015 الذكاء الإيجابي

Page 1


‫ٍ‬ ‫ثــــــــوان‪...‬‬ ‫فـي‬ ‫“التعلم والقيادة هما مقدمة ونتيجة‪ ،‬وال ميكن ف�صل املقدمة عن النتيجة‪،‬‬ ‫كلما �أجنزنا �أكرث اكت�شفنا حاجتنا للتعلم ب�شكل �أكرب”‪ .‬كلمات ل�سيدي‬ ‫�صاحب ال�سمو ال�شيخ حممد بن را�شد �آل مكتوم نائب رئي�س الدولة رئي�س‬ ‫جمل�س الوزراء حاكم دبي “رعاه اهلل”‪ .‬كلمات �أحببت �أن �أبد�أ بها افتتاحية‬ ‫هذه الدفعة من مبادرة “كتاب يف دقائق”‪ ،‬ويكمن ال�سبب يف اختيارها‬ ‫لأنها توائم وتالئم اختيارنا من الكتب العاملية املتميزة لهذا ال�شهر‪.‬‬ ‫لقد �أو�ضح �صاحب ال�سمو مدى ارتباط التعلم بالقيادة‪ ،‬ومدى ارتباط‬ ‫املعرفة بالقدرة‪ ،‬ومدى احلاجة ال�ستمرارية االطالع الدائم على �أحدث‬ ‫املعارف والعلوم كي يجد املرء نف�سه وقد التحق بركب احلداثة‪ ،‬فالب�شرية‬ ‫يف تطور م�ستمر والعامل يف �سباق مع الوقت‪ ،‬وهناك �أنا�س يواكبونه‬ ‫و�أحيان ًا ي�سبقونه‪ ،‬وهذا ما نحتاج �إليه حتى ال نتخلف عن ركب التطور‪.‬‬ ‫حتر�ص م�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم دوم ًا على ترجمة توجهات‬ ‫القيادة الر�شيدة وتواكب تطلعاتهم امل�شروعة يف خلق جمتمع مبني‬ ‫على املعرفة‪ ،‬لذا فقد اختارت امل�ؤ�س�سة �أن تغطي يف دفعتها اخلام�سة‬ ‫من امللخ�صات موا�ضيع �صناعة املبتكرين والتغيري والذكاء الإيجابي‪،‬‬ ‫ثالث ق�ضايا حمورية لأي جمتمع ي�سعى ل�صناعة قادة ميتلكون املقومات‬ ‫الالزمة لالرتقاء مبعارف ومكت�سبات �أوطانهم‪ ،‬ويعربون بالأجيال التالية‬ ‫�إلى م�ستقبل �أف�ضل‪.‬‬ ‫ويف دفعتنا هذه �ستجدون ملخ�ص كتاب �صناعة املبتكرين‪ :‬تن�شئة اجليل‬ ‫الذي �سيغري العامل‪ ،‬من ت�أليف‪ :‬توين واجرن ويناق�ش الكتاب جدلية‬ ‫االبتكار؛ كفطرة �أم �صنعة ويتحدث عن م�ساهمات الأ�سرة يف �صناعة جيل‬ ‫مبتكر وكيفية توفري الرتبة اخل�صبة للجيل وتنمية قدراته‪.‬‬ ‫�أما الكتاب الثاين فيحمل ا�سم‪ :‬التغيري بثقة‪� :‬إجابات عن الت�سا�ؤالت التي‬ ‫تق�ض م�ضاجع القيادات‪ ،‬من ت�أليف‪ :‬فيل باكلي‪ ،‬ويناق�ش الكاتب قيام �أي‬ ‫قائد ب�إدارة مبادرة للتغيري جلهة �صعوبة القرارات التي ميكن �أن يتخذها‬ ‫يف حياته وتبعات هذه القرارات على م�سريته ال�شخ�صية واملهنية‪.‬‬

‫من الذكاء الإيجابي �إلى التد ُّفق الإيجابي‬ ‫ال يوجد ذكاء �إيجابي مطلق‪ .‬ويخطئ من يعتقد �أنَّ هناك �أنا�س ًا‬ ‫يتمتَّعون بن�سبة مائة باملائة من الإيجابية‪ ،‬فمن �ش�أن هذا �إلغاء‬ ‫�إن�سانيتهم و�إ�صابتهم بحالة من الالمباالة‪ .‬ولذا ف�إنَّ التد ُّفق الإيجابي‬ ‫ي�شري �إلى الن�سبة املئوية من الوقت �أو احلياة التي تعمل فيها عقولنا‬ ‫ل�صاحلنا‪ .‬وهذا يعني �أي�ض ًا �أنَّ عقولنا تقف �إلى جانبنا �أحيان ًا فتلعب‬ ‫دور ال�صديق‪ ،‬و�أ َّنها تقف �ضدنا �أحيان ًا �أخرى فتلعب دور العدو‪ .‬ف�إذا‬ ‫ما و�صل �إيقاعنا الإيجابي �إلى ‪� %75‬أو ‪ %80‬مث ًال‪ ،‬ف�إنَّ هذا يعني‬ ‫�أنَّ عقولنا تعادينا بن�سبة ال تزيد عن ‪� %20‬إلى ‪ %25‬من حياتنا‪.‬‬ ‫وهنا جُتيب االكت�شافات والتط ُّورات احلديثة لعلم النف�س الإيجابي‬ ‫عن كثري من الت�سا�ؤالت التي كانت ت�ؤ ِّرقنا ومنها‪:‬‬ ‫ لمِ َاذا يتال�شى �إح�سا�سنا بال�سعادة ب�سرعة بعد حتقيق �أهدافنا‬‫الكربى التي طاملا �سعينا �إليها؟‬ ‫ ملاذا نبذل جهد ًا م�ضني ًا عندما نبد�أ برناجم ًا للياقة البدنية‬‫و�إنقا�ص الوزن‪َّ ،‬ثم يفرت حما�سنا ونرتاجع ونن�سى ما بد�أناه؟‬ ‫ لمِ َاذا نتخ َّلى عن املهارات القيادية املتقدمة التي اكت�سبناها‪ ،‬مبجرد‬‫انتهاء التدريب‪ ،‬لنف�سح الطريق مرة �أخرى لعاداتنا ال�سلبية كي‬ ‫ت�سود وتقود؟‬ ‫ هل يعاقب عقل الإن�سان نف�سه فيلعب مع نف�سه؛ دور الفاعل‬‫واملفعول؟‬

‫و�أخري ًاكتابالذكاءالإيجابي‪:‬ملاذايت�ألق القليلون ويقودون‪،‬ويخفقالكثريون‬ ‫ويرتاجعون؟ من ت�أليف‪� :‬شريزاد �شامني‪ ،‬ويناق�ش الكتاب كيف حتول عقلك‬ ‫�إلى �صديق يعمل ل�صاحلك‪ ،‬وميكنك من بلوغ �أعلى م�ستويات التدفق‬ ‫الإيجابي‪ .‬وحتفل اخلال�صة بعدة تطبيقات ميكن حتويلها �إلى بيئة العمل‬ ‫وممار�ستها بفاعلية وحتقيق عوائد �أعلى من التدريب واال�ستثمار الب�شري‪.‬‬

‫من هذا املنطلق اتخذ العلماء من معدالت الذكاء الإيجابي م�ؤ�شر ًا‬ ‫حقيق ّي ًا لتقييم الطاقات امل�ستثمرة والإمكانات املهدرة‪ ،‬لأنَّ عقلنا قد‬ ‫يكون �صديق ًا خمل�ص ًا �أو عدو ًا لدود ًا لنا‪.‬‬

‫ويف اخلتام �أمتنى �أن تنال الدفعة اخلام�سة من “كتاب يف دقائق”‬ ‫�إعجابكم ور�ضاكم‪� ،‬آم ًال ب�أن نكون �ساهمنا ولو بجزء ب�سيط من خالل‬ ‫هذا العمل يف منظومة النجاح التي تطمح �إليها قيادتنا الر�شيدة وت�سعى‬ ‫من خاللها لل�سمو ب�أبنائنا وبناتنا جيل امل�ستقبل‪ ..‬جيل القادة‪.‬‬

‫�سنحاول يف هذه اخلال�صة قيا�س تلك العالقة الن�سبية بني القطبني‪،‬‬ ‫لرنجح �إحدى الكفتني‪ .‬فحني ترتفع معدالت الإيجابية فهذا يعني �أنَّ‬ ‫العقل يتب َّنى دور ال�صديق‪ ،‬والعك�س �أي�ض ًا �صحيح‪ ،‬ثم نحاول �أن نتع ًلم‬ ‫كيف نرفع معدالت الذكاء الإيجابي كي ندير عقولنا فتعمل ل�صاحلنا‪.‬‬

‫جمال بن حويرب ‬

‫‪1‬‬

‫الع�ضو املنتدب مل�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم‬ ‫كتاب في دقائق‬


‫مواجهة �أعداء النجاح‬ ‫َّ‬ ‫تتلخ�ص الإجابة عن الت�سا�ؤالت التي طرحناها �سابق ًا يف كلمتني هما‪:‬‬ ‫�أعداء النجاح‪.‬‬ ‫ال جتهد نف�سك كثري ًا يف البحث حولك؛ فالأعداء هم بع�ض خ�صالك‬ ‫ال�شخ�صية الكامنة فيك‪ .‬ول�سوء احلظ ال ي�ستطيع الإن�سان �أن يتغا�ضى‬ ‫عن ه�ؤالء ومي�ضي قدم ًا يف �سبيل �أهدافه؛ فعندما تزرع حديقتك‬ ‫بالورود اجلميلة وتزهر‪ ،‬تقرتب �أحيان ًا لتقطف وردة تبدو رائعة من‬ ‫بعيد‪ ،‬فتالحظ �أ َّنها كانت �ستبقى �أجمل‪ ،‬لو مل ت�صبها بع�ض الآفات‪.‬‬ ‫وهكذا يختلف �أعداء النجاح من �شخ�ص �إلى �آخر؛ نوع ًا وك ّم ًا وقوة‪.‬‬ ‫ونعر�ض فيما يلي �سمات و�صفات ع�شرة من ه�ؤالء الأعداء‪:‬‬ ‫‪ u‬املنت ِقد‪ :‬وهو العدو الأكرب وامل�شرتك بني معظم النا�س‪ .‬يدفعنا هذا العدو �إلى ت�ص ُّيد الأخطاء لأنف�سنا وملن حولنا وانتقاد الظروف املحيطة‬ ‫بنا‪ .‬يت�س َّبب املنتقد يف �إ�شاعة التوتُّر‪ ،‬وال�ضغط النف�سي‪ ،‬وال�شعور بالإحباط والغ�ضب‪ ،‬والإح�سا�س بالذنب �أي�ض ًا‪.‬‬ ‫‪ u‬املُ ِّ‬ ‫َّ‬ ‫فيتمخ�ض عن هذا ال�سعي �شعور باال�ستياء وعدم الر�ضا عن‬ ‫دقق‪ :‬يتمثل �سلوكه يف �سعينا املفرط للو�صول �إلى التم ُّيز والإبهار والكمال‪،‬‬ ‫النف�س والآخرين‪.‬‬ ‫‪ u‬املتم ِّلق‪ :‬يح ًثنا على ك�سب ا�ستح�سان الآخرين بتقدمي امل�ساعدات واملجامالت والإطراءات‪ ،‬فت�ضيع �أهدافنا ونحن نحاول تلبية احتياجات‬ ‫غرينا‪.‬‬ ‫‪ u‬مدمن العمل‪ :‬يتخذ من العمل الدائم والإجنازات م�صدر ًا ‪ -‬وحيد ًا ‪ -‬الحرتام وتقدير الذات‪ ،‬مما ي�ؤدي �إلى اال�ستماتة يف العمل على‬ ‫ح�ساب احلياة ال�شخ�صية وامل�شاعر الإن�سانية‪.‬‬ ‫‪ u‬ال�ضحية‪ :‬ين�شد اهتمام وعطف الآخرين عرب التظاهر باحل�سا�سية املفرطة وتب ِّني دور املغلوب على �أمره‪َّ .‬‬ ‫تتمخ�ض هذه ال�سمة ال�سلبية عن‬ ‫ا�ستنزاف الطاقة الذهنية والعاطفية وتوليد م�شاعر الذنب والإحباط يف �صاحبها ومن حوله‪.‬‬ ‫‪ u‬عا�شق املنطق‪ :‬يط ِّبق املعاجلة التحليلية املك َّثفة على كل �شيء يف احلياة ‪ -‬مبا يف ذلك العالقات وال�صداقات – على ح�ساب امل�شاعر‬ ‫الإن�سانية‪.‬‬ ‫احلذر‪ :‬ي�صيبك بحالة من التوتُّر والريبة وال�شك يف كل من حولك وهو يفرت�ض الأ�سو�أ‪ .‬هذه احلالة تنهك �صاحبها ومن حوله وت�سلبهم‬ ‫‪u‬‬ ‫ِ‬ ‫متع احلياة‪.‬‬ ‫‪ u‬امل�شتَّت‪ :‬يعي�ش يف دوامة من االنهماك الدائم والبحث عن ال �شيء وكل �شيء‪� ،‬سعي ًا وراء �سعادة غائمة و�إثارة دائمة‪ ،‬حتى ي�صاب بال�صداع‬ ‫وال�ضياع وهو يبحث عن �سقط املتاع‪.‬‬ ‫ملحة يف التح ُّكم بكل الأمور‪ ،‬وتروي�ض كل من حوله مبا يح ِّقق م�صاحله‪َّ .‬‬ ‫يتمخ�ض افتقاده لل�سيطرة عن حالة غ�ضب‬ ‫‪u‬‬ ‫ِ‬ ‫امل�سيطر‪ :‬حت ِّركه رغبة َّ‬ ‫من نف�سه وممن حوله‪.‬‬ ‫‪ u‬النائم (احلامل)‪ :‬يتج َّنب الواقع الأليم لري ِّكز على اجلوانب الإيجابية وامل�شرقة فقط‪� ،‬إلى �أن تغرقه الهموم وامل�شكالت املرتاكمة وتنفجر‬ ‫يف وجهه قبل �أن يفيق‪.‬‬

‫حمركات �أعداء النجاح‬ ‫ِّ‬ ‫تن�ش�أ حمركات ال�سلبية فطر ّي ًا وقبل اكتمال الذكاء الإيجابي‪ ،‬لت�ش ِّكل �أولى مراحل التط ُّور العقلي‬ ‫املرتبطة بالبقاء واملعاي�شة‪� .‬أي �أنَّ الهدف املبدئي �أو البدائي لتلك اخل�صال هو �ضمان البقاء‪.‬‬ ‫فاملُنت ِقد – على �سبيل املثال – ِّ‬ ‫ي�سخر حمرك ًا واحد ًا على الأقل‪ ،‬ليح ِّقق �أهدافه وي�ضمن اال�ستقرار‬ ‫كما يظن‪ .‬ويف حني ي�شرتك كل النا�س يف تب ِّني خ�صال املنتقد‪ ،‬ف�إنَّ املحركات التي ِّ‬ ‫ي�سخرها تختلف‬ ‫ننميها‬ ‫من �شخ�ص �إلى �آخر‪� ،‬إذ تلعب االحتياجات ال�شخ�صية دور ًا بارز ًا يف اختيار الدوافع التي ِّ‬ ‫داخلنا‪ ،‬وهي ذات بعدين هما‪:‬‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪2‬‬


‫‪ -1‬املحفِّزات‬

‫تنق�سم املح ِّفزات التي تعزِّ ز بقاءنا وا�ستقرارنا العاطفي �إلى ثالثة هي‪:‬‬ ‫‪ u‬اال�ستقالل‪ :‬احلاجة �إلى التخلُّ�ص من ُّ‬ ‫التدخل اخلارجي يف �ش�ؤوننا الداخلية‪.‬‬ ‫‪ u‬القبول‪ :‬احلاجة �إلى اكت�ساب ثقة ومو َّدة وا�ستح�سان الآخرين‪.‬‬ ‫‪ u‬الأمان‪ :‬احلاجة �إلى تقلي�ص م�ؤ ِّرقات احلياة والتخلُّ�ص من القلق للعي�ش ب�سالم‪.‬‬

‫‪ -2‬الأمناط‬

‫يتب َّنى الإن�سان �أحد ثالثة �أمناط لتلبية حاجات اال�ستقالل‪ ،‬والقبول‪ ،‬والأمان‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫‪ u‬التفعيل‪ :‬اتخاذ اخلطوات وانتهاج الآليات التي حت ِّقق االحتياجات الرئي�سية الثالثة‪.‬‬ ‫‪ u‬الك�سب‪ :‬الك ُّد واالجتهاد من �أجل تلبية تلك االحتياجات‪.‬‬ ‫‪ u‬التجنُّب‪ :‬االنعزال عن الن�شاطات والأفراد‪ ،‬وهجر الأفكار التي تعوق تلبية االحتياجات‪.‬‬ ‫ويحدِّ د التفاعل بني حم ِّفزاتك الرئي�سية وبني الأمناط‬ ‫التي تنتهجها‪ ،‬يحدِّ د نوع املح ِّركات �أو الدعامات التي‬ ‫تنميها يف داخلك‪ .‬وميكن �أن ي�ساعدك اجلدول التايل‬ ‫ِّ‬ ‫يف اكت�شاف حم ِّركاتك اخلا�صة؛ ف�إن كنت ‪ -‬مث ًال ‪-‬‬ ‫ممن ين�شدون اال�ستقالل من خالل االنعزال بهدف‬ ‫اال�ستقالل‪ ،‬ف�إنَّ �سلوك “احلامل �أو النائم” هو الدعامة‬ ‫التي حت ِّرك يف داخلك �أحد �أعداء النجاح‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫النمط‬

‫املحفِّز‬ ‫اال�ستقالل‬

‫القبول‬

‫الأمان‬

‫التفعيل‬

‫امل�سيطر‬

‫الك�سب‬

‫املُد ِّقق‬

‫مدمن العمل‬ ‫املتم ِّلق‬

‫امل�شتَّت‬ ‫احلذر‬ ‫ِ‬

‫التجنُّب‬

‫النائم (احلامل)‬

‫ال�ضحية‬

‫عا�شق املنطق‬

‫ال�سعادة امل�شروطة‬ ‫�أحيان ًا ميار�س املنت ِقد دوره التخريبي معتمد ًا على م�شاعر الب�ؤ�س وغريها من امل�شاعر‬ ‫ال�سلبية التي يزرعها فينا م�سترت ًا حتت �أكرث من قناع‪ .‬فمث ًال يعاين بع�ض املديرين‬ ‫ورجال الأعمال من �ضغوط نف�سية‪ –،‬ويا للمفارقة – ال ت�ش ُّق طريقها �إليهم �إال بعد �أن‬ ‫يدركوا �أهدافهم ويح ِّققوا �أحالمهم! حتدث ال�ضغوط لدى ا�صطدامهم بالواقع الذي ال‬ ‫يعرتف بالعالقة بني النجاح وبني ال�شعور بال�سعادة املن�شودة – �أو بالأحرى امل�شروطة‪.‬‬ ‫تلك ال�سعادة امل�شروطة هي �سالح عدونا الداخلي‪ – :‬املنتقد – الذي يقول لنا دائم ًا‪:‬‬ ‫“لت�صبح �سعيد ًا‪ ،‬يجب �أن‪”...‬‬ ‫بت�أ ُّمل هذه الأكذوبة عن كثب يدرك الإن�سان �أ َّنها تخفي بني ط َّياتها كذبتني ال واحدة‪.‬‬ ‫الأولى هي �أنَّ الظروف احلالية هي ال�سبب‪ ،‬لأ َّنها حتول بينك وبني ال�سعادة‪ ،‬ومن َّثم‬ ‫فهي تفر�ض قيود ًا زمنية على �سعادتك‪ ،‬ك�أن تربطها بالوقت الذي ت�ستطيع فيه ت�أ�سي�س‬ ‫�شركتك اخلا�صة‪� ،‬أو متتلك ثروة هائلة‪.‬‬ ‫�أما الأكذوبة الثانية فهي �أ َّنها جتعل من ال�سعادة هدف ًا متحرك ًا ولي�س غاية را�سخة‪.‬‬ ‫فبمجرد �أن ت� ِّؤ�س�س �شركتك الأولى‪� ،‬سي�ؤكد لك “املنتقد” �أنَّ ال�سعادة احلقيقية لن‬ ‫حتققها لك �شركة واحدة؛ بل جمموعة �شركات! وبالتايل فك َّلما اقرتبت من ال�سعادة‪،‬‬ ‫ن�أت هي عنك‪ .‬وهكذا ي�ستمر املنتقد ومدمن العمل يف دفع �صخرة “�سيزيف” �إلى �أعلى‬ ‫اجلبل‪ ،‬فما �إن ت�صل منت�صف ال�سفح‪ ،‬حتى تتدحرج عائدة �إلى القاع‪ ،‬وهكذا‪� ..‬إلى الأبد‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫كتاب في دقائق‬


‫ا�سرتاتيجيات التد ُّفق الإيجابي‬ ‫َّ‬ ‫يتغذى “�أعداء النجاح” على الأجزاء العقلية التي حت ِّفز البقاء واال�ستقرار‬ ‫اجل�سدي والعاطفي‪ .‬تلك الأجزاء هي ما نطلق عليه “العقل النفعي‪ ”.‬يف‬ ‫حني ي�ستمد “املنقذ” ‪ -‬والذي يعك�س اجلانب الأكرث حكمة وعمق ًا – ق َّوته من‬ ‫“العقل املتد ِّفق‪ ”.‬وميكنك م�ضاعفة التد ُّفق الإيجابي لعقلك الذي ي�شهد هذا‬ ‫ال�صراع الأبدي املحتدم ما بني “املنقذ” و”�أعداء النجاح” من خالل ثالث‬ ‫ا�سرتاتيجيات‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫اال�سرتاتيجية الأولى‪ :‬مهاجمة �أعداء النجاح‬ ‫توجهاتك‪ ،‬ح ِّرر‬ ‫بعد �أن تع َّرفت �إلى �أعداء النجاح الأكرث �سيطرة على �سلوكياتك وحت ُّكم ًا يف ُّ‬ ‫نف�سك من قيودها‪ .‬فالإن�سان حني يتق َّلد دور املحارب‪ ،‬تتم َّلكه م�شاعر الغ�ضب والعنف ليفقد‬ ‫�أهم �أ�سلحته‪ :‬الدهاء؛ فمث ًال‪ :‬حني تطفو خ�صال “ال�ضحية” �إلى ال�سطح وتبد�أ بانتقادها‬ ‫والغ�ضب حيالها‪ ،‬ف�أنت بذلك تُف ِّعل – دون �أن تدري – العد َّو الأخطر “املنتقد”‪ .‬ومن َّثم‬ ‫ف�إنَّ �أف�ضل و�سيلة لدحر قوة �أعدائك هي ر�صد امل�شاعر والأفكار امل�صاحبة لها‪ .‬وقد تناول‬ ‫امل�ؤلف “�إيكهارت تول” هذه اال�سرتاتيجية م�ش ِّبه ًا �أعداء النجاح برجل اجلليد الذي �سرعان‬ ‫ما يذوب عندما تالم�سه �أ�شعة “الوعي والر�صد”‪ .‬وملزيد من التع ُّمق يف ا�ستيعاب ور�صد‬ ‫تخ�ص�ص و�صف ًا �أكرث دق ًة ٍّ‬ ‫لكل منها‪ .‬ف�إن كان “امل�سيطر” هو املح ِّرك الأقوى للمنتقد‪ ،‬فب�إمكانك �أن تطلق عليه “املُخرب” مث ًال‪.‬‬ ‫�أعدائك‪ ،‬ميكنك �أن ِّ‬ ‫ف�إذا ما باغتك هذا العدو بزيارة مفاجئة يف �أحد االجتماعات‪ ،‬فابد�أ عملية الر�صد واملالحظة ب�أن ت�صب عليه وعيك و�إدراكك ملحاوالته البائ�سة‬ ‫للتح ُّكم يف جمريات الأحداث؛ ك�أن تقول لنف�سك‪“ :‬ها هو املخرب املتكبرِّ قد جاء عاب�س ًا ليخربنا ب�أنَّ االجتماع ال ي�سري كما يريد”‪ .‬قد تت�ساءل كيف‬ ‫لهذه الآلية الب�سيطة �أن ت�ؤتي ثمارها وتق�ضي على عدوك! �إال �أنَّ هذه الت�سا�ؤالت �سرعان ما تزول مبجرد �أن جت ِّربها للمرة الأولى‪ ،‬حيث ي�ستم ُّد‬ ‫�أعداء النجاح ق َّوتهم من طبيعتهم امل�سترتة خلف الكثري من الأقنعة التي تت�ساقط واحد ًا تلو الآخر مبج َّرد �أن تر�صدها‪ ،‬الأمر الذي يق ِّل�ص من‬ ‫قدرتها على الت�أثري يف �أفكارك و�سلوكياتك‪.‬‬

‫ا�سرتاتيجية املِ َنح الثالث‬ ‫ُط ِّورت هذه اال�سرتاتيجية لالنتقال الذهني من حالة “�أعداء النجاح” �إلى حالة‬ ‫“املنقذ‪ ”.‬حيث ُيطلب من ال�شخ�ص �أن يبتكر ثالثة �سيناريوهات �إيجابية تتح َّول فيها‬ ‫الأزمة التي تع َّر�ض لها �إلى نعمة �أو منحة غري متو َّقعة‪ .‬عندما خ�ضع �أحد مديري املبيعات‬ ‫لهذا االختبار‪ ،‬وكان قد خ�سر �أكرب و�أهم عمالئه‪ ،‬و�ضع هذه االحتماالت الثالثة‪:‬‬ ‫‪ - 1‬قد حتفزنا هذه اخل�سارة على تطوير منتجاتنا ب�شكل ي�ضمن لنا املزيد من‬ ‫العمالء على املدى البعيد؛‬ ‫ينمي فريق املبيعات مهاراته ويط ِّور �إمكاناته كي يك�سب املزيد من‬ ‫‪ - 2‬قد ِّ‬ ‫العمالء اجلدد؛‬ ‫مما‬ ‫‪ - 3‬قد يتو َّفر لنا املزيد من الوقت لتقدمي خدمة �أف�ضل لعمالئنا احلاليني‪َّ ،‬‬ ‫يرفع ن�سب البيع ب�شكل يع ِّو�ضنا عن تلك اخل�سارة‪.‬‬ ‫تلك هي الآلية التي يعمل “املنقذ” وفق ًا لها ليحيل الأزمات �إلى نعم وهبات‪ .‬لكن‬ ‫هذه اال�سرتاتيجية لي�ست خيارك الأوحد؛ �إذ ميكنك جتاوز الأزمة وطي �صفحتها‬ ‫متخ ِّل�ص ًا من م�شاعر الندم امل�صاحبة – بد ًال من البحث عن االحتماالت‪ .‬فالقدرة‬ ‫على التغا�ضي عن املواقف ال�سلبية هي منحة يف حد ذاتها‪ ،‬حيث تق ِّوي ع�ضالت‬ ‫“املنقذ” الذي يخ ِّل�صك من امل�شاعر ال�سلبية‪ ،‬ناهيك عن دوره يف هزمية “املنتقد”‪،‬‬ ‫عدوك الأول‪.‬‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪4‬‬


‫اال�سرتاتيجية الثانية‪ :‬دعم “املنقذ”‬ ‫ميثل “املنقذ” ذلك اجلزء الأكرث حكمة منك‪ .‬فهو يتعامل مع التحدِّ يات �إما باعتبارها فر�صة فعلية‬ ‫لتحقيق �أعلى معدالت الر�ضا وال�سعادة والأمان‪� ،‬أو باعتبارها نبتة ن�ستطيع �أن نح ِّولها �إلى فر�صة‬ ‫لنخرج يف النهاية بالنتائج ذاتها‪ِّ .‬‬ ‫ي�سخر “املنقذ” خم�س طاقات رئي�سية ليمار�س �أدواره الإيجابية‬ ‫وهي‪ :‬التعاطف‪ ،‬واال�ستك�شاف‪ ،‬والإبداع‪ ،‬والإبحار‪ ،‬والتفعيل‪ .‬وال ي�شرتط �أن تتط َّلب كل املواقف تفعيل‬ ‫مف�صل ِّ‬ ‫الطاقات اخلم�س جمتمعة؛ ِّ‬ ‫لكل طاقة‬ ‫فلكل موقف احتياجاته وحيثياته اخلا�صة‪ .‬وهذا و�صف ّ‬ ‫على حدة ملحقة مبا �سنطلق عليه “�سر ال�صنعة” الذي ميكنك من ا�ستثمارها على �أكمل وجه‪.‬‬

‫‪ -1‬التعاطف‬ ‫وهو �شعور ينبثق من قدرتنا على التف ُّهم‪ ،‬والتقدير‪ ،‬والت�سامح‪ .‬ي�شحن‬ ‫ويفجر فينا ينابيع احليوية والن�شاط بعد �أن جفَّت‬ ‫التعاطف طاقتنا ِّ‬ ‫املدمرة‪.‬‬ ‫وا�ستنزفها “املنتقد” وحم ِّركاته ِّ‬

‫�سر ال�صنعة‪ :‬العودة �إلى الطفولة‬

‫مار�س �صنعتك لدقيقة واحدة داخل عقلك كي تعزِّ ز ق َّوة التعاطف يف‬ ‫�شتَّى املواقف التي تتع َّر�ض لها‪ .‬ا�ست ِعد طفولتك ب�أن ت�سرتجع �أحد املواقف‬ ‫التي تعك�س م�شاعر الرعاية واالهتمام‪ .‬و�سيفيدك �أن تبحث عن �صورة‬ ‫�شخ�صية لك يف فرتة الطفولة لت�ضعها على �سطح املكتب‪� ،‬أو على هاتفك‬ ‫اجلوال‪ .‬تعمل هذه ال�صورة كناقو�س يقرع �أجرا�س اخلطر ك َّلما مت َّكن منك �أحد �أعداء النجاح‪� .‬ستذ ِّكرك الطفولة مبعدنك الأ�صيل وجوهرك‬ ‫النبيل وبحقك يف �أن تنعم بقدر من الهدوء واالهتمام غري امل�شروط‪ ،‬مبن�أى عن م�شاعر الغ�ضب واال�ستياء التي يفر�ضها عليك الأعداء‪ .‬والأمر‬ ‫�س َّيان فيما يتع َّلق بالآخرين؛ فحني تنتابك م�شاعر الغ�ضب جتاه �شخ�ص ما ب�سبب حماوالته الإطاحة بك‪ ،‬ميكنك �أن تو ِّلد تعاطفك جتاه هذا‬ ‫ال�شخ�ص ب�أن تتخ َّيله كما لو كان طف ًال‪ ،‬كي تربز نواياه النزيهة ‪ -‬حتى و�إن بدت عك�س ذلك‪.‬‬

‫‪ -2‬اال�ستك�شاف‬ ‫َّ‬ ‫يتمخ�ض اال�ستك�شاف عن الطاقات وامل�شاعر القائمة على ال�شغف‪ ،‬واالنفتاح‪ ،‬والده�شة‪.‬‬ ‫حيث يخفق الكثريون منا يف معاجلة بع�ض املواقف نظر ًا �إلى الت�س ُّرع يف ا�ستخال�ص‬ ‫النتائج واقرتاح احللول دون درا�سة وافية ومت�أ ِّنية‪ ،‬فنغفل عن التفا�صيل املحورية التي‬ ‫قد ت�ش ِّكل �صلب الق�ضية‪.‬‬

‫�سر ال�صنعة‪ :‬امل�ستك�شف ال�شغوف‬

‫ارتد عباءة امل�ستك�شف الذي يح ِّركه الف�ضول وحب اال�ستطالع واحلر�ص على الإملام بكل‬ ‫ِ‬ ‫التفا�صيل‪ .‬يخ ِّول لك هذا التق ُّم�ص �أخذ املالحظات وتد ُّبر التفا�صيل واملالب�سات ب�شكل‬ ‫مو�ضوعي ودون �أدنى حماولة من جانبك – �أو بالأحرى من جانب �أعدائك ‪ -‬للتعديل �أو‬ ‫التغيري �أو �إ�ضفاء مل�ساتك وفر�ض تو ُّقعاتك ال�شخ�صية على الأمور‪ .‬ففي املرة التالية‪ ،‬وحني‬ ‫جتمعك خ�صومة ب�أحد الأ�شخا�ص‪ ،‬تخ َّل�ص من م�شاعر املكابرة‪ ،‬وتراجع لثالث دقائق عن‬ ‫موقفك الهجومي‪ ،‬وتق َّلد دور امل�ستك�شف‪ ،‬وابد�أ يف ت�أ ُّمل الآخر وا�ستيعاب م�شاعره ودوافعه‬ ‫وم ِّربراته التي يتب َّناها‪ .‬فرمبا يزيل هذا الت�أ ُّمل الغبار عن بع�ض احلقائق التي �أغفلتها فيما‬ ‫م�ضى‪ ،‬والتي قد َّ‬ ‫تتمخ�ض عن تغيرُّ حموري وحل �سحري للأزمة مبا يح ِّقق ر�ضا الطرفني‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫كتاب في دقائق‬


‫‪ -3‬الإبداع‬ ‫يكمن الإبداع احلقيقي يف التفكري خارج ال�صندوق‪ ،‬واخلروج عن امل�ألوف‪ ،‬والتح ُّرر من بع�ض العادات واملعتقدات التي تعرقل تق ُّدمنا‪ .‬لكي‬ ‫ت�صون قدرات “املنقذ” الإبداعية وحتميها من �سطوة �أعداء النجاح‪ ،‬عليك �أن تنتج �أكرب قدر ممكن من الأفكار املتعاقبة واملتوالية دون تو ُّقف‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫بالتدخل وفر�ض الآراء ال�سلبية‪ ،‬ك�أن ميار�س “املنتقد” دوره اله َّدام‬ ‫ودون �أي حماولة للتقييم والت�صحيح‪ .‬التقييم يف�سح املجال لأعداء النجاح‬ ‫ويبثَّ �سمومه يف ذهنك؛ “يا لها من فكرة �سخيفة‪ ”!...‬فيجه�ضها قبل حتَّى �أن ت�شقَّ طريقها �إلى النور‪ ،‬ويهزم حماوالتك الإبداعية‪.‬‬

‫�سر ال�صنعة‪“ :‬بالت�أكيد‪ ...‬وكذلك‪”...‬‬

‫كي ِّ‬ ‫توظف �سر ال�صنعة هنا بفاعلية‪ ،‬ع ِّقب على �أفكارك اجلديدة قائ ًال‪“ :‬بالت�أكيد تعجبني هذه الفكرة لأنها‪ ...‬وكذلك ميكننا‪� .”...‬أهم‬ ‫ما مي ِّيز هذه الآلية هو ما تقدِّ مه من تقدير وعر�ض للجوانب الإيجابية ‪ -‬بد ًال من االنتقاد والرتكيز على املحاور ال�سلبية – قبل االنتقال �إلى‬ ‫الفكرة الإبداعية التالية‪ .‬حت َّرك ب�سرعة لتو ِّلد �سل�سلة من الأفكار املرتابطة دون �أن تدع جما ًال للت�شكيك والتفنيد‪ .‬ت�ستطيع ممار�سة هذا ال�سر‬ ‫وحدك �أو مع فريق العمل‪ .‬ف�إن كنت حتاول مع فريق العمل �أن تبدعوا بع�ض الأفكار التي تو ِّفر �سبل الراحة والرفاهية لنزالء فندق مث ًال‪ ،‬فربمَّ ا‬ ‫يبادر �أحدهم بقوله‪“ :‬مل ال ن�ش ِّغل بع�ض املقطوعات املو�سيقية الهادئة يف بهو الفندق؟” في�ضيف الآخر‪“ :‬بالت�أكيد‪ ،‬فقد ت�سهم هذه الفكرة يف‬ ‫اال�سرتخاء والرتويح عن النزالء‪ ،‬كذلك ن�ستطيع �أن نبحث عن املزيد من �سبل الرتحيب واالحتفاء املتم ِّيز”‪ .‬وي�ستمر فريق العمل يف �إنتاج املزيد‬ ‫من الأفكار على هذا املنوال دون �أن يفتحوا لأعداء الداخل طريق ًا للنفاذ �إلى لعبة االبتكار‪.‬‬

‫‪ -4‬الإبحار‬ ‫يق�صد بتمكني “املنقذ” من الإبحار قدرة الإن�سان على التن ُّقل بني الكثري‬ ‫من البدائل املتاحة وفق ًا لبو�صلته الذهنية اخلا�صة‪ .‬تت�ش َّكل �إحداثيات تلك‬ ‫البو�صلة وفق ًا لقيمك ومعتقداتك الداخلية الرا�سخة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬قد تتع َّر�ض‬ ‫هذه البو�صلة – كغريها من الطاقات وال�سلوكيات – �إلى حماوالت الهيمنة‬ ‫وتغيري امل�سار؛ فكثري ًا ما يحاول العدو “احلذر” مث ًال؛ �أن يحيد ب�سفينتنا جتاه‬ ‫اخليارات امل�أمونة والأقل خماطرة‪ ،‬والتي تقودنا يف �أغلب الأحيان �إلى الت� ُّأخر‬ ‫يف الو�صول �أو �إلى امليناء اخلاطئ‪.‬‬

‫كتاب في دقائق‬

‫‪6‬‬


‫�سر ال�صنعة‪ :‬النظرة امل�ستقبلية‬

‫حني تعرت�ض رحلتك بع�ض العقبات �أو ت�صل �إلى مفرتق طرق‪ ،‬تو َّقف قلي ًال و�ألق نظرة خاطفة على امل�ستقبل‪ .‬تخ َّيل نف�سك بعد �سنوات ويف‬ ‫نهاية رحلة احلياة الطويلة وا�س�أل نف�سك‪� :‬أي الطريقني �ستختار �إذا ما عاد بك الزمن �إلى الوراء؟! فحني يبلغ الإن�سان من العمر عت ّي ًا‪ ،‬يزهد‬ ‫يف احلياة‪ ،‬ويتغا�ضى عن كل الأفكار املث ِّبطة‪ ،‬فتتال�شى خماوفه التي كان يبثها يف داخله �أعداء النجاح‪ ،‬فيدرك �ض�آلتها وزيف مزاعمها‪ .‬ولهذا‬ ‫ويرت�سخ لديه يف النهاية‬ ‫يكت�سب هذا ال�سر فاعليته – �سواء للأفراد �أو اجلماعات ‪ -‬ب�أن تُ�سقط الأقنعة عن ه�ؤالء الأعداء لتت�ضح ر�ؤية الإن�سان َّ‬ ‫كل ما هو ق ِّيم‪ ،‬وهادف‪ ،‬وحقيقي‪.‬‬

‫‪ -5‬التفعيل‬ ‫حتفزك قدرة “املنقذ” التفعيلية على �أخذ اخلطوات واتباع الإجراءات املنبثقة من تكثيف وتركيز‬ ‫الطاقات الذهنية والعاطفية مبن�أى عن امل�شاعر املحبطة وال�سلبية‪ .‬ف�إن �أ�ساء �إليك �شخ�ص ما‪،‬‬ ‫ف�إنك ت�ستطيع مث ًال‪� ،‬أن تُ�ش ِّغل و�ضع التعاطف لتق ِّرر �أن ت�ساحمه وتتغا�ضى عما فعل‪ ،‬ومن ثم حت ِّرر‬ ‫نف�سك من م�شاعر ال�ضغينة جتاهه‪ .‬وقد تود �أن ت�ساحمه بالفعل‪ ،‬ولكن ب�أن تطلب مقاب ًال �أو تعوي�ض ًا‬ ‫ما! يف هذه احلالة تكون قد انتقلت لو�ضع التفعيل حيث تبد�أ يف البحث املك َّثف عن �سبل التعوي�ض‬ ‫الالئق والعمل على تنفيذها متج ِّنب ًا م�شاعر الغ�ضب واال�ستياء‪ ،‬وغريها من م�شاعر �أعداء النجاح‪.‬‬

‫�سر ال�صنعة‪ :‬داهم �أعداءك‬

‫توجهاتك و�سلوكياتك وحاول �أن تتن َّب�أ باملنافذ التي �سيحاولون الت�سلُّل �إليك من خاللها‪ .‬تو َّقع‬ ‫�ضع نف�سك مكان �أعداء النجاح الأكرث حت ُّكم ًا يف ُّ‬ ‫الأفكار واالعرتا�ضات واالنتقادات التي قد تب ُّثها يف ذهنك لتحول دون تق ُّدمك؛ الأمر الذي �سي�ساعدك يف تروي�ضها وتقلي�ص �أثرها مبجرد �أن‬ ‫ت�شقَّ طريقها �إليك‪.‬‬

‫العقل النفعي مقابل العقل املتد ِّفق‬ ‫يتك َّون “العقل النفعي” من الأجزاء الأكرث ب�ساطة وبدائية للعقل‪ .‬يعمل العقل النفعي وفق �آلية الكر والفر التي ِّ‬ ‫ت�سخر طاقة الإن�سان الذهنية‬ ‫واجل�سدية ملواجهة املخاطر التي تهدِّ د بقاءه وم�صاحله‪ .‬تختزل هذه الآلية املهارات العقلية يف عمليتي التن ُّب�ؤ باملخاطر والهروب‬ ‫منها‪ ،‬دون �أن تدع جما ًال لغريهما من القدرات كي تربز وتزدهر‪ .‬تتم َّثل خطورة العقل النفعي يف ت�سخريه وتفعيله‬ ‫لأدوات العقل املح ِّفزة على البقاء – �أي بالأحرى لأعداء النجاح – مق ِّل�ص ًا قدرة الذهن على تفعيل طاقات‬ ‫“املنقذ”‪ .‬فالأمر ي�شبه تبادل املنفعة‪ :‬حيث ِّ‬ ‫يغذي العقل النفعي �أعداء النجاح‪ ،‬يف حني مي ُّده الأعداء بالطاقة‬ ‫ال�سلبية‪.‬‬ ‫باملقابل ي�ش ِّكل “العقل املتد ِّفق” نوع ًا من الذكاء العقلي الذي يهب “املنقذ” طاقاته ويعزِّ ز �إمكاناته‪ .‬يتك َّون‬ ‫املتو�سطة (وامل�س�ؤولة عن حما�سبة النف�س‪ ،‬والت�أنيِّ ‪،‬‬ ‫العقل املتد ِّفق من ثالثة �أجزاء‪ :‬ق�شرة ِّ‬ ‫الف�ص اجلبهي ِّ‬ ‫وقهر املخاوف‪ ،‬واحلكمة)‪ ،‬والدوائر ال�شعورية (وهي مناطق متف ِّرقة م�س�ؤولة عن توليد التعاطف)‪،‬‬ ‫والعقل الأمين (الذي يعزِّ ز امل�شاعر اجل�سدية والروحية)‪ .‬ومع تق ُّدمنا يف العمر تدعم �سلوكياتنا “العقل‬ ‫النفعي” وي�ضمر “العقل املتد ِّفق” وتخبو �شعلته‪� .‬إال �أنَّ اجلانب امل�شرق للأمر يكمن يف �سرعة ا�ستجابة ع�ضالت‬ ‫تنمي وتط ِّور مهاراته‪ .‬وهذا ما �سنتناوله يف ا�سرتاتيجية التمتني التالية‪.‬‬ ‫العقل املتد ِّفق للتمرينات والأن�شطة التي ِّ‬

‫اال�سرتاتيجية الثالثة‪ :‬متتني العقل املتد ِّفق‬ ‫وحوا�سك يف تقوية‬ ‫مثلما ي�ساعدك تركيز التمرينات الريا�ضية يف تقوية ع�ضالت معينة من ج�سمك‪ ،‬ي�ساعدك تركيز انتباهك على ذهنك‬ ‫ِّ‬ ‫عقلك املتدفق‪ .‬نِّ‬ ‫متت هذه اال�سرتاتيجية عقلك املتد ِّفق وتز ِّوده بالطاقة الالزمة‪ ،‬حيث يتط َّلب تركيز االنتباه واخلروج من حالة الت�شتُّت بني‬ ‫الف�ص اجلبهي املتو�سطة واجلزء الأمين من املخ‪ .‬وقد �أثبتت �أحدث الدرا�سات �أنَّ هذا الن�شاط ‪ -‬الب�سيط يف‬ ‫الأفكار املختلفة؛ حتفيز ق�شرة ِّ‬ ‫ظاهره – ِّ‬ ‫ين�شط ويجدِّ د طاقة العقل عن طريق ت�شكيل م�سارات ع�صبية تظل فاعلة وم�ؤثرة حتى و�إن تو َّقف الإن�سان عن ممار�سة الن�شاط‪.‬‬ ‫فالأمر ي�شبه ع�ضالت اجل�سد التي تظل بارزة وقوية رغم االبتعاد لفرتة من الزمن عن موا�صلة التمرينات الريا�ضية‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫كتاب في دقائق‬


‫هذه بع�ض الأفكار التي متكنك من ا�ستثمار ن�شاطاتك الروتينية وحتويلها �إلى فر�ص ذهبية لتمتني العقل املتد ِّفق‪:‬‬ ‫‪ u‬املمار�سة اليومية‪ :‬يف املرة القادمة التي تنظف فيها �أ�سنانك‪ ،‬ت�أ َّمل هذه العملية بكل‬ ‫تفا�صيلها بداي ًة من الإم�ساك بالفر�شاة‪ ،‬وذبذباتها على الأ�سنان‪ ،‬ورائحة معجون الأ�سنان‪،‬‬ ‫وهكذا‪ ..‬هل تن َّبهت �إلى ما كنت متار�سه دون �أن تالحظه؟‬ ‫‪ u‬التمرينات اجل�سدية‪� :‬إن كنت تهوى ممار�سة التمارين على �أحد الأجهزة الريا�ضية‪،‬‬ ‫�أغلق عينيك لب�ضع دقائق و�أن�صت بعمق لل�صوت الذي يو ِّلده اجلهاز وت�أ َّمل تفاعل ج�سدك‬ ‫املتناغم مع هذا ال�صوت ذهاب ًا و�إياب ًا‪.‬‬ ‫‪ u‬تناول الطعام‪ :‬تناول ق�ضمة �صغرية ثم �أغلق عينيك وا�ستمتع مبذاق وملم�س الطعام يف‬ ‫فمك‪ .‬ي�ساعدك هذا الن�شاط – يف حال ممار�سته ب�شكل متوا�صل – يف فقدان الوزن ب�شكل‬ ‫تعجز عنه �أف�ضل برامج التغذية حيث تق ُّل �سرعتك يف تناول الطعام؛ فتقل الكمية بف�ضل‬ ‫اال�ستغراق يف حالة التذ ُّوق‪.‬‬ ‫‪ u‬اال�ستماع للمو�سيقى‪ :‬اخرت �إحدى الآالت املو�سيقية �أو املقطوعات الكال�سيكية وا�ستمع لها‬ ‫لتعزلك عن العامل مبا ي�شوبه من م�ؤ ِّرقات وم�شتِّتات‪.‬‬ ‫حب وامتنان ليمتزج‬ ‫‪ u‬التنفي�س عن امل�شاعر‪ :‬احت�ضن طفلك ب�شكل يعك�س ما تك ُّنه له من ٍّ‬ ‫ج�سداكما وي�شعر ك ٌّل منكما ب�أنفا�س ونب�ض الآخر‪ .‬وحني حتادثه‪ ،‬ت�أ َّمل حركاته ونظراته‪،‬‬ ‫والربيق املنبثق من عينيه‪.‬‬

‫حتويل الأعداء �إلى حلفاء‬ ‫يتمتَّع “املنقذ” بقدرة هائلة على حتويل الأزمات �إلى منح وهبات‪ ،‬مبا يف ذلك �أعداء‬ ‫النجاح‪ .‬ونظر ًا �إلى �إ�صرار �أعداء جناحك الداخليني على اقتحام تد ُّفقك العقلي وتعكري‬ ‫�صفو حياتك بني الفينة والأخرى‪ ،‬فلم ال ت�ستغل هذه الفر�صة وحتول �أعداءك �إلى حلفاء!‬ ‫يف كل م َّرة يطفو �أحد ه�ؤالء الأعداء �إلى ال�سطح وت�شعر به يت�س َّلل �إلى نف�سك‪ ،‬ا�شغل نف�سك‬ ‫ثوان بحيث تتح َّول حماولة الهيمنة‬ ‫مبمار�سة �أحد الأن�شطة التي ذكرناها �سابق ًا لع�شر ٍ‬ ‫�إلى فر�صة لتمتني العقل املتد ِّفق‪ ،‬وك�سر الروتني لوهلة‪ ،‬فتعود �إلى عملك بن�شاط وحيوية‪.‬‬

‫مقيا�س التد ُّفق الإيجابي‬ ‫تلعب الأرقام والإح�صائيات دور ًا بارز ًا يف املحافظة على مع َّدالت التدفق الإيجابي‪ .‬ف�إذا كان التدفق‬ ‫الإيجابي ي�شري �إلى مع َّدالت �أو م�ستويات العقلية الإيجابية مق َّدرة بالن�سبة املئوية والتي ترتاوح ما بني‬ ‫(‪ )0‬و(‪ ،)100‬فكيف لك �أن حت�سب مع َّدالتك اخلا�صة؟‬ ‫يقا�س التد ُّفق الإيجابي من خالل املفا�ضلة بني الن�سب املئوية للم�شاعر التي ينتجها “املنقذ” مقابل‬ ‫امل�شاعر ال�سلبية التي يو ِّلدها “�أعداء النجاح” داخلك على مدار اليوم‪ .‬وت�ستطيع �أن تقي�س معدالت‬ ‫التد ِّفق الإيجابي لفرق العمل وامل� َّؤ�س�سات �أي�ض ًا‪ ،‬وبالطريقة ذاتها‪.‬‬

‫كتاب في دقائق‬

‫‪8‬‬


‫قنوات التوا�صل الف َّعال‬ ‫حني نتابع �إحدى القنوات التلفزيونية‪ ،‬ف�إ َّننا ال ن�ستطيع �أن نركز �أو نرى ما يبثُّ على القنوات‬ ‫الأخرى يف ذات الوقت �إال �إذا انتقلنا �إليها‪ .‬كذلك ال ي�ستطيع الإن�سان ا�ستيعاب الطاقة الهائلة‬ ‫التي يب ُّثها التد ُّفق الإيجابي �إال بعد االنتقال �إلى القناة التي تبثُّ تلك امل�شاعر والطاقات‪ .‬تلك‬ ‫هي قناة التد ُّفق الإيجابي‪ .‬تختلف قناة التد ُّفق الإيجابي كثري ًا عن “قناة املعطيات واحلقائق”‬ ‫تخت�ص ببثِّ الأرقام والوقائع املج َّردة‪ .‬مييل‬ ‫التي – و�إن كانت �أكرث و�ضوح ًا ور�ؤية من الأولى –‬ ‫ُّ‬ ‫الإن�سان بطبعه �إلى اعتماد النوع الثاين فقط – قناة املعطيات – رغم �أنَّ التفاعالت الإن�سانية‬ ‫ال ميكن �أن تخلو من النوعني‪ .‬بل �إنَّ املعلومات التي تب ُّثها قناة التد ُّفق الإيجابي قد تكون يف‬ ‫م�ضمونها �أكرث �أهمية وحتمية لبناء فرق عمل وعالقات متينة وقوية‪ .‬ومن َّثم ف�إنَّ لالقت�صار‬ ‫على النوع الثاين فقط �آثاره ال�سلبية‪ ،‬والتي تبدو �أكرث و�ضوح ًا على �صعيد فرق العمل‪.‬‬

‫بع�ض �أ�سباب ف�شل التدريب‪:‬‬ ‫للدورات والربامج التدريبية دور بارز يف خلق مناخ حم ِّفز على الإجناز والإيجابية داخل بيئات العمل‪،‬‬ ‫�إال �أنَّ هذا الأثر ال يدوم طوي ًال و�سرعان ما تخبو �شعلته مبرور الأيام‪ .‬يحدث ذلك نظر ًا �إلى اعتماد‬ ‫تلك الربامج على �آليات مفتعلة وم�ص َّممة لدفع ‪� -‬أو بالأحرى �إكراه ‪ -‬العاملني على تب ِّني – �أو ادِّعاء ‪-‬‬ ‫ال�سلوكيات الإيجابية‪ .‬ومن َّثم تنطوي عملية بناء فرق العمل الف َّعالة وامل�ؤ ِّثرة على خطوتني رئي�سيتني هما‪:‬‬ ‫‪ -1‬م�ساعدة �أع�ضاء الفريق على م�ضاعفة معدالت التد ُّفق الإيجابي كما �أو�ضحنا �سابق ًا؛‬ ‫لين�صب على قناة التد ُّفق الإيجابي خالل تفاعالتهم اليومية‪.‬‬ ‫‪ -2‬توجيه انتباه �أع�ضاء الفريق‬ ‫َّ‬

‫مترين تطبيقي‬ ‫�إذا �أردت توجيه اهتمام وتركيز فريق العمل �إلى التفاعل القائم على قناة التد ُّفق الإيجابي‪ ،‬ج ّرب هذه اللعبة‪:‬‬ ‫افرت�ض مع فريقك �أن �شخ�ص ًا �أجنب ّي ًا – ال يعرف لغتهم – ي�شاهد التفاعل القائم بني املدير “�س” واملوظف “�ص”‪ .‬فكيف �سيكون انعكا�س‬ ‫التفاعل على ذلك الأجنبي وهو ي�شاهد دون �أن يفهم؟ هل �سرياه تفاع ًال �إيجاب ّي ًا �أم �سلب ّي ًا؟ بالت�أكيد �سيتمركز انتباه امل�شاهد اخلارجي على‬ ‫الطاقة غري املرئية املتبادلة بني الطرفني – قناة التد ُّفق الإيجابي ‪ -‬دون �أن ت�شتِّته احلقائق واملعلومات املج َّردة – قناة املعطيات‪� .‬سيبادر “�س”‬ ‫ب�س�ؤال “�ص”‪ :‬ما الذي �أ َّدى �إلى وقوع ذلك اخلط�أ يف امل�شروع؟” ف�إن كان فريق العمل يتمتَّع مبع َّدالت عالية للتد ُّفق الإيجابي‪ ،‬فبالت�أكيد �سيتم‬ ‫ا�ستيعاب الطرف “�س” باعتباره متخذ ًا لو�ضعية اال�ستك�شاف التابعة للمنقذ‪ ،‬ومن َّثم فلن يالحظ املراقب الأجنبي �سوى الطاقة الإيجابية‬ ‫املتبادلة بني الطرفني‪ ،‬والتي ي�ست�شعرها اجلميع ‪ -‬دون �أن ي�سمعها �أحد ‪ -‬يف الأرجاء‪� .‬أما �إن كانت م�ستويات التد ُّفق الإيجابي لهذا الفريق‬ ‫متدنية‪ ،‬فقد يكون لل�س�ؤال ذاته �أثر مغاير حيث يكون املنتقد هو �سيد املوقف‪ .‬يف هذه احلالة �سي�شعر امل�شاهد اخلارجي بقناة التد ُّفق الإيجابي‬ ‫وقد تع َّكر �صفوها بني الطرفني‪ ،‬لت�شوبها م�شاعر اللوم واال�ستياء من قبل الطرف الأول “�س”‪ ،‬والإنكار والدفاع من قبل الطرف الثاين “�ص”‪.‬‬

‫بني امللمو�س واملح�سو�س‬ ‫واع ومر َّكز‬ ‫مييل الإن�سان بطبعه �إلى تغيري كل ما هو مرئي وملمو�س؛ دون اهتمام ٍ‬ ‫باملح�سو�س‪ .‬ولهذا ال�سبب قد يبدو التح ُّول من قناة املعطيات – املرئية ‪� -‬إلى‬ ‫قناة التد ُّفق الإيجابية ‪ -‬اخلف َّية ‪� -‬شا ّق ًا يف بادئ الأمر‪� ،‬إال �أ َّنه حتمي‪ .‬وهنا تربز‬ ‫�أهمية حتفيز فريق العمل على تطبيق ا�سرتاتيجيات دعم التد ُّفق الإيجابي الثالث‬ ‫التي �سبق ذكرها‪ ،‬في�سهم يف زيادة مع َّدالت التد ُّفق الإيجابي للأفراد‪� ،‬إلى جانب‬ ‫ا�ستيعابهم وت�شغيلهم لقناة التد ُّفق الإيجابي‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫كتاب في دقائق‬


‫يف االجتماع القادم؛ عندما تلتقي فريق العمل �ضمن جل�سات التمتني والتحفيز‪ ،‬ا�ستقطع بع�ض الوقت ملناق�شة املفاهيم املتع ِّلقة بالتد ُّفق الإيجابي‬ ‫و� حِأت املجال لكل ع�ضو يف فريقك كي يتع َّرف على ‪ -‬ويعرتف �أي�ض ًا بـ‪� -‬أعداء النجاح الأكرث هيمنة على �سلوكه وفكره‪ .‬ولك �أن تتخ َّيل كيف �ستتغيرَّ‬ ‫وجهها �إلى‬ ‫جمريات العمل �إلى الأف�ضل �إذا ما تخ ّلى كل �شخ�ص – دون �أدنى �شعور بالذنب – و�أمام اجلميع‪ ،‬عن �أ�سلحته الفتَّاكة التي طاملا َّ‬ ‫يوجهها �صوب زمالئه‪� .‬سينتقل ذلك احلوار املنفتح بكل العاملني من �سلوك توجيه االتهامات و�إلقاء اللوم‪� ،‬إلى ا�ستثمار طاقات‬ ‫نف�سه قبل �أن ِّ‬ ‫“املنقذ” لتتكاتف �أياديهم وتت�ضافر جهودهم حول هدف واحد‪ :‬ا�ستثمار الطاقات والإمكانات �إلى احلد الأق�صى مبا يح ِّقق �أعلى م�ستويات‬ ‫الر�ضا الفردي‪ ،‬واجلماعي‪ ،‬وامل� َّؤ�س�سي‪.‬‬

‫عقلك‪...‬‬ ‫ح�صانك!‬

‫بعد رحلتنا املمتعة عرب ال�سطور ال�سابقة؛ �أ�صبح وا�ضح ًا كيف ترتقي العقلية الإيجابية‬ ‫ب�أداء الإن�سان وتكفل له ال�سعادة واال�ستقرار والأمان‪ .‬ف�إن كان الل�سان هو‬ ‫احل�صان‪ ،‬ف�إنَّ العقل هو �صمام الأمان؛ وال�سرج والركاب والزمام‪ ،‬الذي ي�ضمن‬ ‫لك �أن تقود ح�صانك حتى ت�صل �إلى وجهتك وحت ِّقق غايتك‪ .‬املهم هو �أن تتح َّلى‬ ‫بالثقة وت�ؤمن بقدراتك وبجوهرك النقي‪ .‬فهذا اجلوهر الأ�صيل هو “املنقذ” ورفيق‬ ‫الدرب الذي يحوم حولك دائم ًا من بعيد‪ ،‬على �أمل �أن تُلقي له با ًال �أو تُعريه اهتمام ًا �أو ت�س�أله �س�ؤا ًال‪،‬‬ ‫ليغدق عليك بطاقاته الهائلة‪ ،‬ويربز �أف�ضل ما لديك‪.‬‬ ‫وختام ًا‪ ،‬اب�سُ ط يد العون ملن حولك كي ين�ض ُّموا �إلى ركبك‪ ،‬وم ِّهد ج�سور ًا من التوا�صل الف َّعال لتتالحم‬ ‫جهودكم وتت�ضافر �أ�سمى خ�صالكم؛ فذلك من �شيم القادة واملديرين امل�ؤ ِّثرين‪ ،‬والآباء واملع ِّلمني‬ ‫اال�ستثنائيني‪ ،‬واملوظفني والتابعني النابهني‪.‬‬

‫المؤلف‪:‬‬ ‫مؤسسات‬ ‫تعد من أكبر‬ ‫َّ‬ ‫شيرزاد شامين‪ :‬يعمل مؤلف ًا ومد ِّرب ًا‪ ،‬وهو رئيس شركة “‪ ”CTI‬التي ُّ‬ ‫ِّ‬ ‫المحفزة نحو التغيير اإليجابي‪.‬‬ ‫التدريب العالمية ذات المناهج العلمية‪ .‬كما يشتهر بخطاباته‬

‫كتب مشابهة‪:‬‬ ‫‪1. The Autistic Brain‬‬ ‫‪Thinking Across the Spectrum.‬‬ ‫‪By: Temple Grandin. 2013‬‬ ‫الذهن المتقد‪ :‬تجاوز اآلفاق بتفكيرك البرَّ اق‪ .‬تأليف‪ :‬تمبل جراندن‪2013 ،‬‬

‫‪2. The Power of Positive Thinking‬‬ ‫‪By: Norman Vincent Peale. 2013‬‬ ‫القوة السحرية ألنماط التفكير اإليجابية‪ :‬تأليف‪ :‬نورمان فينسنت بل (طبعة جديدة)‪2013 ،‬‬

‫‪3. Thinking‬‬ ‫‪The New Science of Decision-Making, Problem-Solving, and Prediction.‬‬ ‫‪By: John Brockman. 2013‬‬ ‫التفكير التأملي‪ :‬اآلفاق الجديدة التخاذ القرارات وحل المشكالت ودقة التوقعات‪ .‬تأليف‪ :‬جون بروكمان‪2013 ،‬‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪10‬‬


‫ِّ‬ ‫“متتني العقل امل ّ‬ ‫تدفق‬ ‫ين�شط‬ ‫و‬ ‫ِّ‬ ‫يجدد طاقة العقل عن طريق‬ ‫ت�شكيل م�سارات ع�صبية تظل‬ ‫فاعلة وم�ؤ ِّثرة حتى و�إن َّ‬ ‫توقف‬ ‫�أحدنا عن ممار�سة عمل ما‪� ،‬أو‬ ‫التفكري الواعي يف �أمر ما”‬

‫شيرزاد شامين‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.