الجزائر-المركز الجامعي تندوف
مجلة العلوم اإلنسانية
االتجاهات المستقبلية لالقتصاد النفطي في الجزائر )2016-2000( دراسة تحليلية خالل الفترة
لياس بومعراف.د
مراد صاولي.د
الجزائر/01 جامعة سطيف
الجزائر/جامعة قالمة :الملخص
تتناول هذه الدراسة أسباب انهيار أسعار النفط في األسواق العالمية ومستقبل األسعار في
بحيث أفرزت تداعيات خطيرة شكلت، وانعكاسات ذلك على االقتصاد الوطني،ظل التطورات الجارية
ومن تم استوجب األمر تعديل خططها التنموية،تحديات حقيقية خلفتها صدمة انهيار أسعار النفط
،لضبط أوضاع المالية العامة وتكتنف المسار المستقبلي ألسعار النفط أجواء كثيفة من عدم اليقين وتنشأ مخاطر التطورات السلبية من احتمال.مما يوحي باحتمال حدوث تقلبات على المدى القصير
يسعى موضوع البحث إلى توضيح.نمو الطلب بأقل من المتوقع في أهم االقتصاديات المتقدمة وتحليل النظم االستثمارية للنفط وإبراز النظم األكثر مواءمة وتجانسا مع الوضع االقتصادي الراهن
وضرورة تفعيل مصادر بديلة للدخل في سبيل تمويل موارد الميزانية العامة.الذي تعيشه الجزائر .للدولة
. مؤشرات اقتصادية، تنويع الصادرات، االقتصاد الصناعي، النفط:الكلمات االمفتاحية
Abstract : This study examines the reasons for the collapse of oil prices in world markets And the future of prices in case of the current developments And its implications for the national economy, So that it produced serious repercussions that posed real challenges left by the shock of the collapse of oil prices Those who did not need to adjust their development plans to adjust the fiscal situation The future course of oil prices is surrounded by an atmosphere of uncertainty Suggesting short-term volatility ,The risk of adverse developments arises from the possibility of lowerthan-expected demand growth in major developed economies. The research aims at clarifying and analyzing the oil investment systems and highlighting the most appropriate systems And its harmony with the current economic situation in Algeria And the need to activate alternative sources of income in order to finance the state budget resources Key words: oil, industrial economy, export diversification, economic indicators.
78
2017 جوان
د .مراد صاولي د .إليلس بومعراف مقدمة:
االتجاات المستقبلية لالقتصاد النفطي في الجزائر...
يعد النفط سلعة إستراتيجية لها أثرها الواضح بالنسبة للدول المصدرة لها السيما في
مجال التمويل فالمتتبع لسوق النفط يمكنه مالحظة أن أسعار هذه السلعة اإلستراتجية ،قد شهدت خالل األعوام القريبة الماضية انخفاض في أسعارها لم سبق لها مثيل ،وفي ضوء التداعيات التي يشهدها السوق النفطي وفي ظل هذا االنخفاض الحاد في أسعار النفط خالل فترة قصيرة طرح من جديد التساؤل حول العوامل األكثر أهمية في تفسير التغيرات
التي ستط أر على مستوى مؤشرات االقتصاد الكلي ويكمن القلق المتزايد بشأن هذه األزمة في تحولها إلى اضطراب يط أر على التوازن االقتصادي في األسواق
لقد برهنت التجارب الدولية بان النفط وسيلة مهمة لتحقيق النمو االقتصادي ،ويعد
النفط والغاز العمود الفقري لالقتصاد الجزائري وأساس موارده المالية كما تعد الجزائر الدولة التاسعة في منظمة أوبك بحسب عائدات النفط ،وقد صنفت الجزائر في المركز التاسع من
حيث صافي عائدات صادرات النفط لدول أوبك للنصف األول من عام 2008فاالنهيارات المتتالية ألسعار النفط في السوق الدولية ،وما صاحبها من هزات مخيفة على القتصاد
الوطني ،وبالتالي فاالنخفاض في قيمة مداخيل الجزائر من العملة الصعبة أثر بصفة مباشرة على التوازنات الكبرى لالقتصاد الجزائري ،وال شك أن مثل هذا التراجع سيؤدي إلى تدهور ميزان المدفوعات ،حيث كلما زاد اعتماد االقتصاد على عائدات النفط كان التأثير أشد فتولد الخسائر في عائدات تصدير النفط عج از شديدا في الموازنة وما يترتب على ذلك من انعكاسات محتملة في االقتصاد الوطني.
-1التصور النظري ومشكلة الدراسة:
تظهر وضعية العالقة بين أسعار النفط
وتحقيق التوازنات االقتصادية الكلية من حالل تأثيرها على مختلف المؤشرات
االقتصادية الكبرى في الجزائر ومن خالل مساهمته في تكوين الناتج المحلي اإلجمالي وهيكل الصادرات الجزائرية ،واستنادا إلى ما سبق تندرج إشكالية الدراسة
حول التساؤل الجوهري التالي:
-ما مدى نجاعة سياسة الجزائر إلدارة أزمة تدهور أسعار النفط على مستقبل
االقتصاد الجزائري ؟ وما هي البدائل المطروحة ؟
وتتفرع عن هذا التساؤل الرئيسي التساؤالت الفرعية التالية:
جوان 2017
79
مجلة العلوم اإلنسانية
المركز الجامعي تندوف -الجزائر
ما هي رهانات تنويع القاعدة اإلنتاجية في الجزائر وتنويع هيكل الصادرات والحد منالتبعية النفطية ؟
ما هي طبيعة العالقة التي تربط بين تدهور أسعار النفط و المؤشرات االقتصادية الكليةالقتصاد الجزائر؟ ما هي طبيعة العالقة التي تربط بين تدهور أسعار النفط وشروط التبادل الدولي فيالجزائر؟ -2فرضيات الدراسة :
تساهم حركة أسعار النفط في تحديد وضعية االقتصاد الجزائري ومؤشراته استق ار ار أواختالال. تتأثر المؤشرات االقتصادية الكلية للجزائر ارتفاعا وهبوطا بأسعار النفط . -تتأثر شروط التبادل الدولي بمعدالت تدهور أسعار النفط.
-3األهمية النظرية والتطبيقية للدراسة :
تكمن أهمية البحث في الدور الحيوي الذي يلعبه قطاع النفط في االقتصاد الجزائري والذي
يعد المصدر الرئيسي لدخلها القومي ،كما يعتبر أن النفط مورد نـاضب وزائل وجب التفكير في استراتيجيات بديلة له سواء من الناحية الطـاقوية أو من الناحية القطاعية. -4األهداف العلمية للدراسة :
معرفة تطور إنتاج النفط في الجزائر ،وبالتالي التحديات التي تواجه مستقبال استطالع التوقعات االقتصادية المستقبلية لالقتصاد الوطني. -استطالع التحديثات المستقبلية واآلفاق االقتصادية المتوقعة لالقتصاد الوطني.
-5منهج الدراسة واألدوات المستخدمة:
لقد تم اعتماد المنهج التاريخي من أجل استعراض تطور إنتاج وأسعار النفط خالل فترة الدراسة
،كما تم استخدام المنهج التحليلي اإلحصائي في الدراسة من أجل تحليل
اإلحصائيات واألرقام الخاصة بأسعار النفط و هيكل الصادرات الجزائرية . -6المراجعات الفكرية الدراسات السابقة: دراسة OUKACI Kamal1, SOUFI Nouaraبعنوان '' impact de la baissedes prix du pétrole sur l’économie algérienne : évaluation à l’aide
جوان 2017
80
د .مراد صاولي د .إليلس بومعراف
االتجاات المستقبلية لالقتصاد النفطي في الجزائر...
'' d’un modèle d’équilibre général calculable (MEGC),عام 2015بعد أن تعرض الباحث لدراسة سوق النفط الدولية واألزمة المالية لعام ،2008تناول أثر انخفاض أسعار النفط على االقتصاد الجزائري حيث تطرق إلى أهمية السوق النفطية في الجزائر ومدى مساهمتها في تكوين الصادرات ( ، )%98والناتج المحلي اإلجمالي في الجزائر ) ،(GDPوتطرق إلى الوسائل البديلة لتنويع مصادر الدخل واالتجاه نحو تنويع الصادرات خارج المحرقات.
)(1
-دراسة Fatiha Talahite
بعنوان ''
'' économiques en Algérieعام
reformes et transformations
2010تناولت فيها الباحث وضعة االقتصاد
الجزائري وضرورة اإلصالحات االقتصادية واالتجاه نحو سياسة الخوصصة ،وقد خلصت الباحثة نحو دراسة عن وضعة االقتصاد الجزائري في حالة انهيار أسعار النفط للسنوات
المقبلة وخي ار أعطت الباحثة إلى إعطاء مجموعة من المقترحات والتوصيات الواجب اتخاذها في حالة انخفاض أسعار النفط.
)(2
-دراسة مصطفى بودرامة بعنوان '' التحديات التي تواجه مستقبل النفط في الجزائر ''
عام 2008بعد أن تعرض الباحث لدراسة أسعار النفط عبر حقبة زمنية تتطرق إلى
دراسة قطاع النفط في الجزائر محتفظا بدور القائد بين باقي قطاعات االقتصاد حيث بلغت
اإليرادات النفطية أكثر من %65من اإليرادات العامة للدولة خالل الفترة ،هذا ويجب التنويه
إلى أن هناك بعض التحديات التي تواجه تجارة النفط على المستوى العالمي ،يجب على
الجزائر أن تتجاوب الجزائر مع المتغيرات اإلقليمية والعالمية النفطية باعتبار أن االقتصاد الجزائري اقتصاد ريعي علما أن الجزائر تواجهها تحديات مختلفة تتمثل في منافسة
المنتجين خارج منظمة األوبك وفي ترشيد استهالك الطاقة مع تطوير تكنولوجيا إنتاج بدائل النفط خصوصا إذا علمنا أن هذه المادة ستنضب في يوم من األيام وفي تعدد األسواق المختلفة.
)(3
جوان 2017
81
مجلة العلوم اإلنسانية
المركز الجامعي تندوف -الجزائر
-7حدود الدراسة:
-1الحدود المكانية :يقتصر االهتمام في هذا البحث على محاولة تحليل العالقة بين أسعار النفط ومختلف المؤشرات الكلية لالقتصاد الوطني الجزائري -2الحدود الرمانية :اشتملت الحدود الزمنية لبيانات سنوية خالل الفترة ()2016-2000 المحور األول :األفاق االقتصادية لتطورات أسعار النفط أوال -العوامل المؤثرة على تطور أسعار النفط العالمية:
يعد النفط حتى اآلن العامل الرئيسي في سوق الطاقة ،والذي تبلغ حساسيته إلي التأثر الشديد بالمؤشرات الكلية لالقتصاد ،إن األهمية البالغة للنفط في اقتصاديات العالم جعل من
سوقه يمتد ليشمل السوق الدولية الذي يتسم باتساع نطاق نشاطها ،كما أوضحت التطورات االقتصادية العالمية في مجال الطاقة النفطية خالل األعوام القليلة الماضية أن الدول الصناعية أصبحت أكثر قدرة على االستجابة للتطورات في أسعار النفط دون إحداث آثار
خطيرة على اقتصاده -1تحليل تطور أسعار النفط خالل الفترة ( : )1875-2000
منذ أن وشهد العالم عام 1960والدة منظمة األقطار المصدرة للبترول (أوبك) والتي هيمنت منذ مطلع السبعينيات التي شهدت تأميم الصناعة النفطية على أسواق النفط ،لهذا ارتبطت
أسعار النط بنشاط وصراعات الشركات البترولية العمالقة وذلك نتيجة لخصائص البترول ،فقد اعتمدت الشركات البترولية إلى حد كبير على الموارد البترولية األمريكية ،بيد أن هذه الهيمنة من طرف هذه الشركات أخذت بالتالشي في الثمانينيات مع الركود االقتصادي العالمي الذي أصاب الصناعة النفطية بمقتل .كما ظهرت في ثمانينيات القرن الماضي
"بورصة" النفط في نيويورك NYMEXووالدة ما يعرف بـالنفط الورقي والذي ترتب عليه
تداول لهذه السلعة اإلستراتيجية "في السوق اآلني " Spotجنباً إلى جنب مع "السوق المستقبلي " Futures.وبالتالي اعتمد العالم خالل تلك المرحلة في سد حاجاته البترولية على اإلمدادات البترولية األمريكية بشكل كبير.
أما بالنسبة لفترة السبعينات من القرن العشرين فقد شهدت الساحة البترولية تحوالت جذرية
أهمها تبوء منطقة الشرق األوسط مرك اًز أساسياً في إمداد العالم بالبترول وبقيت مرتفع ًة خالل معظم العقد الماضي (أكثر من 110دوالر بالنسبة إلى البرميل الواحد؛ وذلك لسببين جوان 2017
82
د .مراد صاولي د .إليلس بومعراف
االتجاات المستقبلية لالقتصاد النفطي في الجزائر...
أساسيين ،هما ارتفاع الطلب في دول مثل الصين ،ونقص اإلمدادات من دول كانت
سياسيا في الشرق األوسط ،كالعراق ،وليبيا .ونظ ار إلى تأخر استجابة العرض مضطربة ّ للطلب حينئذ ،أّدى ذلك إلى ارتفاع األسعار ،إال إن زيادة حصة اإلمدادات البترولية من
الشرق األوسط جاءت وليدة سياسات الشركات البترولية العالمية القائمة في زيادة معدالت إنتاج الزيت الخام من منطقة الشرق األوسط بأرخص األسعار.
)(4
شكل رقم ( :)1تطور أسعار النفط خالل الفترة ( )1875-2000
Source : Historical Crude Oil prices, 1861 to Present ›‹http://chartsbin.com/view/oau
وباستعراض تاريخ نظام أسعار البترول في منطقة الشرق األوسط نستطيع تحديده أنه مع اشتداد التقُلبات نشأت الحاجة إلى آليات تُ ّم كن المنتجين والمستهلكين من التحوط لهذه التقُلبات .واتسمت تعاقدات المعامالت الثنائية والعقود اآلجلة والخيارات بهذا التقُلب ،األمر
الذي زاد من تعقيد السوق
-2تحليل تطور أسعار النفط خالل الفترة ( : )2000-2016
يالحظ أن أسعار النفط العالمية اتسمت بالتراجع حتى عام ،1998حيث بدأت األسعار
بعدها بأخذ االتجاه الصعودي منذ أواخر عام 1999وبداية عام 2000شهدنا تحوال مهما في سوق النفط العالمي ,حيث اعتراه تغير أساسي نتيجة عودة منظمة األوبك باعتبارها العبا
جوان 2017
83
المركز الجامعي تندوف -الجزائر
مجلة العلوم اإلنسانية
رئيسيا في هذا السوق بعد فترة غياب طويلة تقلصت فيها قوتها .ومن جهة ثانية بلغت أسعار النفط ابتداء من سنة 2004مستويات قياسية تجاوزت سقف 100دوالر للبرميل
ولكن بفعل األزمة المالية في ديسمبر 2008انخفض الطلب على النفط ،مما أثر على أسعار النفط خالل هذه األزمة المالية باالنخفاض ،كما انخفضت أسعار النفط أكثر من النصف منذ أواسط عام 2014حتى بداية عام 2015فقد انخفض سعر إلى أقل من 50 الر في شهر جانفي 2015وهو أكبر انخفاض تشهده األسعار منذ انهيارها عام 2008 دو ً )(5 بسبب األزمة المالية العالمية شكل رقم ( :)2تطورات األسعار خالل الفترة -2003بداية .2016 الوحدة (دوالر/برميل)
المصدر :من إعداد الباحثين باالعتماد على الموقع االلكتروني التالي: http://www.opec.org/opec_web/en/data_graphs/40.htm?selectedTab=daily
لكن أسعار النفط تتغير مع اقترابنا من الوقت الحاضر ففي عام 2006حيث بدأ التقُلب يزداد بشدة ليصل إلى ذروته في عام 2008ليواصل االنخفاض من 81إلى 61
دوالر للبرميل الواحد في ديسمبر .2015
ثانيا -العوامل المؤثرة في أسعار النفط الخام:
يؤثر في تحديد أسعار النفط الخام العديد من العوامل األمر الذي يشغل الكثير من
المختصين و المهتمين الذي يعدون النفط كسلعة ال تخضع فقط لقوانين السوق ( قوى
جوان 2017
84
د .مراد صاولي د .إليلس بومعراف
االتجاات المستقبلية لالقتصاد النفطي في الجزائر...
العرض والطلب) حيث يزداد اإلنتاج أحيانا و لكن السعر يبقى ثابتا ،آو يزداد السعر ويبقى الطلب ثابتا ،على العموم العوامل المؤثرة في تحديد أسعار النفط هي كاألتي: -العوامل السياسية
العوامل االقتصادية العوامل اإلنتاجية -العوامل البيئية
-العوامل المالية
وجميع هذه العوامل تؤثر في تقلبات و مسارات أسعار النفط وغالبا ما تكون اشد
التقلبات هي التقلبات ذات الطابع السياسي واالقتصادي ،وربما يكون للعوامل السياسية
تأثيرات اكبر من العوامل األخرى حتى أعتبر النفط ويسبب أهميته الدولية و اإلستراتيجية ( القررات السياسية واالقتصادية سلعة مسببه) ،وهذا من شأنه ان يؤثر تأثي ار كبي ار في كافة ا للدول المصدرة للنفط مثلما يؤثر في ق اررات الدول المستوردة للنفط.
من هنا ظهر ما سمي بخطر السعر النفطي وما ترتب عليه من مخاطر وإشكاليات عديدة لحكومات الدول المصدرة للنفط والتي يعتمد اقتصادها على اإليرادات النفطية اعتمادا كليا .إن اإليرادات النفطية للدول المصدرة هي دالة ألسعار النفط وعدد البراميل المصدرة من النفط الخام
)R= f (P,Q
حيث:
: Rإيرادات النفط
: Pأسعار النفط الخام
: Qعدد البراميل المصدرة من النفط الخام
وان R=P.Q :
وتزداد اإليرادات النفطية وتنخفض تبعا للعالقة بين ) (P,Qوإذا ما علمنا أن Q,Pتتأثران بالعديد من العوامل فمن الطبيعي أن تكون إيرادات النفط عرضة للتقلبات ،وهكذا فان عدم
استقرار اإليرادات النفطية تؤثر في جميع الق اررات االقتصادية والسياسية للدولة المصدرة عامة ،وفي ق اررات الموازنة العامة فيها خاصة.
)(6
جوان 2017
85
المركز الجامعي تندوف -الجزائر
مجلة العلوم اإلنسانية
المحور الثاني :االقتصاد الجزائري وتحديات الصدمة النفطية الحالية
أوال -التطورات التي طرأت على المناخ االستثماري الجزائري من جراء تراجع أسعار النفط:
بعد انهيار أسعار البترول في الفترة الراهنة ،سعت الجزائر من خالل جهودها الرامية لتنويع
اقتصادها من أجل توفير مصادر دخل جديدة لتعويض تدني مداخيل إي إيرادات المحروقات
من جهة ،ومن جهة أخرى فقد شكل غياب التنويع االقتصادي صعوبات بالنسبة للجزائر من
حيث التعاون والتبادل مع الشركاء األجانب خاصة والعالم اليوم يشهد انفتاحا اقتصاديا يمس كل المجاالت ،ونظير هذين العاملين سعت الجزائر في إطار التنويع االقتصادي إلى تحسين
مناخ االستثمار من خالل
)(7
-1قانون االستثمار رقم 09/16مؤرخ في سنة ، 2016ويتعلق بترقية االستثمار:
جاءت هذه المبادرة تلبية النشغاالت المستثمرين المحليين والشركاء األجانب ،وذلك من أجل
تحفيز وتسهيل إجراءات االستثمار داخل الجزائر ،وأن هذا القانون عبارة عن مزايا وامتيازات ممنوحة للمستثمرين والذي يتضمن ما يلي:
-اإلعفاء من الحقوق الجمركية فيما يخص السلع المستوردة التي تدخل مباشرة في إنجاز
االستثمار.
اإلعفاء من الرسم على القيمة المضافة فيما يخص السلع والخدمات المستوردة أو المقتناةمحليا التي تدخل مباشرة في إنجاز االستثمار. -اإلعفاء من حق نقل الملكية والرسم على اإلشهار عن كل المقتنيات العقارية التي تدخل
في االستثمار.
تخفيض نسبة % 10من مبلغ اإلتاوة اإليجارية السنوية المحددة من قبل مصالح أمالكالدولة خالل فترة إنجاز االستثمار.
اإلعفاء لمدة 00سنوات من الرسم العقاري التي تدخل في إطار االستثمار. -اإلعفاء من الضريبة لمدة ثالث سنوات على أرباح الشركات.
تتكفل الدولة كليا أو جزئيا بنفقات األشغال المتعلقة بالمنشآت األساسية الضرورية إلنجازاالستثمار.
-منح األراضي عن طريق االمتياز بالدينار الرمزي من أجل إنجاز مشاريع االستثمار.
ثانيا -أهمية قطاع المحروقات بالنسبة لالقتصاد الجزائري :يعتمد االقتصاد الجزائري
بشكل شبه مطلق على المحروقات إذ أنه حوالي ثلثي اإلنتاج المحلي والدخل القومي جوان 2017
86
د .مراد صاولي د .إليلس بومعراف
االتجاات المستقبلية لالقتصاد النفطي في الجزائر...
مصدرهما إنتاج المحروقات ،إضافة لكون أكثر من %60من اإليرادات المحلية للميزانية العامة ،مصدرها األرباح التي تجنيها الحكومة من صادرات البترول والغاز ،كما أنه يلعب
دور غير مباشر في دعم أجور ورواتب العمل ،وتمويل االستهالك العام والخاص ودعم
نشاطات اإلنتاج من زراعة وصناعة تحويلية ،ودعم الصناعة البترولية ومنتجاتها المكررة كما يلي: -1مساهمة النفط في التجارة الخارجية الجزائرية :تتميز الصادرات الجزائرية بسيطرة قطاع الطاقة والمحروقات وعدم تنوع صادراتها للبحث عن مصادر بديلة للدخل ،بالرغم من انتهاجها برامج من اإلصالحات االقتصادية وتحرير التجارة الخارجية بغية االنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة ،والجدول الموالي يوضح أهم تطورات قيمة الصادرات الجزائرية
خالل الفترة (.)2000-2016
جدول رقم ( :)1تطور الصادرات الجزائرية للمحروقات وخارج المحروقات السنوات 2000 2001 2002 2003 2004 2005 2006 2007 2008 2009 2010 2011 2012 2013 2014 2015 2016
خالل الفترة )(2016 -2000 صادرات خارج المحروقات صادرات المحروقات النسبة القيمة (مليار دوالر) القيمة (مليار دوالر) النسبة 2.73 0.59 97.27 21.06 2.93 0.56 97.07 18.53 3.21 0.60 96.97 18.11 1.92 0.47 98.08 23.99 2.08 0.67 97.92 31.55 1.60 0.74 98.40 45.59 2.06 1.13 97.94 53.61 1.62 0.98 98.38 59.61 1.78 1.40 98.22 77,19 1.70 0.77 98.30 44.41 1.70 0.97 98.30 56.12 1.69 1.23 98.31 71.66 1.60 1.15 98.38 70.58 1.71 1.10 98.29 63.33 2.58 1.66 90.73 58.46 2.30 1.48 46.10 33.08 2.25 1.45 42.05 27.10
المصدر :من إعداد الباحث باالعتماد على - :التقرير السنوي لبنك الجزائر ،2015ص.65 : -و ازرة المالية :إحصائيات التجارة الخارجية الجزائرية لسنة 2016ص.17 :
جوان 2017
87
المركز الجامعي تندوف -الجزائر
مجلة العلوم اإلنسانية
تشكل المحروقات %98من الصادرات الجزائرية ،وتساهم بنحو %60من الدخل الوطني ،ويتوقع استمرار تراجع أسعار النفط ،خالل عام 2017و .2018بلغت إيرادات الميزانية في سنة 2005قيمة 5103.1مليار دينار مقابل 5 738,4مليار دينار عام
2014أي بانخفاض قدره 635.3مليار دينار ( )%11.1نتج هذا االنخفاض المعتبر في إجمالي إيرادات الميزانية كليا عن االنخفاض في إيرادات المحروقات ( -1014.9مليار دينار أي ما يعادل ،)% 30-وذلك بالرغم من االرتفاع المعتبر لإليرادات من غير إيرادات
المحروقات بمبلغ 379,7مليار دينار ) )%16.2انخفضت إيرادات المحروقات عام 2015 بنسبة % 30مقابل انخفاض بـ %7.9عام ، 2014منتقلة من 3388.4مليار دينار عام 2014إلى 2373.3مليار دينار عام 2015أصبحت الضريبة البترولية ال تمّثل إالّ
1.4مرة مبلغ الضريبة المدرجة في الميزانية لعام 2015على أساس السعر المرجعي ( 54دوالر للبرميل) مقابل 2.15مرة عام 2015نسبة إلى إيرادات الميزانية الكلية ،بلغت إيرادات المحروقات % 46.5في سنة 2015مقابل % 59عام 2014و % 61.7عام
2013وتغطي % 31من نفقات الميزانية الكلية مقابل % 48.4عام 2014و% 61.1 عام 2013وبالمثل وبعدما كانت هذه اإليرادات من المحروقات تمثل %75.4من النفقات
الجارية في عام 2014أصبحت ال تمّثل سوى % 51.4منها في سنة 2015مما يعكس
تدهو ار في تغطية النفقات الجارية من طرف إيرادات المحروقات .وقد يندرج هذا التدهور في التغطية ضمن توجه على المدى المتوسط نظ ار آلفاق استقرار متوسط سعر البترول عند مستويات ضعيفة إلى سنة ،2019بلغت اإليرادات خارج المحروقات عام 2015بحوالي
2729.6مليار دينار ،أي بزيادة نسبتها % 16.2مقابل % 3.1عام . 2014انتقلت نسبتها إلى إيرادات الميزانية الكلية من % 41عام 2014إلى % 53.5عام %من
،2015السيما بسبب انخفاض الضريبة البترولية .وتُ ّمول هذه اإليرادات 35.7 النفقات الكلية مقابل % 33.6عام 2014ولم تُغطي النفقات الجارية بواقع % 59.1
مقابل % 52.3عام .2014
)(8
-2النفط والجباية البترولية:
تتميز التجارة الخارجية للجزائر باالعتماد على قطاع المحروقات الذي يمثل أكثر من
%97,5من الصادرات الجزائرية والذي يعتبر المورد األساسي للعملة الصعبة ،ومما يمكن استنتاجه من صادرات الجزائر أنها اعتمدت التصدير األحادي مما يجعل الميزان التجاري جوان 2017
88
د .مراد صاولي د .إليلس بومعراف
االتجاات المستقبلية لالقتصاد النفطي في الجزائر...
جد متأثر بأسعار البترول ،أما بالنسبة للجباية البترولية والتي تعتبر طرف مهم في عملية تطوير االقتصاد الوطني ،وتوجيه ودفع األنشطة االجتماعية واالقتصادية ،إذ تتضح أهميتها
في تمويل نفقات التجهيز ،ففي سنة 2001مثال ساهمت ب %66من مداخيل الدولة الضريبية ،فهذه الحصة تعكس عدم استقرار اإلنتاج الزراعي وهشاشة الخدمات والصناعة الحديثة ،كما تساهم الجباية البترولية في إنعاش االقتصاد الوطني خاصة من خالل االستثمارات المحققة في مجال المحروقات. -3مساهمة النفط في القطاع الصناعي:
تكمن أهمية المحروقات في المساهمة في خلق وحدات صناعية والتموين بالتجهيزات
الالزمة في إطار الوظيفة المالية لقطاع المحروقات ،وفي التحويالت البتروكيماوية ،كما
تستعمل المحروقات كمادة أولية وسيطية في الكيمياء العضوية كتكرير البترول الذي يمكن
من الحصول على قائمة طويلة من المنتجات النهائية _كالبنزين ،البوتان ،الزيوت) ،حيث استطاعت الجزائر تحقيق الكثير من النمو.
)(9
في حين بلغت صادرات المواد الغذائية 6.7مليارات دوالر خالل األشهر العشرة األولى من
،2016وبلغت واردات المواد الخام 1.2مليار دوالر ،ولذلك وجدنا أن دور الصناعات التحويلية بالمساهمة في الناتج من أقل األنشطة اإلنتاجية .وحين تعتمد الدولة بشكل رئيس على استيراد الغذاء ،فإن ذلك يعني أن درجة اعتمادها على الخارج كبيرة ،ويكرس لمزيد من التبعية ،فالواردات الغذائية تمثل % 17.4من إجمالي الواردات خالل الفترة ،كما أن قلة قيمة واردات المواد الخام تدل على تراجع حركة الصناعة في الجزائر ،وأنها تعتمد على
استيراد السلعة تامة الصنع.
)(10
-4مساهمة النفط في الناتج المحلي اإلجمالي:
يعكس هيكل الصادرات السلعية للجزائر الخلل في بنية ناتجها المحلي اإلجمالي،
فصادرات النفط والغاز بلغت 21.3مليار دوالر ،وبما يمثل نسبة ،% 94بينما الصادرات السلعية غير النفطية بلغت 1.4مليار دوالر ،بما يمثل %6.3فقط. تكشف اإلحصائيات الموالية نسبة مساهمة النفط في الناتج المحلي اإلجمالي ،ما يعكس
أهمية و االرتباط الشديد لقطاع النفط باالقتصاد الجزائري ومساهمته بنسبة كبيرة في الناتج المحلي االجمالي.
جوان 2017
89
المركز الجامعي تندوف -الجزائر
مجلة العلوم اإلنسانية
جدول رقم ( :)2مساهمة البترول في الناتج المحلي اإلجمالي
المصدر : :من إعداد الباحث باالعتماد على :النشرات اإلحصائية لبنك الجزائر
من خالل الجدول السابق يتبن لنا العالقة الطريدة بين أسعار ارتفاع أسعار
البترول ونمو الناتج المحلي اإلجمالي خالل الفترة ( ،) 2005-2008من جهة أخرى
وبانخفاض أسعار البترول للسنة 2009انعكس ذالك سلبا على الناتج المحلي اإلجمالي في الجزائر ،كما يظهر ارتباط الناتج المحلي اإلجمالي مع أسعار البترول خالل سنوات 2013حتى 2015مع بداية ظهور أزمة انخفاض البترول. شكل رقم ( :)3تطور نسبة مساهمة قطاع المحروقات في تكوين الناتج المحلي اإلجمالي في الجزائر خالل الفترة (.)1993-2014
المصدر:من إعداد الباحثين باالعتماد على النشرات اإلحصائية لبنك الجزائر
كما يتوقع أن يتراجع إجمالي الناتج المحلي ليصل إلى %3.6في السنوات المقبلة ،كما
يتوقع أن تكون الزيادة اإلنتاج في اآلبار النفطية الجديدة إلى تخفيف األثر السلبي للتراجع المتوقع في أسعار النفط على المؤشرات الكلية لالقتصاد.
ثالثا :تداعيات انخفاض أسعار النفط على االقتصاد الجزائري :بدت جليا تداعيات انخفاض
أسعار النفط على االقتصاد الجزائري بالرغم من وجود سياسة احتياطية مالية وقائية ,وهو ما
يعرف“ بصندوق ضبط اإليرادات الذي أنشىته الجزائر عام 2000مع انطالق طفرة أسعار
جوان 2017
90
د .مراد صاولي د .إليلس بومعراف
االتجاات المستقبلية لالقتصاد النفطي في الجزائر...
النفط لكن مخرجات هذه األزمة كانت غير محسوب لها نظ ار لخطورة الوضع القائم ,وكانت أهم هذه التداعيات هي ):(11
انخفاضات مستعرة في إيرادات تصدير النفط ,فقد تراجعت مداخيل صادرات النفط فيالجزائر بحوالي النصف تقريبا حيث سجلت سنة 2015قيمة 14.91مليار دوالر فقط
مقابل 27.35مليار دوالر عام 2014أي بانخفاض قدر بحوالي % 45.47غير انه ال يزال في انخفاض حتى ديسمبر ,2016
-خسائر كبيرة في أرصدة المالية العامة :حيث تضاعف عجز المالية العامة ليصل تقريبا
إلى % 16من إجمالي الناتج المحلي عام , 2015وقد اتسع هذا العجز حتى سنة 2016
بحيث أن تعادل موازنة عام 2016يتطلب سعر البترول عند مستوى 110دوالر وهو أمر مستبعد حاليا.
-عجز في الحسابات الخارجية :حدث اتساع حاد في عجز الحساب الجاري بلغ 7.87
مليار دوالر في النصف األول من عام 2015وهذا بسبب تراجع الصادرات وارتفاع الواردات إلى % 71عوض % 11في النصف األول من عام .2014 -كما نخفض احتياطات الصرف بمقدار 35مليار دوالر عام 2015لتبلغ 143مليار
دوالر مقارنة بمستوى الذروة الذي بلغ 194مليار دوالر عام .2013
انخفاض سعر الدينار مقابل العمالت األجنبية األخرى كالدوالر واليورو وهو ما نجم عنهضعف في سياسة المعيشة لألفراد داخل المجتمع المدني الجزائري.
رابعا :سياسة الحكومة الجزائرية بالحلول المتاحة والبدائل المطروحة للنهوض باالقتصاد الجزائري:
لقد اتخذت السلطات الجزائرية سياسة تتضمن العديد من اإلجراءات والتدابير بغرض ضبط أوضاع المالية العامة وتحييد اثر الصدمة على النمو االقتصادي حيث شملت ما يلي : )(12
استخدمت الحكومة الفوائض الموجودة في المالية العامة والمتاحة في صندوق ضبطاإليرادات للحد من اثر تراجع أسعار النفط على النمو االقتصادي.
–اتخذت الدولة الجزائرية تدابير حاسمة في موازنة 2016لتكريس مسار الضبط المالي
عبر إحراز مزيد من التقدم في ترشيد اإلنفاق وخفض التكاليف التي تتحملها المالية العامة,حيث انخفضت نفقات ميزانية 2016مقارنة بعام 2015بنسبة .% 8.8 جوان 2017
91
مجلة العلوم اإلنسانية
المركز الجامعي تندوف -الجزائر
–تدابير التقشف المجحفة بحق المجتمع المدني التي شملت تخفيض االستثمار العمومي وتقليص الواردات مع فرض رخص االستيراد على منتجات منها :السيارات,إضافة إلى خفض التوظيف في القطاع العام وتفعيل عملية اإلحالة على التقاعد بعد سن 60سنة.
ضخ المزيد من االستثمارات في مختلف القطاعات كالفالحة ,الصناعة والخدماتوالسياحة لرفع نسبة النمو خارج المحروقات التي من شانها أن تعطي قيمة مضافة لتعويض صادرات المحروقات تدريجيا.
-لقد أعدت الحكومة الجزائرية عام 2013النظر في قانون الهيدروكربون وأدخلت عليه
تغييرات أساسية أبرزها منح حوافز ضريبية وتشجيع الغاز الصخري كطاقة متجددة على غرار الطاقة الشمسية واستغالل طاقة الرياح. –رفع كفاءة المعدات في استهالك الطاقة وتخفيض كمياتها مع مواكبة التطور التكنولوجي في مختلف المجاالت االقتصادية واالجتماعية والسياسية. الخاتمة :
يعتبر النفط سلعة إستراتيجية تلعب دو ار محوريا مهما في تحريك االقتصاد العالمي كما يعد النفط ثروة وطنية ينبغي االستفادة منها في تنمية اقتصاد البلد خاصة وان االستثمار النفطي األجنبي يفتح أفاقا هائلة أمام التنمية االقتصادية فهو يوفر فرصة حقيقية للتنمية االقتصادية،
إن لالستثمار النفطي أهمية بالغة وكبيرة في خدمة اقتصاديات ،وزيادة نموها وزيادة مستوى الرفاهية ،لذا تعد عملية االستثمار في القطاع النفطي من العمليات الهامة في تغيير جذور االقتصاد من اقتصاد ريعي إلى جعل النفط جس ار لتنمية القطاعات كافة. لكن هذه الفكرة نسبية للغاية فهذه السياسة لتي تنتهجها الدولة والتبعية النفطية قد تنقلب في غير صالح الدولة
وتتكبد خسائر ناتجة عن انخفاض أسعار النفط
يشكل المسار المتعرج ألسعار النفط تحدياً خطي ار يواجه معظم البلدان النفطية نظ ار الرتباط جهود التنمية االقتصادية بتدفقات المورد النفطي ،والمرتبط أساسا بعوامل خارجية في أسواق النفط العالمية .على هذا األساس يجب تبني سياسات اقتصادية متعددة لتصدي لصدمات
أسعار النفط في هذه البلدان .لقد انخفضت أسعار النفط بمقدار النصف األخير من سنة 2014وبعد مرور أقل من شهر وفي سنة 2015عاودت باالنخفاض كذالك وزادت شدة جوان 2017
92
د .مراد صاولي د .إليلس بومعراف
االتجاات المستقبلية لالقتصاد النفطي في الجزائر...
االنخفاض في أسعار النفط بشكل لم يسبق لها مثيل منذ عام 2008حينماهوت األسعار إلى 40دوالر للبرميل.
تعد المؤشرات االقتصادية السلبية التي شهدتها الجزائر منذ عام 2014ومن بينها
زيادة العجز في الميزان التجاري كاشفة عن خلل في بنيته االقتصادية ،وأنه اقتصاد ريعي
يفتقد إلى تنويع في قاعدته اإلنتاجية في مجاالت الصناعة والزراعة ،يتمحـور االقتصــاد الج ازئــري أساســا حــول اسـتغالل المحروقــات .كمــا أن االســتيراد المكثـف للم ـواد األوليـة يزيد
من حجم العجز في الميـزان التجـاري ،وأمـام التقلبـات التـي تؤثـر علـى صـادرات المحروقات (أسـواق عالمية متغيـرة ،انخفـاض االحتياطيـات الوطنية ،منافسـة الطاقـات البديلة) يتعيـن علـى الج ازئـر االسـتثمار فـي القطاعـات اإلنتاجيـة المسـتدامة المحدثــة للثــروة . اختبار فرضيات الدراسة:
الفرضية األولى :لم تفلح جهود التنويع االقتصادي في الجزائر في فك االرتباط بقطاعالنفط رغم تضمين سياسة التنويع االقتصادي كهدف أساسي في كافة خطط التنمية االقتصادية .وعلى الرغم ما شهدته الجزائر من النمو الطفيف في حجم الصادرات خارج المحروقات ،إال أن هبوط أسعار النفط كشف بوضوح عمق ارتباط هذه القطاعات بنشاط القطاع النفطي ،وهذا ما يثبت صحة الفرضية األولى.
الفرضية الثانية :كان النخفاض أسعار النفط أثار شديدة على االقتصاد الوطني ،وتفاقمت مواطن الضعف واالختالالت الهيكلية مما أدى إلى تدهور حاد ألوضاع المالية
العامة وميزان المدفوعات
واتسع عجز المالية العامة وتدهور قيمة الناتج
المحلي
اإلجمالي ،فيما يرجع إلى حد كبير إلى هبوط العائدات النفطية وارتباط االقتصاد الوطني بأسعار النفط ،وهذا ما يثبت صحة الفرضية الثانية.
الفرضية الثالثة :إن االنخفاض المتراكم فـي أسـعار النفـط منذ عـام 2015ـ ،حيـث سـجلتأسـعار النفـط المحققـة مسـتويات أدنـى مـن التوقعـات .ومـن شـأن ت ارجـع أسـعار النفـط والغـاز
وانخفـاض كميـات إنتاجهـا أن يدفـع الناتـج المحلـي اإلجمالـي االسـمي إلـى االنخفاض
بمعـدالت كبيرة فــي السنوات المقبلة ويعــد التدهور فــي شــروط التبــادل التجــاري بمثابة تراجع في النمو االقتصادي للدولة ،وهذا ما يثبت صحة الفرضية الثالثة.
جوان 2017
93
مجلة العلوم اإلنسانية
المركز الجامعي تندوف -الجزائر
نتائج الدراسة:
تفسر لنا هذه األرقام طبيعة أداء التجارة الخارجية ،التي تعتمد بشكل رئيس على صادراتالنفط والغاز ،وكذلك زيادة االعتماد على استيراد الغذاء ،وأن االقتصاد فقير في مجال
الصناعات التحويلية ،لذلك تتأزم معامالته الخارجية مع كل أزمة تحدث في أسعار النفط
بالسوق الدولية.
مما تقدم أصبح واضحا أن النخفاض أسعار النفط الخام العالمية مخاطر تشكل تهديداخطي ار على االقتصاد الوطني . ضعف تأثير مساهمة اإليرادات غير النفطية في الجزائر في تمويل االقتصاد الوطنيشكل خلال في المؤشرات الكلية لالقتصاد الوطني.
-على الرغم من التراجع الحاد في أسعار النفط ،تمكنت الجزائر من االحتفاظ بمعدل نمو
اقتصادي جيد في عام 2015 من المتوقع أن يتباطأ إجمالي الناتج المحلي الحقيقي ليصل إلى مستويات أدنى فيالسنوات المقبلة إذا ظلت أسعار النفط في االنخفاض توصيات الدراسة:
تعتبر الفالحة مستقبل االقتصاد الجزائري ومن البدائل الطبيعية لتحصين ميزانها التجاريخاصة عقب انخفاض أسعار النفط وهبوطها الحاد في السوق الدولية .
تفعيل منافذ التنمية لتكون بديلة عن النفط ،كالزراعة والصناعة والسياحة. -تفعيل اإليرادات غير النفطية ( اإليرادات الجنائية والضريبية)
إسناد القطاع الخاص كقطاع محرك للنمو ومصد اًر حيوي لتوليد فرص العمل وضع إستراتيجية لترقية الصادرات خارج المحروقات من خالل تأهيل االقتصاد الوطنيوالمؤسسات والنهوض باالستثمار األجنبي المباشر
وضـع نمـوذج صناعـي جديـد يكون أكثـر تنافسـية ،وقــادر علــى خلــق المزيــد مــن فــرصالعمــل ويســاهم فــي التنميــة المحليــة
جوان 2017
94
...االتجاات المستقبلية لالقتصاد النفطي في الجزائر
إليلس بومعراف. مراد صاولي د.د :الهوامش والمراجع
-- OUKACI Kamal1, SOUFI Nouara , impact de la baisse des prix du pétrole sur l’économie algérienne : évaluation à l’aide d’un modèle d’équilibre général calculable (MEGC), Colloque sur : Les politiques d’utilisation des ressources énergétiques : entre les exigences du développement national et la sécurité des besoins internationaux , setif 01 /2015 (2) - Fatiha Talahite, reformes et transformations économiques en Algérie, rapport en vue de l’obtention du diplôme habilitation a diriger des recherches , UFR de Sciences économiques et de gestion, Université Paris 13-Nord , France 2010. المؤتمر العلي الدولي حول التنمية،التحديات التي تواجه مستقبل النفط في الجزائر، مصطفى بودرامة-(3) (1)
جامعة، كلية العلوم االقتصادية والتجارية وعلوم التسيير،المستدامة والكفاءة االستخدامية للموارد المتاحة 2008 ،سطيف (4)
-Chute des cours du pétrole : les Algériens face à une période d'austérité http://www.france24.com/fr/20160111-algerie-economie-chute-baril-petrole-haussecarburant-vie-courante-inflation-dinar (5) –Algérie consultation de 2016 au titre de l’article IV communique de presse ; rapport des services du FMI, Rapport du FMI 16/127 مخاطر وإشكاليات انخفاض أسعار النفط في إعداد الموازنة العامة للعراق وضرورات، سهام حسين البصام-(6) بغداد33 مجلة كلية بغداد للعلوم االقتصادية الجامعة العدد،تفعيل مصادر الدخل الغير نفطية دراسة تحليلية 06 ، ص، 2013 دور تراجع أسعار المحروقات في تحسين مناخ االستثمار في، شربي محمد األمين و مالل شرف الدين-(7) أداة التحول نحو: اإلستراتيجية االقتصادية الجديدة: ورقة بحثية مقدمة للملتقى الوطني األول حول،الجزائر 11 ص،2017 جامعة ورقلة، كلية العلوم االقتصادية و التجارية وعلوم التسيير، اقتصاد الفاعلية
78 التطور االقتصادي والنقدي للجزائر ص2015 التقرير السنوي-(8) (9) - http://kanz-redha.blogspot.com/2011/08/blog-post_3833.html (10) -- See more at: https://www.alaraby.co.uk/economy/2016/12/13/ سياسة الجزائر تجاه تدهور اسعار النفط وتداعاياته على مستقبل االقتصاد “البدائل، ونانسة سهام-(11)
”المطروحة http://democraticac.de/?p=43039 . (– الموقع االلكتروني السابق12)
95
2017 جوان