ٍ ثـوان... في اختلف املتخ�ص�صون كثري ًا حول طبيعة القيادة، فمنهم من جزم ب�أنها �صفة �شخ�صية يولد بها الفرد ومنهم من ر�أى �أنها جمموعة مهارات ميكن اكت�سابها وتنميتها ،ولأننا يف دولة ُ�س ّطر تاريخها و ُر�سمت �سيا�ساتها وا�ست�شرفت طريق م�ستقبلها ا�ستلهام ًا من ر�ؤى وحكمة قادتها ،كان من ال�سهل علينا �أن ن�ستقي معنى القيادة مقتب�سني تعريفاتها من مقوالت خرية القادة. متحدث ًا عن القيادة ،يقول �سيدي �صاحب ال�سمو ال�شيخ حممد بن را�شد �آل مكتوم نائب رئي�س الدولة رئي�س جمل�س الوزراء حاكم دبي “رعاه اهلل”“ :القيادة فكر ودهاء وحكمة وقوة �شخ�صية وتطلع دائم ملعايل الأمور ،و�أغلب هذه ال�صفات يولد بها الإن�سان ويرثها من �آبائه و�أجداده ،وميكن �أي�ض ًا تعلم بع�ضها .ولكن حتى من يولدون بهذه ال�صفات البد لقيادتهم من �صقل وتعليم وممار�سة واحتكاك ليكونوا قادة ناجحني”. ومن املعتقدات واملفاهيم اخلاطئة �أن �صفة القائد مق�صورة على املديرين التنفيذيني �أو زعماء ور�ؤ�ساء الدول �أو حتى القادة الع�سكريني ،لأن القيادة مبفهومها املب�سط هي الإم�ساك بزمام الأمور ،وتوجيهه �إلى ال�صواب لتحقيق الأهداف املطلوبة .وهنا جند �أن كل �شخ�ص م�س�ؤول عن ت�سيري �أمور الآخرين حتى ولو كان �شخ�ص ًا واحد ًا ،فهو يف موقع القائد .يف عملك �أنت قائد مهما كان موقعك الوظيفي ،يف حميطك االجتماعي �أنت قائد� ،أما على نطاق الأ�سرة ف�إن الآباء والأمهات هم مركز �إعداد وت�أهيل قادة امل�ستقبل. ولأن دولتنا احلبيبة تويل اهتمام ًا كبري ًا بتطوير القيادات املواطنة وو�ضع ا�سرتاتيجيات متطورة جليل من ال�شباب ميتلك مقومات القيادة لتحقيق التقدم والنمو امل�ستدام يف كافة املجاالت ،حر�صت م�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم �أن ت�أتي الدفعة الثامنة ملبادرة “كتاب يف دقائق” داعمة لتوجهات قيادتنا الر�شيدة وذلك عرب ملخ�صات باللغة العربية ملجموعة م�ؤلفات عاملية من �ش�أنها �أن ُتنري للقارئ طريق القيادة الناجحة ومتنحه و�سائل التغلب على املعوقات و امل�ضي قدم ًا نحو حتقيق �صفات القائد النموذجي. يف دفعتنا اجلديدة ملبادرة “كتاب يف دقائق” ت�أتيكم 3ملخ�صات مهمة تناق�ش موا�ضيع متعلقة بدور القيادة يف حياة الفرد والتعرف على �أنواع ال�شخ�صية القيادية وطرق تكوينها وتطورها .ت�ستهل الدفعة الثامنة مبلخ�ص لكتاب “افر�ض ح�ضورك” ،والذي ي�ساعد القارئ على ا�ستك�شاف �شخ�صيته القيادية يف املجال الإداري ،ويقدم و�صفة لتنمية ح�ضوره القيادي عرب جتاوز عدة حتديات ٌمكبلة لتحرر ال�شخ�صية القيادية الكامنة بداخله. �أما ملخ�ص الكتاب الثاين بعنوان ِّ “نظم حياتك” ،فهو مبثابة خارطة طريق للتخل�ص من الفو�ضى للأبد ،وذلك عرب �سل�سلة من الإر�شادات ت�ؤدي �إلى �إحداث قدر من التنظيم املُحفز على االبتكار والقادر على تهيئة الظروف لتنمية ال�شخ�صية القيادية لدى كل فرد. وتختم ملخ�صات الدفعة الثامنة بكتاب“قمة املتعة وقلة الراحة” ،للكاتبة جينيفر �سنيور، والذي ي�سلط ال�ضوء على دور الآباء والأمهات املهم ك�أول مركز لتدريب القادة يلتحق فيه الأطفال مع الت�شديد على �أهمية تطوير اخلطاب وطرق التوا�صل يف ظل التطور الهائل يف و�سائل االت�صال الإلكرتوين التي �شكلت فجوة بني الأجيال. �ستظل م�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم حري�صة على ن�شر وطباعة امل�ؤلفات التي تعزز القيم الثقافية واملجتمعية يف ظل توجهات ور�ؤى قيادتنا الر�شيدة� ،أمتنى لكم قراءة مثمرة ،وعلى موعد مع دفعة جديدة جتوب العامل لت�أتيكم مبلخ�صات تعزز مهاراتكم و ُترثي املكنون الثقايف لديكم.
جمال بن حويرب
1
الع�ضو املنتدب مل�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم كتاب في دقائق
افتح ذراعيك للتغيري هل تتقن فن احتواء املواقف والإم�ساك بزمام الأمور وال�سيطرة على خمتلف الظروف ،بالأقوال والأفعال والتوا�صل الف َّعـال؟ �أمل يحن الوقت لتنتقل �إلى مرحلة جديدة وحتقق قفزة كبرية يف �أدائك؟ هل متتلك املقومات والأدوات والطموحات التي ت�ؤهلك لهذه القفزة اال�ستثنائية؟ ُتطرح مثل هذه الت�سا�ؤالت تقريب ًا ب�صفة يومية يف بيئات العمل املتطورة واملتغرية ،والتي ال تن َّف ُك ت�ؤ ِّثر وتت�أثر بحركة الأ�سواق، وب�سرعة التغيري التي اعرتت كل منظماتنا ،وطالت كل مناحي حياتنا .فما بني الرتقيات ،وتفوي�ض امل�س�ؤوليات ،وحتليل امل�ؤ�شرات ،وتنظيم العقوبات ،وحتديد املكاف�آت ،يتخبط بع�ض القادة واملديرين ،ويحارون؛ ما بني الأ�ساليب الإدارية النمطية، وا�سرتاتيجيات الإدارة التناف�سية واال�ستثنائية .والأهم من ذلك هو �أن ال�سرعة الهائلة التي تتقدم بها تلك الأ�ساليب ،ال تدع جما ًال لالختيار :ف�إما املواكبة والفوز ،و�إما الف�شل واالندثار. بيد �أن بع�ض القادة – رغم �إدراكهم لهذا الواقع ال�صعب واملتغري – ما زالوا يت�شبثون بالأمناط الإدارية التي َع َّفى عليها الزمن. قد تكون لهم وجهة نظر يف ذلك؛ فتلك الأ�ساليب النمطية هي التي �أو�صلتهم �إلى هذا املقام قبل كل �شيء ،فما حاجتهم �إلى التغيري �إذن؟! ولكنهم يف هذا يغفلون عن حقيقة غاية يف الأهمية ،فلو �أنهم � َّأ�صروا على العي�ش يف كنف �أ�ساليب املا�ضي، وح�صروا �أنف�سهم يف �صناديق �أدواتهم التي عفى عليها الزمن؛ ف�إن احلا�ضر لن يحرتمهم ،وامل�ستقبل لن ينتظرهم .ولهذا، �أ�صبح لزام ًا على القادة الذين ُ ين�شدون الت�أثري ،ويقودون التغيري� ،أن يت َّبنوا املناهج الإدارية اجلديدة ،لين�ضم �إلى ركبهم بالتوعية وبالتبعية -ك ٌّل من حولهم من مديرين ،وتنفيذيني،وموظفني .ويف مثل هذه احلاالت ومع كل هذه اال�ستثناءات ،ف�إننا �سنحتاج دائما �إلى ما هو �أكرث و�أكرب من املهارات التقنية ،والأدلة الإر�شادية ،والربامج التدريبية؛ �سنبقى �أي�ضا بحاجة �إلى فر�ض “ح�ضورنا” القيادي.
احل�ضور القيادي والب�صمة ال�شخ�صية ح�ضورنا القيادي هو قدرتنا على �أن نعك�س ومنار�س قيمنا اجلوهرية ،ونحن نتوا�صل ،ونتفاعل ،ون�ؤثر فيمن حولنا. ورغم �أهمية وعمق هذا امل�ستوى من القيادة امل�ؤ َّث ِرة، �إال �أنه لن ي�ؤتي ثماره بدون العن�صر الأهم“ :الب�صمة ال�شخ�صية”� ،أي �صوت القائد العظيم ،ومل�سته ال�سحرية القوية ،التي ت�صن ُع �إيقاع ًا فريد ًا ،و�صدىً جديد ًا ،نابع ًا من احل�ضور الأ�صيل ،واالعتداد بالنف�س ،وال�شفافية يف كل املواقف ،ويف خمتلف امليادين .تلك الب�صمة ال�شخ�صية – مثل ب�صمة اليد وب�صمة العني – تختلف من مدير �إلى �آخر ،لتختلف معها الآثار واالنطباعات التي ترتكها يف نفو�س الآخرين .وهذا هو جوهر احل�ضور الفعـَّال ،الذي ال يعرتف بالف�شل.
معوقات احل�ضور القيادي ا�ستيعاب �شام ٌل ودقيق وعميق ،ملفهوم احل�ضور �إذا مل يرت�سخ يف داخلنا ٌ القيادي ،ف�ستحكمنا الأفكار امل�شو�شة ،وحتركنا املعتقدات – �أو بالأحرى املعوقات – املغلوطة ،فتدخلنا يف نفق مظلم .تلك املعوقات هي ال�سبب الكامن وراء �إخفاق بع�ض امل�ؤ�س�سات ،وعجزها عن تهيئة ُمناخ �إبداعي، وخلق قادة م�ؤثرين ،واكت�ساب ميزات تناف�سية تفرقها عن القطيع. ن�ستعر�ض فيما يلي ثالثة مع ِّوقات رئي�سة تلعب الدور الأكرب يف ت�ضليل بع�ض القادة.
العائق الأول :هذه �شخ�صيتي وال �أمل يف التغيري منهجا ً مثبطا هذه واحدة من �أخطر املعوقات التي ت�سلب �صاحبها الأمل والقدرة على التغيري وال�سعي �إلى التطوير .ف�أ�صحاب هذا املبد�أ يتبنون ً ً وحمبطا للآمال ،وهو �أن احل�ضو َر �سم ٌة فطري ٌة ،ولي�س �سلوك ًا مكت�سب ًا؛ ف�إن مل تُولد به ،فال جدوى من املحاولة� .إال �أن احل�ضور – يف واقع العزم على ذلك ،من دون �شروط �أو قيود ،فلن�أخذ “بيل جيت�س” ونر�سخها �إذا ما عقدنا َ الأمر – هو �إحدى اخل�صال التي نكت�سبهاِّ ، وننميهاِّ ، مثا ًال؛ فهو ميلك ذكا ًء علمي ًا ومنطقي ًا وتقني ًا مميز ًا ،ولكنه لي�س �شديد اللباقة ،وال ميلك ذكا ًء عاطفي ًا موازي ًا .ولكن ح�ضوره الطاغي ينبع من ومت�سكه العتيد بقيمه الإن�سانية ،ومبادئه اجلوهرية. ا�ستيعابه الكامل لر�ؤيته ،و�سعيه �إلى حتقيقهاُّ ،
كتاب في دقائق
2
العائق الثاين :املحاكاة والتقليد قد يتناق�ض هذا العائق مع العائق الأول؛ لكنه يف املقابل ،ال يقل عنه �أهمية. فبد ًال من �أن َّ أ�صحاب هذا املنهج مكتويف الأيدي ،وراغبني عن التغيري، يظل � ُ ف�إنهم يهرعون �إلى حماكاة كل من حولهم �أم ًال يف �أن ينالوا قد ًرا من ح�ضورهم .فتجدهم يتبنون نظراتهم ،و�أحاديثهم ،و�أ�ساليبهم اعتقاد ًا منهم ب�أن هذه هي الطريقة املثلى والوحيدة ،ليح�صلوا على جائزة� ،أو ي�ستفيدوا من مبادرة� ،أو ينالوا ترقية� ،أو يتمتعوا بح�ضور طا ٍغ ،فتندثر – يف خ�ضم حماوالتهم – �أفكارهم الإبداعية ،وتخبو نقاط قوتهم الفريدة واال�ستثنائية.
العائق الثالث :مبا �أن ال�سفنَ ت�سري، فال داعي للتغيري معتقد خاطئ ،وهو �أن احل�ضور ينطوي هذا العائق على ٍ مهارة ثابتة؛ فمتى اكت�سبته فال حاجة بك �إلى �صقله وتطويره� .إال �أن القيادة يف �أحد تعريفاتها تعني املرونة والقدرة على التكيف؛ حيث تختلف توقعات وتطلعات املوظفني مبرور الوقت ،وب�شكل يحتم عليك تطوير �أ�ساليبك القيادية من من�صب �إلى �آخر ،وتغيري توجهاتك الفكرية من موقف �إلى �آخر.
حمركات احل�ضور القيادي ِّ ال يقت�صر احل�ضور القيادي على الزي الذي ترتديه� ،أو الكلمات التي تنطق بها� ،أو الفكر الذي تعك�سه .فالأمر يتطلب حالة من االمتزاج بني مقومات العقل ،واجل�سد ،والل�سان؛ �أو مبعنى �أدق ،هو نتاج التفاعل املثمر بني املعتقدات الذهنية ،وا�سرتاتيجيات التوا�صل ،والطاقة البدنية. uاملعتقدات الذهنية :ت�شري �إلى التهيئة العقلية التي تُخ ِّولنا تبني الو�ضع الذهني املالئم لكل موقف على حدة .تلك املعتقدات هي التي ت َُ�ش ِّكل عاملنا الواقعي واالفرتا�ضي ،ونظرتنا �إلى �أنف�سنا و�إلى الآخرين ،وا�ستيعابنا للظروف املحيطة. uا�سرتاتيجيات التوا�صل :ت�شري �إلى الأدوات والآليات التي ُن ِّ �سخرها لنتفاعل ونلهم، ون�ؤثر يف الآخرين .تلعب هذه اال�سرتاتيجيات دور ًا مزدوج ًا؛ فمن �ش�أنها �أحيان ًا �أن تدعمنا وحتفزنا ،ومن املمكن �أي�ض ًا – فيما �إذا �أ�س�أنا ا�ستخدامها – �أن تعزلنا وتق ِّيدنا .فما بني حماوالت ال�سيطرة على احلوار ،والف�شل يف ا�ستيعاب وجهات نظر الآخرين ،والرثثرة حول التفا�صيل ،مبن�أى عن ال�صورة الكاملة ،واعتماد التلميح بد ًال من احلوار ال�صريح ،تخفق معظم حماوالتنا للتوا�صل مع الآخرين. uالطاقة البدنية :يق�صد بها تهيئة الأو�ضاع اجل�سدية ب�شكل يتيح لنا التحكم يف الإيحاءات والإمياءات وغريها من �أ�ساليب التوا�صل غري اللفظي ،ومالحظة �أث َرها على الآخرين .فحني يتج َّول املدير يف �أرجاء امل�ؤ�س�سة وهو ِّ مقطب اجلبني ،ف�إنه يخلق مناخ ًا من القلق والتوتر واالرتباك بني املوظفني ،الأمر الذي ي�ؤثر �أي�ض ًا على م�سارات وجودة العمل. �أي �أن لغة اجل�سد – �شئنا �أم �أبينا – تتحدث نيابة عنا ،حتى و�إن مل ننب�س ببنت �شفة. 3
كتاب في دقائق
ت�شخي�ص احل�ضور عندما تتغري الظروف ،تتغري معها املتطلبات والتوقعات .فكيف لك �أن حتافظ على ح�ضورك القيادي يف ظل كل هذه البيئات املتقلبة واملتنوعة؟ للإجابة عن هذا ال�س�ؤال ،ن�ستعر�ض ما ي�سمى بـ “رباعية احل�ضور” ،تلك الأداة التي ا�ستخدمها �آالف الأ�شخا�ص لت�شخي�ص منط احل�ضور الأكرث حتكم ًا يف عالقاتهم مع الآخرين .وتقوم هذه الرباعية على منطني �أ�سا�سيني ،هما: uالنربة ال�شخ�صية� :أي قدرة القائد على تبليغ ر�سالته ،وتو�صيل ر�ؤيته ،والت�شبث بقيمه ومبادئه. uالنربة اجلماعية� :أي قدرة القائد على التوا�صل ،والت�أثري فيمن حوله ،وجمع قلوبهم على قلب رجل واحد. وهنا يكمن التحدي يف �أهلية القائد للتنقل �أو الدمج بني النمطني ب�شكل ا�سرتاتيجي ومنهجي ،ووفق ًا ملتطلبات كل موقف؛ �أي �أن َيع ِـرف متى يدافع عن نف�سه ومعتقداته وفريقه ،ومتى ي�ضع نف�سه مكان الآخرين ليتبنى ق�ضاياهم ويدافع عن قيمهم وعن ر�سالتهم .عند هذه املرحلة فقط تولد الب�صمة ال�شخ�صية القوية. ولكن نظر ًا ل�ضغوط احلياة وتزايد الأعباءَّ ، ن�ضطر يف كثري من الأحيان �إلى الت�شبث بنمط واحد فقط دون �سواه ،منع ًا للتخبط، و�أم ًال يف احل�صول على �أف�ضل النتائج .عندها ننتقل من م�ستوى “الب�صمة ال�شخ�صية” �إلى واحد من الأمناط الثالثة الأخرى من رباعية احل�ضور التي ت�شمل“ :الب�صمة املرتاخية �أو الل ِّينة” ،و “الب�صمة املتحكمة” ،و “الب�صمة ال�سلبية” .فحني تغلب عليك النربة ال�شخ�صية ،ف�إنك تنتقل من خانة الب�صمة ال�شخ�صية القوية
�إلى خانة الب�صمة املتحكمة� .أما �إن غلبت عليك النربة اجلماعية، ف�إنك تنتقـ ُل من خانة الب�صمة القوية �إلى الب�صمة املرتاخية. ون�ستعر�ض فيما يلي �أعرا�ض و�أو�صاف كل ب�صمة على حدة ،وعليك �أن تت�أمل هذه الأو�صاف كي حتدد �أي الب�صمات �أكرث حتكم ًا يف تفاعالتك وجهودك و�أنت تقود جهو َد الت�أثري ،من �أجل التغيري والتطوير.
-1الب�صمة املرتاخية (الل ِّينة) انعكا�سها على الآخرين :يراك الآخرون متعاون ًا ،ومتوا�ضع ًا ،وحم ًال للثقة ،الأمر الذي يجعلهم يلج�أون �إليك لقدرتك على ا�ستيعاب وتقبل وجهات النظر املختلفة دون �إطالق الأحكام� .أنت ت�ستغرق الكثري من الوقت قبل اتخاذ القرارات مهما كانت ب�سيطة ،كي ت�ستمع �إلى الآراء املختلفة ،وتر�ضي جميع الأطراف ،وتخرج ب�أف�ضل احللول. انعكا�سها عليك :قلما تبادر �إلى طرح �أفكارك ومقرتحاتك يف االجتماعات ،وتف�ضل اال�ستماع بد ًال من احلديث ،ولهذا ف�إنك تنزعج لدى حماوالت بع�ض احلا�ضرين الرثثرة حول �أمور تافهة وفرعية من دون فائدة جوهرية� .أنت تهتم بنظرة الآخرين �إليك ،وحتر�ص على تلبية احتياجاتهم وتنفيذ تطلعاتهم ،حتى و�إن تعار�ضت مع احتياجاتك .ترف�ض َ التعامل وفق برامج زمنية وجداول عمل غري واقعية ،وكثري ًا ما تحُ ِّفز نف�سك ومن حولك قائ ًال“ :يعتمد الكثريون علينا ،فال يجوز �أن نخذلهم”
كتاب في دقائق
4
-2الب�صمة املتحكمة انعكا�سها على الآخرين :ينزعج الآخرون �أحيان ًا من قدرتك الهائلة على منا�صرة فريق عملك و�إ�سهاماتهم ،يف حني تتجاهل احتياجات و�إجنازات الآخرين .قد ينبه ُر من حولك بر�ؤيتك اجلل ِّية وقدرتك على حتويل املعطيات �إلى نتائج ملمو�سة ،ولكنهم يف نف�س الوقت ،ينبذون منهجك الذي ميكن و�صفه بـ “املت�شدّد”، �أو “املتح ِّكم”� ،أو “القا�سي” ،و�أحيانا “املتكرب” �أو “املتغطر�س”. انعكا�سها عليك� :سرعان ما ينفد �صربك جتاه حماوالت وم�ساعي َ احللول الو�سط ،وجتد �صعوبة يف ا�ستيعاب الآخرين ،وترف�ض وجهات النظر املغايرة لوجهة نظرك .ت�ؤدي عملك على �أكمل وجه حني تتمتع بال�سلطة التي متكنك من التحكم يف فريق العمل .جتد وتتن�صل من امل�س�ؤولية ب�إلقاء اللوم على متعة يف �إيقاع العقوباتَّ ، الآخرين �أو الظروف املحيطة .حني تكون امل�ؤ�س�سة على �أبواب التغيري ،وت�شرف على �إجراء بع�ض التعديالت ،ف�إن �أول ما يجول يف خاطرك“ :كيف �س�أ�ستفيد – �أنا وفريقي – من هذا التغيري؟”
-3الب�صمة ال�سلبية تنطوي هذه الب�صمة على قدر من التعقيد يفوق نظرياتها من الب�صمات .فمن منا ال مير ببع�ض اللحظات التي تندث ُر فيها نربته ال�شخ�صية واجلماعية على حد �سواء؟ تلك هي الب�صمة ال�سلبية التي جتلب ل�صاحبها عدد ًا ال ح�صر له من االتهامات كالتبعية واالنعزال والعجز وال�ضعف والرتاخي وقلة احليلة وغري ذلك من ال�سمات التي ال تخلو من الإحباط والتثبيط .ولكن �أي ًا كان املُ�س َّمى ،فالتم�سك بهذه الب�صمة لفرتة طويلة ودون �أدنى حماولة لتبني واحدة من الب�صمات الأخرى ،يجلب ل�صاحبها ما ال حتمد عقباه.
كيف تتبنَّى مبادئ الب�صمة ال�شخ�صية القوية ت َُ�ش ِّكل حمركات احل�ضور القيادي يف جمملها نظام ًا متكام ًال ال ي�ؤتي ثماره وال يحقق نتائجه املرجوة �إن حدث خلل ما يف �أحد حمركاته .فبمجرد �أن يتعطل �أحد املحركات الثالثة ،ف�إنه ي�ؤثر فيما عداه ،وينزلق القائد – دون �أن ي�شعر – من خانة الب�صمة القوية �إلى واحدة من الب�صمات الثالث الأخرى( :املرتاخية� ،أو املتحكمة� ،أو ال�سالبة).
حالة “فينتي” ت َّولى “�أدريان فينتي” من�صب رئي�س بلدية وا�شنطن بني عامي 2007و ،2011وهو �أحد �أ�شهر مناذج القادة الذين فقدوا ح�ضورهم لدى ت�ضخم منا�صبهم وتزايد م�س�ؤولياتهم .حني تر�شح “فينتي” ملن�صب رئي�س البلدية� ،ش َّكك اجلميع يف قدرته على الفوز� .إال �أن حملته االنتخابية “ال�شر�سة” ووا�سعة النطاق والتي جعلته يطرق �أبواب املواطنني كافة قد �ضمنت له النجاح باكت�ساح. 5
كتاب في دقائق
عمل “فينتي” �سابق ًا كع�ضو يف جمل�س النواب ،وا�شتُهر ب�صالبته ،وقدرته على حتقيق النتائج املذهلة ،وتوا�صله منقطع النظري مع اجلمهور .كان �سريع اال�ستجابة لل�شكاوى ،ودائم الوقوف يف وجه �أي ق�صور يف الأداء احلكومي .ومن ثم فقد اكت�سب ح�ضور ًا طاغي ًا ومتتَّع بب�صم ٍة �شخ�صي ٍة قوي ٍة جتلت �آثارها ومالحمها على كل من حوله .كان ذلك قبل �أن يتولى من�صب رئي�س البلدية؛ ذلك املن�صب الذي َ�ش َّكل نقطة فارقة يف حياته ب�أكملها .فقد حت َّول امل�ؤيدون �إلى معار�ضني ،واملدافعون �إلى مهاجمني – رغم ما حققه من �إجنازات خالل فرتة تن�صيبه .فكيف حت َّول من ع�ضو جمل�س نواب ناجح ،وذي ح�ضور قوي� ،إلى رئي�س بلدية مغ�ضوب عليه ،حتى من ِق َبل من دعموه �سابق ًا؟ جنمت هذه الطفرة عن انزالقه من خانة الب�صمة ال�شخ�صية القوية� ،إلى خانة الب�صمة املتحكمة ،وذلك نتيجة عدم تك ُّيف ح�ضوره ال�سابق مع متطلبات املن�صب اجلديد .وميكن �أن ن�شرح هذا االنزالق ب�شكل مب�سط يف �ضوء حمركات احل�ضور القيادي: uتبنى “فينتي” معتقد ًا ً مغلوطا حني ظن �أن قدرته على ا�ستخدام مقومات النجاح ال�سابق �ستحقق النجاح يف املن�صب اجلديد ،وبالتايل فقد ا�ستخدم نف�س الأدوات والآليات القدمية دون تغيري �أو تطوير. uعمد �إلى ا�ستخدام ا�سرتاتيجيات التوا�صل القائمة على الأمر والنهي ،وجتاهل وجهات النظر املغايرة؛ الأمر الذي َّ متخ�ض عن فجوة هائلة بينه وبني من حوله من موظفني ومواطنني ،فلم يعد يتجاوب ب�سرعة وفاعلية كما اعتاد �أن يفعل يف من�صبه القدمي ،فانعزل عن م�شكالت الواقع ،وانخف�ض �أدا�ؤه ،وتق َّل�صت قدرته على الت�أثري. � uأجمع املواطنون على افتقار “فينتي” �إلى الطاقة الإيجابية واحل�ضور الإن�ساين .فقد تباط�أ – على �سبيل املثال – عن ح�ضور �إحدى اجلنازات الر�سمية لي�أتي بعد �أن �شارفت املرا�سم على االنتهاء ،يف زي زاهي اللون؛ الأمر الذي اعتربه اجلميع مظهر ًا متعجرف ًا ال يليق مب�س�ؤول يتقلد من�صب ًا ر�سمي ًا رفيع ًا. من هذه التجربة يت�ضح �أنَّ تدهور م�سرية “فينتي” العملية وتراجع �سريته الذاتية احلافلة بالإجنازات ،كان نتيجة لتق�صريه وعدم التزامه مبحركات احل�ضور القيادي.
حمطة الإقالع لكل منا حمطة الإقالع اخلا�صة به ،والتي ينتقل من خاللها تدريجي ًا �صوب �آفاق الب�صمة ال�شخ�صية القوية .وبالتايلقديفيدنا�أنن�ضعتقييم ًامبدئي ًاملحطتناالرئي�سية،وبنا ًءعليه،نبتكرر�ؤي ًة�أولي ًةلوجهتنا. وي�سلط ال�ضو َء على �أوجه الق�صور التي ي�ساعدك التطبيق التدريبي التايل يف حتديد حمطتك َّ حتتاج مزيد ًا من االهتمام والرتكيز كي تفر�ض ح�ضورك بقوة وفاعلية: -1اخرت �شخ�ص ًا واحد ًا تتفاعل معه ب�شكل منتظم ،وي�شكل التعامل معه بالن�سبة لك �أمر ًا مرهق ًا. -2ا�سرتجع موقف ًا جمعك بهذا ال�شخ�ص ،وانتقل فيه بح�ضورك من خانة الب�صمة ال�شخ�صية القوية� ،إلى واحدة من الب�صمات الثالث الأخريات. � -3صف حالتك يف هذا املوقف على �ضوء: uاملعتقدات :فيم كنت تفكر �آنذاك؟ مباذا �شعرت؟ اكتب حالتك الذهنية امل�سيطرة على املوقف وحالة ال�شخ�ص الآخر من وجهة نظرك. uا�سرتاتيجيات التوا�صل :هل بادرت بطرح الأ�سئلة �أم اكتفيت باال�ستماع؟ اكتب �آليات التوا�صل التي ا�ستخدمتها وتلك التي جتنبتها. uالطاقة البدنية� :صف لغة اجل�سد التي اعتمدتها ،وكيف كان مردودها على الطرف الآخر. uراجع �إجاباتك عن الأ�سئلة ال�سابقة لتحدد �أي ال�سلوكيات والأفكار عملت ل�صاحلك ،و�أيها حالت بينك وبني فر�ض ح�ضور قوي وفعـَّال. بالطبع نحن ال منلك من الوقت ما ي�سمح لنا بالوقوف على كل موقف منر به لنت�أمله ونفح�صه .يكفيك �أن تعتمد طريقة التحليل ال�سابقة بني الفينة والأخرى لتحدد نوع الب�صمة الأكرث �شيوع ًا وحتكم ًا يف مواقفك – �أي حمطة الإقالع اخلا�صة بك – والتي تقف حائ ًال يف وجه ب�صمتك ال�شخ�صية القوية .تذكر هذه املحطة يف خ�ضم عملك على تطوير حمركات ح�ضورك ،والتي نتناولها با�ستفا�ضة فيما يلي. كتاب في دقائق
6
�أو ًال :تطوير املعتقدات الذهنية ت�شكل املعتقدات الذهنية نبع الكلمات التي جتري على �أل�سنتنا، وال�سلوكيات التي نتبناها .فال �شك يف �أن لأفكارك �أثر ًا كبري ًا يف تغيري م�سار خرباتك ،وجتاربك ،وتفاعالتك مع الآخرين. ومن ثم تعترب عملية فح�ص املعتقدات الذهنية ال�سائدة والرتكيز على الإيجابي منها �أولى اخلطوات نحو تَب ِّني ب�صمة �شخ�صية م�ؤثرة .يتم الرتكيز هنا على املعتقدات الثالثة الأكرث �أهمية ،فيما يتعلق بت�شكيل احل�ضور القيادي .لكن املهم هو حماولة اكت�شاف املعتقد الذي يحكم ت�صرفاتك ،ونوع الب�صمة التي تنتقل �إليها نتيجة لذلك ،ثم كيفية التحرر من قيود هذا املعتقد لت�ستقر يف خانة الب�صمة ال�شخ�صية القوية. u
الثقة :التقييم املو�ضوعي لإ�سهاماتك ال�شخ�صية
يعاين كثريون من ال�شعور بقلة احليلة وعدم القدرة على الت�أثري والإ�سهام الفعـَّال .وكما �أن لتلك الهواج�س املحبطة جانبها من اخلطورة – ال �سيما القادة الذين ين�شدون متتني نربتهم ال�شخ�صية ،ف�إنها باملثل؛ تت�سم الب�صمة املتحكمة التي تبالغ يف حجم الإجنازات وت�ضخمها ،بقدر �أكرب من الأهمية .ولكن لكي تدرك �أعلى درجات احل�ضور ،يجب �أن تت َّبنى حتديث ًا دوري ًا لر�ؤيتك ومعتقداتك ،حول �إ�سهاماتك ،كي تكون لثقتك بذاتك مرجعية �صلبة على �أر�ض الواقع .ويت�س َّنى لك ذلك من خالل: -1حتديد مواطن قوتك :مي ِّكنك اكت�شاف �سماتك ومهاراتك الفريدة من اكت�ساب الثقة الالزمة لفر�ض ح�ضور قوي ومالئم ملن�صبك احلايل .ا�س�أل نف�سك :ما الذي مييزين ويفتقر �إليه الآخرون؟ وهنا ميكنك �أن ت�س�أل زمالءك املوثوقني عن وجهة نظرهم غري املتحيزة جتاه �إ�سهاماتك ومميزاتك. -2حدد دائرة الت�أثري :يبالغ بع�ض القادة �أحيان ًا� ،إما يف ت�ضييق �أو تو�سيع نطاق العمل ،والت�أثري اخلا�ص بهم ،ب�شكل ال ميت للواقع ب�صلة. فعلى �سبيل املثال� :ش َّبه رئي�س �شركة ا�ستثمارية دوره يف زيادة العوائد والأرباح بـ “اجتياز املعركة التناف�سية” اخت�صر ذلك الت�شبيه دوره يف التغلب على املناف�س احلايل فقط ،دون و�ضع �آليات م�ستقبلية ملواجهة التحديات واملناف�سني املحتملني ،الأمر الذي �أ َّثر على جناح ال�شركة فيما بعد. عـرف النجاح :ي�شمل مفهوم النجاح ك ًال من ا�ستيعابك ال�شخ�صي الحتياجات وتطلعات امل�ؤ�س�سة ،ور�ؤيتها اخلا�صة يف هذا ال�ش�أن. ِِّ -3 ومن ثم ،يجب �أال تتناول الأمر يف �ضوء مفهومك ال�شخ�صي فقط .تفاعل مع امل�س�ؤولني و�أع�ضاء الفريق ب�شكل متوا�صل ومتعمق لتدرك تطلعاتهم ،ولتعرب عن ر�ؤيتك اخلا�صة يف نف�س الوقت.
حدِّ ث �سريتك واترك ب�صمتك �إذا �أردت تقييم �إ�سهاماتك ب�شكل واقعي ومو�ضوعي ،فلي�س �شرط ًا �أن تن�شرها على امللأ .بل يكفي �أن تط ِّور �سريتك الذاتية؟ ي�ساعدك التدريب التايل على مراجعة �إجنازاتك احلقيقية من خالل الإجابة عن الأ�سئلة الآتية: � -1إذا �أردت �أن �أعرب عن قيمي ال�شخ�صية يف ثالث جمل ،فماذا �ستكون؟ � -2أي الإ�سهامات ينبغي �أن �أدرجها �ضمن �سريتي كي تعك�س خرباتي العريقة والعميقة؟ -3ما املعلومات التي يجب �أن تت�ضمنها �سريتي كي يدرك �أ�صحاب القرار قدراتي الفريدة، فتزداد فر�ص تقلدي ملنا�صب �أكرب و�أكرث ت�أثري ًا؟ تتو�صل �إلى �إجابات مقنعة عن الأ�سئلة ال�سابقة� ،ستت�ضح ر�ؤيتك حول ما تقدمه من مبجرد �أن َّ خدمات ،ومن ثم تتحفز لتخرج �أف�ضل ما يف جعبتك ،ولتزداد ثقتك ،ويطغى ح�ضورك �أكرث ف�أكرث. 7
كتاب في دقائق
uاملنظور الفكري :وجهة النظر التي تتبناها تو�سع منظورك الفكري ،اتبع ت�شرتط الب�صمة ال�شخ�صية القوية تقبل وجهات النظر املختلفة والتعامل مع الأمور مبفهوم كلي و�شامل .لكي ِّ الإر�شادات التالية: � -1ضع نف�سك مكان الآخرين :يف كثري من الأحيان تفر�ض عليك بع�ض املواقف َّ التخلي عن حتيزك لر�ؤيتك اخلا�صة ،ولتت�أمل عن كثب توجهات وتطلعات الآخرين ،ومدى ا�ستيعابهم للموقف برمته� .أف�سح املجال لتبادل وجهات النظر املتباينة مبا يحقق ال�صالح العام وير�ضي جميع الأطراف. نب منهج ًا ا�سرتاتيجي ًا �شام ًال :ينتهج القادة ذوو احل�ضور القوي ما ي�س َّمى يف عامل الأعمال مبنظور “الر�ؤية البانورامية” ي�شري هذا -2ت َّ الت�شبيه �إلى قدرة القائد على االنف�صال بذاته عن فو�ضى الآراء املت�ضاربة ،ووجهات النظر املتعار�ضة ليبتعدَ قلي ًال ،ويرى ال�صورة ال�شاملة. من هنا تربز �أهمية تهمي�ش امل�صالح واالهتمامات ال�شخ�صية وتطلعات الآخرين دون متييز �أو حت ُّيز. uال�شفافية :القيم اجلوهرية التي تعك�سها لكي تعزز قيمك ب�شكل �إيجابي وف َّعال ،عليك �أن: -1حتدد قيمك ال�سامية :اكتب املبادئ والقيم التي تلعب الدور الأكرب يف حتقيق جناحك ومتيزك. -2تركز على الأهداف امل�شرتكة :بد ًال من �أن تبدِّ د وقتك وجهدك يف حماولة �إقناع الآخرين – �أو بالأحرى �إجبارهم – على تب ِّني ر�ؤيتك ال�شخ�صية ،ح ِّول تركيزك نحو الأهداف والر�ؤى امل�شرتكة فيما بينكم .ف�إن كان هدفك – مث ًال – تقلي�ص ديون امل�ؤ�س�سة ،يف حني اهتم زميلك بتقلي�ص تكاليف العمليات املالية الداخلية ،ف�سيكون ب�إمكانكما التعاون وحتقيق الهدف الأ�سمى وهو تطوير وحت�سني الأداء املايل للم�ؤ�س�سة ككل.
املعتقدات ال�شائعة و�إعادة ت�شكيلها املعتقد يف �شكله اجلديد
املعتقد
الب�صمة التي تنتمي �إليها
الثقة“ :ينبغي على اجلميع �أن يثق بي ويقدر معرفتي وخرباتي الوا�سعة”.
الب�صمة املتحكِّمة
“ميكنني �أن �أ�صقل خرباتي و�أمزجها بخربات الآخرين كي نخرج ب�أف�ضل النتائج”.
املنظور الفكري“ :ه�ؤالء �أكرث مني خربة، و�آرا�ؤهم ووجهات نظرهم هي الأ�صوب!”
الب�صمة املرتاخية
“ينبغي �أن نتبادل وجهات النظر املختلفة مبا يف ذلك وجهة نظري -لنختارالأ�صوب من بينها”.
ال�شفافية“ :قد ال تفيدهم قيمي �أو جتديهم مبادئي نف ًعا ،فال داعي لذكرها!”
الب�صمة ال�سلبية
“نحن نتب َّنى قيم ًا خمتلفة ،لكننا نتفق على هدف واحد”.
ثاني ًا :تعزيز ا�سرتاتيجيات التوا�صل الآن وبعد �أن �أدركت كيف تخاطب وتحُ ِدث معتقداتك الذهنية� ،آن الأوان لأن تعمل على تعزيز ا�سرتاتيجيات التوا�صل والتفاعل مع الآخرين .عليك بالإر�شادات التالية لتتبنى ب�صم ًة �شخ�صي ًة قوية: � uضع �إطار ًا منا�سب ًا لر�سالتك :يحتاج القادة �إلى توفري ال�سياق املالئم حل�شد الأ�شخا�ص واملوارد بهدف �إجناز مهمة بعينها .ففي عام � ،2007ألقى “�ستيف باملر” خطا ًبا يف “كلية �ستانفورد للأعمال” ،والتي كان قد تخرج فيها ،قبل �أن ين�ضم �إلى �شركة “ميكرو�سوفت” . �أق َّر “باملر” ب�أنه قد راودته بع�ض ال�شكوك حول �صواب قراره برتك اجلامعة قبل �إنهاء درا�سته ،وذلك بعد فرتة وجيزة من ان�ضمامه لل�شركة .عندئذ ا�صطحبه “بل جيت�س” لتناول الغداء وقال له“ :رمبا تعتقد �أنك قد جازفت مب�ستقبلك الدرا�سي واملهني لتعمل يف �شركة تن�س �أننا نعمل لن�ضع جهاز حا�سوب يف كل منزل وفوق كل مكتب” بهذا الإطار الب�سيط وال�شامل ال يتجاوز عدد موظفيها الثالثني ،لكن ال َ ت َّوج “جيت�س” ر�ؤيته ور�سالته ،فا�ستطاع “باملر” �أن يرى قراره من منظور مغاير متام ًا ،وي�ساهم يف جناح هذه ال�شركة العاملية. كتاب في دقائق
8
uحدِّ د جمهورك :قبل �أن ت�شرع يف التوا�صل مع �شخ�ص ما ،راجع حمادثاتك ال�سابقة معه و�أجب عن الأ�سئلة التالية :ما �أف�ضل الطرق للت�أثري يف هذا ال�شخ�ص :هل �أن تكون وا�ضح ًا و�صريح ًا� ،أم حا�سم ًا وغام�ض ًا؟ هل �سرتكز يف حديثك على النوايا� ،أم على احلقائق املجردة؟ ما النهج الذي يتبعه يف التوا�صل مع الآخرين :هل يبادر بطرح الأ�سئلة� ،أم ي�صر على موقفه� ،أم يتقبل الآراء املختلفة ب�صدر اهتماما خا�ص ًا :الوقت� ،أم كرثة االجتماعات� ،أم النتائج؟ توفر لك �إجابات هذه الأ�سئلة منهج ًا عملي ًا رحب؟ ما الأمور التي يعريها ً وواقعي ًا للتوا�صل مع هذا ال�شخ�ص بت�أثري. uحدِّ د الهدف من التوا�صل :عليك �أن حتدد م�سبق ًا الغر�ض من هذا التوا�صل -هل هو مزيد من املوارد� ،أو الوقت� ،أو ال�شفافية � ...إلخ - ين�صب تركيزُك وحدي ُثك على هذا الغر�ض .مع احلر�ص على �أن جتذب الطرف الآخر �إلى �صفك لي�شاركك الهدف والر�ؤية. كي َّ
الإطار ..اختيار بعد �أن تط ِّور �آليتك للتوا�صل الف َّعال مع جماهريك املختلفة ،ابد�أ يف اختيار الإطار الأن�سب .يخ�ضع الت�أطري الف َّعال للعديد من الأ�شكال نذكر منها: uالت�أطري اال�سرتاتيجي :يتم من خالل ربط ر�سالتك ب�أولويات ومتطلبات امل�ؤ�س�سة. uالت�أطري الهادف :يتحقق بربط ر�سالتك بالأهداف والإجنازات املن�شودة. uالت�أطري املجازي :يت�أتى با�ستخدام بع�ض الت�شبيهات واال�ستعارات التي تبث يف ر�سالتك احلياة .فمث ًال ،حني يخاطب املدير التنفيذي موظفيه قائ ًال“ :نريد �أن نعمل كفريق كرة ال�سلة ،ال كفريق ال�سباحة ”،ف�إنه يريد بذلك �أن يحثهم على العمل اجلماعي ،ال الفردي. uالت�أطري املو�سيقي� :أي ا�ستخدام عبارات ر َّنانة تلخ�ص ر�سالتك ويف نف�س الوقت تطرب لها الآذان ،وتُخ ِّلدها الأزمان.
ُ التوا�صل الفعـ َّ ُ ال �ضرب ًا من املُحال؟ متى ُي�صبح ي�ستهني كثريون ب�أهمية الإن�صات واال�ستماع للآخر – ال �سيما َمنْ تغ ِلب عليهم الب�صم ُة املتحكمة – مما يتمخ�ض يف نهاية املطاف ،وبعد الكثري من االلتفاف ،عن حمادثات جوفاء .جت َّنب ا ُ َّ حلجج التالية والتي يردِّدها ه�ؤالء لتربير عدم رغبتهم وقدرتهم على ا�ستيعاب الآخرين: � uأنا �أعرف ما �سيقال؛ فلماذا �أ�ستمع لع�شرين دقيقة دون طائل! uال �أرغب يف �إ�ضاعة املزيد من الوقت. uال �أو ُّد �أن �أ�شتت �أفكاري و�أفكار الآخرين. uال تهمنى مواقف ور�ؤى الآخرين ومدى ا�ستيعابهم ملواقفي. � uأ َف ِّ�ضل احلديثَ على اال�ستماع كي ي�ستفيدوا من خرباتي ومعلوماتي.
ثالث ًا :حت�سني الطاقة البدنية ت�ؤثر الطاقة املتوهِّ ج ُة يف داخلك ب�شكل ملحوظ ،فيمن حولك �أ َّيا كان مظهرك �أو براعتك يف �إلقاء املقدمات .فبد ًال من َت َب ِّني املقومات املفرت�ضة للنجاح ،هيئ نف�سك ج�سد ًيا وا�ستعد فعلي ًا ،لأن تعك�س طاق ًة النجاح املن�شود. وجتذب معهم جتذب النا�س، ُ ُ َ uت�أمل َ لغة اجل�سد :الحظ ردود �أفعالك من �إمياءاتك و�إ�شاراتك ونظراتك و�أ�صواتك وتعبرياتك .فحني يعلو �صوتـُك �أو تت�سارع كلماتـُك - على �سبيل املثال -ف�إنك تعطي انطباع ًا بال�سيطرة املتحكمة والتقليل من �ش�أن الآخرين ،منزل ًقا -بالطبع � -إلى خانة الب�صمة املتحكمة. ت�أمل تلك التفا�صيل الب�سيطة ،واعمل عليها على الفور ،ويف�ضل لو طلبت من العاملني معك �أن ي�صارحوك بالأ�ساليب التي تزعجهم ،حتى يت�سنى لك جتنبها فيما بعد. كاف � uأعد �شحن طاقتك :تختلف �آليات �شحن وتزويد الطاقة اجل�سدية من �شخ�ص �إلى �آخر .بع�ضنا يجد راحته يف احل�صول على ق�سط ٍ من النوم� ،أو تناول قهوة ال�صباح� ،أو ممار�سة التمرينات الريا�ضية ،وغري ذلك الكثري .ولكن ثبت �أن الأن�شطة التي تقوم على اال�سرتخاء والت�أمل تفيد القادة ب�شكل عام ،ومن مييلون �إلى “الب�صمة املتحكمة” ب�شكل خا�ص� .أما الذين تغ ِلب عليهم الب�صمة املرتاخية فتفيدهم الأن�شطة التي تركز على تعزيز مواطن القوة وا�ستثمار الطاقات الكامنة ،وبالتايل تدعم نربتهم ال�شخ�صية .ابحث عن الن�شاط الأمثل ومار�سه ب�شكل ا�سرتاتيجي ،ومتوا�صل لتنعم بح�ضو ٍر منقطع النظري. 9
كتاب في دقائق
ُ uكن مرئي ًا :لكي ت�ضمن و�صول ر�سالتك ،عليك �أو ًال �أن تدير �شبكة من العالقات الناجحة مع من حولك .ف�إن مل متتلك هذه ال�شبكة، كل من النربة ال�شخ�صية ،والنربة اجلماعية: فا�صنعها بنف�سك ،موازن ًا بني ٍ -1بادر بالطلب (النربة ال�شخ�صية) :ال تتوانَ يف طلب املعلومات �أو امل�ساعدات ب�شكل هادف ،ومه َّذب ،ووا�ضح ،ومبا�شر. -2كن متعاون ًا (النربة اجلماعية) :بادر بتقدمي يد العون و�إمداد الآخرين باملعلومات واالحتياجات التي تقربهم من �أهدافهم. -3ح ِّقق م�صالح م�شرتكة (كلتا النربتني) :قابل الإح�سان بالإح�سان ،واحر�ص على �أن َت ُ�ص َّب م�ساعيك يف بوتقة امل�صلحة العامة ال ال�شخ�صية.
قدِّ م يد العون ب�إمكانك – كمدرب �أو قائد �أو مدير – �أن ت�ض َع الآخرين على بداية الطريق ،نحو ح�ضور قوي وب�صمة م�ؤثرة من خالل: uحتفيز الأ�شخا�ص على م�صارحة بع�ضهم بع�ض ًا ،مبزايا و�سلبيات كل واحد منهم ،كي َ يدرك ك ٌل منهم ب�صمتَه احلالية، و�أث َرها يف نفو�س الآخرين. uحثهم على و�ضع خطط �شاملة لتطوير ح�ضورهم باالعتماد على حمركات احل�ضور الثالثة. uتقدمي الن�صح ،والتوجيه ال�شخ�صي ،والإر�شاد اجلاد. uاالحتفال بالنجاحات ومكاف�أة الإجنازات.
القيادة من القلب لي�ست “الب�صمة ال�شخ�صية” القوية �سم ًة فطري ًة يول ُد بها الإن�سانُ كما يظن ويرى ويقول بع�ض خرباء القيادة؛ و�إمنا هي َ لتفر�ض ح�ضورك .ولكن أمامك الفر�ص ُة � ُ أ�سلوب حيا ٍة نكت�سبه باملمار�سة واجلد واملثابرة .ف�أي ًا كان من�صبك ،فما زالت � َ أبدي ونهائي ،ولي�س موقف ًا عابر ًا وهاج�س ًا متقلب ًا .فبمجرد �أن ت�ضع قدمك على بداية تذ َّكر �أن احل�ضو َر القيادي التزا ٌم � ٌ الطريق ،ف�إن الرتاجع يعترب نوع ًا من التهاون ،والتق�صري ،واال�ست�سالم .ف�إن �أح�س�ست ببع�ض م�شاعر النكو�ص تقرتب منك ،تذ َّّكر مزايا احل�ضور والب�صمة امل�ؤثرة التي ال ُيطاولها جنا ٌح غريها �أبد ًا .ول�سوف َيحثـُّك هذا على موا�صلة ال�سري على نف�س الدرب ،وهذا هو جوهر القيادة من القلب. المؤلفتان: ايمي جين سو :درست “علم النفس” في جامعة “ستانفورد” وإدارة األعمال في جامعة “هارفرد” وتتخصص في تدريب القيادات على التأثير وإدارة التغيير. موريل ميجنان ويلكينز :تحمل ماجستير إدارة أعمال من جامعة “هارفارد” وتعمل كخبيرة في التواصل ،كما تدرب القادة على فرض حضورهم اإليجابي في بيئات العمل.
كتب مشابهة:
1. The Power of Presence Unlock Your Potential to Influence and Engage Others.. By: Kristi Hedges. 2011
قوة الحضور .كيف تؤثر وتتفاعل مع الجمهور .تأليف :كريستي هدجز2011 ، 2. Creating Personal Presence Look, Talk, Think, and Act Like a Leader. By: Dianna Booher. 2011 وتكـلم وتصرَّ ف كقائد .تأليف :ديانا بوهر2011 ، افرض حضورك :فكـِّر َّ 3. The Leader’s Guide to Speaking with Presence How to Project Confidence, Conviction, and Authority. By: John Baldoni. 2013 دليل القادة للحضور والريادة :كيف تبدو واثقًا وصادقًا ومسؤو ً ال .تأليف :جون بالدوني2013 . كتاب في دقائق
10
“ال يتحقق النجاح بفر�ض ال�سيطرة، و�إمنا بت�سجيل احل�ضور”. إيمي سو