العدد 01
مجلة العلوم اإلنسانية – المركز الجامعي تندوف -الجزائر
اإلسالم وقضايا المرأة د /عبد الباقي عجيالت جامعة سطيف -02الجزائر ملخص: لقد كشفت كثير من الدراسات العلمية أن الشريعة اإلسالمية قد حررت المرأة من كل قيود العبودية ،ورفعت من شأنها منذ فجر اإلسالم ،ومنحتها الكثير من الحقوق لم تنلها المرأة الغربية إال حديثا وتوضيح رؤية الدين اإلسالمي للمرأة ومدى عنايته بها ،من خالل تناوله لمختلف قضاياها كمساواتها مع الرجل ،ومنحها الحق في طلب العلم والعمل والمي ارث والتملك ،وحتى المشاركة السياسية كاالنتخاب (المبايعة) وتقديم المشورة في الشأن السياسي وهذا ما يعكس لنا بجالء عظم المكانة التي حددها لها ديننا الحنيف ،وهذا ما دفعنا إلى إعداد هذا المقال. الكلمات المفتاحية :الشريعة االسالمية ،المرأة ،المرأة الغربية ،المساواة مع الرجل، حقوق المرأة.
Abstract: Many scientific studies have revealed that Islamic law has freed women from all the restrictions of slavery and raised them since the dawn of Islam, and granted them many of the rights that Western women have only recently, and to clarify the vision of the Islamic religion for women and the extent of their attention to it, And to give them the right to seek knowledge, work, inheritance and ownership, and even political participation such as election and the provision of advice in political affairs, which clearly reflects the great status of our religion, and this led us to prepare this article. Keywords: Islamic law, Woman, Western woman, Equality with man. Women's rights
جوان 2017
8
د .عبد الباقي عجيالت
اإلسالم وقضايا المرأة
مقدمة : لقد اعتقد الكثير من الغربيين بظلم اإلسالم للمرأة واستعبادها من طرف الرجل وحرمانها من كل حقوقها اإلنسانية ظنا منهم أن الدين اإلسالمي والعادات والتقاليد من أبرز العوامل التي تحول دون تحرر المرأة في المجتمعات العربية واإلسالمية من قيود العبودية والتبعية للرجل وهي بذلك تطمس قدرها وكرامتها ،بل وتشكل حائال يحول دون مساهمتها الفعلية في أي ممارسة تكون لصالح المجتمع وتقدمه ،فنادوا بضرورة تحريرها من العادات والتقاليد والتعاليم الدينية الرجعية –حسب اعتقادهم -التي لم تعد تصلح لتواكب التطورات الحضارية التي شهدتها اإلنسانية. واألدهى من ذلك اعتقاد كثير من النساء المسلمات بهذا األمر واعتبار أنفسهم ضحايا هذا الدين الحنيف الذي لم يميز يوما بين ذكر وأنثى إال بالحق فرحن يطالبن بحقوقهن من خالل منظمات حقوقية نسوية ،جهال منهن بعظمة هذا الدين وتعاليمه السمحة ،وعلى هذا األساس قمنا بإعداد هذا المقال لتوضيح أن الدين اإلسالمي منهج حياة يقوم على العدل واإلنصاف ال الظلم واإلجحاف خصوصا وأن المرأة شأنها شأن الرجل لها حقوق وعليها واجبات . أوال :المساواة بين الجنسين : لقد أعلن اإلسالم أن الرجل والمرأة صنوان من حيث النشأة وأنهما متساويان في الحقوق والواجبات ،ولقد نزلت اآليات وتواترت األحاديث تقرر هذه المساواة ،فرفع بذلك اإلسالم من امرة ،1فالقرآن الكريم شان المرأة وكون شخصيتها ،وقرر حريتها وكرامتها كابنة وزوجة وأم و أ حينما تحدث عن األصل الذي تفرع عنه اإلنسان جعل المرأة شريكة الرجل ،ومن مجموعها تعددت القبائل والشعوب وانتسب األفراد بالبنوة لكل من الرجل والمرأة ،وبذلك كان الرجل أبا القرن الكريم ذلك نعمة على اإلنسان توجب عليه الشكر ،وتوجب وكانت المرأة أما ،واعتبر آ جوان 2017
9
مجلة العلوم اإلنسانية
المركز الجامعي تندوف -الجزائر
عليه تقوى هللا تعالى ،وتوجب عليه النظرة المستقيمة إلى أخيه اإلنسان الذي يشاركه في 2 ُّها معنى اإلنسانية ،وفي نسبته إلى األصل الذي تكون منه ،مصداقا لقوله تعالىَ" :يا أَي َ الناس اتَُّقوا رب ُ َّ ِ ِ س وِ ٍ ير اح َد ٍة َو َخَل َق ِم ْن َها َزْو َج َها َوَب َّث ِم ْن ُه َما ِرَج ااال َكِث اا َ َّ ُ َّك ُم الذي َخَلَق ُك ْم م ْن َنْف َ وِنساء واتَُّقوا َّ َّ ِ ان َعَل ْي ُك ْم َرِق ايبا" ،3وفي قوله أيضاَ" :يا اءُلو َن ِب ِه َو ْاأل َْرَح َام ِإ َّن َّ َّللاَ َك َ َ َ ا َ َّللاَ الذي تَ َس َ َّللاِ ِ ِ ِ ِ ُّها َّ وبا َوَقَبائ َل لتَ َع َارُفوا ِإ َّن أَ ْك َرَم ُك ْم ع ْن َد َّ اك ْم م ْن َذ َك ٍر َوأ ُْنثَى َو َج َعْلَن ُ اس ِإَّنا َخَلْقَن ُ اك ْم ُش ُع ا الن ُ أَي َ
اكم ِإ َّن َّ ِ يم َخِب ٌير" ،4وعليه فقد شرع الزواج الذي يتم عن طريق التراضي بين َّللاَ َعل ٌ أ َْتَق ُ ْ الطرفين"فعلى الراغب في الزواج أن يختار شريك حياته على أسس معينة ،وزكى اإلسالم في
المرأة التقوى والتدين ،وطالب المرأة كذلك أن تتعرف على من يريد الزواج بها ليكون كل منهما على بينة من أمر اآلخر ،وإذا كان اإلسالم طلب من المرأة التزين للرجل" .5 "فالزوجية في نظر القرآن الكريم ليست كعقد البيع واإليجار وليست استرقاقا وأس ار كما يفعل بمن يراد استرقاقه ،وإنما هي ميثاق غليظ ،وعهد قوي متين ترتبط به القلوب ،وتختلط المصالح ،ويندمج به كل من الطرفين في صاحبه ،فيتحد شعورهما ،وتلتقي رغباتهما وأمالهما ،هي عالقة دونها عالقة الصداقة ،وعالقة القرابة ،وعالقة األبوة والبنوة ،وقدر من هللا على عباده بأن أفرغ عليها الصبغة التي جعلتها أسمى أنواع العالقات وأحقها بالتقدير واالعتبار".6 ويكشف لنا القرآن الكريم في كثير من مواقعه هذه المساواة بجالء في قوله تعالى": ِ ِ ِ َّ وَقضى رب َّ َح ُد ُه َما أ َْو ِك َال ُه َما ُّك أَال تَ ْعُب ُدوا ِإال ِإيَّاهُ َوبِاْل َوال َد ْي ِن ِإ ْح َس اانا ِإ َّما َيْبُل َغ َّن ع ْن َد َ َ َ َ َ ك اْلكَب َر أ َ 7 ٍ َّللاَ َوَال تُ ْش ِرُكوا اعُب ُدوا َّ يما" ،وفي قوله أيضاَ " :و ْ َف َال تَُق ْل َل ُه َما أُف َوَال تَْن َه ْرُه َما َوُق ْل َل ُه َما َق ْواال َك ِر ا
ِب ِه َشيائا وبِاْلوالِدي ِن ِإحس اانا وب ِِذي اْلُقربى واْليتَامى واْلمس ِ ين َواْل َج ِار ِذي اْلُق ْرَبى َواْل َج ِ اك ِ ار اْل ُجُن ِب َْ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َْ ْ َ َ 8 ِ الص ِ لسِب ِ ور" اال َف ُخ اا يل َو َما َمَل َك ْت أ َْي َم ُان ُك ْم ِإ َّن َّ اح ِب ِباْل َج ْن ِب َو ْاب ِن ا َّ َو َّ ان ُم ْختَ ا َّللاَ َال ُيح ُّب َم ْن َك َ
إذ لم يفاضل في هذا الشأن بين الرجل والمرأة وإنما جعلهما في مرتبة واحدة وهي مرتبة
جوان 2017
10
د .عبد الباقي عجيالت
اإلسالم وقضايا المرأة
اإلجالل والتكريم ،ال سيما وأن هللا تعالى جعل طاعتهما من طاعته ،ومعصيتهما من معصيته ،كما وقد أشاد اإلسالم بعظم الدور الذي تقوم به المرأة السيما في مرحلة األمومة، وذلك نظ ار لما تتحمله من مشاق الحمل والوضع والرضاعة والتربية والحضانة.....الخ ،وقد
ص ْيَنا ِْ ُم ُه َو ْهانا ان ِب َوالِ َد ْي ِه َح َمَل ْت ُه أ ُّ كان القرآن الكريم مصدقا لهذا في قوله تعالىَ " :وَو َّ اإل ْن َس َ اش ُكر لِي ولِوالِديك ِإَل َّي اْلم ِ ِ ِ ام ْي ِن أ ِ ص ُير".9 َ َ َْ َ َن ْ ْ َ صالُ ُه في َع َ َعَلى َو ْه ٍن َوف َ القرن الكريم حينما جاء بوصايا احترام الوالدين معا وبتخصيص األم بنوع من "إن آ العناية ،جاء منظما كما تقتضيه فطرة الخلق والتكوين ،وما تقتضيه عاطفة الحنو والشفقة التي أودعها هللا تعالى في قلب المرأة لولدها ،وبها احتملت في الحمل واإلرضاع والتربية األولى والسهر على حفظ صحته وسالمته بما يخطو به في مراحل الحياة الشاقة".10 وال يمكننا أن نلمس أي اختالف بينهما في تحمل المسؤولية ،ومنه فالمرأة "ذات مسؤولية مستقلة فيما يتعلق بشؤونها أمام هللا ،ولقد كان من لوازم استقاللها في المسؤولية أن تكون كالرجل في درجات المثوبة في فعل الخير ،ودرجات العقوبة على فعل الشر".11 "وهكذا تقرر في الدين أن المرأة تحمل نصيبها من التبعة ال التبعية ،وذلك بمقتضى كمال إنسانيتها واستقالل شخصيتها ،فحمل أمنا حواء تبعتها من الخطيئة األولى ألنها أكلت مع زوجها من الشجرة المحرمة ،فتحملت نصيبها من الوزر كامال إعالنا الستقالل المرأة في اإلسالم وتحميلها لتكاليف رشدها وأمانة إنسانيتها كاملة كالرجل سواء بسواء ،كل منهما مسؤول عن عمله إن كان خي ار أو شرا ،ومحاسب عليه ثوابا أو عقابا"
12
لقوله تعالىَ" :و َم ْن
الصالِح ِ ِ ظَل ُمو َن ات ِم ْن َذ َك ٍر أ َْو أ ُْنثَى َو ُهَو ُم ْؤ ِم ٌن َفأُوَلِئ َك َي ْد ُخُلو َن اْل َجَّن َة َوَال ُي ْ َي ْع َم ْل م َن َّ َ ير".13 َنِق اا ض ُكم ِم ْن َب ْع ٍ ض" يعرف كيف سما القرآن الكريم "وليقف المتأمل عند التعبير اإللهيَ" :ب ْع ُ ْ بالمرأة حتى جعلها بعضا من الرجل ،وكيف حد من طغيان الرجل فجعله بعضا من المرأة، جوان 2017
11
مجلة العلوم اإلنسانية
المركز الجامعي تندوف -الجزائر
وليس باإلمكان ما يؤدي به معنى المساواة أوضح وال أسهل من هذه الكلمة التي تفيض بها طبيعة الرجل والمرأة" ،14والشيء نفسه فيما يتعلق باألمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ض يأْمرو َن ِباْلمعر ِ ِ وف َوَي ْن َه ْو َن َع ِن قوله عز وجلَ " :واْل ُم ْؤ ِمُنو َن َواْل ُم ْؤ ِمَن ُ ات َب ْع ُ َ ُْ اء َب ْع ٍ َ ُ ُ ض ُه ْم أ َْولَي ُ ِ ِ الص َال َة وُي ْؤتُو َن َّ َّللاُ ِإ َّن َّ َّللاَ َوَرُسوَل ُه أُوَلِئ َك َسَي ْرَح ُم ُه ُم َّ يعو َن َّ يمو َن َّ الزَك َ اة َوُيط ُ َّللاَ َ اْل ُم ْن َك ِر َوُيق ُ ِ يم ".15 َع ِز ٌيز َحك ٌ كما ال يمكن أن تقتصر صفة ما على جنس دون آخر ،فهذا القران الكريم يبين لنا في موضع آخر كيف أن صفة النفاق وهي صفة ذميمة ال تقتصر على المرأة دون الرجل، ِ ِ ِ ٍ ْم ُرو َن حيث يقول هللا تعالى في هذا الشأن" :اْل ُمَنافُقو َن َواْل ُمَنافَق ُ ات َب ْع ُ ض ُه ْم م ْن َب ْعض َيأ ُ وف ويْقِبضو َن أَي ِديهم نسوا َّ ِ ِباْلم ْن َك ِر وي ْنهو َن ع ِن اْلمعر ِ ِِ ين ُه ُم َّللاَ َفَنسَي ُه ْم ِإ َّن اْل ُمَنافق َ ََ ُ َ َ ُْ ََ َْ ْ َُ ْ َ ُ ُ ِ ن 16 اْلَفاسُقو َ " . ثانيا :طلب العلم: "جعل اإلسالم العلم فريضة واجبة على الرجل والمرأة على السواء ،ويذكر القران أن هللا تعالى بعث الرسول في مجتمع أمي كان من قبل جاهلية ليعلمهم الكتاب والحكمة ،كذلك فإن الرسول –عليه الصالة والسالم – كان يحث المسلمين ذكو ار وإناثا على طلب العلم والمعرفة ال في الدين فقط ،بل في مختلف العلوم والفنون ،وقد جعل الرسول –عليه الصالة و السالم – فداء كل أسير يعرف القراءة والكتابة تعليم عشرة من أوالد المسلمين ،ولقد وردت في األحاديث أن طلب العلم فريضة على كل مسلم ،ولم يقتصر اإلسالم ووجوب تعليم المرأة على النساء الحرائر فقط ،بل حث على تعلم اإلماء والخادمات ،ولقد عرفت المرأة المسلمة سواء في عهد الرسول وبعده بغ ازرة العلم ،فالرسول – عليه الصالة و السالم – كان يستعين بعائشة في شرح ما يتعلق بشؤون المرأة ،وكان هذا الشرح مصدر من مصادر الحديث والفقه وشرحه".17
جوان 2017
12
د .عبد الباقي عجيالت
اإلسالم وقضايا المرأة
وعليه فإن ديننا الحنيف لم يخص طلب العلم بجنس دون اآلخر ،والمتصفح للتاريخ اإلسالمي سيجد ال محالة كثي ار من أعالمه نساء قد برعن في شتى الميادين "كأم سلمة، وصفية ،وفاطمة بنت الرسول -صلى هللا عليه وسلم – وأسماء بنت أبي بكر الصديق، وليلى بنت قائف ،أم الدرداء الكبرى ،وعاتكة بنت زيد ،وأم شريك ،والخوالء ،وغيرهن من كرائم النساء رضوان هللا عليهن جميعا".18 "كما قد برزت المرأة في ميدان العلم شأنها في كل ميدان نزلت إليه ،فكان منهن الرويات الحافظات ،ومنهن المدرسات والمحاضرات الالتي يحاضرن في المدارس الملحقة ا بالمسجد ،وكان من حقهن إجازة اإلفراد الذين يتلقون عنهم العلم ،ومن أشهر نساء الدولة العربية شهدة الكاتبة التي كانت تعتبر في مقدمة علماء عصرها ،ومنهن زينب النيسابوزية أستاذة ابن خلكان المؤرخ الشهير ،ومنهن كذلك رحلة الدنيا السورية أستاذة ابن بطوطة، ومنهن عدد كبير من المتصوفات والمتفلسفات أمثال رابعة العدوية التي تعتبر من أعظم المتصوفين المسلمين ،وكتبها من أعظم المراجع في المسائل الصوفية والروحية".19 وقد أسهمت المرأة المسلمة في" الدعوة إلى الدين الجديد وفي ميدان الجهاد لنشر الرسالة وتثبيت دعائمها ،وكانت السيدة خديجة أول النساء دخوال في اإلسالم ،فقد كانت النفس الهادئة الواعية التي خففت عن الرسول ما كان يشعر به من قلق نفسي ،وما كان يتعرض له من إيذاء ".20 ثالثا -الميراث ولم يقف بالمرأة عند حدود تسويتها بالرجل في حق التعليم وحق حرية الرأي بل سوى بينهما في حق التملك ومباشرة عقود التصرفات بجميع أنواعها ،جعل لها مكانا خاصا وجعلها صاحبة السلطات المطلق في إدارته والتصرف فيه ،وحظر على الرجل أن يمد يده
جوان 2017
13
مجلة العلوم اإلنسانية
المركز الجامعي تندوف -الجزائر
إلى شيء إال بإذنها ورضاها ،وجعل لها حق التخلص بمالها من سوء معاشرة الرجل إذا أرادت سبيال مرجحا لراحتها وهناءتها.21 وقد أقر اإلسالم حقها في الميراث بعد حرمانها الطويل من هذا الحق في عهد ِ ِ ِ يب ِم َّما تََر َك اْلَوالِ َد ِ ان َو ْاألَْق َرُبو َن َولِ ِلن َس ِاء الجاهلية ،وهو حق معلوم لقوله تعالى" :ل ِلر َجال َنص ٌ ِ ِ ِ ص ِ ِ ك اْل َوالِ َد ِ وضا" ،22وبذلك هدم إحدى ان َو ْاألَْق َرُبو َن م َّما َق َّل م ْن ُه أ َْو َكثَُر َنص ايبا َمْف ُر ا يب م َّما تَ َر َ َن ٌ قواعد الجاهلية التي تقتضي حرمانها من هذا الحق ،ولقد فصل القران الكريم في تحديد
نصيب المرأة بناء على وضعها االجتماعي في قوله تعالى" :ي ِ َّللاُ ِفي أ َْوَال ِد ُك ْم لِ َّلذ َك ِر يك ُم َّ وص ُ ُ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ف اء َف ْو َق ا ْثَنتَْي ِن َفَل ُه َّن ُثُلثَا َما تََر َ صُ ك َوإِ ْن َك َان ْت َواح َد اة َفَل َها الن ْ م ْث ُل َحظ ْاأل ُْنثََي ْين َفإ ْن ُك َّن ن َس ا ِ وِألَبوي ِه لِ ُك ِل و ِ ان َل ُه َوَلٌد َفِإ ْن َل ْم َي ُك ْن َل ُه َوَلٌد َوَوِرثَ ُه أََبَواهُ َف ِِل ُِم ِه اح ٍد ِم ْن ُه َما ُّ ك ِإ ْن َك َ الس ُد ُس م َّما تَ َر َ َ ََ ْ َ ِ ِ ٍ ِ ِ ُّ اؤُك ْم َال ان َل ُه ِإ ْخ َوةٌ َف ِِل ُِم ِه ُّ الثُل ُث َفِإ ْن َك َ اؤُك ْم َوأ َْبَن ُ الس ُد ُس م ْن َب ْعد َوصيَّة ُيوصي ِب َها أ َْو َد ْي ٍن آََب ُ ِ ِ يما" 23وقوله عز وجلَ " :وَل ُك ْم َّللاِ ِإ َّن َّ يض اة ِم َن َّ َّللاَ َك َ ُّه ْم أَ ْق َر ُب َل ُك ْم َنْف اعا َف ِر َ تَ ْد ُرو َن أَي ُ يما َحك ا ان َعل ا
ِ الرُب ُع ِم َّما تََرْك َن ِم ْن َب ْع ِد ان َل ُه َّن َوَلٌد َفَل ُك ُم ُّ اج ُك ْم ِإ ْن َل ْم َي ُك ْن َل ُه َّن َوَلٌد َفِإ ْن َك َ ف َما تَ َر َ صُ ك أ َْزَو ُ نْ ِ ٍ وصين ِبها أَو دي ٍن وَله َّن ُّ ِ َّة ي ِ ان َل ُك ْم َوَلٌد َفَل ُه َّن الرُب ُع م َّما تََرْكتُ ْم ِإ ْن َل ْم َي ُك ْن َل ُك ْم َوَلٌد َفِإ ْن َك َ َوصي ُ َ َ ْ َْ َ ُ ِ ِ ٍ ِ ُّ ِ ام َأرَةٌ َوَل ُه وصو َن ِب َها أ َْو َد ْي ٍن َوِإ ْن َك َ ان َرُج ٌل ُي َ ور ُث َك َالَل اة أ َِو ْ الث ُم ُن م َّما تَ َرْكتُ ْم م ْن َب ْعد َوصيَّة تُ ُ َخ أَو أ ْ ِ ِ ِ ٍ ِ الس ُدس َفِإ ْن َك ُانوا أَ ْكثَر ِم ْن َذلِك َفهم ُشرَكاء ِفي ُّ الثُل ِث ِم ْن َب ْع ِد َ ُخ ٌت َفل ُكل َواحد م ْن ُه َما ُّ ُ أٌ ْ َ ُْ َ ُ صَّي اة ِمن َّ ِ صَّي ٍة يوصى ِبها أَو دي ٍن َغير مض ٍار و ِ وِ َّللا علِ ِ يم".24 َ يم َحل ٌ َّللا َو َّ ُ َ ٌ َ ْ َ ْ َْ ُ َ َ ُ َ َ كما قد أباح اإلسالم للمرأة حرية التصرف في نصيبها ،ولها الحق في أن توكل غيرها شأنها في ذلك شأن الرجل خصوصا وإن المرأة مكفولة منه ،ويتحتم عليه من الناحية الشرعية مسؤولية اإلنفاق عليها.
جوان 2017
14
د .عبد الباقي عجيالت
اإلسالم وقضايا المرأة
رابعا :العمل: إن العمل هو كغيره من سائر النشاطات والممارسات التي يمكن أن تضطلع بها المرأة إلى جانب الرجل باإلضافة إلى دورها كربة بيت ،هذا األخير الذي تعتبر من أعظم األعمال التي تقوم بها المرأة من خالل حسن تََب ُعلها أو مراعاتها للحقوق الزوجية وواجبات األمومة
وكل ما له صلة بتربية األبناء ورعايتهم في حين كانت مسؤولية اإلنفاق من نصيب الرجل الرجال َقَّوامون عَلى ِ ٍ الن َس ِاء ِب َما َف َّ ِما أ َْنَفُقوا ِم ْن ض َل َّ َّللاُ َب ْع َ لقوله تعالىَ َ ُ ُ َ ِ " : ض ُه ْم َعَلى َب ْعض َوب َ َّللا و َّ وه َّن أ َْم َوالِ ِه ْم َف َّ وزُه َّن َف ِع ُ ات لِْل َغ ْي ِب ِب َما َحِف َ ات َح ِاف َ الالِتي تَ َخاُفو َن ُن ُش َ ظ ٌ ات َق ِانتَ ٌ الصالِ َح ُ ظ ُ ظ َّ ُ َ ِ ان َعلِيًّا يال ِإ َّن َّ وه َّن َفِإ ْن أَ َ ط ْعَن ُك ْم َف َال تَْب ُغوا َعَل ْي ِه َّن َسِب ا ضا ِج ِع َو ْ َو ْ َّللاَ َك َ وه َّن في اْل َم َ اض ِرُب ُ اه ُج ُر ُ ير" 25فاهلل جل وعال لم يحرم عليها أن تعمل وال أن تتعلم ،وال أن تتملك ،وال أن تتكسب، َكِب اا
وال أن تشارك برأي ،بل على العكس من ذلك عندما ندرس وضع المجتمع اإلسالمي فال
نرى إنه وجد عصر حرم فيه على المرأة أن تتعلم أو تكتسب أو تعمل ،بل نجد في كل عصر أن المرأة كانت وتتقاضى على عملها أج ار.26 ويكون خروج المرأة للعمل لحاجة نفسية أو اجتماعية شريطة أن يكون هذا العمل في حدود ما أباحه لها الشرع ،وأن ال يترتب عليه أي محاذير وال فتنة ،ال سيما وأنها لم تجد من يعولها أو أن عائلها مريض ،أو عاجز عن العمل أو فقير ال يكفيه دخله لإليفاء بمتطلبات األسرة ،ولقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ما يؤكد هذا كما في قصة سيدنا
ُم اة ِم َن اء َم ْدَي َن َو َج َد َعَل ْي ِه أ َّ موسى عليه السالم مع ابنتي شعيب في قوله تعالىَ " :وَل َّما َوَرَد َم َ ِ ِ ِِ َّ الن ِ ود ِ َّ ص ِد َر ال َما َخ ْ ام َرأتَْي ِن تَ ُذ َ ان َق َ طُب ُك َما َقاَلتَا َال َن ْسقي َحتى ُي ْ اس َي ْسُقو َن َوَو َج َد م ْن ُدونه ُم ْ ِ ونا َش ْي ٌخ َكِب ٌير" ،27فحاجة ابنتي شعيب دفعتهما للخروج والقيام بعمل السقي لكبر اء َوأَُب َ الرَع ُ سن أبيهما فحياؤهما منعهما من مزاحمة الرجال للسقي ،وهذا ما جعلهما تنتظران حتى يصدروا وفي موضع آخر مدعم لما قلناه سابقا عن مشروعية عمل المرأة -مادام في إطاره الشرعي- جوان 2017
15
مجلة العلوم اإلنسانية
المركز الجامعي تندوف -الجزائر
خامسا :المشاركة السياسية: "وتعد المشاركة السياسية مؤش ار مهما من مؤشرات النمو من ناحية ،وفاعلية الفئات والشرائح المختلفة في المجتمع من ناحية أخرى ،ومن ثم فإن محور المشاركة السياسية للمرأة يرتبط مباشرة بوضعها في المجتمع والدرجة التي بلغها تطور هذا الوضع ،إذ تشير قضية المشاركة في بناء القوة في المجتمع".28 وإذا ما نظرنا إلى تاريخ المرأة في اإلسالم لوجدناها قد حظيت بدور بارز في هذا الشأن وال سيما في تدبير الملك وحسن السياسة ،وقد بين لنا القران الكريم الدور العظيم الذي لعبته المرأة في سياسة الحكم وعدم االستبداد برأيها في قصة ملكة سبأ عندما وصلها كتاب ُّها اْل َم َِلُ أَ ْفتُوِني ِفي أ َْمرِي َما ُك ْن ُت سليمان -عليه السالم -حيث يقول هللا تعالىَ " :قاَل ْت َيا أَي َ َق ِ اط َع اة أ َْم اار َحتَّى تَ ْش َه ُدو ِنَ ،قاُلوا َن ْح ُن أُوُلو ُقَّوٍة وأُوُلو َبأ ٍ ظرِي َما َذا ْس َش ِد ٍيد َو ْاأل َْم ُر ِإَل ْي ِك َف ْان ُ َ ِ َهلِ َها أ َِذَّل اة َوَك َذلِ َك َيْف َعُلو َن"،29 وها َو َج َعُلوا أَعَّزَة أ ْ ْم ِر َ ينَ ،قاَل ْت ِإ َّن اْل ُمُل َ وك ِإ َذا َد َخُلوا َق ْرَي اة أَ ْف َس ُد َ تَأ ُ
وتشير هذه اآليات الكريمة إلى حصافة رأي المرأة وحنكتها السياسية وثباتها وقت اللزوم وعدم تسرعها في اتخاذ الق اررات الحاسمة ،إدراكا لمغبة التسرع وانفالت األمور من بين يديها السيما وأنها لم تستبد لنفسها برأي. وقد شرع اإلسالم للمرأة شأنها شأن الرجل حق تقلد المناصب السياسية العامة والسيما"وأن رسول هللا لم يفرق وكذلك الخلفاء الراشدون من بعده عن مشاورة بعض النساء المسلمات كمشورة أم سلمى بنت أميمة على الرسول في صلح الحديبية ومشورتها لعثمان رضي هللا عنه ومشورة أم المؤمنين رضي هللا عنها لمعاوية حينما أراد أخذ البيعة البنه – يزيد -فأبدت له النصيحة بعدم جواز ذلك ،غير أنه لم يأخذ به ومضى فيما هو فيه" ،30كما نبه العلماء والفقهاء بجواز تولي المرأة للمناصب السياسية العامة ماعدا اإلمامة الكبرى
جوان 2017
16
د .عبد الباقي عجيالت
اإلسالم وقضايا المرأة
وعموما فقد حظيت المرأة في اإلسالم بسمو مكانتها وعلو قدرها وهو ما لم تحض به أي امرأة في سائر المجتمعات اإلنسانية وهذا دليل واضح على عظمة هذا الدين الحنيف وإنصافه الفعلي لكل من الرجل والمرأة. خاتمة: ومما سبق يتضح لنا جليا أن الدين اإلسالمي قد رفع من شأن المرأة وقدرها ،وعزز مكانتها في المجتمع العربي وحررها من كل قيود الجاهلية ،فساوى بينها وبين الرجل ،ومنحها الحق في التعلم والميراث والتملك والتصرف في أمالكها دون وصاية منه ،وفسح لها المجال للعمل في شتى الميادين شريطة أال يخرج هذا إطاره الشرعي ،وعليه قد العمل عن حظيت بحقوق لم تحظ بها أي امرأة من قبل ،حتى أن المجتمعات المتقدمة ذاتها لم تعرف هذه الحقوق التي حظيت بها المرأة العربية إال حديثا ،وهذا دليل واضح على عظمة هذا الدين الحنيف. الهوامش : -1عفاف عبدالعليم ناصر ومحمد أحمد بيومي :علم االجتماع العائلي –دراسة تغيرات في األسرة العربية – دار المعرفة الجامعية ،األ ازريطة ،2003،ص ص43-42 -2يحي أحمد الكعكي :العولمة اإلسالمية –العربية ،دار النهضة العربية ،بيروت ط ، 2003 ،1ص.184 -3سورة النساء ،اآلية.01:
-4سورة الحجرات ،اآلية.13: -5عفاف عبدالعليم ناصر ومحمد أحمد بيومي :مرجع سابق ،ص ص46-45 -6سامية محمد فهمي :مشاركة المرأة في تنمية المجتمع :تجارب من الوطن العربي ،دار المعرفة الجامعية
األ ازريطة ،2001،ص.203
-7سورة اإلسراء ،اآلية.23: -8سورة النساء ،اآلية.36: -9سورة لقمان ،اآلية.14 :
جوان 2017
17
مجلة العلوم اإلنسانية
المركز الجامعي تندوف -الجزائر
-10يحيى احمد الكعكي :مرجع سابق ،ص.185 -11سامية محمد فهمي :مرجع سابق ،ص.409 -12مروة شاكر الشربيني :العنف الجسدي ضد المرأة و مكانتها في المجتمع تحت أضواء السيرة النبوية،
دار الكتاب الحديث ،القاهرة ،2005 ،ص ص.133-132 -13سورة النساء ،اآلية.124 : -14يحي أحمد الكعكي :مرجع سابق ص.186 -15سورة التوبة ،اآلية.71: -16سورة التوبة ،اآلية.67:
-17عفاف عبدالعليم ناصر ومحمد أحمد بيومي :مرجع سابق ،ص ص45-44 -18مروة شاكر الشربيني :مرجع سابق ،ص.125 -19مصطفى الخشاب :دراسة في علم االجتماع العائلي ،دارالنهضة العربية للطباعة والنشر ،بيروت
،1985،ص.144
-20مصطفى الخشاب :مرجع سابق ،ص.142 -21سامية محمد فهمي :مرجع سابق ،ص.417 -22سورة النساء ،اآلية.07: -23سورة النساء ،اآلية.11: -24سورة النساء ،اآلية.12: -25سورة النساء ،اآلية.34: -26سعيد حوى :اإلسالم ،دار عمار ،بيروت ،1988ص ص227-226 -27سورة القصص ،اآلية.23:
-28محمد عبد هللا المطوع :التغير القيمي وانعكاساته على أوضاع المرأة العاملة في مجتمع اإلما ارت – دراسة ميدانية مقارنة لعينة من العامالت وغير العامالت من المتعلمات-مجلة العلوم االجتماعية ،تصدر عن مجلس
النشر العلمي ،جامعة الكويت ،الكويت ،المجلد ،30العدد ، ،2002 ،02ص.371 -29سورة النمل ،اآلية.34-33-32: -30يحي أحمد الكعكي :مرجع سابق ،ص.192
جوان 2017
18