030 الثقة في النفس

Page 1


‫ٍ‬ ‫ثـوان‪...‬‬ ‫في‬ ‫ال تتهي�أ ظروف النجاح واال�ستمرارية‬ ‫لأي عمل �أو م�شروع �أو حتى عالقة‬ ‫�إن�سانية �إال بتوفر �شرطني �أ�سا�سيني‬ ‫وهما روح التعاون وامل�شاركة‪ ،‬فعالقتنا‬ ‫مع عائالتنا و�أوالدنا وجمتمعنا بالكامل‬ ‫عمادها التعاون وامل�شاركة‪ ،‬وكذلك‬ ‫عالقاتنا العملية واملهنية تتطلب وجود روح فريق العمل وامل�شاركة يف و�ضع‬ ‫الأفكار والتنفيذ‪ .‬وتربز �أهمية قيم التعاون وامل�شاركة كونهما من الأعمدة‬ ‫الأ�سا�سية التي تبني �أ�سا�سيات الثقة املتبادلة بني الأطراف‪ ،‬وهذه الثقة‬ ‫بدورها تظل عام ًال حا�سم ًا يعزز من حتقيق العالقات؛ املهنية منها �أو‬ ‫االجتماعية‪ ،‬نتائجها املرجوة وغاياتها امل�أمولة‪.‬‬ ‫ولي�س �أقوى من مثال تاريخي يح�ضرين هنا حول �أهمية التعاون وامل�شاركة‬ ‫يف م�سرية النجاح والتقدم‪ ،‬من احتاد دولتنا الذي يقول عنه �صاحب ال�سمو‬ ‫ال�شيخ حممد بن را�شد �آل مكتوم نائب رئي�س الدولة رئي�س جمل�س الوزراء‬ ‫حاكم دبي “رعاه اهلل” ‪� :‬إن �أحد �أهم �أ�سباب جناحه هو روح الفريق الواحد‬ ‫التي زرعها م�ؤ�س�سو دولة الإمارات يف نفو�س �أبناء الوطن كافة‪ ،‬والطريق‬ ‫للأمام هو عرب تقوية هذه الروح‪ .‬وبالفعل �أكدت الأيام �أن قيمة هذه الروح‬ ‫وم�ساهمتها ب�شكل كبري وف َّعال يف نه�ضة وتنمية وطننا حتى �أ�صبح اليوم من‬ ‫الدول التي ي�شار �إليها بالبنان‪.‬‬ ‫ومن منطلق حر�صنا يف م�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم على االرتقاء‬ ‫بامل�ستوى الثقايف للمجتمع وتقدمي �أف�ضل نتاجات فكرية لأهم ال ُكتَّاب‬ ‫العامليني‪� ،‬أ�صدرت امل�ؤ�س�سة ملخ�صات الدفعة اجلديدة ملبادرة “كتاب يف‬ ‫دقائق”‪ ،‬والتي تُ�سلط ال�ضو َء على ثالث ق�ضايا يتناول بع�ضها دور التعاون‬ ‫وامل�شاركة‪ ،‬وتناق�ش �سلوك الثقة يف النف�س‪ ،‬ومفهوم اال�ستحقاق يف تربية‬ ‫الأبناء‪� ،‬إ�ضافة �إلى اقت�صاديات التعاون املفتوح‪.‬‬ ‫ويتناول ملخ�ص الكتاب الأول “الثقة يف النف�س‪ ...‬حتويل عدم تقدير الذات‬ ‫�إلى �إجنازات وجناحات”‪� ،‬آليات النجاح يف رفع م�ستويات ثقتنا ب�أنف�سنا‪،‬‬ ‫وكيفية ربط الثقة بالنف�س بعوامل مثل‪ :‬القدرات والإمكانات واملوهبة لتحقيق‬ ‫الإجنازات يف نهاية املطاف‪ .‬فيما ينقلنا ملخ�ص الكتاب الثاين “م�صيدة‬ ‫اال�ستحقاق‪ ...‬نحو قيم �أ�سرية عمادها اال�ستثمار واالختيار” �إلى خماطر‬ ‫�أ�سلوب اال�ستحقاق املطلق يف تربية الأبناء‪ ،‬والذي يعتاد الطفل من خالله‬ ‫على التدليل املفرط والغرور والك�سل وبالتايل يكرب بال �أدنى درجة من‬ ‫حتمل امل�س�ؤولية �أو الطموح �أو اال�ستقاللية‪ .‬و ي�سلط ملخ�ص الكتاب الأخري‬ ‫ُوحد العامل والعقول” ال�ضوء على‬ ‫“اقت�صاديات التعاون املفتوح‪ ...‬حلول ت ِّ‬ ‫حت ِّول العامل �إلى الإنرتنت وما نتج عنه من اقت�صاد رقمي �أدى �إلى تكوين‬ ‫مناذج �أعمال مفتوحة تعتمد على تعاون كافة امل�شاركني‪.‬‬ ‫وال ي�سعني يف النهاية �إال �أن �أمتنى لكم ولعائالتكم قراءة �شيقة ومفيدة‬ ‫للدفعة اجلديدة من ملخ�صات مبادرة “كتاب يف دقائق”‪.‬‬

‫جمال بن حويرب ‬

‫الع�ضو املنتدب مل�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم‬ ‫‪1‬‬

‫كتاب في دقائق‬

‫الفرق بني الت َّم ُكن‬ ‫وجمرد الإح�سا�س به‬ ‫يعزو معظم ُكتَّاب ال�سري الذاتية �سبب جناح‬ ‫النجوم �إلى ثقـتهم الهائلة يف �أنف�سهم‪ ،‬ويق ِّللون‬ ‫من دور املوهبة والعمل اجلاد يف حتقيق النجاح‪،‬‬ ‫وك�أنه ميكن لأي �شخ�ص حتقيق نتائج وجناحات‬ ‫ا�ستثنائية اعتماد ًا على ثقته بنف�سه فقط‪ .‬وتبالغ‬ ‫و�سائل الإعالم واملنتديات �أي�ض ًا يف دور الثقة يف‬ ‫النف�س يف حتقيق ال�شهرة والنجاح والت�أثري يف‬ ‫الآخرين‪ .‬وهذه بع�ض الأمثلة ملا يقال يف هذا‬ ‫ال�سياق‪:‬‬ ‫ “عندما نتح َّلى بدرجة عالية من الثقة يف‬‫النف�س‪ ،‬ف�إننا نحقِّق َ‬ ‫كل �أهدافنا”‪.‬‬ ‫ “الواثقون يف �أنف�سهم ي�ستحقون الإعجاب؛‬‫فهذه الثقة هي ما متيز الناجحني عمن‬ ‫�سواهم”‪.‬‬ ‫ “متكننا ثقتنا يف �أنف�سنا من حل كل‬‫م�شكالتنا”‪.‬‬ ‫وهناك ثالث م�شكالت تواجه �أ�صحاب مثل هذه‬ ‫القناعات وامل�سلمات‪:‬‬ ‫�أولأ‪ :‬لي�س من ال�سهل �أن نرفع م�ستويات ثقتنا‬ ‫ب�أنف�سنا ولو كان الأمر بهذه ال�سهولة ملا قلق �أحد‬ ‫ب�ش�أن افتقاره للثقة بالنف�س‪ .‬ولو كان عالج نق�ص‬ ‫الثقة �أمر ًا ي�سري ًا لزدنا ثقتنا ب�أنف�سنا بنف�س‬ ‫جوعنا ونَروي َ‬ ‫عط�شنا‪.‬‬ ‫الطريقة التي ُن�ش ِبع بها َ‬ ‫ثانياً‪ :‬حتى لو متكنَّا من زيادة ثقتنا ب�أنف�سنا‬ ‫فهذا ال يكفي لتحقيق النجاح‪ .‬فعلى عك�س ما‬


‫الكتاب واملح ِّللون فلم ي�صبح “�أوباما” �أول رئي�س‬ ‫يرى‬ ‫ُ‬ ‫�أ�سود يف تاريخ �أمريكا لأنه واثق يف نف�سه فقط‪ ،‬ومل يتم َّكن‬ ‫ال�سري “ريت�شارد بران�سون” – م�ؤ�س�س و�صاحب جمموعة‬ ‫“فريجني” – من ت�أ�سي�س وت�شغيل �أربعمائة �شركة لأنه‬ ‫ فقط ‪ -‬يثق بنف�سه‪ ،‬كما مل يتفوق “حممد علي كالي”‬‫يف املالكمة‪ ،‬و “روجر فيدرر” يف التن�س‪ ،‬لأنهما ميلكان‬ ‫ثقة مطلقة بالنف�س‪ .‬وذلك لأن �سبب متتُّع ه�ؤالء الناجحني‬ ‫بثقة ا�ستثنائية يف �أنف�سهم هو متتُّعهم بطاقات ا�ستثنائية‪،‬‬ ‫وبحما�س وقدرات و�إمكانات فنية وبدنية هائلة‪ .‬فالثقة‬ ‫هنا نتيجة ولي�ست �سبب ًا‪ .‬فكل �إن�سان يحتاج �إلى موهبة‬ ‫ا�ستثنائية ف�ض ً‬ ‫ال عن الد�أب والعمل ال�شاق‪ ،‬حتى يبلغ‬ ‫�أعلى م�ستويات اجلدارة‪ .‬ف�أكرث ما يلفت املتابع واخلبري‬ ‫يف ه�ؤالء الناجحني‪ ،‬هو � َّأن ثقتهم ب�أنف�سهم هي انعكا�س‬ ‫لإمكاناتهم‪ .‬وهذا هو ما مييزهم ع َّمن يثقون ثقة عمياء‬ ‫ب�أنف�سهم دون التم ُّت َع بالإمكانات واملهارات الالزمة للتفوق‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬وهذه النقطة هي الأهم؛ وهي �أن االعتقاد ب�أن‬ ‫الثقة املفرطة بالنف�س �ست�ساعدنا بال�ضرورة على حتقيق‬ ‫عر�ضنا ل�ضغوط نف�سية هائلة‪ ،‬وقد يدفعنا‬ ‫كل ما نريد ُي ِّ‬ ‫�إلى حماولة الو�صول �إلى �أهداف لي�س مبقدورنا بلوغها‪.‬‬ ‫ففي حني يعاين من تعوزهم الثقة من الإح�سا�س بال�ضعف‬ ‫ري واقعية‬ ‫واخلجل‪ ،‬ي�ضع الواثقون يف �أنف�سهم‬ ‫ٍ‬ ‫توقعات غ َ‬ ‫ويبنون ق�صور ًا يف الهواء للإجنازات التي �ستمكنهم‬ ‫مغامراتهم وثقتهم يف �أنف�سهم من حتقيقها‪ .‬ف�أول ما‬ ‫يتوهم الثق َة املفرط َة يف نف�سه �أنَّه‬ ‫يفكر فيه ويفعله من‬ ‫ُ‬ ‫م�ستعد ًا للقيام ب� ِّأي �شيء‪ ،‬للحفاظ على هذه الثقة‪.‬‬ ‫�صبح‬ ‫ّ‬ ‫ُي ُ‬ ‫فلي�س منطقيا �أن ي�صبح �أحدنا �شخ�ص ًا عظيم ًا‪ ،‬فقط لأنَّه‬ ‫إن�سان ُ‬ ‫يخلط بني‬ ‫ي�شعر بالعظمة يف داخله والنتيجة هي � ٌ‬ ‫ال�شعور بالأهميــة وبني الإعجاب بالنف�س والتعامل بغرور‬ ‫بد ًال من وجود �أ�سباب حقيقية الختبار هذه امل�شاعر‪،‬‬ ‫املزيد من الأ�شخا�ص املعجبني ب�أنف�سهم؛‬ ‫في�صبح لدينا‬ ‫ُ‬ ‫�سواء كانوا جديرين بذلك الزهو �أم ال‪.‬‬ ‫على املدى الق�صري‪ ،‬يكون التم ُّت ُع بثقةٍ مفرطةٍ‬ ‫يف النف�س �أمر ًا جيد ًا‪ ،‬لأنه يدفعنا �إلى املغامرة‬ ‫والتجريب؛ لكن �إدرا َكنا حلدودنا ونقاط �ضعفنا‬ ‫ي�ساعدنا �أكرث على املدى الطويل لأنه يقودنا �إلى‬ ‫التوا�ضع‪ ،‬وي�ساعدنا يف عالج م�شكالتنا والتخل�ص‬ ‫من عيوبنا وموا�صلة التَعلُّم والت�أقلم والعمل ِبد�أب‪،‬‬ ‫مقدمات للنتائج‪.‬‬ ‫أ�سباب‬ ‫ٍ‬ ‫وج ْعل ال ِ‬ ‫َ‬

‫ابتغاء الثقة بالنف�س �شيء‪،‬‬ ‫واحلاجة �إليها �شيء �آخر‬ ‫�شعرت برغبة �شديدة يف ُ�شرب زجاجة مثلجةٍ من‬ ‫هل �سبق لك �أن‬ ‫َ‬ ‫غازي م�شهور؟ معظم النا�س يخاجلهم‬ ‫م�شروب طاقةٍ �أو‬ ‫ٍ‬ ‫م�شروب ٍّ‬ ‫هذا ال�شعور؛ وهناك دائم ًا من ي�شربون‪ ،‬وهم يعلمون �أنه لي�ست‬ ‫هناك حاجة حقيقية �أو �سبب بيولوجي لهذه الرغبة‪ .‬بل ميكن‬ ‫النقي بد ًال من امل�شروب الغازي‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫�شرب املا ِء ِّ‬ ‫النا�س يف التمتُّع مب�ستويات مرتفعة من الثقة‬ ‫بنف�س املنطق يرغب ُ‬ ‫يف النف�س‪ ،‬دون �إدراك �أ َّنهم ال يحتاجونها ب�شدة كما يظنون‪.‬‬ ‫وفيما يدرك معظم م�ستهلكي امل�شروبات امللونة �أ َّنها غري �صحية‪،‬‬ ‫قد ال ُ‬ ‫رعات من الثقة الزائدة يف‬ ‫يدرك بع�ض الراغبني يف ُج ٍ‬ ‫النف�س �أنَّ هذا ال�شعو َر لي�س هدف ًا يف حد ذاته‪ .‬ولهذا ت�سود يف‬ ‫االهتمام‬ ‫املجتمعات ثقاف ُة التفاخر املفرط يف تقدير الذات‪ ،‬دون‬ ‫ِ‬ ‫القدرات وتطوير املهارات التي ت�ؤدي �إلى النمو الطبيعي‬ ‫بتمتِّني‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الفرق بني ال�شعور بالأهلية والنجاح دون‬ ‫للثقة بالنف�س‪ .‬وهنا يرب ُز‬ ‫نتائج‬ ‫�أداءٍ حقيقي‪ ،‬وبني ال�شعور بالنجاح بعد بذل اجلهدِ وحتقيق َ‬ ‫حقيقية‪ .‬فم�شروب الطاق ِة ُيعطينا �شعور ًا زائف ًا �أو م�ؤقت ًا بالقوة‬ ‫بدون بناءٍ طبي ِّع ٍي ملواطِ ِن قوتنا احلقيقية‪.‬‬ ‫“كلما بالغنا يف ثقتنا ب�أنف�سنا زادت احتماالت‬ ‫خداعنا لأنف�سنا‪ ،‬و�إيهامنا بالتمتُّع بقدرات غري‬ ‫حقيقية”‪.‬‬

‫كتاب في دقائق‬

‫‪2‬‬


‫دورة الثقــــــــــة‬

‫خمطط الثقـــــــة‬

‫القــدرة والكفـــاءة‬

‫القدرة واجلدارة‬

‫ُ‬ ‫ال�شكل التايل دور َة الثقة؛ القدرة والكفاءة‪ ،‬حيث يتحول ال�شعو ُر‬ ‫ي�شرح‬ ‫الطبيعي بالثقة يف النف�س �إلى‪ :‬جدار ٍة حقيقية‪ ،‬وقدر ٍة طبيعي ٍة على النجاح‪.‬‬ ‫ُ‬

‫لتتم َّكن من ت�صور الروابط املحتملة بني الثقة يف‬ ‫َ‬ ‫ال�شكل التايل والذي‬ ‫النف�س والإمكانات والكفاءة‪ ،‬ت�أ َّمل‬ ‫�أ�سميناه خمطط الثقة للقدرة والكفاءة‪:‬‬

‫ال�سمعة‬

‫الأداء‬

‫ا�ستثمار القدرة واجلدارة‬

‫الإعداد‬

‫الفعل‬

‫اكت�ساب القدرة وا�ستحقاق‬ ‫اجلدارة‬

‫ف�سواء كنت مهت ّم ًا بتح�سني ثقتك يف نف�سك على امل�ستوى املهني �أو‬ ‫ح�سن قدراتك وط ِّور مهاراتك الفعلية‬ ‫االجتماعي‪ ،‬ف�إن الطرق واحدة‪ِّ :‬‬ ‫مما �سي�ؤدي �إلى �شحن طاقاتك الإيجابية وحت�سني �صورتك الذهنية‬ ‫وزيادة فعاليتك و�إنتاجيتك ب�صورة تلقائية‪.‬‬ ‫ومع اكت�سابك مهارات جديدة يف جمالك �سريتفع م�ستوى �أدائك‪،‬‬ ‫وي�ساعدك يف اكت�ساب �سمعة طيبة‪ .‬وهكذا ترتفع ثقتك يف نف�سك‬ ‫ب�سبب الإمكانات التي اكت�سبتها ور�آها فيك الآخرون‪ .‬هذا هو هدفك‬ ‫النهائي الذي �ستعمل على حتقيقه مع احلر�ص على الثقة املفرطة‬ ‫عك�س ٌي و�سل ِّب ٌي‬ ‫ري ِّ‬ ‫يف النف�س‪ .‬فلر�ضاك املبالغ فيه عن �إمكاناتك‪ ،‬ت�أث ٌ‬ ‫على دورة الثقة التي ت َو ِّل ُد القدر َة واجلدارة‪ .‬عندما ت�شعر بالر�ضا‬ ‫املطلق عن الذات �ستق ِّلل تلقائي ًا من اال�ستعداد الذي تقوم به الكت�ساب‬ ‫ومهارات جديدة لريتكزَ �أدا�ؤك ب�شكلٍ �أكرب على ثقتك يف‬ ‫قدرات‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫�ستعتمد �سمعتُك‬ ‫نف�سك فقط‪ .‬وبد ًال من االعتماد على �إمكانات فعلية‬ ‫ُ‬ ‫�أي�ض ًا على “ت�صنُّع” املزيد من الثقة يف قدرات ال متتلكها‪ .‬ولذا‬ ‫يكونُ من الأف�ضل جتن ُ​ُّب الر�ضا املفرط عن النف�س‪ ،‬وموا�صل ِة العمل‬ ‫على عالج العيوب ونقاط ال�ضعف‪ ،‬مع متتني مواطِ ن القو ِة وامليزات‬ ‫التناف�سية يف ال�شخ�صية‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫كتاب في دقائق‬

‫اطلب �إفادة‬ ‫راجعة هادفة‬

‫حت�سني م�ستمر‬

‫ثقة مفرطة درن جدارة‬

‫�شك واقعي يف الذات‬

‫مرتفعة‬

‫منخف�ضة‬

‫منخف�ضة‬

‫القدرة واجلدارة كما‬ ‫ت�ست�شعرها‬

‫احلافز‬

‫ثقة واقعية يف الذات‬

‫نقد مفرط وتقريع للذات‬

‫املهارة واجلدارة‬

‫الثقة يف النف�س‬

‫النتائج‬

‫ال‬ ‫�إفراط وال تفريط‬ ‫(اجتهاد)‬

‫عالج‬ ‫امل�شكالت‬ ‫و�إخفا�ؤها‬

‫مرتفعة‬

‫الر�ؤية‬

‫القدرة واجلدارة من‬ ‫منظور الآخرين‬

‫الثقة يف النف�س‬

‫ثقة مفرطة‬ ‫دون جدارة وا�ستحقاق‬ ‫أغلب النا�س‬ ‫هذا النوع من الثقة هو ما يتمتع به � ُ‬ ‫خياالت متح ِّيزة‬ ‫مبني على‬ ‫ٍ‬ ‫لأنَّ هذا ال�شعو َر ٌ‬ ‫للذات‪ ،‬دون متتُّع ال�شخ�ص ب�أ َّية قدرات جوهرية‪.‬‬ ‫يفتقر مثل ه�ؤالء الأ�شخا�ص �إلى املعرفة بالذات‪،‬‬ ‫ما يعني �أنهم غري قادرين على معرفة حجمهم‬ ‫و�صورتهم يف عيون الآخرين؛ وما يف�ضي بهم �إلى‬ ‫م�شكلة �أكرب وهي التح ُّول �إلى �أ�شخا�ص موهومني‬ ‫يخدعون �أنف�سهم‪ .‬ف�إذا كنت تعتق ُد �أنَّ عبارة‬ ‫“ثقة مفرطة دون قدرات” قا�سية بع�ض ال�شيء‪،‬‬ ‫َف ِّكر ثانية‪ .‬فمن تعوزهم الكفاءة يبالغون يف‬ ‫�إظهار ثقتهم يف �أنف�سهم لإخفاء عدم جدارتهم‬ ‫حجمونَ عن موا�صلة الت َعلُّم فال يكت�سبون �أ َّية‬ ‫و ُي ِ‬ ‫معــارف �أو مهارات جديدة لأنهم “ال يعرفون �أنهم‬ ‫ال يعـرفون”‪ .‬احلل املنا�سب لهم هو احل�صول‬ ‫على �إفادات راجعة من الآخرين حول �شخ�صياتهم‬ ‫وقدراتهم‪.‬‬


‫ثقة واقعية يف النف�س‬ ‫جتمع هذه ال�سم ُة بني الثق ِة املرتفع ِة يف النف�س وبني القدرات‬ ‫واجلدرات املرتفعة �أي�ض ًا‪ .‬وهي متثل احلالة املثالية لكل �صاحب‬ ‫تفكري عقالين‪ .‬ومع ذلك ف�إن � َ‬ ‫إدراك الإن�سان لقدرا ِته قد ُيع ِّر�ضه‬ ‫خلطر القناعة مبا و�صل �إليه ومن َّثم الثقة املبالغة يف النف�س‪� .‬أهم‬ ‫ِ‬ ‫ن�صيحة ميكن توجيهها �إلى من يتمتَّعون بهذه ال�صفة هي جت ُّنب‬ ‫ُ‬ ‫اخلمول وعدم تطوير املهارات �إلى‬ ‫ال�شعو َر بالر�ضا؛ حتى ال ي�ؤدي‬ ‫الرتاجع واالكت�شاف املت�أخر �أنك يف ميدان قد جتاوزه الآخرون‪.‬‬

‫ٌّ‬ ‫�شك واق ِّع ٌي يف الذات والقدرات‬ ‫يعترب هذا ال�شعور بدي ًال مبا�شر ًا للثقة الزائفة لأ َّننا هنا‬ ‫َ‬ ‫�سندرك جيد ًا َ‬ ‫نخطط‬ ‫�ضروري لكي‬ ‫نقاط �ضعفنا‪ ،‬وهذا‬ ‫ٌ‬ ‫للتح�سني والتع ِّلم الدائم‪َّ .‬‬ ‫لل�شك الواق ِّعي يف النف�س ميزتان‬ ‫مهمتان الأولى‪� :‬أ َّنه ي�أتي م�صحوب ًا ب�إدراك الكثري عن �أنف�سنا‪،‬‬ ‫ما يعني �أننا �سنعرف كيف ينظر الآخرون لنا‪ .‬والثانية‪� :‬أ َّنه‬ ‫يعترب قو ًة حافز ًة للتغيري ف�شعورنا بعدم الر�ضا يدفعنا ويجعلنا‬ ‫راغبني يف التح�سني‪.‬‬

‫نقد وتقريع مفرط للذات‬ ‫ما الذي يحدث �إذا كنت جدير ًا وتتم َّت ُع بالإمكانات لكنك تفتق ُر �إلى‬ ‫الثقة يف النف�س؟ هذه هي حالة من يبالغون يف انتقاد �أنف�سهم‪،‬‬ ‫والذين ‪ -‬على الرغم من �إجنازاتهم الكثرية ‪ -‬يفتقرون �إلى‬ ‫ُ‬ ‫الو�صف على العديد من املتفوقني‬ ‫الإميان ب�أنف�سهم‪ .‬ينطبق هذا‬ ‫وهو ما دفعهم لتحقيق التفوق يف املقام الأول‪ .‬فلماذا ت�ستمر يف‬ ‫عي نحو التطوير والتغيري ب�شكل �إيجابي �أو وراء حتقيق املزيد‬ ‫َّ‬ ‫ال�س ِ‬ ‫من الإجنازات‪ ،‬بعدما و�صلت �إلى مرحلة متقدمة من الثقة يف‬ ‫نف�سك ويف �إجنازاتك؟ لكن لهذه ال�صفة عيب ًا واحد ًا فهي تُعزِّ ز‬ ‫�شعور �صاح ِبها بالقلق وانعدام الأمان‪ .‬وفيما عدا ذلك‪ ،‬فهي‬ ‫مفيد ٌة ل�صقل القدرات و�شحذ الطاقات الكامنة واكت�ساب مهارات‬ ‫ت�صبح ناقد ًا قا�سي ًا لنف�سك تكون لديك فر�ص ٌة‬ ‫جديدة‪ .‬عندما‬ ‫ُ‬ ‫�أف�ضل لتطوير �إمكاناتك مقارنة بفر�صك لو كنت معجب ًا بذاتك مثل‬ ‫�إعجاب �أمك بك‪ .‬املطلوب هنا هو �إخفا ُء �شعورك بالقلق وانعدام‬ ‫الأمان‪ ،‬لأ َّنك حتى لو كنت �شخ�ص ًا جدير ًا‪ ،‬فقد يعترب الآخرون‬ ‫م�شاع َرك و�سلو َكك انخفا�ض ًا يف م�ستوى قدراتك‪ ،‬ولي�س توا�ضع ًا‬ ‫وثق ًة معتدل ًة يف نف�سك‪.‬‬

‫التعامل مع الثقة املنخف�ضة يف النف�س‬ ‫الثقة املنخف�ضة حتميك‬ ‫ي�شعر الإن�سانُ بالقلق عندما يفتقر �إلى الثقة يف نف�سه‪،‬‬ ‫فينتبه �إلى التغيري الذي يحتاجه لريفع من �أدائه‪ .‬ومع‬ ‫ذلك يعتقد الرنج�سيون �أن الثق َة املنخف�ض َة م�شكلة كاملة وال‬ ‫�إيجابيات لها‪ .‬فنحن بد ًال من �أن نف ِّك َر يف �أ�سبابها ونتائجها؛‬ ‫نر ِّكز على م�شاعر ال�ضيق التي تنتابنا مثل‪ :‬القلق والتوتر‬ ‫امل�شاعر �سبب ًا منطقي ًا وهو تنبيهنا‬ ‫واخلوف‪ .‬الواقع �أنَّ لهذه‬ ‫ِ‬ ‫ملواجهة �أية نتائج �سلبية قد تنتج عن �ضعف قدراتنا‪ .‬مثال‪:‬‬ ‫�إذا ُط ِل َب منك �إلقا ُء حما�ضرة عن مو�ضوع ال تعرف عنه‬ ‫الكثري �ست�شع ُر بالقلق وانعدام الثقة‪ .‬فهل الأف�ضل يف هذا‬ ‫املوقف �أن ت�شعر بالثقة؟ بالطبع “ال”‪ .‬لأن م�شاعر القلق‬ ‫�ستدفعك �إلى اال�ستعداد ملا �أنت على و�شك القيام به و�إال‬ ‫ُ‬ ‫أمام احل�ضور‪.‬‬ ‫ف�ستف�ش ُل‬ ‫إحراج � َ‬ ‫وتتعر�ض لل ِ‬ ‫غالب ًا ما تخفي الثق ُة املفرط ُة يف النف�س َ‬ ‫�ضعف قدراتك‪،‬‬ ‫وهذا قد ُي�صبح مبثاب ِة اللعنة لأ َّنه مينعك من العمل على‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪4‬‬


‫تطوير وحت�سني �إمكاناتك‪� .‬أ َّما الثق ُة املنخف�ض ُة فت�ساعدك‬ ‫على ر�ؤية نقاط �ضعفك وحت ِّفزك للعمل على ِّ‬ ‫تخطيها‪.‬‬ ‫لذلك من الأف�ضل �أن َ‬ ‫تعرف نف�سك ب�شكل واق ِّع ٍي بد ًال من‬ ‫التح ِّلي بثقة زائفة مما يمُ ِّكنك من حتديد ما حتتاج �إلى‬ ‫�صقله لت�ص ِب َح � َ‬ ‫أف�ضل حا ًال‪.‬‬

‫مديرك فيما يتع َّلق باملهام التي �ستك َّلف بها‪ .‬تَعتم ُد هذه امل�س�أل ُة‬ ‫على خرباتك املهنية‪ ،‬وقدراتك على ِّ‬ ‫حل امل�شكالت‪ .‬فهذا هو ما‬ ‫�سيعتمد عليه الآخرون يف قراءة �سريتك الذاتية وتقييم م�ؤهالتك‪.‬‬ ‫بقدرات معينة �إذا قر�أ يف‬ ‫�صاحب العمل �أ َّنك تتم َّت ُع‬ ‫�سيفرت�ض‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫إجنازات‬ ‫�سريتك �أنك تخ َّرجت يف جامع ٍة مرموق ٍة مث ًال؛ �أو ذكرتَ ال‬ ‫ِ‬ ‫التي حقَّقتها (مثل‪� :‬إتقان �أكرث من لغة �أو الفوز يف م�سابقة �أو حل‬ ‫م�شكلة م�ستع�صية) ولكن هذا ال يكفي‪ .‬ف�سيبقى ك ُّل ما تَ�صفه‬ ‫�سريتُك الذاتي ُة نظري ًا حتى تتم َّكن من تنفيذه و�أدائه على �أر�ض‬ ‫الواقع‪ .‬من امل�ؤكد �أن ال�سرية الذاتية مهمة وكذلك هي ال�شهادات‬ ‫الأكادميية ولكن يبقى �أدا�ؤك هو املقيا�س‪ ،‬خا�ص ًة �إذا ا�ستند �إلى‬ ‫نقاط قوتك الطبيعية بعيد ًا عن ال�شهادات والتو�صيات اال�صطناعية‪.‬‬ ‫ف�إما �أن تكونَ ‪� -‬أو َ‬ ‫تعمل لتكون ‪ -‬خبري ًا فعلي ًا �أو تكون “يف خرب‬ ‫كان”‪.‬‬ ‫بجد و َّك ٍد لإظها ِر قدراته �أم ال‪ ،‬ف�سيحتاج‬ ‫�سواء عمل الإن�سانُ ِّ‬ ‫دائم ًا لأن يبدو بارع ًا �أمام الآخرين‪ .‬يمُ ثل �إبرا ُز قدراتك‬ ‫‪ %10‬فقط من معادل ِة النجاح وتعتم ُد الـ ‪ %90‬الباقية على‬ ‫اال�ستعداد والعمل ال�شاق الذي يقود �إلى النجاح‪.‬‬

‫م�سرية مهنيـــــــة ناجحــــــــة‬ ‫ثالثة �أمور يبدعها ذوو الأداء املتم ِّيز‬ ‫دعنا نت�أ َّم ُل املح ِّفزَ‬ ‫الرئي�س لنجاح امل�سرية املهنية يف االقت�صادات‬ ‫َ‬ ‫جناح امل�سا ِر الوظيفي على توفري وظيفة و�إمنا‬ ‫املتط ِّورة‪ :‬ال يعتم ُد ُ‬ ‫ر�ص‬ ‫على العمل ب�أداء مرتفع‪ .‬كل الوظائف م�ؤ َّقتة بينما خ ْلقُ ُف ِ‬ ‫فر�ص وا�ستثمارها ولي�س‬ ‫العمل ال يتوقف‪ .‬فالنجاح هو �صناع ُة ٍ‬ ‫اختال�سها‪.‬‬ ‫نحها �أو‬ ‫َم ُ‬ ‫ُ‬ ‫فر�ص‬ ‫رغم وجود مئات املهارات وماليني الوظائف ف�إن ل�صنع ِ‬ ‫العمل �شروط ًا ومعايري‪� .‬أهمها �أن “تبدو” منا�سب ًا للعمل يف عي َّني‬ ‫فر�صك يف العمل تعتم ُد على‬ ‫مديرك �أو عميلك‪ .‬هذا يعني �أنَّ َ‬ ‫تقييم الآخرين لك ونظرتهم �إلى مدى جاهزيتك مل�ساعدتهم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ت�صبح قاب ًال للتوظيف يعني �أن َّ‬ ‫يتعامل معك يرى فيك‬ ‫كل من‬ ‫�أن‬ ‫َ‬ ‫�شريك ًا مف�ض ًال وموظف ًا منا�سب ًا‪ .‬فلماذا ُيعترب ُ‬ ‫بع�ضنا �أكرث قابلي ًة‬ ‫للتوظيف من بع�ضنا الآخر؟ تكمن الإجاب ُة يف ثالثة �إبداعات‬ ‫متميزة‪:‬‬

‫�أو ًال‪� :‬أظهر قدرتك و�أبرز جدارتك‬ ‫إمكانات � َ‬ ‫أف�ضل‬ ‫يبدو ذوو الأداء املتميز دائم ًا وك�أنهم يتمتَّعون ب�‬ ‫ٍ‬ ‫من غريهم‪ .‬بالطبع ميكنك �أن تبدو جدير ًا يف جمال و�ضعيف ًا‬ ‫يتو�سمها فيك‬ ‫يف جماالت �أخرى‪ .‬املهم هي درجة الكفاءة التي َّ‬ ‫‪5‬‬

‫كتاب في دقائق‬

‫ثاني ًا‪ :‬اعمل ب َّك ٍد‪ ..‬ال َيحدُ ه َحدٌ‬ ‫ال�سبب الثاين العتبارك م�ؤه ًال للتوظيف هو تطوعك لأداء‬ ‫َ‬ ‫تعوي�ض افتقارك الن�سبي لبع�ض‬ ‫�أعمال �شاقة‪ .‬ت�ستطيع دائم ًا‬ ‫القدرات بالعمل اجلاد‪ .‬فذوو الأداء املتم ِّيز هم من يبذلون جهد ًا‬ ‫إن�سان ما بالذكاء قد يح ِّوله‬ ‫ا�ستثنائي ًا �أك َرب من �أقرانهم‪ .‬فتمتُّع � ٍ‬ ‫ك�سول‪ .‬عندما تدرك �أ َّنك ل�ست ذك ّي ًا مبا يكفي‬ ‫�إلى‬ ‫�شخ�ص ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لتتفوق �ستبذل جهد ًا �أكرب لتح ِّقق �أهدافك اعتماد ًا على جمهودك‬ ‫ال ذكائك‪.‬‬


‫ثالث ًا‪ :‬كن حمبوب ًا‬ ‫يتم َّت ُع ذوو الأداء املتم ِّيز بحب من حولهم ويف الواقع يحظى ُ‬ ‫بفر�ص �أك َرب للعمل مقارن ًة بال�شخ�ص الكئيب �أو املزعج �أو �صعب‬ ‫لطيف ا َمل ْع َ�ش ِر ٍ‬ ‫رغبت يف م�سري ٍة مهني ٍة ناجحة يجب �أن تكون مهذب ًا ولطيف ًا مع الآخرين‪.‬‬ ‫املرا�س‪� .‬إذا َ‬

‫البعد االجتماعي للثقة يف النف�س‬ ‫على الرغم من التط ُّور غري امل�سبوق للتكنولوجيا والتي ا�ستبدلت‬ ‫َ‬ ‫التفاعل الإن�سانيِّ َ‬ ‫باالت�صال الرق ِّمي بقيت العالقاتُ االجتماعية‬ ‫ِ‬ ‫ومهاراتُ الذكاء العاطفي ال�سلع َة الأكرث رواج ًا على كوكبنا وذلك‬ ‫ال�سلوك‬ ‫ومهارات‬ ‫التالح ِم املجتمعي‬ ‫قيم‬ ‫ل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ�سباب كثري ٍة �أهمها �أن َ‬ ‫ُ‬ ‫التنظيمي الإيجابي‪ ،‬هي �أ�سا�س البناء ال�سليم والر�صني لأي جمتمع‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫الثقة املتوا�ضعة وحت�سني مهاراتنا‬ ‫االجتماعية‬ ‫هناك م�ساران ميكن للثقة املنخف�ضة يف النف�س والقلق‬ ‫منها �أن ِّ‬ ‫ميكنا �صاحبهما من النجاح االجتماعي‪:‬‬

‫�أو ً‬ ‫ال‪ :‬الواقعية املت�شائمة‬

‫املخاطر االجتماعية للثقة الزائدة‬ ‫يف النف�س‬ ‫ال ُ‬ ‫يدرك كثريون امل�شكالت الناجتة عن الثقة االجتماعية املفرطة‪.‬‬ ‫يقول خبري خمتربات تقدير الذات “باومي�سرت” “و�صف الإن�سان‬ ‫بعبارات ر َّنان ٍة قد ال تُقنع من حوله مبا يقول‪ .‬ورمبا‬ ‫لنف�سه‬ ‫ٍ‬ ‫أعراف‬ ‫يعتربونه �إن�سان ًا متباهي ًا ومغرور ًا وعلى هذا تتفق‬ ‫معظم ال ِ‬ ‫ُ‬ ‫االجتماعية‪ .‬ف َمن يبال ُغ يف تقدير ذاته يخ�س ُر َ‬ ‫بع�ض ميزاته دائم ًا‬ ‫و�أبد ًا”‪ .‬ولذا تعت ُرب املعاي ُري الثقافي ُة عام ًال مه ّم ًا و�إن اختلفت من‬ ‫جمتمع �إلى �آخر‪.‬‬ ‫من �أب�سط احلقائق التي نعرفها �أ َّننا نعترب َّ‬ ‫كل من ميدحون‬ ‫ُ‬ ‫“مادح نف�سه َّ‬ ‫ونالحظ �أن‬ ‫كذاب”‪.‬‬ ‫�أنف�سهم مغرورين فنقول مث ًال‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫أ�شخا�ص املحبوبني الذين يحظون باحرتام من حولهم‪ ،‬يتج َّنبون‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ادِّعاء التم ُّيز‪ ،‬حتى و�إن امتدحهم الآخرون‪ .‬تتَّ�سقُ هذه احلقيق ُة مع‬ ‫الفكر ِة القائلة‪�“ :‬إنَّ املوهوبني ح ّق ًا هم من يرتكون قدرا ِتهم تتحدث‬ ‫عنهم”‪ .‬ف ِّكر يف الأ�شخا�ص الذين يت�ص َّرفون ب�أ�سلوب غري الئق �أو‬ ‫مب�شاعر الآخرين‪ .‬ثم ف ِّكر يف انطباعاتك عنهم‬ ‫عدوانيِّ �أو م�سته ٍرت‬ ‫ِ‬ ‫هل تراهم يتمتَّعون بثقة منخف�ضة �أم متو�سطة �أم مرتفعة؟ هذا‬ ‫تخد ُ�ش �صورتَنا االجتماعية‪.‬‬ ‫ي�ؤ ِّكد �أنَّ الثق َة املفرط َة يف النف�س قد ِ‬

‫يبالغ الواثقون يف �أنف�سهم يف تقديرهم ملهاراتهم‬ ‫االجتماعية‪ .‬وعلى العك�س منهم‪ُ ،‬‬ ‫يدرك الأ�شخا�ص‬ ‫امل�شكالت التي ت�ؤ ِّثر على مهاراتِهم‬ ‫الأقل ثق ًة يف �أنف�سهم‬ ‫ِ‬ ‫االجتماعية‪� .‬أول فائدة تقدمها الثقة املنخف�ضة هي‬ ‫القدرة على تقييم قدراتك االجتماعية بدقة‪ .‬مبعنى‬ ‫�آخر‪ :‬الثقة املنخف�ضة يف النف�س ت�سلحك بالواقعية‬ ‫املت�شائمة �أي‪ :‬القدرة على �إدراك �أنَّك ل�ست مثالي ًا‪،‬‬ ‫وال تتمتَّع بالقوة التي تتخ َّيلها على امل�ستوى االجتماعي‬ ‫فتن�ضج �أكرث‪.‬‬ ‫فتجتهد وتعمل �أكرث ُ‬ ‫ُ‬ ‫اهتم بالإفادة الراجعة وب�إ�شارات اال�ستهجان حول‬ ‫بع�ض ت�ص ُّرفاتك وهو �أمر ال يفعله من يبالغون يف الثقة‬ ‫لأنهم مييلون �إلى جتاهل �أ َّية �إ�شارات ت ُّدل على انخفا�ض‬ ‫�شعبيتهم‪ ،‬لدرجة قد تدفعهم لت�شويهِ هذه الإ�شارات‬ ‫لي� ِّؤكدوا لأنف�سهم �أنَّهم ما زالوا يتمتعون ب�سحرهم‬ ‫وجاذبيتهم يف املواقف االجتماعية‪ .‬بينما يت�صرف‬ ‫الأ�شخا�ص الأقل ثق ًة بطريقة خمتلفة؛ فهم يتجاهلون‬ ‫تدعم ت�ص ُّرفاتهم ِّ‬ ‫ويركزون على اجلانب‬ ‫إ�شارات التي‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ال�سلبي يف �أدائهم رغم �أن الرتكيز على اجلانب ال�سلبي‬ ‫مل للغاية لكنه ِّ‬ ‫م�ؤ ٌ‬ ‫ميكنهم من حت�سني �أدائهم فرتتف ُع‬ ‫كفاءتُهم وجدارتُهم االجتماعية‪.‬‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪6‬‬


‫جريئ ًا وج�سور ًا يف املواقف االجتماعية املختلفة‪ .‬وهذان الأمران‬ ‫يتط َّوران منذ �سنوات الطفولة الأولى وال ميكن تغيريهما ب�سهول ٍة‬ ‫بعد بلوغ �سنّ الر�شد‪ .‬هذه واحد ٌة من �أهم احلقائق يف علم النف�س‬ ‫وال يوج ُد ما ي�ستدعي القلقَ ب�ش�أنها؛ بل �إنَّ ت َّق ُبل هذه احلقيقة‬ ‫ي�ساع ُد على فهمنا ال�صحيح لكث ٍري من الأمور‪.‬‬

‫امل�سار الثاين‪ :‬التحفيز‬ ‫ـاع ُي لي�س جمرد �إ�شار ٍة واقعي ٍة جتربك على‬ ‫القلق االجتمـ ـ ـ ِّ‬ ‫انطباعات كارثي ٍة لدى الآخرين‪ ،‬بل‬ ‫الرتكيز على جت ُّنب ترك‬ ‫ٍ‬ ‫هو قو ٌة تحُ ِفزك على اال�ستعدا ِد وحت�سني مهاراتك االجتماعية‬ ‫لتقليل َ‬ ‫احل َرج الذي قد تتع َّر�ض له يف املواقف الع�صيبة‪ .‬عندما‬ ‫لف�شل اجتماعي حمتمل (مثال‪ :‬قبل �إجراء‬ ‫تت َّو َق ُع التع ُّر َ�ض ٍ‬ ‫مقابلة �شخ�صية �أو اختبار �أو اجتماع عام �أو حما�ضرة �ستلقيها‬ ‫�أو مناظرة �أما اجلماهري) لن يكونَ �أما ُمك �سوى‪ :‬التم ُّرن‬ ‫وفكر‬ ‫والتدريب‪ ،‬ثم التم ُّرن والتجريب‪ ..‬بكل ما �أو ِّت َ‬ ‫يت من ٍ‬ ‫وقت ٍ‬ ‫وخربة‪.‬‬ ‫عندما ت�شع ُر باخلوف ال�شديد‪ ،‬قد ال تكون ثقتك يف نف�سك‬ ‫االجتماعية تعاين �أي�ض ًا‬ ‫فقط منخف�ضة؛ بل رمبا تكونُ مهاراتك‬ ‫ِّ‬ ‫�ضعف �شديد‪ .‬وحتى لو كنت قا�سي ًا على نف�سك – فعليك‬ ‫من ٍ‬ ‫�أن َ‬ ‫املزيد من مهارات التوا�صل‬ ‫َّدرب على‬ ‫اكت�ساب ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعمل وتت َ‬ ‫االجتماعي‪ .‬قد َّ‬ ‫ت�ضط ُر للعمل ل�سنوات ورمبا مدى احلياة على‬ ‫حت�سني عالقاتك وات�صاالتك االجتماعية وقد يكونُ هذا جمهد ًا‬ ‫ومكلف ًا‪ .‬ولكن منذ متى ُيعترب ُ‬ ‫العرق وا ُّ‬ ‫هد عقب ًة يف �سبيل‬ ‫بذل ِ‬ ‫جل ِ‬ ‫أهداف ُ‬ ‫بع�ض النقد‬ ‫�صاحب حتقيقُ ال ِ‬ ‫التق ُّدم امل�ستمر؟ عندما ُي ِ‬ ‫ب�شكل �أك َرب للعمل؛ وهذا �أف�ضل‬ ‫الذا ِّتي والواق ِّعي يتحفَّز الإن�سانُ ٍ‬ ‫من ال�شعور بالالمباالة ثــم التع ُّر�ض للف�ش ــل ب�سبب الته ُّرب من‬ ‫النقد‪.‬‬

‫جتارب الطفولة وت�أثريها على الثقة‬ ‫االجتماعية‬ ‫هناك من يربط بني �سلوكياتنا ونحن كبار وبني بع�ض جتارب‬ ‫الطفولة يف �سنوات العمر امل َّب ِكرة‪ .‬ولهذا الربط �آثا ٌر وا�ضح ٌة على‬ ‫فهمنا مل�س�ألة الثقة يف النف�س على امل�ستوى االجتماعي؛ االنتباه‬ ‫املفرط للنتائج االجتماعية ال�سلبية‪ ،‬ي�شبه رغب َة الإن�سان يف �أن يكون‬ ‫‪7‬‬

‫كتاب في دقائق‬

‫ُّكلنا نول ُد ويف داخلنا نزو ٌع نح َو اختبا ِر م�شاعرنا وف�ضولنا يف �أن‬ ‫َ‬ ‫نكت�شف جوانبها الإيجابي َة وال�سلبية‪ .‬ف َمنْ يعاين من م�شاعر‬ ‫االجتماعي ُيعبرِّ ُ عن ح�سا�سية زائدة جتاه التع ُّر ِ�ض للتهديد‬ ‫القلق‬ ‫ِّ‬ ‫اجلزم يف مدى ت�أثري �صفاتنا‬ ‫اخلوف منه‪ .‬ومن ال�صعب‬ ‫�أو‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ال�شخ�صي ِة املوروث ِة يف �سلوكنا‪ .‬ولكن تُظهر الدرا�ساتُ التي‬ ‫تقارن بني التوائم املتطابقة والتوائم غري املتطابقة‪� ،‬أنَّ ت�شا ُب َه‬ ‫اخلوف‬ ‫م�شاعر‬ ‫اجلينات يزي ُد من‬ ‫ِ‬ ‫احتماالت ت�شابه الأ�شقَّاء يف ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫من املخاطر‪ .‬وهذا ي�ش ُري �إلى �أن لل�شعو ِر بالثقة يف النف�س على‬ ‫امل�ستوى االجتماعي �أ�ص َله اجليني‪ .‬بعدما نو َلد تبد�أ ميولنا‬ ‫املواقف املختلفة وت�صنيفها باعتبارها �أكرث‬ ‫املوروث ُة يف تف�سري‬ ‫ِ‬ ‫ي�ستجيب‬ ‫�أو �أقل تهديد ًا على عالقتنا مبن حولنا‪ .‬ويف املقابل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫منط للعالقة‬ ‫الآخرون مل�شاعرنا بقوة �أو بفتور‪ .‬والنتيجة هي ر�سم ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ويتفاعل معه‪ .‬ثم‬ ‫بني الطفل ووالديه‪ ،‬وبينه وبني من ي َّربيه و ُيع ِّلمه‬ ‫ي�ستَّم ُر هذا ُ‬ ‫و�س ِم ال�سنوات الأولى من حياته‪.‬‬ ‫النمط ويف ْ‬ ‫وجتارب الطفول ِة امل َّب ِكرة‪،‬‬ ‫نتيج ًة للتفاعل بني العوامل اجليني ِة‬ ‫ِ‬ ‫مناذج داخلية غري م�ستق َّرة؛ ثم‬ ‫ُي�شكل ‪ %50‬من الأ�شخا�ص‬ ‫َ‬ ‫يف َِّ�سرون من خاللها كل عالقاتهم االجتماعية‪ .‬وجتذب هذه‬ ‫النماذج انتبا َه ال�شخ�ص جتا َه الإ�شارات االجتماعية ال�سلبية‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وجتعله يف حال ِة َي َ‬ ‫قظ ٍة وتن ُّبه للتهديدات املحتملة فت�ساعده على‬ ‫َ‬ ‫�سب َقبول الآخرين‪.‬‬ ‫جت ُّنب الوقوع يف‬ ‫مواقف حُمرجة في ْك ُ‬


‫مناذج خمتلف ًة لت�صبح �شخ�ص ًا حذر ًا ويقظ ًا يف‬ ‫هناك ثالث ُة‬ ‫َ‬ ‫قراءتك للمواقف االجتماعية وهي جميع ًا تق ِّلل من ثقتك يف‬ ‫تعزيز وحت�سني مهارا ِتك وكفاء ِتك‬ ‫نف�سك ل ِّكنها ت ُ‬ ‫ُ�ساهم يف ِ‬ ‫االجتماعية وهي‪:‬‬ ‫ منوذج “اجلبان”‪ :‬يبال ُغ �صاح ُبه يف و�ضع تو ُّقعات �سلبي ٍة‬‫يحتاج ب�شد ٍة �إلى ت�شجيع وحتفيز‬ ‫لنف�سه وللآخرين‪ .‬ولذا فهو‬ ‫ُ‬ ‫الآخرين له‪ .‬ومع ذلك �سيجد �صعوب ًة يف الوثوق ب�أي �أحد‪.‬‬ ‫�صاحب هذا النمط يف االرتباك‬ ‫عجب �إذن‪ ،‬يف �أن ي�ستَّمر‬ ‫ُ‬ ‫وال َ‬ ‫والرت ُّدد يف خمتلف املواقف االجتماعية وبطريق ٍة ت ُّنم عن‬ ‫انخفا�ض َم َر ِ�ض ّي يف ثقته بنف�سه‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫كانت ثقافتُه وقي ُمه خمتلف ًة متام ًا عن ثقاف ِة بالدنا‪.‬‬ ‫ثاني ًا‪ :‬االقرتاب من الآخرين وت�سويق الذات لهم‪ :‬تنطوي الكفاءة‬ ‫أ�صحاب املهارات‬ ‫االجتماعية على التقدمي الناجح للذات‪� .‬إذ يعرف �‬ ‫ُ‬ ‫االجتماعية كيف يرتكونَ �أثر ًا حمبب ًا لدى الآخريــن وهذا هو ما‬ ‫يفعلونه ح ّق ًا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫امتالك القدر ِة على حثِّ الآخرين‬ ‫ثالث ًا‪ :‬الت�أثري يف الآخرين‪� :‬أي‬ ‫اكت�ساب هذا العن�صر �أمر ًا �صعب ًا ‪� -‬إن مل‬ ‫ليفعلوا ما تريد‪ .‬ويعترب‬ ‫ُ‬ ‫يكن م�ستحي ًال – ما مل َت َرب ُع يف العن�صرين ال�سابقني بداية‪.‬‬

‫الكفاءة �أو النجاعة االجتماعية =‬

‫قراءة الآخرين ‪ +‬التقرب الإيجابي منهم ‪ +‬الت�أثري فيهم‬

‫�صاحب هذا النموذج‬ ‫ منوذج “املهموم ‪ ..‬املوهوم”‪ :‬ي�ش ِّكك‬‫ُ‬ ‫يف نف�سه فقط وال ي�ش َّكك يف الآخرين‪ .‬وهنا تعترب �آرا ُء‬ ‫الآخرين ف َّعال ًة ومهم ُة للغاية يف تقليل م�شاعر ال�شك يف الذات‪.‬‬ ‫�صاحب هذا النموذج بثقته يف‬ ‫يت�سم‬ ‫ منوذج “االنطوائي”‪ُ :‬‬‫ُ‬ ‫نف�سه فقط وال يثقُ يف الآخرين‪ .‬ويجد االنطوائيون �صعوب ًة‬ ‫�شديد ًة يف تكوين َ‬ ‫روابط وا�صل ٍة وفاعل ٍة مع الآخرين لأنَّ‬ ‫�شخ�صيا ِتهم م�ستق َّل ٌة متام ًا وال يعتمدون �إال على �أنف�سهم‪.‬‬

‫حتويل الثقة املنخف�ضة �إلى‬ ‫مهارات اجتماعية م�ؤثرة‬ ‫وال�شخ�ص‬ ‫املع�شر‬ ‫ميكننا جميع ًا التمييز بني ال�شخ�ص لطيف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫املزعج ولكن كيف لنا �أن َ‬ ‫�شخ�ص ما كف�ؤ ًا‬ ‫نعرف ما �إذا كان‬ ‫ٌ‬ ‫وناجح ًا على امل�ستوى االجتماعي �أم ال؟ هناك ثالثة م�ؤ�شرات‬ ‫لتمييز النجاعة االجتماعية‪:‬‬ ‫تتطلب الكفاء ُة االجتماعية التم ُّت َع‬ ‫ �أو ًال‪ :‬قراءة الآخرين‪:‬‬‫ُ‬ ‫بالقدرة على قراءة الأ�شخا�ص‪ ،‬والتم ُّرن على اكت�ساب ما ُيط ِلق‬ ‫عليه علما ُء النف�س‪“ :‬املعرفة االجتماعية‪ ”.‬ف�إذا كنت تفتقر �إلى‬ ‫فهم النا�س وما يفعلونه من حولك‬ ‫املعرفة االجتماعية فلن يمُ ْ كنك ُ‬ ‫ال�سبب الكامنَ ورا َء ت�صرفاتهم وما قد يعنونه بكالمهم‪.‬‬ ‫وال‬ ‫َ‬ ‫و�ستواجه �صعوبات ‪� -‬أحيان ًا ‪ -‬يف الت�ص ُّرف يف �أي موقف‬ ‫ـ“العجز” عندما‬ ‫يف�سر هذا امل� ِّؤ�ش ُر �سبب �شعورنا ب‬ ‫ِ‬ ‫اجتماعي‪ِّ .‬‬ ‫ُ‬ ‫نتحدث لغة �أهله �أو‬ ‫نزور لأول مر ٍة بلد ًا �أجنبي ًا وخا�صة �إن كنا ال‬

‫نحو حيــاة �أف�ضــل و�أجمـــل‬ ‫الثقةُ املفرطةُ و�آثا ُرها ال�صحية‬

‫ال توجد �أد َّل ٌة على الآثار ال�ضارة للثقة املفرطة يف النف�س‪،‬‬ ‫�أك َ‬ ‫رث من ت�أثريها ال�سلبي على ال�صحة‪ .‬كثري ًا ما يرتبط‬ ‫�شعو ُرنا بالثقة املفرطة‪ ،‬ب�شعورنا بالأمان حيالَ حالتنا‬ ‫مير�ض الآخرون فنحن ال منر�ض �أبد ًا‪.‬‬ ‫ال�صحية ففي حني‬ ‫ُ‬ ‫وعلى الرغم من كل الدرا�سات حول هذه امل�س�ألة ف�إن‬ ‫�صاحب الثقة املطلقة يف النف�س �سيتَّ�سم بواحدةٍ �أو �أك َ‬ ‫رث‬ ‫َ‬ ‫من ال�سلوكيات التالية‪:‬‬

‫‪ u‬تزيد الثقة الزائدة من ميل‬ ‫الإن�سان �إلى املخاطرة‬

‫هل ميكن للثقة املفرطة �أن ت�ؤذي �صحتك ح ّق ًا؟ نعم‪.‬‬ ‫ري عامل النف�س “بيرت في�شر” يف تعريفه للمخاطرة‬ ‫ي�ش ُ‬ ‫ب�أنَّها ترتبط باحتماالت �إيذاء ال�شخ�ص لنف�سه من خالل‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪8‬‬


‫اخليارات احلياتية ال�ضارة مثل‪ :‬التدخني �أو القيادة‬ ‫املته ِّورة �أو امل�شاركة يف �سباقات ال�شوارع غري املنظمة‬ ‫وجماعات ال ُ‬ ‫يعرف �أهدافَها‬ ‫�أو االن�ضمام لفرقٍ‬ ‫ٍ‬ ‫احلقيقية‪ .‬فقد ت�ش ِّوه الثقة املفرطة � َ‬ ‫إدراك الإن�سانِ‬ ‫للمخاطر وحجمها وعواقبها وتعطيه �شعور ًا زائف ًا‬ ‫بالأمان واحل�صانة‪.‬‬

‫فاملدخِ ن و�إن حا�صرته‬ ‫�أ�سباب ف�شل‬ ‫ِ‬ ‫حمالت التوعية ال�صحية‪َّ .‬‬ ‫الالفتات التحذيرية مثل‪“ :‬التدخني‪ ..‬يقتل‪� ”،‬أو “التدخني‬ ‫ي�صيبك ب�سرطان الرئة‪ ”،‬نادر ًا ما ي�ستوعِ ُب الر�سال َة؛ لأنَّه‬ ‫يراها موجه ًة لكل املدخ ِّنني يف العامل ما عداه هو �شخ�صي ًا‪ .‬فكم‬ ‫عدد املدخ ِّنني امل�ستعدين لالعرتاف ب�أنَّهم مدمنون؟ وال�سبب‬ ‫وا�ضح‪ :‬االعرتاف بالإدمان يجربهم على تق ُّبل فكرة �أنَّهم ي�أتون‬ ‫ت�ص ُّرفات عبثية و�ضارة؛ وال �أحد يريد ‪ -‬يف نهاية املطاف ‪� -‬أن‬ ‫يبدو غبي ًا ولو حتى �أمام نف�سه‪.‬‬

‫�سبب خطورة الثقة املفرطة على ال�صحة يف‬ ‫ي ْك ُمن ُ‬ ‫مل�شاعر اخلوف َ‬ ‫داخل الإن�سان‪ .‬فعندما ت�شع ُر‬ ‫حجبها‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫النتائج ال�سلبي ِة‬ ‫�ستميل �إلى اعتبار‬ ‫بالثقة املفرطة‬ ‫ِ‬ ‫مرجحة احلدوث فال ت�ض ُعها يف‬ ‫غ ِ‬ ‫ري حمتملة �أو غري َّ‬ ‫ح�ساباتك‪ .‬يق ِّلل هذا بالطبع من �شعورك باخلطر‬ ‫ُ‬ ‫فتف�شل يف اال�ستعداد ملواجهة التهديدات احلقيقية‪.‬‬ ‫وباخت�صار‪ :‬اخلوف وال�شعور بالتهديد والقـلق واحلذر‬ ‫هي م�شاعر ال يعرفها من يبالغ يف ثقته بنف�سه‪.‬‬ ‫ت�أمل “التدخني” مثال تنطوي هذه املجازفة على‬ ‫خماطر عديدة قد تف�ضي �إلى املوت‪ .‬ولكننا جند‬ ‫املدخِّ نني يقولون � َّإن هذه العادة تعطيهم �شعور ًا‬ ‫بالراحة والثقة‪ .‬والواقع � َّأن �أغلب ه�ؤالء مل يكن‬ ‫ليدخِّ ن لو �شعر ب�أنَّه �أ َق ُّل مناعة للمخاطر الناجمة عن‬ ‫َ‬ ‫ني كو�سيلة‬ ‫التدخني‪ .‬وغالب ًا ما يختار النا�س التدخ َ‬ ‫تُ�شعرهم �أنَّهم ‪� -‬أو على الأقل جتعلهم يبدون ‪� -‬أك َ‬ ‫رث‬ ‫ثق ًة يف �أنف�سهم يف بع�ض املواقف االجتماعية‪ .‬هذه‬ ‫م�ستويات ثقتهم ت َّقلِل من احتماالت ردعهم‬ ‫الزياد ُة يف‬ ‫ِ‬ ‫لأنفه�سم ومن �إقالعهم عن هذه العادة ال�سيئة فهم‬ ‫ي�شعرون يف �أعماقهم � َّأن ب�إمكانهم الإقالع عن عاداتهم‬ ‫ال�سلبية وقتما ي�شا�ؤون ومبنتهى ال�سهولة‪ ،‬فلماذا‬ ‫اال�ستعجال والإقالع الآن �إذن!‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫املفرطة نظر َة الإن�سان‬ ‫الثقة‬ ‫‪ u‬ت�ش ِّوه‬ ‫�إلى �صحته‬

‫ثاين م�شكلة �صحية يتعر�ض لها �صاحب الثقة املفرطة هي‬ ‫نف�سه ب�أ َّنه �سلي ٌم ومعافى مع �أنه لي�س‬ ‫الإنكار حيث ُيقنع �أو َيخدع َ‬ ‫إن�سان للتحذيرات الطبية �أو‬ ‫كذلك‪ .‬ي�ؤدي هذا �إلى‬ ‫جتاهل ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫خاطئ حني‬ ‫�سلوك ِّ�ص ِحي‬ ‫رف�ض تل ِّقي العالج املطلوب �أو تغيري ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ال ي�شعر �أنَّ حياتَه يف خطر‪ .‬وتُعد هذه النقطة حتديد ًا من‬ ‫‪9‬‬

‫كتاب في دقائق‬

‫أ�سلوب حياة ِ�ص ِّحي �أف�ضل‬ ‫يعتقد‬ ‫�صاحب الثقة املُفرطة �أ َّنه يتب ُع � َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫من اجلميع وقد يكونُ هذا غ َري �صحيح‪ .‬فقد ي ِثقُ‬ ‫املتفائل يف‬ ‫الزائد ب�سهولة بدون �أن ُيح ِّققَ هدفه‬ ‫تنزيل وزنه‬ ‫ِ‬ ‫قدرته على ِ‬ ‫رغم حماوالته املتك ِّررة‪.‬‬

‫‪ u‬تخلق الثقة املفرطة �آما ًال زائفة حول‬ ‫�صحتنا‬

‫املدمر على‬ ‫ثالث م�شكلة تت�س َّبب فيها الثقة املفرطة هي ت�أثريها ِّ‬ ‫جميع النا�س املتفائل منهم واملت�شائم‪ .‬حيث ينظر اجلميع �إلى‬ ‫املتفائلني ‪ -‬ب�سبب ثقتهم املفرطة يف �أنف�سهم – باعتبارهم‬ ‫النموذج الذي ُيحتذى به بينما هم ُيهمِ لون م�شكالتِهم ال�صحية‬ ‫ب�سبب “�إنكارهم” لها فتكون النتيجة كارثية يف النهاية‪ .‬فبينما‬ ‫مير�ض الفقراء وميوتون يف �سن مبك ّرةٍ ب�سبب افتقارهم للموارد‬ ‫جند الأثرياء مير�ضون ويتع َّر�ضون ملخاطر �صحية �أكرب ب�سبب‬ ‫نظرتهم غري الواقعية لأو�ضاعهم ال�صحية‪.‬‬ ‫م�صطلح “الإنكار” لو�صف �أغلب من ي�سقطون �ضحي ًة‬ ‫ي�ستخدم‬ ‫ُ‬ ‫للإدمان وال ُيدركون �أنَّهم غري قادرين على التوقُّف عن تدمري‬


‫�أنف�سهم؛ فتتعامل عقو ُلهم مع املوقف بنف�س‬ ‫�أ�سلوب ومنط مفرطي الثقة يف النف�س‪ .‬فلو �أنهم‬ ‫أ�ساليب �أك َ‬ ‫رث واقعي ًة مع فُر�صهم ال�ضئيلة‬ ‫تعاملوا ب�‬ ‫َ‬ ‫يف التغلُّب على الإدمان والتخلُّ�ص من العادات‬ ‫ال�صحية ال�ضارة لزادت فر�صهم يف النجاة‬ ‫واحلياة‪ .‬ورمبا ما كانوا ليقعوا يف حبائل هذه‬ ‫العادة املدمر ِة من البداية‪ .‬وباخت�صار‪ :‬كلما‬ ‫قلت ثقتك بنف�سك زادت قدراتك و�إيجابياتك‬ ‫وا�ستعداداتك لإدارة حياتك من خالل تقديرك‬ ‫العقالين واملتوازن لذاتك‪.‬‬ ‫املحاوالت امل�صطنعة لزيادة ثقتنا‬ ‫ب�أنف�سنا حمكوم عليها بالف�شل‪ .‬وعلى‬ ‫ني‬ ‫العك�س؛ تُك�سبنا‬ ‫حماوالت حت�س ِ‬ ‫ُ‬ ‫مهارات ومعرف ًة جديد ًة‬ ‫م�ستوى الأداء‬ ‫ٍ‬ ‫مما ي�ؤدي تلقائي ًا �إلى رفع م�ستوى ثقتنا‬ ‫ب�أنف�سنا‪.‬‬

‫البحث عن معنى‬ ‫ونبيل‬ ‫عميق ٍ‬ ‫يتفقُ علما ُء النف�س واالجتماع على �أنَّ عملي َة البحث عن مغزىً ٍ‬ ‫�صفات‬ ‫للحياة‪ ،‬هي من‬ ‫ومميزات اجلن�س الب�شري‪ .‬ففي احلياة حلظاتٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫التحديات الكامن ٍة خل َفها تُ�ساعدنا على جتاوز‬ ‫ومواقف م�ؤمل ٌة دون �شك‪ ،‬لكن‬ ‫ِ‬ ‫يجب �أن يعتمدَ جناحنا على تكوين �صو ٍر‬ ‫املحن وفهم معنى الأمل‪ .‬وهكذا‪ ،‬ال ُ‬ ‫ُ‬ ‫وحاالت ف�شلنا‪ .‬لأن هذا �سي�سف ُر عن‬ ‫فنتقبل ُّك َل عرثا ِتنا‬ ‫م�صطنع ٍة لأنف�سنا‬ ‫ِ‬ ‫لتلعب‬ ‫املزيد من الأخطاء وامل�شكالت‪ .‬وهنا ت�أتي الثقة املنخف�ضة يف النف�س َ‬ ‫دورها يف دفعنا نحو النجاح‪.‬‬ ‫ي�شوب ثقتَنا ب�أنف�سنا �شي ٌء من التوا�ضع؟ كنا �سنبد�أ‬ ‫فكيف يكونُ عاملُنا عندما ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫م�شكالت‬ ‫�سنعي�ش‬ ‫جديد ونحن �أك َرث ت�أهب ًا وا�ستعداد ًا ملا يواجهنا‪ .‬كنا‬ ‫يوم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫كل ٍ‬ ‫�ستتجنب الكث َري من الكوارث التي‬ ‫ونرتكب �أخطا ًء �أقل‪ .‬كانت الإن�ساني ُة‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وقعت واحلروب التي ن�شبت بني الأمم وال�صراعات التي احتدمت بني الأفراد‬ ‫�سي�صبح �أف�ضل والعا ُمل �سيكون مكان ًا �أجمل‪،‬‬ ‫ؤكد �أنَّ حا َلنا‬ ‫واملنظمات‪ .‬من امل� ِ‬ ‫ُ‬ ‫أنف�سهم‪.‬‬ ‫النا�س وغرورِهم ب� ِ‬ ‫لو خفَّ�ضنا م�ستويات ثق ِة ِ‬ ‫بالنق�ص يعني �أ َّننا ب�شر‪ ”.‬وبهذا املنطق‬ ‫يقول “�ألفريد �أدلر”‪�“ :‬شعورنا‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫لنخف�ض �شعو َرنا‬ ‫والتدريب‬ ‫والبحث‬ ‫نحتاج �إلى املزيد من املعرف ِة وال َت َّع ِلم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الغ ِّريزي بالنق�ص ولو �إلى حني ف ُّكلما عرفنا َ‬ ‫حما�سنا وبذلنا‬ ‫نقاط �ضعفنا زاد ُ‬ ‫َ‬ ‫مزيد ًا من ا ُ‬ ‫والف�شل �إلى جناح!‬ ‫فر�ص‪،‬‬ ‫جل ِ‬ ‫هد لعالجها؛ ل ُنح ِّو َل الأخطا َء �إلى ٍ‬

‫المؤلف‪:‬‬ ‫الدكتور توماس تشامورو بريميوزيك‪ :‬أستاذ في جامعتي “لندن” و “نيويورك”‪ .‬كتاب‪“ :‬القواعد‬ ‫األساسية لبناء الشخصية” هو أحدث كتبه‪ ،‬ويكتب بصفة منتظمة في مجلة‪“ :‬هارفارد بيزنس‬ ‫ريفيو”‪.‬‬

‫كتب مشابهة‪:‬‬

‫‪1. Conversational Intelligence‬‬

‫‪How Great Leaders Build Trust & Get Extraordinary Results.‬‬ ‫‪By Judith E. Glaser. Bibliomotion. 2013.‬‬

‫‪2. Adversaries into Allies‬‬ ‫‪Win People Over Without Manipulation or Coercion.‬‬ ‫‪By Bob Burg. Portfolio. 2013.‬‬

‫‪3. Manage Your Day-to-Day‬‬ ‫‪Build Your Routine, Find Your Focus, and Sharpen Your Creative Mind.‬‬ ‫‪By Jocelyn K. Glei. Amazon. 2013.‬‬

‫كتاب في دقائق‬

‫‪10‬‬


‫“كثري ًا ما ن ُ‬ ‫بالغ يف دور ال ِ‬ ‫ثقة‬ ‫بالنف�س يف حتقيق النجاح‪.‬‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫حني نع ُ‬ ‫تقد �أنَّ نا بحاجةٍ �إلى‬ ‫املزيد من ال ِ‬ ‫ثقة‪ ،‬نك ُ‬ ‫ون بحاجةٍ‬ ‫�أك َ‬ ‫رث �إلى ِّ‬ ‫�سد الفجوةِ بني م�ستوى‬ ‫ثقتنا‪ ،‬وبني م�ستوى قدراتنا‪”.‬‬

‫توماس تشامورو‬ ‫بريميوزيك‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.