ٍ ثــــــــوان... فـي يف زمن �أ�صبحت فيه املعرفة جزء ًا ال يتجز�أ من منظومة تقدم الدول ،بل �أ�صبحت املحرك الرئي�س للنمو االقت�صادي� .صار لزام ًا علينا يف م�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم �أن نرتقي ب�أعداد القراء وتنمية عادة القراءة وعدد الكتب التي يتم قراءتها لدى �شبابنا وبناتنا من خالل تذليل العقبات ومنح اجلمهور جرعة كافية من املعلومات والثقافة لتغذي العقول وت�صنع �أجيا ًال �أف�ضل ترتقي مب�ستوى املجتمع فكري ًا و�أدبي ًا وعلمي ًا ،وهنا كانت مبادرة “كتاب يف دقائق” هي �شعاع النور الذي مكن َّنا من ذلك. 6دفعات تناولت 18مو�ضوع ًا جنحت من خاللها املبادرة يف �أن ت�ستقطب العديد من الراغبني يف احل�صول على ملخ�صاتها من غري امل�شمولني بالئحة التوزيع ،بل ونالت ا�ستح�سان وثناء امل�س�ؤولني يف امل�ؤ�س�سات احلكومية و�شبه احلكومية والإعالمية ملا فيها من فائدة ومعلومات قيمة ،تتدفق بكل ان�سيابية من �صفحات امللخ�صات �إلى عقول القراء .لقد عك�ست هذه امللخ�صات مدى ارتباط املعرفة بالقدرة ،ومدى احلاجة ملوا�صلة االطالع على �أحدث املعارف كي يجد القارئ نف�سه وقد التحق بركب احلداثة. ويف الدفعة ال�ساد�سة من امللخ�صات جتدون ملخ�ص كتاب :الإدارة والأداء – كيف نحقق الكثري بالقليل ،مل�ؤلفه :ريت�شارد كوخ ،والذي يتناول �أمناط الإدارة الناجحة و�أنواع املديرين وكيفية �إ�سعاد املوظفني وحتقيق النتائج املبهرة .وامللخ�ص الثاين هو كتاب :قواعد الإتيكيت احلديثة – و�سيلتك العتالء القمة ،للم�ؤلفتني :دورثيا جون�سون وليف تايلر .و�أخري ًا امللخ�ص الثالث لكتاب :الثقة الإبداعية – �إطالق العنان لطاقتنا الإبداعية الكامنة ،مل�ؤلفيه :ديفيد وتوما�س كيلي ،والذي ي�ؤكد �أننا كلنا مبدعون �إذا اكت�شفنا قدراتنا و�سخرناها بالطريقة ال�صحيحة. و�أخري ًا ،ف�إننا �إذ ن�صبو نحو خلق بيئة معرفية م�ستدامة ،ف�إن مبادرة “كتاب يف دقائق” تعد �إحدى �أجنح الو�سائل التي قدمتها امل�ؤ�س�سة �إلى املجتمع املحلي لتحقيق ذلك الهدف ال�سامي .وختام ًا ن�ؤكد يف م�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم على �أننا �سن�سعى دائم ًا نحو الأف�ضل يف اختيارنا لكل كتاب ذائع ال�صيت �أو ذي فائدة كبرية يف تنمية الذات و�صناعة القيادات ،مبا يتوافق مع توجهاتنا لتعزيز املبادرة التي نتوقع لها ا�ستمرار التوهج والنجاح دفعة تلو الأخرى. جمال بن حويرب
الع�ضو املنتدب مل�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم 1
كتاب في دقائق
ك ُّلنا مبدعون �إذا اكت�شفنا قدراتنا وف ّعلناها ما الذي يتبادر �إلى ذهنك حني ت�سمع عبارة“ :مقدرة �إبداعية”؟ لع َّلك وربا تعتقد �أنَّ املهند�سني تربط بني معنى “�إبداعي” ومعنى “ف ِّني” مَّ املعماريني وف َّناين الت�صميم وذوي املواهب الفنية املتن ِّوعة ،هم فقط املبدعون ،و�أنَّ نف�س الو�صف ال ينطبق على املديرين التنفيذيني واملحامني والأطباء ،وغريهم من املهنيني واملوظفني� .أو لع َّلك تظنُّ �أنَّ الإبداع �سمة ثابتة يف ال�شخ�صية؛ ف�إ َّما �أن يولد الإن�سان ولديه جينات �إبداعية� ،أو ال .ت�ش ِّكل هذه االفرتا�ضات واملفاهيم املغلوطة ما ميكن �أن نطلق عليه “خرافة املقدرة الإبداعية” ،وهي على النقي�ض مما ن�سميه “الثقة الإبداعية ”.وجوهر هذه الثقة هو االعتقاد ب�أ َّننا َّ جميع ًا مبدعون .واحلقيقة هي �أ َّننا جميع ًا منلك �إمكانات �إبداعية ميكن ا�ستثمارها� ،إذا ما اكت�شفناها ّ ووظفناها بو�ضعها مو�ضع التطبيق. جوهر الثقة الإبداعية هو االعتقاد ب�أ َّنك متلك القدرة على �إحداث تغيري يف العامل من حولك� .إ َّنه الإميان ب�أ َّنك قادر على حتقيق ما لب االبتكار والقدرة على �شرعت يف �إجنازه .هذه الثقة بالنف�س هي ُّ الإبداع .ويف جمال الأعمال تتج َّلى املقدرة الإبداعية �أي�ض ًا يف القدرة على االبتكار ،فلي�س هناك �إن�سان �أو ف َّنان �أو مدير �أو مهند�س �أو عبقري ي�ستطيع �أن يحتكر توليد الأفكار اجلديدة وحده. يحتاج كل النا�س �إلى امل�ساعدة من �أجل اكت�شاف ما ميلكونه من ملكات وقدرات :القدرة على تخ ُّيل �أفكار جديدة والبناء عليها .لكن القيمة احلقيقية للمقدرة الإبداعية ال تربز �إال حني نتح َّلى بال�شجاعة الكافية لتفعيل هذه الأفكار .هذا املزج بني الفكرة والفعل هو الذي ّ يو�ضح معنى الثقة الإبداعية ،ويجعلنا ندرك �أ َّنها تتج َّلى عندما ن�ستطيع تخ ُّيل وا�ستنباط �أفكار جديدة ،ونتح ِّلى بال�شجاعة لتجربتها. عندما ك َّنا �صغار ًا؛ ك َّنا جميع ًا مبدعني :ففي مرحلة الطفولة ،ك َّنا جميع ًا نلعب وجن ِّرب �أ�شياء غريبة دون خوف �أو �شعور باخلجل. فاخلوف من املبادرة واملغامرة يف �سياق عام و�أمام الآخرين هو �شعور مكت�سب نتع َّلمه بالتدريج ونحن نكرب .ولهذا يبقى ب�إمكاننا �أن ن�ستعيد قدراتنا الإبداعية ب�سرعة وبق َّوة ،عرب اكت�شافنا لقدراتنا الكامنة وت�شغيلها.
و�ضع الثقة الإبداعية مو�ضع التنفيذ ت�ؤ ِّثر منظومة معتقداتنا على �أفعالنا و�أهدافنا و�إدراكنا للواقع .الذين ي�ؤمنون ب�أنَّ يف �إمكانهم �إحداث التغيري هم على الأرجح �أقدر على �إجناز ما عقدوا العزم على حتقيقه .فالأ�شخا�ص الذين يتمتَّعون بقدر من الفاعلية يرنون ب�أب�صارهم �إلى �أعلى ،ويحاولون بجد ،ويحتملون ال�صعاب ملدة �أطول ،ويظهرون مرونة يف مواجهة الف�شل. عندما يتجاوز املرء املخاوف التي ت�س ُّد عليه منافذ مقدرته الإبداعية، ف�إنَّ الفر�ص اجلديدة تبد�أ يف الظهور .وبد ًال من النكو�ص �أو التج ُّمد يف مكانه خ�شية الف�شل ،ف�إ َّنه يرى �أنَّ كل خربة حتمل يف ط َّياتها فر�صة للتعلُّم واال�ستثمار .فالإح�سا�س ب�ضرورة ال�سيطرة الكاملة جتعل بع�ض املبدعني عالقني يف مرحلة التخطيط للم�شروع .ولكن مع �إتقان الثقة الإبداعية ميلك الإن�سان املبدع هام�ش ًا من املغامرة واملخاطرة ،ويقبل العمل يف ظروف يعرتيها ال�شك ،فينتقل �أو يقفز �إلى �ساحة الفعل ويبد�أ التنفيذ يف ميدان العمل .وبد ًال من قبول الأمر الواقع �أو قبول ما ح َّدده لهم الآخرون ،ف�إ َّنهم ي�شعرون بحرية التعبري عن ر�أيهم وحتدِّ ي الأ�ساليب القائمة واحلكمة املوروثة يف �إجناز الأ�شياء .فهم يت�ص َّرفون ب�شجاعة كبرية ولديهم مثابرة �أكرب يف التعامل مع ال�صعاب والتحديات.
من التفكري الت�صميمي �إلى الثقة الإبداعية هناك ثالثة عوامل ينبغي توافرها يف برامج االبتكار ،وهي: الأول :العوامل التقنية �أو اجلدوى الفنية ،فمن املمكن �أن تكون تقنية ماجديدة ذات قيمة عالية للغاية ،وميكن �أن تو ِّفر الأ�سا�س لإن�شاء �شركة جديدة ناجحة �أو خط جديد للإنتاج يكون مبثابة ثورة يف جماله. الثاين :العوامل التجارية �أو ال�صالحية االقت�صادية ،ينبغي لهذه التقنية �أنيتم �إنتاجها وتوزيعها بطريقة جمدية اقت�صاد ّي ًا مبا ي�سمح للم�شروع تعمل بنجاح ،و�أن َّ �أن ينجح وي�ستمر. الثالث :العامل الب�شري .ويتع َّلق بفهم و�إدراك االحتياجات الإن�سانية ،وهو يتط َّلبيوجه معتقداتهم ما هو �أكرث من مالحظة ال�سلوك ،فيحتم معرفة ما يحفز النا�س وما ِّ وي�ؤ ِّثر يف قراراتهم. فال�سعي نحو الو�صول �إلى تلك النقطة املركزية التي يتحقَّق عندها التوازن بني اجلدوى ،وال�صالحية ،ورغبات العمالء واجلمهور ،يعد جزء ًا من “التفكري الت�صميمي” .فلي�ست هناك منهجية واحدة تنا�سب اجلميع ومتكنهم من توليد �أفكار جديدة وحتويلها �إلى ابتكارات مفيدة؛ لكن معظم برامج االبتكار ال تخلو من اخلطوات �أو املراحل الأربع التالية: -1الإلهام :ال تنتظر تفاحة نيوتن حتى ت�سقط على ر�أ�سك .انه�ض واقتحم امل�شكالت وا�س َع بن�شاط وفاعلية وراء اكت�ساب اخلربات التي توقد جذوة الفكر الإبداعي لديك .تفاعل مع اخلرباء وجد لقدمك مو�ضع ًا يف البيئات وال�سياقات غري التقليدية� .إذ يجد الإلهام وقوده يف م�سار العمل متمركزة حول الإن�سان ،يع ُّد التعاطف وتف ُّهم م�شاعر الآخرين م�صدر ًا ومنطلق ًا املدرو�س .ومن �أجل بثِّ الإلهام الذي ي�ؤدي �إلى عملية ابتكار ِ للإبداع� .إدراك االحتياجات والرغبات واملحفزات التي تدفع بني الب�شر ت�ساعد على بثِّ الإلهام يف عقلك وقلبك .كما �أنَّ مالحظة �سلوك الب�شر يف �سياقهم الطبيعي ميكن �أن ي�ساعد يف فهم �أف�ضل للعوامل ذات الت�أثري ،وبالتايل ي�ساهم يف ا�ستثارة ر�ؤى جديدة تدفع جهود االبتكار �إلى الأمام. كتاب في دقائق
2
-2التن�سيق� :أ َّما اخلطوة التالية فهي �أنّ تبد�أ التحدِّ ي املتع ِّلق بـ“بناء املعنى” �أنت بحاجة �إلى �أنّ تدرك النماذج احلاكمة ،وحتدِّ د املو�ضوعات الرئي�سة وتبحث عن املعنى فيما ترى وجتمع وتالحظ .انتقل من املالحظات العامة واحلكايات الفردية �إلى احلقائق املج َّردة .ر ِّتب مالحظاتك يف �شكل “خارطة تعاطف”� ،أو ا�صنع م�صفوفة لت�صنيف وتبويب احللول .حاول �أن تعيد ت�أطري امل�شكلة من خالل تغيري منظور التناول حتى تختار النقاط التي �سرت ِّكز فيها طاقتك. -3التجريب :ا�ستك�شف الفر�ص اجلديدة .حاول �أن تنتج عدد ًا كبري ًا من الأفكار وادر�س خياراتها املتعدِّ دة واملتن ِّوعة .بيت الق�صيد واملفتاح ال�سحري هنا هو �أن تكون �سريع ًا ،و�أن ت�ستك�شف جما ًال عري�ض ًا من الأفكار دون �أن تر ِّكز كل طاقتك على فكرة واحدة فقط. -4التنفيذ :قبل طرح فكرة جديدة ،ن ِّقح الت�صميم وج ِّهز خارطة طريق لل�سوق .ميكن للعرو�ض الت�سويقية الأولى �أن تختلف ،ويعتمد ذلك على عنا�صر املنتج �أو اخلدمة .ولهذا قد مت ُّر مرحلة التنفيذ بع َّدة جوالت وحماوالت يكتنفها العزم والإ�صرار حتى يتح َّول االبتكار �إلى ا�ستثمار.
التفكري الت�صميمي التفكري الت�صميمي طريقة الكت�شاف االحتياجات الإن�سانية وابتكار حلول جديدة با�ستخدام �أدوات وطرق تفكري خا�صة مبمار�سي الت�صميم .با�ستخدام التفكري الت�صميمي ،نتم َّكن من تناول جمموعة عري�ضة من التحديات ال�شخ�صية واالجتماعية والعملية ب�أ�ساليب جديدة و�إبداعية .وهي تعتمد على قدراتنا الب�شرية الطبيعية القابلة للتمرين والتح�سني ،لندرك النماذج احلاكمة ون�ش ِّكل الأفكار التي تدفعنا عاطف ّي ًا ووظيف ّي ًا .ف�إذا كانت لديك م�شكلة ال ميكنك حتديد �أبعادها ب�سهولة �أو لي�س لديك بيانات ومعلومات كافية عنها ،فقد مي ِّكنك التفكري الت�صميمي من امل�ضي قدم ًا با�ستخدام التفاعل وامل�شاركة لت�شكيل النماذج الأولية. حينما حتتاج �إلى حتقيق ابتكار خالق �أو قفزة �إبداعية ،ت�ساعدك هذه املنهجية على �سرب �أغوار امل�س�ألة والعثور على حلول ور�ؤى جديدة وغري تقليدية. من ال�شروط الأ�سا�سية لتحقيق الثقة الإبداعية؛ الإميان ب�أنَّ مهاراتك وقدراتك االبتكارية لي�ست جامدة� .إذا كنت تظن يف الوقت احلايل �أ َّنك ل�ست �شخ�ص ًا مبدع ًا ،فعليك �أ َّو ًال �أن تتخ َّلى عن هذا الظنِّ قبل �أن تتم َّكن من امل�ضي قدم ًا .عليك �أن ت�ؤمن حقَّا ب�أنَّ التعلُّم والتط ُّور �أمران ممكنان .بعبارة �أخرى� :أنت بحاجة �إلى �أن تعتمد على “عقلية التع ّلم والنمو والتط ّور”. ومن �أجل تقدير عقلية النم ِّو والتط ُّور حقَّ قدرها ،قد يكون من املفيد
�أن تقارن بينها وبني نقي�ضها :عقلية اجلمود والتخثرُّ والبيات ال�شتوي. و�سواء كان ذلك عن وعي �أو ال ،ف�إنَّ الأ�شخا�ص الذين يتح َّركون بعقلية جامدة يعتقدون ب�أنَّ كل �شخ�ص مولود ولي�س لديه �إال قدر حم َّدد من الذكاء ،ومقدار معينَّ من املوهبة ،ال ي�ستطيع �أن يتجاوزه� .أ�صحاب هذه العقلية ِّ يف�ضلون �أن يعي�شوا ويعملوا يف املنطقة امل�ألوفة املريحة. وعلى النقي�ض ،تو ِّفر عقلية التط ُّور جواز �سفر القتحام �آفاق جديدة لأ َّنها ت�سمح بانفتاح العقل على اعتبار �أنَّ القدرات الفردية ال ميكن معرفتها �إال بالتجريب ،و�أنَّ الإمكانات غري حمدودة.
من اخلوف �إلى ال�شجاعة التوجه �إلى �سل�سلة من النجاحات ال�شكوك يف القدرة الإبداعية ميكن عالجها من خالل ُّ ن�سميها “احلالة ال�صغرية .وميكن �أن يكون للخربة ت�أثري قوي على حياتنا� .إنَّ حالة العقل التي ِّ الف َّعالة” ترتبط بالثقة الإبداعية .فالذين يتمتَّعون بثقة �إبداعية ي�صلون �إلى حتقيق اختيارات �أف�ضل ،واالنطالق نحو م�سارات جديدة ب�صورة �أ�سهل ،والو�صول بدرجة �أي�سر �إلى حلول مل�شكالت تبدو م�ستع�صية .فهم يرون فر�ص ًا جديدة ويتعاونون مع الآخرين لتح�سني املواقف املحيطة بهم، ويقابلوا التحديات التي تواجههم ب�شجاعة. 3
كتاب في دقائق
توجهات مثل: يتجلَّى اخلوف من الإخفاق يف ُّ اخلوف من �أنّ تكون مو�ضوع ًا لأحكام الآخرين؛ واخلوف من و�ضع قدمك على �أول الطريق؛ واخلوف من املجهول.اخلوف من الإخفاق هو �أكرب عقبة يف طريق النجاح الإبداعي .ومن اخلرافات املنت�شرة على نطاق وا�سع �أنَّ العباقرة املبدعني نادر ًا ما يخفقون .مع �أنَّ العك�س هو ال�صحيح: العباقرة املبدعون يخفقون كثري ًا لك َّنهم ال يدعون الإخفاق يقتل حماوالتهم .املبدعون يجرون اختبارات وجتارب �أكرث من غريهم .ف�إذا كنت ترغب يف مزيد من النجاح ،فعليك وربا تكون املحاوالت �أن تكون على ا�ستعداد ب�أن تتمتَّع بهام�ش من الت�سامح مع الإخفاق .مَّ الفا�شلة املب ِّكرة َّ حمطات مه َّمة على طريق النجاح يف االبتكار؛ لأ َّنك ك َّلما �سارعت �إلى معرفة نقاط �ضعفك خالل دورة االبتكار� ،أمكنك حت�سني اجلوانب التي حتتاج �إلى �إ�صالح �أي�ض ًا. امل�ضي قدم ًا نحو م�ستويات تالي ٍة من النجاح. النجاحات ال�صغرية مفيدة لأ َّنها ت�ساعدنا على ِّ فالعمل الذي نعتقد �أنه ي�ستحيل �إجنازه بخطوة واحدة ،ي�صبح قاب ًال للتح ُّكم والتد ُّبر �إذا ما ق�سمناه �إلى خطوات ومهام �أ�صغر .العالقة املحتومة بني الف�شل واالبتكار هي در�س ال ّ ميكنك �أن تتع َّلمه �إال من خالل الفعل والعمل .يعوقنا اخلوف من الف�شل عن حماولة تعلُّم مهارات جديدة ،وعن املخاطرة ومواجهة التحديات .بينما تطالبنا الثقة الإبداعية بتجاوز هذا اخلوف. ولكن حتَّى بعد �أن تتغ َّلب على خوفك الأ َّو ِّ يل من الف�شل وتكت�سب ثقة �إبداعية ،ف�إ َّنك تبقى بحاجة �إلى املرونة .مثل الع�ضالت متام ًا؛ ف�إنَّ قدراتك الإبداعية تنمو وتقوى باملمار�سة .يحتاج كل املبدعني �إلى الوثب وحتقيق قفزات كبرية :فما احلاجة التي ينبغي عليك �أن تر ِّكز عليها؟ وما الفكرة التي يجب �أن تعاي�شها؟ وما االخرتاع الذي يجب �أن تنتج له منوذج ًا �أول ّي ًا؟ فعرب مثل هذه الت�سا�ؤالت ميكنك اكت�ساب اخلربة وتوليد احلد�س الالزم لإجناز ي�شبه الإعجاز.
تتيح املمار�سة الدائمة التي ِّ يغذيها العزم والإ�صرار قاعدة بيانات ت�س َّمى “اخلربة املرتاكمة” التي ميكن �أن ترجع �إليها حتى تتم َّكن من �صنع اختيارات �أكرث ن�ضج ًا ومبنية على املعرفة واحلد�س. ومبج َّرد �أن تدخل يف دوائر االبتكار ال�سريعة� ،ستتو َّلد لديك �ألفة بالعملية و�ستثق يف قدرتك على تقييم الأفكار اجلديدة .ينتج عن هذه الثقة قلق �أقل يف مواجهة الغمو�ض الذي يتو َّلد مع طرح �أفكار جديدة لتغيري العامل.
الإخفاق البنَّاء حت�سن �سريع خالل �إنتاج الأفكار اجلديدة �إذا منحت نف�سك ومن ب�إمكانك حتقيق ُّ حولك م�ساحة الرتكاب الأخطاء من وقت �إلى �آخر .رخ�صة الف�شل ت�أتي ب�سهولة ت�شجع ر َّواد �أكرب يف بع�ض ال�سياقات مقارنة ب�سياقات �أخرى .ويف الثقافات التي ِّ الأعمال ،يوجد تقدير �أكرب وتف ُّهم لطبيعة “الإخفاق الب َّناء” �أطلق على الفكرة التالية التي �ستخو�ضها “جتربة” ،ون ِّبه من حولك �إلى �أ َّنك جتري بع�ض املحاوالت. اجعل تو ُّقعات الآخرين منخف�ضة ،بحيث يقودك الإخفاق – �إن حدث – �إلى التعلُّم من �أخطائك دون تدمري م�سريتك املهنية وو�أد حماوالتك التجريبية.
كتاب في دقائق
4
يقول املثل: “للنجاح �آباء كثريون �أ َّما الف�شل فهو يتيم” لكي تتع َّلم من الف�شل عليك �أو ًال �أن تق َّر به .ف ِّكر ب�ش�أن ما يتح�سن �أدا�ؤك يف املرات القادمة .االعرتاف بالأخطاء �أمر مهم من حدث من �أخطاء ،وكيف ميكن �أن َّ وامل�ضي قدم ًا .حينما ك َّنا �أطفا ًال مل نكن ندرك �أ َّننا مبدعون .ك ُّل ما ك َّنا نعرفه هو �أ َّنه ال �أجل اال�ستمرار ِّ حرج �إن حاولنا وج َّربنا ومل ننجح يف ت�سلُّق �س َّلم� ،أو ركل كرة� ،أو كتابة ق�صة� ،أو تركيب لعبة .ك َّنا نوا�صل التجربة ونحن ن�شعر �أنَّ ث َّمة �شيئ ًا مثري ًا لالهتمام �سيربز يف النهاية مع ا�ستمرار املحاوالت.
املقارنات رهانات خا�سرة ين�صب من طرق تب ِّني املقدرة الإبداعية �أال تقارن نف�سك بالآخرين .عندما ُّ تفكريك على كيفية حتقيق جناحات كالتي حقَّقها الآخرون ،فلن ت�أخذ املبادرة لكي تخاطر ،ولن تفتح باب ًا جديد ًا يف امل�ساعي واجلهود الإبداعية. فحينما ي�شعر املرء بغياب الأمان الداخلي ،ف�إ َّنه ال يكون يف �أف�ضل حاالته: فمن ال ي�شعر �أ َّنه يحظى باحرتام الأقران واملدير ،يحاول �أن يعزِّ ز مكانته من خالل الرتويج للذات من غري عمل .بد ًال من الرتكيز على عملك وما يخلقه من �شعور ط ِّيب� ،سيعرتيك القلق ب�ش�أن ما يظ ُّنه الآخرون بك وتقييمهم لك.
من اخلوف �إلى الإثارة قال “رالف والدو �إمر�سون”“ :افعل ما تخافه لتقتل اخلوف” هل �سبق لك �أن راقبت الأطفال وهم يلعبون؟ وهل الحظت طف ًال يج ِّرب لعبة لأ َّول م َّرة يف حياته؟ امل َّرة الأولى تكون دائم ًا م�شبعة باخلوف والرت ُّدد .ك ُّل الأطفال يقاومون يف البداية فكرة �صعود ال�س َّلم .ودائم ًا ترت�سم على وجوههم عالمات اخلوف .يعلم الكبار �أنَّ املغامرة �آمنة ،لكن الطفل ال يدرك ذلك .يف البداية يحاول الكبار دعمه وت�شجيعه حتى يخطو �أولى خطواته .بع�ض الأطفال يت�س َّلقون ب�ضع درجات �إلى �أعلى ثم يت�شجع الطفل وي�صعد ليج ِّرب .عندئذ يحدث ال�سحر :ينقلب يخافون فيهبطون ثانية .وبعد وقت قليل ور�ؤية ال�سعادة على الوجوه من حولهَّ ، اخلوف �إلى �إثارة و�سعادة يف غم�ضة عني .وهي نف�س ال�سعادة التي نراها على وجوه املديرين والعلماء ومديري املبيعات والتنفيذيني عندما يدخلون �أول جتربة ت�صميم وي�صلون �إلى النتائج النهائية �أو املرحلية ويف جعبتهم فكرة مبتكرة. هناك دائم ًا قوى حافزة تدفعنا �إلى الأمام يف حماوالتنا الإبداعية :ك�أن ن�سمع كلمة مدح من مع ِّلم لنا� ،أو نرى الت�سامح يف وجوه الوالدين �إذا متجد الأفكار التقليدية امل�ألوفة .الأهم يف ذلك هو الإميان بقدرتك على �إحداث ترحب بالأفكار اجلديدة وال ِّ �أخط�أنا� ،أو �أن نعي�ش ونعمل يف بيئة ِّ تغيري �إيجابي ،وال�شجاعة الكافية التخاذ خطوة حيال ذلك .املقدرة الإبداعية لي�ست بال�ضرورة موهبة َّ فذة �أو مهارة خارقة؛ فهي تعتمد على ما تعتقد �أنَّ ب�إمكانك �أن تفعله مبا لديك من مواهب وقدرات و�إمكانات كامنة بالفعل. 5
كتاب في دقائق
من �صفحة بي�ضاء �إلى ر�ؤية مكتوبة وتنميها الوم�ضة الإبداعية التي حتتاجها لكي ت�أتي بحلول جديدة هي �شرارة عليك �أن توقدها ِّ با�ستمرار .من الطرق التي ميكن �أن تبد�أ بها هي �أن ت�ستزيد من الإلهام الذي ميكنك احل�صول عليه يف حياتك اليومية .هذه بع�ض اال�سرتاتيجيات التي ميكنك �أن تبد�أ بها ،ثم حت ِّولها من ورقة بي�ضاء و�أمل� ،إلى ر�ؤية َّ وخطة عمل: -1قرار الإبداع :لكي تكون �أكرث �إبداع ًا ،عليك �أو ًال �أن تتخذ القرار ب�أ َّنك تريد ذلك و�ستجعله يحدث. -2انظر بعني امل�سافر :انظر �إلى كل ما حولك من زاوية خمتلفة ومبنظور جديد. -3االنتباه با�سرتخاء :يحدث اال�ستب�صار حينما يكون ذهنك يف حالة ا�سرتخاء ،حيث ي�ستطيع العقل �أن ي� ِّؤ�س�س ومي َّد روابط بني �أفكار و�أ�شياء كانت تبدو يف ال�سابق غري مرتابطة. -4ا�ستهدف حل �إحدى امل�شكالت� :سوف تخرج ب�أفكار �إبداعية عندما تفهم ال�سياق الذي تعي�ش فيه وامل�شكالت التي تعرتيه وتق ِّرر �شراء �أو ابتكار حلول لها. -5تعلَّم مما حولك :عندما تالحظ الآخرين وتالم�س الواقع �ستكت�شف فر�ص ًا جديدة ال ترى ب�سهولة للوهلة الأولى. لب امل�س�ألة ،وتر�سم لك خطوط ًا وا�ضحة -6اطرح �أ�سئلة ،وابد�أ بـ“ملاذا”� :سوف تخرجك الأ�سئلة من زحام التفا�صيل ،وت�أخذك �إلى ِّ حول امل�شكلة. � -7إعادة �صياغة امل�شكلة� :أحيان ًا تكون �أول خطوة نحو احلل املنا�سب هي �إعادة طرح ال�س�ؤال� ،أو طرحه ب�شكل معكو�س. -8ك ِّون �شبكة عالقات �إبداعية :تنطلق القدرة الإبداعية ويزداد زخمها عندما تتعاون مع فريق مبدع ت�ستم ُّد من �أع�ضائه الأفكار، وتلهمهم بر�ؤيتك الوا�ضحة نحو االبتكار
من التخطيط �إلى العمل يدور االبتكار حول �سرعة حتويل الأفكار اجلديدة �إلى م�شروعات مفيدة .ال تقف عند مرحلة التخطيط .بع�ض النا�س يراوحون مكانهم ،فيجل�سون �إلى نف�س املكاتب وعلى نف�س الكرا�سي بجوار نف�س الأ�شخا�ص امل�ألوفني ،ويذهبون �إلى ذات الأماكن، بينما العامل من حولهم يتغيرَّ ويتط َّور .وهناك من يخطون �إلى الأمام ولكن يف نف�س اخلطوط وامل�سارات امل�ألوفة ،فيك ِّررون ح�ضور برامج التخطيط املعتادة ،ويقومون بنف�س عمليات املراجعة امل�ألوفة ،ويتخذون نف�س خطوات الإجناز املتبعة منذ �أمد. لكي تتغ َّلب على الك�سل ،ال يكفي �أن تخرج ب�أفكار مبتكرة .امل� َّؤ�س�سات والفرق والأمم التي حت ِّقق النجاح امل�ستدام ،تبادر بالفعل ،وتطلق دورات ابتكار �سريعة فتتع َّلم من خالل الفعل والعمل.
عقلية “الفعل” �إحدى ال�سمات التي نعجب بها يف الأ�شخا�ص ذوي الثقة الإبداعية هي �أ َّنهم لي�سوا مراقبني �سلبيني .حتَّى ن�ص ًا فريد ًا حلياتهم، يف املواقف ال�صعبة ال يت�ص َّرفون ك�ضحايا �أو مغلوبني على �أمرهم .فهم يكتبون ّ ويعاودون العثور على م�سارهم �إذا واجهتهم عقبات ،ودائم ًا يبحثون عن بدائل .وهكذا يكون لهم ت�أثري حتدث فرق ًا ،ولذلك هم يعملون ويفعلون. �أكرب على العامل من حولهم .وهم ي�ؤمنون ب�أنَّ �أفعالهم ميكن �أن ِ هم يدركون �أنَّ انتظار و�ضع َّ خطة مثالية قد ي�ستغرق العمر كله ،ولذلك يتح َّركون �إلى الأمام وهم يعلمون �أ َّنهم لي�سوا على �صواب دائم ًا ،لك َّنهم متفائلون ب�أنَّ قدراتهم على التجريب وت�صحيح امل�سار تكفي. كتاب في دقائق
6
فجوة املعرفة والفعل �أول خطوة نحو الإبداع هي ِّ بكل ب�ساطة �أن تتجاوز حالة الرت ُّيث واالنتظار ،و�أن ترتجم �أفكارك �إلى �أفعال .بقليل من الثقة الإبداعية ميكنك �أن تطلق �شرارة الفعل الإيجابي يف العامل من حولك .ومن خالل العقلية الإيجابية �ستبد�أ يف ر�ؤية فر�ص �أكرب من حولك .يف ثقافة امل�ؤ�س�سات احلية ميكن �أن يرتجم الرت ُّدد �إلى ما ي�س َّمى “فجوة املعرفة – الفعل”؛ �أي تلك الثغرة القائمة بني ما نعرف �أ َّننا ينبغي �أن نفعله ،وبني ما نفعله ح ّق ًا .فقد يت�سبب الرت ُّدد يف �إ�صابة امل� َّؤ�س�سة ب�شلل حينما ي�صبح الكالم بدي ًال للفعل. لكي ت�صل �إلى حل �أو فكرة مبتكرة� ،أنت بحاجة فقط �إلى �أن تبد�أ بغ�ض النظر عن الإخفاقات ال�صغرية التي قد حتدث خالل امل�سرية .ومن غري املرجح �أن تت ِّوج حماولتك الأولى بالنجاح .ومن ال�صعب بالطبع �أن تكون الأف�ضل على الفور .التزم بالتح�سينات ال�سريعة وامل�ستمرة ،و�إال ف�إنَّ َّ الرغبة يف �أن تكون “الأف�ضل على الإطالق” ميكن �أن ت�ش ِّكل عائق ًا يف طريقك لتكون “الأف�ضل” يف �أي جمال� .إذا كنت ترغب يف �أن تفعل �شيئ ًا عظيم ًا ف�أنت بحاجة �إلى �أن تبد�أ و�أن “تفعل” الآن .وهذه بع�ض حم ِّفزات الفعل: متخ�ص�ص �أو زميل ولو لفرتة ق�صرية. -1اطلب امل�ساعدة :من ِّ -2ا�ستفد من �ضغط الأقران� :أعلن عن بع�ض االلتزامات من جانبك ،و�أخرب بها زمي ًال� ،أو �صديق ًا� ،أو مدرب ًا لي�ضعوا عليك نوع ًا من ال�ضغط الذي يدفعك �إلى �إجناز العمل� ،أو حتويل الفكرة �إلى �إجناز. توجه �إلى جمهور :اعرث على م�ستمع ين�صت �إليك حتى تنقل الفكرة الوليدة من ر�أ�سك �إلى العامل اخلارجي .ف�إذا �أمكن للم�ستمع �أن َّ -3 يعطيك ر�أي ًا يف فكرتك ف�إنَّ هذا �سيفيدك كثري ًا. ان�س م�س�ألة �إ�صدار الأحكام الآن ب�ش�أن ابتكارك� .أجنز �شيئ ًا وح�سب ،ميكنك �أن تبد�أ مث ًال بن�شر “�إعالن -4ارتكب بع�ض الأخطاءَ : �سريع وعابر” عن منتجك؛ �إعالن �سريع ي�صف املنتج ب�أيِّ طريقة كانت. -5ق ِّلل ن�سبة الإح�سا�س باملخاطر� :إذا كانت امل�شكلة التي تعمل عليها تبدو مهمة للغاية لدرجة �أنَّ كل �شيء يتو َّقف عليها ،اجعلها تبدو �أقل �أهمية حتى تق ِّلل �أو تخف�ض من�سوب التوتُّر.
ٍّ ب�سجل للم�شكالت احتفظ نحن دائم ًا حماطون بالكثري من املنتجات واخلدمات وامل�شكالت واملحاوالت؛ فهناك ابتكارات و�أدوات وطرق ن�ستخدمها كل يوم ،ثم نكت�شف �أ َّنها ال تعمل بالكفاءة املطلوبة� ،أو �أ َّنها �أبط�أ مما ينبغي لها �أن تكون .فاكت�شاف جوانب ق�صور ما يف حياتنا يع ُّد م�س�ألة جوهرية و�شرط ًا �أ�سا�س ّي ًا للخروج ٍّ بحل �إبداعي لعالج ذلك الق�صور .ميكن �أن ت�ساعدك “قائمة امل�شكالت” على ر�ؤية فتوجه �إليها تركيزك وقدراتك الإبداعية الكامنة .من فر�ص جديدة حل ِّلها �أو للتعامل معهاِّ ، الناحية النظرية ،ميكن ِّ لكل م�شكلة �أن تنطوي على فر�ص للتطوير والتح�سني ،و�أن جتعلنا نتعامل مع العامل من حولنا بروح �أكرث �إيجابية ،وبطريقة �أكرث ن�شاط ًا واندماج ًا .فك ُّل نق�ص �أو فجوة يف اخلدمات �أو ق�صور يف �أداء املنتجات �أو �صعوبة يف تطبيقات النظريات ،يعني �أنَّ هناك فر�ص ًا وجماالت للتح�سني والتطوير و�إحداث نوع من التغيري.
7
كتاب في دقائق
القيود حافز للإبداع على الرغم من �أنَّ تعبري “القيود الإبداعية” يبدو للوهلة الأولى وك�أ َّنه جمع لنقي�ضني ،ف�إنَّ �إحدى و�سائل احلثِّ على الإبداع �أن جترب نف�سك على العمل يف ظروف �صعبة ،و�أن تتك َّيف وتقبل بالقيود �أثناء عملك على م�شروع �أو فكرة ما .من حيث املبد�أ وبدافع الفطرة الإن�سانية ،يريد ك ٌّل منا ميزانية �أكرب وفريق ًا �أكرب ووقت ًا �أطول حتى ينتهي من �أيِّ عمل .لكنَّ القيود ُ و�شح املوارد ميكن �أن حتفز املقدرة الإبداعية وت�ستثري فينا نوع ًا من التحدِّ ي والفعل لإجناز �أي �شيء يف نطاق املوارد املتاحة ما دامت لدينا ثقة �إبداعية بقدراتنا. هذه بع�ض طرق ا�ستغالل القيود كمرتكزات للعمل: -1تناول جزء ًا من م�شكلة ميكن ح ّله :ابد�أ بالعمل �أو ًال على �أ�سهل جزء .حدِّ د خياراتك من خالل النظر �إلى كيفية جعل التق ُّدم يف العمل يحدث على الفور. -2حدِّ د �أهداف ًا �صغرية ميكن حتقيقها :عالج م�شاكل اجلوع يف العامل مه َّمة م�ستحيلة ،وال ميكن �أن تتم بني ع�ش ّية و�ضحاها .ولكن ميكننا �أن نتط َّوع للعمل يف َّ منظمة خريية يف جمتمعنا� ،أو �أن نت َّربع ببع�ض �أموالنا من �أجل عالج جزء من هذه امل�شكلة العاملية الكبرية. وميكن �أن نر ِّكز جهودنا بوعي وتركيز فرنعى طف ًال يف منطقة فقرية� ،أو نكفل يتيم ًا ون�ساهم يف تعليمه وت�أهيله لي�صبح �إن�سان ًا منتج ًا. -3حدِّ د العالمات واملعامل :حينما تعمل على م�شروع طويل ،من املفيد �أن تقي�س الأداء وتق ِّيم كل مرحلة؛ فك ُّل ما ميكننا قيا�سه ،ميكننا �إدارته .وغالب ًا ما ي�شعر الفريق القائم على امل�شروع بحما�س كبري يتج َّلى يف الإنتاجية الكبرية مع قرب انتهاء املدة املتاحة �أو �إجناز مرحلة ،والو�صول �إلى نقطة فارقة .لذلك من املفيد ،بد ًال من �أن حتدِّ د موعد ًا نهائ ّي ًا واحد ًا لإمتام امل�شروع �أن حتدِّ د عدة مواعيد نهائية “ق�صرية” يلتزم بها الفريق؛ فيزداد حما�س �أفراده ،ويتو َّزع حما�سهم على امتداد مدة امل�شروع مهما طالت.
النموذج الأ َّويل: ا�صنع منوذج ًا �أول ّي ًا �أو مبدئي ًا لتعمل عليه .الهدف من ا�ستخدام هذا النموذج يف �أو�ساط مف ِّكري ومبدعي الت�صميم هو التجريب� .إذ يجربنا فعل الإبداع على طرح �أ�سئلة واتخاذ قرارات ب�ش�أن كل اخليارات .فهناك دائم ًا قدر من الإخفاق يبدو حتم ّي ًا .ولذا �ستجد نف�سك م�ضط ّر ًا �إلى حت�سني امل�ستوى وتاليف تكرار الأخطاء ،مع ا�ستمرار التجريب. �إلى جانب فائدة النماذج الأولية يف ت�سريع عملية التجريب من �أجل الإبداع ،تع ُّد هذه النماذج غري مك ِّلفة ومن ال�سهل اال�ستغناء عنها �إذا ما ثبت ف�شلها ،لأنَّ الإبداع يتط َّلب تدوير العديد من الأفكار .كما �أنَّ �إن�شاء النماذج الأولية ب�سرعة وبتكلفة قليلة ي�سمح باالحتفاظ بالعديد من املفاهيم لفرتة �أطول لن�ستخدمها فيما بعد باعتبارها �أفكار ًا قابلة للتطوير. فبد ًال من املراهنة نحو مقاربة واحدة ،ميكننا اختبار العديد من الأفكار.
من �أداء الواجب �إلى احلما�س الإيجابي ي�ضع املجتمع قيمة كبرية على الوفرة والرثوة ،لكنَّ كثريين ممن حقَّقوا ثروات طائلة ال يعي�شون حياة �سعيدة .فاملال و�سيلة �سهلة حل�ساب مقدار ما جمعه �إن�سان من عمله، لكنَّ معرفة ما يح ِّققه القلب يتط َّلب جهد ًا �أكرب .مهما يكن عمرك ،ف�إ َّنك ت�ستطيع يف �أيِّ وقت �أن ت�سعى بحما�سك لتح ِّقق �أحالمك .يجب �أن ت�شعر بقيمة ما تعمل من حيث املعنى واملغزى� .سيفتح �أمامك هذا التغيرُّ يف املنظور كنوز ًا من الفر�ص لتعيد اكت�شاف ذاتك كي ت�ستثمر قدراتك. كتاب في دقائق
8
حني يعمل املرء بحما�س ف�إ َّنه ي�ستغل �إمكاناته الداخلية وي�ستم ُّد منها طاقاته الإيجابية .لتعرف مواردك الداخلية وما ميكنك ا�ستغالله منها ،حدِّ د تلك اللحظات من حياتك التي �شعرت فيها ب�أ َّنك مفعم بالن�شاط واحليوية. ما الذي كنت تعمله ومع من؟ ما الذي �أحببته ب�ش�أن عملك ذاك؟ كيف ميكنك �إعادة توظيف هذه العنا�صر الرئي�سة يف مواقف �أخرى الآن؟ مبجرد �أن حتدِّ د امل�ساحات التي تريد �إعادة اكت�شافها يف حياتك ،ر ِّكز جهودك على بذل جهد يومي �إ�ضايف من �أجل تعميق خرباتك يف هذا املجال. ولكي تكت�شف العمل الإبداعي الذي خلقت لأجله ،ا�ستغل وقت فراغك يف الرتكيز على اهتماماتك وهواياتك. ميكن مل�شروع جديد يف عطلة نهاية الأ�سبوع �أن يجعلك ت�شعر بطاقة ون�شاط وحيوية طوال الأ�سبوع .كما ميكن للم�شاريع اجلانبية �أن تف�ضي �إلى عمل ذي معنى ي�شحذ طاقاتك الإبداعية يف العمل .ابحث عن طرق ت�ستغل بها عطلة نهاية الأ�سبوع حتى ت�صل �إلى نوع من التكامل وتخ�ص�صك ووظيفتك. والتوازن بني هواياتك َ
ال�شجاعة الالزمة لالنطالق بينما يتمتَّع اجلميع ب�إمكانات كبرية للإبداع ،ف�إنَّ النجاح يف تفعيل القدرة الإبداعية يف حياتك وعملك يتط َّلب �شيئ ًا �أكرب من ذلك :يتط َّلب �شجاعة كافية لالنطالق واملخاطرة .لكي حت ِّقق قفزة نوعية من الإلهام والتفكري� ،إلى الفعل والتطوير ،ف�إنَّ النجاحات ال�صغرية هي املفتاح� .إال �أنَّ اخلوف مينعنا من اتخاذ اخلطوة الأولى لبدء م�شروع ما ،كما �أنَّ ثقل وط�أة الو�ضع الراهن ي�ش ِّكل عائق ًا �أمام �إجراء تغيريات جذرية يف م�سريتنا املهنية .ولذا ف�إنَّ اخلطوات االنتقالية ال�صغرية ميكن �أن حت ِّفزك وحت ِّركك جتاه هدفك� .إذا �أردت �إدخال تغيريات على حياتك، لتنتقل من جمرد �أداء الواجب �إلى العمل ب�إح�سا�س وحما�س ،يجب �أن تدرك �أنَّ و�ضعك احلايل لي�س هو اخليار الوحيد املتاح �أمامك ،و�أنَّ ب�إمكانك �أن ت�صنع وحت ِّقق ما هو �أف�ضل .ولهذا ميكننا اعتبار الإخفاقات ثمن ًا وقت ّي ًا ندفعه مقابل التجريب والتدريب.
املجموعات �صاحبة الثقة الإبداعية بع�ض �أنواع التغيري التي ن�سعى �إلى �إحداثها من حولنا تتط َّلب جهد ًا جماع ّي ًا� .أنت بحاجة �إلى فريق عمل لتحقيق ابتكارات م�شهودة على نطاق وا�سع .فنادر ًا ما يكون التغيري داخل امل� َّؤ�س�سات والكيانات الكبرية ن�شاط ًا فرد ّي ًا� .إذا �أردت لفريقك �أن يبدع ويبتكر با�ستمرار ،فعليك �أن تخلق ثقافة �إبداعية .لبناء م�ؤ�س�سة �إبداعية �أنت بحاجة �إلى بناء ثقة �إبداعية يف الأ�شخا�ص الفاعلني الأ�سا�سيني .ولكي تبني ثقافة الإبداع� ،ستحتاج �إلى دعم من الأعلى ومن الأ�سفل ،من القمة ومن ح�س القاعدة؛ �أي من الإدارة ومن املوظفني .ولكي ِّ حت�سن م�ستوى الثقافة الإبداعية حافظ على ِّ الفكاهة وا�ستغل طاقات الآخرين وق ِّلل امل�ستويات الوظيفية يف الهيكل الإداري ،و�أظهر التقدير للثقة وال�صداقة داخل الفريق ،و� ِّأجل التقييم و�إ�صدار الأحكام ولو م�ؤ َّقت ًا. 9
كتاب في دقائق
اللغة ت�شكِّل الثقافة الكلمات التي نختارها مر�آة تعك�س مناذج التفكري لدينا ،وهي كذلك ت�ش ِّكل هذه التوجهات النماذج .فما نقوله وكيف نقوله ي�ؤ ِّثر بقوة على ثقافة امل� َّؤ�س�سة .لتغيري ُّ توجه احلوارات نحو وال�سلوكيات ،عليك بتغيري اللغة ال�سائدة واملتداولة �أو ًال .فحني ِّ الأفكار اجلديدة ف�إنَّ هذا ي�ؤ ِّثر ت�أثري ًا �إيجاب ّي ًا على كل مناذج ال�سلوك يف امل�ستقبل.
زيادة ت�أثري فريقك الإبداعي uكن “مغناطي�س ًا جاذب ًا للمواهب” واجذب �أف�ضل املبدعني و�ساعدهم على ا�ستثمار قدراتهم؛ وتو�سع �آفاقهم؛ uاعرث على حتدٍّ ما �أو مه َّمة حت ِّفز الفريق ِّ �شجع احلوار الذي ي�سمح بربوز الأفكار املختلفة َّثم درا�ستها واحلما�س يف تنفيذها؛ ِّ u uاعرتف دائم ًا بف�ضل وجناح اجلميع وان�سب الف�ضل �إلى الفريق ال �إلى نف�سك. الإبداع لي�س هبة نادرة تتمتَّع بها فئة حمظوظة من النا�س ،بل هو جزء طبيعي من التفكري الب�شري وال�سلوك الإن�ساين .هناك عوامل كثرية تعوق القدرة الإبداعية لدى الكثريين ،ولك َّنها قيود وحدود ميكن التح َّرر منها واالنطالق من جديد� .أطلق �شرارة �إبداعك وانطلق نحو �صناعة م�ستقبل جدير باملغامرة الإبداعية ،وتخ َّيل كيف �سي�ؤ ِّثر ذلك �إيجاب ّي ًا على ذاتك و�أ�سرتك وم� َّؤ�س�ستك وجمتمعك الأثري وعاملك الكبري. المؤلفان: مؤسس “ .”IDEOومن مساهماته البارزة في مجال التفكير ديفيد كيلي :هو ِّ ً التصميمي المنهج المتمركز حول اإلنسان وثقافة االبتكار .وقد شارك مؤخرا في إنشاء “مدرسة التصميم” في جامعة ستانفورد. توم كيلي :أحد الشركاء في شركة “آيديو” ،IDEOومؤلف كتاب “فن االبتكار” ،The Art of Innovationوكتاب “الوجه العاشر لالبتكار” The Ten Face of ،Innovationوزميل تنفيذي في كلية “هاس” لألعمال ،بجامعة كاليفورنيا في بركلي.
كتب مشابهة:
1. The Ten Faces of Innovation DEO’s Strategies for Driving Creativity Throughout Your Organization, By: Tom Kelley, Jonathan Littman 2005
األوجه العشرة لالبتكار :استراتيجيات لنشر اإلبداع في أرجاء المؤسسة. تأليف توم كيلي ،و جوناثان ليتمان2005 ، 2. Change by Design How Design Thinking Transforms Organizations and Inspires Innovation, By: Tim Brown 2009 تصميم التغيير :كيف يرتقي التفكير المخطط بالمنظمات ويلهم االبتكار .تأليف :توم براون2009 ،
3. Design Thinking Integrating Innovation, Customer Experience, and Brand Value, By: Thomas Lockwood 2009 التفكير التصميمي المدروس :تفاعالت االبتكار مع خبرات العمالء وقيمة المنتجات .تأليف :توماس لوكوود2009 ، كتاب في دقائق
10
“عندما يتجاوز املرء املخاوف التي ت ُّ �سد عليه منافذ مقدرته الإبداعية ،ف� َّ إن الفر�ص اجلديدة تبد�أ يف الظهور” ديفيد كيلي