035 ثقافة المشاركة

Page 1


‫ٍ‬ ‫ثـوان‪...‬‬ ‫في‬

‫تاريخ امل�شاركـــــــة‬

‫ي�سعى الإن�سان جاهد ًا ويف جميع مراحل حياته لتحقيق‬ ‫ال�سعادة له وملن حوله‪ ،‬و�إلى �إق�صاء الأذى �أو ال�ضرر‬ ‫بكافة �أ�شكاله‪ ،‬عن حياته ال�شخ�صية وعمله وعالقاته مع‬ ‫الآخرين‪ .‬وال �شك �أن الإيجابية بكافة �أ�شكالها هي ال�سبيل‬ ‫الوحيد لتحقيق ذلك‪ .‬فمن خاللها نتمكن من حتقيق‬ ‫الأف�ضل لأنف�سنا والنجاح بعملنا ويف كافة جماالت احلياة‪.‬‬ ‫لكن يجب �أن ت�شمل الإيجابية طريقة التفكري و�أ�سلوب احلياة‬ ‫ونظرتنا لأنف�سنا والآخرين‪ .‬فمعها ننجح بعالقاتنا مع الآخرين ونتقن فن امل�شاركة الإيجابي‪ ،‬ون�سهل‬ ‫ترتيب و�إجناز مهامنا اليومية وحتقيق م�شاريعنا مهما كانت مزدحمة‪ .‬ومن خالل قوة التفكري الإيجابي‬ ‫نتمكن من تغيري نظرتنا للحياة وحتويل امل�شكالت �إلى فر�ص‪.‬‬ ‫ولي�س هناك �أبلغ من تعبري �صاحب ال�سمو ال�شيخ حممد بن را�شد �آل مكتوم‪ ،‬نائب رئي�س الدولة رئي�س جمل�س‬ ‫الوزراء حاكم دبي “رعاه اهلل” عن الإيجابية عندما قال “ �إن التحلي بالطاقة الإيجابية والإ�صرار على‬ ‫توظيفها يف م�ساقات احلياة هو املقوم الأول للنجاح والتميز‪ ،‬كونه الباعث على الإبتكار واملحفز على قهر‬ ‫التحديات واكت�شاف الفر�ص وت�سخريها ب�أ�سلوب فاعل ي�ضمن للإن�سان رقيه وللمجتمع تقدمه ورفعته”‪.‬‬ ‫ومن فكر حاكم دبي ن�ستقي نحن �أي�ض ًا يف م�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم الإيجابية يف كافة م�شاريعنا‪،‬‬ ‫خا�صة ونحن نحتفل اليوم مبرور عام على �إطالق مبادرة “كتاب يف دقائق”‪ ،‬التي �ساهمت �إيجابية تفاعل‬ ‫اجلمهور معها يف جناحها وا�ستمراريتها‪ ،‬ويف حتفيز امل�ؤ�س�سة ب�شكل دائم على تقدمي �أف�ضل النتاجات‬ ‫الفكرية لأهم ال ُكتاب من حول العامل‪ ،‬والتي تغذي العقل والروح مع ًا‪ .‬كما �شكلت الطروحات الإيجابية‬ ‫ملو�ضوعات الكتب معيار ًا �أ�سا�سي�أ يف اختياراتنا ال�شهرية‪ ،‬لذا نحن ن ِعد اجلميع �أننا �سنبقى بهذه الروح‬ ‫الإيجابية و�سنعمل من خاللها على تطوير املبادرة ملا فيه من فائدة ومنفعة جلميع �أفراد املجتمع‪.‬‬ ‫وت�سلط الدفعة اجلديدة للمبادرة ال�ضوء على ق�ضايا تتطلب الإيجابية ب�شكل ما‪ ،‬وتتناول ثقافة امل�شاركة‬ ‫كن�شاط �إيجابي ميار�سه الب�شر منذ الأزل‪ ،‬ومو�ضوع �آليات التعامل مع املهام اليومية‪� ،‬إلى جانب قوة التفكري‬ ‫الإيجابي يف تغيري حياة النا�س والفرق بينه وبني التفكري ال�سلبي‪.‬‬ ‫الكتاب االول الذي يحمل عنوان “ثقافة امل�شاركة طريق املنفعة العامة واملجتمع املتالحم” للكاتبة بيث‬ ‫بوزين�سكي‪ ،‬ي�سلط ال�ضوء على تاريخ �سلوك امل�شاركة الذي ي�سمح من خالله ال�شخ�ص للآخر با�ستخدام‬ ‫وا�ستثمار ممتلكاته ومقتنياته ل�سد حاجة �أو غاية‪ ،‬ومدى ارتباطها بتطور ح�ضارة الإن�سان‪ .‬و�أو�ضحت‬ ‫الكاتبة يف هذا الكتاب املزايا املبا�شرة للم�شاركة‪ ،‬واملتمثلة يف دعم االقت�صاد املحلي‪ ،‬وحماية البيئة باحلد‬ ‫من اال�ستهالك‪ ،‬وتوفري املال‪ .‬فيما ق�سمت �أمناط امل�شاركة �إلى امل�شاركة الندية‪ ،‬وامل�شاركة الندية ال�شبكية‪،‬‬ ‫وامل�شاركة املهنية‪ .‬حمدد ًة العنا�صر القابلة للم�شاركة بكل من‪ :‬ال�سلع‪ ،‬واملهارات‪ ،‬والوقت‪ ،‬وال�سكن‪،‬‬ ‫واملوا�صالت‪ ،‬والطعام‪ ،‬واملكان‪ ،‬واملال‪.‬‬ ‫ومن خالل كتاب “�إعادة االعتبار لقائمة �أعمال اليوم‪ ،‬دليلك املفيد للعمل بال تعقيد” للم�ؤلف‪� :‬إ�س جي‬ ‫�سكوت‪ ،‬نتعلم تقنيات تنظيم الوقت اليومي بحيث ن�ستطيع �أداء كافة املهام املطلوبة يف الوقت املحدد‪،‬‬ ‫و�أ�ساليب �إعداد القوائم اليومية وااللتزام بها‪ ،‬وكيف ميكن �أن نعيد التفكري يف قائمة الأعمال التي ن�ضعها‪.‬‬ ‫ويو�ضح الكاتب الأخطاء ال�شائعة يف �إدارة قوائم املهام‪ ،‬ويجملها يف كتابة قوائم مطولة‪ ،‬والغمو�ض‪،‬‬ ‫والف�شل يف تقدير الوقت‪ ،‬والرتكيز على النتائج ال�سريعة‪� ،‬إلى جانب عدم ربط املهام بالأهداف‪ ،‬وال�سماح‬ ‫للإحباط بالت�سلل �إلى نفو�سنا‪ .‬وو�ضع �سكوت عدة ا�سرتاتيجيات ت�ساعدنا يف رفع م�ستويات الطاقة للقيام‬ ‫باملهام‪ ،‬ت�شمل تدوين املعوقات املحبطة‪ ،‬والبدء ب�سرعة‪ ،‬وو�ضع خطة لكل عقبة‪ ،‬والتفكري يف العائد‪.‬‬ ‫وينقلنا الكتاب الثالث “قوة التفكري الإيجابي‪ ،‬غري نظرتك تتغري حياتك” للكاتب‪ :‬جيف كيلر‪� ،‬إلى عامل‬ ‫التوجهات الفكرية التي نطل منها على احلياة‪ ،‬وكيف يحدد منطنا الفكري �أو توجهنا الذهني �أُطر حياتنا‪.‬‬ ‫حيث يركز الكاتب على �أهمية التفكري الإيجابي يف حتقيق النجاح‪ ،‬وحتويل التحديات �إلى ايجابيات‪ .‬كما‬ ‫يو�ضح الفرق بني التفكري الإيجابي وال�سلبي‪ ،‬وكيف ميكن �أن ي�صبح الإن�سان مغناطي�س ًا يجتذب الأهداف‬ ‫من خالل التفكري الإيجابي‪ .‬ويلخ�ص الكاتب الطرق التي جتعلنا �إيجابيني من خالل النظر �إلى الأمور‬ ‫بحجمها الطبيعي ومواجهة املخاوف بن�ضج‪ ،‬والنزول �إلى �أر�ض الواقع وتقبل الف�شل يف بع�ض الأحيان‪.‬‬ ‫ويف النهاية نتمنى �أن حتوز الدفعة اجلديدة مللخ�صات مبادرة “كتاب يف دقائق” �إعجاب القراء‪ ،‬وتقدم‬ ‫لهم ولعائالتهم الفائدة الق�صوى يف كافة جوانب حياتهم‪.‬‬ ‫جمال بن حوير ‬ ‫ب‬ ‫الع�ضو املنتدب مل�ؤ�س�سة حممد بن را�شد �آل مكتوم‬ ‫‪1‬‬

‫كتاب في دقائق‬

‫امل�شاركة ن�شاط �إن�ساين �إيجابي ميار�سه الب�شر منذ‬ ‫قدمي الأزل فكلنا ن�شارك ونت�شارك وهذا ما �أفعله �أنا‪،‬‬ ‫أنت‪ ،‬وتفع ُله �أنت‪ .‬امل�شاركة هي �أن ي�سمح كل‬ ‫وتفعلينه � ِ‬ ‫منا للآخرين با�ستخدام وا�ستثمار ممتلكاته ومقتنياته‪،‬‬ ‫�إما ل�سد حاجة �أو لتحقيق غاية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وترتبط امل�شارك ُة ارتباط ًا وثيق ًا بتط ُّور احل�ضار ِة‬ ‫الإن�ساني ِة على مدى تاريخ الب�شرية‪ .‬ولي�ست امل�شاركة‬ ‫الكائنات‬ ‫ن�شاط ًا �إن�ساني ًا حم�ض ًا كما قد نت�صور فكل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫نتائج عظيم ًة‬ ‫تت�شارك وت�ؤدي بفطرتها الغريزية وحتقق َ‬ ‫ب�سبب تفعيلها الدائم لعن�صري امل�شاركة والتعاون‬ ‫اجلماعي وذلك بتق�سيم امله َّمات واملوارد والتوازن يف‬ ‫العالقات‪ .‬ف ِّكر يف‪ :‬كيف حتلق �أ�سراب الطيور‪ ،‬وكيف‬ ‫تندفع �أمواج الأ�سماك يف البحور؛ وف ِّكر يف خاليا‬ ‫النحل وتالل النمل؛ التي جُتزِّ ئ امله َّمات ليتقا�سمها‬ ‫جميع �أع�ضاء اخللية فتع ُّم املنفعة على اجلميع‪ .‬وكذلك‬ ‫هو الإن�سان فنحن مربجمون بالفطرة لنجزل العطاء‬ ‫ومنار�س امل�شاركة‪ .‬ورغم متط َّلبات الع�صر احلديث‬ ‫التي تطغى �أحيان ًا على فطرتنا النبيلة و�إيجابياتنا‬ ‫اجلميلة وت�ستبدل بها املنفعة ال�شخ�صية والأنانية وحب‬ ‫اال�ستحواذ‪ ،‬فما زال بيننا من ينا�ضلون ب�أ�شكال متباينة‬ ‫لي�صمدوا يف وجه تلك الإغراءات‪.‬‬


‫�إن كنت ممن ي�ستعريون الكتب �أو ي�ست�أجرون ال�شقق‪ ،‬ف�إن مفهوم “م�شاركة املوارد” �سيكون م�ألوف ًا لك‪ .‬لقد طرحت التكنولوجيا احلديثة ‪-‬‬ ‫وما �صاحبها من تط ُّور يف �أ�ساليب التوا�صل – فر�ص ًا جديدة للتعاون وامل�شاركة بطرق مل تكن معهودة من قبل؛ �إذ تغ َّلبت الآليات احلديثة على‬ ‫�أوجه العجز والق�صور التي �شابت �أ�ساليب امل�شاركة فيما م�ضى والتي حدت باحل�ضارات القدمية �إلى التخ ِّلي – يف مرحلة ما ‪ -‬عن امل�شاركة‬ ‫ك�أ�سلوب حياة‪.‬‬

‫اال�ستهالك التعاوين‬

‫القيمة امل�ضافة للمقاي�ضة‬ ‫امل�شاركة من �أهم املبادئ الإن�سانية التي تحُ ِّ�سن معي�شتنا وترثي‬ ‫قيمنا وت�ضمن بقاءنا وا�ستمرارنا‪ .‬فقد حر�صت املجتمعات‬ ‫القدمية على �إعالء قيمة التعاون وحتفيز الأفراد لتب ِّني‬ ‫ت�صب يف �صالح املجتمع ككل وتُعلي‬ ‫ال�سلوك َّيات واملناهج التي ُّ‬ ‫مفهوم امل�صلحة امل�شرتكة‬ ‫قيمة اجلماعة على الفرد‪ .‬حتى �أخذ‬ ‫ُ‬ ‫يتط َّور فظهر نظام “املقاي�ضة”‪ .‬من خالل عمليات املقاي�ضة‬ ‫مت ِّكن الأفراد من ا�ستبدال عنا�صر ذات قيمة ب�أخرى هم يف‬ ‫“لدي ما‬ ‫غنى عنها‪� .‬أي �أنَّ فكرة املقاي�ضة قامت على مبد�أ‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫فلم ال نقاي�ض هذا بذاك؟” فبعدما‬ ‫حتتاجه ولديك ما �أحتاجه َ‬ ‫انتقل الإن�سان من جمتمع اجلمع وال�صيد �إلى جمتمع الزراعة‬ ‫�صارت املا�شية �أ�شهر عمالت املقاي�ضة ف�صار لكل نوع معينَّ من‬ ‫التو�سع ال�سكاين وما‬ ‫الأبقار قيمة ثابتة ومتعارف عليها‪ .‬ومع ُّ‬ ‫�صاحبه من تعقيد يف االحتياجات �أ�صبح من ال�صعب ا�ستخدام‬ ‫تلك الآلية املُ َب َّ�سطة فظهرت احلاجة �إلى معيار ثابت و�أ�سهل‬ ‫حم ًال ونق ًال من الأبقار‪ .‬فا�ستخدمت الأ�صداف البحرية‬ ‫واخلرز والقمح كعمالت خمتلفة القيمة‪ .‬لقد تعلمنا من تلك‬ ‫العمالت الب�سيطة در�س ًا مهم ًا وهو �أ َّننا نحن الذين ن�صنع‬ ‫مما �سبق �أنَّ االتفاق اجلماعي من �أهم عنا�صر‬ ‫القيمة‪ .‬يت�ضح َّ‬ ‫�إ�ضفاء القيمة امل�ضافة للعملة‪ .‬ثم اندثرت بع�ض هذه القيم التي‬ ‫تقوم على دعم االقت�صاد املح ِّلي باالعتماد على العمالت البديلة‬ ‫كملة‪ .‬وقد َّ‬ ‫متخ�ض النجاح وحجم التداول الذي حقَّقته هذه‬ ‫واملُ ِّ‬ ‫العمالت عن نزعة جماعية للتخ ِّلي عن الأنظمة االقت�صادية‬ ‫القائمة �آنذاك‪.‬‬

‫ي�أتي بعد ذلك ع�صر اال�ستهالك التعاوين �أو اقت�صاد امل�شاركة‪،‬‬ ‫غني بالرثوات واملوارد التي‬ ‫والذي يقوم على اعتقاد �أنَّ العامل ٌّ‬ ‫من �ش�أنها �أن تل ِّبي احتياجاتنا وت�ضمن لنا حياة �سعيدة‪ .‬تلك‬ ‫الرثوات �إ َّما �أن تكون مهدرة �أو خاملة �إن مل جتد من ي�ستثمرها‬ ‫على �أكمل وجه‪ .‬ففي حني �أنَّ ال�سلوكيات القائمة على امل�شاركة‬ ‫والتعاون‪ ،‬اقت�صرت فيما م�ضى على املجتمعات املغلقة �إال �أنَّ‬ ‫ع�صر االنفتاح الذي ن�شهده الآن بف�ضل التكنولوجيا ومواقع‬ ‫التوا�صل االجتماعي قد �أتاح لنا فر�صة نادرة لنط ِّبق هذا النظام‬ ‫على �أو�سع نطاق ون�ضيف �إليه املزيد‪.‬‬

‫العملـــــة البديلــــــة‬ ‫“البريك�شريز” �أو العملة البديلة هي عملة حملية متداولة‬ ‫يف منطقة “بريك�شري” يف والية ما�سات�شو�ست�س يف الواليات‬ ‫املتحدة الأمريكية‪ .‬ووفق ًا للنظام يف تلك املنطقة ف�إن الـ ‪95‬‬ ‫�سنت ًا من عملة البريك�شريز تعادل دوالر ًا �أمريكي ًا واحد ًا‪ .‬وتتم‬ ‫عملية اال�ستبدال من خالل ‪ 12‬م�صرف ًا حملي ًا وعرب ‪370‬‬ ‫منفذ ًا ت�شمل املطاعم ودور احل�ضانة وال�شركات‪ ،‬وغريها من‬ ‫مرافق وخدمات حملية‪ .‬وقد َّمت �إ�صدار ما يزيد على ‪2.5‬‬ ‫مليون ورقة مالية من هذه العملة منذ عام ‪ 2006‬حتَّى الآن‪.‬‬ ‫وي�شري املوقع الر�سمي امل�س�ؤول عن �إ�صدار العملة �إلى �أنَّ هدفها‬ ‫هو توفري بديل للعمالت التقليدية ال �أن َّ‬ ‫حتل حم َّلها؛ �إذ يقول‬ ‫�أحد امل�س�ؤولني‪:‬‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪2‬‬


‫“يتخذ م�ستخدمو هذه العملة قرار ًا واعي ًا ب�إعالء قيمة املنتج املحلي �أو ًال؛ �أي �أ َّنهم‬ ‫يتح َّملون على عاتقهم م�س�ؤولية تالحم جمتمعهم من خالل و�ضع �أ�سا�س �صلب‬ ‫القت�صاد حملي ن�شط ومنتع�ش‪”.‬‬ ‫ومن املتو َّقع �أن يت�سع نطاق تداول هذه العملة لي�شمل �إن�شاء احل�سابات امل�صرفية‬ ‫وت�سهيل التداوالت املالية الإلكرتونية والإقرا�ض طويل الأجل لتحفيز الت�صنيع والإنتاج‬ ‫املحلي‪.‬‬

‫كيف ال نت�شارك‬ ‫امل�شاركة ب�سيطة يف جوهرها لأنها من �أوائل الدرو�س التي نتلقَّاها يف مقتبل حياتنا‬ ‫لكنها لي�ست در�س ًا اً‬ ‫�سهل‪ .‬وي�ش ِّكل الأطفال منوذج ًا حي ًا للطبيعة الب�شرية املعطاءة‪،‬‬ ‫ولنت�أمل هذا املوقف‪:‬‬ ‫“يحت�ضن خالد لعبة جديدة ويا�سر يرمقه من قريب‪ .‬و�أمام خالد الآن ثالثة‬ ‫خيارات‪:‬‬ ‫‪� u‬إما �أن يت�ش َّبث بلعبته وي�صرخ مدافع ًا عن ح ِّقه يف اللعب بها وحيد ًا‪،‬‬ ‫‪� u‬أو يلعب بلعبته القدمية حتى يح�صل يا�سر على لعبة جديدة �أي�ض ًا‪،‬‬ ‫‪� u‬أو يق ِّرر �أن يت�شاركا ويلعبا وي�ستمتعا مع ًا‪.‬‬ ‫يف العادة ينزع الآباء �إلى دفع �أبنائهم نحو اخليار الأخري ا�ستناد ًا‬ ‫�إلى مبد�أ امل�شاركة غري امل�شروطة‪ .‬وهذا املثال ال ي�س ِّلط ال�ضوء‬ ‫على طبيعة النف�س الب�شرية فح�سب‪ ،‬و�إنمَّ ا ِّ‬ ‫يو�ضح كيف تقودنا‬ ‫الأنانية واال�ستحواذ �إلى ال�سعادة “امل�ؤ َّقتة” بينما تقودنا امل�شاركة‬ ‫�إلى �سعادة “دائمة” للجميع‪.‬‬ ‫�إال �أن مفهوم امل�شاركة يزداد تعقيد ًا ك َّلما تق َّدم بنا العمر �إذ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وندرك قيم َة اجلهد املبذول‬ ‫تختلف نظرتُنا �إلى قيمة الأ�شياء‬ ‫القتنائها‪ .‬ويف كثري من الأحيان نختلق الأعذار وامل ِّربرات‬ ‫لت�ص ُّرفاتنا الأنانية – حتَّى و�إن �أنكرنا ذلك جمل ًة وتف�صي ًال‪.‬‬ ‫فكثري ًا ما تتح َّول امل�شاركة �إلى ما ي�شبه “التحايل” الذي‬ ‫ينتهجه نف ٌر من “املتكا�سلني” ليقتن�صوا ن�صيبهم من مكا�سب‬

‫“املجتهدين‪ ”.‬ومن هنا نبد�أ يف ت�صنيف الأ�شياء ما بني مُ�ستخدَ ٍم‬ ‫وقد ٍمي لن�ضعها يف مرتبة �أقل من ِّ‬ ‫كل ما هو جديد ونادر وباهظ‬ ‫الثمن‪ .‬وربمَّ ا نتمادى يف كث ٍري من الأحيان لنقي�س جناحنا يف‬ ‫احلياة بحجم ما لدينا من ممتلكات ومقتنيات ‪ -‬وبقيمتها؛‬ ‫ُ‬ ‫تت�ضاءل قيم ُة‬ ‫مقارن ًة بزمالئنا وجرياننا‪ .‬وملثل هذه الأ�سباب‬ ‫ت�صبح فكرة م�ستهلك ًة وغ َري‬ ‫امل�شاركة يوم ًا بعد �آخر‪� ،‬إلى �أن‬ ‫َ‬ ‫واقعية فال ميار�سها غري الأطفال بينما يغرق احلكماء الكبار يف‬ ‫عامل التناف�س الذي يطلقون عليه �أحيان ًا “التعاف�س” �أو (التعاون‬ ‫التناف�سي) من قبيل التهكم �أو لت�سمية الأ�شياء بغري م�سمياتها‪.‬‬ ‫فال عجب �إذن �أن نت َ‬ ‫َّخذ من “البيع وال�شراء” �أ�سلوب حياة‬ ‫ونتنا�سى �أنَّ هناك �أ�سلوب ًا �أف�ضل و�أعم وهو امل�شاركة التعاونية‪.‬‬

‫ملاذا ال نت�شارك‬ ‫ن�ستطيع �أن نرى الآن ِّ‬ ‫يدم َر كوكبنا‬ ‫وبكل و�ضوح كيف �أن اال�ستهالك امل َّب ِذر واملته ِّور يكاد �أن ِّ‬ ‫واقت�صادنا ورخاءنا‪ .‬وحتى عندما حتدونا رغب ٌة يف التغيري فث َّمة ما يعوق تق ُّد َمنا ويق ِّو�ض‬ ‫حماوالتنا‪ .‬فالنف�س الب�شرية ال متيل �إلى تق ُّبل التغيري بل تتج َّنبه خوف ًا من احتماالت الف�شل‪.‬‬ ‫رغم �أننا لن جندَ منا�ص ًا وال خال�ص ًا من د َّوامة اال�ستهالك املته ِّور وما ي�صحبه من �سلبيات‬ ‫�إال بتب ِّني �سلوكيات جديدة والتخلُّ�ص من املعتقدات البائدة التي ال تنطوي على �أية فائدة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫البديل الأمثل لال�ستهالك املته ِّور والذي‬ ‫وت�أتي امل�شاركة يف مقدمة هذه ال�سلوكيات باعتبارها‬ ‫ال يتطلب تناز ًال عن م�ستوىً ِّ‬ ‫معي�ش ٍي معينَّ �أو الت�ضحية الدائمة يف �سبيل الآخرين‪ .‬ورغم‬ ‫�إمياننا الدفني ب�أهمية هذا البديل ف�إ َّننا ال ُّ‬ ‫ننفك ْنخ َت ِل ُق الأعذا َر التي حتول بيننا وبني التعاون‬ ‫الت�شاركي‪ .‬وهذه بع�ض املعوقات التي حتول بيننا وبني تب َّني التغيري‪:‬‬ ‫‪3‬‬

‫كتاب في دقائق‬


‫‪ u‬املــــال‬

‫‪u‬‬

‫الوقت‬

‫لدي ما يكفي من الوقت” هذا هو العذر الأكرث‬ ‫“�أنا م�شغو ٌل للغاية ولي�س َّ‬ ‫طلب م َّنا ُ‬ ‫بذل‬ ‫�شيوع ًا والذي يجري على �أل�سنتنا تلقائي ًا مبج َّرد �أن ُي َ‬ ‫القليل من اجلهد‪ .‬ولكن امل�شكلة ال تكمن يف افتقارنا للوقت و�إنمَّ ا يف عدم‬ ‫ُ‬ ‫البدائل القائم ُة على‬ ‫تطرح‬ ‫قدرتنا على �إدارة الوقت بفاعلية‪ .‬فبمج َّرد �أن َ‬ ‫ونتحجج اعتقاد ًا م َّنا ب�أ َّنه لي�س لدينا ما يكفي من الوقت‬ ‫امل�شاركة نته َّرب‬ ‫َّ‬ ‫واجلهد‪ .‬بالطبع يتط َّلب قرار امل�شاركة جهد ًا ووقت ًا من جانبنا ولكن �ألي�س‬ ‫هذا حال ِّ‬ ‫عمل يحدوه �أم ٌل يف احلياة؟‬ ‫كل ٍ‬

‫حني يف ِّكر بع�ضنا ب�أنَّ التعاونَ يف تعميم امل�شاركة وبناء جمتمع‬ ‫قائم على التالحم بامل�شاركة يحتاج �إلى �إنفاق املال ف�إن هذا‬ ‫يثنيهم عن جمرد املحاولة‪ ،‬ولك َّنهم يغفلون يف هذا عن �أنَّ املال‬ ‫لي�س املقيا�س الوحيد للقيمة‪ .‬فنحن نح ِّب ُذ ا�ستئجا َر غرف ٍة يف‬ ‫فندق بد ًال من النزول لدى �أحد الأقارب �أو الأ�صدقاء يف مدينة‬ ‫ما‪ ،‬ولكن هل ب�إمكان الفندق �أن يوفر لنا �أف�ضل الأطعمة املحلية‪،‬‬ ‫�أو يذكرنا بتاريخنا التليد وعاداتنا وتقاليدنا الرائعة وما �إلى‬ ‫ذلك من خدمات وم�شاركات ال يقد ُمها �سوى �أبناء جلدتنا؟ هذا‬ ‫هو جوهر امل�شاركة وتلك هي قيمتها التي ال ت�ساويها �أموال وال‬ ‫تزنها مقايي�س وقوانني �إدارة الأعمال‪.‬‬

‫‪ u‬الأمان‬ ‫نحن مربجمون بطبيعتنا وفطرتنا للبحث عن �سبل البقاء مما يدفعنا التخاذ‬ ‫ِّ‬ ‫ال�صحة والأمان‪ .‬فتجدنا ‪-‬على‬ ‫كل االحتياطات والتدبريات التي تكفل لنا‬ ‫َّ‬ ‫�سبيل املثال‪ -‬نح ِّبذ قيادة �سياراتنا اخلا�صة و�شراء الأ�شياء اجلديدة كلي ًا والتي‬ ‫اخلا�صة وجتعلنا �أ�سياد املوقف واملتح ِّكمني‬ ‫متنحنا القدرة على �صياغة تو ُّقعاتنا َّ‬ ‫يف زمام الأمور‪ .‬وي�ش ِّكل اخلروج عن هذا الإطار امل�ألوف خروج ًا �صريح ًا عن‬ ‫دائرة الأمان اخلا�صة بك ٍّل م َّنا‪ .‬فالبقاء يف منزل �أحد الأ�صدقاء – يف مقابل‬ ‫حجز غرفة يف فندق – على �سبيل املثال يعني �أ َّننا قد ن�ضط ُّر �إلى االلتزام‬ ‫بقوانني املنزل اخلا�صة‪ ،‬والتي من املمكن �أ َّال تالئمنا – كتناول �أطعمة ال تروق‬ ‫لنا �أو يف مواعيد مغايرة ملا اعتدناه‪ .‬وكذلك احلال حني نرت�ضي �أن ي�صطحبنا‬ ‫�أحدهم يف طريقه �إلى مكان ما فعندها قد نجُبرَ على تغيري جدولنا الزمني‬ ‫وفق ًا جلدول هذا ال�شخ�ص‪ .‬باخت�صار �شديد تتط َّلب م َّنا امل�شاركة تب ِّني بع�ض‬ ‫اخل�صال – كاملرونة والثقة بالآخرين – والتي يف حدِّ ذاتها قد جتعلنا عر�ضة‬ ‫للأرق – كمثال املنزل �أو التو ُّتر �أو ال�سيارة �أو ربمَّ ا اخلطر – فمن م َّنا يو ُّد �أن‬ ‫يع ِّر�ض نف�سه ملواقف غري م�ألوفة ي�صعب عليه التح ُّكم يف ِّ‬ ‫كل متغيرِّ اتها‪ .‬وعلى‬ ‫مما نحن عليه الآن‪.‬‬ ‫هذا الأ�سا�س نبني معتقدنا ب�أنَّ امل�شاركة جتعلنا �أق َّل �أمان ًا َّ‬ ‫�صحة هذا املعتقد‪ .‬فمن بني ماليني‬ ‫ورغم ذلك لي�س هناك ث َّمة دليل قاطع على َّ‬ ‫ال�صفقات‪ ،‬واملبادالت وعمليات امل�شاركة التي تدور على مدار اليوم‪ ،‬ق َّلما جتد‬ ‫منها ما يخرج عن نطاق ال�سيطرة �أو يتح َّول �إلى كارثة‪� .‬أي �أ َّنه اليزال هناك‬ ‫جمد للجميع‪.‬‬ ‫املاليني حول العامل يثقون بقيمة امل�شاركة ويتقنون �إدارتها ب�شكل ٍ‬

‫‪ u‬الثقة‬ ‫ُ‬ ‫ا�ستخدام الآخرين – وال ا�ستعمالهم ‪-‬‬ ‫يختلف‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫اخلا�صة عن ا�ستخدامك �أنت لأغرا�ضهم‬ ‫لأدواتك‬ ‫َّ‬ ‫ري للقلق والتوتُّر‪ .‬فكيف لك �إذن �أن “تثقَ ”‬ ‫فكالهما مث ٌ‬ ‫َ‬ ‫املنزل الذي ت�شاركه مع قريب �أو زميل يتمتَّع‬ ‫ب�أنَّ‬ ‫بالنظافة الكافية‪� ،‬أو �أنَّ الأطعم َة تُطهى بعناية‪� ،‬أو �أنَّ‬ ‫اجلريانَ غري مزعجني؟ فاحلذر واجب كما يقولون‪.‬‬ ‫فالطريقة املثلى للتعامل مع انعدام الثقة هي �أن تكون‬ ‫�أنت جدير ًا بالثقة �أي�ض ًا‪ .‬فلي�س مقبو ًال �أن تتجاو َز‬ ‫عات الإن�سان من الآخرين تو ُّقعاتِه لنف�سه؛ مبعنى‬ ‫تو ُّق ُ‬ ‫�أنك ال ت�ستطيع �أن تتو َّقع من الآخرين ما ال تقوى �أنت‬ ‫ُ‬ ‫وال�صدق من‬ ‫على تقدميه لهم‪ .‬ولذا تعترب ال�صراح ُة‬ ‫�أهم مق ِّومات املُ�شاركة الف َّعالة �إذ يت�صارح اجلميع‬ ‫ب�ش�أن الإخفاقات والأخطاء املحتملة ‪� -‬سواء كانت‬ ‫عملية م�شاركة ب�سيطة بني اجلريان �أو وا�سعة النطاق‬ ‫بني البلدان‪.‬‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪4‬‬


‫امل�شاركةُ يف ثو ٍبها اجلديد‬ ‫�شاع مفهوم امل�شاركة يف ع�صرنا احلديث من خالل املكتبات العامة واجلمعيات‬ ‫التعاونية وبع�ض اخلدمات التي تقدِّ مها مواقع مثل‪� ”eBay“ :‬أو “‪ ”.Netflix‬فما‬ ‫الداعي �إذن �إلى ابتكار وا�ستثمار املزيد من �أ�شكال امل�شاركة؟ من املفيد �أن نلقي نظرة‬ ‫خاطفة على بع�ض اجتاهات التغيرُّ احل�ضاري عرب القرنني املا�ضيني‪ .‬لقد ازدادت‬ ‫الكثافة ال�سكانية ب�شكل ملحوظ ليزداد معها ا�ستهالكنا ومن ثم املخ َّلفات وامل َّلوثات‬ ‫التي قد ال يقوى كوكبنا على ا�ستيعابها؛ الأمر الذي يت�س َّبب يف �إف�ساد احلياة على‬ ‫الأر�ض و�إحلاق ال�ضرر بها يوم ًا بعد يوم باملقابل ف�إن الثور َة التكنولوجية التي �أ�شاعت‬ ‫ا�ستخدام �أجهزة احلا�سوب املتن ِّقلة والهواتف الذكية قد �أتاحت لنا فر�صة بناء وتق ُّدم‬ ‫املجتمعات ب�شكل غري م�سبوق‪.‬‬ ‫يتّ�ضح مما �سبق �أنَّ امل�شاركة من خالل التعاون اال�ستهالكي‬ ‫هي �أهم �سبيل لتعزيز ثقتنا واعتدادنا باملجتمع ومن ثم تطوير‬ ‫ا�سرتاتيجيات �إدارته وتنظيمه‪� .‬إذ يمُ ِّكننا اال�ستهالك التعاوين‬ ‫من تر�سيخ ال�سلوكيات الإيجابية وعلى ر�أ�سها حت ُّمل امل�س�ؤولية‬ ‫من قبل الفرد واجلماعة‪ .‬هذا يف نف�س الوقت الذي تُعزِّ ز فيه‬ ‫ُدعم اجلماعات التي جتمعها �أهداف م�شرتكة‪.‬‬ ‫العالقات وت َ‬ ‫كما ن�ستطيع من خالل امل�شاركة �أن نق ِّلل من حجم املخ َّلفات‬

‫املهدرة ونح َّد من اال�ستهالك املته ِّور حتى مما نطلق عليه‬ ‫“املنتجات اخل�ضراء” �أي املنتجات ال�صديقة للبيئة‪ .‬فمن‬ ‫خالل الرتكيز على تبادل املنافع والتوفري اجلماعي ن�ستطيع �أن‬ ‫نق ِّل�ص مع َّدالت ا�ستهالك الطاقة فنقلل من ظاهرة االحتبا�س‬ ‫احلراري َّ‬ ‫ال�ضارة بكوكبنا‪ .‬فلم ال نعي�ش بب�ساطة وندخر املال‬ ‫ونقدِّ ر اجلمال ونتب َّنى ال�سلوكيات الإيجابية ب�أن نغيرِّ ب�ؤرة‬ ‫الرتكيز من‪� :‬أنا �إلى نحن‪ ،‬ومن م�صلحتي �إلى م�صلحتنا؟‬

‫املزايا املبا�شرة للم�شاركة‬

‫‪1‬‬

‫دعم االقت�صاد املحلي من خالل‪:‬‬ ‫‪ u‬حتفيز امل�شاركة املجتمعية‪.‬‬ ‫‪ u‬حتفيز الإبداع وروح املبادرة‪.‬‬ ‫‪ u‬توزيع الرثوات ب�شكل من�صف حتَّى ت�صل �إلى اجلميع‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫حماية البيئة من خالل‪:‬‬ ‫‪ u‬تقلي�ص حجم املخ َّلفات‪.‬‬ ‫‪ u‬احلدِّ من ا�ستهالك الطاقة‪.‬‬ ‫‪ u‬حتفيز االبتكارات ال�صديقة للبيئة‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫توفري املال من خالل‪:‬‬ ‫‪ u‬تخفي�ض حجم التكلفة وزيادة العائد بتقليل حجم‬ ‫املخاطرة‪.‬‬

‫�أمناط امل�شاركــــة‬ ‫ال �شك �أ َّننا جميع ًا ‪ -‬خا�صة من يتمتَّعون بروح املبادرة ‪ -‬من ُّر مبواقف ن�ست�شعر من خاللها ب�أهمية امل�شاركة ٍّ‬ ‫كحل مل�شكلة �أو خمرج من �أزمة‪.‬‬ ‫ف�إن كنت تعي�ش يف جمتمع حديث العهد بامل�شاركة – �أو �إن كنت مل تلم�س مرامي هذا املفهوم بعد – فيمكنك �أن تبد�أ مبتابعة وت�ص ُّفح املواقع‬ ‫الإلكرتونية لت َّكون ر�ؤية �شاملة عن مفهوم امل�شاركة وعن املجتمعات التي باتت تطبقه على نط ــاق �أو�سـ ــع‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫كتاب في دقائق‬


‫ال يتط َّلب اال�ستهالك التعاوين �أكرث من الأ�شياء التي متتلكها والأفراد الذين تعرفهم بالفعل‪� .‬إذ يكفي �أن تكون قادر ًا على �إجراء مكاملة‬ ‫حمركات البحث لتمتلك َّ‬ ‫كل الأدوات ال�ضرورية لتحفيز العمل‬ ‫هاتفية �أو ح�ضور منا�سبة اجتماعية �أو ترتيب اجتماع ما �أو حتَّى ا�ستخدام َّ‬ ‫العزم وتتهي�أ للم�شاركة يف واحد �أو �أكرث‬ ‫اجلماعي ال�ضروري للحدِّ من اال�ستهالك وتقلي�ص حجم املخ َّلفات وتر�شيد ا�ستثمار املوارد؛ ثم تعتق ُد َ‬ ‫من �أمناطها التالية‪:‬‬

‫الندية‬ ‫‪ u‬امل�شاركة ِّ‬ ‫امل�شاركة الندِّ ية هي �أحد �أ�شكال امل�شاركة املحلية غري الر�سمية‪ .‬وكما ي�شري اال�سم‬ ‫تت ُّم هذه امل�شاركة عن طريق الأنداد �أي على م�ستوى الأفراد بع�ضهم وبع�ض‪،‬‬ ‫ونظر ًا لب�ساطتها ف�إن جميع �أ�شكال امل�شاركة قابلة للتطبيق على هذا امل�ستوى‪.‬‬ ‫ُي َف َّعل هذا النوع من امل�شاركة بالتبادل املبا�شر للخدمات واملنافع بني فرد و�آخر �أو‬ ‫بني فرد وجمموعة �أفراد‪ .‬لكن هذه امل�شاركة تختلف عن امل�شاركة عرب �أحد نظم‬ ‫�أو مناذج الأعمال حيث يكون ال�شيء حمل امل�شاركة مملوك ًا ل�شخ�ص �أو جزء ًا‬ ‫من كيان �إداري يديره عدد حمدود من الأفراد‪ .‬وقد ت�أتي امل�شاركة الندِّ ية من‬ ‫جمموعة من الأفراد الذين ي�ستجمعون مواردهم بهدف �إ�ضافة قيمة عظيمة‬ ‫ميكن م�شاركتها على نطاق �أو�سع – مثل ا�شرتاك بع�ض اجلريان يف �إن�شاء حديقة‬ ‫يف احلي ليفيد منها جميع ال�ساكنني والعابرين‪.‬‬

‫الندية ال�شبكية‬ ‫‪ u‬امل�شاركة ِّ‬ ‫هنا تعمل مواقع التوا�صل االجتماعي كهمزة و�صل بني‬ ‫الأفراد من جميع �أنحاء العامل – الأمر الذي ي�س ِّهل‬ ‫قيام جمتمعات من �أ�شخا�ص ال يعرفون بع�ضهم بع�ض ًا‬ ‫وال يلتقون �أبد ًا‪ .‬فقد �أتاحت خدمات القائمة امل�شاركة‬ ‫ال�شبكية فر�ص ًا غري معهودة للمقاي�ضة‪ ،‬وتبادل اخلربات‬ ‫واملعارف بني خمتلف ال�شخ�صيات واملنظمات واملجتمعات‬ ‫ذات اخللفيات الثقافية املتنوعة‪ .‬و�أهم ما مي ِّيز هذا‬ ‫النوع من امل�شاركة هو انخفا�ض بل وغياب احتماالت‬ ‫املخاطرة‪.‬‬

‫‪ u‬امل�شاركة املهنية‬ ‫واملتو�سطة – بقدرة‬ ‫تتمتَّع ال�شركات املحلية – ال �س َّيما ال�شركات ال�صغرية‬ ‫ِّ‬ ‫على امل�شاركة تتف َّوق على كل ما عداها فال تقت�صر امل�شاركة هنا على‬ ‫ال�شركات و�أع�ضاء املجتمع من خالل اخلدمات واملنتجات بل ميكن �أن تقوم‬ ‫على ت�أ�سي�س جمتمعات متكاملة بني ال�شركات بع�ضها وبع�ض‪� .‬إذ ت�ستطيع‬ ‫هذه ال�شركات ت�أ�سي�س منظومات عمل قائمة على التبادل بني الأفراد �أو بني‬ ‫ال�شركات وعمالئها‪ .‬وهنا تقدِّ م �إحدى ال�شركات منوذج ًا حي ًا لهذا النمط‬ ‫املخ�ص�صة للم�شاركة بني العمالء بد ًال من‬ ‫�إذ تو ِّفر �أ�سطو ًال من ال�سيارات َّ‬ ‫الت�أجري وذلك مقابل ا�شرتاك �شهري �أو �سنوي‪ .‬كما ميكن لنماذج الأعمال‬ ‫الربحية �أن جتد لنف�سها مكان ًا يف عامل امل�شاركة‪ .‬وتعترب �أ�سواق املقاي�ضة‬ ‫التجارية املنت�شرة يف جميع �أنحاء العامل من �أبرز مناذج امل�شاركة املهنية‬ ‫الفعالة �إذ تتبادل هذه الأ�سواق ال�صفقات فيما بينها دون االعتماد على‬ ‫نظام الدفع بالعمالت مقابل احل�صول على املنتجات‪.‬‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪6‬‬


‫العنا�صر القابلة للم�شاركــــــة‬ ‫‪-1‬ال�سلع‬

‫�سمات امل�شارك الناجح‬ ‫رغم �أن امل�شاركة لي�ست �سلوك ًا اجتماعي ًا جديد ًا �إال‬ ‫�أن تبنِّيها �أم ٌر ينطوي على الكثري من التحفُّظات‪.‬‬ ‫فلكي تكون مواطن ًا �صاحل ًا وم�ؤ ِّثر ًا يف جمتمع‬ ‫بد �أن تتم َّتع بروح املغامرة‬ ‫امل�شاركة احلقيقية ال َّ‬ ‫و�شغف املبادرة من ناحية وباملرونة من ناحية �أخرى‬ ‫لكي تتفاعل وتتعامل مع احتياجات الآخرين‪ .‬ف�أنت‬ ‫طلب‬ ‫ال ت�ستطيع �أن تدير ظهرك لل�صعاب حينما ُي ُ‬ ‫تت�صدى لأزمة تواجه جمتمعك‪ .‬امل�شاركون‬ ‫منك �أن‬ ‫َّ‬ ‫يت�صدرون ال�صفوف الأولى‬ ‫املُفلِحون هم من‬ ‫َّ‬ ‫أ�ساليب جديد ًة للم�شاركة التي يوفرونها‬ ‫ويبتكرون �‬ ‫َ‬ ‫للمجتمع‪ .‬ه�ؤالء امل�شاركون الإيجابيون ال يحفلون‬ ‫كثري ًا بالنتائج الفردية بقدر ما ي�أبهون باملحاولة‬ ‫حد ذاتها‪.‬‬ ‫وامل�شاركة اجلماعية يف ِّ‬ ‫تت�صدر كلَّ ممار�سات‬ ‫وهناك مبد�أ �أو قاعدة ذهبية‬ ‫َّ‬ ‫امل�شاركة املح ِّلية والعاملية تقول‪“ :‬ال ت�شارك‬ ‫الآخرين يف �شيء �أنت ل�ست م�ستعد ًا القرتا�ضه �أو‬ ‫�شرائه‪ ،‬وال تبالغ يف ا�ستغالل موارد الآخرين يف‬ ‫�أي �شيء قد يحتاجون �إلى بيعه �أو �شرائه”‪ .‬وتذكَّر‬ ‫دائم ًا �أنَّك كما تُدين ‪ ..‬تُدان‪ .‬فمهما تزايدت‬ ‫�أعداد امل�ستهرتين بنظام امل�شاركة �أو متخذي‬ ‫القرارات غري امل�س�ؤولة ف�إن ن�سبتها �ستبقى حمدودة‬ ‫مقارنة مبن َّ‬ ‫يطبقون قول ال�شاعر “احلطيئة”‪:‬‬ ‫“من يفعل اخلري ال يعدم جوازيه ‪ ..‬ال يذهب‬ ‫العرف بني اهلل والنا�س”‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫كتاب في دقائق‬

‫تت�شابه م�شاركة الب�ضائع �إلى حدٍّ كبري مع �أحد املفاهيم ال�شائعة يف‬ ‫ربعات”‪ .‬ومبا �أنَّ امل�شاركة تهدف �إلى �إطالة‬ ‫ع�صرنا احلديث “الت ُّ‬ ‫دورة احلياة اخلا�صة بخدمة �أو �سلعة عرب انتقالها من يد �إلى �أخرى‪،‬‬ ‫وموا�صلة ا�ستخدامها فمن واجبنا �أن نختار منط امل�شاركة الأن�سب‬ ‫والذي ي�سمح با�ستمرار هذه الدورة لأطول فرتة ممكنة‪ .‬كما �أنَّ اختيار‬ ‫أم�س احلاجة �إليها الآن ‪ -‬ال يق ُّل‬ ‫امل�ستخدم الأمثل – �أي من هو يف � ِّ‬ ‫�أهمية عن اختيار منط امل�شاركة‪ .‬وتعترب “املبادلة” �أق�صر الطرق‬ ‫لإدراك هذا وذاك‪.‬‬ ‫تت ُّم املبادلة �إ َّما عن طريق التوا�صل املبا�شر – وجه ًا لوجه – �أو‬ ‫التوا�صل الإلكرتوين‪ .‬ولكي تتبادل على �أكمل وجه ال بد �أن تف�صح �أو ًال‬ ‫عما متتلكه وما حتتاجه يف املقابل‪.‬‬ ‫تدرك مواقع املبادلة الإلكرتونية �أ َّنه من ال�صعب �أن تت�صادف‬ ‫االحتياجات ومن هذا املنطلق جتدهم مينحون النقاط للم�ستخدمني‬ ‫نظري كل عن�صر يطرحونه للتبادل‪ .‬ومتكنهم هذه النقاط فيما بعد من‬ ‫احل�صول على �شيء ما من م�ستخدم �آخر متى وكيفما �أردوا‪ .‬و�أ َّي ًا كانت‬ ‫الطريقة التي تختارها تذ َّكر �أنَّ “املبادلة” هي جم َّرد م�صطلح رمزي‬ ‫للعطاء الهادف واملُ َّ‬ ‫نظم‪.‬‬

‫‪-2‬املهارات‪ /‬الوقت‬ ‫تعترب م�شاركة الوقت واملعرفة واملهارات من �أهم مق ِّومات اال�ستهالك‬ ‫التعاوين‪ .‬فحني يتقا�سم الأفراد وقتهم تُط َّور املهارات وتُ�صنع الفر�ص‬ ‫وت َّ‬ ‫ُوطد العالقات ويتحقَّق االكتفاء الذاتي‪ .‬ومع مرور الوقت ن�ستعيد‬ ‫القيم التي فقدناها يف خ�ضم انهماكنا بال�شراء واال�ستحواذ‪ .‬وال‬ ‫ي�شرتط �أن تكون خبري ًا خم�ضرم ًا كي ينهل الآخرون من نبع معرفتك‬ ‫فامل�شاركة هدف يف حدِّ ذاتها‪.‬‬


‫حتَّى و�إن مل متتلك من املهارات ما مي ِّيزك وي�ؤهِّ لك للم�شاركة يكفيك‬ ‫�أن ت�شارك الآخرين �أهم مواردك “وقتك الثمني”‪ ،‬فالوقت من ذهب‬ ‫الوقت‬ ‫املوجه لل�صالح االجتماعي ُي َح ِّول َ‬ ‫كما يقولون‪ .‬الوقت اجلماعي َّ‬ ‫�إلى �أ�سهم ميكن مقاي�ضتها بالأ�شياء واخلدمات‪ .‬فالأعمال اجلماعية‬ ‫و“�شبكات الإجناز” – التي تقوم على جمموعة من املتط ِّوعني بوقتهم‬ ‫وخربتهم ‪ -‬يمُ َ ِّك َنان اجلريان من ا�ستعانة بع�ضهم ببع�ض لإجناز‬ ‫الإ�صالحات املنزلية واملهمات االجتماعية التي تتطلب ا�ستدعاء عمال‬ ‫متخ�ص�صني لإمتامها‪ .‬ومن َّثم ن�ستطيع من خالل م�شاركة‬ ‫فنيني �أو‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ن�ستعي�ض عن ال�سيارات الأربع �أو اخلم�س التي ن�ستخدمها‬ ‫الوقت �أن‬ ‫عادة يف رحلة جماعية‪ ،‬ب�سيارتن �أو ثالث على �أق�صى تقدير؛ الأمر‬ ‫وي�صب يف النهاية يف م�صلحة املجتمع‪.‬‬ ‫الذي يو ِّفر املال ويقلل التلوث‪،‬‬ ‫ُّ‬

‫‪ -3‬ال�سكن‬ ‫ب�شكل دائم �أو �شبه دائم �أو م�ؤ َّقت‪.‬‬ ‫تتم ٍ‬ ‫ميكن مل�شاركة ال�سكن �أن َّ‬ ‫ويح ِّبذ بع�ض النا�س الإقامة امل�ؤ َّقتة باعتبارها بدي ًال للطرق التقليدية‬ ‫ال�سائدة‪ .‬ويتخذ �آخرون من م�شاركة ال�سكن �أ�سلوب ًا دائم ًا للتعاي�ش‬ ‫عرب جمتمعات الإ�سكان امل�شرتك‪.‬‬ ‫الإ�سكان امل�شرتك‬ ‫�إن كنت من املح ِّبذين للإقامة امل�شرتكة وتو ُّد �أن تفيد من مزاياها‬ ‫�إلى �أق�صى ح ٍّد ممكن فمن اجل ِّيد �أن ت�ضع يف اعتبارك مفهوم‬ ‫الإ�سكان امل�شرتك‪.‬‬ ‫يعي�ش القاطنون �ضمن جمتمعات الإ�سكان امل�شرتك يف ُن ُز ٍل منف�صلة‪،‬‬ ‫ولكن جتمعهم وحدة النطاق واتخاذ القرار وم�س�ؤولية ال�صيانة‬ ‫أهم‬ ‫والإ�صالحات‪ .‬وتعترب املنا�سبات والأن�شطة االجتماعية من � ِّ‬ ‫مق ِّومات هذه املجتمعات؛ فال عجب �إذن �أن جتمع قاطنيها عالقات‬ ‫جمتمعات م�ص َّغرة قائمة على امل�شاركة‪ .‬يف هذه‬ ‫وطيدة في� ِّؤ�س�سون‬ ‫ٍ‬ ‫املجمعات التكاملية يت ُّم الت�صويت على القرارات ب�شكل علني وعادل‬ ‫يتيح جلميع �أع�ضاء املجتمع امل�شاركة يف اتخاذها وبالطبع تنفيذها‪.‬‬ ‫�أما ال�سكن امل�شرتك ‪� -‬أي �أن يتقا�سم �أكرث من فرد ال�سكن ذاته ‪-‬‬ ‫فيزداد اعتماد الأفراد عليه يوم ًا تلو الآخر ومن �أ�شهر �أمثلته م�ساكن‬ ‫الطالب‪.‬‬

‫‪ -4‬املوا�صالت‬ ‫تخ َّيل �أنك مل تعد بحاجة �إلى تك ُّبد عناء وتكاليف �شراء �سيارة‬ ‫و�أن تكتفي بالدفع مقابل ال�ساعات املحدَّدة التي حتتاج فيها‬ ‫�إلى من ُيقلُّك �إلى مكان ما‪ .‬ذلك هو جوهر م�شاركة و�سائل‬ ‫املوا�صالت والتي �أ�صبحت متاحة على �أو�سع نطاق بف�ضل‬ ‫اخلدمات التي تقدِّ مها بع�ض �شركات النقل اخلا�صة واحلكومية‬ ‫�أو بع�ض الأفراد الذي ينظمون مثل هذه امل�شاركات فيما بينهم‪.‬‬

‫كي تتج َّنب امل�شاركة الفا�شلة‬ ‫‪ u‬ادر�س اخلدمات التي تدعم امل�شاركة جيد ًا قبل �أن َّ‬ ‫تن�ضم‬ ‫�إليها‪.‬‬ ‫‪� u‬شارك يف اخلدمات التي ُت َّوفر بيانات �شخ�صية كاملة عن‬ ‫ِّ‬ ‫كل ع�ضو من �أع�ضائها‪.‬‬ ‫‪َّ u‬مت�سك ب�إبرام اتفاقيات وعقود مكتوبة‪.‬‬ ‫‪َّ u‬‬ ‫اطلع على القوانني املحلية قبل االن�ضمام �إلى �إحدى‬ ‫اخلدمات التعاونية‪.‬‬ ‫‪ u‬ال ت�شارك يف الأ�شياء الأثرية والعزيزة عليك والتي قد تو ِّلد‬ ‫بداخلك �أمل ًا �أو غ�ضب ًا من م�ستخدميها‪.‬‬

‫‪ -5‬الطعام‬ ‫ال تقت�صر م�شاركة الطعام على منح الأطعمة الغذائية للمحتاجني‬ ‫و�إنمَّ ا يت ُّم هذا النوع من امل�شاركة على �أكرث من م�ستوى – بداي ًة من‬ ‫الإنتاج والت�صنيع وحتَّى اال�ستهالك‪ .‬م�شاركة الطعام يف جوهرها‬ ‫تت َّعلق بالتوزيع ولي�س بالطعام يف حدِّ ذاته‪ .‬و�إنمَّ ا �أي�ض ًا بالوقت‬ ‫والقيمة والتكلفة التي تترَّ تب على �إنتاجه وحت�ضريه ونقله‪ .‬وك َّلما‬ ‫متت هذه العملية على نطاق حملي – يف مقابل نقلها عرب �آالف‬ ‫الأميال – كان لذلك �أثر كبري يف دعم االقت�صاد من خالل ت�أ�سي�س‬ ‫بنك طعام حملي وا�سع النطاق‪.‬‬ ‫كتاب في دقائق‬

‫‪8‬‬


‫‪ -6‬احل ِّيز واملكان‬ ‫تعترب امل�ساحة واحل ِّيز من �أف�ضل النماذج التي ميكن �إثراء املجتمع من خاللها وتقلي�ص‬ ‫�ضغوطنا و�أثرها ال�سلبي على البيئة‪ ،‬ومن دون التنازل عن �أمالكنا �أو مقاي�ضة �أي‬ ‫�شيء‪ .‬وميكن للم�ساحات املكانية �أن تخ�ضع للم�شاركة ب�أكرث من �صورة بداي ًة من‬ ‫�سرير �صغ ٍري‪ .‬ففي الوقت الذي ال‬ ‫مبنى ب�أكمله وو�صو ًال �إلى غرفة فردية �أو حتَّى ٍ‬ ‫تقوى فيه معظم ال�شركات املبتدئة على حت ُّمل نفقة �شراء �أو ت�أجري مكان كبري‪ ،‬ي�ش ِّكل‬ ‫“العمل امل�شرتك” – �أي ا�شرتاك �أكرث من �شخ�ص يف مكان عمل واحد ‪ -‬البديل‬ ‫الأمثل‪� ،‬إذ ي�ستطيع �أ�صحاب الأعمال احلرة �أن ي�ستثمروا هذا احل ِّيز يف ا�ستقبال‬ ‫العمالء والزبائن‪ ،‬والتعاون مع من يتقا�سمون معهم م�ساحات املكان ب�شكل ُمثمر‪.‬‬

‫العمل امل�شرتك‬ ‫م�صطلح العمل امل�شرتك يف و�صف بيئات العمل اجلماعية املرنة والتي تقدم خدماتها لرجال الأعمال املغرتبني �أو امل�سافرين‬ ‫ُي�ستخدم‬ ‫ُ‬ ‫حدب و�صوب‪ .‬وهناك عدد من ال�شبكات الإلكرتونية التي توفر ميزة امل�شاركة يف مثل‬ ‫واملوظفني امل�ستق ِّلني‪ ،‬و�أ�صحاب الأعمال احل َّرة من كل ٍ‬ ‫هذه البيئات يف خمتلف �أنحاء العامل‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫‪wiki.coworking.com / Liquidspace.com / DesksNear.Me / OpenDesks.com / DeskSurfing.net / DeskWanted.com‬‬

‫ف�إن كان لديك حيز قابل للم�شاركة ميكنك �أن تُعلن عنه عرب هذه املواقع مب ِّينا َّ‬ ‫كل ما يلزم من تفا�صيل من موقع وم�ساحة وتكاليف‪.‬‬

‫م�ساحات العباقرة‬ ‫هل لديك �شغف عميق جتاه التكنولوجيا احلديثة؟ هل تهوى‬ ‫ا�ستك�شاف الأ�شياء وتفكيكها وجتميعها من جديد؟ هل تو ُّد‬ ‫امل�شاركة يف عمل �إبداعي مبتكر؟ ك ُّل ذلك و�أكرث تو ِّفره لك‬ ‫“ف�ضاءات العباقرة” وهي �أماكن �أو ور�ش عمل تت ُّم �إدارتها‬ ‫وت�شغيلها بوا�سطة �أفراد من املجتمع جتمعهم الهوايات‬ ‫واالهتمامات امل�شرتكة ‪ -‬ال �سيما يف جماالت احلا�سوب‬ ‫والتكنولوجيا‪ ،‬والت�صنيع والبحث العلمي والتجريب والفنون‬ ‫الرقمية والإلكرتونية املختلفة؛ ليتبادلوا اخلربات واملعارف‬ ‫واملع َّدات‪ ،‬ويتعاونوا لإجناز م�شروعات م�شرتكة‪.‬‬

‫‪ -7‬املال‬ ‫بع�ض من ي�سمعون بامل�شاركة التعاونية يفرت�ضون �أنَّ م�شاركة املال‬ ‫تعني التنازل عنه متام ًا‪ ،‬ومن دون مقابل‪� .‬إال �أنَّ هذا االفرتا�ض لي�س‬ ‫�صحيح ًا‪ .‬فامل�شاركة باملال تعني توفريه ملن يحتاجه يف الوقت املنا�سب‬ ‫ومبا يعود بالنفع على اجلميع ويح ِّقق م�صالح م�شرتكة‪� .‬إال �أنَّ هناك‬ ‫بع�ض �أ�شكال امل�شاركة باملال التي يتنازل فيها الفرد عن عن بع�ض ماله‬ ‫ربع ل�صالح اجلمعيات اخلريية مث ًال‪.‬‬ ‫مقابل هدف �أ�سمى – كالت ُّ‬

‫الإقرا�ض امل َُ�صغَّر‬

‫التو�سع يف منح القرو�ض‬ ‫املب�سط يعني ُّ‬ ‫الإقرا�ض امل�ص َّغر �أو التمويل َّ‬ ‫ال�صغرية �إلى �شريحة من املقرت�ضني الذين ال يتمتعون بوظيفة ثابتة �أو‬ ‫�أر�صدة مالية‪ ،‬ومل ي�سبق لهم التعامل مع البنوك باالقرتا�ض والتمويل‬ ‫االئتماين‪ .‬وتعترب القرو�ض املهنية التي ال تتجاوز �ألف دوالر من �أكرث‬ ‫اخلدمات التي تقدِّ مها م� َّؤ�س�سات التمويل امل�ص َّغر �شيوع ًا‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫كتاب في دقائق‬


‫اقت�صـــاد امل�شاركـــــــة اجلديد‬

‫عندما ر َّكزت الأ�صوات املنادية باقت�صاد امل�شاركة على كيفية و�آليات‬ ‫بناء و�صياغة اال�ستهالك التعاوين مبا ين�سجم مع الفكر االقت�صادي‬ ‫املعا�صر والرد على امل�شك ِّكني يف فحواه وجدواه؛ �ساد اعتقاد ب�أنَّ‬ ‫جمرد نزعة �أو نزوة عابرة‪ .‬ففي اقت�صاد‬ ‫هذا الت َّو ُجه التعاوين لي�س َّ‬ ‫حللول قدمية بهدف‬ ‫امل�شاركة �إحياء ملفهوم قدمي وهو ت�ص ُّور جدي ٌد ٍ‬ ‫مواكبة التط ُّور ال�سريع الذي ي�شهده ع�صرنا‪� .‬إذ يدفعنا اال�ستهالك‬ ‫التو�سع يف ا�ستخدام مواقع التوا�صل االجتماعي للتعاون‬ ‫التعاوين نحو ُّ‬ ‫يف تقلي�ص املخاطر وم�ضاعفة امل�شاركة‪ .‬ومب�ساعدة املبادئ الفطرية‬ ‫التي ن�ش�أنا عليها يعيد اقت�صاد امل�شاركة �صياغة مفهومنا عن املواطنة‬ ‫يف جمتمع متالحم ومتكافل وعن دورنا كمواطنني عامليني على امل�ستوى‬ ‫الإن�ساين‪.‬‬ ‫ومهما تعدَّدت امل�صطلحات التي ن�ستخدمها للإ�شارة �إلى اال�ستهالك‬ ‫التعاوين فهو حقيقة و�أمر واقع من �ش�أنه �أن ي َّغيرِ املعايري القدمية‬ ‫املتعلقة بالنجاح الوظيفي والرثوة ال�شخ�صية واملواطنة والتالحم‬

‫املجتمعي وي�ستبدل بها معاي َري �أكرث واقعية وفاعلية‪ .‬فامل�شاركة تطرح‬ ‫معنى جديد ًا للقيمة ال يرتبط بالعملة ور�أ�س املال‪ ،‬بقدر ما يرتبط مبدى‬ ‫ً‬ ‫قدرة كل فرد يف املجتمع على �إثراء حياتنا ودفعها نحو الأف�ضل‪.‬‬ ‫عندما ننظر عن كثب عرب عد�سة اال�ستهالك التعاوين يت�ضح لنا‬ ‫كيف �أنَّ الوفرة ولي�س الندرة‪ ،‬والعطاء ولي�س اال�ستحواذ هو ما يل ِّبي‬ ‫احتياجاتنا و ُي�شبع رغبا ِتنا‪ .‬فحتَّى و�إن مل ت� ِأت امل�شاركة بالطرق‬ ‫احلديثة وعرب ال�شبكات الإلكرتونية وا�سعة النطاق؛ ف�إنَّ هذا ال يق ِّلل من‬ ‫�ش�أنها وال يتعار�ض مع نبل جوهرها‪ .‬فهي مبثابة ر�ؤية مب ِّكرة ملا ميكن‬ ‫وملا ينبغي �أن يكون عليه كوكبنا �إذا تخ َّل�صنا من �أمناط اال�ستهالك‬ ‫املفرط‪ ،‬وحت َّولنا �إلى اال�ستهالك الر�شيد و�إعادة التدويروتكامل‬ ‫الت�شغيل‪ .‬فالأمر ال يتوقف عند “مقاي�ضة” مالب�سنا القدمية ب�أخرى‬ ‫جديدة �أو تبادل ال�سيارات؛ بل هو طفرة جذرية و�شاملة ومتكاملة يف‬ ‫�آليات �إنتاجنا و�أدوات ا�ستهالكنا و�إدارتنا لرثواتنا املعنوية واملادية من‬ ‫�أجل خري جمتمعنا وخري الب�شرية جمعاء‪.‬‬

‫المؤلفة‪:‬‬ ‫المتجددة‪،‬‬ ‫متخصصة في التكنولوجيا النظيفة‪ ،‬والموارد‬ ‫بيث بوزينسكي‪ :‬مؤلفة‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫والبيئات الوفيرة‪.‬‬

‫كتب مشابهة‪:‬‬

‫‪1. What’s Mine Is Yours‬‬ ‫‪The Rise of Collaborative Consumption.‬‬ ‫‪By Rachel Botsman & Roo Rogers. 2010.‬‬

‫‪2. The Mesh‬‬ ‫‪Why the Future of Business Is Sharing.‬‬ ‫‪By Lisa Gansky. 2010.‬‬

‫‪3. The Zero Marginal Cost Society‬‬ ‫‪The Internet of Things, the Collaborative Commons.‬‬ ‫‪By Jeremy Rifkin. 2014.‬‬

‫كتاب في دقائق‬

‫‪10‬‬


‫ﻢ َوا ْﻟ َﻤ ْﻌ ِﺮ َﻓ َﺔ أَ ْﻗ َﻮى‬ ‫" ِإ ﱠن ا ْﻟ َﻘ َﻠ َ‬ ‫ﻴﺮ ﻣِ ْ‬ ‫ـﺮى "‬ ‫ـﻦ أَ ﱢ‬ ‫ِﺑ َﻜ ِ‬ ‫ـﺜ ٍ‬ ‫ي ُﻗ ﱠ‬ ‫ـﻮ ٍة أُ ْﺧ َ‬ ‫اﻟﺴ ُﻤﻮّ ﱠ‬ ‫َاﺷﺪ آَل َﻣ ْﻜ ُﺘﻮم‬ ‫ﺤ ﱠﻤﺪ ِﺑﻦ ر ِ‬ ‫ﺻ ِ‬ ‫َ‬ ‫اﻟﺸﻴْ ُﺦ ُﻣ َ‬ ‫ﺎﺣ ُ‬ ‫ﺐ ‬ ‫ﺑ َ‬ ‫ﻢ وَ ا ْﻟ َﻤ ْﻌﺮِ َﻓ ُﺔ‪،‬‬ ‫ِﻬ ِﺬهِ ا ْﻟ َﻤ ُﻘﻮ َﻟ ِﺔ ﻳُﺮْ ِ‬ ‫اﻣ َﻬﺎ ا ْﻟ ِﻌ ْﻠ ُ‬ ‫ِﻢ اﻟ ﱠﺘ ْﻨ ِﻤﻴ َِﺔ ا ْﻟ ُﻤ ْ‬ ‫ﺳ ُﻤﻮ ه دَ ﻋَ ﺎﺋ َ‬ ‫ﺳﻲ ُ‬ ‫اﻣ ِﺔ وَ ِﻗﻮَ ُ‬ ‫ﺴ َﺘ َﺪ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ﱠ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ﱠ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وَ ُﻫ َﻤﺎ رَﻛﺎﺋِﺰ اﻟﺘﻄﻮ ِر اﻟ ِﺬي اﻧﻄﻠﻘ ْ‬ ‫َاﺷﺪ آل َﻣﻜﺘﻮم‪،‬‬ ‫ﺴﺔ ُﻣ َﺤ ﱠﻤﺪ ﺑِﻦ ر ِ‬ ‫ﺖ ِﻣﻦ أ ْﺟﻠ ِ​ِﻪ ُﻣﺆ ﱠ‬ ‫ﺳ َ‬ ‫ﻮس ﱠ‬ ‫وَ ا ْﻟ َﻬﺎدِ َﻓ ُﺔ ِإ َﻟﻰ َﻧ ْ‬ ‫ﻻ ْﺑﺘ َ‬ ‫ﺸﺮِ ا ْﻟ َﻤ ْﻌﺮِ َﻓ ِﺔ وَ َﺗ ْﻌﺰِ ﻳﺰِ َﺛ َﻘ َ‬ ‫َض‬ ‫اع وَ ا ِ‬ ‫اﻟﺸﺒ ِ‬ ‫ﺎﻓ ِﺔ ا ْﻟ ِﺈﺑ َْﺪ ِ‬ ‫َﺎب ﺑ َِﻐﺮ ِ‬ ‫ِﻜﺎ ِر ِﻓﻲ ُﻧ ُﻔ ِ‬ ‫ﻃﺮِ ُ‬ ‫ﺎت ﻋَ َﺮ ِﺑﻴﱠﺔٍ ر َِﻛﻴ َﺰ ُﺗ َﻬﺎ ا ْﻟ َﻤ ْﻌﺮِ َﻓ ُﺔ وَ َ‬ ‫ﺎء‪.‬‬ ‫ﻳﺠﺎدِ ُﻣ ْﺠ َﺘ َﻤ َﻌ ٍ‬ ‫ﻳﻘ َﻬﺎ اﻟ ﱠﺘ ْﻨ ِﻤﻴ َُﺔ وَ ًﻏﺎ َﻳ ُﺘ َﻬﺎ ا ِ‬ ‫ِإ َ‬ ‫ﻻ ْزدِ َﻫﺎ ُر وَ اﻟﺮﱠ َﺧ ُ‬ ‫َاﺷﺪ آَل َﻣ ْﻜ ُﺘﻮم َﺗ ْﻬ ِﺪ ُ‬ ‫ف‬ ‫َات وَ ا ْﻟ َﺒﺮ ِ‬ ‫ﺴ ُﺔ ُﻣ َﺤ ﱠﻤﺪ ﺑِﻦ ر ِ‬ ‫ِإ ﱠن ا ْﻟ ُﻤﺒَﺎدَ ر ِ‬ ‫َاﻣ َﺞ ا ﱠﻟﺘِﻲ أَ ْﻃ َﻠ َﻘ ْﺘ َﻬﺎ ُﻣ َﺆ ﱠ‬ ‫ﺳ َ‬ ‫ﺎت َﻗﺎﺋ َِﻤﺔٍ ﻋَ َﻠﻰ ْ‬ ‫ﻴﻌ َﻬﺎ ِإ َﻟﻰ ِﺑ َﻨﺎءِ ُﻣ ْﺠ َﺘ َﻤ َﻌ ٍ‬ ‫ﺎل ِإ ْﺛﺮَاءِ‬ ‫َﺟ ِﻤ ُ‬ ‫اﻗﺘ َ‬ ‫ِﺼﺎدِ ا ْﻟ َﻤ ْﻌﺮِ َﻓ ِﺔ‪َ ،‬‬ ‫اء ِﻣ ْﻦ ِﺧ َﻠ ِ‬ ‫ﺳﻮَ ً‬ ‫َ‬ ‫ﺎت ﺑِﺎ ْﻟ ِﻔ ْﻜﺮِ وَ ﱠ‬ ‫اﻟﺜ َﻘ َ‬ ‫ﻴﻦ اﻟ ﻠ َﻐ ِﺔ ا ْﻟ َﻌ َﺮ ِﺑﻴ ِﱠﺔ وَ َﺗ ْﻌﺰِ ﻳﺰِ َﻣ َﻜﺎ َﻧﺘ َ‬ ‫ِﻬﺎ َﻟ َﺪى‬ ‫ا ْﻟ ُﻤ ْﺠ َﺘ َﻤ َﻌ ِ‬ ‫ﺎﻓ ِﺔ ‪ ،‬أوْ دَ ﻋْ ِ‬ ‫ﻢ وَ َﺗ ْﻤ ِﻜ ِ‬ ‫ﱠ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َات وَ اﻟﺜﻘ َ‬ ‫ض اﻟ ﱠﻨ َﺘ ِﺎجَ اﻟ ِﻔﻜﺮِ ﱢي ِﻟﻠ َﺤ َ‬ ‫ﺎت اﻟ ُﻤ ْﺨ َﺘﻠِﻔ ِﺔ ‪،‬‬ ‫ﺎﻓ ِ‬ ‫ﻀﺎر ِ‬ ‫َﺎل ا ْﻟ َﻘﺎدِ َﻣ ِﺔ ‪ ،‬وَ ﻛ َﺬﻟِﻚ ﻋَ ْﺒ َﺮ ﻋَ ﺮْ ِ‬ ‫ا ْﻟ َﺄ ْﺟﻴ ِ‬ ‫ﺎق ﺑِﺎﻟ ﱠﺘ َ‬ ‫ﻴﻞ ِﻣﻦ ا ْﻟ ُﻤﺒ ِْﺪﻋِ َ‬ ‫ﺿ َ‬ ‫ﺑِﺎ ْﻟ ِﺈ َ‬ ‫ﻄﻮ ِر‬ ‫ﻴﻞ وَ إِﻋْ َﺪادِ ِﺟ ٍ‬ ‫ﻴﻦ َﻗﺎدِ ٍر ﻋَ َﻠﻰ دَ ْﻓ ِﻊ ا ْﻟ ُﺄ ﱠﻣ ِﺔ ِﻟ ﱢﻠ َﺤ ِ‬ ‫ﺎﻓ ِﺔ ِإ َﻟﻰ َﺗ ْﺄ ِﻫ ِ‬ ‫ﻲ‪.‬‬ ‫ا ْﻟ َﻌﺎ َﻟ ِﻤ ﱢ‬

‫‪www.mbrf.ae‬‬

‫‪mbrf.ae‬‬

‫‪MBRF_News‬‬

‫‪MBRF_News‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.