ما تزول مبجرد �أن جت ِّربها للمرة الأولى ،حيث ي�ستم ُّد �أعداء النجاح ق َّوتهم من طبيعتهم امل�سترتة خلف الكثري من الأقنعة التي تت�ساقط واحد ًا تلو الآخر مبج َّرد �أن تر�صدها ،الأمر الذي يق ِّل�ص من قدرتها على الت�أثري يف �أفكارك و�سلوكياتك.
ا�سرتاتيجية املِ َنح الثالث ُط ِّورت هذه اال�سرتاتيجية لالنتقال الذهني من حالة “�أعداء النجاح” �إلى حالة “املنقذ ”.حيث ُيطلب من ال�شخ�ص �أن يبتكر ثالثة �سيناريوهات �إيجابية تتح َّول فيها الأزمة التي تع َّر�ض لها �إلى نعمة �أو منحة غري متو َّقعة .عندما خ�ضع �أحد مديري املبيعات لهذا االختبار ،وكان قد خ�سر �أكرب و�أهم عمالئه ،و�ضع هذه االحتماالت الثالثة: - 1قد حتفزنا هذه اخل�سارة على تطوير منتجاتنا ب�شكل ي�ضمن لنا املزيد من العمالء على املدى البعيد؛ ينمي فريق املبيعات مهاراته ويط ِّور �إمكاناته كي يك�سب املزيد من - 2قد ِّ العمالء اجلدد؛ مما - 3قد يتو َّفر لنا املزيد من الوقت لتقدمي خدمة �أف�ضل لعمالئنا احلالينيَّ ، يرفع ن�سب البيع ب�شكل يع ِّو�ضنا عن تلك اخل�سارة. تلك هي الآلية التي يعمل “املنقذ” وفق ًا لها ليحيل الأزمات �إلى نعم وهبات .لكن هذه اال�سرتاتيجية لي�ست خيارك الأوحد؛ �إذ ميكنك جتاوز الأزمة وطي �صفحتها متخ ِّل�ص ًا من م�شاعر الندم امل�صاحبة – بد ًال من البحث عن االحتماالت .فالقدرة على التغا�ضي عن املواقف ال�سلبية هي منحة يف حد ذاتها ،حيث تق ِّوي ع�ضالت “املنقذ” الذي يخ ِّل�صك من امل�شاعر ال�سلبية ،ناهيك عن دوره يف هزمية “املنتقد”، عدوك الأول. كتاب في دقائق
4
اال�سرتاتيجية الثانية :دعم “املنقذ” ميثل “املنقذ” ذلك اجلزء الأكرث حكمة منك .فهو يتعامل مع التحدِّ يات �إما باعتبارها فر�صة فعلية لتحقيق �أعلى معدالت الر�ضا وال�سعادة والأمان� ،أو باعتبارها نبتة ن�ستطيع �أن نح ِّولها �إلى فر�صة لنخرج يف النهاية بالنتائج ذاتهاِّ . ي�سخر “املنقذ” خم�س طاقات رئي�سية ليمار�س �أدواره الإيجابية وهي :التعاطف ،واال�ستك�شاف ،والإبداع ،والإبحار ،والتفعيل .وال ي�شرتط �أن تتط َّلب كل املواقف تفعيل مف�صل ِّ الطاقات اخلم�س جمتمعة؛ ِّ لكل طاقة فلكل موقف احتياجاته وحيثياته اخلا�صة .وهذا و�صف ّ على حدة ملحقة مبا �سنطلق عليه “�سر ال�صنعة” الذي ميكنك من ا�ستثمارها على �أكمل وجه.
-1التعاطف وهو �شعور ينبثق من قدرتنا على التف ُّهم ،والتقدير ،والت�سامح .ي�شحن ويفجر فينا ينابيع احليوية والن�شاط بعد �أن جفَّت التعاطف طاقتنا ِّ املدمرة. وا�ستنزفها “املنتقد” وحم ِّركاته ِّ
�سر ال�صنعة :العودة �إلى الطفولة
مار�س �صنعتك لدقيقة واحدة داخل عقلك كي تعزِّ ز ق َّوة التعاطف يف �شتَّى املواقف التي تتع َّر�ض لها .ا�ست ِعد طفولتك ب�أن ت�سرتجع �أحد املواقف التي تعك�س م�شاعر الرعاية واالهتمام .و�سيفيدك �أن تبحث عن �صورة �شخ�صية لك يف فرتة الطفولة لت�ضعها على �سطح املكتب� ،أو على هاتفك اجلوال .تعمل هذه ال�صورة كناقو�س يقرع �أجرا�س اخلطر ك َّلما مت َّكن منك �أحد �أعداء النجاح� .ستذ ِّكرك الطفولة مبعدنك الأ�صيل وجوهرك النبيل وبحقك يف �أن تنعم بقدر من الهدوء واالهتمام غري امل�شروط ،مبن�أى عن م�شاعر الغ�ضب واال�ستياء التي يفر�ضها عليك الأعداء .والأمر �س َّيان فيما يتع َّلق بالآخرين؛ فحني تنتابك م�شاعر الغ�ضب جتاه �شخ�ص ما ب�سبب حماوالته الإطاحة بك ،ميكنك �أن تو ِّلد تعاطفك جتاه هذا ال�شخ�ص ب�أن تتخ َّيله كما لو كان طف ًال ،كي تربز نواياه النزيهة -حتى و�إن بدت عك�س ذلك.
-2اال�ستك�شاف َّ يتمخ�ض اال�ستك�شاف عن الطاقات وامل�شاعر القائمة على ال�شغف ،واالنفتاح ،والده�شة. حيث يخفق الكثريون منا يف معاجلة بع�ض املواقف نظر ًا �إلى الت�س ُّرع يف ا�ستخال�ص النتائج واقرتاح احللول دون درا�سة وافية ومت�أ ِّنية ،فنغفل عن التفا�صيل املحورية التي قد ت�ش ِّكل �صلب الق�ضية.
�سر ال�صنعة :امل�ستك�شف ال�شغوف
ارتد عباءة امل�ستك�شف الذي يح ِّركه الف�ضول وحب اال�ستطالع واحلر�ص على الإملام بكل ِ التفا�صيل .يخ ِّول لك هذا التق ُّم�ص �أخذ املالحظات وتد ُّبر التفا�صيل واملالب�سات ب�شكل مو�ضوعي ودون �أدنى حماولة من جانبك – �أو بالأحرى من جانب �أعدائك -للتعديل �أو التغيري �أو �إ�ضفاء مل�ساتك وفر�ض تو ُّقعاتك ال�شخ�صية على الأمور .ففي املرة التالية ،وحني جتمعك خ�صومة ب�أحد الأ�شخا�ص ،تخ َّل�ص من م�شاعر املكابرة ،وتراجع لثالث دقائق عن موقفك الهجومي ،وتق َّلد دور امل�ستك�شف ،وابد�أ يف ت�أ ُّمل الآخر وا�ستيعاب م�شاعره ودوافعه وم ِّربراته التي يتب َّناها .فرمبا يزيل هذا الت�أ ُّمل الغبار عن بع�ض احلقائق التي �أغفلتها فيما م�ضى ،والتي قد َّ تتمخ�ض عن تغيرُّ حموري وحل �سحري للأزمة مبا يح ِّقق ر�ضا الطرفني. 5
كتاب في دقائق
-3الإبداع يكمن الإبداع احلقيقي يف التفكري خارج ال�صندوق ،واخلروج عن امل�ألوف ،والتح ُّرر من بع�ض العادات واملعتقدات التي تعرقل تق ُّدمنا .لكي ت�صون قدرات “املنقذ” الإبداعية وحتميها من �سطوة �أعداء النجاح ،عليك �أن تنتج �أكرب قدر ممكن من الأفكار املتعاقبة واملتوالية دون تو ُّقف، ُّ بالتدخل وفر�ض الآراء ال�سلبية ،ك�أن ميار�س “املنتقد” دوره اله َّدام ودون �أي حماولة للتقييم والت�صحيح .التقييم يف�سح املجال لأعداء النجاح ويبثَّ �سمومه يف ذهنك؛ “يا لها من فكرة �سخيفة ”!...فيجه�ضها قبل حتَّى �أن ت�شقَّ طريقها �إلى النور ،ويهزم حماوالتك الإبداعية.
�سر ال�صنعة“ :بالت�أكيد ...وكذلك”...
كي ِّ توظف �سر ال�صنعة هنا بفاعلية ،ع ِّقب على �أفكارك اجلديدة قائ ًال“ :بالت�أكيد تعجبني هذه الفكرة لأنها ...وكذلك ميكننا� .”...أهم ما مي ِّيز هذه الآلية هو ما تقدِّ مه من تقدير وعر�ض للجوانب الإيجابية -بد ًال من االنتقاد والرتكيز على املحاور ال�سلبية – قبل االنتقال �إلى الفكرة الإبداعية التالية .حت َّرك ب�سرعة لتو ِّلد �سل�سلة من الأفكار املرتابطة دون �أن تدع جما ًال للت�شكيك والتفنيد .ت�ستطيع ممار�سة هذا ال�سر وحدك �أو مع فريق العمل .ف�إن كنت حتاول مع فريق العمل �أن تبدعوا بع�ض الأفكار التي تو ِّفر �سبل الراحة والرفاهية لنزالء فندق مث ًال ،فربمَّ ا يبادر �أحدهم بقوله“ :مل ال ن�ش ِّغل بع�ض املقطوعات املو�سيقية الهادئة يف بهو الفندق؟” في�ضيف الآخر“ :بالت�أكيد ،فقد ت�سهم هذه الفكرة يف اال�سرتخاء والرتويح عن النزالء ،كذلك ن�ستطيع �أن نبحث عن املزيد من �سبل الرتحيب واالحتفاء املتم ِّيز” .وي�ستمر فريق العمل يف �إنتاج املزيد من الأفكار على هذا املنوال دون �أن يفتحوا لأعداء الداخل طريق ًا للنفاذ �إلى لعبة االبتكار.
-4الإبحار يق�صد بتمكني “املنقذ” من الإبحار قدرة الإن�سان على التن ُّقل بني الكثري من البدائل املتاحة وفق ًا لبو�صلته الذهنية اخلا�صة .تت�ش َّكل �إحداثيات تلك البو�صلة وفق ًا لقيمك ومعتقداتك الداخلية الرا�سخة .ومع ذلك ،قد تتع َّر�ض هذه البو�صلة – كغريها من الطاقات وال�سلوكيات – �إلى حماوالت الهيمنة وتغيري امل�سار؛ فكثري ًا ما يحاول العدو “احلذر” مث ًال؛ �أن يحيد ب�سفينتنا جتاه اخليارات امل�أمونة والأقل خماطرة ،والتي تقودنا يف �أغلب الأحيان �إلى الت� ُّأخر يف الو�صول �أو �إلى امليناء اخلاطئ.
كتاب في دقائق
6
�سر ال�صنعة :النظرة امل�ستقبلية
حني تعرت�ض رحلتك بع�ض العقبات �أو ت�صل �إلى مفرتق طرق ،تو َّقف قلي ًال و�ألق نظرة خاطفة على امل�ستقبل .تخ َّيل نف�سك بعد �سنوات ويف نهاية رحلة احلياة الطويلة وا�س�أل نف�سك� :أي الطريقني �ستختار �إذا ما عاد بك الزمن �إلى الوراء؟! فحني يبلغ الإن�سان من العمر عت ّي ًا ،يزهد يف احلياة ،ويتغا�ضى عن كل الأفكار املث ِّبطة ،فتتال�شى خماوفه التي كان يبثها يف داخله �أعداء النجاح ،فيدرك �ض�آلتها وزيف مزاعمها .ولهذا ويرت�سخ لديه يف النهاية يكت�سب هذا ال�سر فاعليته – �سواء للأفراد �أو اجلماعات -ب�أن تُ�سقط الأقنعة عن ه�ؤالء الأعداء لتت�ضح ر�ؤية الإن�سان َّ كل ما هو ق ِّيم ،وهادف ،وحقيقي.
-5التفعيل حتفزك قدرة “املنقذ” التفعيلية على �أخذ اخلطوات واتباع الإجراءات املنبثقة من تكثيف وتركيز الطاقات الذهنية والعاطفية مبن�أى عن امل�شاعر املحبطة وال�سلبية .ف�إن �أ�ساء �إليك �شخ�ص ما، ف�إنك ت�ستطيع مث ًال� ،أن تُ�ش ِّغل و�ضع التعاطف لتق ِّرر �أن ت�ساحمه وتتغا�ضى عما فعل ،ومن ثم حت ِّرر نف�سك من م�شاعر ال�ضغينة جتاهه .وقد تود �أن ت�ساحمه بالفعل ،ولكن ب�أن تطلب مقاب ًال �أو تعوي�ض ًا ما! يف هذه احلالة تكون قد انتقلت لو�ضع التفعيل حيث تبد�أ يف البحث املك َّثف عن �سبل التعوي�ض الالئق والعمل على تنفيذها متج ِّنب ًا م�شاعر الغ�ضب واال�ستياء ،وغريها من م�شاعر �أعداء النجاح.
�سر ال�صنعة :داهم �أعداءك
توجهاتك و�سلوكياتك وحاول �أن تتن َّب�أ باملنافذ التي �سيحاولون الت�سلُّل �إليك من خاللها .تو َّقع �ضع نف�سك مكان �أعداء النجاح الأكرث حت ُّكم ًا يف ُّ الأفكار واالعرتا�ضات واالنتقادات التي قد تب ُّثها يف ذهنك لتحول دون تق ُّدمك؛ الأمر الذي �سي�ساعدك يف تروي�ضها وتقلي�ص �أثرها مبجرد �أن ت�شقَّ طريقها �إليك.
العقل النفعي مقابل العقل املتد ِّفق يتك َّون “العقل النفعي” من الأجزاء الأكرث ب�ساطة وبدائية للعقل .يعمل العقل النفعي وفق �آلية الكر والفر التي ِّ ت�سخر طاقة الإن�سان الذهنية واجل�سدية ملواجهة املخاطر التي تهدِّ د بقاءه وم�صاحله .تختزل هذه الآلية املهارات العقلية يف عمليتي التن ُّب�ؤ باملخاطر والهروب منها ،دون �أن تدع جما ًال لغريهما من القدرات كي تربز وتزدهر .تتم َّثل خطورة العقل النفعي يف ت�سخريه وتفعيله لأدوات العقل املح ِّفزة على البقاء – �أي بالأحرى لأعداء النجاح – مق ِّل�ص ًا قدرة الذهن على تفعيل طاقات “املنقذ” .فالأمر ي�شبه تبادل املنفعة :حيث ِّ يغذي العقل النفعي �أعداء النجاح ،يف حني مي ُّده الأعداء بالطاقة ال�سلبية. باملقابل ي�ش ِّكل “العقل املتد ِّفق” نوع ًا من الذكاء العقلي الذي يهب “املنقذ” طاقاته ويعزِّ ز �إمكاناته .يتك َّون املتو�سطة (وامل�س�ؤولة عن حما�سبة النف�س ،والت�أنيِّ ، العقل املتد ِّفق من ثالثة �أجزاء :ق�شرة ِّ الف�ص اجلبهي ِّ وقهر املخاوف ،واحلكمة) ،والدوائر ال�شعورية (وهي مناطق متف ِّرقة م�س�ؤولة عن توليد التعاطف)، والعقل الأمين (الذي يعزِّ ز امل�شاعر اجل�سدية والروحية) .ومع تق ُّدمنا يف العمر تدعم �سلوكياتنا “العقل النفعي” وي�ضمر “العقل املتد ِّفق” وتخبو �شعلته� .إال �أنَّ اجلانب امل�شرق للأمر يكمن يف �سرعة ا�ستجابة ع�ضالت تنمي وتط ِّور مهاراته .وهذا ما �سنتناوله يف ا�سرتاتيجية التمتني التالية. العقل املتد ِّفق للتمرينات والأن�شطة التي ِّ
اال�سرتاتيجية الثالثة :متتني العقل املتد ِّفق وحوا�سك يف تقوية مثلما ي�ساعدك تركيز التمرينات الريا�ضية يف تقوية ع�ضالت معينة من ج�سمك ،ي�ساعدك تركيز انتباهك على ذهنك ِّ عقلك املتدفق .نِّ متت هذه اال�سرتاتيجية عقلك املتد ِّفق وتز ِّوده بالطاقة الالزمة ،حيث يتط َّلب تركيز االنتباه واخلروج من حالة الت�شتُّت بني الف�ص اجلبهي املتو�سطة واجلزء الأمين من املخ .وقد �أثبتت �أحدث الدرا�سات �أنَّ هذا الن�شاط -الب�سيط يف الأفكار املختلفة؛ حتفيز ق�شرة ِّ ظاهره – ِّ ين�شط ويجدِّ د طاقة العقل عن طريق ت�شكيل م�سارات ع�صبية تظل فاعلة وم�ؤثرة حتى و�إن تو َّقف الإن�سان عن ممار�سة الن�شاط. فالأمر ي�شبه ع�ضالت اجل�سد التي تظل بارزة وقوية رغم االبتعاد لفرتة من الزمن عن موا�صلة التمرينات الريا�ضية. 7
كتاب في دقائق
هذه بع�ض الأفكار التي متكنك من ا�ستثمار ن�شاطاتك الروتينية وحتويلها �إلى فر�ص ذهبية لتمتني العقل املتد ِّفق: uاملمار�سة اليومية :يف املرة القادمة التي تنظف فيها �أ�سنانك ،ت�أ َّمل هذه العملية بكل تفا�صيلها بداي ًة من الإم�ساك بالفر�شاة ،وذبذباتها على الأ�سنان ،ورائحة معجون الأ�سنان، وهكذا ..هل تن َّبهت �إلى ما كنت متار�سه دون �أن تالحظه؟ uالتمرينات اجل�سدية� :إن كنت تهوى ممار�سة التمارين على �أحد الأجهزة الريا�ضية، �أغلق عينيك لب�ضع دقائق و�أن�صت بعمق لل�صوت الذي يو ِّلده اجلهاز وت�أ َّمل تفاعل ج�سدك املتناغم مع هذا ال�صوت ذهاب ًا و�إياب ًا. uتناول الطعام :تناول ق�ضمة �صغرية ثم �أغلق عينيك وا�ستمتع مبذاق وملم�س الطعام يف فمك .ي�ساعدك هذا الن�شاط – يف حال ممار�سته ب�شكل متوا�صل – يف فقدان الوزن ب�شكل تعجز عنه �أف�ضل برامج التغذية حيث تق ُّل �سرعتك يف تناول الطعام؛ فتقل الكمية بف�ضل اال�ستغراق يف حالة التذ ُّوق. uاال�ستماع للمو�سيقى :اخرت �إحدى الآالت املو�سيقية �أو املقطوعات الكال�سيكية وا�ستمع لها لتعزلك عن العامل مبا ي�شوبه من م�ؤ ِّرقات وم�شتِّتات. حب وامتنان ليمتزج uالتنفي�س عن امل�شاعر :احت�ضن طفلك ب�شكل يعك�س ما تك ُّنه له من ٍّ ج�سداكما وي�شعر ك ٌّل منكما ب�أنفا�س ونب�ض الآخر .وحني حتادثه ،ت�أ َّمل حركاته ونظراته، والربيق املنبثق من عينيه.
حتويل الأعداء �إلى حلفاء يتمتَّع “املنقذ” بقدرة هائلة على حتويل الأزمات �إلى منح وهبات ،مبا يف ذلك �أعداء النجاح .ونظر ًا �إلى �إ�صرار �أعداء جناحك الداخليني على اقتحام تد ُّفقك العقلي وتعكري �صفو حياتك بني الفينة والأخرى ،فلم ال ت�ستغل هذه الفر�صة وحتول �أعداءك �إلى حلفاء! يف كل م َّرة يطفو �أحد ه�ؤالء الأعداء �إلى ال�سطح وت�شعر به يت�س َّلل �إلى نف�سك ،ا�شغل نف�سك ثوان بحيث تتح َّول حماولة الهيمنة مبمار�سة �أحد الأن�شطة التي ذكرناها �سابق ًا لع�شر ٍ �إلى فر�صة لتمتني العقل املتد ِّفق ،وك�سر الروتني لوهلة ،فتعود �إلى عملك بن�شاط وحيوية.
مقيا�س التد ُّفق الإيجابي تلعب الأرقام والإح�صائيات دور ًا بارز ًا يف املحافظة على مع َّدالت التدفق الإيجابي .ف�إذا كان التدفق الإيجابي ي�شري �إلى مع َّدالت �أو م�ستويات العقلية الإيجابية مق َّدرة بالن�سبة املئوية والتي ترتاوح ما بني ( )0و( ،)100فكيف لك �أن حت�سب مع َّدالتك اخلا�صة؟ يقا�س التد ُّفق الإيجابي من خالل املفا�ضلة بني الن�سب املئوية للم�شاعر التي ينتجها “املنقذ” مقابل امل�شاعر ال�سلبية التي يو ِّلدها “�أعداء النجاح” داخلك على مدار اليوم .وت�ستطيع �أن تقي�س معدالت التد ِّفق الإيجابي لفرق العمل وامل� َّؤ�س�سات �أي�ض ًا ،وبالطريقة ذاتها.
كتاب في دقائق
8
قنوات التوا�صل الف َّعال حني نتابع �إحدى القنوات التلفزيونية ،ف�إ َّننا ال ن�ستطيع �أن نركز �أو نرى ما يبثُّ على القنوات الأخرى يف ذات الوقت �إال �إذا انتقلنا �إليها .كذلك ال ي�ستطيع الإن�سان ا�ستيعاب الطاقة الهائلة التي يب ُّثها التد ُّفق الإيجابي �إال بعد االنتقال �إلى القناة التي تبثُّ تلك امل�شاعر والطاقات .تلك هي قناة التد ُّفق الإيجابي .تختلف قناة التد ُّفق الإيجابي كثري ًا عن “قناة املعطيات واحلقائق” تخت�ص ببثِّ الأرقام والوقائع املج َّردة .مييل التي – و�إن كانت �أكرث و�ضوح ًا ور�ؤية من الأولى – ُّ الإن�سان بطبعه �إلى اعتماد النوع الثاين فقط – قناة املعطيات – رغم �أنَّ التفاعالت الإن�سانية ال ميكن �أن تخلو من النوعني .بل �إنَّ املعلومات التي تب ُّثها قناة التد ُّفق الإيجابي قد تكون يف م�ضمونها �أكرث �أهمية وحتمية لبناء فرق عمل وعالقات متينة وقوية .ومن َّثم ف�إنَّ لالقت�صار على النوع الثاين فقط �آثاره ال�سلبية ،والتي تبدو �أكرث و�ضوح ًا على �صعيد فرق العمل.
بع�ض �أ�سباب ف�شل التدريب: للدورات والربامج التدريبية دور بارز يف خلق مناخ حم ِّفز على الإجناز والإيجابية داخل بيئات العمل، �إال �أنَّ هذا الأثر ال يدوم طوي ًال و�سرعان ما تخبو �شعلته مبرور الأيام .يحدث ذلك نظر ًا �إلى اعتماد تلك الربامج على �آليات مفتعلة وم�ص َّممة لدفع � -أو بالأحرى �إكراه -العاملني على تب ِّني – �أو ادِّعاء - ال�سلوكيات الإيجابية .ومن َّثم تنطوي عملية بناء فرق العمل الف َّعالة وامل�ؤ ِّثرة على خطوتني رئي�سيتني هما: -1م�ساعدة �أع�ضاء الفريق على م�ضاعفة معدالت التد ُّفق الإيجابي كما �أو�ضحنا �سابق ًا؛ لين�صب على قناة التد ُّفق الإيجابي خالل تفاعالتهم اليومية. -2توجيه انتباه �أع�ضاء الفريق َّ
مترين تطبيقي �إذا �أردت توجيه اهتمام وتركيز فريق العمل �إلى التفاعل القائم على قناة التد ُّفق الإيجابي ،ج ّرب هذه اللعبة: افرت�ض مع فريقك �أن �شخ�ص ًا �أجنب ّي ًا – ال يعرف لغتهم – ي�شاهد التفاعل القائم بني املدير “�س” واملوظف “�ص” .فكيف �سيكون انعكا�س التفاعل على ذلك الأجنبي وهو ي�شاهد دون �أن يفهم؟ هل �سرياه تفاع ًال �إيجاب ّي ًا �أم �سلب ّي ًا؟ بالت�أكيد �سيتمركز انتباه امل�شاهد اخلارجي على الطاقة غري املرئية املتبادلة بني الطرفني – قناة التد ُّفق الإيجابي -دون �أن ت�شتِّته احلقائق واملعلومات املج َّردة – قناة املعطيات� .سيبادر “�س” ب�س�ؤال “�ص” :ما الذي �أ َّدى �إلى وقوع ذلك اخلط�أ يف امل�شروع؟” ف�إن كان فريق العمل يتمتَّع مبع َّدالت عالية للتد ُّفق الإيجابي ،فبالت�أكيد �سيتم ا�ستيعاب الطرف “�س” باعتباره متخذ ًا لو�ضعية اال�ستك�شاف التابعة للمنقذ ،ومن َّثم فلن يالحظ املراقب الأجنبي �سوى الطاقة الإيجابية املتبادلة بني الطرفني ،والتي ي�ست�شعرها اجلميع -دون �أن ي�سمعها �أحد -يف الأرجاء� .أما �إن كانت م�ستويات التد ُّفق الإيجابي لهذا الفريق متدنية ،فقد يكون لل�س�ؤال ذاته �أثر مغاير حيث يكون املنتقد هو �سيد املوقف .يف هذه احلالة �سي�شعر امل�شاهد اخلارجي بقناة التد ُّفق الإيجابي وقد تع َّكر �صفوها بني الطرفني ،لت�شوبها م�شاعر اللوم واال�ستياء من قبل الطرف الأول “�س” ،والإنكار والدفاع من قبل الطرف الثاين “�ص”.
بني امللمو�س واملح�سو�س واع ومر َّكز مييل الإن�سان بطبعه �إلى تغيري كل ما هو مرئي وملمو�س؛ دون اهتمام ٍ باملح�سو�س .ولهذا ال�سبب قد يبدو التح ُّول من قناة املعطيات – املرئية � -إلى قناة التد ُّفق الإيجابية -اخلف َّية � -شا ّق ًا يف بادئ الأمر� ،إال �أ َّنه حتمي .وهنا تربز �أهمية حتفيز فريق العمل على تطبيق ا�سرتاتيجيات دعم التد ُّفق الإيجابي الثالث التي �سبق ذكرها ،في�سهم يف زيادة مع َّدالت التد ُّفق الإيجابي للأفراد� ،إلى جانب ا�ستيعابهم وت�شغيلهم لقناة التد ُّفق الإيجابي. 9
كتاب في دقائق
يف االجتماع القادم؛ عندما تلتقي فريق العمل �ضمن جل�سات التمتني والتحفيز ،ا�ستقطع بع�ض الوقت ملناق�شة املفاهيم املتع ِّلقة بالتد ُّفق الإيجابي و� حِأت املجال لكل ع�ضو يف فريقك كي يتع َّرف على -ويعرتف �أي�ض ًا بـ� -أعداء النجاح الأكرث هيمنة على �سلوكه وفكره .ولك �أن تتخ َّيل كيف �ستتغيرَّ وجهها �إلى جمريات العمل �إلى الأف�ضل �إذا ما تخ ّلى كل �شخ�ص – دون �أدنى �شعور بالذنب – و�أمام اجلميع ،عن �أ�سلحته الفتَّاكة التي طاملا َّ يوجهها �صوب زمالئه� .سينتقل ذلك احلوار املنفتح بكل العاملني من �سلوك توجيه االتهامات و�إلقاء اللوم� ،إلى ا�ستثمار طاقات نف�سه قبل �أن ِّ “املنقذ” لتتكاتف �أياديهم وتت�ضافر جهودهم حول هدف واحد :ا�ستثمار الطاقات والإمكانات �إلى احلد الأق�صى مبا يح ِّقق �أعلى م�ستويات الر�ضا الفردي ،واجلماعي ،وامل� َّؤ�س�سي.
عقلك... ح�صانك!
بعد رحلتنا املمتعة عرب ال�سطور ال�سابقة؛ �أ�صبح وا�ضح ًا كيف ترتقي العقلية الإيجابية ب�أداء الإن�سان وتكفل له ال�سعادة واال�ستقرار والأمان .ف�إن كان الل�سان هو احل�صان ،ف�إنَّ العقل هو �صمام الأمان؛ وال�سرج والركاب والزمام ،الذي ي�ضمن لك �أن تقود ح�صانك حتى ت�صل �إلى وجهتك وحت ِّقق غايتك .املهم هو �أن تتح َّلى بالثقة وت�ؤمن بقدراتك وبجوهرك النقي .فهذا اجلوهر الأ�صيل هو “املنقذ” ورفيق الدرب الذي يحوم حولك دائم ًا من بعيد ،على �أمل �أن تُلقي له با ًال �أو تُعريه اهتمام ًا �أو ت�س�أله �س�ؤا ًال، ليغدق عليك بطاقاته الهائلة ،ويربز �أف�ضل ما لديك. وختام ًا ،اب�سُ ط يد العون ملن حولك كي ين�ض ُّموا �إلى ركبك ،وم ِّهد ج�سور ًا من التوا�صل الف َّعال لتتالحم جهودكم وتت�ضافر �أ�سمى خ�صالكم؛ فذلك من �شيم القادة واملديرين امل�ؤ ِّثرين ،والآباء واملع ِّلمني اال�ستثنائيني ،واملوظفني والتابعني النابهني.
المؤلف: مؤسسات تعد من أكبر َّ شيرزاد شامين :يعمل مؤلف ًا ومد ِّرب ًا ،وهو رئيس شركة “ ”CTIالتي ُّ ِّ المحفزة نحو التغيير اإليجابي. التدريب العالمية ذات المناهج العلمية .كما يشتهر بخطاباته
كتب مشابهة: 1. The Autistic Brain Thinking Across the Spectrum. By: Temple Grandin. 2013 الذهن المتقد :تجاوز اآلفاق بتفكيرك البرَّ اق .تأليف :تمبل جراندن2013 ،
2. The Power of Positive Thinking By: Norman Vincent Peale. 2013 القوة السحرية ألنماط التفكير اإليجابية :تأليف :نورمان فينسنت بل (طبعة جديدة)2013 ،
3. Thinking The New Science of Decision-Making, Problem-Solving, and Prediction. By: John Brockman. 2013 التفكير التأملي :اآلفاق الجديدة التخاذ القرارات وحل المشكالت ودقة التوقعات .تأليف :جون بروكمان2013 ، كتاب في دقائق
10
ِّ “متتني العقل امل ّ تدفق ين�شط و ِّ يجدد طاقة العقل عن طريق ت�شكيل م�سارات ع�صبية تظل فاعلة وم�ؤ ِّثرة حتى و�إن َّ توقف �أحدنا عن ممار�سة عمل ما� ،أو التفكري الواعي يف �أمر ما”
شيرزاد شامين