مجلة العلوم الإنسانية / الإسلام وقضايا المرأة

Page 1

‫العدد ‪01‬‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية – المركز الجامعي تندوف ‪ -‬الجزائر‬

‫اإلسالم وقضايا المرأة‬ ‫د‪ /‬عبد الباقي عجيالت‬ ‫جامعة سطيف ‪ -02‬الجزائر‬ ‫ملخص‪:‬‬ ‫لقد كشفت كثير من الدراسات العلمية أن الشريعة اإلسالمية قد حررت المرأة من كل‬ ‫قيود العبودية‪ ،‬ورفعت من شأنها منذ فجر اإلسالم‪ ،‬ومنحتها الكثير من الحقوق لم تنلها المرأة‬ ‫الغربية إال حديثا وتوضيح رؤية الدين اإلسالمي للمرأة ومدى عنايته بها‪ ،‬من خالل تناوله‬ ‫لمختلف قضاياها كمساواتها مع الرجل‪ ،‬ومنحها الحق في طلب العلم والعمل والمي ارث‬ ‫والتملك‪ ،‬وحتى المشاركة السياسية كاالنتخاب (المبايعة) وتقديم المشورة في الشأن السياسي‬ ‫وهذا ما يعكس لنا بجالء عظم المكانة التي حددها لها ديننا الحنيف‪ ،‬وهذا ما دفعنا إلى‬ ‫إعداد هذا المقال‪.‬‬ ‫الكلمات المفتاحية‪ :‬الشريعة االسالمية‪ ،‬المرأة‪ ،‬المرأة الغربية‪ ،‬المساواة مع الرجل‪،‬‬ ‫حقوق المرأة‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬ ‫‪Many scientific studies have revealed that Islamic law has freed‬‬ ‫‪women from all the restrictions of slavery and raised them since the dawn of‬‬ ‫‪Islam, and granted them many of the rights that Western women have only‬‬ ‫‪recently, and to clarify the vision of the Islamic religion for women and the‬‬ ‫‪extent of their attention to it, And to give them the right to seek knowledge,‬‬ ‫‪work, inheritance and ownership, and even political participation such as‬‬ ‫‪election and the provision of advice in political affairs, which clearly reflects‬‬ ‫‪the great status of our religion, and this led us to prepare this article.‬‬ ‫‪Keywords: Islamic law, Woman, Western woman, Equality with man.‬‬ ‫‪Women's rights‬‬

‫جوان ‪2017‬‬

‫‪8‬‬


‫د‪ .‬عبد الباقي عجيالت‬

‫اإلسالم وقضايا المرأة‬

‫مقدمة ‪:‬‬ ‫لقد اعتقد الكثير من الغربيين بظلم اإلسالم للمرأة واستعبادها من طرف الرجل وحرمانها‬ ‫من كل حقوقها اإلنسانية ظنا منهم أن الدين اإلسالمي والعادات والتقاليد من أبرز العوامل‬ ‫التي تحول دون تحرر المرأة في المجتمعات العربية واإلسالمية من قيود العبودية والتبعية‬ ‫للرجل وهي بذلك تطمس قدرها وكرامتها‪ ،‬بل وتشكل حائال يحول دون مساهمتها الفعلية في‬ ‫أي ممارسة تكون لصالح المجتمع وتقدمه‪ ،‬فنادوا بضرورة تحريرها من العادات والتقاليد‬ ‫والتعاليم الدينية الرجعية –حسب اعتقادهم‪ -‬التي لم تعد تصلح لتواكب التطورات الحضارية‬ ‫التي شهدتها اإلنسانية‪.‬‬ ‫واألدهى من ذلك اعتقاد كثير من النساء المسلمات بهذا األمر واعتبار أنفسهم ضحايا‬ ‫هذا الدين الحنيف الذي لم يميز يوما بين ذكر وأنثى إال بالحق فرحن يطالبن بحقوقهن من‬ ‫خالل منظمات حقوقية نسوية‪ ،‬جهال منهن بعظمة هذا الدين وتعاليمه السمحة‪ ،‬وعلى هذا‬ ‫األساس قمنا بإعداد هذا المقال لتوضيح أن الدين اإلسالمي منهج حياة يقوم على العدل‬ ‫واإلنصاف ال الظلم واإلجحاف خصوصا وأن المرأة شأنها شأن الرجل لها حقوق وعليها‬ ‫واجبات ‪.‬‬ ‫أوال ‪:‬المساواة بين الجنسين ‪:‬‬ ‫لقد أعلن اإلسالم أن الرجل والمرأة صنوان من حيث النشأة وأنهما متساويان في الحقوق‬ ‫والواجبات‪ ،‬ولقد نزلت اآليات وتواترت األحاديث تقرر هذه المساواة‪ ،‬فرفع بذلك اإلسالم من‬ ‫امرة‪ ،1‬فالقرآن الكريم‬ ‫شان المرأة وكون شخصيتها‪ ،‬وقرر حريتها وكرامتها كابنة وزوجة وأم و أ‬ ‫حينما تحدث عن األصل الذي تفرع عنه اإلنسان جعل المرأة شريكة الرجل‪ ،‬ومن مجموعها‬ ‫تعددت القبائل والشعوب وانتسب األفراد بالبنوة لكل من الرجل والمرأة‪ ،‬وبذلك كان الرجل أبا‬ ‫القرن الكريم ذلك نعمة على اإلنسان توجب عليه الشكر‪ ،‬وتوجب‬ ‫وكانت المرأة أما‪ ،‬واعتبر آ‬ ‫جوان ‪2017‬‬

‫‪9‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫عليه تقوى هللا تعالى‪ ،‬وتوجب عليه النظرة المستقيمة إلى أخيه اإلنسان الذي يشاركه في‬ ‫‪2‬‬ ‫ُّها‬ ‫معنى اإلنسانية‪ ،‬وفي نسبته إلى األصل الذي تكون منه ‪ ،‬مصداقا لقوله تعالى‪َ" :‬يا أَي َ‬ ‫الناس اتَُّقوا رب ُ َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫س وِ‬ ‫ٍ‬ ‫ير‬ ‫اح َد ٍة َو َخَل َق ِم ْن َها َزْو َج َها َوَب َّث ِم ْن ُه َما ِرَج ااال َكِث اا‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َّك ُم الذي َخَلَق ُك ْم م ْن َنْف َ‬ ‫وِنساء واتَُّقوا َّ َّ ِ‬ ‫ان َعَل ْي ُك ْم َرِق ايبا"‪ ،3‬وفي قوله أيضا‪َ" :‬يا‬ ‫اءُلو َن ِب ِه َو ْاأل َْرَح َام ِإ َّن َّ‬ ‫َّللاَ َك َ‬ ‫َ َ ا َ‬ ‫َّللاَ الذي تَ َس َ‬ ‫َّللاِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّها َّ‬ ‫وبا َوَقَبائ َل لتَ َع َارُفوا ِإ َّن أَ ْك َرَم ُك ْم ع ْن َد َّ‬ ‫اك ْم م ْن َذ َك ٍر َوأ ُْنثَى َو َج َعْلَن ُ‬ ‫اس ِإَّنا َخَلْقَن ُ‬ ‫اك ْم ُش ُع ا‬ ‫الن ُ‬ ‫أَي َ‬

‫اكم ِإ َّن َّ ِ‬ ‫يم َخِب ٌير"‪ ،4‬وعليه فقد شرع الزواج الذي يتم عن طريق التراضي بين‬ ‫َّللاَ َعل ٌ‬ ‫أ َْتَق ُ ْ‬ ‫الطرفين"فعلى الراغب في الزواج أن يختار شريك حياته على أسس معينة‪ ،‬وزكى اإلسالم في‬

‫المرأة التقوى والتدين‪ ،‬وطالب المرأة كذلك أن تتعرف على من يريد الزواج بها ليكون كل‬ ‫منهما على بينة من أمر اآلخر‪ ،‬وإذا كان اإلسالم طلب من المرأة التزين للرجل" ‪.5‬‬ ‫"فالزوجية في نظر القرآن الكريم ليست كعقد البيع واإليجار وليست استرقاقا وأس ار كما‬ ‫يفعل بمن يراد استرقاقه‪ ،‬وإنما هي ميثاق غليظ‪ ،‬وعهد قوي متين ترتبط به القلوب‪ ،‬وتختلط‬ ‫المصالح‪ ،‬ويندمج به كل من الطرفين في صاحبه‪ ،‬فيتحد شعورهما‪ ،‬وتلتقي رغباتهما‬ ‫وأمالهما‪ ،‬هي عالقة دونها عالقة الصداقة‪ ،‬وعالقة القرابة‪ ،‬وعالقة األبوة والبنوة‪ ،‬وقدر من‬ ‫هللا على عباده بأن أفرغ عليها الصبغة التي جعلتها أسمى أنواع العالقات وأحقها بالتقدير‬ ‫واالعتبار"‪.6‬‬ ‫ويكشف لنا القرآن الكريم في كثير من مواقعه هذه المساواة بجالء في قوله تعالى‪":‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫وَقضى رب َّ‬ ‫َح ُد ُه َما أ َْو ِك َال ُه َما‬ ‫ُّك أَال تَ ْعُب ُدوا ِإال ِإيَّاهُ َوبِاْل َوال َد ْي ِن ِإ ْح َس اانا ِإ َّما َيْبُل َغ َّن ع ْن َد َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ك اْلكَب َر أ َ‬ ‫‪7‬‬ ‫ٍ‬ ‫َّللاَ َوَال تُ ْش ِرُكوا‬ ‫اعُب ُدوا َّ‬ ‫يما" ‪ ،‬وفي قوله أيضا‪َ " :‬و ْ‬ ‫َف َال تَُق ْل َل ُه َما أُف َوَال تَْن َه ْرُه َما َوُق ْل َل ُه َما َق ْواال َك ِر ا‬

‫ِب ِه َشيائا وبِاْلوالِدي ِن ِإحس اانا وب ِ​ِذي اْلُقربى واْليتَامى واْلمس ِ‬ ‫ين َواْل َج ِار ِذي اْلُق ْرَبى َواْل َج ِ‬ ‫اك ِ‬ ‫ار اْل ُجُن ِب‬ ‫َْ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ َ َْ ْ َ َ‬ ‫‪8‬‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫لسِب ِ‬ ‫ور"‬ ‫اال َف ُخ اا‬ ‫يل َو َما َمَل َك ْت أ َْي َم ُان ُك ْم ِإ َّن َّ‬ ‫اح ِب ِباْل َج ْن ِب َو ْاب ِن ا َّ‬ ‫َو َّ‬ ‫ان ُم ْختَ ا‬ ‫َّللاَ َال ُيح ُّب َم ْن َك َ‬

‫إذ لم يفاضل في هذا الشأن بين الرجل والمرأة وإنما جعلهما في مرتبة واحدة وهي مرتبة‬

‫جوان ‪2017‬‬

‫‪10‬‬


‫د‪ .‬عبد الباقي عجيالت‬

‫اإلسالم وقضايا المرأة‬

‫اإلجالل والتكريم‪ ،‬ال سيما وأن هللا تعالى جعل طاعتهما من طاعته‪ ،‬ومعصيتهما من‬ ‫معصيته‪ ،‬كما وقد أشاد اإلسالم بعظم الدور الذي تقوم به المرأة السيما في مرحلة األمومة‪،‬‬ ‫وذلك نظ ار لما تتحمله من مشاق الحمل والوضع والرضاعة والتربية والحضانة‪.....‬الخ‪ ،‬وقد‬

‫ص ْيَنا ِْ‬ ‫ُم ُه َو ْهانا‬ ‫ان ِب َوالِ َد ْي ِه َح َمَل ْت ُه أ ُّ‬ ‫كان القرآن الكريم مصدقا لهذا في قوله تعالى‪َ " :‬وَو َّ‬ ‫اإل ْن َس َ‬ ‫اش ُكر لِي ولِوالِديك ِإَل َّي اْلم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ام ْي ِن أ ِ‬ ‫ص ُير"‪.9‬‬ ‫َ َ َْ َ‬ ‫َن ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫صالُ ُه في َع َ‬ ‫َعَلى َو ْه ٍن َوف َ‬ ‫القرن الكريم حينما جاء بوصايا احترام الوالدين معا وبتخصيص األم بنوع من‬ ‫"إن آ‬ ‫العناية‪ ،‬جاء منظما كما تقتضيه فطرة الخلق والتكوين‪ ،‬وما تقتضيه عاطفة الحنو والشفقة‬ ‫التي أودعها هللا تعالى في قلب المرأة لولدها‪ ،‬وبها احتملت في الحمل واإلرضاع والتربية‬ ‫األولى والسهر على حفظ صحته وسالمته بما يخطو به في مراحل الحياة الشاقة"‪.10‬‬ ‫وال يمكننا أن نلمس أي اختالف بينهما في تحمل المسؤولية‪ ،‬ومنه فالمرأة "ذات‬ ‫مسؤولية مستقلة فيما يتعلق بشؤونها أمام هللا‪ ،‬ولقد كان من لوازم استقاللها في المسؤولية أن‬ ‫تكون كالرجل في درجات المثوبة في فعل الخير‪ ،‬ودرجات العقوبة على فعل الشر"‪.11‬‬ ‫"وهكذا تقرر في الدين أن المرأة تحمل نصيبها من التبعة ال التبعية‪ ،‬وذلك بمقتضى‬ ‫كمال إنسانيتها واستقالل شخصيتها‪ ،‬فحمل أمنا حواء تبعتها من الخطيئة األولى ألنها أكلت‬ ‫مع زوجها من الشجرة المحرمة‪ ،‬فتحملت نصيبها من الوزر كامال إعالنا الستقالل المرأة في‬ ‫اإلسالم وتحميلها لتكاليف رشدها وأمانة إنسانيتها كاملة كالرجل سواء بسواء‪ ،‬كل منهما‬ ‫مسؤول عن عمله إن كان خي ار أو شرا‪ ،‬ومحاسب عليه ثوابا أو عقابا"‬

‫‪12‬‬

‫لقوله تعالى‪َ" :‬و َم ْن‬

‫الصالِح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظَل ُمو َن‬ ‫ات ِم ْن َذ َك ٍر أ َْو أ ُْنثَى َو ُهَو ُم ْؤ ِم ٌن َفأُوَلِئ َك َي ْد ُخُلو َن اْل َجَّن َة َوَال ُي ْ‬ ‫َي ْع َم ْل م َن َّ َ‬ ‫ير"‪.13‬‬ ‫َنِق اا‬ ‫ض ُكم ِم ْن َب ْع ٍ‬ ‫ض" يعرف كيف سما القرآن الكريم‬ ‫"وليقف المتأمل عند التعبير اإللهي‪َ" :‬ب ْع ُ ْ‬ ‫بالمرأة حتى جعلها بعضا من الرجل‪ ،‬وكيف حد من طغيان الرجل فجعله بعضا من المرأة‪،‬‬ ‫جوان ‪2017‬‬

‫‪11‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫وليس باإلمكان ما يؤدي به معنى المساواة أوضح وال أسهل من هذه الكلمة التي تفيض بها‬ ‫طبيعة الرجل والمرأة"‪ ،14‬والشيء نفسه فيما يتعلق باألمر بالمعروف والنهي عن المنكر في‬ ‫ض يأْمرو َن ِباْلمعر ِ‬ ‫ِ‬ ‫وف َوَي ْن َه ْو َن َع ِن‬ ‫قوله عز وجل‪َ " :‬واْل ُم ْؤ ِمُنو َن َواْل ُم ْؤ ِمَن ُ‬ ‫ات َب ْع ُ‬ ‫َ ُْ‬ ‫اء َب ْع ٍ َ ُ ُ‬ ‫ض ُه ْم أ َْولَي ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص َال َة وُي ْؤتُو َن َّ‬ ‫َّللاُ ِإ َّن َّ‬ ‫َّللاَ َوَرُسوَل ُه أُوَلِئ َك َسَي ْرَح ُم ُه ُم َّ‬ ‫يعو َن َّ‬ ‫يمو َن َّ‬ ‫الزَك َ‬ ‫اة َوُيط ُ‬ ‫َّللاَ‬ ‫َ‬ ‫اْل ُم ْن َك ِر َوُيق ُ‬ ‫ِ‬ ‫يم "‪.15‬‬ ‫َع ِز ٌيز َحك ٌ‬ ‫كما ال يمكن أن تقتصر صفة ما على جنس دون آخر‪ ،‬فهذا القران الكريم يبين لنا في‬ ‫موضع آخر كيف أن صفة النفاق وهي صفة ذميمة ال تقتصر على المرأة دون الرجل‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ْم ُرو َن‬ ‫حيث يقول هللا تعالى في هذا الشأن‪" :‬اْل ُمَنافُقو َن َواْل ُمَنافَق ُ‬ ‫ات َب ْع ُ‬ ‫ض ُه ْم م ْن َب ْعض َيأ ُ‬ ‫وف ويْقِبضو َن أَي ِديهم نسوا َّ ِ‬ ‫ِباْلم ْن َك ِر وي ْنهو َن ع ِن اْلمعر ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ين ُه ُم‬ ‫َّللاَ َفَنسَي ُه ْم ِإ َّن اْل ُمَنافق َ‬ ‫َ​َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫َ​َ َْ‬ ‫ْ َُ ْ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ن ‪16‬‬ ‫اْلَفاسُقو َ " ‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬طلب العلم‪:‬‬ ‫"جعل اإلسالم العلم فريضة واجبة على الرجل والمرأة على السواء‪ ،‬ويذكر القران أن هللا‬ ‫تعالى بعث الرسول في مجتمع أمي كان من قبل جاهلية ليعلمهم الكتاب والحكمة‪ ،‬كذلك‬ ‫فإن الرسول –عليه الصالة والسالم – كان يحث المسلمين ذكو ار وإناثا على طلب العلم‬ ‫والمعرفة ال في الدين فقط‪ ،‬بل في مختلف العلوم والفنون‪ ،‬وقد جعل الرسول –عليه الصالة‬ ‫و السالم – فداء كل أسير يعرف القراءة والكتابة تعليم عشرة من أوالد المسلمين ‪ ،‬ولقد‬ ‫وردت في األحاديث أن طلب العلم فريضة على كل مسلم‪ ،‬ولم يقتصر اإلسالم ووجوب‬ ‫تعليم المرأة على النساء الحرائر فقط‪ ،‬بل حث على تعلم اإلماء والخادمات‪ ،‬ولقد عرفت‬ ‫المرأة المسلمة سواء في عهد الرسول وبعده بغ ازرة العلم‪ ،‬فالرسول – عليه الصالة و السالم‬ ‫– كان يستعين بعائشة في شرح ما يتعلق بشؤون المرأة ‪ ،‬وكان هذا الشرح مصدر من‬ ‫مصادر الحديث والفقه وشرحه"‪.17‬‬

‫جوان ‪2017‬‬

‫‪12‬‬


‫د‪ .‬عبد الباقي عجيالت‬

‫اإلسالم وقضايا المرأة‬

‫وعليه فإن ديننا الحنيف لم يخص طلب العلم بجنس دون اآلخر‪ ،‬والمتصفح للتاريخ‬ ‫اإلسالمي سيجد ال محالة كثي ار من أعالمه نساء قد برعن في شتى الميادين "كأم سلمة‪،‬‬ ‫وصفية‪ ،‬وفاطمة بنت الرسول‪ -‬صلى هللا عليه وسلم – وأسماء بنت أبي بكر الصديق‪،‬‬ ‫وليلى بنت قائف‪ ،‬أم الدرداء الكبرى‪ ،‬وعاتكة بنت زيد‪ ،‬وأم شريك‪ ،‬والخوالء‪ ،‬وغيرهن من‬ ‫كرائم النساء رضوان هللا عليهن جميعا"‪.18‬‬ ‫"كما قد برزت المرأة في ميدان العلم شأنها في كل ميدان نزلت إليه‪ ،‬فكان منهن‬ ‫الرويات الحافظات‪ ،‬ومنهن المدرسات والمحاضرات الالتي يحاضرن في المدارس الملحقة‬ ‫ا‬ ‫بالمسجد‪ ،‬وكان من حقهن إجازة اإلفراد الذين يتلقون عنهم العلم‪ ،‬ومن أشهر نساء الدولة‬ ‫العربية شهدة الكاتبة التي كانت تعتبر في مقدمة علماء عصرها‪ ،‬ومنهن زينب النيسابوزية‬ ‫أستاذة ابن خلكان المؤرخ الشهير‪ ،‬ومنهن كذلك رحلة الدنيا السورية أستاذة ابن بطوطة‪،‬‬ ‫ومنهن عدد كبير من المتصوفات والمتفلسفات أمثال رابعة العدوية التي تعتبر من أعظم‬ ‫المتصوفين المسلمين‪ ،‬وكتبها من أعظم المراجع في المسائل الصوفية والروحية"‪.19‬‬ ‫وقد أسهمت المرأة المسلمة في" الدعوة إلى الدين الجديد وفي ميدان الجهاد لنشر‬ ‫الرسالة وتثبيت دعائمها‪ ،‬وكانت السيدة خديجة أول النساء دخوال في اإلسالم‪ ،‬فقد كانت‬ ‫النفس الهادئة الواعية التي خففت عن الرسول ما كان يشعر به من قلق نفسي‪ ،‬وما كان‬ ‫يتعرض له من إيذاء "‪.20‬‬ ‫ثالثا‪ -‬الميراث‬ ‫ولم يقف بالمرأة عند حدود تسويتها بالرجل في حق التعليم وحق حرية الرأي بل سوى‬ ‫بينهما في حق التملك ومباشرة عقود التصرفات بجميع أنواعها‪ ،‬جعل لها مكانا خاصا‬ ‫وجعلها صاحبة السلطات المطلق في إدارته والتصرف فيه‪ ،‬وحظر على الرجل أن يمد يده‬

‫جوان ‪2017‬‬

‫‪13‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫إلى شيء إال بإذنها ورضاها‪ ،‬وجعل لها حق التخلص بمالها من سوء معاشرة الرجل إذا‬ ‫أرادت سبيال مرجحا لراحتها وهناءتها‪.21‬‬ ‫وقد أقر اإلسالم حقها في الميراث بعد حرمانها الطويل من هذا الحق في عهد‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫يب ِم َّما تَ​َر َك اْلَوالِ َد ِ‬ ‫ان َو ْاألَْق َرُبو َن َولِ ِلن َس ِاء‬ ‫الجاهلية‪ ،‬وهو حق معلوم لقوله تعالى‪" :‬ل ِلر َجال َنص ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك اْل َوالِ َد ِ‬ ‫وضا"‪ ،22‬وبذلك هدم إحدى‬ ‫ان َو ْاألَْق َرُبو َن م َّما َق َّل م ْن ُه أ َْو َكثَُر َنص ايبا َمْف ُر ا‬ ‫يب م َّما تَ َر َ‬ ‫َن ٌ‬ ‫قواعد الجاهلية التي تقتضي حرمانها من هذا الحق‪ ،‬ولقد فصل القران الكريم في تحديد‬

‫نصيب المرأة بناء على وضعها االجتماعي في قوله تعالى‪" :‬ي ِ‬ ‫َّللاُ ِفي أ َْوَال ِد ُك ْم لِ َّلذ َك ِر‬ ‫يك ُم َّ‬ ‫وص ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ف‬ ‫اء َف ْو َق ا ْثَنتَْي ِن َفَل ُه َّن ُثُلثَا َما تَ​َر َ‬ ‫صُ‬ ‫ك َوإِ ْن َك َان ْت َواح َد اة َفَل َها الن ْ‬ ‫م ْث ُل َحظ ْاأل ُْنثَ​َي ْين َفإ ْن ُك َّن ن َس ا‬ ‫ِ‬ ‫وِألَبوي ِه لِ ُك ِل و ِ‬ ‫ان َل ُه َوَلٌد َفِإ ْن َل ْم َي ُك ْن َل ُه َوَلٌد َوَوِرثَ ُه أَ​َبَواهُ َف ِ​ِل ُِم ِه‬ ‫اح ٍد ِم ْن ُه َما ُّ‬ ‫ك ِإ ْن َك َ‬ ‫الس ُد ُس م َّما تَ َر َ‬ ‫َ َ​َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫اؤُك ْم َال‬ ‫ان َل ُه ِإ ْخ َوةٌ َف ِ​ِل ُِم ِه ُّ‬ ‫الثُل ُث َفِإ ْن َك َ‬ ‫اؤُك ْم َوأ َْبَن ُ‬ ‫الس ُد ُس م ْن َب ْعد َوصيَّة ُيوصي ِب َها أ َْو َد ْي ٍن آَ​َب ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يما"‪ 23‬وقوله عز وجل‪َ " :‬وَل ُك ْم‬ ‫َّللاِ ِإ َّن َّ‬ ‫يض اة ِم َن َّ‬ ‫َّللاَ َك َ‬ ‫ُّه ْم أَ ْق َر ُب َل ُك ْم َنْف اعا َف ِر َ‬ ‫تَ ْد ُرو َن أَي ُ‬ ‫يما َحك ا‬ ‫ان َعل ا‬

‫ِ‬ ‫الرُب ُع ِم َّما تَ​َرْك َن ِم ْن َب ْع ِد‬ ‫ان َل ُه َّن َوَلٌد َفَل ُك ُم ُّ‬ ‫اج ُك ْم ِإ ْن َل ْم َي ُك ْن َل ُه َّن َوَلٌد َفِإ ْن َك َ‬ ‫ف َما تَ َر َ‬ ‫صُ‬ ‫ك أ َْزَو ُ‬ ‫نْ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫وصين ِبها أَو دي ٍن وَله َّن ُّ ِ‬ ‫َّة ي ِ‬ ‫ان َل ُك ْم َوَلٌد َفَل ُه َّن‬ ‫الرُب ُع م َّما تَ​َرْكتُ ْم ِإ ْن َل ْم َي ُك ْن َل ُك ْم َوَلٌد َفِإ ْن َك َ‬ ‫َوصي ُ‬ ‫َ َ ْ َْ َ ُ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ِ‬ ‫ام َأرَةٌ َوَل ُه‬ ‫وصو َن ِب َها أ َْو َد ْي ٍن َوِإ ْن َك َ‬ ‫ان َرُج ٌل ُي َ‬ ‫ور ُث َك َالَل اة أ َِو ْ‬ ‫الث ُم ُن م َّما تَ َرْكتُ ْم م ْن َب ْعد َوصيَّة تُ ُ‬ ‫َخ أَو أ ْ ِ ِ ِ ٍ ِ‬ ‫الس ُدس َفِإ ْن َك ُانوا أَ ْكثَر ِم ْن َذلِك َفهم ُشرَكاء ِفي ُّ‬ ‫الثُل ِث ِم ْن َب ْع ِد‬ ‫َ‬ ‫ُخ ٌت َفل ُكل َواحد م ْن ُه َما ُّ ُ‬ ‫أٌ ْ‬ ‫َ ُْ َ ُ‬ ‫صَّي اة ِمن َّ ِ‬ ‫صَّي ٍة يوصى ِبها أَو دي ٍن َغير مض ٍار و ِ‬ ‫وِ‬ ‫َّللا علِ ِ‬ ‫يم"‪.24‬‬ ‫َ‬ ‫يم َحل ٌ‬ ‫َّللا َو َّ ُ َ ٌ‬ ‫َ ْ َ ْ َْ ُ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫كما قد أباح اإلسالم للمرأة حرية التصرف في نصيبها‪ ،‬ولها الحق في أن توكل غيرها‬ ‫شأنها في ذلك شأن الرجل خصوصا وإن المرأة مكفولة منه‪ ،‬ويتحتم عليه من الناحية الشرعية‬ ‫مسؤولية اإلنفاق عليها‪.‬‬

‫جوان ‪2017‬‬

‫‪14‬‬


‫د‪ .‬عبد الباقي عجيالت‬

‫اإلسالم وقضايا المرأة‬

‫رابعا ‪ :‬العمل‪:‬‬ ‫إن العمل هو كغيره من سائر النشاطات والممارسات التي يمكن أن تضطلع بها المرأة‬ ‫إلى جانب الرجل باإلضافة إلى دورها كربة بيت‪ ،‬هذا األخير الذي تعتبر من أعظم األعمال‬ ‫التي تقوم بها المرأة من خالل حسن تَ​َب ُعلها أو مراعاتها للحقوق الزوجية وواجبات األمومة‬

‫وكل ما له صلة بتربية األبناء ورعايتهم في حين كانت مسؤولية اإلنفاق من نصيب الرجل‬ ‫الرجال َقَّوامون عَلى ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الن َس ِاء ِب َما َف َّ‬ ‫ِما أ َْنَفُقوا ِم ْن‬ ‫ض َل َّ‬ ‫َّللاُ َب ْع َ‬ ‫لقوله تعالى‪َ َ ُ ُ َ ِ " :‬‬ ‫ض ُه ْم َعَلى َب ْعض َوب َ‬ ‫َّللا و َّ‬ ‫وه َّن‬ ‫أ َْم َوالِ ِه ْم َف َّ‬ ‫وزُه َّن َف ِع ُ‬ ‫ات لِْل َغ ْي ِب ِب َما َحِف َ‬ ‫ات َح ِاف َ‬ ‫الالِتي تَ َخاُفو َن ُن ُش َ‬ ‫ظ ٌ‬ ‫ات َق ِانتَ ٌ‬ ‫الصالِ َح ُ‬ ‫ظ ُ‬ ‫ظ َّ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ان َعلِيًّا‬ ‫يال ِإ َّن َّ‬ ‫وه َّن َفِإ ْن أَ َ‬ ‫ط ْعَن ُك ْم َف َال تَْب ُغوا َعَل ْي ِه َّن َسِب ا‬ ‫ضا ِج ِع َو ْ‬ ‫َو ْ‬ ‫َّللاَ َك َ‬ ‫وه َّن في اْل َم َ‬ ‫اض ِرُب ُ‬ ‫اه ُج ُر ُ‬ ‫ير"‪ 25‬فاهلل جل وعال لم يحرم عليها أن تعمل وال أن تتعلم‪ ،‬وال أن تتملك‪ ،‬وال أن تتكسب‪،‬‬ ‫َكِب اا‬

‫وال أن تشارك برأي‪ ،‬بل على العكس من ذلك عندما ندرس وضع المجتمع اإلسالمي فال‬

‫نرى إنه وجد عصر حرم فيه على المرأة أن تتعلم أو تكتسب أو تعمل‪ ،‬بل نجد في كل‬ ‫عصر أن المرأة كانت وتتقاضى على عملها أج ار‪.26‬‬ ‫ويكون خروج المرأة للعمل لحاجة نفسية أو اجتماعية شريطة أن يكون هذا العمل في‬ ‫حدود ما أباحه لها الشرع‪ ،‬وأن ال يترتب عليه أي محاذير وال فتنة‪ ،‬ال سيما وأنها لم تجد من‬ ‫يعولها أو أن عائلها مريض‪ ،‬أو عاجز عن العمل أو فقير ال يكفيه دخله لإليفاء بمتطلبات‬ ‫األسرة‪ ،‬ولقد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ما يؤكد هذا كما في قصة سيدنا‬

‫ُم اة ِم َن‬ ‫اء َم ْدَي َن َو َج َد َعَل ْي ِه أ َّ‬ ‫موسى عليه السالم مع ابنتي شعيب في قوله تعالى‪َ " :‬وَل َّما َوَرَد َم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫َّ‬ ‫الن ِ‬ ‫ود ِ‬ ‫َّ‬ ‫ص ِد َر‬ ‫ال َما َخ ْ‬ ‫ام َرأتَْي ِن تَ ُذ َ‬ ‫ان َق َ‬ ‫طُب ُك َما َقاَلتَا َال َن ْسقي َحتى ُي ْ‬ ‫اس َي ْسُقو َن َوَو َج َد م ْن ُدونه ُم ْ‬ ‫ِ‬ ‫ونا َش ْي ٌخ َكِب ٌير"‪ ،27‬فحاجة ابنتي شعيب دفعتهما للخروج والقيام بعمل السقي لكبر‬ ‫اء َوأَُب َ‬ ‫الرَع ُ‬ ‫سن أبيهما فحياؤهما منعهما من مزاحمة الرجال للسقي‪ ،‬وهذا ما جعلهما تنتظران حتى‬ ‫يصدروا وفي موضع آخر مدعم لما قلناه سابقا عن مشروعية عمل المرأة ‪ -‬مادام في إطاره‬ ‫الشرعي‪-‬‬ ‫جوان ‪2017‬‬

‫‪15‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫خامسا‪ :‬المشاركة السياسية‪:‬‬ ‫"وتعد المشاركة السياسية مؤش ار مهما من مؤشرات النمو من ناحية‪ ،‬وفاعلية الفئات‬ ‫والشرائح المختلفة في المجتمع من ناحية أخرى‪ ،‬ومن ثم فإن محور المشاركة السياسية للمرأة‬ ‫يرتبط مباشرة بوضعها في المجتمع والدرجة التي بلغها تطور هذا الوضع‪ ،‬إذ تشير قضية‬ ‫المشاركة في بناء القوة في المجتمع"‪.28‬‬ ‫وإذا ما نظرنا إلى تاريخ المرأة في اإلسالم لوجدناها قد حظيت بدور بارز في هذا‬ ‫الشأن وال سيما في تدبير الملك وحسن السياسة‪ ،‬وقد بين لنا القران الكريم الدور العظيم الذي‬ ‫لعبته المرأة في سياسة الحكم وعدم االستبداد برأيها في قصة ملكة سبأ عندما وصلها كتاب‬ ‫ُّها اْل َم َِلُ أَ ْفتُوِني ِفي أ َْمرِي َما ُك ْن ُت‬ ‫سليمان ‪-‬عليه السالم ‪ -‬حيث يقول هللا تعالى‪َ " :‬قاَل ْت َيا أَي َ‬ ‫َق ِ‬ ‫اط َع اة أ َْم اار َحتَّى تَ ْش َه ُدو ِن‪َ ،‬قاُلوا َن ْح ُن أُوُلو ُقَّوٍة وأُوُلو َبأ ٍ‬ ‫ظرِي َما َذا‬ ‫ْس َش ِد ٍيد َو ْاأل َْم ُر ِإَل ْي ِك َف ْان ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َهلِ َها أ َِذَّل اة َوَك َذلِ َك َيْف َعُلو َن"‪،29‬‬ ‫وها َو َج َعُلوا أَعَّزَة أ ْ‬ ‫ْم ِر َ‬ ‫ين‪َ ،‬قاَل ْت ِإ َّن اْل ُمُل َ‬ ‫وك ِإ َذا َد َخُلوا َق ْرَي اة أَ ْف َس ُد َ‬ ‫تَأ ُ‬

‫وتشير هذه اآليات الكريمة إلى حصافة رأي المرأة وحنكتها السياسية وثباتها وقت اللزوم‬ ‫وعدم تسرعها في اتخاذ الق اررات الحاسمة‪ ،‬إدراكا لمغبة التسرع وانفالت األمور من بين يديها‬ ‫السيما وأنها لم تستبد لنفسها برأي‪.‬‬ ‫وقد شرع اإلسالم للمرأة شأنها شأن الرجل حق تقلد المناصب السياسية العامة‬ ‫والسيما"وأن رسول هللا لم يفرق وكذلك الخلفاء الراشدون من بعده عن مشاورة بعض النساء‬ ‫المسلمات كمشورة أم سلمى بنت أميمة على الرسول في صلح الحديبية ومشورتها لعثمان‬ ‫رضي هللا عنه ومشورة أم المؤمنين رضي هللا عنها لمعاوية حينما أراد أخذ البيعة البنه –‬ ‫يزيد‪ -‬فأبدت له النصيحة بعدم جواز ذلك‪ ،‬غير أنه لم يأخذ به ومضى فيما هو فيه"‪ ،30‬كما‬ ‫نبه العلماء والفقهاء بجواز تولي المرأة للمناصب السياسية العامة ماعدا اإلمامة الكبرى‬

‫جوان ‪2017‬‬

‫‪16‬‬


‫د‪ .‬عبد الباقي عجيالت‬

‫اإلسالم وقضايا المرأة‬

‫وعموما فقد حظيت المرأة في اإلسالم بسمو مكانتها وعلو قدرها وهو ما لم تحض به‬ ‫أي امرأة في سائر المجتمعات اإلنسانية وهذا دليل واضح على عظمة هذا الدين الحنيف‬ ‫وإنصافه الفعلي لكل من الرجل والمرأة‪.‬‬ ‫خاتمة‪:‬‬ ‫ومما سبق يتضح لنا جليا أن الدين اإلسالمي قد رفع من شأن المرأة وقدرها‪ ،‬وعزز‬ ‫مكانتها في المجتمع العربي وحررها من كل قيود الجاهلية‪ ،‬فساوى بينها وبين الرجل‪ ،‬ومنحها‬ ‫الحق في التعلم والميراث والتملك والتصرف في أمالكها دون وصاية منه‪ ،‬وفسح لها المجال‬ ‫للعمل في شتى الميادين شريطة أال يخرج هذا إطاره الشرعي‪ ،‬وعليه قد العمل عن حظيت‬ ‫بحقوق لم تحظ بها أي امرأة من قبل‪ ،‬حتى أن المجتمعات المتقدمة ذاتها لم تعرف هذه‬ ‫الحقوق التي حظيت بها المرأة العربية إال حديثا‪ ،‬وهذا دليل واضح على عظمة هذا الدين‬ ‫الحنيف‪.‬‬ ‫الهوامش ‪:‬‬ ‫‪ -1‬عفاف عبدالعليم ناصر ومحمد أحمد بيومي‪ :‬علم االجتماع العائلي –دراسة تغيرات في األسرة العربية –‬ ‫دار المعرفة الجامعية‪ ،‬األ ازريطة ‪ ،2003،‬ص ص‪43-42‬‬ ‫‪ -2‬يحي أحمد الكعكي‪ :‬العولمة اإلسالمية –العربية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬بيروت ط‪ ، 2003 ،1‬ص‪.184‬‬ ‫‪ -3‬سورة النساء‪ ،‬اآلية‪.01:‬‬

‫‪ -4‬سورة الحجرات‪ ،‬اآلية‪.13:‬‬ ‫‪ -5‬عفاف عبدالعليم ناصر ومحمد أحمد بيومي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪46-45‬‬ ‫‪ -6‬سامية محمد فهمي‪ :‬مشاركة المرأة في تنمية المجتمع ‪:‬تجارب من الوطن العربي‪ ،‬دار المعرفة الجامعية‬

‫األ ازريطة‪ ،2001،‬ص‪.203‬‬

‫‪ -7‬سورة اإلسراء‪ ،‬اآلية‪.23:‬‬ ‫‪ -8‬سورة النساء‪ ،‬اآلية‪.36:‬‬ ‫‪ -9‬سورة لقمان‪ ،‬اآلية‪.14 :‬‬

‫جوان ‪2017‬‬

‫‪17‬‬


‫مجلة العلوم اإلنسانية‬

‫المركز الجامعي تندوف‪ -‬الجزائر‬

‫‪ -10‬يحيى احمد الكعكي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.185‬‬ ‫‪ -11‬سامية محمد فهمي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.409‬‬ ‫‪ -12‬مروة شاكر الشربيني‪ :‬العنف الجسدي ضد المرأة و مكانتها في المجتمع تحت أضواء السيرة النبوية‪،‬‬

‫دار الكتاب الحديث ‪ ،‬القاهرة‪ ،2005 ،‬ص ص‪.133-132‬‬ ‫‪ -13‬سورة النساء‪ ،‬اآلية‪.124 :‬‬ ‫‪ -14‬يحي أحمد الكعكي‪ :‬مرجع سابق ص‪.186‬‬ ‫‪ -15‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية‪.71:‬‬ ‫‪ -16‬سورة التوبة‪ ،‬اآلية‪.67:‬‬

‫‪ -17‬عفاف عبدالعليم ناصر ومحمد أحمد بيومي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪45-44‬‬ ‫‪ -18‬مروة شاكر الشربيني‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.125‬‬ ‫‪ -19‬مصطفى الخشاب‪ :‬دراسة في علم االجتماع العائلي‪ ،‬دارالنهضة العربية للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‬

‫‪ ،1985،‬ص‪.144‬‬

‫‪ -20‬مصطفى الخشاب‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.142‬‬ ‫‪ -21‬سامية محمد فهمي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.417‬‬ ‫‪ -22‬سورة النساء‪ ،‬اآلية‪.07:‬‬ ‫‪ -23‬سورة النساء‪ ،‬اآلية‪.11:‬‬ ‫‪ -24‬سورة النساء‪ ،‬اآلية‪.12:‬‬ ‫‪ -25‬سورة النساء‪ ،‬اآلية‪.34:‬‬ ‫‪ -26‬سعيد حوى‪ :‬اإلسالم ‪ ،‬دار عمار‪ ،‬بيروت ‪ ،1988‬ص ص‪227-226‬‬ ‫‪ -27‬سورة القصص‪ ،‬اآلية‪.23:‬‬

‫‪ -28‬محمد عبد هللا المطوع‪ :‬التغير القيمي وانعكاساته على أوضاع المرأة العاملة في مجتمع اإلما ارت – دراسة‬ ‫ميدانية مقارنة لعينة من العامالت وغير العامالت من المتعلمات‪-‬مجلة العلوم االجتماعية‪ ،‬تصدر عن مجلس‬

‫النشر العلمي‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬الكويت‪ ،‬المجلد‪ ،30‬العدد ‪، ،2002 ،02‬ص‪.371‬‬ ‫‪ -29‬سورة النمل‪ ،‬اآلية‪.34-33-32:‬‬ ‫‪ -30‬يحي أحمد الكعكي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.192‬‬

‫جوان ‪2017‬‬

‫‪18‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.