نقطة حت ُّول
ٍ ثـوان... في ال تتهي�أ ظروف النجاح واال�ستمرارية لأي عمل �أو م�شروع �أو حتى عالقة �إن�سانية �إال بتوفر �شرطني �أ�سا�سيني وهما روح التعاون وامل�شاركة ،فعالقتنا مع عائالتنا و�أوالدنا وجمتمعنا بالكامل عمادها التعاون وامل�شاركة ،وكذلك عالقاتنا العملية واملهنية تتطلب وجود روح فريق العمل وامل�شاركة يف و�ضع الأفكار والتنفيذ .وتربز �أهمية قيم التعاون وامل�شاركة كونهما من الأعمدة الأ�سا�سية التي تبني �أ�سا�سيات الثقة املتبادلة بني الأطراف ،وهذه الثقة بدورها تظل عام ًال حا�سم ًا يعزز من حتقيق العالقات؛ املهنية منها �أو االجتماعية، نتائجها املرجوة وغاياتها امل�أمولة. ولي�س �أقوى من مثال تاريخي يح�ضرين هنا حول �أهمية التعاون وامل�شاركة يف م�سرية النجاح والتقدم ،من احتاد دولتنا الذي يقول عنه �صاحب ال�سمو ال�شيخ حممد بن را�شد �آل مكتوم نائب رئي�س الدولة رئي�س جمل�س الوزراء حاكم دبي “رعاه اهلل” � :إن �أحد �أهم �أ�سباب جناحه هو روح الفريق الواحد التي زرعها م�ؤ�س�سو دولة الإمارات يف نفو�س �أبناء الوطن كافة ،والطريق للأمام هو عرب تقوية هذه الروح .وبالفعل �أكدت الأيام �أن قيمة هذه الروح وم�ساهمتها ب�شكل كبري وف َّعال يف نه�ضة وتنمية وطننا حتى �أ�صبح اليوم من الدول التي ي�شار �إليها بالبنان. ومن منطلق حر�صنا يف م�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم على االرتقاء بامل�ستوى الثقايف للمجتمع وتقدمي �أف�ضل نتاجات فكرية لأهم ال ُكتَّاب العامليني� ،أ�صدرت امل�ؤ�س�سة ملخ�صات الدفعة اجلديدة ملبادرة “كتاب يف دقائق” ،والتي تُ�سلط ال�ضو َء على ثالث ق�ضايا يتناول بع�ضها دور التعاون وامل�شاركة ،وتناق�ش �سلوك الثقة يف النف�س ،ومفهوم اال�ستحقاق يف تربية الأبناء� ،إ�ضافة �إلى اقت�صاديات التعاون املفتوح. ويتناول ملخ�ص الكتاب الأول “الثقة يف النف�س ...حتويل عدم تقدير الذات �إلى �إجنازات وجناحات”� ،آليات النجاح يف رفع م�ستويات ثقتنا ب�أنف�سنا، وكيفية ربط الثقة بالنف�س بعوامل مثل :القدرات والإمكانات واملوهبة لتحقيق الإجنازات يف نهاية املطاف .فيما ينقلنا ملخ�ص الكتاب الثاين “م�صيدة اال�ستحقاق ...نحو قيم �أ�سرية عمادها اال�ستثمار واالختيار” �إلى خماطر �أ�سلوب اال�ستحقاق املطلق يف تربية الأبناء ،والذي يعتاد الطفل من خالله على التدليل املفرط والغرور والك�سل وبالتايل يكرب بال �أدنى درجة من حتمل امل�س�ؤولية �أو الطموح �أو اال�ستقاللية .و ي�سلط ملخ�ص الكتاب الأخري ُوحد العامل والعقول” ال�ضوء على “اقت�صاديات التعاون املفتوح ...حلول ت ِّ حت ِّول العامل �إلى الإنرتنت وما نتج عنه من اقت�صاد رقمي �أدى �إلى تكوين مناذج �أعمال مفتوحة تعتمد على تعاون كافة امل�شاركني. وال ي�سعني يف النهاية �إال �أن �أمتنى لكم ولعائالتكم قراءة �شيقة ومفيدة للدفعة اجلديدة من ملخ�صات مبادرة “كتاب يف دقائق”.
جمال بن حويرب
الع�ضو املنتدب مل�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم 1
كتاب في دقائق
حني نت�أ َّمل املا�ضي ن�سرتجع اللحظة الفارقة التي حت َّول فيها العامل من الر�أ�سمالية ال�صناعية �إلى �شكل اقت�صادي جديد يعتمد على مبادئ ونظم غري معهودة .فبينما ق َّدمت الطباعة للب�شرية �إمكانية ن�شر الكلمة؛ ح َّول الإنرتنت النا�س العاديني �إلى من�صة م�شرتكة نا�شرين وهكذا �أوجد الإنرتنت َّ للتوا�صل وتعزيز التعاون والتعلُّم اجلماعي .من هنا برز دور الإنرتنت كنافذة مفتوحة نطل من خاللها على عامل من التالحم املجتمعي والتعاون االقت�صادي املفتوح .ومع �أن فكرة التعاون والعمل اجلماعي املفتوح بني الفرق املت�شاركة واملتباعدة لي�ست جديدة، �إال �أن منوذج الأعمال اجلديد الذي ن�ش�أ يف ظل االقت�صاد الرقمي �أتاح الفر�صة ِّ لكل النا�س ب�أن يعملوا على م�شروعات م�شرتكة من دون �أن يعرف بع�ضهم بع�ض ًا �أو من دون �أن يلتقوا من قبل. يف ظل النموذج اجلديد بد�أت جمموعات عمل تخ�ص�صات واهتمامات م�شرتكة بالتوا�صل جتمعها ُّ وتكوين مناذج �أعمال مفتوحة تعتمد على جميع امل�شاركني وتهدف �إلى ا�ستثمار املدخالت وابتكار املخرجات عرب “فو�ضى منظمة” وفرق افرتا�ضية تنت�شر حول العامل م�ستخدمة تقنية (الويكي). مع �أ َّنه ال يجمع ه�ؤالء املط ِّورين �أي عامل م�شرتك �سوى الإنرتنت واالهتمامات امل�شرتكة وقاعدة بيانات ب�سيطة .يعمل هذا النموذج املتح ِّرر بتلقائية وجماعية ف َّعالة م�ستخدم ًا تقنية معلومات �شفافة، �أي �أنَّ للجميع احلقَّ يف ا�ستخدامها والدخول �إليها وحترير حمتوياتها بالإ�ضافة �أو احلذف �أو التعديل �أو املراجعة .فهي تقنية م� َّؤ�س�سية وفردية ح َّرة وتلقائية ..يف نف�س الوقت.
“�إعادة ت�شغيل” العامل يف حني تواجه معظم امل� َّؤ�س�سات �أ�شكا ًال متعدد ًة من الأزمات يف الإدارة واملناف�سة والنمو هناك نظرة م�ستقبلية �أكرث تفا�ؤ ًال و�إثار ًة َ مداخل للف�ضول لأنها توفر للأفراد واملنظمات التقليدية واحلديثة وتقنيات جديد ًة متكنها من اال�ضطالع ب�أدوار �أكرث فعالية على كل ٍ امل�ستويات ال�شخ�صية وامل�ؤ�س�سية واملحلية والدولية .وهذه هي فكرة “التعاون املفتوح”.
تعريف “الويكينوميك�س” يجمع م�صطلح “ويكينوميك�س” بني كلمتي�“ :إكونوميك�س” �أي اقت�صاد و “ويكي” التي تطلق على �أحد تطبيقات الإنرتنت والذي ي�سمح مل�ستخدميه ب�إ�ضافة وتعديل وحتديث حمتويات وبيانات �أعدها �آخرون ب�شفافية وعرب نظام مفتوح .وكان م�ؤلف هذا الكتاب “دون تاب�سكوت” هو �أول من �صاغ هذا امل�صطلح يف �أحد كتبه عام 2006ليتناول الدور احليوي الذي لعبته �شبكة الإنرتنت يف تطوير عامل ثم ي�شري م�صطلح “ماكرويكينوميك�س” �إلى الأعمال .ومن َّ املو�سع لتطبيقات التعاون والت�شارك اال�ستخدام املجتمعي َّ الذي انعك�س �صداه على �شتَّى مناحي احلياة .فمن خالل الإبداع اجلمعي والتوا�صل املعريف الذي �أتاحته الإنرتنت امتدت لت�شمل �أفرا َد وم� َّؤ�س�سات حدثت طفرة جديدة َّ ثم متكنت امل�ؤ�س�سات واملجتمعات من املجتمع ككل .ومن َّ املبادرة واملواكبة ودفع عجلة التطوير من البيوت واملكاتب وامل� َّؤ�س�سات واملنظمات املعرفية والعلمية واملجتمعات الأو�سع نطاق ًا �أي�ضا.
مُي ِّكن عامل “الويكي” امل� َّؤ�س�سات من ا�ستثمار م�صاد َر جديد ٍة املغلق واخلروج للأ�سواق للأفكار بعدما اعتادت على العمل ِ بابتكارات �أع َّدتها يف �سرية تا َّمة لت�شارك وت�ستفيد من البوتقة لتنفتح العاملية التي متتزج فيها الأفكار وتن�صهر فيها املواهب َ وتتدفقَ وك�أنها �شال ٌل زاخ ٌر بالطاقات والإمكانات .ففي ِّ ظل اقت�صاد املعرفة املفتوح �سيتم َّكن العلماء من زيادة وترية عمليات البحث العلمي بجعل التطبيقات والربامج التي ي�ستخدمونها مفتوحة امل�صدر مما يتيح ِّ لكل باحث – مبتدئ ًا كان �أو حمرتف ًا -فر�صة امل�شاركة يف اال�ستك�شاف واال�ستنتاج واالبتكار .فيمكن -مث ًال � -أن يتعاونَ الأطبا ُء مع اجلمعيات الأهلية واملر�ضى يف تبادل الر�ؤى الدعم ُ بع�ضهم لبع�ض مما حول احلاالت الطبية املتماثلة ويقدموا َ ُ مت�سارع يف البحث العلمي والطبي. تقدم ٍ يتمخ�ض عن ٍ
مبادئ منوذج الأعمال املفتوح يقوم اقت�صاد “الويكي” على خم�سة مبادىء هي :التعاون واالنفتاح وامل�شاركة والنزاهة والرتابط .هذه املبادىء ال تفيد عامل الأعمال فح�سب بل ميكن �أن َ جتعل عا َملنا ب�أ�سره مكان ًا �آمن ًا ومزدهر ًا وعاد ًال.
uالتعاون يف ِّ تقنيات تخت ُرب احلدو َد الق�صوى للإبداع الب�ش ِّري ويف بيئة اقت�صادية عاملية ال ُّ فر�ص جناح ظل ٍ تنفك تزدا ُد تعقيد ًا وت�شابك ًا �أ�صبحت ُ امل� َّؤ�س�سات التقليدية ذات الهياكل الهرمية �ضئيلة جد ًا .لأن َ َ الكيانات َّ النماذج التقليدي َة لإدارة املنظمة ذاتي ًا ,جعل وتكامل و�سرع َة ترابط ِ َ امل� َّؤ�س�سات واهي ًة للغاية .فالعلم والتكنولوجيا يتط َّوران ب�سرع ٍة ال تمُ ِّكن امل�ؤ�س�سات من التميز يف كل املجاالت ،كما ال تمُ َّكنها من اال�ضطالع بعمليات االبتكار والإنتاج مبفردها �أو االحتفاظ بكل املوهوبني بداخلها .من هذا املنطلق بد�أت املنظمات الذكية حتر�ص على التعاون مع الكيانات والأ�شخا�ص القادرين على م�ساعدتها يف ِّ كل �أنحاء العامل .فقد تحَ َ َّولت دوائ ُر التعاون ال�ضخم ِة واملت�شابك ِة عرب الإنرتنت �إلى طريقة قوية للت�شغيل والتفعيل والقفز على املراحل مع توزيع ثمار نتائجها على كل من ي�شارك فيها. كتاب في دقائق
2
uامل�شاركة
uاالنفتاح دالالت كثري ٌة منها :ال�صراحة وال�شفافية واملرونة لكلمة “االنفتاح” ٌ واالت�ساع وامل�شاركة .ومع ذلك ق َّلما تُ�ستخدم هذه الكلم ُة لو�صف العديد من الن�شاطات االقت�صادية امل�ؤ ِّثرة يف املجتمع .فعندما يتعلق الأمر بالت�شارك يف املعلومات جند �أنَّ ال�سرية هي الثقافة امل�سيطرة �سات مغلق ًة لأنها ق َّلما يف �أغلب امل� َّؤ�س�سات .يف املا�ضي كانت كل امل� َّؤ�س ِ كانت حتتاج �إلى م�ساعدات خارجية متخ�ص�صة وفورية �إذ كانت وخا�صة ما يتعلق منها ب�أخطائها وبنقاط حتتفظ باملعلومات لنف�سها َّ �ضعف منتجاتها .وكانت املنظمات الر�سمية تعمل على حماية بياناتها و�إبقائها بعيد ًا عن متناول اجلمهور .فعلى �سبيل املثال كان املر�ضى يعتربون كل اخلدمات الطبي ِة غام�ض ًة وبعيد ًة عن ال�شفافية. وكان العلماء يتذمرون من القوانني التي تبقي اكت�شافاتهم العلمية طي الكتمانَّ � .أما الآن ف�إن امل�ؤ�س�سات التي ُ االنفتاح ترف�ض َ امله َّمة يف َّ على العامل واجلمهور تغامر ببقائها وقدرتها على املناف�سة ناهيك عن التميز.
التوا�صل لطرح ومناق�شة �إذا كانت فكرة االنفتاح تدور حول ِ املعلومات ب�شفافية بني ذوي امل�صالح يف احلكومات َّ واملنظمات ف�إنَّ امل�شارك َة تدو ُر َ إف�صاح عن تلك حول ال ِ أ�صول الفكري ِة مع جهات متعددة املعلومات وتبادل ال ِ ِ ب�إتاحة بياناتها و�أ�صولها الفكرية ،لي�ستفيد منها املهتمون مع توثيق اتفاقيات قانونية حتفظ لكل طرف حقه .ومن احلكمة طبع ًا �أن تتح َّك َم امل� َّؤ�س�ساتُ مبواردها – ال �سيما الفكرية منها – من خالل براءات االخرتاع والعالمات التجارية امل�سجلة .ولكن الكثري من امل�ؤ�س�سات العاملية ح َّلت هذه املع�ضلة بعدما وجدت �أنَّ احلفاظ والدفاع عن �صارم قد ي�ش ُّل قدرتها على الإبداع كل ما يخ�صها ب�شكل ٍ ويحرمها من خلق قيمة م�ضافة .فبد�أت املنظمات الذك َّية َ �صندوق متويل م�شرتك تتعامل مع امللكية الفكرية باعتبارها ي�ض ُّم حزم ًا من الأ�صول املعلوماتية بع�ضها حممي بالكامل وبع�ضها ي�شارك فيه اجلميع.
uالنزاهة تنطلق امل�س�ؤولية املجتمعية للم�ؤ�س�سات من فكرة يلخ�صها �شعار�“ :أنت تتفوق على الغري عندما تفعل اخلري” .وقد �سات �إلى تب ِّني �سلوكيات م�س�ؤولة جتاه قاد هذا ال�شعا ُر امل� َّؤ�س ِ ؤ�س�سات �أخرى ب�سلوكيات املجتمع والبيئة .يف حني مت�س َّكت م� ٌ �ضارة لها وملجتمعاتها؛ فر َكزَّ ت على حتقيق الأرباح من خالل �سرقة الأفكار الإبداعية وممار�سة �أعمال غري نظامية ف�ض ًال عن ال�سلوكيات االحتكارية والإ�ضرار بالبيئة .ثم للتح ُّول عن هذا الفكر الأناين والعمل ا�ضطرت امل�ؤ�س�سات َ ُ امل�ستهلك يف زمن االقت�صاد ال�شبكي بنزاهة ,حني بات املفتوح يعرف ويراقب َّ كل �شيء ويعاق ُِب �أي ت�ص ُّرف غري نزيه ،من قبل �أية م� َّؤ�س�سة .وهكذا حت َّولت النزاه ُة من �سلوك �أخالقي مثايل �إلى فعل عملي يعرب عن تفكري ٍ براجماتي ُيحققُ م�صالح كاف ِة الأطراف. َ 3
كتاب في دقائق
uالرتابط
يف زمن يرتبط فيه الإن�سان بالأ�شياء ِّ وبكل ما حوله من خالل �شبكات زجاجي ٍة ورقمي ٍة ال مرئية ال ميكن لأيِّ عمل �أو َّ منظمة �أو ٍ وكالة حكومية �أو دولة �أو جمتمع �أن يعمل مبعزل عن العامل .فقد بد�أ االنهيا ُر االقت�صاديُ يف مكاتب الرهن العقاري الأمريكية َّثم اجتاح “وول �سرتيت” وو�صل يف حلظات �إلى “لندن” و“�آ�سيا” حتى غمر العا َمل كالطوفان .حينها �أدرك امل�ش ِّرعون ورجال الأعمال �أنه يجب تن�سيق اجلهود لإجراء تغيريات يف القوانني واملعايري املحا�سبية العاملية لتج ُّنب تكرار هذه الأزمة املالية. والآن يدر�س امل�ش ِّرعون و�صانعو ال�سيا�سات هذه امل�س�ألة لو�ضع التدابري الوقائية امل�ستقبلية لتج ُّنب الآثار ال�سلبية للرتابط الكوين واال�ستفادة منه ب�شكل �إيجابي.
�إعادة فهم كوكبنا العون للعلماء ق َّدمت �أدوات الإنرتنت املجانية مثل “جوجل �إيرث” الكث َري من ِ املعلومات التي كان من ال�صعب الو�صول �إليها يف و�صانعي ال�سيا�سات؛ ف�أتاحت ِ املا�ضي للجمهور على �أو�سع نطاق .ت�ساعد هذه الأدوات يف عر�ض املعلومات يف �شكل �صو ٍر ب�صري ٍة وا�ضح ٍة مما ي�ساعد يف �شرح الظواهر املعقَّدة التي ي�صعب فهمها وبطرق ب�سيطة ميكن لأيِّ �شخ�ص �أن يفهمها .يقدِّ م “جوجل من�ص ًة مثالي ًة لتعزيز فهمنا لت�أثري �أفعالنا الب�شرية على املحيط �إيرث” مث ًال َّ احليوي يف كوكبنا ،بدء ًا من حتديد �أماكنَ ت�س ُّرب النفط يف العامل ومعرفة ت�أثري ارتفاع م�ستويات البحار ،وانتها ًء مبعرفة ن�صيب الفرد من انبعاثات ي�صبح من غاز ثاين �أك�سيد الكربون .ولأن الت�شخي�ص هو ن�صف العالج ف�إنه ُ الأ�سهل ُ إجراءات الالزمة لو�ضع احللول الكونية وتنفيذها. اتخاذ ال ِ
تعقيدات التعاون وامل�شاركة ينطوي التعاونُ يف االبتكار على بع�ض اجلوانب ال�سلبية .فقد تفيد الربجمياتُ املفتوح ُة امل�صد ِر الكث َري من الأطراف وعلى ر�أ�سهم امل�ستخدمني. لكنها قد ت�ؤذي من تعتمد �أعمالهم على بيع �سلع وخدمات تنبع ميزتها التناف�سية من تف ُّردها ومن حقوق ملكيتها التي ت�ؤدي بدورها �إلى ازدهار البحث العلمي واالبتكار والإبداع .كما ميكن للمواقع الإلكرتونية التي تقدم خدمات الرعاية معلومات موثوق ٍة ال�صحية �أن تو ِّفر للنا�س ٍ لكنها قد تخلق � -أحيانا -حاالت من البلبلة. ولذا ف�إن منوذج الأعمال املفتوح لي�س و�صف ًة �سحري ًة لإ�صالح كل م�شاكل العامل .فهو لي�س بدي ًال للحكوم ِة الناجحة وامل� َّؤ�س�سات ال�صاحلة وال�صحافة امل�س�ؤولة .فامل� َّؤ�س�سات التجارية �ستبقى هي املح ِّرك الرئي�س لأي ازدهار �أو فر�ص عمل جديدة .و�ستبقى احلكوماتُ م�س�ؤول ًة عن ال�ضمان االجتماعي وت�شريع القوانني مل�صلحة مواطنيها .و�ستبقى اجلامعات هي واحة العلم والبحث واالبتكار.
التمهيد لالبتكار ..واالزدهار
ومع ذلك ميكننا �أن نالحظ كيف جعل الذكا ُء أ�ساليب القدمي َة يف خلق القيمة غري ال�شبكي ال َ ُ كافية .فاالبتكار القائم على التعاون �سيغيرِّ من طرق تدري�س التخطيط والت�سويق والت�سعري يف كليات �إدارة الأعمال .وامل�ستهلكون �سيعتربون “قالب واح ٌد ينا�سب اجلمي َع” �أمر ًا ع َّفى مبد�أ: ُ ٌ عليه الزمن.
للم َّرة الأولى يف التاريخ �أ�صبح من املمكن للأفراد وامل�ؤ�س�سات ال�صغرية اال�ستفاد ُة أ�ساليب ت�ضاهي من كفاءات الأ�سواق عاملية امل�ستوى ،بالإ�ضافة �إلى خدمة العمالء ب� َ �أ�ساليب امل�ؤ�س�سات الكربى وكلها �أمور مل تكن متاح ًة يف املا�ضي �إال للم� َّؤ�س�سات العريقة. ومتو�سطة احلجم �أن تبيع منتجات يف الأ�سواق العاملية ميكن مث ًال لل�شركات ال�صغرية ِّ دون احلاجة �إلى ت�صنيع �أي �شيء ب�شكل مبا�شر .فبف�ضل خدمات كتلك التي تقدِّ مها م� َّؤ�س�سة “بونوكو” يف “نيوزيلندا” ميكنك ت�صنيع منتجاتك وت�سليمها مبا�شر ًة �إلى العمالء يف �أي مكان يف العامل دون االنخراط يف عملية الت�صنيع .ح ِّمل ت�صميماتك
�إعادة النظر يف امل�سلمات لقد حان الوقت لت�سليط ال�ضوء على ِّ كل املنتجات والأن�شطة الغام�ضة يف قطاع من�صة انطالق املال والتي ه َّددت اقت�صاد العامل ب�أ�سره .وهنا يعترب الإنرتنت َّ الرقمي لهذه امل�شكلة تعاون ًا على نطاق وا�سع ي�شمـل منا�سبة لذلك .يتطلب احل ُّل ُ َّ عمل جديد ٍة قائمة على كل الأطراف .فالعديد من امل� َّؤ�س�سـات -التي تتبع مناذج ٍ َ االنفتاح وال�شفافية وامل�شاركة -غيرَّ ت من مالمح �سوق املــال الرئي�سية ،بدء ًا من ر�أ�س املال املخاطر و�صناديق التمويل امل�شرتكة وانتها ًء بالإقرا�ض .فلماذا ال نط ِّبق نف�س املنهجية على مناذج العمل املحا�سبية والأدوات املالية التي نق ِّيم بها املخاطر ت�صبح مفتوح ًة ومتاح ًة للتدقيق من قبل خربا َء لديهم معرف ٌة كافي ٌة يف فح�ص ب�أن َ هذه الأدوات.
كتاب في دقائق
4
على الإنرتنت واخرت املوا َد التي ترغب يف ا�ستخدامها و�ستهتم “بونوكو” ببقية الأمور بل ميكنها م�ساعد ُة رجال الأعمال املبتدئني يف بيع منتجاتهم يف �أ�سواقها .فالأمر هنا ي�شبه تنفيذ عملية ت�صنيع منخف�ضة التكلفة وممار�سة التجارة من مكتبك ال�صغري ومن حا�سبك ال�شخ�صي .مثل هذه الفكرة مت ِّكن املبدعني من حتويل االبتكارات �إلى منتجات ب�أقل قدر من املجازفات والتكاليف والتعقيدات .بينما يح�صل امل�ستهلك على منتجات ب�أ�سعار �أقل ومميزات �أكرث .وهكذا ِّ تب�شر مناذج التجارة اجلديدة باحلدِّ من الأثر البيئي للإنتاج عرب التخلُّ�ص من الو�سطاء وعدم احلاجة �إلى املزيد من تكاليف املوا�صالت امل�ستخدمة يف نقل املنتجات.
االقت�صاد املفتوح والطاقة النظيفة القائم على الطاقة غري املتجددة من نهايته بينما يت�أهب يقرتب االقت�صاد ُ اقت�صاد الطاقة النظيفة ليح َّل حم َّله .و�ستجني الدول التي ت�ستخدم التقنيات اجلديد َة �أف�ضل النتائج .ولذا ف�إن الفر�ص املتاحة البتكار ِ منتجات جديدة ال ح�صر لها .ومن املتو َّقع �أن توجدَ ال�شركاتُ الذكي ُة مهارات عالي ًة يف جماالت الهند�سة الكثري من فر�ص العمل التي تتط َّلب ٍ ال�شم�سية والربجميات .وللفوز بهذه الفر�ص �سنحتاج �إلى دمج االقت�صاد التعاوين مع اقت�صاد الطاقة النظيفة� .سنحتاج �أي�ض ًا �إلى التعاون عرب قطاعات خمتلف ٍة ،لتطوير التقنيات اجلديدة .فتجديد البنية التحتية ٍ من�ص ٍات جديد ًة لتقدمي خدمات للطاقة على م�ستوى العامل �سيوجد َّ م�ستحدثة لتوفري هذه الطاقة ،و�سي�ساع ُد على تعزيز ثقافة “امل�ستهلك املنتج” التي ي�صبح امل�ستهلك يف ظ ِّلها منتج ًا ن�شط ًا للطاقة ال جم َّرد م�ستق ِبل وم�ستهلك �سلبي يدفع الفوات َري وينتظر خدمات الدولة فح�سب.
ثورة املوا�صالت بد�أ جيل جديد من رجال الأعمال البارعني والعاملني يف جماالت املوا�صالت يف ابتكار منهجيات متط ِّورة لقطاع النقل الذي كان غارق ًا يف امل�شاكل فيما م�ضى .فقد �ساعدت مناذج العمل واال�ستثماراتُ اجلديد ُة يف حتقيق تغيري جذري يف هذا القطاع؛ بدء ًا من اللحاق بالتكنولوجيا املتقدمة وانتها ًء بطرح جيل جديد من ال�سيارات عالية أ�شكال جديدة من البنية الكفاءة .ويجري حالي ًا بنا ُء � ٍ التحتية للموا�صالت واختبارها .كما ظهرت خدمات مبتكرة للم�شاركة يف ا�ستخدام ال�سيارات -كتلك التي تقدِّ مها م� َّؤ�س�سة “زيبكار” -يف �إعادة ت�شكيل فكرة ملكية ال�سيارة .وت�سود العامل اليوم موج ٌة من التطبيقات التي يخدم بع�ضها مدن ًا كاملة والتي تُو ِّفـق بني �صاحب ال�سيارة ومن ي�شاركونه خدمات الذهاب والعودة من العمل .وت�ساهم تطبيقات �أخرى يف ن�شر الأخبار اللحظية من ال�سائقني ومرافقيهم عن حالة الطرق فت�ساعد اجلميع على حتويل اجتاهاتهم وجتنب االزدحامات املرورية اخلانقة.
التعليم التعاوين حد كبري على قدرة الطالب على تخزين املعلومات مع القدرة على ا�سرتجاعها يف �أوقات يعتمد ُ التعليم يف النموذج التقليدي �إلى ٍّ ُ مب�سطة للتالميذ الذين عليهم ا�ستقبالها كما هي .وبالن�سبة االمتحانات .ويقت�صر دور املعلم على بث املعلومات بطريقة َّ “بث املعلومات” قد عفَّى عليه الزمن. لتالميذ اليوم يعترب هذا النموذج يف ِّ
5
كتاب في دقائق
يف ال�سابق كنا نتخ َّرج يف اجلامعة م�ستعدين ملواجهة احلياة .والآن ت�ؤهِّ لنا اجلامعات ملواجهة احلياة مل َّدة �أيام �أو �أ�سابيع فقط ،ف�إذا كنت تدر�س منهج ًا تقني ًا �ستجد املعلومات التي در�ستها وجنحت فيها عدمية الفائدة قبل �أن ت�صل �إلى ال�سنة الأخرية يف اجلامعة .ال �شك يف �أنك حتتاج �إلى معرفة وا�سعة وهذا هو ما جتنيه من الدرا�سة اجلامعية اليوم� ،إذ لن ميكنك اال�ستعانة بـ“جوجل” يف ِّ كل ن�شاط تقوم به .ولكنَّ الأهم من القاعدة املعرفية هي قدرتك على موا�صلة التعلُّم مدى احلياة وعلى التفكري والعثور على املعلومات وحتليلها وعلى ِّ حل امل�شكالت وعلى التعاون والتوا�صل مع الآخرين .هذه املهارات مه َّمة -ب�شكل خا�ص -لأ�صحاب الأعمال واملديرين امل�ضطرين للمناف�سة على امل�ستوى الدويل فكل الأ�سواق اليوم �أ�صبحت عاملية وال ترتبط بدولة �أو مدينة واحدة. التو�سع يف التعلُّم عن بعد لي�س هو احلل الوحيد للتعليم املفتوح .كما �أنَّ و�صول الطالب للمحا�ضرات التي يلقيها كبار لكن جم َّرد ُّ الأ�ساتذة عرب املواقع املجانية على الإنرتنت مثل “�أكادمييك �إيرث” لي�س هو احل ُّل �أي�ض ًا؛ على الرغم من �أنَّ هذه املمار�سات �أثبتت جناحها .احل ُّل هو التقنيات املتط ِّورة ومناذج التعليم القائمة على التوا�صل والتعاون والتي ميكن بلورتها يف امل�ستويات الثالثة التالية لتغيري منظومات التعليم:
امل�ستوى الثاين :االبتكار يف املناهج
امل�ستوى الأول :تعديل املناهج يف النموذج اجلديد ت�ضع اجلامعات موا َّدها التعليمية على الإنرتنت وجتعل ما كان يف ال�سابق �أحد �أ�صولها الفكرية وجزء ًا من ميزتها التناف�سية متاح ًا للعامة .لقد لعب معهد “�إم �آي تي” دور ًا رائد ًا يف تنفيذ هذه الفكرة واليوم تعمل �أكرث من مائتي م� َّؤ�س�سة للتعليم العايل على نف�س املنوال ومن بينها جامعة “ييل” وغريها من جامعات امل�ستوى الرفيع. ظهرت فكرة “املناهج مفتوحة امل�صدر” عندما طلب معهد “�إم �آي تي” من �أع�ضائه �إيجاد و�سيل ٍة لال�ستفاد ِة من الإنرتنت لدفع عجلة التعليم العايل .فر�أى �أع�ضاء هيئة التدري�س �أنَّ احلل هو ن�شر ِّ َّ كل مواد التدري�س اخلا�صة بهم مثل :املالحظات واملحا�ضرات واالمتحانات عرب الإنرتنت .بد�أ هذا عام 2002 وبحلول 2007اكتملت خطة ن�شر مناهج املعهد و�شمل هذا 1800مق َّرر درا�سي ِّ تخ�ص�ص ًا �أكادميي ًا. يغطي ثالثة وثالثني ُّ املحتوى متاح عرب الإنرتنت وميكن لأيِّ �شخ�ص اال�ستفادة منه ون�سخه وتوزيعه وترجمته وتعديله.
امل�ستوى التايل هو التعاون الفعلي يف و�ضع حمتوى املناهج التعليمية .وبنف�س الطريقة التي يتبعها حم ِّررو موقع “ويكيبيديا” املنت�شرون حول العامل لكتابة وحتديث وحترير حمتويات املو�سوعة على الإنرتنت ،ي�شارك �أ�ساتذة اجلامعات يف و�ضع مواد تعليمية جديدة -مع اال�سرت�شاد مبواد “�إم �آي تي” وغريها من اجلامعات امل�شاركة -ومن َّثم فتحها للعامل ليفيد منها اجلميع .كما ميكن تطبيق النهج املتبع يف م�شروع “جامعة ويكي” الذي تنفذه م� َّؤ�س�سة “ويكيبيديا” .فبد ًال من و�ضع مناهج ثابتة تتيح “جامعة ويكي” لطالبها حتديد املواد التي يرغبون يف تعلُّمها َّثم يتعاون اجلميع يف تطوير م�شروعات و�أن�شطة تل ِّبي رغبات الدار�سني .مثل هذه امل�شروعات هي التي ِّ �ستن�شط املجتمع الأكادميي العاملي وتغيرِّ اقت�صاديات وفل�سفات التعليم املفتوح.
امل�ستوى الثالث :التعليم التعاوين يخو�ض الطالب يف هذا امل�ستوى جترب ـ ًة تعليمي ًة “م�ص َّمم ًة خ�صي�ص ًا له” من ع َّدة جامعات .يلتحق الطالب بجامعته الرئي�سية ويعينَّ له مر�ش ٌد تعليمي م�س�ؤول عن العمل معه لإعداد التجربة وامل�سارات التعليمية واختيار املواد التي �سيدر�سها و�أماكن درا�ستها وت�سجيل نتائج هذه التجربة .فقد يلتحق الطالب بكلية ي�سجل يف جامعة “�ستانفورد” يف “�أوريجون” كجامعة رئي�سية َّثم ِّ لدرا�سة علم النف�س ويف “كامربيدج” لدرا�سة االقت�صاد ال�سلوكي. هذه الت�شكيلة املنهجية املنتقاة من جامعات بارزة َّ تتخطى جم َّرد كتاب في دقائق
6
�سياقات اختيار امل�سار التعليمي وتن�سيق جمموعة من املواد واملناهج للطالب .لأن هذا اجليل من �أع�ضاء هيئة التدري�س يعمل على ابتكار ٍ َ َ معارف جديد َة للعامل معارف خمتلف ًةَّ ،ثم يقدِّ موا تعليمية مت ِّكن طالب العامل من امل�شاركة يف املناق�شات واملنتديات والتطبيقات ليكت�سبوا أهم م�شاكل العامل. باعتبارهم جمتمع ًا متكام ًال من الدار�سني الذين ي�شاركون يف مواجهة ومعاجلة � ِّ
قرب اندثار �صحف الأخبار لي�ست التكاليف هي امل�شكلة الوحيدة التي تواجهها و�سائل الإعالم التقليدية يف الوقت احلايل .فلو كانت �شركات الإعالم َ تكاليف باهظ ًة ملواكبة االقت�صاد املفتوح فلن تكون هناك تتك َّبد م�شكلة �إذ ب�إمكانها توظيف التكنولوجيا اجلديدة لتبدع �أعما ًال �أكرث ربحية .لكن امل�شكلة هي �أنه يتم التعامل مع املعلومات املن�شورة على الإنرتنت ب�شكل خمتلف عن التعامل مع املجالت والكتب وال�صحف الورقية .فمع تكنولوجيا “ويب ”2.0مل أ�صبح �أدا ًة للتوا�صل والت�شارك وتكوين عالقات اجتماعية ت�ؤ�س�س يعد الإنرتنت جمرد �أدا ٍة لت�صفُّح وقراءة وم�شاهدة الأخبار فقط .بل � َ ملجتمعات مت�صلة رغم التباعد اجلغرايف لأع�ضائها .هنا ي�شرتك “امل�ستهلكون املنتجون” يف جمع وت�صنيف الأخبار والتعليق عليها وقد ي�صل بهم الأمر �إلى �صناعة الأخبار .وقد امتد ك ُّل هذا �إلى كل و�سائل الإعالم وكافة �أ�شكال املحتوى مبا يف ذلك املو�سيقى والأفالم والتلفزيون والأخبار .يف الواقع مل ي�س ِبق للقدرة الب�شرية على اجلمع والتحليل والت�أليف والإبداع والإنتاج والعمل والأداء مثلما تفعل الآن. فهناك �ألف تغريدة تن�شر على “تويرت” كل ثانية .وي�ضاف “لـ في�سبوك” 2.5مليار �صورة �شهري ًا كما ي�سجل “يوتيوب” �أكرث من مليار م�شاهدة يومي ًا وهناك �أرقام �ضخمة ملواقع �أخرى كثرية – �ضخمة لدرجة جتعلك ُّ ت�شك يف �صحتها ،مما ي�ؤ ِّكد �أنَّ النا�س يق�ضون على مما يق�ضونه يف قراءة ال�صحف وم�شاهدة التلفاز. املواقع الإلكرتونية وقت ًا �أطول َّ
الرعاية ال�صحية يف ثوبها اجلديد منذ ت�سعينيات القرن املا�ضي اكتنزت �شبكة الإنرتنت ك ّم ًا هائ ًال من ومع�ضالت طبي ٍة والعالج املنا�سب لها. وحاالت جتارب املعلومات عن ٍ ٍ َ بع�ض هذه املعلومات تفتقد للدقة وال ميكن للمر�ضى االعتماد عليها. وقد �أثارت فكرة جلوء املر�ضى �إلى “الدكتور جوجل” قبل الذهاب �إلى الأطباء موج ًة من اال�ستياء يف �أو�ساط املجتمع الطبي .ويف عام 2001رفعت اجلمعية الطبية الأمريكية �شعار“ :ثقوا يف �أط َّبائكم ال يف غرف الدرد�شة” ،و�أ َّكدت �أنَّ املعلومات املتاحة على الإنرتنت قد تُع ِّر�ض حيا َة املر�ضى للخطر. لكن املواقع اجلديدة التي تعمل بنظام “ويب ”2.0فتحت تقدم منوذج ًا للمر�ضى �سياق ًا جديد ًا لتلقي املعلومات .فهي ِّ مغاير ًا للمعرفة الطبية ي�س َّمى “الرعاية ال�صحية التعاونية”. يقدم هذا النموذج نظام ًا معرفي ًا �أكرث �أمن ًا� .أه ُّم مك ِّون يف يقدمها ز َّوار املواقع الطبية. هذا النموذج هو املدخالت التي ِّ وهنا تلعب تقنية “ويب ”2.0دور ًا بارز ًا يف �صناعة الرعاية ال�صحية ،فهي مت ِّكن النا�س من :تنظيم �أنف�سهم ذاتي ًا والإ�ضافة �إلى قاعدة املعرفة ال�صحية وتبادل املعلومات ودعم بع�ضهم 7
كتاب في دقائق
بع�ض ًا .وكما يتعاون الطالب ويتع َّلمون عرب الإنرتنت مب�ساعدة حقيقي مع ِّلمني وم�شرفني �سيكون للمر�ضى وعامة املواطنني دو ٌر ٌ ب�صحتهم وتبادل اخلربات مع يف البحث عن املعلومات املتع ِّلقة َّ املتخ�ص�صني يف الرعاية ال�صحيــة املر�ضى الآخرين والت�شاور مع ِّ ب�صحتهم ب�شكل ما �سي�ؤ ِّدي �إلى تقليل التكاليف واهتمام املر�ضى َّ �أف�ضل مع حت�سني النتائج .هذا ما يحدث الآن بالفعل ولكن على نطاق حمدود .وك َّلما ات�سع هذا النطاق زادت النتائج الإيجابية املتو َّقعة منه.
تطبيق مبادئ االقت�صاد التعاوين يف جمالك ي�ؤكد االقت�صاد التعاوين املفتوح “الويكينوميك�س” حقيقتني متناق�ضتني :ف�أو ًال :تبدو العديد من امل� َّؤ�س�سات تلوح يف الأفق �إمكاناتٌ التي خدمتنا يف العقود املا�ضية جامدة وغري قادرة على موا�صلة التق ُّدم .وثاني ًاُ : أ�شخا�ص يتمتَّعون باحلافز واخلربة التي مت ِّكنهم من اال�ستفادة من الأدوات التي يتيحها جديد ٌة ل ٍ الإنرتنت واالنخراط ب�شكل �أعمق يف جعل عاملنا مكان ًا �أكرث ازدهار ًا وا�ستدامة. يطرح اقت�صاد التعاون املفتوح فكرة التجديد يف مواجهة التجميد وال�صعود يف مواجهة ال�صعود وهكذا ُ مما ُيحتِّم على كل قائد �أن يجيب بح�سم عن ال�س�ؤال التايل :هل �أعيد جتديد وت�شغيل النماذج واملناهج املو�سع واملفتوح؟ �أم �أكتفي مبراقبة امل�شهد و�أن�سحب من ميادين القدمية وت�شكيلها وفق مبادىء التعاون َّ العامل اجلديد؟ للتحول �إلى منوذج الأعمال اجلديد هناك �ستة مبادىء و�أ�س�س ال بد من فهمها واتباعها كما يلي:
�أو ًال :بيئة التنظيم الذاتي ت�ستخدم بع�ض امل� َّؤ�س�سات �أ�سلوب ًا مكلف ًا يف �إدارتها للإنرتنت .فعندما حتتاج نظام ًا لتح�سني الأداء تبد�أ بتقييم ت�صمم النظام انطالق ًا من ذلك التقييم ثم ِّ ما يحتاجونه َّ وتبد�أ بالعمل به. ثم تتبع نف�س النهج مرة �أخرى عند �إ�ضافة حمتوى جديد �سوا ًء كان موقع ًا �أو تطبيق ًا على الإنرتنت �أو خدم ًة جديد ًة �أو نظام ًا لإدارة عالقات العمالء. للنجاح يف �إدارة منوذج �أعمال تعاوين مفتوح ال ميكنك اعتبار م� َّؤ�س�ستك مقدم ًا ملحتوى �أو مبادرة �أو منتج �أو خدمة يقدم للآخرين فح�سب .بل عليك التح ُّول �إلى “من�سق” ِّ ِّ من�صــ ًة ت�سمح لفرق العمل اجلديدة بالتنظيم �سياقـ ًا �أو َّ الذاتي دون احلاجة �إلى تدخُّ لك املبا�شر والدائم .بهذا الفكر التعاوين املفتوح ميكنــك فقط ابتكار تطبيقات وتنفيذ مبادرات ذات قِ يمة لك وملجتمعك وللعامل �أجمع.
�سري ثاني ًاِ � :أعد النظر فيما هو ِّ وما هو علني �أ�شرنا فيما �سبق �إلى �أهمية تخ ِّلي امل� َّؤ�س�سات عن االنغالق وحيوية االنفتاح لي�س فقط بتو�صيل املعلومات ذات ال�صلة لذوي امل�صالح ولكن �أي�ض ًا من خالل الت�شارك بالأفكار والأ�صول واملحتوى مع �أطراف متعددة. وال تقت�صر م�س�ألة امل�شاركة على جمرد التعامل مع الآخرين و�إنمَّ ا متت ُّد لت�شمل م�شاركتهم يف النمو واالبتكار والعوائد. حتتاج امل� َّؤ�س�سات بالطبع �إلى حماية ملكيتها الفكرية وميزتها التناف�سية لكنَّها لن تتم َّكن من التعاون بفاعلية وم�شاركة الآخرين �إن احتكرت َّ كل �أ�صولها الفكرية �سرية ومبن�أى عن اجلميع� .إذا �أردت الدخول يف و�أبقتها ِّ ع�صر التعاون الرقمي وامل�شاركــة ف�ستحتاج �إلى �إعادة النظر يف �أولويات �إدارتك ملمتلكاتك الفكرية لتحدد �أيها �سريته و�أيها ميكن فتحه وطرحه على امللأ �ستحافظ على ِّ ليفيد منه اجلميع ب�أن ت�سمح لأكرب عدد من الأ�شخا�ص واجلهات املتخ�ص�صة بالتفاعل بحرية مع �أ�صولك املعرفية حتَّى يتم َّكنوا من البحث عن م�شاريع وفر�ص جديدة للتعاون معك ومع غريك. كتاب في دقائق
8
أرخ قب�ضتك ثالث ًاِ � : �أهم مفارقة يف حقبة “الويكينوميك�س” هي“ :لكي ت�صبح قوي ًا وتفر�ض �سيطرتك وحتافظ على مكانتك عليك �أن ترخي قب�ضتك .ينطوي هذا على الكثري من اخلطوات مثل منح موظفيك مزيد ًا من املرونة ليتم َّكنوا من االبتكار والعمل مع �أقرانهم� .أو ت�سجيل �أفكار �شركائك واملو ِّردين والتعاون معهم ب�شكل وثيق يف ت�صميم وت�صنيع منتجات جديدة �أو ال�سماح للجمهور مب�شاركتك بع�ض �أ�صولك لتجذب عدد ًا �أكرب من الأ�شخا�ص الذين �سيقدِّ مون لك بدورهم �أفكار ًا ور�ؤى جديدة املتحم�س بالعمل على من ِّو عالمتك �أو ال�سماح جلمهورك ِّ التجارية والرتويج لها باال�ستعانة بحمالت ت�سويقية ين ِّفذونها لأنف�سهم ومي ِّولونها ب�أنف�سهم .وبالن�سبة للمبادرات التعاونية احلكومية ف�سينطوي هذا على دعوة املواطنني واملوظفني واملقيمني �إلى امل�شاركة يف االقرتاحات واالبتكارات والإبداع يف التفاعل مع ال�سيا�سات الإبداعية املحلية واال�سرتاتيجيات التناف�سية الدولية.
9
رابع ًا� :شكِّل جمموعات القيادات
خام�س ًا :عزِّ ز ثقافة التعاون
كي تتمكَّن من ت�سخري طاقات �أولئك الأ�شخا�ص القادرين على تنظيم �أنف�سهم من�صات و�إيجاد �سياقات حتتاج �أو ًال �إلى بناء َّ تمُ ِّكنهم من القيام بكل هذا .وقد ال يكون هذا كافي ًا .فال ميكن ل ِّأي جمتمع تعاوين �أن يحقِّق جناحات دون وجود القيادات. مهمة ه�ؤالء القادة هي و�ضع الر�ؤى والقيم َّ التي �سيعمل الآخرون وفق ًا لها وامل�ساعدة يف �إدارة التفاعل داخل املجموعات وجذب املزيد من النا�س لهذا املجتمع املفتوح .هذه املجموعة ال�صغرية من الالعبني الرئي�سيني تقوم بدور كبري وتوفِّر الدعم االجتماعي والبنية التقنية التحتية التي يحتاجها امل�شاركون الآخرون لإجناز ن�صيبهم من العمل .هذه املجموعات هي حجر الزاوية الذي حتتاجه لتك ِّون جمتمع ًا ذاتِّي التنظيم.
�أ�صعب حتدٍّ يواجهه كل من يريد االنتقال مب� َّؤ�س�سته وجمتمعه �إلى ع�صر “الويكي” هو تعميق وتعزيز ثقافة التعاون داخل هذه امل� َّؤ�س�سة والعاملني فيها .لتتم َّكن من هذا يجب �أن متلك رغبة حقيقية يف التعاون مع الآخرين .وهذا يعني التعامل بانفتاح مع الأفكار اجلديدة ِّ بغ�ض النظر عن م�صدرها بد ًال من جتاهلها �أو انتظار الفر�صة املنا�سبة لتقوي�ضها .كما يعني التخ ِّلي عن غريزة الإفراط يف حماية ممتلكاتك الفكرية مع توفري البيئة املالئمة لتد ُّفق الأفكار واملعلومات بحر َّية داخل م� َّؤ�س�ستك .كما �ستحتاج �إلى التخ ِّلي عن هياكل ونظم العمل الهرمية وت�شجيع العاملني على التح ُّدث بع�ضهم مع بع�ض على اختالف منا�صبهم و�إداراتهم .وعلى لي�شجعوا الر�ؤ�ساء التنفيذيني وكبار الفنيني �أن يتح َّلوا هم �أو ًال بهذه القيم ِّ مر�ؤو�سيهم على تب ِّنيها مثلهم.
كتاب في دقائق
�ساد�سا :مكِّن جيل الإنرتنت أ�شرك ال�شباب املبادرين واملنفتحني واملتميزين فهم � ِ الأبطال الرئي�سيون يف احلرب الرقمية التي ي�شهدها العامل اليوم .تابع �أعمالهم و�أوجد حال ًة من الزخم وعمق مفاهم و�أهمية يف �سلوكهم و�أ�ساليب عملهم ِّ التغيري يف داخلهم وتخ َّل�ص من النماذج القدمية يف التعاون والتفكري والتنفيذ اجلمعي ِّ لتمكنهم من االبتكار والتجديد والتح�سني امل�ستمر.
م�ستقبل اقت�صاديات التعاون وامل�شاركة ما ن�ستخل�صه ونتع َّلمه من اقت�صاديات التعاون ونظم الأعمال املفتوحة “الويكي” هو �أنَّ الأفراد وامل� َّؤ�س�سات واملجتمعات املغلقة والتي تر ِّكز على نف�سها فقط وتعمل بفكر احتكاري يعزلها عن الآخرين هي يف �سبيلها �إلى االندثار .قد يبدو ع�صر التعاون والأداء اجلماعي غري م�ألوف يف بدايته وغام�ض ًا بع�ض ال�شيء �إال �أ َّنه على قادة امل�ستقبل تب ِّني الفكر التعاوين وعلى املتفردة للعمل املجتمعات وامل�ؤ�س�سات الرائدة �إف�ساح الطريق �أمام القدرات ِّ يف ج ٍّو من امل�شاركة ت�سوده املبادرات الذاتية والتعاون على م�ستويات :التفكري املو�سع واملفتوح. والتخطيط والتطبيق .هذا هو �صميم عامل الأعمال َّ المؤلفــان: يقدم استشارات في استراتيجيات دون تابسكوت :رجل أعمال تعاوني منفتحِّ ، األعمال والمجتمع في العصر الرقمي. أنتوني ويليامز :خبير في االبتكار التعاوني ،ومؤلف مشارك في كتاب (ويكينوميكس) الذي َّ حقق مبيعات عالية في مختلف اللغات.
كتب مشابهة:
1. The Mesh Why the Future of Business Is Sharing. By: Lisa Gansky, 2012
2. All That We Share How to Save the Economy, The Environment ... Our Communities and Everything Else that Belongs to All of Us. By: Jay Walljasper & Bill McKibben, 2010
3. What’s Mine Is Yours The Rise of Collaborative Consumption. By: Rachel Botsman & Roo Rogers, 2010
كتاب في دقائق
10
“للم�شاركة يف التعاون الرقمي� ،أعد النظر يف �إدارتك للملكية الفكرية ِّ �سريته وحدد �أيها �ستحافظ على ِّ و�أيها ميكن فتحه وطرحه على امللأ. عندما ت�سمح للعامل بالتفاعل مع �أ�صولك املعرفية ب�أريحية �ستنبثق فر�ص جديدة وتنطلق م�شاريع مفيدة لك ومل�ؤ�س�ستك وللعامل �أجمع”
دون تابسكوت