022 افرض حضورك

Page 1


‫ٍ‬ ‫ثـوان‪...‬‬ ‫في‬ ‫اختلف املتخ�ص�صون كثري ًا حول طبيعة القيادة‪،‬‬ ‫فمنهم من جزم ب�أنها �صفة �شخ�صية يولد بها‬ ‫الفرد ومنهم من ر�أى �أنها جمموعة مهارات ميكن‬ ‫اكت�سابها وتنميتها‪ ،‬ولأننا يف دولة ُ�س ّطر تاريخها‬ ‫و ُر�سمت �سيا�ساتها وا�ست�شرفت طريق م�ستقبلها‬ ‫ا�ستلهام ًا من ر�ؤى وحكمة قادتها‪ ،‬كان من ال�سهل‬ ‫علينا �أن ن�ستقي معنى القيادة مقتب�سني تعريفاتها‬ ‫من مقوالت خرية القادة‪.‬‬ ‫متحدث ًا عن القيادة‪ ،‬يقول �سيدي �صاحب ال�سمو ال�شيخ حممد بن را�شد �آل مكتوم نائب رئي�س‬ ‫الدولة رئي�س جمل�س الوزراء حاكم دبي “رعاه اهلل”‪“ :‬القيادة فكر ودهاء وحكمة وقوة‬ ‫�شخ�صية وتطلع دائم ملعايل الأمور‪ ،‬و�أغلب هذه ال�صفات يولد بها الإن�سان ويرثها من �آبائه‬ ‫و�أجداده‪ ،‬وميكن �أي�ض ًا تعلم بع�ضها‪ .‬ولكن حتى من يولدون بهذه ال�صفات البد لقيادتهم من‬ ‫�صقل وتعليم وممار�سة واحتكاك ليكونوا قادة ناجحني”‪.‬‬ ‫ومن املعتقدات واملفاهيم اخلاطئة �أن �صفة القائد مق�صورة على املديرين التنفيذيني‬ ‫�أو زعماء ور�ؤ�ساء الدول �أو حتى القادة الع�سكريني‪ ،‬لأن القيادة مبفهومها املب�سط هي‬ ‫الإم�ساك بزمام الأمور‪ ،‬وتوجيهه �إلى ال�صواب لتحقيق الأهداف املطلوبة‪ .‬وهنا جند �أن‬ ‫كل �شخ�ص م�س�ؤول عن ت�سيري �أمور الآخرين حتى ولو كان �شخ�ص ًا واحد ًا‪ ،‬فهو يف موقع‬ ‫القائد‪ .‬يف عملك �أنت قائد مهما كان موقعك الوظيفي‪ ،‬يف حميطك االجتماعي �أنت‬ ‫قائد‪� ،‬أما على نطاق الأ�سرة ف�إن الآباء والأمهات هم مركز �إعداد وت�أهيل قادة امل�ستقبل‪.‬‬ ‫ولأن دولتنا احلبيبة تويل اهتمام ًا كبري ًا بتطوير القيادات املواطنة وو�ضع ا�سرتاتيجيات‬ ‫متطورة جليل من ال�شباب ميتلك مقومات القيادة لتحقيق التقدم والنمو امل�ستدام يف كافة‬ ‫املجاالت‪ ،‬حر�صت م�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم �أن ت�أتي الدفعة الثامنة ملبادرة “كتاب‬ ‫يف دقائق” داعمة لتوجهات قيادتنا الر�شيدة وذلك عرب ملخ�صات باللغة العربية ملجموعة‬ ‫م�ؤلفات عاملية من �ش�أنها �أن ُتنري للقارئ طريق القيادة الناجحة ومتنحه و�سائل التغلب على‬ ‫املعوقات و امل�ضي قدم ًا نحو حتقيق �صفات القائد النموذجي‪.‬‬ ‫يف دفعتنا اجلديدة ملبادرة “كتاب يف دقائق” ت�أتيكم ‪ 3‬ملخ�صات مهمة تناق�ش موا�ضيع‬ ‫متعلقة بدور القيادة يف حياة الفرد والتعرف على �أنواع ال�شخ�صية القيادية وطرق تكوينها‬ ‫وتطورها‪ .‬ت�ستهل الدفعة الثامنة مبلخ�ص لكتاب “افر�ض ح�ضورك”‪ ،‬والذي ي�ساعد القارئ‬ ‫على ا�ستك�شاف �شخ�صيته القيادية يف املجال الإداري‪ ،‬ويقدم و�صفة لتنمية ح�ضوره القيادي‬ ‫عرب جتاوز عدة حتديات ٌمكبلة لتحرر ال�شخ�صية القيادية الكامنة بداخله‪.‬‬ ‫�أما ملخ�ص الكتاب الثاين بعنوان ِّ‬ ‫“نظم حياتك”‪ ،‬فهو مبثابة خارطة طريق للتخل�ص‬ ‫من الفو�ضى للأبد‪ ،‬وذلك عرب �سل�سلة من الإر�شادات ت�ؤدي �إلى �إحداث قدر من التنظيم‬ ‫املُحفز على االبتكار والقادر على تهيئة الظروف لتنمية ال�شخ�صية القيادية لدى كل فرد‪.‬‬ ‫وتختم ملخ�صات الدفعة الثامنة بكتاب“قمة املتعة وقلة الراحة”‪ ،‬للكاتبة جينيفر �سنيور‪،‬‬ ‫والذي ي�سلط ال�ضوء على دور الآباء والأمهات املهم ك�أول مركز لتدريب القادة يلتحق فيه‬ ‫الأطفال مع الت�شديد على �أهمية تطوير اخلطاب وطرق التوا�صل يف ظل التطور الهائل يف‬ ‫و�سائل االت�صال الإلكرتوين التي �شكلت فجوة بني الأجيال‪.‬‬ ‫�ستظل م�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم حري�صة على ن�شر وطباعة امل�ؤلفات التي تعزز القيم‬ ‫الثقافية واملجتمعية يف ظل توجهات ور�ؤى قيادتنا الر�شيدة‪� ،‬أمتنى لكم قراءة مثمرة‪ ،‬وعلى موعد‬ ‫مع دفعة جديدة جتوب العامل لت�أتيكم مبلخ�صات تعزز مهاراتكم و ُترثي املكنون الثقايف لديكم‪.‬‬

‫جمال بن حويرب ‬

‫‪1‬‬

‫الع�ضو املنتدب مل�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫افتح ذراعيك للتغيري‬ ‫هل تتقن فن احتواء املواقف والإم�ساك بزمام الأمور وال�سيطرة‬ ‫على خمتلف الظروف‪ ،‬بالأقوال والأفعال والتوا�صل الف َّعـال؟ �أمل‬ ‫يحن الوقت لتنتقل �إلى مرحلة جديدة وحتقق قفزة كبرية يف‬ ‫�أدائك؟ هل متتلك املقومات والأدوات والطموحات التي ت�ؤهلك‬ ‫لهذه القفزة اال�ستثنائية؟‬ ‫ُتطرح مثل هذه الت�سا�ؤالت تقريب ًا ب�صفة يومية يف بيئات العمل‬ ‫املتطورة واملتغرية‪ ،‬والتي ال تن َّف ُك ت�ؤ ِّثر وتت�أثر بحركة الأ�سواق‪،‬‬ ‫وب�سرعة التغيري التي اعرتت كل منظماتنا‪ ،‬وطالت كل مناحي‬ ‫حياتنا‪ .‬فما بني الرتقيات‪ ،‬وتفوي�ض امل�س�ؤوليات‪ ،‬وحتليل‬ ‫امل�ؤ�شرات‪ ،‬وتنظيم العقوبات‪ ،‬وحتديد املكاف�آت‪ ،‬يتخبط بع�ض‬ ‫القادة واملديرين‪ ،‬ويحارون؛ ما بني الأ�ساليب الإدارية النمطية‪،‬‬ ‫وا�سرتاتيجيات الإدارة التناف�سية واال�ستثنائية‪ .‬والأهم من ذلك‬ ‫هو �أن ال�سرعة الهائلة التي تتقدم بها تلك الأ�ساليب‪ ،‬ال تدع جما ًال‬ ‫لالختيار‪ :‬ف�إما املواكبة والفوز‪ ،‬و�إما الف�شل واالندثار‪.‬‬ ‫بيد �أن بع�ض القادة – رغم �إدراكهم لهذا الواقع ال�صعب واملتغري‬ ‫– ما زالوا يت�شبثون بالأمناط الإدارية التي َع َّفى عليها الزمن‪.‬‬ ‫قد تكون لهم وجهة نظر يف ذلك؛ فتلك الأ�ساليب النمطية‬ ‫هي التي �أو�صلتهم �إلى هذا املقام قبل كل �شيء‪ ،‬فما حاجتهم‬ ‫�إلى التغيري �إذن؟! ولكنهم يف هذا يغفلون عن حقيقة غاية يف‬ ‫الأهمية‪ ،‬فلو �أنهم � َّأ�صروا على العي�ش يف كنف �أ�ساليب املا�ضي‪،‬‬ ‫وح�صروا �أنف�سهم يف �صناديق �أدواتهم التي عفى عليها الزمن؛‬ ‫ف�إن احلا�ضر لن يحرتمهم‪ ،‬وامل�ستقبل لن ينتظرهم‪ .‬ولهذا‪،‬‬ ‫�أ�صبح لزام ًا على القادة الذين ُ‬ ‫ين�شدون الت�أثري‪ ،‬ويقودون‬ ‫التغيري‪� ،‬أن يت َّبنوا املناهج الإدارية اجلديدة‪ ،‬لين�ضم �إلى ركبهم‬ ‫ بالتوعية وبالتبعية ‪ -‬ك ٌّل من حولهم من مديرين‪ ،‬وتنفيذيني‪،‬‬‫وموظفني‪ .‬ويف مثل هذه احلاالت ومع كل هذه اال�ستثناءات‪ ،‬ف�إننا‬ ‫�سنحتاج دائما �إلى ما هو �أكرث و�أكرب من املهارات التقنية‪ ،‬والأدلة‬ ‫الإر�شادية‪ ،‬والربامج التدريبية؛ �سنبقى �أي�ضا بحاجة �إلى فر�ض‬ ‫“ح�ضورنا” القيادي‪.‬‬


‫احل�ضور القيادي والب�صمة ال�شخ�صية‬ ‫ح�ضورنا القيادي هو قدرتنا على �أن نعك�س ومنار�س قيمنا‬ ‫اجلوهرية‪ ،‬ونحن نتوا�صل‪ ،‬ونتفاعل‪ ،‬ون�ؤثر فيمن حولنا‪.‬‬ ‫ورغم �أهمية وعمق هذا امل�ستوى من القيادة امل�ؤ َّث ِرة‪،‬‬ ‫�إال �أنه لن ي�ؤتي ثماره بدون العن�صر الأهم‪“ :‬الب�صمة‬ ‫ال�شخ�صية”‪� ،‬أي �صوت القائد العظيم‪ ،‬ومل�سته ال�سحرية‬ ‫القوية‪ ،‬التي ت�صن ُع �إيقاع ًا فريد ًا‪ ،‬و�صدىً جديد ًا‪ ،‬نابع ًا‬ ‫من احل�ضور الأ�صيل‪ ،‬واالعتداد بالنف�س‪ ،‬وال�شفافية يف كل‬ ‫املواقف‪ ،‬ويف خمتلف امليادين‪ .‬تلك الب�صمة ال�شخ�صية‬ ‫– مثل ب�صمة اليد وب�صمة العني – تختلف من مدير �إلى‬ ‫�آخر‪ ،‬لتختلف معها الآثار واالنطباعات التي ترتكها يف‬ ‫نفو�س الآخرين‪ .‬وهذا هو جوهر احل�ضور الفعـَّال‪ ،‬الذي‬ ‫ال يعرتف بالف�شل‪.‬‬

‫معوقات احل�ضور القيادي‬ ‫ا�ستيعاب �شام ٌل ودقيق وعميق‪ ،‬ملفهوم احل�ضور‬ ‫�إذا مل يرت�سخ يف داخلنا‬ ‫ٌ‬ ‫القيادي‪ ،‬ف�ستحكمنا الأفكار امل�شو�شة‪ ،‬وحتركنا املعتقدات – �أو بالأحرى‬ ‫املعوقات – املغلوطة‪ ،‬فتدخلنا يف نفق مظلم‪ .‬تلك املعوقات هي ال�سبب‬ ‫الكامن وراء �إخفاق بع�ض امل�ؤ�س�سات‪ ،‬وعجزها عن تهيئة ُمناخ �إبداعي‪،‬‬ ‫وخلق قادة م�ؤثرين‪ ،‬واكت�ساب ميزات تناف�سية تفرقها عن القطيع‪.‬‬ ‫ن�ستعر�ض فيما يلي ثالثة مع ِّوقات رئي�سة تلعب الدور الأكرب يف ت�ضليل‬ ‫بع�ض القادة‪.‬‬

‫العائق الأول‪ :‬هذه �شخ�صيتي وال �أمل يف التغيري‬ ‫منهجا ً‬ ‫مثبطا‬ ‫هذه واحدة من �أخطر املعوقات التي ت�سلب �صاحبها الأمل والقدرة على التغيري وال�سعي �إلى التطوير‪ .‬ف�أ�صحاب هذا املبد�أ يتبنون ً‬ ‫ً‬ ‫وحمبطا للآمال‪ ،‬وهو �أن احل�ضو َر �سم ٌة فطري ٌة‪ ،‬ولي�س �سلوك ًا مكت�سب ًا؛ ف�إن مل تُولد به‪ ،‬فال جدوى من املحاولة‪� .‬إال �أن احل�ضور – يف واقع‬ ‫العزم على ذلك‪ ،‬من دون �شروط �أو قيود‪ ،‬فلن�أخذ “بيل جيت�س”‬ ‫ونر�سخها �إذا ما عقدنا َ‬ ‫الأمر – هو �إحدى اخل�صال التي نكت�سبها‪ِّ ،‬‬ ‫وننميها‪ِّ ،‬‬ ‫مثا ًال؛ فهو ميلك ذكا ًء علمي ًا ومنطقي ًا وتقني ًا مميز ًا‪ ،‬ولكنه لي�س �شديد اللباقة‪ ،‬وال ميلك ذكا ًء عاطفي ًا موازي ًا‪ .‬ولكن ح�ضوره الطاغي ينبع من‬ ‫ومت�سكه العتيد بقيمه الإن�سانية‪ ،‬ومبادئه اجلوهرية‪.‬‬ ‫ا�ستيعابه الكامل لر�ؤيته‪ ،‬و�سعيه �إلى حتقيقها‪ُّ ،‬‬

‫كتاب في دقائق‬

‫‪2‬‬


‫العائق الثاين‪ :‬املحاكاة والتقليد‬ ‫قد يتناق�ض هذا العائق مع العائق الأول؛ لكنه يف املقابل‪ ،‬ال يقل عنه �أهمية‪.‬‬ ‫فبد ًال من �أن َّ‬ ‫أ�صحاب هذا املنهج مكتويف الأيدي‪ ،‬وراغبني عن التغيري‪،‬‬ ‫يظل �‬ ‫ُ‬ ‫ف�إنهم يهرعون �إلى حماكاة كل من حولهم �أم ًال يف �أن ينالوا قد ًرا من‬ ‫ح�ضورهم‪ .‬فتجدهم يتبنون نظراتهم‪ ،‬و�أحاديثهم‪ ،‬و�أ�ساليبهم اعتقاد ًا منهم‬ ‫ب�أن هذه هي الطريقة املثلى والوحيدة‪ ،‬ليح�صلوا على جائزة‪� ،‬أو ي�ستفيدوا‬ ‫من مبادرة‪� ،‬أو ينالوا ترقية‪� ،‬أو يتمتعوا بح�ضور طا ٍغ‪ ،‬فتندثر – يف خ�ضم‬ ‫حماوالتهم – �أفكارهم الإبداعية‪ ،‬وتخبو نقاط قوتهم الفريدة واال�ستثنائية‪.‬‬

‫العائق الثالث‪ :‬مبا �أن ال�سفنَ ت�سري‪،‬‬ ‫فال داعي للتغيري‬ ‫معتقد خاطئ‪ ،‬وهو �أن احل�ضور‬ ‫ينطوي هذا العائق على‬ ‫ٍ‬ ‫مهارة ثابتة؛ فمتى اكت�سبته فال حاجة بك �إلى �صقله‬ ‫وتطويره‪� .‬إال �أن القيادة يف �أحد تعريفاتها تعني املرونة‬ ‫والقدرة على التكيف؛ حيث تختلف توقعات وتطلعات‬ ‫املوظفني مبرور الوقت‪ ،‬وب�شكل يحتم عليك تطوير �أ�ساليبك‬ ‫القيادية من من�صب �إلى �آخر‪ ،‬وتغيري توجهاتك الفكرية‬ ‫من موقف �إلى �آخر‪.‬‬

‫حمركات احل�ضور القيادي‬ ‫ِّ‬ ‫ال يقت�صر احل�ضور القيادي على الزي الذي ترتديه‪� ،‬أو الكلمات التي تنطق بها‪� ،‬أو الفكر الذي‬ ‫تعك�سه‪ .‬فالأمر يتطلب حالة من االمتزاج بني مقومات العقل‪ ،‬واجل�سد‪ ،‬والل�سان؛ �أو مبعنى‬ ‫�أدق‪ ،‬هو نتاج التفاعل املثمر بني املعتقدات الذهنية‪ ،‬وا�سرتاتيجيات التوا�صل‪ ،‬والطاقة البدنية‪.‬‬ ‫‪ u‬املعتقدات الذهنية‪ :‬ت�شري �إلى التهيئة العقلية التي تُخ ِّولنا تبني الو�ضع الذهني املالئم‬ ‫لكل موقف على حدة‪ .‬تلك املعتقدات هي التي ت َُ�ش ِّكل عاملنا الواقعي واالفرتا�ضي‪ ،‬ونظرتنا‬ ‫�إلى �أنف�سنا و�إلى الآخرين‪ ،‬وا�ستيعابنا للظروف املحيطة‪.‬‬ ‫‪ u‬ا�سرتاتيجيات التوا�صل‪ :‬ت�شري �إلى الأدوات والآليات التي ُن ِّ‬ ‫�سخرها لنتفاعل ونلهم‪،‬‬ ‫ون�ؤثر يف الآخرين‪ .‬تلعب هذه اال�سرتاتيجيات دور ًا مزدوج ًا؛ فمن �ش�أنها �أحيان ًا �أن تدعمنا‬ ‫وحتفزنا‪ ،‬ومن املمكن �أي�ض ًا – فيما �إذا �أ�س�أنا ا�ستخدامها – �أن تعزلنا وتق ِّيدنا‪ .‬فما بني‬ ‫حماوالت ال�سيطرة على احلوار‪ ،‬والف�شل يف ا�ستيعاب وجهات نظر الآخرين‪ ،‬والرثثرة حول‬ ‫التفا�صيل‪ ،‬مبن�أى عن ال�صورة الكاملة‪ ،‬واعتماد التلميح بد ًال من احلوار ال�صريح‪ ،‬تخفق‬ ‫معظم حماوالتنا للتوا�صل مع الآخرين‪.‬‬ ‫‪ u‬الطاقة البدنية‪ :‬يق�صد بها تهيئة الأو�ضاع اجل�سدية ب�شكل يتيح لنا التحكم يف‬ ‫الإيحاءات والإمياءات وغريها من �أ�ساليب التوا�صل غري اللفظي‪ ،‬ومالحظة �أث َرها على‬ ‫الآخرين‪ .‬فحني يتج َّول املدير يف �أرجاء امل�ؤ�س�سة وهو ِّ‬ ‫مقطب اجلبني‪ ،‬ف�إنه يخلق مناخ ًا من‬ ‫القلق والتوتر واالرتباك بني املوظفني‪ ،‬الأمر الذي ي�ؤثر �أي�ض ًا على م�سارات وجودة العمل‪.‬‬ ‫�أي �أن لغة اجل�سد – �شئنا �أم �أبينا – تتحدث نيابة عنا‪ ،‬حتى و�إن مل ننب�س ببنت �شفة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫كتاب في دقائق‬


‫ت�شخي�ص احل�ضور‬ ‫عندما تتغري الظروف‪ ،‬تتغري معها املتطلبات والتوقعات‪ .‬فكيف لك �أن حتافظ على ح�ضورك القيادي يف ظل كل هذه‬ ‫البيئات املتقلبة واملتنوعة؟ للإجابة عن هذا ال�س�ؤال‪ ،‬ن�ستعر�ض ما ي�سمى بـ “رباعية احل�ضور”‪ ،‬تلك الأداة‬ ‫التي ا�ستخدمها �آالف الأ�شخا�ص لت�شخي�ص منط احل�ضور الأكرث حتكم ًا يف عالقاتهم مع الآخرين‪ .‬وتقوم‬ ‫هذه الرباعية على منطني �أ�سا�سيني‪ ،‬هما‪:‬‬ ‫‪ u‬النربة ال�شخ�صية‪� :‬أي قدرة القائد على تبليغ ر�سالته‪ ،‬وتو�صيل ر�ؤيته‪ ،‬والت�شبث بقيمه ومبادئه‪.‬‬ ‫‪ u‬النربة اجلماعية‪� :‬أي قدرة القائد على التوا�صل‪ ،‬والت�أثري فيمن حوله‪ ،‬وجمع قلوبهم على‬ ‫قلب رجل واحد‪.‬‬ ‫وهنا يكمن التحدي يف �أهلية القائد للتنقل �أو الدمج بني النمطني ب�شكل ا�سرتاتيجي ومنهجي‪ ،‬ووفق ًا ملتطلبات كل موقف؛ �أي �أن َيع ِـرف متى‬ ‫يدافع عن نف�سه ومعتقداته وفريقه‪ ،‬ومتى ي�ضع نف�سه مكان الآخرين ليتبنى ق�ضاياهم ويدافع عن قيمهم وعن ر�سالتهم‪ .‬عند هذه املرحلة‬ ‫فقط تولد الب�صمة ال�شخ�صية القوية‪.‬‬ ‫ولكن نظر ًا ل�ضغوط احلياة وتزايد الأعباء‪َّ ،‬‬ ‫ن�ضطر يف كثري من‬ ‫الأحيان �إلى الت�شبث بنمط واحد فقط دون �سواه‪ ،‬منع ًا للتخبط‪،‬‬ ‫و�أم ًال يف احل�صول على �أف�ضل النتائج‪ .‬عندها ننتقل من م�ستوى‬ ‫“الب�صمة ال�شخ�صية” �إلى واحد من الأمناط الثالثة الأخرى من‬ ‫رباعية احل�ضور التي ت�شمل‪“ :‬الب�صمة املرتاخية �أو الل ِّينة”‪ ،‬و‬ ‫“الب�صمة املتحكمة”‪ ،‬و “الب�صمة ال�سلبية”‪ .‬فحني تغلب عليك‬ ‫النربة ال�شخ�صية‪ ،‬ف�إنك تنتقل من خانة الب�صمة ال�شخ�صية القوية‬

‫�إلى خانة الب�صمة املتحكمة‪� .‬أما �إن غلبت عليك النربة اجلماعية‪،‬‬ ‫ف�إنك تنتقـ ُل من خانة الب�صمة القوية �إلى الب�صمة املرتاخية‪.‬‬ ‫ون�ستعر�ض فيما يلي �أعرا�ض و�أو�صاف كل ب�صمة على حدة‪ ،‬وعليك‬ ‫�أن تت�أمل هذه الأو�صاف كي حتدد �أي الب�صمات �أكرث حتكم ًا يف‬ ‫تفاعالتك وجهودك و�أنت تقود جهو َد الت�أثري‪ ،‬من �أجل التغيري‬ ‫والتطوير‪.‬‬

‫‪ -1‬الب�صمة املرتاخية (الل ِّينة)‬ ‫انعكا�سها على الآخرين‪ :‬يراك الآخرون متعاون ًا‪ ،‬ومتوا�ضع ًا‪ ،‬وحم ًال‬ ‫للثقة‪ ،‬الأمر الذي يجعلهم يلج�أون �إليك لقدرتك على ا�ستيعاب وتقبل وجهات‬ ‫النظر املختلفة دون �إطالق الأحكام‪� .‬أنت ت�ستغرق الكثري من الوقت قبل‬ ‫اتخاذ القرارات مهما كانت ب�سيطة‪ ،‬كي ت�ستمع �إلى الآراء املختلفة‪ ،‬وتر�ضي‬ ‫جميع الأطراف‪ ،‬وتخرج ب�أف�ضل احللول‪.‬‬ ‫انعكا�سها عليك‪ :‬قلما تبادر �إلى طرح �أفكارك ومقرتحاتك يف‬ ‫االجتماعات‪ ،‬وتف�ضل اال�ستماع بد ًال من احلديث‪ ،‬ولهذا ف�إنك تنزعج‬ ‫لدى حماوالت بع�ض احلا�ضرين الرثثرة حول �أمور تافهة وفرعية من‬ ‫دون فائدة جوهرية‪� .‬أنت تهتم بنظرة الآخرين �إليك‪ ،‬وحتر�ص على تلبية‬ ‫احتياجاتهم وتنفيذ تطلعاتهم‪ ،‬حتى و�إن تعار�ضت مع احتياجاتك‪ .‬ترف�ض‬ ‫َ‬ ‫التعامل وفق برامج زمنية وجداول عمل غري واقعية‪ ،‬وكثري ًا ما تحُ ِّفز‬ ‫نف�سك ومن حولك قائ ًال‪“ :‬يعتمد الكثريون علينا‪ ،‬فال يجوز �أن نخذلهم”‬

‫كتاب في دقائق‬

‫‪4‬‬


‫‪ -2‬الب�صمة املتحكمة‬ ‫انعكا�سها على الآخرين‪ :‬ينزعج الآخرون �أحيان ًا من قدرتك‬ ‫الهائلة على منا�صرة فريق عملك و�إ�سهاماتهم‪ ،‬يف حني تتجاهل‬ ‫احتياجات و�إجنازات الآخرين‪ .‬قد ينبه ُر من حولك بر�ؤيتك‬ ‫اجلل ِّية وقدرتك على حتويل املعطيات �إلى نتائج ملمو�سة‪ ،‬ولكنهم‬ ‫يف نف�س الوقت‪ ،‬ينبذون منهجك الذي ميكن و�صفه بـ “املت�شدّد”‪،‬‬ ‫�أو “املتح ِّكم”‪� ،‬أو “القا�سي”‪ ،‬و�أحيانا “املتكرب” �أو “املتغطر�س‪”.‬‬ ‫انعكا�سها عليك‪� :‬سرعان ما ينفد �صربك جتاه حماوالت وم�ساعي‬ ‫َ‬ ‫احللول الو�سط‪ ،‬وجتد �صعوبة يف ا�ستيعاب‬ ‫الآخرين‪ ،‬وترف�ض‬ ‫وجهات النظر املغايرة لوجهة نظرك‪ .‬ت�ؤدي عملك على �أكمل وجه‬ ‫حني تتمتع بال�سلطة التي متكنك من التحكم يف فريق العمل‪ .‬جتد‬ ‫وتتن�صل من امل�س�ؤولية ب�إلقاء اللوم على‬ ‫متعة يف �إيقاع العقوبات‪َّ ،‬‬ ‫الآخرين �أو الظروف املحيطة‪ .‬حني تكون امل�ؤ�س�سة على �أبواب‬ ‫التغيري‪ ،‬وت�شرف على �إجراء بع�ض التعديالت‪ ،‬ف�إن �أول ما يجول‬ ‫يف خاطرك‪“ :‬كيف �س�أ�ستفيد – �أنا وفريقي – من هذا التغيري؟”‬

‫‪ -3‬الب�صمة ال�سلبية‬ ‫تنطوي هذه الب�صمة على قدر من التعقيد يفوق نظرياتها من الب�صمات‪ .‬فمن‬ ‫منا ال مير ببع�ض اللحظات التي تندث ُر فيها نربته ال�شخ�صية واجلماعية على‬ ‫حد �سواء؟ تلك هي الب�صمة ال�سلبية التي جتلب ل�صاحبها عدد ًا ال ح�صر‬ ‫له من االتهامات كالتبعية واالنعزال والعجز وال�ضعف والرتاخي وقلة احليلة‬ ‫وغري ذلك من ال�سمات التي ال تخلو من الإحباط والتثبيط‪ .‬ولكن �أي ًا كان‬ ‫املُ�س َّمى‪ ،‬فالتم�سك بهذه الب�صمة لفرتة طويلة ودون �أدنى حماولة لتبني واحدة‬ ‫من الب�صمات الأخرى‪ ،‬يجلب ل�صاحبها ما ال حتمد عقباه‪.‬‬

‫كيف تتبنَّى مبادئ الب�صمة ال�شخ�صية القوية‬ ‫ت َُ�ش ِّكل حمركات احل�ضور القيادي يف جمملها نظام ًا متكام ًال ال ي�ؤتي ثماره وال يحقق نتائجه املرجوة �إن حدث خلل‬ ‫ما يف �أحد حمركاته‪ .‬فبمجرد �أن يتعطل �أحد املحركات الثالثة‪ ،‬ف�إنه ي�ؤثر فيما عداه‪ ،‬وينزلق القائد – دون �أن‬ ‫ي�شعر – من خانة الب�صمة القوية �إلى واحدة من الب�صمات الثالث الأخرى‪( :‬املرتاخية‪� ،‬أو املتحكمة‪� ،‬أو ال�سالبة)‪.‬‬

‫حالة “فينتي”‬ ‫ت َّولى “�أدريان فينتي” من�صب رئي�س بلدية وا�شنطن بني عامي ‪ 2007‬و‪ ،2011‬وهو �أحد �أ�شهر مناذج القادة الذين فقدوا ح�ضورهم لدى‬ ‫ت�ضخم منا�صبهم وتزايد م�س�ؤولياتهم‪ .‬حني تر�شح “فينتي” ملن�صب رئي�س البلدية‪� ،‬ش َّكك اجلميع يف قدرته على الفوز‪� .‬إال �أن حملته االنتخابية‬ ‫“ال�شر�سة” ووا�سعة النطاق والتي جعلته يطرق �أبواب املواطنني كافة قد �ضمنت له النجاح باكت�ساح‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫كتاب في دقائق‬


‫عمل “فينتي” �سابق ًا كع�ضو يف جمل�س النواب‪ ،‬وا�شتُهر ب�صالبته‪ ،‬وقدرته‬ ‫على حتقيق النتائج املذهلة‪ ،‬وتوا�صله منقطع النظري مع اجلمهور‪ .‬كان‬ ‫�سريع اال�ستجابة لل�شكاوى‪ ،‬ودائم الوقوف يف وجه �أي ق�صور يف الأداء‬ ‫احلكومي‪ .‬ومن ثم فقد اكت�سب ح�ضور ًا طاغي ًا ومتتَّع بب�صم ٍة �شخ�صي ٍة‬ ‫قوي ٍة جتلت �آثارها ومالحمها على كل من حوله‪ .‬كان ذلك قبل �أن يتولى‬ ‫من�صب رئي�س البلدية؛ ذلك املن�صب الذي َ�ش َّكل نقطة فارقة يف حياته‬ ‫ب�أكملها‪ .‬فقد حت َّول امل�ؤيدون �إلى معار�ضني‪ ،‬واملدافعون �إلى مهاجمني –‬ ‫رغم ما حققه من �إجنازات خالل فرتة تن�صيبه‪ .‬فكيف حت َّول من ع�ضو‬ ‫جمل�س نواب ناجح‪ ،‬وذي ح�ضور قوي‪� ،‬إلى رئي�س بلدية مغ�ضوب عليه‪ ،‬حتى‬ ‫من ِق َبل من دعموه �سابق ًا؟ جنمت هذه الطفرة عن انزالقه من خانة‬ ‫الب�صمة ال�شخ�صية القوية‪� ،‬إلى خانة الب�صمة املتحكمة‪ ،‬وذلك نتيجة عدم‬ ‫تك ُّيف ح�ضوره ال�سابق مع متطلبات املن�صب اجلديد‪ .‬وميكن �أن ن�شرح هذا‬ ‫االنزالق ب�شكل مب�سط يف �ضوء حمركات احل�ضور القيادي‪:‬‬ ‫‪ u‬تبنى “فينتي” معتقد ًا ً‬ ‫مغلوطا حني ظن �أن قدرته على ا�ستخدام مقومات النجاح ال�سابق �ستحقق النجاح يف املن�صب اجلديد‪ ،‬وبالتايل فقد‬ ‫ا�ستخدم نف�س الأدوات والآليات القدمية دون تغيري �أو تطوير‪.‬‬ ‫‪ u‬عمد �إلى ا�ستخدام ا�سرتاتيجيات التوا�صل القائمة على الأمر والنهي‪ ،‬وجتاهل وجهات النظر املغايرة؛ الأمر الذي َّ‬ ‫متخ�ض عن فجوة هائلة‬ ‫بينه وبني من حوله من موظفني ومواطنني‪ ،‬فلم يعد يتجاوب ب�سرعة وفاعلية كما اعتاد �أن يفعل يف من�صبه القدمي‪ ،‬فانعزل عن م�شكالت‬ ‫الواقع‪ ،‬وانخف�ض �أدا�ؤه‪ ،‬وتق َّل�صت قدرته على الت�أثري‪.‬‬ ‫‪� u‬أجمع املواطنون على افتقار “فينتي” �إلى الطاقة الإيجابية واحل�ضور الإن�ساين‪ .‬فقد تباط�أ – على �سبيل املثال – عن ح�ضور �إحدى‬ ‫اجلنازات الر�سمية لي�أتي بعد �أن �شارفت املرا�سم على االنتهاء‪ ،‬يف زي زاهي اللون؛ الأمر الذي اعتربه اجلميع مظهر ًا متعجرف ًا ال يليق‬ ‫مب�س�ؤول يتقلد من�صب ًا ر�سمي ًا رفيع ًا‪.‬‬ ‫من هذه التجربة يت�ضح �أنَّ تدهور م�سرية “فينتي” العملية وتراجع �سريته الذاتية احلافلة بالإجنازات‪ ،‬كان نتيجة لتق�صريه وعدم التزامه‬ ‫مبحركات احل�ضور القيادي‪.‬‬

‫حمطة الإقالع‬ ‫لكل منا حمطة الإقالع اخلا�صة به‪ ،‬والتي ينتقل من خاللها تدريجي ًا �صوب �آفاق الب�صمة ال�شخ�صية‬ ‫القوية‪ .‬وبالتايلقديفيدنا�أنن�ضعتقييم ًامبدئي ًاملحطتناالرئي�سية‪،‬وبنا ًءعليه‪،‬نبتكرر�ؤي ًة�أولي ًةلوجهتنا‪.‬‬ ‫وي�سلط ال�ضو َء على �أوجه الق�صور التي‬ ‫ي�ساعدك التطبيق التدريبي التايل يف حتديد حمطتك َّ‬ ‫حتتاج مزيد ًا من االهتمام والرتكيز كي تفر�ض ح�ضورك بقوة وفاعلية‪:‬‬ ‫‪ -1‬اخرت �شخ�ص ًا واحد ًا تتفاعل معه ب�شكل منتظم‪ ،‬وي�شكل التعامل معه بالن�سبة لك �أمر ًا مرهق ًا‪.‬‬ ‫‪ -2‬ا�سرتجع موقف ًا جمعك بهذا ال�شخ�ص‪ ،‬وانتقل فيه بح�ضورك من خانة الب�صمة ال�شخ�صية القوية‪� ،‬إلى واحدة من الب�صمات الثالث‬ ‫الأخريات‪.‬‬ ‫‪� -3‬صف حالتك يف هذا املوقف على �ضوء‪:‬‬ ‫‪ u‬املعتقدات‪ :‬فيم كنت تفكر �آنذاك؟ مباذا �شعرت؟ اكتب حالتك الذهنية امل�سيطرة على املوقف وحالة ال�شخ�ص الآخر من وجهة نظرك‪.‬‬ ‫‪ u‬ا�سرتاتيجيات التوا�صل‪ :‬هل بادرت بطرح الأ�سئلة �أم اكتفيت باال�ستماع؟ اكتب �آليات التوا�صل التي ا�ستخدمتها وتلك التي جتنبتها‪.‬‬ ‫‪ u‬الطاقة البدنية‪� :‬صف لغة اجل�سد التي اعتمدتها‪ ،‬وكيف كان مردودها على الطرف الآخر‪.‬‬ ‫‪ u‬راجع �إجاباتك عن الأ�سئلة ال�سابقة لتحدد �أي ال�سلوكيات والأفكار عملت ل�صاحلك‪ ،‬و�أيها حالت بينك وبني فر�ض ح�ضور قوي وفعـَّال‪.‬‬ ‫بالطبع نحن ال منلك من الوقت ما ي�سمح لنا بالوقوف على كل موقف منر به لنت�أمله ونفح�صه‪ .‬يكفيك �أن تعتمد طريقة التحليل ال�سابقة بني‬ ‫الفينة والأخرى لتحدد نوع الب�صمة الأكرث �شيوع ًا وحتكم ًا يف مواقفك – �أي حمطة الإقالع اخلا�صة بك – والتي تقف حائ ًال يف وجه ب�صمتك‬ ‫ال�شخ�صية القوية‪ .‬تذكر هذه املحطة يف خ�ضم عملك على تطوير حمركات ح�ضورك‪ ،‬والتي نتناولها با�ستفا�ضة فيما يلي‪.‬‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪6‬‬


‫�أو ًال‪ :‬تطوير املعتقدات الذهنية‬ ‫ت�شكل املعتقدات الذهنية نبع الكلمات التي جتري على �أل�سنتنا‪،‬‬ ‫وال�سلوكيات التي نتبناها‪ .‬فال �شك يف �أن لأفكارك �أثر ًا كبري ًا‬ ‫يف تغيري م�سار خرباتك‪ ،‬وجتاربك‪ ،‬وتفاعالتك مع الآخرين‪.‬‬ ‫ومن ثم تعترب عملية فح�ص املعتقدات الذهنية ال�سائدة‬ ‫والرتكيز على الإيجابي منها �أولى اخلطوات نحو تَب ِّني ب�صمة‬ ‫�شخ�صية م�ؤثرة‪ .‬يتم الرتكيز هنا على املعتقدات الثالثة الأكرث‬ ‫�أهمية‪ ،‬فيما يتعلق بت�شكيل احل�ضور القيادي‪ .‬لكن املهم هو‬ ‫حماولة اكت�شاف املعتقد الذي يحكم ت�صرفاتك‪ ،‬ونوع الب�صمة‬ ‫التي تنتقل �إليها نتيجة لذلك‪ ،‬ثم كيفية التحرر من قيود هذا‬ ‫املعتقد لت�ستقر يف خانة الب�صمة ال�شخ�صية القوية‪.‬‬ ‫‪u‬‬

‫الثقة‪ :‬التقييم املو�ضوعي لإ�سهاماتك ال�شخ�صية‬

‫يعاين كثريون من ال�شعور بقلة احليلة وعدم القدرة على الت�أثري والإ�سهام الفعـَّال‪ .‬وكما �أن لتلك الهواج�س املحبطة جانبها من اخلطورة – ال‬ ‫�سيما القادة الذين ين�شدون متتني نربتهم ال�شخ�صية‪ ،‬ف�إنها باملثل؛ تت�سم الب�صمة املتحكمة التي تبالغ يف حجم الإجنازات وت�ضخمها‪ ،‬بقدر‬ ‫�أكرب من الأهمية‪ .‬ولكن لكي تدرك �أعلى درجات احل�ضور‪ ،‬يجب �أن تت َّبنى حتديث ًا دوري ًا لر�ؤيتك ومعتقداتك‪ ،‬حول �إ�سهاماتك‪ ،‬كي تكون لثقتك‬ ‫بذاتك مرجعية �صلبة على �أر�ض الواقع‪ .‬ويت�س َّنى لك ذلك من خالل‪:‬‬ ‫‪ -1‬حتديد مواطن قوتك‪ :‬مي ِّكنك اكت�شاف �سماتك ومهاراتك الفريدة من اكت�ساب الثقة الالزمة لفر�ض ح�ضور قوي ومالئم ملن�صبك‬ ‫احلايل‪ .‬ا�س�أل نف�سك‪ :‬ما الذي مييزين ويفتقر �إليه الآخرون؟ وهنا ميكنك �أن ت�س�أل زمالءك املوثوقني عن وجهة نظرهم غري املتحيزة‬ ‫جتاه �إ�سهاماتك ومميزاتك‪.‬‬ ‫‪ -2‬حدد دائرة الت�أثري‪ :‬يبالغ بع�ض القادة �أحيان ًا‪� ،‬إما يف ت�ضييق �أو تو�سيع نطاق العمل‪ ،‬والت�أثري اخلا�ص بهم‪ ،‬ب�شكل ال ميت للواقع ب�صلة‪.‬‬ ‫فعلى �سبيل املثال‪� :‬ش َّبه رئي�س �شركة ا�ستثمارية دوره يف زيادة العوائد والأرباح بـ “اجتياز املعركة التناف�سية” اخت�صر ذلك الت�شبيه دوره‬ ‫يف التغلب على املناف�س احلايل فقط‪ ،‬دون و�ضع �آليات م�ستقبلية ملواجهة التحديات واملناف�سني املحتملني‪ ،‬الأمر الذي �أ َّثر على جناح ال�شركة‬ ‫فيما بعد‪.‬‬ ‫عـرف النجاح‪ :‬ي�شمل مفهوم النجاح ك ًال من ا�ستيعابك ال�شخ�صي الحتياجات وتطلعات امل�ؤ�س�سة‪ ،‬ور�ؤيتها اخلا�صة يف هذا ال�ش�أن‪.‬‬ ‫‪ِِّ -3‬‬ ‫ومن ثم‪ ،‬يجب �أال تتناول الأمر يف �ضوء مفهومك ال�شخ�صي فقط‪ .‬تفاعل مع امل�س�ؤولني و�أع�ضاء الفريق ب�شكل متوا�صل ومتعمق لتدرك‬ ‫تطلعاتهم‪ ،‬ولتعرب عن ر�ؤيتك اخلا�صة يف نف�س الوقت‪.‬‬

‫حدِّ ث �سريتك واترك ب�صمتك‬ ‫�إذا �أردت تقييم �إ�سهاماتك ب�شكل واقعي ومو�ضوعي‪ ،‬فلي�س �شرط ًا �أن تن�شرها على امللأ‪ .‬بل يكفي‬ ‫�أن تط ِّور �سريتك الذاتية؟ ي�ساعدك التدريب التايل على مراجعة �إجنازاتك احلقيقية من خالل‬ ‫الإجابة عن الأ�سئلة الآتية‪:‬‬ ‫‪� -1‬إذا �أردت �أن �أعرب عن قيمي ال�شخ�صية يف ثالث جمل‪ ،‬فماذا �ستكون؟‬ ‫‪� -2‬أي الإ�سهامات ينبغي �أن �أدرجها �ضمن �سريتي كي تعك�س خرباتي العريقة والعميقة؟‬ ‫‪ -3‬ما املعلومات التي يجب �أن تت�ضمنها �سريتي كي يدرك �أ�صحاب القرار قدراتي الفريدة‪،‬‬ ‫فتزداد فر�ص تقلدي ملنا�صب �أكرب و�أكرث ت�أثري ًا؟‬ ‫تتو�صل �إلى �إجابات مقنعة عن الأ�سئلة ال�سابقة‪� ،‬ستت�ضح ر�ؤيتك حول ما تقدمه من‬ ‫مبجرد �أن َّ‬ ‫خدمات‪ ،‬ومن ثم تتحفز لتخرج �أف�ضل ما يف جعبتك‪ ،‬ولتزداد ثقتك‪ ،‬ويطغى ح�ضورك �أكرث ف�أكرث‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫كتاب في دقائق‬


‫‪ u‬املنظور الفكري‪ :‬وجهة النظر التي تتبناها‬ ‫تو�سع منظورك الفكري‪ ،‬اتبع‬ ‫ت�شرتط الب�صمة ال�شخ�صية القوية تقبل وجهات النظر املختلفة والتعامل مع الأمور مبفهوم كلي و�شامل‪ .‬لكي ِّ‬ ‫الإر�شادات التالية‪:‬‬ ‫‪� -1‬ضع نف�سك مكان الآخرين‪ :‬يف كثري من الأحيان تفر�ض عليك بع�ض املواقف َّ‬ ‫التخلي عن حتيزك لر�ؤيتك اخلا�صة‪ ،‬ولتت�أمل عن كثب‬ ‫توجهات وتطلعات الآخرين‪ ،‬ومدى ا�ستيعابهم للموقف برمته‪� .‬أف�سح املجال لتبادل وجهات النظر املتباينة مبا يحقق ال�صالح العام وير�ضي‬ ‫جميع الأطراف‪.‬‬ ‫نب منهج ًا ا�سرتاتيجي ًا �شام ًال‪ :‬ينتهج القادة ذوو احل�ضور القوي ما ي�س َّمى يف عامل الأعمال مبنظور “الر�ؤية البانورامية” ي�شري هذا‬ ‫‪ -2‬ت َّ‬ ‫الت�شبيه �إلى قدرة القائد على االنف�صال بذاته عن فو�ضى الآراء املت�ضاربة‪ ،‬ووجهات النظر املتعار�ضة ليبتعدَ قلي ًال‪ ،‬ويرى ال�صورة ال�شاملة‪.‬‬ ‫من هنا تربز �أهمية تهمي�ش امل�صالح واالهتمامات ال�شخ�صية وتطلعات الآخرين دون متييز �أو حت ُّيز‪.‬‬ ‫‪ u‬ال�شفافية‪ :‬القيم اجلوهرية التي تعك�سها‬ ‫لكي تعزز قيمك ب�شكل �إيجابي وف َّعال‪ ،‬عليك �أن‪:‬‬ ‫‪ -1‬حتدد قيمك ال�سامية‪ :‬اكتب املبادئ والقيم التي تلعب الدور الأكرب يف حتقيق جناحك ومتيزك‪.‬‬ ‫‪ -2‬تركز على الأهداف امل�شرتكة‪ :‬بد ًال من �أن تبدِّ د وقتك وجهدك يف حماولة �إقناع الآخرين – �أو بالأحرى �إجبارهم – على تب ِّني ر�ؤيتك‬ ‫ال�شخ�صية‪ ،‬ح ِّول تركيزك نحو الأهداف والر�ؤى امل�شرتكة فيما بينكم‪ .‬ف�إن كان هدفك – مث ًال – تقلي�ص ديون امل�ؤ�س�سة‪ ،‬يف حني اهتم‬ ‫زميلك بتقلي�ص تكاليف العمليات املالية الداخلية‪ ،‬ف�سيكون ب�إمكانكما التعاون وحتقيق الهدف الأ�سمى وهو تطوير وحت�سني الأداء املايل‬ ‫للم�ؤ�س�سة ككل‪.‬‬

‫املعتقدات ال�شائعة و�إعادة ت�شكيلها‬ ‫املعتقد يف �شكله اجلديد‬

‫املعتقد‬

‫الب�صمة التي تنتمي �إليها‬

‫الثقة‪“ :‬ينبغي على اجلميع �أن يثق بي ويقدر‬ ‫معرفتي وخرباتي الوا�سعة‪”.‬‬

‫الب�صمة املتحكِّمة‬

‫“ميكنني �أن �أ�صقل خرباتي و�أمزجها‬ ‫بخربات الآخرين كي نخرج ب�أف�ضل‬ ‫النتائج‪”.‬‬

‫املنظور الفكري‪“ :‬ه�ؤالء �أكرث مني خربة‪،‬‬ ‫و�آرا�ؤهم ووجهات نظرهم هي الأ�صوب!”‬

‫الب�صمة املرتاخية‬

‫“ينبغي �أن نتبادل وجهات النظر املختلفة‬ ‫ مبا يف ذلك وجهة نظري ‪ -‬لنختار‬‫الأ�صوب من بينها‪”.‬‬

‫ال�شفافية‪“ :‬قد ال تفيدهم قيمي �أو جتديهم‬ ‫مبادئي نف ًعا‪ ،‬فال داعي لذكرها!”‬

‫الب�صمة ال�سلبية‬

‫“نحن نتب َّنى قيم ًا خمتلفة‪ ،‬لكننا نتفق على‬ ‫هدف واحد‪”.‬‬

‫ثاني ًا‪ :‬تعزيز ا�سرتاتيجيات التوا�صل‬ ‫الآن وبعد �أن �أدركت كيف تخاطب وتحُ ِدث معتقداتك الذهنية‪� ،‬آن الأوان لأن تعمل على تعزيز‬ ‫ا�سرتاتيجيات التوا�صل والتفاعل مع الآخرين‪ .‬عليك بالإر�شادات التالية لتتبنى ب�صم ًة �شخ�صي ًة‬ ‫قوية‪:‬‬ ‫‪� u‬ضع �إطار ًا منا�سب ًا لر�سالتك‪ :‬يحتاج القادة �إلى توفري ال�سياق املالئم حل�شد الأ�شخا�ص واملوارد بهدف �إجناز مهمة بعينها‪ .‬ففي عام‬ ‫‪� ،2007‬ألقى “�ستيف باملر” خطا ًبا يف “كلية �ستانفورد للأعمال”‪ ،‬والتي كان قد تخرج فيها‪ ،‬قبل �أن ين�ضم �إلى �شركة “ميكرو�سوفت” ‪.‬‬ ‫�أق َّر “باملر” ب�أنه قد راودته بع�ض ال�شكوك حول �صواب قراره برتك اجلامعة قبل �إنهاء درا�سته‪ ،‬وذلك بعد فرتة وجيزة من ان�ضمامه‬ ‫لل�شركة‪ .‬عندئذ ا�صطحبه “بل جيت�س” لتناول الغداء وقال له‪“ :‬رمبا تعتقد �أنك قد جازفت مب�ستقبلك الدرا�سي واملهني لتعمل يف �شركة‬ ‫تن�س �أننا نعمل لن�ضع جهاز حا�سوب يف كل منزل وفوق كل مكتب” بهذا الإطار الب�سيط وال�شامل‬ ‫ال يتجاوز عدد موظفيها الثالثني‪ ،‬لكن ال َ‬ ‫ت َّوج “جيت�س” ر�ؤيته ور�سالته‪ ،‬فا�ستطاع “باملر” �أن يرى قراره من منظور مغاير متام ًا‪ ،‬وي�ساهم يف جناح هذه ال�شركة العاملية‪.‬‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪8‬‬


‫‪ u‬حدِّ د جمهورك‪ :‬قبل �أن ت�شرع يف التوا�صل مع �شخ�ص ما‪ ،‬راجع حمادثاتك ال�سابقة معه و�أجب عن الأ�سئلة التالية‪ :‬ما �أف�ضل الطرق‬ ‫للت�أثري يف هذا ال�شخ�ص‪ :‬هل �أن تكون وا�ضح ًا و�صريح ًا‪� ،‬أم حا�سم ًا وغام�ض ًا؟ هل �سرتكز يف حديثك على النوايا‪� ،‬أم على احلقائق‬ ‫املجردة؟ ما النهج الذي يتبعه يف التوا�صل مع الآخرين‪ :‬هل يبادر بطرح الأ�سئلة‪� ،‬أم ي�صر على موقفه‪� ،‬أم يتقبل الآراء املختلفة ب�صدر‬ ‫اهتماما خا�ص ًا‪ :‬الوقت‪� ،‬أم كرثة االجتماعات‪� ،‬أم النتائج؟ توفر لك �إجابات هذه الأ�سئلة منهج ًا عملي ًا‬ ‫رحب؟ ما الأمور التي يعريها‬ ‫ً‬ ‫وواقعي ًا للتوا�صل مع هذا ال�شخ�ص بت�أثري‪.‬‬ ‫‪ u‬حدِّ د الهدف من التوا�صل‪ :‬عليك �أن حتدد م�سبق ًا الغر�ض من هذا التوا�صل ‪ -‬هل هو مزيد من املوارد‪� ،‬أو الوقت‪� ،‬أو ال�شفافية ‪� ...‬إلخ ‪-‬‬ ‫ين�صب تركيزُك وحدي ُثك على هذا الغر�ض‪ .‬مع احلر�ص على �أن جتذب الطرف الآخر �إلى �صفك لي�شاركك الهدف والر�ؤية‪.‬‬ ‫كي‬ ‫َّ‬

‫الإطار ‪ ..‬اختيار‬ ‫بعد �أن تط ِّور �آليتك للتوا�صل الف َّعال مع جماهريك املختلفة‪ ،‬ابد�أ يف اختيار الإطار الأن�سب‪ .‬يخ�ضع الت�أطري الف َّعال للعديد من الأ�شكال نذكر منها‪:‬‬ ‫‪ u‬الت�أطري اال�سرتاتيجي‪ :‬يتم من خالل ربط ر�سالتك ب�أولويات ومتطلبات امل�ؤ�س�سة‪.‬‬ ‫‪ u‬الت�أطري الهادف‪ :‬يتحقق بربط ر�سالتك بالأهداف والإجنازات املن�شودة‪.‬‬ ‫‪ u‬الت�أطري املجازي‪ :‬يت�أتى با�ستخدام بع�ض الت�شبيهات واال�ستعارات التي تبث يف ر�سالتك احلياة‪ .‬فمث ًال‪ ،‬حني يخاطب املدير التنفيذي‬ ‫موظفيه قائ ًال‪“ :‬نريد �أن نعمل كفريق كرة ال�سلة‪ ،‬ال كفريق ال�سباحة‪ ”،‬ف�إنه يريد بذلك �أن يحثهم على العمل اجلماعي‪ ،‬ال الفردي‪.‬‬ ‫‪ u‬الت�أطري املو�سيقي‪� :‬أي ا�ستخدام عبارات ر َّنانة تلخ�ص ر�سالتك ويف نف�س الوقت تطرب لها الآذان‪ ،‬وتُخ ِّلدها الأزمان‪.‬‬

‫ُ‬ ‫التوا�صل الفعـ َّ ُ‬ ‫ال �ضرب ًا من املُحال؟‬ ‫متى ُي�صبح‬ ‫ي�ستهني كثريون ب�أهمية الإن�صات واال�ستماع للآخر – ال �سيما َمنْ تغ ِلب عليهم الب�صم ُة املتحكمة – مما‬ ‫يتمخ�ض يف نهاية املطاف‪ ،‬وبعد الكثري من االلتفاف‪ ،‬عن حمادثات جوفاء‪ .‬جت َّنب ا ُ‬ ‫َّ‬ ‫حلجج التالية والتي‬ ‫يردِّدها ه�ؤالء لتربير عدم رغبتهم وقدرتهم على ا�ستيعاب الآخرين‪:‬‬ ‫‪� u‬أنا �أعرف ما �سيقال؛ فلماذا �أ�ستمع لع�شرين دقيقة دون طائل!‬ ‫‪ u‬ال �أرغب يف �إ�ضاعة املزيد من الوقت‪.‬‬ ‫‪ u‬ال �أو ُّد �أن �أ�شتت �أفكاري و�أفكار الآخرين‪.‬‬ ‫‪ u‬ال تهمنى مواقف ور�ؤى الآخرين ومدى ا�ستيعابهم ملواقفي‪.‬‬ ‫‪� u‬أ َف ِّ�ضل احلديثَ على اال�ستماع كي ي�ستفيدوا من خرباتي ومعلوماتي‪.‬‬

‫ثالث ًا‪ :‬حت�سني الطاقة البدنية‬ ‫ت�ؤثر الطاقة املتوهِّ ج ُة يف داخلك ب�شكل ملحوظ‪ ،‬فيمن حولك �أ َّيا‬ ‫كان مظهرك �أو براعتك يف �إلقاء املقدمات‪ .‬فبد ًال من َت َب ِّني املقومات‬ ‫املفرت�ضة للنجاح‪ ،‬هيئ نف�سك ج�سد ًيا وا�ستعد فعلي ًا‪ ،‬لأن تعك�س طاق ًة‬ ‫النجاح املن�شود‪.‬‬ ‫وجتذب معهم‬ ‫جتذب النا�س‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ u‬ت�أمل َ‬ ‫لغة اجل�سد‪ :‬الحظ ردود �أفعالك من �إمياءاتك و�إ�شاراتك ونظراتك و�أ�صواتك وتعبرياتك‪ .‬فحني يعلو �صوتـُك �أو تت�سارع كلماتـُك ‪-‬‬ ‫على �سبيل املثال ‪ -‬ف�إنك تعطي انطباع ًا بال�سيطرة املتحكمة والتقليل من �ش�أن الآخرين‪ ،‬منزل ًقا ‪ -‬بالطبع ‪� -‬إلى خانة الب�صمة املتحكمة‪.‬‬ ‫ت�أمل تلك التفا�صيل الب�سيطة‪ ،‬واعمل عليها على الفور‪ ،‬ويف�ضل لو طلبت من العاملني معك �أن ي�صارحوك بالأ�ساليب التي تزعجهم‪ ،‬حتى‬ ‫يت�سنى لك جتنبها فيما بعد‪.‬‬ ‫كاف‬ ‫‪� u‬أعد �شحن طاقتك‪ :‬تختلف �آليات �شحن وتزويد الطاقة اجل�سدية من �شخ�ص �إلى �آخر‪ .‬بع�ضنا يجد راحته يف احل�صول على ق�سط ٍ‬ ‫من النوم‪� ،‬أو تناول قهوة ال�صباح‪� ،‬أو ممار�سة التمرينات الريا�ضية‪ ،‬وغري ذلك الكثري‪ .‬ولكن ثبت �أن الأن�شطة التي تقوم على اال�سرتخاء‬ ‫والت�أمل تفيد القادة ب�شكل عام‪ ،‬ومن مييلون �إلى “الب�صمة املتحكمة” ب�شكل خا�ص‪� .‬أما الذين تغ ِلب عليهم الب�صمة املرتاخية فتفيدهم‬ ‫الأن�شطة التي تركز على تعزيز مواطن القوة وا�ستثمار الطاقات الكامنة‪ ،‬وبالتايل تدعم نربتهم ال�شخ�صية‪ .‬ابحث عن الن�شاط الأمثل‬ ‫ومار�سه ب�شكل ا�سرتاتيجي‪ ،‬ومتوا�صل لتنعم بح�ضو ٍر منقطع النظري‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫كتاب في دقائق‬


‫‪ُ u‬كن مرئي ًا‪ :‬لكي ت�ضمن و�صول ر�سالتك‪ ،‬عليك �أو ًال �أن تدير �شبكة من العالقات الناجحة مع من حولك‪ .‬ف�إن مل متتلك هذه ال�شبكة‪،‬‬ ‫كل من النربة ال�شخ�صية‪ ،‬والنربة اجلماعية‪:‬‬ ‫فا�صنعها بنف�سك‪ ،‬موازن ًا بني ٍ‬ ‫‪ -1‬بادر بالطلب (النربة ال�شخ�صية)‪ :‬ال تتوانَ يف طلب املعلومات �أو امل�ساعدات ب�شكل هادف‪ ،‬ومه َّذب‪ ،‬ووا�ضح‪ ،‬ومبا�شر‪.‬‬ ‫‪ -2‬كن متعاون ًا (النربة اجلماعية)‪ :‬بادر بتقدمي يد العون و�إمداد الآخرين باملعلومات واالحتياجات التي تقربهم من �أهدافهم‪.‬‬ ‫‪ -3‬ح ِّقق م�صالح م�شرتكة (كلتا النربتني)‪ :‬قابل الإح�سان بالإح�سان‪ ،‬واحر�ص على �أن َت ُ�ص َّب م�ساعيك يف بوتقة امل�صلحة العامة ال ال�شخ�صية‪.‬‬

‫قدِّ م يد العون‬ ‫ب�إمكانك – كمدرب �أو قائد �أو مدير – �أن ت�ض َع الآخرين على بداية الطريق‪ ،‬نحو ح�ضور قوي وب�صمة م�ؤثرة من خالل‪:‬‬ ‫‪ u‬حتفيز الأ�شخا�ص على م�صارحة بع�ضهم بع�ض ًا‪ ،‬مبزايا و�سلبيات كل واحد منهم‪ ،‬كي َ‬ ‫يدرك ك ٌل منهم ب�صمتَه احلالية‪،‬‬ ‫و�أث َرها يف نفو�س الآخرين‪.‬‬ ‫‪ u‬حثهم على و�ضع خطط �شاملة لتطوير ح�ضورهم باالعتماد على حمركات احل�ضور الثالثة‪.‬‬ ‫‪ u‬تقدمي الن�صح‪ ،‬والتوجيه ال�شخ�صي‪ ،‬والإر�شاد اجلاد‪.‬‬ ‫‪ u‬االحتفال بالنجاحات ومكاف�أة الإجنازات‪.‬‬

‫القيادة من القلب‬ ‫لي�ست “الب�صمة ال�شخ�صية” القوية �سم ًة فطري ًة يول ُد بها الإن�سانُ كما يظن ويرى ويقول بع�ض خرباء القيادة؛ و�إمنا هي‬ ‫َ‬ ‫لتفر�ض ح�ضورك‪ .‬ولكن‬ ‫أمامك الفر�ص ُة‬ ‫� ُ‬ ‫أ�سلوب حيا ٍة نكت�سبه باملمار�سة واجلد واملثابرة‪ .‬ف�أي ًا كان من�صبك‪ ،‬فما زالت � َ‬ ‫أبدي ونهائي‪ ،‬ولي�س موقف ًا عابر ًا وهاج�س ًا متقلب ًا‪ .‬فبمجرد �أن ت�ضع قدمك على بداية‬ ‫تذ َّكر �أن احل�ضو َر القيادي التزا ٌم � ٌ‬ ‫الطريق‪ ،‬ف�إن الرتاجع يعترب نوع ًا من التهاون‪ ،‬والتق�صري‪ ،‬واال�ست�سالم‪ .‬ف�إن �أح�س�ست ببع�ض م�شاعر النكو�ص تقرتب‬ ‫منك‪ ،‬تذ َّ​ّكر مزايا احل�ضور والب�صمة امل�ؤثرة التي ال ُيطاولها جنا ٌح غريها �أبد ًا‪ .‬ول�سوف َيحثـُّك هذا على موا�صلة ال�سري‬ ‫على نف�س الدرب‪ ،‬وهذا هو جوهر القيادة من القلب‪.‬‬ ‫المؤلفتان‪:‬‬ ‫ايمي جين سو‪ :‬درست “علم النفس” في جامعة “ستانفورد” وإدارة األعمال في جامعة‬ ‫“هارفرد” وتتخصص في تدريب القيادات على التأثير وإدارة التغيير‪.‬‬ ‫موريل ميجنان ويلكينز‪ :‬تحمل ماجستير إدارة أعمال من جامعة “هارفارد” وتعمل‬ ‫كخبيرة في التواصل‪ ،‬كما تدرب القادة على فرض حضورهم اإليجابي في بيئات العمل‪.‬‬

‫كتب مشابهة‪:‬‬

‫‪1. The Power of Presence‬‬ ‫‪Unlock Your Potential to Influence and Engage Others..‬‬ ‫‪By: Kristi Hedges. 2011‬‬

‫قوة الحضور‪ .‬كيف تؤثر وتتفاعل مع الجمهور‪ .‬تأليف‪ :‬كريستي هدجز‪2011 ،‬‬ ‫‪2. Creating Personal Presence‬‬ ‫‪Look, Talk, Think, and Act Like a Leader.‬‬ ‫‪By: Dianna Booher. 2011‬‬ ‫وتكـلم وتصرَّ ف كقائد‪ .‬تأليف‪ :‬ديانا بوهر‪2011 ،‬‬ ‫افرض حضورك‪ :‬فكـِّر‬ ‫َّ‬ ‫‪3. The Leader’s Guide to Speaking with Presence‬‬ ‫‪How to Project Confidence, Conviction, and Authority.‬‬ ‫‪By: John Baldoni. 2013‬‬ ‫دليل القادة للحضور والريادة‪ :‬كيف تبدو واثقًا وصادقًا ومسؤو ً‬ ‫ال‪ .‬تأليف‪ :‬جون بالدوني‪2013 .‬‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪10‬‬


‫“ال يتحقق النجاح‬ ‫بفر�ض ال�سيطرة‪،‬‬ ‫و�إمنا بت�سجيل‬ ‫احل�ضور‪”.‬‬ ‫إيمي سو‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.