ٍ ثـوان... في ال تتهي�أ ظروف النجاح واال�ستمرارية لأي عمل �أو م�شروع �أو حتى عالقة �إن�سانية �إال بتوفر �شرطني �أ�سا�سيني وهما روح التعاون وامل�شاركة ،فعالقتنا مع عائالتنا و�أوالدنا وجمتمعنا بالكامل عمادها التعاون وامل�شاركة ،وكذلك عالقاتنا العملية واملهنية تتطلب وجود روح فريق العمل وامل�شاركة يف و�ضع الأفكار والتنفيذ .وتربز �أهمية قيم التعاون وامل�شاركة كونهما من الأعمدة الأ�سا�سية التي تبني �أ�سا�سيات الثقة املتبادلة بني الأطراف ،وهذه الثقة بدورها تظل عام ًال حا�سم ًا يعزز من حتقيق العالقات؛ املهنية منها �أو االجتماعية ،نتائجها املرجوة وغاياتها امل�أمولة. ولي�س �أقوى من مثال تاريخي يح�ضرين هنا حول �أهمية التعاون وامل�شاركة يف م�سرية النجاح والتقدم ،من احتاد دولتنا الذي يقول عنه �صاحب ال�سمو ال�شيخ حممد بن را�شد �آل مكتوم نائب رئي�س الدولة رئي�س جمل�س الوزراء حاكم دبي “رعاه اهلل” � :إن �أحد �أهم �أ�سباب جناحه هو روح الفريق الواحد التي زرعها م�ؤ�س�سو دولة الإمارات يف نفو�س �أبناء الوطن كافة ،والطريق للأمام هو عرب تقوية هذه الروح .وبالفعل �أكدت الأيام �أن قيمة هذه الروح وم�ساهمتها ب�شكل كبري وف َّعال يف نه�ضة وتنمية وطننا حتى �أ�صبح اليوم من الدول التي ي�شار �إليها بالبنان. ومن منطلق حر�صنا يف م�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم على االرتقاء بامل�ستوى الثقايف للمجتمع وتقدمي �أف�ضل نتاجات فكرية لأهم ال ُكتَّاب العامليني� ،أ�صدرت امل�ؤ�س�سة ملخ�صات الدفعة اجلديدة ملبادرة “كتاب يف دقائق” ،والتي تُ�سلط ال�ضو َء على ثالث ق�ضايا يتناول بع�ضها دور التعاون وامل�شاركة ،وتناق�ش �سلوك الثقة يف النف�س ،ومفهوم اال�ستحقاق يف تربية الأبناء� ،إ�ضافة �إلى اقت�صاديات التعاون املفتوح. ويتناول ملخ�ص الكتاب الأول “الثقة يف النف�س ...حتويل عدم تقدير الذات �إلى �إجنازات وجناحات”� ،آليات النجاح يف رفع م�ستويات ثقتنا ب�أنف�سنا، وكيفية ربط الثقة بالنف�س بعوامل مثل :القدرات والإمكانات واملوهبة لتحقيق الإجنازات يف نهاية املطاف .فيما ينقلنا ملخ�ص الكتاب الثاين “م�صيدة اال�ستحقاق ...نحو قيم �أ�سرية عمادها اال�ستثمار واالختيار” �إلى خماطر �أ�سلوب اال�ستحقاق املطلق يف تربية الأبناء ،والذي يعتاد الطفل من خالله على التدليل املفرط والغرور والك�سل وبالتايل يكرب بال �أدنى درجة من حتمل امل�س�ؤولية �أو الطموح �أو اال�ستقاللية .و ي�سلط ملخ�ص الكتاب الأخري ُوحد العامل والعقول” ال�ضوء على “اقت�صاديات التعاون املفتوح ...حلول ت ِّ حت ِّول العامل �إلى الإنرتنت وما نتج عنه من اقت�صاد رقمي �أدى �إلى تكوين مناذج �أعمال مفتوحة تعتمد على تعاون كافة امل�شاركني. وال ي�سعني يف النهاية �إال �أن �أمتنى لكم ولعائالتكم قراءة �شيقة ومفيدة للدفعة اجلديدة من ملخ�صات مبادرة “كتاب يف دقائق”.
جمال بن حويرب
الع�ضو املنتدب مل�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم 1
كتاب في دقائق
الفرق بني الت َّم ُكن وجمرد الإح�سا�س به يعزو معظم ُكتَّاب ال�سري الذاتية �سبب جناح النجوم �إلى ثقـتهم الهائلة يف �أنف�سهم ،ويق ِّللون من دور املوهبة والعمل اجلاد يف حتقيق النجاح، وك�أنه ميكن لأي �شخ�ص حتقيق نتائج وجناحات ا�ستثنائية اعتماد ًا على ثقته بنف�سه فقط .وتبالغ و�سائل الإعالم واملنتديات �أي�ض ًا يف دور الثقة يف النف�س يف حتقيق ال�شهرة والنجاح والت�أثري يف الآخرين .وهذه بع�ض الأمثلة ملا يقال يف هذا ال�سياق: “عندما نتح َّلى بدرجة عالية من الثقة يفالنف�س ،ف�إننا نحقِّق َ كل �أهدافنا”. “الواثقون يف �أنف�سهم ي�ستحقون الإعجاب؛فهذه الثقة هي ما متيز الناجحني عمن �سواهم”. “متكننا ثقتنا يف �أنف�سنا من حل كلم�شكالتنا”. وهناك ثالث م�شكالت تواجه �أ�صحاب مثل هذه القناعات وامل�سلمات: �أولأ :لي�س من ال�سهل �أن نرفع م�ستويات ثقتنا ب�أنف�سنا ولو كان الأمر بهذه ال�سهولة ملا قلق �أحد ب�ش�أن افتقاره للثقة بالنف�س .ولو كان عالج نق�ص الثقة �أمر ًا ي�سري ًا لزدنا ثقتنا ب�أنف�سنا بنف�س جوعنا ونَروي َ عط�شنا. الطريقة التي ُن�ش ِبع بها َ ثانياً :حتى لو متكنَّا من زيادة ثقتنا ب�أنف�سنا فهذا ال يكفي لتحقيق النجاح .فعلى عك�س ما
الكتاب واملح ِّللون فلم ي�صبح “�أوباما” �أول رئي�س يرى ُ �أ�سود يف تاريخ �أمريكا لأنه واثق يف نف�سه فقط ،ومل يتم َّكن ال�سري “ريت�شارد بران�سون” – م�ؤ�س�س و�صاحب جمموعة “فريجني” – من ت�أ�سي�س وت�شغيل �أربعمائة �شركة لأنه فقط -يثق بنف�سه ،كما مل يتفوق “حممد علي كالي”يف املالكمة ،و “روجر فيدرر” يف التن�س ،لأنهما ميلكان ثقة مطلقة بالنف�س .وذلك لأن �سبب متتُّع ه�ؤالء الناجحني بثقة ا�ستثنائية يف �أنف�سهم هو متتُّعهم بطاقات ا�ستثنائية، وبحما�س وقدرات و�إمكانات فنية وبدنية هائلة .فالثقة هنا نتيجة ولي�ست �سبب ًا .فكل �إن�سان يحتاج �إلى موهبة ا�ستثنائية ف�ض ً ال عن الد�أب والعمل ال�شاق ،حتى يبلغ �أعلى م�ستويات اجلدارة .ف�أكرث ما يلفت املتابع واخلبري يف ه�ؤالء الناجحني ،هو � َّأن ثقتهم ب�أنف�سهم هي انعكا�س لإمكاناتهم .وهذا هو ما مييزهم ع َّمن يثقون ثقة عمياء ب�أنف�سهم دون التم ُّت َع بالإمكانات واملهارات الالزمة للتفوق. ثالثاً :وهذه النقطة هي الأهم؛ وهي �أن االعتقاد ب�أن الثقة املفرطة بالنف�س �ست�ساعدنا بال�ضرورة على حتقيق عر�ضنا ل�ضغوط نف�سية هائلة ،وقد يدفعنا كل ما نريد ُي ِّ �إلى حماولة الو�صول �إلى �أهداف لي�س مبقدورنا بلوغها. ففي حني يعاين من تعوزهم الثقة من الإح�سا�س بال�ضعف ري واقعية واخلجل ،ي�ضع الواثقون يف �أنف�سهم ٍ توقعات غ َ ويبنون ق�صور ًا يف الهواء للإجنازات التي �ستمكنهم مغامراتهم وثقتهم يف �أنف�سهم من حتقيقها .ف�أول ما يتوهم الثق َة املفرط َة يف نف�سه �أنَّه يفكر فيه ويفعله من ُ م�ستعد ًا للقيام ب� ِّأي �شيء ،للحفاظ على هذه الثقة. �صبح ّ ُي ُ فلي�س منطقيا �أن ي�صبح �أحدنا �شخ�ص ًا عظيم ًا ،فقط لأنَّه إن�سان ُ يخلط بني ي�شعر بالعظمة يف داخله والنتيجة هي � ٌ ال�شعور بالأهميــة وبني الإعجاب بالنف�س والتعامل بغرور بد ًال من وجود �أ�سباب حقيقية الختبار هذه امل�شاعر، املزيد من الأ�شخا�ص املعجبني ب�أنف�سهم؛ في�صبح لدينا ُ �سواء كانوا جديرين بذلك الزهو �أم ال. على املدى الق�صري ،يكون التم ُّت ُع بثقةٍ مفرطةٍ يف النف�س �أمر ًا جيد ًا ،لأنه يدفعنا �إلى املغامرة والتجريب؛ لكن �إدرا َكنا حلدودنا ونقاط �ضعفنا ي�ساعدنا �أكرث على املدى الطويل لأنه يقودنا �إلى التوا�ضع ،وي�ساعدنا يف عالج م�شكالتنا والتخل�ص من عيوبنا وموا�صلة التَعلُّم والت�أقلم والعمل ِبد�أب، مقدمات للنتائج. أ�سباب ٍ وج ْعل ال ِ َ
ابتغاء الثقة بالنف�س �شيء، واحلاجة �إليها �شيء �آخر �شعرت برغبة �شديدة يف ُ�شرب زجاجة مثلجةٍ من هل �سبق لك �أن َ غازي م�شهور؟ معظم النا�س يخاجلهم م�شروب طاقةٍ �أو ٍ م�شروب ٍّ هذا ال�شعور؛ وهناك دائم ًا من ي�شربون ،وهم يعلمون �أنه لي�ست هناك حاجة حقيقية �أو �سبب بيولوجي لهذه الرغبة .بل ميكن النقي بد ًال من امل�شروب الغازي. ُ �شرب املا ِء ِّ النا�س يف التمتُّع مب�ستويات مرتفعة من الثقة بنف�س املنطق يرغب ُ يف النف�س ،دون �إدراك �أ َّنهم ال يحتاجونها ب�شدة كما يظنون. وفيما يدرك معظم م�ستهلكي امل�شروبات امللونة �أ َّنها غري �صحية، قد ال ُ رعات من الثقة الزائدة يف يدرك بع�ض الراغبني يف ُج ٍ النف�س �أنَّ هذا ال�شعو َر لي�س هدف ًا يف حد ذاته .ولهذا ت�سود يف االهتمام املجتمعات ثقاف ُة التفاخر املفرط يف تقدير الذات ،دون ِ القدرات وتطوير املهارات التي ت�ؤدي �إلى النمو الطبيعي بتمتِّني ِ ُ الفرق بني ال�شعور بالأهلية والنجاح دون للثقة بالنف�س .وهنا يرب ُز نتائج �أداءٍ حقيقي ،وبني ال�شعور بالنجاح بعد بذل اجلهدِ وحتقيق َ حقيقية .فم�شروب الطاق ِة ُيعطينا �شعور ًا زائف ًا �أو م�ؤقت ًا بالقوة بدون بناءٍ طبي ِّع ٍي ملواطِ ِن قوتنا احلقيقية. “كلما بالغنا يف ثقتنا ب�أنف�سنا زادت احتماالت خداعنا لأنف�سنا ،و�إيهامنا بالتمتُّع بقدرات غري حقيقية”.
كتاب في دقائق
2
دورة الثقــــــــــة
خمطط الثقـــــــة
القــدرة والكفـــاءة
القدرة واجلدارة
ُ ال�شكل التايل دور َة الثقة؛ القدرة والكفاءة ،حيث يتحول ال�شعو ُر ي�شرح الطبيعي بالثقة يف النف�س �إلى :جدار ٍة حقيقية ،وقدر ٍة طبيعي ٍة على النجاح. ُ
لتتم َّكن من ت�صور الروابط املحتملة بني الثقة يف َ ال�شكل التايل والذي النف�س والإمكانات والكفاءة ،ت�أ َّمل �أ�سميناه خمطط الثقة للقدرة والكفاءة:
ال�سمعة
الأداء
ا�ستثمار القدرة واجلدارة
الإعداد
الفعل
اكت�ساب القدرة وا�ستحقاق اجلدارة
ف�سواء كنت مهت ّم ًا بتح�سني ثقتك يف نف�سك على امل�ستوى املهني �أو ح�سن قدراتك وط ِّور مهاراتك الفعلية االجتماعي ،ف�إن الطرق واحدةِّ : مما �سي�ؤدي �إلى �شحن طاقاتك الإيجابية وحت�سني �صورتك الذهنية وزيادة فعاليتك و�إنتاجيتك ب�صورة تلقائية. ومع اكت�سابك مهارات جديدة يف جمالك �سريتفع م�ستوى �أدائك، وي�ساعدك يف اكت�ساب �سمعة طيبة .وهكذا ترتفع ثقتك يف نف�سك ب�سبب الإمكانات التي اكت�سبتها ور�آها فيك الآخرون .هذا هو هدفك النهائي الذي �ستعمل على حتقيقه مع احلر�ص على الثقة املفرطة عك�س ٌي و�سل ِّب ٌي ري ِّ يف النف�س .فلر�ضاك املبالغ فيه عن �إمكاناتك ،ت�أث ٌ على دورة الثقة التي ت َو ِّل ُد القدر َة واجلدارة .عندما ت�شعر بالر�ضا املطلق عن الذات �ستق ِّلل تلقائي ًا من اال�ستعداد الذي تقوم به الكت�ساب ومهارات جديدة لريتكزَ �أدا�ؤك ب�شكلٍ �أكرب على ثقتك يف قدرات ٍ ٍ �ستعتمد �سمعتُك نف�سك فقط .وبد ًال من االعتماد على �إمكانات فعلية ُ �أي�ض ًا على “ت�صنُّع” املزيد من الثقة يف قدرات ال متتلكها .ولذا يكونُ من الأف�ضل جتن ُُّب الر�ضا املفرط عن النف�س ،وموا�صل ِة العمل على عالج العيوب ونقاط ال�ضعف ،مع متتني مواطِ ن القو ِة وامليزات التناف�سية يف ال�شخ�صية. 3
كتاب في دقائق
اطلب �إفادة راجعة هادفة
حت�سني م�ستمر
ثقة مفرطة درن جدارة
�شك واقعي يف الذات
مرتفعة
منخف�ضة
منخف�ضة
القدرة واجلدارة كما ت�ست�شعرها
احلافز
ثقة واقعية يف الذات
نقد مفرط وتقريع للذات
املهارة واجلدارة
الثقة يف النف�س
النتائج
ال �إفراط وال تفريط (اجتهاد)
عالج امل�شكالت و�إخفا�ؤها
مرتفعة
الر�ؤية
القدرة واجلدارة من منظور الآخرين
الثقة يف النف�س
ثقة مفرطة دون جدارة وا�ستحقاق أغلب النا�س هذا النوع من الثقة هو ما يتمتع به � ُ خياالت متح ِّيزة مبني على ٍ لأنَّ هذا ال�شعو َر ٌ للذات ،دون متتُّع ال�شخ�ص ب�أ َّية قدرات جوهرية. يفتقر مثل ه�ؤالء الأ�شخا�ص �إلى املعرفة بالذات، ما يعني �أنهم غري قادرين على معرفة حجمهم و�صورتهم يف عيون الآخرين؛ وما يف�ضي بهم �إلى م�شكلة �أكرب وهي التح ُّول �إلى �أ�شخا�ص موهومني يخدعون �أنف�سهم .ف�إذا كنت تعتق ُد �أنَّ عبارة “ثقة مفرطة دون قدرات” قا�سية بع�ض ال�شيء، َف ِّكر ثانية .فمن تعوزهم الكفاءة يبالغون يف �إظهار ثقتهم يف �أنف�سهم لإخفاء عدم جدارتهم حجمونَ عن موا�صلة الت َعلُّم فال يكت�سبون �أ َّية و ُي ِ معــارف �أو مهارات جديدة لأنهم “ال يعرفون �أنهم ال يعـرفون” .احلل املنا�سب لهم هو احل�صول على �إفادات راجعة من الآخرين حول �شخ�صياتهم وقدراتهم.
ثقة واقعية يف النف�س جتمع هذه ال�سم ُة بني الثق ِة املرتفع ِة يف النف�س وبني القدرات واجلدرات املرتفعة �أي�ض ًا .وهي متثل احلالة املثالية لكل �صاحب تفكري عقالين .ومع ذلك ف�إن � َ إدراك الإن�سان لقدرا ِته قد ُيع ِّر�ضه خلطر القناعة مبا و�صل �إليه ومن َّثم الثقة املبالغة يف النف�س� .أهم ِ ن�صيحة ميكن توجيهها �إلى من يتمتَّعون بهذه ال�صفة هي جت ُّنب ُ اخلمول وعدم تطوير املهارات �إلى ال�شعو َر بالر�ضا؛ حتى ال ي�ؤدي الرتاجع واالكت�شاف املت�أخر �أنك يف ميدان قد جتاوزه الآخرون.
ٌّ �شك واق ِّع ٌي يف الذات والقدرات يعترب هذا ال�شعور بدي ًال مبا�شر ًا للثقة الزائفة لأ َّننا هنا َ �سندرك جيد ًا َ نخطط �ضروري لكي نقاط �ضعفنا ،وهذا ٌ للتح�سني والتع ِّلم الدائمَّ . لل�شك الواق ِّعي يف النف�س ميزتان مهمتان الأولى� :أ َّنه ي�أتي م�صحوب ًا ب�إدراك الكثري عن �أنف�سنا، ما يعني �أننا �سنعرف كيف ينظر الآخرون لنا .والثانية� :أ َّنه يعترب قو ًة حافز ًة للتغيري ف�شعورنا بعدم الر�ضا يدفعنا ويجعلنا راغبني يف التح�سني.
نقد وتقريع مفرط للذات ما الذي يحدث �إذا كنت جدير ًا وتتم َّت ُع بالإمكانات لكنك تفتق ُر �إلى الثقة يف النف�س؟ هذه هي حالة من يبالغون يف انتقاد �أنف�سهم، والذين -على الرغم من �إجنازاتهم الكثرية -يفتقرون �إلى ُ الو�صف على العديد من املتفوقني الإميان ب�أنف�سهم .ينطبق هذا وهو ما دفعهم لتحقيق التفوق يف املقام الأول .فلماذا ت�ستمر يف عي نحو التطوير والتغيري ب�شكل �إيجابي �أو وراء حتقيق املزيد َّ ال�س ِ من الإجنازات ،بعدما و�صلت �إلى مرحلة متقدمة من الثقة يف نف�سك ويف �إجنازاتك؟ لكن لهذه ال�صفة عيب ًا واحد ًا فهي تُعزِّ ز �شعور �صاح ِبها بالقلق وانعدام الأمان .وفيما عدا ذلك ،فهي مفيد ٌة ل�صقل القدرات و�شحذ الطاقات الكامنة واكت�ساب مهارات ت�صبح ناقد ًا قا�سي ًا لنف�سك تكون لديك فر�ص ٌة جديدة .عندما ُ �أف�ضل لتطوير �إمكاناتك مقارنة بفر�صك لو كنت معجب ًا بذاتك مثل �إعجاب �أمك بك .املطلوب هنا هو �إخفا ُء �شعورك بالقلق وانعدام الأمان ،لأ َّنك حتى لو كنت �شخ�ص ًا جدير ًا ،فقد يعترب الآخرون م�شاع َرك و�سلو َكك انخفا�ض ًا يف م�ستوى قدراتك ،ولي�س توا�ضع ًا وثق ًة معتدل ًة يف نف�سك.
التعامل مع الثقة املنخف�ضة يف النف�س الثقة املنخف�ضة حتميك ي�شعر الإن�سانُ بالقلق عندما يفتقر �إلى الثقة يف نف�سه، فينتبه �إلى التغيري الذي يحتاجه لريفع من �أدائه .ومع ذلك يعتقد الرنج�سيون �أن الثق َة املنخف�ض َة م�شكلة كاملة وال �إيجابيات لها .فنحن بد ًال من �أن نف ِّك َر يف �أ�سبابها ونتائجها؛ نر ِّكز على م�شاعر ال�ضيق التي تنتابنا مثل :القلق والتوتر امل�شاعر �سبب ًا منطقي ًا وهو تنبيهنا واخلوف .الواقع �أنَّ لهذه ِ ملواجهة �أية نتائج �سلبية قد تنتج عن �ضعف قدراتنا .مثال: �إذا ُط ِل َب منك �إلقا ُء حما�ضرة عن مو�ضوع ال تعرف عنه الكثري �ست�شع ُر بالقلق وانعدام الثقة .فهل الأف�ضل يف هذا املوقف �أن ت�شعر بالثقة؟ بالطبع “ال” .لأن م�شاعر القلق �ستدفعك �إلى اال�ستعداد ملا �أنت على و�شك القيام به و�إال ُ أمام احل�ضور. ف�ستف�ش ُل إحراج � َ وتتعر�ض لل ِ غالب ًا ما تخفي الثق ُة املفرط ُة يف النف�س َ �ضعف قدراتك، وهذا قد ُي�صبح مبثاب ِة اللعنة لأ َّنه مينعك من العمل على كتاب في دقائق
4
تطوير وحت�سني �إمكاناتك� .أ َّما الثق ُة املنخف�ض ُة فت�ساعدك على ر�ؤية نقاط �ضعفك وحت ِّفزك للعمل على ِّ تخطيها. لذلك من الأف�ضل �أن َ تعرف نف�سك ب�شكل واق ِّع ٍي بد ًال من التح ِّلي بثقة زائفة مما يمُ ِّكنك من حتديد ما حتتاج �إلى �صقله لت�ص ِب َح � َ أف�ضل حا ًال.
مديرك فيما يتع َّلق باملهام التي �ستك َّلف بها .تَعتم ُد هذه امل�س�أل ُة على خرباتك املهنية ،وقدراتك على ِّ حل امل�شكالت .فهذا هو ما �سيعتمد عليه الآخرون يف قراءة �سريتك الذاتية وتقييم م�ؤهالتك. بقدرات معينة �إذا قر�أ يف �صاحب العمل �أ َّنك تتم َّت ُع �سيفرت�ض ٍ ُ إجنازات �سريتك �أنك تخ َّرجت يف جامع ٍة مرموق ٍة مث ًال؛ �أو ذكرتَ ال ِ التي حقَّقتها (مثل� :إتقان �أكرث من لغة �أو الفوز يف م�سابقة �أو حل م�شكلة م�ستع�صية) ولكن هذا ال يكفي .ف�سيبقى ك ُّل ما تَ�صفه �سريتُك الذاتي ُة نظري ًا حتى تتم َّكن من تنفيذه و�أدائه على �أر�ض الواقع .من امل�ؤكد �أن ال�سرية الذاتية مهمة وكذلك هي ال�شهادات الأكادميية ولكن يبقى �أدا�ؤك هو املقيا�س ،خا�ص ًة �إذا ا�ستند �إلى نقاط قوتك الطبيعية بعيد ًا عن ال�شهادات والتو�صيات اال�صطناعية. ف�إما �أن تكونَ � -أو َ تعمل لتكون -خبري ًا فعلي ًا �أو تكون “يف خرب كان”. بجد و َّك ٍد لإظها ِر قدراته �أم ال ،ف�سيحتاج �سواء عمل الإن�سانُ ِّ دائم ًا لأن يبدو بارع ًا �أمام الآخرين .يمُ ثل �إبرا ُز قدراتك %10فقط من معادل ِة النجاح وتعتم ُد الـ %90الباقية على اال�ستعداد والعمل ال�شاق الذي يقود �إلى النجاح.
م�سرية مهنيـــــــة ناجحــــــــة ثالثة �أمور يبدعها ذوو الأداء املتم ِّيز دعنا نت�أ َّم ُل املح ِّفزَ الرئي�س لنجاح امل�سرية املهنية يف االقت�صادات َ جناح امل�سا ِر الوظيفي على توفري وظيفة و�إمنا املتط ِّورة :ال يعتم ُد ُ ر�ص على العمل ب�أداء مرتفع .كل الوظائف م�ؤ َّقتة بينما خ ْلقُ ُف ِ فر�ص وا�ستثمارها ولي�س العمل ال يتوقف .فالنجاح هو �صناع ُة ٍ اختال�سها. نحها �أو َم ُ ُ فر�ص رغم وجود مئات املهارات وماليني الوظائف ف�إن ل�صنع ِ العمل �شروط ًا ومعايري� .أهمها �أن “تبدو” منا�سب ًا للعمل يف عي َّني فر�صك يف العمل تعتم ُد على مديرك �أو عميلك .هذا يعني �أنَّ َ تقييم الآخرين لك ونظرتهم �إلى مدى جاهزيتك مل�ساعدتهم. ُ ت�صبح قاب ًال للتوظيف يعني �أن َّ يتعامل معك يرى فيك كل من �أن َ �شريك ًا مف�ض ًال وموظف ًا منا�سب ًا .فلماذا ُيعترب ُ بع�ضنا �أكرث قابلي ًة للتوظيف من بع�ضنا الآخر؟ تكمن الإجاب ُة يف ثالثة �إبداعات متميزة:
�أو ًال� :أظهر قدرتك و�أبرز جدارتك إمكانات � َ أف�ضل يبدو ذوو الأداء املتميز دائم ًا وك�أنهم يتمتَّعون ب� ٍ من غريهم .بالطبع ميكنك �أن تبدو جدير ًا يف جمال و�ضعيف ًا يتو�سمها فيك يف جماالت �أخرى .املهم هي درجة الكفاءة التي َّ 5
كتاب في دقائق
ثاني ًا :اعمل ب َّك ٍد ..ال َيحدُ ه َحدٌ ال�سبب الثاين العتبارك م�ؤه ًال للتوظيف هو تطوعك لأداء َ تعوي�ض افتقارك الن�سبي لبع�ض �أعمال �شاقة .ت�ستطيع دائم ًا القدرات بالعمل اجلاد .فذوو الأداء املتم ِّيز هم من يبذلون جهد ًا إن�سان ما بالذكاء قد يح ِّوله ا�ستثنائي ًا �أك َرب من �أقرانهم .فتمتُّع � ٍ ك�سول .عندما تدرك �أ َّنك ل�ست ذك ّي ًا مبا يكفي �إلى �شخ�ص ٍ ٍ لتتفوق �ستبذل جهد ًا �أكرب لتح ِّقق �أهدافك اعتماد ًا على جمهودك ال ذكائك.
ثالث ًا :كن حمبوب ًا يتم َّت ُع ذوو الأداء املتم ِّيز بحب من حولهم ويف الواقع يحظى ُ بفر�ص �أك َرب للعمل مقارن ًة بال�شخ�ص الكئيب �أو املزعج �أو �صعب لطيف ا َمل ْع َ�ش ِر ٍ رغبت يف م�سري ٍة مهني ٍة ناجحة يجب �أن تكون مهذب ًا ولطيف ًا مع الآخرين. املرا�س� .إذا َ
البعد االجتماعي للثقة يف النف�س على الرغم من التط ُّور غري امل�سبوق للتكنولوجيا والتي ا�ستبدلت َ التفاعل الإن�سانيِّ َ باالت�صال الرق ِّمي بقيت العالقاتُ االجتماعية ِ ومهاراتُ الذكاء العاطفي ال�سلع َة الأكرث رواج ًا على كوكبنا وذلك ال�سلوك ومهارات التالح ِم املجتمعي قيم ل ٍ ِ ِ أ�سباب كثري ٍة �أهمها �أن َ ُ التنظيمي الإيجابي ،هي �أ�سا�س البناء ال�سليم والر�صني لأي جمتمع. ِّ
الثقة املتوا�ضعة وحت�سني مهاراتنا االجتماعية هناك م�ساران ميكن للثقة املنخف�ضة يف النف�س والقلق منها �أن ِّ ميكنا �صاحبهما من النجاح االجتماعي:
�أو ً ال :الواقعية املت�شائمة
املخاطر االجتماعية للثقة الزائدة يف النف�س ال ُ يدرك كثريون امل�شكالت الناجتة عن الثقة االجتماعية املفرطة. يقول خبري خمتربات تقدير الذات “باومي�سرت” “و�صف الإن�سان بعبارات ر َّنان ٍة قد ال تُقنع من حوله مبا يقول .ورمبا لنف�سه ٍ أعراف يعتربونه �إن�سان ًا متباهي ًا ومغرور ًا وعلى هذا تتفق معظم ال ِ ُ االجتماعية .ف َمن يبال ُغ يف تقدير ذاته يخ�س ُر َ بع�ض ميزاته دائم ًا و�أبد ًا” .ولذا تعت ُرب املعاي ُري الثقافي ُة عام ًال مه ّم ًا و�إن اختلفت من جمتمع �إلى �آخر. من �أب�سط احلقائق التي نعرفها �أ َّننا نعترب َّ كل من ميدحون ُ “مادح نف�سه َّ ونالحظ �أن كذاب”. �أنف�سهم مغرورين فنقول مث ًال: ُ أ�شخا�ص املحبوبني الذين يحظون باحرتام من حولهم ،يتج َّنبون ال َ ادِّعاء التم ُّيز ،حتى و�إن امتدحهم الآخرون .تتَّ�سقُ هذه احلقيق ُة مع الفكر ِة القائلة�“ :إنَّ املوهوبني ح ّق ًا هم من يرتكون قدرا ِتهم تتحدث عنهم” .ف ِّكر يف الأ�شخا�ص الذين يت�ص َّرفون ب�أ�سلوب غري الئق �أو مب�شاعر الآخرين .ثم ف ِّكر يف انطباعاتك عنهم عدوانيِّ �أو م�سته ٍرت ِ هل تراهم يتمتَّعون بثقة منخف�ضة �أم متو�سطة �أم مرتفعة؟ هذا تخد ُ�ش �صورتَنا االجتماعية. ي�ؤ ِّكد �أنَّ الثق َة املفرط َة يف النف�س قد ِ
يبالغ الواثقون يف �أنف�سهم يف تقديرهم ملهاراتهم االجتماعية .وعلى العك�س منهمُ ، يدرك الأ�شخا�ص امل�شكالت التي ت�ؤ ِّثر على مهاراتِهم الأقل ثق ًة يف �أنف�سهم ِ االجتماعية� .أول فائدة تقدمها الثقة املنخف�ضة هي القدرة على تقييم قدراتك االجتماعية بدقة .مبعنى �آخر :الثقة املنخف�ضة يف النف�س ت�سلحك بالواقعية املت�شائمة �أي :القدرة على �إدراك �أنَّك ل�ست مثالي ًا، وال تتمتَّع بالقوة التي تتخ َّيلها على امل�ستوى االجتماعي فتن�ضج �أكرث. فتجتهد وتعمل �أكرث ُ ُ اهتم بالإفادة الراجعة وب�إ�شارات اال�ستهجان حول بع�ض ت�ص ُّرفاتك وهو �أمر ال يفعله من يبالغون يف الثقة لأنهم مييلون �إلى جتاهل �أ َّية �إ�شارات ت ُّدل على انخفا�ض �شعبيتهم ،لدرجة قد تدفعهم لت�شويهِ هذه الإ�شارات لي� ِّؤكدوا لأنف�سهم �أنَّهم ما زالوا يتمتعون ب�سحرهم وجاذبيتهم يف املواقف االجتماعية .بينما يت�صرف الأ�شخا�ص الأقل ثق ًة بطريقة خمتلفة؛ فهم يتجاهلون تدعم ت�ص ُّرفاتهم ِّ ويركزون على اجلانب إ�شارات التي ال ِ ُ ال�سلبي يف �أدائهم رغم �أن الرتكيز على اجلانب ال�سلبي مل للغاية لكنه ِّ م�ؤ ٌ ميكنهم من حت�سني �أدائهم فرتتف ُع كفاءتُهم وجدارتُهم االجتماعية. كتاب في دقائق
6
جريئ ًا وج�سور ًا يف املواقف االجتماعية املختلفة .وهذان الأمران يتط َّوران منذ �سنوات الطفولة الأولى وال ميكن تغيريهما ب�سهول ٍة بعد بلوغ �سنّ الر�شد .هذه واحد ٌة من �أهم احلقائق يف علم النف�س وال يوج ُد ما ي�ستدعي القلقَ ب�ش�أنها؛ بل �إنَّ ت َّق ُبل هذه احلقيقة ي�ساع ُد على فهمنا ال�صحيح لكث ٍري من الأمور.
امل�سار الثاين :التحفيز ـاع ُي لي�س جمرد �إ�شار ٍة واقعي ٍة جتربك على القلق االجتمـ ـ ـ ِّ انطباعات كارثي ٍة لدى الآخرين ،بل الرتكيز على جت ُّنب ترك ٍ هو قو ٌة تحُ ِفزك على اال�ستعدا ِد وحت�سني مهاراتك االجتماعية لتقليل َ احل َرج الذي قد تتع َّر�ض له يف املواقف الع�صيبة .عندما لف�شل اجتماعي حمتمل (مثال :قبل �إجراء تت َّو َق ُع التع ُّر َ�ض ٍ مقابلة �شخ�صية �أو اختبار �أو اجتماع عام �أو حما�ضرة �ستلقيها �أو مناظرة �أما اجلماهري) لن يكونَ �أما ُمك �سوى :التم ُّرن وفكر والتدريب ،ثم التم ُّرن والتجريب ..بكل ما �أو ِّت َ يت من ٍ وقت ٍ وخربة. عندما ت�شع ُر باخلوف ال�شديد ،قد ال تكون ثقتك يف نف�سك االجتماعية تعاين �أي�ض ًا فقط منخف�ضة؛ بل رمبا تكونُ مهاراتك ِّ �ضعف �شديد .وحتى لو كنت قا�سي ًا على نف�سك – فعليك من ٍ �أن َ املزيد من مهارات التوا�صل َّدرب على اكت�ساب ِ ِ تعمل وتت َ االجتماعي .قد َّ ت�ضط ُر للعمل ل�سنوات ورمبا مدى احلياة على حت�سني عالقاتك وات�صاالتك االجتماعية وقد يكونُ هذا جمهد ًا ومكلف ًا .ولكن منذ متى ُيعترب ُ العرق وا ُّ هد عقب ًة يف �سبيل بذل ِ جل ِ أهداف ُ بع�ض النقد �صاحب حتقيقُ ال ِ التق ُّدم امل�ستمر؟ عندما ُي ِ ب�شكل �أك َرب للعمل؛ وهذا �أف�ضل الذا ِّتي والواق ِّعي يتحفَّز الإن�سانُ ٍ من ال�شعور بالالمباالة ثــم التع ُّر�ض للف�ش ــل ب�سبب الته ُّرب من النقد.
جتارب الطفولة وت�أثريها على الثقة االجتماعية هناك من يربط بني �سلوكياتنا ونحن كبار وبني بع�ض جتارب الطفولة يف �سنوات العمر امل َّب ِكرة .ولهذا الربط �آثا ٌر وا�ضح ٌة على فهمنا مل�س�ألة الثقة يف النف�س على امل�ستوى االجتماعي؛ االنتباه املفرط للنتائج االجتماعية ال�سلبية ،ي�شبه رغب َة الإن�سان يف �أن يكون 7
كتاب في دقائق
ُّكلنا نول ُد ويف داخلنا نزو ٌع نح َو اختبا ِر م�شاعرنا وف�ضولنا يف �أن َ نكت�شف جوانبها الإيجابي َة وال�سلبية .ف َمنْ يعاين من م�شاعر االجتماعي ُيعبرِّ ُ عن ح�سا�سية زائدة جتاه التع ُّر ِ�ض للتهديد القلق ِّ اجلزم يف مدى ت�أثري �صفاتنا اخلوف منه .ومن ال�صعب �أو ِ ُ ال�شخ�صي ِة املوروث ِة يف �سلوكنا .ولكن تُظهر الدرا�ساتُ التي تقارن بني التوائم املتطابقة والتوائم غري املتطابقة� ،أنَّ ت�شا ُب َه اخلوف م�شاعر اجلينات يزي ُد من ِ احتماالت ت�شابه الأ�شقَّاء يف ِ ِ ِ من املخاطر .وهذا ي�ش ُري �إلى �أن لل�شعو ِر بالثقة يف النف�س على امل�ستوى االجتماعي �أ�ص َله اجليني .بعدما نو َلد تبد�أ ميولنا املواقف املختلفة وت�صنيفها باعتبارها �أكرث املوروث ُة يف تف�سري ِ ي�ستجيب �أو �أقل تهديد ًا على عالقتنا مبن حولنا .ويف املقابل، ُ منط للعالقة الآخرون مل�شاعرنا بقوة �أو بفتور .والنتيجة هي ر�سم ٍ ُ ويتفاعل معه .ثم بني الطفل ووالديه ،وبينه وبني من ي َّربيه و ُيع ِّلمه ي�ستَّم ُر هذا ُ و�س ِم ال�سنوات الأولى من حياته. النمط ويف ْ وجتارب الطفول ِة امل َّب ِكرة، نتيج ًة للتفاعل بني العوامل اجليني ِة ِ مناذج داخلية غري م�ستق َّرة؛ ثم ُي�شكل %50من الأ�شخا�ص َ يف َِّ�سرون من خاللها كل عالقاتهم االجتماعية .وجتذب هذه النماذج انتبا َه ال�شخ�ص جتا َه الإ�شارات االجتماعية ال�سلبية، ُ وجتعله يف حال ِة َي َ قظ ٍة وتن ُّبه للتهديدات املحتملة فت�ساعده على َ �سب َقبول الآخرين. جت ُّنب الوقوع يف مواقف حُمرجة في ْك ُ
مناذج خمتلف ًة لت�صبح �شخ�ص ًا حذر ًا ويقظ ًا يف هناك ثالث ُة َ قراءتك للمواقف االجتماعية وهي جميع ًا تق ِّلل من ثقتك يف تعزيز وحت�سني مهارا ِتك وكفاء ِتك نف�سك ل ِّكنها ت ُ ُ�ساهم يف ِ االجتماعية وهي: منوذج “اجلبان” :يبال ُغ �صاح ُبه يف و�ضع تو ُّقعات �سلبي ٍةيحتاج ب�شد ٍة �إلى ت�شجيع وحتفيز لنف�سه وللآخرين .ولذا فهو ُ الآخرين له .ومع ذلك �سيجد �صعوب ًة يف الوثوق ب�أي �أحد. �صاحب هذا النمط يف االرتباك عجب �إذن ،يف �أن ي�ستَّمر ُ وال َ والرت ُّدد يف خمتلف املواقف االجتماعية وبطريق ٍة ت ُّنم عن انخفا�ض َم َر ِ�ض ّي يف ثقته بنف�سه. ٍ
كانت ثقافتُه وقي ُمه خمتلف ًة متام ًا عن ثقاف ِة بالدنا. ثاني ًا :االقرتاب من الآخرين وت�سويق الذات لهم :تنطوي الكفاءة أ�صحاب املهارات االجتماعية على التقدمي الناجح للذات� .إذ يعرف � ُ االجتماعية كيف يرتكونَ �أثر ًا حمبب ًا لدى الآخريــن وهذا هو ما يفعلونه ح ّق ًا. ُ امتالك القدر ِة على حثِّ الآخرين ثالث ًا :الت�أثري يف الآخرين� :أي اكت�ساب هذا العن�صر �أمر ًا �صعب ًا � -إن مل ليفعلوا ما تريد .ويعترب ُ يكن م�ستحي ًال – ما مل َت َرب ُع يف العن�صرين ال�سابقني بداية.
الكفاءة �أو النجاعة االجتماعية =
قراءة الآخرين +التقرب الإيجابي منهم +الت�أثري فيهم
�صاحب هذا النموذج منوذج “املهموم ..املوهوم” :ي�ش ِّككُ يف نف�سه فقط وال ي�ش َّكك يف الآخرين .وهنا تعترب �آرا ُء الآخرين ف َّعال ًة ومهم ُة للغاية يف تقليل م�شاعر ال�شك يف الذات. �صاحب هذا النموذج بثقته يف يت�سم منوذج “االنطوائي”ُ :ُ نف�سه فقط وال يثقُ يف الآخرين .ويجد االنطوائيون �صعوب ًة �شديد ًة يف تكوين َ روابط وا�صل ٍة وفاعل ٍة مع الآخرين لأنَّ �شخ�صيا ِتهم م�ستق َّل ٌة متام ًا وال يعتمدون �إال على �أنف�سهم.
حتويل الثقة املنخف�ضة �إلى مهارات اجتماعية م�ؤثرة وال�شخ�ص املع�شر ميكننا جميع ًا التمييز بني ال�شخ�ص لطيف ِ ِ املزعج ولكن كيف لنا �أن َ �شخ�ص ما كف�ؤ ًا نعرف ما �إذا كان ٌ وناجح ًا على امل�ستوى االجتماعي �أم ال؟ هناك ثالثة م�ؤ�شرات لتمييز النجاعة االجتماعية: تتطلب الكفاء ُة االجتماعية التم ُّت َع �أو ًال :قراءة الآخرين:ُ بالقدرة على قراءة الأ�شخا�ص ،والتم ُّرن على اكت�ساب ما ُيط ِلق عليه علما ُء النف�س“ :املعرفة االجتماعية ”.ف�إذا كنت تفتقر �إلى فهم النا�س وما يفعلونه من حولك املعرفة االجتماعية فلن يمُ ْ كنك ُ ال�سبب الكامنَ ورا َء ت�صرفاتهم وما قد يعنونه بكالمهم. وال َ و�ستواجه �صعوبات � -أحيان ًا -يف الت�ص ُّرف يف �أي موقف ـ“العجز” عندما يف�سر هذا امل� ِّؤ�ش ُر �سبب �شعورنا ب ِ اجتماعيِّ . ُ نتحدث لغة �أهله �أو نزور لأول مر ٍة بلد ًا �أجنبي ًا وخا�صة �إن كنا ال
نحو حيــاة �أف�ضــل و�أجمـــل الثقةُ املفرطةُ و�آثا ُرها ال�صحية
ال توجد �أد َّل ٌة على الآثار ال�ضارة للثقة املفرطة يف النف�س، �أك َ رث من ت�أثريها ال�سلبي على ال�صحة .كثري ًا ما يرتبط �شعو ُرنا بالثقة املفرطة ،ب�شعورنا بالأمان حيالَ حالتنا مير�ض الآخرون فنحن ال منر�ض �أبد ًا. ال�صحية ففي حني ُ وعلى الرغم من كل الدرا�سات حول هذه امل�س�ألة ف�إن �صاحب الثقة املطلقة يف النف�س �سيتَّ�سم بواحدةٍ �أو �أك َ رث َ من ال�سلوكيات التالية:
uتزيد الثقة الزائدة من ميل الإن�سان �إلى املخاطرة
هل ميكن للثقة املفرطة �أن ت�ؤذي �صحتك ح ّق ًا؟ نعم. ري عامل النف�س “بيرت في�شر” يف تعريفه للمخاطرة ي�ش ُ ب�أنَّها ترتبط باحتماالت �إيذاء ال�شخ�ص لنف�سه من خالل كتاب في دقائق
8
اخليارات احلياتية ال�ضارة مثل :التدخني �أو القيادة املته ِّورة �أو امل�شاركة يف �سباقات ال�شوارع غري املنظمة وجماعات ال ُ يعرف �أهدافَها �أو االن�ضمام لفرقٍ ٍ احلقيقية .فقد ت�ش ِّوه الثقة املفرطة � َ إدراك الإن�سانِ للمخاطر وحجمها وعواقبها وتعطيه �شعور ًا زائف ًا بالأمان واحل�صانة.
فاملدخِ ن و�إن حا�صرته �أ�سباب ف�شل ِ حمالت التوعية ال�صحيةَّ . الالفتات التحذيرية مثل“ :التدخني ..يقتل� ”،أو “التدخني ي�صيبك ب�سرطان الرئة ”،نادر ًا ما ي�ستوعِ ُب الر�سال َة؛ لأنَّه يراها موجه ًة لكل املدخ ِّنني يف العامل ما عداه هو �شخ�صي ًا .فكم عدد املدخ ِّنني امل�ستعدين لالعرتاف ب�أنَّهم مدمنون؟ وال�سبب وا�ضح :االعرتاف بالإدمان يجربهم على تق ُّبل فكرة �أنَّهم ي�أتون ت�ص ُّرفات عبثية و�ضارة؛ وال �أحد يريد -يف نهاية املطاف � -أن يبدو غبي ًا ولو حتى �أمام نف�سه.
�سبب خطورة الثقة املفرطة على ال�صحة يف ي ْك ُمن ُ مل�شاعر اخلوف َ داخل الإن�سان .فعندما ت�شع ُر حجبها ِ ُ النتائج ال�سلبي ِة �ستميل �إلى اعتبار بالثقة املفرطة ِ مرجحة احلدوث فال ت�ض ُعها يف غ ِ ري حمتملة �أو غري َّ ح�ساباتك .يق ِّلل هذا بالطبع من �شعورك باخلطر ُ فتف�شل يف اال�ستعداد ملواجهة التهديدات احلقيقية. وباخت�صار :اخلوف وال�شعور بالتهديد والقـلق واحلذر هي م�شاعر ال يعرفها من يبالغ يف ثقته بنف�سه. ت�أمل “التدخني” مثال تنطوي هذه املجازفة على خماطر عديدة قد تف�ضي �إلى املوت .ولكننا جند املدخِّ نني يقولون � َّإن هذه العادة تعطيهم �شعور ًا بالراحة والثقة .والواقع � َّأن �أغلب ه�ؤالء مل يكن ليدخِّ ن لو �شعر ب�أنَّه �أ َق ُّل مناعة للمخاطر الناجمة عن َ ني كو�سيلة التدخني .وغالب ًا ما يختار النا�س التدخ َ تُ�شعرهم �أنَّهم � -أو على الأقل جتعلهم يبدون � -أك َ رث ثق ًة يف �أنف�سهم يف بع�ض املواقف االجتماعية .هذه م�ستويات ثقتهم ت َّقلِل من احتماالت ردعهم الزياد ُة يف ِ لأنفه�سم ومن �إقالعهم عن هذه العادة ال�سيئة فهم ي�شعرون يف �أعماقهم � َّأن ب�إمكانهم الإقالع عن عاداتهم ال�سلبية وقتما ي�شا�ؤون ومبنتهى ال�سهولة ،فلماذا اال�ستعجال والإقالع الآن �إذن!
ُ ُ املفرطة نظر َة الإن�سان الثقة uت�ش ِّوه �إلى �صحته
ثاين م�شكلة �صحية يتعر�ض لها �صاحب الثقة املفرطة هي نف�سه ب�أ َّنه �سلي ٌم ومعافى مع �أنه لي�س الإنكار حيث ُيقنع �أو َيخدع َ إن�سان للتحذيرات الطبية �أو كذلك .ي�ؤدي هذا �إلى جتاهل ال ِ ِ خاطئ حني �سلوك ِّ�ص ِحي رف�ض تل ِّقي العالج املطلوب �أو تغيري ٍ ٍ ال ي�شعر �أنَّ حياتَه يف خطر .وتُعد هذه النقطة حتديد ًا من 9
كتاب في دقائق
أ�سلوب حياة ِ�ص ِّحي �أف�ضل يعتقد �صاحب الثقة املُفرطة �أ َّنه يتب ُع � َ ُ ُ من اجلميع وقد يكونُ هذا غ َري �صحيح .فقد ي ِثقُ املتفائل يف الزائد ب�سهولة بدون �أن ُيح ِّققَ هدفه تنزيل وزنه ِ قدرته على ِ رغم حماوالته املتك ِّررة.
uتخلق الثقة املفرطة �آما ًال زائفة حول �صحتنا
املدمر على ثالث م�شكلة تت�س َّبب فيها الثقة املفرطة هي ت�أثريها ِّ جميع النا�س املتفائل منهم واملت�شائم .حيث ينظر اجلميع �إلى املتفائلني -ب�سبب ثقتهم املفرطة يف �أنف�سهم – باعتبارهم النموذج الذي ُيحتذى به بينما هم ُيهمِ لون م�شكالتِهم ال�صحية ب�سبب “�إنكارهم” لها فتكون النتيجة كارثية يف النهاية .فبينما مير�ض الفقراء وميوتون يف �سن مبك ّرةٍ ب�سبب افتقارهم للموارد جند الأثرياء مير�ضون ويتع َّر�ضون ملخاطر �صحية �أكرب ب�سبب نظرتهم غري الواقعية لأو�ضاعهم ال�صحية. م�صطلح “الإنكار” لو�صف �أغلب من ي�سقطون �ضحي ًة ي�ستخدم ُ للإدمان وال ُيدركون �أنَّهم غري قادرين على التوقُّف عن تدمري
�أنف�سهم؛ فتتعامل عقو ُلهم مع املوقف بنف�س �أ�سلوب ومنط مفرطي الثقة يف النف�س .فلو �أنهم أ�ساليب �أك َ رث واقعي ًة مع فُر�صهم ال�ضئيلة تعاملوا ب� َ يف التغلُّب على الإدمان والتخلُّ�ص من العادات ال�صحية ال�ضارة لزادت فر�صهم يف النجاة واحلياة .ورمبا ما كانوا ليقعوا يف حبائل هذه العادة املدمر ِة من البداية .وباخت�صار :كلما قلت ثقتك بنف�سك زادت قدراتك و�إيجابياتك وا�ستعداداتك لإدارة حياتك من خالل تقديرك العقالين واملتوازن لذاتك. املحاوالت امل�صطنعة لزيادة ثقتنا ب�أنف�سنا حمكوم عليها بالف�شل .وعلى ني العك�س؛ تُك�سبنا حماوالت حت�س ِ ُ مهارات ومعرف ًة جديد ًة م�ستوى الأداء ٍ مما ي�ؤدي تلقائي ًا �إلى رفع م�ستوى ثقتنا ب�أنف�سنا.
البحث عن معنى ونبيل عميق ٍ يتفقُ علما ُء النف�س واالجتماع على �أنَّ عملي َة البحث عن مغزىً ٍ �صفات للحياة ،هي من ومميزات اجلن�س الب�شري .ففي احلياة حلظاتٌ ِ ِ ُ التحديات الكامن ٍة خل َفها تُ�ساعدنا على جتاوز ومواقف م�ؤمل ٌة دون �شك ،لكن ِ يجب �أن يعتمدَ جناحنا على تكوين �صو ٍر املحن وفهم معنى الأمل .وهكذا ،ال ُ ُ وحاالت ف�شلنا .لأن هذا �سي�سف ُر عن فنتقبل ُّك َل عرثا ِتنا م�صطنع ٍة لأنف�سنا ِ لتلعب املزيد من الأخطاء وامل�شكالت .وهنا ت�أتي الثقة املنخف�ضة يف النف�س َ دورها يف دفعنا نحو النجاح. ي�شوب ثقتَنا ب�أنف�سنا �شي ٌء من التوا�ضع؟ كنا �سنبد�أ فكيف يكونُ عاملُنا عندما ُ َ ُ م�شكالت �سنعي�ش جديد ونحن �أك َرث ت�أهب ًا وا�ستعداد ًا ملا يواجهنا .كنا يوم ٍ ٍ كل ٍ �ستتجنب الكث َري من الكوارث التي ونرتكب �أخطا ًء �أقل .كانت الإن�ساني ُة ُ ُ وقعت واحلروب التي ن�شبت بني الأمم وال�صراعات التي احتدمت بني الأفراد �سي�صبح �أف�ضل والعا ُمل �سيكون مكان ًا �أجمل، ؤكد �أنَّ حا َلنا واملنظمات .من امل� ِ ُ أنف�سهم. النا�س وغرورِهم ب� ِ لو خفَّ�ضنا م�ستويات ثق ِة ِ بالنق�ص يعني �أ َّننا ب�شر ”.وبهذا املنطق يقول “�ألفريد �أدلر”�“ :شعورنا ِ َ لنخف�ض �شعو َرنا والتدريب والبحث نحتاج �إلى املزيد من املعرف ِة وال َت َّع ِلم ِ ِ ُ الغ ِّريزي بالنق�ص ولو �إلى حني ف ُّكلما عرفنا َ حما�سنا وبذلنا نقاط �ضعفنا زاد ُ َ مزيد ًا من ا ُ والف�شل �إلى جناح! فر�ص، جل ِ هد لعالجها؛ ل ُنح ِّو َل الأخطا َء �إلى ٍ
المؤلف: الدكتور توماس تشامورو بريميوزيك :أستاذ في جامعتي “لندن” و “نيويورك” .كتاب“ :القواعد األساسية لبناء الشخصية” هو أحدث كتبه ،ويكتب بصفة منتظمة في مجلة“ :هارفارد بيزنس ريفيو”.
كتب مشابهة:
1. Conversational Intelligence
How Great Leaders Build Trust & Get Extraordinary Results. By Judith E. Glaser. Bibliomotion. 2013.
2. Adversaries into Allies Win People Over Without Manipulation or Coercion. By Bob Burg. Portfolio. 2013.
3. Manage Your Day-to-Day Build Your Routine, Find Your Focus, and Sharpen Your Creative Mind. By Jocelyn K. Glei. Amazon. 2013.
كتاب في دقائق
10
“كثري ًا ما ن ُ بالغ يف دور ال ِ ثقة بالنف�س يف حتقيق النجاح. ف َ حني نع ُ تقد �أنَّ نا بحاجةٍ �إلى املزيد من ال ِ ثقة ،نك ُ ون بحاجةٍ �أك َ رث �إلى ِّ �سد الفجوةِ بني م�ستوى ثقتنا ،وبني م�ستوى قدراتنا”.
توماس تشامورو بريميوزيك