Philanthropy Age Issue 3 Arabic

Page 1

‫‪www.PhilanthropyAge.com‬‬

‫العدد ‪03‬‬

‫اكتوبر ـ ديسمبر ‪2013‬‬

‫دروس‬ ‫في الحياة‬ ‫كيف يمكن تغيير العالم العربي‬ ‫عن طريق التعليم وخلق فر�ص العمل‬ ‫قرن من العطــاء‬

‫م�ؤ�س�سة روكفلر في رحلتها من ح�ضن العائلة‬ ‫�إلى رمز من رموز الأعمال الخيرية في العالم‬

‫نحو نمط تفكير جديد‬

‫الإمر�أة ال�سعودية تعمل على ردم الفجوة مع الرجل‬ ‫في �ساحة العمل كموظفة ورائدة �أعمال‬

‫المعالجة من الجذور‬ ‫م�ؤ�س�سة خيرية في باك�ستان توجه طاقات‬ ‫ال�شباب نحو الحرفية وم�ستقبل �أف�ضل‬




‫المحتويات‬

‫المحتويات‬

‫‪16‬‬

‫‪30 20‬‬

‫األبواب الثابتة‬

‫ ‪08‬‬ ‫ ‪10‬‬ ‫ ‪12‬‬ ‫ ‪14‬‬ ‫ ‪72‬‬ ‫ ‪74‬‬ ‫ ‪79‬‬

‫‪4‬‬

‫حقائق مهمة‬

‫‪16‬‬

‫الأطفال المن�سيون‬ ‫كيف تقوم منظمة خيرية بتوفير عمليات‬ ‫جراحية قلبية منقذة للحياة وخبرة‬ ‫�ضرورية للأطفال في العراق‬

‫‪34‬‬

‫‪52‬‬

‫ر�أب الفجوة بين الجن�سين‬ ‫بم�ساعدة الم�ؤ�س�سات غير الربحية‪،‬‬ ‫ب ��د�أت الن�ساء ال�سعوديات ف��ي فر�ض‬ ‫وجودهن في �سوق العمل‬

‫اللحظة‬ ‫منظور عالمي‬ ‫رأي الخبير‬

‫‪20‬‬

‫�أمة م�شردة‬ ‫ماذا يحمل الم�ستقبل لماليين الالجئين‬ ‫الفارين من �سوريا التي مزقتها الحرب‬ ‫وللدول التي ت�ست�ضيفهم؟‬

‫‪64‬‬

‫من حي التهمي�ش �إلى النجومية‬ ‫يتحدث �أ��س�ط��ورة المو�سيقى كوين�سي‬ ‫ج��ون��ز ع��ن ح�ي��ات��ه ف��ي ال�ع�م��ل الخيري‬ ‫وال�سعي لإنهاء مديونية العالم الثالث‬

‫في غضون يوم‬ ‫إحداث الفرق‬ ‫الخطوة التالية‬

‫‪42‬‬

‫الجيل القادم‬ ‫توفر ر�ؤو���س المال المغامرة الجديدة‬ ‫ف��ر� �ص � ًا ل � ��رواد الأع� �م ��ال ف ��ي �أع �ق��اب‬ ‫الربيع العربي‬

‫‪68‬‬

‫قرن من العطاء‬ ‫كيف تطورت م�ؤ�س�سة روكفلر من منظمة‬ ‫ت�سيرها عائلة �إل��ى �أيقونة عالمية في‬ ‫مجال العمل الخيري‬


‫المحتويات‬

‫‪38‬‬

‫‪52‬‬

‫‪42‬‬

‫‪60‬‬

‫‪48‬‬

‫‪24‬‬

‫ف��ي ه��ذا ال �ع��دد‪ ،‬ن ��زور مدينة كارات�شي‬ ‫ونذهب خلف كوالي�س جمعية �أم��ان التي‬ ‫تغير حياة الكثيرين م��ن خ�لال التعليم‬ ‫والتدريب المهني‬

‫‪68‬‬ ‫‪5‬‬


‫الم�ساهمون‬

‫مع جزيل الشكر ‪...‬‬

‫بدر جعفر‬

‫بدر جعفر رجل �أعمال �إماراتي بارز‬ ‫وم�ساهم ن�شط في ميدان الأعمال‬ ‫الخيرية والإن�سانية‪ .‬ت�شمل م�شاريعه‬ ‫الخيرية �إطالق �أكاديمية ال�شرق‬ ‫الأو�سط الم�سرحية غير الربحية مع‬ ‫الممثل الأميركي كيفن �سباي�سي‪،‬‬ ‫وت�أ�سي�س «مبادرة بيرل» وهي‬ ‫م�شروع مع مكتب الأمم المتحدة‬ ‫لل�شراكات لت�شجيع ال�شركات‬ ‫في ال�شرق الأو�سط على تحمل‬ ‫م�س�ؤولياتها االجتماعية والبيئية‪.‬‬ ‫وفي هذا العدد‪ ،‬يح ّدثنا بدر عن‬ ‫نظرة ال�شركات �إلى اال�ستثمارات‬ ‫الم�س�ؤولة اجتماعياً‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫جوناثان كاالن‬

‫جوناثان كاالن م�صو ٌر فوتوغرافي‬ ‫و�صحافي فائز بالعديد من‬ ‫الجوائز �سبق له العمل مع �صحف‬ ‫وم�ؤ�س�سات �إعالمية رائدة مثل‬ ‫نيويورك تايمز والغارديان وهيئة‬ ‫الإذاعة البريطانية (بي‪ ‬بي‪� ‬سي)‬ ‫و�صحيفة فاينن�شال تايمز‬ ‫وهافينغتون بو�ست ووكالة �أ�سو�شيتد‬ ‫بر�س‪ .‬كما عمل �أي�ض ًا مع االتحاد‬ ‫الدولي لل�صليب الأحمر‪ ،‬وم�ؤ�س�سات‬ ‫�أخرى‪ .‬ي�ستطلع جوناثان في هذا‬ ‫العدد الجيل الجديد من ر ّواد‬ ‫الأعمال في م�صر‪.‬‬

‫بيتر غي�ست‬

‫هو �صحافي فائز بالعديد من‬ ‫الجوائز يركّز على موا�ضيع‬ ‫التنمية الدولية والق�ضايا البيئية‪،‬‬ ‫ويكتب في �صحف بارزة مثل‬ ‫فاينن�شال تايمز و وول �ستريت‬ ‫جورنال والغارديان‪ ،‬وغيرها من‬ ‫المطبوعات‪ .‬وفي هذا العدد‪،‬‬ ‫ي�ستك�شف بيتر محنة الالجئين‬ ‫والدول التي ت�أويهم‪.‬‬

‫طارق يو�سف‬

‫الدكتور طارق محمد يو�سف‬ ‫هو الرئي�س التنفيذي لم�ؤ�س�سة‬ ‫«�صلتك» (‪ .)Silatech‬تعتبر‬ ‫الم�ؤ�س�سة مبادرة اجتماعية‬ ‫ديناميكية تتخذ من قطر مقر ًا‬ ‫لها‪ ،‬وتعمل على توفير فر�ص العمل‬ ‫وزيادة الفر�ص االقت�صادية لفئة‬ ‫ال�شباب من مختلف �أنحاء العالم‬ ‫يو�ضح‬ ‫العربي‪.‬في هذا العدد ّ‬ ‫طارق �أن الم�ؤ�س�سات العاملة من‬ ‫�أجل ال�شباب تحتاج �إلى مخاطبة‬ ‫مجرد‬ ‫المانحين بما هو �أكثر من ّ‬ ‫طلب التمويل‪.‬‬

‫عمر واعظ‬

‫عمر واعظ م�صور فوتوغرافي‬ ‫م�ستقل وفنان ب�صري وم�صور‬ ‫�أفالم يعمل انطالق ًا من مكتبه‬ ‫في مدينة كرات�شي الباك�ستانية‪.‬‬ ‫وقد �سبق له العمل مع عدد من‬ ‫المنظمات وال�شركات‪ ،‬مثل االتحاد‬ ‫الدولي لحماية الطبيعة (‪،)IUCN‬‬ ‫ومعهد ال�سند لأمرا�ض وزراعة‬ ‫الكلى (‪ ،)SIUT‬وم�ؤ�س�سة غروب‪� ‬إم‪،‬‬ ‫وتلفزيون جيو‪ .‬وفي هذا العدد‪،‬‬ ‫ي�ص ّوب عمر عد�سته على ال�شباب‬ ‫المهم�شين في مدينته كرات�شي‪.‬‬


‫ر�سالة المحرر‬

‫ت�صدر مجلة زمن العطاء عن تتا�ش الين �إف زي‪�-‬إل �إل �سي‬ ‫ال يتحمل النا�شرون الم�سوولية عن �أي خط�أ �أو حذف في محتوى هذه المجلة مهما‬ ‫كان �سببه‪ ،‬وال تعبر الآراء الواردة في هذه المجلة عن ر�أي النا�شرين‪ .‬كما ال يتحمل‬ ‫النا�شرون م�س�ؤولية المنتجات والخدمات المعلن عنها في هذه المجلة‪ .‬تخ�ضع‬ ‫هذه المجلة لحقوق الن�شر والتوزيع‪ ،‬وعليه‪ ،‬ال ي�سمح ب�إعادة ا�ستعمال �أي جزء من‬ ‫هذه المجلة ب�أي �شكل من الأ�شكال بما في ذلك ال�صور �أو �أي نوع من اال�ستغالل‬ ‫الإلكتروني بدون موافقة خطية من مالكي حقوق الن�شر والتوزيع‪ ،‬ب�إ�ستثناء ما‬ ‫ي�سمح به طبقا للقوانين الجاري العمل بها‪.‬‬ ‫تتا�ش الين �إف زي‪�-‬إل �إل �سي‬ ‫الطابق الرابع‪ ،‬المبنى الوردي‬ ‫المنطقة الإعالمية ‪twofour54‬‬ ‫منتزه خليفة‪� ,‬صندوق البريد ‪77826‬‬ ‫�أبو ظبي‪ ،‬الإمارات العربية المتحدة‬ ‫‪www.touchline.ae‬‬ ‫‪www.philanthropyage.com‬‬

‫فريق التحرير‪:‬‬ ‫الرئي�س التنفيذي‪-‬رئي�س التحرير‬ ‫ليونارد �ستال‬ ‫‪leonard@touchline.ae‬‬

‫محرر �أول‬ ‫�أندرو وايت‬ ‫‪andrew@touchline.ae‬‬

‫محرر لغة عربية‬ ‫فواز جراح‬ ‫‪fawaz@touchline.ae‬‬

‫محررة ومحررة موقع االنترنت‬ ‫جوان بالد‬ ‫‪joanne@touchline.ae‬‬

‫مدير الن�شر‬ ‫�سالم ال�شيخ‬

‫مدير عام العمليات‬ ‫وليد جبارة‬ ‫‪waleed@touchline.ae‬‬

‫م�ساعدة تحرير‬ ‫زينب بوفتا�س‬

‫مديرة تطوير الأعمال‬ ‫منى محمود‬ ‫‪mona@touchline.ae‬‬

‫مدير الق�سم الرقمي‬ ‫خوان ويتبي‬

‫مدير الت�صميم الرقمي‬ ‫مات والكر‬

‫مديرة المكتب‬ ‫ليندا مو�سكو‬

‫�إدارية مكتب‬ ‫ليوفل توليدانو‬

‫فريق �ستوديو تتا�ش الين‬ ‫�أحمد مرعي؛ �أن�س �أحمد البني؛‬ ‫مي�شيل �أ�سمر؛ قي�صر نواز؛‬ ‫و�سام بيروتي‬

‫للإعالن في المجلة‪:‬‬ ‫ديفيد تايلور �إيفانز‬ ‫‪david@elitemedia.ae‬‬

‫الم�ساهمون‪:‬‬ ‫بدر جعفر؛ طارق يو�سف؛ بيتر غي�ست؛ �أدريان �سيرنيجوي؛ تارا غالي؛ جاي�سون‬ ‫�سيمنز؛ كري�س �آ�سيغ؛ جوناثان كاالن‬ ‫ال�صور‪:‬‬ ‫جيتي �إيميجز؛ رويترز؛ عمر واعظ‪ ،‬بي �أل �سي؛ براك؛ مبادرة فاطمة بنت محمد‬ ‫بنت زايد؛ كيفا؛ م�ؤ�س�سة روكفيلر؛ الن�ساء من �أجل الن�ساء‬ ‫تعريب‪ :‬المدى للترجمة‬

‫إعادة النظر‬ ‫بالتعليم‬ ‫لي�س الأطفال وحدهم من يحتاجون لتعلّم الكثير‪ .‬فعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها العديد من الحكومات‬ ‫حد بعيد عن توفير‬ ‫في منطقة ال�شرق الأو�سط و�شمال �إفريقيا وجنوب �آ�سيا‪ ،‬فما تزال تلك المحاوالت قا�صرة �إلى ٍّ‬ ‫الأمن االقت�صادي وفر�ص االزدهار التي تتلهف لها تلك ال�شعوب‪.‬‬ ‫�إذ تر�سم الأرقام م�شهد ًا قاتماً‪ ،‬فثلث �سكان العالم العربي تحت عمر ‪ 15‬عاماً‪ ،‬و�ستكون المنطقة بحاجة �إلى‬ ‫نحو ‪ 75‬مليون فر�صة عمل جديدة حتى العام ‪ ،2020‬فقط لمواكبة هذا العدد الهائل من ال�شباب والإبقاء على معدالت‬ ‫البطالة الحالية‪ .‬لكن معدالت البطالة الآن هي م�شكلة بحد ذاتها‪ ،‬فربع الأ�شخا�ص الذين تتراوح �أعمارهم بين ‪15‬‬ ‫و ‪ 24‬عام ًا في المنطقة هم اليوم بال عمل‪ .‬وفي العالم العربي‪ ،‬يوجد ‪ 6.3‬مليون طفل في �سن التعليم االبتدائي ال‬ ‫تح�سن معدالت االلتحاق بالمدار�س‬ ‫يذهبون �إلى المدر�سة‪ ،‬وعلى الرغم من �أن هذا العدد يتناق�ص‪ ،‬فمن الوا�ضح �أن ّ‬ ‫لم ُيترجم �إلى تقدم �إيجابي في �سوق العمل لل�شباب‪.‬‬ ‫في هذا العدد من “زمن العطاء” ن�ستطلع مو�ضوعات التعليم والتدريب المهني وا�ستحداث فر�ص العمل‪ .‬ونزور‬ ‫باك�ستان وبنغالد�ش وم�صر و�أفغان�ستان والمملكة العربية ال�سعودية‪ ،‬وهي دول تختلف كثير ًا عن بع�ضها لكنها تجتمع‬ ‫في �أمر واحد‪ ،‬هو التباين بين احتياجات �شعوبها ال�شابة وما تتمكن الحكومات من تقديمه لهم‪ .‬وفي كل حالة من تلك‬ ‫الحاالت‪ ،‬ف�إن للمنظمات غير الحكومية والأفراد دور �أ�سا�سي في �سد هذه الفجوة‪.‬‬ ‫ي�صف البع�ض التركيبة ال�سكانية الفتية في العالم العربي ب�أنها قنبلة موقوتة قد تح ّول المنطقة �إلى ركام‪ .‬لكن‬ ‫الم�شاركين في �صفحات هذا العدد يف�ضلون النظر �إليها كفر�صة لتحقيق النمو‪� ،‬أو كثروة كامنة يمكنها �أن ت�ضع دول‬ ‫المنطقة في م�صاف �أكثر االقت�صادات تناف�سية في العالم‪ .‬دعونا ن�صغي لهم‪ ،‬ونتعلّم منهم‪.‬‬ ‫�أندرو وايت‬ ‫محرر �أول‪“ ،‬زمن العطاء”‬ ‫ي�سعى النا�شر �إلى تعميم ثقافة العمل الخيري الهادف والمجدي‪ ،‬بمفهومه العميق والوا�سع‪ ،‬وهو ال ي�سعى �إلى‬ ‫الترويج لأي فرد �أو م�ؤ�س�سة �أو �أجندة‪ .‬ومن هذا المنطلق‪ ،‬فالم�ؤ�س�سات والأفراد تتم �إ�ست�ضافتهم على �صفحات‬ ‫هذه المجلة ح�صراً بحكم جهودهم الخيرية والفوائد الإن�سانية والإجتماعية والتنموية التي تنتج عنها‬ ‫�إ�ستخدم تقنية بليبار لتتمتع بقراءة تفاعلية لـ “زمن العطاء”؛ �إتبع الخطوات ال�سهلة التالية‪:‬‬ ‫(يمكنك تحميل تطبيق ‪ Blippar‬من متجر �آبل “‪ ”Apple App Store‬و متجر برامج جوجل “‪)”Google Play‬‬

‫‪2306-0328 zaman al-ata :ISSN‬‬

‫‪LOOK FOR‬‬ ‫‪BLIPPAR‬‬ ‫‪LOGO‬‬

‫توزيع‪GLS Media Services :‬‬ ‫تمت الطباعة في‪Emirates Printing Press, Dubai :‬‬

‫ال�شركاء الم�ؤ�س�سون‪:‬‬

‫‪FILL SCREEN‬‬ ‫‪WITH IMAGE‬‬

‫‪BLIPP...‬‬

‫‪IMAGE JUMPS‬‬ ‫!‪TO LIFE‬‬

‫‪DOWNLOAD‬‬ ‫‪BLIPPAR‬‬

‫ح ّمل برنامج‬ ‫على هاتفك النقال‬

‫‪Blippar‬‬

‫�إبحث عن �شعار‬ ‫�ضمن �صفحات المجلة‬

‫‪Blippar‬‬

‫وجه هاتفك لتمتلئ‬ ‫ال�شا�شة بال�صورة‬

‫ا�ستمتع بم�شاهدة‬ ‫المحتويات التفاعلية‬

‫‪7‬‬


‫حقائق مهمة‬

‫تسع حقائق‬ ‫‪1‬‬

‫من المهم أن تعرفها …‬

‫الجدل يحتدم من جديد‬ ‫بشأن زواج األطفال‬ ‫‪3‬‬ ‫احت ّل خبر وفاة طفلة يمنية في الثامنة من عمرها في ليلة‬ ‫زفافها عناوين الأخبار في العالم خالل �شهر �سبتمبر‪،‬‬ ‫ليعيد من جديد الجدل حول ظاهرة تزويج ال�صغيرات‪.‬‬ ‫فالفقر ال�شديد قد يدفع عائالت في اليمن �إلى‬ ‫تزويج بناتهم ال�صغيرات للح�صول على مهرهن‪ ،‬و�أي�ضا‬ ‫لتوفير نفقات تربية الطفلة‪ .‬وتق ّدر‬ ‫بيانات الأم��م المتحدة والحكومة‬ ‫اليمنية �أن ما يقرب من ‪ 14‬بالمئة‬ ‫من الفتيات اليمنيات يتزوجن قبل‬ ‫�سن الـ ‪ 15‬عاماً‪ ،‬و�أن ‪ 52‬بالمئة منهن‬ ‫يتزوجن قبل �سن ‪ 18‬عاماً‪.‬‬ ‫وكانت منظمة هيومان رايت�س‬ ‫ووت�ش قد حثّت الدولة اليمنية في‬ ‫العام ‪ 2011‬على حظر زواج الفتيات‬ ‫تحت �سن ‪ 18‬عاماً‪ ،‬مح ّذرة مما تتعر�ض له الزوجات‬ ‫ٍ‬ ‫حرمان من التعليم ومخاطر �صحية‪ .‬ولم‬ ‫ال�صغيرات من‬ ‫ير النور � ّأي قانون بهذا الخ�صو�ص حتى الآن‪.‬‬ ‫وال تقت�صر الق�ضية على اليمن‪ ،‬فهناك ‪� 39‬ألف طفلة‬ ‫تتزوج يومياً‪ ،‬وفق ًا لبيانات �صندوق الأمم المتحدة لل�سكان‬ ‫(‪ .)UNFPA‬ففي الدول النامية‪ ،‬هناك بنت بين كل ‪ 7‬فتيات‬ ‫زف �إلى زوجها قبل �أن تبلغ الخام�سة ع�شر من العمر‪.‬‬ ‫ُت ّ‬ ‫وفي �أغ�سط�س‪ ،‬ق ّدم “�صندوق كنديدا” ومقره الواليات‬ ‫المتحدة منح ًا بقيمة ‪ 23‬مليون دوالر �أميركي لمنظمات‬ ‫غير حكومية في الهند وبنغالد�ش ونيبال لم�ساعدتها في‬ ‫الق�ضاء على ظاهرة زواج ال�صغيرات‪ .‬والحاجة قائمة �إلى‬ ‫مزيد من التمويل من �أجل زيادة التوعية ومعالجة الآثار‬ ‫االقت�صادية واالجتماعية الناجمة عن الزواج المبكر‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫‪2‬‬ ‫ح���� ّث����ت ل���ج���ن���ة �أم����م����ي����ة رف���ي���ع���ة‬ ‫الم�ستوى‪ ،‬وهي الهيئة المكلفة‬ ‫بو�ضع �أج��ن��دة التنمية لما بعد‬ ‫ال���ع���ام ‪ ،2015‬م��ن��ظ��م��ة الأم����م‬ ‫المتحدة على تبني ق�ضية زواج‬ ‫الأط�����ف�����ال ك���م����ؤ����ش���ر م���ه���م ع��ل��ى‬ ‫تمكين المر�أة‪.‬‬

‫‪$1‬‬

‫مليار‬ ‫دوالر‬ ‫�أميركي‬

‫هو ما تعهدت به بريطانيا على‬ ‫مدى ثالث سنوات لصالح الصندوق‬ ‫العالمي لمكافحة اإليدز والسل‬ ‫والمالريا‪ .‬جاء اإلعالن عن هذه المنحة‬ ‫في سبتمبر على لسان وزير الدولة‬ ‫للتنمية الدولية‪ ،‬في مقر األمم‬ ‫المتحدة بنيويورك‬


‫حقائق مهمة‬

‫“نحن لن نحقق كل أهداف التنمية في األلفية للعام ‪،2015‬‬ ‫خفض تم تسجيله في وفيات األطفال‪.‬‬ ‫لكننا حققنا أكبر‬ ‫ٍ‬ ‫أي‬ ‫لقد نجحنا في إنقاذ حياة ماليين األطفال‪ ،‬وأتحدى ّ‬ ‫شخص يصف هذا بالفشل”‬ ‫بيل غيتس‪ ،‬المؤسس المشارك لمؤسسة “بيل وميلندا‬ ‫غيتس”‪ ،‬وأكبر مساهم في األعمال الخيرية في العالم‬

‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬

‫�إن � �ع� ��دام الأم � ��ن ال �غ ��ذائ ��ي و��ض�ع��ف‬ ‫التغذية يهددان جهود مكافحة الفقر‬ ‫ف��ي جنوب �آ�سيا‪ .‬فالمنطقة تعاني‬ ‫من �أعلى ن�سبة للفقراء والجياع في‬ ‫العالم‪ :‬فنحو ثلث من يعانون �سوء‬ ‫التغذية في العالم يعي�شون في جنوب‬ ‫�آ�سيا‪ ،‬خا�صة بنغالد�ش والهند ونيبال‪،‬‬ ‫وفق ًا لتقديرات معهد �أبحاث �سيا�سات‬ ‫الغذاء الدولي‪ .‬و�ست�سهم معالجة هذه‬ ‫الم�شكلة ج��ذري� ًا ف��ي جهود انت�شال‬ ‫المنطقة من الفقر‪.‬‬

‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬

‫وف �ق � ًا ل�ت�ق��دي��رات ج��دي��دة لوفيات‬ ‫الأطفال �صادرة عن الأمم المتحدة‬ ‫ف�إن ‪ 22‬بالمئة من وفيات الأطفال‬ ‫ت��ح��ت ���س ّ��ن ال��خ��ام�����س��ة ت��ح��دث في‬ ‫ال���ه���ن���د‪ .‬ورغ� ��م ان �خ �ف��ا���ض م�ع��دل‬ ‫الوفيات في هذه الفئة على م�ستوى‬ ‫العالم بمعدل ‪ 47‬بالمئة منذ العام‬ ‫‪ ،1990‬فما ت��زال ن�سب عالية من‬ ‫�سجل ف��ي منطقة‬ ‫ه��ذه ال��وف�ي��ات ُت َّ‬ ‫ج �ن��وب �آ��س�ي��ا وج �ن��وب ال�صحراء‬ ‫الإفريقية‪ .‬و�أك�ث��ر من ثلث وفيات‬ ‫الأط �ف ��ال ت�ح��ت الخام�سة تحدث‬ ‫ف��ي ال�ه�ن��د ون�ي�ج�ي��ري��ا ل��وح��ده�م��ا‪.‬‬ ‫ويجب تقلي�ص معدالت وفاة الأطفال‬ ‫بمعدل �أربعة بالمئة �سنوي ًا على الأقل‬ ‫للو�صول �إلى �أحد �أهداف التنمية في‬ ‫الألفية الجديدة‪ ،‬وهو خف�ض هذا‬ ‫المعدل بمقدار الثلثين بحلول العام‬ ‫‪ .2015‬فما الخطوات الإ�ضافية التي‬ ‫يمكن اتخاذها لم�ساعدة هذه الدول‬ ‫على تحقيق الهدف المرجو؟‬

‫‪54‬‬

‫‪8‬‬

‫‪9‬‬

‫ك�شف بحث ج��دي��د �أن م��ا ال يقل عن‬ ‫‪ 20‬بالمئة م��ن ال�م���س��اع��دات المالية‬ ‫التي تقول ال ��دول الغنية �أن�ه��ا تمنحها‬ ‫للدول النامية‪ ،‬ال ت�صل �إل��ى الأخ�ي��رة‪.‬‬ ‫ويق ّدر المحللون في مجموعة “مبادرات‬ ‫التنمية” التي تتخذ من المملكة المتحدة‬ ‫مقر ًا لها �أن ‪ 22‬مليار دوالر على الأقل‬ ‫م��ن �أ� �ص��ل ‪ 100‬مليار دوالر تع ّهد بها‬ ‫المانحون كم�ساعدات تنموية ر�سمية‬ ‫حول‬ ‫ثنائية (‪ )ODA‬في العام ‪ 2011‬لم ُت َّ‬ ‫�إلى ال��دول الم�ستهدفة‪ ،‬بل �أُنفقت تلك‬ ‫الأموال على �أن�شطة في الدول المانحة‪،‬‬ ‫�أو ُو ِّجهت لإلغاء ديون �أو �إعادة جدولتها‪.‬‬ ‫ونتيجة لهذا‪ ،‬ال يمكن لإح�صاءات �أرقام‬ ‫الم�ساعدات �أن تعك�س الموارد الفعلية‬ ‫التي تح�صل عليها الدول الفقيرة‪ ،‬كما‬ ‫ي�شير التقرير ال ��ذي ي�ضيف‪“ :‬بدون‬ ‫بيانات �أدق‪ ،‬ال يمكننا تخ�صي�ص الموارد‬ ‫المنا�سبة لتحقيق نتائج مثلى‪ ،‬ولمراقبة‬ ‫م�ستوى التقدم‪ ،‬وال�ستخال�ص العبر‪� ،‬أو‬ ‫لمحا�سبة المانحين والمتلقين”‪.‬‬

‫‪%‬‬

‫أكثر من نصف عدد السكان ممن‬ ‫سن العمل في الشرق‬ ‫هم في‬ ‫ّ‬ ‫األوسط وشمال إفريقيا عاطلون‬ ‫عن العمل أو غير منتجين‪ ،‬وفق ًا‬ ‫للبنك الدولي‪ ،‬ما يعكس الحاجة‬ ‫الماسة لدعم النمو في القطاع‬ ‫الخاص في المنطقة‬

‫“إن تع ّرض أحد المنازل لحريق‪ ،‬وتجاهلت طلب‬ ‫المساعدة من أهله‪ ،‬فهذه النار يمكن أن تنتشر‬ ‫بسرعة حتى تصل إلى بيتك أنت”‬ ‫سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي‬ ‫ّ‬ ‫تحث الدول المتقدمة على القيام بالمزيد‬ ‫لمساعدة المتضررين من األزمة السورية‬

‫‪9‬‬


‫اللحظة‬

‫اجلمعة ‪ 9‬اكتوبر ‪2012‬‬

‫الفتاة التي‬ ‫أحدثت فارق ًا‬

‫قبل‬

‫ع��ام‪� ،‬صعد نا�شطان م��ن حركة طالبان‬ ‫حافلة مدر�سية في �شمال غرب باك�ستان‬ ‫بحث ًا عن فتاة عمرها ‪ 15‬عاماً‪ .‬وخالل ٍ‬ ‫ثوان‬ ‫كانوا قد �أطلقوا النار على ر�أ�س مالال يو�سفزاي‪ ،‬وتركوها‬ ‫تنزف �أمام زمالئها المذعورين‪ .‬في تلك اللحظة لم يكن‬ ‫الم�سلحون ليت�صوروا مدى ت�أثير الفعل الذي �أقدموا عليه‬ ‫و�صداه في العالم‪.‬‬ ‫هوجمت مالال ب�سبب انتقاداتها ال�صريحة للحظر‬ ‫الذي فر�ضته طالبان على تعليم الإناث‪ .‬ورغم الإحتمال‬ ‫ال�ضئيل بنجاتها عا�شت‪ ،‬وع�لا ال�صوت ال��ذي حاولوا‬ ‫�إ�سكاته‪ ،‬باعث ًا �صداه �أبعد مما كان قد يتوقعه �أي �شخ�ص‪.‬‬ ‫و�أ�ضحت اليوم مالال‪ ،‬بنت ال�ساد�سة ع�شرة‪� ،‬أ�شهر نا�شطة‬ ‫في العالم في مجال الدعوة �إلى التعليم‪ ،‬وهي تجذب‬ ‫�إنظار العالم �إلى ق�ضية ما يقارب من الـ‪ 60 ‬مليون طفل‬ ‫حول العالم هم خارج النظام المدر�سي‪.‬‬ ‫رك��زت مالال جهودها على ق�ضية �ضمان التعليم‬ ‫للجميع‪ ،‬حيث �أث��ارت هذه الق�ضية في جميع المحافل‬ ‫الدولية‪ ،‬من الأم��م المتحدة �إل��ى لقائها مع الرئي�س‬ ‫الأمريكي باراك �أوباما‪� .‬إنها وبكل المقايي�س‪ ،‬ال�صوت‬ ‫الم�ؤثّر لجيلها‪.‬‬ ‫ُر ّ�شحت م�لاال لجائزة نوبل لل�سالم لهذا العام‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من عدم فوزها‪� ،‬إال �أنها بال �شك‪ ،‬بطلة في‬ ‫نظر الكثيرين‪ ،‬وملهمة لماليين الأطفال المحرومين من‬ ‫التعليم‪ .‬وفي مقابلة �أجرتها معها م�ؤخر ًا هيئة الإذاعة‬ ‫البريطانية‪�ُ ،‬سئلت مالال عن ر�أيها عما حققه المت�شددون‬ ‫في ذلك اليوم في باك�ستان‪ ،‬فقالت “�أعتقد �أنهم ندموا‬ ‫لإطالقهم النار على مالال‪ ،‬لأن �صوتها بات ُي�سمع الآن في‬ ‫كل ركن من �أركان العالم”‪n .‬‬

‫‪10‬‬


‫اللحظة‬

‫‪11‬‬


‫منظور عالمي‬

‫جيل ضائع‬

‫�أ�صبح ال�صراع الدموي في �سوريا والم�ستمر منذ �أكثر من عامين ون�صف‪� ،‬أكبر �أزمة �إن�سانية في العالم اليوم‪� .‬إذ بلغ عدد الذين فروا من‬ ‫القتال وعبروا الحدود �إلى الدول المجاورة نحو ‪ 2.1‬مليون �شخ�ص‪ ،‬وبات �أكثر من ن�صف �سكان �سوريا البالغ عددهم ‪ 22‬مليون �شخ�ص‪،‬‬ ‫بحاجة �إلى الم�ساعدة‪ .‬وفي الأول من �أكتوبر الما�ضي‪� ،‬صرح المر�صد ال�سوري لحقوق الإن�سان �أن الحرب الدائرة �أودت بحياة ‪� 115‬ألف‬ ‫�إن�سان‪ ،‬في حين قتل حوالي ‪� 5‬آالف �شخ�ص من الجنود والمدنيين ومقاتلي المعار�ضة في �شهر �سبتمبر وحده‬

‫ومع عدم ظهور �أي بوادرتذكر لو�ضع حد للأزمة‪ ،‬ت�سارع وك��االت الإغاثة للتح�ضير لل�شتاء‬ ‫الثالث من هذه الحرب‪ .‬وفي حين ي�ستمر عدد الالجئين باالزدياد‪� ،‬أطلقت الأمم المتحدة‬ ‫نداء عالمي ًا عاج ًال لت�أمين م�ساعدات للدول التي تتحمل العبء الأكبر‪ ،‬وهي‪ :‬لبنان والأردن‬ ‫وتركيا والعراق‪� .‬سوف يخ�ص�ص جزء من هذا التمويل من �أجل محاولة �إنقاذ �أطفال �سوريا‬ ‫وح�م��اي��ة ج�ي��ل م�ع��ر���ض لل�ضياع‪ .‬ي�شكل ال�ن���س��اء والأط� �ف ��ال ثلثي ال�لاج�ئ�ي��ن‪ ،‬وق ��د و�صل‬

‫ال� �ع ��دي ��د م �ن �ه ��م �إل � � ��ى م��خ��ي��م ��ات الأم� � � ��م ال� �م� �ت� �ح ��دة ول� �ي� �� ��س م �ع �ه ��م �إال ال �م�لاب ����س‬ ‫ال � �ت� ��ي ي� ��رت� ��دون � �ه� ��ا‪ .‬وف � ��ي � �س �ب �ت �م �ب ��رال �ف ��ائ ��ت‪� �� ،‬ص � ّ�رح ��ت الأم� � � ��م ال� �م� �ت� �ح ��دة �أن م��ا‬ ‫ي� �ق ��رب م� ��ن م �ل �ي��ون��ي ط��ف ��ل �أ�� �ص� �ب� �ح ��وا خ� � ��ارج ال � �م� ��دار�� ��س خ �ل��ال ال � �ع� ��ام ال �م��ا� �ض��ي‪،‬‬ ‫وه ��ي �إح� ��دى ال �ع�لام��ات ال�ح��ال�ك��ة ل �ل��دم��ار ال� ��ذي �سببته ال��ح ��رب‪ .‬وب� ��دون ت��وف�ي��ر مزيد‬ ‫من التمويل‪ ،‬يبدو م�ستقبل ه�ؤالء الأطفال _ وم�ستقبل �أ�سرهم �أي�ض ًا _ قاتم ًا على نحو متزايد‪.‬‬

‫التكلفة البشرية للحرب‬ ‫ت�ست�ضيف دول ال�شرق الأو�سط �أكثر من مليوني‬ ‫الجئ �سوري‪ ،‬يتوزع غالبيتهم على مخيمات �أقيمت‬ ‫على عجل في لبنان والأردن وتركيا والعراق‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من ق�سوة الأو�ضاع‪� ،‬إال �أنها مر�شحة للتفاقم‬ ‫فر �أكثر‬ ‫�أكثر ب�سبب ا�ستمرار م�شكلة النزوح‪ .‬لقد ّ‬ ‫من مليون �شخ�ص من الحرب في الأ�شهر الخم�سة‬ ‫الأولى من عام ‪ 2013‬وحده‪ ،‬وهو ما ُي ّعد انفجار ًا‬ ‫ك�ب�ي��ر ًا ل�ل�أزم��ة‪ .‬و�إذا م��ا ا�ستمرت االت�ج��اه��ات‬ ‫الحالية‪ ،‬ف�إن وكالة الأمم المتحدة لالجئين تتوقع‬ ‫فرار �أكثر من ‪ 3‬ماليين �سوري من بلدهم‪ ،‬بحلول‬ ‫نهاية عام ‪.2013‬‬ ‫وقد حثت الأم��م المتحدة ال��دول المتقدمة‬ ‫على توفير الحماية �أو �إع��ادة توطين الالجئين‬ ‫الم�ست�ضعفين م��ؤق�ت�اً‪ ،‬ول�ك��ن اال�ستجابة كانت‬ ‫�ضعيفة‪ .‬فبرامج �إعادة التوطين تغطي حتى الآن‬ ‫حوالي ‪� 10‬آالف �شخ�ص فقط _ وهي قطرة في‬ ‫محيط الالجئين الوا�سع‪.‬‬

‫لبنان ‪*779,038‬‬

‫الأردن ‪*534,418‬‬ ‫تركيا ‪*500,273‬‬

‫العراق ‪*194,644‬‬ ‫م�صر ‪*127,411‬‬

‫�أوربا ‪**20,776‬‬

‫الواليات المتحدة‪/‬كندا ‪**1,044‬‬ ‫اليابان ‪**171‬‬

‫�أ�ستراليا ‪**85‬‬

‫* الم�صدر‪ :‬البيانات المقدمة من الدول المجاورة �إلى المفو�ضية ال�سامية للأمم المتحدة ل�ش�ؤون الالجئين‪� 3 ،‬أكتوبر‪/‬ت�شرين الأول ‪2013‬‬

‫‪12‬‬

‫** طلبات اللجوء المقدمة من مواطنين �سوريين‪ ،‬بين يناير‪/‬كانون الثاني‪ -‬يوليو‪/‬تموز ‪ .2013‬الم�صدر‪ :‬المفو�ضية ال�سامية للأمم المتحدة ل�ش�ؤون الالجئين‪.‬‬


‫منظور عالمي‬

‫حماية مستقبل سوريا‬ ‫ت�سببت �أعمال العنف في �سوريا بت�سرب قرابة جيل‬ ‫كامل من المدار�س‪ .‬وال�صورة قاتمة �أي�ض ًا بالن�سبة‬ ‫لأولئك الذين يعي�شون في مخيمات الالجئين‪� ،‬إذ �أن‬ ‫قلة من البلدان الم�ضيفة قادرة على ا�ستيعاب الكم‬ ‫الكبير من الأطفال المتدفقين �إليها‪� ،‬ضمن المدار�س‬ ‫العامة لديها‪ .‬وتظهر بيانات وكالة اليوني�سيف التابعة‬ ‫للأمم المتحدة �أن المدار�س الر�سمية في العراق‬ ‫ولبنان والأردن‪ ،‬لم ت�ستوعب من الأطفال ال�سوريين‬ ‫�سوى الثلث �أو �أقل‪ ،‬واالحتمال الوحيد �أن يزداد الو�ضع‬ ‫�سوء ًا في الم�ستقبل‪.‬‬

‫‪161‬‬

‫مليون دوالر‬ ‫م�ستوى التمويل المطلوب‬

‫‪51‬‬

‫مليون دوالر‬ ‫ما تم ا�ستالمه‬

‫وك��االت الإغاثة في حاجة ما�سة للتمويل لموا�صلة جهودها لم�ساعدة‬ ‫الالجئين والنازحين ال�سوريين‪ ،‬ولتخفيف ال�ضغط على الدول العربية‬ ‫المجاورة‪ .‬وفي �إطار هذه المهمة‪� ،‬أطلقت الأمم المتحدة في يونيو �أكبر‬ ‫نداء �إ�ستغاثة في التاريخ _ لجمع ‪ 5‬مليارات دوالر _ من �أجل دعم �ضحايا‬ ‫الحرب‪ .‬وقد ح�صلت على �أقل من ن�صف هذا المبلغ‪.‬‬

‫‪2.98‬‬

‫مليار‬ ‫دوالر‬ ‫ما طلبته الأمم المتحدة‬

‫‪1.39‬‬

‫مليار‬ ‫دوالر‬ ‫ما تم ا�ستالمه حتى الآن‬

‫‪ 2‬مليون‬ ‫عدد الأطفال ال�سوريين الذين �أ�صبحوا خارج المدار�س‪ ،‬وهو يمثل‬ ‫حوالي ‪ 40‬في المائة من �إجمالي التالميذ الذين تتراوح �أعمارهم‬ ‫بين ‪ 15 - 6‬عاماً‪.‬‬

‫نقص التمويل‬

‫طلبت اليوني�سيف تموي ًال قدره ‪ 470‬مليون دوالر لدعم جهودها في‬ ‫�سوريا‪ ،‬منها ‪ 161‬مليون دوالر لدعم قطاع التعليم (القطاع الأقل‬ ‫تموي ًال من بين كافة القطاعات)‪ ،‬لكنها تلقت ‪ 51‬مليون دوالر فقط‪.‬‬

‫* الم�صدر‪ :‬المفو�ضية ال�سامية للأمم المتحدة ل�ش�ؤون الالجئين‪ ،‬البيانات �صحيحة حتى ‪� 2‬أكتوبر ‪2013‬‬

‫أزمة متنامية‬ ‫ال يظهر نزوح الالجئين من �سوريا �أي عالمات على‬ ‫التباط�ؤ‪ ،‬في حين يتزايد عدد المواطنين المحا�صرين‬ ‫ف��ي مناطق ال �ن��زاع داخ��ل البلد ي��وم�ي�اً‪ .‬وم��ع انهيار‬ ‫االقت�صاد ال�سوري‪� ،‬سوف ي�صبح توفير الطعام والمياه‬ ‫وغ�ي��ره��ا م��ن الإم � ��دادات العاجلة للمت�ضررين من‬ ‫الحرب‪� ،‬أكثر �إلحاح ًا بالن�سبة لوكاالت الإغاثة‪ .‬يحتاج‬ ‫�أكثر من ن�صف �سكان �سوريا �إلى م�ساعدات حالياً‪،‬‬ ‫و�سوف ي�ستمر هذا العدد في االرتفاع‪.‬‬

‫طالبت المفو�ضية ال�سامية ل�ش�ؤون الالجئين التابعة للأمم المتحدة بمبلغ ‪ 2.98‬مليار‬ ‫لدعم جهودها في �سوريا‪ .‬و تلقت نحو ‪ 47‬في المائة من التمويل المطلوب‪ ،‬وذلك حتى‬ ‫تاريخ ‪� 2‬أكتوبر‪.‬‬ ‫* الم�صدر‪ :‬المفو�ضية ال�سامية للأمم المتحدة ل�ش�ؤون الالجئين‪ ،‬البيانات �صحيحة حتى ‪� 2‬أكتوبر‬

‫‪2013‬‬

‫‪ 6‬مليون‬ ‫العدد المتوقع للنازحين داخلي ًا بحلول نهاية عام‬

‫‪2013‬‬

‫‪ 4.25‬مليون‬

‫العدد الحالي للنازحين‬

‫‪ 3.5‬مليون‬

‫العدد المتوقع لالجئين بحلول نهاية عام ‪،2013‬‬ ‫ا�ستناد ًا �إلى االتجاهات الراهنة‬

‫‪ 2.1‬مليون‬

‫* الم�صدر‪ :‬المفو�ضية ال�سامية للأمم المتحدة ل�ش�ؤون الالجئين‪ ،‬البيانات �صحيحة حتى ‪� 2‬أكتوبر ‪2013‬‬

‫العدد الحالي لالجئين ال�سوريين‬

‫‪13‬‬


‫كلمة �ضيف العدد‬

‫صعود نجم ر ّواد‬ ‫المشاريع االجتماعية‬ ‫رجل الأعمال الإماراتي البارز‪ ،‬بدر جعفر‪ ،‬ي�ستعر�ض مقومات وجدوى �إقامة اال�ستثمارات ذات‬ ‫الم�س�ؤولية الإجتماعية‪ ،‬و�إ�سهاماتها الم�أمولة في عالج الم�شكالت الملحة في العالم العربي‬

‫يمر‬

‫عن الكاتب‬ ‫بدر جعفر‪ ،‬الع�ضو المنتدب لمجموعة الهالل‪ ،‬هو رجل � ٍ‬ ‫أعمال‬ ‫�إم��ارات��ي ب��ارز وم�ساه ٌم ن�شط في المجال الخيري‪ .‬ت�شمل‬ ‫م�شاريعه الخيرية �إطالق �أكاديمية م�سرحية غير ربحية في‬ ‫ال�شرق الأو�سط مع الممثل الأميركي كيفن �سباي�سي‪ ،‬وت�أ�سي�س‬ ‫“مبادرة بيرل” بال�شراكة مع مكتب الأمم المتحدة لل�شراكات‬ ‫لتعزيز ثقافة الم�ساءلة الم�ؤ�س�سية في منطقة ال�شرق الأو�سط‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫تغير غير م�سبوقة‪.‬‬ ‫العالم العربي بفترة ّ‬ ‫وقد �أدى انعدام الفر�ص االقت�صادية �أمام‬ ‫ع�شرات الماليين من ال�شباب العربي �إلى‬ ‫زيادة معدالت البطالة بين ال�شباب �إلى ما يقرب من ‪40‬‬ ‫بالمئة‪ .‬وما يزيد من هذه الم�شكلة هو التزايد الكبير‬ ‫في �أع��داد ال�سكان في المنطقة‪ ،‬حيث تبلغ ن�سبة من‬ ‫هم دون الثالثين من العمر ‪ 65‬بالمئة‪ .‬لقد تزايد عدد‬ ‫�سكان العالم العربي بنحو ‪ 50‬بالمئة منذ ت�سعينات القرن‬ ‫الع�شرين‪ ،‬ومن المتوقع �أن ينمو بنف�س الن�سبة مرة �أخرى‬ ‫بحلول العام ‪.2030‬‬ ‫و�أظ� �ه ��رت ال ��درا�� �س ��ات �أن م�ع�ظ��م ال��وظ��ائ��ف‬ ‫الم�ستحدثة ف��ي ال ��دول المتقدمة تولدها الأع�م��ال‬ ‫ال�صغيرة‪ ،‬والتي تو ّفر ما بين ‪ 60‬و‪ 80‬بالمئة من الوظائف‬ ‫الجديدة‪ .‬في المقابل‪ ،‬ال ت�ستحدث الم�شاريع ال�صغيرة‬ ‫والمتو�سطة في منطقتنا �سوى �أقل من ‪ 20‬بالمئة من‬ ‫ال��وظ��ائ��ف‪ .‬وه��ذا م��ا يمنح اال�ستثمار ف��ي الم�شاريع‬ ‫ال�صغيرة والمتو�سطة �أهمية كبرى‪ ،‬ال �سيما �إذا كان‬ ‫الهدف هو بب�ساطة وقف ارتفاع معدالت البطالة بين‬ ‫ال�شباب‪ ،‬حيث يتوجب على العالم العربي توفير �أكثر‬ ‫من ‪ 120‬مليون وظيفة جديدة خالل ال�سنوات الع�شرين‬ ‫المقبلة‪ .‬وه��ذا يفوق عدد الوظائف التي نجحنا في‬ ‫ا�ستحداثها على مدى القرن الما�ضي كله‪.‬‬

‫� ّإن عمليات الم�س�ؤولية االجتماعية لل�شركات كثيرة‪،‬‬ ‫وت�ستوجب ت�ضافر جهود العديد من المعنيين‪ ،‬وال بد من‬ ‫ت�شجيع ه��ذه العمليات على كافة الم�ستويات‪ ،‬ب��دء ًا من‬ ‫المنزل �إلى المدر�سة‪ ،‬ومن القطاع الحكومي �إلى مجتمع‬ ‫الأعمال‪ .‬ومن خالل اال�ستثمار في ال�شركات ذات الم�س�ؤولية‬ ‫االجتماعية‪ ،‬يمكننا البدء بمعالجة التحديات االجتماعية‬ ‫واالقت�صادية ب�شكل مبا�شر‪ .‬وه��ذه ه��ي ري ��ادة الأع�م��ال‬ ‫االجتماعية التي يمكن �أن ي�ساهم فيها الفرد والمجتمع ككل‪.‬‬ ‫و�أثبتت ال�شراكات بين القطاعين العام والخا�ص‬ ‫�إمكانية نقل المهارات والمعرفة �إلى جيل ال�شباب ب�شكل‬ ‫منهجي وم�ؤ�س�سي ناجح عندما يتولى القطاع الخا�ص زمام‬ ‫بدعم من القطاع الحكومي‪ .‬وعندما يجتمع ذلك مع‬ ‫المبادرة ٍ‬ ‫عنا�صر العمل الأ�سا�سية الثالثة (الربح والإن�سان والأر�ض)‬ ‫ف�سنح�صل غالب ًا على الو�صفة الالزمة للو�صول �إلى اقت�صاد‬ ‫�إقليمي يمتاز بالنجاح واال�ستدامة ب�شكل حقيقي‪.‬‬ ‫ما هي �إذن ريادة الأعمال االجتماعية؟ �إنها عملية‬ ‫ٍ‬ ‫�شراكات تقوم على‬ ‫يقودها القطاع الخا�ص من خالل‬ ‫الحوافز مع القطاع العام وال��وك��االت العالمية وقطاع‬ ‫الم�ؤ�س�سات غير الربحية‪ ،‬بحيث تعالج العديد من‬ ‫الق�ضايا التي تواجه مجتمعنا المتجه نحو العولمة ب�شكل‬ ‫متزايد‪ِ ،‬‬ ‫وجعل ذلك جزء ًا من ن�سيج �أعمالها التجارية‪.‬‬ ‫الأيام التي كان نجاح الأعمال فيها يقا�س بالأرباح‬ ‫فقط تو�شك على الأفول‪ ،‬لدى مختلف قطاعات المجتمع‬ ‫في العالم‪ ،‬فلم تعد الأعمال التجارية ت�ص ّنف بربحيتها‬ ‫فقط‪ ،‬لكن �أي�ضاً‪ ،‬وعلى نح ٍو متزايد‪ ،‬بت�أثيرها الإيجابي‬ ‫والقابل للقيا�س على المجتمع والبيئة‪.‬‬

‫“األيام التي كان نجاح األعمال فيها يُقاس باألرباح‬ ‫فقط توشك على األفول”‬


‫كلمة �ضيف العدد‬

‫لن�أخذ �شركة “�أ�شوكا‪ :‬مبدعون من �أجل النا�س”‬

‫لقد و َّل��ت الأي ��ام التي كانت ت�سود فيها �أفكار‬ ‫“�إما‪�/‬أو”‪� ،‬أو االعتقاد ب�ضرورة التركيز فقط على‬ ‫ح�سابات الربح والخ�سارة عند اال�ستثمار في قطاع‬ ‫عالم ت�ستطيع فيه الأعمال‬ ‫الأعمال‪� .‬أ�صبحنا اليوم في ٍ‬ ‫تحقيق الأرب��اح مع تقديم منافع للمجتمع في الوقت‬ ‫ذاته‪ .‬و ُيعتبر اال�ستثمار الم�ؤثر (‪)impact investing‬‬ ‫�أ�سا�س حركة ري��ادة الأع�م��ال االجتماعية‪ ،‬ويقت�ضي‬ ‫�ضمن ًا �إمكانية تحقيق الهدفين م�ع� ًا �ضمن �إط��ار‬ ‫م�شترك يجمع بين ال �ع��ائ��دات وال�ت��أث�ي��ر الإي�ج��اب��ي‬ ‫الوا�سع على المجتمع‪.‬‬ ‫وال �ن �م��وذج ال�صاعد ه��و ال�ن�م��وذج ال ��ذي تكون‬ ‫فيه م�صالح المجتمع وا�ستدامتها القيم المحركة‬

‫ال�����ص��ورة ف��ي الأع���ل���ى ‪ :‬النق�ص الكبير في للم�ستثمرين خالل �سعيهم للربح‪.‬‬ ‫فر�ص العمل ف��ي العالم العربي ك��ان �أح��د �إن �ه��ا �إع� ��ادة ت�شكيل الر�أ�سمالية‬ ‫الأ�سباب الرئي�سية في �إ�شتعال الإحتجاجات وت �ح��وي �ل �ه��ا �إل � ��ى م ��ا ي �� �ش��ار �إل �ي��ه‬ ‫المدنية التي ع ّمت منطقة ال�شرق الأو�سط بالر�أ�سمالية الخالقة‪� :‬إعادة تنظيم‬ ‫و�شمال �أفريقيا في العام ‪2011‬‬ ‫�أ�سواقنا بحيث تو ِّفق بين الم�صالح‬ ‫المالية والحاجة للوفاء بالتزاماتنا‬ ‫نحو مجتمعنا وبيئتنا‪.‬‬ ‫وبالفعل‪ ،‬تتنامى الفر�ص الآن �أمام هذا النموذج‬ ‫ب�سرعة‪ .‬وي�شير تقرير ح��دي��ث �أ��ص��درت��ه المجموعة‬ ‫اال�ست�شارية مونيتور دي�ل��وي��ت �إل ��ى �أن �أ� �ص��ول قطاع‬ ‫اال�ستثمار الم�ؤثر �ستزداد من ‪ 50‬مليار دوالر �إلى �أكثر‬ ‫من ‪ 500‬مليار دوالر خالل العقد المقبل‪.‬‬

‫مثا ًال على ذلك‪ .‬ت�أ�س�ست ال�شركة عام ‪ 1981‬لت�شجيع‬ ‫ري��ادة الأع�م��ال االجتماعية على الم�ستوى العالمي‪،‬‬ ‫وهو الم�صطلح الذي �صاغه لأول مرة م�ؤ�س�سها بيل‬ ‫درايتون‪ .‬ومنذ انطالقتها‪ ،‬كانت �أ�شوكا واح��دة من‬ ‫المروجين ال��رائ��دي��ن ف��ي ال�ع��ال��م لمفهوم االبتكار‬ ‫المدفوع بالأعمال والذي يركز على الأثر االجتماعي‪.‬‬ ‫وبالفعل‪ ،‬فقد رع��ت “�أ�شوكا العالم العربي” التي‬ ‫ت�أ�س�ست ع��ام ‪ 2003‬م�شروعات اجتماعية تتراوح‬ ‫من م�ؤ�س�سات التمويل ال�صغير وبرامج التعليم عبر‬ ‫الإنترنت للفقراء‪� ،‬إلى �إن�شاء �أنظمة ال�صرف ال�صحي‬ ‫قليلة التكلفة في المجتمعات الريفية المكتظة وبرامج‬ ‫توفير الوظائف لأ�صحاب االحتياجات الخا�صة‪ .‬وقد‬ ‫�أ َّثرت نماذجها التجارية الم�ستدامة والقابلة للتو�سعة‬ ‫ب�شكل مبا�شر على حياة �أكثر من ‪ 10‬ماليين فرد في‬ ‫�سبعة بلدان في العالم العربي‪.‬‬ ‫وبالن�سبة ل��دول مجل�س التعاون الخليجي‪ ،‬ف�إن‬ ‫الفر�صة ق��د ح��ان��ت ل�لان�خ��راط ف��ي ن �م��وذج الأع �م��ال‬ ‫الجديد‪ ،‬فلطالما عمل ر ّواد قطاع الأع �م��ال ف��ي دول‬ ‫الخليج ال�ست بج ّد ل�ضمان قيام �أ�سواقنا بدورها الحيوي‬ ‫في االقت�صاد العالمي‪ ،‬وت�شمل ركائز هذه الر�ؤية القيم‬ ‫التي كانت منذ قديم الزمان جزء ًا من الوعي الجمعي‪:‬‬ ‫احترام الحياة وكرامة الإن�سان وماله‪ ،‬والم�س�ؤولية تجاه‬ ‫الأجيال القادمة‪ ،‬وحماية بيئتنا‪.‬‬ ‫ومع ما تتمتع به �أ�سواق دول الخليج العربي من‬ ‫مكان ٍة فريدة‪ ،‬ف��إن هذا الوقت ُيع ّد مثالي ًا لها لتتولى‬ ‫قيادة الثقافة الجديدة ون�شرها في قطاع الأعمال في‬ ‫�أنحاء العالم العربي‪ .‬كما �أن مواهبنا المحلية الغنية‪،‬‬ ‫واطالعنا على المعايير الدولية لأف�ضل الممار�سات‬ ‫وتطبيقها‪ ،‬والر�ؤية التي يتمتع بها قادتنا‪ ،‬ت�شكل م� ٍ‬ ‫ؤهالت‬ ‫مثالية للدفع نحو التغيير الإيجابي في مجتمعات الأعمال‬ ‫لدينا وفي كافة �أرجاء المنطقة‪n .‬‬

‫‪15‬‬


‫زمن العطاء‬

‫الرعاية الصحية في العراق‪:‬‬

‫األطفال‬ ‫المنسيون‬ ‫‪:‬ملقب جوان بالد‬

‫‪16‬‬


‫زمن العطاء‬

‫لم‬

‫يعد العراق يمثل نقطة �ساخنة للإعالم‬ ‫لمعظم وك��االت الأخ�ب��ار العالمية‪ .‬فبعد‬ ‫م ��رور ع�ق��د م��ن ال��زم��ن ع�ل��ى الإج �ت �ي��اح‬ ‫ال��ذي قادته الواليات المتحدة الأميركية لأرا�ضيه‪،‬‬ ‫�إنح�سرت �أخبار معاناته الكبيرة لتكاد �أن تنعدم �أمام‬ ‫وقع الأزمات الأحدث التي ال تقل م�أ�ساوية في �سوريا‪،‬‬ ‫تتبعها م�صر و�أماكن �أخرى‪.‬‬ ‫لكن بالن�سبة للذين هم في العراق فالأثر العميق‬ ‫الذي خلفته �سنوات طوال من العقوبات الإقت�صادية‬ ‫والحروب‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى النزاع الدموي وال�سيا�سي‬ ‫القائم‪ ،‬ي�صعب تجاهله خا�صة من منظور العاملين في‬ ‫الخطوط الأمامية لنظام الرعاية ال�صحية في العراق‬ ‫الذي �أ�ستنفذ كل طاقاته‪.‬‬ ‫على مدى العديد من ال�سنوات الما�ضية كان‬ ‫الأطباء يبعثون تقاريرهم عن �إرتفاع حاد في ن�سبة‬ ‫الوالدات الم�شوهة وحاالت الإ�صابات المبكرة ب�أمرا�ض‬ ‫ال�سرطان ‪ -‬وهي قفزة يعزي الكثيرون �أ�سبابها لما‬ ‫خلفته الحروب من مواد �سامة‪ .‬ويقف الجهاز الطبي‬ ‫عاجز ًا عن التعامل ب�أدنى الحدود مع هذه الحاالت‬ ‫ب�سبب ندرة الطاقم ال�صحي الم�ؤهل ب�شكل جيد و�شح‬ ‫التمويل والتموينات الحيوية‪.‬‬

‫بالن�سبة لكودي في�شر‪ ،‬الأميركي الجن�سية والذي‬ ‫قدم �إلى العراق عام ‪ 2007‬لي�ساهم في جهود الإعمار‪،‬‬ ‫كان الأمر مثير ًا للقلق وال يمكن غ�ض النظر عن حجمه‬ ‫الكبير‪ .‬ويقول‪�“ :‬سرعان ما و�صلت �إلى العراق باهتني‬ ‫الم�شهد المتكرر لأطفال م�صابين بت�شويهات قلبية‪ .‬ويوم‬ ‫بعد يوم كنا ن�صادف �أطفا ًال �أو �أهاليهم ي�س�ألوننا؛‘هل‬ ‫ب�إ�ستطاعتكم م�ساعدة ولدي؟’ هناك الآالف منهم في‬ ‫�أنحاء البالد‪ ،‬ينتظرون دورهم”‪.‬‬ ‫ما كان متوفر ًا � ّإل القليل من الم�ساعدة‪ .‬وبخلو‬ ‫العراق من جراح قادر على القيام بالعملية الت�صحيحية‬ ‫المطلوبة للقلب المفتوح‪ ،‬غالب ًا ما ُين�صح الوالدين‬ ‫ب�إ�صطحاب ول��ده��م �إل��ى خ��ارج ال�ع��راق لتلقي العالج‬ ‫المطلوب‪ ،‬وهو ما يعني عادة تكاليف ب�آالف الدوالرات‪.‬‬

‫ال�������ص���ور ف���ي الأع����ل����ى ‪ :‬ق���ام���ت ب���ي �إل �سي‬ ‫وي �ع �ل��ق في�شر ق ��ائ�ل�اً ‪“ :‬هذا‬ ‫ب���إج��راء ‪ 180‬عملية جراحية ف��ي مختلف ال�خ�ي��ار بالن�سبة لمعظم الأ� �س��ر‪،‬‬ ‫�أن���ح���اء ال���ع���راق ب��ف�����ض��ل ت��ب��رع��ات الأف������راد خ��ا� �ص��ة ف ��ي ج �ن��وب ال � �ع� ��راق‪ ،‬هو‬ ‫والأطباء المتطوعين‬ ‫كال�صعود �إل��ى القمر … فال يمتلك‬ ‫ه�ؤالء النا�س من و�سيلة ت�أتيهم بمبلغ‬ ‫كهذا‪ .‬وال يتبقى لهوالء الآباء �سوى‬ ‫العودة مع �أطفالهم �إلى منازلهم”‪.‬‬ ‫كان هذا دافع ًا قوي ًا ليقوم في�شر في نف�س العام‪،‬‬ ‫‪ ،2007‬بالت�شارك مع زميله ومواطنه العامل في نف�س‬ ‫المجال‪ ،‬جيريمي كورتني‪ ،‬بت�أ�سي�س ما يدعى بـ “�إئتالف‬ ‫المحبة الإ�ستباقية”‪ ،‬بي إل سي ( ‪Preemptive Love‬‬ ‫‪ .)Coalition‬وتتعاون ه��ذه المنظمة غير الربحية مع‬ ‫م�ؤ�س�سات خيرية �أخرى لتقديم تدريبات عملية للطواقم‬

‫“يوم بعد يوم كنا نصادف أطفا ً‬ ‫ال أو أهاليهم يسألوننا‪‘،‬هل‬ ‫بإستطاعتكم مساعدة ولدي؟’ كان هناك اآلالف منهم في‬ ‫أنحاء البالد؛ هم فقط ينتظرون دورهم”‬

‫‪17‬‬


‫زمن العطاء‬

‫ال�صورة في الأعلى‪ :‬ت�ضرر النظام ال�صحي‬ ‫ف���ي ال���ع���راق ب�����ش��ك��ل ك��ب��ي��ر ن��ت��ي��ج��ة ال��ح��رب‬ ‫وال��ع��ق��وب��ات مما �أدى �إل���ي ارت��ف��اع كبير في‬ ‫معدالت وفيات و�أمرا�ض الأطفال‬

‫الطبية المحلية ت�ساعدهم على �إجراء عمليات جراحة‬ ‫في القلب تنقذ حياة المئات من �أطفال العراق �سنوياً‪.‬‬ ‫يقوم بنقل هذه الخبرات والمهارات الدقيقة والمعقدة‬ ‫فرق من الأطباء والممر�ضات الأجانب يقوم كل واحد‬ ‫منها بق�ضاء فترة �أ�سبوعين في جولة ميدانية على‬ ‫الم�ست�شفيات في �أهم المدن العراقية‪ .‬وتقوم كل “بعثة‬ ‫�إنقاذ” من ه�ؤالء بمعالجة ما بين ‪ 15‬و ‪ 25‬طفل‪ ،‬وبعملهم‬ ‫ه��ذا يكونوا ق��د ق� ّدم��وا المئات م��ن �ساعات التدريب‬ ‫الحرجة للجهاز الطبي المحلي ليتابع العمل الجراحي‬ ‫من بعدهم‪.‬‬

‫ويعرب في�شر عن �أحا�سي�سه تجاه ما يفعله فريقه‪،‬‬ ‫فيقول‪“ :‬تغمر قلوبنا المحبة كوننا نلعب دور ًا في �إنقاذ‬ ‫المئات من الأرواح �سنوياً‪ .‬لكن �أه��م ما في الأم��ر هو‬ ‫التدريب الذي يتم خالل عمل كل بعثة‪ .‬هذا من �ش�أنه‬ ‫�أن ينقذ �آالف الأرواح كل عام‪ ،‬وعلى مدى �سنين عديدة‬ ‫في الم�ستقبل”‪.‬‬ ‫في عام ‪ 2012‬كلفت كل واحدة من عمليات “�إئتالف‬ ‫المحبة الإ�ستباقية” والتي بلغ عددها ‪ 184‬تلك ال�سنة نحو‬ ‫‪ 8,590‬دوالر‪ .‬وتقوم الحكومة العراقية بتغطية جزئية‬ ‫لهذه العمليات‪ ،‬بينما يتم توفير باقي التكلفة من تبرعات‬

‫“أهم شيء هو التدريب‪ ،‬والذي من شأنه أن ينقذ آالف‬ ‫األرواح كل عام‪ ،‬وعلى مدى سنين عديدة في المستقبل”‬

‫‪18‬‬

‫من قبل المنظمات الخيرية الأخرى الم�شاركة وال�شركات‬ ‫العاملة بالمجال الطبي‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى تبرعات من قبل‬ ‫ضال‬ ‫فاعلي الخير من الأفراد‪ .‬وهذه المعونات المادية‪ ،‬ف� ً‬ ‫عن الوقت والمهارات التي يتطوع بها الأطباء وفرقهم‬ ‫الطبية‪ ،‬هي بالغة الحيوية والأهمية لم�ساعدة طوابير من‬ ‫الأطفال المر�ضى في العراق بتلقي العالج قبل �أن تتدهور‬ ‫حالتهم �إلى درجة ي�صعب م�ساعدتهم فيها‪.‬‬ ‫يقول في�شر‪“ :‬نحن م��وج��ودون هنا بف�ضل كرم‬ ‫الآخرين‪ ،‬و�سنبقى هنا خم�س �سنوات من الآن بف�ضل‬ ‫كرم الآخرين … ونحن نرحب بكل �شخ�ص‪� ،‬إن كان من‬ ‫الداعمين �أو المتطوعين الطبيين‪ ،‬يرغب بالم�ساهمة في‬ ‫هذا العمل”‪.‬‬ ‫كانت م�ست�شفيات ال �ع��راق ف��ي م��ا م�ضى محط‬ ‫�أن�ظ��ار جميع المعنيين بالقطاع ال�صحي في ال�شرق‬ ‫الأو�سط‪ ،‬حيث كانت تقدم �أف�ضل الخبرات في مختلف‬ ‫الإخت�صا�صات �ضمن خدمات مجانية‪ .‬لكن الحرب‬ ‫والعقوبات الإقت�صادية دم��رت مقومات هذا القطاع‪،‬‬


‫زمن العطاء‬

‫كانت هجرة العقول والخبرات بع�ض من نتاجها‪ ،‬لتترك‬ ‫عواقب ًا وخيمة‪ .‬وفق درا�سة ن�شرتها مجلة‬ ‫الطبية عام ‪ ،2000‬كانت ن�سبة الوفيات بين الأطفال‬ ‫حديثي الوالدة تعادل ‪ 47‬حالة بين كل ‪ 1,000‬والدة حية‬ ‫قبل �أن تفر�ض الأمم المتحدة العقوبات في العام ‪.1990‬‬ ‫وبين عامي ‪ 1994‬و‪� 1999‬شهدت هذه الن�سبة �إرتفاع ًا زاد‬ ‫عن ال�ضعفين‪ ،‬لت�صل �إلى ‪ 108‬حالة وفاة‪ .‬كما �أفاد تقرير‬ ‫�صدر عن المنظمة ال�صحية “ميداكت” (‪� )Medact‬أنه‬ ‫بحلول عام ‪ ،2008‬قام ما يقدر بـ ‪ 75‬بالمئة من الطواقم‬ ‫الطبية من �أطباء وممر�ضات و�صيادلة بالتخلي عن‬ ‫وظائفهم؛ غادر �أكثر من ن�صفهم البالد‪.‬‬ ‫ويبقى الأط �ف��ال‪ ،‬وه��م الأك�ث��ر عر�ضة للمخاطر‬ ‫ال�صحية‪ ،‬يدفعون الثمن الأعظم لإنهيار جهاز الرعاية‬ ‫ال�صحية ف��ي ال �ع��راق‪ .‬فقد �أف� ��ادت منظمة “�أطفال‬ ‫الحرب”‪ ،‬في �شهر مايو الما�ضي �أن ما يربو �إلى المئة‬ ‫طفل يموتون كل يوم في العراق‪ ،‬و�أن كل طفل من �أربعة‬ ‫يعاني من نمو م�ضطرب‪ ،‬ذهني �أو ج�سدي‪ ،‬ب�سبب �سوء‬ ‫“الن�سيت”‬

‫التغذية‪ .‬ويقول في�شر �أن الكادر الطبي الحالي في العراق‬ ‫والمثقل بالم�شاكل التي تفوق طاقته �أ�ضعاف ًا ال ي�سعه‬ ‫الت�صور �أن الأمور �ستعود �إلى و�ضعها الطبيعي يوم ًا ما‪.‬‬ ‫وي�ضيف‪“ :‬يمكن للظروف �أن تكون غامرة‪ ،‬فعندما‬ ‫يحيا الإن�سان تحت وط��أة عقوبات �إقت�صادية وحروب‬ ‫لعقود من الزمن‪ ،‬ال�شك �أنه من ال�صعب جد ًا لهم �أن‬ ‫ي�أملوا بالأف�ضل‪ ،‬و�أن ي�ؤمنوا ب�أن مركز العناية بالقلب‬ ‫خا�صتهم له م�ستقبل‪ ،‬و�أن ي�شعروا ب�أنه لم يفتهم الأوان”‪.‬‬ ‫ويتوقع “�إئتالف المحبة الإ�ستباقية” �أن يكمل ثماني‬ ‫“بعثات �إنقاذ” خالل العام ‪ ،2013‬ي�ستفاد منها قرابة الـ‬ ‫‪ 400‬طفل‪ .‬كما �شهد هذا العام �إطالق مبادرة “زمالة‬ ‫ال�شفاء”‪ ،‬وه��ي عملية مطولة للتوا�صل والتوعية‪ ،‬يتم‬ ‫خاللها و�ضع فرق المتطوعين الطبية في م�ست�شفى واحد‬ ‫لفترة ‪� 48‬أ�سبوع‪ .‬وتهدف المبادرة من خالل التدريب‬ ‫المكثف للأطباء والممر�ضات العراقيين �إلى خلق فريق‬ ‫لطب القلب كامل التجهيز وقادر على �إجراء العمليات‬ ‫ب�أدنى قدر من الم�ساعدة الخارجية‪.‬‬

‫ال�صور ف��ي الأعلى‪ :‬تطمح ب��ي �إل �سي �إل��ى‬ ‫وي �ق��ول ف�ي���ش��ر‪“ :‬لقد ب��د�أن��ا‬ ‫الو�صول �إلى ‪ 400‬طفل خالل ‪ .2013‬وقد تطبيق هذه الخطة في النا�صرية‪،‬‬ ‫�شهد هذا العام �أي�ضا �إط�لاق مبادرة زمالة جنوب العراق‪ ،‬ونحن ن�أمل من كل‬ ‫ال�شفاء التي تهدف �إلى خلق‬ ‫االكتفاءمراكز للعناية قلبنا �أنه بعد خم�س �أعوام لن يعودوا‬ ‫بمر�ضى القلب ذاتية‬ ‫بحاجة لنا‪ .‬و�أنا على ثقة تامة ب�أن‬ ‫م��راك��ز العناية بالقلب التي نعمل‬ ‫عليها �ست�صبح ف��ي ن�ه��اي��ة الأم ��ر‬ ‫م�ستقلة وتجري العمليات لوحدها‪ .‬وهذا هو الهدف”‪.‬‬ ‫ويحتوي موقع المنظمة على ق�ص�ص يرويها �أطفال‬ ‫و�آبائهم تغيرت حياتهم كلي ًا بف�ضل جهودها‪ .‬نعمان هادي‬ ‫�أ�ستاذ جامعي من النجف كان قد �شُ خ�ص ابنه �سالم بخلل‬ ‫خلقي في القلب بعد والدته ب�أيام‪ .‬النجاح الذي تكللت به‬ ‫العملية الجراحية لقلب �سالم ومئات الأطفال غيره هي‬ ‫اليوم �شاهد على العمل الإن�ساني الحيوي الذي تقوم به‬ ‫هذه المنظمة الخيرية لأطفال العراق‪ .‬ويقول هادي‪“ :‬لن‬ ‫�أن�سى ما حييت ما حدث‪� .‬أقول لكل من �ساعدنا و�ساهم‬ ‫ب�إنقاذ ولدي‪� ،‬شكر ًا … �شكر ًا”‪n .‬‬

‫‪19‬‬


‫زمن العطاء‬

‫أ ُ ّمة مشردة‬

‫في ظل الواقع اليائ�س لأزمة الالجئين ال�سوريين في دول الجوار‪ ،‬من ال�صعب النظر‬ ‫�أبعد من االحتياجات الأ�سا�سية الآنية للنازحين‪ ،‬وهي‪ :‬الماء و الغذاء والدواء‪ .‬لكن‬ ‫ال ِع َبر التي �إ�ستقتها منظمات الإغاثة من حاالت الطوارئ الإن�سانية ال�سابقة حول‬ ‫العالم‪ ،‬تدل على �أهمية �أن ت�أخذ اال�ستجابة الدولية �أي�ض ًا بعين الإعتبار‪� ،‬إ�ستمرار‬ ‫الأزمة و �ضرورة معالجة م�شاكلها بعيدة المدى‬ ‫‪:‬ملقب بيتر غي�ست‬

‫نزوح‬

‫�أكثر من مليوني �شخ�ص من �سوريا‬ ‫�إلى البلدان المجاورة �أ�صبح يمثل‬ ‫واحدة من الأزمات الإن�سانية التي‬ ‫عرف مالمح القرن الحادي والع�شرين‪ ،‬والتي من‬ ‫ُت ِّ‬ ‫�ش�أنها �أن تترك �آثار ًا وخيمة على التنمية االقت�صادية‬ ‫في المجتمعات الم�ضيفة وعافيتها‪.‬‬ ‫ويعلق مي�شال غابودان‪ ،‬رئي�س المنظمة الدولية‬ ‫لالجئين (‪ ،)Refugees International‬والذي كان قد‬ ‫�أم�ضى ‪ 25‬عام ًا مع المفو�ضية ال�سامية للأمم المتحدة‬ ‫ل�ش�ؤون الالجئين (‪ ،)UNHCR‬بقوله �أن الأزمة ال�سورية‪،‬‬ ‫التي �أدت �إلى نزوح ما ال يقل عن ثلث �سكان البالد‪،‬‬ ‫تعيد للأذهان حركة النزوح ال�ضخمة من �أفغان�ستان‬ ‫بعد الغزو الرو�سي في عام ‪ _ 1979‬التي تعتبر من �أكبر‬ ‫حركات النزوح و�أطولها �أمد ًا في التاريخ الحديث‪ .‬‬ ‫وفي حين ي�سعى المجتمع الدولي لتوفير المتطلبات‬ ‫الأ�سا�سية لل�سوريين الذين فقدوا منازلهم و�سبل‬ ‫عي�شهم‪ ،‬ف�إن اال�ستغاثة الإن�سانية التي �أطلقتها الأمم‬ ‫المتحدة والعديد من المنظمات الدولية لم تحقق حتى‬ ‫الآن ‪ 50‬في المائة من �أهدافها التمويلية‪.‬‬ ‫وهنا يحذر غابودان من العواقب‪ ،‬بقوله‪�“ :‬إنه‬ ‫�أمر خطير‪ ،‬فبالن�سبة لوكاالت الإغاثة �أو المنظمات‬ ‫غير الحكومية �أو الحكومات [الم�ضيفة] المطلوب هو‬ ‫تلبية االحتياجات‪ ،‬لكنه من المطلوب �أي�ض ًا التخطيط‬ ‫�أبعد من ذل��ك‪ ،‬قلي ًال”‪ .‬وي�ضيف‪“ :‬مع ق��دوم �أع��داد‬ ‫كبيرة منهم في الأ�شهر الأخيرة‪ ،‬ما ن��راه اليوم هو‬ ‫�أنه مع مرور الوقت تزداد �أو�ضاع الالجئين �سوء ًا ال‬

‫‪20‬‬

‫تح�سناً‪ .‬وهو �أمر محزن بالت�أكيد‪ ،‬خا�صة �أنه من الوا�ضح‬ ‫�أن الأو�ضاع في �سوريا لي�ست على تح�سن”‪.‬‬ ‫كما يحذر غابودان �أي�ض ًا من التوتر الذي بد�أ ين�ش�أ‬ ‫بين الالجئين و�سكان الدول الم�ضيفة‪ .‬ت�شير المفو�ضية‬ ‫ال�سامية ل�ش�ؤون الالجئين �أنه من ي�ست�ضيف ‪ 80‬في المئة‬ ‫من الالجئين في العالم هي دول نامية تواجه �أ�سا�س ًا‬ ‫تحديات كبيرة في توفير الخدمات الأ�سا�سية ل�سكانها‪.‬‬ ‫وهذا ينطبق على الدول المجاورة ل�سوريا‪ .‬فاالقت�صاد‬ ‫في لبنان والأردن يتعر�ض للإجهاد‪ ،‬نتيجة لعدد الأفراد‬ ‫الذين يعبرون الحدود ويندمجون في المجتمع المحلي‪،‬‬ ‫الذي يعاني بدوره من العديد من الم�شكالت‪ .‬في لبنان‪،‬‬ ‫مثالً‪ ،‬تبلغ ن�سبة الالجئين ال�سوريين خم�س ال�سكان حالياً‪.‬‬ ‫ويبقى ت�ق��دم و��ض��ع الالجئين م��ره��ون بترحيب‬ ‫وتعاون البلد الم�ضيف‪ .‬فقد �أ�شارت المنظمة الدولية‬ ‫لالجئين‪ ،‬على �سبيل المثال‪� ،‬أن ف�شل الحكومة البورمية‬ ‫في ا�ستيعاب الجئيها من الروهينجا‪� ،‬أدى �إلى ا�ستمرار‬ ‫تخلفهم‪ .‬ومن هنا ف�إن منع حدوث هذا النوع من التوتر‪،‬‬ ‫يعتبر جزء ًا حا�سم ًا من �أي ا�ستجابة موحدة‪.‬‬ ‫وعن هذا المو�ضوع‪ ،‬يقول �سيمون هاي�سوم‪ ،‬الباحث‬ ‫في مجموعة ال�سيا�سات الإن�سانية في معهد التنمية لما‬ ‫وراء البحار (‪ )Oversees Development Institute‬في‬ ‫المملكة المتحدة‪“ :‬الكثير مما يمكن للمجتمع الخيري‬ ‫القيام به‪ ،‬مقيد بموقف الحكومة الم�ضيفة”‪ .‬ويتابع‪:‬‬ ‫“�أعتقد �أن ما يرغب الالجئون به على المدى الطويل‬ ‫هو الح�صول على االكتفاء الذاتي‪ ،‬ولذا فهم بحاجة �إلى‬ ‫التدريب على المهارات‪ ،‬والح�صول على القرو�ض‪ ،‬وهي‬

‫تتم �إ�ست�ضافة ما يقارب الـ ‪ 80‬بالمئة من‬ ‫الالجئين حول العالم في دول نامية يعاني‬ ‫الكثير منها �أ�سا�ساً من م�شكالت �إجتماعية‬ ‫و�إقت�صادية عديدة‬


‫زمن العطاء‬

‫‪21‬‬


‫زمن العطاء‬

‫تمكين التواصل‬ ‫م��ا م��ن �شك �أن الأف ��راد ال��ذي��ن يعانون م��ن العزلة‬ ‫وال�صدمات النف�سية‪ ،‬تحت وط�أة �أزمة �إن�سانية كبيرة‪،‬‬ ‫�سيكونون �أكثر �ضعف ًا وعر�ضة للم�ساوئ �إن هم حرموا‬ ‫من الأخبار والمعلومات‪ .‬وفي نف�س الوقت‪ ،‬تحتاج‬ ‫الوكاالت الإغاثية �إلى المعلومات المح ّدثة با�ستمرار‬ ‫لكي ت�ستجيب للكوارث في بداياتها‪ .‬من هنا ف�إن‬ ‫انت�شار الهاتف المحمول على نطاق وا�سع جداً‪ ،‬جعل‬ ‫التوا�صل وجمع البيانات ممكن ًا حتى في البيئات‬ ‫المعقدة و�سريعة التغير‪.‬‬ ‫لقد �أ�صبحت �أو�شايدي‪ ،‬وهي من�صة و�ضعها‬ ‫ن�شطاء في كينيا خالل �أعمال العنف التي �أعقبت‬ ‫االنتخابات في كينيا عامي ‪ 2007‬و‪ ،2008‬بهدف‬ ‫�إر�سال التقارير عن طريق الر�سائل الن�صية الق�صيرة‬ ‫‪ ،SMS‬نموذج ًا معتمد ًا بين مجموعات المتطوعين‬ ‫الذين ير�سمون تفا�صيل خريطة الأزمة‪ ،‬وي�ساعدون‬ ‫في جمع التقارير الواردة من المجتمع المدني ومن‬ ‫الأفراد الم�ستقلين في البلدان التي ت�ضربها الأزمات‪.‬‬ ‫�أُ�ستخدم النظام في هاييتي في �أع�ق��اب الزلزال‬ ‫المدمر عام ‪ 2010‬لجمع المعلومات من الميدان‪،‬‬ ‫و�أخ��ذ البيانات مبا�شرة من المجتمعات المحلية‬ ‫المت�ضررة وا�ستخدامها لتوجيه وكاالت الإغاثة ورجال‬ ‫الإنقاذ وتح�سين م�ستوى ا�ستجابتهم‪.‬‬ ‫ت�ستخدم “ريفيوجيز يونايتد” (‪Refugees‬‬ ‫‪ )United‬وه��ي م�ؤ�س�سة دانمركية غير حكومية‪،‬‬ ‫ال �ه��ات��ف ال�م�ح�م��ول وج �م��ع ال�م�ع�ل��وم��ات م��ن جموع‬ ‫الالجئين �أنف�سهم‪ ،‬كو�سائل من �أجل �إعادة ّلم �شمل‬ ‫العائالت التي تفككت ب�سبب الحرب‪ .‬يمكن للالجئين‬ ‫و�ضع التفا�صيل الخا�صة بهم على الإنترنت با�ستخدام‬ ‫جهاز كمبيوتر �أو هاتف محمول عادي عبر نظام يوفر‬ ‫�أدوات بحث لإيجاد الأقارب واجراء االت�صال معهم‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫�أمور ي�صعب على المجتمع الخيري‬ ‫ال�سعي لتحقيقها‪ ،‬دائم ًا”‪ .‬كما تبين‬ ‫الدرا�سات �أن احتمال عودة الالجئين‬ ‫�إل��ى بلدانهم الأ�صلية‪ ،‬ي ��زداد في‬ ‫حال �إ�ستطاعوا الح�صول على فر�ص‬ ‫�إقت�صادية ما وهم الجئون‪.‬‬ ‫وه �ن��ا ي �ق��ول غ ��اب ��ودان‪“ :‬نظر ًا لحجم [النزوح‬ ‫ال�سوري]‪ ،‬من المهم �أن ال ننظر للم�س�ألة من زاوي��ة‬ ‫الم�ساعدات الإن�سانية فقط … �صحيح �أننا نرغب بجلب‬ ‫�أكبر دعم ممكن لالجئين‪ ،‬ولكن علينا �أي�ض ًا الأخذ بعين‬ ‫االعتبار مدى ت�أثر ال�سكان المحليين [بو�ضع الالجئين]‪.‬‬ ‫�أعتقد �أننا �إقتربنا من النقطة الحرجة‪� ،‬إذ لم تعد‬ ‫الم�ساعدات لالجئين كافية‪ ،‬كما بد�أ الوقع على البلدان‬ ‫الم�ضيفة ي�أخذ �أبعاد ًا خطيرة جداً‪ ،‬الأمر الذي يدفع هذه‬ ‫الدول لإعادة النظر في ما �إذا كان من المن�صف بحقها‬ ‫قبول هذه الأعداد من الالجئين‪”.‬‬ ‫وي�شير غابودان �إلى �أن تقديم الدعم لالجئين‬ ‫يكون �أ�سهل في المخيمات ع��ادة‪ ،‬وذل��ك من خالل‬ ‫�آل�ي��ات عمل الم�ؤ�س�سات الإن�سانية‪ .‬ولكن ف��ي حالة‬ ‫الالجئين ال�سوريين ف�إن غالبيتهم ان�ضموا �إلى ال�سكان‬ ‫المحليين في ال��دول المجاورة‪ ،‬ما �ش ّكل �ضغط ًا على‬ ‫الخدمات العامة في هذه الدول‪ .‬ومن هنا ف�إن التن�سيق‬

‫ال�صور في الأعلى ‪ :‬احتمال عودة الالجئين‬ ‫�إل�����ى ب��ل��دان��ه��م الأ����ص���ل���ي���ة‪ ،‬ي�����زداد ف���ي ح��ال‬ ‫�إ�ستطاعوا الح�صول على فر�ص �إقت�صادية‬ ‫وهم الجئون‬

‫مع منظمات التنمية الدولية �ضروري‪ ،‬نظر ًا لخبرة‬ ‫الم�ؤ�س�سات العاملة في المجال الإن�ساني وانتظام‬ ‫عملها وا�ستمراريته‪.‬‬ ‫وي�ضيف غابودان‪“ :‬ما ت�ستطيع الوكاالت الإن�سانية‬ ‫القيام ب��ه ه��و تحديد الفئات الأك�ث��ر �ضعفاً‪ ،‬وتقديم‬ ‫معالجات جزئية‪ ،‬ولكنها ال ت�ستطيع التعامل مع ال�ضغط‬ ‫ال�شديد الذي تواجهه اقت�صادات البلدان الم�ضيفة‪� .‬إننا‬ ‫نتحدث هنا عن دول لديها م�شاكلها الخا�صة‪ ،‬ولم تكن‬ ‫في �أف�ضل الظروف‪ ،‬حتى قبل الأزمة”‪.‬‬ ‫من الم�ؤكد �أن المجتمع الدولي �سوف يحتاج �إلى‬ ‫و�ضع خطة بعيدة المدى‪ .‬وفي حين ي�صعب ا�ستخال�ص‬ ‫�أوج ��ه ال�شبه قاطعة بين مناطق مختلفة و�صراعات‬ ‫مختلفة‪ ،‬ال تزال �آث��ار الحروب والنزوح باقية وظاهرة‬ ‫للعيان في �شرق وو�سط �أفريقيا‪ ،‬على �سبيل المثال‪.‬‬ ‫ففي �شمال كينيا يمكن ر�ؤي��ة �آث��ار الحرب بو�ضوح في‬ ‫كل مكان‪ ،‬ف�صالة القادمين في مطار لوكي�شوغيو _ �إن‬ ‫جازت ت�سميته مطار ًا _ المبنية من حاويات ال�شحن‪،‬‬ ‫تعتبر فاخرة �إذا ما قورنت بالأعمدة الخ�شبية والقما�ش‬ ‫الم�شمع‪ ,‬وهي المواد التي بني بها مبنى مطار “لودوار”‬ ‫عا�صمة المقاطعة‪ ،‬والتي تقع على م�سافة ‪ 200‬كم جنوب ًا‬ ‫في طريق �ضيق ي�سع �سيارة واحدة‪ .‬وفي منت�صف الطريق‬ ‫بين لوكي�شوغيو ول��ودوار تقع كاكوما‪ ،‬وهي بلدة يقترن‬

‫“إنه أمر خطير ‪ ...‬المطلوب هو تلبية األحتياجات [المباشرة]‪،‬‬ ‫لكنه من المطلوب أيض ًا التخطيط أبعد من ذلك”‬


‫زمن العطاء‬

‫ا�سمها في الثقافة ال�شعبية بمعنى “الالمكان” و كانت‬ ‫لعقدين من الزمن موطن ًا للكثير من المعاناة الإن�سانية‪.‬‬ ‫لقد افتتح مخيم كاكوما ع��ام ‪ 1992‬ال�ستقبال‬ ‫الالجئين الفارين من الحرب الأهلية في ال�سودان‪.‬‬ ‫والي ��زال ه��ذا المخيم بعد م��رور ‪ 20‬ع��ام�اً‪ ،‬ي ��أوي ‪100‬‬ ‫�ألف �شخ�ص‪ ،‬يعي�شون مزدحمين في مدينة من الخيام‬ ‫م�سيجة بالأ�سالك ال�شائكة‪ ،‬وتمتلىء بالقمامة‪ .‬ي�ضم‬ ‫المخيم اليوم الجئين من ال�صومال و�إثيوبيا و�إريتريا‬ ‫والكونغو وروان��دا و�أوغ�ن��دا وب��ورون��دي‪ ،‬وجميعهم ممن‬ ‫�شردتهم �أعمال العنف من بالدهم‪ .‬واليزال ال�سودانيون‬ ‫الجنوبيون يعبرون ال�ح��دود باتجاه كاكوما‪ ،‬في حين‬ ‫تنت�شر البيوت الم�سبقة ال�صنع جنوب ًا على الطريق‬ ‫الم�ؤدي �إلى ل��ودوار‪ ،‬لت�أوي الكينيين النازحين داخلياً‪،‬‬ ‫الذين فروا �إلى المنطقة هرب ًا من �أعمال العنف التي‬ ‫اجتاحت البالد عقب انتخابات عام ‪ 2007‬و‪.2008‬‬ ‫و�إلى ال�شرق من مخيم كاكوما‪ ،‬يقع مخيم “داداب”‬ ‫ال��ذي ي�صعب ت�صور حجمه‪� ،‬إذ ي ��أوي ‪� 600‬أل��ف الجئ‬ ‫ب�شكل �شبه دائ��م‪ ،‬ويمتد عبر منطقة �شبه �صحراوية‪.‬‬ ‫تعتبر مجموعات الالجئين هذه من بين الأكثر عر�ضة‬ ‫للم�صاعب في العالم‪ ،‬كما �أنهم مازالوا في كينيا بعد‬ ‫مرور كل هذه ال�سنين‪ .‬ومع ال�سالم الن�سبي في جنوب‬ ‫ال�سودان التي ا�ستقلت حديثاً‪� ،‬إال �أن جي ًال كام ًال كان‬

‫قد اقتلع من ج��ذوره وعا�ش حياته‬ ‫ب�أكملها في ه��ذا المخيم‪ ،‬ال يزال‬ ‫غير مهي�أ للعودة‪.‬‬ ‫ي�صف لوكا بيونغ دينغ كول‪،‬‬ ‫ال��ذي ك��ان يعمل مع البنك الدولي‬ ‫عندما ب��د�أت الفترة االنتقالية في‬ ‫ال�سودان‪ ،‬الفو�ضى التي �سادت تلك المرحلة قائالً‪:‬‬ ‫“كانت الأي��ام الأول��ى من الفترة االنتقالية _ ما بين‬ ‫التعامل مع الأزم��ة الإن�سانية‪ ،‬واال�ستعداد لإع��ادة بناء‬ ‫الحياة و�سبل العي�ش التي ُفقدت على مدى عقود ب�سبب‬ ‫الحرب _ فو�ضوية للغاية”‪.‬‬ ‫وي�ضيف كول‪ ،‬الذي �أم�ضى معظم حياته المهنية‬ ‫في مجال التنمية وقطاع المنظمات غير الحكومية‪،‬‬ ‫قائال ً‪“ :‬عندما كنا نعمل مع الأم��م المتحدة �ضمن‬ ‫مهمة تقييم الأو�ضاع‪ ،‬لم نكن ندرك حجم التحديات‬ ‫التي تنتظرنا‪ ،‬و كان االنتقال من الأزمة الإن�سانية �إلى‬ ‫التنمية مليء بالتفا�ؤل‪ .‬لم ننتقل ب�شكل تدريجي”‪.‬‬ ‫وقد خدم كول في حكومة الوحدة الوطنية التي تم‬ ‫�إن�شا�ؤها بين �شمال ال�سودان وجنوبه‪ ،‬في �أعقاب‬ ‫التوقيع على اتفاق ال�سالم بين البلدين‪ ،‬فيما هو‬ ‫حالي ًا زميل في مركز كار ل�سيا�سات حقوق الإن�سان‬ ‫في جامعة هارفارد‪.‬‬

‫ال�����ص��ور ف���ي الأع���ل���ى‪ :‬ت��ظ��ه��ر �آث�����ار ال��ح��رب‬ ‫وال��ن��زوح جلية ف��ي بع�ض مناطق �أفريقيا‪،‬‬ ‫خا�صة في المخيمات التي ك ّر�سها الزمن‬ ‫والتي تحوي مئات الألوف من الالجئين‬

‫“نرغب بجلب أكبر دعم ممكن لالجئين‪ ،‬ولكن علينا أيض ًا‬ ‫األخذ بعين االعتبار مدى تأثر السكان المحليين”‬

‫لقد ق ّدم اتفاق ال�سالم عام ‪ 2005‬فر�صة لال�ستقرار‬ ‫في جنوب ال�سودان‪ ،‬وبعد �أربع �سنوات تم طرح اال�ستفتاء‬ ‫على انف�صال الجنوب عن ال�شمال لي�صبح دولة م�ستقلة‪.‬‬ ‫و�أدى ع ��دم ح���ص��ول ال�ن��ازح�ي��ن ال���س��ودان�ي�ي��ن داخ��ل‬ ‫ال�سودان �أو الالجئين في المخيمات في كينيا و�إثيوبيا‪،‬‬ ‫على الخدمات الأ�سا�سية للعي�ش والتعليم‪� ،‬إل��ى ظهور‬ ‫جيل �ضائع‪ ،‬يكافح من �أجل االندماج و�إيجاد الفر�ص‬ ‫االقت�صادية‪ .‬الأمر الذي نتج عنه تحديات هائلة‪ .‬كما‬ ‫يتذكر كول و�صول موظفي الخدمة المدنية مع �آالت كاتبة‬ ‫بالية للبدء في بناء بلد جديد‪.‬‬ ‫ل��م يكن اال�ستقالل و�إع ��ادة الإدم ��اج �سهالً‪ ،‬وال‬ ‫يزال �سكان دولة جنوب ال�سودان يعتمدون ب�شكل كبير‬ ‫على الم�ساعدات المالية‪ .‬ولكن الدعم المالي الذي ما‬ ‫يزال يتدفق على جنوب ال�سودان وما حولها‪ ،‬لي�س كافي ًا‬ ‫للتخفيف من حدة التوتر والمعاناة التي ال تزال ذكراها‬ ‫حية في �أذهان النا�س‪.‬‬ ‫وي��رى ك��ول م��ن خ�لال خبرته‪� ،‬أن��ه بينما يحاول‬ ‫العالم �إعادة بناء �سوريا‪ ،‬و�إ�صالح �أ�ضرار الحرب الأهلية‬ ‫و�آثارها على الأفراد الذين ا�ضطروا لمغادرة بلدهم‪ ،‬ف�إن‬ ‫التركيز على الم�صالحة �سيكون حا�سماً‪.‬‬ ‫ويتابع كول قائ ًال “ه�ؤالء الأ�شخا�ص خارجون من‬ ‫حرب قا�سية‪ ،‬لذا باعتقادي �أن �أحد الأم��ور التي يجب‬ ‫على المجتمع الدولي �إدراكها والتركيز عليها هي عملية‬ ‫التعافي‪ .‬فمن المهم جد ًا التعامل مع هذا الإرث‪ ،‬حيث‬ ‫يميل النا�س �أح�ي��ان� ًا �إل��ى دفنه �أوع ��دم التركيزعليه‪.‬‬ ‫وي�ضيف‪“ :‬النا�س ت�سعى للتعامل مع �أمور حدثت لهم في‬ ‫الما�ضي‪ .‬في هذه الأجواء‪ ،‬لي�س كافي ًا �أن ت�أتي وتقول‪,‬‬ ‫‘�أريد توفير الرعاية ال�صحية والتعليم والمياه’”‪n .‬‬

‫‪23‬‬


‫زمن العطاء‬

‫مدينة األنوار‬ ‫تقف باك�ستان على مفترق طرق‪ ،‬وتواجه حكومتها تحدي ًا كبير ًا يتمثل في توفير فر�ص عمل لحوالي ثالثة ماليين‬ ‫�شاب و�شابة �سين�ضمون �سنوي ًا �إلى قوى العمل بين عامي ‪ 2015‬و‪ .2050‬قمنا بزيارة كرات�شي‪� ،‬أكبر مدينة في البالد‪،‬‬ ‫للإطالع على مبادرة تدريب رائدة تهدف لتغيير حياة ال�شباب الباك�ستانيين المعدمين‬

‫‪:‬ملقب �أندرو وايت‬

‫ُتعتبر‬

‫ك��رات �� �ش��ي �� �ص ��ورة م �� �ص �غ��رة عن‬ ‫باك�ستان‪ ،‬ولهذا ال�سبب وغيره يمكن‬ ‫ت�سميتها بمدينة الأنوار‪ .‬فهي موطن‬ ‫ل�شريحة كبيرة من الأعراق والثقافات في البالد‪ ،‬كما‬ ‫�أنها ثالث �أكبر مدينة في العالم‪ .‬ويقدر عدد الذين‬ ‫يعي�شون تحت خط الفقر بحوالي ‪ 40‬مليون باك�ستاني‪،‬‬ ‫حوالي ‪ 30‬مليون منهم يعي�شون في المناطق الريفية‪،‬‬ ‫ويدفع هذا التفاوت بالهجرة الم�ستمرة نحو المراكز‬ ‫الح�ضرية في باك�ستان‪.‬‬ ‫�أظهر التعداد الوطني لل�سكان عام ‪� ،2011‬أن كرات�شي‬ ‫�أ�سرع المدن نمو ًا في العالم‪ ،‬تليها مدينة المك�سيك‪� ،‬إذ‬ ‫ت�ضخم عدد �سكانها من ‪ 9.8‬مليون ن�سمة عام ‪� 1998‬إلى‬ ‫ّ‬ ‫‪ 21.2‬مليون ن�سمة عام ‪ ،2011‬وهي �أعلى زي��ادة �سكانية‬ ‫ُ�س ّجلت على الإطالق في �أي مدينة خالل مثل هذه الفترة‬ ‫الق�صيرة من الزمن‪ .‬ع�لاوة على ذل��ك‪ ،‬ولكون كرات�شي‬ ‫الميناء البحري الرئي�س في باك�ستان‪ ،‬ف�إن الرفاه ال�صناعي‬ ‫والتجاري في البالد مرتبط ارتباط ًا وثيق ًا بطالع هذه‬ ‫المدينة المعا�صرة ال�ضخمة‪ .‬ت�ستحوذ كرات�شي على ثلث‬ ‫ن�شاط باك�ستان االقت�صادي‪ ،‬وعلى ‪ 95‬في المئة من التجارة‬ ‫الخارجية و‪ 70‬في المئة من الإيرادات ال�ضريبية _ وهي‬ ‫في حالتها هذه تدعم النظرية القائلة‪� :‬إذا كان ب�إمكانك‬ ‫‘�إ�صالح’ كرات�شي‪ ،‬فلديك �إذ ًا فر�صة حقيقية في �إعادة‬ ‫ت�شكيل الم�شهد االقت�صادي للدولة ب�أكملها‪.‬‬ ‫تقع م�س�ؤولية التغيير‪ ،‬في نهاية المطاف‪ ،‬على عاتق‬ ‫الحكومة الجديدة التي انتخبت في مايو من هذا العام‪،‬‬ ‫�إثر �إنتهاء والية �آ�صف علي زرداري في �سبتمبر‪ ،‬والذي‬ ‫�أ�صبح �أول رئي�س منتخب ديمقراطياً‪ ،‬في تاريخ البالد‬

‫‪24‬‬

‫البالغ ‪ 65‬عاماً‪ ،‬يكمل فترة واليته ومدتها خم�س �سنوات‪.‬‬ ‫ويتوجب على الرئي�س الباك�ستاني الجديد‪ ،‬ممنون ح�سين‬ ‫ورئي�س وزرائ ��ه ن��واز �شريف‪ ،‬الحفاظ على المبادئ‬ ‫ضال عن اال�ستمرار‬ ‫الديمقراطية الواعدة في البالد‪ ،‬ف� ً‬ ‫في �إع��ادة بناء م�ؤ�س�ساتها المفككة‪ ،‬من الق�ضاء �إلى‬ ‫التعليم والرعاية ال�صحية‪.‬‬

‫“نحن نرغب في‬ ‫العمل على جبهتي‬ ‫العقل واليد مع ًا‪ :‬إعداد‬ ‫جامعيين متعلمين‪،‬‬ ‫وإعداد عمال مدربين‬ ‫على مهارات عملية”‬ ‫لقد فتح الفقر الم�ستفحل في �أرج��اء باك�ستان‪،‬‬ ‫الباب لتف�شي الأ�صولية الدينية والعنف الإجرامي‪ ،‬حيث‬ ‫ح�صدت الهجمات بالقنابل والر�صا�ص‪ ،‬التي ُتلقى بها‬ ‫الم�س�ؤولية على المتمردين الإ�سالميين‪ ،‬الآالف من‬ ‫الأرواح هذا العام فقط ولغاية اليوم‪ .‬وت�شير الأرق��ام‬ ‫الر�سمية في كرات�شي وحدها �إلى مقتل �أكثر من ‪1,700‬‬ ‫�شخ�ص في �أعمال العنف خالل الن�صف الأول من العام‬


‫زمن العطاء‬

‫ت�ساهم كرات�شي‪ ،‬وهي �أكبر مدن باك�ستان‪،‬‬ ‫بما يقارب من ثلث الن�شاط االقت�صادي‬ ‫ف��ي ال��ب�لاد‪ ،‬ك��م��ا يعبر ع��ن طريقها ‪95‬‬ ‫بالمئة من مجمل التجارة الخارجية‬

‫‪25‬‬


‫زمن العطاء‬

‫‪ ،2013‬في حين يق ّدر العدد الحقيقي بما يقرب من‬ ‫‪ 2,500‬قتيل خالل فترة ال�ستة الأ�شهر‪ ،‬ذهب الكثير منهم‬ ‫�ضحية الحرب ال�ضرو�س بين الع�صابات‪ .‬وقد و�صفت‬ ‫المجلة الأمريكية “فورين بولي�سي” في �سبتمبر كرات�شي‬ ‫بـ “�أكثر المدن ال�ضخمة خطورة “ في العالم‪.‬‬ ‫يقول الدكتور ع�شرت ح�سين‪ ،‬عميد كلية �إدارة‬ ‫الأعمال (‪ )IBA‬وهي �أقدم كلية �إدارة �أعمال و�أكثرها‬ ‫احترام ًا في البالد‪“ :‬يت�صف ‪ 60‬في المئة من �سكان‬ ‫باك�ستان‪ ،‬ب��أن�ه��م دون ال �ـ ‪ 30‬ع��ام م��ن ال�ع�م��ر‪ ،‬وهم‬ ‫يحاولون االن�ضمام �إل��ى القوى العاملة دون �أن يكونوا‬ ‫مهيئين لذلك”‪.‬‬ ‫ويتابع قائالً‪“ :‬بين عامي ‪ 2015‬و‪� 2050‬سوف يدخل‬ ‫ثالثة ماليين �شاب وفتاة �سوق العمل كل عام‪ ،‬ولكن �إن‬ ‫كانوا غير متعلمين‪ ،‬ولي�س لديهم المهارات التي يتطلبها‬ ‫االقت�صاد‪ ،‬عندئذ �سيكون لدينا قنبلة موقوتة ب�سبب‬ ‫خطر ان�ضمامهم �إلى الع�صابات والمافيات الإجرامية‪،‬‬ ‫�أو �إلى الأ�صوليين والإرهابيين”‪.‬‬ ‫و ُي ّ�صر ح�سين‪ ،‬وهو حاكم �سابق للبنك المركزي‬ ‫في باك�ستان وخبير مخ�ضرم في العمل مع البنك الدولي‪،‬‬ ‫على �أن الإ�صالح ال�شامل لنظام التعليم الذي عفا عليه‬ ‫الزمن‪ ،‬يمكن �أن يح ّول هذه القنبلة ال�سكانية الموقوتة‬ ‫�إلى ميزة ثمينة‪.‬‬ ‫ويو�ضح فكرته ب��ال�ق��ول‪“ :‬يجب �أن ي�ك��ون لدينا‬ ‫[طالب] متعلمين في المجاالت التي عليها طلب عالي‪،‬‬ ‫�سواء داخل البالد �أو خارجها … فنحن نرغب في �أن نكون‬ ‫العقل واليد معاً‪ :‬جامعيين متعلمين‪ ،‬وعمال مدربين على‬ ‫مهارات عملية‪� .‬إنها الآن نقطة التحول لباك�ستان‪ ،‬ونحن‬ ‫نحتاج كل الأيدي العاملة على ظهر ال�سفينة‪ :‬الحكومة‬ ‫والقطاع الخا�ص والمجتمعات المحلية والمنظمات غير‬ ‫الحكومية والمجتمع المدني‪ .‬كل هذه المجموعات بحاجة‬ ‫�إلى العمل معاً‪ ،‬ليك�شفوا عن �سواعدهم ويبد�ؤوا بالعمل”‪.‬‬ ‫في بلدة كورانجي‪ ،‬على الحافة الجنوبية للمدينة‪،‬‬ ‫�إب �ت��د�أت فع ًال م�ؤ�س�سة غير ربحية بالعمل لإح��داث‬ ‫ال�ف��رق‪� .‬إنها م�ؤ�س�سة �أم��ان (‪)Aman Foundation‬‬ ‫التي ت�أ�س�ست ر�سمي ًا ع��ام ‪ ،2008‬بتبرع قيمته ‪100‬‬

‫‪60%‬‬ ‫من سكان باكستان هم دون الـ ‪30‬‬ ‫سنة من العمر‬

‫‪26‬‬

‫مليون دوالر‪ ،‬قدمها رجل الأعمال‬ ‫كرات�شي المولد عارف نقفي‪.‬‬ ‫ت ��دي ��ر ال �م ��ؤ� �س �� �س ��ة ع�م�ل�ه��ا‬ ‫م��ن م���س�ت��ودع للقطن ت��م تحويله‬ ‫بحيث يمكن اال�ستفادة م��ن كامل‬ ‫الم�ساحات المفتوحة التي ت�شكل‬ ‫الطابق الأر�ضي للمبنى‪ ،‬بينما ُخ�ص�صت الطوابق العليا‬ ‫من مقر الم�ؤ�س�سة لخدمات التنظيم والإدارة‪ ،‬و ُمنح‬ ‫الطابق الأر�ضي ب�أكمله �إلى “�أمان تك” (‪،)AmanTech‬‬ ‫وه��و مجمع للتدريب يمثل خطوة جديدة وجريئة في‬ ‫تطوير تعليم المهارات في باك�ستان‪.‬‬ ‫ف��ي م�ك��ان م��ن ال�ط��اب��ق الأر���ض ��ي المخ�ص�ص‬ ‫للتدريب نرى الع�شرات من المتدربين ال�شباب في‬ ‫مالب�س عمل كاكية اللون محت�شدين ح��ول ط��اوالت‬ ‫العمل‪ ،‬يحملون بيدهم ماكينة اللحام و�أقنعة �سالمة‬ ‫في متناول اليد‪ .‬وفي مكان �آخر‪ ،‬نرى مجموعة �أخرى‬ ‫م��ن ال�ط�لاب يتح ّلقون ح��ول ن�م��وذج مع ّقد لمحرك‬ ‫�سيارة يطقطق قلي ًال قبل �أن يتوقف بالكامل‪� ،‬إنه‬ ‫جهاز محاكاة‪ ،‬وعليهم تحديد ال�سبب في اختياره هذه‬ ‫اللحظة لالهتزاز والتوقف‪ .‬فيما يقف معلم ال�سباكة‬

‫ال�����ص��ورة ف���ي الأع���ل���ى‪ :‬تنق�سم الح�ص�ص‬ ‫الدرا�سية في “�أمان تك” ما بين النظري‬ ‫وال��ع��م��ل��ي‪ .‬وت�ضمن الإخ��ت��ب��ارات ال�شهرية‬ ‫مثابرة الطالب على درا�ستهم‬

‫يلوح بجهاز قيا�س الم�ستويات‬ ‫في مكان غير بعيد‪ّ ،‬‬ ‫العمودية والأفقية‪� ،‬أمام تالميذه‪ ،‬ويرفعه عالي ًا كما لو‬ ‫كان هذا الجهاز قائدهم وهم �أتباعه‪.‬‬ ‫“�أمان تك”‪ ،‬ال �ت��ي دخ �ل��ت ع��ام�ه��ا ال �ث��ال��ث من‬ ‫الت�شغيل‪ ،‬هي �أكبر من�ش�أة للتدريب المهني في البالد‪،‬‬ ‫وقد غيرت بالفعل حياة ما يزيد عن ‪� 6,000‬شاب ًا و�شابةً‪،‬‬ ‫معظمهم ممن تتراوح �أعمارهم بين ‪ 16‬و‪ .22‬وتغطي‬ ‫برامج التدريب مجموعة وا�سعة من التخ�ص�صات‪ ،‬من‬ ‫�إ�صالح ال�سيارات �إلى الهند�سة الكهربائية‪ ،‬وال�سباكة‪،‬‬ ‫والبرمجيات‪ ،‬و ُتق َّدم هذه البرامج عن طريق دورات يتم‬ ‫تق�سيمها بن�سبة ‪ 30/70‬بين التدريب العملي والدرو�س‬ ‫النظرية‪ ،‬تتخللها االمتحانات ال�شهرية ل�ضمان تقدم‬ ‫الطالب‪ ،‬وللت�أكيد على �أن الم�ؤ�س�سة ال تغفل عن �أهمية‬ ‫الدرو�س النظرية ودور العقل في التحكم بالمهارات‬ ‫اليدوية ومتابعة تطويرها‪ ،‬بل هي ت�سعى �إلى �أن�سب توازن‬ ‫بين المهارات العقلية والمهارات اليدوية‪.‬‬ ‫ويو�ضح �أح�سان جميل‪ ،‬الرئي�س التنفيذي لم�ؤ�س�سة‬ ‫�أمان‪ ،‬قائالً‪“ :‬يتمثل دور �أمان تك ب�إعطاء النا�س مجموعة‬ ‫متكاملة من الأدوات … وهذه الأدوات ال تقت�صر على ما‬ ‫هو متوفر في ور�شة العمل‪ ،‬وال على الأدوات الدولية‬


‫زمن العطاء‬

‫�إ�ستخدم هاتفك لم�شاهدة‬ ‫المحتوى التفاعلي؛ راجع‬ ‫ال�صفحة ‪ 7‬لتعليمات اال�ستخدام‬

‫وال ت�ق�ب��ل �أم � ��ان ت ��ك ال�ت�غ�ي��ب من‬ ‫طالبها‪� ،‬إذ يجب عليهم ح�ضور ما ال‬ ‫يقل عن ‪ 90‬في المائة من ف�صولهم‬ ‫الدرا�سية التي تترواح مدتها بين ‪6‬‬ ‫�أو ‪� 12‬أو ‪� 18‬شهراً‪ ،‬وفي حال عدم‬ ‫االلتزام �سيكون الطرد من ن�صيب المتخلفين‪.‬‬ ‫يقول جميل‪“ :‬كل طالب في معهدنا يجلب معه حمله‬ ‫ال�شخ�صي من الظروف التي يعي�شها‪� ،‬إذ هناك دائم ًا‬ ‫م�شاغل و�أمور تدور في المنزل‪ ،‬ونحن دائم ًا م�ستعدون‬ ‫لمحاولة التعاون على الأمور القابلة للحل‪ .‬عندما ي�أتي‬ ‫الطالب يجرى لهم اختبار في البداية‪ ،‬وهناك مت�سربين‪،‬‬ ‫وهو عادة ما يكون نتيجة لظروف عائالت ال�شباب التي‬ ‫قد تتطلب خروجهم للعمل على الفور‪ ،‬و�أحيان ًا يعود الأمر‬ ‫لحقيقة �أن كرات�شي مدينة �ضخمة ــ هو �أمر م�ؤ�سف �أن ال‬ ‫ي�ستطيع الطالب �أحيان ًا �إكمال الرحلة‪ ،‬وبما �أننا نعلّمهم‬ ‫مهارات عملية‪ ،‬فبالتالي ال يمكنهم البقاء في المنزل‬ ‫وقراءة الكتب [عن هذه المهارات]”‪.‬‬ ‫�إذا ا�ستطاع جميل وفريقه تحقيق �آمالهم‪ ،‬فقريب ًا‬ ‫ل��ن تعود الجغرافيا تمثل عائقا �أم ��ام التحاق �أولئك‬ ‫الراغبين في تطوير المهارات المهنية‪ .‬فبح�سب قوله‪:‬‬ ‫“تمثل �أم��ان تك رافعة �أو نقطة ارتكاز ت�سمح لنا بفتح‬ ‫�أقنية توا�صل مع النا�س الذين يرغبون �أن يفعلوا ما‬ ‫نفعله في مناطق �أخ��رى من البالد”‪ .‬وي�ضيف‪“ :‬ت�شهد‬

‫ال�صورة في الأعلى‪ :‬توفر “�أمان تك”‪ ،‬وهي‬ ‫�أك��ب��ر من�ش�أة للتدريب المهني ف��ي ال��ب�لاد‪،‬‬ ‫الفر�صة للطالب لإ�ستخدام مجموعة وا�سعة‬ ‫من المعدات والتقنيات‬

‫“المسألة ال تتعلق بالنمو االقتصادي فقط‪ ،‬ولكن‬ ‫بالعافية والرضا والحياة الصحية والمنتجة”‬ ‫مثل �أجهزة الكمبيوتر؛ كما التقت�صر فقط على تلك‬ ‫التي توفر لهم القدرة على التحدث باللغة الإنجليزية‪.‬‬ ‫فهناك الأداة التي تعينهم على التحكم بالقوة الكامنة في‬ ‫الذكاء العاطفي [�أي القدرة على �إدراك وتقييم و�ضبط‬ ‫العواطف]‪ ،‬وهي المهارة غير الملمو�سة التي غالب ًا ما‬ ‫ُتهمل في �أنظمة التعليم لدينا”‪.‬‬ ‫ويتابع �أح�سان �شارحاً‪�“ :‬إن التن�شئة االجتماعية‬ ‫مهمة جداً؛ �أي �أن تكون قادر ًا على العمل مع النا�س‪،‬‬ ‫وتعمل �ضمن نظام‪ ،‬و�أن تتعلم �أن��ك �إذا ما عاملت‬ ‫النا�س باحترام‪ ،‬ف�سوف ُتعامل باحترام مقابل … �أنت‬ ‫هنا تتعلم المهارات وتح�صل على الإعتماد‪ ،‬ولكن بر�أيي‬

‫هذا جزء �صغير جد ًا من الأمر برمته‪� .‬إن الم�س�ألة ال‬ ‫تتعلق بالنمو االقت�صادي فقط‪ ،‬ولكن بالعافية والر�ضا‬ ‫والحياة ال�صحية والمنتجة”‪.‬‬ ‫ي�أتي كثير من طالب “�أمان تك” من �أكثر ال�شرائح‬ ‫المحرومة في كرات�شي‪ ،‬ويتم فر�ض نظام �صارم عليهم‪،‬‬ ‫من �أب�سط قواعده عدم ال�سماح لهم بالتدخين �أو م�ضغ‬ ‫التبغ �أو جوز التنبول _ المعترف بهما كم�سببان ل�سرطان‬ ‫الفم _ في �أماكن التدريب‪ .‬كما يفر�ض النظام على كل‬ ‫طالب ق�ضاء �ساعتين كحد �أدنى كل �أ�سبوع في ح�ضور‬ ‫درو���س المهارات الثانوية مثل �آداب المائدة‪ ،‬وكيفية‬ ‫اللبا�س للذهاب �إلى مقابلة للعمل �أو لت�سوية النزاعات‪.‬‬

‫‪27‬‬


‫زمن العطاء‬

‫ال�صورة‪ :‬تقول م�ؤ�س�سة �أمان �أنها على ثقة‬

‫�أن���ه ب��الإم��ك��ان تو�سعة ن��م��وذج “�أمان تك”‬

‫وتطبيقه في مدن �أخرى من البالد‬

‫“نحن بحاجة لمطابقة مهارات شبابنا‪ ،‬مع‬ ‫المهارات التي اقتصادنا بأشد الحاجة لها”‬

‫‪28‬‬


‫زمن العطاء‬

‫باك�ستان تحو ًال ديمقراطياً‪ ،‬وترغب الحكومة الجديدة‬ ‫�أن ُيمكّنها �أدا�ؤه ��ا من الح�صول على الأ��ص��وات التي‬ ‫تحتاجها في المرة القادمة‪ .‬وفي النتيجة‪ ،‬نجد �أننا بعد‬ ‫عامين ون�صف من حياة “�أمان تك” وخم�س �سنوات من‬ ‫حياة الم�ؤ�س�سة‪ ،‬نجري محادثات على �صعيدي الأقاليم‬ ‫والدولة‪ ،‬حول كيفية �إقامة �شراكة مع الحكومة لتطبيق‬ ‫البرنامج في �أماكن �أخرى”‪.‬‬ ‫ه��ذا التفكير اال�ستراتيجي ذو المدى الطويل‬ ‫والنطاق الوا�سع هو �أمر محوري من منطلق المبادئ‬ ‫والروح التي تحرك م�ؤ�س�سة �أمان‪ .‬فبينما ر ّكز �آخرون‬ ‫بح�سن نية على حلول للم�شاكل المحلية ال�صغيرة‪،‬‬ ‫تعر�ض �أم��ان نتائجها على �صانعي ال�سيا�سات على‬ ‫الم�ستوى الوطني‪ ،‬وتقدم نف�سها كمحرك للتغيير‪،‬‬ ‫ونقطة انطالق نحو طرق مبتكرة لحل م�شاكل قديمة‪.‬‬ ‫وتعمل “�أمان تك” التي ُ�صممت منذ البداية كم�شروع‬ ‫قابل للتو�سع والن�سخ‪ ،‬بل وحتى �أن تمنح الم�ؤ�س�سة‬ ‫�أطراف �أخرى حق الإمتياز لإ�ستخدام منهجها وتطبيقه‬ ‫ب�أ�سهل الطرق‪ .‬فما ال��ذي يمنع �أن تقدم الم�ؤ�س�سة‬ ‫برنامج عمل لإعادة تقويم مبادرات التدريب الناجحة‬ ‫في جميع �أنحاء البالد؟‬ ‫وحول التخ�ص�صات المهنية يقول ح�سين من كلية‬ ‫�إدارة الأعمال‪“ :‬هناك عدد قليل جد ًا من الم�ؤ�س�سات‬ ‫ُتد ّر�س المهارات التقنية �أو المهنية‪� ،‬إذ ن�سبة االلتحاق في‬ ‫التخ�ص�صات التقنية والمهنية على ال�صعيد الوطني هي‬ ‫واحد في المئة فقط‪ .‬ونحن بحاجة �إلى رفع هذه الن�سبة‬ ‫�إلى خم�سة في المئة في ال�سنوات القليلة القادمة‪ ،‬الأمر‬ ‫الذي ي�شكل تحدي ًا كبير ًا لأننا بحاجة �إلى المختبرات‪،‬‬ ‫و�إلى م�ساحات للعمل ومعدات وم�سابك‪ ،‬ومعدات حدادة‪،‬‬

‫و�أدوات مختلفة و�أ�صباغ‪ ،‬وغير ذلك الكثير‪ ،‬لتدريب‬ ‫الطالب على الحرف‪.‬‬ ‫وي�ضيف ح�سين مو�ضح ًا حول نموذج �أم��ان تك‪:‬‬ ‫“�س�أراهن على م�ضاعفة انت�شار نموذج �أمان تك‪ .‬فقد تم‬ ‫اختبار النموذج الأولي‪ ،‬وهناك حاجة الآن للدخول في‬ ‫�شراكات مع منظمات �أخرى‪� ،‬أو تو�سيع نطاقه على �أ�سا�س‬ ‫منح االمتياز بحيث توفر الم�ؤ�س�سة الدعم والخدمات‬ ‫الم�ساندة مثل المناهج واالختبارات‪ .‬هذا �شيء يجب‬ ‫القيام به اعتبار ًا من �أم�س ولي�س اليوم”‪.‬‬ ‫م��ن بين م �ب��ادرات �أم ��ان ال �ع��دي��دة‪� ،‬إن ك��ان في‬ ‫التعليم االب�ت��دائ��ي وتطوير البنية التحتية‪� ،‬أو توفير‬ ‫الرعاية ال�صحية والريا�ضية‪ ،‬تعتبر “�أمان تك” المر�شح‬ ‫الرئي�سي بينها من ناحية جهوزيتها للتبني الفوري على‬ ‫الم�ستوى القومي‪ .‬وفيما تواجه باك�ستان معركة �شاقة من‬ ‫�أجل تلبية تطلعات فئة ال�شباب المتزايدة‪ ،‬ف�إن ا�ستعداد‬ ‫الحكومة الجديدة الحت�ضان مبادرات طموحة مثل “�أمان‬ ‫تك”‪ ،‬قد تحدد ما �إذا كان هذا الجيل الجديد �سينمو‬ ‫محبط ًا �أو محرراً‪.‬‬ ‫ويختتم ح�سين‪ ،‬بقوله‪“ :‬فيما يتعلق بالتعليم ف�إن‬ ‫الجميع يطلق الكثير من الكالم ويعمل القليل‪ ،‬وجميع‬ ‫الأح ��زاب ال�سيا�سية لديها عبارات بليغة في بياناتها‬ ‫الر�سمية تظهر بها اهتمامها بالتعليم‪ .‬وم��ن جهتي‪،‬‬ ‫�س�أعلّق تقييمي للأمور حتى �أرى بع�ض التقدم‪ ،‬الذي‬ ‫ُيظهر �أنهم قد فعلوا �شيئاً‪ ،‬و�أثبتوا �أنهم مهتمون حقاً‪.‬‬ ‫نحن بحاجة �إل��ى تح�سين النفاذ �أل��ى التعليم‪ ،‬وجعله‬ ‫�أكثر مالءمة‪ ،‬وتح�سين نوعيته _ ما يعني �أننا بحاجة‬ ‫لمطابقة مهارات �شبابنا‪ ،‬مع المهارات التي يحتاجها‬ ‫اقت�صادنا ب�شدة”‪n .‬‬

‫العبور إلى بر األمان‬ ‫تعتبر �أم ��ان‪ ،‬وه��ي وق��ف وم�ؤ�س�سة غير ربحية‪،‬‬ ‫واحة نادرة من التفكير اال�ستراتيجي و�سط عالم‬ ‫ال�سيا�سة والأع �م��ال ف��ي كرات�شي ال��ذي ي�سوده‬ ‫الإرتباك واال�ضطراب‪.‬‬ ‫يقول جميل “نحن باك�ستانيون‪ ،‬ونحن نتحدث‬ ‫عن الر�سالة الحقيقية في مثل هذه الأوقات‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫�أنه يمكن للباك�ستانيين �أن يحلوا م�شاكل باك�ستان‬ ‫ب�أنف�سهم‪ ،‬وينبغي لهم الأخ��ذ بزمام المبادرة‬ ‫للقيام بذلك‪ .‬ونحن نعتقد �أن باك�ستان لي�ست بلد ًا‬ ‫فقيراً‪ ،‬ولكنها تدار ب�شكل �سيء‪.‬‬ ‫نحن مزيج من خبراء من قطاعات متنوعة‬ ‫ومديرين و�أ�صحاب م�شاريع‪ .‬لدينا الكفاية من‬ ‫االبتكار والإب ��داع‪ ،‬و�إح�سا�س ب�أنه يمكننا تحمل‬ ‫المخاطرة لأننا محاطون بالمخاطر‪ .‬نحن نمتلك‬ ‫قرارنا ب�أنف�سنا‪ ،‬و نعتقد �أنه من الممكن تغيير‬ ‫الأمور‪ ،‬وب�أن هناك ح ًال لم�شاكل البالد”‪.‬‬ ‫ه��ذا الإق�ب��ال على المخاطرة يناق�ض نهج‬ ‫الم�ؤ�س�سة المبني بدقة لبلوغ تنمية طويلة الأجل‬ ‫وم�ستدامة‪ .‬حيث تهدف الم�ؤ�س�سة م��ن خالل‬ ‫عملها كحا�ضنة في المراحل الأول�ي��ة لم�شاريع‬ ‫الرعاية ال�صحية والتعليم وتقلي�ص التفاوت في‬ ‫الغذاء‪ ،‬من بين مجاالت �أخ��رى‪� ،‬إلى �إثبات �أنه‬ ‫يمكن تحقيق التغيير المنهجي على نطاق وا�سع‪.‬‬ ‫ومن ثم تقوم ب��دور �صانع المنح والهبات‪،‬‬ ‫من خالل بناء من�صة لإ�شراك فاعلين �آخرين‬ ‫في القطاع االجتماعي‪ ،‬وذل��ك قبل البحث في‬ ‫بناء �شراكات على الم�ستوى الحكومي والدولي‪.‬‬ ‫ت�شمل حالي ًا قائمة �شركائها الدوليين م�ؤ�س�سات‬ ‫رفيعة الم�ستوى‪ ،‬مثل‪ :‬م�ؤ�س�سة بيل وميليندا غيت�س‬ ‫وجامعة هارفارد وم�ؤ�س�سة النادي الإ�سباني لكرة‬ ‫القدم ريال مدريد‪.‬‬ ‫ويختتم جميل بالقول‪“ :‬لدينا فر�صة ب�سبب‬ ‫قلة المنظمات التي تجمع بين �أمورعدة‪ ،‬فنحن‬ ‫م�شغلين ومقدمي منح‪ ،‬كما �أننا محليين … نحن‬ ‫الآن في و�ضع قادرين فيه على اختيار من �سنعمل‬ ‫ونت�شارك معهم‪ ،‬و�سوف نختارهم بعناية ففي حين‬ ‫يت�سم البع�ض باال�ستقامة‪� ،‬إال �أن البع�ض الآخر ال‬ ‫يمكن االعتماد عليه‪ .‬نحن نفكر دائم ًا وبعناية‬ ‫فائقة فيمن �سي�صبحوا �شركا�ؤنا”‪.‬‬

‫‪29‬‬


‫زمن العطاء‬

‫ت�ستقبل مدر�سة رانا لياقات الثانوية للبنات‬ ‫ف���ي ح���ي �إب���راه���ي���م ح���ي���دري ‪ 221‬ط��ال��ب��ة‪،‬‬ ‫تتراوح �أعمار هن بين الـ ‪ 12‬والـ ‪ 15‬عاماً‬

‫‪30‬‬


‫زمن العطاء‬

‫التعليم في باكستان‪:‬‬

‫دروس صعبة‬ ‫‪:‬ملقب �أندرو وايت‬

‫عندما‬

‫يرن جر�س الغداء في مدر�سة‬ ‫ران��ا لياقات الثانوية للبنات‪،‬‬ ‫ت� ��رى ف ��ي ب ��اح ��ة م��در� �س �ت �ه��ا‬ ‫ما يمكن �أن تراه في �أي مدر�سة في العالم‪� .‬صوت‬ ‫تنف�س الطالبات وهن يت�سارعن �إل��ى الباحة‪ ،‬ووقع‬ ‫الأحذية المدر�سية على الأر���ض الحجرية‪ ،‬وطوفان‬ ‫وجوه مبت�سمة؛ الكل يم�ضي بفرح بعيد ًا عن ح�ص�ص‬ ‫الدرا�سة �إلى الم�ساحات المفتوحة‪ .‬في حي �إبراهيم‬ ‫حيدري المهلهل في جنوب كرات�شي‪ ،‬يوجد �سبب‬ ‫�إ�ضافي لتل ّهف الطالبات �إلى النور في الخارج‪ ،‬فهن‬ ‫يرغبن في المزيد من �ضوء النهار‪ ،‬لقد كن ي�أخذن‬ ‫درو�سهن في الظلمة‪.‬‬ ‫ي�شتهر حي ابراهيم حيدري ب�سرقة الكهرباء‪ ،‬حيث‬ ‫يدفع الفقر ال�سكان المحليون و�أ�صحاب الأعمال ال�صغيرة‬ ‫�إلى مد الأ�سالك على خطوط الكهرباء التابعة للغير في‬ ‫محاولة لتجنب دفع ر�سوم الكهرباء التي ي�ستخدمونها‪.‬‬ ‫وكانت �شركة الكهرباء في كرات�شي (‪ )KESC‬وهي المزود‬ ‫المحلي للطاقة‪ ،‬قد عمدت �إلى تقلي�ص ال�ساعات التي‬ ‫ب�إمكان المدر�سة ت�شغيل م�صابيح الكهرباء الواهنة‬ ‫صال في الف�صول الدرا�سية‪ ،‬في محاولة منها لردع هذه‬ ‫�أ� ً‬ ‫ال�سرقات التي تتم في و�ضح النهار‪ .‬وبالن�سبة للمدر�سة‬ ‫التي ت�ضم ‪ 221‬طالبة ومعلماتهن‪ ،‬باتت الأوقات الوحيدة‬ ‫التي تتوفر فيها الكهرباء هي الفترة الواقعة بين ‪ 8‬و ‪9‬‬ ‫�صباحا‪ ،‬و‪ 01:00 11:30‬ظهراً‪.‬‬ ‫تقول المعلمة �آمنة �أختر‪ ،‬خريجة العلوم المالية‬ ‫البالغة من العمر ‪ 24‬عاماً‪“ :‬من ال�صعب جد ًا تدري�س‬ ‫الح�ص�ص في الظالم”‪ .‬وكانت قد هدرت جزء ًا كبير ًا‬

‫من ال�ساعة المخ�ص�صة لتدريب ‪ 70‬فتاة في �أدق النقاط‬ ‫الريا�ضية _ في بحث �إن كن ي�ستطعن ر�ؤية ما يكتب على‬ ‫ال�سبورة �أم ال‪.‬‬ ‫وتابعت قائلة‪“ :‬ن�ضطر �أحيان ًا لإغ�لاق النوافذ‪،‬‬ ‫وم��ع جلو�س ث�لاث طالبات ف��ي مقعد واح ��د‪ ،‬ي�صبح‬ ‫الجو خانق ًا جداً‪ ،‬وت�شعر الطالبات بالإرهاق‪ ،‬وت�سوء‬ ‫ت�صرفاتهن‪ ،‬كما ت�ؤثر العتمة �أي�ض ًا على �أب�صارهن‪ ،‬ومع‬ ‫كل هذا‪ ،‬يظهرن مرونة مذهلة وال يزلن يرغبن بالمجيء‬ ‫�إلى المدر�سة‪� .‬إن الو�ضع هذه ال�سنة �أف�ضل من العام‬ ‫الما�ضي‪ ،‬عندما لم يكن لدينا كهرباء نهائي ًا �أو حتى‬ ‫مياه في دورات المياه‪� .‬شركة الكهرباء في كرات�شي على‬ ‫دراية بظروف المدر�سة وتريد م�ساعدتنا‪ ،‬ولكنها لي�ست‬ ‫قادرة على القيام ب�أكثر من ذلك في الوقت الراهن”‪.‬‬ ‫المفارقة هنا �أن مدر�سة رانا لياقات‪ ،‬مع كل م�شاكل‬ ‫نق�ص الكهرباء‪ ،‬تعتبر منارة بالن�سبة للمدار�س الأخرى‬

‫“إنهم طالب مميزون‬ ‫جد ًا‪ ،‬ونحن نعمل على‬ ‫دفعهم للتفكير حول‬ ‫كيفية تحسين التعليم‬ ‫في باكستان”‬

‫‪31‬‬


‫زمن العطاء‬

‫في المجتمعات المهم�شة في كرات�شي‪ ،‬وفي باك�ستان‬ ‫ب�شكل عام‪� .‬أما المعلمتان �آمنة وزميلتها فاطمة ر�ضوان‪،‬‬ ‫فهما من بين �ألمع الخريجين ال�شباب في المدينة‪ ،‬وقد‬ ‫قادتهم مبادرة “علّم من �أجل باك�ستان” �إلى حي ابراهيم‬ ‫حيدري‪ ،‬والمبادرة طرحتها م�ؤ�س�سة �أمان وهي م�ؤ�س�سة‬ ‫غير ربحية مقرها كرات�شي‪.‬‬ ‫ُتقدم مبادرة “علّم من �أجل باك�ستان” للخريجين‬ ‫م��ن �أف���ض��ل ج��ام�ع��ات باك�ستان وظ�ي�ف��ة ب� ��دوام كامل‬

‫‪32‬‬

‫ل�م��دة عامين ف��ي م��دار���س المناطق ال�ت��ي تعاني من‬ ‫نق�ص في الموارد‪.‬‬ ‫تعم فوائد هذه المبادرة على الطرفين‪� :‬إذ بينما‬ ‫ت�ستفيد الطالبات من تعليم �آمنة وفاطمة وحما�سهما‪،‬‬ ‫تح�صل الخريجات �أنف�سهن على خبرة قيمة في تحديات‬ ‫وتعقيدات نظام التعليم المتهالك في باك�ستان‪ ،‬فهن‬ ‫عملي ًا يك�سبن مجموعة من مهارات قيادية ومهنية �سهلة‬ ‫النقل الى االخرين خالل هذه العملية‪.‬‬

‫وفي هذا الإطار يو�ضح �أح�سان جميل‪ ،‬الرئي�س‬ ‫التنفيذي لم�ؤ�س�سة �أمان قائالً‪“ :‬مبادرة ع ّلم من �أجل‬ ‫باك�ستان هي طريق ذات اتجاهين‪ .‬فطالب المدر�سة‬ ‫يح�صلون على خريجين �شباب يهتمون لأمرهم‪ ،‬وللمرة‬ ‫الأول��ى في معظم الأحيان‪� ،‬أ�ضف �إلى ذلك �أن ه�ؤالء‬ ‫الخريجون والخريجات ال�شباب لي�سوا �أكبر بكثير من‬ ‫الطالب‪ .‬ما يعطي اليافعين م�سارات جديدة للحياة‬ ‫يتطلعون �إليها‪ .‬في الوقت نف�سه يح�صل الخريجون على‬ ‫تجربة القيادة ب�شكل عملي‪� .‬إذ عند تخرجك من الكلية‬ ‫تظن �أنك عبقري‪ ،‬ثم تدخل في تجربة مع تالميذ هم‬ ‫حق ًا بحاجة ما�سة �إليك‪ .‬وهنا تلم�س مقدار الفرق الذي‬ ‫يمكنك �إحداثه‪ ،‬وترى التغيير الذي ح�صل للتالميذ‬ ‫الذين هم تحت رعايتك”‪.‬‬ ‫تبلغ تكلفة رعاية زميل واحد من الخريجين لمدة‬ ‫عام واحد �أقل من ‪ 9,500‬دوالر‪ ،‬وتتلقى مبادرة “علّم‬ ‫من �أج��ل باك�ستان” دعم ًا من مجموعة من الأف��راد‬ ‫وال�شركات الراعية من داخل البالد وخارجها‪ .‬وهذه‬ ‫المبادرة الم�ستقلة هي ج��زء من حركة �أو�سع با�سم‬ ‫“التعليم للجميع”‪ ،‬التي �أطلقت مع م�ب��ادرة كلينتون‬ ‫العالمية في �سبتمبر ‪ ،2007‬وت�ضم‬ ‫ال�����ص��ورت��ان ع��ل��ى ال��ي��م��ي��ن ‪ :‬يحت�شد م�ؤ�س�سات مماثلة م��ن ‪ 22‬ب �ل��د ًا في‬ ‫‪ 70‬طالبة في كل �صف‪ ،‬حيث يق�ضون جميع �أنحاء العالم‪ .‬ففي كل مدر�سة‪،‬‬ ‫معظم يومهن وهن يتلقون التعليم من بوين�س �آيري�س �إلى بيروت‪ ،‬يختبر‬ ‫في �شبه ظالم بغياب الكهرباء‬ ‫خريجون �شباب ب�أنف�سهم العقبات‬ ‫والفر�ص التي يتيحها قطاع التعليم‪.‬‬


‫زمن العطاء‬

‫يو�ضح جميل ر�أيه بالجيل ال�شاب‪ ،‬قائالً‪�“ :‬إن جيل ال�صورة في الأع��ل��ى ‪ :‬ت��د ِّر���س �آمنة �أختر‪ ،‬المجاالت المهملة مثل التعليم‪ ،‬ف�إن‬ ‫ال�شباب يفهم باك�ستان �أكثر من �آبائهم‪ ،‬فهم لي�سوا مقيدين خريجة العلوم المالية‪ ،‬مادة الريا�ضيات‪ .‬ذلك �سيعتبر نجاح ًا عظيم ًا”‪.‬‬ ‫بطرق التفكير القديمة‪ ،‬كما �أنهم �أكثر انفتاحا على التغيير‪ .‬وق��د تم تعيينها في مدر�سة ران��ا لياقات‬ ‫ت � �ق� ��ول ف� ��اط � �م� ��ة‪ ،‬م ��در�� �س ��ة‬ ‫ه�ؤالء الطالب م�شرقون جد ًا وموهوبون جداً‪ ،‬ونحن نحملهم من ط��رف المنظمة غير الربحية “ع ّلم اللغة الإنجليزية وخريجة العلوم‬ ‫من �أجل باك�ستان”‬ ‫على التفكير في كيفية تح�سين التعليم في باك�ستان‪ .‬نحن‬ ‫ال�سيا�سية‪ ،‬وه��ي تبت�سم‪�“ :‬إعتقد‬ ‫بحاجة �إلى قادة‪ ،‬واذا ا�ستطعنا توجيه مهاراتهم باتجاه‬ ‫والدي �أن عملي هذا يقتل م�سيرتي‬ ‫المهنية‪ ،‬فقد متحم�س ًا و�أنا �أعمل في‬ ‫العالقات الدولية‪ ،‬لذا �أبدى قلقه ال�شديد عندما انتقلت‬ ‫“ال نريد أن تُستثمر قدرات الصغار‬ ‫�إلى القطاع االجتماعي‪ .‬هو الآن �سعيد لأنه يرى مدى‬ ‫�سعادتي و�أنا �أعمل هنا”‪ .‬وت�ضيف‪“ :‬يمكننا جعل الطالب‬ ‫في االهتمام فقط بهذه الحصة‬ ‫ي�شعرون �أن هناك من ي�سمعهم‪ ،‬و هذا �أمر مهم جداً‪،‬‬ ‫�إن االهتمام الذي نقدمه لهم يتجاوز الأعمال المدر�سية‪،‬‬ ‫الدراسية أو تلك‪ ،‬بل في السعي‬ ‫لأنه يدور في نهاية اليوم حول ماذا �سيحدث لهم عندما‬ ‫ننهي فترة عملنا معهم وندهب؟ ال نريد �أن ُت�ستثمر قدرات‬ ‫نحو التعليم بحد ذاته”‬ ‫اليافعين في االهتمام بح�صة درا�سية هنا وح�صة درا�سية‬ ‫هناك فقط‪ ،‬ولكن في ال�سعي نحو التعليم بحد ذاته”‪.‬‬

‫بد�أت كلتا الخريجتان عامهما الثاني مع مبادرة‬ ‫ع ّلم من �أجل باك�ستان‪ .‬وقد �ألهمت التجربة بالفعل‬ ‫�آمنة لإع��ادة النظر في م�سارها المهني‪� ،‬إذ تخلت‬ ‫ع��ن م�ستقبلها ف��ي ال�ع�م��ل ف��ي ت�م��وي��ل ال���ش��رك��ات‪،‬‬ ‫وه��ي مت�شوقة للعودة �إل��ى الجامعة لنيل ال�شهادات‬ ‫العليا وم��ن ث��م التركيزعلى اقت�صاديات التنمية‬ ‫�أو ال�سيا�سات العامة‪ .‬ف��ي ال��وق��ت نف�سه‪ ،‬ال تعرف‬ ‫فاطمة ب�شكل م��ؤك��د �أي��ن يكمن م�ستقبلها‪ ،‬ولكنها‬ ‫م�صممة على ترك ب�صمة في الأ�شهر المتبقية لها في‬ ‫مدر�سة رانا لياقات‪.‬‬ ‫وتقول‪“ :‬ال يهمني �شيء �أكثر من النتائج‪ .‬هناك‬ ‫الكثير من الأ�شياء التي يمكنك القيام بها‪� ،‬سواء كان‬ ‫في الم�ساعدة ببناء مختبر كمبيوتر �أو مكتبة �أو �أي‬ ‫�شيء �آخر‪ ،‬ولكن يجب علي �أن �أغ��ادر و�أنا �أعرف �أن‬ ‫تالميذي يتعلمون بالم�ستوى المنا�سب‪ .‬ال �شيء يهم‬ ‫�سوى النتيجة على الورق”‪n .‬‬

‫‪33‬‬


‫زمن العطاء‬

‫يح�ضر الطباخون في برنامج م�ؤ�س�سة‬ ‫ّ‬ ‫�أم���ان ف��ي ح��ي “خودا ك��ي با�ستي” ما‬ ‫يزيد عن ‪ 700‬وجبة كاملة و‪2,700‬‬ ‫لفافة خبز “روتي” ف��ي ال��ي��وم‪ ،‬لت�سد‬ ‫كل واحدة منها الفراغ في معدة فتية‬

‫‪34‬‬


‫زمن العطاء‬

‫تغذية‬ ‫األمل‬

‫يبلغ متو�سط دخل الأ�سرة في حي “خودا كي با�ستي‬ ‫ال�صغير �شمال غرب كرات�شي حوالي ‪ 85‬دوالر ًا في ال�شهر‪.‬‬ ‫وتوفر «م�ؤ�س�سة �أمان»‪ ،‬بم�ساعدة �شركائها من ال�شركات‬ ‫التجارية والمنظمات غير الربحية‪ ،‬وجبات مجانية في‬ ‫المدار�س لمئات الأطفال‪ ,‬من �أجل �إبقائهم في المدر�سة‬ ‫الت�سرب وترك مقاعد التعليم‪ .‬ويتولى نحو ‪30‬‬ ‫وتجنيبهم ّ‬ ‫فرد ًا من المجتمع نف�سه العمل مقابل �أجر لطبخ �أكثر‬ ‫من ‪ 3,000‬وجبة يومياً‪ ،‬ت�شمل �أطباق ًا من الر ّز والدجاج‬ ‫ولفائف خبز الروتي‪ .‬ال تتجاوز تكاليف رعاية الطفل‬ ‫الواحد في هذا البرنامج الـ ‪ 50‬دوالر ًا �سنوياً‪ ،‬لكن فائدته‬ ‫ال تق ّدر بثمن بالن�سبة ل�سكان “خودا كي با�ستي” الفقراء‪.‬‬ ‫”‬

‫‪35‬‬


‫زمن العطاء‬

‫ال�صور من �أعلى الي�سار باتجاه عقارب ال�ساعة ‪ :‬يقوم الطالب‬ ‫المتطوعين بتقديم الوجبات لأطفال المدار�س؛ ال تعود هذه‬ ‫ال��وج��ب��ات ب��ال��ن��ف��ع ع��ل��ى �صحة الأط���ف���ال وت��ع��زي��ز ق��درت��ه��م على‬ ‫التركيز فح�سب‪ ،‬بل هي ترفع من �إحتمال ح�ضورهم للح�ص�ص‬ ‫الدرا�سية؛ ت�ستقبل مدر�سة �سليم اهلل (ميموريال فهمي) �أكثر‬ ‫من ‪ 300‬طالب تتراوح �أعمارهم ما بين ‪ 5‬و ‪� 15‬سنة‪ .‬يعد الأمن‬ ‫الغذائي ق�ضية مهمة في باك�ستان‪ ،‬وقد تزداد الأمور �سوءاً نتيجة‬ ‫التغيير المناخي وقلة المياه‬

‫‪36‬‬

‫�إ�ستخدم هاتفك لم�شاهدة‬ ‫المحتوى التفاعلي؛ راجع‬ ‫ال�صفحة ‪ 7‬لتعليمات اال�ستخدام‬


‫زمن العطاء‬

‫ال�����ص��ور م��ن �أع��ل��ى ال��ي�����س��ار ب��ات��ج��اه ع��ق��ارب ال�����س��اع��ة ‪ :‬ي�ضم �شركاء‬ ‫م�ؤ�س�سة �أم���ان ف��ي ب��رن��ام��ج “�أمان غار” �شركة الأغ��ذي��ة الوطنية‬ ‫المحدودة (‪)National Food Limited‬؛ يبد�أ الطباخون عملهم‬ ‫في البرنامج منذ ال�ساعة الخام�سة �صباحاً؛ ي�شكل البرياني �أكثر‬ ‫الوجبات �شعبية لدى الأطفال؛ ق ّدم البرنامج لغاية اليوم مايزيد‬ ‫عن مليوني وجبة لطالب المدار�س في المناطق المتدنية الدخل‬

‫‪37‬‬

‫‪37‬‬


‫زمن العطاء‬

‫التدريب المهني في بنغالدش‪:‬‬

‫فتاة الدراجات‬ ‫�أدريان �سيرنيجوي‬

‫ال�صورة في الأعلى‪ :‬بالرغم من �أن �سنها‬ ‫ال يتجاوز ‪� 17‬سنة‪� ،‬إال �أن خديجة ت�ساهم‬ ‫في دخل العائلة وفي �إعالة �إخوانها‬

‫‪38‬‬


‫زمن العطاء‬

‫عندما‬

‫تلقي النظرة الأول��ى على ور�شة‬ ‫ت�صليح ال��دراج��ات النارية في‬ ‫“بوبا”‪ ،‬الواقعة في �أح��د �أحياء‬ ‫مدينة راج�شاهي غرب بنغالد�ش‪ ،‬لن يلفت �إنتباهك‬ ‫�أي �شيء غير �إعتيادي‪ .‬المكان مليء ب�صفائح البنزين‬ ‫البالية‪ ،‬المك ّد�سة ف��وق رف��وف �صدئة‪ ،‬والمل�صقات‬ ‫جدران خ�شنة‪ .‬في ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مكان‬ ‫المهترئة معلّق ٌة كيفما كان فوق‬ ‫الميكانيكي يج ّد في عمله‪ ،‬فتمتد‬ ‫ما من الور�شة‪� ،‬ستجد‬ ‫ّ‬ ‫يده بين الحين والآخر �إلى �صندوق الع ّدة ليقب�ض على‬ ‫مفتاح ربط �أو مطرقة‪ .‬يداه مل ّوثتان بال�شحم والزيت‪،‬‬ ‫كنت‬ ‫ف�إ�صالح الدراجات النارية يبقى عم ًال قذر ًا �أينما َ‬ ‫في العالم‪.‬‬ ‫المفاج�أة هي عندما يرفع �صاحبنا الميكانيكي‬ ‫ر�أ�سه‪ ،‬فيطالعنا بابت�سام ٍة م�شرقة تز ّين وجهه الجميل‪:‬‬ ‫�إن�ه��ا خديجة‪ .‬تم�سك خديجة بمفتاح ال��رب��ط تمام ًا‬ ‫كما يقب�ض م�شارك في برنامج “�ستار �أكاديمي” على‬ ‫ٍ‬ ‫وكرمز لطموحه و�آماله‪.‬‬ ‫الميكروفون‪ :‬ك�أداة ال ُتق ّدر بثمن‬ ‫وتبادر بالقول‪“ :‬عندما �أ�صلح د ّراج ًة نارية‪ ،‬ويثني على‬ ‫عملي الزبائن‪� ،‬أ�شعر ب�سعاد ٍة غامرة‪� .‬أنا �أعمل و�أك�سب‬ ‫للم�ساهمة ف��ي �إع��ال��ة �أف ��راد �أ��س��رت��ي‪ ،‬وه ��ذا �أك�ث��ر ما‬ ‫ي�سعدني‪ .‬كيف ال والفر�صة قد �سنحت لي لم�ساعدتهم؟”‬ ‫لي�ست خديجة �أ ّول ٍ‬ ‫فرد في �أ�سرتها يرتدي بدلة‬ ‫الميكانيكي‪ .‬فوالدها كان قد عمل في م��ر� ٍآب لإ�صالح‬ ‫ال�شاحنات في باغمارا‪ ،‬وهي منطقة زراعية تقع �شمال‬ ‫غرب بنغالد�ش‪ .‬لكن بما �أنه ال يملك قطعة �أر�ض وال يجني‬

‫دخ ًال كبيراً‪ ،‬لم يكن با�ستطاعته �إعالة �أ�سرته‪ .‬عندئذ‪،‬‬ ‫ا�ضطرت خديجة لترك مقاعد الدرا�سة‪ ،‬فما باليد حيلة‬ ‫�إال �أن تن�ضم �إلى عداد الكثيرين قبلها‪ :‬بالفعل‪ ،‬فقط ‪55‬‬ ‫بالمئة من �أطفال بنغالد�ش ُيكملون المرحلة االبتدائية‪.‬‬ ‫عندما تت�سرب الفتيات من المدار�س‪ ،‬ال يبقى‬ ‫عاد ًة �أمامهن �إال التفرغ للعمل المنزلي‪� ،‬إما في بيوتهن‬ ‫�أو في منازل الغير لقاء �أجر زهيد جداً‪ .‬هكذا بدا � ّأن‬ ‫خديجة �ست�ضطر �إلى �سلوك نف�س الطريق‪� ،‬إال �أن م�شيئة‬ ‫القدر كانت غير ذلك‪ ،‬فقد ّتم اختيارها للم�شاركة في‬ ‫برنامجٍ ل�صقل المهارات المهنية‪ُ ،‬يعرف با�سم “�ستار”‬ ‫(�أو برنامج تدريب المهارات لتطوير الموارد)‪ ،‬تديره‬ ‫منظّ مة “براك” (‪ )BRAC‬للتنمية‪.‬‬ ‫لكنت �صرت‬ ‫تقول‪“ :‬لو لم التحق ببرنامج ’�ستار‘‪ُ ،‬‬ ‫عاملة منزلية على الأرجح”‪ .‬عو�ض ًا عن ذل��ك‪ ،‬تعمل‬ ‫خديجة في “ور�شة رجا لإ�صالح ال�سيارات” في “بوبا”‪،‬‬ ‫تحت �إ�شراف �أ�ستاذها محمد ريحان رجا‪.‬‬ ‫يعمل برنامج “�ستار” على الجمع بين ال�شباب‬ ‫ال�صغار الذين ت�ص ّنفهم الحكومة �ضمن خانة “الأطفال‬ ‫العاملين في المدن‪ ،‬الم�ستع�صي الو�صول �إليهم”‪ ،‬على‬ ‫غ��رار خديجة‪ ،‬و�أ��ص�ح��اب الم�شاريع وال�خ�ب��رات ذات‬ ‫ال�صلة‪ ،‬مثل محمد‪ .‬يق�ضي الطالب �ستة‬ ‫معينة‬ ‫ال�صور في الأ�سفل‪� :‬أمنت خديجة �أ�شهر وه��م يتعلّمون �أ�صول مهنة ّ‬ ‫عمال في ور�شة في بوبا بعد �إتمام وي�ت��د ّرج��ون‪ ،‬في الوقت ذات��ه‪ ،‬في العمل‬ ‫تدريبها المهني مع برنامج “�ستار” تحت �إ��ش��راف �أ�ستاذهم‪ .‬بالإ�ضافة �إلى‬ ‫خريجي‬ ‫ذلك‪ ،‬ي�ساعد البرنامج في ربط ّ‬

‫“أنا أعمل وأكسب ما‬ ‫ّ‬ ‫يمكنني من المساهمة‬ ‫في إعالة أفراد أسرتي‪،‬‬ ‫وهذا أكثر ما يسعدني”‬ ‫“�ستار” ب��أرب��اب العمل‪ .‬في ه��ذا الإط ��ار‪ ،‬يقول ريفول‬ ‫جنات‪ ،‬مدير برنامج “�ستار”‪“ :‬في غالب الحاالت‪ ،‬يبقي‬ ‫الأ�ستاذ على تلميذه كموظّ ٍف ب��دوام كامل بعد انتهاء‬ ‫فترة التدريب”‪.‬‬ ‫ب ��دوره‪ ،‬يقر �أوج ��ال ح�سين‪ ،‬مالك “ور�شة رجا‬ ‫لإ�صالح ال�سيارات”‪“ :‬في بادئ الأمر‪ ،‬لم �أكن واثق ًا �إن‬ ‫لكن‬ ‫كان توظيف فتاة للعمل في ور�شتي خطوة �صائبة‪ّ .‬‬ ‫متحم�سة وم�ستع ّدة للعمل‪ ،‬كما كانت تملك‬ ‫خديجة كانت ّ‬ ‫ومف�صل‪ .‬عزز‬ ‫وا�ضح‬ ‫ب�شكل‬ ‫خبراتها‬ ‫ل‬ ‫�سج ًال د ّونت فيه ك ّ‬ ‫ّ‬ ‫فقررت توظيفها”‪.‬‬ ‫بمهاراتها‪،‬‬ ‫هذا الأمر ثقتي‬ ‫ّ‬ ‫جمة تحول‬ ‫�صعوبات‬ ‫بنغالد�ش‬ ‫في‬ ‫ال�شابات‬ ‫تواجه‬ ‫ّ‬ ‫الت�سرب من‬ ‫الت‬ ‫د‬ ‫مع‬ ‫وترتفع‬ ‫وتمكينهن‪.‬‬ ‫تقدمهن‬ ‫دون‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المدار�س‪ ،‬كما ترتفع م�ستويات البطالة بين ال�شباب‪،‬‬ ‫كما �أن هناك �أ�سباب مرجعها الثقافية والتقاليد تح ّد من‬ ‫خيارات العمل المتو ّفرة �أمام الن�ساء‪ .‬في هذا ال�سياق‪،‬‬

‫‪39‬‬


‫زمن العطاء‬

‫‪40‬‬


‫زمن العطاء‬

‫ال�صورة في الأ�سفل‪ :‬خديجة مع عائلتها‪.‬‬ ‫ل��م ي��ت��ج��اوز ع���دد ال��ن�����س��اء ال��ل��وات��ي ح�صلن‬ ‫على ال��ت��دري��ب المهني‪ ،‬مثل خ��دي��ج��ة‪ ،‬في‬ ‫بنغالد�ش في العام ‪ ،2012‬الـ ‪� 5,000‬إمر�أة‬

‫يحاول برنامج “�ستار” �شق �سبيل للتقدم في المجاالت‬ ‫الثالثة‪ ،‬فيو ّفر حوافز لت�شجيع الطالب على متابعة‬ ‫تدريبهم‪ ،‬ويدفع لهم تعوي�ضات مالية‪ ،‬كما ي�ساعدهم‬ ‫في فتح ح�سابهم الم�صرفي الأول‪ .‬هنا‪ ،‬تقول خديجة‬ ‫بك ّل فخر‪“ :‬تعلّمت كيف �أو ّفر المال‪� .‬أ�صبح ب�إمكاني اليوم‬ ‫م�ساعدة �أ�سرتي وتخفيف العبء عن كاهل والدي‪ .‬كما‬ ‫�أني قادرة على �شراء الهدايا لأهلي في الأعياد”‪.‬‬ ‫ال �شكّ في � ّأن البطالة تمثل تحدي ًا كبير ًا في بلد‬ ‫عليه �أن يوفر وظائف كافية ٍ‬ ‫ليد عاملة �ستبلغ‪ ،‬وفق ًا‬ ‫للتوقعات‪ 100 ،‬مليون ن�سمة بحلول العام ‪ .2020‬وتعاني‬ ‫بنغالد�ش‪ ،‬ب�شكل خا�ص‪ ،‬نق�ص ًا في المهارات المهنية‪:‬‬ ‫فقبل حوالي ع�شر �سنوات‪ ،‬لم يكن هناك �إال ‪5,000‬‬ ‫عن بم�ؤهالت مهنية في بنغالد�ش‪ .‬في العام‬ ‫امر�أة يتم ّت َ‬ ‫الما�ضي‪ ،‬اعتمدت الحكومة �سيا�سة وطنية للت�شجيع‬ ‫على تطوير المهارات‪ ،‬لكن المجال دوم� ًا يت�سع لمزيد‬ ‫من التح�سينات والإجراءات الرامية �إلى تزويد ال�شابات‬ ‫ب�أف�ضل الفر�ص المتاحة لك�سب رزقهن _ وتوفير المال‪.‬‬ ‫في هذا الإطار‪ ،‬يقول �شم�س العالم‪ ،‬منظّ م برنامج‬ ‫“�ستار” ف��ي ب��اغ�م��ارا‪“ :‬يتم ت��دري��ب ال�ط�لاب م��ر ًة في‬ ‫الأ�سبوع لمحو الأمية المالية‪ ،‬وتعلّم مهارات التوا�صل مع‬ ‫�صمم بطريقة ال‬ ‫الآخرين باللغة الإنجليزية‪ .‬التدريب ُم ّ‬ ‫تهدف �إلى تطويرهم طاقاتهم نحو ممار�سة مهنة مح ّددة‬ ‫فح�سب‪ ،‬بل �إلى تطوير مهاراتهم في الحياة �أي�ض ًا”‪.‬‬ ‫ت�شكّل الن�ساء ق� ّ�و ًة مت�صاعدة في �سوق العمل‬ ‫لكنهن يتركزن ف��ي ق�ط��اع المالب�س‬ ‫ف��ي بنغالد�ش‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والمن�سوجات ب�شكل �أ�سا�سي نتيجة التقاليد ال�سارية في‬ ‫المجتمع‪ .‬وفي المقابل يقدم “�ستار” مجموع ًة وا�سعة‬ ‫من المهن التي يمكن �أن تتد ّرب عليها الن�ساء‪ ،‬مثل‬ ‫�إ�صالح الهواتف الجوالة‪ ،‬والتطريز‪ ،‬وم� ّد الأ�سالك‬ ‫لكن والد خديجة هو من اختار‬ ‫الكهربائية‪ ،‬والخياطة‪ّ ،‬‬ ‫هذا المجال غير الم�ألوف البنته‪.‬‬

‫“تسألون إن كنت سأوظف فتاة‬ ‫أخرى اآلن؟ بكل تأكيد‪ ،‬فخديجة‬ ‫فتاة تنفذ كل ما هو مطلوب‬ ‫منها بتفان وإخالص”‬ ‫�أما لماذا اختار لها والدها مجال �إ�صالح الدراجات‬ ‫النارية؟ فت�ضحك خديجة وتجيب‪“ :‬ال �أدري‪ .‬لكنه �أراد‬ ‫لي �أن �أتعلّم �أ�صول هذه المهنة‪ .‬قال له الجميع � ّإن هذه‬ ‫الوظيفة غير منا�سبة للفتيات و� ّإن النا�س �سي�ضحكون‬ ‫علينا‪ .‬لكن والدي كان قد ح�سم �أمره”‪.‬‬ ‫بحلول نهاية فترة ال�ت��دري��ب‪ ،‬ك��ان ح�سن م�سار‬ ‫خديجة ق��د غ� ّ�ي��ر الكثير م��ن ال�م��واق��ف ح��ول مهنتها‬ ‫ال �ج��دي��دة‪ ،‬وبف�ضل ج�ه��ده��ا وق��درات �ه��ا‪ ،‬تمكّنت من‬ ‫الح�صول على العمل فور �إكمالها البرنامج‪� .‬أما رئي�سها‬ ‫في العمل‪ ،‬فبدا مقتنع ًا تماماً‪ .‬يقول ح�سين‪“ :‬ت�س�ألون �إن‬ ‫كنت �س�أوظف فتاة �أخرى الآن؟ بكل ت�أكيد‪ ،‬ال �سيما بعد‬ ‫�أن لم�ست م�ستوى اهتمام خديجة بعملها‪� .‬إنها تن ّفذ كل‬ ‫ما هو مطلوب منها ٍ‬ ‫بتفان و�إخال�ص‪ .‬وهي ماهرة في ربط‬ ‫الأ�سالك الكهربائية ب�شكل خا�ص‪ ،‬بل هي‪� ،‬أف�ضل مني”‪.‬‬

‫ت�ضيف خ��دي�ج��ة‪“ :‬في ال �ب��داي��ة‪ ،‬ك ��ان ال��زب��ائ��ن‬ ‫يتفاج�ؤون‪ .‬لكنهم يبد�ؤون بتقدير عملي عندما يكت�شفون‬ ‫كم �أنا بارعة فيه‪ .‬يقولون‪ :‬خديجة ماهرة في عملها‪ .‬ف�إذا‬ ‫عادوا �إلينا‪ ،‬بحثوا عني و�س�ألوا‪� :‬أين خديجة؟”‬ ‫تعمل منظّ مة “براك” ‪ BRAC‬في بنغالد�ش منذ‬ ‫�إن�شائها في العام ‪ .1972‬وق��د �أُط�ل��ق برنامج “�ستار”‬ ‫في العام الما�ضي بالتن�سيق مع منظمة “اليوني�سيف”‬ ‫ومنظمة العمل الدولية ومكتب التعليم غير النظامي في‬ ‫خرج البرنامج ‪ 992‬طالباً‪،‬‬ ‫بنغالد�ش‪ .‬منذ ذلك الحين‪ّ ،‬‬ ‫منهم ‪ 983‬حالي ًا ي�شغلون وظائف‪.‬‬ ‫و��ض�ع��ت “براك” خ�ط��ة ه��دف�ه��ا تو�سيع برنامج‬ ‫“�ستار”‪ ،‬تدخل حيز التنفيذ في العام المقبل وت�ستمر‬ ‫على مدى ثالث �سنوات‪ .‬هنا‪ ،‬يقول �شم�س العالم‪“ :‬من‬ ‫�أبرز التحديات التي تواجه برنامج ‘�ستار’ هي الدخول‬ ‫بعملية الت�شارك بتكاليفه‪ ،‬وجعله م�ستداماً‪ .‬في الواقع‪،‬‬ ‫� ّإن الخلفية االقت�صادية للم�ستفيدين من البرنامج تثنيهم‬ ‫عن اعتماد مبد�أ الم�شاركة بالتكاليف‪ .‬و�إذا تمك ّنا من‬ ‫معالجة هذه الم�شكلة‪ ،‬ف�سي�صبح برنامج ‘�ستار’ نموذج ًا‬ ‫قاب ًال بالفعل للإ�ستن�ساخ في حاالت �أخرى”‪.‬‬ ‫ت�أمل خديجة �أن تنجح في تحرير كامل �أ�سرتها من‬ ‫فخ الفقر‪ .‬تبت�سم‪ ،‬قائلة‪�“ :‬أريد �أن �أتابع تعليمي‪ ،‬و�أك�سب‬ ‫ّ‬ ‫المزيد من المال و�أ�ساعد �أ�سرتي‪ .‬كما �إنني لم �أجرب‬ ‫قيادة دراجة نارية من قبل‪ ،‬لكنني قد �أحاول ذلك �إذا‬ ‫�سنحت لي الفر�صة”‪n .‬‬

‫‪41‬‬


‫زمن العطاء‬

‫ما بعد ميدان التحرير‬

‫الجيل القادم‬

‫�إحتجاجات �شعبية �ضد الحكومة تملأ ال�شوارع‬ ‫�أم��ام الق�صر الجمهوري في القاهرة‪� ،‬أي��ام قبل‬ ‫�سقوط الحكم في يوليو من العام الحالي‬

‫‪42‬‬


‫زمن العطاء‬

‫م�ؤ�س�سة عالمية غير حكومية ت ّتخذ نهج ًا جديد ًا في‬ ‫التعامل مع التحديات االجتماعية في م�صر‪� ،‬إذ ت�سعى‬ ‫رواد الم�شاريع االجتماعية‬ ‫�إلى �إتاحة الفر�صة �أم��ام ّ‬ ‫لتحقيق الأرباح من خالل حل الم�شكالت التي تواجه‬ ‫�أكبر دولة عربية بعدد ال�سكان‬

‫‪:‬ملقب جوناثان كاالن‬

‫ال‬

‫يخفى على �أح ��د � ّأن م�صر تعاني الكثير‬ ‫م��ن الم�شكالت الم�ستفحلة‪ ،‬وي�شهد على‬ ‫ه ��ذا م�لاي�ي��ن الم�صريين ال��ذي��ن خ��رج��وا‬ ‫�إلى ال�شوارع هذا العام‪� ،‬أو في العام ‪ ،2011‬فقد كانوا‬ ‫محبطين‪ ،‬غا�ضبين و�سائمين من عجز الحكومة عن‬ ‫التخفيف من وط ��أة ال�ضغوط المعي�شية المت�صاعدة‪،‬‬ ‫بدء ًا من ارتفاع تكاليف الطاقة والت�ضخم الم�ست�شري‬ ‫الذي طال جميع المنتجات الإ�ستهالكية‪ ،‬مرور ًا بف�شل‬ ‫نظام التعليم في �إعداد الكفاءات‪ ،‬ثم تزايد البطالة…‬ ‫والقائمة تطول كثيراً‪.‬‬ ‫تنفق الحكومة الم�صرية رب��ع ميزانيتها تقريب ًا‬ ‫على دع��م الطاقة‪ ،‬حيث يدفع الم�صريون حالي ًا نحو‬ ‫ربع تكاليف الطاقة الحقيقية‪ ،‬وهو �أمر قد يتغير قريب ًا‬ ‫جد ًا في ظل المناخ ال�سيا�سي واالقت�صادي الذي ت�شهده‬ ‫البالد‪ .‬ويعي�ش �أكثر من ربع �سكان م�صر تحت خط الفقر‬ ‫الوطني‪ ،‬ومع ذلك ينفق الم�صريون نحو ثالثة مليارات‬ ‫دوالر �سنوي ًا على الدرو�س الخ�صو�صية ب�سبب الو�ضع‬ ‫المتردي للتعليم في المدار�س‪ .‬ووفق ًا لمكتب الإح�صاءات‬ ‫المركزي في م�صر‪ ،‬ف�إن معدل البطالة بين الم�صريين‬ ‫الذين تتراوح �أعمارهم بين ‪ 20‬و‪ 24‬عام ًا و�صل �إلى‬ ‫‪ 39‬بالمئة‪.‬‬ ‫قد يكون هذا الرقم الأخير تحدي ًا هائالً‪ ،‬لكنه‬ ‫حاف ٌز قوي في الوقت ذات��ه‪ ،‬فمع هذا العدد الكبير‬ ‫م��ن ال�شباب العاطلين ع��ن العمل‪ ،‬ن�شهد ازده��ار‬ ‫ري��ادة الأع�م��ال والم�شاريع النا�شئة‪ .‬ونجد العديد‬ ‫رواد الأع �م��ال ال�شباب يتبنون الم�شاريع ذات‬ ‫م��ن ّ‬ ‫الأثر االجتماعي (�أو ريادة الم�شاريع االجتماعية)‪،‬‬ ‫ويحاولون �إيجاد ٍ‬ ‫�سبل لتحقيق الأرب��اح عبر حل ذات‬ ‫الم�شكالت التي تقتل الفر�ص ف��ي �أم��اك��ن �أخ��رى‪.‬‬ ‫و ُتعتبر ه��ذه الفئة ال�صاعدة الناب�ضة بالحياة من‬ ‫رواد الم�شاريع االجتماعية ظاهر ًة جديدة في م�صر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وهي بحداثة البيئة الأ�شمل لريادة الأعمال والم�شاريع‬

‫النا�شئة في هذا البلد اليوم التي تتخذ من ال�شباب‬ ‫محركها الرئي�سي‪ .‬لكن بالرغم من هذه الظاهرة‬ ‫الإيجابية‪ ،‬ال يوجد �إال القليل من �آليات تمويل ودعم‬ ‫رواد الأعمال ال�شباب وم�شاريعهم‪ ،‬وما هو متوفر في‬ ‫ّ‬ ‫أقل‬ ‫مجال اال�ستثمار الم�ؤثر (‪ّ � )impact investment‬‬ ‫من ذلك �أي�ضاً‪.‬‬ ‫لكن �ستيفن هالي وفريقه يحاولون تغيير ذلك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ضال عن كونه المدير ال ُقطري لـ “مير�سي كور” (‪Mercy‬‬ ‫ف� ً‬ ‫‪ )Corps‬في م�صر‪ ،‬وه��ي م�ؤ�س�سة عالمية غير هادفة‬ ‫للربح‪ ،‬ي�شغل هالي �أي�ض ًا من�صب مدير ع��ام م�شروع‬ ‫“مير�سي كور‪-‬م�صر”‪ ،‬وهو م�شروع ربحي تجريبي تابع‬ ‫للم�ؤ�س�سة الأم‪ ،‬ويعمل على �إن�شاء �أول �صندوق محلي‬ ‫لال�ستثمارات الم�ؤثرة في م�صر‪ ،‬بهدف دعم وتنمية‬ ‫الأعمال التي تحركها غايات �إن�سانية‪.‬‬ ‫ويقول �ستيفن � ّأن “هذا هو الوقت المنا�سب لطرح‬ ‫حل مختلف‪ ،‬فلدينا ر ّواد �أعمال متحم�سون‪ ،‬وقوة عاملة‬ ‫ٍّ‬ ‫غير متعلمة ال تجد عمالً‪ ،‬وجيل يريد �أن يحدث فرقاً‪،‬‬ ‫والقرب الجغرافي لعدد �ضخم من الفقراء‪� .‬إنها و�صفة‬

‫‪25%‬‬ ‫“نسبة المصريين الذين يعيشون‬ ‫تحت خط الفقر القومي”‬

‫مثالية لبروز الم�شاريع االجتماعية”‪ .‬ويتابع �ستيفن‬ ‫حديثه قائالً‪“ :‬بل والأكثر من ذلك‪ ،‬هي �أف�ضل فر�صة‬ ‫لإحداث ٍ‬ ‫تغيير [اجتماعي] ملمو�س وم�ؤثر كونها في بلد‬ ‫ي�شهد بالفعل ت�ح��و ًال اجتماعي ًا … وه��ذه ه��ي [الحال]‬ ‫بال�ضبط في م�صر اليوم”‪.‬‬ ‫ت�أ�س�ست مير�سي كور منذ �أكثر من ثالثة عقود‪،‬‬ ‫وتعمل في �أكثر من ‪ 40‬بلد ًا بميزانية ت�شغيلية تتجاوز ‪300‬‬ ‫مليون دوالر �أميركي‪ ،‬وهي الآن تختبر الأجواء في ميدان‬ ‫لم يخ�ضه �سوى القليل‪ ،‬وال �أحد لديه حتى الآن نجاح‬ ‫مثبت فيه‪ ،‬وهو غر�س بذور اال�ستثمار الم�ؤثر في منطقة‬ ‫ال�شرق الأو�سط و�شمال �أفريقيا‪.‬‬ ‫يقول نيل كيني‪-‬غاير‪ ،‬الرئي�س التنفيذي لم�ؤ�س�سة‬ ‫مير�سي كور‪�“ :‬إذا كنا نريد حق ًا التغلب على التحديات‬ ‫ال�صعبة التي نواجهها‪ ،‬يجب �أن نفكر �أبعد من الت�صنيفات‬ ‫التقليدية‪ ،‬مثل ال�شركات الربحية‪ ،‬وغير الهادفة للربح‪،‬‬ ‫والم�ؤ�س�سات العامة‪ .‬ففي هذا الع�صر‪ ،‬بد�أنا ن�شهد �أمثلة‬ ‫كثيرة عن مفهوم التقارب وتداخل الت�صنيفات … حيث‬ ‫نرى �أنواع ًا جديدة من البنى الم�ؤ�س�سية‪� :‬أبرزها ريادة‬ ‫الم�شاريع االجتماعية‪ ،‬واال�ستثمار الخيري”‪.‬‬ ‫وي�ضيف �ستيفن ه��ال��ي على ه��ذا ق��ائ�لاً‪“ :‬لقد‬ ‫�أ�صبحنا ن��درك �أن النموذج التقليدي للمنظمات غير‬ ‫الحكومية لم يتمكن من ح ّل م�شاكل العالم‪ .‬لذا علينا‬ ‫�أن نفكر في نماذج عمل مختلفة‪ ،‬ويجب �أن يكون للقطاع‬ ‫الخا�ص دور فيها”‪.‬‬ ‫لكننا نجد �أن هذين القطاعين اللذين يفتر�ض بهما‬ ‫التقارب منف�صلين تمام ًا في م�صر اليوم‪ ،‬فالجزء الأكبر‬ ‫من ال�صناعات ال�ضخمة في القطاع الخا�ص قام على ما‬ ‫يبدو على التوريث والمح�سوبيات والعقود الم�شبوهة‪ .‬ولم‬ ‫تظهر ريادة الأعمال كقوة م�ؤثرة �إال في الآونة الأخيرة‪،‬‬ ‫بينما ق��وب��ل ق�ط��اع المنظمات غير الحكومية لعقود‬ ‫بالإهمال والقيود ال�صارمة من جانب الحكومة‪.‬‬ ‫ويقول ل�ؤي ال�شواربي‪ ،‬رئي�س مجل�س �إدارة جمعية‬ ‫“نه�ضة المحرو�سة”‪ ،‬وه��ي منظمة قوية غير حكومية‬ ‫يقودها ال�شباب‪� ،‬أن ث��ورة يناير ‪� 2011‬ألهمت النا�س‬ ‫ومكنتهم من �إط�لاق مبادراتهم الخا�صة‪� ،‬سواء منها‬ ‫الربحية �أو غير الهادفة للربح‪ ،‬وي�ضيف‪“ :‬ي�شعر كثير‬ ‫من النا�س اليوم بالم�س�ؤولية عن وطنهم‪ ،‬ونجد لديهم‬ ‫الثقة والعزيمة‪� .‬إنهم يريدون تغيير البالد ب�أيديهم‪،‬‬ ‫لكنهم بحاجة �أي�ض ًا لك�سب رزق�ه��م‪ ،‬وهنا يبرز دور‬ ‫ري��ادة الم�شاريع االجتماعية”‪.‬ويوافقه في ذلك محمد‬ ‫ر�ضوان‪ ،‬النا�شط والمدير المجتمعي في م�ؤ�س�سة �آي�س‬ ‫كايرو(‪ )ice cairo‬التي توفر م�ساحة للتدريب والعمل‬ ‫الم�شترك في العا�صمة الم�صرية ل�شباب يعملون على‬ ‫م�شاريع التقنيات الخ�ضراء �أو ال�صديقة للبيئة‪ ،‬لكن‬ ‫منظوره للتغيير مختلف قليالً‪ .‬ويقول‪“ :‬في م�صر قبل‬ ‫�سخر �أولئك الذين يريدون تغيير الأمور طاقاتهم‬ ‫الثورة‪ّ ،‬‬

‫‪43‬‬


‫زمن العطاء‬

‫“قد ال يؤتي االستثمار‬ ‫أُ ُ‬ ‫كله في الشهر‬ ‫المقبل أو في العام‬ ‫المقبل‪ ،‬لكنك ستكون‬ ‫على الجانب الصحيح‬ ‫من التاريخ”‬ ‫في المنظمات غير الحكومية”‪ ،‬غير �أن الت�شريع المتوقع‬ ‫�سيقيد‪ ،‬على الأرج ��ح‪ ،‬المنظمات غير‬ ‫�صدوره قريب ًا‬ ‫ّ‬ ‫الحكومية بدرجة �أكبر‪ ،‬لذلك بد�أ ر ّواد الأعمال ال�شباب‬ ‫في التح ّول �إل��ى القطاع الخا�ص‪ .‬وي�ضيف ر�ضوان � ّأن‬ ‫“ر ّواد الأعمال ه�ؤالء يحاولون �إ�صالح الم�شاكل ذاتها‪،‬‬ ‫لكن بطريقة مختلفة”‪.‬‬ ‫�أخذت ظاهرة �صناديق اال�ستثمار الم�ؤثر (‪impact‬‬ ‫‪ )investment funds‬في التنامي‪ ،‬مدفوع ًة ب�شكل رئي�سي‬ ‫من مجموعة م�ستثمرين �أثرياء يريدون �إنفاق �أموالهم‬ ‫بطريقة �أكثر ا�ستراتيجية‪ ،‬وم�ؤ�س�سات مبتكرة كبيرة‪،‬‬ ‫�أو �صناديق خا�صة �إن�ش�أها م�ستثمرين لديهم دواف��ع‬ ‫اجتماعية‪� .‬إن�ه��ا ا�ستراتيجية ا�ستثمارية ت�سعى �إل��ى‬ ‫تحقيق ٍ‬ ‫توازن دقيق‪ ،‬وغالب ًا ما يكون �صعب ًا للغاية‪ ،‬بين‬ ‫العائدات المالية والأثر االجتماعي‪ ،‬من خالل اال�ستثمار‬ ‫في �أعمال يمكنها توليد الأرباح وفي الوقت ذاته �إحداث‬ ‫�أثر اجتماعي �أو بيئي �إيجابي‪.‬‬ ‫وبينما ن�ج��د دو ًال ف��ي منطقة �أف��ري�ق�ي��ا جنوب‬ ‫تعج بالم�ستثمرين االجتماعيين‬ ‫ال�صحراء الكبرى‪ ،‬مثالً‪ّ ،‬‬ ‫_ في كينيا‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬يوجد ما ال يقل عن �ستة‬ ‫�صناديق ا�ستثمار م�ؤثر تتناف�س على الم�شروعات ــ ف� ّإن‬ ‫منطقة ال�شرق الأو�سط ما تزال عذراء في هذا المجال‪.‬‬ ‫وال�س�ؤ�آل هو �إذ ًا ما �سبب عزوف الم�ستثمرين عن �سبر‬ ‫�أغوار هذه المنطقة؟‬ ‫في الحقيقة‪ ،‬كانت هناك بع�ض المحاوالت‪ .‬فمنذ‬ ‫عقد من الزمن‪ ،‬ن ّفذ �صندوق �أكيومن‪ ،‬وه��و �صندوق‬ ‫عالمي غير ربحي لتمويل الم�شاريع ورائ � ٌد في ميدان‬ ‫اال�ستثمار الم�ؤثر‪ ،‬ثالثة ا�ستثمارات زراعية في م�صر‬ ‫لتوفير �سبل العي�ش الكريم للفالحين‪ ،‬وهو الآن قد خرج‬

‫‪44‬‬

‫ال�����ص��ورة ف��ي الأع���ل���ى‪�“ :‬آي�س كايرو” التي‬ ‫�أُطلقت ف��ي نوفمبر م��ن ع��ام ‪ ،2012‬توفر‬ ‫م�ساحة للتدريب والعمل الم�شترك وور�شة‬ ‫عمل ُ�صممت لتلهم ال�شباب العاملين على‬ ‫م�شاريع التقنيات الخ�ضراء‬

‫من تلك الم�شاريع‪ .‬ويحدثنا عن ذلك �أنكور �شاه‪ ،‬رئي�س‬ ‫�أكيومن ال�ستراتيجيات القطاعات‪ ،‬ومقره في دبي‪،‬‬ ‫قائالً‪“ :‬لقد كنا �سعداء بتلك اال�ستثمارات وبحما�سة‬ ‫ر ّواد الأعمال‪ ،‬لذا نظرنا في كيفية تكرار تلك التجربة‬ ‫مرة �أخرى قبل �أربع �سنوات”‪.‬‬ ‫ويقول �شاه �أن فريق �أكيومن يبحث عن ثالثة‬ ‫معايير �أ�سا�سية عند �سبر �أي �سوق‪“ :‬ما مدى ا�ستمرارية‬ ‫المنتجات ف��ي الم�ستقبل‪ ،‬وه��ل ت�سمح الت�شريعات‬ ‫والأنظمة لم�ؤ�س�سة غير ربحية باال�ستثمار في �أ�سهم‬ ‫الملكية‪ ،‬وه��ل توجد م�ؤ�س�سات �أو مانحون يمكنهم‬ ‫م�ساعدتنا ف��ي بناء م�ؤ�س�سة محلية بالكامل؟”‪ .‬لم‬

‫تكن تلك المعايير متوافرة في ذلك الحين‪ ،‬لذلك لم‬ ‫تتقدم الأمور �أبعد من ذلك‪ .‬وي�ضيف �شاه � ّأن “ا�ستمرار‬ ‫حالة الغمو�ض في المنطقة قد � ّأخر �إن�شاء هذه البنية‬ ‫التحتية‪ ،‬وال �أحد يعرف ما �إذا كان ذلك �سيحدث في‬ ‫المدى المنظور”‪ .‬وفي غ�ضون ذل��ك‪ ،‬نمت الم�ؤ�س�سة‬ ‫ب�شكل كبير ف��ي مناطق �أخ ��رى‪ ،‬مثل �شرق �أفريقيا‬ ‫وجنوب �آ�سيا‪ ،‬ولكنها “ال تملك خطط ًا فورية للتو�سع‬ ‫نحوال�شرق الأو�سط”‪.‬‬ ‫ولي�ست م�صر وح��ده��ا م��ن يعاني �صعوبات في‬ ‫جذب اال�ستثمارات الم�ؤثرة‪ ،‬فقد �أجرت هيذر هنيون‪،‬‬ ‫الم�ؤ�س�س وال�شريك الإداري في بالتازار كابيتال‪ ،‬وهي‬


‫زمن العطاء‬

‫�شركة ا�ست�شارات ا�ستثمارية مقرها دب��ي تعمل في‬ ‫مجال التمويل ال�صغير‪ ،‬م�سح ًا ا�ستق�صائي ًا في العام‬ ‫‪� 2011‬شمل م�ستثمرين تجاريين واجتماعيين في مجال‬ ‫التمويل ال�صغير‪ ،‬وهو ما يعتبره البع�ض �شك ًال من �أ�شكال‬ ‫اال�ستثمار الم�ؤثر‪ ،‬عن �أ�سباب عزوفهم عن العالم العربي‪.‬‬ ‫وتقول هيذر � ّأن “جزء ًا من ال�صورة يع ّد �إيجابي ًا”‪،‬‬ ‫فعلى مر ال�سنين‪ ،‬ازدادت �أعمال البنوك المحلية مع‬ ‫م�ؤ�س�سات التمويل ال�صغير‪“ ،‬حيث ي�أتي نحو ‪ 75‬بالمئة‬ ‫م��ن تمويل ه��ذه الم�ؤ�س�سات م��ن م���ص��ارف محلية”‪.‬‬ ‫لكن في المقابل‪ ،‬تقر�ض م�ؤ�س�سات التمويل ال�صغير‬ ‫المال لأ�صحاب الم�شاريع ال�صغيرة ولي�س لل�شركات‬ ‫االجتماعية القابلة للتو�سع والطامحة لدور ٍ‬ ‫كبير على‬ ‫الم�ستوى الوطني �أو الإقليمي‪“ ،‬ومثل هذه الم�شروعات‬ ‫لن تتحول �إلى �شركات عمالقة من �أمثال مايكرو�سوفت”‪،‬‬ ‫كما تقول هيذر‪.‬‬ ‫�سبب �أكبر يبعث على القلق ويجعل بيئة‬ ‫وثمة ٌ‬ ‫اال�ستثمار الم�ؤثر �أكثر �صعوبة‪ .‬تقول هيذر‪“ :‬تعاني‬

‫ال�������ص���ور م����ن �أع����ل����ى ال��ي��م��ي��ن م����ع ع���ق���ارب المنطقة العربية من �أدن��ى ن�سبة‬ ‫ٍ‬ ‫توافر للتمويل في العالم‪ ،‬بل هي‬ ‫ال�ساعة‪ :‬كورنيليو�س �أودونيل‪ ،‬من مير�سي‪-‬‬ ‫كور؛ م�صطفى فرحات ومحمد حبيب من �أ�سو�أ حتى من دول �أفريقيا جنوب‬ ‫“نفهم”؛ رواد �أعمال نا�شئون يعملون من‬ ‫حمدان ال �� �ص �ح��راء‪ ،‬وم ��ن ال �ب��دي �ه��ي �أن‬ ‫مكاتب “فالت‪6‬الب�س”؛ م�صطفى‬ ‫ت� ��واف� ��ر ال� �ت� �م ��وي ��ل �أم� � � � ٌ�ر ح �ي��وي‬ ‫من ري�سايكلوبكياك‬ ‫الن � � � � �ط� � �ل� ��اق ال� � �م� � ��� � �ش � ��اري � ��ع‬ ‫ال�صغيرة”‪.‬‬ ‫االج � �ت � �م� ��اع � �ي� ��ة‬ ‫ي� ��رك� ��ز م��ع��ظ ��م ال �م �� �س �ت �ث �م��ري��ن‬ ‫االج �ت �م��اع �ي �ي��ن‪ ،‬م �ث��ل �أك� �ي ��وم ��ن‪ ،‬ع �ل��ى م �� �ش��روع��ات‬ ‫لكن‬ ‫تتراوح قيمتها بين ‪� 300‬ألف و ‪ 2‬مليون دوالر‪ّ .‬‬ ‫م��ا تحتاجه دو ٌل مثل م�صر ف��ي ال��وق��ت الحالي هو‬ ‫دع� ��م ���ش ��رك ��ات ن��ا� �ش �ئ��ة واع� � ��دة �أ���ص��غ ��ر ح �ج �م �اً‪،‬‬ ‫قيمة الواحد منها نحو ‪� 100‬أل��ف دوالر‪ ،‬لم�ساعدتها‬ ‫في الإقالع ب�أعمالها‪.‬‬ ‫وت�أمل “مير�سي كور‪-‬م�صر” في ملء هذا الفراغ‪،‬‬ ‫والم�ساعدة في تمويل ال�شركات االجتماعية في مرحلة‬ ‫مبكرة‪ ،‬ومن ثم الو�صول �إلى الم�ستوى التالي من التمويل‪.‬‬

‫ويقول كورنيليو�س �أودون �ي��ل‪ ،‬م�ست�شار ري��ادة الأعمال‬ ‫الإقليمية لدى مير�سي كور‪-‬م�صر‪“ :‬نحن ن�سعى لردم‬ ‫هذه الفجوة‪� ،‬آملين �أن نم ّهد الطريق لل�شركات للو�صول‬ ‫م�ستوى �أعلى من اال�ستثمار”‪.‬‬ ‫�إلى‬ ‫ً‬ ‫ت�ستهدف مير�سي كور‪-‬م�صر تمويل م�شروعات‬ ‫تتراوح تكاليفها ما بين ‪� 50,000‬إلى ‪ 300,000‬دوالر‪،‬‬ ‫�أي �أق ّل من طموحات معظم الم�ستثمرين االجتماعيين‬ ‫التقليديين‪ .‬وكون م�ستوى التمويل هذا منخف�ض ن�سبياً‪،‬‬ ‫تبحث مير�سي كور‪-‬م�صر ع��ن ا�ستثمارات خيرية‬ ‫ابتدائية قيمتها الإجمالية نحو ‪ 1.5‬مليون دوالر يق ّدمها‬ ‫�أ�صحاب ال�ث��روات المهتمين ب�إنجاح هكذا نموذج‪،‬‬ ‫لتمويل نحو �ستة م�شاريع نا�شئة‪ .‬وتخطط الم�ؤ�س�سة‬ ‫في المرحلة التالية ال�ستقطاب م�ستثمرين من م�ستوى‬ ‫�أعلى‪ ،‬للم�ساعدة في بناء �صندوق ا�ستثماري بقيمة ‪5‬‬ ‫ماليين دوالر �أميركي‪ .‬ويتوقع �أودونيل تحقيق الأرباح‬ ‫في غ�ضون ‪� 7‬إلى ‪� 10‬سنوات‪� ،‬أو ربما �أبكر من ذلك‬ ‫فيما خ�ص م�شاريع قطاع التكنولوجيا‪.‬‬

‫‪45‬‬


QCHARITY.org

MDGs-2015 Since the adoption of the UN Millenium Development Goals

Working closely with vulnerable communities. . . QC has provided empowering economic opportunties globally to more than 30,000 families in 32 countries

COMMITTED TOWARDS ERADICATING EXTREME POVERTY AND HUNGER

ERADICATE EXTREME POVERTY AND HUNGER


‫زمن العطاء‬

‫ال�صور من الأ�سفل �إلى الي�سار ‪ :‬ه�شام‬ ‫وه���ب���ي (�أق�������ص���ى ال��ي��م��ي��ن)‪ ،‬ال��رئ��ي�����س‬ ‫التنفيذي لـ‪�“ ‬إينوففنت�شرز”؛ ت�شكل‬ ‫ال����ه����وات����ف ال���م���ح���م���ول���ة ال��م�����س��ت��ه��ل��ك��ة‬ ‫ج��زءاً من النفايات الإلكترونية التي‬ ‫ت�شتريها “ري�سايكلوبكيا” من ال�شركات‬ ‫لتبيعها في �سوق التدوير العالمية‬

‫�أ�صبحت م�شاريع التكنولوجيا تت�صدر بيئة عمل‬ ‫ال�شركات االجتماعية التي هي في طور بناء نف�سها‪ .‬فعلى‬ ‫�سبيل المثال‪ ،‬ت�ساعد �شركة �إينوفنت�شرز (‪)Innoventures‬‬ ‫وهي من الفاعلين الجدد‪ ،‬ر ّواد الم�شاريع من ذوي الأفكار‬ ‫كم�سرع لتنمية‬ ‫المبدعة في بناء �شركات ناجحة‪ ،‬وتعمل‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫عدد من ال�شركات النا�شئة العاملة في مجال التقنيات‬ ‫النظيفة وتقنية المعلومات واالت�صاالت‪ .‬كما ا�ستثمرت‬ ‫�شركة فالت‪6‬الب�س (‪ )Flat6Labs‬ومقرها القاهرة‪ ،‬بالفعل‬ ‫ف��ي �أك�ث��ر م��ن ‪� 30‬شركة‪ ،‬ي�سعى بع�ضها لحل م�شكالت‬ ‫اجتماعية‪ ،‬وتحقق ال�شركة ح�ضور ًا الفت ًا وكبيراً‪.‬‬ ‫وم��ن بين ال�شركات االجتماعية النا�شئة‪ ،‬تحاول‬ ‫�شركة “نفهم” الت�صدي لم�شاكل التعليم‪ ،‬حيث �أن�ش�أت‬ ‫من�صة تعليمية على الإنترنت ترتبط بالمناهج الم�صرية‬ ‫الحكومية الإل��زام�ي��ة‪ ،‬و�أدخ �ل��ت مفهوم ًا ج��دي��د ًا ي�سمى‬ ‫“التدري�س الجماهيري” عبر ت�شجيع الطالب على �إن�شاء‬ ‫درو�س فيديو مدة كل منها ‪� 5‬إلى ‪ 20‬دقيقة وتحميلها على‬ ‫الإنترنت لي�ستفيد منها �أقرانهم‪ .‬ويقول م�صطفى فرحات‪،‬‬ ‫مدير عام ال�شركة‪“ :‬ال يجب �أن يكون التعلم طريق ًا �أحادي‬ ‫االتجاه‪ ،‬بل نريد �إ�شراك الطلبة وت�شجيعهم على �إن�شاء‬ ‫مقاطع الفيديو ب�أنف�سهم”‪ .‬ويتم فح�ص �أ�شرطة الفيديو‬

‫يشعـر الكـثير من النـاس اليـوم‬ ‫بالمسـؤولية عن وطنهـم‪ ،‬ونجد‬ ‫لديهم الثقة والعـزيمة‪ .‬إنهم‬ ‫يريدون تغيير البالد بأيديهـم‬ ‫المقدمة‪ ،‬وم��ن ث��م ت�صنيفها ح�سب ال�صف الدرا�سي‬ ‫والمادة والمو�ضوع والتاريخ ليكون ت�صفحها �سهالً‪.‬‬ ‫وم��ن ال���ش��رك��ات النا�شئة �أي���ض� ًا ري�سايكلوبكيا‬ ‫(‪ )Recyclobekia‬والتي �أ�س�سها م�صطفى حمدان عندما‬ ‫كان طالب ًا جامعي ًا في الع�شرين من عمره‪ ،‬بر�أ�سمال‬ ‫ال يتجاوز ‪ 1,000‬دوالر �أميركي في العام ‪ .2011‬ت�أخذ‬ ‫ري�سايكلوبكيا ال�ن�ف��اي��ات الإل�ك�ت��رون�ي��ة مثل الهواتف‬ ‫المحمولة وال�ح��وا��س�ي��ب وال�ط��اب�ع��ات وال���ش��ا��ش��ات من‬ ‫ال�شركات الكبيرة لتبيعها في ال�سوق العالمية من �أجل‬ ‫�إعادة تدويرها بطريقة موائمة للبيئة‪ .‬وت�ص ّدر ال�شركة‬

‫اليوم نحو ‪ 25‬طن ًا من النفايات الإلكترونية كل �شهر‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من �أن التقييم المالي لل�شركة في يوليو‬ ‫يرجح‬ ‫‪ 2012‬كان بحدود ‪ 400,000‬دوالر‪� ،‬إال �أن حمدان ّ‬ ‫�أن قيمتها و�صلت الآن لما بين ‪ 700,000‬و ‪ 800,000‬دوالر‪.‬‬ ‫ويرى � ّأن “هناك فر�ص ًا هائلة [لل�شركات االجتماعية] لأن‬ ‫م�صر تعاني من الكثير من الم�شاكل”‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من و�ضوح الحاجة‪� ،‬أو على الأقل‬ ‫ظهور ب��وادر الرغبة‪ ،‬لال�ستثمار في حلول م�ستدامة‬ ‫للتحديات االجتماعية الهائلة في م�صر‪ ،‬فمن الوا�ضح‬ ‫�أي�ض ًا �أن هذه الفترة قد تكون الأ�صعب لإقناع النا�س‬ ‫في اال�ستثمار في هذا البلد‪ ،‬خا�صة عندما يتعلق الأمر‬ ‫باال�ستثمار الم�ؤثر‪ ،‬فهو قطاع جديد ن�سبي ًا ولم يثبت‬ ‫حتى الآن قدرته على تحقيق عائدات وا�ضحة‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬ ‫يقول �ستيفن هالي �أن مير�سي كور‪-‬م�صر ال تفكر فقط‬ ‫في اليوم �أو الغد‪ ،‬بل تنظر �إلى م�ستقبل �أبعد من ذلك‪.‬‬ ‫وي�صر هالي على � ّأن “� ّأي م�ستثمر ي�ستبعد م�صر‬ ‫الآن من قائمة البلدان المنا�سبة لال�ستثمار‪ ،‬هو ال يفكر‬ ‫بو�ضوح‪ .‬وهي ‘�سوق م�ساومة’ ب�سبب الو�ضع ال�ضبابي‬ ‫�سواء‬ ‫الحالي والذي يجعل الفر�ص غير وا�ضحة تماماً‪ً ،‬‬ ‫من حيث العائدات المالية �أو الأثر االجتماعي”‪ .‬وي�ضيف‪،‬‬ ‫“لكن عندما تفكر في و�ضع م�صر بعد خم�س �سنوات‪،‬‬ ‫فمن الوا�ضح �أنها �ستكون �أف�ضل حاالً‪ .‬ونحن نراهن على‬ ‫بع�ض التغييرات الإيجابية المتوقع حدوثها في م�صر”‪،‬‬ ‫م�شير ًا �إلى �صعود قطاع التحويالت المالية عبر الأجهزة‬ ‫النقالة‪ ،‬وعودة ال�سياحة �إلى النمو‪ ،‬وا�ستقرار العملة‪،‬‬ ‫والتغييرات في برامج الدعم الحكومي‪.‬‬ ‫وح �ت��ى ل��و ل��م يحقق ال�م���ش��روع ك��ل الطموحات‬ ‫المن�شودة‪ ،‬ف�إن موقف الرئي�س التنفيذي ل�شركة مير�سي‪-‬‬ ‫كور‪ ،‬كيني‪-‬غاير‪ ،‬يبدو مبدئياً‪“ :‬قد ال ي�ؤتي اال�ستثمار‬ ‫�أُكُله في ال�شهر المقبل �أو في العام المقبل‪ ،‬لكنك �ستكون‬ ‫على الجانب ال�صحيح من التاريخ”‪n .‬‬

‫‪47‬‬


‫زمن العطاء‬

‫األيادي‬ ‫البيضاء‬

‫�أفغان�ستان اليوم هي مكان ي�صعب كثير ًا فيه العي�ش‪.‬‬ ‫هناك ‪ 42‬بالمئة من ال�سكان يعي�شون ب�أقل من دوالر‬ ‫واح��د في اليوم‪ ،‬ومتو�سط العمر المتوقع هناك ال‬ ‫يتعدى ‪� 44‬سنة‪ ،‬كما تعاني ‪ 85‬بالمئة من الأفغانيات‬ ‫من الأمية‪.‬‬ ‫في ظل هذه الحالة من الفقر ال�شديد وفقدان الأمان‬ ‫فيما قد ي�أتي به الم�ستقبل‪ ،‬تعمل مبادرة �سمو ال�شيخة‬ ‫فاطمة بنت محمد بن زايد (‪ )FBMI‬على التخفيف‬ ‫م��ن معاناة الن�ساء بمنحهن الفر�صة للتحرر من‬ ‫الم�صاعب االقت�صادية‪ .‬وقد تم حتى الآن تدريب‬ ‫�أكثر من ‪� 3,000‬شخ�ص من �أ�صحاب الدخل المتدني‬ ‫وتوظيفهم في �إنتاج ال�سجاد الفاخر‪ .‬ت�شكل الن�ساء‬ ‫‪ 0‬بالمئة منهم‪ ،‬و‪ 35‬بالمئة منهن �أرامل‪.‬‬

‫‪48‬‬


‫زمن العطاء‬

‫ال�صورة في الأ�سفل‪ :‬ين�شغل العديد من العامالت‬ ‫�ضمن “مبادرة ف��اط��م��ة ب��ن��ت محمد ب��ن زايد”‬ ‫ب���أع��م��ال ال��غ��زل والن�سيج‪� .‬أع��ل��ى الي�سار‪ :‬ت�سعى‬ ‫المبادرة الخيرية �إل��ى الم�ساهمة ب�إنهاء عمالة‬ ‫الأطفال‪ ،‬وت�سهيل الو�صول �إلى مقاعد الدرا�سة‪.‬‬ ‫�أ���س��ف��ل ال��ي�����س��ار‪ :‬ت��ه��دف ال��م��ب��ادرة �إل���ى �أن ت�صبح‬ ‫ن���اج���ح���ة ت���ج���اري���اً ل��ت��ح��اف��ظ ع���ل���ى �إ���س��ت��دام��ت��ه��ا‬ ‫م�ستقبالً‪ .‬وه���ي ق��د �أن��ت��ج��ت �أك��ث��ر م��ن ‪1,000‬‬ ‫�سجادة منذ يونيو من العام ‪2010‬‬

‫‪49‬‬


‫زمن العطاء‬

‫ال���������ص����ور م����ن الأع�����ل�����ى ب�����إت����ج����اه ع���ق���ارب‬ ‫ال�����س��اع��ة ‪ :‬بف�ضل ج��ه��ود ال�����ش��ق التعليمي‬ ‫م����ن ال����م����ب����ادرة‪� ،‬إ����س���ت���ط���اع م����ا ي���زي���د ع��ن‬ ‫‪ 7,000‬الإل����ت����ح����اق ب����ال����م����دار�����س ب�����دوام‬ ‫ك����ام����ل‪ُ .‬ت���م��� ّك���ن ال����م����ب����ادرة ال���ع���دي���د م��ن‬ ‫ال��ن�����س��اء م��ن ال��ع��م��ل م��ن داخ���ل م��ن��ازل��ه��ن‪.‬‬ ‫ال�����ص��ور ع��ل��ى ال�صفحة ال��م��ق��اب��ل��ة ‪ :‬ي�سعى‬ ‫ال���ب���رن���ام���ج �إل�������ى �إي�����ج�����اد دخ������ل م�����س��ت��م��ر‬ ‫ل��ل��م�����ش��ارك��ي��ن ف���ي���ه‪ .‬و ُي����ق���� ّدر �أن ال��م��ب��ادرة‬ ‫ق����د �أت�����اح�����ت لأك����ث����ر م����ن ‪ 18,000‬ف���رد‬ ‫ف�����ي ك�����اب�����ول وج����ل���ال �آب���������اد الإ�����س����ت����ف����ادة‬ ‫م���ن ع��م��ل��ي��ة ت��ط��وي��ر ال���دخ���ل ال��م�����س��ت��دام‬

‫‪50‬‬


‫زمن العطاء‬

‫‪51‬‬


‫زمن العطاء‬

‫‪52‬‬


‫زمن العطاء‬

‫َم ّي‬

‫ب��ن �سعيد‪ ،‬ع�م��ره��ا ث�لاث��ون ع��ام �اً‪ ،‬هي‬ ‫واح��دة من مجموعة متنامية من الن�ساء‬ ‫ال�سعوديات اللواتي �إلتحقن ب�سوق العمل‪.‬‬ ‫بعد عامين �أم�ضتهم بتعليم اللغة الإنكليزية لطالب‬ ‫ال�سنة الأولى في مدينة الملك فهد الطبية‪ ،‬قررت �أن‬ ‫تتخذ تحدي جديد في م�ؤ�س�سة “تداول”‪ ،‬وهو ال�سوق‬ ‫المالي في المملكة‪ .‬والآن وبعد مرور �أربعة �أ�شهر على‬ ‫عملها الجديد‪ ،‬ال��ذي يتعلق ب�إجراء بحوث ودرا�سات‬ ‫جدوى‪ ،‬تجد بن �سعيد متعة كبيرة ب�أداء مهامها الجديدة‬ ‫كمحللة �أولى في تطوير المنتجات‪.‬‬ ‫وتقول بن �سعيد‪:‬‬ ‫“�إنا �أ�ؤم ��ن �أن ��ه عندما‬ ‫ت �ك��ون ل��دي��ك ال �ك �ف��اءة‬ ‫وعلى الم�ستوى المقبول‪،‬‬ ‫ال ب��د �أن يكون النجاح‬ ‫ح�ل�ي�ف��ك … ول�ك�ن�ن��ي ال‬ ‫�أتوقع �أن تمنح الن�ساء‬ ‫منا�صب مدراء �إداريون‬ ‫في الم�ستقبل القريب‪.‬‬ ‫ال زال ه �ن ��اك �أف � ��راد‬ ‫_ رج� � ��ال _ م �م ��ن ال‬ ‫ي��رغ �ب��ون ف ��ي ت��وظ�ي��ف‬ ‫ن�ساء بحجة �أن لديهن‬ ‫عائالت وم�س�ؤوليات”‪.‬‬ ‫تتبنى هذا النمط من التفكير ن�سبة محافظة كبيرة‬ ‫من �سكان المملكة العربية ال�سعودية‪ ،‬التي تتبع مذهب ًا‬ ‫�سني ًا كامل الإلتزام بن�صو�ص الدين الإ�سالمي‪ .‬فهناك‬ ‫مجموعة من القوانين وال�شرائع والتقاليد تر�سخ عملية‬ ‫عزل تام بين الرجال والن�ساء في العديد من جوانب‬ ‫الحياة في المملكة‪ ،‬وه��ي ت�شمل معظم �أماكن العمل‬ ‫والم�ؤ�س�سات التعليمية‪ .‬وه��ذا ما يعيق ب�شكل عظيم‬ ‫قدرة الن�ساء على ال�سعي لوظائف مثلما ي�سعى الرجال‪،‬‬ ‫وبالتالي �أدى �إلى �إحداث خلل كبير في التوازن في القوى‬ ‫العاملة‪ ،‬كما �سبب ب�إ�شكاالت جمة لل�شركات‪ ،‬منها‬ ‫تخ�صي�ص مكاتب خا�صة بالن�ساء فقط‪.‬‬ ‫واليوم ال تتعدى ن�سبة الن�سوة ال�سعوديات من �سن‬ ‫‪ 15‬وما فوق‪ ،‬الحائزات على وظائف على ‪ 10‬بالمئة‪،‬‬ ‫وف �ق � ًا لم�صلحة الإح �� �ص��اءات ال�ع��ام��ة والمعلومات‬ ‫ال�سعودية‪ ،‬وتعد هذه الن�سبة من الأدن��ى في العالم‪.‬‬ ‫كما �أ�شار �صندوق النقد الدولي في تقرير له �صدر في‬ ‫يوليو عام ‪� 2013‬أن معدل البطالة بين ال�سعوديين قد‬ ‫�إرتفع �إلى ‪ 12.1‬بالمئة عام ‪ 2012‬من ‪ 10.5‬في ‪،2009‬‬ ‫خا�صة بين الن�ساء وفئة ال�شباب‪ .‬وتفيد البيانات‬ ‫ال��ر��س�م�ي��ة ب � ��أن �أع � ��داد ال�ع��اط�ل�ي��ن ع��ن ال�ع�م��ل من‬ ‫المواطنين ال�سعوديين قد و�صلت �إلى ‪ ،629,044‬وهي‬ ‫ت�شمل ‪ 363,619‬امر�أة‪.‬‬

‫تغيير نمط التفكير إلعطاء‬ ‫نساء المملكة‬ ‫حقوقهن‬ ‫تقوم الن�ساء ال�سعوديات بالعمل‪� ،‬ضمن‬ ‫الف�سحة الذي ت�سمح بها ال�شريعة والقانون‬ ‫في المملكة العربية ال�سعودية‪ ،‬ب�صنع حيز‬ ‫مميز لهن في �سوق العمل‪ ،‬وذلك بم�ساعدة‬ ‫بع�ض الم�ؤ�س�سات غير الربحية وال�شركات‬ ‫الحري�صة على القيام بم�س�ؤوليتها‬ ‫االجتماعية في هذا المجال‬

‫‪:‬ملقب تارا غالي‬

‫‪53‬‬


‫زمن العطاء‬

‫�أدى ه��ذا الخلل ف��ي ال �ت��وازن �إل ��ى ظ�ه��ور عدة‬ ‫�شركات ومنظمات غير ربحية تهدف �إل��ى معالجة‬ ‫ه��ذه الم�س�ألة‪� .‬إح ��دى ه��ذه الم�ؤ�س�سات تدعى “غلو‬ ‫وورك” (‪ ،)Glowork net‬وه��ي عبارة عن موقع على‬ ‫الإنترنت �أ�س�سه عام ‪ 2011‬خالد الخ�ضيري‪ ،‬البالغ من‬ ‫العمر ‪� 29‬سنة بعد عودته من درا�سته في كندا‪ .‬يقول‬ ‫الخ�ضيري‪“ :‬بالرغم من كوني رج��ل �شاب عائد من‬ ‫كندا‪ ،‬واجهتني �صعوبات في محاوالتي لإيجاد عمل”‪.‬‬ ‫وبنهاية الأمر تمكن الخ�ضيري من الح�صول على وظيفة‬ ‫بعد �أن �إ�ضطر لتوظيف عالقات عائلته في هذا الغر�ض‪.‬‬ ‫وي�ضيف‪“ :‬دفعني هذا الأمر للتفكير في �س�ؤال؛ �إذا كان‬ ‫الأمر بهذه ال�صعوبة ل�شاب مثلي‪ ،‬فما هو الحال بالن�سبة‬ ‫لفتاة ت�سعى للح�صول على عمل؟”‬ ‫قام الخ�ضيري بت�شكيل حلقة بحث للإطالع على‬ ‫حقائق الم�س�ألة و�إ�شكاالتها‪ ،‬وتبين �أنه بالرغم من وجود‬ ‫ن�سبة كبيرة من ال�شركات التي ال ت��رى �أي مانع من‬ ‫توظيف الن�ساء‪ ،‬فهي كانت تجد �صعوبة كبيرة في العثور‬ ‫على مر�شحات منا�سبات‪ .‬كما �إت�ضح في نف�س الوقت �أن‬ ‫الن�ساء اللواتي كن تبحثن عن عمل كانت �أي�ض ًا تواجه‬ ‫�صعوبة في العثور على مثل هذه ال�شركات‪� .‬شكلت هذه‬ ‫المعلومة للخ�ضيري فر�صة م��زدوج��ة‪ ،‬فقد ر�أى فيها‬ ‫فر�صة عمل �إ�ستثماري وو�سيلة للم�ساهمة في �إنظمام‬ ‫الن�ساء للقوى العاملة في �آن معاً‪.‬‬ ‫وي���ش��رح الخ�ضيري ك�ي��ف ت�ح��ول��ت ال�ف�ك��رة �إل��ى‬ ‫م�شروع‪ ،‬بقوله‪�“ :‬إبتد�أنا بتطوير موقع للن�ساء الباحثات‬ ‫عن عمل‪ ،‬ثم ق�صدنا �أرب��اب العمل الذين ال يرغبون‬ ‫بتوظيف الن�ساء و�أقنعناهم ب�صحة توظيفهم‪ .‬كنا �أول‬ ‫من و�ضع عامالت في الأ� �س��واق المركزية والمتاجر‬ ‫الكبيرة في المملكة‪ ،‬وواجهنا ردة فعل قوية‪ ،‬لكننا ثابرنا‬ ‫في جهودنا لن�ضمن تحقيق �أهدافنا”‪.‬‬ ‫في العام ‪ 2012‬قامت المملكة العربية ال�سعودية‬ ‫بتطبيق قانون يفر�ض على المحالت التي تبيع ثياب‬ ‫ن�سائية داخلية وم�ستح�ضرات تجميل �إن ت�ستخدم “عدد النساء السعوديات العامالت عام‬ ‫البائعات من الن�ساء فقط‪ .‬ويفيد الخ�ضيري ب�أنه كان ‪ ،2012‬مقارنة بـ ‪ 505,000‬عام ‪”2009‬‬ ‫م�شارك ًا في هذا القانون منذ التخطيط له وحتى تطبيقه‪،‬‬ ‫وذلك بعد �أن با�شرت �شركته بالعمل عن كثب مع وزارة امر�أة من �أ�صل ‪ 150‬ع�ضو ًا ي�شكلون المجل�س الإ�ست�شاري‪.‬‬ ‫العمل في �ش�أن القوانين والأنظمة الجديدة‪ .‬وي�ضيف‪ :‬وفي العام الما�ضي �شكلت ال��دورة الأولمبية في لندن‬ ‫“ج ّل الم�س�ألة هو تغيير النمط الفكري ال�سائد‪ ،‬وحث نقطة تحول ب��ارزة للن�ساء الريا�ضيات في ال�سعودية‪،‬‬ ‫حيث ُ�سمح لريا�ضيتين بالم�شاركة في الأل�ع��اب‪ .‬ومن‬ ‫الم�ؤ�س�سات على تعيين هاته الن�ساء”‪.‬‬ ‫وخ�لال العامين الما�ضيين قام خ��ادم الحرمين ناحية �أخرى �إت�سع نطاق الوظائف التي ي�سمح للن�ساء‬ ‫ال�شريفين الملك عبداهلل بالدفع نحو منح المر�أة في تقديم الطلب عليها‪ ،‬ف�أ�صبح ب�إمكان المر�أة مث ًال �أن‬ ‫المملكة المزيد من حقوقها‪ ،‬بالرغم من معار�ضة بع�ض تعتلي من�صب مدير الجودة في م�صنع‪ ،‬ما يعد طفرة‬ ‫وابتداء من عام ‪� 2015‬سي�سمح من الأدوار المقبولة تقليدي ًا في قطاعي التعليم‪ ،‬والطب‬ ‫رجال الدين المتحفظين‪.‬‬ ‫ً‬ ‫للمر�أة بالت�صويت والتر�شح في االنتخابات البلدية‪ .‬وفي والعناية ال�صحية‪.‬‬ ‫يناير من العام الحالي عين الملك عبداهلل �أول ن�ساء‬ ‫وي�ق��ول الخ�ضيري‪“ :‬لعبت الثقافة والتقاليد‬ ‫ع�ضوات في مجل�س ال�شورى ال�سعودي‪ ،‬وبلغ عددهن ‪ 30‬دور َا في ن�سبة البطالة بين الن�ساء لأع ��وام طويلة‪.‬‬

‫‪647,000‬‬

‫‪54‬‬

‫ف��ي الأع��ل��ى و�إل���ى الي�سار‪��� :‬س��ارة ع��ط��ار هي‬ ‫واح��دة من �إمر�أتين ريا�ضيتين �سعوديتين‬ ‫ُ�سمح لهما بالم�شاركة في الألعاب الأولمبية‬ ‫للعام ‪ 2012‬في لندن‬

‫والآن هناك �صحوة بين النا�س الذين ب��د�أوا يدركون �أنه‬ ‫لي�س هنالك من م�شكلة تمنع الن�ساء من الإلتحاق بميدان‬ ‫العمل‪ .‬والعقلية تتغير و�إن كان ببطء‪ ،‬وابتد�أت الن�ساء ب�أخذ‬ ‫�أماكنهن في الم�ؤ�س�سات”‪.‬‬ ‫وتجدر الإ�شارة �إل��ى �أن عدد الن�ساء اللواتي يحملن‬ ‫�شهادات جامعية عليا‪� ،‬أمثال بن �سعيد التي تحمل �شهادة‬ ‫ماج�ستير ف��ي ال�ل�غ��ة الإن�ك�ل�ي��زي��ة م��ن �إح� ��دى الجامعات‬ ‫البريطانية‪ ،‬يتخطى �أمثالهن من الرجال بنحو ‪ ،4,000‬وفق‬ ‫�إح�صاءات وزارة التربية‪ .‬ولكن بالرغم من ارتفاع ن�سبة‬ ‫الن�ساء المتعلمات عن الرجال‪ ،‬لم ت�صمم جميع البرامج‬ ‫ل�سد حاجة االقت�صاد ال�سعودي‪.‬‬ ‫وهناك الكثير ممن �أدرك ��وا وح ��ددوا ه��ذه الم�س�ألة‪،‬‬ ‫بما فيهم الحكومة نف�سها وال �ت��ي ت�ق��وم بتطبيق خطط‬ ‫تهدف �إلى تنويع االقت�صاد بعيد ًا عن الإتكال على الموارد‬ ‫الهيدروكربونية‪ .‬و�أف��اد م�ؤخر ًا �صندوق النقد الدولي ب�أن‬ ‫�إ�ستمرار الدعم لرفع جودة التعليم وتقلي�ص العقبات �أمام‬ ‫الن�ساء في ميدان العمل قد ي�ساهمان في ن�شوء �إقت�صاد‬ ‫مبني على المعرفة في المملكة‪ .‬و�أ�ضاف ال�صندوق ب�أن ما‬ ‫يزيد عن الـ ‪ 70‬بالمئة من الن�ساء العامالت في المملكة هن‬ ‫من ذوي ال�شهادات الجامعية ‪ -‬ح�سب �إح�صاءات ‪.2012‬‬


‫زمن العطاء‬

‫“صلب المسألة هو تغيير النمط‬ ‫الفكري السائد‪ ،‬وحث المؤسسات‬ ‫على تعيين هاته النساء”‬

‫‪55‬‬



‫زمن العطاء‬

‫ويقول‪ ‬الخ�ضيري‪“ :‬القوانين مهمة جداً‪ ،‬لكن التعليم هو‬ ‫�أهم �شيء لأن لدينا فجوة بين التعليم و�سوق العمل‬ ‫فكال الرجال والن�ساء يفتقرون لخبرات عملية‪ ،‬لكنهم‬ ‫يتوقعون �أن تقدم لهم الوظائف على طبق من الف�ضة”‪.‬‬ ‫لكنه ي�ضيف ب ��أن ه��ذا الأم ��ر يتغير ال�ي��وم حيث‬ ‫ت�صبح التجربة العملية �إلزامية لطالب الجامعات‪ .‬كما‬ ‫و�سعت الجامعات مناهجها المقدمة للفتيات ب�إ�ضافة‬ ‫درا�ستي القانون والهند�سة المعمارية‪ .‬وي�شير �صندوق‬ ‫النقد الدولي �إلى �أن من العوامل الأخرى التي �ست�ساهم‬ ‫برفع ن�سب م�شاركة الن�ساء بين القوى العاملة هو �إتاحة‬ ‫�إ�ستخدامهن لو�سائل النقل ب�شكل �أو�سع‪ ،‬بالإ�ضافة �إلى‬ ‫تح�سين خدمات رعاية الأطفال وترتيبات عمل مرنة‪،‬‬ ‫مثل �إمكانية العمل عن بعد ب�إ�ستخدام تقنيات الإنترنت‪.‬‬ ‫تدعم هذه ال�صورة الم�شرقة �أي�ض ًا المنظمات غير‬ ‫الربحية التي تعمل على م�ساعدة الن�ساء لإجتياز الفجوة‬ ‫ما بين الجن�سين في �سوق العمل‪ .‬وعلى �سبيل المثال‪،‬‬ ‫تنظم جمعية النه�ضة الن�سائية الخيرية ور���ش عمل‬ ‫لتعليم الن�ساء ال�شابات كيفية الت�صرف خالل مقابلة‬ ‫لوظيفة محتملة‪ ،‬كما تقيم في مكاتبها حلقات توظيفية‬ ‫تجمع خاللها ما بين �أرباب العمل والباحثات عن عمل‪.‬‬ ‫�إ�ضافة �إل��ى ه��ذا‪ ،‬تدير الجمعية التي �أ�س�ستها الملكة‬ ‫الراحلة عفت الثنيان‪ ،‬مبادرة ل�شبكات التوا�صل للن�ساء‬ ‫من �صاحبات المهن يتم عن طريقها تقديم خدمات‬ ‫�إ�ست�شارية في المدار�س والجامعات‪.‬‬ ‫…‬

‫بالرغم من �إزدياد عدد �أماكن العمل المختلطة‬ ‫في المملكة العربية ال�سعودية‪ ،‬ما ي��زال العديد من‬ ‫ال�شركات ينظم بيئة عمل تعزل بين الرجال والن�ساء‪.‬‬ ‫وحتى �أن المملكة تقوم بتطوير مدينة �صناعية خا�صة‬ ‫بالن�ساء فقط في المنطقة ال�شرقية‪ ،‬وهي تهدف لإيجاد‬ ‫‪ 5,000‬فر�صة عمل في �صناعات الأن�سجة والأدوي ��ة‬ ‫والأغذية الم�صنعة‪ .‬وقد تم التخطيط للم�شروع‪ ،‬وهو‬ ‫واح��د من عدة م�شاريع مماثلة تحت الإع ��داد‪ ،‬ليتيح‬ ‫الفر�ص لأع ��داد �أكبر من الن�ساء للإلتحاق بالقوى‬ ‫العاملة والح�صول على الإ�ستقاللية المادية‪.‬‬ ‫وتفيد بن �سعيد‪ ،‬والتي تتمتع بالدعم من عائلتها‪،‬‬ ‫بانها على دراية �أنه ال تحظى كل الن�ساء ال�سعوديات بنف�س‬ ‫المزايا عندما يتعلق الأمر بدخول الحياة العملية‪ .‬وتقول‪:‬‬ ‫“�أنا �أعلم �أن الكثير من الن�ساء يرغبن ب�إقامة �أعمال‬ ‫خا�صة بهن‪ ،‬ولديهن الطموح ال�لازم لعمل ه��ذا‪ ،‬لكن‬ ‫العديد منهن ال يح�صلن على الدعم من �أزواجهن الذين ال‬ ‫يكونوا منفتحين على الفكرة … الن�ساء هكذا محدودات”‪.‬‬ ‫تعمل �أفنان عبابتين‪ ،‬المدير التنفيذي في �صندوق‬ ‫الأمير �سلطان بن عبد العزيز لتنمية المر�أة‪ ،‬لتغيير هذا‬ ‫الو�ضع‪ .‬ويوفر ال�صندوق الغير هادف للربح القرو�ض‬ ‫والتدريب للن�ساء الطموحات اللواتي ي�أملن بت�أ�سي�س‬ ‫�أعمال خا�صة بهن‪ .‬وتقول عبابتين‪“ :‬هناك عدد متزايد‬ ‫من الن�ساء ال�سعوديات من رائ��دات الأعمال‪ ،‬والف�ضل‬ ‫بهذا يعود �إلى الدعم القائم للن�ساء والأنظمة الحكومية”‪.‬‬ ‫ويخ�ص�ص ال�صندوق ما يقارب الـ ‪ 300,000‬ريال‬ ‫�سعودي (نحو ‪ 80,000‬دوالر) للم�شروع ال��واح��د‪ ،‬لكن‬ ‫يمكن ال�سعي لتمويل �إ�ضافي �إذا كانت فكرة الم�شروع‬ ‫“بارعة”‪ ،‬ح�سب قول عبابتين‪ .‬وتقوم المنظمة بتمويل‬ ‫ما بين �ستة �إلى ع�شر م�شاريع في ال�سنة تتوج غالبيتها‬ ‫بالنجاح‪ .‬ومن خالل مبادرة “�إنطالقتي” مكنت المنظمة‬ ‫الن�ساء من �إقامة �أكثر من ‪ 50‬م�شروع ًا �صغيراً‪ ،‬نما منها‬ ‫�ستة لت�صبح �شركات متو�سطة الحجم‪ .‬و ُتحدث هذه‬ ‫ال�شركات بدورها فر�ص عمل �إ�ضافية للن�ساء ال�سعوديات‪.‬‬ ‫وبالإ�ضافة للتمويل وب��رام��ج التدريب وال�ن��دوات‬ ‫والخدمات الإ�ست�شارية‪ ،‬با�شرت المنظمة بالتح�ضير‬ ‫لمبادرة “حا�ضنة الأعمال” التي �سيتم �إطالقها العم‬ ‫ال �ق��ادم‪ .‬والحا�ضنة ه��ي ع�ب��ارة ع��ن مبنى مخ�ص�ص‬ ‫للن�ساء من رواد الأعمال يت�ضمن مكاتب‪ ،‬وغرف متعددة‬ ‫الإ�ستخدامات‪ ،‬ومقهى‪ ،‬وخدمات �إ�ست�شارية‪ ،‬وخدمات‬ ‫التنقل‪ ،‬والمرافق‪ ،‬ومكتب �إ�ستقبال‪.‬‬ ‫وت �ق��ول عبابتين‪“ :‬نحن ن�سعى لإي �ج��اد المكان‬ ‫المنا�سب لدعم وتبني �أفكار الن�ساء لإقامة الم�شاريع‪،‬‬ ‫�إ�ضافة �إلى ت�شجيع الإب��داع والطموح فيهن‪ .‬كما نوفر‬ ‫لهن بيئة �صحية تمكنهن من تطوير �أعمالهن لل�سنتين‬ ‫الأولتين‪ ،‬وهما الأ�صعب‪ ،‬كما ت�ساعدهن في بناء �شبكات‬ ‫عالقات العمل وتمدهن بالتمويل والإ�ست�شارات”‪.‬‬

‫“هناك عدد متزايد‬ ‫من رائدات األعمال‬ ‫السعوديات‪ ،‬والفضل‬ ‫بهذا يعود إلى الدعم‬ ‫القائم للنساء‬ ‫واألنظمة الحكومية”‬

‫ومن جهتها تقوم �شركة الأغذية والم�شروبات‬ ‫ال�سوي�سرية العمالقة ن�ستله بتهيئة ال�سعوديين ال�شباب‬ ‫لدخول معترك العمل في القطاع الخا�ص‪ ،‬كما ت�ساعد‬ ‫ف��ي “ر�أب الفجوة بين المنهج الأك��ادي�م��ي وتوقعات‬ ‫عالم الأع �م��ال الكبرى”‪ ،‬ه��ذا وف��ق ما تقوله كارين‬ ‫�آنتونيادي�س‪ ،‬مديرة ق�سم �إحداث القيمة الم�شتركة في‬ ‫“ن�ستله ال�شرق الأو�سط”‪.‬‬ ‫فقد �أطلقت ال�شركة “مركز ن�ستله للتميز” عام‬ ‫‪ 2012‬بهدف ت��دري��ب المتخرجين ال�سعوديين في‬ ‫مختلف الحقول‪ ،‬وكما تفيد به �آنتونيادي�س‪ ،‬يوفر‬ ‫�أي�ض ًا هذا المركز برنامجين تدريبيين م�صممين‬ ‫خ�صي�ص ًا للن�ساء لت�شجيع �أع��داد �أكبر منهن على‬ ‫العمل في القطاع الخا�ص وتزويدهن بالمهارات‬ ‫المطلوبة لهذا الغر�ض‪.‬‬ ‫وتو�ضح �آنتونيادي�س‪“ :‬يعد برنامج تنمية التغذية‬ ‫للن�ساء الخريجات الجامعيات في حقل ال�صيدلة وعلوم‬ ‫التغذية والكيمياء بغر�ض تطوير مهاراتهن الوظيفية في‬ ‫مجال تغذية الأطفال بالإ�ضافة للمهارات المطلوبة للعمل‬ ‫في بيئة متعددة الجن�سيات”‪.‬‬ ‫ول �غ��اي��ة ال �ي��وم ت�خ��رج��ت ع �� �ش��رون �إم� � ��ر�أة من‬ ‫البرنامج‪ ،‬تم تعيين �ست منهن بوظائف دائمة في‬ ‫�شركة ن�ستله‪� ،‬أما برنامج الأعمال التنفيذية للن�ساء‬ ‫ال��ذي ي��زود الن�ساء بالمهارات المطلوبة للعمل في‬ ‫خرج ‪ 15‬م�شتركة في يونيو‪ ،‬تم توظيف‬ ‫ال�شركات‪ ،‬فقد ّ‬ ‫ثالث منهن في مكاتب ن�ستله في المملكة‪.‬‬ ‫لقد �إبتد�أت هذه الجهود المختلفة ب�إعطاء نتائج‬ ‫ج �ي��دة‪ .‬فقد نمت �أع� ��داد ال�سعوديات ال�ع��ام�لات من‬ ‫‪ 505,000‬ع��ام ‪� 2009‬إل��ى ‪ 647,000‬ع��ام ‪ ،2012‬وفق‬ ‫البيانات الر�سمية‪ .‬ولكن عبابتين ت�ؤكد ب��أن الطريق‬ ‫ما زال طويالً‪ ،‬وتختتم‪“ :‬التمويل متوفر‪ ،‬لكننا ما زلنا‬ ‫بحاجة لمزيد من التعليم والتدريب”‪n .‬‬

‫‪57‬‬


‫ر�أي الخبير‬

‫التمويل وحده ال يكفي للتغيير‬ ‫االقتصادي واالجتماعي للشباب‬ ‫الدكتور طارق محمد يو�سف ي�ؤكد �أن المنظمات التي تعمل لتح�سين فر�ص العمل والريادة‬ ‫مجرد طلبات التمويل �أمام المانحين‬ ‫لل�شباب في العالم العربي تحتاج �إلى طرح �أكثر من ّ‬

‫مع‬

‫عن الكاتب‬ ‫طارق يو�سف هو الرئي�س التنفيذي لم�ؤ�س�سة “�صلتك”‬ ‫(‪ ،)Silatech‬وهي مبادرة اجتماعية �إقليمية مقرها قطر‪،‬‬ ‫تعمل على تح�سين فر�ص التوظيف ومبادرات الم�شاريع‬ ‫الخا�صة �أمام ال�شباب في مختلف �أنحاء العالم العربي‬

‫‪58‬‬

‫تغيرات‬ ‫م��ا ي�شهده ال�ع��ال��م ال�ع��رب��ي م��ن ّ‬ ‫�سريعة‪ ،‬يبقى التحدي الأكبر هو مطالب‬ ‫ال�شباب المح ّقة في الح�صول على فر�ص‬ ‫عمل منا�سبة لم�ؤهالتهم‪ .‬فبينما انتع�شت الآم��ال في‬ ‫البداية �أن ت�ؤدي حركات االحتجاج التي اجتاحت م�صر‬ ‫وليبيا وتون�س واليمن للو�صول في نهاية المطاف الى‬ ‫و�ضع �إقت�صادي يعالج م�شكلة البطالة �أم��ام ال�شباب‪،‬‬ ‫ظلت الكثير من هذه البلدان في حالة عدم ا�ستقرار‬ ‫�سيا�سي وا�ضطراب اقت�صادي‪ .‬ف�أكثر من ‪ 25‬بالمئة من‬ ‫�شباب المنطقة القادرين على الإنتاج ال يجدون عمالً‪،‬‬ ‫والماليين غيرهم الذين �إما يقا�سون من العمل ب�أجور‬ ‫متدنية في وظائف غير نظامية ‪� ،‬أو �إختاروا �أ�سا�س ًا �ألال‬ ‫يدخلوا �سوق العمل ب�سبب �ضعف �أو �إنعدام فر�ص العمل‬ ‫الجيدة‪ .‬وال �شك �أن العثور على حلول اقت�صادية لل�شباب‬ ‫_ خا�صة في مجالي �إيجاد الوظائف وتنمية المهارات‪_ ‬‬ ‫يمثل عن�صر ًا مهم ًا ف��ي تحقيق الأم ��ن االقت�صادي‬ ‫في المنطقة‪.‬‬ ‫وع�ل��ى ال��رغ��م م��ن الم�ساعي ال�ج��دي��ة ل�صانعي‬ ‫تبين �أنهم غير قادرين‬ ‫ال�سيا�سات في المنطقة‪ ،‬فقد ّ‬ ‫على ح�شد الموارد و�ضمان الإرادة ال�سيا�سية الالزمة‬ ‫لتنفيذ ال�ب��رام��ج والإ� �ص�لاح��ات ال���ض��روري��ة لتح�سين‬ ‫الفر�ص �أمام ال�شباب‪ .‬وفي الحقيقة‪ ،‬ف�إن فقدان الأمان‬ ‫الإقت�صادي لدى النا�س قد كر�س النظرة القائمة بجدوى‬ ‫وظائف القطاع العام والدعم الحكومي‪ .‬وقد يحقق هذا‬ ‫االتجاه مكا�سب على المدى الق�صير‪ ،‬لكنه يعيق تحقيق‬ ‫الأهداف طويلة المدى المتمثلة في تمكين ال�شباب من‬ ‫دخول �سوق العمل‪ .‬وفي الوقت نف�سه‪ ،‬تدنت قدرة القطاع‬ ‫الخا�ص على لعب دور �أ�سا�سي في مجال ت�أمين الوظائف‬ ‫ب�سبب الأنظمة المعقدة وا�ستمرار حالة عدم اال�ستقرار‬

‫ال�سيا�سي‪ .‬وقد عملت المنظمات غير الحكومية ب�شكل‬ ‫متزايد على توفير حلول مبتكرة‪ ،‬لكن نق�ص الموارد‬ ‫المالية ح ّد من مدى �أن�شطتها وعمقها‪.‬‬ ‫لطالما كانت الجهود المبذولة لمعالجة م�شكلة‬ ‫البطالة تتغا�ضى عن الإ�ستفادة من الإمكانيات التي يمكن‬ ‫�أن يوفرها بع�ض �أثرياء المنطقة الطامحين للعب دو ٍر‬ ‫ملمو�س في تح�سين الأو�ضاع االقت�صادية واالجتماعية‬ ‫لمجتمعاتهم‪ .‬وفي هذا ال�صدد‪ ،‬ف�إن م�ؤ�س�سات �ضخمة‬ ‫ومنظمات خيرية لعبت دور ًا ن�شط ًا ب�شكل متزايد خالل‬ ‫ال�سنوات الأخيرة في مجال دعم ال�شباب‪ ،‬خا�صة في‬ ‫دول الخليج العربي‪ .‬فم�ؤ�س�سات مثل‪ :‬م�ؤ�س�سة قطر‪،‬‬ ‫وم�ؤ�س�سة الوليد بن طالل‪ ،‬وم�ؤ�س�سة الإمارات‪ ،‬وم�ؤ�س�سة‬ ‫الملك خالد‪ ،‬ن�ش�أت كلها بهدف �ضخ ا�ستثمارات ذات �أثر‬ ‫اجتماعي‪ ،‬للم�ساهمة في تحقيق �إنجازات مجتمعية تمتاز‬ ‫با�ستدامة النمو‪ .‬وفي ٍ‬ ‫كثير من الحاالت ركّزت جهود هذه‬ ‫الم�ؤ�س�سات على تح�سين �إمكانيات �شباب المنطقة‪ .‬كما‬ ‫ظهر اال�ستثمار االجتماعي الذي يقوده القطاع الخا�ص‬ ‫كاتجاه جديد في هذا المجال‪ .‬غير �أن مثل هذه الجهود‬ ‫ال تمثل �سوى جزء ًا �صغير ًا من الإمكانيات التي يمكن‬ ‫ا�ست�شرافها داخ��ل ميدان العمل الخيري في المنطقة‬ ‫بوجه ع��ام‪ ،‬وخا�صة عند الأخ��ذ باالعتبار الإمكانيات‬ ‫الهائلة لقطاع العطاء االنتقائي المدرو�س‪ ،‬لكن خارج‬ ‫الإطار الم�ؤ�س�سي‪.‬‬ ‫فب�سبب االفتقار �إلى ال�شفافية في مجال العطاء‬ ‫_ والتي ترجع �إل��ى حد ما �إل��ى ثقافة الت�ص ّدق بال�سر‬

‫“قدر صغير من العطاء‬ ‫في المنطقة يستثمر‬ ‫بشكل إستراتيجي”‬


‫ر�أي الخبير‬

‫حيث ال تعرف �شمالك م��ا تنفق يمينك _ ال يتوافر‬ ‫لدينا �سوى القليل من المعلومات المفيدة حول حجم‬ ‫ال�صدقات والتبرعات في المنطقة‪ ،‬لكن من الم�ؤكد‬ ‫حجم كبير‪ .‬وعلى �أي حال‪ ،‬ف�إن قدر ًا �صغير ًا‬ ‫�أنها ذات ٍ‬ ‫فقط من هذا العطاء المق َّدم في المنطقة ُي�ستثمر ب�شكل‬ ‫ا�ستراتيجي في �أمور ترتبط بتمكين ال�شباب اقت�صادياً‪.‬‬ ‫فال�صدقات في الإ�سالم تمثل جزء ًا �أ�سا�سي ًا من �أعمال‬ ‫الخير‪ ،‬لكنها ن��ادر ًا ما ُتوظّ ف بطريقة ت�ضمن �إحداث‬ ‫تغيير اجتماعي ا�ستراتيجي‪ .‬وبد ًال من ذلك‪ ،‬ركّزت �صور‬ ‫العطاء الإ�سالمي على تقديم التبرعات في �سبل � ٍ‬ ‫إح�سان‬ ‫تقليدية‪ ،‬مثل بناء المدار�س‪ ،‬ودعم الم�ؤ�س�سات الدينية‪،‬‬ ‫والم�سارعة للإغاثة وتخفيف ويالت الكوارث الطبيعية‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫حاجات مهمة‪ ،‬ف�إنها‬ ‫وبينما تلبي هذه النماذج التقليدية‬ ‫نادر ًا ما تتم في �إطار ا�ستراتيجية طويلة المدى لتمكين‬ ‫ال�شباب والت�أ�سي�س من �أج��ل تح�سين الأو��ض��اع العامة‬ ‫للمجتمع مع مرور الزمن‪.‬‬ ‫وح�ت��ى يتم ج��ذب ه� ��ؤالء المانحين المحتملين‬ ‫ب�صورة فعالة‪ ،‬ف��ي �ضوء اهتمامهم بالم�ساهمة في‬ ‫�إح��داث تغيير اجتماعي ي��دوم من خالل اتباع �أ�سلوب‬ ‫ذك��ي في العطاء‪ ،‬ف ��إن المنظمات الن�شطة في خدمة‬ ‫مجرد طلبات التمويل‬ ‫ال�شباب تحتاج �إلى طرح �أكثر من ّ‬ ‫�أمام ه�ؤالء المانحين‪� .‬إن دورنا يتمثل في جذب المانحين‬ ‫والأث ��ري ��اء م��ن خ�لال ن�ظ��ام دع��م يمكّنهم م��ن اتخاذ‬ ‫خطوات ج�سورة‪ .‬وفي هذا ال�صدد‪ّ ،‬ثمة نقاط محددة‬ ‫تجب مخاطبتها للمانحين‪.‬‬

‫�أوال‪ ،‬م �ع �ظ��م ال �م ��ؤ� �س �� �س��ات‬ ‫والمانحين الأف��راد يدركون حجم‬ ‫التحدي ال��ذي تمثله البطالة بين‬ ‫ال�شباب في المنطقة‪ ،‬وعلى الرغم‬ ‫من ذل��ك‪ ،‬ف�إنهم غالب ًا ال يدركون‬ ‫الو�سيلة المثلى للإ�سهام ف��ي حل‬ ‫الم�شكلة‪� ،‬أو كيفية مواجهتها ا�ستراتيجي ًا بتبرعاتهم‪ .‬وال‬ ‫�شك �أن تزويدهم باال�ست�شارات والمعلومات ب�ش�أن �أهم‬ ‫الم�سائل المرتبطة بذلك‪ ،‬بالإ�ضافة الى ال�سبل التي‬ ‫ملحة‪.‬‬ ‫يمكنهم من خاللها تقديم دعم مبتكر‪� ،‬ضرورة ّ‬ ‫وتبرز هذه ال�ضرورة ب�صورة خا�صة فيما يتعلق‬ ‫بال�صدقات‪ .‬فبينما ال تت�ضمن الن�صو�ص ال�شرعية قيود ًا‬ ‫تمنع توجيه ال�صدقات لدعم التنمية الم�ستدامة لل�شباب‪،‬‬ ‫�صحة توجيه �صدقاتهم‬ ‫ف�إن المناحين غالب ًا ي�شككون في ّ‬ ‫�إلى هذا الجانب‪ ،‬وغالب ًا ما ُت�صمم �سبل �صرف العطاء‬ ‫بطريقة تتقيد بالتف�سير الحرفي للن�صو�ص الدينية‪.‬‬ ‫ويتطلب تطوير الو�ضع لإتاحة تف�سير �أو�سع لمجاالت‬ ‫توجيه ال�صدقات والتباع �أ�ساليب عطاء �أكثر ا�ستدامة‪،‬‬ ‫�إ�شراك ال�سلطات الدينية‪ ،‬وحثّها على �أن ت�سهم في هذا‬

‫ال�������ص���ورة‪ :‬ت��رب��ط م��ن�����ص��ة “كيفا لل�شباب‬ ‫العربي” رواد الأع��������م��������ال ال������ذي������ن ال‬ ‫ت���ت���ع���دى �أع����م����اره����م ال���ث�ل�اث���ي���ن ع����ام����اً م��ع‬ ‫الممولين الأفراد‬

‫“دورنا يتمثل في مساعدة المانحين واألثرياء على‬ ‫اتخاذ خطوات جريئة لمكافحة البطالة والترويج‬ ‫لريادة األعمال من خالل منصة ألكترونية جديدة”‬

‫المجال‪ ،‬و�أن تقدم ن�صائح عملية حول جواز �إنفاق الزكاة‬ ‫وال�صدقات بوجه عام لدعم ال�شباب‪.‬‬ ‫ثانياً‪ ،‬تلعب التكنولوجيا دور ًا مهم ًا �أي�ضاً‪ ،‬خا�صة‬ ‫في ظل نمو من�صات العطاء على الإنترنت التي تتيح‬ ‫للنا�س التبرع مبا�شرة للم�ؤ�س�سات الخيرية والإن�سانية‪.‬‬ ‫وفي العام الما�ضي‪� ،‬شهدنا ت�أ�سي�س عدة من�صات “تمويل‬ ‫�سواء‬ ‫جماعي” مخ�ص�صة لإتاحة فر�ص تمويل لل�شباب‪ً ،‬‬ ‫منها ما يركز على ال�شركات ال�صغيرة مثل من�صة “كيفا‬ ‫لل�شباب العربي” التي تدعمها م�ؤ�س�سة “�صلتك”‪� ،‬أو على‬ ‫تقديم الدعم ل�شركات �إنتاج �إبداعي مثل “�أفالمنا”‪.‬‬ ‫ويتمثل التحدي في موائمة مثل هذه البرامج لي�س فقط‬ ‫مع اهتمامات الم�ستثمرين ذوي الأهداف االجتماعية‪،‬‬ ‫و�إنما �أي�ض ًا مع المتبرعين الأفراد‪.‬‬ ‫فعالة �أمر ال بد منه‪،‬‬ ‫و�أخيراً‪ ،‬ف�إن �إقامة �شراكات ّ‬ ‫لأن حجم التحدي الذي تمثله بطالة ال�شباب في العالم‬ ‫العربي �ضخم �إلى درجة ي�صعب معها الت�صدي له من‬ ‫خالل م�ساهمات فردية ال تن�سيق وال تعاون فيما بينها‪،‬‬ ‫بل �إنه يتطلب التن�سيق وت�ضافر الجهود بين الحكومات‬ ‫والقطاع الخا�ص والمنظمات المدنية غير الحكومية‬ ‫والمانحين‪ .‬ويعتبر بناء من�صات توا�صل �أمر ًا �ضروري ًا‬ ‫لفتح قنوات ات�صال بين المعنيين‪ ،‬وت�ب��ادل المعرفة‬ ‫والخبرات‪ ،‬وت�سهيل ال�شراكات التعاونية‪ .‬وفي الوقت‬ ‫ذات��ه‪� ،‬سي�ستفيد المانحون من التعاون والدعم الوثيق‬ ‫المتبادل فيما بينهم‪ ،‬وه��و ه��دف يمكن تحقيقه من‬ ‫خالل تو�سيع من�صات قائمة‪ ،‬مثل “منتدى الم�ؤ�س�سات‬ ‫العربية”‪ .‬في الحقيقة‪ ،‬الحلول متوافرة‪ ،‬ودورن ��ا هو‬ ‫الم�ساعدة في العثور عليها‪n .‬‬

‫‪59‬‬


‫زمن العطاء‬

‫‪70,000‬‬

‫ال�صورة‪ :‬يرتاد ما يقارب من ال��ـ‬ ‫تلميذ وتلميذة مدار�س “براك” المنت�شرة‬ ‫ف�����ي م���خ���ت���ل���ف ال����م����ن����اط����ق ال����ري����ف����ي����ة ف��ي‬ ‫�أفغان�ستان‪ ،‬وت�شكل الإناث ‪ 80‬بالمئة منهم‬

‫‪60‬‬


‫زمن العطاء‬

‫التعليم في أفغانستان‪:‬‬

‫الطريق‬ ‫الوعر‬ ‫‪:‬ملقب �أدريان �سيرنيجوي‬

‫يجل�س‬

‫الأط � �ف� ��ال ب��ان �ت �ب��اه ف ��ي �صفين‬ ‫م�ت��وازي�ي��ن ف��ي مقدمة الغرفة‪.‬‬ ‫ت�ستقر �أيديهم في �أح�ضانهم‪،‬‬ ‫فيما و�ضعت علب الأق�لام والم�ساطر مرتبة �أمامهم‪.‬‬ ‫تغطي الخرائط والمل�صقات وال��زه��ور البال�ستيكية‬ ‫الجدران المت�صدعة ب�شكل كامل تقريباً‪ ،‬وهي _ مع‬ ‫مالب�س الأطفال _ تبقى ال�سبب الوحيد الذي ي�ضفي‬ ‫�شيئ ًا من البهجة في ما ال يعدو كونه �إال �صف ًا درا�سي ًا‬ ‫كالح ًا و�صارم ًا مثل غيره في �أرياف �أفغان�ستان‪.‬‬ ‫�إنهن طالبات‪ ،‬تتراوح �أعمارهن ما بين العا�شرة‬ ‫والخام�سة ع�شرة‪ .‬لقد كان عليهن مواجهة تحديات ثقافية‬ ‫وجغرافية واقت�صادية‪ ،‬من �أج��ل الح�ضور �إل��ى المدر�سة‬ ‫فح�سب‪ ،‬حتى قبل �أن يبد�ؤوا ب�إتقان القراءة والكتابة‪.‬‬ ‫علم الأحياء هي المادة المف�ضلة لجميلة‪ ،‬بينما‬ ‫تف�ضل زميلتها �أ�سمرا مادة الجغرافيا‪ .‬لم تذهب �أي من‬ ‫الفتاتين �إلى المدر�سة قبل �أن تفتتح “براك” (‪)BRAC‬‬ ‫وهي م�ؤ�س�سة غير حكومية مقرها بنغالدي�ش‪ ،‬ف�صو ًال‬ ‫درا�سية ف��ي قريتهما‪ .‬وف��ي ه��ذا الإط ��ار تقول �أ�سمرا‬ ‫“عائلتي �سعيدة لإر�سالي �إلى مدر�سة براك لأن المدر�سة‬ ‫الحكومية بعيدة جد ًا عن بيتنا”‪.‬‬

‫ُت��ر ّك��ز م��ؤ��س���س��ة ب ��راك ج�ه��وده��ا التعليمية في‬ ‫�أفغان�ستان على الفتيات ــ وعلى الرغم من �أنه م�سعى‬ ‫واحد‪� ،‬إال �أنه حافل بالتحديات‪ .‬فنحن ال ن�ستطيع الك�شف‬ ‫عن موقع المدر�سة‪� ،‬أو الأ�سماء الحقيقية للطالبات �أو‬ ‫المعلمات‪ ،‬خ�شية تعري�ضهم للخطر‪.‬‬ ‫ي���ش��رح �آ� �ص��ف � �ص��ال��ح‪ ،‬م��دي��ر �أول لالت�صاالت‬ ‫واال�ستراتيجية والقدرات في م�ؤ�س�سة براك‪ ،‬هذا الواقع‬ ‫ال�صعب‪ ،‬بقوله‪“ :‬الحفاظ على �أمن عمالئنا وطالبنا‬ ‫ومعلمينا وموظفينا هو �أمر بالغ الأهمية … وما تحتاج‬ ‫الفتيات لمعرفته بالتحديد �أنه ب�إمكانهن التنقل من و�إلى‬ ‫المدر�سة دون خوف”‪.‬‬ ‫يمكن للتح�صيل العلمي �أن يكون محفوف ًا بمخاطر‬ ‫كبيرة‪ .‬فالهجمات العنيفة على المدار�س في �أفغان�ستان‬ ‫ال تزال م�ستمرة بعد مرور عقد من الزمن على الإطاحة‬ ‫بحركة طالبان من ال�سلطة‪.‬‬ ‫وف��ي ه��ذا الخ�صو�ص تقول ليلى‪ ،‬م��دي��رة الفرع‬ ‫ُح�ضر للبرنامج تلقينا‬ ‫ف��ي المدر�سة‪“ :‬عندما كنا ن ّ‬ ‫ر��س��ائ��ل ت�ح��ذرن��ا �أن �ن��ا �س ُنعاقَب”‪� .‬إال �أن �ه��ا وفريقها‬ ‫تابعوا تح�ضيراتهم “لأن التعليم هو العمود الفقري‬ ‫لبالدنا”‪ ،‬ح�سب قولها‪.‬‬

‫م��ع مواجهة ك��ل ه��ذه التحديات ت�صبح مثابرة‬ ‫الفتيات مثيرة للإعجاب‪ .‬ففي الواقع‪ ،‬الكثير من الفتيات‬ ‫�أمثالهن ال يوا�صلن التعليم‪� ،‬إذ ت�شير الإح�صائيات �إلى‬ ‫�أن ‪ 82‬في المئة من الفتيات في �أفغان�ستان يت�سربن قبل‬ ‫�إنهاء المرحلة االبتدائية‪� ،‬أي في ال�صف ال�ساد�س عند‬ ‫بلوغهن �سن الثانية ع�شرة‪ ،‬وغالب ًا ب�سبب �أنهن يح�سبن‬ ‫عندها ب�سن الزواج في بع�ض المناطق‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من ذلك‪ ،‬وو�سط هذه البيئة ال�صعبة‪،‬‬ ‫تمكنت م�ؤ�س�سة براك من تطوير نموذج مكّنها من التو�سع‬ ‫من ‪ 24‬مدر�سة عام ‪� 2002‬إلى ‪ 2,187‬مدر�سة اليوم‪ ،‬تدار‬ ‫من قبل �أبناء القرى التي تفتتح فيها‪ .‬ت�ضم هذه المدار�س‬ ‫حالي ًا حوالي ‪� 70‬أل��ف طالب في جميع �أنحاء البالد‪،‬‬ ‫‪ 80‬في المائة منهم من الإناث‪.‬‬ ‫ت�ستهدف م�ؤ�س�سة براك الفتيات ال�صغيرات اللواتي‬ ‫يع�شن في بيئات ريفية قليلة ال�سكان‪ ،‬وي�صعب الو�صول‬ ‫�إليها‪ ،‬ويعتبر �سكانها غالب ًا من غالة المحافظين‪ .‬وهي‬ ‫تعمل مع الفتيات اللواتي انقطعن عن المدر�سة �أو لم‬ ‫يذهبن �إليها على الإطالق‪ ،‬لينجزن في ثالث �سنوات ما‬ ‫يفتر�ض تعلمه في خم�س �سنوات من التعليم االبتدائي‪،‬‬ ‫ما ي�سمح ب�إعادة التحاقهن بالمدار�س النظامية للدولة‪.‬‬

‫‪61‬‬


Welfare Association Welfare Association is a non-profit organization established in Geneva, Switzerland in 1983 to support sustainable development and provide humanitarian relief to Palestinians. An independent development organization without political, partisan or factional affiliation; driven by the values of national commitment, independence and professionalism. Its scope of activities covers West Bank (including Jerusalem), Gaza Strip, 1948 Area, and Palestinian communities in Lebanon.

These programs help in improving the lives of more than one million Palestinians every year: • Old City of Jerusalem Revitalization • Early Childhood Development • Gaza Orphans’ Services • Community Based Rehabilitation • Youth Employment Services • Humanitarian Relief program • Food Security • The Palestinian Museum


‫زمن العطاء‬

‫ال�صورة في الأعلى‪ :‬ترفع الفتاة من‬ ‫دخلها ف��ي الم�ستقبل بن�سبة ‪ 20‬في‬ ‫المئة لقاء كل �سنة �إ�ضافية تنهيها في‬ ‫المدر�سة‪ ،‬وفق بيانات الأمم المتحدة‬

‫“أنا أشجع الفتيات األخريات‬ ‫اللواتي هن في مثل سني‬ ‫للذهاب إلى المدرسة والتعلم‪،‬‬ ‫ألن اهلل تعالى أمرنا بذلك”‬ ‫يقوم‪ ‬موظفو م�ؤ�س�سة براك البنغاليون بتدريب معلمة من‬ ‫كل قرية لتكون طليعية في قريتها‪ ،‬وتتلقى دفعة �صغيرة‬ ‫من المال �شهرياً‪ ،‬وه��و حل منخف�ض التكلفة لم�شكلة‬ ‫مكلفة‪ ،‬كما �أنه حل ي�سهم بتطوير مهارات �أبناء وبنات تلك‬ ‫المناطق وبقائهم فيها‪ .‬ت�ستغرق الدورة التدريبية المكثفة‬ ‫�أ�سبوعين‪ ،‬وعلى الرغم من �أنها تتم في مناطق نائية من‬ ‫البالد‪� ،‬إال �أن الخلفيات الثقافية والدينية لموظفي براك‬ ‫تجعلهم �أكثر قبو ًال في البيئات التي يعملون فيها‪.‬‬ ‫يقول �صالح ح��ول عمل الم�ؤ�س�سة‪�“ :‬سبب واحد‬ ‫يجعل نهجنا ناجح ًا للغاية‪ ،‬وهو�أننا نعمل بهدوء‪ ،‬وبدون‬ ‫�أن نظهر في ال�صورة �أحياناً‪ ،‬من �أجل تحقيق تغيير وا�سع‬ ‫النطاق وحقيقي في المجتمعات التي نعمل بها”‪.‬‬ ‫الإح�صاءات المتوفرة حول ن�سبة التعليم للإناث‬ ‫في �أفغان�ستان هي بحد ذاتها محبطة‪ .‬فح�سب بيانات‬

‫منظمة اليوني�سيف التابعة للأمم المتحدة‪ ،‬ال تتعدى‬ ‫ن�سبة الفتيات القادرات على القراءة والكتابة بين عمر‬ ‫الخام�سة ع�شرة والرابعة والع�شرون الـ ‪ 20‬بالمئة؛ وتهبط‬ ‫هذه الن�سبة للثلث في المناطق الريفية‪ .‬ت�أتي الممانعة‬ ‫لتعليم الفتيات م��ن جميع الأط� ��راف‪� ،‬إذ تقول مريم‬ ‫وهي معلمة في المدر�سة‪“ ،‬تكمن �إحدى التحديات في‬ ‫الح�صول على الإذن من الأ�سر نف�سها‪ ،‬كما �أني‪ ،‬على‬ ‫�سبيل المثال‪ ،‬قد قوبلت بعداء من �شيخ مدر�سة تقليدية‬ ‫ب�سبب تعليمي للفتيات”‪.‬‬ ‫ت�شعر مريم وزميالتها باالمتنان لدعم المجتمع‬ ‫لهن في الوقت الحا�ضر‪ :‬فح�ضور الطلبة يتزايد وينتظم‬ ‫ب�سبب البيئة التعليمية الم�شجعة‪ ،‬وتح�سن الح�صول على‬ ‫المواد والأدوات التعليمية‪.‬‬ ‫ت�أمل م�ؤ�س�سة براك �أن يكون تعليمها الفتيات مع‬ ‫بع�ضهن من �سن الخام�سة و�سيلة لدعم وت�شجيع بع�ضهن‬ ‫البع�ض لال�ستمرار في التعليم على الرغم من ال�ضغوط‬ ‫االجتماعية واالقت�صادية التي تدفعهن لعدم اال�ستمرار‪.‬‬ ‫تقول جميلة‪�“ ،‬أنا �أ�شجع الفتيات الأخريات اللواتي هن‬ ‫في مثل �سني للذهاب �إلى المدر�سة والتعلم‪ ،‬لأن اهلل‬ ‫تعالى �أمر بذلك”‪.‬‬ ‫تعتبر براك �أكبر م�ؤ�س�سة غير حكومية في العالم‪،‬‬ ‫تخرج من‬ ‫و�أكبر م�ؤ�س�سة عاملة في �أفغان�ستان‪ .‬وق��د ّ‬ ‫مدار�سها التي تدار ب�أيد محلية مايقارب الـ ‪� 240‬ألف‬ ‫طالب على مدى الإحدى ع�شرة �سنة الما�ضية‪ ،‬كان �أكثر‬

‫من ‪ 80‬في المئة منهم فتيات‪ .‬ي�شجع منهج م�ؤ�س�سة براك‬ ‫الطالب على التفكير الم�ستقل‪ ،‬وت ّدعي الم�ؤ�س�سة �أن‬ ‫خريجيها يتفوقون على �أقرانهم في المدار�س الحكومية‪.‬‬ ‫وتقول الطالبة جميلة‪�“ ،‬أعتقد �أن الذهاب �إلى‬ ‫المدر�سة �أمر مهم‪� ،‬إذ �أنني �س�أكون ق��ادرة على ك�سب‬ ‫الدخل‪ ،‬ما يجعلني قادرة على م�ساعدة �أ�سرتي مادي ًا”‪.‬‬ ‫ويبدو �أن ثقة جميلة في محلها‪� ،‬إذ �صرح بان كي مون‪،‬‬ ‫الأمين العام للأمم المتحدة م�ؤخرا في تو�صية كتبها‬ ‫حول �أهمية التعليم للبنات‪� ،‬أن كل �سنة �إ�ضافية تنهيها‬ ‫الفتاة في المدر�سة �ستزيد من دخلها في الم�ستقبل‬ ‫بن�سبة ‪ 20‬في المئة‪.‬‬ ‫وم��ن جانبه‪ ،‬ي��ؤك��د �صالح‪�“ ،‬إن ه���ؤالء الأط�ف��ال‬ ‫ال�شجعان والطموحين ق��د ات �خ��ذوا خ �ط��وات جريئة‬ ‫من �أج��ل �صنع م�ستقبل �أف�ضل لأنف�سهم ولعائالتهم‪،‬‬ ‫وعلينا دعمهم”‪.‬‬ ‫تهدف م�ؤ�س�سة ب��راك على مدى ال�سنوات الأرب��ع‬ ‫المقبلة‪� ،‬إل��ى تعليم ‪� 120‬أل��ف طفل في �أفغان�ستان _‬ ‫معظمهم من الإناث _ وذلك بفتح �أربعة �آالف مدر�سة‬ ‫محلية �أخ ��رى‪ .‬تبلغ ميزانية ه��ذه المبادرة ‪ 20‬مليون‬ ‫دوالر‪ ،‬وي�أتي معظم التمويل من �شركاء م�ؤ�س�سة براك‬ ‫في التنمية‪ .‬وعلى كل‪� ،‬سوف ت�ضطر الم�ؤ�س�سة �إلى جمع‬ ‫المزيد من الموارد �إذا ما �أرادت تحقيق �أهدافها بالكامل‪.‬‬ ‫من خالل عملها هذا‪ ،‬ت�أمل م�ؤ�س�سة براك �أن تمكن‬ ‫الفتيات مثل جميلة و�أ�سمرا من تحقيق طموحاتهن _‬ ‫ترغب واحدة منهما �أن ت�صبح معلمة‪ ،‬والثانية طبيبة‪.‬‬ ‫يعتبر التعليم الأ�سا�سي بالن�سبة لأ�سمرا‪ ،‬الخطوة الأولى‬ ‫لمزيد من الفر�ص‪ ،‬وفي هذا الإطار تقول‪ ،‬ونظرتها توحي‬ ‫بر�ؤيتها لم�ستقبل �أكثر �إ�شراقاً‪�“ ،‬أعتقد �أن الذهاب �إلى‬ ‫المدر�سة مهم لأنه �سوف يفتح �أعيننا”‪n .‬‬

‫‪63‬‬


‫زمن العطاء‬

‫ك��وي��ن�����س��ي ج���ون���ز وم���اي���ك���ل ج��اك�����س��ون‬

‫خ�ل�ال ح��ف��ل ت��وزي��ع ج��وائ��ز “غرامي”‬

‫للمو�سيقى ف��ي ال��ع��ام ‪ .1994‬ت�شارك‬ ‫الفنانان في الكثير من الأع��م��ال‪ ،‬كان‬ ‫من �أهمها العمل الخيري الذي نتج عنه‬ ‫�أغنية ‪ ،We Are The World‬والتي‬ ‫حطمت �أرقاماً قيا�سية في مبيعاتها‬

‫‪64‬‬


‫زمن العطاء‬

‫حي‬ ‫من ّ‬ ‫المهمـشين‬ ‫إلى النجومية‬ ‫على مدى العقود ال�ستة الما�ضية‪ ،‬نجح �أ�سطورة الإنتاج المو�سيقي كوين�سي جونز في‬ ‫جمع مئات الماليين من الدوالرات لم�ساعدة المحتاجين في �أرجاء العالم‪ ،‬وخا�ص ًة من‬ ‫خالل �أغنية «نحن العالم» (‪ )We Are The World‬التي تعد �أغنية البوب الأكثر مبيع ًا‬ ‫ي�شبه كوين�سي جونز الإح�سان‬ ‫على مر الع�صور‪ .‬وفي هذه المقابلة مع �أن��درو وايت ّ‬ ‫بالمو�سيقى‪ ،‬فكالهما ينبعان من الروح‬

‫“ال‬

‫�أعتبر نف�سي من المح�سنين”‪ ،‬هذا ما يقوله‬ ‫كوين�سي جونز‪ ،‬وهو يحت�سي الماء الف ّوار‬ ‫ويغرق في كر�سيه الوثير متفكراً‪�“ .‬أفهم‬ ‫معنى هذه الكلمة‪ ،‬لكنني ال �أ�شعر ب�أنها ت�صفني‪ .‬فال �أرى‬ ‫نف�سي �إال كما �أنا‪ ،‬ولطالما كنت �أهتم بالنا�س طوال حياتي‬ ‫لأنني ال �أرغب لأي �شخ�ص �أن يمر بما قا�سيته”‪.‬‬ ‫قبل المو�سيقى والثروة بعقود‪ ،‬وقبل ‪ 79‬تر�شيح ًا‬ ‫و ‪ 27‬فوز ًا بجائزة “غرامي” لتقدير المو�سقيين‪ ،‬وقبل‬ ‫مايكل جاك�سون وحفلة ‪ Live Aid‬و�أغنية البوب الأميركية‬ ‫الأ�سرع مبيع ًا في التاريخ‪ ،‬عانى كوين�سي جونز من‬ ‫الفقر‪ .‬و الآن‪ ،‬وفي نهاية عقده الثامن‪ ،‬يجل�س جونز‬ ‫ٍ‬ ‫عالم‬ ‫في‬ ‫م�شرب فخم في �أحد �أرقى فنادق دبي‪ ،‬في ٍ‬ ‫مختلف تمام ًا عن ذلك الذي ن�ش�أ فيه‪ .‬لكن ذكريات‬ ‫الما�ضي ما تزال حا�ضرة في ذهنه‪ ،‬فهو يتذكر الك�ساد‬ ‫العظيم في �أميركا وطفولته في زمن الع�صابات في‬ ‫�شيكاغو‪ ،‬والتي كانت ن�سخة حقيقية تفي�ض بالرعب‬ ‫كما قد نقر�أه في روايات الجريمة المنظمة‪.‬‬ ‫نجار الع�صابة”‪،‬‬ ‫لقد �شهد جونز الفتي‪ ،‬وهو ابن “ ّ‬ ‫وحفيد لأح��د الرقيق من حو�ض الم�سي�سيبي‪ ،‬الكثير‬ ‫من الأح��داث القاتمة‪ ،‬وانطبعت في ذاكرته م�شاهد‬ ‫من “جثث الموتى والبنادق ن�صف الآلية ولفائف من‬

‫ال�سيجار الرخي�ص ورزم من النقود”‪ .‬وجعلت هذه‬ ‫الأم ��ور الفتى ع��ازم على �أن ي�ح��اول تجنيب ال�شباب‬ ‫في �أحياء ال�سود الفقيرة ق�سوة الحياة �إذا �أتيحت له‬ ‫الفر�صة‪ .‬يقول جونز‪“ :‬تجد في كل مجتمع هرم ًا ب�شري ًا‬ ‫قاعدته من المعدمين الذين يعانون �شظف العي�ش‪،‬‬ ‫من جنوب �إفريقيا و�أميركا الجنوبية �إلى �آ�سيا وال�شرق‬ ‫الأو�سط‪ .‬وال يختلف ذلك كثير ًا عما ع�شته في �شوارع‬ ‫�شيكاغو خ�لال الك�ساد العظيم‪ .‬فمن ال�صعب جد ًا‬ ‫�أن ين�ش�أ المرء فقيراً‪� ،‬سواء كان ذلك في �شيكاغو �أو‬ ‫ال�سعودية �أو اليمن‪ .‬لذا يجدر بك‪� ،‬إن كنت مقتدراً‪� ،‬أن‬ ‫ت�ساعد �أولئك النا�س للنهو�ض على �أقدامهم”‪.‬‬ ‫وال �شك �أن ما �أنتجه جونز في حياته من مو�سيقى‬ ‫لطالما �أوقف النا�س على �أقدامها احترام ًا وتقديراً‪.‬‬ ‫غير هذا المنتج الأ�سطوري وجه‬ ‫فطوال �ستة عقود‪ّ ،‬‬ ‫�صناعة المو�سيقى الأميركية ب ��أغ� ٍ‬ ‫�ان هيمنت على‬ ‫�صاالت الرق�ص مثل ‪ Billie Jean‬و ‪ Beat it‬و ‪Don’t Stop‬‬ ‫ضال عن كونه �أول �أميركي‬ ‫‪ ،Til You Get Enough‬ف� ً‬ ‫�أف��ري�ق��ي ي�شغل من�صب ال�م��دي��ر التنفيذي لإح��دى‬ ‫�شركات الت�سجيالت الكبرى‪.‬‬ ‫ومن خالل عمله كمو�سيقار جاز وم��وزع �أغاني‬ ‫ومنتج مو�سيقي وتلفزيوني‪ ،‬ورجل �أعمال‪ ،‬ق ّدم جونز‬

‫‪65‬‬


‫زمن العطاء‬

‫للعالم عدد ًا من الأ�سماء التي �أ�صبحت فيما بعد نجوم ًا‬ ‫ب��ارزة‪ ،‬مثل �أوب��را وينفري و ويل �سميث‪ ،‬واختار ت�سع‬ ‫� ٍ‬ ‫أغان “من بين نحو ‪ ”800‬لتكون �ضمن �ألبوم ‪Thriller‬‬ ‫للمغني مايكل جاك�سون‪ ،‬والذي �أ�صبح الألبوم الأكثر‬ ‫مبيع ًا ف��ي ال�ت��اري��خ‪� .‬أم ��ا ف��ي م�ج��ال جمع التبرعات‬ ‫الخيرية والن�شاط االجتماعي‪ ،‬وحتى الإح�سان الذي‬ ‫ال يعترف ب�أنه من �أهله‪ ،‬فقد كان �أثر جونز �أكبر مما‬ ‫يمكن قيا�سه‪.‬‬ ‫ويتحدث جونز عن ذل��ك قائالً‪“ :‬العطاء هو في‬ ‫�صلب كياني‪ ،‬كما هي المو�سيقى‪� ،‬إن��ه �إح�سا�س ولي�س‬ ‫تفكيراً‪ .‬فا�ستجابة الب�شر العاطفية للمو�سيقى يجعلها‬ ‫و�سيلة رائعة للو�صول �إلى النا�س ودفعهم لعمل الخير‪.‬‬ ‫لقد �سافرت �أكثر من �أي �شخ�ص �آخر تعرفه‪ ،‬ور�أيت نف�س‬ ‫ال�شيء في جميع �أنحاء العالم”‪.‬‬ ‫وقد �أتقن جونز تلك اال�ستجابة الفطرية ب�أو�ضح‬ ‫تجلياتها عام ‪ ،1985‬عندما �شكّل مجموعة النجوم ‪USA‬‬ ‫و�سجل لها �أغنية ‪ ،We Are The World‬التي‬ ‫‪ّ for Africa‬‬ ‫�أ�صبحت �أغنية البوب الأميركية الأ��س��رع مبيع ًا على‬ ‫مر الع�صور‪ ،‬حيث باعت �أكثر من ‪ 20‬مليون ن�سخة‪،‬‬ ‫وجمعت �أكثر من ‪ 63‬مليون دوالر لإغاثة �أثيوبيا التي‬ ‫كانت تتعر�ض لمجاعة‪ ،‬وهو مبلغ تعادل قيمته اليوم ‪140‬‬ ‫مليون دوالر‪ .‬و�شارك في تلك الأغنية نجوم كبار مثل‬ ‫مايكل جاك�سون وراي ت�شارلز وبوب ديالن و�ستيفي وندر‬ ‫و�سموكي روبن�سن‪ .‬وكما ا�ستجاب العالم لتلك الأغنية‪،‬‬ ‫كذلك فعلت الحكومة الأميركية التي تعهدت بتقديم‬ ‫م�ساعدات بقيمة ‪ 800‬مليون دوالر لذلك البلد الإفريقي‬ ‫المنكوب ب�سبب الجفاف‪.‬‬ ‫وعن ذلك يقول جونز‪“ :‬لقد انتقلت �أغنية ‪We Are‬‬ ‫‪ The World‬بالعالم من فلك ‘الأنا’ �إلى ‘نحن و هم’”‪ .‬وهو‬ ‫بنية طيبة‬ ‫ي�صر على �أن النجوم �شاركوا في تلك الأغنية ّ‬ ‫و�إل�ت��زام‪ ،‬بعيد ًا عن الح�سا�سيات الذاتية‪ .‬ب��د�أ ت�سجيل‬ ‫تلك الأغنية في ال�صباح الباكر‪ ،‬في اليوم التالي لحفل‬ ‫جوائز المو�سيقى الأميركية في ذلك العام‪ ،‬والذي ا�ستمر‬ ‫لكن جونز ي�شهد ب�أن �أي ًا من‬ ‫حتى وقت مت�أخر من الليل‪ّ .‬‬ ‫النجوم لم يت�أخر �أو يتثاقل‪.‬‬ ‫يقول جونز‪“ :‬ال مكان للغرور �أو ح� ّ�ب ال��ذات في‬ ‫مجموع ٍة مثل تلك‪ .‬فقد ج��اء ه ��ؤالء النجوم ليروا ما‬ ‫بو�سعهم فعله لم�ساعدة ن��ا���س ف��ي محنة‪ ،‬ول��م �أج��د‬ ‫�أي �صعوبة مع �أي منهم رغ��م تنوع �أ�ساليب حياتهم‪،‬‬ ‫فقد و�صل ب��رو���س �سبرينج�ستن ف��ي �شاحنة �صغيرة‪،‬‬ ‫وج��اءت ديانا رو�س في �سيارة ليموزين‪ ،‬لكنهم جميع ًا‬ ‫�أتوا لتقديم الم�ساعدة”‪.‬‬ ‫�أعاد جونز تقديم الأغنية ذاتها من جديد بعد ‪25‬‬ ‫عاماً‪ ،‬بهدف جمع التبرعات ل�ضحايا زلزال هايتي عام‬ ‫‪ ،2010‬وال��ذي �أودى بحياة �أكثر من ‪� 100‬أل��ف �شخ�ص‬ ‫وت�سبب في ت�شريد نحو ‪ 3‬ماليين �آخرين‪ .‬وبعد ذلك‬

‫‪66‬‬

‫ترك كوين�سي جونز �أثراً في حياة الماليين‬ ‫حول العالم‪� ،‬إن كان من خالل عمله كمنتج‬ ‫مو�سيقي وتلفزيوني �أو نا�شط �إجتماعي �أو‬ ‫رائد في العمل الخيري والإن�ساني‬

‫“العطاء بالنسبة لي هو في صلب‬ ‫كياني‪ ،‬كما هي الموسيقى‪ ،‬إنه‬ ‫إحساس وليس تفكير ًا”‬ ‫بعام‪ ،‬عمل جونز مع عدد من �أبرز نجوم الغناء في ال�شرق‬ ‫الأو�سط لإط�لاق الأغنية الخيرية “ ُبكرا”‪ .‬وكانت تلك‬ ‫الأغنية من بنات �أفكار جونز وبدر جعفر‪ ،‬رائد الأعمال‬ ‫االجتماعية الإماراتي‪ ،‬حيث جمعت ‪ 24‬فنان ًا من ‪ 16‬دولة‬ ‫في منطقة ال�شرق الأو�سط و�شمال �إفريقيا‪ ،‬ونجحت‬

‫في جمع الماليين من الدوالرات لبرامج تطوير الثقافة‬ ‫والفنون في �أرجاء المنطقة‪.‬‬ ‫وي�ضيف جونز‪“ :‬لقد �أنتجنا �أغنية ‘ ُبكرا’ لنقدم‬ ‫جميع عائداتها للأطفال والمدار�س في ال�شرق الأو�سط‪.‬‬ ‫وقد �أحببت ه��ؤالء الأطفال ال�صغار [الفنانين] كثيراً‪،‬‬ ‫وكنت �أري��د منهم التوقف عن العبث وتوجيه الكالم‬ ‫الم�سيء لبع�ضهم البع�ض‪ ،‬والبدء في الغناء”‪.‬‬ ‫ي�صر جونز � ّأن‬ ‫وعلى الرغم من هذا النجاح‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الم�شهد المو�سيقي قد تغير كثير ًا في العقود التي مرت‬ ‫منذ �أغنية ‪ We Are The World‬وحتى �أغنية “ ُبكرا”‪،‬‬ ‫وكذلك فقد تغير م�شهد جمع التبرعات‪ .‬ويو�ضح ذلك‬ ‫قائالً‪“ :‬لقد �أ�صبح ت�شجيع النا�س على العطاء �أ�صعب‬ ‫بكثير‪ ،‬لأن الأغنياء �أ�صبحوا هدف ًا دائم ًا للعديد من‬


‫زمن العطاء‬

‫ال�������ص���ورة �أل������ى الأ�����س����ف����ل‪ :‬ت��ج��م��ع‬ ‫م�ؤ�س�سة كوين�سي جونز التبرعات‬ ‫وت��رف��ع ال��وع��ي ف��ي �سبيل تح�سين‬ ‫�صحة وعافية الأطفال حول العالم‬

‫“البابا و بونو والسير بوب وأنا”‬ ‫الأط��راف التي تطلب منهم تقديم الم�ساعدة‪ .‬فال‬ ‫يتطلب الأمر الكثير من الذكاء �أو الموهبة للذهاب‬ ‫�إلى �شخ�ص غني ومحاولة الح�صول على بع�ض المال‬ ‫منه‪ ،‬وهو ما يجعل الح�صول على المال لأ�سباب مقنعة‬ ‫فع ًال تحدي ًا حقيقي ًا”‪.‬‬ ‫والحق � ّأن جونز �أم�ضى حياته في جمع التبرعات‬ ‫لق�ضايا مح ّقة فعالً‪ .‬واليوم‪ ،‬ومن خالل م�ؤ�س�سته الخيرية‬ ‫(م�ؤ�س�سة كوين�سي جونز)‪ ،‬يحاول جونز رفع الوعي وجمع‬ ‫الموارد المالية الالزمة للمبادرات التي تخدم ق�ضايا‬ ‫الطفولة في العالم‪ ،‬مثل حماية الأط�ف��ال في مناطق‬ ‫النزاعات والق�ضاء على المالريا وتوفير المياه النظيفة‪.‬‬ ‫وق��د �أطلق �أي�ض ًا م�ؤ�س�سة بروجكت كيو “‪،”Project Q‬‬ ‫وهي مبادرة م�شتركة مع كلية هارفارد لل�صحة العامة‪،‬‬ ‫ويعمل من خاللها مع منظمات غير حكومية‪ ،‬من بينها‬ ‫منظمة اليوني�سيف‪ ،‬من �أجل تح�سين �صحة الماليين من‬ ‫الأطفال في البلدان النامية في قارتي �إفريقيا و�آ�سيا‪.‬‬

‫ي� � � �ق � � ��ول‬ ‫جونز‪“ :‬تحتاج‬ ‫�أن ت�ن���ش��ئ م�ؤ�س�سة‬ ‫�إذا كنت تريد للعمل �أن ي�ستمر من بعدك‪ ،‬و�أنا �أريد �أن‬ ‫ي�ستمر العمل من بعدي زمن ًا طويالً‪ .‬ويجب �أن تنظر‬ ‫�إليها ك�شركة �أو عملية ع�سكرية‪ ،‬فال بد من �إدارتها بتلك‬ ‫الطريقة‪ ،‬و�إال فلن تكون مميز ًا فيما تفعل”‪.‬‬ ‫ويختتم جونز حديثه ق��ائ�لاً‪“ :‬ال �أري ��د البدء‬ ‫بم�شروع ال ي�ستمر م��ن ب�ع��دي‪ ،‬وي�شاركني ف��ي هذه‬ ‫الرغبة ك ّل من �أعمل معهم‪ .‬توجد م�ؤ�س�سات خيرية‬ ‫كبيرة في العالم‪ ،‬ال �أريد ت�سميتها‪ ،‬تخ�ص�ص ‪ 48‬بالمئة‬ ‫من ميزانياتها للنفقات الإدارية‪ ،‬و�أرى في ذلك خط�أ‬ ‫كبيراً‪� .‬إذ يكفي �أن تنفق ما بين ‪� 3‬إلى ‪ 5‬بالمئة فقط‬ ‫على الأعمال الإداري ��ة وتخ�ص�ص معظم ميزانيتك‬ ‫لأعمال الإغاثة وم�ساعدة المحتاجين‪ ،‬وتوفير �شيء‬ ‫من الأمل والحياة الكريمة لهم”‪n .‬‬

‫“أنت بحاجة إلنشاء مؤسسة إذا كنت تريد للعمل أن يستمر‬ ‫من بعدك‪ ،‬وأنا أريد أن يستمر العمل من بعدي زمن ًا طوي ً‬ ‫ال”‬

‫ي�ستعيد جونز بع�ض ذكرياته قائالً‪“ :‬التقيت مع‬ ‫قدمنا حفل ‪ Live Aid‬عام ‪ 1985‬و�أغنية‬ ‫بونو عندما ّ‬ ‫‪ ،We Are The World‬وحينها لم نكن ندرك تمام ًا‬ ‫ما يجب علينا فعله‪ ،‬وارتكبنا العديد من الأخطاء‪.‬‬ ‫على �سبيل المثال‪� ،‬أر�سلنا م�ساعدات غذائية بقيمة‬ ‫مليون دوالر �إل��ى �إثيوبيا قبل ان��دالع ن��زاعٍ م�سلح‬ ‫بينها وبين �أريتريا [في مايو ‪ ،]1998‬ولم يكن لدينا‬ ‫� ّأي فكرة عن الظروف ال�سيا�سية في تلك المنطقة‪،‬‬ ‫وانتهى الأم��ر بف�ساد تلك الأغ��ذي��ة‪ ،‬بعد �أن ُتركت‬ ‫مرمية لمدة �أربعة �أيام في �أحد الحقول”‪.‬‬ ‫ويتابع جونز‪“ :‬عندها ق��ال بونو ‘لقد حان‬ ‫الوقت لنتعلم العمل بطريقة �صحيحة’‪ ،‬قدمنا‬ ‫�أنف�سنا لجميع الأطراف‪ ،‬وجميع ر�ؤ�ساء الدول على‬ ‫هذا الكوكب‪ ،‬حتى ال�سيئين منهم‪ ،‬وفعلنا ما كان‬ ‫عام من ذلك‪ ،‬ذهبنا مع‬ ‫يجب علينا فعله‪ .‬وبعد ٍ‬ ‫ال�سير بوب جيلدوف �إلى قلعة غاندولفو (م�صيف‬ ‫الفاتيكان)‪ ،‬لنجتمع مع البابا يوحنا بول�س الثاني‬ ‫كجزء من الوفد الم�شارك في احتفاالت يوبيل عام‬ ‫‪ 2000‬من �أجل �إنهاء ديون العالم الثالث”‪.‬‬ ‫“و�أ�سفرت زيارتنا عن �شطب ‪ 27‬مليار دوالر‬ ‫من دي��ون العالم الثالث‪ ،‬ا�ستفادت منها بوليفيا‬ ‫وموزمبيق و�ساحل العاج‪ .‬وما زلت �أحتفظ ب�صورة‬ ‫لذلك اللقاء تجمعني مع البابا و بونو و ال�سير بوب‪.‬‬ ‫لقد كانت زيارة جميلة وناجحة”‪.‬‬

‫‪67‬‬


‫زمن العطاء‬

‫قرن من العطاء‬ ‫ٌ‬

‫على مدى المئة عام الما�ضية‪ ،‬نمت م�ؤ�س�سة روكفلر من منظمة �صغيرة تديرها العائلة‬ ‫�إلى رمز عالمي من رموز الخير والعطاء‪ .‬فماذا يحمل القرن المقبل لهذه الم�ؤ�س�سة؟‬ ‫‪:‬ملقب �أدريان �سيرنيجوي‬

‫لع ّل‬

‫القا�سم الم�شترك بين لقاح الحمى‬ ‫ال�صفراء‪ ،‬و�ألبرت �آين�شتاين‪ ،‬وفر�ص‬ ‫ال �ع �م��ل ف ��ي ت�ك�ن��ول��وج�ي��ا ال�م�ع�ل��وم��ات‬ ‫واالت�صاالت المخ�ص�صة لل�شباب المهم�ش في �أحياء‬ ‫نيروبي الفقيرة‪ ،‬لي�س وا�ضح ًا للعيان من �أول وهلة‪.‬‬ ‫غير �أن��ه‪ ،‬بالن�سبة لم�ؤ�س�سة روكفلر الخيرية‪ ،‬والتي‬ ‫لعبت دور ًا مهم ًا في تطوير ونجاح الثالثة ‪ ،‬فال�صلة‬ ‫وا�ضحة‪� ،‬إنها‪ :‬االبتكار‪.‬‬ ‫على مدى المئة عام الما�ضية‪ ،‬تحولت م�ؤ�س�سة‬ ‫روكفلر من منظمة �صغيرة تديرها العائلة �إلى رمز عالمي‬ ‫من رموز الخير والعطاء‪ .‬فبعد ت�أ�سي�سها عام ‪ 1913‬على‬ ‫يد ال�صناعي ورجل النفط الأميركي جون د‪ .‬روكفلر‪،‬‬ ‫�سرعان ما تبلورت قيمها العليا في �ضرورة ا�ستخدام‬ ‫الفرد لثروته من �أجل تحقيق المنافع للآخرين‪ ،‬لكن‬ ‫بطريقة تتجاوز مجرد التبرع �أو الإح�سان‪.‬‬ ‫ك��ان روكفلر مقتنع ًا بتمويل م�ب��ادرات جريئة‪،‬‬ ‫وا�ضحة وفعالة ال ي�ضيع فيها �أي دوالر‪ .‬ومنذ تقديمها‬ ‫منحتها الأولى بقيمة ‪� 100‬ألف دوالر لل�صليب الأحمر‬ ‫الأميركي‪ ،‬بقيت الم�ؤ�س�سة على مدى قرن في طليعة‬ ‫ال��داع�م�ي��ن لل�صحة‪ ،‬والتعليم‪ ،‬وال�ب�ح��وث الطبية‬ ‫وال��زراع�ي��ة‪ .‬وت�ج��اوز �إجمالي الهبات التي قدمتها‬ ‫الم�ؤ�س�سة خالل هذه الفترة ما قيمته الـ ‪ 14‬مليار‬ ‫دوالر‪ُ ،‬منحت لخدمة مجموعة وا�سعة من القطاعات‪،‬‬ ‫بدء ًا بالعلم وال�صحة العامة‪ ،‬مرور ًا بالآداب والعلوم‬ ‫االجتماعية‪ ،‬و�صو ًال �إلى البحوث الزراعية‪.‬‬

‫‪68‬‬

‫وا�س ُتثمرت هذه الهبات في �أمور كان للكثير منها‬ ‫وقع بالغ الأهمية على م�ستوى العالم‪ .‬ففي العام ‪،1935‬‬ ‫�أتاح التمويل المقدم من م�ؤ�س�سة روكفلر تحقيق تقدم في‬ ‫تطوير لقاح لمر�ض الحمى ال�صفراء الذي ينتقل بوا�سطة‬ ‫البعو�ض وي�سبب نزيف ًا داخلي ًا في ج�سم الإن�سان وتلف ًا في‬ ‫�أن�سجة الكبد والكليتين‪ .‬بعد ذلك ب�سنوات قليلة‪ ،‬وفي‬ ‫�أوائ��ل الأربعينات من القرن الما�ضي‪ ،‬م ّولت الم�ؤ�س�سة‬ ‫برامج زراعية في المك�سيك‪ ،‬لتطلق بذلك حرك ًة عرفت‬ ‫فيما بعد بالثورة الخ�ضراء‪ ،‬والتي �ساهمت في نهاية‬ ‫المطاف في �إنقاذ حياة �أكثر من مليار �شخ�ص حول‬ ‫العالم‪ .‬ولعل الإ�سهام الأكثر �شهرة للم�ؤ�س�سة كان عندما‬ ‫�أر�سل ال�شاب �آين�شتاين طلب ًا للح�صول على ‪ 500‬دوالر‬ ‫من الم�ؤ�س�سة‪ ،‬فبادر روكفلر بنف�سه �إلى القيام بمغامرة‬ ‫مح�سوبة‪� ،‬إذ قال عمالق �صناعة النفط عندئذ‪“ :‬لنعطه‬ ‫‪ 1,000‬دوالر‪ ،‬فقد يكون مقب ًال على تحقيق � ٍ‬ ‫إنجاز ما”‪.‬‬ ‫تقول جوديث رودن‪ ،‬التي تتولى من�صب رئي�س‬ ‫م�ؤ�س�سة روكفلر منذ ال�ع��ام ‪“ :2005‬بحلول الذكرى‬

‫المئوية‪ ،‬قمنا بمراجعة تاريخ الم�ؤ�س�سة و�إنجازاتها لكي‬ ‫نبلور فكرة وا�ضحة عن دواف��ع نجاحنا‪ .‬وك��ان �أه��م ما‬ ‫ا�ستنتجناه هو �أن خو�ض المخاطر كان جزء ًا ال يتجز�أ‬ ‫من كافة ن�شاطاتنا”‪.‬‬ ‫وم�ضت تقول‪“ :‬خالف ًا لأ�سلوب عمل الحكومات‪،‬‬ ‫نحن ال نعي�ش �أو نموت على �صناديق االقتراع �أو بانتظار‬ ‫االنتخابات المقبلة‪ .‬وعلى عك�س �شركات الأع�م��ال‪ ،‬ال‬ ‫نقي�س نجاحنا بالأرباح الف�صلية‪ .‬في الحقيقة‪ ،‬يمكنني‬ ‫القول ب�أن تبني المخاطر يمثل �أحد ال�سبل التي ن�ضع بها‬ ‫�أنف�سنا‪ ،‬نحن العاملون في الم�ؤ�س�سات الخيرية‪ ،‬في موقع‬ ‫الم�ساءلة �أمام م�ساهمينا”‪.‬‬ ‫لقد م ّولت م�ؤ�س�سة روكفلر حتى الآن ما ال يقل عن‬ ‫‪� 220‬شخ�ص ًا فازوا بجائزة نوبل في �أوقات الحقة‪� ،‬سواء‬ ‫كان كل تمويل منهم يمثل مخاطرة في حينه �أم ال‪ .‬تقول‬ ‫رودن‪“ :‬الو�سيلة المثلى ل�صقل مهارات الريادة هي بناء‬ ‫القدرة على ر�ؤي��ة ما وراء المنعطفات‪ ،‬ر�ؤي��ة ت�صاعد‬ ‫ال��زخ��م‪ ،‬و�إي �ج��اد طريقة جيدة لتروي�ض ه��ذا الزخم‬

‫“تبني المخاطر يمثل أحد السبل التي نضع بها أنفسنا‪ ،‬نحن‬ ‫العاملون في المؤسسات الخيرية‪ ،‬في موقع المسؤولية‬ ‫أمام مساهمينا”‬


‫زمن العطاء‬

‫ج���ون د‪ .‬روك��ف��ل��ر‪ ،‬ب�����ارون ال��ن��ف��ط ورج���ل‬ ‫ال�صناعة الأميركي الذي �أعطى �إ�سمه عام‬ ‫‪ 1913‬للم�ؤ�س�سة التي �أ�صبحت �أيقونة‬ ‫في عالم الخير والعطاء حول العالم‬

‫‪69‬‬


‫زمن العطاء‬

‫ثورة رقمية؟‬ ‫ف��ي مايو م��ن ع��ام ‪� 2013‬أطلقت م�ؤ�س�سة روكفلر‬ ‫مبادرة “الوظائف الرقمية في �أفريقيا” على مدى‬ ‫�سبع ��س�ن��وات بتكلفة ‪ 97‬م�ل�ي��ون دوالر �أم�ي��رك��ي‪.‬‬ ‫وي�ستهدف البرنامج ال�شباب من الفئات المهم�شة‬ ‫من الحا�صلين على �شهادة التعليم الثانوي‪ ،‬لكن‬ ‫لم يكملوا درا�ستهم‪ ،‬وذلك في كل من كينيا وغانا‬ ‫وجنوب �أفريقيا‪ ،‬على �أن ينطلق البرنامج قريب ًا في‬ ‫م�صر‪ ،‬والمغرب‪ ،‬ونيجيريا‪.‬‬ ‫تعمل ه��ذه المبادرة بالتعاون مع م�ؤ�س�سات‬ ‫محلية على توفير التدريب له�ؤالء ال�شباب في مجال‬ ‫تقنية المعلومات واالت�صاالت‪ .‬وتتمتع كل من الدول‬ ‫ال�ست بوجود قطاعات خدمات متنامية مع �إمكانيات‬ ‫واعدة لنمو قطاع تكنولوجيا المعلومات واالت�صاالت‬ ‫_ وهو ما ت�أمل م�ؤ�س�سة روكفلر بتوظيف طالبها فيه‪.‬‬ ‫وعلى �سبيل المثال‪ ،‬يقول بيتاي‪“ :‬يبلغ حجم �أعمال‬ ‫قطاع الخدمات في المغرب ‪ 80‬مليار دوالر‪� ،‬أي ما‬ ‫يعادل ن�صف ناتجه المحلي‪ .‬وهكذا ت�صبح تقنية‬ ‫المعلومات واالت�صاالت محرك حقيقي للتنمية”‪.‬‬ ‫ومن خالل العمل الوثيق مع م�ؤ�س�سات القطاع‬ ‫الخا�ص والحكومي ومنظمات المجتمع المدني‪ ،‬تعمل‬ ‫مبادرة “الوظائف الرقمية في �أفريقيا” ك�صلة و�صل‬ ‫بين المتدربين و�أرب��اب العمل‪ ،‬من خالل ما ي�سمى‬ ‫“تعهيد الت�أثير”‪� ،‬أي ت�شجيع كبرى �شركات البيانات‬ ‫على تعهيد م�شاريعها �إلى مراكز متخ�ص�صة توظّ ف‬ ‫ل��دي�ه��ا ال���ش�ب��اب م �ح��دودي ال��دخ��ل م�م��ن يتمتعون‬ ‫ب�إمكانيات وطاقات عالية‪.‬‬ ‫وقد �إنبثقت هذه المبادرة من م�شروع م ّولته‬ ‫م�ؤ�س�سة روكفلر ونفذته م�ؤ�س�سة “�ساما�سور�س”‬ ‫الأميركية غير الربحية‪ ،‬والتي تولت تدريب ‪ 3,700‬من‬ ‫ال�شباب و� ّأهلتهم للعمل في م�شاريع تقنية المعلومات‬ ‫والإت �� �ص��االت ف��ي الهند‪ ،‬وغ��ان��ا‪ ،‬كينيا‪ ،‬و�أوغ �ن��دا‪،‬‬ ‫ح�سن ‪ 89‬بالمئة من‬ ‫وهايتي‪ .‬ووفق ًا للم�ؤ�س�سة‪ ،‬فقد ّ‬ ‫الخريجين �أو�ضاعهم‪� ،‬أو انتقلوا �إلى �أعمال �أف�ضل‪� ،‬أو‬ ‫وا�صلوا م�سيرتهم التعليمية نحو مراحل �أعلى‪.‬‬ ‫ترتفع معدالت البطالة في منطقة ال�شرق‬ ‫الأو�سط و�شمال �أفريقيا‪ ،‬ونمو الوظائف الجديدة‬ ‫ال يواكب التزايد ال�سريع في �أعداد ال�شباب‪ .‬ومن‬ ‫خالل تزويد ال�شباب بالمهارات التقنية والعملية‬ ‫وت�أهيلهم لخو�ض غمار العمل الحقيقي‪ ،‬يهدف‬ ‫ب��رن��ام��ج “الوظائف الرقمية ف��ي �أفريقيا” �إل��ى‬ ‫تح�سين الفر�ص االجتماعية واالقت�صادية لنحو‬ ‫مليون عامل وعائالتهم‪.‬‬

‫‪70‬‬

‫ال�����ص��ورت��ان �إل����ى الأع���ل���ى‪ ،‬م���ن ال��ي��م��ي��ن‪ :‬بع�ض والإحاطة به ورك��وب الموجة”‪.‬‬ ‫الم�شاركين والم�شاركات ف��ي م��ب��ادرة الوظائف وت �� �ض �ي��ف‪“ :‬كل ال�م��ؤ��س���س��ات‬ ‫الرقمية في �أفريقيا؛ تقوم جوديث رودن بقيادة الخيرية تتمتع بو�ضع ي�ؤهلها‬ ‫م�ؤ�س�سة روكفلر منذ العام ‪2005‬‬ ‫لخو�ض المخاطر‪ ،‬لكننا دفعنا‬ ‫الأم ��ور خطوة �أب�ع��د‪� .‬إذ نعتبر‬ ‫قبول المخاطر جزء ًا قائم ًا في‬ ‫نظام عملنا‪ ،‬وهو ما يتيح لنا �أن نكون �أكثر مرونة”‪.‬‬ ‫هذه المرونة مت�أ�صلة في منهج الم�ؤ�س�سة‪ .‬فكل‬ ‫تمر ب��أرب��ع م��راح��ل‪ ،‬ه��ي‪ :‬الفح�ص‪ ،‬والبحث‪،‬‬ ‫م�ب��ادرة ّ‬ ‫والتطوير‪ ،‬ثم التنفيذ‪ .‬وتمكن هذه المراحل من البحث‪،‬‬ ‫وفهم تام لإحتماالت الت�أثير‪ ،‬وتنفيذ م�شروعات تجريبية‪،‬‬ ‫كما تتيح �إع ��ادة �ضبط البرنامج قبل دخ��ول��ه مرحلة‬ ‫التنفيذ الكامل‪ .‬وت�ؤكد رودن‪“ :‬لطالما قلت �أمام مجل�س‬ ‫�إدارة الم�ؤ�س�سة �أن تحقيقنا لنجاح باهر في �أي م�شر ٍوع‬ ‫نقوم به‪ ،‬هو م�ؤ�شر �أكيد على �أننا لم نخ�ض ما يكفي من‬

‫المخاطرة‪ .‬وال بد لنا من تقبل الف�شل كفر�صة لدفعنا‬ ‫باتجاه المزيد من الإبداع”‪.‬‬ ‫وبينما تنوه رودن بمناهج خيرية �إبداعية تن�ش�أ في‬ ‫�آ�سيا و�أفريقيا و�أميركا الالتينية‪ ،‬ال يزال التراث القديم‬ ‫لم�ؤ�س�سة روكفلر وديمومتها �شاهد ًا على م��دى نجاح‬ ‫منهجها وهو يحوي درو�س ًا لمختلف ه�ؤالء الفاعلين‪.‬‬ ‫يقول مامادو بيتاي‪ ،‬المدير الإداري للم�ؤ�س�سة في‬ ‫�أفريقيا‪“ :‬تنظر روكفلر �إلى العالم باعتباره وحدة ا�ستراتيجية‬ ‫واح ��دة‪ ،‬وت�سعى لتطوير حلول يكون لها ت�أثير عالمي …‬ ‫ما يميزنا هو البحث ال��د�ؤوب عن �أفكار �إبداعية‪ ،‬ومن ثم‬ ‫ت�ستخدم الم�ؤ�س�سة نفوذها لنقل هذه الأفكار �إلى الآخرين‬ ‫وتطبيقها على نطاق وا�سع‪ .‬هذه ميزة قوية وق ّيمة جد ًا”‪.‬‬ ‫االنت�شار العالمي للم�ؤ�س�سة والممتد على مدى ٍ‬ ‫قرن‬ ‫كامل هو �أمر حيوي ل�ضمان ا�ستدامة مبادراتها الفردية‪.‬‬ ‫ويو�ضح بيتاي ذلك بالقول‪“ :‬تلعب الم�ؤ�س�سة دور العامل‬

‫عمل‬ ‫“تستمر أعداد الشباب بالتزايد‪ ،‬لكن ال توجد فرص‬ ‫ٍ‬ ‫كافية لهم‪ .‬لذا‪ ،‬من الضروري أن تتدخل المؤسسات الخيرية‬ ‫لمعالجة هذه المسألة”‬


‫زمن العطاء‬

‫تحالف المدن‬

‫المح ّفز والم�ساعد‪ .‬فما يهمنا هو �إيجاد من�صة عمل‬ ‫م�شتركة مع منظمات المجتمع المدني‪ ،‬والحكومات‪،‬‬ ‫والقطاع الخا�ص‪ ،‬من �أج��ل الإ�ستفادة الق�صوى من‬ ‫المعرفة والخبرات والموارد الإ�ضافية”‪.‬‬ ‫تمثل ال �ق��ارة الإفريقية ج ��زء ًا ب ��ارز ًا م��ن تاريخ‬ ‫الم�ؤ�س�سة‪ ،‬و�ستوا�صل اال�ستفادة في الم�ستقبل من فر�ص‬ ‫التمويل والخبرات التي تقدمها روكفلر‪ .‬وفي �ضوء ما‬ ‫يطلق عليه بيتاي “الت�ضخم ال�شبابي”‪ ،‬وال��ذي ي�شكل‬ ‫فر�ص ًا وتحديات في �آن واحد في مختلف �أنحاء ال�شرق‬ ‫الأو�سط و�شمال �إفريقيا على وجه الخ�صو�ص‪ ،‬فلدى‬ ‫الم�ؤ�س�سة �أ�سباب �أكثر تدفعها �إلى تركيز جهودها في‬ ‫هذه المنطقة‪.‬‬ ‫يقول بيتاي‪“ :‬التحدي الأكبر هو ردم الفجوة بين‬ ‫�ضعف مهارات ال�شباب والمهارات المطلوبة للتوظيف‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫م�ستمر‪ ،‬لكن ال توجد‬ ‫كما �أن �أعداد ال�شباب في تزايد‬ ‫لتدخل‬ ‫ف��ر���ص ع�م� ٍ�ل ك��اف�ي��ة ل�ه��م‪ .‬ل ��ذا‪ ،‬ه�ن��اك ح��اج��ة ّ‬ ‫الم�ؤ�س�سات الخيرية في معالجة هذه الم�س�ألة”‪.‬‬ ‫ومن بين مبادرات م�ؤ�س�سة روكفلر التي تلبي هذا‬ ‫الجانب برنامج “الوظائف الرقمية في �أفريقيا”‪ ،‬والذي‬ ‫يوفر التدريب لل�شباب وفق الطلب المتغير ل�سوق العمل‪.‬‬ ‫ووفق ًا لمنهج الم�ؤ�س�سة الوا�سع النطاق‪ ،‬تم �إطالق هذا‬ ‫البرنامج في ٍ‬ ‫وقت متزامن في ثالث دول �أفريقية بداية‬ ‫ه��ذا العام‪ ،‬لتدريب �شبان من الفئات المهم�شة لكن‬

‫ممن يتمتع بطاقات جيدة‪ ،‬على‬ ‫مهارات تكنولوجيا االت�صاالت‬ ‫والمعلومات‪ ،‬وت�سهيل دخولهم‬ ‫م �ع �ت��رك ال �ح �ي��اة ال�ع�م�ل�ي��ة في‬ ‫وظائف للمبتدئين‪ ،‬من خالل‬ ‫�شركاء و�أرب��اب عمل محليين‪.‬‬ ‫قد تم تو�سيع البرنامج ليغطي م�صر والمغرب‪ ،‬حيث‬ ‫يو�شك م�شروع تجريبي على البدء (انظر �إل��ى العمود‬ ‫على ال�صفحة ال�سابقة)‪.‬‬ ‫يدرك بيتاي التحديات الخا�صة التي تكتنف العمل‬ ‫في منطقة ال�شرق الأو�سط و�شمال �إفريقيا‪ ،‬حيث �أدت‬ ‫الم�شاكل الأمنية �إلى ت�أخر �إط�لاق جهود الم�ؤ�س�سة في‬ ‫م�صر‪ .‬ورغم ذلك‪ ،‬فهو م�صمم على الم�ضي في الم�شروع‪.‬‬ ‫ويقول‪“ :‬لقد �أتممنا الدرا�سة الإ�ستطالعية‪ ،‬ونحن الآن‬ ‫م�ستعدون وجاهزون لالنطالق حالما ت�سمح الظروف”‪.‬‬ ‫وي�ضيف‪“ :‬ال�شباب هم �أملنا في الم�ستقبل‪� ،‬شرط �أن نعمل‬ ‫على رعايتهم وتقديم الر�ؤية لهم لتحقيق تلك الآمال”‪.‬‬ ‫واختتمت رودن ب��ال�ق��ول‪“ :‬عندما ننظر �إل��ى‬ ‫ال ��وراء عبر تاريخنا‪ ،‬ون�ح��دد بدقة اللحظات التي‬ ‫بلغت فيها �أعمالنا الخيرية �أق�صى نجاحٍ لها‪� ،‬سنجد‬ ‫�أنها اللحظات ذاتها التي كان فيها العمل �أ�صعب ما‬ ‫يكون واحتمال الف�شل �أكبر ما يكون‪ .‬و�آمل �أن ن�ستمر‬ ‫بالمحافظة على �إرثنا هذا”‪n .‬‬

‫ال�����ص��ورة ف��ي الأع���ل���ى ‪ :‬ت��ع��م��ل م���ؤ���س�����س��ة روك��ف��ل��ر‬ ‫على م�ستوى ال��ع��ال��م م��ن جهة دع��م ال��م��ب��ادرات‬ ‫ال��خ��ي��ري��ة‪ ،‬م��ن ن��اح��ي��ة‪ ،‬وال�����س��ع��ي لإي���ج���اد حلول‬ ‫مبتكرة لم�شاكل العالم‪ ،‬من ناحية �أخرى‬

‫تغير المناخ في المدن‬ ‫تربط “�شبكة الت�أقلم مع ّ‬ ‫الآ�سيوية” (‪ )ACCCRN‬م ��دن ���س ��ورات و�إن� ��دور‬ ‫وغوراكبور في الهند‪ ،‬و�سبع مدن �أخريات في كل من‬ ‫�أندوني�سيا وتايالند وفيتنام بهدف تبادل الخبرات‬ ‫التغير المناخي‪.‬‬ ‫في مجال التكيف مع ّ‬ ‫تمثل هذه ال�شبكة التي تم �إطالقها في العام‬ ‫‪ 2008‬مبادرة ت�ستمر لت�سع �سنوات بتكلفة ‪ 59‬مليون‬ ‫دوالر‪ ،‬وتت�ضمن خ�ط�ط� ًا للتو�سع �إل ��ى بنغالد�ش‬ ‫والفيليبين‪ .‬وهي ت�ساعد المدن على القيام بعمليات‬ ‫التخطيط والتمويل وبناء قدرات مقاومة الظروف‬ ‫المناخية المتغيرة‪.‬‬ ‫ت�ستهدف ال�شبكة المدن في �آ�سيا‪ ،‬والتي �ستكون‬ ‫م�س�ؤولة عن ‪ 60‬بالمئة من �إجمالي نمو ال�سكان في‬ ‫العالم على مدى الـ ‪ 30‬عام ًا المقبلة‪ .‬وتتبادل مدن‬ ‫تغير المناخ في المدن الآ�سيوية”‬ ‫“�شبكة الت�أقلم مع ّ‬ ‫التو�صيات العملية فيما بينها‪ ،‬وت�شجع المدن الأخرى‬ ‫على تبني الحلول والتجارب الناجحة التي تحققها‪.‬‬ ‫في غوراكبور‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬لم تواكب‬ ‫�أنظمة المياه وال�صرف ال�صحي في المدينة النمو‬ ‫الطبيعي لأع��داد ال�سكان فيها‪ .‬وحيث �أنها تقع في‬ ‫ٍ‬ ‫حو�ض بين نهرين‪ ،‬ف�إنها عر�ضة لخطر الفي�ضانات‬ ‫وغ�ي��ره��ا م��ن ال�م���ش��اك��ل ال�م��رت�ب�ط��ة ب��ال�م�ي��اه ـ �ـ مع‬ ‫احتماالت امتداد ت�أثيرات هذه الكوارث �إلى ال�صحة‬ ‫العامة‪ ،‬خا�صة ل�سكان الع�شوائيات فيها‪ .‬ومن خالل‬ ‫تغير المناخ‪ ،‬فقد جمعت المدينة ك ّل‬ ‫�شبكة مقاومة ّ‬ ‫المعنيين بالأمر من �أجل تنفيذ م�شاريع تعالج م�شاكل‬ ‫الغمر والفي�ضانات‪ ،‬وغيرها من الأخطار‪.‬‬

‫‪71‬‬


‫في غ�ضون يوم‬

‫” الفائدة تتضاعف‬ ‫بعدد ما لإلمرأة‬ ‫من أطفال“‬ ‫تقدم منظمة “ن�ساء من �أجل ن�ساء العالم” (‪)Women for Women International‬‬ ‫الدعم للن�ساء في مناطق الحروب �أو التي هي في طور التعافي من الحروب‪ .‬وقد قامت‬ ‫المنظمة خالل العقد الما�ضي بتمكين �أكثر من ‪ 6,500‬امر�أة في العراق وحده من �إعالة‬ ‫�أنف�سهن وبناء حياة كريمة لهن ولأوالدهن‪ .‬وي�سرد لنا مهند توفيق في هذه المقالة‪ ،‬وهو‬ ‫�أحد الم�س�ؤولين في المنظمة‪ ،‬م�سار يوم نموذجي في العمل داخل العراق‬

‫ال‬

‫بديل لي في ال�صباح من تناول فنجان من‬ ‫القهوة القوية لأبتدئ عملي بذهن �صاف‬ ‫ي���س��اع��دن��ي ف��ي تنظيم ال �م �ه��ام وت�ح��دي��د‬ ‫الأول ��وي ��ات‪ .‬و�أم���ض��ي ع ��ادة الن�صف �ساعة الأول ��ى‬ ‫بالمرا�سالت عبر بريدي الإلكتروني مع زمالئي في‬ ‫المقر الرئي�سي للمنظمة في لندن �أو في العراق‪� ،‬أو‬ ‫مع زمالء في منظمات �أخرى تتعاون معنا‪ ،‬بالإ�ضافة‬ ‫�إلى مختلف الجهات التي عادة ما نتعامل معها مثل‬ ‫م�ؤ�س�سات ال�ق��رو���ض البالغة ال�صغر‪ .‬م�س�ؤولياتي‬ ‫الأ�سا�سية في العمل ت�شمل تنظيم دورات التدريب على‬ ‫الأعمال ودورات التدريب المهني وم�ساعدة الن�ساء‬ ‫الذين يكملون هذه البرامج على �إ�ستخدام المهارات‬ ‫التي نعلمهن �إياها لتحقيق مداخيل ب�أنف�سهن لإعالة‬ ‫�أطفالهن‪ .‬لكن طبيعة عملي تقت�ضي مني االهتمام‬ ‫بمختلف �أوجه الخدمة التي نوفرها لهته الن�سوة �ضمن‬ ‫فريق عمل ي�ضم نحو ‪ 40‬موظف و‪ 20‬مدرب متعاقد‪.‬‬ ‫وقرابة العا�شرة �صباح ًا �أقوم بجولتي الميدانية‬ ‫اليومية على مراكز التدريب التابعة للمنظمة‪ ،‬وهي‬ ‫مركزين في العا�صمة ومركز في مدينة كربالء‪ .‬وتقوم‬ ‫المنظمة في هذه المراكز بتوفير التدريب لأمهات ون�ساء‬ ‫ي�صنفن �ضمن �أ�صعب الو�ضعيات في العراق‪ ،‬وهن من‬ ‫اللواتي قد فقدن م�صدر دخلهن وال يمتلكن مهارات‬

‫‪72‬‬

‫عمل ف�أ�صبحن عاجزات عن ت�أمين �أدنى متطلبات الحياة‬ ‫لهن ولأوالده ��ن‪ .‬لقد قمنا بتطوير برنامج مدته �سنة‬ ‫واحدة لتدريب ه�ؤالء الن�ساء على مهارات الحياة والعمل‪.‬‬ ‫ويمنح البرنامج الم�شاركات المهارات والمعرفة‬ ‫والثقة بالنف�س والدعم المعنوي‪� ،‬إ�ضافة �إلى م�ساعدتهن‬ ‫في الح�صول على الدعم المادي الذي يمكنهن من �إقامة‬ ‫م�شروع عمل من داخل منازلهن‪ .‬ويتم تمويل البرنامج‬ ‫عن طريق التبرعات التي تردنا من حملة “�إكفلي �أخت ًا”‬ ‫وال�ت��ي تنا�شد الن�ساء ح��ول العالم ل�ل�إل�ت��زام برعاية‬ ‫امر�أة في العراق لمدة �سنة التدريب بكلفة ‪ 20‬دوالر ًا‬ ‫في ال�شهر‪ .‬وي�سهم ما قيمته ‪ 20‬دوالر من هذا المبلغ‬ ‫بتغطية كلفة التدريب‪ ،‬بينما ُتمنح الم�شاركة الع�شرة‬ ‫دوالرات المتبقية نقد ًا كمعونة مالية‪ .‬ورغم �أنه مبلغ‬ ‫زهيد‪ ،‬نحن ن�شجعهن على توفير بع�ضه �إن ا�ستطاعوا‪،‬‬ ‫�أم ًال ب�أن ي�ساعدهم على �شراء المعدات التي �سيحتجنها‬ ‫لإطالق م�شروع عمل في نهاية البرنامج‪.‬‬ ‫يتطلب ب��رن��ام��ج ال �ت��دري��ب ح���ض��ور الم�شاركات‬ ‫للمحا�ضرة وحلقة التدريب مرتين في ال�شهر لفترة‬ ‫ع��ام واح ��د‪ .‬وت ��دوم ك��ل جل�سة م��ن ال�ب��رن��ام��ج ل�ساعة‬ ‫ون�صف ف��ي المرحلة الأول ��ى ث��م ت�ط��ول الجل�سة لدى‬ ‫�إ�ضافة وح��دات تدريبية وم��واد جديدة لتقارب مدتها‬ ‫في المرحلة الأخيرة الخم�س �ساعات ون�صف ال�ساعة‪.‬‬

‫وت�شمل الوحدات التدريبية المهارات الحياتية ومهارات‬ ‫�إدارة الأعمال والمهارات المهنية‪ .‬وتعد مهارات الحياة‬ ‫الأه��م والأ�شمل في المرحلة الأول��ى نظر ًا لدورها في‬ ‫بناء �شخ�صياتهن‪ ،‬فهي تطلعهن على حقوقهن التي‬ ‫يحميها القانون‪ ،‬وتر�شدهن لطريقة التعامل والتفاعل‬ ‫مع مجتمعهن‪ ،‬وت�صقل قدرتهن على ا�ستقاللية التفكير‬ ‫واتخاذ القرارات والمبا�شرة بالتحكم بمقدرات حياتهن‬ ‫لتكن لهن م�شاركة حقيقية وفعالة في مجتمعهن‪.‬‬ ‫وتبحث �أي���ض� ًا ه��ذه ال��وح��دة التدريبية القواعد‬ ‫والممار�سات المرتبطة بالدخل الم�ستدام‪ ،‬ال�صحة‬ ‫والعافية‪ ،‬و�إقامة �شبكات التوا�صل‪ .‬وخالل هذه الفترة ال‬ ‫نتوقف عن مدهن بكل الدعم المعنوي والن�صح لن�ضمن‬ ‫جهوزيتهن للم�ضي بمفردهن في حياة ناجحة‪ .‬وتتنوع‬ ‫المهارات المهنية التي نوفرها لهن لتتكيف مع رغباتهن‪،‬‬ ‫�شاملة ال�خ�ي��اط وال�ت�ط��ري��ز‪� ،‬إع� ��داد ال �م��واد الغذائية‬ ‫المحفوظة و�صناعة ال�شموع‪ ،‬بالإ�ضافة �إل��ى مهارات‬ ‫�أخرى نُقبل على �إدراجها بالبرنامج ح�سبما تحدده ال�سوق‬ ‫تنمي لديهن‬ ‫من فر�ص جديدة‪� .‬أما الوحدة الثالثة فهي ّ‬ ‫المهارات الأ�سا�سية التي �سيحتاجونها لإقامة م�شروع‬ ‫عمل �صغير من بيوتهن �أو م�شروع تعاوني تت�شارك ب�إقامته‬ ‫�إثنتان �أو �أكثر من خريجاتنا‪ ،‬حيث ت�ضعن مواردهن مع ًا‬ ‫لتعزيز فر�ص النجاح‪ .‬وت�شمل هذه المهارات عدة �أمور‪،‬‬ ‫من التخطيط للمنتج وتطويره وت�سعيره‪� ،‬إلى تدبير �ش�ؤون‬ ‫المحا�سبة والت�سويق وخدمة العمالء‪.‬‬ ‫وتح�صل الن�سوة المتمرنات على �شهادة تخرج عند‬ ‫�إكمالهن للبرنامج‪ .‬لكن هذا ال يعني بال�ضرورة �أنهن‬ ‫�ستبا�شرن فور ًا بم�شروعهن‪ ،‬فالكثير منهن ال يملك ر�أ�س‬ ‫المال المطلوب‪ .‬والعقبة الأ�سا�سية هنا �أن الم�صارف �أو‬ ‫الم�ؤ�س�سات الأخرى التي تق ّدم قرو�ض ًا �صغيرة �أوتموي ًال‬ ‫بالغ ال�صغر ف��ي ال�ع��راق غالب ًا م��ا ت�شترط تزويدها‬ ‫ب�ضمانات للدفع مثل الرهونات �أو كفالة من موظف يعمل‬


‫في غ�ضون يوم‬

‫ال�صورة في الأ�سفل‪ :‬مهند توفيق‪ ،‬من‬ ‫منظمة ن�����س��اء م��ن �أج���ل ن�����س��اء ال��ع��ال��م‪،‬‬ ‫يقدم �شرحاً للن�ساء الم�شاركات واللواتي‬ ‫جلبن �أط��ف��ال��ه��ن معهن خ�ل�ال �إح���دى‬ ‫حلقات التدريب المهني في العراق‬

‫في القطاع الحكومي‪ ،‬وهذا ما هو عادة خارج �إ�ستطاعة‬ ‫ه� ��ؤالء الن�سوة‪ .‬ون�ح��ن نتدخل ل�صالحهن‪ ،‬فنحاول‬ ‫�إقناع الم�ؤ�س�سة المقر�ضة بالقدرة المحتملة العالية‬ ‫التي يتمتعن بها لت�سديد القر�ض‪ .‬وعملنا ه��ذا لي�س‬ ‫بالأمر ال�سهل‪ ،‬ما عدا �أن بع�ض ه�ؤالء الن�ساء ال يثقن‬ ‫بالم�صارف �أو يمتنعن عن القر�ض بحجة �أن الفوائد‬ ‫والربا هي من المحرمات في الدين الإ�سالمي‪ .‬ونقوم‬ ‫بتوجيه اللواتي ال يح�صلن على القر�ض �إلى منظمات‬ ‫غير حكومية �أخرى قد توفر لهن هبة‪.‬‬ ‫وهناك بع�ض الن�ساء اللواتي يتمكّن من �إعانة‬ ‫�أنف�سهن عن طريق الإقت�صاد والإدخ��ار‪ ،‬و�أ�سطع مثال‬ ‫على ذلك هو �أوهام‪ .‬في عام ‪ 2010‬فقد زوجها عمله‬ ‫ب�سبب مر�ض معيق‪ ،‬كانت حينها تقارب الأربعين من‬ ‫العمر‪ ،‬وهي لم تختبر العمل في حياتها ومن دون �أية‬ ‫مهارات‪ ،‬ومع هذا كان عليها �أن تجد دخ ًال لإعالة زوجها‬ ‫و�أوالدهما الأربعة‪ .‬وكانت �صديقة لها قد �أخبرتها عن‬ ‫“ن�ساء من �أج��ل ن�ساء العالم”‪ ،‬و�أنتهى الأم��ر بها �أن‬ ‫�إنظمت �إلى برنامجنا للتدريب‪ .‬و�سرعان ما �أثبتت �أوهام‬ ‫قدرتها على العمل الجاد و�إ�ستعدادها الدائم لم�ساعدة‬ ‫الآخرين‪ ،‬وكان لها ت�أثير �إيجابي جد ًا على زميالتها‪.‬‬ ‫�أختارت �أوهام تعلم الخياطة‪ ،‬وعندما تخرجت كانت قد‬ ‫�إدخرت من الع�شر دوالرات التي تح�صل عليها كم�ساعدة‬

‫�شهرية ما يكفي ل�شراء ماكينة خياطة‪ .‬وهكذا تمكنت‬ ‫من �إنت�شال نف�سها وعائلتها من الفقر المدقع‪ .‬وكانت‬ ‫�أوه��ام قد بنت عالقات طيبة و�صداقات مع موظفينا‬ ‫وزميالتها‪ ،‬وما عزز هذا هو تبرعها لم�ساعدة المركز‬ ‫والم�شاركات الجدد كلما �سنحت لها الفر�صة‪ .‬وكانت‬ ‫جيدة جد ًا فيما تفعله لدرجة �أننا جعلناها مدربة في‬ ‫المركز بدوام جزئي‪ ،‬ما و ّفر لها دخ ًال �إ�ضافي ًا على ما‬ ‫تجنيه من عمل الخياطة في البيت‪.‬‬

‫ونحن دوم ًا نتابع �سير العمل في المراكز للت�أكد‬ ‫م��ن �أن م �ه��ارات الم�شاركات المهنية والعملية تنمو‬ ‫بال�شكل ال�صحيح‪ .‬و�أنا �أق�ضي غالبية جولتي الميدانية‬ ‫اليومية على مراكز التدريب في �إجتماعات مع المدربين‬ ‫وعلي التعامل‬ ‫والمدربات والإداريين ولقاء الم�شاركات‪ّ ،‬‬ ‫مع عدة �أم��ور متفرقة‪ ،‬بداية ب�ش�ؤون الأم��ن والتن�سيق‬ ‫و�إن �ت �ه��اء ًا بالإطمئنان على م�شاركة غابت ع��ن حلقة‬ ‫ال �ت��دري��ب‪ .‬وت�ت�ف��اوت �أع �م��ار الن�سوة ال�م���ش��ارك��ات في‬ ‫برنامجنا بين الثامنة ع�شرة والخم�سة والخم�سين‪ ،‬كما‬ ‫ي�ضمون البع�ض مما اليقر�أ �أو يكتب‪ ،‬حتى �أولئك اللواتي‬ ‫و�صلن بتح�صيلهن �إلى الدرا�سة الثانوية‪ .‬وهذا التفاوت‬ ‫الكبير في الأعمار وم�ستويات التعليم تزيد من �صعوبة‬ ‫تدريبهم في قاعة واحدة ومنحهم كفاءات موحدة في‬ ‫نهاية البرنامج‪ .‬وبالرغم من هذا كلّه‪ ،‬تغمرنا ال�سعادة‬ ‫لر�ؤية عملنا مثمر ًا عندما يقوم معظم الن�ساء �أو غالبيتهن‬ ‫�ضمن المجموعة ال��واح��دة ب��الإن��دم��اج والإخ �ت�لاط مع‬ ‫وهن يبذلن جهد ًا �إ�ضافي ًا للتغلب على الحواجز‬ ‫بع�ضهن ّ‬ ‫النف�سية لديهن �سعي ًا لتوا�صل �أجدى وتعلّم �أف�ضل‪.‬‬ ‫�أعود �إلى منزلي ال�ساعة الثالثة بعد الظهر لأم�ضي‬ ‫ووالد ّي‪ .‬ولكن ما �أن ي�ستغرق‬ ‫ما تب ّقى من اليوم مع زوجتي َ‬ ‫الجميع في النوم قرابة منت�صف الليل حتى �أعود لأنهي‬ ‫يومي كما بد�أته‪ ،‬وهو تف ّقد بريدي الألكتروني ومتابعة ما‬ ‫قد فاتني من مرا�سالت‪ .‬عندما تكون طبيعة عملك تتعلق‬ ‫برعاية وتح�سين و�ضع النا�س المهم�شين �إجتماعياً‪ ،‬فمن‬ ‫ال�سهل �أن ي�ستحوذ عملك عليك‪ ،‬خا�ص ًة عندما تلم�س‬ ‫بيديك الفارق الذي تحدثه في حياتهم‪ .‬ما نحن نفعله هو‬ ‫مثل قطرة الماء التي ت�سقط في الحو�ض لتحدث �أمواج ًا‬ ‫دائرية يمتد ت�أثيرها بعيداً؛ فالفر�صة التي نوفرها تقريب ًا‬ ‫لكل �إم��ر�أة يت�ضاعف ت�أثيرها بعدد ما لها من �أطفال‪،‬‬ ‫الذين يتم �إنت�شالهم من الفقر ومن م�ستقبل مظلم‪n .‬‬

‫‪73‬‬


‫�إحداث الفرق‬

‫كيف �إ�ستلهمت فكرة منظمة “التعليم من‬ ‫�أجل التوظيف”‬

‫رون برودر‬ ‫كالماليين حول العالم‪�ُ ،‬صعق المطور العقاري رون برودر بالهجوم الإرهابي على‬ ‫�أميركا يوم الحادي ع�شر من �سبتمبر عام ‪ .2001‬لكن الأثر الذي تركه هذا الحدث‬ ‫في كيانه كان �أبعد و�أعمق كثير ًا من كونه �صدمة‪ ،‬فقد قاده برحلة وجدانية و�أو�صله‬ ‫�إلى قناعات �أدت به �إلى و�ضع كل طاقته وع�شرة ماليين دوالر من �أمواله الخا�صة في‬ ‫�سبيل �إن�شاء م�ؤ�س�سة “التعليم من �أجل التوظيف” (‪،)Education for Employment‬‬ ‫وهي �شبكة من المنظمات غير الربحية تمتد عبر دول ال�شرق الأو�سط و�شمال �أفريقيا‪،‬‬ ‫هدفها تدريب ال�شباب وال�شابات على مهارات مهنية و�إيجاد وظائف لهم‬

‫‪74‬‬

‫ج‪ .‬كانت �إبنتي قد ذهبت �إلى منطقة المركز التجاري‬ ‫العالمي في الحادي ع�شر من �سبتمبر‪ ،‬وبعد �أن تمكنت‬ ‫عما كان يحدث‪.‬‬ ‫من العثور عليها جل�سنا وتحدثنا مطو ًال ّ‬ ‫وبنهاية الحديث ومع مرور الوقت تو�صلت �إلى قناعة ثابتة‬ ‫ب�أنه �إن كان لنا �أن ن�صل �إلى حالة وئام و�إن�سجام عالميين‬ ‫فال بد [لل�شرق الأو�سط] من �أن يح�صل على ح�صته من‬ ‫‘الكعكة العالمية’‪ .‬قمت بالإ�ستعانة بالخبرات المتوفرة‬ ‫في م�ؤ�س�سة بروكنغز وجلبت معي �إل��ى مائدة البحث‬ ‫بع�ض �ألمع الأدمغة لم�ساعدتي على التو�صل �إلى ما قد‬ ‫يمكنني فعله لأكون فاع ًال و�أترك �أثراً‪ ،‬وعلمت �أن التعليم‬ ‫في المنطقة ال يودي حقيقة غر�ضه الأ�سا�سي‪ ،‬وهو توفير‬ ‫الوظائف لل�شباب‪ .‬قررنا �أن نبني �سل�سلة عالمية للتدريب‬ ‫تعتمد مبد�أ منح الإمتياز‪� ،‬شرط �أن تكون الم�ؤ�س�سات‬ ‫المحلية بحد ذاتها مملوكة من جهات محلية _ لأنك لن‬ ‫تكون قادر ًا حق ًا على �إحداث �أثر �إن كان �أهل البلد غير‬ ‫معنيين مبا�شرة بما تفعله‪ ،‬وينتهي المطاف ب�أن تح�سب‬ ‫كثلة من الأميركيين يهمون على وجوههم وهم يظنون‬ ‫�أنهم �ضليعون بكل �شاردة وواردة ولديهم الإجابات عن‬ ‫كل �شيء‪ .‬وب�صراحة‪ ،‬ثبت نموذج العمل ال��ذي نتبعه‬ ‫نجاحه الفائق‪ ،‬لأن الأفراد الذين يديرون حق الإمتياز‬ ‫المحلي ح�ضوا بملكية الم�شروع وهم ي�شعرون بالفخر‬ ‫عما يفعلونه‪ .‬وهم قد �إ�ستثمروا الوقت والجهد والمال‪،‬‬ ‫كما �أنهم على بينة �أين تتوفر الفر�ص ويدركون �أي نوع‬ ‫من التدريب يحدث �أثراً‪ .‬عندما تنفق دوالر ًا واحد ًا يكون‬ ‫تحت رعاية منظمة محلية يكون الوقع �أعظم بكثير‪.‬‬


‫�إحداث الفرق‬

‫م�����ا م������دى ف���ع���ال���ي���ة ال���م���ن���ظ���م���ة م�����ن ج��ه��ة‬ ‫تحقيق �أهدافها؟‬ ‫ننظر �إلى �شبكة م�ؤ�س�ساتنا ك�أنها م�شاريع تجارية‪،‬‬ ‫ونرى �أنف�سنا مماثلين ب�شكل كبير للأعمال القا�صدة‬ ‫للربح من جهة �أننا نرغب ب�أن نكون فعالين‪ ،‬ونحن‬ ‫ن�سعى للح�صول على �أكبر عائد على �إ�ستثمارنا‪ ،‬كما‬ ‫�أنه لدينا نظام كامل للتقييم والمراقبة يم ّكننا من‬ ‫معرفة ما نح�صل عليه مقابل كل دوالر ننفقه ومتى‬ ‫نحقق ربحاً‪ .‬و“ربحنا” هنا يعني‪ ،‬بكل ب�ساطة‪ ،‬عدد‬ ‫الأف��راد الذين يح�صلون على وظيفة‪ .‬عندما نقوم‬ ‫بالتدريب ن�سعى �إلى �أن ُندخل ‪ 85‬بالمئة من خريجينا‬ ‫�إلى �سوق العمل‪ .‬و�أحيان ًا تكون الن�سبة �أعلى؛ �أقمت‬ ‫م�ؤخر ًا حفل تخريج في تون�س‪ ،‬وح�صل مئة بالمئة‬ ‫من الخريجين على وظائف‪ .‬وف��ي �أوق��ات �أخ��رى ال‬ ‫تكون النتيجة عالية؛ كان لنا برنامج في الأردن حيث‬ ‫تعاملنا مع محكومين �سابقين وتاجري مخدرات‪،‬‬ ‫وكانت ن�سبة نجاحنا ‪ 50‬بالمئة‪ .‬ال�سنة الما�ضية كان‬ ‫معدل النجاح بحدود الـ ‪ 70‬بالمئة‪ ،‬ويبدو �أنه هذه‬ ‫ال�سنة �سيقارب الـ ‪ 80‬بالمئة‪.‬‬ ‫م����ا م�����دى �أه���م���ي���ة �أن ي���ج���د ال���م�������ش���ارك���ون‬ ‫ف���ي ب��رن��ام��ج��ك��م وظ��ي��ف��ة ف����ور ت��خ��رج��ه��م؟‬ ‫هي تعني كل �شيء‪ .‬في واحد من �أوائل البرامج التي‬ ‫نظمناها كنا ن�أخذ خريجي محا�سبة من الجامعة‬ ‫الإ�سالمية في غزة ونبعثهم �إلى وظائف في �شركة‬ ‫�إن�شاءات كبيرة في الخليج‪ .‬لكن الحدود �أغلقت بين‬ ‫غزة وم�صر لفترة ولم يعد ب�إ�ستطاعة ه�ؤالء ال�شباب‬ ‫الخروج �إلى �سوق العمل‪ .‬قام �أحدهم بالتوجه نحو‬ ‫ال�صحراء‪ ،‬وهو على علم تام �أنه في غالب الإحتمال‬ ‫�سيلقى حتفه هناك‪ .‬لكنه في الحقيقة لم يكترث‪،‬‬ ‫وبطريقة ما تمكن من �إيجاد طريقه عبر ال�صحراء‬ ‫والو�صول في نهاية المطاف �إلى الخليج حيث ح�صل‬ ‫على وظيفة كمحا�سب‪ .‬لقد حولته تجربته من �إن�سان‬ ‫ال حولة له �إلى �شخ�ص ال ي�أبه للموت في �سعيه لوظيفة‬ ‫_ �أي من الخيارين كان �أف�ضل له مما كان عليه‪ .‬كان‬ ‫ي�أ�سه �شديدا لتلك الدرجة‪� .‬أخبرني حينها �أن ح�صوله‬ ‫على الوظيفة كان �شيئ ًا بالغ الأهمية لدرجة �أن ذهابه‬ ‫عبر ال�صحراء لم يكن �أمر ًا �شجاع ًا البتة‪ :‬كان بكل‬ ‫ب�ساطة �أمر ًا توجب عليه فعله‪.‬‬

‫“إن إستمرينا بالبناء على ما نقوم به‪ ،‬سنستطيع أن نغير‬ ‫طريقة التعليم في المنطقة لتصبح هادفة لخلق الوظائف”‬

‫م��ا يخبئ الم�ستقبل لمنظمة التعليم من‬ ‫�أجل التوظيف؟‬ ‫لقد و�صلنا �إلى نقطة حا�سمة‪ ،‬حيث يمكن للأمور �أن‬ ‫ت�سير ب�أحد �إتجاهين‪� .‬أولهما �أن ن�ستمر في عمل ما‬ ‫نعمله‪ ،‬وندرب الآالف من ال�شباب الآخرين؛ والثاني‬ ‫هو �إن �إ�ستطعنا تو�سيع حجم عملياتنا فقد يمكننا‬ ‫الح�صول على تمويل �أكبر وعدد �أكبر من ال�شراكات‬ ‫الإ�ستراتيجية في المنطقة‪ .‬لدينا حالي ًا �شراكات‬ ‫يفوق عددها الألف‪ ،‬ولكنن نتطلع �إلى �أحداث نقطة‬ ‫�إنعطاف حيث لن يعود النظام ي�سمح للم�ؤ�س�سات‬ ‫ب�أن تدرب من دون �أن توظف‪ .‬فاليوم يمكنك ترى‬ ‫�أن��ه في المغرب‪ ،‬على �سبيل المثال‪ ،‬نحن ال نقوم‬ ‫بتدريب خريجينا فقط‪ ،‬لكننا ن�ساعد مراكز التدريب‬ ‫[الحكومية] على �إنجاز عمل �أف�ضل‪� .‬إذا �إ�ستمرينا في‬ ‫هذا المنحى‪ ،‬قد نتمكن من تغيير المنهج الذي يتم‬ ‫بموجبه التعامل مع التعليم في المملكة‪� .‬أن��ا �آمل‬ ‫�أنه خالل ثالثة �أو �أرب��ع �سنوات �سن�صل �إلى نقطة‬ ‫الإنعطاف هذه في كل دولة من الدول التي نعمل فيها؛‬ ‫�أنا �آمل �أن العمل الذي نقوم به �سيكون بحد ذاته مقنع‬ ‫ب�شكل كافي ومهم ب�شكل كافي ليغير الطريقة التي‬ ‫تتم بها عملية التعليم في المنطقة‪.‬‬ ‫تعمل منظمة التعليم م��ن �أج���ل التوظيف‬ ‫ح��ال��ي��اً ف���ي ث��م��ان دول ف���ي ال��م��ن��ط��ق��ة‪ .‬هل‬ ‫ه��ن��اك م��ن خ��ط��ط لتو�سيع ه���ذه ال�شبكة؟‬ ‫نحن نتطلع للتو�سع �إل��ى دول �أخ��رى‪ ،‬وف��ي الغالب‬ ‫�سنذهب �إلى ليبيا‪ .‬لكني �أعتقد �أننا قادرين على‬ ‫�إح��داث فرق مهم وجاد في ال��دول التي نعمل فيها‬ ‫أ�ضيع ه��ذه الفر�صة بمحولة‬ ‫حالياً‪ ،‬وال �أري��د �أن � ّ‬ ‫التو�سع في مكان �آخر‪ .‬ت�شكل اليوم م�ؤ�س�ستنا من�صة‬

‫ممتازة لجمع التبرعات بف�ضل تحقيقنا لعوائد‬ ‫جيدة للإ�ستثمار ولأننا نحدث فرق ًا حقيقياً‪ .‬نحن‬ ‫ل�سنا بم�ؤ�س�سة تجمع النا�س حول النار في مخيم‬ ‫لي�أدوا �أنا�شيد الك�شافة وي�شعروا براحة نف�سية؛ نحن‬ ‫بالفعل نحدث فارق ونوفر الوظائف لآالف ال�شباب‪.‬‬ ‫�إن �إ�ستمرينا بالبناء على ما نقوم به‪� ،‬سن�ستطيع‬ ‫�أن نغير طريقة التعليم في المنطقة لت�صبح هادفة‬ ‫لخلق الوظائف‪.‬‬ ‫ه��ل �إح�����داث ال��ف��رق ق��د �أ���ص��ب��ح ال��ي��وم �أك��ث��ر‬ ‫�سهولة عما كان عليه عند �إنطالقة “التعليم‬ ‫من �أجل التوظيف”؟‬ ‫هناك اليوم وعي �أكبر عما يتوجب فعله مقارنة بفترة‬ ‫ح�س �أعمق ب�أن توفر الوظائف‬ ‫�إنطالقتنا‪ ،‬كما يوجد ّ‬ ‫يكر�س ال�سالم ويدعم اال�ستقرار في المجتمعات‪ .‬كان‬ ‫ّ‬ ‫النا�س في الما�ضي يدركون �أن هذا الأمر مهم‪ ،‬لكنهم‬ ‫لم يدركوا مدى �أهميته‪� .‬إنه بالفعل �أمر مذهل �أنني‬ ‫اليوم جزء �صغير جد ًا من �آلة متينة؛ لدينا ما يزيد‬ ‫عن المئة موظف بدوام كامل‪ ،‬و�أنتقلت ملكية الم�شروع‬ ‫مني �إلى الآخرين‪� .‬أنا حق ًا على ثقة ب�أنه �إن �أ�صابني‬ ‫مكروه غ��داً‪� ،‬سيكمل الباقون الم�شروع ويتقدموا به‬ ‫من دون �أية م�شكلة‪ .‬بين الفينة والأخرى �أجد نف�سي‬ ‫مت�سائ ًال ‘ما الذي تفعله؟ �أنت تعمل بجهد ما بذلت‬ ‫�أبد ًا مثيله وقت ما عملت في مجال الأعمال الهادفة‬ ‫للربح’‪ .‬وتيرة ال�سفر تقتلني‪ ،‬لكني ال �أتوانى عنه‪ ،‬بل‬ ‫�أتمتع به‪ .‬عند دخولك لقاعة تجد فيها مئات الفتيان‬ ‫والفتيات الذين في وقت م�ضى ما كانوا ليح�ضوا �أبد ًا‬ ‫بوظيفة‪ ،‬وانفقدت عندهم الثقة بالنف�س واحترام‬ ‫ال��ذات وك��ان��وا غا�ضبين ومحبطين … والآن تراهم‬ ‫وقد ُولدوا من جديد … �إنه حق ًا ل�شعور جميل يغمره‬ ‫الحما�س �أن تكون جزء ًا من كل هذا‪n .‬‬

‫‪75‬‬


‫توجهات‬

‫عمالة األطفال في تراجع‪،‬‬ ‫لكن األعداد ما تزال مرتفعة‬ ‫تراجعت‬

‫�أعداد الأطفال العاملين حول‬ ‫ال �ع��ال��م بنحو ال�ث�ل��ث خ�لال‬ ‫ال�سنوات ال �ـ ‪ 13‬الما�ضية‪،‬‬ ‫وفق ًا لتقرير �أ�صدرته منظمة العمل الدولية (‪ ،)ILO‬لكن‬ ‫الن�شطاء يقولون �إنه ما يزال هناك الكثير مما يجب عمله‬ ‫من جهة الإ�سراع في تقلي�ص هذه العمالة‪ ،‬وحماية الأطفال‬ ‫من �ساعات العمل الطويلة والأعمال المحفوفة بالخطر‪.‬‬ ‫ويبلغ عدد الأطفال العاملين حالي ًا في �أنحاء العالم‪،‬‬ ‫والذين ينطبق عليهم تعريف منظمة العمل الدولية لعمالة‬ ‫الأطفال‪ ،‬حوالي ‪ 168‬مليون‪ .‬لكن هذا الرقم �أف�ضل مما‬ ‫كانت عليه الحال عام ‪ 2000‬حيث كان عددهم ‪ 246‬مليون‬ ‫و�سجلت �أعلى ن�سبة تراجع خالل الفترة بين ‪2008‬‬ ‫طفل‪ُ .‬‬ ‫و‪ ،2012‬حيث هبط العدد من ‪� 215‬إلى ‪ 168‬مليون‪.‬‬ ‫بالرغم من هذا التراجع‪ ،‬فما تزيد ن�سبته عن واحد‬ ‫من كل ع�شرة �أطفال تتراوح �أعمارهم بين خم�سة و‪17‬‬ ‫�سنة يعتبر عامالً‪ ،‬و‪ 85‬مليون ًا من ه�ؤالء الأطفال يزاولون‬

‫�أعما ًال خطرة‪ ،‬ما يهدد �صحتهم و�سالمتهم ون�ش�أتهم‬ ‫الأخالقية ب�شكل مبا�شر‪.‬‬ ‫�سبق للمجتمع الدولي �أن تع ّهد بالق�ضاء على �أ�سو�أ‬ ‫�أ�شكال ت�شغيل الأطفال بحلول العام ‪ ،2016‬لكن التقرير‬ ‫يقول �أنه وبالرغم من التقدم الحا�صل فلن يتم تحقيق‬ ‫هذا الهدف دون “الإ�سراع الحقيقي في بذل الجهود على‬ ‫كافة الم�ستويات”‪.‬‬ ‫و�أ�ضاف التقرير �أن “تخلي�ص العالم من ظاهرة‬ ‫ت�شغيل الأطفال ما يزال �أمر ًا بعيد المنال”‪.‬‬ ‫آ�سيا‬ ‫�‬ ‫منطقة‬ ‫ووفق ًا لمنظمة العمل الدولية‪ ،‬ف�إن‬ ‫‬‫المحيط الهادئ ت�ضم عدد �أكبر من الأطفال العاملين‪،‬‬ ‫مقارنة بالمناطق الأخ��رى في العالم‪ ،‬رغ��م ت�سجيلها‬ ‫�أكبر ن�سبة انخفا�ض في ت�شغيل الأطفال خالل ال�سنوات‬ ‫الأربع الما�ضية‪.‬‬ ‫وق��د انح�سر ع��دد الأط �ف��ال العاملين ف��ي هذه‬ ‫المنطقة‪ ،‬التي تعد الأكثر اكتظاظ ًا بال�سكان في العالم‪،‬‬

‫عدد األطفال العاملين بعمر‬ ‫بين ‪ 17-5‬سنة حسب المنطقة‬ ‫�آ�سيا‪-‬المحيط‬ ‫الهادئ‬ ‫�أميركا الالتينية‬ ‫والكاريبي‬

‫عمالة األطفال‬ ‫حسب القطاع‬ ‫‪2000‬‬

‫‪ 113.6‬مليون‬ ‫‪2012‬‬

‫الزراعة‬

‫الدول ذات الدخل‬ ‫الوطني المنخف�ض‪:‬‬

‫‪ 14.1‬مليون‬

‫الدول ذات الدخل الوطني‬ ‫المتو�سطالمنخف�ض‪:‬‬

‫‪9‬‬

‫‪2000‬‬

‫‪2000‬‬

‫‪7.2%‬‬

‫ال�صناعة‬

‫‪ 65‬مليون‬ ‫‪2012‬‬

‫‪ 59‬مليون‬ ‫‪2000‬‬ ‫‬‫‪2012‬‬

‫‪ 9.2‬مليون‬

‫‪76‬‬

‫الخدمات‬

‫‪58.6%‬‬

‫‪22.5%‬‬

‫‪ 78‬مليون‬

‫‪2012‬‬

‫ال�شرق الأو�سط‬ ‫و�شمال �أفريقيا‬

‫‪32.5%‬‬

‫عمالة األطفال‬ ‫حسب الدخل الوطني‬

‫‪%‬‬

‫‪ 12.5‬مليون‬

‫�أفريقيا جنوب‬ ‫ال�صحراء الكبرى‬

‫�إلى ‪ 78‬مليون ًا في العام ‪ ،2012‬مقارن ًةبـ ‪ 114‬مليون عام‬ ‫‪ ،2008‬وفق ما ذكرته منظمة العمل الدولية‪ .‬كما ت�ضم‬ ‫المنطقة �أي�ض ًا �أكبر عدد من الأطفال المنخرطين في‬ ‫�أعمال خطرة والذي يبلغ قرابة الـ ‪ 34‬مليون طفل‪.‬‬ ‫وفي هذا الإط��ار‪ ،‬قال غاي راي��در‪ ،‬المدير العام‬ ‫لمنظمة العمل ال��دول �ي��ة‪�“ :‬إننا نتحرك ف��ي االت�ج��اه‬ ‫ال�صحيح‪ ،‬لكن التقدم ما ي��زال بطيئ ًا ج��داً‪ .‬و�إذا كنا‬ ‫جادين في الق�ضاء على عمالة الأطفال في الم�ستقبل‬ ‫ال�م�ن�ظ��ور‪ ،‬فنحن بحاجة ل�ب��ذل ال�م��زي��د م��ن الجهود‬ ‫وب�سرعة على كافة الم�ستويات”‪.‬‬ ‫�أم��ا �أعلى معدالت ت�شغيل الأط�ف��ال فنجدها في‬ ‫جنوب ال�صحراء الكبرى الإفريقية‪ ،‬حيث يبلغ معدل‬ ‫عمالة الأطفال �أكثر من واحد بين كل خم�سة �أطفال‪ ،‬ما‬ ‫يعادل الـ ‪ 59‬مليون طفل عامل‪.‬‬ ‫ويوجد ‪ 9.2‬مليون طفل عامل في ال�شرق الأو�سط‬ ‫و�شمال �إفريقيا‪ ،‬وفق ًا لبيانات منظمة العمل الدولية‪.‬‬

‫‪1.9%‬‬

‫قطاعات‬ ‫�أخرى‬

‫عمالة األطفال حسب الجنس‬ ‫الفتيان‪ 99.8 :‬مليون‬

‫الفتيات‪ 68.2 :‬مليون‬

‫‪6.2%‬‬

‫الدول ذات الدخل الوطني‬ ‫المتو�سط المرتفع‪:‬‬


‫توجهات‬

‫ثراء الدول‬ ‫ليس معيارا‬

‫البلد‬ ‫“البريك�س”‬

‫ترتيب دول اقت�صادات‬ ‫(‪ )BRICS‬ال �� �ص��اع��دة ف��ي ال�م��ؤ��ش��ر‬ ‫العالمي لل�شيخوخة مقابل ن�سبة من‬ ‫بلغوا �أو تجاوزوا ال�ستين من العمر من‬ ‫تعداد ال�سكان‬

‫الترتيب �ضمن‬ ‫الم�ؤ�شر‬

‫ن�سبة نمو الناتج المحلي‬ ‫عام ‪)%( 2011‬‬

‫ن�سبة من تجاوزوا ‪60‬‬

‫عاماً في ‪)%( 2012‬‬

‫ن�سبة من �سيتجاوزون ‪60‬‬

‫البرازيل‬

‫‪31‬‬

‫‪2.7‬‬

‫‪10.9‬‬

‫‪29‬‬

‫ال�صين‬

‫‪35‬‬

‫‪9.3‬‬

‫‪13.3‬‬

‫‪33.9‬‬

‫جنوب �أفريقيا‬

‫‪65‬‬

‫‪3.5‬‬

‫‪7.8‬‬

‫‪14.8‬‬

‫الهند‬

‫‪73‬‬

‫‪6.3‬‬

‫‪8.0‬‬

‫‪19.1‬‬

‫رو�سيا‬

‫‪78‬‬

‫‪4.3‬‬

‫‪18.6‬‬

‫‪31.2‬‬

‫عاماً في ‪)%( 2050‬‬

‫تقرير يشير إلى تقصير دول الشرق‬ ‫األوسط وآسيا تجاه كبار السن‬

‫يعاني‬

‫كبار ال�سن في دول المنطقة‪ ،‬بما‬ ‫فيها الأردن والهند وباك�ستان‬ ‫و�أف�غ��ان���س�ت��ان‪ ،‬ظ��روف � ًا معي�شية‬ ‫�أ�صعب من �أقرانهم في البلدان الأخرى‪ ،‬هذا وفق ًا لأول‬ ‫م�ؤ�شر عالمي حول ال�شيخوخة‪.‬‬ ‫ويبين الم�ؤ�شر �أن �أف�ضل ظروف معي�شة للم�سنين‬ ‫ممن ت �ج��اوزوا ال�ستين م��ن العمر ه��ي ف��ي ال�سويد‬ ‫والنرويج و�ألمانيا وهولندا وكندا‪ ،‬مع �أن غنى الدولة ال‬ ‫يعني بال�ضرورة ظروف ًا �أف�ضل بالن�سبة للم�سنين‪.‬‬ ‫وقد حلّت الواليات المتحدة‪ ،‬الدولة الأغنى في‬ ‫العالم‪ ،‬في المرتبة الثامنة �ضمن الم�ؤ�شر‪ ،‬في حين‬ ‫�أخفقت المملكة المتحدة بدخول قائمة �أف�ضل ‪ 10‬دول‪.‬‬ ‫وحلّت �سريالنكا ذات الدخل المنخف�ض في المرتبة‬ ‫‪ ،36‬متقدم ًة ب�شكل كبير على باك�ستان التي جاءت في‬ ‫المرتبة ‪ 89‬بالرغم من تقارب م�ستويات �إجمالي الناتج‬ ‫المحلي (‪ )GDP‬بينهما‪� .‬أما االقت�صادان ال�صاعدان‬ ‫في البرازيل وال�صين فحققا نتائج جيدة ن�سبياً‪ ،‬حيث‬ ‫جاءا في المرتبتين ‪ 31‬و‪ 35‬بالتتالي‪ ،‬بينما حلت رو�سيا‬ ‫والهند في مراتب �أدنى بكثير‪.‬‬ ‫و�أ� �ش��ار التقرير �إل��ى �أن “م�ستويات معي�شة‬ ‫ال�شعوب في البلدان التي تمر بمراحل مت�شابهة من‬ ‫النمو االقت�صادي واالجتماعي قد تتفاوت ب�شكل‬ ‫وا�سع‪ .‬وربما تكون م�ستويات معي�شة الم�سنين في‬ ‫بع�ض ال��دول منخف�ضة ومتو�سطة الدخل �أف�ضل‬ ‫بكثير من نظرائهم في بع�ض الدول الأغنى‪ .‬فالمال‬ ‫كل �شيء”‪.‬‬ ‫لي�س ّ‬

‫ُو�ضع الم�ؤ�شر بالتعاون مع �صندوق الأمم المتحدة‬ ‫لل�سكان والتنمية‪ ،‬ويغطي في درا�سته ‪ 91‬بلد ًا و‪ 89‬بالمئة‬ ‫من كبار ال�سن في العالم‪ .‬وهو ي�أتي في وقت يتغير فيه‬ ‫التوزيع ال�سكاني للعالم ب�سرعة‪ :‬فبحلول العام ‪� 2050‬سيزيد‬ ‫عدد الأ�شخا�ص بعمر ‪ 60‬وما فوق عن عدد الأطفال تحت‬ ‫‪� 15‬سنة‪ ،‬و�سي�شكلون �أكثر من ُخم�س تعداد �سكان العالم‪.‬‬ ‫و�أو�ضح الم�ؤ�شر �أن �أعمار �سكان العالم تزداد ب�سرعة‬ ‫كبيرة جداً‪ ،‬بينما معظم البلدان غير م�ستعدة كما يجب‬ ‫لرعاية الأعداد المتزايدة من الم�سنين‪.‬‬ ‫كما �أ�شار التقرير �إل��ى �أن ال��دول النامية هي غالب ًا‬ ‫البلدان الأقل ا�ستعداد ًا للتغير ال�سكاني الحا�صل‪ .‬وحلت �أكثر‬ ‫دول العالم ت�سارع ًا نحو ال�شيخوخة ‪ -‬الأردن والو�س ومنغوليا‬ ‫ونيكاراغوا وفيتنام ‪ -‬في الن�صف الأدنى من الم�ؤ�شر‪.‬‬ ‫العام‬

‫وقال البروفي�سور‪ ،‬ال�سير ريت�شارد جوللي‪ ،‬الذي‬ ‫ط��ور الم�ؤ�شر‪“ :‬يدر�س الم�ؤ�شر العالمي لل�شيخوخة‬ ‫م�ستويات معي�شة الم�سنين ف��ي ك��اف��ة ب�ق��اع العالم‪.‬‬ ‫وه ��و ي��و� �س��ع ط��ري �ق��ة ف�ه�م�ن��ا الح �ت �ي��اج��ات الم�سنين‬ ‫وفر�صهم‪ ،‬ويذهب �إل��ى ما هو �أبعد من م��دى مالءمة‬ ‫المعا�شات التقاعدية وغيرها من و�سائل دعم الدخل”‪.‬‬ ‫وي�ضيف‪“ :‬مع تزايد �أعداد الم�سنين ون�سبهم في‬ ‫العديد من البلدان‪ ،‬ال يجب التقليل من �أهمية هذه‬ ‫النتائج والدرو�س التي نتعلمها منها”‪.‬‬ ‫ي�ت��م ح���س��اب ال�م��ؤ��ش��ر ب��ا��س�ت�خ��دام ‪ 13‬مقيا�س ًا‬ ‫تندرج تحت �أربعة عناوين رئي�سية‪ :‬الدخل الم�ضمون‪،‬‬ ‫وال� ��رع� ��اي� ��ة ال�����ص��ح��ي ��ة‪ ،‬وال� �ت ��وظ� �ي ��ف وال �ت �ع �ل �ي��م‪،‬‬ ‫والبيئة الم�ساعدة‪.‬‬ ‫ن�سبتهم من‬ ‫�سكان العالم‬

‫�أعداد من يتجاوزون ‪ 60‬عاماً في العالم (بالماليين)‬

‫‪2012‬‬

‫‪809‬‬

‫‪11%‬‬

‫‪2030‬‬

‫‪1,375‬‬

‫‪16%‬‬

‫‪2050‬‬

‫‪2,031‬‬

‫‪22%‬‬

‫‪77‬‬



‫الخطوة التالية‬

‫إحدث الفرق‬ ‫بيديك‪...‬‬ ‫الق�ص�ص المعرو�ضة على �صفحات هذه المجلة لي�ست �سوى البداية‪ .‬ومع � ّأن العديد من المنظمات والم�ؤ�س�سات التي ن�سلط عليها‬ ‫ال�ضوء تبذل ما بو�سعها ب�شكل يومي لإنقاذ حياة النا�س وتغييرها للأف�ضل‪ ،‬لكنها تحتاج �إلى الدعم من �أجل اال�ستمرار‪.‬‬ ‫و�إن كنت ترغب في معرفة المزيد عن هذه الق�ضايا‪� ،‬أو الم�ساهمة في حلها‪ ،‬فال تتردد في االت�صال بنا �أو المنظمات المعنية‪،‬‬ ‫والإقدام على الخطوة التالية لتبد�أ رحلتك في عالم العطاء‬

‫جراحو القلب في العراق‬

‫ي�ساعد “تحالف المحبة الإ�ستباقية” في �إجراء جراحات‬ ‫قلبية لإنقاذ مئات الأطفال العراقيين كل عام‪ .‬وكافة‬ ‫�أ�شكال ال��دع��م المقدمة للتحالف‪�� ،‬س��واء كانت عمل‬ ‫تطوعي من الأطباء �أو تبرعات مالية‪� ،‬سيكون لها �أثر‬ ‫مهم على الأر�ض‪ .‬‬

‫‪www.preemptivelove.org‬‬

‫الالجئون الأفارقة‬

‫تعمل مجموعة كبيرة من المنظمات‪ ،‬من بينها مفو�ضية‬ ‫�ش�ؤون الالجئين في الأمم المتحدة (‪)www.unhcr.org‬‬ ‫وبرنامج الغذاء العالمي (‪ )www.wfp.org‬ولجنة الإنقاذ‬ ‫الدولية (‪ ،)www.rescue.org‬يومي ًا على تخفيف معاناة‬ ‫‪� 100‬ألف الجئ يكتظ بهم مخيم كاكوما في �شمال كينيا‪.‬‬ ‫وقد �أ�صبح المخيم‪ ،‬بعد عقدين من افتتاحه‪ ،‬نقطة جذب‬ ‫المهجرة من مختلف �أنحاء �شرق �إفريقيا‪.‬‬ ‫لل�شعوب‬ ‫ّ‬

‫التعلّم عن طريق التدري�س‬

‫“التدري�س من �أجل باك�ستان” مبادر ٌة �أطلقتها م�ؤ�س�سة‬ ‫“�أمان”‪ ،‬تعمل على تعيين الخريجين ال�شباب كمعلمين‬ ‫في المدار�س التي تعاني من نق�ص الكادر التدري�سي‬ ‫في �أنحاء البالد‪ .‬وي�سعى البرنامج دوم ًا للح�صول على‬ ‫تمويل‪ ،‬وجذب المزيد من المتطوعين‪ .‬‬ ‫‪www.iteachforpakistan.org‬‬

‫تنمية المهارات المهنية في بنغالدي�ش‬

‫‪www.fbmi.ae‬‬

‫“�إكفلي �أختاً‬

‫”‬

‫توفر مبادرة “التدريب على المهارات لتعزيز‬ ‫تعليم ًا وتدريب ًا فني ًا ومهني ًا لليافعين المت�سربين من‬ ‫المدار�س‪ .‬وهي مبادرة من م�ؤ�س�سة براك تغطي خم�س‬ ‫م��دن ف��ي �أن �ح��اء ال �ب�لاد‪ ،‬ب��دع��م ق� ِّي��م م��ن المنظمات‬ ‫ال�شريكة والمانحين‪ .‬‬ ‫‪www.brac.net‬‬

‫ن�ساجو ال�سجاد الأفغان‬

‫تعمل مبادرة �سمو ال�شيخة فاطمة بنت محمد بن زايد‬ ‫على تدريب عامالت على �إنتاج �أنواع جميلة من ال�سجاد‪.‬‬ ‫كما توفر المبادرة الرعاية ال�صحية والتعليم للن�ساء‬ ‫الم�شاركات وعائالتهن‪ ،‬وذلك على �شكل فحو�ص طبية‬ ‫وارتياد المدار�س مجان ًا‪ .‬‬

‫الموارد”‬

‫تنا�شد منظمة “ن�ساء من �أجل الن�ساء العالم” الن�ساء‬ ‫في كل الدول على كفالة الن�ساء المحتاجات في العراق‬ ‫بتكلفة ‪ 30‬دوالر ًا �شهري ًا للمر�أة الواحدة‪ .‬ويتم تخ�صي�ص‬ ‫‪ 20‬دوالر ًا من هذا المبلغ لتغطية تكاليف التدريب و‪10‬‬ ‫دوالرات ُتق ّدم نقد ًا لكل امر�أة‪ .‬وعلى الرغم من �ض�آلة‬ ‫المبلغ‪� ،‬إال �أنه يترك �أثر ًا حقيقي ًا في حياة ه�ؤالء الن�سوة‪.‬‬

‫‪www.womenforwomen.org‬‬

‫‪79‬‬


‫�أجندة‬

‫حة‬ ‫دو‬ ‫ال‬ ‫ظب‬ ‫بو‬ ‫أ‬ ‫ي‬

‫اي‬ ‫مب‬ ‫مو‬ ‫دي‬ ‫أ‬

‫دب‬ ‫ي‬

‫س أب‬ ‫ابا‬

‫أهم األحداث‬ ‫هذا الفصل‬ ‫الدوحة‬

‫‪80‬‬

‫أبوظبي‬

‫بروكسل‬ ‫‪ 14-13‬نوفمبر‬

‫‪ 31-29‬أكتوبر‬

‫‪ 13‬نوفمبر‬

‫م�ؤتمر القمة العالمي لالبتكار في‬ ‫�دث �سنوي‬ ‫التعليم (‪ )WISE‬هو ح� ٌ‬ ‫مكر�س لتحفيز الإب ��داع في مجال‬ ‫ّ‬ ‫التعليم‪ ،‬ويجتمع فيه �أكثر من ‪1,000‬‬ ‫�شخ�صية م��ن ال�ق�ي��ادات التجارية‬ ‫وال�سيا�سية واالجتماعية م��ن ‪100‬‬ ‫دولة‪ ،‬لمناق�شة �أهم التحديات التي‬ ‫تواجه هذا القطاع‪.‬‬

‫�سيعقد االجتماع ال�سنوي لمنتدى يجمع ملتقى ايدك�س ‪ ،AidEx‬الحدث‬ ‫الم�ؤ�س�سات العربية في اليوم التالي ال�ع��ال�م��ي ل�ل�م���س��اع��دات الإن���س��ان�ي��ة‬ ‫للقمة الخيرية ال�سنوية لم�ؤ�س�سة والتنموية‪� ،‬أكثر من ‪ 2,000‬مخت�ص‬ ‫الإم� � ��ارات‪ ،‬وال �ت��ي �ستقام ي ��وم ‪ 12‬و‪ 200‬م��و ّرد لمناق�شة الق�ضايا التي‬ ‫نوفمبر‪ ،‬ويهدف االجتماع �إلى تعزيز تواجه المعونات والتنمية‪ ،‬بالإ�ضافة‬ ‫ال �ح��وار وال �ت��وا� �ص��ل وال �ت �ع��اون بين �إل ��ى ت �ب��ادل ال�م�ع��ارف وال��دف��ع نحو‬ ‫الم�ؤ�س�سات الخيرية والإن�سانية في �إج��راءات عملية للت�صدي للم�شاكل‬ ‫الإن�سانية العالمية‪.‬‬ ‫العالم العربي‪.‬‬

‫بروكسل‬

‫أبوظبي‬ ‫‪ 20-18‬نوفمبر‬

‫تقت�صر ال�م���ش��ارك��ة ف��ي الملتقى‬ ‫الأوروب� ��ي لق�ضايا العمل الخيري‬ ‫(‪ )Euro Philantopics‬على المدع ّوين‬ ‫ف �ق��ط‪ ،‬وي�ج�م��ع ه ��ذا ال �ل �ق��اء ال��ذي‬ ‫ي���س�ت�م��ر ي ��وم� � ًا وح� � ��د ًا ع� � ��دد ًا من‬ ‫وا��ض�ع��ي ال�سيا�سات والنا�شطين‬ ‫في المجال الخيري والإن�ساني في‬ ‫�أوروبا لتوفير من�صة للتعاون وتبادل‬ ‫المعارف والخبرات‪.‬‬

‫ت��و� �ص��ف ق �م��ة الأج � �ن� ��دة ال�ع��ال�م�ي��ة‬ ‫للمنتدى االقت�صادي العالمي ب�أنها‬ ‫�أك �ب��ر ح� � ٍ‬ ‫�دث ل �ت �ب��ادل الأف� �ك ��ار في‬ ‫ال �ع��ال��م‪ ،‬وه��ي تجمع �أك �ث��ر م��ن ‪80‬‬ ‫مجموعة من الخبراء من الو�سط‬ ‫الأكاديمي وقطاع الأعمال والمجتمع‬ ‫المدني والحكومات لمناق�شة �أبرز‬ ‫الق�ضايا ال �ت��ي ت���ص��وغ الأج �ن��دات‬ ‫الإقليمية والعالمية‪.‬‬

‫‪ 14‬نوفمبر‬


‫س‬

‫ي‬ ‫رج‬

‫ي‬

‫ب‬ ‫ون‬

‫جي‬

‫ت‬ ‫واز‬

‫ني‬

‫ف‬

‫بر‬ ‫وك‬

‫سي‬

‫ل‬

‫�أجندة‬

‫شن‬ ‫وا‬ ‫ط‬ ‫ن‬

‫ان‬ ‫س‬ ‫ران‬ ‫ف‬ ‫سي‬ ‫س‬ ‫كو‬

‫ك‬‫س‬ ‫فو‬ ‫دا‬ ‫س‬ ‫لو‬ ‫ترز‬ ‫بال‬ ‫أل‬ ‫و‬ ‫تو‬

‫أحداث مقبلة‬

‫جنيف‬

‫سيرجي بونتواز‬

‫‪ 27-26‬نوفمبر‬

‫‪ 10‬ديسمبر‬

‫�سيركّز االجتماع ال�سنوي التا�سع‬ ‫للرابطة الأوروبية للم�شاريع الخيرية‬ ‫على م��و��ض��وع ال�ق�ي��ادة الم�س�ؤولة‪.‬‬ ‫ويهدف ه��ذا الحدث ال��ذي ي�ستمر‬ ‫ي��وم�ي��ن �إل� ��ى دف ��ع ال�ع�م��ل ال�خ�ي��ري‬ ‫اال�ستراتيجي‪ ،‬والجمع بين �أ�صحاب‬ ‫الم�شاريع ال�ت�ج��اري��ة ذات الطابع‬ ‫الخيري وخبراء اال�ستثمار ذي الأثر‬ ‫االجتماعي من جميع �أنحاء العالم‪.‬‬

‫ي�سعى ال �م ��ؤت �م��ر ال���س�ن��وي ال�ث��ان��ي‬ ‫لجمعية محللي الأثر االجتماعي �إلى‬ ‫رفع فعالية الم�ؤ�س�سات ذات الغر�ض‬ ‫االجتماعي وتبادل الر�ؤى والمعارف‬ ‫والتجارب في مواجهة التحديات بين‬ ‫المهنيين العاملين في هذا القطاع‪.‬‬

‫‪ 25-22‬يناير‬ ‫اللقاء ال�سنوي للمنتدى االقت�صادي العالمي لعام‬ ‫‪ ،2014‬دافو�س‪-‬كلو�سترز‬ ‫‪ 29-27‬يناير‬ ‫م�ؤتمر المجموعة الدولية لممولي حقوق الإن�سان‬ ‫‪� ،IHRFG‬سان فران�سي�سكو‬ ‫‪ 18-17‬فبراير‬ ‫الم�ؤتمر العالمي للم�س�ؤولية االجتماعية لل�شركات‪،‬‬ ‫مومباي‬ ‫‪ 27-26‬فبراير‬ ‫المنتدى الخيري الإفريقي لعام ‪� ،2014‬أدي�س �أبابا‬ ‫‪ 27-25‬مار�س‬ ‫معر�ض وم�ؤتمر دبي الدولي للإغاثة والتطوير‬ ‫(ديهاد)‪ ،‬دبي‬ ‫‪ 28-26‬مار�س‬ ‫م�ؤتمر معهد ما�سات�شو�ست�س للتقنية العالمي‬ ‫لل�شركات النا�شئة‪ ،‬ريو دي جانيرو‬ ‫‪� 4-3‬أبريل‬ ‫م�ؤتمر �سليكون فالي للتمويل الجماعي‬ ‫‪ ،SVCrowdFund‬بالو �ألتو‬ ‫‪� 16-13‬أبريل‬ ‫االحتفاء بالعمل الخيري في االقت�صادات النا�شئة‪،‬‬ ‫وا�شنطن العا�صمة‬ ‫‪� 25-23‬أبريل‬ ‫م�ؤتمر منتدى الأعمال الخيرية العالمي‪،‬‬ ‫ردوود �سيتي‬

‫‪81‬‬


‫زمن العطاء‬

‫في‬ ‫العدد القادم‬

‫عالم‬ ‫ٌ‬ ‫جدي ٌد رائع‬

‫من‬

‫الإبر الطبية التي ت�ستخدم لمرة واحدة �إلى‬ ‫�أنظمة ال�سداد الإلكترونية‪ ،‬تعمل م�ؤ�س�سات‬ ‫التطوير حول العالم على توظيف التقنيات‬ ‫المبتكرة في ٍ‬ ‫حلول تنقذ حياة النا�س‪ ،‬وتح�سين �إمكانية‬ ‫اغتنام الفر�ص المتاحة �أي�ضاً‪.‬‬ ‫تمتاز هذه الأدوات الجديدة ب�أنها �أ�سرع و�أرخ�ص‬ ‫تغير الطريقة التي تعمل بها‬ ‫و�أكثر فعالية وكفاءة‪ ،‬وهي ّ‬ ‫ال��وك��االت ميدانياً‪ ،‬وت�ق��دم ح�ل��و ًال عملية لم�شاكل كانت‬ ‫م�ستع�صية في ال�سابق‪.‬‬ ‫في عددنا القادم‪� ،‬سنتوجه �إل��ى الميدان لنرى ما‬ ‫ينجح على �أر�ض الواقع وما ال ي�صلح‪� .‬سندر�س الإمكانات‬ ‫_ والمخاطر _ الناجمة ع��ن ت�ع��اون القطاع الخا�ص‪،‬‬ ‫تغير وللأبد‬ ‫و�سنتفح�ص االبتكارات الجديدة التي قد ّ‬ ‫الطريقة التي يعمل بها المجتمع الإن�ساني‪n .‬‬

‫‪82‬‬


‫زمن العطاء‬

‫‪83‬‬


www.PhilanthropyAge.com


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.